ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
رمزية
وواقعية العلم والتعليم في "كاوست" شاكر
النابلسي الوطن
السعودية -1- لم
يحظَ مشروع سعودي بردود الفعل
السعودية والعربية والعالمية
كما حظي خبر حفل افتتاح "كاوست"
في 23/9/2009. وهذا التاريخ سوف يبقى
علامة كبيرة ومميزة للتغيير في
السعودية لا يقل أهمية عن كثير
من الأحداث المهمة التي تحققت
للسعودية منذ 1932 إلى الآن. وسوف
يذكر التاريخ السعودي والعربي
للملك عبدالله بن عبدالعزيز
خادم الحرمين الشريفين، هذا
المشروع العلمي والتاريخي
المهم. وسوف يعتبر هذا المشروع
بداية عهد علمي وتعليمي جديد
تدخله السعودية، وهي قوية
وراسخة ومؤمنة بضرورة التقدم
الحضاري والإنجاز العلمي،
كسبيل إلى التقدم والازدهار. -2- حرصت
على الاطلاع على معظم ما كُتب عن
"كاوست" في الشرق والغرب.
ولقد تبيَّنت لي نتائج لم أكن
أتوقعها، فعدا الأخبار الصحفية
التي تناقتلها وسائل الإعلام
ومواقع الإنترنت، كان هناك
حوالي 1245 مقالاً كُتبت في الشرق
والغرب منها 73% كُتبت في الصحافة
السعودية، وفي المواقع
السعودية على شبكة الإنترنت.
ومنها 14% كتبت في الصحافة
العربية و13% كتبت في الصحافة
الغربية. وما لفت نظري أيضاً، أن
84% من المقالات التي كتبت في
الصحافة السعودية ركَّزت على
جوانب هامشية، ومثيرة للعواطف،
أكثر منها حيوية ومثيرة
للتفكير، وإعمال العقل. وهو ما
استهلك الكثير من الحبر،
والورق، والوقت، والجهد. وهذه
ليست المرة الأولى التي يدور
فيها الجدل حول موضوعات جانبية
في مشروع ضخم، وتاريخي، ومصيري،
كمشروع "كاوست". فقد سبق أن
ثار الجدل الحاد في الماضي، حول
كثير من الأمور.. ومرت معظم
الخطوات الحضارية بسلام. وأصبح
ما كان مرفوضاً في الماضي
مقبولاً اليوم. وأثبتت السلطة
السياسية في هذا البلد منذ أكثر
من سبعين عاماً، أن الرؤيا
السياسية الواضحة لهذا البلد،
هي الحريصة كل الحرص على صون
الدين والوطن، بحيث لا تقف
تعاليم الدين عائقاً لتقدم
الوطن، ولا يبادر الوطن بمخالفة
أحكام الدين القويم. وشكراً
للإيجابيين وهم الأكثرية
دائماً، وشكراً للسلبيين وهم
الأقلية دائماً. فهذه الأقلية،
سوف تنضم في المستقبل للأكثرية
الداعمة لهذه الجامعة، كما
انضمت الأقلية السلبية خلال
مسيرة التنمية السعودية منذ 1932
إلى الآن. وكما يقول المفكر
الإسلامي التونسي محمد
الطالبي، فإن "ما لم يتحقق
ماضياً، يبقى قابلاً للتحقيق
حاضراً ومستقبلاً بسُنَّة
التقدم. والماضي ليس فخراً،
إنما هو عبرة، والمستقبل أمل
مفتوح أبداً، وموكول لاجتهادنا." -3- قلنا
في مقال الأسبوع الماضي، إن "كاوست"
ستكون "خارطة طريق لإصلاح
التعليم السعودي والعربي".
وشرحنا كيف سيكون ذلك. وفي هذا
المقال سوف نُركِّز على نقطة
مهمة وحيوية في مشروع "كاوست"،
وهي أهمية كاوست العلمية في
مسيرة التنمية السعودية، كرمز
من رموز العلم الجديد والتعليم
الحديث، ومدى مساهمة هذه
الجامعة، في دفع عجلة التنمية
إلى الأمام، ضمن مخطط علمي
منهجي، ومنفتح على كافة العلوم
الطبيعية والإنسانية. إن
رمزية وواقعية العلم والتعليم
في "كاوست" متعددة
الجوانب، منها: 1- ما
لفت نظري في تصريح علي النعيمي،
وزير البترول والثروة المعدنية
ورئيس مجلس أمناء "كاوست"،
ورده على سؤال حول الأبحاث التي
ستجريها "كاوست" في مجالات
التكنولوجيا والطاقة، وقوله إن
السعودية تُنتج حوالي ثمانية
ملايين برميل من الخام يومياً،
وعلينا أن نُنتج طاقة شمسية
توازي هذا الإنتاج النفطي
اليومي. وهذا التحدي العلمي
والحضاري هو أحد التحديات التي
ستواجهها "كاوست" في
المستقبل القريب، من حيث إنها
جامعة أبحاث علمية، وليست
ماكينة لتفريخ خريجين تقليديين
كل عام، لكي يزيدوا من نسبة
العاطلين عن العمل. وفيما لو
نجحت الجامعة في إنتاج الطاقة
البديلة من الشمس، فكم من
المبالغ والجهود ستوفر هذه
الخطوة على السعودية، وعلى
العالم العربي، وخاصة منطقة
الخليج، وتُشعر الجميع بالأمن
على مستقبل الطاقة الحيوية.
كذلك أكد النعيمي، أن "كاوست"
أنشأت وحدات للأبحاث في مجالات
النانو تكنولوجى، والرياضيات
التطبيقية، وعلم الجينات. وأن
هذه العلوم والخطوات تمثل
منعطفاً بالنسبة لمستقبل
المملكة. وأنا أُضيف على تصريح
النعيمي، أن هذه الخطوات تمثل
منعطفاً لمستقبل العالم العربي
كله، وخاصة منطقة الخليج، وليست
السعودية فقط. 2- ولفت
نظري اعتماد "كاوست"
وتأسيسها مبدئياً، تسعة مراكز
أبحاث لدعم مرحلة التشغيل
الأوَّلي، تضم مختلف التخصصات،
وتطبِّق العلم والتقنية على
المشكلات، التي تتصل باحتياجات
البشر، والتقدم الاجتماعي،
والتنمية الاقتصادية. وقد حددت
الجامعة أربعة محاور أبحاث
استراتيجية وأساسية، شملت:
الموارد، والطاقة والبيئة،
وعلم وهندسة المواد، والعلوم
الحيوية والهندسة الحيوية،
والرياضيات التطبيقية، وعلوم
الكومبيوتر. وبذا تصبح "كاوست"
- أو هي الآن كذلك - مركز أبحاث
علمية متطورة، أكثر منها جامعة
لتدريس العلوم، لكي تُدخل
السعودية والعالم العربي من
ورائها، عصر العلوم الحديثة. 3- ولفت
نظري ما قاله الرئيس التركي
عبدالله جول، من أن "كاوست"
نقطة تحوّل مهمة في التعليم
العالي الجامعي، كونها تضمُ
طلاباً من دول وثقافات متعددة،
من أجل تبادل الفكر المعرفي
والتركيز على البحث العلمي.
وستكون "كاوست" حاضنة
لوجود كوكبة من العلماء، سيضعون
خبراتهم العلمية والمهنية
لارتقاء الشعوب وخدمة البشرية
في نشاطاتها التنموية كافة. كما
أنها ستكون رسالة سلام إلى
العالم، من أجل بناء الحضارات
والوصول إلى سعادة الشعوب
ورفاهيتها. ==================== المصالحة
الوطنية بين عباس ومشعل الوطن
السعودية برهان
غليون لم يكن
هناك شك عند أي مراقب للوضع
الفلسطيني في أن تأجيل النقاش
في تقرير القاضي الجنوب إفريقي
ريتشارد جولدستون سوف يعرض
مسألة المصالحة بين الفصائل
الفلسطينية إلى امتحان خطير.
وجاء خطابا محمود عباس في 11
أكتوبر ليؤكدا ذلك ويضعا ربما
نهاية مأساوية لمحاولات رأب
الصدع التي قامت بها شخصيات
وقوى محلية ودولية عديدة للخروج
من الأزمة الفلسطينية، وإيجاد
شروط أفضل لإطلاق مفاوضات
التسوية السياسية مع إسرائيل.
فبالرغم من إعلان محمود عباس
رئيس السلطة الفلسطينية عن
تمسكه بالمصالحة الوطنية
وتأكيده على رفض تأجيل موعد
التوقيع عليها، كما حددته
الخارجية المصرية، لم يوفر فرصة
لمهاجمة حماس واتهامها بأشنع
الأفعال، بما في ذلك العمل
لصالح إسرائيل والضلوع معها،
بسبب سياساتها المتعنتة
ومزاودتها في الوطنية. كما أنه
لم ينس التذكير بالانقلاب
الظلامي الذي قامت به في
القطاع، وهو ما يجعلها قوة
متمردة على الشرعية الفلسطينية. ولم
يكن خطاب خالد مشعل رئيس المكتب
السياسي لحركة حماس التي تحكم
في قطاع غزة، وتتمتع بنفوذ شعبي
متزايد أيضا في الضفة الغربية،
أقل اتهامية وعنفا من خطاب
عباس، إن لم يكن أشد منه. فقد حمل
مشعل أيضا على ما سماه الفريق
المسيطر على السلطة
الفلسطينية، والذي يعمل لخدمة
إسرائيل وبالتفاهم معها، في
قطيعة عن حركة فتح التاريخية
وعن الشعب الفلسطيني ومصالحه
الوطنية. واشترط مشعل لتوقيع
المصالحة الوطنية محاسبة
القيادة الفلسطينية الراهنة
ووضع مرجعية وطنية تجعل من غير
الممكن ارتكاب أخطاء جديدة
وتحافظ على الثوابت
الفلسطينية، ولم ينس أيضا أن
يذكر بموقف حماس السياسي القائم
على أن المقاومة ستظل الخيار
الإستراتيجي لحركة حماس التي
أكد أنها لن تفرط في الثوابت
الفلسطينية من القدس وحق العودة
والرفض للاستيطان. كان
واضحا من الخطابين أن أيا من
المسؤولين الفلسطينيين لم يبد
حرصا على الحفاظ على خط الرجعة
أو ترك الباب مفتوحا ولو مواربة
للمصالحة في المستقبل. بل، أكثر
من ذلك، ظهر بوضوح تام، من خلال
الخطابين، أن المصالحة لم تكن
بالفعل مسألة مركزية في تفكير
الطرفين وسياستهما، وأنها ليست
نابعة من اقتناع عميق بأهميتها
بالنسبة لمواجهة الوضع الخطر
الذي تمر به اليوم القضية
الفلسطينية. لقد كانت ولا تزال
تكتيكا اتخذه الطرفان لتحقيق
أهداف جزئية وظرفية، وبشكل خاص
إرضاء الأطراف العربية التي
تخشى أن يؤدي الانقسام
الفلسطيني إلى انكشاف خطير
للموقف العربي بأكمله،
وتوريطها هي أيضا في أزمة ثقة
سياسية تجاه رأيها العام. وليس
التأكيد المشترك من قبل عباس
ومشعل على أنه لا حل للأزمة ولا
مصالحة في النهاية إلا من خلال
انتخابات شعبية تسمح
للفلسطينيين أن يحسموا الموقف
وتزيل الانقسام القائم كما تلغي
الحاجة إلى تسوية بين مواقف
فلسطينية لا جامع بينها، ولا
يمكن التوفيق بينها، ما دامت
تدور حول محور التخوين المتبادل
ورفض التسويات السياسية، أقول
ليس هذا التأكيد من قبل الطرفين
على أولوية الانتخابات إلا
الدليل على غياب التفاهم
وانعدام وجود أي تسوية سياسية
فعلية، قبل قضية التقرير مأساته.
من هنا
يمكن القول إن كلاً منهما قد وجد
في حادثة تأجيل مناقشة تقرير
جولدستون، وهي فضيحة حقيقية،
فرصة للتراجع عن التزاماته
السابقة، أو ما يشبه
الالتزامات، بخصوص المصالحة،
والعودة إلى مواقفه الأساسية. فبدل
أن يعترف محمود عباس بالخطأ
الذي حصل والحيف الذي وقع نتيجة
قرار خاطئ اتخذه وحكومته على
الشعب الفلسطيني وقضيته، والذي
يشكل طلب إعادة طرح الموضوع في
مجلس حقوق الإنسان برهانا ساطعا
عليه، فضل التعبير عن غضبه من
الجدب الصاخب والحملة المغرضة
التي تشنها حماس ووسائل الإعلام
العربية، مذكرا من جديد لتبرير
قراره بتوافق مختلف المجموعات (العربية
والإسلامية والإفريقية وعدم
الانحياز) التي تشكل مجلس حقوق
الإنسان التابع للأمم المتحدة
وبوجود ضغوط من أجل سحب التقرير.
وكان بإمكانه ببساطة أن يعترف
بالخطأ الذي حصل، والذي يفسر
وحده أو ينبغي أن يفسر، تراجعه
عن القرار، وطلبه العودة
بالتقرير إلى مجلس حقوق الإنسان. وبالمثل،
ليس مقنعا ما ذكره خالد مشعل
لتبرير التراجع عن المصالحة،
ومن ورائها كما ظهر في الخطاب،
التشكيك في إمكانية أي مصالحة
مع فريق محمود عباس. فلا يعني
السير في المصالحة، كما قال،
الموافقة على قرار محمود عباس
أو إضفاء الشرعية على الأخطاء
التي تقوم بها السلطة
الفلسطينية أو قيادتها.
فالجمهور الفلسطيني والعربي
يعرف تماما موقف حماس كما يعرف
موقف السلطة الفلسطينية، ولن
يخلط بين الأمرين. بالعكس كان من
الممكن لحماس أن تربح نفوذا
سياسيا أكبر لو أبدت حرصا أكثر
على المصالحة والوحدة الوطنية
الفلسطينية في هذا الظرف الصعب.
فالمفروض أو المفترض أن حماس لا
تقوم بالمصالحة مع محمود عباس
ولا الفريق الذي تتهمه بالوقوف
مع القرار، وإنما تعمل من خلال
المصالحة على تجاوز الصدع
الفلسطيني الذي مس الأرض
والمؤسسات والقوى الفلسطينية. وما
كان وفد حماس سيخسر أبدا لو ذهب
إلى القاهرة في الموعد المحدد
لتوقيع اتفاق المصالحة، بل لكان
استفاد من جو الغضب الشعبي
الراهن ضد قرار تأجيل التصويت
على تقرير جولدستون وأظهر للرأي
العام الفلسطيني والعربي أنه
مؤمن بالفعل بضرورة توحيد الجهد
الفلسطيني بأي ثمن، وأنه أكثر
من ذلك قائد هذه الوحدة
والمدافع الأول عنها. وقد خسرت
حماس في نظري فرصة كبيرة لإظهار
أنها ليست فريقا فلسطينيا يدافع
عن نفسه ومصالحه ضد فريق آخر،
مستفرد بالسلطة ومستفيد منها،
وإنما قيادة وطنية جامعة وقادرة
على الجمع وتوحيد الشعب
والإرادة الفلسطينيين. لكن،
في ما وراء انهيار مفاوضات
الوحدة الفلسطينية، التي لم تكن
المصالحة إلا خطوة أو وسيلة
لتحقيقها، يكمن الواقع المر
الذي لا يمكن من دونه فهم ما
يجري بين الفلسطينيين
والفلسطينيين، والعرب والعرب
أيضا، أعني انهيار آفاق مفاوضات
التسوية السياسية العربية
الإسرائيلية بعد أن أظهرت إدارة
أوباما، التي بنيت عليها آمال
عريضة منذ أشهر معدودة فقط،
أنها لا تملك وسيلة لثني
إسرائيل عن متابعة مشروعها
الاستيطاني الشامل الذي يلغي أي
احتمال قيام دولة فلسطينية. ==================== أردوغان:
من ثورة أتاتورك الى سياسة «نيو
عثمانية» سليم
نصار * الحياة
السبت, 24 أكتوبر 2009 «أنا
لا أستطيع التخلي عن شبر واحد من
أرض فلسطين. لقد قاتل شعبي في
سبيل هذه الأرض ورواها بدمه.
فليحتفظ اليهود بملايينهم إذا
مُزقت امبراطوريتي. لعلهم آنذاك
يستطيعون أخذ فلسطين بلا ثمن.
ولكن يجب أن يبدأ التمزيق
بجثثنا». هذا ما
دوّنه ثيودور هرتزل في مذكراته
حول ردّ السلطان عبدالحميد
الثاني على العرض المغري الذي
قدمه كثمن لشراء أرض فلسطين. ومن
المؤكد أن هرتزل كان يعرف جيداً
خطورة الضائقة الاقتصادية التي
تعانيها الدولة العثمانية. لذلك
سعى بواسطة الوسطاء الى إقناع
السلطان بأهمية حل مشاكله
المالية مقابل السماح لليهود
بالاستيطان في فلسطين. في رده
على هذا العرض، أصدر السلطان
عام 1899 قوانين قاسية تحرّم
استيطان اليهود في فلسطين.
وأرسل الى حاكم القدس العثماني
نسخاً من القوانين كي يوزعها
على الهيئات القنصلية. وهي
تتعلق بالزوار العبرانيين
للأراضي المقدسة. وتقضي
الإجراءات بإبعاد كل زائر
بالقوة إذا هو تجاوز فترة
الإقامة. يقول
المؤرخون انه نتيجة للمواقف
الصلبة التي وقفها السلطان
عبدالحميد الثاني ضد المشروع
الصهيوني في فلسطين، قامت الدول
الأوروبية بممارسة ضغوط سياسية
واقتصادية أدت الى خلعه، وقد
ساهم يهود تركيا (الدونمة) في
خلع السلطان من طريق انخراطهم
في «حزب الاتحاد والترقي».
والمعروف أن الأكثرية الساحقة
من يهود الدولة العثمانية قد
هربت الى اسطنبول عقب سقوط
الأندلس في قبضة الكاثوليك (1492)
وإجبارهم في محاكم التفتيش على
اعتناق المسيحية أو مغادرة
إسبانيا. إثر
المشادة الكلامية في «دافوس»
بين الرئيس الإسرائيلي شمعون
بيريز ورئيس وزراء تركيا رجب
طيب أردوغان، ظهرت مقالات عدة
في الصحف التركية تفسر الأسباب
الخفية وراء انفعال أردوغان
وتهجمه على إسرائيل. بعضها فسر
غضب الزعيم التركي بأنه ردّ فعل
على المأساة الإنسانية في غزة.
بينما أشار عدد من الكتّاب الى
عملية إسقاط السلطان عبدالحميد
الثاني بواسطة الصهاينة، الأمر
الذي دفع أردوغان الى «الثأر»
له ولو بعد أكثر من مئة سنة. ويبدو
أن رئيس الوزراء كان يعبر عن
مزاج الشارع بحيث وصفته يافطات
الحشود الضخمة «بفاتح دافوس»...
«وموقظ المارد» من سبات استمر
أكثر من قرن من الزمن! صحيفة
«صباح» التركية وصفت وزير
الخارجية أحمد داود أوغلو بأنه
العقل المدبر وراء التغيير
الجذري الذي طرأ على سياسة «حزب
العدالة والتنمية»، وقالت ان
كتابه «العمق الاستراتيجي» كان
المدخل الى اختياره مستشاراً
لرئيس الوزراء، ومن ثم وزيراً
للخارجية. وهو يعترف بأن
طروحاته لاقت الصدى المستحب لدى
رئيس الجمهورية عبدالله غل الذي
يؤمن بأن مستقبل تركيا هو في
آسيا والشرق الأوسط وليس في
أوروبا. كما يؤمن بأن الحزب قيّد
تدخل الجيش في المجال المدني،
واستطاع بعد حرب العراق، التغلب
على معظم مشاكله الاقتصادية.
ويستدل من نتائج الزيارة
الأخيرة التي قام بها أردوغان
لبغداد، ان تركيا ستساهم بقسط
كبير في إعادة إعمار العراق.
علماً أن حجم تجارتها مع إيران
تعدى تسعة بلايين دولار. في حين
تتوقع سورية مضاعفة حجم تجارتها
مع هذه الجارة بحيث تقفز من
بليون ونصف البليون دولار
حالياً الى ثلاثة بلايين عام 2010.
والأمر ذاته يمكن أن ينسحب على
تجارتها واستثماراتها الواسعة
في مصر. يقول
الوزير أوغلو إن إحلال السلام
بعد حل جميع الخلافات مع
الجيران، هما أبرز مبادئ
السياسة الخارجية. وعليه يرى ان
من الضروري إخراج تركيا من
تعقيدات أزمة الهوية الناشئة عن
التعارض المستمر بين الميل نحو
الغرب كما حدده المؤسس كمال
أتاتورك... وبين تراثها العثماني
الشرقي، والثابت ان تركيا –
أردوغان تبدو في هذه المرحلة
كمن يبحث عن مهمة إقليمية جديدة
تحل محل المبادئ الثقافية لثورة
أتاتورك. أي الثورة التي قامت من
أجل تغيير المجتمع من الداخل
وفصله عن العالم العربي
والإسلامي. لذلك يظهر التحدي
أمام «حزب العدالة والتنمية» في
القدرة على ضمان دور جديد في
المنطقة من دون خيانة التراث
الذي خلفته ثورة أتاتورك. ويرى
المراقبون أنه في حال أثبتت
تركيا بأن الإسلام
والديموقراطية يمكنهما التعايش
تحت سقف واحد، فإن ذلك يشكل
نموذجاً لدول الشرق الأوسط. مطلع
الستينات دشن ديفيد بن غوريون
تحالفاً سمّاه «تحالف المحيط»
بهدف التخلص من الحصار العربي
الذي عزل اسرائيل عن محيطها. وقد
شجعه على اعتماد سياسة القفز
فوق الحواجز التعاطف الذي أبدته
ايران وتركيا اللتان كانتا في
طليعة الدول التي اعترفت
بإسرائيل عام 1949. ولم يكن انضمام
إثيوبيا الى هذا التحالف
مفاجئاً بسبب علاقاتها الوثيقة
مع الولايات المتحدة. مع
نهاية عصر مملكة هيلا سيلاسي في
إثيوبيا، وظهور الثورة
الإسلامية في إيران، اكتشفت
تركيا أنه من الصعب التهرب من
آثار المواجهة العربية –
الإسرائيلية، والإبقاء على
حيادها تجاه القوتين
المتنازعتين منذ ستين سنة. لذلك
أعلن أردوغان إلغاء مشاركة سلاح
الجو الإسرائيلي في المناورات
العسكرية التي كان من المقرر أن
تجرى على الأراضي التركية. وكان
من المفروض أن تستمر هذه
المناورات قرابة شهر كامل
بمشاركة الولايات المتحدة
وإيطاليا وبعض الدول الغربية.
وذكرت الصحف الإسرائيلية ان
الجيش التركي توجه بصورة مفاجئة
الى الجيش الإسرائيلي وأبلغه ان
تركيا ترفض المشاركة بسبب
العدوان على غزة. وبعد مرور فترة
قصيرة أعلنت سورية ترحيبها
بإجراء مناورات عسكرية مشتركة
مع تركيا. وكان من الطبيعي أن
تعبّر المؤسسة الأمنية
الإسرائيلية عن قلقها من نتائج
التحالف الاستراتيجي بين سورية
وتركيا، خصوصاً بعدما ألغت
أنقرة صفقات عسكرية بينها صفقة
الأقمار الاصطناعية. الرئيس
الأميركي أوباما أعرب عن قلقه
من تعاظم الحلم العثماني الجديد
«نيوعثمانية»، الذي تخلى عن
عضوية الاتحاد الأوروبي وقرر
إنشاء «كومنولث» بين تركيا
وسورية وإيران ودول الجوار
الآسيوية. ومع ان انقرة لم تلغ
مشاركتها في حلف الـ «ناتو» إلا
أن اللوبي اليهودي في الولايات
المتحدة، بدأ يلمح الى احتمال
حظر استخدام القوات الأميركية
لقاعدة «انجرليك» الجوية في
جنوب شرقي تركيا. وهي قاعدة
حيوية لنقل الإمدادات والأسلحة
الى القوات الأميركية في
أفغانستان والعراق. ولم يصدر عن
أنقرة حتى الآن أي رد فعل
بالنسبة الى هذا الموضوع البالغ
الأهمية. يجمع
المعلقون على القول بأن تغيير
مسار سياسة تركيا الخارجية لم
ينشأ من فراغ، وانما كان حصيلة
سلسلة أحداث أدى تراكمها الى
اتخاذ هذا المنحى. فمن إصرار
أوروبا على رفض انضمام تركيا
الى الاتحاد الأوروبي... الى
تعاظم العنف المناهض للغرب بعد
اندلاع حرب العراق... الى شن
إسرائيل العدوان على غزة، هذه
كلها عوامل مؤثرة دفعت حزب «العدالة
والتنمية» الى تغيير خطه
السياسي، ومن أهم مظاهر هذا
التغيير كانت عملية تطبيع
العلاقات مع أرمينيا. تضمن
الاتفاق بين تركيا وأرمينيا
ثلاث نقاط أساسية: 1 – فتح
الحدود البرية بين البلدين. 2 –
تبادل السفراء، 3 – تشكيل لجنة
من المؤرخين لبحث قضية مذابح
الأرمن ومراجعة أسبابها
الحقيقية (1915 – 1916) خلال عهد
السلطنة العثمانية. ذلك إن
أرمينيا تقول أن عمليات التنكيل
حصدت أكثر من مليون ونصف
المليون قتيل، بينما أعلنت
أنقرة مراراً ان العدد لا
يتجاوز النصف مليون. كان من
المفترض أن يبحث الكونغرس
الاميركي السنة الماضية في
مشروع إبادة الأرمن، على أن
يصدر بعد ذلك قرار الإدانة بحق
تركيا. ولكن الإدانة لم تصدر لأن
المجموعات اليهودية في
الكونغرس عطلت الجلسات مخافة
انعكاس نتائج القرار على
التقارب التركي – الإسرائيلي.
علماً بأن المؤرخ اليهودي
المعروف برنارد لويس تحاشى
الاعتراف بمجازر الأرمن في كل
الكتب التي نشرها عن الشرق
الأوسط. كما تحاشى زعماء
إسرائيل وكتابها مقاربة هذه
القضية إلا من خلال الموقف
التركي الذي يقول إن الأرمن
انحازوا الى روسيا، ولهذا دفعوا
الثمن غالياً. في
مطلق الأحوال، تبقى عقدة
التطبيع رهناً بإرادة لجنة
المؤرخين، التي حدد اللوبي
الأرمني في الولايات المتحدة
نهاية عملها بعام 2015. أي ذكرى
مرور قرن على الأحداث. ومعنى هذا
أن أمام أردوغان ست سنوات
تقريباً كي يحدد موقف بلاده من
النزاع بين أرمينيا وأذربيجان.
والثابت ان الرئيس السوري بشار
الأسد يقوم بدور الوساطة بين
الرئيس علييف والرئيس الأرمني
سيرزا سركيسيان، كما يتوقع ان
يتوسط بين رئيس وزراء اليونان
جورج باباندريو وأردوغان من أجل
تسوية موضوع احتلال القسم
الشمالي من قبرص. وكان
باباندريو قد زار نيقوسيا هذا
الأسبوع وبحث مع الرئيس القبرصي
ديميتريس خريستوفياس، مسألة
إعادة توحيد الجزيرة في ظل
دستور جديد يضمن حقوق الجاليتين.
ويرى المراقبون ان إصرار أنقرة
على إنهاء أزمة قبرص ليس أكثر من
حلقة في مسلسل تطبيع علاقاتها
مع كل الدول المعنية بسلام
الشرق الأوسط. تدعي
وسائل الإعلام الإسرائيلية ان
تركيا تسعى الى مصادرة دوري
روسيا ومصر. أي إنها تمثل نقطة
التقاء كل خطوط أنابيب الغاز،
والمصب الأخير لهذه الطاقة
المصدرة من روسيا وإيران
وتركمانستان وأذربيجان. ومن
المؤكد ان انفتاحها على أرمينيا
وأذربيجان يعزز نفوذها في منطقة
القوقاز والجمهوريات التي
انفصلت عن الاتحاد السوفياتي.
أما بشأن الادعاء انها صادرت
دور مصر، فإن الإسرائيليين
يريدون دق اسفين في العلاقات
التركية المصرية على اعتبار ان
زيارة الرئيس أوباما لاسطنبول
كانت بمثابة اختيار دولة سنية
غير عربية لموازنة نفوذ إيران
الشيعية. علماً بأن أنقرة
امتنعت عن انتقاد البرنامج
النووي الإيراني، وأعلنت انها
لن تسمح باستخدام أراضيها لضرب
ايران، تماماً مثلما حظّرت
استخدامها لشن الحرب على العراق. يستخلص
من كل هذا أن تركيا تسعى الى مد
جسور التعاون والثقة مع دول
المنطقة. كما تسعى الى بناء
منظومة إقليمية تمتد من القوقاز
الى البلقان والشرق الأوسط.
والهدف من هذا التغيير، كما
يقول الوزير أحمد داود أغلو، هو
حماية المصالح الوطنية ومنع
القوى الكبرى والقوى الخارجية
من التدخل في سياسات دول هذه
المنظومة! ولكن،
هل يسمح لهذه المنظومة بأن
تتحد، أم انها ستلقى النهاية
التي لقيتها منظومة دول أميركا
اللاتينية؟! •
كاتب وصحافي لبناني ==================== الاستراتيجية
الساركوزية خيبات في الداخل ..
والخارج باريس
- حسن الحسيني- القبس أظهر
تلاحق الأحداث على الساحة
الداخلية الفرنسية تعطل آلة
الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي
الإعلامية، أو بشكل أدق تأخر
هذه الآلة عن اللحاق بالتطورات،
وخاصة بعد الفضائح ،أو القضايا،
التي تطال وزراءه. وسياسة
ساركوزي في هذا المجال بدت
وكأنها تحاول الإمساك بهذه
الملفات، بينما أعتمدت سياسته
الإعلامية، التي تشكل جزءا من
سياسته العامة، على خلق الحدث
والهاء خصومه ثم الإنتقال الى
حدث آخر يصنعه بنفسه. تحد
الأزمة الاقتصادية، التي تعصف
بفرنسا اليوم، من هامش المناورة
لدى الرئيس ساركوزي. و.حتى عندما
يحاول استمالة ناخبي الخضر الى
شباكه الانتخابية، من خلال فرض
ضريبة الكربون، فانه يواجه
معارضة علنية ومتصاعدة من قبل
نواب حزبه وأيضا من قبل قاعدته
الإنتخابية. وأمام
هذه الصعوبات يتطلع ساركوزي الى
الساحة الدولية لإقناع مواطنيه
بأنه رجل الدولة الذي يحتاجون
اليه. لكن التطورات الاخيرة
تظهر أن قدرة الرئيس الفرنسي
على التأثير في هذه الملفات
باتت محدودة، وأن هامش المناورة
بدأ يضيق أمامه. خيبة
أمل من أوباما وكان
ساركوزي يعتمد إلى حد كبير على
أسبوعه الأميركي بمناسبة
انعقاد الجمعية العامة للأمم
المتحدة في نيويورك ليعيد تلميع
صورته فرنسيا، فاذا باطلالته
عبر الشاشة الصغيرة تنحصر في
السياسة الداخلية. فالإليزيه
طلب من البيت الأبيض تنظيم لقاء
بين الرئيسين الأميركي
والفرنسي دون أن يحصل على رد.
كما أن باراك أوباما لم يجد
الوقت الكافي للاجتماع بنيكولا
ساركوزي على هامش القمة. كذلك لم
تتح المفاوضات حول المناخ في
قمة العشرين في بيتسبورغ
لساركوزي إطلاق صيحات النصر،
خصوصا أن نظيره الأميركي قد حد
من التوقعات المنتظرة في تلك
القمة . ويسعى
الرئيس الفرنسي لعقد قمة جديدة
حول المنافع من الآن وحتى نهاية
العام الجاري ليظهر أن فرنسا
الرائدة مع أوروبا في مجال
الحفاظ على البيئة تريد إعطاء
النموذج لليمين واليسار على حد
سواء، ولمحاولة إجبار
الأميركيين على الإقدام على
تعهدات أمام الرأي العالمي. لقد
اكتشف ساركوزي أن العلاقة مع
أوباما باردة أكثر مما كان
يتوقع. وذكرت بعض وسائل الإعلام
أن الرئيس الفرنسي لم يعد يبحث
عن نسج علاقة صداقة مع نظيره
الأميركي. وأمام خيبة الأمل هذه
فإن ساركوزي، الذي كان أعلن حبه
لأميركا في عهد جورج بوش الأبن،
وفاخر بالعودة إلى قيادة أركان
وعمليات حلف شمال الأطلسي، وظل
على مدار أشهر يردد أن فرنسا بلد
غربي وموقعها ضمن أسرتها
الغربية، إلا أنه اليوم بدأ
يتطلع إلى الجنوب (جنوب القارة
الأميركية)، فنسج تحالفات جديدة
تبقي لبلاده قوة على الساحة
الدولية أكبر من وزنها
الاقتصادي وحجمها الجيوسياسي. تخلى
ساركوزي عن أحلامه،-في ظل
الرئاسة الفرنسية للاتحاد
الأوروبي وبعدها- بان يتزعم
العالم الى جانب أوباما، حيث
كان يؤكد بعد وصول الأخير الى
البيت الأبيض أن هناك مجالا
للأثنين معا في إدارة شؤون
العالم. لكنه اليوم يتناوبه
الشعور بان نظيره الأميركي
يبعده أو يريد إبعاده عن
الصدارة، بينما يريد هو العودة
الى واجهة الأحداث الدولية من
خلال نسيج من التحالفات الجديدة
ومن خلال تولي رئاسة مجموعة
العشرين في عام 2011. استعادة
إرث شيراك تشير
اوساط رئاسة الجمهورية
الفرنسية وما يرشح عنها الى
الصحافة الفرنسية الى أن {ساركوزي
الأميركي} يريد أن يتصدر حركة
عدم الانحياز، وذلك بعد أن بدد
الإرث الذي كان تركه له سلفه
الرئيس جاك شيراك. وكان هذا
الأخير قد تولى قيادة التحالف
الذي تصدى للإحتلال الاميركي
للعراق وجعله يتم من خارج
الشرعية الدولية. وبرأي ساركوزي
فان الإستراتيجية الفرنسية
الجديدة تقوم على اعتماد سياسة
تحالفات مع القوى الناشئة في
العالم، ورؤوس الجسور لأنه ليس
بمقدور فرنسا أن تكون في كل
مكان، واذا ما أرادت ذلك فانها
لن تكون في أي مكان. ومن
هنا يكمن السعي الى الشراكة
المميزة مع البرازيل وتعميق
العلاقة الاستراتيجية مع الهند
التي بدأها شيراك سنة 1998. إنجاز
يتيم ومن
بين مواقع رؤوس الجسور تأتي
دولة الامارات العربية المتحدة
قبالة إيران. وهنا أيضا تجدر
الإشارة الى أن المسؤولين
الإماراتيين ومنذ عقود اختاروا
التعاون مع فرنسا، والامارات
زبون قديم للصناعات الحربية
الفرنسية. وهناك
المحطة الاخيرة في تنقلات
ساركوزي على الساحة الدولية،
وهي كازخستان الغنية بالنفط
وباليورانيوم والمحاذية
لأفغانستان. وما
يغيب عن الرؤية الاستراتيجية
الساركوزية هو العلاقات
المميزة التي كان نسجها شيراك
مع موسكو، والاستراتيجية
المشتركة بين البلدين. كما يغيب
الشرق الاوسط، علما ان العلاقات
الفرنسية المصرية قوية جدا.
فالاتحاد من أجل المتوسط، وهو
المنتج الأساسي للسياسة
الساركوزية في المنطقة يتقدم
بسرعة السلحفاة. مما يدفع
بالرئاسة الفرنسية للقول إن
الشرق الاوسط معقد الى درجة أنه
لا يخضع لقواعد بسيطة. وبالتالي
غاب التفاؤل ومعه تصريحات
ساركوزي القائلة إن عام 2008 - 009
عام السلام في المنطقة. سياسة
{الخبطات} يضاف
الى كل هذا، إيران القادرة
بدورها على حرمان فرنسا من
امكانية الاستفادة من ثمن
الورقة الايرانية. فبعد أن كان
شيراك ووزير خارجيته دومينيك
دوفيلبان قد نجحا في اقناع
المسؤولين الإيرانيين بتجميد
تخصيب اليوارنيوم، فان مواقف
ساركوزي المتشنجة تجاه إيران قد
يحرم باريس فرصة قطف ثمار
الانفتاح الإيراني على
الولايات المتحدة (إذا ما حصل).
ومما يدل على أن مثل هذه الخسارة
متوقعة- لا بل مرتقبة- الموقف
الذي أصدرته طهران الأسبوع
المواضي، على لسان وزير
خارجيتها منوشهر متكي، قبيل بدء
اجتماع فيينا حول تخصيب
اليورانيوم الإيراني، إذ أعلن
منوشهر أن {لا داعي لمشاركة}
فرنسا في المفاوضات كما تغيب
تركيا عن الرؤية الاستراتيجية
الفرنسية، علما أن نفوذ هذا
البلد وتأثيره بحكم موقعه
الجغرافي يمتدان من الشرق
الأوسط الى القوقاز وأفغانستان.
وهكذا فإن ساركوزي بسبب رفضه
انضمام تركيا الى الإتحاد
الأوروبي يحرم فرنسا من حليف
أساسي وإستراتيجي، بينما كان
سلفه شيراك يدفع لكي تكون أنقرة
ضمن الإتحاد الأوروبي، وكان
دائما يقول {إذا ما أقفلنا أبواب
الإتحاد بوجهها (تركيا) فإنها
ستتطلع الى الشرق}. ويتساءل
المراقبون عن مدى فعالية
الإستراتيجية الجديدة للرئيس
الفرنسي، التي قال عنها ذات يوم
وزير خارجيته في جلسة خاصة إنها
عبارة عن سياسة قائمة على «الخبطات».
للاستهلاك
الداخلي فقط إن
استراتيجيات الدول لا تقوم على
ردود الافعال. وبالتالي سيكون
من الصعب على الرئيس ساركوزي
إقناع محاوريه على الساحة
الدولية بأنه بطل مجموعة عدم
الانحياز، خاصة انه بدأ يتخيل
أان الرئيس البرازيلي لولا دو
سيلفا، الذي يشكل حجر الزاوية
في الاستراتيجية الساركوزية
الجديدة، يمكن ان يصبح ذات يوم
الأمين العام للأمم المتحدة.
وذلك بعد انتهاء ولايته
الرئاسية. والمشكلة
ان لولا دو سيلفا لا يتحدث سوى
اللغة البرتغالية، بينما
المطلوب من الأمين العام للأمم
المتحدة ان يتحدث اللغتين
الانكليزية والفرنسية،. ويرى
المراقبون أن الخطاب الساركوزي
على الساحة الدولية، المتسم
بالطابع اليساري والداعم
للعالم الثالث والدول الناشئة
قد يكون للاستهلاك الداخلي
المحلي. فساركوزي
الأطلسي، كي لا نقل الاميركي،
الذي قرر ان تشارك القوات
الفرنسية في افغانستان في
العمليات العسكرية، يرفض الطلب
الأميركي بارسال قوات اوروبية
اضافية الى افغانستان. وقال
الأسبوع الماضي في حديث لصحيفة
لو فيغارو الفرنسية إن فرنسا لن
ترسل جنديا اضافيا واحدا إلى
هذا البلد. مؤكدا الابقاء على
القوات الفرنسية فيه. وكان
ساركوزي يتحدث بعد ثلاثة ايام
من تأكيد فيليب غوردن مساعد
وزيرة الخارجية الاميركية
للشؤون الأوروبية ان
الاميركيين يريدون تقاسم
المسؤوليات مع الأوروبيين،
ولكنهم يولون اهمية كبيرة
للمساهمة الأوروبية الاضافية. ==================== الخليج
:العرب بين حتمية التغيير أو
التلاشي د
. خير الدين العايب المتأمل
في الوضع العربي الراهن من شأنه
أن يشعر بمرارة قاتمة مما آل
إليه هذا الوضع من تدهور
وانحطاط لم يعرفه العرب في
تاريخهم، وهم الذين كانوا يوماً
أسياد حضارة حكمت العالم لقرون
طويلة لا تزال معالمها شاهدة
على صنائعهم في الفن والهندسة
والطب وكانت سبباً في نهضة
الغرب وفي إخراجه من عصوره
المظلمة التي كان يتخبط فيها في
العصور الوسطى . ها نحن
نتحسر عندما نقرأ كتب التاريخ
العربي ونجده يقول لنا إن
آباءنا وأجدادنا كانوا يوماً
أسيادا يجوبون البحار
والمحيطات، حيث امتدت فتوحاتهم
من أرض الجزيرة العربية إلى
الأراضي الأوروبية، ودار
الزمان دورته وتحولت أوروبا
التي كانت تتقاتل في ما بينها
على استعمار الدول، إلى قوة
يحسب لها الحساب، فيما أصبحنا
نحن العرب متهمين بالتخلف
والانحطاط، إلى أن أصبحنا
شعوباً غير مرغوب فيها للعيش
إلى جانب دول متطورة، وعليه،
أصبحنا مطالبين بالرجوع إلى
مقاعد الدراسة لتعلم مبادئ
العصرنة والحرية والديمقراطية
وكيفية احترام الرأي الآخر وهي
شروط يتوجب الالتزام والعمل بها
لكي يسمح لنا بالظفر بمكان في
هذا العالم الجديد . نظرة
متفحصة للواقع الدولي الجديد
الذي أصبح واقعا معقدا تتداخل
وتتشابك فيه مصالح الدول
الاقتصادية والتجارية حتى ذابت
الدول في تكتلات كبيرة أزيلت
فيها الحدود والحواجز
الجمركية، وتحولت شعوب الدول
إلى شعوب واحدة تتعاون فيما
بينها على حل مشكلاتها بل إنها
بدأت تفكر في كيفية بناء دولة
وحكومة واحدة تجمع جميع
الجنسيات والقوميات بعدما
تقاتلت على مر التاريخ
وتَسبَّبَت في حروب عالمية
أوقعت الملايين من القتلى،
فضلاً عن دمار أوروبا كلها،
فبمجرد إلقاء نظرة على هذا
الواقع الدولي الجديد يتبادر
إلى ذهننا سؤال نحار في الإجابة
عنه وهو: أين نحن كعرب من هذا
العالم الجديد؟ وهل نظل كعادتنا
على هامشه كما نحن دائما عليه؟ أوروبا
تجمع اليوم أكثر من 350 مليون
نسمة هم خليط من أعراق وجنسيات
ولغات وديانات، مع ذلك كله نجحت
في تجسيد مشروعها الاندماجي
بتوحيد كياناتها وعملاتها وذلك
لإيمانها بأن عالم اليوم لا
يعترف بالدول المهزوزة سياسياً
واقتصادياً واجتماعياً ولا
يرحم الضعفاء، والنتيجة أن
أوروبا اليوم عملاق اقتصادي
وسياسي ومالي بل فرضت عملتها
اليورو على العملات الدولية . العالم
يتجه نحو بناء الأحلاف
والتكتلات لإيمانه بأن الهموم
والمشكلات الدولية لا تقدر على
حلها الدول منفردة بل الضرورة
تحتم التعاون والتوحد
لمواجهتها، ولكن أين نحن كعرب
من هذه التحولات الدولية؟ هل
استطعنا أن نتكيف معها ونفكر
كغيرنا في مشاريع وحدوية نستطيع
من خلالها أن نظفر بمقعد محترم
في العالم الجديد الذي لا يرحم
الضعفاء؟ يبدو
من واقعنا المأزوم أننا سوف
نضيع فرصة صنع التاريخ مثلما
أضعنا فرصاً عديدة قبلها
استغلتها القوى الكبرى لصالحها
حتى تكالبت علينا واستعمرت
أراضينا، وها نحن أصبحنا جاهزين
لمرحلة استعمارية جديدة لا نعرف
كم سوف تدوم من سنوات وقرون . صحيح
أننا نتحسر على هذا الواقع
المرير الذي نعيشه والذي تسببت
فيه انظمتنا السياسية بفشلها في
الإدارة وفي وضع مشاريع تنموية،
بل ما تفكر فيه هذه الأنظمة هو
كيف تزيد في قمع شعوبها
وتجويعها وتجهيلها وكانت
النتيجة ظهور فكر ايديولوجي
متزمت لا يؤمن بثقافة الحوار
والانفتاح واحترام الديانات
والثقافات، فقد عم الجهل
الايديولوجي والديني العالم
العربي بأسره وأصبحنا محاصرين
بين نزعة ايديولوجية ترفض
التكيف مع حركة الواقع الدولي
الجديد الذي تحكمة مبادئ
العصرنة والليبرالية واحترام
الثقافات والديانات، وبين
أنظمة سياسية لاتتقبل هي الأخرى
فكرة السماح بالتناوب على
السلطة . فمعظم الدول العربية
واقعة تحت استبداد ايديولوجي
وسياسي من جماعات تستبد بشعوبها
ايديولوجيا وأنظمة سياسية قمعت
حريتها وخنقت صوتها عندما قالت
لها كفى حان وقت التغيير . أصبحت
ثقافة السلم والمصالحة مع الذات
مطلوبة ومفروضة على الشعوب
العربية ان أرادت التغيير
والخروج من المأزق الذي ارغمت
على أن تكون فيه، فمن حق هذه
الشعوب أن تعبر عن آرائها
وتنفتح على ثقافات العالم لأن
ديننا دين الوسطية يدعو إلى
الحوار والتعايش السلمي مع
الثقافات الأخرى، فالعالم
اليوم يتجه نحو الثقافة الكونية
حيث تتعايش شعوب العالم مع
بعضها بعضاً من دون أن تفقد
هويتها وثقافتها ودياناتها،
فلم يعد في مقدور دولة واحدة أن
تواجه مشكلاتها بمفردها بل
هنالك اليوم “هموم دولية”
تستدعي من جميع دول العالم
مواجهتها مجتمعة كمشكلة
الأوزون والسلاح النووي
والاحتباس الحراري ومرض الإيدز
وإنفلونزا الخنازير وغيرها،
فجميعها تعتبر تحديات جديدة
تفرض الاعتماد المتبادل بين
الدول، ومثل هذه التحديات يفترض
أيضاً من الشعوب العربية ان
تفكر فيها وتشارك في إيجاد حلول
لها لأنها جزء من هذا العالم
ولكن قبل ذلك عليها أن تصنع
مصيرها المستقبلي بنفسها
وتتحرر من الفكر الايديولوجي
الدخيل الذي يريد أن يعيدها إلى
عصور الظلام، ومن تلك الأنظمة
التي تستبد بعقول شعوبها، ونحسب
أن بقاء العالم العربي على
واقعه الراهن من شأنه أن يساهم
في تآكل البنية العربية من
الداخل، فمشكلات عويصة باتت
تشكل تهديداً على مستقبل العرب
من السياسي إلى الاقتصادي إلى
الاجتماعي، إلى أزمات الهوية
والايديولوجيا، لقد حان الوقت
لفتح حوار جاد بشأنها والتفكير
في ما يجب التفكير فيه لإحداث
ثورة في العقل العربي قد تعيده
إلى صوابه قبل أن تستفحل
المشكلات على هذا العقل، وعندها
فقط سوف يفقد العرب ما تبقى لهم
من ثوابت، والخوف كل الخوف أن
نتمادى في أخطائنا وسباتنا ولن
يتبقى لنا عندها إلا الانتحار
والانقراض من عالم الدول، كما
انقرضت حضارات سابقة . كاتب
ومحلل سياسي جزائري Khiredine12@hotmail
.com ==================== حسن
بيان الخليج
القمة
السورية- السعودية التي انعقدت
في دمشق مؤخراً اختلفت
التأويلات حول نتائجها، لكن ما
بدا واضحاً أن الارتياح السياسي
كان بيناً لدى الطرفين . إن
القمة كانت ناجحة ليس لشكلية
انعقادها وحسب، بل لمؤشر ولعدة
أسباب، أما الموشر، فهو ابتعاد
البيان المشترك عن الصخب
الإعلامي للمسائل التي جرى
النقاش والتداول حولها،
والأسباب التي تجعل اللقاء
محكوماً بالنجاح إنما تكمن في
حاجة الطرفين إليه أولاً،
ومساحة التفاهمات على أدوار
مشتركة ومعالجة أزمات حادة في
العديد من المواقع العربية
ثانياً . إن
الحاجة المشتركة لجعل اللقاء
محكوماً بالنجاح، مردها أن كلاً
منهما أدرك أنه لم يستطع أن يشكل
بمفرده محوراً لاستقطابية
سياسية ذات تأثير مقرر في
معالجة للأزمات المحيطة
بوضعهما، وأما مساحة التفاهمات
التي تبدو محكومة بتقاطع
المصالح الإيجابية لكليهما،
فهي تطال أكثر من موقع، ولعل
الثلاثة الساخنة منها العراق
واليمن وفلسطين جعلت المقاربة
السياسية لدى الطرفين تتقدم
فيها عوامل الاقتراب على عوامل
الافتراق، وأما ساحة لبنان فإنه
بالنظر إلى خصوصية وتعددية “محتوياتها
السياسية” فإن تفاهماً تم على
التعايش والمساكنة على قاعدة
التوازن الذي أفرزته سياقات
الأحداث السابقة . وانطلاقاً
من هذا اللقاء، الذي يعتبر
بداية لتأسيس معطى سياسي جديد
في الوضع العربي، فإنه لا يعتبر
حدثاً عارضاً، بل حدث مهم لأنه
يرسم معالم مرحلة جديدة، من
مؤشراتها أن سوريا تريد الدخول
الفعلي في مدار سياسي جديد
بعيداً عن محورية العلاقة مع
إيران، وحيث أصبحت هذه العلاقة
عبئاً عليها لسببين، الأول، ان
الدور الإيراني بفائضه أصبح
عبئاً على نفسه فكيف على “حلفائه”،
والثاني رجحان كفة ميزان
العلاقة الإيرانية- السورية
لمصلحة النظام الإيراني بفارق
كبير، وأن هذه العلاقة
اللامتوازنة بدأت تعطي نتائج
سلبية بسبب تنامي الدور
الإيراني وعدم انضباطيته،
والمستوى الذي بلغته اختراقاته
في العديد من المواقع العربية
والتي بطبيعة الحال لا تريح
سوريا كما هو حاصل في العراق
بشكل خاص والخليج العربي واليمن
مؤخراً، بشكل عام . من هنا
كان الخيار السوري- بالاستدارة
السياسية نحو نسج علاقات سياسية
متميزة مع تركيا كي توازي
بدورها وثقلها الدور الإيراني
ولتقارب في رؤيتها السياسية
للصراع العربياً الصهيوني
للرؤية الرسمية العربية- خياراً
محسوباً بدقة، أولاً لأنه يفتح
متنفسات سياسية جديدة للنظام
السوري للانفتاح على الغرب
الأوروبي بشكل عام والموقع
الأمريكي بشكل خاص، وثانياً
لتأمين مساعد منشط للمفاوضات
السلمية مع “إسرائيل” . لكن
يبقى السؤال هل يستطيع اللقاء
السوري- السعودي عبر متنفساته
الإقليمية أن يسد الفراغ الحاصل
في المنطقة العربية ويحد من
الإطباق الإقليمي على الوطن
العربي سواء جاء هذا الإطباق من
مواقع المداخل أو من موقع
الداخل؟ إننا لا نرى إمكانية
لهذا اللقاء أن يسد الفراغ
نظراً لكونه يتحرك في فضاء
لايزال يفتقر إلى المركز الجاذب
له . هذا
المركز الجاذب لا يمكن أن توفره
المواقع الإقليمية، بل توفره
المواقع العربية الأساسية،
والموقع العربي الذي يستطيع أن
يلعب دور المركز الجاذب هو
الموقع المصري وانه من دون هذا
الموقع وعودته لأن يشكل موقعاً
ارتكازياً لعمل عربي مشترك
عبثاً تجري المحاولات لسد
الفراغ والحد من الانكشاف
العربي أمام أدوار القوى
الإقليمية والدولية . انطلاقاً
من هذا التصور، فإن اللقاء
السوري- السعودي كي يكون فعلاً
محطة انطلاق لعمل عربي جديد،
يجب أن تكون وجهته الأساسية
الاندفاع باتجاه مصر كي تعود
وتلعب دورها الذي يستقيم
وقدراتها وإمكاناتها في إعادة
الاعتبار للعمل العربي المشترك
لأن مصر هي وحدها القادرة على
موازنة الدورين التركي
والإيراني، وبانضمام الأضلع
العربية الأساسية إليها في
الوطن العربي، يعاد بناء الهرم
العربي على قاعدة عريضة ومتينة . وإذا
كان المطلوب مبادرات متبادلة
وأولاها من مصر التي يجب أن تخرج
من حياديتها، واستقالتها من
دورها العربي ببعده الإيجابي
الداعم لقضايا النضال العربي
فإن المواقع العربية الأخرى يجب
أن تخرج عن تحفظها وتعيد مد اليد
إلى مصر . وإذا كان الكل يتحمل
مسؤولية في ذلك فإن مسؤولية
أساسية تقع على عاتق سوريا،
فسوريا وطيلة الحقبة السابقة
كانت إما طالبة لعمل وحدوي وإما
مطلوبة . لقد
وصفت بثينة شعبان، اللقاء
السوري- السعودي بأنه يمهد لخلق
فضاءين عربي وإقليمي جديدين،
لكن على أهمية هذا اللقاء فإن
المطلوب ليس خلق فضاء ندور فيه
وحسب، بل خلق حوض عربي نقف على
أرضيته وتصب فيه كل الروافد
العربية، صغيرة كانت أو كبيرة
كي يعاد ملؤه بالماء العربي
الصافي الذي به يعود العرب
يسبحون في حوضه، وبه يضعون حداً
لانكشافهم السياسي والأمني
أمام أدوار الطامعين بالوطن
العربي من مشرقه ومغربه، وبه
يتم وضع حد لحالة انعدام الوزن
السياسي للعرب، وحتى لا يبقوا
يدورون في أفلاك مدارات أخرى .
وبه يصحح نصاب التوازن في
الصراع العربي- الصهيوني،
وعندها تجد كل الأزمات المتفجرة
في المنطقة العربية حلولاً على
قاعدة حفظ المقومات الأساسية
للكيانات الوطنية في لبنان
والعراق واليمن والسودان
وغيرها . فهل
تبادر سوريا بخطوة نحو مصر،
طالبة هذه المرة؟ ==================== من
يريد أن يكون رئيساً للاتحاد
الأوروبي؟
جايلز
ميريت الخليج
إن من
سيشغل منصب رئيس المجلس
الأوروبي أياً كان سوف يحدد
هيئته. فإن كان شخصاً يتمتع
بشهرة عالمية فلا شك أن رئاسة
المجلس سوف تتحول على الفور إلى
كيان ذي أهمية عالمية. ولكن إن
لم يكن أول شاغل لهذا المنصب من
الشخصيات المألوفة والمعروفة
لدى عامة الناس فإن هذا يعني
الحكم على الرئاسة بأن تكون
مجرد منصب رفيع آخر بين الوفرة
المحيرة من المناصب الرفيعة
التي لا يقدرها ولا يفهمها أحد
خارج بروكسل. والنقطة
الأساسية هنا هي أن أوروبا لن
تتمكن من رفع مستوى هذا المنصب
في وقت لاحق. فإذا ما ذهب منصب
الرئاسة لسياسي يفتقر إلى
الشهرة والجاذبية الشخصي، فسوف
تظل مكانتها متدنية إلى الأبد
بين الكيانات التي يتألف منها
النظام الدولي. من بين
ستة مرشحين لمنصب “رئاسة
أوروبا” فإن توني بلير هو
الوحيد الذي لا يحتاج إلى تقديم
في أي مكان. أما بقية الأسماء في
الحلقة فلابد وأن تكون مصحوبة
بجملة تعريف لتقديمها إلى الناس
كأن نقول الفنلندي صاحب المنصب
الفلاني سابقاً أو النمساوي
صاحب المنصب السابق كذا. ولا
أحد يدري ما إذا كان رؤساء
الوزراء الحاليون في بلدان
الاتحاد الأوروبي السبعة
والعشرين سوف يختارون بلير.
فهناك قدر كبير من سوء النية
المبيت حول الدور الذي لعبه في
غزو العراق، هذا فضلاً عن حقيقة
مزعجة مفادها أنه من
البريطانيين المتشككين في
أوروبا، وأن العديد من أهل
اليسار ينظرون إليه باعتباره
زعيماً خائناً للاشتراكية بسبب
ميوله الوسطية. بيد أن
اختيار رئيس لأوروبا لا يتصل من
بعيد أو قريب بشخص بلير كإنسان،
أو بالسجلات السياسية لأي من
الزعماء الآخرين الراغبين في
شغل المنصب. بل إن الأمر يدور في
الواقع حول المنصب في حد ذاته.
فمشكلة أوروبا تكمن في افتقارها
إلى زعماء يمكن تحديد هوياتهم
وميولهم بوضوح. نتيجة لهذا،
وعلى الرغم من النجاحات العديدة
التي حققها الاتحاد الأوروبي،
فإنه ما زال يتحدث بأصوات عديدة. وكان
هذا العيب على وجه التحديد من
بين المشاكل التي كانت معاهدة
لشبونة المثيرة للجدال تسعى إلى
علاجها. واليوم أصبحت في
المراحل الأخيرة من ولادتها
المتعسرة، وبحلول العام الجديد
لابد وأن تبدأ في تقديم آليات
جديدة لجعل عملية اتخاذ القرار
الأوروبي أكثر سلاسة وفعالية.
إن جوهرة تاج هذه المعاهدة
تتمثل في تعيين رئيس متفرغ لمدة
ثلاثين شهراً للمجلس الأوروبي،
الذي يجمع رؤساء حكومات بلدان
الاتحاد الأوروبي، إلى جانب
منسق السياسة الخارجية الذي سوف
يكون مدعوماً بهيئة دبلوماسية
وليدة في الاتحاد الأوروبي. وتعارض
بلدان البنلوكس الثلاثة (بلجيكا،
وهولندا، ولوكسمبورج)، إلى جانب
عدد قليل من بلدان الاتحاد
الأوروبي الصغيرة، أن يكون
الرئيس الأوروبي الجديد من دولة
كبيرة. وهناك أيضاً من يخشون أن
يكون اختيار شخصية سياسية من
الوزن الثقيل للمنصب سبباً في
حجب دور رئيس مفوضية الاتحاد
الأوروبي، رئيس الوزراء
البرتغالي السابق خوسيه مانويل
باروسو، الذي تأكدت ولايته
لفترة ثانية مدتها خمس سنوات
للتو، وبالتالي التقليل من قيمة
الدور الذي يلعبه منسق السياسة
الخارجية الذي من المنتظر أن
تعمل معاهدة لشبونة على تعزيز
سلطاته. إن
أوروبا تعاني من مشكلة خاصة
بهيئتها على الساحة العالمية،
وتنبع هذه المشكلة جزئياً من
البنية المؤسسية المعقدة التي
تنظر إليها بلدان أخرى من خارج
الاتحاد الأوروبي باعتبارها
لغزاً محيراً. فهي تعاني من فرط
التمثيل في القمم العالمية التي
تعقدها مجموعة العشرين، على
سبيل المثال، ولكن حضور أربعة
زعماء وطنيين أوروبيين،
بالإضافة إلى ممثلي الاتحاد
الأوروبي مثل باروسو، يشكل نقطة
ضعف ولا يعمل بأي حال على تعزيز
ثقلها السياسي. ويصدق نفس القول
على كيانات عالمية أخرى مثل
البنك الدولي وصندوق النقد
الدولي. إن نص
معاهدة لشبونة يتسم بالغموض
الشديد في وصفه لوظيفة ودور
الرئيس وهو التناول الذي وقى
واضعي المعاهدة من التعرض
للمتاعب، ولكنه لم يعمل في
الواقع إلا على تأجيل الخلاف.
والجدال الحقيقي الدائر الآن
بين الحكومات الوطنية
الأوروبية يدور حول السلطات
التي ينبغي أن تكون لرئيس
الاتحاد الأوروبي. والمخاطرة
هنا تكمن في لجوء الساسة
المتشاحنين في أوروبا إلى
اختيار رئيس صوري وإهدار الفرصة
الذهبية لخلق زعيم عالمي. الأمين
العام لمركز أبحاث أصدقاء
أوروبا الذي يتخذ من بروكسل
مقراً له، ورئيس تحرير مجلة
السياسة “عالم أوروبا”،
والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت
سنديكيت” ==================== لعنة
غولدستون تطارد باراك وتهدد
نتنياهو
الخليج عصام
نعمان تاريخ
“إسرائيل” معظمه حروب خارجية
ضد العرب وأزمات داخلية ناجمة
عنها . لعل أقسى حروب “إسرائيل”
عدوانها الوحشي على قطاع غزة
أواخرَ السنة الماضية ومطالعَ
السنة الجارية، وأخطر الأزمات
التي عانتها تلك الناجمة عن
عدوانها الوحشي ذاك. فهي تتخبط
الآن في أزمة داخلها بين
أحزابها كما في أخرى خارجها مع
الرأي العام العالمي ومؤسسات
الأمم المتحدة. في
الداخل ثمة خلاف، وبالتالي صراع
بين وجهتي نظر. واحدة تدعو الى
استجابة لتقرير غولدستون
بتأليف لجنة للتحقيق المحلي في
ما نسبه الى “إسرائيل” من
جرائم حرب في عدوانها على غزة.
الأخرى تدعو إلى عدم استجابة
لتقرير غولدستون ومحاربة
تداعيات تقريره أمام مؤسسات
الأمم المتحدة وفي العالم. بنيامين
نتنياهو في حيرة من أمره. فهو إن
استجاب لوجهة النظر الأولى،
اصطدم برفض شديد من وزير الحرب
ايهود باراك كما من الجيش “الإسرائيلي”.
وهو إن استجاب لوجهة النظر
الثانية اصطدم يا للمفارقة!
بوزير الخارجية أفيغدور
ليبرمان ووزير شؤون
الاستخبارات دان مريدور ووزير
القضاء يعقوب نيئمان والمستشار
القانوني للحكومة ميني مزّوز. باراك
كان وزيراً للحرب في حكومة
ايهود اولمرت التي شنّت العدوان
الوحشي على غزة. وهو يخشى، كما
كبار ضباط الجيش منفذي العدوان،
أن تدينه التحقيقات التي ستجري،
فمن المنطقي إذاً أن يرفض
التحقيق ليبعد عن نفسه وعن
الجيش مفاعيل الإدانة والتجريم.
في المقابل، يبدو أن لليبرمان
مصلحة في نيل رضا القضاء في ضوء
ملف التحقيق الجنائي ضده
والاشتباه بتلقيه أموالاً ورشى
بصورة منافية للقانون. أما
مريدور ونيئمان ومزوز فإنهم
يميلون الى الأخذ بنصيحة دول
عدة، بحسب صحيفة “هآرتس”، دعت
“إسرائيل” الى إجراء تحقيق
محلي مستقل من شأنه أن يعطل
التقرير وأن يحول دون إحالته
على المحكمة الجنائية الدولية. نتنياهو
محتار لأنه إذا ما أخذ برأي
ليبرمان ومريدور ونيئمان ومزوز
فإن ذلك قد يؤدي الى خروج باراك
وحزب العمل من الحكومة
الائتلافية، وبالتالي الى
سقوطها. وإذا ما أخذ برأي باراك
وضباط الجيش فإن ذلك يتسبب
بإغضاب دول عدة بينها الولايات
المتحدة وبريطانيا وفرنسا
وروسيا، ناهيك عن دول عدم
الانحياز، التي تحبذ قيام “إسرائيل”
بإجراء تحقيق محلي مستقل لتفادي
عرض التقرير على مجلس الأمن
وإحراجها بطلب إحالته على
المحكمة الجنائية الدولية. غني عن
البيان أن نتنياهو مسكون برغبة
جامحة في المحافظة على حكومته
للبقاء في السلطة. لذلك اتخذ في
الاجتماع الأخير للمجلس
الوزاري المصغّر لشؤون الأمن
القومي موقفاً وسطاً. فقد رضخ
مؤقتاً لرأي باراك القائل
باتخاذ قرار بعدم مناقشة موضوع
تأليف لجنة تحقيق “إسرائيلية”
والاكتفاء بتأليف وحدة لمحاربة
تقرير غولدستون وتبعاته
القضائية والدولية في سياق
مواجهة موجة الدعاوى القضائية
على “إسرائيل” ومسؤولين كبار
فيها على خلفية ضلوعهم في
انتهاكات وجرائم خلال العدوان
على غزة، وإمكان مناقشة التقرير
في الجمعية العامة للأمم
المتحدة ومجلس الأمن الدولي
وإحالته تالياً على المحكمة
الجنائية الدولية. قرار
المجلس الوزاري المصغر لم يحسم
الخلاف داخل الحكومة وخارجها
حيال مسألة تأليف لجنة “إسرائيلية”
للتحقيق. ذلك إنه من الممكن، بل
من المرجح، أن يعاود نتنياهو،
إزاء الضغوط المحلية
والخارجية، طرح مسألة تأليف
لجنة للتحقيق المحلي لأنه لن
يتضرر منها لعدم توليه منصباً
حكومياً خلال العدوان على غزة
من جهة، ومن جهة أخرى لرغبته في
إحراج خصومه السياسيين،
وخصوصاً زعيمة المعارضة وزيرة
الخارجية السابقة تسيبي ليفني،
وإضعاف رئيس حزب العمل وزير
الحرب الحالي ايهود باراك. حتى من
دون إحراجه من طرف نتنياهو، فإن
باراك وحزبه يبدوان في موقف
سياسي بائس للغاية. ذلك أن
دانيئيل بن سيمون، رئيس كتلة
حزب العمل في “الكنيست” استقال
من منصبه ودعا باراك الى
الانسحاب من الحكومة. لماذا؟ “لأن
حزب العمل يتدهور الى الحضيض
ولم يحقق أهدافه، فالشخص الذي
يترأس الحزب مسؤول عن مشروع
البؤر الاستيطانية غير
القانونية الذي يتعاظم تباعاً،
وليست هناك عملية سياسية ولا
يوجد مبرر لبقائنا في الائتلاف”. من
المعلوم أن عدد نواب حزب العمل
في الحكومة ،13 وعدد النواب
المتمردين على باراك ،6 وإذا ما
ألّف هؤلاء كتلة برلمانية
مستقلة، فإن انهيار حزب العمل
يصبح أمراً واقعاً . فهل يستمر
الائتلاف الحكومي بعد انشقاق
حزب باراك؟ ليفني
تتمنى ذلك وتعمل لتحقيقه. في هذا
الإطار، دعت الى إجراء تحقيق
موسع في نشاط الشركات المالية
التي يملكها باراك بعد صدور
تقارير تفيد بأن ملايين
الشيكلات نقلت الى تلك الشركات
بعد تعيين باراك وزيراً للحرب. انهيار
حزب العمل قد يجرّ معه انضمام
بعضٍ من نوابه الى حزب ليفني (كاديما)،
وتعاطف آخرين معه. وإذا ما رافق
ذلك أو أعقبه تجريم ليبرمان في
التحقيقات الجارية معه، فإن
تفكك حزب “إسرائيل بيتنا” أو
إضعافه يساعد أيضاً في تقصير
عمر حكومة نتنياهو واحتمال قيام
حكومة أكثر اعتدالاً برئاسة
ليفني أو غيرها. كل هذه
التطورات والتداعيات تزيد أزمة
“إسرائيل” احتداماً، وتسهم في
كسر حدة طاقمها الحاكم وتساعد،
إلى حد ما، في تسريع عملية إعادة
وضعها تحت سلطة القانون الدولي
بعدما مكثت طويلا فوقه. كما
تساعد في لجم معسكر اليمين
العنصري المتطرف الرافض وقف
مشروعات الاستيطان والساعي،
دونما هوادة، إلى مزيد من
التوسع الاستعماري داخل فلسطين
وفي جوارها بكل الوسائل المتاحة
وفي مقدمها الحرب. كريستين
ساينس مونيتور ==================== هل
الاتفاق الأخير بداية لدفء
العلاقات بين إيران وأمريكا؟ بقلم
- هاوارد لافرانشي الوطن
الكويتية : يثير
الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل
اليه في فيينا يوم الاربعاء
الماضي والذي يدعو لتقليل مخزون
ايران من اليورانيوم المخصب
بدرجة منخفضة الى حد كبير، يثير
السؤال المحير التالي: هل يمكن
ان يكون هذا الاتفاق، الذي جاء
بعد 30 سنة من العداء، بداية
لذوبان الثلوج عن العلاقات
الامريكية - الايرانية؟ رغم ان
احدا بالحقيقة لا يستطيع ان
يعتبر الاتفاق الاخير هذا
مماثلا في ابعاده لتلك اللحظة
التاريخية الفاصلة التي جعلت
العلاقات الامريكية - الصينية
في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون
ايجابية وبناءة، الا انه (الاتفاق)
يمكن ان يكون بداية طيبة مع ذلك
لتحول من حالة عداء كامن الى
انفتاح يستجيب لمصالح البلدين
على نحو متبادل برأي بعض
الخبراء والدبلوماسيين. على أي
حال، دعونا نكن متواضعين في
توقعاتنا هنا، فهناك الكثير مما
يتعين عمله امام البلدين قبل
النظر في امكان تطوير الحوار
اكثر بينهما كما يقول تريتا
بارسي رئيس المجلس الايراني -
الامريكي الوطني في واشنطن
والذي يضيف: ان الامر سيتطلب
الكثير من الجهود من الجانبين
حتى يترسخ الانفتاح، لكن ما حدث
يمكن ان يكون الخطوة الاولى في
تغيير مسار العلاقات الامريكية
الايرانية. جدير
بالذكر ان اتفاق فيينا الذي
توصل اليه المفاوضون
الايرانيون، الامريكيون،
الفرنسيون، والروس تحت اشراف
الوكالة الدولية للطاقة الذرية
يدعو لنقل الكثير من مخزون
ايران من اليورانيوم المخصب
بدرجة منخفضة الى الخارج من اجل
المزيد من المعالجة ليعود الى
ايران بعد ذلك بشكل ملائم
لاستعماله في مفاعل للابحاث قرب
طهران. والواقع
ان هذا الاتفاق الذي يقلص ثلاثة
ارباع ما تمتلكه ايران من
اليورانيوم المخصب على مستوى
منخفض سوف يمنح دول العالم فرصة
تمتد سنة لالتقاط الانفاس من
اجل مواجهة تحديات برنامج ايران
النووي الاخرى. يقول
بارسي: لاشك ان انخفاض مستوى
التوتر حول برنامج ايران النووي
خلال الفترة المقبلة يشكل عاملا
مهما جدا لامريكا وايران في
قياس دفء العلاقات والى أي مدى
يمكن ان يصل هذا الدفء. فعلى
الجانب الامريكي يقول كثيرون من
المحللين ان الاتفاق المذكور
سوف يسمح لامريكا وشركائها
معرفة نوايا ايران دون الضغوط
التي كان يثيرها برنامجها
النووي. ويمضي
بارسي قائلا: غير ان الايرانيين
يرون في الاتفاق «فترة اختبار»
للطرف الاخر فهم فعلوا اشياء
عدة في الماضي من اجل بناء الثقة
مع الجانب الامريكي لكن احدا لم
يقدر ذلك. لكن في
تقييمه المحادثات، ألمح محمد
البرادعي مدير الوكالة الدولية
للطاقة الذرية الى اهتمام كل
الاطراف المعنية بان يكون
الاتفاق بداية لحل الخلافات
وفتح صفحة جديدة في العلاقات
الدولية وقال: لا بد من القول ان
كل من شارك في الاجتماع كان
يحاول المساعدة وينظر الى
المستقبل لا الماضي من اجل شفاء
الجروح التي استمرت سنوات طويلة
جدا. بيد ان
خبراء الامن وخاصة اولئك
المقتنعين بان طهران لاتزال
تطمح بالوصول الى السلاح
النووي، يعربون عن تحفظهم
بالقول ان من الافضل عدم
التفاؤل كثيرا في قراءة مضامين
عمل واحد هو ليس سوى خطوة اولى. يقول
غازي شميث مدير الدراسات
الاستراتيجية المتقدمة في معهد
المشروع الامريكي بواشنطن:
اعتقد انهم «الايرانيين»
استفادوا من التجربة الكورية
الشمالية فهم يشعرون ان من
مصلحتهم الآن اتخاذ موقف متعاون
لانهم غير قادرين ربما لعدد من
الاسباب على المضي قدما في
طموحاتهم النووية، وبل
وينتابني الشك في انهم رحبوا
بالاتفاق الاخير كي يتحرروا من
الضغوط الدولية من اجل التفرغ
لقضايا الداخل، ومنها تداعيات
انتخابات الرئاسة المثيرة
للخلاف التي جرت في الصيف. لذا،
لا اتوقع ان يتخذ الايرانيون
مسارا واضحا حتى بعد التوقيع
على الاتفاق لان من الصعب جدا
معرفة طريقة تفكير القيادة
الايرانية. وبعد
ان يلاحظ ان تاريخ اتصالاته
بايران يعود لعقد الثمانينيات،
يقول شميث: ليس بوسعك الافتراض
ابدا انك تستطيع الحصول على رد
نهائي من الايرانيين لسبب بسيط
هو انهم يضعون دائما ثمانية
وجوه على نفس المشكلة. تعريب
نبيل زلف ==================== الوطن
القطرية نشرت
صحيفة كريستيان ساينس مونتور
افتتاحية تحت عنوان «موقف
أوباما القوي من السودان»، رأت
فيها أنه مع امعان الرئيس
أوباما النظر في دور الولايات
المتحدة الأميركية في الصراع
المحتدم في أفغانستان، دعت
الحاجة أيضاً الى اتخاذ أوباما
موقفاً بشأن صراع آخر محتدم في
السودان. اذ ستواجه تلك الدولة
الافريقية دبلوماسيةً أكثر
خشونة من الجانب الأميركي،
وفقاً لسياسة البيت الأبيض التي
كُشف النقاب عنها يوم أمسحيث
سيتلقى السودان بعض الحوافز
للمساعدة على احراز تقدم في
كافة القضايا الرئيسية. وقد حظي
الموقف الأميركي الذي يجمع بين
الخشونة والمرونة بالاستحسان،
ولكنه يلقي ظلالاً من الشك بشأن
مدى استخدام أوباما
للدبلوماسية وأنواع الضغوط
المختلفة لحل واحدة من أكبر
أزمات العالم، التي أودت بحياة
الآلاف وشردت آلاف غيرهم. وتشير
الافتتاحية الى أن أوباما اتخذ
خلال حملته الانتخابية موقفاً
قوياً من النظام السوداني (القمعي)
بشأن استمرار أعمال العنف في
المنطقة الغنية بالنفط في جنوب
السودان، وهو موطن لكثير من
المسيحيين في دولة ذات أغلبية
مسلمة. ولكن منذ دخوله الى
الأبيض، لم يستقطب السودان كثير
من اهتمام أوباما، وفق ما ذكرته
الافتتاحية. وقد سبق أن أثارت
الحوافز التي لمح اليها المبعوث
الأميركي، سكوت غريشن، بعض
المخاوف في الكونغرس بشأن موقف
أوباما من تلك الدولة التي
تنتهك حقوق الانسان. ولكن موقفه
الآن أصبح جلياً مرةً أُخرى، اذ
أعرب عن رغبته في أن يتحمل قادة
النظام السوداني الحاكم
المسؤولية بشأن الـ300 ألف شخص
الذين لقوا نحبهم في دارفور، في
عمليه وصفتها الادارة
الأميركية السابقة أنها «ابادة
جماعية». وترى الافتتاحية أن
موقف أوباما سوف يدعم لائحة
الاتهام التي وجهتها المحكمة
الجنائية الدولية للرئيس
السوداني عمر حسن البشير في
مارس الماضي. كما تُشير الى أن
أوباما، الذي حصل مؤخراً على
جائزة نوبل للسلام، قد يرغب في
انهاء الاضطرابات في السودان
خلال فترة رئاسته للولايات
المتحدة الأميركية. وقد أوضح
أوباما أن السودان لن يتلقى أي
حوافز خارجية الا بعد أن يٌحرز
تقدماً في كافة القضايا
الرئيسية. ولكن بعيداً عن سياسة
سيف المعز وذهبه، ترى
الافتتاحية أن أوباما في حاجة
الى تشكيل ائتلاف قوي مع
الزعماء الآخرين للضغط على
السودان واقناعه بالعمل على حل
تلك القضايا الشائكة. وسيحتاج
اوباما الى ضم الصين الى هذا
التحالف، فالصين هي المستورد
الأول للنفط السوداني، والمصدر
الأول للأسلحة الى السودان. وفي
النهاية تشير الافتتاحية الى أن
حل مشاكل السودان لن يكون
هيناً، ولاسيما مع اجراء
استفتاء قد ينتهي بتقسيم هذا
البلد الافريقي الكبير. ================== إسرائيل
والولايات المتحدة وتقرير
غولدستون انتقد
السفير الأميركي السابق لدى
الأمم المتحدة جون بولتون
والمعروف بانتمائه لتيار
المحافظين الجدد شديد الانحياز
لاسرائيل، في مقال نشرته صحيفة
وول ستريت جورنل بعنوان «اسرائيل
والولايات المتحدة وتقرير
غولدستون»، اقرار مجلس حقوق
الانسان تقرير غولدستون بشأن
الحرب الاسرائيلية على غزة،
وقال ان التقرير يتهم اسرائيل
بشكل مباشر باقتراف جرائم حرب
ويضيق الخناق على تل أبيب وان
واشنطن ستكون هدفه التالي. ومضى
بولتون يقول ان تقرير غولدستون
لا يدين أو يشير في نصه الى
الانتهاكات التي اقترفتها حركة
المقاومة الاسلامية (حماس) أو ما
سماها بـ «الحركة الارهابية»
بحق المدنيين الاسرائيليين،
معتبراً أن التقرير شكل اعاقة
لمفاوضات عملية السلام في
المنطقة. كما انتقد بولتون
عملية انضمام الولايات المتحدة
للمجلس برمته، مشيراً الى أن
ادارة الرئيس الأميركي السابق
جورج بوش صوتت ضد قيام المجلس
ورفضت الانضواء تحت عضويته.
وقال بولتون الذي كان أحد صقور
ادارة بوش، ان قبول ادارة
الرئيس الأميركي باراك أوباما
الانضمام الى مجلس حقوق الانسان
الذي تأسس في جنيف في مارس 2006
ليحل محل لجنة الأمم المتحدة
لحقوق الانسان كان خطأ بحد
ذاته، داعياً أوباما الى تصحيح
ذلك الخطأ! واتهم الكاتب لجنة
الأمم المتحدة لحقوق الانسان
بالقول انها طالما ركزت
انتباهها على الولايات المتحدة
واسرائيل أكثر من اهتمامها
وتقصيها لأفعال من وصفهم
المنتهكين الحقيقيين لحقوق
الانسان في العالم. وأشار
بولتون الى أن مشروع اقرار
تقرير غولستون نال أصوات 25 من
أصل 47 عضواً في المجلس بمن فيهم
روسيا والصين، مضيفاً أن ست دول
صوتت ضده وهي هنغاريا وايطاليا
وهولندا وسلوفاكيا وأوكراينا
والولايات المتحدة، مضيفاً أن
خمس دول امتنعت عن التصويت مثل
بريطانيا وفرنسا. وقال ان لندن
ربما امتنعت عن التصويت ظناً
منها أن ذلك لصالح اسرائيل،
موضحاً أن موقف بريطاينا لا
يمكن تفسيره سوى أنه موقف «جبان».
وأضاف أنه لا يمكن تقدير حجم
النشاط السياسي الذي قامت به
ادارة أوباما قبل التصويت في
المجلس، ولكن خسرانها لمواقف
حلفائها الرئيسيين مثل
بريطانيا يعد مؤشرا على ضعف ذلك
النشاط. ودعا بولتون ادارة
أوباما الى الانسحاب من مجلس
حقوق الانسان في ظل ما سماها «كارثة
الجمعة» ضد تل أبيب، مضيفاً أن
تقرير غولدستون ما هو سوى
البداية وأن واشنطن ستكون الهدف
التالي للمجلس لا محالة! ==================== أين
خريطة التأثيرات الإيرانية
والسورية والأميركية من
الأزمة ؟ عوامل
خارجية تحصر العرقلة الحكومية
بالداخل النهار على
رغم انتهاء المهلة التي حددتها
الدول الخمس الكبرى والمانيا
لإيران للرد على مقترحاتها في
شأن الملف النووي الايراني
منتصف ليل امس الجمعة، فان
المعلومات التي توافرت لمصادر
وزارية لبنانية مطلعة من معنيين
دوليين بهذا الملف مساء الخميس،
اي في اليوم الاول للمحادثات
بين الجانبين الدولي والإيراني
في فيينا كانت تفيد ان الاجواء
في منتهى الايجابية، على غير ما
ذهب اليه بعض المواقف، وحتى
التفسيرات الاعلامية
والسياسية، الامر الذي يشجع على
حصول امر جدي في الموضوع
الايراني وفق معطيات المصادر
الوزارية المعنية، مبني في شكل
اساسي على التعاون الذي يبديه
الرئيس الايراني محمود احمدي
نجاد بالذات ويمهد لتوسيع
النقاش في مراحل لاحقة نحو
ملفات اخرى تهم ايران بدرجة
كبيرة. لكن الامر يبدو في الواقع
بين مد وجزر غير واضحين تماما ما
دامت المفاوضات مستمرة. هذه
المسألة تكتسب اهميتها في سياق
استمرار الجهود من اجل تأليف
الحكومة، نظرا الى تأثير العامل
الايراني، وفق ما يرى كثيرون في
المعطى الداخلي اللبناني في شكل
او آخر. ومعلوم ان ثمة وجهات نظر
مختلفة ومتعددة في هذا الاتجاه
على الصعيد الداخلي وحتى على
الصعيد الديبلوماسي. اذ يعرب
سفراء اوروبيون، شأنهم شأن
مسؤولين لبنانيين كثر، عن
اعتقادهم ان لايران امتدادا ما
يؤثر في الموضوع الحكومي يدعم
الشروط والمطالب التي لا تزال
تؤخر موضوع ولادة الحكومة، في
حين يرى كثر ايضا من السياسيين
والديبلوماسيين على حد سواء
مبالغة في ربط الحكومة بالشأن
النووي الايراني واجتهادات في
غير محلها، وغالبا ما يسأل بعض
الديبلوماسيين الغربيين: كيف
يمكن اللبنانيين ربط تأليف
الحكومة بالملف النووي
الايراني؟ ويطالبون بشرح وجهات
النظر التي يتمسك بها
اللبنانيون في هذا الاطار.
وهؤلاء ايضا يحمّلون
اللبنانيين المسؤولية، على
قاعدة ان الخارج لم يعد يعترض
تأليف الحكومة راهنا، بل هي
عوامل داخلية في الاساس قد تكون
لها امتدادات خارجية. الا ان
واقع الامور بالنسبة الى غالبية
المتابعين الديبلوماسيين بات
يتركز اكثر على تحميل الافرقاء
الداخليين تبعة التأخير في
تأليف الحكومة اكثر من اي
اعتبار، تساعدهم في ذلك مجموعة
امور تتعلق بمعطيات اقليمية
ودولية، من بينها على نحو اساسي
موقفا طرفين اساسيين: - ان
الولايات المتحدة بحسب هؤلاء
المتابعين عملت على الضغط
والتشديد على كل الافرقاء في
المنطقة للابتعاد عن التدخل في
الشأن اللبناني وترك تأليف
الحكومة ليكون من صنع
اللبنانيين انفسهم، وهي تثق الى
حد بعيد بأن هؤلاء الافرقاء
التزموا او كانوا سيلتزمون ذلك
نتيجة ارتباط مصالح لهم بتطور
العلاقات مع واشنطن او سوى ذلك
من الاستحقاقات. وتاليا، فان
ثمة ميلا الى رمي كرة المسؤولية
في ملعب اللبنانيين وحدهم، وهم
سيتحملون تاليا تبعة العجز عن
الاضطلاع بادارة شؤون بلادهم
بانفسهم، ايا تكن طبيعة العرقلة
التي باتت تنحصر وفق هؤلاء
المتابعين بمصالح وحسابات
شخصية باتت تحتل الواجهة في اي
عرقلة اخرى، حتى لو وجدت. لا بل
ثمة من هؤلاء من يعتقد ان رمي
الكرة في ملعب الاميركيين يدل
على افتقار الى الذرائع التي
يمكن الاختباء وراءها في عرقلة
الحكومة وتحديدا بعد القمة
السعودية السورية، خصوصا ان
واشنطن ابلغت من يلزم على كل
المستويات انها مع حكومة يرضى
عنها اللبنانيون ايا يكن نوعها،
حكومة وحدة وطنية او حكومة
اقطاب او تكنوقراط. وهذا
الامر ينبغي الا يستهين به
اللبنانيون في رأيهم، لانه يشكل
فارقا كبيرا بين مرحلة يسعى
فيها بعض الدول الى مساعدة
لبنان، نتيجة اسباب موضوعية
وواقعية معروفة وتدخلات لمواقع
نفوذ اقليمية تم السعي
والمساعدة في تذليلها، ومرحلة
اخرى لا يكون فيها الوضع كذلك. - لا
يتجاهل المتابعون انفسهم ان
دمشق بعثت ولا تزال بأكثر من
رسالة في اتجاه لبنان غالبا ما
كانت متناقضة. وهذا الامر أمكن
تبينه، بين حلفاء وسياسيين
قريبين منها يعتبرون ان الموضوع
الحكومي يرتبط في اساسه بموضوع
ما سمي "س. س."، اي ما يوحي
ان سوريا لاعب ومفتاح اساسي لا
بد منه لتسيير الشأن في لبنان،
وسعي الى التسهيل جرى اختصاره
اخيرا على نحو علني في تفسير
الموقف المعلن للنائب سليمان
فرنجيه على اساس ان سوريا تسهل
ما هي قادرة عليه فقط من خلال
حلفاء لها وفي مواقع محددة
يمكنها ان تمون عليهم وليس عبر
غيرهم. وايا يكن نوع هذا التسهيل
او مدى صحته، فان ذلك يكسب سوريا
الصدقية التي تحتاج اليها في
التزاماتها امام بعض الدول
العربية كالمملكة العربية
السعودية او حتى امام بعض الدول
الغربية، كالولايات المتحدة
الاميركية وفرنسا وسائر اوروبا
من حيث الظهور في موقع المتعاون
الى اقصى الحدود بالتزامن مع
توجيه رسائل الى الداخل
اللبناني حول استمرار نفوذها في
لبنان وتدخلها من اجل التسهيل .
وتاليا، فان عرقلة الحكومة لن
تبقى بعد ذلك في ملعبهم امام
الخارج، وحتى في لبنان، حيث
تسمع اصوات، ولا سيما من جانب
الرئيس نبيه بري صاحب شعار "س.
س."، بان الازمة باتت داخلية،
وهو امر يؤدي عمليا الى التسبب
باحراج للسياسيين الذين
سيفتقرون الى الحجج الضرورية
لدعم اتهاماتهم في الاتجاه
السوري متى وجدت. روزانا
بومنصف rosana.boumounsef@annahar.com.lb ==================== الرأي
الاردنية بن
كاسبيت- نتنياهو لا يخشى من
باراك. باراك حسب اعتقاده لا
يشكل تهديدا حقيقيا في
الانتخابات القريبة. خوف بيبي
الاساسي يأتي من ناحية رئيس
هيئة الاركان، قال احد المقربين
من رئيس الوزراء لمن قال، رئيس
هيئة الاركان وحده يشكل تهديدا
محتملا لبيبي. هو يتمتع
بالشعبية، الشعب يحبه وحتى
الانتخابات سيتسرح من الجيش
وهذا الوضع قد يكون خطيرا. لا، لا
يتعلق الامر بغابي اشكنازي. رغم
انه هو ايضا يتمتع بالشعبية. اشنكازي
على ما يبدو ليس ذو صلة
بالانتخابات القريبة. قانون
التبريد يحكم عليه بثلاث سنوات
انتظار قبل الولوج الى عالم
السياسة بعد تسرحه من الجيش (قانون
غير ديمقراطي صارخ يمس بالحق
الاساسي للانتخاب والترشيح).
هذه الكلمات صدرت عن احد
المقربين لدرجة كبيرة من
نتنياهو قبل اكثر من 11 عاما في
ولايته الاولى. نتنياهو كان
رئيس الوزراء وباراك كان رئيس
المعارضة، رئيس هيئة الاركان
الفريق امنون ليفكن - شاحاك. هذه
الامور نشرت هنا. ومن بعدها جاءت
الاستطلاعات. اسم ليفكن - شاحاك
بدأ يظهر كمرشح محتمل لرئاسة
الوزراء (كانت تلك ايام
الانتخابات بالطريقة المباشرة).
الارقام التي حققها وصلت الى
عنان السماء. روني ميلو انتظر في
الخارج بصبر. دان مريدور استقال
من منصبه كوزير للمالية وانضم.
ليفكن - شاحاك تسرح من الجيش
وتشكل حزب الوسط. في اللحظة
الاخيرة استقال وزير الدفاع
ايضا اسحاق مردخاي وصعد مباشرة
الى رأس الهرم. خلاصة القول، تمت
ازاحة بيبي جانبا. ولكن ليس
لصالح الحزب الجديد الذي انهار
فوق تشكيله وانما لصالح ايهود
باراك الذي ابتلع هذا الاصطفاف
ولم يعرف انه آت الى احضانه. في
الاسابيع الاخيرة من
الانتخابات وبسبب طريقة
الانتخاب المباشر تدفق ناخبو
الوسط باتجاه باراك وحزب العمل
وازاحوا بيبي جانبا. حزب الوسط
فعل فعله والان اصبح بامكانه ان
ينصرف. وقد انصرف بالفعل. ليفكن -
شاحاك وميلو خرجا من الحياة
السياسية، ومردخاي دفع
للاستقالة، اما مريدور فقد
استقال ثم عاد وكأن شيئا لم
يحدث، مباشرة الى اذرع نتنياهو. عودة
الى ايامنا: ايهود باراك يبدو
كمن يستطيع ابتلاع شالوم سمحون
حتى. هناك من يعتقدون انه قد
ابتلعه فعلا. غابي اشكنازي كما
اسلفنا ليس في اللعبة الحالية.
تسفي لفني تراوح في المعارضة.
الحكاية السياسية التي تقلق
بيبي الان هو النص الجديد
المسمى اليسار الوطني الذي أعده
الكاتب المسرحي شموليك هسفاري
والمحامي الداد يانيف وأرسل الى
مواقع الانترنت في الاسابيع
الاخيرة. هذا ليس ازعاجا حقيقيا
ذلك لان الانتخابات ليست في
الاجواء وكل شيء ما زال خاما
واوليا جدا، ومع ذلك. رغم
النفي الرسمي، بعض المقربين من
نتنياهو يتحدثون عن هذا النص
ويتحققون من شعبيته ايضا. وفقا
للتقديرات، هذا نص يمكن هضمه
جيدا في بطن التيار الرئيسي
الاسرائيلي اللين ومفهوم من قبل
اجزاء واسعة في الوسط - يسار،
ربما ايضا اليمين اللين. وفي
حالة حدوث انتخابات ان تمت
ترجمة هذا النص البرنامجي الى
حزب فانه سينشىء لنفسه قادة
ملائمين. وسيقضي
على ما تبقى من حزب العمل ويقضم
حزب كديما بصورة ملموسة، ويلتقط
بعض الاطراف الموجودة في الهامش
اليساري من الليكود. طاقة
احتمالية جيدة. في ظروف معينة
يمكن لهذه الطاقة المحتملة ان
تنتصر. هذا طبعا يعتمد على ما
سيحدث حتى الانتخابات القادمة
واي رصيد سيطرحه نتنياهو على
الناخبين. ايضا
في دائرة تسيبي لفني هناك من
قرأوا هذا النص بحرص وتدقيق.
حاييم رامون احدهم. مثال عابر.
الكثيرون يعتقدون هناك ان هذه
الفكرة ذات انطلاقة ممتازة.
فكرة يمكنها ان تصعد فوق
الامواج. جوهر يساري تمت صياغته
بلغة يمينية. افكار ستجتذب
اليها اصوات كثيرة من كافة
الاتجاهات. مشكلة هذا النص انه
لا يمتلك قائدا. هناك عربة وليس
هناك سائق عربة. كما انهم لم
يجدوا الاحصنة التي ستقود هذه
العربة. هناك من يحثون هسفاري
ويانيف على تشكيل شعار سياسي
ومواصلة هضم ذلك حتى الانتخابات.
وماذا سيحدث حينئذ؟ لا احد يعرف.
اما ان يجدوا قائدا واما ان ينضم
هذا الاصطفاف الجديد الى حزب
قائم، او ان تتبنى تسيبي لفني
جزءا من هذه الافكار وتبتلع
النص وناخبيه، مثلما ابتلع
باراك جماعة ليفكن شاحاك سابقا.
كل هذا كما اسلفنا يعتمد على ما
سيفعله نتنياهو. ان اصبح رئيس
وزراء ممتاز يحظى بالشعبية فلا
يمكن لاي نص سياسي جديد مهما كان
ألمعيا ان يشكل خطرا عليه. وان
لم يفعل؟ فان الوضع سيصبح مثيرا
ولن يكون هناك نقص في النصوص
السياسية والافكار الجديدة. في
الوقت الحاضر، يتواصل التفاعل
في الجهاز السياسي بكامل بؤسه. لمواجهة
انفراط حزب العمل المتواصل،
تتواصل مساعي اتباع نتنياهو
لايجاد البديل. على سبيل المثال
تم ارسال رسالة اس ام اس في يوم
الاثنين الاخير على يد مستشار
نتنياهو السياسي شالوم شلومو
لهاتف عضو الكنيست يسرائيل حسون
من كديما. طبيعة هذه الرسائل هي
انها لا تصل دائما الى العيون
التي صوبت اليها. يتحدثون مع
حسون واخرين حول امكانية
الانتقال لليكود. هذه الخطوة
بالنسبة له اسوأ من الانتحار.
ليس هناك فيلم كهذا الان كما
يقول حسون وهو يعرف ما يقول لانه
قد بدأ حياته السياسة في
اسرائيل بيتنا مرورا الى كديما
وبامكان الانتقال الاضافي
لليكود ان يشكل شهادة وفاة
سياسية نهائية لشخصية نوعية
ثرية التجرية مثله. مع ذلك
يقلق نتنياهو من امكانية بقاء
كومة من الغبار في المكان الذي
يقف فيه باراك الان او ان يحاول
وزير الدفاع احداث ازمة
ائتلافية لاعادة الاعتبار بعض
الشيء الى مكانته الضائعة (حول
توزيع صلاحيات المستشار
القضائي للحكومة مثلا). في هذه
الحالة يريد بيبي حلا جاهزا. المشكلة
هي ان هذا الحل ليس متوفرا ولن
يكون ايضا. بالضبط مثل قضية
غولدستون فالغطرسة المبكرة
والعجرفة في هذه الحالة وتمرير
قانون موفاز المتغطرس تسبب برد
فعل عكسي. موفاز ادار مفاوضات
دقيقة في حينه مع اتباع نتنياهو
وتطرق الى اصغر التفاصيل حول
عودته لليكود. ولكن بعد ما حدث
ادرك هو ايضا انه ان اقدم على
خطوة كهذه فسيتحول الى خردة
سياسية اكثر صدأ من حزب العمل
حتى. عدا عن روحاما افراهم التي
ستسير دائما مع من يعدها بمكان
في الكنيست او وراء طاولة
الحكومة. هذه الحكاية تبدو
مدفونة في هذه المرحلة. من
الناحية الاخرى ان سار بيبي نحو
خطوة سياسية حقيقية وليس من
المؤكد ان تسيبي ستستطيع فرملة
هذه الموجة التي ستغمر كديما
وتكون بمثابة تسونامي حقيقي،
واذا ما حاولت لفني منعه بجسدها
فقد تكتشف ان هذا الجسد ليس
عريضا بالدرجة الكافية. كيف
يمكن الرد على الراجمات؟ التوتر
الذي تكشف في هذا الاسبوع للحظة
بسيطة بين وزير الدفاع ورئيس
هيئة الاركان ليس مؤقتا او
عابرا. منذ مدة طويلة يسود توتر
هناك وربما حتى توتر شديد. في
محيط غابي اشكنازي لا يريدون
الاقتناع بان ايهود باراك لن
يقوم في اللحظة الاخيرة باجراء
تحقيق خارجي في عملية الرصاص
المصبوب. الثقة بين الجانبين
تصدعت منذ زمن قد كانت هناك
محاولات لاعادة بناء هذه الثقة
الا ان ذلك لا يسعف شيئا على ما
يبدو. في
احدى المرات قبل حوالي شهرين
سمع باراك وهو يجري محادثة
هاتفية غاضبة مع اشكنازي حول
الجدل الجاري في كيفية الرد على
اطلاق قنابل راجمات من القطاع
نحو اسرائيل. باراك طالب بارسال
الطائرات الى السماء وقصف
الانفاق. اشكنازي بدعم من
الشاباك وشعبة الاستخبارات
العسكرية اقترح التحلي بالصبر
وضبط النفس. حماس وفقا
للمعلومات تحاول كبح الاطراف
العاصية التي تطلق النار ولذلك
يتوجب اعطاء فرصة قبل اشعال
الارض. باراك اصر على موقفه.
اشكنازي من ناحيته طالب بطرح
الموضوع على رئيس الوزراء فقال
له باراك لا تأخذني الى هذه
الزاوية فاخذ الجدل يحتدم
بينهما. في اخر المطاف صعدت
الطائرات وقصفت. اتباع باراك
قالوا حينئذ انه يحاول الجسر
بين رئيس الوزراء الذي يطالب
الرد على كل قصف من القطاع وبين
الجهاز العسكري والامني الذي
يحاول الرد وفقا للاحتياجات،
والعد حتى 10 وان يكون ذكيا اكثر
من كونه محقا. المسألة هي ان
اسرائيل الان قد تنكسر وتشكل
طاقم تحقيق مغزاه اعلان عدم
الثقة بتحقيقات الجيش
الاسرائيلي ووضع كافة الطيارين
وطواقم الدبابات والمقاتلين
تحت علامة الاستفهام. ليس من
الممكن الامساك بهذه العصا من
طرفيها. يتوجب حسب الامر. اما
اطلاق المقاتلين نحو المعركة
وتقديم الدعم لهم بعد ذلك طوال
الطريق واما لا. بعد
الحادثة التي وصفت هنا هدأت
الخواطر. الزوجان باراك توجها
مع غابي ورونيت اشكنازي لمأدبة
عشاء دافئة في مطعم تل ابيبي.
بدى في حينه ان الثقة قد عادت.
ولكن الاحداث واصلت تسلسلها
والتوتر عاد في الوقت الراهن.
قضية التعيينات كذلك تلقي
بظلالها. العميد ايتان دينغوتن
سكرتير باراك العسكري الذي كان
منسق العمليات في المناطق لم
يحصل على الرتبة بعد بصورة
رسمية. من الناحية الاخرى
العميد مايك هرتسوغ ايضا رئيس
طاقم باراك لم يتنازل عن حلم
الحصول على رتبة الجنرال. هذا
الشرك سيتواصل على ما يبدو
للابد. الان تمارس الضغوط حتى
يحل هرتسوغ محل مئير كليفي في
منصب السكرتير العسكري لرئيس
الوزراء. كليفي بالمناسبة لم
يشف بعد من جراح قضية السفر الى
روسيا وينوي الاستقالة في كانون
الثاني. العلاقات الدافئة التي
نسجت بين هرتسوغ والمحامي
يتسحاق مولكو خلال الزيارات
الطويلة لواشنطن يمكنها ان
تساعد في هذا التعيين. في
المقابل هناك ارتياب نتنياهو
الطبيعي وفي مواجهة ذلك كله يقف
هرتسوغ نفسه الذي هو الشخص
الاكثر اطلاعا على المفاوضات
التي اجرتها اسرائيل منذ اوسلو.
ذاكرته المتراكمة وتجربته
قابلة للقياس او للتقدير.
اشكنازي يواصل المعارضة ومنح
رتبة جنرال لهرتسوغ الذي قد
يأسف على اليوم الذي ولد فيه ان
علق في اخر المطاف في ديوان
نتنياهو وحظي بعناية خاصة من
عوزي اراد. اين
بيبي؟ الان
يطرح السؤال اين بيبي. وفقا لعدد
من الاشخاص المقربين من
نتنياهو، هو يؤمن بكل جوانحه
بالاصلاح الذي يقترحه يعقوب
نئمان، ولكنه يخشى من ذلك. يخشى
من الكيان المسمى النخب. قضية
بار أون - الخليل اصابته بجراح
في السابق وليس لديه اي سبب لفتح
بوابات جهنم من جديد على نفسه.
وهناك ايضا عدة أمور. يعقوب
نئمان لا يمتلك قوة سياسية.
علاقاته مع افيغدور ليبرمان
بعيدة جدا عما كان ذات مرة.
وربما يقوم ليبرمان تحديدا بترك
نئمان وحيدا في الميدان؟ لا احد
يعرف. نتنياهو على اية حال ملزم
بحسم الامر. ربما سيحاول
التسويف مع نئمان وكسب الوقت
والتأجيل والمراوحة لابقائه في
الحكومة بطريقة ما. وربما لا.
ملف العدل شاغر ويمكنه ان يحل له
عددا غير قليل من اوجاع الرأس
السياسية. من ناحية اخرى من
المحظور ان ننسى التقارب
التاريخي بين نئمان وعائلة
نتنياهو. وكذلك
القضية نفسها، بأنه يجب ان يكون
أهم من كل الصفقات. احد الاطراف
السياسية المقربة جدا من
نتنياهو يعتقد بانه سيفعل ذلك
وسيعطي لنئمان الدعم المطلوب
ويتلقى الانتقادات ولكنه سيغير
الجهاز القضائي كما يقترح نئمان
ويقود الاصلاح. ذلك لانه يحب
الاصلاحات. وها هو امام اصلاح
جيد الان وربما ضروري. معاريف
==================== ناحوم
برنيع- قبل 11 عاما في الـ 21 من
تشرين الاول 1998 نزل بنيامين
نتنياهو رئيس الوزراء الفتي
النشيط في جناح في منتجع واي في
الخلفية القروية لولاية
ميريلاند على مسافة ساعة سفر من
واشنطن العاصمة. واجرى مفاوضات
حثيثة حافلة بالتقلبات
والازمات حول ما اطلق عليه بعد
حين اتفاق الخليل. في ذلك
اليوم بلغ نتنياهو من العمر 49
عاما. هذا
سيكون عيد ميلاد استثنائي كتبت
في النص الذي ارسلته من هناك. في
الحفل سيشارك عدد من الاصدقاء
المثيرين الذين لم يعتبروا حتى
الاونة الاخيرة اصدقاء بالمرة:
ياسر عرفات ، بيل كلينتون،
اريئيل شارون. لن تكون هناك
بالونات على ما يبدو لانه يحذر
تفجيرها الان ولكن الهدايا
ستغدق عليه بصورة كبيرة. أحد
انصار عرفات في البلاد فتح
يديعوت احرونوت في الصباح
الباكر وأعلم الفلسطينيين في
منتجع واي بالمناسبة السعيدة
فورا. الساعة كانت الاثنتين
فجرا وفقا لتوقيت الساحل الشرقي.
عرفات أمر الناطق بلسان الوفد (اصبح
عضو كنيست اليوم)، احمد الطيبي،
لجلب الازهار بأي ثمن. لم يكن من
الممكن ايجاد محل أزهار يعمل في
تلك الساعة بالمرة لا في واشنطن
ولا في ميرلاند. الطيبي خرج
للبحث عن الازهار وحتى اليوم
يرفض الاعتراف من أين جلب تلك
الازهار، هل جلبها مثلا من
صالون منزل مليونير شرق اوسطي
ام من الفندق ام من صاحب محل
فلسطيني تم اخراجه في جنح الليل
من سريره. على
اية حال تم استكمال المهمة
بنجاح. في الساعة السابعة صباحا
قرع بيبي بوابة جناح نتنياهو.
سكرتيرة رئيس الوزراء (عضو
الكنيست اليوم) روحاما افراهم
فتحت الباب ومن خلفها وقفت سارة
نتنياهو. الطيبي اودع الازهار
بين ايديهم مع التمنيات الحارة
المنقولة عن رئيس السلطة ياسر
عرفات. يوم
الاربعاء سيصبح عمر نتنياهو 60
عاما قلت للطيبي في هذا الاسبوع. فهل
كنت ستجلب له الازهار؟ لا رد
الطيبي بأسى. ليست هناك ازهار
ولا مفاوضات وفكرة الدولتين
دفنت تحت جرافات المستوطنات. أمريكي
مشارك في الاتصالات وصف على
مسامعي الفجوة بين الجانبين
بالعبارة التالية: نتنياهو اراد
مفاوضات من دون حل وابو مازن
يريد حلا من دون مفاوضات بعبارة
جيدة. ولشدة الاسف صحيحة ايضا. ولكن
عيد الميلاد قادم. نتنياهو القى
في هذا الاسبوع في مؤتمر الرئيس
في القدس خطابا وخطابه تضمن
عبارة نحن كثيرا: نحن بنينا ونحن
استوعبنا ونحن تغلبنا ونحن
صنعنا السلام. نحن هذه لمن قد
نسي كانت نهج حزب المباي
واسلوبه في تسجيل كل تغيرات
ايجابية وكل انجاز عن حق او غير
حق في رصيده. انا
شعرت بالفضول من التغيير
الحاصل، هذا ان حصل عند نتنياهو.
انا من ولايته السابقة تحولت
الان نحن. ان كان نتنياهو يعبر
عن القيادة فهي قيادة جماعية.
بدلا من التخاصم مع وزرائه اصبح
يعانقهم وبدل من التقرير من
دونهم اصبح يقضي الان عددا لا
ينتهي من ساعات التشاور السرية
معهم. القطار
الاخير هذا
ليس الوضع: وانما هو العمر.
نتنياهو في عيد ميلاده الستين
على قناعة بانه قد تحسن مع
السنين. هو انتقل من الانا الى
النحن وتعلم العبرة من اخطاء
الماضي ونضج وتحسن. لذلك
كل محاولة لوضع اشارات على
نتنياهو ابن الستين يجب ان تبدأ
بالاعاجيب السبعة الجالسة حول
طاولة المجلس الوزاري المصغر.
ما الذي حدث لبني بيغن ودان
مريدور وايهود باراك وبوغي
يعلون وايلي يشاي وافيغدور
ليبرمان، وكيف تحولوا من خصوم
لدودين يقضون على الحكومات الى
جنود مخلصين لبنيامين نتنياهو.
التغير يكمن في عمرهم هم ايضا
بدرجة لا تقل عن التغير في عمر
نتنياهو. بالنسبة
لبعضهم كان هذا القطار الاخير
نحو قيادة الحكم. باراك في
السابعة والستين هو جنرال من
دون جنود. كل ما تبقى له هو
التشبث بقرون المذبح. بيغن 66
عاما سعيد بالفرصة التي اعطيت
له لقراءة معلومات سرية واسداء
النصائح والتأثير. في الماضي
آمن بدولة واحدة من البحر الى
النهر مع حق التصويت المتكافىء
لليهود والعرب. الوزراء الذين
يصغون له يفهمون انه قد بدأ
يستوعب المشكلة الديموغرافية
ويفهمها اما المشاركة في
الاعمال السرية فهي مناسبة
وملائمة لدان مريدور ايضا. يبدو
ان مريدور 62 عاما قد فقد رغبته
بالاحتكاك وخوض الصراعات
والاحباطات التي تنطوي على
السياسة العلنية. هو لا يريد
الخلافة وانما يريد الخدمة. الواقع
الذي نشأ في حكومة نتنياهو يشير
الى مدى عدم صحة اطلاق نبوءات في
المعترك السياسي. كان لاولمرت
ديوان منصاع ومنظم وهادىء نسبيا
ومطبخ يعاني من التسرب ومليء
بالصراعات. اما نتنياهو فلديه
ديوان اشكالي الى ان طاقمه
الوزاري منصاع وسري وبلا صراعات.
هذا انجاز غير بسيط. مع ذلك
يتوجب ان نذكر ان سباعية
نتنياهو السرية لم تواجه بعد
قرارا حقيقيا واحدا. كل شيء الان
في مستوى النقاشات والجدالات
وهي مثيرة للاهتمام في جديتها
الا انها ليست قرارات. الكوارث
التي لم تحدث نتنياهو
اختار عدم اخفاء شيء عن وزرائه:
كل شيء شفاف ومعروف. المبدأ الذي
تبناه هو ان الحقيقة هي احسن
تأويل للامور. ليس هناك تسجيل
للمداولات ولا كتابة
للبروتوكولات وانما استخلاصات
فقط. خلال أشهر وجود الحكومة
السبعة جرت عشرات كثيرة من
المداولات ولم يتسرب الا القليل
منها. نتنياهو
اكتشف ان وزراءه هم اشخاص جديون.
حتى ليبرمان. هذه احدى الحكومات
الاقوى في العالم حسب رأيه من
حيث جودة قيادتها. هو راض جدا عن
وزرائه وبامكانه ان يسمح لنفسه
للدفاع عنهم ايضا عندما يخطئون. باراك
مثلا. هناك افراط في الانتقادات
الموجهة اليه. هو وزير دفاع
ممتاز. صحيح انه اخطأ. فنحن كلنا
ارتكبنا هذه الاخطاء وسيصلح
اخطاءه. هذا هو
الفرق بين رئاسة الوزراء في سن
الـ 46 وبين رئاسة الوزراء في سن
الـ 60 انت لا تهتم بالتفاهات ولا
تهتز من العواصف العابرة.
بامكانك ان تكون قصيرا ومواظبا
في الامور الهامشية وأن تكرس
وقتا اطول للامور الهامة. وانت
تدرك انك لا تستطيع القيام
بالامر لوحدك. نتنياهو
تعلم كيف يدير الامور رويدا
رويدا فالبطء قوة. رده المفرط في
ولايته الاولى اتسم بالفزع
والهستيريا. ولا يريد العودة
الى هناك. عندما
شكل نتنياهو حكومته تحدث كمن
اخذ على عاتقه مهمة واحدة
تاريخية: ايقاف المشروع النووي
الايراني. يبدو ان هذا كان احد
الاسباب لتكرار ذكر تشرشل في
خطاباته. هو شبه نفسه بتشرشل
الذي حمل على اكتافه معركة
مناهضة هتلر وركز عليها وانتصر.
احمدي نجاد يشبه هتلر وتشرشل
يشبه نتنياهو. ولكن
تشرشل حتى لم يكن تشرشلا طوال
الوقت هذا ناهيك عن نتنياهو. انا
اخمن بعد ان دخل الى المنصب ادرك
ان الحكاية الايرانية اكثر
تعقيدا واكثر تركيبا وان المجد
لا ينتظر خلف البوابة. بقيت
المسألة الفلسطينية مع تشعب
واحد صعب باتجاه غولدستون وآخر
باتجاه اوباما وميتشل
والمستوطنين. نتنياهو يعتقد انه
سيصل الى المفاوضات وربما الى
الاتفاق ايضا: هو لم يصل الى
رئاسة الوزراء في الستين من
عمره حتى يدفء الكرسي. ولكن
الواقع اقوى منه في الوقت
الحاضر. هو علق في حصار خلافا
لرغبته. هو
يريد احراز الاهداف لكنه مضطر
للعب لعبة الاستغماية. في سن
الستين بامكانه ان يفتخر
بالاساس من الكوارث التي لم
تحصل: الاقتصاد لم ينهار والحرب
لم تندلع وكل شيء على ما يرام في
الوقت الحاضر. اصدقاء
زائفون وضعنا
في الرأي العام في الغرب مقلق
جدا، قلت للفيلسوف الفرنسي
برنار انريه - ليفي الذي كان هنا
في هذا الاسبوع بمناسبة عقد
مؤتمر الرئيس لديكم سبب للشعور
بالقلق قال. لديكم سبب للغضب.
قبل سنوات اعتقدت ان الوضع
سيتحسن ولكن هذا لم يحدث.
اسرائيل تتعرض للهجوم من دون
جرم ارتكبته وهي تتعرض للتشويه.
من الممكن ان تكون لاية دولة
حكومة سيئة، ولكن احدا لا
يستنتج من ذلك ان هذه الدولة غير
شرعية. كان بامكانك ان لا تحب
الرئيس بوش او بيونوشيه او حتى
النظام في المانيا، ولكن احدا
لم يشكك بحق تلك الدول في الوجود.
هذا الامر يفعلونه فقط مع
اسرائيل. انا لا اعرف دولة اخرى
في العالم تخوض الحرب طوال ستين
عاما من دون ان تتخلى عن مبادئها
الديمقراطية وان تفقد ضرورتها.
عمليات الحادي عشر من ايلول
تسببت بفرض قوانين استبدادية في
أمريكا. حرب الجزائر تسببت
بانهيار القيم الديمقراطية في
فرنسا. اسرائيل هي حالة
استثنائية وانا معجب بها لهذا
السبب. هل
يشكل اوباما خطرا على علاقاتنا
الخاصة مع امريكا، سألته؟ انا
لا اعتقد ذلك، قال. بوش وكلينتون
تعاملا مع الصراع الشرق اوسطي
فقط في السنة الاخيرة من
ولايتهما. اوباما قام بمعالجة
الامر فورا. ربما
سينجح اكثر منهما. انا اعتقد انه
صديق لاسرائيل. لدى اسرائيل
اصدقاء زائفون غير قلائل.
الانجليكان مثلا. هم يعتقدون ان
المسيح سيعود: يتوجب فقط ايجاد
مسار هبوطه الملائم ومسار
الهبوط هو اسرائيل. انا
لست على ثقة ان هذا التأييد جيد
لكم. تحدثت مع اوباما قبل خوضه
معركة الرئاسة بأربعة سنوات وقد
أدرك اسهام الصهيونية للبشرية.
هو فهم الانجازات التي حققتها
اسرائيل. عندما
قمت انت وايلي فيزيل بخوض
الصراع ضد اختيار فاروق حسني
المصري لرئاسة اليونسكو
باعتباره الشخص الذي دعا لحرق
الكتب العبرية، لم يؤيدكما
نتنياهو. نتنياهو
وساركوزي عقدا صفقة مع مبارك.
كنا وحدنا تقريبا. ولكن كان لنا
تأييد هائل من أماكن اخرى على
اساس اخلاقي. هذه كانت حكاية لا
تصدق. دعوته لحرق الكتب لم تكن
خطأ وانما جريمة وجنون. وكذلك
سلوك الصحافة المصرية. في اخر
المطاف بعد ان خسر في التصويت
جاءت عودته الى العبارات
اللاسامية. لذلك اعترف حسني في
الواقع بأن ما قلناه كان صحيحا. يديعوت
==================== ذاكرة
للبحر المتوسط ساطع
نور الدين ما زال
البحر يحمل الغزاة والرحالة.
وما زال المشرق العربي عرضة
للفتوحات والاستشكافات من رواد
حضارات متطورة، يستخدمون
السلاح حيناً والكتاب حيناً
آخر، ويعرضون على اهل الشواطئ
والجبال القريبة والبوادى
البعيدة، الاستسلام للقوة
العسكرية المتفوقة، او التسليم
بالقدرة الثقافية المتقدمة. لم يكن
هناك تنسيق مسبق. الأغلب أنه كان
هناك تنافس متعمد بين الأسطول
الحربي الأميركي الضخم الذي
يرسو هذه الأيام على السواحل
الفلسطينية، ويجري واحدة من
اكبر المناورات العسكرية مع
الإسرائيليين، وبين الأسطول
الثقافي الفرنسي المتواضع الذي
رسا على الساحل اللبناني، وشرع
في نشر الكتب والأفكار.. في
استعادة مزدوجة ومتباينة
لتاريخ استعماري عريق كان
البحر، وعلى مر العصور، عنواناً
وحيداً وبوابة رئيسية واسعة. تأتي
أميركا بسفنها الحربية الى
السواحل التي كانت ولا تزال خط
التماس الفعلي بين الحضارتين
وبين الثقافتين وبين
الديانتين، لتؤكد أنها لم تعد
تملك سوى القوة وأدواتها وسيلة
لإقناع المشرق العربي بأنه خسر
الحرب، وبأن عليه أن يرضخ لما
يحمله الأميركيون من تعليمات
وتوصيات ويشتري سلعهم وافكارهم.
وترسل فرنسا سفينتها الثقافية «عوليس»
الى مرفأ بيروت حاملة المفكرين
والكتاب الفرنسيين والعرب،
لتعلن أنها خسرت المنافسة مع
الأميركيين ولم يبق لديها سوى
تسليط الضوء على تلك الصورة
المضيئة من حضارتها وشراكتها مع
المشرقيين. الشكل
واحد، وهو مستوحى من وثائق ذلك
البحر الذي طالما كان ممراً
للغزاة والقراصنة والتجار من كل
اتجاه، ومسرحاً لمعارك مدوية ما
زالت أعماقه تشهد على ضراوتها.
لكن إغراء المقارنة بين
الغزوتين الحاليتين الأميركية
والفرنسية يكاد يؤدي الى
استنتاجات ساذجة، وظالمة
لهؤلاء الذين نزلوا على الساحل
اللبناني حاملين كتباً
وافكاراً لا يمكن لأحد ان يخطئ
في تعاطفها ولا في نزاهتها ولا
في ريادتها... ولا طبعاً في توقها
الى تأسيس وعي مغاير وثقافة
مشتركة وسلام عميق بين الشعبين
وبين الشاطئين المتوسطيين. كان
الخطأ الفرنسي الوحيد هو
استعمال البحر للقدوم الى
المشرق، واستخدام السفينة التي
سبق أن حملت الجنود والمدافع.
ثمة مسافة مسبقة ترسمها المياه
التي طالما كانت حدوداً بين
الشعوب والدول، ولا يمكن لتلك
المجموعة من الكتاب الفرنسيين
والعرب الذين كانوا على متنها
أن تنكرها أو أن تمحوها. هي فقط
تستطيع أن تقول للجمهور انظروا
ما جئنا فاعلين هذه المرة على
شواطئكم، وانظروا ما جاء يفعل
الأميركيون بمدمراتهم
وصواريخهم التي باتت خلاصة
حضارتهم وتجربتهم مع العالمين
العربي والإسلامي. هذه
الرسالة وحدها تكفي لإنتاج لقاء
متميز، على الرغم من أن لبنان لا
يمكنه أن يدّعي أنه يختزل
العالم العربي ولا العالم
الإسلامي، ومع أن فرنسا لا
يمكنها أن تزعم أنها طليعة
العالم الغربي ورائدته. لكنه
يظل لقاءً عابراً بين تجربتين
كانت بينهما قواسم ثقافية
مشتركة، يمكن اللجوء اليها بين
الحين والآخر، إن لم يكن لإحياء
الذكرى، فعلى الأقل للمساهمة في
دفع بلاء الذاكرة التي تشكلها
البوارج الأميركية المنتشرة
على بعد أميال من هنا. ======================= حمى
اسـتيطانية تسـابق نتنياهـو
إلى واشـنطن حلمي
موسى أعلن
في إسرائيل، أمس، أن رئيس
الحكومة الإسرائيلية بنيامين
نتنياهو سيلتقي الرئيس
الأميركي باراك أوباما على هامش
مؤتمر الجاليات اليهودية في
أميركا الشمالية بعد أسبوعين،
وهو اعلان يتسم بأهمية كبيرة في
ظل ما نشر في إسرائيل عن «حمى»
البناء الاستيطاني في الضفة
الغربية والقدس الشرقية. وكانت
جهات إسرائيلية وأميركية عديدة
أشارت إلى أن الاعتقاد بأن
أوباما سحب يده من مساعي حل
الأزمة، هو اعتقاد خاطئ. وشددت
هذه المصادر على أن إسرائيل في
ظل «تقرير غولدستون»
والمفاوضات النووية مع إيران
بحاجة كبيرة للتساوق مع مساعي
أوباما. غير أن تجربة الأشهر
الماضية، وخصوصا العجز عن إجبار
الدولة العبرية على تجميد
الاستيطان، أضعفت الثقة
بالوعود الأميركية على هذا
الصعيد. واعتبرت
مصادر إسرائيلية أن منظومة
العلاقات بين نتنياهو وأوباما
باردة جدا، خصوصا في ظل السجال
الذي دار بين الطرفين حول
المستوطنات. ونقلت «يديعوت
احرونوت» عن هذه المصادر قولها
إن الرجلين بالكاد يتحادثان،
وإن الصلة بين إسرائيل وأميركا
تتم عبر هاتف وزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون واللقاءات مع
المبعوث الاميركي الخاص جورج
ميتشل. وبحسب
ما نشر في إسرائيل أمس، فإن
نتنياهو سيصل إلى واشنطن
للمشاركة في «المؤتمر العام
لاتحاد الجاليات اليهودية في
أميركا الشمالية» المعروف
اختصارا بـ«GA». وسيبقى في
واشنطن في الفترة ما بين 8 و10
تشرين الثاني المقبل حيث سيلقي
خطابا أمام المؤتمر. وأشار
موقع «يديعوت» الالكتروني إلى
أن اللقاء بين نتنياهو وأوباما
يتم إنضاجه بعد أن التزم الرئيس
الأميركي بإلقاء خطاب أمام
مؤتمر الجاليات اليهودية في
التاسع من الشهر المقبل. وذكرت
مصادر إسرائيلية أن أوباما قرر
إلقاء الخطاب من أجل تعزيز
الدعم اليهودي لسياسته، ومن أجل
نقل رسائل مطمئنة لإسرائيل في
هذا الوقت الذي تراجعت فيه
شعبيته الداخلية. ونقلت
صحيفة «هآرتس» عن مصادر في
ديوان رئاسة الحكومة
الإسرائيلية قولها انه في ضوء
التقارب بين إسرائيل والإدارة
الأميركية بشأن المستوطنات،
فإن لقاء سيحدث بين نتنياهو
وأوباما. ورغم الكلام
الإسرائيلي والمعلومات التي
نقلها المراسلون الإسرائيليون
في واشنطن فإنه ليس من المؤكد
بشكل نهائي أن قمة بين نتنياهو
وأوباما ستحصل، ولكن إذا لم
تعقد، فإن هذا سيكون الخبر
المدوي في العالم. وتؤكد مصادر
مطلعة أنه لو لم يكن مضمونا أمر
عقد لقاء كهذا مع أوباما، فإن
نتنياهو ما كان ليجازف بالوصول
إلى واشنطن. ويصل
ميتشل إلى المنطقة الأسبوع
المقبل للبحث في سبل استئناف
العملية السياسية. وتتحدث
المصادر الإسرائيلية عن أمل بسد
الفجوات في التوافق الأميركي
الإسرائيلي بشأن المستوطنات
خلال الزيارة. وأشار ميتشل، في
مقابلات صحافية، إلى أنه من
السابق لأوانه نعي مساعيه
لاستئناف المفاوضات بين
الفلسطينيين والإسرائيليين.
واعترف بوجود عقبات أمام عملية
السلام، بينها «تقرير غولدستون».
وقال «نحن نواصل جهودنا، على
الرغم من ذلك» التقرير، مشيرا
إلى أن واشنطن تعتبر أن التقرير
«منحاز لجهة واحدة وفيه خلل
كبير». وأضاف «نحن مصممون على
البقاء على الطريق حتى يتم
إتمام المهمة». وأوضح انه
وكلينتون يخططان للمشاركة في
مؤتمر في المغرب في 2 تشرين
الثاني المقبل، حيث سيلتقيان
وزراء خارجية غالبية الدول
العربية. وكانت
الإدارة الأميركية قد أجرت في
واشنطن اتصالات ومفاوضات مطولة
مع وفدين إسرائيلي وفلسطيني
للتمهيد لاستئناف المفاوضات.
ولكن، وبحسب التقرير الذي رفعته
كلينتون، فإن التقدم في هذه
الاتصالات كان ضئيلا. وربما
في إطار محاولة لاستعادة ثقة
الجانب الفلسطيني بالموقف
الأميركي كرر المتحدثون باسم
البيت الأبيض والخارجية
الأميركية مؤخرا مواقف تعارض
استمرار الاستيطان. كما أن
أوباما تحادث هاتفيا مع رئيس
السلطة الفلسطينية محمود عباس
حول سبل استئناف العملية
التفاوضية، مشددا على استمرار
التزامه الشخصي بقيام دولة
فلسطينية، فيما أكد عباس
استمرار التزامه بالعملية
السياسية، مطالبا بالعمل على
الوقف التام للاستيطان. وأمس
الأول عاد إلى إسرائيل
المبعوثان اسحق مولخو ومايك
هيرتسوغ بعد أكثر من أسبوع من
المحادثات مع ميتشل ومستشاريه.
وأشارت «هآرتس» إلى أن رئيس
الفريق الفلسطيني المفاوض صائب
عريقات بقي في واشنطن لإجراء
محادثات مع الإدارة الأميركية.
ونقلت عن مصدر سياسي في القدس
المحتلة قوله انه لا تزال هناك
فجوات بين إسرائيل
والفلسطينيين، وكذا بين واشنطن
والفلسطينيين الذين لا يسمحون
في هذه المرحلة باستئناف
المفاوضات، معتبرا أن الظروف لا
تزال غير ناضجة لاستئنافها. تزايد
حمى الاستيطان وفي
هذه الأثناء، كشفت «هآرتس»
النقاب عن إيمان المؤسسة
العسكرية الإسرائيلية بوجود
حمى استيطانية في الأسابيع
الأخيرة. ونقلت عن مصادر عسكرية
تأكيدها وجود جهد كبير من جانب
المستوطنين في الضفة الغربية
لتسريع البناء هناك، بهدف تثبيت
الحد الأقصى من الحقائق على
الأرض، قبل أن تحقق الولايات
المتحدة وإسرائيل اتفاقا حول
تجميد البناء في المستوطنات.
وكان تقرير للصحيفة قبل أسبوع
أشار إلى أعمال بناء واسعة تجري
في 11 مستوطنة على الأقل. ونقل
المراسل العسكري للصحيفة عن
مصدر أمني رفيع المستوى قوله إن
«المستوطنين على انسجام تام مع
الساعة السياسية التي تتكتك.
وأنت تشعر بذلك على الأرض، في
أعمال تطوير البنية التحتية
وكذا في أمور اصغر. وهم يعملون
من دون إذن قانوني ويتجاهلون
موقف الدولة. النهج في هذه
اللحظة هو أن كل من يستطيع يبني.
هذا الأمر يبدأ في القيادة
الرسمية لمجلس المستوطنات «يشع»
وينتهي في فتيان التلال». وأوضح
المصدر أن «كل شيء يتم انطلاقا
من النية لخلق كتلة حرجة، في
الكثير من الأماكن المختلفة
بالتوازي، بحيث تكون عسيرة على
الإخلاء في المستقبل. وهم على
علم جيد بالسابقة التاريخية: كل
الأطراف - الأميركية،
الإسرائيلية، الفلسطينية -
تتحدث الآن عن حل دائم يضم الكتل
الاستيطانية إلى الأراضي
الإسرائيلية. وهذا يحصل بفضل
البناء هناك في الماضي». وأشار
المصدر إلى «أن المستوطنين
يقومون بتجهيز الأرض وصب
أساساتها للبناء. وفي بعض
المستوطنات بنوا مصانع للبناء
الــسريع للكرفانات (البيوت
المتنقلة) وذلك للتحايل على
قرار الإدارة المدنية منع نقل
الكرفانات من مكان لآخر». ==================== الانتفاضة
ليست على جدول الأعمال تسفي
بارئيل القدس
العربي24/10/2009 التقرير
الذي نشره هذا الاسبوع مدير
وحدة الصحة النفسية في وزارة
الصحة الفلسطينية، د. حازم
عاشور، يمكن أن يفيد باحثي
العمليات الانتحارية، الرمز
الواضح للانتفاضة الثانية. حسب
عاشور، عدد محاولات الانتحار،
بما في ذلك تلك التي نجحت، والذي
سجل في السلطة الفلسطينية في 2009،
بلغ حتى الآن 223 ، منها 102 في
منطقة نابلس وحدها. والاسباب
لذلك متنوعة: من الازمة النفسية
والامراض النفسية العضال وحتى
الضغوط الاجتماعية
والاقتصادية، نتيجة القيود
الاسرائيلية التي تمنع
امكانيات العمل، البطالة،
الحصار الذي فرض على المناطق
وانعدام الامل بحياة افضل. معظم
محاولات الانتحار، بالمناسبة،
كانت لنساء وعازبين. يمكن
التقدير بانه لو اندلعت انتفاضة
جديدة، فان قسما هاما من هذه
المحاولات كانت ستصبح عمليات
انتحارية وتنتقل الى تصنيف 'الانتحار
لأسباب وطنية'. نحن 150 عملية
انتحارية نفذت منذ اندلاع
الانتفاضة في ايلول (سبتمبر) 2000
مقابل 21 عملية كهذه حتى تلك
السنة، مع أنه حتى 2000 كان
للمواطنين الفلسطينيين ما يكفي
من الاسباب لنزع حياتهم بأيديهم.
اليوم ايضا كما يتبين،
الامكانيات الكامنة للعمليات
الانتحارية لم تتضرر. ما ينقص هو
الشرارة التي تدفعها لان تتحقق. الاسباب
التي أدت الى اندلاع
الانتفاضتين السابقتين لا تزال
قائمة: المفاوضات السياسية لا
تتقدم الى أي مكان؛ الطموح
الوطني في اقامة دولة فلسطينية
مستقلة لا يجسد نفسه، سواء لانه
لا يوجد في اسرائيل شريك
للمفاوضات ام لان القيادة
الفلسطينية غير قادرة على اتخاذ
قرارات عملية، والوضع
الاقتصادي، رغم التحسن، لا يزال
بعيدا عن ان يلبي للمواطنين
الرفاه الذي ينتظرونه، او مستوى
الدخل الذي كان قائما في
المناطق قبل الانتفاضة الثانية.
ولكن
سيكون خطيرا استخلاص
الاستنتاجات استنادا الى
معطيات عديمة الارتباط. رغم
رؤيا رئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو، فان الاقتصاد المتين
ليس سورا واقيا ضد اندلاع العنف.
هكذا، مثلا، عشية الانتفاضة
الثانية كان يعيش 21 في المئة من
السكان الفلسطينيين 'فقط' تحت خط
الفقر، مقابل 46 في المئة في
نهاية 2001. الدخل الوطني الخام
بلغ نحو 5 مليارات دولار في
نهاية 1999 والبطالة كانت نحو 11 في
المئة. ورغم هذه المعطيات
الايجابية ـ اندلعت الانتفاضة.
اما الآن، رغم المعطيات السلبية
وغياب الامل الحقيقي بتحسنها،
فان انتفاضة جديدة تجد صعوبة في
النهوض. للحظة، عندما تعرض
الحرم الى 'الخطر' وظهرت الحجارة
في الهواء مرة اخرى، كان يخيل أن
طائر الرماد ينهض، ولكن سرعان
ما عاد لأن يكون رمادا. أين
العرب، أين؟ الظروف
الخارجية على ما يبدو ضرورية
للانتفاضة، ولكنها ليست كافية.
المفكر المصري كمال جبريل يشرح
في مقال نشره في موقع 'ايلاف' على
الانترنت، بان الفلسطينيين
ينقصهم في هذه اللحظة مرجعية
فكرية يشاركون فيها جميعا
وقيادة مقتنعة بقدرتها على
ادارة انتفاضة. ويشرح بان مصدر
مرجعية دينية، مثل حرب في سبيل
الحرم، لا يمكنه ان يثير حماسة
الفلسطينيين: عند الكفاح في
سبيل الاسلام، لا تكون الحرب
على جودة الحياة والطموحات
الوطنية وهويتها المميزة.
الانتفاضة الثانية هي مثال على
ذلك: مع انها اندلعت بسبب مخاوف
السيطرة اليهودية على الحرم،
ولكن سرعان ما تحولت الى حرب من
اجل الوطن القومي الفلسطيني. حسب
جبريل، فان مصدر مرجعية آخر
ايضا، القومية العربية، لا
يمكنه ان يخدم الفلسطينيين في
كفاحهم. الكفاح باسم الهوية
العربية والذي يعني ان 'العروبة'
يمكنها أن توفر حلا مناسبا لكل
ابنائها، يعزز الاسم الطيب
للعائلة العربية ولكنه لا يعزز
العائلة الفلسطينية. فما بالك
عندما تكون القومية العربية
ومؤسساتها، مثل الجامعة
العربية، اثبتت اهمالا وفشلا
مدويا في حل المشكلة
الفلسطينية؟ دعوة 'اين العرب؟'
التي تطلقها ام فلسطينية قتل
ابنها بنار الجيش الاسرائيلي،
لم تعد تثير الانفعال. 'العرب
يستخدمون المشكلة الفلسطينية
كمتنفس لكل جداول ازماتهم
ومشاكلهم'، كما يعتقد جبريل. وهو
يقصد القول ان الدول العربية
تضع فلسطين في رأس جدول اعمالها
فقط كي تتملص من مشاكلها هي.
وعليه، فانه يستنتج بان مشكلة
فلسطين 'ستكون آخر مشكلة تحل بين
مشاكل العرب'. برأيه،
المشكلة الحقيقية هي غياب مصدر
مرجعية براغماتي، مستعد لان يرى
بان الحياة ليست مصنوعة من
اضغاث احلام او انتصارات هائلة.
وفي ظل غياب مصادر مرجعية
يمكنها أن توفر وقودا لانتفاضة،
تنكمش المشكلة الفلسطينية الى
حجومها المحلية، غير
الاستراتيجية. انتفاضة
فلسطينية لن تندلع كي ترضي
العالم الاسلامي او العربي.
ولكن كي تخدم الدولة الفلسطينية
فانها تحتاج الى الاحساس بانها
تخدم كل السكان الفلسطينيين
وانها تقف فوق كل فصيل، منظمة او
حركة. الانشقاق بين فتح وحماس،
التوتر بين غزة والضفة، التمييز
بين مؤيدي اتفاق السلام
ومعارضيه، بين ما يعتبر حكما
دينيا في غزة وحكما علمانيا
مؤيدا للغرب في الضفة هي على ما
يبدو الكابح الاكثر نجاعة ضد
الانتفاضة. انتخابات
أم حرية؟ صحيح،
الصراعات العنيفة ضد الاحتلال
كانت ايضا عندما كان الخاضعون
للاحتلال منشقين، يمثلون مواقف
ايديولوجية او تكتيكية
متعارضة، بل وحتى صفوا الواحد
الاخر في ظل الكفاح. والشقاق
اليهودي ليس المثال الوحيد. لقد
كافح الفلسطينيون ضد اسرائيل
حتى عندما كانت الخصومات بين
حماس وفتح في ذروتها وكان
التنسيق بينهما نادرا. ولكن
خلافا لعهد الانتفاضة، فان لكل
حركة الان ارضها الاقليمية،
حكمها ووسائل وجودها. والنتيجة
هي أن غزة لم تنجح في جر الضفة
الى حرب القسامات اما القيادة
في الضفة، اذا قررت المبادرة
الى انتفاضة، فسيتعين عليها ان
تخون مبادئها وان تعترف بان
طريق الدبلوماسية الذي تبنته هي
مغلوط، وان حماس عمليا محقة في
طريقها. التهديد
الذي يطرحه رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس (ابو
مازن) على حماس يدل اكثر من أي
شيء آخر على أن الانتفاضة ليست
على جدول الاعمال: اذا لم توقع
حماس اتفاق المصالحة الذي صاغته
مصر بعد فترة طويلة من
المداولات المضنية، سيعلن عباس
عن انتخابات في موعدها
الدستوري، أي في كانون الثاني (
يناير ) 2010. معنى هذا التهديد هو
ترسيخ الانشقاق بين حماس وفتح،
بين غزة والضفة، بين مسار سياسي
واحد ومسار سياسي آخر. عباس
يمكنه عندها أن يعيد تثبيت
شرعيته، ولكن فقط في قسم واحد من
فلسطين. اذا
وقعت حماس على اتفاق المصالحة،
فستؤجل الانتخابات على ما يبدو
حتى حزيران (يونيو) 2010 للسماح
للحركتين بتوحيد الصفوف، بناء
اجهزة مشتركة والوصول الى اجماع
على مستقبل فلسطين او على الاقل
على شكل ادارة المفاوضات
السياسية. ولكن
اذا شكل الخلاف الفلسطيني
الداخلي في هذه الاثناء سوراً
ضد انتفاضة جارفة، فهو ليس
عائقا ضد عمليات فردية. رشق
الحجارة، الطعن وحتى العمليات
الانتحارية تستند الى أسباب
شخصية لا تحتاج الى اجماع وطني
واسع. المواطن المحبط في
الحواجز، الطالب الذي لم يتلقّ
التصريح للخروج الى الدراسة في
الخارج وتحطم مستقبله، المرأة
التي فقدت وليدها بسبب تأخير
الاذن بالدخول الى المستشفى او
الشاب الذي ينتقم لموت قريب له:
كل هؤلاء يمكنهم ان يجدوا
لانفسهم افق عمل عنيف او سببا
للانضمام الى احصاءات د. حازم
عاشور. هآرتس23/10/2009 ==================== رأي
القدس القدس
العربي 24/10/2009 تحت
عنوان 'حرية التعبير' استضافت
قناة هيئة 'بي. بي. سي'
البريطانية مساء امس الأول نيك
غريفين زعيم الحزب الوطني
البريطاني الفاشستي كضيف رئيسي
في اشهر برامجها وسط ضجة
اعلامية وسياسية غير مسبوقة. مارك
تومسون المدير العام للهيئة برر
قراره بالسماح لغريفين بالظهور
في برنامج 'كوستشين تايم' او 'وقت
السؤال' الشهير بان الحزب
القومي البريطاني يتمتع بتأييد
ملموس في اوساط شريحة من الشعب
البريطاني (عضوان في البرلمان
الاوروبي وعدة اعضاء في المجالس
المحلية) ولهذا يستحق ان يمنح حق
الظهور في برامج المحطة. نحن لا
نعترض على حرية التعبير التي
يجب ان تكون مكفولة للجميع،
ولكن وفق الاطر والاعراف
الدستورية وبما يخدم وحدة
المجتمع واستقراره وامنه ودون
الاساءة للآخرين ومعتقداتهم.
وغريفين تعمد في البرنامج توجيه
الاساءات الى المسلمين
ومعتقداتهم، عندما قال ان
الاسلام لا يتماشى مع معتقدات
المجتمع البريطاني الاساسية.
وان على المسلمين في بريطانيا
ان يفهموا ان بريطانيا يجب ان
تبقى بريطانية ومسيحية. المستر
تومسون مدير عام الهيئة
البريطانية العريقة 'بي. بي. سي'
لم يطبق مبدأ الحيادية وحرية
التعبير الذي استخدمه لتثبيت
هذه السابقة العنصرية الخطيرة،
عندما منع بث نداء لجمع تبرعات
انسانية لضحايا العدوان
الاسرائيلي على قطاع غزة لم
تتردد محطات اخرى بريطانية عن
بثه دون تحفظ. فاذا
كان الحق في حرية التعبير متاحا
للجميع دون تفرقة، فلماذا لا
يتم السماح لمتطرفين مسلمين
بالظهور في البرامج الرئيسية في
محطات التلفزة البريطانية؟ هيئة
الاذاعة البريطانية تعاملت
بطريقة احتفالية بالمستر
غريفين، وقدمت له منبرا لا
يستحقه بسبب آرائه النازية
وترويجه لافكار تحرض على
الكراهية والعنصرية والفاشية
ضد الاقليات العرقية والدينية
في بريطانيا. فاذا
كان لا بد من ظهوره على صدر
شاشتها، فلماذا لا يكون هذا
الظهور من خلال برامج اخرى مثل 'هارد
توك' اوالحديث الصعب، حيث يتأتى
لمقدم البرنامج تفنيد آرائه
العنصرية ومواجهته بالاسئلة
الصعبة المحرجة؟ ظهور
المستر غريفين على قدم المساواة
مع جاك سترو وزير العدل، ووزيرة
ظل في حزب المحافظين ونائب رئيس
حزب الاحرار اعطى له قيمة
اعتبارية لا يستحقها، وادى الى
نتائج عكسية تماما صبت في مصلحة
حزبه الفاشي من حيث زيادة
شعبيته وانضمام اكثر من ثلاثين
عضوا جديدا اليه بعد اذاعة
البرنامج مباشرة. هيئة
الاذاعة البريطانية ارتكبت
خطيئة كبرى في رأينا باستضافة
شخصية عنصرية فاشية كريهة، لان
مثل هذه الاستضافة ستؤدي الى
حدوث انقسامات في المجتمع
البريطاني، وبث حالة من الرعب
في اوساط الاقليات العرقية
والدينية والاسلامية منها على
وجه الخصوص، من خلال اعطاء
شرعية لاحزاب اليمين المتطرف
وايديولوجياتها التحريضية ضد
الآخر وزيادة انتشار حالة 'الاسلاموفوبيا'
وتشجيع التطرف في اوساط بعض
المسلمين في وقت تبذل الحكومة
البريطانية فيه، الكثير من
الجهد والمال لمنع ذلك. ==================== ديفيد
اغناتيوس الشرق
الاوسط حتى
بضعة أشهر ماضية، اعتاد
المسؤولون الباكستانيون
الإشارة إلى مقاتلي جماعة «طالبان»
النشطين بالمناطق القبلية
الغربية باستخدام لفظ «أوغاد».
وأثار هذا الوصف شعورا بأن
مقاتلي «طالبان» لا يعدون كونهم
مجرد مصدر للإزعاج، حزمة من
الغوغائين المتعصبين وقطاع
الطرق، الذين يمكن أن يؤمن
جانبهم عبر إبرام اتفاقات سلام
معهم، وليس تهديدا فتاكا في
مواجهة البلاد. إلا
أنه على ما يبدو، انتهت حالة
النفي والإنكار التي سيطرت على
السلطات الباكستانية في هذا
الشأن، حيث يعد الهجوم الذي
شهده هذا الأسبوع ضد ملاذات «طالبان»
في جنوب وزيرستان، أحدث
المؤشرات على أن إسلام آباد
أفاقت وأدركت خطورة مشكلة
الإرهاب الداخلي. في حديث معي،
أعرب أحد كبار القادة العسكريين
الباكستانيين عن مشاعر سائدة
على نطاق واسع بين أقرانه بقوله:
«يجب أن ننتصر، إذا ما أردنا
لأطفالنا أن يعيشوا حياة من
اختيارهم وتبعا لما يؤمنون به،
وليس طبقا لما يريدوه هؤلاء
الوحوش. أتمنى لو باستطاعتي أن
أعبر لك عن مدى مقتي لهم. نريد
استعادة بلادنا الجميلة
والمسالمة مجددا من مخالبهم
الآثمة. لا يمكن أن نسمح لهم
بتدمير مستقبلنا». الملاحظ
أن مشاعر الغضب العام ضد «طالبان»
تصاعدت على مدار هذا العام، ففي
أبريل (نيسان)، بدت البلاد في
حالة لا وعي وشلل سياسي. إلا أنه
مع خروج المتطرفين الإسلاميين
من وادي سوات هذا الشهر
واقترابهم من العاصمة، تبدلت
الأوضاع. وشن الجيش حملة هجومية
في وادي سوات، وقاوم مقاتلو «طالبان»،
بينما سيطرت مشاعر الإثارة
والترقب على الرأي العام. عمدت «طالبان»
إلى رد الهجوم عبر موجة من
الهجمات الإرهابية. ويمكن لأي
زائر للبلاد ملاحظة وجود أعداد
أكبر من نقاط التفتيش والحواجز
على الطرق عما كان عليه الحال
منذ أسابيع قليلة ماضية. ورغم
الانفعال الذي يبديه الرأي
العام، لم ينجح التفجيريون
الانتحاريون في تحطيم الدعم
الشعبي للهجوم الذي يشنه الجيش
ضد وزيرستان، بل النقيض تماما
حدث بالنظر إلى المقالات
الافتتاحية بالصحف
الباكستانية، التي يزداد
انفعالها تجاه هذه القضية في
بعض الأحيان. ومع أن
السياسيين ربما ينقسمون على
أنفسهم بشأن قضايا أخرى، فإن
جبهتهم موحدة إزاء الحاجة إلى «عملية
عسكرية ضد الإرهابيين»، حسبما
أشارت صحيفة «ديلي تايمز».
وأكدت «بوست» أنه «من أجل
استعادة السلام في باكستان، يجب
سحق الحركات المسلحة». أما «دون»،
فنوهت في مقالها الافتتاحي بأنه
«في هذه اللحظة، تقف الإرادة
السياسية والدعم الشعبي بجانب
القوات الأمنية». من
ناحية أخرى، قال مسؤول بإدارة
الاستخبارات الداخلية، وهي
وكالة التجسس داخل باكستان: «يراود
الغالبية شعور بأنه كان ينبغي
القيام بهذه المهمة بالأمس».
وأضاف أن الموجة الأخيرة من
أعمال الإرهاب تعد محاولة من
قبل أعضاء «طالبان»، «لإعادة
التأكيد على أنفسهم» وخلق «مشاعر
سلبية» حيال الجيش بهدف كبح
جماح الهجوم في وزيرستان. إلا
أنه شدد على أن «ذلك لن يردعنا
ويمنعنا من المضي في هذه
العملية، والوصول بها إلى
نهايتها المنطقية». الملاحظ
تشديد الإجراءات الأمنية داخل
المقار الرئاسية للجيش في
روالبيندي. في 10 أكتوبر (تشرين
الأول)، هجم مقاتلو «طالبان»
على المعسكر التابع للجيش
بالمدينة واخترقوه، ما أسفر عن
مقتل ثمانية جنود. وأثار هذا
الهجوم داخل منشأة تتبع الجيش
قلقا بالغا على مستوى البلاد،
وانهارت سوق الأوراق المالية في
كراتشي لبعض الوقت، إلا أنه قوى
عزيمة المؤسسة العسكرية. داخل
مكتبه على بعد 100 ياردة من موقع
الهجوم، قال جنرال ميجور أثار
عباس، المتحدث الرسمي باسم
المؤسسة العسكرية، إن الهجوم ضد
الملاذات الآمنة لـ«طالبان»
يشكل نهاية الفكر القديم القائم
على «أننا سنتمكن بطريقة ما من
تسييسهم أو التعاون معهم أو
ضمهم إلى صفنا». حاليا، يتقدم
نحو 28.000 جندي باكستاني عبر
الطرق الثلاث الرئيسة في جنوب
وزيرستان، سعيا وراء ما يتراوح
بين 5.000 و10.000 مقاتل داخل معاقلهم
الجبلية. ويخطط الجيش للبقاء في
المنطقة حتى يفرض سيطرته على
هذه المنطقة المقلقة، وذلك ربما
للمرة الأولى في تاريخ باكستان. من
جهته، يعتقد عباس أنه من أجل
ضمان النصر، يجب أن يظهر الجيش
باعتباره يعمل على نحو مستقل عن
الولايات المتحدة. وأردف قائلا:
«قلنا للأميركيين، ابقوا بعيدا.
دعونا ننجز ذلك». ولإظهار هذا
الاستقلال، طلب الباكستانيون
من الولايات المتحدة وقف
هجماتها عالية الفاعلية
باستخدام طائرات من دون طيار
فوق جنوب وزيرستان. وشرح أحد
المسؤولين السبب وراء ذلك
بتأكيده أن «التأييد الشعبي أهم».
المعروف أن إسلام آباد سبق وأن
تعهدت فيما مضى بالتحرك ضد «طالبان»،
لكن جهودها اقتصرت على عقد
اتفاقات سلام عندما كان القتال
يحتدم. لا يزال من المبكر الحكم
ما إذا كان الإصرار والعزيمة
التي يبديهما الجيش حاليا في
بداية الهجوم سيستمران طوال فصل
الشتاء القاسي، في وقت يواجه
الجيش أبناء قبيلة محسود
المعروفين بصلابتهم الشديدة.
داخل المناطق القبلية، «يقف
الناس دوما إلى الجانب المنتصر.
إنهم ينتظرون ما تتمخض عنه
الأحداث»، حسبما أوضح عباس. إذا
نجحت حملة وزيرستان، ستخلق
عاملا ديناميكيا مهما جديدا
بالمنطقة، فبدلا من باكستان
الضعيفة العاجزة عن السيطرة على
حدودها مع أفغانستان، ربما نشهد
صعود باكستان قوية، التي عبر
تأمين مناطقها القبلية، يمكن أن
تعمل كشريك أكثر فاعلية
للولايات المتحدة داخل
أفغانستان المجاورة. ولا شك أن
ذلك سيأتي بمثابة دفعة قوية
لجهود واشنطن. إلا أن نجاح
الجهود الباكستانية يستلزم أن
تحمل عبارة «صنع في باكستان». *خدمة
«واشنطن بوست» خاص
بـ«الشرق الأوسط» ==================== الوصول
إلى نموذج جديد للتغطية
الصحافية ليونارد
داوني ومايكل شودسون الشرق
الاوسط شكلت
التغطية الصحافية الرامية
لمحاسبة أصحاب السلطة والنفوذ
جزءا جوهريا من الحياة
الديمقراطية الأميركية، خصوصا
في المناطق التي يوجد بها صحف
يومية تحقق أرباحا بما يكفي،
وتتميز بملاك مفعمين بالرغبة في
خدمة الصالح العام بدرجة تجعلهم
يبقون على فريق عمل صحافي ضخم.
حاليا، يتهدد الخطر هذا النمط
من الصحافة، وكذلك الأسس
الاقتصادية التي تقوم عليها
الصحف والتي تعتمد على عائدات
الإعلانات. والآن
بات يتحتم على المجتمع الأميركي
تحمل بعض المسؤولية الجماعية عن
دعم جهود التغطية الصحافية،
مثلما يفعل المجتمع، وبتكاليف
أكبر بكثير، مع التعليم العام
والرعاية الصحية والتقدم
العلمي والحفاظ على الموروث
الثقافي، عبر قنوات متنوعة من
الإسهامات الخيرية والدعم
المالي والسياسات الحكومية. قد
لا يكون من الضروري إنقاذ أو
تعزيز أي وسيط إخباري محدد، بما
في ذلك الصحف المطبوعة، بيد أن
الأهمية الكبرى تتمثل في ضرورة
الحفاظ على تغطية صحافية مستقلة
وصادقة وموثوق بها، بغض النظر
عما إذا كانت مربحة، وبغض النظر
عن الوسيط الصحافي الذي تظهر من
خلاله. من
جانبنا، لا نؤمن بفكرة أن الصحف
ستختفي في أي من صورتيها
المطبوعة أو الإلكترونية على
شبكة الإنترنت في المستقبل
القريب، إلا أنه من الواضح أن
الصحف ستتسم بفرق عمل أقل عددا
بكثير، وسيتضاءل دورها على نحو
ملحوظ. في الوقت ذاته خلقت شبكة
الإنترنت سبلا جديدة لجمع
وتوزيع الأنباء على نحو يجعل من
إعادة بناء الصحافة الأميركية
أمرا ممكنا. يذكر
أن صحافيين ممن رحلوا عن الصحف
شرعوا في بناء مواقع إخبارية
محلية على شبكة الإنترنت في
الكثير من المدن. وبدأ آخرون في
مشروعات غير هادفة للربح تتعلق
بالتغطية الصحافية وخدمات
إخبارية محلية في جامعات قريبة،
علاوة على منظمات صحافية وطنية
معنية بالتحقيقات غير هادفة
للربح. ويعمل آخرون مع مقيمين
محليين لإنشاء مدونات لأخبار
الأحياء، وتتعاون الصحف نفسها
مع وسائل إعلام أخرى، بما في ذلك
بعض المبتدئين والمدونين،
لتعويض ضآلة فرق العمل المعنية
بالتغطية الإخبارية لديها. وتتضمن
صفوف العاملين بمجال جمع
الأخبار حاليا ليس فقط أعضاء
صالة التحرير، وإنما كذلك
المتعاقدين من الخارج بصورة حرة
وطلاب الجامعات والمدونين
والمواطنين المسلحين بهواتف
نقالة ذكية. والآن بات الدعم
المالي للنشاطات الصحافية
بمجال التغطية الإخبارية لا
يقتصر على الجهات الإعلانية
والمشتركين فحسب، وإنما كذلك
مؤسسات ونشطاء في مجال العمل
الخيري وجامعات وتبرعات من
مواطنين. المؤكد
أن هذه البيئة الصحافية
الناشئة، التي باتت مهمة جمع
الأخبار في إطارها موزعة على
نطاق أوسع كثيرا، تحمل إمكانات
كبرى، لكنها لا تزال هشة للغاية.
في الواقع، إن الصحافة الرامية
لمحاسبة أصحاب السلطة والنفوذ
على وجه التحديد تتطلب موارد
صحافية ضخمة وقيادة مهنية قوية
ودعما ماليا يمكن الاعتماد
عليه، الأمر الذي لم تعد السوق
قادرة على توفيره بدرجة كافية. بدلا
من الاعتماد بصورة رئيسية على
الصحف الآخذة في الانكماش،
ينبغي أن تتمتع المجتمعات
المحلية بمجموعة من المصادر
المتنوعة للتغطية الإخبارية.
وينبغي أن تتضمن مثل هذه
المصادر منظمات إخبارية تجارية
وأخرى غير هادفة للربح. يمكنها
التنافس والتعاون بعضها مع بعض،
وتعديل الأنماط الصحافية
التقليدية بما يتوافق مع قدرات
ملتيميديا والأخرى التفاعلية
المميزة لوسائل الاتصال
الرقمية. جدير بالذكر أنه في
إطار تقرير شامل أمرت بوضعه
كلية الصحافة بجامعة كولومبيا،
يحمل عنوان «إعادة بناء الصحافة
الأميركية»، من المقرر نشره هذا
الأسبوع، اقترحنا عددا من
المصادر العامة لدعم هذا النمط
من التغطية الإخبارية على النحو
التالي: ـ
ينبغي أن توضح خدمة العائدات
الداخلية أو الكونغرس
التنظيمات الضريبية، بحيث تسمح
صراحة للمنظمات الإخبارية
المحلية الجديدة أو القائمة
بالفعل بالعمل ككيانات غير
هادفة للربح أو قليلة الربح، ما
يمكنها من الحصول على تبرعات
معفاة من الضرائب، علاوة على
عائدات إعلانية ومصادر داخل
أخرى. ـ
ينبغي على الناشطين والمنظمات
في مجال العمل الخيري زيادة
الدعم الموجه إلى المؤسسات
المعنية بالتغطية الإخبارية
المحلية ـ بنمطيها التجاري وغير
الهادف للربح ـ بحيث يصل إلى
مستوى الدعم الذي يولونه إلى
المؤسسات الفنية والثقافية
والتعليمية. ـ
ينبغي إحداث عملية إعادة توجيه
جوهرية لمحطات الراديو
والتلفزيون العامة، من خلال
جهود إصلاح من قبل هيئة الإذاعة
العامة، بهدف توفير تغطية كبيرة
للأنباء المحلية داخل جميع
المجتمعات المحلية التي يوجد
بها محطات عامة، الأمر الذي لا
يفعله سوى عدد ضئيل للغاية منها
حاليا. ـ
ينبغي أن تتحول الجامعات
والكليات إلى مصادر مؤسساتية
للتغطية الصحافية القائمة على
محاسبة المسؤولين على الصعيدين
المحلي والوطني، لتحذو بذلك حذو
كليات صحافة رائدة يعمل طلابها
في مواقع على شبكة الإنترنت
لتغطية الأنباء المحلية. ـ
ينبغي إنشاء «صندوق للأنباء
المحلية» اعتمادا على الرسوم
التي تجمعها لجنة الاتصالات
الفيدرالية أو يمكنها فرضها على
مستخدمي سبل الاتصال عن بُعد أو
تراخيص البث أو شركات خدمة شبكة
الإنترنت. ينبغي توفير المنح
على نحو تنافسي من جانب المجالس
المحلية للتمويل الإخباري
المستقلة على مستوى الولايات
للمؤسسات الصحافية المحلية
بهدف التشجيع على الابتكار في
سبل تغطية الأنباء المحلية وسبل
دعمها. ـ
ينبغي أن تزيد الحكومات
والمنظمات غير الهادفة للربح
والصحافيين إمكانية الوصول إلى
والاستفادة من المعلومات
العامة التي جمعتها حكومات على
المستويات الفيدرالية والمحلية
وعلى مستوى الولايات،
والاستفادة من الأدوات الرقمية
لتحليلها واستغلالها في
التغطية الإخبارية. تعد
تلك إجراءات معقولة ويمكن
تحقيقها، ولا تتطلب سوى جهود
رائدة على الأصعدة المرتبطة
بالصحافة والعمل الخيري
والتعليم العالي والحكومة
وباقي قطاعات المجتمع بهدف
استغلال هذه الفرصة للتصدي
للتحديات والشروع في بدايات
جديدة على الصعيد الإعلامي
لضمان مستقبل التغطية الصحافية. *ليونارد
داوني نائب رئيس ورئيس التحرير
التنفيذي السابق لـ«واشنطن
بوست»، وبروفسور الصحافة في
جامعة ولاية أريزونا الأميركية. *مايكل
شودسون بروفسور الاتصالات في
كلية الصحافة التابعة لجامعة
كولومبيا الأميركية. *خدمة
«واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق
الأوسط» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |