مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 11 - 05 - 2004م

ــــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع |ـكتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحة اللقاء | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

تقارير حقوق الإنسان

ينشر مركز الشرق العربي هذا التقرير الرعيب عما جرى في سجن أبو غريب لتبيان حقيقة المشروع الحضاري الأمريكي المقدم للمنطقة.

النيويوركر 2/5/2004

تعذيب في سجن (أبو غريب)

سيمور. ام. هيرسن

جنود أمريكيون يتعاملون بوحشية

مع العراقيين.

ما هو مدى المسؤولية؟

في عهد صدام حسين، كان سجن أبو غريب، الذي يبعد 20 ميلاً غرب بغداد، واحداً من أسوأ سجون العالم سمعة، بالتعذيب، والإعدامات الأسبوعية، وظروف المعيشة الرديئة. وقد حشر ما يقرب من خمسين ألف رجل وامرأة ـ ولا يتوافر هناك تعداد دقيق ـ في (أبو غريب) مرة واحدة، في زنزانات حجمها 12 X 12 قدماً والتي كانت أكبر بقليل من حفر لحجز البشر.

خلال عمليات النهب التي تلت سقوط النظام، في نيسان الفائت، تم تجريد السجن الضخم المهجور حينها، من أي شيء يمكن تحريكه، بما في ذلك الأبواب، والشبابيك، والقرميد. وقد قامت سلطات الائتلاف بتبليط الأرض، وتنظيف الزنزانات وإصلاحها، وإصلاح الحمامات، وصنابير الاغتسال، وتمت إضافة مركز طبي جديد. لقد أصبح (أبو غريب) الآن سجناً أمريكياً جديداً. بحلول الخريف كان هناك عدة آلاف، بمن فيهم نساء ومراهقون، كان أكثرهم مدنيين. وكان الكثير منهم قد أخذوا أثناء حملات عسكرية عشوائية، أو على نقاط تفتيش على الطرق الرئيسية. وهم يقعون ضمن ثلاث فئات فضفاضة: المجرمون الجنائيون، ومحتجزون أمنيون مشتبه بهم في جرائم ضد الائتلاف، وعدد قليل من المشتبه بهم (الرفيعي المستوى) من قادة التمرد ضد قوات الائتلاف.

في حزيران الفائت، تمت تسمية (جينز كاربنسكي)، وهي قائد لواء في جيش الاحتياط، كرئيسة لفرقة الـ800 في الشرطة العسكرية، وتم تعيينها مسؤولة عن السجون العسكرية في العراق. اللواء (كاربنسكي)، الامرأة الرئيسية الوحيدة في نطاق الحرب، كانت خبير عمليات وضابط استخبارات حيث عملت مع القوات الخاصة في حرب الخليج عام 1991، ولكنها لم تقم أبداً بإدارة نظام سجن. والآن كانت مسؤولة عن ثلاثة سجون ضخمة، وثمانية كتائب، و34 في المئة من احتياطي الجيش، معظمهم مثلها لم يحصلوا على تدريب في التعامل مع السجناء.

اللوء (كاربنسكي)، والتي أرادت أن تصبح شرطياً منذ أن كانت في الخامسة من عمرها، كان لديها عمل مستشار في الحياة المدنية، وكانت متحمسة لعملها الجديد. في مقابلة في كانون الأول الفائت (2003) مع (تايمز البترسبرغ)، قالت: إنه بالنسبة للكثير من النزلاء العراقيين الآن في سجن (أبو غريب) (فهم يعيشون في ظروف في السجن أفضل منها في البيت، في لحظة ما قلقنا من أنهم لا يريدون المغادرة).

بعد شهر من ذلك، تم توجيه إنذار رسمي للواء (كاربنسكي) وأوقفت بهدوء، وأخذ تحقيق كبير في نظام السجن في الجيش، تحت إدارة الفريق (ريكاردو.اس.سانشيز)، القائد الكبير في العراق. وقد اكتمل تقرير يتكون من 53 صفحة، حصلت النيويوركر على نسخة منه، وقام بكتابته الفريق (انطونيو.ام.تاجوبا)، ولم يكن معداً للنشر، اكتمل في أواخر شباط. وقد كانت نتائجه عن الفشل المؤسساتي لنظام السجن في الجيش مدمرة. بشكل خاص، وجد تاجوبا أنه بين تشرين أول وكانون أول/2003، كان هناك أمثلة عديدة على (السادية، والصخب، وإساءة المعاملة بوحشية إجرامية). في سجن (أبو غريب). هذه الإساءة في المعاملة المنتظمة وغير الشرعية للمحتجزين، كما قال تاجوبا، كانت قد تمت من قبل جنود في فرقة الـ372 ومجموعة الشرطة العسكرية، وأيضاً من قبل أعضاء في مجموعة الاستخبارات الأمريكية. (كان فرقة الـ372 قد ضمت إلى الكتيبة الـ320 ام.بي، والتي أخبرت مقرات قيادة كاربنسكي). وقد عدد تقرير تاجوبا بعض الأعمال الخاطئة:

(كسر المصابيح الكيميائية وصب السائل الفسفوري على السجناء، صب مياه باردة على السجناء العراة، ضرب السجين بأيدي المكانس وبالكرسي، تهديد السجناء الذكور بالاغتصاب، السماح لحرس الشرطة العسكرية بخياطة جرح سجين قد جرح بعد أن تم ضربه بحائط زنزانته، تعذيب السجين بضوء كيميائي وربما بعصا المكنسة، واستخدام الكلاب العسكرية لإخافة وتهديد السجناء بهجماتها، وفي حالة واحدة قامت ـ أي الكلاب ـ فعلياً بعض السجين).

لقد كان هناك دليل مذهل لدعم الادعاءات، يضيف تاجوبا، تصريحات مفصلة لشاهد، واكتشاف لدليل بالغ الحيوية بالصور. فالصور وتصوير الفيديو الذي قام به الجنود أثناء حدوث هذه الإساءات لم يتم تضمينها في تقريره، وفقاً لتاجوبا (بسبب طبيعتها الحساسة جداً).

الصور، والتي نشر العديد منها على قناة (سي. بي.اس) في برنامج (ستون دقيقة 2) الأسبوع الفائت، أظهرت جنوداً يدفعون السجناء العراقيين العراة إلى اتخاذ وضعيات مذلة. ستة من المشتبه بهم ـ الضابط ايفان إل.فريدريك المعروف بتشب، والذي كان الرجل الكبير في اللائمة، وتشارلز ايه.جراتر، والجندي جافال دافيز، وميجان أمبهل، وسابرينا هارمان، وجيرمي سيفيتس ـ يواجهون الآن محاكمة في العراق، على تهم تشتمل على التآمر، وإهمال الواجب، والقسوة في معاملة السجناء، وسوء المعاملة، والاعتداء الجسدي، والأعمال غير اللائقة. مشتبه فيه سابع، ليندي انجلاند، عينت في فورت براغ، في شمال كارولينا، بعد أن أصبحت حاملاً.

تقول الصور كل شيء. في إحداها، تقوم انجلاند، بينما يتدلى سيجار من فمها، بإشارة متأنقة من ابهاميها وتشير إلى الأعضاء التناسلية لشاب عراقي، عار إلا من كيس رمل موضوع على رأسه، بينما يقوم بالاستمناء. ويظهر ثلاثة عراقيين آخرين عراة ومغطيين الرؤوس وهم يضعون أيديهم تلقائياً على أعضائهم التناسلية. ويضع سجين خامس يديه على جوانبه. في صورة أخرى، تقف انجلاند جنباً إلى جنب مع جرانر، حيث يبتسمان كلاهما وهما يرفعان إبهامهما إلى الأعلى خلف مجموعة من العراقيين العراة (يبلغ عددهم حوالي سبعة)، وهم محنيو الركب، ومكومون فوق بعضهم بشكل هرمي. هناك صورة أخرى لمجموعة من السجناء العراة مكومين مرة أخرى بشكل هرمي. ويقف جرانر بجانبهم، مبتسماً وذراعيه متصالبان، وتقف جندية أمامه منحنية وهم تبتسم كذلك. ثم هناك مجموعة أخرى من الأجساد المغطاة الرؤوس، وجندية تقف أمامها، وتقوم بالتصوير. أيضاً، هناك صورة أخرى تظهر سجيناً ذكراً عارياً وغير مغطى الرأس وجاثياً على ركبتيه، وقد حول رأسه للحظة عن الكاميرا، وهو في وضعية تظهر أنه يقوم بإثارة جنسية عن طريق الفم لسجين ذكر عار ومغطى الرأس.

إن هذه التصرفات المجردة من الإنسانية هي تصرفات غير مقبولة في أية ثقافة، ولكنها غير مقبولة بشكل خاص في العالم العربي. فالأعمال اللوطية منافية للشريعة الإسلامية ومن المذل للرجال أن يكونوا عراة أما رجال آخرين، كما يشرح برنارد هيكل، وهو بروفيسور في الدراسات الشرق أوسطية في جامعة نيويورك. (وضعهم فوق بعض وإجبارهم على الاستمناء، وتعريتهم أمام بعضهم، كل هذا هو شكل من أشكال التعذيب) كما يقول هيكل.

إن اثنين من الوجوه العراقية التي ظهرت في الصور، هما وجهان لرجلين ميتين. هناك صورة وجه مضروب للسجين رقم 15339، وجسد مدمى لسجين آخر، ملفوف بالسيلوفان موضوع في الثلج، وهناك صورة لغرفة فارغة مليئة بالدم.

تبدو إساءة معاملة فرقة 372 للسجناء أمراً روتينياً غالباً، وهي حقيقة في حياة الجيش لا يجد الجنود حاجة لإخفائها. في التاسع من نيسان، ولدى سماع المادة 32 (المقابل العسكري لهيئة المحلفين) في قضية الرقيب فريدريك، في معسكر فيكتوري قريب بغداد، أخبر أحد الشهود، وهو ماثيو ويسدوم، غرفة المحكمة بما حدث عندما قام هو وجنود آخرون بتسليم سبعة سجناء مغطيي الرؤوس، ومكبلين، إلى ما يدعى بـ(المكان الصلب) في (أبو غريب)، وهو يتكون من سبعة صفوف من الزنزانات حيث يتم وضع السجناء الأكثر خطراً. وقد كان الرجال متهمين بإثارة شغب في أجزاء أخرى من السجن. يقول ويسدوم: (أمسك فريدريك بسجيني وألقاه فوق الكومة.. لم أعتقد أنه من الصحيح وضع السجناء في كومة. ورأيت فريدريك، ودافيز، وجرانر يمشون حول كومة السجناء ويضربونهم. أذكر فريدريك وهو يضرب أحد السجناء على قفصه الصدري.. لم يكن السجين يشكل خطراً على فريدريك.. وقد غادرت بعد ذلك).

وعندما عاد بعد ذلك، شهد ويسدوم: (رأيت اثنين من السجناء عراة يقوم أحدهما باستمناء الآخر، وهو جاث على ركبتيه وفمه مفتوح. وقد فكرت أن علي الخروج من هناك حالاً، فلم أعتقد أن ذلك صواباً). ورأيت فريدريك يمشي باتجاهي ثم قال: (انظر ماذا ستفعل هذه الحيوانات عندما نتركها وحدها لثانيتين). وسمعت انجلاند وهي تصرح (إنه يصبح أقوى). شهد ويسدوم أنه أخبر المشرفين عليه بما حدث، وافترض أن (هناك من كان يعتني بالأمر). كما قال: (أنا فقط لم أرد أن أكون جزء في أي شيء إجرامي).

لقد أصبحت الإساءات معلنة بسبب غضب جوزيف.ام.داربي، والذي يظهره دوره أثناء سماع المادة 32 ضد تشب فريدريك. وقد أخبر شاهد حكومي، هو العميل الخاص سكوت بوبك، والذي هو عضو في قسم التحقيق الجنائي في الجيش، أخبر المحكمة، أنه وفقاً لتسجيل مختصر أتيح لي (فإن التحقيقات بدأت بعد أن حصل داربي على قرص كمبيوتر مدمج من جرانر.. حيث وجد فيه صوراً لسجناء عراة: (وقال بوبك إن داربي قام مبدئياً بوضع رسالة مجهولة تحت بابنا، ثم جاء لاحقاً وقدم تصريحاً تحت القسم. فقد شعر بسوء كبير حيال الأمر واعتقد أنه كان خاطئاً تماماً).

وعندما سئل أكثر، أجاب محقق الجيش أن فريدريك وزملاءه لم يعطوا أي (تدريبات موجهة) وفقاً لمعلمه. فقد سلمت فرقة الـ372 واجبات الشرطة المرورية والأمن بشكل روتيني فور وصولها إلى العراق، في ربيع 2003. في تشرين أول 2003، أمرت الفرقة 372 بتسلم واجب حراسة السجن في (أبو غريب). وقد كان فريدريك (37 عاماً) أكبر بكثير من زملائه، وكان قائداً طبيعياً. كما أنه عمل لمدة ست سنوات كحارس لدائرة فرجينيا للإصلاح. يوضح بوبك: ما فهمته هو أن فريدريك وجرانر كانا قد سلما المسؤولية لأنهما كانا حراساً لسجون مدنية ولديهما إطلاع على الكيفية التي تجري بها الأمور.

شهد بوبك كذلك بأن الشهود كانوا قد قالوا بأن فريدريك، قد قام في أحد المرات (بمعاقبة سجين في صدره بقسوة شديدة لدرجة أن السجين كاد يتعرض لتوقف مفاجئ للقلب).

لدى سماع المادة 32، أعلم الجيش فريدريك ومحاميه الكابتن روبرت شك، محام في الجيش، وجاري مايرز، محام مدني، أن العشرات من الشهود الذين سعوا للحصول على شهاداتهم، فيما في ذلك اللواء (كاربنسكي)، وجميع المدعى عليهم لن يظهروا. فالبعض اعتذروا بممارستهم لحقهم في المراجعة، والآخرين بدو بعيدين جداً عن غرفة المحاكمة. إن الغاية من المادة 32 للاستجواب بالنسبة لنا هو الحصول على شهود واكتشاف الحقائق، أخبرني جاري مايرز، وقد انتهينا من الحديث مع عميل في دائرة التحقيقات الجنائية ولا يوجد ضحايا مدعون لاستجوابهم. بعد جلسة الاستجواب، حكم الضابط المترأس للاستجواب بأنه كان هناك دليل كاف لإقناع المحكمة العسكرية ضد فريدريك.

مايرز، والذي كان واحداً من محاميي الدفاع العسكريين في المحاكمات (الهاي لاي) في عقد السبعينات في القرن العشرين، أخبرني أن دفاع موكله سيكون بأنه كان ينفذ أوامر المشرفين عليه، وبشكل خاص، توجيهات الاستخبارات العسكرية. وقد قال (هل تعتقد حقاً بأن مجموعة أطفال من ريف فرجينيا قد قرروا فعل ذلك بأنفسهم؟ مقررين أن أفضل طريقة لإحراج العرب وجعلهم يتكلمون هو حملهم على السير عراة).

في رسائل ورسائل الكترونية إلى أفراد عائلته، يكرر فريدريك أن فرق الاستخبارات العسكرية، والتي تشتمل على ضباط (سي.آي.ايه) وعلى متخصصين لغويين ومستجوبين من قوات الدفاع الخاصة كانوا القوة المهيمنة في (أبو غريب). في رسالة كتبت في كانون الثاني يقول: (إنني أتساءل حول بعض الأمور التي رأيتها.. أشياء مثل ترك السجناء في زنزاناتهم بدون ملابس أو في ملابس داخلية نسائية، وتقييدهم إلى باب زنزانتهم، وكانت الإجابة التي حصلت عليها "هذا ما تريد الاستخبارات العسكرية أن يحدث" وقد أعطتنا الاستخبارات العسكرية كذلك أوامر بوضع سجين في زنزانة منفردة بغير ملابس، وبدون حمام أو ماء وبدون تهوية أو نافذة، لمدة ثلاثة أيام.

لقد شجعتنا (الاستخبارات العسكرية وأخبرتنا بأننا قمنا بعمل عظيم). فقد كانوا يحصلون على إجابات إيجابية ومعلومات. (كتب فريدريك) لقد كان قسم التحقيق الجنائي في الجيش موجوداً عندما استخدمت الكلاب العسكرية لتخويف السجناء بناء على طلب الاستخبارات العسكرية). في إحدى المرات أخبر فريدريك عائلته أنه انتحى بالمشرف عليه جانباً، الفريق جيري فيلابوم، قائد كتيبة الـ320، وسأله حول إساءة معاملة السجناء كان رده (لا تقلق حيال ذلك).

في تشرين ثاني، كتب فريدريك، أن سجيناً عراقياً تحت سيطرة ما يدعوه حراس سجن (أبو غريب) بـ(او.جي.ايه) أو وكالات حكومية أخرى ـ والتي هي الـ(سي.أي.ايه) وموظفيها المدنيين ـ كان قد تم إحضاره إلى وحدته ليتم استجوابه (لقد ضغطوا عليه بشكل سيء جداً لدرجة أن الرجل مات. فوضعوا جثته في كيس للجثث ووضعوه في الثلج لحوالي 24 ساعة وفي اليوم التالي جاء الطبيب ووضع جثته على نقالة، ووضع (آني.في) زائفاً في ذراعه، ثم أخذه) لم يدخل العراقي الميت أبداً إلى النظام المتعلق بنزلاء السجن، يستمر فريدريك في السرد، (ولذلك لم يكن له رقم أبداً). إن دفاع فريدريك هو بالطبع، يعتمد على كلامه هو إلى درجة كبيرة. إلا أن تذمراته في رسائله ورسائله الالكترونية تم تعزيزها بتقريرين داخليين في الجيش ـ تقرير تاجوبا وتقرير كتبه الضابط المسؤول عن فرض القانون، بروفست مارشال دونالد ريدر، وهو برتبة لواء.

في الخريف الفائت، أمر الجنرال سانشيز ريدر، والذي قدم في 5/ تشرين الثاني، يتوصل ريدر إلى أن هناك قضايا تتعلق بحقوق الإنسان، والقوى العاملة، وسعة النظام، بحاجة إلى اهتمام فوري. كما أنه ناقش اهتمامات جدية حول التوتر بين مهمات الشرطة العسكرية التي تتولى حراسة السجناء وفرق الاستخبارات التي تريد استجوابهم. إن التشريعات العسكرية تقيد نشاط الاستخبارات بالنسبة للتجمعات غير الفعالة. إلا أن هناك شيئاً خاطئاً يحدث في (أبو غريب).

لقد كان هناك دليل يعود إلى حرب أفغانستان، يقول تقرير ريدر، فقد عملت وحدات الجيش الخاصة مع عمال الاستخبارات لـ(وضع أفضل الظروف للمقابلات اللاحقة)، وهو تعبير مخفف عن كسر إرادة السجناء. (إن تصرفات كهذه عموماً تسير بشكل معاكس لعملية تسهيل المرافق في السجن، محاولة الإبقاء على شعبيتها في دولة متذمرة وسهلة الانقياد). لم يتم توجيه كتيبة الجنرال (كاربنسكي) بحيث تغير إجراءاتها لتوفير الظروف لاستجواب الاستخبارات العسكرية، ولا للمشاركة في هذه الاستجوابات، كما يقول تقرير ريدر، وقد دعا ريدر إلى تأسيس طريقة في العمل (بتجديد دور جنود الشرطة العسكرية وفصل عملهم بوضوح عن الحرس الذين ينتمون لموظفي الاستخبارات العسكرية). لقد تم إعلام الضباط الذين يريدون الحرب في العراق.

وقد أضعف ريدر تحذيره باستنتاجه أن الوضع لم يصل بعد إلى نقطة تأزم. رغم أن بعض الإجراءات كانت قد انتقص منها، كما يقول، فإنه وجد أن (لا توجد وحدات في الشرطة العسكرية تقوم عن عمد بتطبيق ممارسات حجز غير ملائمة). لقد كان تحقيق في أفض حالاته فشلاً وفي أسوأها إخفاء للتحقيق.

لقد كان تاجوبا مؤدباً في تقريره، ولكنه كان مباشراً في دحض رأي زميله. وقد كتب أنه (لسوء الحظ، فإن الكثير من المشاكل العائدة للنظام والتي ظهرت أثناء تقويم (ريدر) هي نفس القضايا التي تشكل موضوعاً لهذا التحقيق). في الحقيقة فإن الكثير من الإساءات التي عانى منها محتجزون حدثت أثناء أو في وقت قريب من وقت التقويم). ويتابع التقرير بأن (على العكس مما توصل إليه تقرير ريدر، فقد وجدت أن الموظفين التابعين لكتيبة 372 ومجموعة (ام.بي) وكتيبة (ام.بي 800)، كانوا قد وجهوا لتغيير الإجراءات لتلائم ظروف استجوابات الاستخبارات العسكرية). فقد قام كل من ضباط استخبارات الجيش، وعملاء الـ(سي.آي.أيه) والقوات الخاصة (بالطلب بشكل نشط من حراس (ام.بي) بترتيب ظروف جسدية وعقلية لمصلحة استجواب الشهود).

يدعم تاجوبا تأكيده بالاستشهاد بدليل مأخوذ من تصريحات تحت القسم أُدلي بها لمحققي قسم التحقيق الجنائي في الجيش. وقد شهدت المجندة (ساربينا هارمان)، وهي إحدى مجندي (ام.بي) المتهمين أن عملها كان الإبقاء على المسجونين مستيقظين، بما في ذلك أحد السجناء المغطيي الرأس والذي وضع في صندوق مع أسلاك مثبتة بأصابع يديه، وأصابع قدميه، وقضيبه. وقد قالت: (لقد أرادت الاستخبارات العسكرية حملهم على الكلام. وقد كان عمل كل من جرانر وفريدريك القيام بأمور للاستخبارات العسكرية لحمل هؤلاء الناس على الكلام).

شاهد آخر، (جافال دافيز)، وهو أحد المتهمين كذلك، وقد أخبر محققي قسم التحقيق الجنائي (لقد شاهدت سجناء في قسم الاستخبارات العسكرية.. وقد أجبروا على القيام بالعديد من الأشياء المثيرة للتسائل أخلاقياً.. وقد أخبرنا أن لديهم قواعد مختلفة). وقد كتب تاجوبا (وضح دافيز كذلك أنه سمع الاستخبارات العسكرية تلمح للحراس ليقوموا بإساءة معاملة السجناء. وعندما سئل عما قاله من الاستخبارات العسكرية قال (لينوا عريكة هذا الشخص لنا) (تأكدوا أنه سيمر بليلة سيئة) (احرصوا على أنه يحصل على الدواء) وقد قامت الاستخبارات العسكرية بهذه التلميحات لجرانر وفريدريك، كما قال دافيز (وفق فهمي فقد كان ضباط الاستخبارات العسكرية يقومون بتوجيه المديح.. في عبارات مثل: عمل جيد، إنهم ينهارون بسرعة حقيقية، إنهم يجيبون على جميع الأسئلة، إنهم يعطون معلومات جيدة).

عندما سئل لماذا لم يقم بإعلام قادته حول إساءة المعاملة، أجاب الجندي دافيز، لأنني افترضت أنهم كانوا يقومون بأشياء خارجة عن المعتاد أو مخالفة للتوجيهات، فلا بد أن يقول شخص ما شيئاً ما. كذلك فإن الجناح ـ حيث حدثت الإساءات ـ تعود للاستخبارات العسكرية وبدا أن موظفي الاستخبارات العسكرية يستحسنون استخدام الإساءة).

شاهد آخر هو المجند جاسون كنيل، وهو ليس متهماً بأفعال شائنة، وقد قال: (لقد رأيتهم عراة، ولكن في الاستخبارات العسكرية كانوا سيخبروننا بأخذ فرشهم، وشراشفهم وملابسهم) لقد كان رأيه، أنه إذا طلب منه في الاستخبارات العسكرية القيام بذلك (فإن عليهم إعطاءه ورقة عمل). أورد تاجوبا كذلك مقابلة مع عادل النخلة، وهو مترجم كان موظفاً لدى تيتان وهو من القوى المدنية. وقد تحدث عن ليلة عندما قامت مجموعة من الاستخبارات العسكرية بالمراقبة بينما كانت جماعة من السجناء العراقيين المقيدين يتعرضون لإساءة المعاملة من قبل جرانر وفريدريك.

احتفظ الجنرال تاجوبا بأشد كلماته لضباط الاستخبارات العسكرية والقوات الخاصة. فقد أوصى بأن يعنف الكولونيل توماس باباس، قائد إحدى الكتائب في الاستخبارات العسكرية، وأن يتلقى عقوبة غير قضائية، وأن يتم تسريح المقدم ستيفن جوردان، المدير السابق لمركز التحقيق والاستخبارات وأن يعنف. بل يحث كذلك على أن يتم طرد أحد أعضاء القوة المدنية، ستيفن ستيفانويز من عمله العسكري، وأن يتم تعنيفه وحرمانه من شهادته الأمنية لكذبه على فريق التحقيقات وللسماح أو الترتيب للشرطة العسكرية (الذين لم يتم تدريبهم على تقنيات التحقيق) بالقيام بتسهيل عملية التحقيق بتهيأة الظروف. والتي لم تكن مسموحاً بها ولا منسجمة مع تشريعات الجيش). إنه يعرف بوضوح أن تعليماته تعني إساءة تعامل جسدية كتب تاجوبا. وقد أوصى كذلك بعمل تأديبي ضد موظف آخر في الـ(سي.إيه.سي.آي) الدولية هو جون إسرائيل. وقد قالت ناطقة باسم الـ(سي.إيه.سي.آي) أن المجموعة (لم تتلق أي اتصال رسمي من الجيش فيما يتعلق بالقضية).

ويستنتج تاجوبا قائلاً: (إنني أشتبه في كون باباس، وجوردان، وستيفانويز، وإسرائيل كانوا مسؤولين إما بشكل مباشر أو غير مباشر عن الإساءة في التعامل في أبو غريب)، وأوصي بقوة بعمل تأديبي فوري.

لم تكن المشاكل داخل نظام سجن الجيش في العراق مخفية عن القادة الكبار في الجيش. خلال الأشهر السبعة التي تولت فيها كاربنسكي المسؤولية، لاحظ تاجوبا، كان هناك على الأقل عشرات من الحوادث التي قدم فيها تقارير والتي تتضمن هروباً، ومحاولات هرب، وقضايا أمنية أخرى قام الضباط في كتيبة الـ800 بالتحقيق فيها. وقد أدت بعض الحوادث إلى قتل أو جرح السجناء وأعضاء في الكتيبة ام.بي. ونتج عن ذلك سلسلة من (الدروس المتعلمة) في الكتيبة. وقد وافقت كاربنسكي باطراد على التقارير ووقعت الأوامر التي تدعو إلى التغيير في الإجراءات اليومية. ولكن تاجوبا وجد أنها لم تتابع، ولم تفعل شيئاً لتضمن أن الأوامر كانت قد نفذت. فلو أنها قامت بذلك (فلربما كان بالإمكان منع حدوث حالات إساءة المعاملة).

لقد وجد الجنرال تاجوبا كذلك أن (أبو غريب) كان مملوء فوق قدرته، وأن قوة حرس الـ(ام.بي) كانوا أقل من المطلوب في عددهم وكان لديهم عجز في الموارد بشكل لافت. وقد كتب إن عدم التوازن هذا ساهم في الظروف المعيشية الصعبة، والهرب، والانحطاط في المسؤولية. لقد كان هناك اختلافات كلية، كما يقول تاجوبا، بين العدد الفعلي للسجناء من جهة والعدد المسجل رسمياً. إن نقصاً في الحواجز الحقيقية كان يعني بالتأكيد أن العديد من العراقيين الأبرياء كانوا محتجزين بطريقة خاطئة، كما يبدو في بعض الحالات. لقد لاحظت دراسة تاجوبا أن أكثر من 60% من النزلاء المدنيين في (أبو غريب) لم يعتبر أنهم يشكلون خطراً على المجتمع، الأمر الذي كان ينبغي أن يكون سبباً في إطلاق سراحهم. إن دفاع كاربنسكي، كما يقول تاجوبا، كان بأن الضباط المشرفين عليها رفضوا بشكل روتيني توصياتها فيما يتعلق بإطلاق سراح سجناء كهؤلاء.

كتب تاجوبا: نادراً ما كانت كاربنسكي تُرى في السجون التي كان يفترض أنها تقوم بإدارتها. لقد وجد كذلك مجموعة واسعة النطاق من المشاكل الإدارية، بما في ذلك مشاكل اعتبرها (غير ذات سابقة في مهنتي العسكرية). لقد كان الجنود (معدين بطريقة سيئة وغير مدربين، قبل أن يتم نشرهم في موقع التعبئة، لدى وصولهم إلى مسرح العمليات، وخلال مهمتهم).

لقد قضى الجنرال تاجوبا أكثر من أربع ساعات وهو في مقابلة مع كاربنسكي، والتي وصفها بأنها كانت انفعالية إلى درجة كبيرة (ما وجدته مزعجاً بشكل خاص في شهادتها كان عدم استعدادها بشكل كامل لفهم أو تقبل أن الكثير من المشاكل الموروثة في كتيبة الـ800 كانت ناشئة عن أو متفاقمة بسبب القيادة السيئة ورفض قيادتها لإنشاء أو تعزيز معايير ومبادئ أساسية بين جنودها).

وقد أوصى تاجوبا أن يتم إعفاء كاربنسكي وسبعة من ضباط الشرطة العسكرية وقائمة من الرجال أن يتم إعفاءهم من القيادة وتعنيفهم بشكل رسمي. لم يتم اقتراح مقاضاة جنائية لكاربنسكي، ظاهرياً، فإن خسارة الترقية وإهانة اللوم العلني اعتبرتهما عقوبة كافية.

بعد أن ظهرت القصة على الـ(سي.بي.اس) الأسبوع الفائت، أعلن البنتاجون أن اللواء جيوفري ميلر، الرئيس الجديد لنظام السجن العراقي، قد وصل إلى بغداد وكان على رأسه عمله. لقد كان رئيساً لمركز اعتقال غوانتنامو. وقد تسلم الجنرال سانشيز كذلك التحقيق في الأعمال الممنوعة من قبل المحققين العسكريين والمدنيين.

بينما يتزايد الغضب الدولي، يصر ضباط عسكريون كبار، والرئيس بوش على أن تصرفات القلة لا تعكس إدارة الجيش بأكمله. ولكن تقرير تاجوبا بمثابة دراسة وافرة لمجموعة الأفعال الممنوعة ولفشل قيادة الجيش على أعلى مستوايتها. إن الصورة التي رسمها لـ(أبو غريب) هي صورة تنتهك فيها التشريعات العسكرية مواثيق جنيف بشكل كبير، وهي صورة يترك فيها أمر إدارة أمور السجناء اليومية لوحدات الاستخبارات العسكرية وموظفي القوات المدنية. وحيث استجواب السجناء والحصول على المعلومات، وإن كان ذلك عن طريق التهديد والتعذيب، له الأولوية.

إن إساءة المعاملة في (أبو غريب) ربما كان ذا أثر ضئيل في زيادة المعلومات الاستخباراتية الأمريكية، رغم ذلك، فقد أخبرني ويلي.جي رويل، والذي عمل لستة وثلاثين سنة كعميل في قسم التحقيقات الجنائية، أن استخدام القوة أو إذلال السجناء كان دائماً عديم الفائدة (سيخبرونك بما تريد سماعه، صحيحاً كان أو غير صحيح) قال رويل. (بإمكانك أن تجلدني حتى أخبرك بما أعرف وما تريد مني قوله) بالتالي لا تحصل على معلومات صحيحة.

وفقاً لميثاق جنيف الرابع، فإن القوة المحتلة بإمكانها أن تقوم بسجن المدنيين الذين يشكلون تهديداً أمنياً خاصاً، ولكن لا يتوجب عليها وضع إجراءات شرعية تكفل أن المدنيين الذين يشكلون تهديداً أمنياً حقيقياً هم فقط الذين سيستمر بقاؤهم في السجن. لدى السجناء الحق في استئناف أي قرار اعتقال وأن يتم النظر في طلباتهم. لقد اشتكت منظمة مراقبة حقوق الإنسان لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد من أن المدنيين في العراق مازالوا محتجزين شهراً بعد شهر دون توجيه اتهامات إليهم. لقد أصبح (أبو غريب) في الواقع غوانتنامو آخر.

كما أظهرت الصور في (أبو غريب) فإن هذه الاعتقالات كانت ذات نتائج كبيرة: بالنسبة للسجناء العراقيين المدنيين، والذين لا علاقة للكثير منهم بالتمرد المتزايد، وبالنسبة لنزاهة الجيش، وبالنسبة لسمعة الولايات المتحدة في العالم.

لقد أنهى الكابتن روبرت شك، محامي فريدريك العسكري، أنهى دفاعه الشهر الفائت بقوله أن الجيش كان (يحاول جعل هؤلاء الستة يكفرون عن ذنوب الجيش كله). على نحو مشابه أخبرني جاري مايرز، محامي فريدريك المدني، أنه كان سيجادل في المحكمة العسكرية بأن (استحقاق العقاب في هذه القضية يمتد إلى ما هو أبعد بكثير من موكله وحده).  سأجر كل ضابط استخبارات متورط وكل عضو متورط في القوة المدنية أستطيع إيفاده إلى المحكمة.) كما قال. هل تعتقد حقاً أن الجيش أعفى ضابطاً برتبة جنرال بسبب ستة جنود؟! مستحيل.السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |
ـ