بوش
يتحدث إلى الأهرام في أخطر وأطول حوار
يدلي
به رئيس أمريكي لصحيفة في منطقة الشرق
الأوسط
أتصل كثيرا
بالرئيس مبارك لأنني أقدر تقييمه
للأمور
ولدينا علاقة
صريحة تسمح بتبادل الآراء
ساندت رؤية شارون
لأنها فرصة رائعة لقيام الدولة
الفلسطينية..
ولن نصدر أحكاما
مسبقة بشأن قضايا الحل النهائي
رسالتي إلي قريع
تطالبه بأن الوقت قد حان
للتقدم وإظهار
قيادة جديدة مؤمنة بالإصلاح
رسالتان من مبارك
: بعث الرئيس مبارك برسالتين إلي بوش
أخيرا
حول الموقف
الفلسطيني والوضع في العراق
اندهشت من بدء
النقاش حول النتائج النهائية للتسوية
في الوقت الذي لم
نبدأ فيه بعد إنشاء الدولة الفلسطينية
أجرى الحديث في
واشنطن : إبراهيم نافع
لقاء
الأهرام مع الرئيس الأمريكي جورج بوش
لم يكن في يوم عادي, أو تقليدي.
فالرئيس الأمريكي الذي يواجه معركة
صعبة بعد أقل من ستة أشهر, يحاول
فيها الفوز بفترة ثانية في البيت
الأبيض, كانت تواجهه الانتقادات
والهجمات من كل النواحي, علي ضوء
تدهور الموقف الأمني في العراق,
وفضيحة صور التعذيب الأخيرة للسجناء
العراقيين. وفي الوقت الذي تعالت
فيه الأصوات داخل الولايات المتحدة
مطالبة باستقالة وزير الدفاع الأمريكي
دونالد رامسفيلد ـ سواء من حزب الرئيس,
الجمهوري, أو من معارضيه من
الديمقراطيين ـ بسبب تستره علي هذه
الصور لعدة أشهر, أكد بوش تمسكه
بوزير دفاعه, وإن كان قد قام,
وللمرة الأولي, بتوبيخه علنا لعدم
إطلاعه علي تقرير مفصل أعده أحد كبار
المسئولين في الجيش الأمريكي,
وأورد فيه بالتفصيل العديد من
الانتهاكات, وعمليات التعذيب التي
يتعرض لها العراقيون في السجون التي
يديرها جنود الاحتلال. وربما كان
السر وراء قيام الرئيس بوش بتوجيه هذا
التوبيخ لأحد أقوي حلفائه داخل
الإدارة هو أنه شخصيا لم يطلع علي
الصورة المقززة لتعذيب السجناء
العراقيين سوي من خلال شاشات
التليفزيون, مثله مثل الملايين من
المواطنين في كل أنحاء العالم,
بينما كان السيد رامسفيلد يحتفظ بها في
ملفات وزارته دون أدني توقع لحجم
الأزمة, بل الزلزال الذي يمكن أن
تتسبب فيه بعد نشرها في العالم العربي.
وفي
اليوم نفسه الذي التقت فيه الأهرام
بالرئيس بوش كان قد انتهي للتو من لقاء
مع العاهل الأردني الملك عبدالله,
حيث حاول جاهدا إصلاح الضرر الكبير
الذي لحق بسمعة الولايات المتحدة في
العالم العربي بعد قيامه بتسليم خطاب
الضمانات الشهير إلي رئيس الوزراء
الإسرائيلي أرييل شارون, والذي
أعلن فيه للمرة الأولي مساندته لمطالب
شارون بإلغاء حق اللاجئين الفلسطينيين
بالعودة إلي أراضيهم وكذلك ضم أراض من
الضفة الغربية المحتلة إلي إسرائيل,
بدعوي أنها مأهولة بسكان المستعمرات
غير المشروعة من الأساس. وفي
التصريحات التي أدلي بها في مؤتمره
الصحفي المشترك مع العاهل الأردني,
ولاحقا في لقائه مع الأهرام, بدا
وكأن الرئيس الأمريكي تراجع نسبيا عن
مواقفه التي أعلنها في أثناء زيارة
شارون الأخيرة للبيت الأبيض. حيث
أعلن بوش للمرة الأولي في لقائه مع
الأهرام أن قضايا مثل حق اللاجئين
الفلسطينيين في الحصول علي تعويضات
وكذلك الحدود النهائية بين دولة
فلسطين وإسرائيل ما زالت خاضعة
للتفاوض في إطار مباحثات الحل النهائي.
وبعد
أن كان الرئيس بوش قد أعرب بالفعل عن
اعتذاره لما تعرض له السجناء
العراقيون من تعذيب في مؤتمره الصحفي
مع الملك عبدالله سألته الأهرام
مباشرة إذا ما كان يشعر بأنه ما زال يجب
عليه تقديم اعتذار رسمي للعراقيين
والعالم العربي فكان رده هو التعبير
مجددا عن أسفه الشديد وتعهده بالقيام
بتحقيق شامل ومعاقبة المسئولين.
وبرغم
كل ما يمكن قوله من اعتراضات علي
سياسات الولايات المتحدة منذ وصول
الرئيس بوش إلي البيت الأبيض فإنه لا
يمكن إنكار ذلك الجانب الإنساني
البسيط من شخصيته, وكذلك عفويته
وإيمانه إلي حد كبير بما يطرحه من
شعارات من قبيل نشر الحرية في منطقة
الشرق الأوسط, وحق كل شعوب العالم
في العيش في عالم خال من الإرهاب
ويتمتع بالاستقرار والازدهار. بل
إنه عندما بدأ في الحديث عن لقاء جمعه
قبل فترة مع وفد من النساء العراقيات,
وتذكر كيف أن إحداهن قد بكت عندما
أرادت التعبير له عن شكرها' لتحرير
العراقيين' دمعت عيناه بوضوح ليؤكد
مجددا أنه يؤمن بما يقول ويسعي لتحقيق
ما يري أنه أهداف إنسانية.
وسط
كل هذه المشاغل والمشاكل حرص الرئيس
الأمريكي علي لقاء رئيس تحرير الأهرام,
وذلك لاهتمامه الشديد بمحاولة إصلاح
صورة الولايات المتحدة في العالم
العربي علي إثر كل التطورات العاصفة
الأخيرة سواء في العراق أو في فلسطين.
وبينما
كنت جالسا في انتظار الرئيس الأمريكي
في إحدي أعرق غرف البيت الأبيض,
والمعروفة باسم غرفة الخريطة, وذلك
نسبة إلي إحدي الخرائط المعلقة علي
الحائط التي تبين الموقف العسكري قرب
نهاية الحرب العالمية الثانية,
وكانت آخر ما اطلع عليه الرئيس السابق
تيودور روزفلت ـ دخل الرئيس بوش بقامته
الطويلة وجسده الرياضي ليصافحنا
بحرارة وود كبيرين. كما أكد في
بداية الحوار متانة وقوة علاقته مع
الرئيس حسني مبارك قائلا:' أنا
أتحدث مع الرئيس مبارك كثيرا. وكانت
آخر مكالمة جرت بيننا هذا الصباح(
الخميس) لأهنئه بعيد ميلاده,
ولمناقشة بعض القضايا المتعلقة
بالمنطقة قبل لقائي مع الملك عبدالله.
وفي
تعبير آخر عن مدي حبه وتقديره لمصر
تأبط ذراع إحدي مساعداته ليقول:
لديكم مصرية-أمريكية الآن في البيت
الابيض, وهي السيدة دينا باول التي
تعتبر من أكثر المستشارين المقربين
للرئيس الأمريكي, وتتولي أحد أكثر
المناصب حساسية, والمتعلقة بتعيين
أعضاء إدارته ونقل توجيهاته لهم.
وقال
بوش في نهاية الحديث إنه يود كثيرا
القيام بزيارة مصر وإنه يحب هذا البلد
بالفعل. وأضاف أنه ما زال يتذكر كم
السعادة التي شعرت بها ابنتاه بعد أن
قامتا بزيارة مصر بصحبة والدته أخيرا,
وكيف استمتعوا جميعا برحلة رائعة في
نهر النيل العظيم. وفيما يلي نص
المقابلة التي استغرقت نحو40 دقيقة,
وهو أطول لقاء يجريه الرئيس الأمريكي
مع صحفي أجنبي منذ وصوله إلي البيت
الأبيض.
نافع:
علمت أن الرئيس مبارك قد أرسل لك أخيرا
رسالتين مهمتين. لا أعرف محتوي
الرسالتين علي وجه الدقة, ولكن
أفترض بالطبع أنهما مرتبطتان بالموقف
في العراق وفلسطين. وأود أن أسألك
في البداية سؤالا عاما حول رؤيتك
لمستقبل منطقة الشرق الأوسط
بوش:
حسنا في البداية أود أن أقول إنني أتصل
بالرئيس مبارك كثيرا, وذلك لأنني
أقدر تقييمه للأمور ولدينا علاقة
صريحة تسمح بأنه لو شعر أن الأمور تسير
بشكل سيئ فإنه يقوم بإطلاعي علي آرائه.
وبمعني آخر فإنه لا يخفي علي حقيقة
مشاعره. أعتقد أن الأمور صعبة الآن
بالنسبة للولايات المتحدة في منطقة
الشرق الأوسط. أعتقد أن الموقف صعب
لأن الناس لا يفهمون حقيقة نياتنا.
أعتقد أن الأمور صعبة لأن بعض الناس
ينشرون مزاعم سيئة تتعلق بقيم الشعب
الأمريكي والحكومة الأمريكية.
إن
نياتنا هي أن نعمل من أجل مجتمعات حرة
ومسالمة. مع هي حماية أمننا الخاص
وكذلك تمكين الناس من العيش في سلام.
من الواضح أن سمعتنا تضررت كثيرا بسبب
الأعمال الفظيعة والرهيبة وغير
الإنسانية التي تعرض لها مسجونون
عراقيون. اليوم لا أستطيع أن أخبرك
كم أشعر بالأسف نحوهم ونحو عائلاتهم
لما تعرضوا له من مهانة.
كما
أنني أشعر بالأسف لأن الناس سيكون
باستطاعتهم الآن القول: انظروا إلي
أمريكا كم هي سيئة. ولكن هذه ليست
أمريكا. الأمريكيون يشعرون بالغضب
الشديد لما حدث. نحن شعب كريم ولا
أعتقد أن الكثير من الناس يفهمون ذلك.
ولذا لا بد لي أن أقوم بوظيفة أفضل في
أن أشرح للناس أننا نساند الكثير من
الأمور التي يرغب في تحقيقها
المواطنون في الشرق الأوسط. نريد أن
يكون هناك سلام وأن يتمتع الناس
بحياتهم وأن يقوموا بإرسال أبنائهم
إلي مدارس جيدة وان تكون هناك رعاية
صحية. كما نريد أن تكون هناك دولة
فلسطينية تعيش في سلام مع جيرانها.
نريد أن يكون هناك إصلاح, وأن يكون
لدي الناس فرصة للمشاركة في هذه
العملية. ولكن ما أقوله الآن هو أن
الوقت الحالي صعب بالنسبة للولايات
المتحدة والشرق الأوسط.
نافع:
لدي أربع قضايا يا سيادة الرئيس:
العراق والصراع العربي الإسرائيلي وما
يسمي بمبادرة الشرق الأوسط الكبير
والعلاقات الثنائية. بماذا تود أن
نبدأ؟
بوش:
لتبدأ بما تريده أنت يا سيدي. فأنت
الصحفي المعروف.
نافع:
أشكرك كثيرا بالفعل. حسنا, سأبدأ
بالصراع العربي-الإسرائيلي.
الكثير من العرب يشعرون بأنه عقب خطاب
الضمانات الذي قدمته لرئيس الوزراء
الإسرائيلي أرييل شارون فإن أي دولة
فلسطينية تقوم في المستقبل لن تشغل
مساحة تزيد علي نصف ما نص عليه قرار
التقسيم الذي صدر عام1947. كيف يمكن
أن يتسق ذلك مع الموقف الأخلاقي القائم
علي العدل؟
بوش:
بداية لقد كنت واضحا للغاية في خطابي
بالقول إنني أقر أن الظروف قد تغيرت,
ولكنني كنت واضحا للغاية كذلك فيما
يتعلق بنقطتين مهمتين. أولا: إن
أي أمور تتعلق بالوضع النهائي ستقوم
بالتفاوض حولها الأطراف المعنية أي
الإسرائيليون والفلسطينيون وليس
الولايات المتحدة. نحن لن نصدر
أحكاما مسبقة بشأن الوضع النهائي.
ثانيا أوضحت أنني أساند ما قام به رئيس
الوزراء( شارون) وذلك لأنني
أعتقد أنها فرصة رائعة من أجل قيام
الدولة الفلسطينية. لقد كنت أول
رئيس يقوم بصياغة الرؤية الخاصة بقيام
دولة فلسطينية.
نافع:
لقد كتبت ذلك بالفعل, وأود أن أعرب
لك عن تقييمنا الكبير لذلك الأمر.
بوش:
ما أريد أن أقوله هو أنني مندهش إلي حد
ما يا سيدي من أن النقاش قد بدأ بالفعل
حول النتائج النهائية في الوقت الذي لم
نبدأ فيه بعد إنشاء الدولة. أعتقد
أن التركيز يجب أن يكون علي بناء
المؤسسات الضرورية لقيام دولة
فلسطينية مسالمة ومزدهرة. أعتقد
أنه من المهم للغاية أن يقوم
الفلسطينيون المؤيدون للإصلاح
بالوقوف ومطالبة العالم بالمساعدة من
أجل بناء الأجهزة الأمنية الضرورية
لقيام الدولة وكذلك المساعدة في مجال
التعليم وتنشيط طبقة المستثمرين,
وذلك لكي تنمو الأعمال التجارية.
أعتقد أن ذلك سوف يحدث. وعندما يحدث
ذلك فإن حل القضايا الخاصة بالوضع
النهائي سيصبح أكثر سهولة. بمعني
آخر عندما تصبح هناك دولة بالفعل تعمل
وتتمتع بالازدهار وبثقة مصر وإسرائيل
وأمريكا والاتحاد الأوروبي وبقية
العالم فإنه سيكون من الأسهل بكثير حل
هذه القضايا الصعبة الخاصة بالحل
النهائي بين الطرفين. ولذلك فإن
الوقت غير مناسب الآن لكي نتجادل كيف
سيكون العالم عندما نمضي قدما. يجب
أن يكون الجدل حول ما سيكون عليه شكل
العالم هذا العام. ولهذا السبب فإن
خريطة الطريق مهمة للغاية.
إن
الولايات المتحدة ملتزمة تماما بخريطة
الطريق. ولقد أعلنت اليوم(
الخميس) أنني سأقوم بإرسال خطاب إلي
رئيس الوزراء الفلسطيني لكي أشرح أنني
ملتزم بخريطة الطريق وملتزم بقيام
دولتين تعيشان بجوار بعضهما البعض في
سلام. ولكنني أيضا أقوم بتذكيره بأن
الوقت قد حان للتقدم وإظهار قيادة
جديدة.. إظهار قيادة في مواجهة
الإرهابيين وإظهار قيادة في تشكيل
المؤسسات التي ستؤدي إلي قيام دولة.
نافع:
إن حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة
إلي أراضيهم والحصول علي تعويضات
منصوص عليه من الناحية القانونية في
عدد من قرارات الأمم المتحدة.
بوش:
نعم.
نافع:
كما أن الولايات المتحدة قد ساندت
تقليديا حق اللاجئين في العودة في عدة
صراعات شهدها العالم أخيرا. كيف إذا
يمكنكم تبرير أن يكون الفلسطينيون هم
الاستثناء من القوانين الدولية
ومعاهدات حقوق الإنسان؟
بوش:
إن تعليقي مرة أخري هو التالي: إن
قضية اللاجئين هي إحدي قضايا الحل
النهائي. وهذا أمر يتم التفاوض عليه
بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وعندما قلت إن ما حدث من تغيرات وما سوف
يحدث هو أنه عندما تقوم دولة فلسطينية
فإنه سيكون من حقهم العودة لها. لم
يكن هناك دولة في السابق. والنقطة
التي أشرت لها هي أنه عندما يتم إنشاء
دولة وكذلك المؤسسات الخاصة بها,
وعندما يكون لدي الناس فرصة في إيجاد
ظروف عمل, وتكون هذه الدولة مسالمة
وتنمو فئة رجال الأعمال والصناعات
الصغيرة, ويقوم الناس بالمشاركة في
هذه المسيرة, فإن ذلك سوف يؤدي إلي
تغيير الآليات القائمة علي الأرض.
أقر تماما بأن هناك الكثير من القضايا....القضية
الخاصة بالتعويض هي قضية لا يزال يجري
التفاوض حولها. وحقوق الفلسطينيين
في العودة سوف يتم التفاوض حولها.
ولكن ما أقوله لك هو أنه عندما تظهر هذه
الدولة فإن هذا سوف يؤدي إلي تغيير
الآليات. وكان هذا هو كل ما قلته في
تعليقي.
مرة
أخري أكرر لك أن الناس تريد التركيز
علي المستقبل. وأعتقد أن ما يجب
التركيز عليه هو ما يحدث الآن, وهو
الأمر الضروري من أجل قيام الدولة
الفلسطينية وذلك لكي يكون لدي الناس
الفرصة في العيش في مجتمع يتمتع بالأمل.
ولا بد أن أقول لك إنني أشعر بالاحباط
بعض الشيء, وذلك لأن ما نحتاجه هو
وجود قيادة أفضل تقول للناس ما يمكننا
القيام به من أجل مساعدة الفلسطينيين
في تطوير دولتهم. ويبدو لي أن هناك
حاجة لوجود دستور جديد. كما أن بعض
الإصلاحات توقفت. وللأسف فإننا كنا
نتحدث عن هذه الإصلاحات لنحو عامين.
ولكن الآن توجد فرصة. وأعتقد أن
رئيس الوزراء شارون أوجد آلية مثيرة
للاهتمام-- أعتقد ذلك بالفعل--
وذلك باقتراحه الانسحاب من غزة.
وأنت تعرف أنه منذ فترة ليست بالطويلة
لو كان قام رئيس وزراء إسرائيلي
بالوقوف والقول إننا يجب أن نخرج من
غزة وأجزاء من الضفة الغربية فإن الناس
كانوا سيقولون هذا أمر رائع.
وبالتالي اتخذ رئيس الوزراء
الإسرائيلي قرارا بالخروج, وبالطبع
قام حزبه برفض ذلك. وهذا يعكس
بالطبع الدور القيادي الذي يقوم به(
شارون) في تقديري, وهو أنه علي
استعداد للقيام بما هو صائب في مواجهة
المعارضة السياسية.
نافع:
ولكن هل تتفقون مع مقولة إن الوقائع
العملية القائمة علي الأرض تعني ضم
أراضي الآخرين؟
بوش:
أعتقد أن ما يعنيه ذلك هو أنك ستري مع
مرور الوقت ومع قيام دولة فلسطينية أن
الضفة الغربية سيقيم فيها فلسطينيون.
وفيما يتعلق بالشكل النهائي للحدود
فإن هذا الأمر سيبقي خاضعا للتفاوض.
نافع:
مرة أخري نحن نقدر كثيرا حقيقة أنكم
كنتم أول رئيس أمريكي يدعو إلي قيام
دولة فلسطينية مستقلة. ولكن في كل
المقترحات الأخيرة التي يجري تداولها,
بما في ذلك خطة فض الاشتباك الأخيرة,
لا يوجد حديث عن أي جدول زمني. ماذا
حدث لتعهدكم بإنشاء دولة فلسطينية
بحلول عام2005 وهل ما زلتم تعتقدون أن
هذا أمر ممكن حدوثه؟
بوش:
حسنا قد يكون موعد2005 صعبا, خاصة
وأن العام2005 علي الأبواب وأنا أقر
بالفعل أن الموعد قد تم تجاوزه ولكن
ذلك كان بسبب تصاعد العنف. وعندما
حددت موعد2005 أعتقد أن ذلك كان
متزامنا مع قيامي بالذهاب إلي العقبة
في الأردن وكان ذلك الوقت مهما للغاية,
وذلك عندما وقف رئيس الوزراء السابق
أبو مازن وأنا وشارون والعاهل الأردني
الملك عبدالله لنعلن تعهدنا بالعمل
سويا. ولكننا واجهنا مطبا في الطريق
وهو العنف, بجانب أن أبو مازن جري
استبداله, وهو ما أدي إلي تغيير
الآلية. وأنا لا أرغب في البحث عن
أعذار ولكن علي الرغم من ذلك فإنني
أعتقد أن الجدول الزمني الخاص بـ2005
ليس واقعيا كما كان قبل عامين. ولكن
علي الرغم من ذلك أعتقد أن علينا أن
نضغط بقوة من أجل قيام هذه الدولة في
أسرع وقت ممكن. وأود أن أكرر لك يا
سيدي أنني قد تخلصت من جزء من شعوري
بالاحباط مع قيام اللجنة الرباعية
الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم
المتحدة والولايات المتحدة ـ بإصدار
بيانها المشترك الأخير. وأعتقد أن
بإمكاننا جذب البنك الدولي للقيام
بدور. ولكن هناك واجبا يقع علي عاتق
الفلسطينيين المؤمنين بالإصلاح,
وهو أن يقفوا ويقولوا نعم نحن نقبل
بقيام المؤسسات الضرورية للسماح بقيام
هذه الدولة المسالمة. كما أن هناك
مسئولية علي مصر. ومصر في تقديري
لديها دور مهم تلعبه من أجل المساعدة
في التيقن من تمتع غزة بالأمن, وذلك
مع بناء مؤسسات المجتمع المدني
والحكومة. وأعتقد أن الرئيس مبارك
لديه استعداد لتولي هذه المسئولية مع
مرور الوقت. وأنا لا أريد أن أحدد له
جدولا زمنيا, ولكنني أعتقد أنه
ملتزم بالمساعدة في جلب الأمن لهذا
الجزء من العالم, وذلك لأن سيادة
الأمن من مصلحة مصر.
نافع:
أنت تعرف يا سيادة الرئيس أن مصر قامت
بما في وسعها وذلك من خلال جمع الفصائل
الفلسطينية في مصر ومحاولة إقناعهم
بالوصول إلي موقف موحد وأنها كذلك علي
استعداد لتدريب رجال الشرطة والأمن.
بوش:
هذا صحيح. لقد لعب الرئيس مبارك
دورا قياديا فيما يتعلق بقضية الأمن...لقد
قام بذلك بالفعل. وكما قلت فلقد قام
الرئيس مبارك بعقد اجتماع مهم للغاية,
وذلك لتوضيح أنه من أجل قيام دولة
مسالمة لا بد أن يكون هناك أمن كما أنه
علي استعداد لتدريب الشرطة. إن مصر
تقوم بدور مهم للغاية. إنها دولة
رائعة ويجب عليها أن تلعب دورا مهما.
نافع:
لقد قلتم يا سيادة الرئيس في تصريحات
أدليتم بها أخيرا إن الضمانات التي
قمتم بتقديمها لشارون لا تختلف عما كان
يجري مناقشته في مفاوضات المرحلة
النهائية التي جرت في السابق بين
الفلسطينيين والإسرائيليين. ولكن
في هذه المباحثات السابقة كانت هناك
أفكار مطروحة من قبيل تبادل الأراضي
وموافقة إسرائيل علي عودة عدد محدود من
اللاجئين. لماذا لم تشر إلي هذه
المقترحات في الخطاب الأخير الذي
قدمته لشارون؟
بوش:
انظر أود أن أؤكد لك مجددا أنني أفهم
حساسية القضايا الخاصة بمرحلة الحل
النهائي. ولكن سيجري التفاوض حولها
ليس بين الولايات المتحدة والأطراف
ولكن سيتم التفاوض حولها بين إسرائيل
والحكومة الفلسطينية التي ستقوم في
دولة جديدة. ولقد كان هذا الموقف
الذي تمسكت به طوال الوقت. وكان هذا
هو ما قلته لصديقي الرئيس مبارك.
كما أن هذا هو ما قلته للتو لجلالة ملك
الأردن عبدالله وسوف أواصل شرح هذا
الموقف المتسق الخاص بي. وأعتقد أن
بعض الناس يحاولون قراءة أمور ما فيما
قلته وفيما لم أقله. ودعني أقل
التالي مجددا للمرة الأخيرة: هذه
فرصة لا يجب لنا السماح بضياعها.
هناك الكثير من الجدل بشأن قضايا الحل
النهائي وهي قضايا مهمة للغاية وأرجو
ألا تفهمني خطأ في هذا المجال. ولكن
تركيزنا الآن يجب أن يكون حول كيفية
إنشاء دولة فلسطينية والمضي قدما بعد
ذلك.
نافع:
لقد أشدتم باقتراح شارون الداعي
للانسحاب من غزة والتي لا تمثل سوي نحو
واحد في المائة من فلسطين التاريخية.
هل توافقون علي منح الفلسطينيين خطاب
ضمانات مشابها ينص علي أن أي ضم لأراضي
الضفة الغربية يجب أن يكون محدودا
للغاية وأنه يجب علي إسرائيل الانسحاب
من كل الضفة الغربية تقريبا بما يتسق
مع قراري مجلس الأمن رقمي338,242.
بوش:
لا سوف أقوم بتكرار الأمور نفسها التي
قلتها علنا اليوم في خطاب أقوم بتوجيهه
للفلسطينيين وهي أنني اعتقد أن هناك
فرصة وأنه من المهم أن تعثر السلطة
الفلسطينية علي قيادات مؤمنة بالإصلاح
لديها للاستعداد للتقدم ولعب دور
قيادي.
نافع:
سؤالي الأخير فيما يتعلق بقضية الصراع
العربي الإسرائيلي يتعلق بتأكيدكم أن
إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها.
لكن هل تعتقدون أنه بقيام إسرائيل
ببناء الأسوار والمستوطنات واغتيال
القادة الفلسطينيين أن ذلك يساعد في
تعزيز أمنها والمساعدة في استئناف
مباحثات السلام
بوش:
أعتقد أن أي دولة لها الحق في الدفاع عن
نفسها. وأنتم الآن تتحدثون مع رئيس
يعمل علي حماية بلده في مواجهة الهجمات
الإرهابية. من الصعب للغاية علي
رئيس الولايات المتحدة أن يقوم بإدانة
أي طرف لقيامه بالدفاع عن نفسه.
مشكلتي مع الحائط لم تكن تتعلق بالجانب
الأمني منه. مشكلتي مع الحائط في
ذلك الوقت أنه كان يبدو أنه يحاول
إصدار أحكام مسبقة بشأن الوضع النهائي.
وأملي أنه عند نقطة ما فإن ذلك الحائط
لن يصبح ضروريا. وأملي هو أنه في
دولة فلسطينية مسالمة وأنا أقول
بتكرار ذلك ولكنني أعتقد أنه ممكن
ستكون هذه الدولة مكانا يتمتع فيه
الصغار بالتعليم الجيد وأن يكون لديهم
فرصة للعثور علي مصدر للدخل وأن تستطيع
العائلات تربية أولادها في مناخ مسالم.
وأعتقد أن قيام دولة فلسطينية مسالمة
سيؤدي إلي تغيير الآليات القائمة علي
الأرض اليوم.
نافع:
أشكركم كثيرا علي صبركم. الآن أود
الانتقال إلي قضية أخري وهي العراق.
لقد صرحتم( الأربعاء) بأنكم
عرفتم للمرة الأولي عن الانتهاكات
التي جرت في سجن أبو غريب وسجون أخري في
العراق في شهر يناير. لماذا استغرق
الأمر كل ذلك الوقت قبل اتخاذ إجراءات
جادة بحق المسئولين بشكل مباشر عن هذه
الأعمال وقياداتهم.
قضايا
التعذيب فجرت انتقادات حادة داخل
امريكا وخارجها
بوش:
أولا ما عرفته في ذلك الوقت هو أنه كان
هناك تحقيق يجري. ولم أكن أعرف بحجم
الانتهاكات. كما كان هناك تقرير من
المفترض صدوره بشأن هذه التحقيقات.
وما يجري تداوله في أمريكا الآن هو
لماذا لم أطلع علي التقرير وهذا سؤال
جيد. وهذا هو أحد الأسئلة التي أقوم
بطرحها الآن وذلك لأنني رأيت الصور
للمرة الأولي عبر شاشات التلفزيون.
ولكن أحد الأمور التي يجب أن تفهمها
فيما يتعلق بدولتنا هو أننا نرفض هذا
النوع من معاملة البشر. إنه أمر
مثير للاشمئزاز. هذه ليست أمريكا.
ويحب علي قرائك أن يفهموا أن ما حدث لا
يمثل دولتنا. ثانيا إننا سوف نقوم
بتحقيق شامل. والآن هناك فارق بين
التحقيق الكامل والإسراع في التوصل
إلي أحكام. نحن سوف نقوم بالتحقيق.
وهناك إجراءات معينة من الضروري
القيام بها في الجيش وذلك للتأكد من أن
المذنب مذنب بالفعل. ومن المهم
للغاية ألا يقوم القائد العام بإصدار
أحكام مسبقة. ثالثا عملية التحقيق
سوف تتمتع بالشفافية. ويجب علي
قرائك أن يعرفوا أننا هنا في أمريكا
ووفقا لنظامنا فإن القضاء يتمتع
بالشفافية الكاملة. ولقد بدأنا
بالفعل في رؤية هذه الشفافية. إن
وسائل الإعلام تود معرفة الرد علي
أسئلة مختلفة ولا بد من الإجابة علي
هذه الأسئلة. وغدا( أمس الجمعة)
سوف يذهب وزير دفاعنا والذي يتمتع
بثقتي وأؤمن به- إلي مجلس الشيوخ
للإدلاء بشهادته. وهكذا فإنك سوي
تري العملية تتطور وسوف تظهر الحقيقة
المتعلقة بأسباب احتياج الجيش الوقت
اللازم من أجل القيام بتحقيق كامل في
هذه الأعمال الرهيبة, الرهيبة
للغاية.
وأود
أن أكرر لك يا سيدي أنني أشعر بالأسف
للمهانة التي تعرض لها هؤلاء الأفراد.
لقد شعرت بالغثيان لرؤية ذلك يحدث.
كما أود أن أخبرك بما يجعلني أشعر
بالأسف كذلك. إنني أشعر بالأسف بسبب
الغموض الذي يحيط بجنودنا الآن في
العراق. بمعني آخر إن لدينا مواطنين
رائعين في العراق.. شبابا جيدين,
وجنودا جيدين, رجالا ونساء يعملون
بشكل يومي من أجل تحسين معيشة
المواطنين العراقيين. وهناك نحو
ألف عمل يجري يوميا ويعكس النيات
الطيبة لهؤلاء الأمريكيين الرائعين
المهتمين بالفعل بما يحدث للمواطنين
العراقيين. إن هذه فترة سيئة للغاية
بالنسبة للشعب الأمريكي كما هو أمر سيئ
بالنسبة للمواطنين العراقيين أن يروا
ما شاهدوه علي شاشات التليفزيون.
نافع:
مرة أخري يا سيدي هل تشعر إنك بحاجة
للاعتذار للعراقيين وللعالم العربي
بعد أن عبرتم عن أسفكم بالفعل
بوش:
إنني بالفعل أشعر بالأسف لهؤلاء
السجناء...إنني أشعر بذلك بالفعل.
ومرة أخري ما يجب علي العالم العربي أن
يفهمه هو أمران. أولا أنه في ظل نظام
ديكتاتوري فإن مثل هذه الأمور لم يكن
ليجري التعامل معها بشفافية.
وبمعني آخر لو حدث تعذيب في ظل حكم
ديكتاتور فإنه لن يكون من الممكن مطلقا
معرفة الحقيقة. أما في ظل نظام
ديمقراطي فسنعرف الحقيقة وسيتحقق
العدل. وهذا هو ما يحتاج أن يعرفه
الناس.
نافع:
ما هي الأركان الأساسية لمشروع القرار
الذي تنوون طرحه في مجلس الأمن بشأن
العراق ما هو حجم السيطرة التي أنتم
علي استعداد للتخلي عنها للأمم
المتحدة وللعراقيين
بوش:
حسنا أعتقد أن الحكومة العراقية تريد
الحصول علي السيادة. وأعتقد أن
المناسب هو أن يتم نقل السيادة إلي
حكومة عراقية بمساعدة من التحالف,
وكذلك من الأمم المتحدة. وأعتقد أن
الدور الجيد للغاية الذي يمكن للأمم
المتحدة القيام به هو المساعدة في
التحضير للانتخابات التي ستجري في
يناير2005. والقرار الذي سيصدر عن
الأمم المتحدة سيكون مهما لأنه يقول
لدول العالم نرجوكم المشاركة في
المساعدة في نمو هذه الحكومة.
إن
الشعب العراقي يريد إدارة حكومته
بنفسه. وذلك لا يعني أنهم ليسوا
بحاجة للمساعدة. بالطبع هم يحتاجون
للمساعدة ولكنهم يريدون إدارة حكومتهم.
وبصراحة فإننا نستمع إلي ما يفيد بأن
هناك مشاعر بالإحباط في العراق نحو
أمريكا. وأنا أستطيع تفهم ذلك وذلك
لأن أحدا لا يريد أن تتم إدارة حكومته
نيابة عنه. إن شعب العراق يريد
إدارة حكومته بنفسه وهذا ما سوف يحدث.
نافع:
ما هي في اعتقادكم طول فترة بقاء
القوات الأمريكية في العراق
بوش:
سنبقي هناك الفترة الضرورية ولن نزيد
يوما واحدا عن ذلك.
نافع:
كشف استطلاع قامت به مؤسسة جالوب أخيرا
أن نحو71 في المائة من العراقيين
يعتبرون الولايات المتحدة قوة احتلال.
هل جعلك ذلك تشعر بالإحباط؟
بوش:
لا..أسمع أنا أفهم ذلك. ما أعنيه
هو أنني إذا كنت عراقيا ثم تم سؤالي هل
أنا سعيد أن أشخاصا آخرين يقومون
بإدارة حكومتي فإن الرد سيكون لا.
نحن نريد إدارة حكومتنا بأنفسنا.
ولهذا السبب نحن سوف نقوم بنقل السيادة.
ولكنني
في الوقت نفسه أود أن أقول لك إن الشعب
العراقي يتفهم أن أمريكا تحتاج لأن
تكون هناك لفترة وذلك للتيقن من أن
القتلة المقاتلين الأجانب الموجودين
هناك والموالين السابقين لصدام ممن
تفرقت بهم السبل لن يقوموا بنشر الفوضي.
هناك الآلاف من العراقيين الذين
يفقدون حياتهم علي يد هؤلاء القتلة.
وهم بحاجة إلي الأمن الآن وذلك حتي
تكون لدينا قوات أمن عراقية تتمتع
بالكفاءة, ولديها القدرة علي الرد
علي المخاطر التي تمثلها هذه الأقلية
من الناس. من الضروري أن تكون هناك
بيئة آمنة مع خروج العراق من مرحلة
الطغيان. وهم بحاجة إلي مساعدتنا
هناك. كما أنهم بحاجة للمساعدة من
أجل إعادة البناء.
نافع:
ولكن هذه المساعدات ومشاريع إعادة
الأعمار تأخرت كثيرا
بوش:
نعم هذا صحيح ولكن هناك سببا وراء ذلك.
ففي مطلع الشتاء كان هناك تحرك سريع
فيما يتعلق بمشروعات إعادة البناء.
ما أعنيه هو أن هناك أمورا رائعة حدثت
في العراق والتي لا يتم بالطبع الإشارة
إليها غالبا. وعلي سبيل المثال دعني
أطلعك علي أحد الأمور المثيرة التي
حدثت وهي المتعلقة بالعملة. فلقد تم
إحلال عملة جديدة بدلا من العملة
القديمة وذلك في نحو ستة أو سبعة أشهر.
وهذا أمر من الصعب القيام به. وعلي
الرغم من هذا تم القيام بذلك من دون
فوضي, ومن دون تزوير أو سرقات...
لم تقع سرقات. كما أن العملة مستقرة
وعندما تفكر في ذلك فإنك ستجده أمرا
متميزا. كما أن معدلات توفير
الكهرباء تتصاعد بشكل كبير. وفيما
يتعلق بإنتاج النفط وهو نفط العراق
وليس نفطا أمريكيا فالعراق هو الذي
يمتلك نفطه فلقد ارتفع ليصل إلي نحو
اثنين ونصف مليون برميل يوميا.
وهكذا
فلقد كان هناك العديد من الإشارات
الإيجابية. وبعد ذلك واجهنا هذه
الفترة من القتال وذلك عندما قررت
عناصر في المجتمع أن تخوض القتال,
وذلك لأنهم رأوا أن الحرية قادمة في
الطريق وأرادوا وقفها وهذا هو ما
يحاولون القيام به. ولذلك قمنا
بمواجهتهم ونقوم بهزيمتهم. ما يحدث
الآن هو أن المشاريع الكبيرة قد بدأ
العمل فيها ثانية وذلك لأن الموقف
الأمني تحسن قليلا. والشركات
الكبري تعمل الآن مجددا علي مشاريع
إعادة الأعمار. هذه الجهود ستستأنف
مجددا وسوف يكون العراق في وضع أفضل.
نافع:
إنني علي دراية باجتماع عقدته مع وفد
من النساء العراقيات, وأن هذا
الاجتماع كان مليئا بالعواطف والدموع.
هل يمكن أن تخبرنا بالمزيد عن هذا
الاجتماع
بوش:
سأخبرك فقط لأنك سألت. لقد كان لدي
شرف الترحيب بمجموعة من النساء
العراقيات في المكتب البيضاوي.
ولقد تم إخباري مسبقا بأن عددا من
أعضاء الوفد لا يرغبون في الذهاب إلي
المكتب البيضاوي لأنهم لم يكونوا
يريدون التقاط صور لهم بسبب خوفهم ليس
من رد الفعل الأمريكي ولكن بسبب ما
يمكن أن يحدث في بلدهم. وبمعني آخر
ما زال هناك خوف في قلوب الناس. ولقد
التقيت بهؤلاء السيدات لاحقا. وبعد
أن فتح باب المكتب البيضاوي ودخلت أول
امرأة قامت بالنظر لي وانخرطت في
البكاء قائلة:' أنت قمت بتحريري.'
ولقد مس ذلك قلبي كثيرا بالفعل.
وبالطبع قمت باحتضانها واندفعت الدموع
من عيني, بينما هي تصرخ من السعادة.
لقد جعلني ذلك أشعر بسعادة كبيرة.
وقالت هذه السيدة:' أشكرك يا سيادة
الرئيس. لقد قمت بتحريرنا.' وكان
ردي: لا لقد قام الشعب الأمريكي
بالمساعدة في تحريرك. وبعد ذلك دخلت
سيدة أخري ثم سيدة أخري. وكان هناك
نحو ست سيدات في المكتب.
لقد
كان هذا الاجتماع مؤثرا للغاية. لقد
كان هؤلاء مجموعة من الناس يبدو أنهم
يشعرون بالرهبة لوجودهم مع رئيس
الولايات المتحدة. ولكن عندما
كانوا معي كان اللقاء عاطفيا للغاية
ومس قلبي وما زلت أذكره حتي اليوم.
لقد شعرت بسعادة كبيرة داخلي عندما
فكرت أن هؤلاء الناس الذين عانوا
الطغيان وكانوا يخشون التعذيب وغالبا
كان لديهم أصدقاء لقوا حتفهم في
المقابر الجماعية يشعرون الآن
بالامتنان لأن لديهم فرصة العيش في
سلام.
وسأقول
لك ما هو مهم بالفعل لهؤلاء الناس
ولهؤلاء النساء الذين أفكر فيهم طوال
الوقت هو ألا يبدو علي أي مظهر للضعف في
مواجهة المخاطر القائمة في العراق.
وبمعني آخر فإن هؤلاء القتلة يريدوننا
أن نرحل. ولكن موقفي هو وبعد لقاء
هذا الوفد النسائي أننا إذا رحلنا
فإنهم سيكونون في خطر. وأنا لدي
التزام وبغض النظر عن درجة الصعوبة
التي يصل لها الموقف أن أبقي قويا
نيابة عن هؤلاء النساء وفرصتهم في أن
يربوا أولادهم في جو من الحرية.
وفي
وقت سابق كذلك جاءني وفد من اللجنة
الأوليمبية العراقية مشكل من عضوين في
هذه اللجنة. وكانت لحظة مثيرة.
بداية أنا أحب الرياضة. وكان من ضمن
الوفد رئيسة اللجنة الأوليمبية
النسائية وهي عداءة سابقة.
وأخبرتني عن ابنها البالغ من العمر
عامين وآخر يبلغ عاما. وقالت إنها
تركت الفريق الأوليمبي لأنها لم تكن
تريد الركض لصالح أحد أبناء صدام(
عدي) وذلك خشية علي حياتها.
ولذلك كانت تشعر بالامتنان الشديد
للحرية التي تتمتع بها. هذا أمر
مؤثر للغاية.
كما
التقيت مع عدد من الدارسين المتلقين
لمنح فولبرايت وهم شباب عراقيون
يدرسون في الولايات المتحدة. كما
التقيت بأطباء من العراق يتلقون
تدريبا جديدا وكلهم يتطلعون بشدة
لمجتمع حر يستطيعون فيه العيش بسلام.
ولذلك السبب فنحن نشترك في نفس الهدف.
نافع:
فيما يتعلق بمبادرة الشرق الأوسط
الكبير يا سيادة الرئيس هل تغيرت
رؤيتكم لهذا الأمر في ضوء ردود الأفعال
التي وصلتكم من الدول العربية
والأوروبية ما الذي سوف تقدمونه لقادة
مجموعة الدول الثماني في اجتماعكم
الشهر المقبل؟
بوش:
إن رؤيتي للإصلاحات المطلوبة في الشرق
الأوسط الكبير تم تدعيمها بما صدر عن
مؤتمر مكتبة الأسكندرية. وقد تكون
سمعت عن هذه المبادرة( تبادل
للضحكات). لقد رأيت ما يعبر عن روح
هذا المؤتمر. هناك أشخاص في الشرق
الأوسط يفهمون الحاجة إلي إصلاحات.
الآن
عندما أتحدث عن إصلاحات فإنني أفهم
تماما أن السرعة في تحقيق هذه
الإصلاحات ستختلف من دولة إلي أخري.
ولكن علي الرغم من ذلك لا بد أن يكون
هناك التزام بالاصلاح من أجل توفير
حياة أفضل لكل مواطن. وأنا ما زالت
متمسكا بقوة اليوم بالمطالبة بالاصلاح
في الشرق الأوسط الكبير كما كنت في أي
وقت سابق.
وأنا
أتفهم تماما الانتقادات الموجهة.
وأنا أتعرض للانتقادات يوميا في
وظيفتي هذه. وأعتقد أن مهمة القائد
هي أن يكون لديه رؤية متفائلة ومليئة
بالأمل وتقوم علي مبادئ محددة مبادئ
مثل سيادة القانون واحترام كرامة
الإنسان من خلال تمكين الأفراد من
اتخاذ قرارات فيما يتعلق بالشئون
السياسية ومبدأ أن كل إنسان يستحق
الاحترام ومبدأ يقول إن المجتمع
المسالم أكثر قدرة علي أن يكون مجتمعا
حرا. ولذلك فإنني لن أتخلي عن هذه
المبادئ مهما يكن حجم الضغوط هائلا.
نافع:
لماذا تصر إدارتكم علي فرض عقوبات علي
سوريا
بوش:
لأنهم لا يقومون بمحاربة الإرهاب ولا
يرغبون في الاشتراك معنا في مكافحة
الإرهاب. ولقد طلبنا منهم القيام
بأشياء معينة ولكنهم لم يستجيبوا.
وقام الكونجرس بتمرير قانون يقول إنه
إذا لم تقم سوريا علي سبيل المثال
بإغلاق أحد مكاتب حزب الله في دمشق فإن
الرئيس سيكون له الحق في فرض عقوبات.
ما
زال يجب علي فرض هذه العقوبات وهذا
القانون يمكنني من القيام بذلك.
ولقد تحدثنا مع القائد السوري بوضوح
كبير ومطالبنا هذه ليست مطالب غير
معقولة وحتي الآن لم يقم بالاستجابة.
ولهذا السبب إذا اتخذت قرارا بفرض
عقوبات فإن ذلك سيكون لأنه لم يكن
شريكا كاملا في الحرب ضد الإرهاب.
نافع:
ولكن ذلك من شأنه خلق المزيد من
المشكلات في المنطقة...
بوش:
حسنا سنري. ولكنني أعتقد أن الناس
بحاجة إلي تفهم أنه لا بد أن يكون هناك
التزام كامل. ما أعنيه هو أنه لا
يوجد حاجة لتوفير الحماية لأناس
يعبرون عن مشاعر الكراهية. وإذا
اشترك العالم في إزالة هذه المنظمات
الإرهابية التي ترغب في قتل الأبرياء
فإن الموقف سيكون أفضل كثيرا.
إن
اعتراضي هو التالي. لدينا مسلمون
يقومون بقتل مسلمين في العراق. هناك
مسلمون سيقومون بقتل مسلم برئ وذلك
بغرض خلق شعور من الخوف. لا يمكننا
السماح بحدوث ذلك. الناس المتحضرون
لا يمكنهم السماح بحدوث ذلك. وما
يحاولون القيام به هو زعزعة إرادتنا
المشتركة. وبالنسبة لنا ممن يحبون
الحرية فإنهم كانوا يحاولون القول:
لا تعملوا من أجل الحرية ولتدعونا
وشأننا لكي نتمكن من قتل أناس آخرين.
لا يمكننا السماح بحدوث ذلك. هناك
الكثير من الناس الأبرياء الذين
يحتاجون الحماية ونحن نريد مساعدتهم.
والأهم هو أننا نريد مساعدتهم لكي
يساعدوا أنفسهم, ولذلك لكي يتمكنوا
من حكم أنفسهم في العراق. ولكن قتل
الأبرياء من أجل تحقيق أغراض سياسية هو
أمر غير مقبول في القرن الحادي
والعشرين. وأنت تعرف ذلك وأنا مؤمن
بذلك.
نافع:
أود أن أؤكد لك أن الشعب العربي لا يكن
أية مشاعر سيئة نحو الشعب الأمريكي.
وربما تكون القضية الوحيدة هي تلك
المتعلقة بالصراع الفلسطيني-الإسرائيلي...
بوش:
نعم.. قضية إسرائيل...
نافع:
وانحياز الولايات المتحدة لها.
بوش:
آمل أن نتمكن من حل هذه القضية. أنا
مؤمن بالفعل أن دولة( فلسطينية)
مسالمة ستظهر. وأودك أن تعرف أنني
أشعر باحترام كبير للثقافة العربية
ولدي احترام كبير للدين الإسلامي.
هذه ليست حربا ضد المسلمين. إن
الدين الإسلامي هو دين مسالم.
الإسلام هو السلام. هذه حرب ضد أناس
أشرار يريدون قتل الأبرياء. هذه هي
حقيقة الموقف.
لقد
قام هؤلاء بأعمال القتل في بلدي.
كما قاموا بأعمال القتل في بلدكم.
وقاموا بقتل رجل رائع هو السادات.
ومن الضروري أن يقوم محبو الحرية
والسلام بمحاربة الإرهاب. هذه هي
المهمة الأساسية في وقتنا الحالي
وتحدي القرن الحادي والعشرين. ويجب
علينا أن نعمل سويا لتحقيق هذا الهدف.
وأنا
أقدر لك زيارتك ومنحي الفرصة لكي أطرح
آرائي علي الناس الذين يرغبون في معرفة
المزيد حول نياتنا ورغبتنا العميقة في
تحقيق السلام.
نافع:
أشكرك كثيرا جدا.
بوش:
أشكرك يا سيدي.
نافع:
ونتمني أن نراك قريبا في مصر.
بوش:
لقد قمتم بعمل رائع. عمل رائع
للغاية. لقد كانت هذه مقابلة جيدة
للغاية.
الاهرام: 8/5/2004
|