ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الخميس 15/10/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


حروف مجنحة : ....... وهذه الضجة الكبرى علاما؟

علينا أن نقرأ قرار طلب تأجيل تقرير غولدستون في السياق التاريخي لسلطة عباس

* السلطة خافت من افتضاح دورها في العدوان على غزة فطلبت التأجيل

الخطر ليس في طلب التأجيل ولكن في العقلية التي تحكم القرار الفلسطيني

* الذين غضوا الطرف عن بناء الجدار العازل مقابل صفقة الأسمنت هم الذين طلبوا التأجيل مقابل صفقة الخلوي

بلال حسن التل

لو أننا قرأنا طلب سلطة عباس، تأجيل مناقشة تقرير غولدستون، وتحويله الى مجلس الأمن في الإطار التاريخي لهذه السلطة، لما كنا استغربنا هذا الطلب. من سلطة تغتصب أصلاً الشرعية الفلسطينية فعباس رئيس انتهت ولايته الدستورية منذ زمن طويل. ومع ذلك يصر على ممارسة مهام رئيس السلطة، بفعل الدعم الإسرائيلي والأمريكي له والتواطؤ العربي معه. ولا يكتفي بذلك ففي إطار اغتصاب الشرعية الفلسطينية لا يُدعى المجلس التشريعي الفلسطيني للانعقاد، رغم القضايا الجوهرية المتعلقة بمصير فلسطين والفلسطينيين. ومنها الأوضاع في القدس والاقصى، ومنها تقرير غولدستون وغيرهما من القضايا الملحة. فإذا لم يجتمع المجلس التشريعي الفلسطيني لبحث هذه القضايا، فمتى يجتمع؟ ولماذا تصر سلطة عباس على محاصرة رئيس المجلس التشريعي ومنعه من ممارسة أعماله. بعد ان قبلت ان تقوم سلطات الاحتلال باعتقاله واخوانه تحت سمعها وبصرها بل ورضاها؟. ولا غرابة في ذلك. فهذه السلطة تجاوزت حد القبول باعتقال أعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني الى درجة المشاركة في مطاردة المقاومين واعتقالهم، بل وقتلهم. أنصياعاً لسلطة الجنرال الأمريكي دايتون. دون ان يرف لهذه السلطة جفن. بعد ان أعلن رئيسها صراحة وجهاراً نهاراً أن المقاومة عمل مقرف ومقزز وأن صواريخها عبثية.

وسلطة عباس لم تتوقف عند حدود التنسيق الأمني المتواصل مع العدو الاسرائيلي المحتل، وتحت إشراف الجنرال الأمريكي دايتون. ولم تتوقف عند حدود تسهيل مهمة الاحتلال ومشاركته بمطاردة المقاومين واعتقالهم وقتلهم. بل تجاوزت ذلك بكثير عندما أخذت دور المحرض للعدو كي يعتدي على أبناء فلسطين. ولعل دور السلطة التحريضي للعدوان على غزة لم يعد خافياً. بل لم يعد خافياً دورها في تقديم المعلومات للعدو عن الأهداف داخل قطاع غزة أثناء المذبحة التي ارتكبها العدو بحق القطاع وسكانه. بل وإلحاح السلطة على العدو للاستمرار في عدوانه حتى القضاء على المقاومة. وهو الهدف الذي لم يتمكن العدو من تحقيقه خاب فأله وفأل من ولاّه.

دور سلطة عباس بالعدوان على غزة وخوف سلطته من افتضاح دورها في هذا العدوان هو أهم الأسباب التي كُشفت لتبرير طلب هذه السلطة تأجيل تقرير غولدستون. فقد لوحت إسرائيل بكشف تسجيلات لعباس ومساعديه وهم يحاولون إقناع وزير دفاع العدو ايهود باراك بعدم إيقاف العدوان على غزة وهذا التهديد الإسرائيلي يؤكد أن إسرائيل لا تفرق بين عميل وجاسوس كبير وآخر صغير فجميعهم يجب ان يخضعوا في النهاية لتعليمات إسرائيل وابتزازها وخدمة مصالحها.

غير التلويح بكشف تسجيلات عباس ومساعديه، فقد ساقت سلطة عباس أسباباً أخرى لطلبها تأجيل التقرير. ولكنها في مجملها أسباب تدين هذه السلطة. ومنها ان السلطة تعرضت لضغوط أمريكية، وانها خشيت من عدم استئناف المفاوضات، وخشيت من عدم نجاح هذه المفاوضات. وهذا عذر أقبح من ذنب. ذلك أن الفرق في مواقف الرجال والحكومات والدول والحركات، هو القدرة على الصمود أمام الضغوط. خاصة اذا كانت ضغوطاً من طرف معروف انه منحاز، بل ومعادٍ مثلما هو حال الولايات المتحدة الأمريكية مع أمتنا، وفي قضية فلسطين على وجه الخصوص. فمن المعروف ان الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ليستا أكثر من وجهين لعملة واحدة. وقد دلت كل الوقائع على الانحياز الأمريكي المطلق لإسرائيل. وهو انحياز معلن على لسان كل الرؤساء الأمريكيين ومساعديهم. ومواقف وممارسات هؤلاء جميعاً.

ولقد اثبتت سنوات اللهث وراء سراب السلام في المنطقة، منذ كامب ديفيد حتى يوم الناس، هذا أن الولايات المتحدة لا تفعل شيئاً، إلا لتحقيق المزيد من المكاسب لإسرائيل، وكسب المزيد من الوقت لها. وأن السلام ليس أكثر من ثرثرة وشقشقة ألسن يتلهى بها بعض العرب؛ من دعاة السلام الذين لا يرون الشمس من الغربال. ويصرون على السباحة ضد التيار، ويحاولون تكذيب الحقائق على الأرض. وأولها انه مقابل مواصلة تقديمهم للتنازلات عن حقوق الأمة فان العدو يزيد إصراراً على تحقيق أهدافه. وما يجري في الاقصى هذه الأيام خير دليل وشاهد لمن أراد أن يلقي السمع وهو شهيد. فهل آن الأوان ان يؤمن هؤلاء اللاهثون وراء سراب السلام ان لا أمل في أن تقودهم المفاوضات الى شيء. وأنه من العبث الحديث عن إمكانية نجاحها؟!.

إن كل التبريرات والأسباب التي كشفتها أو سربتها سلطة عباس، لا تصلح لشيء إلا لإدانة هذه السلطة، وبيان حجم تواطئها مع العدو. وهي السلطة التي ارتكبت خطيئة حرف حركة فتح عن مسارها النضالي، وفرغتها من مضمونها المقاوم، ثم اغتصبت شرعيتها عندما أصرت على تزوير إرادة كوادرها عبر مؤتمرها العام الذي عقدته سلطة عباس تحت حراب الاحتلال. وذلك بعد قتل زعيمها وقائدها ياسر عرفات الذي تشير كل الدلائل الى تواطؤ رموز من سلطة عباس في قتله بل وتنفيذ هذا القتل بعد التحريض عليه. وبعد ذلك تبديد ثروة منظمة التحرير التي كان عرفات مؤتمناً عليها.

لو قرأنا قرار سلطة عباس بطلب تأجيل تقرير غولدستون في هذا السياق التاريخي لممارساتها لما كنا استغربنا إقدامها على هذا القرار. فالمقدمات تقود إلى النتائج، ومستعظم النار من مستصغر الشرر. والحية لا تلد إلا حية.

لقد كانت مقدمات قرار التأجيل واضحة، من ذلك : تجاهل عباس للتقرير في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. ومن عدم رد مندوبه في الجمعية على كلام رئيس وزراء العدو نتنياهو، الذي تباكى على عدم قبول العرب بقرار التقسيم. فقد كان على مندوب عباس في الأمم المتحدة ان يذكر الجمعية العامة بقرارها قبول عضوية إسرائيل المشروط بقبول قرارات الجمعية العامة وخاصة قرار حق العودة 184. لكن شيئاً من ذلك لم يتم لأنه ليس من أهداف سلطة عباس الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني بل السعي لتضييعها. وآخر ذلك طلبها تأجيل تقرير غولدستون الذي سبقه لحْسُ عباس لوعده بعدم الإلتقاء مع الإسرائيليين قبل وقف الإستيطان ثم مسارعته بعد ذلك للقاء نتنياهو في حضرة أوباما.

إن الخطر الحقيقي ليس في تأجيل تقرير غولدستون، فالتقرير على أهميته لم يكن سيحرر فلسطين. ولم يكن سيعيد لشعبها حقوقه، ولم يكن ليوقف العدوان والحصار على غزة فالتقرير لم يكن منصفاً ولا عادلاً. خاصة عندما ساوى بين الضحية والجلاد وأدان المقاومة الاسلامية في غزة. وعندما أعترف غولدستون بأنه مناصر لإسرائيل. وأنه عمل على تخفيف لهجة التقرير، وإنقاذ إسرائيل من تهمة إرتكاب جرائم الحرب. كما ان التقرير لم يكن ليمر من مجلس الأمن حيث ينتظره الفيتو الأمريكي والتواطؤ الروسي الصيني لكن الخطر الحقيقي في هذه العقلية التي تتحكم بالقرار الفلسطيني. وبالجزء الأكبر من القرار العربي. وهي عقلية متآمرة مستسلمة تتذرع بأكذوبة استقلالية القرار الوطني للتفريط بحقوق الأمة وعلى رأسها حقوقها في فلسطين.

غير التفريط بحقوق الأمة، فإن هذه العقلية تستهتر بشعوب الأمة بل وتستغبيها. بدليل هذه التبريرات السقيمة التي ساقتها لتبرير تأجيل تقرير غولدستون. وأكذوبة لجنة التحقيق التي زعمتها لمعرفة من يقف وراء طلب التأجيل ثم تبين ان مهمة هذه اللجنة ليست تقصي الحقائق وإدانة الفاعل بل شرح وتبرير هذا القرار. فإلى متى سيظل هؤلاء يراهنون على ان ذاكرة الناس في بلادنا مثقوبة. وانها لا تختزن جرائمهم وخياناتهم لتتم محاسبتهم؟.

إن من جوانب خطورة قرار طلب تأجيل تقرير غولدستون ودلالاته. هي كشفها إلى أي مدى وصل الهوان والاستسلام بأمتنا. والاستهتار بها والتفريط بحقوقها مقابل أثمانٍ بخسة فالذين غضّو الطرف عن بناء الجدار العازل مقابل بيع الاسمنت لمن يبنيه هم أنفسهم الذين طلبوا تأجيل تقرير غولدستون مقابل ترخيص شركة خلوي. وفعلهم هذا لا يعريهم وحدهم بل يعري النظام الرسمي العربي الذي يصمت عليهم بل ويحميهم.

إن مما يزيد من خطورة قرار طلب تأجيل التقرير. هو توقيت هذا القرار. خاصة ما يجري في القدس والأقصى الشريف. فهل جاء توقيت تأجيل القرار لصرف الانظار عن ما يجري في القدس؟.

كما ان التوقيت تزامن مع إنجاز حماس لصفقة الأسيرات فهل استهدف القرار أيضاً صرف النظر عن هذا الإنجاز لإشغال الناس عن المقارنة بين ما تحققه المقاومة وما تفرط به المفاوضات التي يؤكد وزير خارجية إسرائيل انها من المستحيل ان تقود إلى حل دائم لقضية فلسطين؟.

كذلك جاء قرار التأجيل مع استمرار حصار غزة. وتسارع وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية عموماً والقدس على وجه الخصوص. مما يعني إعطاء إسرائيل الذريعة لمزيد من الحصار والاستيطان.

كذلك جاء القرار بين يدي مؤتمر المصالحة الوطنية الفلسطينية في القاهرة مما يؤكد عدم رغبة سلطة عباس بإتمام هذه المصالحة. بل خلق كل العوامل التي تزيد من الانقسام والإنهيار الفلسطينيين. وهذا ما فعله قرار طلب تأجيل تقرير غولدستون الذي أتخذته هذه السلطة التي نستهجن ان لا يقرأ بعضنا قرارها هذا في سياق قراءة كاملة لتاريخها وممارساتها. فلو تمت القراءة في هذا السياق فلن يكون الرد على طلب هذه السلطة بمثل هذه الضجة التي يصدق فيها قول أمير الشعراء

..........................

وهذه الضجة الكبرى علاما

ذلك ان العيب لا يستغرب من أهله والرد على العيب لا يكون بالعويل والنحيب بل بردع من يرتكبه وذلك بأن تستعيد شعوب الأمة قدرتها على الفعل. وتؤكد خيار المقاومة فيها. فقد طال صمت شعوبنا عن حقوقها حتى أنها قبلت بالخنوع فذاقت كأس الذل والهوان وقد آن لها أن تنفض عنها ثوب الخنوع وآن لها ان تتكلم وان تأخذ أمرها بيدها

ــــــــــ

المصدر : اللواء 2009-10-13

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ