إسرائيل
تفتح باب الاستيطان
على
مصراعيه في الجولان
عماد
سارة
على ما يبدو ان الأوضاع الراهنة
التي تعيشها المنطقة (احتلال أمريكي
بريطاني للعراق، تشتت عربي، تمزق
خارطة الطريق.. إلخ) جدد لدى إسرائيل
أهدافها الدفينة التي قامت عليها منذ
خمسين عاماً وأعلنت على الملأ
مخططاتها التي ما كان أحدثها الا
تطبيقاً عملياً للفكر الاستراتيجي
الصهيوني الذي انتهج فلسفة أساسها
الاستيلاء على الأرض، بعد طرد سكانها
الأصليين بشتى الوسائل والحجج
الباطلة، وهذا يؤكد أيضاً ان النهج
الإسرائيلي لم يتغير منذ وجود هذا
الكيان وهو قائم على حقيقة أطلقها ذات
يوم عضو في الكنيست الإسرائيلي "لا
صهيونية بدون استيطان، ولا دولة
يهودية بدون إخلاء العرب ومصادرة
أراضي وتسييجها"..
بالطبع هذه السياسة هي التي أوجدت
إسرائيل وهي مستمرة بغض النظر عن
الحاكم أو الحكومة أو الحزب.. لكن
وسائلها مختلفة فهي اليوم تتبع
أسلوباً أكثر حداثة عما قبل فهي تعمل
على مرأى ومسمع العالم أجمع على تغير
المعالم الجغرافية والديمغرافية
للجولان بعد نجاحها في تغير المعالم
الجغرافية والديمغرافية للضفة
الغربية غير آبهة بالقانون الدولي أو
الشرعية الدولية بل تعمل في نفس الوقت
على إلهاء العالم بتصريحات صحفية تغطي
أهدافها الفعلية ففي الوقت الذي أماطت
اللثام عن مخططاتها الاستيطانية في
الجولان خرج كبار مسؤوليها للتصريح
بأنهم مستعدون لاجتياح دمشق بنفس
السهولة التي دخلت فيها القوات
الأمريكية بغداد.. وبالطبع ليس مصادفة
ان تتزامن التهديدات الإسرائيلية مع
الضغوط التي يمارسها صقور الإدارة
الأمريكية على الرئيس الأمريكي من أجل
تغيير نظام الحكم في سوريا وإيران،
وكوريا الشمالية عبر ما يسمى "الدليل
إلى النصر في الحرب على الإرهاب"،
والذي يطالب أيضاً بمعاملة فرنسا
والمملكة السعودية كأعداء وليس حلفاء..
هذه الضغوط التي جاءت في بيان رسمي
علني تضمنها كتاب جديد كتبه ريتشارد
بيرل مستشار وزارة الدفاع الأمريكية
المتشدد وأحد صقور الإدارة الأمريكية
الجدد وديفيد فرام أحد كتاب خطب بوش
سابقاً حيث وجها في هذا البيان تحذيراً
من تعسر إرادة النصر في واشنطن.
ويبدو ان تحول العراق إلى مزرعة
أمريكية فتح شهية سلطات الاحتلال
الإسرائيلي لخلق جغرافية جديدة في
المنطقة ادراكاً منها بأن حليفتها
واشنطن تغض النظر عن اعمالها
الارهابية وممارساتها العدوانية بل
تشكل درعاً واقياً لها في حال توجيه
اية انتقادات دولية، كما ان الوجود
الامريكي واضواءه الخضراء دفع سلطات
الاحتلال الى الرد بعنف على اي مشروع
يؤثر على وجودها فما ان اعلن الرئيس
السوري بشار الاسد استعداد سوريا
استئناف عملية السلام من النقطة التي
انتهت عندها كشفت سلطات الاحتلال عن
خطة سرية تهدف الى زيادة عدد
المستوطنين في الجولان السوري المحتل
لفرض سياسة الامر الواقع وبالتالي
اجهاض اية فكرة سلام حتى لو كانت
ماتزال جنينية وليس ذلك فقط بل اعتبر
اعلان سوريا استعدادها للمفاوضات من
النقطة التي وصلت اليها شروطاً مسبقة
متجاهلاً ان ما وصلت اليه المفاوضات
(80%) كان نتيجة جهد سنين طويلة، وهذا
يؤكد بان مصطلح السلام مايزال خارج
قاموس سلطات الاحتلال بل خارج قاموس
الشعب الاسرائيلي ايضاً الذي اكد عبر
استطلاع للرأي اجراه الراديو
الاسرائيلي ان حوالي 53بالمائة
يؤيدون الحكومة الاسرائيلية في توسيع
المستعمرات في الجولان السوري المحتل..
وهنا يتبادر الى الاذهان الاسئلة
التالية اي سلام يريدون في ظل توسيع
الاحتلال والتعدي السافر علي قرارات
الامم المتحدة والشرعية الدولية؟،
ماهدف شارون من الاعلان عن نيته مضاعفة
عدد المستوطين في الجولان؟...
الاجابة يمكن تلخيصها بعدة نقاط
الاولى هي ان الاعلان الاسرائيلي عن
نيته رفع عدد المستوطنين والتهديد
بضرب دمشق ورفض التفاوض مع سوريا من
النقطة التي انتهت اليها المفاوضات ما
هي الا جزء يسير من سياسة استيطانية
اسرائيلية تعمل على تقويض السلام
بافتعال ازمات، لدس نبض رد الفعل
العربي.
اسرائيل تدرك تماماً ان الوضع
العربي مشتت لكنها تخشى من ان تجمعه
الازمات ولذلك تعمل بين الحين والآخر
الي رشق تصريحات متناقضة لتكون بمثابة
بارو متر تقيس فيه الواقع العربي
والدولي علي حد سواء.
وثانياً: ان تصريحات قادة
الاحتلال لاتأتي من فراغ فهي قائمة على
اساس الامن الاسرائيلي وهذا الامن
يعني التفوق العسكري والاستيطان في
الاراضي العربية الى ما لانهاية وخاصة
المناطق الحيوية.
وثالثا: عانت اسرائيل مؤخراً من
نشاط الدبلوماسية السورية التي طالبت
باخلاء المنطقة من اسلحة الدمار
الشامل، وعرت بشكل كبير الكيان
الصهيوني امام الرأي الاوروبي الذي
اكد في احد استطلاعاته بان اسرائيل
الاكثر خطراً على العالم فأرادت
معاقبة سوريا ووضع حد لها بالاعلان عن
نيتها توسيع الاستيطان في الجولان.
ورابعاً: توسيع المستوطنات يأتي
ضمن خطة اسرائيلية لخفض سقف
المفاوضات مع سوريا في حال انطلاقها
ولتكون عقبة كأداء من الصعب حلها،
وبذلك تتهم الجانب السوري بعرقلة
المفاوضات.
اضافة الى ان اسرائيل هدفت من وراء
ذلك تشتيت انظار الرأي العالمي عن
اغتيالها لقادة المقاومة والشعب
الفلسطيني ومجازرها في مخيم بلاطة
والخليل..
وخامساً: فان شارون يدرك تماماً
بان الولايات المتحدة الاميريكية
ستغرق قريباً في لجة الانتخابات ولن
تكون قادرة على لجم شهيته في الاستيطان
بسبب نفوذ اللوبي الصهيوني ولذلك كان
الرد الامريكي علي اعلان توسيع
الاستيطان مخيباً للآمال حيث اكتفت
واشنطن بتصريح خجول على لسان نائب
المتحدث باسم البيت الأبيض آدم ايرلي
قال فيه: "ان بلاده ستطلب من إسرائيل
توضيحاً" رغم ان حكومة شارون أعلنت
خطة الاستيطان رسمياً وبوضوح تام، بل
وبطريقة استفزازية.
ولكن الذي لا تدركه إسرائيل أنها
مهما حاولت تغير معالم المنطقة وفرض
منطق القوة لا منطق الشرعية الدولية
ستبقى أمامها أزمة كبيرة وهي أنها في
مواجهة 300مليون عربي وحوالي مليار و
300مليون مسلم ولكن يبقى السؤال الأهم
هل سيقبل القادة العرب فرض سياسة الأمر
الواقع الإسرائيلية؟؟؟
عماد
سارة ـ دمشق - مكتب "الرياض"
المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
|