وصل
إلى مركز الشرق العربي :
البيان
الختامي
لمؤتمر
"استراتيجية الحركة العربية لحقوق
الإنسان في ظل الأحداث
الدولية
الأخيرة"
5-
6 أيلول - سبتمبر 2003 ـ الرباط
في جو مفعم بالحيوية والنقاش
الفكري والحقوقي والشعور بالمسؤولية
التأم شمل "مؤتمر استراتيجية الحركة
العربية لحقوق الإنسان في ظل الأحداث
الدولية الأخيرة؟ الذي نظمه في الرباط
5- 6 أيلول "سبتمبر" 2003 "البرنامج
العربي لنشطاء حقوق الإنسان"
بالتعاون مع "المنظمة العربية
للمحامين الشباب" وبرعاية كريمة من
الوزارة المكلفة بحقوق الإنسان في
المملكة المغربية والأستاذ محمد أوجار
وزير حقوق الإنسان.
ويأتي هذا المؤتمر استكمالاً
لمؤتمر القاهرة الذي أنعقد في 6- 7 تموز
"يوليو" 2003 بمبادرة من البرنامج
العربي لنشطاء حقوق الإنسان بالتعاون
مع المركز الإقليمي للأمن الإنساني
بالأردن حول "تحالفات الحركة
العربية لحقوق الإنسان والأحداث
الدولية الأخيرة". وعلى مدى يومين
كاملين ناقش المؤتمر الأسس والأولويات
القانونية الدولية التي ترتبت على
الأوضاع والمتغيّرات الدولية الأخيرة
وبخاصة بعد أحداث 11 أيلول "سبتمبر"
2001 التي حصلت في الولايات المتحدة
الأمريكية، ومنها الحرب على أفغانستان
وتصعيد الإرهاب الإسرائيلي في الأراضي
الفلسطينية المحتلة ووضع المزيد من
العقبات أمام التوصل إلى حل عادل وشامل
وسلمي للقضية الفلسطينية والتنكر
للحقوق الثابتة وغير القابلة للتصرف
للشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته
الوطنية المستقلة ومن ثم الحرب على
العراق واحتلال أراضيه وتفكيك الدولة
العراقية وتعويم السيادة الوطنية
وفقدان الاستقلال الوطني واستمرار
حالة الفلتان الأمني، وما رافق ذلك من
اعتداء صارخ على حقوق الإنسان شكل
استمراراً لحالة الحرب فضلاً عن ما
ارتكبه النظام العراقي السابق من
انتهاكات جسيمة وسياسة التفرد واحتكار
الحكم وعدم الاعتراف بحقوق القوميات
والتكوينات المختلفة.
وفي هذا الصدد دعا المؤتمر
إلى إنهاء الاحتلال وتمكين الشعب
العراقي من تقرير مصيره بنفسه واختيار
حكومته المستقلة وإجراء انتخابات حرة
نزيهة، لكي يتم نقل السلطة كاملة إلى
العراقيين وبمساعدة من الأمم المتحدة.
وتوقف المؤتمر عند التأثيرات
السلبية الضارة لأحداث 11 أيلول "سبتمبر"
على المستوى العالمي وبخاصة اضطرار
الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي،
إلى إصدار ثلاث قرارات تشكل سابقة
قانونية وسياسية خطيرة بالتجاوز على
ميثاق الأمم المتحدة.
ولا شك أن القرار 1368 الصادر في
12 أيلول "سبتمبر" 2001 والقرار 1373
الصادر في 28 أيلول "سبتمبر" 2001
والقرار 1390الصادر في مطلع العام 2002،
أعطت الحق للدول المتنفذة في إعلان
الحرب متى تشاء وضد من تشاء حتى إذا
اشتبهت بأن هناك من يهدد بالقيام بعمل
إرهابي. وهو ما حاولت الولايات المتحدة
فرضه على العالم في إطار تنظيراتها حول
"الحرب الاستباقية" في محاولة
ابتزازية تحت يافطة "مكافحة الإرهاب
الدولي".
وناقش المؤتمر انعكاسات
أحداث أيلول "سبتمبر" على العالم
العربي وسعي بعض الحكومات العربية إلى
استثمار "الاتفاقية العربية
لمكافحة الإرهاب" وتشريع قوانين
جديدة تصّب في الاتجاه ذاته والتضييق
على الحريات وتصفية بعض الحسابات
الداخلية في خطوة تستهدف التقرب من
الولايات المتحدة والانخراط في
الاجندة الدولية لمكافحة الإرهاب،
ودعا المؤتمر إلى أهمية اعتماد
المعاييـر الدوليـة
لحقـوق الإنسان ونبه إلى خطورة تغّول
الدولة على المواطن باسم مكافحة
الإرهاب وكذلك العمل على تقوية
المنظمات الإقليمية والدولية الغير
حكومية.
وناقش المؤتمر البيئة
العنصرية المشجعة على الإرهاب والتي
لا تتسم بالعدل والمساواة والإقرار
بالحقوق والتنوع والاختلاف ولفت
الانتباه إلى النجاح العربي لمنظمات
المجتمع المدني ومنظمات حقوق الإنسان
في مؤتمر ديربان ضد العنصرية 2001 الذي
لم تتم متابعته مع الأسف الشديد خصوصاً
وقد ساهمت أحداث 11 أيلول "سبتمبر"
في سرقة الأضواء منه. وفي هذا الميدان
أكد المؤتمر على أهمية تمكين الشعب
العربي الفلسطيني من تقرير مصيره
بنفسه وإقامة دولة مستقلة ووقف أعمال
الإبادة والإرهاب التي يتعرض لها
مشدداً على إدانة إسرائيل ونهجها
العدواني ومخالفتها "للشرعية
الدولية".
ودعا المؤتمر إلى إصلاح
قانوني وسياسي واقتصادي وثقافي في
العالم العربي وإعادة النظر بالعديد
من التشريعات، كما توقف عند مسألة
إصلاح المناهج التدريسية والتربوية
والدينية المشجعة على التعصب والتشدد
وإلغاء الآخر، ودعا الحكومات العربية
إلى الإسراع في تبني خطة طويلة الأمد
لإصلاح حقيقي استجابة لحاجة ماسة
داخلية وضرورة موضوعية وهو ما كانـت
تطالـب به الحركة العربيـة لحقوق
الإنسان لأكثر من عقدين من الزمان وليس
استجابة لضغوط خارجية.
ومثلما طالب المؤتمر
الحكومات العربية إصلاح وتجديد نظمها
وتخليصها من كل ما هو يتعارض مع حقوق
الإنسان وقيم التسامح وثقافة الإقصاء،
فإنه توقف أيضاً عند التيارات
الأصولية المتشددة في الديانات الثلاث
اليهودية و المسيحية والإسلام التي
تشجع على الإرهاب واستخدام العنف الذي
هو ليس حكراً عن العالمين العربي
والإسلامي مثلما تقول الدعاية
المناوئة للعرب والمسلمين فالإسلام هو
المكون الثقافي لمئات الملايين من
البشر ولا يمكن أن تكون له علاقة
بالإرهاب وإن كانت بعض الجماعات
المتطرفة قد شوهت تعاليمه.
وأكد المؤتمر أن مناخ الحريات
واحترام الحقوق كفيل بتأمين
المستلزمات السليمة لوضع حد لظاهرة
استفحال الإرهاب والعنف كوسيلة لحل
الصراع السياسي والاجتماعي.
ومثلما هي نظرة بعض تيارات
الغرب السياسية شمولية كلانيه مستندة
على الموروث أحياناً في استحضار
الصراع بين الغرب والإسلام فإن نظرة
بعض التيارات الإسلامية المتشددة،
والمعادية للغرب ولكل ما هو غربي بما
فيها الحضارة التي أنتجها والتي هي
مستودع كبير للثقافة والعلم
والتكنولوجيا هي الأخرى لا تختلف عنها
حين تزدري كل الحضارة الإنسانية وتشطب
عليها بجرة قلم واحدة عندما تضعها في
"خانة الأعداء".
وتوقف المؤتمر عند الإجراءات
والقوانين التي أقدمت عليها الولايات
المتحدة وبريطانيا وهولندا وألمانيا
وغيرها من البلدان الغربية التي
انعكست سلباً على المهاجرين والمقيمين
العرب والمسلمين أو من أصول عربية أو
مسلمة " وأشار إلى حملة الاعتقالات
العشوائية واستخدام الشبهة وعدم وجود
دليل كافي لتقوم هذه البلدان بطرد
أعداد كبيرة منهم خارج إطار القضاء
ودون محاكمات ونبهت إلى ما يعانيه
هؤلاء المعتقلون بمن فيهم أسرى
غوانتانامو ودعا المؤتمر إلى أهمية
اعتماد اتفاقيات جنيف لعام 1949
وبروتوكول جنيف لعام 1977 بخصوص التعامل
مع ضحايا المنازعات الدولية المسلحة
وبخاصة من المدنيين، وناقش المؤتمر
هذا الموضوع انطلاقا من مفهوم الأمن
الإنساني واعتبار الإنسان وأمنه هو
مقياس كل شيء.
ودعا المؤتمر إلى إلغاء
قوانين الطوارئ وكافة القوانين
والمحاكم الاستثنائية في البلدان
العربية وإطلاق سراح كافة المعتقلين
وسجناء الرأي في السجون والمعتقلات
العربية وتأكيد مبدأ سيادة القانون.
وأكد المؤتمر على أهمية
التنسيق والتعاون بين الحركة العربية
لحقوق الإنسان والقوى السياسية
والاجتماعية والنقابات والجمعيات
المهنية خصوصاً فيما مشترك وبالأخص في
التصدي للتحديات التي يواجهها المجتمع
المدني وحرياته وحقوقه وبخاصة حرية
العمل والحق في تأسيس الجمعيات
والنقابات وكذلك التعاون مع المنظمات
الإقليمية والدولية.
وفي ختام المؤتمر وجّه
المشاركون الانتباه إلى دور الثقافة
باعتبارها جسراً للتواصل بين البشر
والكيانات في تفعيل المشترك الإنساني،
استناداً إلى معايير وقواعد موحدة دون
ازدواجية أو انتقائية أساسها احترام
الشرعة الدولية لحقوق الإنسان،
باعتبارها المرجعية التي تشكل القاسم
المشترك الأعظم.
ودعا المؤتمر منظمات المجتمع
المدني العربي إلى التعامل بثقة
ومهنية مع التطورات الأخيرة، انطلاقاً
من مسؤولياتهم بعيداً عن التأثيرات
والمواقف السياسية والأيديولوجية
والسعي لفتح حوار مع جميع الجهات
الرسمية وغير الرسمية بما يساعد في
تلمس الطرق الصحيحة لاحترام حقوق
الإنسـان وأكد على أهمية الداخل
وأحداث التراكم المطلوب واعتماد أسس
ومعايير صحيحة للاستفادة منه.
وأكد المؤتمر على توصيات
مؤتمر القاهرة خصوصاً التنسيق بين
المنظمات وتعزيز التحالف العربي
للدفاع عن قضايا الديمقراطية وحقوق
الإنسان ودعا الجهات المنظمة إلى
وضعها موضـع التطبيـق بالتعـاون مع
الجهات ذات العلاقة وطبع أعمال
المؤتمرين في كتاب لوضعه بين يد القارئ.
|