ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 26/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


بسم الله الرحمن الرحيم

رسالة تهنئة إلى أبناء شعبنا السوري

بمناسبة عيد الأضحى المبارك وقرب حلول يوم الميلاد المجيد  

أيها الإخوة المواطنون أبناء سورية الحرة الأبية..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. تحيةً طيبةً مباركة.. وكلّ عامٍ وأنتم بخير.. وإنها لمناسبةٌ طيبةٌ، أن نستعيدَ معاً رمزيّةَ الفداء العظيم في عيد الأضحى المبارك، فنقولَ لكلّ المسلمين من أبناء شعبنا: تقبّلَ اللهُ طاعتَكم وصبرَكم وتضحياتكم.. وأن نتذكّرَ في الشهر القادم يوماً أغرّ في تاريخ الإنسانية، ولِدَ فيه رسولُ السلام والمحبة، عيسى بن مريمَ عليه السلام، لنقولَ للمؤمنينَ عامّة، ولإخواننا المسيحيينَ خاصّة: ميلادٌ مجيد، وسلامٌ على روحِ الله وكلمته، يومَ ولِدَ ويومَ يموتُ ويومَ يُبعَثُ حيّا..

 

أيها الإخوة المواطنون.. إن من معاني الفداء العظيم الذي امتُحِنَ به أبو الأنبياء سيدُنا إبراهيمُ عليه السلام، هذا الصبرُ، وتلك التضحيةُ، من الوالدِ الممتحَن، والولدِ الذبيحِ يقولُ لأبيه بثقةٍ وتسليم: (يا أبتِ افعلْ ما تؤمرُ، ستجدُني إن شاءَ اللهُ من الصابرين). ثم ليكونَ الفداءُ رمزيةً متساميةً للإنسان المستسلم لأمر خالقه، حتى في أخصّ خصوصيّته: ولدِه ونفسِه. إن الروحيّةَ التي تُضَحّي هيَ التي تَبني فتُعلي البناء، وهي التي تُصلحُ الفاسدَ، وتقّومُ الاعوجاجَ، وتهدي الشاردَ إلى طريق الحق، أو تأطرُه عليه أطرا..

 

أيها الإخوة المواطنون.. نذكرُ معنى التضحية هذا، ونحن نتابعُ بألمٍ وحسرةٍ ما يدورُ على أرضِ فلسطينَ أرضِ الأنبياء وموطنِ الميلاد المجيد، من احتلالٍ وعدوانٍ وطغيان، وما يحلّ بوطننا وأهلنا من ظلمٍ وقسوةٍ، وأَثَرَةٍ وتفرّقٍ وتباعدٍ، وشحناءَ وبغضاء.. تدبّ في صفوف أبناء المجتمع الواحد، من الفرد إلى الجماعة، ومن الخاص إلى العام، ومن الشعبيّ إلى الرسميّ، حتى أصبحَتْ أمتُنا نهباً للأطماع، لا تملكُ قواماً تقفُ به على قدمين، إلا بحبلٍ من الناس. أمةٌ يغضبُ بعضُ أبنائها للعبة كرة، أكثرَ مما يغضبون لأطرافِ الأمة تُنتقَص، ولسيادتها تُنتهَك، ولثرواتها تُنتهَب، ويموتُ المستضعفون من رجالها ونسائها وأطفالها جوعاً وتجويعا؛ يُحيلُها حبّ الدنيا - كما أخبرَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - إلى غُثاءٍ كغُثاء السيل، حتى يطمعَ فيها كلّ طامع، ويصيرَ أمرُها إلى يدِ عدوّها، فيكونُ عليها الآمرَ الناهي..

لمثلِ هذا يموتُ القلبُ من كمدٍ      إن كانَ في القلبِ إسلامٌ وإيمانُ

 

أيها الإخوة المواطنون.. إن التضحيةَ الحقيقيةَ إنما تكونُ بالصبر على مشاقِّ طريق الحق، الذي هو طريقُ العزةِ والمجد، وطريقُ النجاةِ والخلاص.. فبالتضحيةِ والصبر، نتصدّى لصَوْلاتِ الباطلِ ينالُ من الأنفسِ والأعراضِ والأموال، وبالتضحيةِ والصبر، نحمي مجتمعَنا والمستضعفينَ من أبنائه، من استبدادِ المستبدّين، وفسادِ الفاسدين، كباراً كان هؤلاء المستبدّون والفاسدون أو صغاراً..

وإنه لمن الضروريّ أن نذكرَ في عيد الأضحى المبارك، وفي ذكرى الميلاد المجيد، أنّ المحبةَ والتواصلَ في بناءِ العلاقاتِ الاجتماعيةِ الملتحمة، هي بعضُ مقتضياتِ الطريق لبناءِ مجتمعِ البنيان المرصوص، الذي يَشدّ بعضُه بعضاً، والذي لا يضيعُ فيه حقّ ضعيف، ولا يُترَكُ فيه العنان لقويٍّ يتجبّرُ ويعتدي على الآخرين..

وأساسُ هذه العلاقات الاجتماعية المتضامنة، أسرةٌ قويةٌ، تُبنَى على كتابِ الله وسنةِ رسوله صلى الله عليه وسلم، ويُؤخَذُ الرجالُ والنساءُ فيها بالميثاق الغليظ على كلمة الله، أسرةٌ أفُقُها المودّةُ والرحمةُ، وقاعدتُها قولُ الله عزّ وجل: (ولهنّ مثلُ الذي عليهنّ بالمعروف، وللرجالِ عليهنّ درجة)، وعنوانها قولُ الرسول صلى الله عليه وسلم: (النساءُ شقائقُ الرجال).

نقرّرُ هذا ونحن نتابعُ المداوراتِ والمناوراتِ التي تُحاكُ ضدّ قانونِ أسرتنا الوطنية، مسلمةً ومسيحية، لينتهيَ بنا أفرادٌ، أقلّ ما يقالُ فيهم إنهم لا يتبصّرون في العواقب.. لينتهوا بنا - لا سمحَ الله - إلى مثلِ مجتمعاتِ الانحلالِ والتفكّكِ والتفسّخ، حيثُ تذوبُ كلّ القِيَم الخيّرة، تحتَ مسمّياتِ الشعاراتِ البرّاقة، والمصالحِ الماديةِ الرخيصةِ والعارضة. لن نتحدثَ في هذا المقام عن سوءاتِ الانحلالِ الجنسيّ والإباحيّةِ، وأشكالِ الظلمِ والعنفِ التي تمارَسُ على المرأةِ باسمِ الحريةِ الزائفةِ، والمساواةِ المقنّعة؛ إنما يكفي أن نذكّرَ بأعدادِ الأمهاتِ والآباءِ الذين يموتون على كراسيّهم المتحركةِ في غرفهم المعتمة، ولا يكشفُ موتَهم إلا رائحةُ أجسامهم المتفسّخةِ تَزكمُ أنوفَ الجيران..(فهلْ عَسَيْتمْ إن تولّيتمْ، أن تفسِدوا في الأرضِ وتقطّعوا أرحامَكم!.)

 

أيها الإخوة المواطنون.. في عيد الأضحى المبارك.. وفي يوم الميلاد المجيد..

في هذه الأيام المباركة، تذكّروا أنّ من حقّكم بلْ من واجبكم حينَ تسمعون أزيز أهل الباطل يعملُ ليستبدلَ لنا الذي هو أدنى بالذي هو خير، أن ترفعوا أصواتكم هادرةً لأهل الحق: إنّ مجتمعاتِ أرضِ الأنبياء، لن تُبنَى إلاّ على كلماتِ الله وكما أرادَ الله..

 

أيها الإخوة المواطنون.. وفي هذه الأيام المباركة، علينا أن نتذكّرَ بالدعواتِ الصالحات، كلّ الأحرار والشرفاء الذين يضحّون من أجلِ حريةِ سوريةَ وصلاحها، نتذكرَ شهداءَنا الذين قَضَوا، ومعتقلينا المصابرينَ وراءَ القضبان، ونرفعُ التحيةَ والتجلّةَ، لكلّ المضحّينَ في يوم الأضحى، من أجل الحرية والعزة والكرامة.. نرفعُ التحيةَ والتجلّةَ لقادة إعلان دمشق، رياض سيف، وفداء الحوراني، وأنور البني، وطعمة طعمة، وزملائهم.. وشيخ المعتقلين هيثم المالح، ومهند الحسيني، ويوسف عبد الله الذيب، ولكلّ من غيّبتهم السجون والمعتقلات من سجناءِ الكلمةِ والرأيِ والضمير..

مؤكّدين في هذه الأيام المباركات، أن سوريةَ بلا معتقلاتٍ وبلا سجون، ستكونُ أقوى وأبقى، وأن صباحَ العيد بلا معتقلين وبلا سجناء رأي، سيكونُ أبهى وأجمل..

 

أما أنتم أيها الإخوان المسلمون، وأيها المواطنون السوريون المهجّرون.. حيثما كنتم في مهاجركم، تعانون آلام الغربة، ووحشة البعد عن الوطن.. حسبُكم أنكم ما تزالون - رغم معاناتكم - القابضينَ على الجمر، الثابتينَ على العهد، الأوفياءَ للأهل والوطن.. وحسبُكم أن يعودَ عليكم عيدُكم الثلاثون، بالصبر والثبات والوفاء.. فكونوا حيثما أنتم - وكما كنتم دائماً - نبعاً للعطاء، وجسراً للمحبة والإخاء..

تقبّلَ الله طاعاتِكم.. وكلّ عامٍ وأنتم وسوريةُ وأرضُها وشعبُها، بخيرٍ وأمنٍ وحريةٍ وعافية.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

9 من ذي الحجة 1430 الموافق 26 تشرين الثاني 2009

أخوكم: علي صدر الدين البيانوني

المراقب العام للإخوان المسلمين في سورية

   

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ