مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

آخر تحديث يوم السبت 29 - 05 - 2004م

ــــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجسور |ـجديد الموقع |ـكتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحة اللقاء | البحث في الموقع |
ـ

.....

   
 

حلقة مفرغة هيكلها الأسعار والأجور

زيادة الرواتب!!

المحرر الاقتصادي

كخطوة متوقعة، ولابد منها، جاءت زيادة الرواتب والأجور للعاملين بالدولة بعد سنتين من الزيادة الأخيرة في عام 2002، لكن السؤال الذي مازال يتبادر إلى الأذهان هو هل تستطيع هذه الزيادة أن تدفع المواطن درجة نحو الأعلى على سلّم المعيشة؟ أم أن هذه الزيادة ستكون مثل باقي الزيادات التي حصلت سابقاً؟ أم أنها تبخرت سلفاً جرّاء ارتفاع الأسعار المفاجئ الذي طال العديد من السلع في الأشهر القليلة الماضية؟ أم أنها ستغدو بلا فائدة إذا ما تم رفع بعض أسعار المواد الأساسية من قبل الحكومة ذاتها؟ إنه السباق بين الأجور والأسعار مرة أخرى فمن هو حكَم الساحة العادل هذه المرة؟

تناقضات ثابتة من يحلها؟!

يبدأ التناقض المركزي في مسألة الرواتب والأجور في الاقتصاد السوري بانقسام الموظفين العاملين في الدولة إلى قسمين أساسيين هما فئة موظفي القطاع العام بشقيه الإداري والإنتاجي وفئة موظفي القطاع الخاص بشقيه النظامي والهامشي، فبالنسبة لفئة موظفي الحكومة نرى أن هذه الفئة مرتبطة أجرياً بالقطاع العام في حين أنها مرتبطة معيشياً بقطاع اقتصاد سوق بمعنى أن مستوى الرواتب والأجور لهذه الفئة إنما تحدد إدارياً ضمن القطاع العام بدءاً من تحديد الحد الأدنى للأجور انتهاء بالزيادات الدورية المقررة على الرواتب في حين أن القطاع العام ذاته لم يعد مسؤولاً عن أية قضية تسعيرية لأي من المنتجات (سوى المحروقات والكهرباء وبعض أنواع السلع المدعومة كالرز والسكر) في السوق، وبالتالي فإن مستوى معيشة موظف القطاع العام ومجموع أسعار سلته الاستهلاكية إنما يتحدد بظروف العرض والطلب والاحتكار لأغلب أنواع السلع، يقابل ذلك أن الحكومة حتى الآن لم تستطع أن توفّق بين المستويين السابقين أي بين المستوى الأجري للموظف والمستوى السعري له لتقليص الفوارق، فلا رواتب القطاع العام هي رواتب مبنية على آلية السوق ولا مستوى معيشة المواطن مبنية على آلية حكومية، وكانت النتيجة أن كافة الزيادات التي حصلت منذ عام 2000 حتى عام 2004 قد أفرغت من محتواها لسببين: الأول أن الحكومة قد ردت على هذه الزيادات بأن قامت ورفعت أسعار بعض المنتجات الأساسية مثل المحروقات وهذا ما ساهم بامتصاص جزء كبير من تلك الزيادات كما ساهم السوق نفسه بسحب جزء آخر من هذه الزيادات عبر رفعه أسعار المنتجات التي ينتجها القطاع الخاص، وبالتالي بقي مستوى الموظف الحكومي ينوس بين متناقضين هما دخله الحكومي وأسعار السوق، إلا أن الغلبة كانت دائماً على ما يبدو لأسعار السوق بدليل الفجوة الموجودة باستمرار بين مستوى المعيشة ومستوى الرواتب والأجور.

أما موظفو القطاع الخاص فتراهم محلقين خارج السرب قسرياً، فأجورهم تبدو للوهلة الأولى أفضل من أجور موظفي القطاع العام إلا أن شروط وظروف عملهم أصعب من موظفي القطاع العام ويعاني هؤلاء من مشكلة أساسية في قطاعهم وهي أن أي من الزيادات التي تحصل في الدولة لا تصيبهم أبداً ولا تطبّق على أساس أجورهم، فأغلب موظفي القطاع الخاص لا يحصلون على أية زيادات في أجورهم رغم مخالفة ذلك للقانون، ويبقى أرباب العمل مصرين على التعامل مع موظفيهم على أساس الراتب التعاقدي الأولي (رغم عدم وجود عقود نظامية لدى العديد منهم) بحجة أن هذه الرواتب هي بالأساس أعلى من رواتب موظفي القطاع العام ومن لم يرضه ذلك فليغادر إلى القطاع العام فوراً.

إذاً فالجميع واقع بالمشاكل، ولكن كلّ حسب فلسفة القطاع الذي يعمل فيه، والقانون الذي يطبق على موظفي القطاع العام يفلت منه موظفو القطاع الخاص بسبب إفراغ مضمونه سلفاً من قبل أرباب الأعمال وعدم التزامهم به.

الزيادة الأخيرة هل حلت المشكلة؟

مازالت آثار ارتفاع الأسعار التي حصلت في الشهرين الماضيين بادية المعالم على جيوب المواطنين، ويُخشى إن تكررت هذه الظاهرة لمرة أو مرتين أخريين في السنة الحالية أن تكون قادرة على امتصاص الـ20% زيادة التي نالها الموظفون، وإذا أردنا الاعتماد على جداول الرواتب والأجور ودراسات تكاليف المعيشة يحق لنا أن نسأل سؤالاً علمياً وهو (هل ردمت الزيادة الأخيرة جزءاً من الهوة بين الأسعار وتكاليف المعيشة؟) الجواب بلغة الأرقام هو للأسف (لا) لم تحقق هذه الزيادة الطموح المرجو منها، وهذا بالطبع من الناحية الحسابية البحتة في حين أنه من الناحية العملية والاجتماعية فإنها لم تحرك ساكناً في الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطن لعدة أسباب أهمها خضوع هذه الزيادة للضرائب وأسعار السوق الحالية المرتفعة وحاجات الإنسان المتزايدة ومستويات التضخم الموجودة وأسعار العقارات والإيجارات المحلّقة عالياً والعديد من العوامل والظروف الأخرى التي تنتظر المواطن مستقبلاً إلى حين حصول زيادة أخرى!!

وبالاعتماد على حسابات سابقة كنّا قد أجريناها على صفحات هذه المجلة لمستوى المعيشة والأسعار لكل الفئات الوظيفية الخمس في القطاع العام، وباعتبار أن وسطي عدد أفراد الأسرة السورية هو خمسة أشخاص وأن هناك شخصاً واحداً يعمل ليعيل الأربعة الآخرين، وبحساب تكاليف المعيشة اللازمة فقط للبقاء على قيد الحياة لهذه الأسرة والتي وجد أنها تعادل (13045) ليرة يوضح لنا الجدول المرفق مقدار النقص الذي مازال يلحق بالمواطن بصورة مباشرة حتى بعد زيادة الرواتب والأجور الحالية لنرى بعدها أن المشكلة الحقيقية لم تحل بعد وبأن فجوة كبيرة مازالت قائمة بين الأسعار ومستوى المعيشة هذا إذا أخذنا بالحسبان أن الزيادة اللاحقة للأجور لن تكون قبل عام 2006 على أقل تقدير، وهذا معناه أنه حتى تلك السنة ربما تكون التغيرات التي ستطرأ على الأسعار قادرة على زيادة هذه الفجوة مرة ثانية لتأتي بعدها زيادة أخرى وتردم جزءاً منها، وهكذا دواليك نكون قد حافظنا باستمرار على بقاء الواقع المعاشي المتردي للمواطنين وبالأخص لطبقة موظفي الحكومة أولاً ولموظفي القطاع الخاص عديمي الضمانات الاجتماعية والاقتصادية ثانياً.

إننا ندور في حلقة مفرغة هيكلها الأسعار والأجور لكنها في الحقيقة جزء من سلسلة من الحلقات المفرغة في الحياة الاقتصادية والاجتماعية السورية التي مازلنا ندور فيها منذ زمن طويل!!

ما ينقص الموظف بعد الزيادة الأخيرة

الحد الأدنى لتكاليف المعيشة

الحد الأدنى لأجر بدء التعيين بعد الزيادة

الحد الأدنى لأجر بدء التعيين عام 2002

الفئة

6463

13045

6582

5485

الأولى

8257

13045

4788

3990

الثانية

8659

13045

4386

3655

الثالثة

9085

13045

3960

3300

الرابعة

9235

13045

3810

3175

الخامسة

مجلة أبيض وأسود ـ 24/05/2004

السابق

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

for

S&CS

للأعلى

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إليه ، أو غير معزو .ـ

   

ــ التعريف دراسات  متابعات   قراءات  هوامشرجال الشرق من أرشيف الشرق | صحيفة الشرق العربي |ـ
ـ| مشاركات الزوار |ـجســـور |ـجديد الموقع |ـكــتب | مجموعة الحوار | تقارير حقوق الإنسان | واحـة اللقـاء | البحث في الموقع |
ـ