ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
في
تقدير الموقف تراه
متّبعا حينا ومتبًعا ... يعملون
ونعمل خير من عناق يخنقنا جميعا زهير
سالم* لا
شك أن حدا من ( الشخصانية ) يتحكم
بسلوك مجموعة كبيرة من البشر .
بل أكاد أقول لا يكاد يخلو منه
بشر . كان السادة الصوفية يقولون
( إن حب الرئاسة آخر ما يخرج من
قلوب الصديقين ) ؛ فتأمل . ولاشك
أن منسوب المشاعر الفردية أكثر
ارتفاعا عند الإنسان السوري ،
كشكل من أشكال التعبير عن
نرجسية حضارية وثقافية تم قمعها
لعقود طويلة ثم تجد طريقها
اليوم للتعبير في أجواء تفتح
الربيع العربي . ولكن
ما نشهده اليوم من تنابذ على
ساحة المعارضة السورية ، في
مناخ ثورة تُسفك فيها الدماء
ويذبح فيها الأطفال وتنتهك فيها
الأعراض وتدمر فيها البيوت
تجاوز كل التوقعات . أعلم أن
البعض سيسوق نفس هذا الذي أحتج
به للدعوة إلى ضرورة التشابك
والالتحام ، ليسوغ لنفسه ما
يتخذ من مواقف شخصانية غارقة في
اللامسئولية إلى حد كبير . هذا
المقال يعالج حالة وطنية ولا
يجري وراء مواقف أشخاص ولا فئات
ولا جماعات . ولذا أرجو ألا
يحاول أحد أن يسقطه على أي حالة
من الحالات الفردية أو الجماعية
التي ابتُلي بها موقفنا الوطني
؛. فلكل إنسان معاذيره التي
يستطيع دائما أن يدلي بها ، وأول
جواب يمكن أن يصدر عن توجيه
الاتهام لأي فريق أو شخص هو
اتهام مقابل ورد للحجر من حيث
جاء ، فتضيع الفائدة التي نتطلع
إليها أو نرجوها في هذا المقام ..
نحن
مضطرون ، ارتقاء لمستوى
التحديات المفروضة علينا
وحسبنا سيل دم شعبنا المراق
ظلما ، إلى تشكيل ( مظلة وطنية )
تجمعنا . هو واجب جماعي وهي
شراكة إجبارية أو اضطرارية في
ظل الواقع القائم . نحن ركاب
قارب في رحلة طويلة ، لم يكن لنا
يد في اختيار الكثير من
معطياتها . إنه جاري على كرسي
الطائرة ، أو شريكي في غرفة فندق
فرضتني الظروف عليه حتى لا أقول
فرضته الظروف علي . والعاقل
والحكيم والأريب هو الذي يمتلك
قدرة على التكيف والاستثمار في
الظرف الذي هو فيه .. قناعة
( أنا ) أو كل شيء خراب ، لا تصلح
لبناء موقف وطني جماعي يشترك
فيه الناس . يكفي أن يذكر
الإنسان نفسه أنه زائل وأن
الشمس بعده ستشرق والشجر سيورق .
والانتقاد الذي يوجه لزيد يمكن
أن يوجه أكثر منه لعمرو ، ورضا
الناس غاية لا تدرك ولاسيما في
وضع ديمقراطي مفتوح يحق فيه لكل
قائل أن يقول .. ربنا
سبحانه وتعالى يقول ((وَجَعَلْنَا
بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً
أَتَصْبِرُونَ)) وأي فتنة
أكبر من فتنة عمل جماعي يختلط في
تأجيج نارها نتاج العقول
والنفوس . من ضخامة العبء وشدة
البلوى يأتي الأمر بالصبر .. (
أتصبرون ... ) ليرسم الطريق
للعقلاء الذين يقبلون الأثرة
ويرفضون الاستئثار . إن
صلاحية الفرد للعمل الجماعي هي
بعض معالم النضج في شخصيته على
المستوى العام . ولقد سبق للشاعر
العربي لقيط بن معمر أن وصف
القائد المجرب بقوله : وقلـدوا أمـركم لله دركـــمُ
رحب الذراع بأمر الحرب
مطلعا لا يزال يحلب هذا الدهر أشطره
تــراه متبعا حينـا
ومتبعــا متبعا
ومتبعا الأولى بكسر الباء
والثانية بفتحها . درس لا بد منه
لينجح بنا المسير . إن
حالة التناوش والتنابذ التي
تعيشها المعارضة السورية بعد
عام على الثورة لا تسر صديقا ولا
تغيظ عدوا . ولقد شغل الحرص على
اللقاء والاجتماع عن القيام
بالكثير من الواجبات لخدمة
المشروع الأساس . يرضى زيد فيغضب
عمرو ثم ينضم إلى هذا وذاك بكر
في دوامة لا يبدو لريحها العاصف
من سكون . ربما يرى العاقل بعد أن
تمادى بنا المدى إنه من الأفضل
أن نجدد صيغا للعمل لا يتحمل
فيها فريق وطني وزر ما يفعله
فريق . كلٌ يقدم للمشروع الوطني
ما يملك ، دون أن يسمح للآخرين
أن يجعلوا منه شماعة لكل ما
يفرزه الواقع من عجز أو من قصور .
إنه لا سبيل لإرضاء مجموعة أو
فئة ترى لنفسها حقوقا وطنية
أولية متقدمة على حقك ، ولا سبيل
لإرضاء شريك يرى في شريكه سدا في
وجه طموحاته ، و قاطعا للطريق
على تطلعاته .. العمل
الجماعي مطلوب لكي يشترك الجميع
في حمل العبء ودفع المسيرة ، إما
حين يتحول إرضاء الشركاء (
المتشاكسين ) على خلفيات
شخصانية إلى هدف يشغل عن الهدف
الأساس . أو حين يتحول وجود
الشريك في نظر شريكه إلى عبء
ينشر وقته وجهده ؛ تصبح مراجعة
الموقف و إعادة التقدير
والتدبير أمرا ضروريا . إن
قوما قضوا ثلاثة عقود يعملون
لهذا المشروع الوطني لا يمكن أن
يديروا ظهرهم له اليوم في مشغلة
الاسترضاء اللامتناهية . ومع
كل التمنيات للآخرين بالتسديد
والتوفيق . ندعو إلى التفكير في
عنوان جديد : نعمل ويعملون
ونتخلى عن هذا العناق الذي لن
تعذرنا فيه دماء الشهداء وأصوات
المستغيثات. لا
نقبل أن نكون عبئا على أحد ولا
أن ينظر إلينا كذلك . ولا نقبل في
هذا المنعطف التاريخي الهام من
تاريخ شعبنا أن ننشغل عنه بفيل
وقال ، ولا بإضاعة جهد ووقت
فيكفي ما كان . واجب
الوقت الأول فيما نحن فيه
لمشروع سورية العدل والحرية
والمساواة . لدموع بناتنا ودماء
أبنائنا على خلفيتها الوطنية
المجردة من أي إضافة . وانتظارا
لمثل هذا اليوم أعددنا وصبرنا
وصابرنا . ولن نكون شماعة يلقي
عليها أحد عجزه وقصوره وهوى
نفسه . وحسبنا قول ربنا : ((قُلْ
كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى
شَاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ
أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدَى
سَبِيلاً))... وقل
اعملوا إنا عاملون .... لندن 28 / 3 / 2012م ---------------- *مدير
مركز الشرق العربي للاتصال
بمدير المركز 00447792232826
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |