معهد
واشنطن لسياسية الشرق الأدنى
متابعة سياسية رقم 738
2 / 4 / 2003
بوش
وبلير: توترات في العلاقة
سيمون
هندرسون: زميل لمعهد واشنطن مقيم في
لندن.
هذا
الأسبوع، أثناء حديثه في المؤتمر
السياسي السنوي للجنة الشؤون
الأمريكية الإسرائيلية العامة، صرح
وزير خارجية الولايات المتحدة كولين
باول، بعد ذكره الحرب في العراق، أنه (لا
يوجد تحد ولا فرصة أكثر أهمية وأكثر
إلحاحاً من مطلب وضع نهاية للنزاع بين
إسرائيل والفلسطينيين). إن كلمات كهذه
مشابهة لمشاعر تم التعبير عنها في
الأسابيع الأخيرة من قبل رئيس الوزراء
البريطاني توني بلير. ومع
ذلك، فإن هناك إشارات إلى أن وجهة نظر
واشنطن للقضية الإسرائيلية
الفلسطينية تختلف بشكل حاد عن وجهة نظر
لندن.
ـ
وجهة نظر حزب العمال:
في
الأسبوع الماضي، في اليوم الذي سافر
فيه بلير إلى واشنطن للاجتماع بالرئيس
جورج بوش في كامب ديفيد، حملت صحيفة
التايمز المالية اللندنية، طبعة
الولايات المتحدة التي تقرأ على نطاق
واسع في حكومة بوش، حملت افتتاحية بقلم
لورد هاسكنز، وهو مسؤول بريطاني سابق
لشركة غذاء بريطانية والذي قام بلير
بتعيينه في مجلس اللوردات بعد أن قدم
مساهمات مالية لحزب العمال. في المقال،
يناقش اللورد هاسكنز، غير المعروف بأن
له آراء حول الشرق الأوسط، يناقش بأن
تسوية المسألة الفلسطينية هي الطريقة
الوحيدة لتقليل تهديد الإرهاب الدولي
ووقف التوترات بين العالم الإسلامي
والغرب. واتهم الأمريكيين بأنهم (من
غير المحتمل أن يتخلوا عن مقاربة
النصير.) لقد قال اللورد هاسكنز بأن على
بلير الوقوف في وجه الأمريكيين، وأن
يرتب (لحركة في الأمم المتحدة تطالب
إسرائيل بالانسحاب إلى حدود ما قبل 1967،
في نفس الوقت الذي يؤكد فيه على كل
جيرانها الاعتراف بحقها في الوجود.)
وقال اللورد هاسكنز أن هذا التكتيك
سيمكن بلير من إعادة بناء علاقات
بريطانية مع سائر دول العالم، ومن أجل
مصداقية بلير الخاصة في الاتحاد
الأوروبي، وكذلك المساعدة في (إعادة
بناء الوحدة في حزب عمال منقسم بشكل
عميق.)
لقد
نظر إلى المقال على أنه يعبر بشكل دقيق
عن قوة الشعور في حزب العمال الحاكم ضد
العمل العسكري في العراق، كما كشف
المقال عن استياء أعضاء الحزب من قرب
علاقة بلير مع بوش موحياً، بكلمات
هاسكنز، (السياسات الواسعة والخطيرة
للمتطرفين الجمهوريين.) وقد أشارت إحدى
الصحف إلى أن المقال كان قد تم تشجيعه
من قبل مكتب بلير كطريقة توضيح لواشنطن
عن المأزق السياسي الداخلي الذي
يواجهه رئيس الوزراء البريطاني، بينما
في نفس الوقت يتيح المجال لرؤاه
الشخصية حول الطريق بين إسرائيل
والفلسطينيين. نظراً لسجل المسؤولين
المقربين من بلير والذين يحاولون
التأثير أو نسج الأخبار، فإن هذا
التفسير الأخير بعيد عن عدم التصديق.
ـ
مصلحة بلير السياسية مع واشنطن:
لقد
كانت عملية السلام في الشرق الأوسط في
الحقيقة واحدة من نقاط النقاش في كامب
ديفيد، إلى جانب التقدم في حرب العراق
ومستقبل إعادة بناء البلاد. في القضية
الثانية، كان بلير قلقاً من إشراك
الأمم المتحدة. بعض الإشارات على
الاختلاف بين الحكوميتين فيما يدعى (خارطة
الطريق) للسلام بين إسرائيل
والفلسطينيين يمكن رؤيتها في الطريقة
الحذرة التي تحدث بها عن القضية في
أخبار المؤتمر في نهاية القمة. لقد كتب
المحرر السياسي للـ (بي. بي. سي) والذي
كان في الصف الأول في المؤتمر، كتب
لاحقاً: (واحدة من لحظات التوتر
الحقيقية القليلة كان عندما خرج رئيس
الوزراء عن موضوع حديثه ليثني على دعم
الرئيس لـ "خارطة طريق" الشرق
الأوسط وللتسوية بين الحكومتين). ولكن
الرئيس بوش لم يبد مسروراً. إبان عودته
إلى لندن، لخص مسؤول مجهول لدى بلير
رسالة سياسية من التايمز اللندنية
التي كتبت في 29/3 أن (توني بلير مستعد
لهدر كل المكاسب السياسية التي حصل
عليها في واشنطن في محاولة يائسة
لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط.)
وقال الصحفيون أن القائدين كرسا وقتاً
أكبر لعملية السلام من الوقت الذي
كرساه لدور الأمم المتحدة في عراق ما
بعد الحرب.) وقد نوه كذلك أن (بلير مطلع
على أن " أعضاء البرلمان " في حزب
العمال سينظرون إلى محاولته "للتحرك
قدماً" في عملية السلام على أنها
امتحان حقيقي لعلاقته الخاصة مع رئيس
الولايات المتحدة، والتي يعتقد
الكثيرون أنها محمية بثمن عال جداً.)
لقد
أخبر مصدر للحكومة البريطانية (مصطلح
يعني في السياق، متحدث باسم بلير)،
أخبر التايمز اللندنية أن حرب العراق
تهدد بإشعال التطرف العربي وتقوض أبا
مازن، رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد:
(قد تكون هذه الفرصة الأخيرة لدينا
لقيادة فلسطينية علمانية معتدلة.)
هناك
القليل من الشك في كون الحكومة
الإسرائيلية قد أصبحت قلقة برؤية بلير
للشرق الأوسط. لقد قال وزير الخارجية
البريطاني جاك سترو أنه يعتقد أن على
إسرائيل أن تنسحب بشكل أساسي إلى حدود
1967، مع بعض التعديلات الصغيرة. في 27/3 تم
استدعاء السفير البريطاني في إسرائيل
إلى وزير الشؤون الخارجية الإسرائيلي
في القدس وطلب إليه أن يبلغ لندن (الخطورة
التي ينظر بها رئيس الوزراء آرييل
شارون ووزير الخارجية سيلفان شالوم
إلى التصريحات البريطانية الأخيرة
المتعلقة بالصراع الإسرائيلي ـ
الفلسطيني).
لقد
غضبت الحكومة الإسرائيلية بشكل خاص من
تعليقات سترو فيما يتعلق (بالمعايير
المزدوجة) في قرارات مجلس الأمن التي
تتعامل مع إسرائيل في مقابل تلك التي
تتعامل مع العراق. اليوم أثار قضية
رؤية الولايات المتحدة لسورية وإيران
التي وضحها في الأيام القليلة الماضية
كل من وزير الدفاع دونالد رامسفيلد
وباول، بالتصريح بأن بريطانيا (لن تقوم
بأي عمل) في أي تحرك ضد أي دولة.
ـ
إلى أين تتجه السياسة البريطانية ؟
إن
لدى المحللين السياسيين في لندن رأيين
حول ما إذا كانت رؤية بلير لعملية
السلام في الشرق الأوسط تمثل اقتناعاً
قلبياً أم أنه أسلوب سياسي داخلي. فرغم
تقديم نفسه على أنه سياسي (اقتناع)، إلا
أنه طور سمعة بأنه يقرر القيام بإصلاح
سياسي لمدى قصير. لم يصرف بلير زميلته
في الوزارة، كيلشورت، الشهر الماضي
حتى عندما وصفت سياسيته تجاه العراق
على أنها (طائشة). ومع كونها ناقدة لكل
من حكومة بوش وسياسة إسرائيل، ومؤيدة
قوية لدور كبير للأمم المتحدة في
العراق، فإنها الآن عضو في (مجلس الحرب)
البريطاني. لقد أعلنت شورت اليوم أن
مقترحات البنتاغون لعراق ما بعد الحرب
ستكون (غير شرعية نهائياً وغير قابلة
للتطبيق سياسياً.)
فيما
يتعلق بالشرق الأوسط، فإن هناك إشارات
إلى أن بلير كان يمارس ضغطاً على
إسرائيل في الشهور الأخيرة. وقد قام
مرافقه المقرب، اللورد ليفي، المسؤول
عن تمويل حزب العمال، كما تقول الأنباء
بزيارة كل من واشنطن ودولة عربية
محافظة واحدة على الأقل في دول الخليج
أثناء هذه الفترة. في واشنطن كانت لديه
محادثات مع إليوت أبرامز، وهو مدير
كبير لشؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن
الوطني، لقد تجنب اللورد ليفي
التعليقات العامة، ولم يقل أي شيء سوى
أنه مسؤول لدى بلير. ليس لديه موقع
رسمي، رجل ثري، يمول رحلاته الخاصة كما
تقول التقارير. لقد كان مقرباً من
إيهود باراك رئيس الوزراء الإسرائيلي
السابق، ولكن علاقاته مع آرييل شارون
يقال أنها فاترة إن لم تكن قارسة
البرودة. (يحتفظ اللورد ليفي كذلك ببيت
ثان له في إسرائيل حيث يعمل ابنه لدى
وزير حزب العمل الإسرائيلي السابق
يوسي بيلين.)
رغم
إظهار الدفء والوحدة علناً، إلا أن
الإشارات المبكرة إلى التوتر بين
واشنطن ولندن حول فيما إذا كانت قضية
العراق والتحديات الإسرائيلية
الفلسطينية متوازنة أم متتالية ستستمر.
|