مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الخميس 01 / 08 / 2002م

ـ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـ

.....

   
 

متابعات

قسم الترجمة والمتابعة

تحليل تأطير الرئيس بوش الجديد

لسلام الشرق الأوسط

روبرت ساتلوف: مدير التخطيط السياسي والاستراتيجي في معهد واشنطن

مزق الرئيس جورج. دبليو. بوش اليوم جيلاً من الحكمة التقليدية، بتقديمه مقاربة جديدة شجاعة تجعل دعم الولايات المتحدة لدولة فلسطينية نهائية مشروطاً بقيادة فلسطينية جديدة، وديمقراطية عامة، وأمن بعيد المدى، وإصلاح قضائي ودستوري واقتصادي. في نفس الوقت بدا أنه لن يطلب شيئاً من إسرائيل الأمر الذي لم توافق عليه حتى الحكومة الحالية ولو نظرياً. بتوضيحه هذه الاستراتيجية فإن البيت الأبيض سيواجه بالتأكيد ضغطاً معززاً من الشركاء العرب والأوربيين، وربما حتى من داخل الحكومة، لموازنة المعادلة بشهادة مبكرة بالإصلاح الفلسطيني، أو مطالبات متسارعة من إسرائيل لتسحب جنودها وتجمد المستوطنات.

نقاط رئيسية:

الفكرة الرئيسية في خطاب الرئيس بوش أظهرت انتقالاً واضحاً في الجهود الدولية التي كان معمولاً بها تجاه عملية السلام العربي ـ الإسرائيلي لوقت طويل. للمرة الأولى أعلنت الولايات المتحدة أن التقدم في صنع السلام في الشرق الأوسط يعتمد على التطور السياسي الداخلي لأحد اللاعبين، بكلمات أخرى يجب أن تتحقق الديمقراطية قبل قيام الولايات المتحدة بدعم دولة فلسطينية، هذا يحل فعلياً محل أوسلو الأصلي بزرع منظمة التحرير الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات في الضفة الغربية وغزة، ليقوم عرفات وجهازه العسكري بتوفير الأمن ضد الإرهاب، وحصد منافع منظمة تحرير فلسطينية منضبطة (السلطة). وقد حل مكان هذا التصور سلسلة طويلة من الشروط التي يتوجب على حكومة فلسطينية الوفاء بها قبل أن تستحق تأييد الولايات المتحدة، والتي يمكن أن توجد فقط كما قال الرئيس عبر المفاوضات مع إسرائيل. في نفس الوقت، يرفض الرئيس تماماً وضع حد زمني تتركز فيه عملية التفاوض لصالح الأداء ذي القاعدة الديبلوماسية. وفي حين أشار الرئيس إلى إمكانية الوفاء بجميع متطلبات الحكومة خلال ثلاث سنوات، فإن صياغة كلماته كانت خفيفة وغير واضحة، فالاتفاقية كما قال لا يجب التوصل إليها خلال النظام الزمني.

قدم الرئيس كذلك فكرة جديدة (حكومة مؤقتة) كمحطة طريق بين السلطة الفلسطينية الحالية والتكوين النهائي لحكومة ذات سيادة وفقاً لمشهد دولتين، جنباً إلى جنب. وقد فهمت هذه الفكرة أصلاً على أنها إغراء ديبلوماسي للفلسطينيين بحصد مكافأة عاجلة لدى اختيارهم الديبلوماسية على الإرهاب، إلا أنه لم يشر أي جزء من خطاب الرئيس إلى أن من المحتمل أن يكسب الفلسطينيون حتى هذا الوضع المؤقت في أي وقت قريب، كما أنه لم يحدد أية تواريخ، فقط حدد مستلزمات: وعندما يصبح لدى الشعب الفلسطيني قادة جدد، ومنشآت جديدة، وتدابير أمنية جديدة، مع جيرانهم، ستدعم الولايات المتحدة الأمريكية قيام دولة فلسطينية تكون حدودها وجوانب معنية من سيادتها مؤقتين حتى يتم التوصل إلى حل يكون جزء من تسوية نهائية في الشرق الأوسط.

الديمقراطية ما بعد عرفات:

رغم أن التغير التصوري غير المعلن من قبل الرئيس كان عميقاً، إلا أن معظم الخطوط العريضة كانت بالتأكيد تركز على دعوة الرئيس للفلسطينيين ليقوموا باستبدال عرفات ورفاقه بسلالة قيادة جديدة. في هذه القضية كان الرئيس واضحاً تماماً: (السلام يتطلب قيادة فلسطينية جديدة ومختلفة حتى يمكن للدولة الفلسطينية أن تولد) قال الرئيس وتابع: (إنني أدعو الشعب الفلسطيني إلى انتخاب قادة جدد، قادة لا يتوصلون إلى تسوية عن طريق الإرهاب). بهذه الدعوة إلى تغيير القيادة، يكون الرئيس قد عرض نفسه للانتقاد من قبل البعض في العالم العربي الذين سيحتجون على التدخل الأمريكي في القرارات الفلسطينية الداخلية. مع ذلك فإنه متأكد من أن أعداداً ضخمة من العرب والمسلمين سيهللون له، وسيشعرون بخيبة أمل لأن الرئيس لم يوسع دعوته لتغيير القيادة والتحول إلى الديمقراطية لتشمل بلدانهم كذلك. في الحقيقة وفي تغير غريب في اللهجة، نوه الرئيس بالحاجة إلى ديمقراطية فلسطينية خمس مرات، ولكن عندما وصل إلى مناقشة تصوره للعالم الإسلامي الأوسع قال الرئيس: (بأن الديمقراطية لا تصنع لائحة من الآمال العالمية).

أسئلة للسياسة الأمريكية:

في حين يضع البيان الرئاسي الجريء جدول أعمال عام ليوجه مساعي الولايات المتحدة في الأشهر القادمة، إلا أن الخطاب خلّف عدة أسئلة رئيسية لم يجب عليها، وتشمل هذه الأسئلة:

ـ هل ستستمر الولايات المتحدة في التعامل مع ياسر عرفات باعتبار أنه (القائد المنتخب ديمقراطياً من قبل الشعب الفلسطيني) بكلمات وزير الخارجية كولين باول، بما أن الرئيس بوش قد دعا إلى استبدال الرئيس ؟ عملياً هل سيناقش الديبلوماسيون الأمريكيون أمر تنفيذ دعوة الرئيس للإصلاح مع القادة الفلسطينيين الذين قال الرئيس أنهم يجب أن يذهبوا ؟

ـ كيف ستكون ردة فعل الولايات المتحدة فيما إذا قررت إسرائيل تغيير القيادة قبل الانتخابات الفلسطينية في شباط القادم، بقصد توفير الحماية لمواطنيها ؟

ـ هل هناك أية ظروف تعترف الولايات المتحدة ضمنها بشرعية انتصار انتخابي لعرفات ؟

ـ ما هو الدور الذي سيلعبه اللاعبون العديدون.. الأمريكيون، والأوروبيون، والعرب، والإسرائيليون لتحقيق وظائف الإشراف والمراقبة التي حددها الرئيس ؟ من الذي سيحدد مقياس الشهادة ومم سيتألف الأداء المرضي ؟

ـ ماذا يكمن وراء البناء الصعب، تكرر مرتين، أن الحكومة الفلسطينية الابتدائية يجب أن تتوصل إلى اتفاقية على الأمن مع مصر والأردن بالإضافة إلى إسرائيل ؟ هل سيشير هذا إلى أن فلسطين المؤقتة بإمكانها أن تحظى ببعض من أشكال مسؤوليات السيطرة على الحدود؟

ـ ما الذي سيطلق تحركات إسرائيل التوفيقية بشكل فعلي، مثل تجميد المستوطنات وإعادة انتشار القوات إلى مواضع ما قبل أيلول/2000، قبل بدء الانتفاضة الفلسطينية ؟ تشير كلمة الرئيس إلى أن إسرائيل تحتاج فقط إلى أن تبقى ملتزمة بوعودها السابقة لتطبيق توصيات لجنة ميتشيل في كلا هاتين القضيتين، مما يتطلب فعلاً فلسطينياً حقيقياً قبل الفعل الإسرائيلي المعادل.

السياق السياسي:

يمثل هذا الخطاب مغامرة كبيرة لحكومة الرئيس بوش، والتي يقوم كل من العرب والأوروبيين بحثها بشدة على وضع رؤية مفصلة للتحرك للأمام في الشرق الأوسط. لقد قدم الرئيس خطة لن ترضي أيا منهما، فقد ركز الرئيس بشكل مكثف على الحاجة إلى تغيير القيادة (أي لا مزيد من الفرص الأخيرة لعرفات)، وعلى إضافة مرحلة جديدة (وبلغة القانون غير مؤكدة) تكون الحكومة فيها مؤقتة قبل أن يصبح احتمال الدولة الفلسطينية حقيقة. في نفس الوقت ألزم الرئيس مكتبه بالعمل على متابعة تفاصيل الإصلاح الفلسطيني، في جميع جوانبه. إن تجنب المنحدر الزلق تجاه التحول إلى (أوصياء) في (انتداب) فلسطيني جديد في الوقت الذي يقومون فيه بتنفيذ هذا الالتزام سيكون عملاً بالغ الدقة، وقد يكون الأمر الأشد صعوبة: قيادة هذه العملية عبر معارضة أكيدة من كل من عرفات (رغم قبوله الخطاب) والمنظمات التي تعلن عداءها للسلام من داخل المجتمع الفلسطيني. بالنسبة للغالبية الفلسطينية الصامتة، يعرض الرئيس مستقبلاً سيتم بناؤه بتأييد كامل من الولايات المتحدة، بالنسبة للقيادة الرجعية لكل من السلطة الفلسطينية وزملائها الضمنيين في المنظمات المعادية للسلام مثل حماس وكتائب شهداء الأقصى، فإن محاربة رؤية الرئيس عن طريق الإرهاب والعنف سيكون أمراً له الأولوية القصوى.

ملاحظة أخيرة.. سورية:

رغم أن التركيز في الخطاب كان عن (فلسطين ديمقراطية) إلا أن عبارتين فيه شارتا إلى نبرة جديدة في سياسة الولايات المتحدة تجاه سورية، وهي دولة تلقت الكثير من سجل المديح في الأسابيع الأخيرة لمساهمتها في الحرب ضد القاعدة. بدلا من اللغة التقليدية، دعا الرئيس إلى مفاوضات نهائية تجاه سلام شامل بين إسرائيل وبين سورية تؤيد السلام وتحارب الإرهاب.

يأتي هذا الانتقاد الضمني بعد بيانات سابقة دعت دمشق إلى (اختيار الجانب الصحيح في الحرب على الإرهاب بإغلاق مخيمات الإرهابيين وطرد المنظمات الإرهابية). بهذه اللغة الصارمة صحح الرئيس فكرة كون الحكومة قد غضت البصر عن استمرار الدعم السوري للإرهاب، الذي يؤكده كون عملية تفجير مجيدو قد رتب لها من قبل الجهاد الإسلامي الفلسطيني الذي تقع قاعدته في دمشق. يبقى أن ننتظر لنرى فيما إذا كان تحذير الرئيس سيمنع سورية وحلفاءها في حزب الله من محاولة تأجيج الحدود الإسرائيلية ـ اللبنانية لضمان أن مصالحهم لن تعاني من التركيز المكثف على الفلسطينيين، كما كانت عليه الحال في أوقات كثيرة في المبادرات الرئاسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية في الماضي.

السابق

for

S&CS

للأعلى

2002 © جميع الحقوق محفوظة لمركز الشرق العربي     

   

ـ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـ