ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
بسم
الله الرحمن الرحيم بيان مجلس الشورى لجماعة
الإخوان المسلمين في سورية في
ختام دورته العادية الأولى يا أبناء أمّتنا العربية
والإسلامية يا جماهير شعبنا في سورية
الأبيّة تمرّ
أمّتنا في حقبةٍ تاريخيةٍ
تَمَكَّنَ فيها الظالمون
بباطلهم، في عالَمٍ تتسلّط على
شعوبه المستضعَفَةِ الدولُ
الاستعماريةُ القديمةُ -
الجديدة، التي امتلكت قوةً
هائلة، سخّرتها للتدمير
والتخريب وإشاعة الظلم والقهر
والفوضى، وجعلت من جبروت القوة
وسيلةً للابتزاز والإذلال،
فضاعت القِيَمُ الإنسانية،
التي من المفترض أن تتحكّم
بالنفس البشرية، لتتصدّى
للمهمّة الأساس التي أوكلها
الله عزّ وجلّ إليها، وهي:
عِمارة الأرض، وإحقاق الحق،
ونشر العدل والسلام بين الناس!..
(.. هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ
الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ
فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ
تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي
قَرِيبٌ مُجِيبٌ) (هود: من
الآية 61). لقد
التقت عقيدة القوّة الطاغية، مع
الإمكانات المادية الهائلة،
فكانت النتيجة: بطشاً وظلماً
واستعباداً ونزفاً للدم في كل
مكان، فاختلّت المفاهيم
والموازين الإنسانية، ولم تعد
خافيةً على عاقلٍ في هذه الدنيا..
تِلْكُمُ الأصابع الخفيّة التي
تُحرِّك مِعْوَلَ الشرّ:
الأصابع الصهيونية، التي التقت
مصالحُ أصحابها، مع مصالح تلك
القوى المصابة بجنون
العَظَمَةِ والتسلّط.. فكانت
الحربُ المستمرّة الضارية
موجهةً ضد الإسلام، دِيناً
وعقيدةً ومنهج حياة.. وضدّ
العالَمَيْن العربيّ
والإسلاميّ، مَهداً وأرضاً
للإسلام.. وضدّ المسلمين،
إنساناً وأداةً لمقاومة الظلم
والعبودية لغير الله عزّ وجلّ!.. لقد
سقطت - مع إسقاط القِيَمِ
الإنسانية من قِبَلِ هؤلاء -
كلُّ الدعاوى العِراض
المزيِّفةِ للحقائق على مدى
قرنٍ كامل، فسقطت مزاعم تحقيق
الحرية والديمقراطية واحترام
حقوق الإنسان والدفاع عن
استقلال الدول تحت لافتة
الشرعية الدولية!.. وظهرت
استراتيجيّتهم جليّةً تجاه
شعوبنا وأوطاننا: التفتيت
والتجزئة، لخدمة مخطّطات
السيطرة والاحتلال، ومَنْعِ أي
حالة نهوضٍ حقيقيةٍ لأمّة العرب
والإسلام!.. ضمن
هذا الواقع المشحون، يبرز بين
ظهرانينا أصحاب المشروعات
الطائفية البغيضة، أداةً من
أدوات تنفيذ استراتيجيّات
التفتيت، ومِعْوَلاً يهدم
أركان الأمة: عقيدةً وكرامةً
ومَنهجاً ووحدةً ووجوداً
وحضارةً ومعالمَ حياة، ويستمرّ
-ببروزهم- جرحُ الأمة النازفُ في
العراق الأبيّ، وشلالات الدم في
أفغانستان المسلمة، والاضطراب
في اليمن العربيّ.. وتستمرّ
الأجواء المشحونة في عددٍ من
أقطار العرب والمسلمين.. في
الوقت الذي كنا ننتظر من
المسلمين كلهم، أن يكونوا
ظهيراً وسنداً ودعماً وحمايةً
للمستضعَفين!.. يا
أبناء سورية العزيزة: إننا
–إزاء ذلك كله- نتطلّع إلى
الإسلام عقيدةً صافية، وقلباً
نابضاً بمحبة الناس، وروحاً
دفّاقةً تسمو بالأخلاق
الإنسانية في فضاءات الكون،
ومَنهجاً يبسط على الشعوب ظلالَ
العدل والمساواة والسعادة
والرفاهية والأمن والسلام،
واحترامَ إنسانية الإنسان
وحقوقه، واحترامَ الكرامة
والمروءة الإنسانية، وإحياءَ
الروح الإنسانية الحقيقية، بكل
ما تختزنه من رحمةٍ وقِيَمٍ كريمةٍ
عزيزة. يا
أبناء سورية الأبيّة: إنّ
الصراع مع العدوّ الصهيونيّ هو
صراع مصير، وإنّ ما يجري على أرض
فلسطين عامةً، وغزّة بخاصّة.. هو
جزء من هذا الصراع، وإنّ ما
تعاني منه غزّةُ هاشم، من حصارٍ
وعدوانٍ وتجويعٍ.. هو جريمة
إنسانية لا يمكن السكوت عنها أو
تجاهلها، ولا يمكننا إلا أن
نصرخَ في وجه هذا النظام
العالميّ الجائر: أن أوقفوا هذه
الجريمة، ورُدّوا المعتدي عن
أطفال غزّة ونسائها وشيوخها. وإننا
إذ نذكر غزّة ومحنتها، لا بدّ أن
نذكرَ بالإجلال والإكبار،
تركية المسلمة، وأسطول الحرية
التركيّ، وكلّ الأحرار
والحرائر الذين حاولوا كسر
الحصار عن أهلنا في غزّة.. ولا بد
أن نعتزّ بالشهداء، الذين فتك
بهم المحتل الصهيونيّ، ومضوا –إن
شاء الله- إلى جنةٍ عرضُها
السماواتُ والأرض.. ولا بدّ أن
نؤيّد وندعم كل جهدٍ إنسانيٍّ
يسهم في رفع الظلم عن أهلنا في
غزّة. يا
أبناء سورية الأبيّة: لقد
حسمت القوى الكبرى أمرَها
وموقفها تجاه النظام السوريّ:
الاستقرار لا الاستبدال،
والاستمرار ولو بالاستبداد!..
فاستؤنِفَ قمع الإنسان السوريّ
واضطهادُه، وعادت الحالة
التسلّطية عبر تحدّي قِيَمِ
الإسلام وعقيدته، واستمرّ
تعطيل الحياة السياسية،
وتجدّدت حملات ملاحقة الأحرار
وأصحاب الرأي ومطاردتهم،
واستمرّت اعتداءات الأجهزة
الأمنية، متسلِّحةً بالأحكام
العُرفية وقوانين الطوارئ
والمحاكم الاستثنائية،
وبالسلوك الاستئصاليّ البغيض،
وكان من مظاهر هذا القمع: امتداد
حملات العدوان واشتدادها على
الفتيات السوريات،
كالأسيرتَيْن: (طَلّ الملّوحي) و(آيات
أحمد).. والعدوان على حرية
الطاعنين في السنّ، كالقاضي
والمحامي الثمانينيّ الأسير (هيثم
المالح).. والعدوان على حجاب
المرأة السورية المسلمة،
بذريعة مَنع نقابها، كما وقع مع
ألفٍ ومئتي مُدَرِّسَةٍ
محجَّبةٍ ومنقّبة.. واستمرار
العدوان على مثقّفي سورية
وشبابها وأحرارها ومفكِّريها
وأدبائها وعلمائها. أما جولاننا المحتلّ،
فلا نملك إلا أن نتساءل: هل يمكن
أن يتحرّر من قيد العدوّ
الصهيونيّ، بشعبٍ مكبَّلٍ
مقهور، ووطنٍ أسيرٍ ينتشر فيه
الفساد والقمع بمختلف أشكاله؟!.. يا
أبناء سورية العزيزة: إننا
–في مجلس الشورى- إذ نعلن
استنكارنا لكل الإجراءات
القمعية التي تمارَس بحق شعبنا
السوريّ بكل فئاته.. لنؤكّد
إيماننا الراسخ بسنن الله عزّ
وجلّ في هذه الأرض، التي تُفضي
إلى زوال الظلم، وانتهاء
الباطل، كما نؤكّد ثقتنا بدروس
التاريخ السوريّ المشرق،
الراسخة في ضمائرنا كرسوخ أشجار
السنديان في جبال الشام
وسهولها، بأنّ حرّية شعبنا آتية..
آتية، إننا –بإذن الله- على
يقين. كما
نعلن تضامننا مع كل أحرار سورية
وحرائرها في سجون النظام،
ونطالب بإطلاق سراحهم فوراً من
غير قيدٍ أو شرط.. ونبسط أيدينا
إلى كل عاشقٍ للحرية في وطننا،
للعمل على بناء وطنٍ سوريٍّ
فسيحٍ لكل السوريين، ضمن وحدةٍ
وطنيةٍ متراصّة، تحقِّق الخير
والمساواة والعدل في ربوع سورية
الأبية. يا
أبناء سورية العزيزة: لقد
اطّلع مجلس الشورى، في دورته
العادية الأولى، على تقارير
المكاتب التنفيذية لقيادة
الجماعة، وقام بتقويم مسيرة عمل
القيادة للمرحلة الماضية،
ورَسَمَ معالم المرحلة
القادمة، وأكّد أنّ سياسة
الجماعة وموقفَها في المرحلة
الجديدة، تتوافق بخطوطها
العامة، مع سياستها وموقفها في
المرحلة السابقة.. ومارس حقَّه
الشرعيَّ والدستوريَّ بانتخاب
مراقبٍ عامٍ جديدٍ لها، هو الأخ
رياض الشقفة (أبو حازم)،
وقيادةً جديدةً للمرحلة
المقبلة، وثمّن جهودَ المراقب
العام الذي انتهت مدّة تولّيه
المسؤولية: فضيلة الأخ علي صدر
الدين البيانوني، وجهودَ
القيادة التي كان على رأسها في
المرحلة الفائتة.. وذلك على أمل
استمرار مسيرة البذل والعطاء،
لتحقيق الخير والحرية لسورية
وشعبها، بإذن الله عزّ وجلّ. (قُلْ
هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى
اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا
وَمَنِ اتَّبَعَنِي
وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا
أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (يوسف:108).
صدق الله العظيم.. والله أكبر
ولله الحمد. 3
من آب 2010م مجلس
الشورى لجماعة
الإخوان المسلمين في سورية
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |