يوم
السبت /26/ ذي الحجة
استُحضر
الحاخام موسى أبو العافية وسئل:
س
ـ عند من دم الأب توما الذي وضع في
الزجاجة ؟
ج
ـ الدم بقي عند داود هراري.
س
ـ هل نظرته بعينك ؟
ج
ـ نعم نظرته بعيني.
س
ـ هل هارون هراري عنده علم بذلك ؟
ج
ـ نعم إنه يعرف ذلك بالطبع، لأن الدم
عند هارون هراري.
س
ـ سئل هارون هراري بخصوص هذا الدم،
فقال:
ج
ـ موسى أبو العافية أخذ الدم عنده.
س
ـ أخذه في أي شيء.
ج
ـ في زجاجة بيضاء.
س
ـ هل كان موسى سلونكلي معكم ؟
ج
ـ نعم كان معنا وكنا سبعة.
س
ـ قل لنا عن أسمائهم ؟
ج
ـ الأسماء هي التي ذكرتها سابقاً.
سئل
موسى أبي العافية عما يختص بموسى
سلونكلي، فقال:
ج
ـ نعم كان معنا وكنا سبعة.
سؤال
ـ إلى هارون هراري ـ ما الذي تم في
الدم ؟
ج
ـ اتفقنا نحن السبعة على أن موسى أبا
العافية يأخذه وقد سلمه إليه بالفعل
موسى سلونكلي.
سؤال
ـ إلى داود هراري ـ أين دم الأب ؟
ج
ـ أخذه موسى سلونكلي وسلمه إلى موسى
أبي العافية بحضورنا، وكان داخل
زجاجة بيضاء يمكن وضع أربع أُقات
فيها[1].
سؤال
ـ إلى هارون هراري ـ كان الدم في أي
شيء قبل وضعه في الزجاجة ؟
كان
في طشت.
(داود
هراري صادق على ذلك)
سؤال
إلى داود هراري ـ في أي محل سلمته
الدم ؟
ج
ـ في المربع الخراب.
س
ـ لماذا لم تحفظ الدم عندك في البيت ؟
ج
ـ لأن العادة توجب وجود
الدم عند الحاخام.
سؤال
إلى داود هراري ـ هل موسى سلونكلي
كان موجوداً وقت القتل.
ج
ـ نعم كنا جميعاً حاضرين وقت ذبح
الأب توما.
سؤال
إلى موسى أبي العافية ـ موسى سلونكلي
كان معكم ؟
ج
ـ نعم كان معنا.
سئل
موسى سلونكلي عن الدم فقال:
ج
ـ أنا لا أعلم شيئاً بخصوص ذلك، ولا
سمعت عنه.
سؤال
إلى إسحاق هراري ـ أين زجاجة الدم ؟
ج
ـ عند الحاخام موسى أبي العافية.
س
ـ لأي سبب ينكر اخوتك هذا الأمر ؟
ج
ـ ينكرون ذلك مخافة من الضرب أو
القتل.
س
ـ ألستم أنتم السبعة الذين قتلتم
الأب توما ؟
ج
ـ نعم قتلناه سوية.
س
ـ مثبوت أن القتل حصل بدون شك، لكن قل
لنا أين الدم ؟
ج
ـ عند موسى أبي العافية
والذي سلمه إليه موسى سلونكلي
داخل زجاجة.
سؤال
إلى داود هراري ـ لماذا قتلتموه ؟
ج
ـ لأخذ دمه، وكنا في اضطرار
لهذا الدم إتماماً لفروض طقس
ديانتنا.
(أجاب
إسحاق بمثل هذه الإجابة أيضاً)
سؤال
إلى هارون هراري ـ لماذا، عوضاً عن
إرسالكم الدم إلى الحاخام لم تحفظوه
في منزل أخيك داود، خصوصاً وأن القتل
حصل هناك ؟
ج
ـ صار تسليم الدم إلى الحاخام موسى
أبي العافية بواسطة موسى سلونكلي، لأن
العادة عندنا أن يصير حفظ الدم عند
الحاخامات !!
يوم
الاثنين /28/ ذي الحجة
سؤال
إلى الحاخام موسى أبي العافية ـ قال
إسحاق وهارون هراري إن الذي أعطاك
الدم هو موسى سلونكلي فما قولك.
ج
ـ الحاخام يعقوب العنتابي كان اتفق
مع عائلة هراري وغيرهم لأجل الحصول
على قناني دم بشري له وكان الهراريون
وعدوه بأنهم يأخذون له ذلك الدم ولو
كلفهم مائة كيس. ثم مررت بعد ذلك على
منزل داود هراري، فأخبرت أنهم
استحضروا شخصاً لقتله وأخذ دمه،
وقالوا لي خذ هذا الدم وسلمه إلى
الحاخام يعقوب العنتابي، لأنك
أعقلنا. فأجبتهم: كلفوا موسى سلونكلي
بهذه المأمورية، فأبوا وسلموه
لي لأني الأعقل. وحصل الذبح حقيقة
عند داود هراري.
س
ـ لماذا ينفع الدم، وهل يوضع في
الفطير، وهل يعطى لكل الشعب ؟
ج
ـ ينفع الدم لوضعه في
الفطير الذي لا يعطى عادة إلا
للأتقياء من اليهود !!
وكان يرسل بعض
اليهود دقيقاً إلى الحاخام يعقوب
العنتابي، وهو يعجنه بنفسه، ويضع
فيه الدم سراّ بدون أن يعلم أحد
بالأمر، ثم يرسل من الفطير لكل الذين
كانوا يرسلون الدقيق
!!
س
ـ هل سألت الحاخام يعقوب العنتابي
عما إذا كان يرسل من هذا الدم إلى
الحاخامات، أو يبقيه لأهل الشام فقط
؟
ج
ـ قال لي الحاخام يعقوب العنتابي أنه
ملزوم أن
يرسل من هذا الدم إلى بغداد.
س
ـ هل جاء كتابات من بغداد بطلب ذلك
الفطير ؟
ج
ـ الحاخام يعقوب قال لي بأنه حضر لي
كتابات بذلك.
س
ـ أحقيق بأنكم قطعتم الأب توما إرباً
إرباً ؟
ج
ـ أنا أخذت الزجاجة وخرجت ولم أعلم
أن قصدهم يقطعونه، بل كان قصدهم أن
يدفنوه. وقال لي داود هراري أنه يوجد
مخبأ تحت سلالم منزله، وأنه يمكن أن
يدفنوه هناك، وأظن أنهم كسروا
العظام وألقوها في المصرف لما وجدوا
أن خبر القتل انتشر.
س
ـ أحقيق بأن سليمان الحلاق كان
قابضاً على الأب توما عند ذبحه ؟
ج
ـ إنني نظرتهم كلهم حول الأب توما.
وعندما صار ذبحه كانوا مسرورين
لأنهم كانوا يتممون فرضاً دينياً !!
س
ـ لما سلمت الزجاجة إلى الحاخام
يعقوب هل كان معه أحد نظرك لما
سلمتها إليه ؟
ج
ـ لم يعلم بحصول ذلك إلا شركائي في
الجريمة، لأني أخذت الزجاجة ليلاً،
وسلمتها إليه حالما كان في المكتبة
تعلقه. ثم ذهبت إلى منزلي.
س
ـ هل كان القصد قتل راهب مخصوص، أو
قتل أي مسيحي كان ؟
ج
ـ كانوا قاصدين أخذ
دم أي مسيحي كان، ولكنهم قد انتخبوا
الأب توما لأنه هو الذي وقع بين
أيديهم بالصدفة. وقبل أن يذبحوه قلت
لهم: اتركوه يذهب لأنه يصير التفتيش
عليه. فما سمعوا قولي وذبحوه.
س
ـ هل تعلم من ذبح خادمه ؟
ج
ـ أنا لا أعرف سوى ما يختص بمسألة
الأب توما.
س
ـ أقتل الأب وخادمه في منزل داود
هراري ؟
ج
ـ نعم، ولكنهم ذبحوا القسيس أولاً،
ووجدت شخصاً آخر غيره مربوطاً في
أوضة أخرى، وأظن أنه هو الخادم.
س
ـ هل يمكنك تعيين محل وجود جثة
الخادم حتى يمكن تصديق أقوالك ؟
ج
ـ مسألة إخفاء الجثث كلف بها الخادم
أما أنا فلا أعرف شيئاً بخصوصها.
س
ـ لأي سبب قلت أمس أن الدم عندك في
أحد الدواليب. ولما ذهبنا عندك ولم
نجده قلت أنك سلمته إلى الحاخام
يعقوب العنتابي ؟
ج
ـ لم أقل الحقيقة أمس لأني كننت
خائفاً من اليهود، وقصدي من توجهي
معكم في الحارة هو لأجل أن أريهم
حالة انحطاطي وذلي، حتى يعذروني إذا
اعترفت بالحقيقة في هذه المسألة
المختصة بالدين !! على أني ما كنت
أقدر أن اعترف بشيء في أول الأمر،
لأن الاعتراف في مثل هذه الأحوال
خطيئة عظيمة إن لم يحصل بها العذاب
الأليم.
ـ
ثم أنكر إسحاق هراري ما كان اعترف به
أولاً. فسئل لأي سبب حصل منه ذلك
الإنكار، فأجاب بأن أقواله الأولى
هي الحقيقة، وأنه أنكر فقط من خوفه.
ثم زاد بأنه يعرف أن الدم استلمه
موسى أبو العافية من موسى سلونكلي.
ـ
سئل هارون هراري عن دم الأب توما
فقال:
ج
ـ الدم عند موسى أبي العافية. وأما دم
الخادم فلا أعلم محل وجوده.
ـ
سئل داود هراري السؤال نفسه، فقال:
ج
ـ إن الحاخام يعقوب العنتابي قال لنا
نحن السبعة في الكنيس: يلزمنا دم
بشري لأجل عيد الفطر. ولذلك يلزم أن
نستدعي الأب توما بأي طريقة ونقتله
ونأخذ دمه، لأنه يوجد في الحارة في
أغلب الأحيان. واستحضرنا بعد ذلك
بأيام قليلة الأب توما بعدما
أوهمناه أن حضوره لأجل عملية الجدري.
ولما حضر عندي بعد المغرب قتلناه.
وموسى سلونكلي أخذ الدم، وسلمه إلى
موسى أبي العافية. وهذا الأخير أعطاه
إلى يعقوب العنتابي.
س
ـ من نزع عنه ملابسه ؟
ج
ـ نحن الجميع.
س
ـ وخادمه ؟
ج
ـ خادمه لم يكن معه.
(هنا
قال داود هراري أن مشروع قتل الأب
توما تقرر في كنيس الفرنج بمعرفة
الحاخام يعقوب العنتابي قبل الواقعة
بأربعة أو خمسة أيام، وأنه كان يطلب
سابقاً دماً بشرياً لاستعماله في
الفطير، فذبحوا القسيس لهذا الغرض،
وأرسلوا دمه إليه مع موسى أبي
العافية).
يوم
الثلاثاء /7/ محرم سنة /1256هـ/
طلب الحاخام أبو
العافية أن يعتنق الديانة الإسلامية. وبعد قبوله تسمى
باسم محمد
أفندي.
ورفع حينئذ تقريره خطاً إلى شريف
باشا بالكيفية الآتية
أتشرف بأن أبدي
لسعادتكم تفصيل واقعة قتل الأب توما.
وحيث أني الآن أمنت على حياتي بمعونة
الله والنبي محمد صلى الله عليه
وسلم، فأنني ملزم بأن أقر بالحقيقة؛ إن الحاخام
يعقوب العنتابي قال لي قبل الواقعة
بعشرة أيام، أو خمسة عشر يوماً بأنه
محتاج لدم بشري لإتمام ما تأمر به
الديانة، وأنه تكلم مع عائلة هراري
بخصوص ذلك. فاتفقوا بأن يكون القتل
عندهم، وأن حضوري هناك أمر لازم.
فأجبته بأن نظر الدم يرعبني. فقال لي
حضورك أنت وموسى سلونكلي، ويوسف
لينيوده ضروري، ولو أنكم تقعدون في
الخارج. فوعدته أني سأذهب لتصوري أن
عائلة هراري لا يوافقون على هذا
الأمر.
وفي
يوم الأربعاء أول آذار(مارس) عند
اليهود كنت خارجاً من منزلي للتوجه
إلى الكنيس فقابلت في الطريق داود
هراري فقال لي: احضر لأني محتاج
إليك، فأجبته بأني ذاهب للصلاة
أولاً، وأني سأحضر بعد ذلك عنده.
فقال لي تعال معي لأقص عليك مسألة ثم
أخبرني بأن الأب توما عنده، وأنهم
سيقتلونه عندما يرخي الليل سدوله.
فسألته: هل الحاخام أمر بقتل هذا
الرجل، أو أنه قال فقط أنه محتاج لدم
بشري لإتمام ما تأمر به الديانة؟
فأجابني بأن هذا الرجل هو الذي أوقعه
القدر بين أيديهم، وطمنني أني لا
أخاف، لأنهم كلهم سيكونون حاضرين.
فذهبت
معه ووجدتهم جالسين في المربع
المفروش، ووجدت الأب توما مشدود
الوثاق، ونقلوه في أوضة أخرى غير
مفروشة بين المغرب والعشاء، وذبحه
داود وأجهز عليه هارون. ثم استنزف
الدم في طشت من نحاس، ووضع في زجاجة
بيضاء، أخذتها فأوصلتها إلى الحاخام
يعقوب العنتابي الذي كان ينتظرني في
منزله في الحوش الخارج. ولما نظرني
توجه نحو المكتبة فأعطيته الزجاجة،
فوضعها خلف الكتب، وتركته وذهبت إلى
منزلي.
أما
الجثة والأشياء تعلق الأب توما فلا
أعلم ما تم فيها، لأني لما خرجت من
عندهم ما كانوا فعلوا بها شيئاً.
ولما تقابلت بعد ذلك مع داود هراري
وإخوته، وأخبرتهم بأننا ارتكبنا
الشطط بقتلنا هذا الرجل لأنهم
سيبحثون عليه، ويتسبب لنا ضرر من
ذلك، أجابوني أنه لا يمكن اكتشاف شيء
مما حصل، لأن الملابس أحرقت،
والبقايا سترمى في المصرف بمعرفة
الحاخام حتى لا يبقى منها أثر يذكر.
وزاد
هارون أنه عنده مخبأ يمكنه أن يضع
فيه جسم القتيل مؤقتاً لحين رميه في
المصرف رويداً رويداً، وعلى ذلك
يلزمني أن أتشجع ولا أخاف !!
أما
ما يختص بالخادم فأني أشهد الله أني
لا أعلم شيئاً بخصوصه، غير أني نظرت
ثاني يوم (الذي هو يوم الخميس) داود،
وإسحاق، ويوسف هراري، واقفين قبل
الظهر أمام خمارة صغيرة، وسمعت
إسحاق يسأل داود كيف تمت المسألة ؟
فأجاب لا تفكر في ذلك لأنها قد تمت
على أحسن حال، وقد
قتلنا الآخر أيضاً.
ثم استمر الحديث بينهم بصوت منخفض
فتركتهم وذهبت لقضاء أشغالي على
أني، كما قلت لسعادتكم سابقاً، ما
كنت متعوداً على الاختلاط مع أشراف
القوم، وعائلة هراري هي من هذه
الطبقة، ولهم ليالي سرور وحفلات لم
أحضرها.
أما
منفعة الدم عند اليهود فأنه يستعمل
لوضعه في الفطير، كما أخبرت سعادتكم
شفاهياً (وكم
من المرار ضبطتهم الحكومات يرتكبون
هذه الأفعال !!)
ومما
يثبت حقيقة ذلك عبارة مرصودة في أحد
كتبهم المسمى (سادات ارارهوت) فهذه
العبارة يؤخذ منها صريحاً أن اليهود
يرتكبون أفعالاً مثل التي ذكرتها.
ولو أن المؤلف يدفع فيه لليهود
التهمة بقوله: إن هذا الأمر من جملة
الأكاذيب المنسوبة لليهود باطلاً.
هذا ما أعلمه
بخصوص الأب توما وما تم نحوه وعبدكم
الآن يصلي لله ونبيه سيدنا محمد،
ويرجو العفو عنه
.
الإمضاء
محمد أفندي (أبو
العافية)
يتبع
ذلك إقرار من المعلم روفائيل فارحي
يشهد فيه: أن محمد أفندي الذي أسلم
قرر أن الخط المحرر به اعترافه هو
خطه، وللمعلومية وضع روفائيل
المذكور إمضاءه وختمه.
(يتبع)...