ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 20/09/2012


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

مواقف

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة

 

في تقدير الموقف:

الثورة السورية والمعادل الزمني ...

الساعة الدموية

زهير سالم*

 

تكمل ثورتنا الوطنية في سورية في هذه الأيام العام والنصف من عمرها . ومع الكلفة اليومية بل الساعية الغالية التي يدفعها الثوار على الأرض ؛ يبدو أن الكثيرين لا ينتبهون إلى معادل الزمن هذا أو لا يبالون به . وبينما تعتبره الزمرة المتسلطة الفرصة الممنوحة لها من المجتمع الدولي ، اختيارا أو اضطرارا ، فتعمل على استغلاله أبعد استغلال وأسوأه ؛ يبقى الآخرون مشغولين عنه أو مترددين في وديان الحيرة والضياع .

 

يمكن بكل الثقة أن نقرأ المعادل الزمني للثورة على أنه مؤشر صمود وثبات ونمو واطراد لهذه الثورة . يمكننا أن نقول إن هذه الثورة يوما بعد يوم تثبت قدرتها ، وتحقق المزيد من انتصاراتها ، وتقترب من تحقيق أهدافها ، وتنتقص أكثر من أطراف عدوها .

 

ولكن النظرة الموضوعية المكافئة تضعنا أمام معادلة أخرى تجعلنا تقرأ المشهد بطريقة مختلفة . إن فاتورة القتلى المئوية اليومية مع ما تشكله من فساد شرعي وألم إنساني تعتبر شكلا من أشكال النزيف الثوري . فهؤلاء الشهداء هم إما من حامل الثورة أو من حاضنها وهذا بحد ذاته يعتبر خسارة لا يمكن لأحد أن يتهاون بها ، أو أن يظهر التعود عليها ، أو أن يعتبرها ضريبة طبيعية يجب على الثورة أن تواصل دفعها على المدى الزمني المفتوح .

 

كما تمثل فاتورة اللاجئين المتعاظمة ، اللجوء الداخلي والخارجي ، ودائما دون نسيان البعد الإنساني ، نزيفا حادا في جسم حاضن الثورة . صحيح أن عصابات الأسد لم يكن لديها أي خط أحمر أخلاقي في التحرز عن قصف المدنيين ؛ إلا أن الحاضن المدني بالنسبة للثوار كحوض الماء بالنسبة للأسماك . إن نزيف هذا الحاضن ينقل المعركة الثورية من وضع استراتيجي إلى آخر ، من حرب تحرير شعبية إلى حرب مواجهة شاملة لا تملك الثورة السورية القدرات الأولية لخوضها .

 

في اعتبار المعامل الزمني لابد أن نلحظ الموقف الاستراتيجي في بعديه الإقليمي والدولي ؛ فبينما يحظى النظام مع ما يحتكر ويستبد به من إمكانات الدولة السورية بدعم غير محدود من دول كبرى ذات طاقات لا تتكافئ أبدا مع ما تحظى به الثورة من دعم على المستويين المعنوي والمادي .

 

ففي الوقت الذي تبدو فيه القوى الدولية والإقليمية كثيرا من التردد في إمداد المعارضة السورية ماديا ومعنويا ، نجد أن قيادات مؤهلة عالميا تدخل المعركة لمواجهة الشجاعة والعفوية التي يعتمد عليها رجال الثورة السورية .

 

تتوزع معركة الثوار السوريين اليوم على محورين ؛ الأول حرب مكشوفة بكل أبعادها مع كل من روسية وإيران وتوابعها في المنطقة بما فيها عصابات الأسد . وهي حرب مكشوفة وممولة بلا حدود وبدون أي احترام لقانون الحرب الدولي ، في اختيار الأساليب والأدوات . والمعركة الثانية – مع الأسف – هي مع الجبهة الأخرى من المجتمع الدولي والإقليمي التي رغم إظهار تعاطفها الأدبي مع الثورة السورية ؛ إلا أنها ما تزال تجد في موضوع إغاثة اللاجئين في الخارج معضلة كبرى لا تكاد تجد لها حلا ، والتي ما تزال مترددة في الوفاء بما يفرضه عليها القانون الدولي ومواثيق حقوق الإنسان من إمكانات .

 

بإعادة التوصيف التعبوي للمعركة في سورية سنجد أنفسنا نتابع معركة بين فريقين ؛ الأول الشعب السوري وهو الفريق الذي يملك المشروعية الأخلاقية والمصداقية والجدية والشجاعة ولإصرار والثبات . والفريق الثاني الأسد وعصاباته الذي يملك وحدة القرار والموقف والتنظيم والتخطيط والمدد المادي غير المحدود من المال والرجال والسلاح بكل أشكاله ؛ ويملك فوق كل ذلك المعادل الزمني الذي يتيح له يوما بعد يوم المزيد من القتل والمزيد من التصعيد والمزيد من التجارب الميدانية على الشعب السوري ، والتي تتيح لعصابات القتل أن تنقل المعركة يوما بعد يوم من طور إلى طور ومن بقعة إلى أخرى ..

 

هذا المعادل الزمني المحايد في حقيقته ، والذي يمكن أن يعمل لمصلحة أي فريق يحسن توظيفه واستغلاله يؤشر عليه اليوم بإشارة استفهام كبيرة : هو لمصلحة من ؟ وحين نتابع تراخي المجتمع الدولي عن القيام بواجبه ندرك أنه قد قرر أن يترك لأحد طرفي المعركة في سورية الفرصة الأكبر لينفذ مخططاته في الإبادة لكسر الإرادة كما أعلن ذلك صراحة بشار الأسد.

 

وحين نقرأ المحللين والمنظرين يكتبون إن الثورة السورية قد دخلت حالة استعصاء ، أو أنها قد وصلت إلى حائط مسدود ، أو أنها قد غرقت في مستنقع الدم ، أو أننا لا نرى ضوء في آخر النفق ،أو أن المعركة لا يمكن أن تحسم بنصر أحد طرفيها فعلينا أن نقرأ هذه التحليلات جميعا على أنها نذر شر ...

 

ولكن كيف ..

تمتلك الثورة أوراق قوتها بلا شك كانت ومازالت وستظل بإذن الله ، فكيف نعيد توظيف معادل الزمن لمصلحة الثورة ؟! كيف نصون قدراتنا الثورية ونرد النزيف إلى جسم عصابات النظام ؟ ندرك أن هناك أمورا كثيرة نحتاجها ولا نقدر عليها ؛ ولكن هناك بكل تأكيد أشياء كثيرة نقدر عليها ولا تزال غائبة عن الميدان هذا الذي يجب أن نعمل لتداركه . وحين نمتلك وحدة الرؤية ووحدة القرار السياسي وعلى الأرض ، حين سيكون لدينا القيادة السياسية و الميدانية العامة التي تصلها الإحاطة اليومية بالمستجد السياسي وبالواقع الميداني فتفكر وتقدر وتقرر سنكون قادرين على الانتصار على الخبراء الروس والإيرانيين . وعلى جنود بشار الأسد أجمعين .

 

وستنتصر الثورة بإذن الله ....

 

لندن : 2 ذو القعدة 1433

20 / 9 / 2012

____________

*مدير مركز الشرق العربي  

  للاتصال بمدير المركز

00447792232826

zuhair@asharqalarabi.org.uk

              

 

ملاحظة : ما يكتبه مدير مركز الشرق العربي يعبر عن رأي المركز فقط

 


 

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ