مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الثلاثاء 04 / 03 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى

     متابعة سياسية رقم 689

       11 / 12 / 2002

تعزيز الديمقراطية في العالم الإسلامي

تقييم آخر عرض لسياسة الولايات المتحدة

روبرت ساتلوف: مدير التخطيط السياسي والاستراتيجي في معهد واشنطن.

في خطاب عميق وموزون في 4 / كانون أول / 2002، أعلن مدير دائرة التخطيط السياسي ريتشارد هاس سياسة جديدة لحكومة بوش في بناء ديموقراطية أكبر في (العالم الإسلامي). رغم أنها محاطة بعدة من أشد القضايا السياسية صعوبة (على سبيل المثال، أين وكيف يتم تعزيز الديموقراطية في أراض غير مضيافة مثل السعودية العربية)، بالرغم من ذلك، فإن الخطاب الهام قد شق أرضاً سياسية جديدة، وكان مرحباً خصوصاً بالمزيج الصحي للواقعية والمثالية، مع مناظرات لمتابعة (الدمقرطة) في البلدان الإسلامية مختمرة بالتسليم بأننا يجب فوق كل شيء أن نطيع قسم أبوقراط وأن لا نتسبب بأي ضرر أولاً.

    إطار موجز:

قدم هاس الحجج التالية:

ـ تدعم الولايات المتحدة الديموقراطية في الخارج لأسباب إيديولوجية وعملية.

ـ عالمياً، لقد سجلت الدمقرطة نجاحاً ملحوظاً في العقود الأخيرة، بما في ذلك (تطورات واعدة) في العالم الإسلامي.

ـ رغم هذا التقدم، فإن هناك (عجزاً في الحرية) في أجزاء كثيرة من العالمين العربي والإسلامي، وبخاصة العربي.

ـ رغم أن هذه المشكلة هي نتاج صنع المسلمين الذاتي، فإن من الممكن أن تتم تخطئة واشنطن لا التوقف وعدم إكمال سياسات الدمقرطة تجاه معظم البلدان الإسلامية.

ـ هذه الاستثنائية: فكرة أن الولايات المتحدة تستطيع إجراء استثناء للدول الإسلامية، ولا تواصل عملية الدمقرطة هناك بقوة، ليست لمصلحة الولايات المتحدة، وسيتم استبدالها بالتزام لتصبح (أكثر مشاركة فعلية في دعم الاتجاهات الديمقراطية في العالم الإسلامي من أي وقت مضى.)

ـ ستقوي الولايات المتحدة دعمها لعملية الدمقرطة بحذر. فرغم أن واشنطن تسلم بأن (الاستقرار المتمركز على السلطة وحدها هو استقرار زائف ويستحيل أن يصمد في النهاية) إلا أن هذه ملاحظة ستقرأ بالتأكيد باستغراب في الرياض الملكية والقاهرة الفرعونية. إن حلفاء الولايات المتحدة هؤلاء يشتد عزمهم لسماع أن واشنطن لن تواصل عملية الدمقرطة بحماسة مطلقة العنان لأن (أوتاد الآخرين أكبر من أوتادنا نحن.) (يقصد أن قوة الإسلاميين ديمقراطياً أكبر من قوة الأنظمة)

ـ ستوجه مساعي الولايات المتحدة للدمقرطة في البلدان الإسلامية وفق ثمانية دروس تم تعلمها من الخبرة الدولية:

1ـ هناك نماذج عديدة للديمقراطية.

2ـ الانتخابات لا تصنع ديمقراطية. (!!)

3ـ الديمقراطية تحتاج إلى وقت.

4ـ تعتمد الديمقراطية على جمهور مطلع ومتعلم.

5ـ وسائل الإعلام المستقلة والمسؤولة ضرورية.

6ـ النساء ضروريات للديمقراطية.

7ـ الإصلاح السياسي والاقتصادي ينبغي أن يتم تعزيزهما بشكل مشترك.

8ـ في حين أنه يمكن تشجيعها من الخارج، فمن الأفضل أن يتم بناء الديمقراطية من الداخل.

إن عملية الدمقرطة هي عملية طويلة الأمد، لا تتحاشى الحاجة لمواجهة مواضيع ملحة مثل الصراع العربي الإسرائيلي، والعراق، وأفغانستان، وكشمير. (هنا يثير هاس ـ دون قصد ـ سؤالاً هاماً: بالرغم من أنه مقبول عموماً القول: بأن مصر لو كانت (ديمقراطية)، والأردن لو كان (ديمقراطياً) ما كانا ليصنعا السلام مع إسرائيل على النحو الذي تم إنجازه، تحت قيادة الحكام السلطويين، وهل يستطيع المرء أن يجادل بنفس الحجة بالنسبة لفلسطين تحت قيادة ياسر عرفات؛ وفقاً لخطاب الحديقة الوردية للرئيس جورج . دبليو. بوش في 24 / حزيران / 2002، إن الإجابة هي لا.)

تجديدات رئيسية:

حتى عندما قدم هاس الحجة الفكرية للدمقرطة كأولوية سياسية، فإن العنصر الأكثر أهمية لخطابه كان دفاعاً جارفاً عن أخطاء (الحكومات الأمريكية المتعاقبة، الجمهورية والديمقراطية على حد سواء) للفشل في مساعدة رعاية مسارات تدريجية للدمقرطة في كثير من علاقاتنا الهامة. ورغم أن هذه الحجة ليست مكافئة تماماً للـ (ميا كولبا) التي قدمتها وزيرة الخارجية في ذلك الوقت مادلين اولبرايت لمساعي الولايات المتحدة لهندسة انقلاب في إيران منذ نصف قرن مضى، إن اعتذار هاس عن أسلوب الإغفال الذي استمر لعقود كان منعشاً، بل مثالاً متألقاً حتى عن ارتفاع التأثير لصنع السياسة المرتكز على القيم على السياسة الواقعية. ورغم أن عدة أهداف أخرى قيمة سيستمر في متابعتها (على سبيل المثال، سلام الشرق الأوسط، نزع السلاح في العراق)، لقد ألمح هاس إلى أن عملة الدمقرطة لن تكون بعد الآن ابن العم الفقير، ولن تكون أول ما يتخلى عنه عندما يحدث تعارض بينها وبين الأهداف الأخرى. بدقة فإن الكيفية التي سيتم عن طريقها تحديد الأولوية بين الأهداف المتنافسة ماتزال غير واضحة.

التجديد الثاني في خطاب هاس كان قبوله الماهر بالتحليلات المترافقة من كل من بيت الحرية، وتقارير التطور الإنساني العربي، واللذين يرسمان مع بعضهما صورة متجهمة للسياسة في العالمين الإسلامي، وعلى نحو أخص العربي. وقد كان مميزاً بشكل خاص وصفه لحكومة بوش بقوة إلى جانب هؤلاء الذين يجادلون بأن حرية سياسية، وليس تحريراً اقتصادياً فقط، أمر ضروري لمعالجة مشاكل العالم العربي الخطيرة. هذا، إن تضمن ذلك توبيخ قوي، للدول الشرق آسيوية إضافة إلى النموذج التونسي واللاتي توصف بأنها ذات اقتصاد مفتوح ولكن بسياسات قمعية.

ثالثاً، قدم هاس مساعدة مفيدة في تهدئته للحماسة من أجل الدمقرطة بدروس من الماضي، والتي تؤكد بمجموعها على الحاجة إلى تقوية لبنات الديمقراطية (على سبيل المثال: التعليم، الإعلام الحر، حقوق النساء) وتلقي الضوء على أهمية التقدم خطوة خطوة على طول مسار الديمقراطية المليء بالمطبات. هنا، بالإضافة إلى الاستشهاد بالقسم الأبقراطي، كان بإمكان هاس أن يستشهد بشكل مفيد بقول تشرشل (العجلة الأكبر دائماً تؤدي إلى السرعة الأشد سوءاً).

أسئلة لم يجب عليها:

رغم العناصر الجديدة التي عالجها هاس في خطابه، تبقى عدة قضايا هامة مطوية أو حتى لم تلمس:

ـ تعزيز الديمقراطية في الأراضي غير المرحب بها.

لم يقدم هاس وصفاً لكيفية متابعة الدمقرطة في البلدان ذات الحكومات غير المتحمسة للفكرة. ورغم أنه تحدث عن (الجَزَر) مثل المصادر الجديدة التي يتوقع أن يقوم وزير الخارجية كولن باول بإماطة اللثام عنها غداً في سياق برنامج شراكة الشرق الأوسط في الإصلاح السياسي والاقتصادي والتعليمي.

لم يقل هاس شيئاً حول تخصيص (العصي) مثل حجز البيت الأبيض المفترض للمساعدة الإضافية لمصر، وتعليقه على حل قضية سعد الدين إبراهيم.

العلاقات مع الأحزاب الإسلاموية:

في هذه القضية، قال هاس: (حتى لا يكون هناك سوء فهم، فإن الولايات المتحدة لا تعارض الأحزاب الإسلامية، كما أننا لا نعارض الأحزاب المسيحية واليهودية أو الهندوسية في البلدان الديمقراطية ذات التأسيسات العريضة.) إن ما تتضمنه العبارة الأخيرة (في البلدان الديمقراطية ذات التأسيسات العريضة) وهو تعريف يستثني تقريباً كل دول العالم الإسلامي، ويفرض سؤال الولايات المتحدة تجاه الأحزاب الإسلاموية. على سبيل المثال: إذا قرر حزب الله التخلي عن عمل الإرهاب وألزم نفسه بالأسلحة السلمية (رغم أنها كاملة) للبنان، فهل يستحق عندها اعتراف الولايات المتحدة ؟ على نحو مشابه، إذا أجلت (حماس) كل نشاطاتها الإرهابية وألزمت نفسها باستئصال إسرائيل فقط بالوسائل السلمية، فهل تستحق عندها اعتراف الولايات المتحدة ؟ رغم أن هذه الأسئلة هي أسئلة افتراضية، ولكنها هامة (ولم تتم الإجابة عليها).

ـ مشكلة الدمقرطة المعادية للديمقراطية.

(سيعتنق المسلمون العادات الديمقراطية ويختارون الديمقراطية.) ما يؤسف له، أن هذا ليس صحيحاً دائماً. فرفض منح النساء حق الاقتراع في الكويت ورفض تشديد العقوبات في (قتل الشرف) في الأردن، هما مثالان تقريبيان لبرلمانات منتخبة ديمقراطياً ترفض العادات الديمقراطية. فماذا ينبغي على الولايات المتحدة أن تفعل عندما تواجه بمثل هذه الأحجية والتي ينبغي أن نلاحظ أنها ليست مقصورة على البلاد الإسلامية ؟ عن هذا صمت هاس.

ـ مشاكل إصلاحية:

في أحد المجالات، استمر في تقليد ليس مرحباً به، ولكن يمكن التنبؤ به عن صانعي السياسة بتقديمهم تعريفات حساسة، وبخلطهم لمصطلحات غالباً ما تكون ذات معاني مختلفة تماماً. على سبيل المثال: فقد استخدم (تعبير إسلاموي) (وهو مصطلح يدل على مؤيد لمعاداة الغرب بقسوة، ومؤيد لمعاداة الإيديولوجية الأمريكية حول الإسلاموية) و(المسلم) وهو المؤمن بالدين الإسلامي استخدمهما على أنهما مترادفان.

الإشكال في مصطلح (العالم الإسلامي) قد يكون له وجه في مجلس أكاديمي، ولكن ليس في عالم السياسة. في عالم الدول والأمم، أن يقوم صانع سياسة كبير باستخدام هذا المصطلح أمر فيه رشوة غير معتمدة للإسلامويين، الذي يفضلون إحياء عهد النزاع بين المسيحية والخلافة.

خلاصـة:

بشكل عام، كان خطاب هاس مرحباً به، وكان مساهمة مفيدة لقضية لن تزداد إلا أهمية. وكما في دعوة الرئيس بوش في خطابه في 24 / حزيران /  2002

لـ (قيادة فلسطينية جديدة)، فإن الامتحان الحقيقي لأي خطاب سياسي يظهر عند تطبيقه.

في آذار / 1991، حدد الرئيس جورج  بوش (الأب) استراتيجية طموحة لما بعد الحرب، والتي ستشكل إجراءات حول السيطرة على الأسلحة، وحول الظلم الاقتصادي في الشرق الأوسط؛ في النهاية فإن كلاً من حكومته وحكومة خلفه ستعمل فقط في صنع السلام العربي ـ الإسرائيلي، وفي بناء حلفاء جدد في الخليج.

وإذا استعدنا الأحداث، فقد تم تبديد أموال هامة لأولويات خاطئة. من المحتمل أن تكون هناك لحظة مشابهة لاتخاذ قرار في أعقاب حرب أخرى مع العراق، إذا التزمت الحكومة الحالية، كما يقول هاس، بمساعدة البلدان لأن تصبح أكثر استقراراً وأكثر تكيفاً مع ضغوطات العالم المعولم، (فينبغي من ثم أن تشتمل سياسة ما بعد الحرب لا على تعزيز الديمقراطية للفلسطينيين والعراقيين وحسب، ولكن على بنود أخرى أيضاً مثل مواجهة مصر بقوة لوضعها حواجز حكومية أمام مجتمعها المدني، والتكلم بصوت عال ضد قيود تونس الخانقة على حرية الكلام والمعارضة، وفتح البيئة التعليمية ووسائل الإعلام في السعودية العربية، وبالنظر مرة أخرى إلى أجندة 1991، فإن التركيز بشكل منفرد على عملية السلام والعلاقات الأمنية الجديدة في الخليج سيبعد مرة أخرى التغيير السياسي الإقليمي إلى اللاوعي السياسي).السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ