مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم الخميس 09 / 01 / 2003م

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار |
ـ

.....

   
 

متابعات

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى

اليمـن

السياسة الخارجية تحت الضوء

ستيسفن زيونس

ستيفن زيونس، بروفيسور مساعد في العلوم السياسية، ولديه كرسي في برنامج دراسات السلام والعدل في جامعة سان فرانسيسكو. وهو يعمل كمحلل سياسي كبير ومحرر لشؤون الشرق الأوسط في السياسات الخارجية تحت الضوء.

لقد كان هناك اهتمام متزايد باليمن باعتبارها ثاني أكبر موضع اهتمام محتمل في حملة الولايات المتحدة على الإرهاب. لقد بدأت القوات الحكومية اليمنية باتخاذ إجراءات صارمة ضد أعضاء القاعدة المشبوهين ومؤيديهم، ونتج عن ذلك عدد من الاصطدامات المسلحة. لقد حدث هذا فقط بعد أسابيع من اجتماع 26 تشرين ثاني في واشنطن بين الرئيس جورج. دبليو. بوش والرئيس اليمني علي عبد الله صالح، والذي وعد فيه القائد اليمني بالتعاون في الصراع ضد الإرهاب، ووعد الرئيس بوش بمساعدة أمنية إضافية لدعم هذا الجهد.

إن حجم سكان اليمن هو تقريباً مماثل لحجم سكان السعودية العربية، ومع ذلك فهي تفتقر إلى الكثير فيما يتعلق بالمصادر الطبيعية. في الحقيقية فإنها واحدة من أفقر البلدان في العالم، مع ذلك هاجم السعوديون اليمن في مناسبات عدة على طول حدودهم المتنازع عليها، واستولوا على واحد من حقول النفط الصغيرة جداً الواقعة تحت السيطرة اليمنية. ورغم هذا الطمع الوقح بلا شك من قبل أضخم دولة مصدرة للنفط في العالم، ورغم التمييز العنصري الكبير والقمع ضد المهاجرين من العمال اليمنيين في السعودية العربية، فقد وقفت واشنطن إلى جانب السعوديين في نزاعاتهم المستمرة مع هذه الجمهورية الفقيرة الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من الجزيرة العربية.

كانت البلاد مقسمة إلى يمن شمالي وجنوبي حتى عام 1990، وحصلت اليمن الجنوبية على استقلالها عن بريطانيا العظمى في سنة 1967 بعد سنوات من المقاومة المسلحة للاستعمار. ولحقت بها مستعمرة عدن البريطانية، ومحمية جنوب أفريقيا البريطانية، معلنة عن نفسها بأنها جمهورية اليمن الشعبية الديمقراطية، أصبحت الدولة العربية الوحيدة الماركسية ـ اللينينية وطورت علاقات حميمة مع الاتحاد السوفييتي، وقد هرب ما يقرب من 300 ألف يمني إلى الشمال في السنوات التي تلت الاستقلال.

اليمن الشمالي، كانت مستقلة منذ انهيار الإمبراطورية العثمانية في 1918، وتورط في حرب أهلية دموية خلال عقد الستينات بين الحكم الرجعي ذي الظهير السعودي والقوات الجمهورية ذات الظهير المصري، وانتصرت القوات الجمهورية في النهاية، رغم استمرار عدم الاستقرار السياسي، والانقلابات العسكرية، والاغتيالات، والتمردات العسكرية الدورية. في كلا اليمنيين. جعل الانشقاق بين القبلية القديمة والإيديولوجية الحديثة من السيطرة على القوات المسلحة بشكل فعلي أمراً مستحيلاً. وتنحل قطاعات كبرى من الجيوش بشكل دوري، ويكثر الجنود الذي يعودون معهم بأسلحتهم إلى البيت. لقد كان كل من اللاقانون والفوضى سائدين لعقود، مع تغيير القبائل المستمر لولائها في كل من النزاعات الداخلية وفي تحالفها مع الحكومات. لقد كان كثير من القبائل في حالة حرب مستمرة لسنوات ويحمل كل ذكر تقريباً، مراهق وبالغ، بندقية بشكل روتيني.

في 1979 في واحدة من أكثر حلقات مسلسل الحرب الباردة سخافة فإن ارتفاعاً صغيراً في القتال على طول الحدود السابقة بين اليمنيين أدى إلى حشد عسكري أمريكي كبير كاستجابة لما تم وصفه من قبل حكومة كارتر على أنه عدوان دولي ذو دعم سوفييتي. في شهر آذار من هذه السنة قامت قوات يمنية جنوبية، بدعم من عصابات يمنية شمالية بقصف بعض المواقع اليمنية الشمالية. وكرد فعل أمر الرئيس كارتر حاملة الطائرات (كونتليشن) وأسطولاً صغيراً من السفن الحربية بالتوجه إلى بحر العرب كإظهار للقوة.

بتمرير موافقة الكونغرس دفعت الحكومة ما يقدر بـ 499 مليون دولار من الأسلحة الحديثة إلى اليمن الشمالي، بما في ذلك دبابات من طراز 64 ـ إم ـ 60 وسبعين ناقلة أفراد مسلحة، وطائرة إف 12ـ إي 5 . وضمن ذلك كان هناك ما يقدر بـ 400 مستشار أمريكي وثمانين طياراً تايوانياً لقيادة طائرات الحرب المعقدة التي لا يعرف أي طيار يمني قيادتها.

وقد أدى رد الفعل هذا إلى تأزم دولي واسع، نظراً إلى أن السوفييت لم يكونوا مطلعين على ما يبدو على الاصطدامات الحدودية وبدأ الأمر رد فعل مبالغ فيه لنزاع محلي. في الحقيقة فقد توقف القتال خلال بضعة أسابيع، وانتقدت جماعات التنمية محاولة الولايات المتحدة هذه لإرسال أسلحة معقدة إلى بلد ذات أحد أعلى معدلات وفيات الأطفال، والأمراض العضال، والأمية في العالم.

انهار النظام الشيوعي بعد فترة قصيرة من النزاع بين الرفاق، والذي أدى إلى نشوء أطراف متزاحمة من المكتب السياسي واللجنة المركزية قامت بقتال بعضها وقتل مؤيديها بالآلاف. مع تحطم القيادة الجنوبية اندمج البلدان في أيار 1990، وقاما بإنشاء دستور ديمقراطي، جعل من اليمن أحد أكثر بلدان المنطقة أصالة في تمثيله الحكومي.

عندما قامت اليمن باعتبارها عضواً غير دائم في مجلس الأمن في الأمم المتحدة، بالتصويت ضد سعي الولايات المتحدة للحصول على ترخيص باستخدام القوة ضد العراق لإخراج جيشه من الكويت، سُمع ممثل الولايات المتحدة وهو يقول للسفير اليمني بأنه كان (أغلى تصويت يقوم به على الإطلاق)، وقامت الولايات المتحدة فوراً بسحب 70 مليون دولار من المساعدة الأجنبية، والتي كانت مخصصة لليمن في الوقت الذي قامت فيه بزيادة ملحوظة في المساعدات للديكتاتوريات المجاورة التي أيدت مساعي الحرب.

وقد أدت التنافسات ذات الارتكاز الشعائري إلى الحرب في عام 1994مع انسحاب الجنوب. المثير للسخرية أنه ورغم أن الشيوعيين كانوا يقومون بقيادة الانفصال، فقد دعم السعوديون بشكل فعلي الانفصال في سعيهم لتدمير ما يرونه تجربة ديمقراطية خطرة في حدودهم الجنوبية. ومع ذلك نجحت القوات الشمالية بقوة في إعادة توحيد البلاد خلال أشهر.

استمر شيوع قطاع الطرق وانعدام القانون في المناطق الريفية، وكان هناك سلسلة من أعمال الاختطاف للغربيين في السنوات الأخيرة، رغم أن هذه كانت في الأغلب من أجل الحصول على فدية أكثر منها لأسباب سياسية. ومع استثناء مأساوي وحيد، تم إطلاق جميع المختطَفين دون أن يمسهم أذى.

رغم تزايد مخاوف الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعمليات الكبرى التي نفذتها شبكة القاعدة من داخل حدود اليمن المسامية، لقد شارك الكثير من اليمنيين في المقاومة ذات الدعم الأمريكي ضد السوفييت في أفغانستان خلال عقد الثمانينات، وأصبحوا راديكاليين بالتجربة وأنشؤوا علاقات مع أسامة بن لادن، وهو سعودي ينتمي والده إلى عائلة يمنية.

في تشرين أول /2000/ هوجمت السفينة الحربية الأمريكية (كول) من قبل إرهابيي القاعدة بينما كانت في ميناء عدن الجنوبي، مما أدى إلى مقتل سبعة عشر بحاراً أمريكياً.

عدة عشائر وقبائل موالية لعائلة ابن لادن ساعدت في تقديم بعض الدعم في اليمن لزعيم القاعدة المنفي في مواجهة هجمات الولايات المتحدة هذه المرة، حتى بين هؤلاء الذين لا يؤيدون بالضرورة تفسيره الرجعي للإسلام أو تكتيكاته الإرهابية.

يمثل حزب إسلامي معتدل عضواً أقل رتبة في ائتلاف حكومة اليمن، وتقدم اليمن مثالاً للكيفية التي ستتوجه فيه الحركات الإسلامية للاعتدال عندما يسمح لها بالتنظيم بشكل مفتوح، على العكس من الدول التي يمكن للقمع فيها أن يؤدي إلى العنف والراديكالية. إن وجود أعداد كبيرة من أعضاء القاعدة والمتعاطفين معها في البلاد هو انعكاس لا للتأييد الحكومي أو التواطؤ، ولكن حالة انعدام القانون لهذا المجتمع المفقر، حيث كثيراً ما تحوز العشيرة والقبيلة سلطة أكثر من الدولة، ويعتقد أن معظم ناشطي القاعدة في اليمن هم أجانب.

مع تهديد الولايات المتحدة بالتدخل العسكري المباشر في اليمن لاجتثاث القاعدة، فإن قرار الحكومة اليمنية باتخاذ إجراءات صارمة تجاه القاعدة قد يكون بدرجة أقل مسألة بانتظار شيء ما بالمقابل من واشنطن نظير التعاون، من كونه خوفاً مما قد يحدث إذا لم تقدم عليه. إن الحكومة اليمنية تحت التزام صعب، فإذا لم تنجح في تحطيم الخلايا الإرهابية، فإن التدخل العسكري الأمريكي المحتمل سينشأ عنه على الأرجح مقاومة مسلحة وحملة تمرد دامية ضد القوات الأجنبية. فإذا وضعت الحكومة شبكة كبيرة جداً، فإنها تخاطر بإمكانية قيام ثورة قبلية واضطراب مدني لما سينظر إليه على أنه قمع غير مبرر استجابة لأمر قوة غريبة وتهديد لتجربة البلاد المهزوزة في التعددية السياسية. في كلا الحالين فإنها ستزيد فقط من حالة التأييد للعناصر المتطرفة، والتي يريد كل من الطرفين: الولايات المتحدة واليمن أن يروها مدمرة.

السابق

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ـ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع | كــتب | مجموعة الحوار |
ـ