ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 31/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الجهاد هو السبيل لتحرير الأقصى

رسالة من : محمد مهدي عاكف

المرشد العام للإخوان المسلمين

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛

الصهاينة يستغلون التخاذل العربي:

إن ما يقوم به الصهاينة المغتصبون من افتعال المعارك حول المسجد الأقصى وفي ساحاته المباركة إنما هو إحدى الحلقات في المخطط الصهيوني الخبيث لإقامة هيكلهم المزعوم على أنقاض المسجد الكريم، وهو مخططٌ قائمٌ بالأساس على استغلالِ العجزِ والتراجع والموقف المتخاذل لبعض الأنظمة العربية والإسلامية ومنها السلطة الفلسطينية في الأرض المحتلة، التي تبذل أقصى جهودها لمنع المقاومة وتشويه صورتها، واعتقال المقاومين، وتعذيب المجاهدين، بل ومحاولة جرّ قوى المقاومة للقبول بالشروط الجائرة للرباعية الدولية والتنازل عن الثوابت الفلسطينية، وشرعنة الاحتلال الصهيوني، بصورة باتت مكشوفة للجميع.

وإنك لتعجب أشد العجب إذ تسمع أركان العملية التفاوضية العبثية وهم يعلنون بوضوح أن ما يقارب العشرين سنة من المفاوضات لم ينتج شيئا، وفي ذات الوقت يعلنون أنها خيارهم الوحيد! فيالله العجب!! إن العاقل لا يفهم من هذا إلا أن المفاوضات قد صارت إلى حد أن الصهاينة صاروا يبتزونهم للتنازل عن الحقوق والثوابت في مقابل الجلوس على مائدة التفاوض! فهل رأى العقلاء في الدنيا وضعا عبثيا كهذا الذي نراه؟.

ولا يقل عن هذا الدور المخزي لبعض الأنظمة العربية والإسلامية والسلطة الفلسطينية ذلك الانسحاب المخزي من قضية الأمة الكبرى قضية فلسطين والمسجد الأقصى، والتنكر الأثيم لدماء مئات الألوف من الشهداء الذين قضوا في الدفاع عن فلسطين والأقصى، بل وقمع الشعوب ومنعها من الوقوف إلى جانب قوى المقاومة، أو حتى استنكار ما يجري للقدس والأقصى، في سابقة لم يعرفها تاريخ الأمة الإسلامية والعربية المليء بمواقف البطولة والشرف.

ولولا هذه المواقف السلبية -إن لم تكن الخيانية- لما تجرأ الصهاينة على تدنيس ساحات المسجد المبارك وإطلاق النار على المرابطين العزل المعتكفين بداخله، من أحرار وحرائر فلسطين، الذين يسطرون بعملهم الرائع، ويكتبون بدمائهم الطاهرة، صفحة رائعة من صفحات العز والكرامة، والذين يستحقون من الأمة أعلى أوسمة الشرف والفخار، وإذ ندعو لهم ونشد على أيديهم وندعوهم لمزيد من الحشود والصبر داخل المسجد الأقصى المبارك؛ فإننا نؤكد لهم أن النصر بإذن الله لهم، وأن عدوهم إلى زوال إن شاء الله، ولئن كان الضعف الرسمي يغري الصهاينة بمزيد من التعنت ومنع بعض المصلين من دخول المسجد المبارك فإن دائة السوء ستدور على الباغي بإذن الله ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ (البقرة:114).

الجهاد هو السبيل الوحيد للتحرير:

هذه حقيقة صارت أوضح من الشمس وضحاها: أنه لا سبيل لاسترداد الحقوق وإزالة الاحتلال وحماية المقدسات إلا بالجهاد والمقاومة، وها هي المفاوضات العبثية تلتهم السنين من غير أن يكون لها أدنى أثر باعتراف الذين سلكوا سبيلها وحملوا رايتها، بل زادت في ظلها وتيرة الاستعمار والاستيطان وهدم منازل الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وإنكار حقوقهم، وأسر المزيد من الرجال والنساء، بل والأطفال.

وأهلُ العلمِ من الفقهاء يقولون بفرْضيةِ الجهادِ على الأعيانِ في حالاتٍ معينةٍ منها: إذا أُسِرَ جماعةٌ من المسلمين فإن الجهاد يجب على الأعيانِ حتى يتمَّ تخليصُ الأسرى الذي أُسِروا من المسلمين.

وإذا كان الفقهاء قد قرروا ذلك في تخليص أسير أو أسيرين؛ فماذا يمكن أن يقال بالنسبة لأحد عشر ألف أسير وأسيرة يسامون سوء العذاب ويتعرضون للتنكيل في سجون الاحتلال الصهيوني؟ وأين الأمة من قول النبي صلى الله عليه وسلم : « فُكُّوا الْعَانِيَ -يَعْنِي الأَسِيرَ- وَأَطْعِمُوا الْجَائِعَ، وَعُودُوا الْمَرِيضَ » (البخاري)

وأين أمتنا من قول الله تعالى ﴿ وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا﴾ (النساء:75).

قال الإمام القرطبي في هذه الآية : « فأوجب تعالى الجهاد لإعلاء كلمته وإظهار دينه واستنقاذ المؤمنين الضعفاء من عباده، وإن كان في ذلك تلفُ النفوس. وتخليص الأسارى واجب على جماعة المسلمين إما بالقتال وإما بالأموال. وهذا لا خلاف فيه».

فهل يعي ذلك أبناء أمتنا وبخاصة الحكام والأنظمة؟. وهل يدركون أن هذا الهوان الذي تعيشه الأمة هو بسبب تخليها عن الجهاد؟ فقد قال صلى الله عليه وسلم : «ما ترك قومٌ الجهادَ الا عمَّهم الله بالعذاب» (الطبراني).

الجهاد واجب الأمة جميعا:

إن الجهاد المفروض ليس واجب الأنظمة فقط أو واجب التنظيمات المسلحة في فلسطين فقط، بل هو واجب الأمة جميعا، كل بما يستطيع، فمفهوم الجهاد أوسع من أن يكون قتالا فقط، بل هو جهاد عسكري ومالي وثقافي وإعلامي وفكري وعقدي وسياسي، وعلى كل فرد في الأمة أن يحدد الميدان الذي يمكنه أن يجاهد فيه، وأن يقوم بالدور الذي يناسبه؛ حتى تسمع الدنيا كلها صوت الأمة العالي الناصر لفلسطين والأقصى، وعلى الجميع أن يدركوا أنه مهما تكن التضحيات التي يقدمونها فإن جزاءهم عند الله عظيم ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ﴾ (التوبة:120)، وكما جاء فى تفسير هذه الآية :

«إنه على الظمأ جزاء، وعلى النَّصَب جزاء، وعلى الجوع جزاء، وعلى كل موطئ قدم يغيظ الكفار جزاء، وعلى كل نيل من العدو جزاء، يُكْتَب به للمجاهد عملٌ صالحٌ، ويُحْسَب به من المحسنين الذين لا يضيع لهم الله أجراً، وإنه على النفقة الصغيرة والكبيرة أجر، وعلى الخطوات لقطع الوادي أجر، أجر كأحسن ما يعمل المجاهد في الحياة .

ألا والله، إن الله ليجزل لنا العطاء، وإنها والله لَلسَّمَاحة في الأجر والسخاء، وإنه لمما يُخْجِل أن يكون ذلك كله على أقلَّ مما احتمله رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشدة واللأواء، في سبيل هذه الدعوة التي نحن فيها خلفاء، وعليها بعده أمناء!». وسيظل الإخوان المسلمون يُذَكِّرون -من غير يأسٍ ولا ملل- الأمةَ كلَّ الأمة حكاما وسياسيين، وإعلاميين، ومفكرين، وعلماء، وعامة، بالواجب المقدس في تحرير فلسطين والمسجد الأقصى، ويؤكدون أن هذه القضية هي التي تكشف عن مدى ولاء الإنسان لدينه وأمته ووطنه، وهم على تمام الثقة بنصر الله للمجاهدين مهما كثر الخبث وعظمت التضحيات ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ. الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ (الحج:39، 40).

إلى الأمة والإخوان المسلمين:

تابع الجميع الحملة الإعلامية الشرسة والتسابق الإعلامي المحموم في الحديث عن وجود أزمة بين المرشد العام للإخوان المسلمين وأعضاء مكتب الإرشاد، ويهمني أن أؤكد مرة بعد مرة: أن الخلاف في الرأي بين الإخوان المسلمين هو خلاف راق يتسم بأدب الإسلام العظيم الذي نشرف بحمل دعوته، وهو علامة صحة وحيوية ووعي، وفيه أبلغ رد على الذين يتهمون الإخوان المسلمين بالجمود، ودليل عملي على أن الطاعة في هذه الجماعة طاعة مبصرة؛ لا طاعة عمياء، وأن أمور هذه الجماعة المباركة تدار بالشورى، وأن خلاف الرأي لا يفسد الود، وأن القلوب التي جمعها حب الله ورسوله وخدمة الدين والأمة لا تفرقها الأهواء، ولا تلتبس عليها الأولويات، ولا ترى في مواقع المسؤولية مغانم ومطامع، بل تضحيات يلتمسون بها رضوان الله، ويرجون من ورائها نفع الأمة.

وكان أحرى بالإعلام أن يسلط الأضواء على مئات الشرفاء من الإخوان المسلمين الذين تداهم بيوتهم، وتسرق أموالهم، ويروع أطفالهم، وتسرق البسمة من أهليهم وذويهم، ويعتقلون ويحاكمون ظلما وزوراً بتهمة مساعدة الفلسطينيين ومناصرة المسجد الأقصى! وحسبنا الله ونعم الوكيل.

ومن هذا المنطلق أقول لإخواني ولكل الأحبة المتخوفين على الإخوان المسلمين: اطمئنوا واصبروا وصابروا واثبتوا على مبادئكم ومواقفكم، واستمسكوا بدعوتكم ومنهاجكم، ولا تخشوا التغيير، ففيه بركةٌ عظيمةٌ، وإياكم والإلْفَ أو التوقفَ عن تجديد الدماء؛ فإن ذلك يعطل الطاقات، ويؤخر الوصول إلى الغايات، وإن جماعة تضم من الطاقات والخبرات ما تضمه جماعة الإخوان المسلمين لجديرة بأن تقود مستقبل الأمة إلى التقدم والرقي بإذن الله.

والله أكبر ولله الحمد .

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

القاهرة فى : 10 من ذى القعدة 1430هـ الموافق 29 من أكتوبر 2009م

 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ