شكري
القوتلي
هو
شكري بن محمود بن عبد الغني القوتلي.
ولد في دمشق عام 1891، تلقى علومه
الابتدائية في مدرسة الآباء العيزرية
بدمشق. وفي عامه الحادي عشر انتسب إلى
مدرسة عنبر ليتم دراسته الثانوية،
أكمل تعليمه في الكلية الشاهانية
بالأستانة وتخرج منها يحمل الليسانس
في العلوم السياسية عام 1912.
انضم
القوتلي في الأستانة إلى جمعية (العربية
الفتاة) السرية، القائمة على الدعوة
إلى تحرير العرب، ومقاومة ما تعمل له
جمعية (تركيا الفتاة) من تتريك العناصر
العثمانية، قبل ذلك كان يعمل في صفوف
شبيبة المنتدى الأدبي.
وُشي
به في الحرب العالمية الأولى عقب
الانتهاء من مجزرة المجلس العسكري
العثماني ببلدة عالية، فاعتقل وزج به
في سجن (خان الباشا) بدمشق، وهدد
بالتعذيب، فخشي أن يبدر منه في حالة
الإغماء ما يقضي عليه وعلى أخوته في
جمعية الفتاة، فحاول الانتحار بقطع
شريان يده، وكتب رسالة بدمه وجهها إلى
جمال باشا السفاح يحذره فيها من مغبة
الظلم، وغاب عن وعيه فنقل للمعالجة،
وبهذا نجا من المحاكمة. والتقارير عن
بطولة القوتلي رفعته إلى دائرة
الأضواء كبطل قومي، وفي عام 1918 أسس مع
بعض أصدقائه حزب الاستقلال العربي.
كلفه
الملك فيصل بتشكيل ولاية دمشق، ولما
احتل الفرنسيون سورية كان اسمه في
قائمة المحكوم عليه بالإعدام. فنزح إلى
القاهرة ثم حيفا، وبقي أربعة أعوام
يتنقل بين فلسطين ومصر وأوروبا يدعو
للقضية السورية. عاد إلى دمشق عام 1924،
ولما نشبت الثورة السورية ضد
الفرنسيين عام 1925 التحق بها فصدر عليه
حكم الإعدام من جديد.
عاد
إلى دمشق سنة 1930 بعد سقوط حكم الإعدام
عنه، واشترك في المؤتمر العربي القومي
الذي عُقد في القدس في كانون الأول 1931
ووقع على الميثاق التاريخي، وفي عام 1932
كان أحد الأعضاء المؤسسين للكتلة
الوطنية التي تحولت فيما بعد إلى الحزب
الوطني المنادي باستقلال سورية كهدف
أساسي له.
أثناء
وجود الوفد المفاوض في باريس تولى
القوتلي إدارة مكتب الكتلة الوطنية،
وانتخب مجلس النواب السوري عام 1936 فكان
من أعضائه، ثم تولى في أول حكومة وطنية
وزارتي المالية والدفاع، وفي أثناء
غيابه في السعودية عقد جميل مردم بك
رئيس الوزراء اتفاقيتي البنك السوري
والبترول مع فرنسا، وكذلك مساعي جميل
مردم بك لدى وكيل وزارة الخارجية
الفرنسية والتي انتهت بإعطاء الحكومة
الفرنسية ضمانات باحترام حقوق
الأقليات، وقبول الخبراء الفرنسيين،
ومتابعة سياسة التعاون بين البلدين
السوري والفرنسي. لكن الوزراء والنواب
اعترضوا على هذه الاتفاقية، وكان
أشدهم نقمة شكري القوتلي فاستقال من
الوزارة في 22/3/1938 احتجاجاً، واكتفى
بالنيابة، وفي العام نفسه انتخب
نائباً لرئيس مجلس النواب.
عام
1941 انتخب القوتلي زعيماً للكتلة
الوطنية خلفاً للمرحوم إبراهيم هنانو،
فأعاد تنظيم صفوفها بعد أن لجأ زعماؤها
إلى العراق بعد اتهامهم بمقتل عبد
الرحمن الشهبندر، وقد ألصقت هذه
التهمة بالوطنيين وكان ذلك في تموز عام
1940، أما القوتلي فلجأ إلى حماية قنصل
السعودية في دمشق والذي تربطه صلات
وثيقة بالفرنسيين فتدخل لديهم باسم
الملك عبد العزيز، وحقق مع القوتلي
وثبتت براءته والوطنيين بعد اعتراف
قاتل الشهبندر بالجريمة.
على
أثر دخول الديغوليين سورية في الحرب
العالمية الثانية، كان القوتلي
السياسي الأكثر شعبية، وبعد وفاة تاج
الدين الحسني رئيس الجمهورية
بالتعيين، قاد القوتلي معركة
الانتخابات بقائمة موحدة في سائر
البلاد، وبالتئام مجلس النواب انتخب
رئيساً للجمهورية في 17/8/1943، وهو أول
زعيم وطني تولى رئاسة الجمهورية
السورية.
ازدهرت
سورية في أيام القوتلي، كما قاد التحرك
السياسي في فترة الاستقلال من 1943
ولغاية الجلاء عام 1946، والتي تميزت
بالنشاط السياسي السوري في الحقل
العربي، وقد تمحور هذا النشاط حول
ثلاثة مواضيع:-
1ـ
دعم استقلال سوريا التام أي ضمان جلاء
الجيوش الأجنبية عن أراضيها.
2ـ
العمل من أجل قضية الوحدة العربية (الجامعة
العربية) خاصة بعد إعلان الأمير عبد
الله أمير شرق الأردن مشروع سوريا
الكبرى.
3ـ
العمل من أجل قضية فلسطين.
بعد
انقلاب حسني الزعيم انتقل القوتلي إلى
مصر، واستقر في الإسكندرية، وتغيرت
الأوضاع في سورية مع مرور الأيام، فعاد
إلى دمشق وانتخب رئيساً للجمهورية عام
1955 للمرة الثالثة.
في
عام 1958 قصد مصر على رأس وفد من سورية،
فاتفق مع رئيس الجمهورية الرئيس جمال
عبد الناصر على توحيد القطرين
وتسميتهما (الجمهورية العربية المتحدة)،
وتنازل عن منصبه لصالح الوحدة، وانتخب
عبد الناصر رئيساً لها، وقد أُطلق عليه
لذلك لقب المواطن العربي الأول. تنقل
بعد قيام الوحدة بين سوريا ومصر
وأوروبا، وعندما وقع انقلاب الانفصال
في 28 أيلول1961 كان في جنيف، فعاد إلى
دمشق بطلب من حكومة الانفصال، وبقي في
دمشق حتى انقلاب 8 آذار1963 حيث غادرها
إلى جنيف وبعد عام انتقل إلى بيروت
واستقر بها. واشتدت عليه القرحة التي
كان مصاباً بها إلى أن توفي في (30
حزيران1967)، فنقل جثمانه إلى دمشق حيث
دفن في مقبرة الباب الصغير.
كان
ما ألقاه من الخطب الرسمية قد جمع أيام
رئاسته الثانية في كتاب (مجموعة خطب
الرئيس شكري القوتلي). كما عمل مدة في
تدوين مذكراته، لكن لا علم بما حل بها.
المراجع:
ـ
(موسوعة الأعلام)، خير الدين الزركلي،
دار العلم للملايين، بيروت، الطبعة
الخامسة 1980، الجزء الثالث، ص(172ـ173).
ـ
(موسوعة السياسة)، المؤسسة العربية
للدراسات والنشر، بيروت، الطبعة
الأولى 1983، ص(488).
ـ
الموسوعة التاريخية الجغرافية، مسعود
الخوند، لبنان، 1997، الجزء العاشر، ص(90ـ
218،219).
ـ
(سوريا 1918 ـ 1958)، وليد المعلم، دمشق،
الطبعة الأولى 1985، ص(40،41)،(61،62).
ـ
(صانعو الجلاء في سورية)، نجاة القصاب،
شركة المطبوعات للتوزيع والنشر،
بيروت، الطبعة الأولى 1999، ص(111ـ113).
|