ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ولا
يحيق المكر السيئ إلا بأهله رسالة
من : أ.د. محمد بديع المرشد
العام للإخوان المسلمين الحمد
لله والصلاة والسلام على رسول
الله وعلى آله وأصحابه ومن سار
على هديهم وسلك طريقهم إلى يوم
الدين ... أما بعد: فإلى كل
مسلم غيور حاكم أو محكوم وإلى كل
محب للخير، وراغب في الحرية،
ومشتاق للعدل إلى من
يُنشدون السلام العالمي ويطمعون
في أن يعم الأمن المجتمعات أوجه
هذه الكلمات أداء للأمانة التي
حملنا الله إياها، وقياما بحق
الدعوة التي كلفنا الله بها: ((وَلْتَكُنْ
مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ
إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ
عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ)) آل عمران:
104. أيها
المسلمون أجمعون ... أيها الناس
في كل مكان اعلموا
أن للكون إلهًا يهيمن عليه،
ويصرف أموره، ويدبر شؤونه، ولا
يقع فيه إلا ما يريد: ((وَهُوَ
الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ
وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ))
الأنعام: 18. ومن هذا الأساس فنحن
لا نخاف إلا من الله، ولا نركن
إلا إليه، ولا نعتز إلا به، ولا
نتوكل إلا عليه.. وقد جعل
الله العدل قوام المجتمعات، فهو
يَدْعُو إلَى الْأُلْفَةِ،
وَيَبْعَثُ عَلَى الطَّاعَةِ،
وتُعَمَّرُ بِهِ الْبِلَادُ،
وَتَنْمُو بِهِ الْأَمْوَالُ،
ويبارك فى الذرية، وَيَأْمَنُ
بِهِ السُّلْطَانُ، ومن ثم أمر
الله به: ((إِنَّ اللَّهَ
يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ
وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي
الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ
لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ))
النحل:90. وبالعدل
يدوم الملك، ويملك الحاكم قلوب
الرعية، وبالجور والقهر لا يملك
شيئا، ولا يرى إلا المنتفع ولا
يسمع إلا للمنافق، والقلوب عليه
مختلفة، والدعاء عليه ليل نهار .
كما جعل
الله الظلم سبب الهلاك قال الله
تعالى: ((وَتِلْكَ الْقُرَى
أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا
ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا
لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا)) [الكهف:
59]. وإن
الله - عز وجل - لا يغيب عنه ظلم
الظالمين: ((وَلَا تَحْسَبَنَّ
اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا
يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ
إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ
لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ
الْأَبْصَارُ)) إبراهيم: 42. إن الله
عز وجل يملي للظالمين لكنه لا
يهملهم: عَنْ أَبِي مُوسَىَ رضي
الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ
اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُمْلِي
لِلظَّالِمِ، فَإِذَا أَخَذَهُ
لَمْ يُفْلِتْهُ». ثُمَّ قَرَأَ:
((وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ
إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ
ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ
أَلِيمٌ شَدِيدٌ)) [هود: 102]. وقد جعل
الله للكون سننًا لا تتخلف،
وقوانين مطردة في بقاء الأمم
وهلاكها، ((فَهَلْ يَنْظُرُونَ
إِلَّا سُنَّةَ الْأَوَّلِينَ
فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ
اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ
تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ
تَحْوِيلًا)) فاطر: 43. وهذا
جانب من هذه السنن: 1)
لقد أرسل الله الرسل وختمهم
بمحمد صلى الله عليه وسلم،
وأنزل الكتب وختمها بالقرآن
الكريم؛ ليهدي البشرية لما فيه
خيرها، وليحذرها مما فيه هلاكها..
قال الله تعالى: وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
فَمَنْ آَمَنَ وَأَصْلَحَ
فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا
هُمْ يَحْزَنُونَ* وَالَّذِينَ
كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا
يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا
كَانُوا يَفْسُقُونَ)) [الأنعام:
48 – 49]. 2)
حين تستكبر الأمم، وتعاند
وتكذب ما جاءت به الرسل، وتظل
سادرة في طريق الغواية
والضلالة، فإن الله عز وجل ينزل
بها الشدائد، ويبتليها ببعض
المحن، لعلها تفيق، وتعرف ربها،
وتهرع بالوقوف ببابه، والتضرع
إليه قال تعالى: وَلَقَدْ
أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ
قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ
بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ
لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ)) [الأنعام:
42]. 3)
إذا لم تجد معهم هذه
الابتلاءات، وزين لهم الشيطان
سوء أعمالهم، كما قال الله
تعالى: فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا
تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ
قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ
الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا
يَعْمَلُونَ)) [الأنعام: 43].
وإذا ظلوا في طغيانهم
يعمهون، وتطاولوا على الرسل
وهددوا بإخراجهم: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا
لِرُسُلِهِمْ
لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ
أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ
فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى
إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ
لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ))
[إبراهيم: 13]. حين يصل بهم
الاستبداد إلى هذا المدى، فإن
الله يمهلهم فترة من الزمن،
ويمتعهم حينا من الدهر، ثم ينزل
بهم بأسه الشديد: ((فَلَمَّا
نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ
فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ
أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى
إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا
أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً
فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ.
فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ
الَّذِينَ ظَلَمُوا
وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
الْعَالَمِينَ)) [الأنعام: 43 - 45]. 4)
ومن حكمة الله إهلاك العصاة
الجاحدين، وهم في أعلى درجات
الترف، وفي أشد لحظات المتعة؛
ليكون أشد وقعا على نفوسهم؛
فالإنسان في لحظات الشدائد
يتمنى الموت؛ ليتخلص مما يعانيه
من آلام؛ وفي لحظات النعيم
والترف تمتد به حبال الآمال،
ويتعلق بطول الآجال لينعم بما
هو فيه من ترف، وليرتعوا في
الفسوق والعصيان؛ وليتمتعوا
بما أحاط بهم من الشهوات
والملذات، وبذلك يتحقق لهم
الهلاك ويحق عليهم وعيد الله: ))وَكَمْ
قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ
كَانَتْ ظَالِمَةً
وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا
قَوْمًا آَخَرِينَ. فَلَمَّا
أَحَسُّوا بَأْسَنَا إِذَا
هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ. لَا
تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى
مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ
وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تُسْأَلُونَ. قَالُوا
يَاوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا
ظَالِمِينَ. فَمَا زَالَتْ
تِلْكَ دَعْوَاهُمْ حَتَّى
جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا
خَامِدِينَ)) [الأنبياء: 11 - 15]. أيها
المسلمون: احذروا
من المفسدين أدعياء الإصلاح: وحتى لا
ينخدع الناس بالمفسدين،
المتشدقين بدعوى الإصلاح، وحتى
لا نقع في شراك الظالمين، حذرنا
الله عز وجل من طائفة من الناس
لهم أقوال مزخرفة، وألسنة
معسولة، يعجب بها العوام،
ويحسبون أن من ورائها إصلاح،
بينما هم أس الفساد وأساس
الدمار: ((وَمِنَ النَّاسِ مَنْ
يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي
الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا
فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ
الْخِصَامِ. وَإِذَا تَوَلَّى
سَعَى فِي الْأَرْضِ
لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ
الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ
وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ
الْفَسَادَ. وَإِذَا قِيلَ لَهُ
اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ
الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ
فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ
وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)) البقرة
204 - 206. ولو نهيتهم عن الفساد
أجابوك بأنهم مصلحون:
((وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ
قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ
مُصْلِحُونَ . أَلَا إِنَّهُمْ
هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ
لَا يَشْعُرُونَ)) البقرة: 11 - 12. وفي
موضع آخر بين أن في كل دولة
أكابر في الإجرام: ((وَكَذَلِكَ
جَعَلْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ
أَكَابِرَ مُجْرِمِيهَا
لِيَمْكُرُوا فِيهَا وَمَا
يَمْكُرُونَ إِلَّا
بِأَنْفُسِهِمْ وَمَا
يَشْعُرُونَ))
الأنعام: 123. وقد
تضمن هذا البيان أن مكرهم سيرتد
إلى نحورهم، وقد تأكد ذلك في
آيات أخر قال الله تعالى: ((وَلَا
يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ
إِلَّا بِأَهْلِهِ)) [فاطر:43].
وإذا كان ذلك مكرهم فلله مكر
وتدبير: ((وَمَكَرُوا مَكْرًا
وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ
لَا يَشْعُرُونَ. فَانْظُرْ
كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ
مَكْرِهِمْ أَنَّا
دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ
أَجْمَعِينَ. فَتِلْكَ
بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا
ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ
لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ))
[الشعراء: 50 – 52]. إن هؤلاء لا
يعجزون الله مهما كان مكرهم،
ومهما كان سبقهم في العدة
والعتاد، ((وَلَا يَحْسَبَنَّ
الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا
إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ.
وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا
اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ))
الأنفال: 59 - 60. لابد من
مقاومة الظالمين: لقد حض
الإسلام أتباعه على الوقوف في
وجه الظالمين بالنصح والإرشاد،
والنطق بكلمة الحق أمام
الجائرين، ولو كلفهم ذلك دفع
حياتهم ثمناً، فعن جابر رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: «سيد الشهداء حمزة بن
عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام
جائر فأمره ونهاه فقتله». بل جعل
ذلك من أفضل الجهاد، عَنْ أَبِي
سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله
عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ
صلى الله عليه وسلم: «أَفْضَلُ
الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ
عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ أَوْ
أَمِيرٍ جَائِرٍ». والقيام
بهذا الواجب يحتاج إلى إيمان
ثابت ويقين راسخ، وتوكل تام على
الله عز وجل، والخوف والهيبة
منه وحده لا شريك له، والثقة
الكاملة بأن الخلق لا يملكون
لنا ضراً ولا نفعاً ولا موتاً
ولا حياة ولا نشورا، فكل ذلك
يمنح المؤمن إرادة قوية وعزيمة
صادقة، وشجاعة في قول الحق
وإعلانه، والوقوف في وجه الجور
والظلم، وكل ذلك يتجلى في قول
رسول الله صلى الله عليه وسلم
"أَلاَ لاَ يَمْنَعَنَّ
رَجُلاً مَهَابَةُ النَّاسِ
أَنْ يَتَكَلَّمَ بِالْحَقِّ
إِذَا عَلِمَهُ، أَلاَ إِنَّ
أَفْضَلَ الْجِهَادِ كَلِمَةُ
حَقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ
جَائِرٍ» لأنه حقيقية لا يقدم
من أجل ولا يؤخر من رزق والآجال
والأرزاق بيده وحده عز وجل . واقع مر
وحال لا يسر: إن
الناظر إلى الواقع المحيط بنا،
والمتأمل فيما يقع على الساحة
العالمية، يستطيع أن يرى أن
التوجه العام العالمي يعمد إلى
أن يعم الاستبداد ديار
المسلمين، وأن يملأ الطغيان
والفساد كل البلاد، وأن يصطلي
بناره كل العباد، ولعل هذا جزء
من مخطط عالمي كبير لإقصاء
الإسلام من أن يحكم، حتى ولو جاء
بطريق الديموقراطية، وأيضا
لإبعاد المسلمين من أن يكون لهم
دور في سياسة بلادهم، أو عمل
لإعزاز أوطانهم.. واسترداد
حرياتهم.. وأضحت فلسفة الطغاة
المستبدين عولمة الاستبداد،
ونشر الفساد والانحلال، وبث
الظلم، وتمزيق المتجمع، وتفريق
المتحد؛ حتى يتمكنوا من الوصول
إلى مصالحهم المادية، ومطامعهم
الاستعمارية، وإذا كان
المستعمر قد رحل لكن نفوذه
وهيمنته على تلك الدول مستمر!.
وكل ذلك على صورة من الجشع
والنهم لم تر الدنيا لها مثيلا..
وأصبحت هذه المعاني هي محور
التنافس بين الدول القوية.. وإن
حاولت كل منها أن تستر جشعها
ومناورتها بستار من دعوى
المبادئ الاجتماعية الصالحة
والنظم الإنسانية الفاضلة كنشر
الديمقراطية، وتعميم الحرية،
وتحقيق العدالة، والمحافظة على
حقوق الإنسان.. مظاهر
الظلم والاستبداد في الدول
العربية الإسلامية: وإذا
كان هذا جانب من الاستبداد
العالمي فإنه يقابل باستبداد
أنكى وأشد من كثير من الحكومات
الإسلامية والعربية، والذي
تتجلى مظاهره في: 1.
القضاء على رموز الأمة من
الرجال، وأصحاب العقول
الناضجة، واستئصال كل من تفوق،
وإقصاء أصحاب المواهب والقدرات
من الوظائف المؤثرة في بناء
المجتمع، وإسنادها إلى
المقربين ومن لا خبرة لهم . 2.
ترتب على ذلك أن وسد الأمر
إلى غير أهله فضيعت الأمانة،
فكان تبديّد
أموال الشعب على الشهوات
والملذَّات، ومصادرة الحريات
ونهب الممتلكات، ورهن مصالح
الوطن وإرادتها للأجنبي، وساد
التخلف والفقر والبطالة
والنفاق والفساد". 3.
منع النقابات والمؤسسات
الأهلية من القيام بدورها بل
وإغلاقها، منذ عشرات السنين،
وحجب كل ما يعمل على تنوير
النفوس أو كل ما يبث الشجاعة
والثقة بالنفس أو يحقق تلاحم
أبناء المهنة جميعا يدا واحدة
من أجل صالح مهنتهم ووطنهم
مسلمين ومسيحيين . 4.
العمل الدؤوب على تدمير روح
المواطنين، وقتل الولاء عندهم،
وتعويد الناس على قبول الذلة،
والرضا بالهوان، واستمراء
الخسة والضعة، والعيش بلا كرامة.
5.
وجود الشرطة السرية
والجواسيس وبث العيون في أرجاء
البلاد... وإقصاء كل شريف نبيل عن
الوظائف الحكومية باسم تقارير
أمن الدولة. 6.
إفقار عامة الشعب حتى
ينشغلوا بالبحث عن قوت يومهم،
فلا يجدون من الوقت ما يتمكنون
فيه من العمل للتغير والإصلاح. 7.
إرهاق كاهل الفقراء
بالضرائب والجمارك والرسوم،
ووضع العراقيل أمامهم عند سعيهم
لإقامة مشروعات يكسبون منه
أقواتهم، في حين تسهل لأصحاب
النفوذ وأقاربهم.. فلا ضرائب ولا
جمارك ولا رسوم، مما يترتب عليه
تركيز الثروة في يد أصحاب
السلطة، وبتزاوج السلطة
والثروة ينتشر الفساد
والفقر، حيث يزداد الغني
غنى ويزداد الفقير فقرا.. أيها
الحكام اعدلوا حتى تنعموا
بالأمن والنوم: ولا
أحسب أن حاكما يستطيع أن ينام في
بيت أو أن ينزل إلى الشارع أو
يمشي في الأسواق أو حتى يدخل بيت
من بيوت الله دون حراسة، مع أن
هذه الحراسة لا تغني عنه فتيلا،
وأعظم من تلك الحراسة لو اتخذ من
العدل حراسا، كما يروى عن «يزدجرد»
آخر ملوك فارس: أنه بعث رسولا
إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه
وأمره أن ينظر في شمائله، فلما
دخل المدينة قال: أين ملككم؟
قالوا: ليس لنا ملك، لنا أمير
خرج، فخرج الرجل في أثره، فوجده
نائما في الشمس، ودرته تحت
رأسه، وقد عرق جبينه حتى ابتلت
منه الأرض، فلما رآه على حالته
قال: عدلت فأمنت فنمت. وصاحبنا
جار فخاف فسهر، أشهد أن الدين
دينكم، ولولا أني رسول لأسلمت،
وسأعود - إن شاء الله. أيها
الحكام العرب والمسلمين: أما آن
لكم أن تكفوا عن الظلم وعن
الفساد وأن تضربوا على يد
المفسدين، وأن تتركوا لليد
الطاهرة، والقلوب المؤمنة،
والنفوس المخلصة للوطن والشعب،
أن تسير في طريقها للبناء، وأن
تأخذ سبيلها للنهوض بهذا البلد
الذي خيم عليه الظلم عقوداً .. أيها
الظالمون والمفسدون الخير لكم
أن تسمعوا لنصحنا قبل فوات
الأوان، وقبل أن تحل ساعة الندم
ولحظة العقاب، التي لا ينفع
معها ندم، ولن يدفع عنكم غضب
الله ما جمعتم من مال ظلماً
وعدواناً، ولن ترد عنكم قوتكم
ولا جندكم غضبة الشعوب، ولن
يحميكم الغرب الذي تركنون إليه،
وسينفض يده منكم ولسان حاله
يقول إني أرى ما لا ترون.. قبل أن
تحل هذه الساعة استمعوا إلى صوت
العقلاء من شعوبكم الذين يخلصون
لكم النصح، واحذروا المنافقين
الذين يزينون لكم سوء أعمالكم،
ويدفعونكم إلى العدوان على
شعوبكم، وتعاملوا بلغة الحوار
بدلاً من لغة العصا الأمنية
الغليظة، والتي لا تؤدي إلا إلى
الفوضى، وإذا أردتم الاستقرار
الحقيقي، والأمن التام،
والتنمية الشاملة، والحرية
والعدالة للجميع، فلن يكون ذلك
إلا في ظل المنهج الإسلامي
الوسطي المعتدل، الذي يدعوا إلى
الحرية والمساواة والعدل.. إِنْ
أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ
مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا
تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ
عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ
وَإِلَيْهِ أُنِيبُ)) هود: 88. والله
من وراء القصد وهو الهادي إلى
سواء السبيل القاهرة
فى : 16 من صفر 1432هـ الموافق 20 من
يناير 2011م
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |