مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الجمعة 31 / 01 / 2003م

ـــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

متابعات

الإدارة الأمريكية ـ إسرائيل

بين الحربين

لم تكن العلاقة بين بوش الأب وشامير خلال حرب الخليج الثانية التي قادت تحالفها الولايات المتحدة على المستوى اللائق بحليفين متضامنين، ومع ذلك فقد نجح الحليفان في توظيف الحرب لمصلحتهما، من خلال تنسيق واجف وبعيد المدى. إلا أن الملاحظ أن هذه العلاقة قد تطورت كثيراً في عهد بوش الابن، واحتل شارون بحق مكانة الآمر المدلل ولا سيما بعد أحداث 11/9/2001 فمنذ ذلك التاريخ كثرت ترددات شارون على البيت الأبيض وانغمست الإدارة الأمريكية كلياً في كسب رضاه، وتغاضت عن كل جرائمه، وسارت معه في الاتجاه الذي يريد.

بين يدي الحرب الجديدة التي يعد لها لتدمير العراق تدخل العلاقة الأمريكية الصهيونية شهر عسل حقيقي ولكن يبقى دائماً في عالم السياسة ما يقال. في التقرير التالي المنتزع من تقرير دايفيد ماكوفسكي عن طبيعة العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة في أجواء الحربين نتقدم بالتحليل التالي:

في 16 تشرين أول، استضاف الرئيس جورج.دبليو.بوش رئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون. ورغم أن الاثنين قد تقابلا مراراً خلال مدة السنة والنصف منذ أن استلما الرئاسة، فقد كانت هذه الجلسة مختلفة عن اللقاءات السابقة. بغير شك فقد ناقشوا الوضع مع الفلسطينيين، وقد كان هذا اللقاء أيضاً هو اللقاء الأول بعد خطاب بوش في 24 /حزيران/2002 الذي دعا فيه إلى قيادة فلسطينية جديدة قادرة على إنشاء فلسطين آمنة وديمقراطية إلى جوار إسرائيل ربما بحلول 2005. والذي كان بحد ذاته مطلباً شارونياً أساسياً لتجاوز سلطة الرئيس عرفات.

كما تركز حوار البيت الأبيض (بوش ـ شارون) على التأثير الذي سيحدثه هجوم الولايات المتحدة على العراق، على العلاقة الأمريكية الإسرائيلية.

حتى الآن فضلت الولايات المتحدة تجنب إجراء نقاشات جديدة مع إسرائيل في هذا الموضوع، خوفاً من أن يتم تفسير نقاشات كهذه على أنها دليل على أن الخطط العسكرية الأمريكية هي أكثر تقدماً مما هي عليه في الواقع. في أعقاب القرارات الكونغرسية في الشهر العاشر 2002، يبدو أن كلا البلدين قد أدركا أن الوقت قد حان لبدء تغطية نقاش عالي المستوى على الأقل للسيناريوهات التي قد تنتج من شن هجوم على العراق. رغم الميل الشديد لتفويض القضايا الصعبة للمستوى البيروقراطي فإن من الضروري تماماً أن يعمل القادة السياسيون على وضع أسس ترشد الجنرالات البيروقراطيين، وإلا فإن هؤلاء سيقتتلون ويتشاجرون فيما بينهم.

إن المسألة الأولى التي تم دراستها هي عمليات الثأر الإسرائيلية المحتملة في مواجهة هجوم عراقي عنيف، إلى جانب عدة قضايا أخرى تمت دراستها كذلك. بينما يتشاور الطرفان حول إمكانية هجوم مستقبلي ضد العراق، فسيفعلان حسناً بالاعتبار بحرب الخليج الأخيرة 1991.

ـ الاتصالات الأمريكية ـ الإسرائيلية:

لقد ترافقت الفترة السابقة لحرب الخليج في عام 1991 بتشكك كبير بين إدارة بوش الأب وحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق شامير. وكانت العلاقة الضعيفة بين كلا القائدين قد سبقت الاجتياح العراقي للكويت، ثم تأكد ضعفها بعد ذلك. وقد خافت واشنطن من أن تأخذ إسرائيل بزمام المبادرة ضد أي هجوم عراقي عليها فتعقد بذلك من جهود الولايات المتحدة في جمع الدول العربية للتحالف معها في الحرب.

وقد تهدمت الثقة أكثر عندما علمت إسرائيل باختبار العراق لصواريخ سكود بعيدة المدى عن طريق الإعلام من (سي.إن.إن) بدلاً من قنوات الاتصال مع المسؤولين الرسميين الأمريكيين. فوق هذا وعلى حافة الحرب قام نائب وزير خارجية الولايات المتحدة في حينها (لورنس إيجل بيرجر) شخصياً بإخبار شامير بأن مطلقات الصواريخ العراقية سيتم ضربها في بداية حملة الولايات المتحدة، بينما لم تنجح الولايات المتحدة في الحقيقة في ضرب أي من مطلقات الصواريخ المتحركة خلال القتال. وقد زادت التشككات خلال الحرب نفسها عندما أشار القائد الجنرال (نورمان ستشوارزكوف) بأن الصواريخ لم تكن لتقتل مدنيين.

مضافة إلى بعضها فإن هذه الوقائع قد جعلت إسرائيل تحذر من تنبؤات الولايات المتحدة الأخيرة من أن صواريخ سكود من العراق الغربي لن تشكل تهديداً لإسرائيل، رغم أن تقديرات قامت بها الحكومة البريطانية وآخرون أشارت إلى أن أعداد مطلقات الصواريخ الموجودة في حوزة صدام حسين قليلة، ورغم حقيقة أن مضادات سكود الأمريكية كتكتيك وكتكنولوجيا قد تطورت بشكل ملحوظ في عقد منذ حرب الخليج. إن قلقاً كهذا يؤكد أهمية الاتصال القوي على جميع المستويات بين الولايات المتحدة وإسرائيل أثناء أزمة الخليج الحالية، ومن المرجح أن تطلب إسرائيل من واشنطن أن تزودها بإخبار مبكر لأي هجوم على العراق، حتى تكون على أهبة الاستعداد في بداية تحرك الولايات المتحدة.

لحسن الحظ، فإنه رغم البداية الصخرية للتعاون الأمريكي ـ الإسرائيلي خلال حرب الخليج السابقة، فقد تحسن الاتصال في أثناء الحرب نفسها، في حين رفضت الطلبات الإسرائيلية الأخرى. إلا أن الولايات المتحدة أرسلت وحدة عامة ملحقة بالبنتاغون تساعد هيئة القادة المشتركة الإسرائيلية لتكون كحلقة وصل مع القادة العسكريين الإسرائيليين، وقد أضاف هذا طبقة رئيسية إلى شبكة الاتصالات الأمنية التي أنشئت بين مؤسسات الدفاع في كلا البلدين قبل بداية الحرب.

فوق هذا ورغم أن الاشتراك في المعلومات الاستخباراتية مايزال مظهراً هاماً من مظاهر التشاور، فإن هناك على الأقل إحدى نقاط الاحتكاك التي لن تظهر مرة أخرى. خلال حرب الخليج ظهر توتر بين (شامير ـ وإيجل بيرجر) فيما يتعلق بتصوير الولايات المتحدة لغرب العراق بالأقمار الصناعية. اليوم فإن لدى إسرائيل مقدراتها الخاصة للاستطلاع بقمر (أوفك ـ 5) مما يقلل بالتالي من اعتمادها على الولايات المتحدة. بشكل مشابه فإن الاحتكاك السابق حول أداء نظام دفاع صواريخ (باتريوت) من غير المرجح أن يحدث ثانية بشكل جزئي لأن الولايات المتحدة مايزال لديها تمويل لبرنامج إسرائيل لمضادات الصواريخ (آرو) والذي استمر خلال العقد. كما تقول التقارير أن واشنطن عرضت تزويد إسرائيل بصواريخ باتريوت في حال حدوث حرب خليج أخرى ولكن حتى الآن لم تجب إسرائيل بعد. ومع ذلك فقد استخدمت إسرائيل مدفعيتين من مدافع (آرو) والتي من الممكن استخدامها لمضادة صواريخ سكود العراقية.

ـ الردع:

خلال مؤتمر جنيف الذي عقد بين وزير الخارجية حينها جيمس بيكر ونظيره العراقي طارق عزيز قبل حرب الخليج بأيام فقط، أوضح بيكر أن أي محاولات عراقية لشن هجمات كيميائية أو بيولوجية ستكون لها عواقب وخيمة. كما روي في مذكراته في 1995، أطلع بيكر عزيز أنه إذا استخدمت أية أسلحة كهذه ضد قوات الولايات المتحدة (فإن هدفنا لن يكون تحرير الكويت فقط بل إزالة النظام العراقي الحالي، كما حذر أيضاً من أن أي شخص مسؤول عن استخدام هذه الأسلحة ستتم محاسبته).

لقد تكرر تهديد بيكر في بيان عام هام ألقاه الرئيس بوش الأب في 8 تشرين أول عام 1991: ( إن نظاماً عراقياً يواجه نهايته يقوم بمحاولات قاسية وفاشلة. فإذا ما أمر صدام حسين بمثل هذه الإجراءات، فإننا ننصح قواد جيشه برفض هذه الأوامر فإذا لم يرفضوا فإن عليهم أن يفهموا أن جميع مجرمي الحرب سيلاحقون وستتم معاقبتهم. إذا كان علينا أن نتصرف فإن علينا أخذ كل حيطة ممكنة سنخطط بحذر وسنتحرك بكل قوة الولايات المتحدة العسكرية). هذه المرة فإن من المهم بشكل خاص أن يفهم الضباط المحيطون بصدام وليس صدام فقط من المهم أن يفهموا عواقب هجوم غير تقليدي.

ـ الانتقام:

في شهر أيلول (سبتمبر) بعد تساؤلات من قبل لجنة القوات المسلحة لمجلس الشيوخ فيما يتعلق باحتمال رد إسرائيل على العراق، وضح وزير الدفاع رولاند رامسفيلد أنه (من وجهة نظري فإنه سيكون من مصلحة إسرائيل بشكل كبير أن تبقى خارجاً في حال حدوث نزاع مستقبلي). في الحقيقة فإن كلا من شارون ورئيس قوات الدفاع الإسرائيلية موشيه ياعالون قد وضح في بيانات عامة مستقلة خلال الأسابيع القليلة الفائتة أنه نظراً للحساسيات المحيطة بهجوم أمريكي ضد العراق فإن الرد الإسرائيلي لن يكون مباشراً، ولكن بدلاً من ذلك موقعياً. كما وضح شارون أيضاً أن إسرائيل ستمارس حقها في الدفاع عن نفسها فيما إذا ضربت بأسلحة كيميائية أو عانت كوارث كبيرة بسبب اعتداء عراقي.

في زمن حرب الخليج 1991 كانت الولايات المتحدة قلقة من تمزيق الائتلاف العربي لتحرير الكويت وكان الوضع معقداً. فمن جهة يعيد بيكر سرد ديبلوماسيته الهادئة السابقة للحرب كالتالي: (لقد استطعت تأمين تأييد من جميع شركائنا العرب في الائتلاف بأنه لو قام صدام بمهاجمة إسرائيل أولاً وردت إسرائيل بالضرب فإنهم لن يتدخلوا). وقد قال مسؤول مصري رفيع المستوى بشكل علني نفس الشيء في ذلك الوقت. ومع ذلك فقد قال بيكر أيضاً أن الولايات المتحدة لم تكن تنظر إلى هذه الالتزامات على أنها حديدية، آخذة بالاعتبار بعض ردود الفعل العربية الشعبية. إن السياق اليوم مختلف عن ذلك الذي كان في عام 1990. لقد كانت أزمة الخليج في عام 1990 بشكل أساسي شأناً (عربياً ـ عربياً) (العراق يجتاح الكويت) بينما المواجهة اليوم تتعلق بانتهاك العراق المتكرر لقرارات الأمم المتحدة في التفتيشات وفي نزع السلاح، مع كون إسرائيل في وضع تراهن فيه بوجودها على متابعة عملية نزع السلاح هذه أكثر من أي لاعب دولي آخر.

على خلاف حرب الخليج الأخيرة فحتى الآن لا يوجد هناك شركاء عرب لقتال ضمن ائتلاف. ومع ذلك ستبقى حساسيات الولايات المتحدة عالية نظراً لاحتياج الولايات المتحدة لقواعد عسكرية للحرب كهذه عبر دول الخليج. وهكذا فما يزال ممكناً أن تنظر الولايات المتحدة وإسرائيل إلى قضية الرد الانتقامي عبر منظورات مختلفة، في الواقع فإن اهتمام إسرائيل بالثأر إنما يأتي في سياق هدف إستراتيجي أوسع. خلال حرب الخليج الأخيرة، شعر الإسرائيليون بأن عمليتهم الخاصة ستكون أكثر فعالية في تحديد موضع مطلقات صواريخ سكود وهو اعتقاد لم تكن الولايات المتحدة لتشارك إسرائيل فيه، والتي ومع تقدم الحرب قد بدأت بتكريس مصادر كبيرة الحجم لتفجير غرب العراق ووضع قوات خاصة على الأرض. ومع ذلك وكما قال (شاول موفاز) سلف ياعالون المباشر في رئاسة جيش الدفاع الإسرائيلي خلال اجتماع في معهد واشنطن في تشرين أول (أكتوبر) 2002، بأن تحفيز البلاد سيكون أقل باحتمال تسجيل نجاح مفتوح في غرب العراق قد لا يمكن للولايات المتحدة إحرازه، مما سيكون عليه هذا التحفيز.

في حال إحداث تدمير في العراق في محاولة لردع معتدين محتملين آخرين قد يتجرئون على إسرائيل إذا بقيت سلمية مرة أخرى في وجه هجمات عراقية خطيرة. ستناقش إسرائيل على الأرجح بأن الثأر الذي يأتي في أعقاب هجمة عراقية حقيقية لن يمزق التأييد العربي ولكنه على الأرجح سينظر إليه إقليمياً على أنه مقبول في ضوء التحريض السابق له. وهذا ما تعمل عليه الديبلوماسية الأمريكية في المنطقة، انتزاع صمت عربي إزاء قيام إسرائيل بعملية وقائية أو ثأرية.

إن تركيز إسرائيل على الردع قد همزته بيانات قائد حزب الله حسن نصر الله في أعقاب انسحاب إسرائيل الأحادي من لبنان منذ سنتين إلى درجة أن إسرائيل فقدت مظهرها القوي. وسط عدة اختلافات مع إسرائيل في حرب الخليج، رفضت إدارة بوش الأولى تزويد إسرائيل بشيفرات إليكترونية تدعى (آي.إف.إف) (اعرف صديقاً أم عدواً) ولم تكن ترحب بوجود طيران أمريكي متعاكس حتى لا يكون هناك ممر جوي للرد الإسرائيلي.

مما أدى إلى إجراء محادثات في واشنطن، وجود تقارير تفيد بأن شارون سيكفل لبوش بأن إسرائيل لن تقوم بالضرب الانتقامي قبل وجود تنسيق مسبق. خلال حرب الخليج الأخيرة لم ترد الولايات المتحدة حدوث أي تحرك إسرائيلي مباشر، ولكنها فضلت التشاور الذي كان يعني تأييداً مسبقاً من الولايات المتحدة قبل أي تحرك إسرائيلي. من المرجح أن تمتد مخاوف الولايات المتحدة وراء أي سيناريو للرد وتمتد كذلك إلى إمكانية أن تكون هناك تدخلات من حزب الله والفلسطينيين أثناء حرب الخليج الجديدة، والتي قد تدفع إسرائيل للقيام بإزالة الآلاف من صواريخ حزب الله على حدودها الشمالية أو للقيام بنفي القائد الفلسطيني ياسر عرفات. وقد ناقش بوش أيضاً أمر تجنب التصعيد مع الفلسطينيين في أثناء التوجه نحو حرب أخرى ضد العراق.

بعيداً عن عدة سيناريوهات محتملة، واحتمال حدوث استفزاز من قبل مجموعة من اللاعبين الإقليميين والتي ستكون أكثر تعقيداً من حرب الخليج الأخيرة، فإن قضية أخرى يمكن التفكير فيها في المستقبل هي قيمة وعود الحرب الأمريكية. وقد اعترف بيكر في مذكراته أنه قد أخبر شامير أثناء حرب الخليج أنه إذا أظهرت إسرائيل ضبط النفس، فإنها (ستساعد أيضاً على إصلاح العلاقات الثنائية، والتي نعلم أنها كانت في حاجة ملحوظة إلى الترميم)، ولكن هذا لم يتم لعدة أسباب. من جانبه فإن شامير سيلوم إدارة بوش الأولى لسقوطه من الحكومة بعد عام ونصف. عموماً فإنه يمكن القول أن فكرة التنسيق لوقت الحرب يرجح أن يكون عاملاً رئيسياً في التخطيط لما بعد الحرب وفي عملية ترتيب الأولويات.

إن المحنكين من إدارة بوش الأولى من مثل (ريتشارد تشيني)، و(كولن باول)، و(باول وولفويتز) مطلعون على هذا التاريخ. وهكذا فإن هناك الكثير من القضايا المتعلقة بالتشاورات الإسرائيلية ـ الأمريكية والتي يتم إعطاؤها دفعات منعشة من كلا الجانبين في اللقاءات المشتركة، وهذا يتطلب نقاشاً كاملاً قبل نشوب أي حرب تكون إسرائيل الحاضر الغائب فيها.

السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | البحث في الموقع |
ـ