ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أسرة التحرير هآرتس 26/10/2009 جريدة القدس العربي 27/10/2009 الاشتباكات بين راشقي الحجارة والذين
يصبون الزيت من الفلسطينيين في
الحرم وبين الشرطة الذين دخلوا
الى ساحة الحرم انتهت ظاهرا
بالهدوء. 'فقط' ثلاثة أفراد من
الشرطة اصيبوا بجراح طفيفة.
بالنسبة لاحداث سابقة في الحرم،
وحسب المقياس الذي بموجبه عدد
الاصابات هو الذي يصف جسامة
الحدث، فان الحديث يدور عن أمر
اعتيادي تقريبا. ولكن ذات الامر
الاعتيادي نفسه يدل على أن
الحرم (الجبل) يتصرف كجبل بركاني
نشط، مدخن، لا يمكن لنا أن نعرف
متى يقع فيه الانفجار الكبير
التالي. موقف حكومة اسرائيل من
هذه الاحداث وكأنها ساحة منافسة
عادية اخرى بينها وبين
الفلسطينيين من شأنه بالتالي أن
يحدث انفجارا عنيفا يضرم النار
في الشرق الاوسط بأسره. القلق الفلسطيني، العربي والاسلامي مما
اعتبر كـ 'تهويد القدس'، او
سيطرة يهودية على الحرم، ليس
مبالغا فيه. حفريات اثرية، بناء
احياء يهودية واسكان يهود حول
البلدة القديمة وداخلها، سياسة
شراء الاراضي والاعلان عن حدائق
عامة كمرحلة قبل تحويلها الى
اسكان يهودي، ظهرت كجزء من
سياسة حكومة اسرائيل. ولكن
بينما الصراع ضد البناء واسكان
الشقق في شرقي القدس يجري في
نزال دبلوماسي بين اسرائيل
والادارة الامريكية، فان
الصراع على الحرم يجري في
الشارع. هذا صراع يرى فيه مسلمون اسرائيليون الى
جانب اخوانهم في الايمان في
العالم بأسره انفسهم مؤتمنين
على المكان المقدس للاسلام.
خلافات سياسية داخلية وخارجية
بين الفلسطينيين والدول
العربية تذوب امام الكفاح
الديني، وقد اوضح لاسرائيل جيدا
بأن دولا صديقة كالاردن ومصر لا
يمكنها هي ايضا ان تقف جانبا
عندما يعصف العالم الإسلامي
بأسره. شرطة اسرائيل، بصفتها مسؤولة عن ادارة
الزيارات في الحرم وعن أمن
الزوار، توجد بين المطرقة
والسندان. بين حكومة ترى في
تعزيز السيطرة اليهودية على
الحرم ومحيطه هدفا حزبيا
وسياسيا، وبين الفلسطينيين
الذين يرون أنفسهم سورا منيعا
في وجه طموحات اسرائيل. ولكن
بالذات بسبب دور الشرطة الحساس
جدا، فانها ملزمة بقدر مضاعف من
الفهم، التسامح والتروي. نجاحها
لن يقاس باستعراض تظاهري
لقوتها، بل بقدرتها على الحديث
والوصول الى توافقات مع الطرف
الاسلامي منعا للانفجار. ========================= عاموس جلبوع معاريف 26/10/2009 27/10/2009 جريدة القدس العربي حتى الان لم تحسم حكومة اسرائيل كيف
ستتصدى لتقرير غولدستون. امام
جهاز الامن والجيش الاسرائيلي،
اللذين يعارضان بشدة كل لجنة
تحقيق/فحص بالحجة الاساسية في
ان معنى الامر هو عدم ثقة
بالفحوصات التي اجراها الجيش
الاسرائيلي، يقف المستشار
القانوني للحكومة، رجال قانون
كبار، نائب رئيس وزراء اسرائيل،
دان مريدور وآخرون، ممن يوصون
بتشكيل لجنة تحقيق/ فحص. حجتهم
المركزية: في عالم القانون
الدولي، الوسيلة الافضل للدفاع
عنا في الساحة العالمية وتنظيف
انفسنا من اجل انفسنا هي
التحقيق الذاتي. أرى المعضلة التي تقف امامها دولة
اسرائيل وحكومتها بالشكل
التالي: من جهة، يقف المفهوم
الاساسي والشرط الاساسي اللذان
وجها خطى دولة اسرائيل منذ
تأسيسها بل وقبل ذلك: من اجل ان
تعيش في المنطقة التي نوجد فيها
والدفاع عن انفسنا، علينا ان
نعرف كيف نتصرف بين الحين
والاخر حسب قانون الغابة السائد
في المنطقة. بالتوازي، فان
التعليمات الرسمية للجيش
الاسرائيلي ومدونة سلوكه كانت
دوما الحفاظ على مستوى اخلاقي
عال والامتناع عن اعمال بمثابة
قوانين غابة او كما وصفت ذلك
وزيرة الخارجية ليفني: سلوك 'منفلت
العقال'. واقع حياتنا في منطقتنا
فرض علينا العيش احيانا بمعايير
مزدوجة. ما حصل في العالم وفي داخلنا ايضا، ولا
سيما منذ التسعينيات، هو تعاظم
نهج 'القضاء' الذي قال عمليا
لدولة اسرائيل: محظور عليك
الدفاع عن نفسك في ظل الاستخدام
حتى لقانون غابة واحد؛ واجب
عليك التصرف حسب القوانين
الدولية الانسانية وما شابه.
وفي نفس الوقت، وهذه هي النقطة
الاساسية، مثل هذا الطلب لم
يوجه، عمليا، لاعدائنا. نشأ وضع
سخيف تكون فيه اسرائيل مطالبة
بالدفاع عن نفسها بوسائل 'الصيدلية'
في ظل واقع وحشي. هذا هو الجانب
المبدئي. من الجانب الاخر
للمعضلة يوجد التكتيك، المسألة
الملموسة: كيف نزيل عن انفسنا
هذه الوصمة لتقرير يرفض ان ينزل
بنفسه؟ كيف نعطي حماية حقيقية
لضباط وجنود الجيش الاسرائيلي
من دعاوى مستقبلية من تقديمهم
الى المحاكمة خارج البلاد؟ كيف
نتصرف بحكمة في عالم ساخر بحيث
لا تكون ايادي الجيش الاسرائيلي
مكبلة في المستقبل في محيط
الغابة؟ برأيي يجب رفض كل فكرة
لجنة تحقيق/فحص من نوع 'فينوغراد'
غايتها التحقيق في حملة 'رصاص
مصبوب' وسلوك الجيش الاسرائيلي.
هذه حفرة لا قاع لها، ستتسلل الى
مواقع سياسية وستكبل أيادي
الجيش الاسرائيلي. بالمقابل،
يوجد مجال لتشكيل لجنة مهنية
متعددة الجوانب، تتضمن ممثلين
من كل اذرع الحكم الاسرائيلي،
وكذا من رجال قانون يهود من
الخارج، تكون غايتها الفحص
الموضوعي لكل اتهامات التقرير
والرد عليها. ماذا يعني هذا؟ التقرير يتضمن عشرات
الحالات المحددة التي تتهم فيها
اسرائيل حسب تصنيفات مختلفة ـ
مس مقصود من مدنيين، مس بمنشآت
مدنية، استخدام لسلاح خاص وما
شابه ـ وكذا حالات يخرج فيها
الفلسطينيون ابرياء من استخدام
المساجد، سيارات الاسعاف،
منشآت الامم المتحدة وما شابه
لاغراض عسكرية، او نشاط من داخل
السكان المدنيين. تقرير
غولدستون أحادي الجانب جدا
لدرجة لا توجد اي مشكلة جوهرية
لدحض موضوعي لكل نقطة ونقطة فيه.
لهذا الغرض بالضبط يمكن للجيش
الاسرائيلي ان يستخدم تحقيقاته.
واذا ما تبين بأن هناك حالات كان
التقرير فيها محقا، فان اللجنة
ستشير الى ذلك. نتيجة عمل اللجنة يجب ان يكون 'كتاباً
اسود' موضوعياً ومهنياً لدحض
تقرير غولدستون ومنع وضع يكون
فيه 'القضاء' الدولي احادي
الجانب، المستند الى 'قوانين
الحرب' غير الملائمة لمحيط
الغابة الارهابية، يفرض امرته
ورعبه على الجيش الاسرائيلي
والقيادة السياسية ويكبل
ايديهما. ========================= عبد الباري عطوان 27/10/2009 جريدة القدس العربي ان تعيد الشرطة البريطانية فتح التحقيق
في ملف تفجير طائرة 'لوكربي' عام
1988 تحت ذريعة وجود خيوط جديدة،
واسماء جديدة لم تشملها
التحقيقات السابقة، فهذا يعني،
وبحكم التجارب السابقة، اننا
امام عملية ابتزاز جديدة لأكثر
من جهة، واكثر من دولة مثل ليبيا
وايران وسورية. السيد عبد الباسط المقرحي ظل لسنوات
يطالب من خلال محاميه بإعادة
محاكمته، لوجود ادلة دامغة على
براءته، ولكن جميع توسلاته هذه
قوبلت بالرفض، حتى ان طلب
الاستئناف الاخير الذي تقدم به
اضطر للتنازل عنه، بعد مساومته
بشكل بشع، وتهديد واضح بأن عليه
ان يختار بين المضي في
الاستئناف والبقاء في السجن، او
اسقاطه والعودة الى طرابلس
لقضاء ايامه الاخيرة بين اهله
وأطفاله. في كانون الاول (ديسمبر) عام 2007 ذهبت الى
غلاسكو للقاء السيد عبد الباسط
المقرحي المتهم الرئيسي
والوحيد في تفجير لوكربي، فقد
كان متابعا لصحيفتنا بشكل جيد،
وبادر الى الاتصال هاتفيا بي
اكثر من مرة، وقد قضيت معه اكثر
من ثلاث ساعات في مكتب خاص
للزوار، لم اتكلم خلالها الا
قليلا، فالرجل انفجر كبركان
غضب، وانهار باكيا بحرقة وهو
يقسم بأغلظ الايمان انه بريء من
هذه التهمة، وانها الصقت به
ظلما وعدوانا، واكد انه لو
فعلها لما تردد لحظة في
الاعتراف بذلك على الملأ، ولقتل
نفسه بعد ذلك من شدة العار. وجدت نفسي امام رجل يعيش حالة من المرارة
من ذلك النوع الذي يعيشه الرجال
ذوو الكرامة العالية، خاصة
عندما عرض عليّ ملف الادعاء
الذي تضمن صفحات كاملة جرى
طمسها بالحبر الأسود لأسباب
امنية. المرة الاولى التي تقدم فيها باستئناف
امام المحكمة الاسكتلندية كانت
عام 2002، ولكن الاستئناف قوبل
بالرفض، وقال الدكتور هانز
كوهلر مراقب الامم المتحدة الذي
حضر الجلسة انها كانت عملية
اجهاض واضحة للعدالة. ' ' ' في عام 2007 ظهر دليلان يؤكدان وجود تلاعب
بالأدلة، الاول في ايلول (سبتمبر)
عندما اعترف الشاهد السويسري في
القضية المهندس اولريخ لمبرت
امام ضابط بوليس شرطة زيوريخ
بانه كذب بشأن مسألة الصواعق (المفجّرات)
التي استخدمت في التفجير، وبعد
ذلك بشهر، اي في تشرين الاول (اكتوبر)
من العام نفسه اكتشف محامو
السيد المقرحي ان شاهدا ثانيا
وهو المالطي توني غوتشي قد تلقى
مبلغا مقداره ثلاثة ملايين
دولار من قبل المخابرات
الامريكية والبريطانية كي يقول
ان المقرحي اشترى ملابس الاطفال
التي كانت في الحقيبة الملغومة
من متجره في فاليتا (عاصمة مالطا)،
وهذا الشاهد الرئيسي يعيش حاليا
في استراليا بعد ان هاجر اليها
واصبح من الأثرياء. الافراج عن السيد المقرحي في شهر آب (اغسطس)
الماضي كشف عن اثباتات اضافية
حول 'تسييس' العدالة، فقد تبين
ان مساومات عديدة خلف الستار
جرت لمقايضة الافراج عن رجل
مريض بسرطان البروستات امامه
ثلاثة اشهر للحياة فقط، مقابل
صفقات تجارية نفطية ضخمة
للشركات البريطانية. مليارات
الدولارات حصلت عليها هذه
الشركات مقابل ثلاثة اشهر من
حياة رجل على فراش الموت، ومن
اجل ان تحقق سلطات بلاده نصرا
اعلاميا في يوم احتفالاتها
بالذكرى الاربعين على توليها
السلطة. ليبيا رضخت للابتزاز مرتين، في الأولى
عندما سلمت السيد المقرحي،
ودفعت أكثر من ثلاثة مليارات
دولار تعويضات لأسر ضحايا
لوكربي، علاوة على نفقات
قانونية بمئات الملايين من
الدولارات، والثانية عندما
تخلت عن برامجها لأسلحة الدمار
الشامل لاعطاء 'بطلي' حرب العراق
وافغانستان، اي توني بلير وجورج
بوش الإبن انتصاراً دبلوماسياً
بعد ثبوت كذب ادعاءاتهما حول
اسلحة الدمار الشامل العراقية. ' ' ' ربما تكون السلطات الليبية اشترت حريتها
ورفعت الحصار الظالم المفروض
عليها بدفع هذه المبالغ وتدمير
ما في حوزتها من أجهزة نووية
وكيماوية وبيولوجية، ولكن
الامر المؤكد انها تقف حالياً
امام عملية ابتزاز جديدة،
فالشرطة البريطانية التي ستعيد
فتح ملف التحقيق في قضية لوكربي
تريد استجواب ثمانية اشخاص
آخرين، مما يعني اننا نقف حاليا
امام معركة قانونية جديدة
ومكلفة. ولعل المسألة الأهم هي توقيت الاعلان عن
اعادة فتح التحقيقات، وتزامن
ذلك مع ازمة امريكية اسرائيلية
متفاقمة مع ايران بسبب عدم
تسليمها لما في حوزتها من
يورانيوم مخصب لروسيا وفرنسا،
واجراء الولايات المتحدة
واسرائيل مناورات جوية مشتركة
قبل ايام معدودة من ضمنها
مهاجمة اهداف نووية مزعومة،
وتزويد القاذفات بالوقود في
الجو. نحن امام فصل جديد في لعبة استخباراتية
قذرة للتمهيد لحرب جديدة في
المنطقة، يروح ضحيتها مئات
الآلاف من الأبرياء، وللهدف
نفسه الذي كان وراء حربي العراق
وافغانستان، اي تأمين اسرائيل
ومنابع النفط، وابقاء الأخيرة
تحت الهيمنة الامريكية. ' ' ' اسم عبد الباسط المقرحي قد يختفي قريباً
من واجهات الصحف، ربما بسبب
الوفاة متأثراً بالسرطان الذي
انتشر في معظم انحاء جسده، ولكن
اسماء اخرى قد تظهر مجدداً
بعضها سوري، وبعضها الآخر
فلسطيني، والثالث ليبي. محطة تلفزيونية بريطانية مشهورة تعد
حالياً برنامجاً وثائقياً يثبت
ان ايران وسورية والجبهة
الشعبية ـ القيادة العامة
متورطة في تفجير طائرة 'بان. آم'
الامريكية فوق لوكربي انتقاماً
لتفجير امريكا طائرة ايرانية
مدنية فوق الخليج قبل ذلك بعام. المؤلم ان السيد المقرحي الذي أتعاطف معه
كثيراً، ويصعب علي التشكيك في
صدق دموعه، لن يرى حكم براءته
وهو على قيد الحياة، ولكن عزاؤه
الوحيد انه سيقضي ما تبقى من
ايامه الاخيرة في صحبة والدته
المريضة (80 عاماً) واطفاله الذي
قال لي ان اكثر ما يحز في نفسه
انهم كبروا دون ان يتمتع
بطفولتهم، ودون ان يصحبهم الى
المدرسة مثل باقي الآباء. ========================= وجود الامة في الهاوية
انقاذ للسلطة ميشيل كيلو 27/10/2009 جريدة القدس العربي عرجت في المقالة السابقة حول الثقوب
السوداء التي تلتهم عافية الأمة
العربية وتأخذها إلى فشل بعد
فشل على ثقوب سوداء ثلاثة هي
الفساد، وحكم الفرد، وغياب
العدالة والمساواة من منظومتنا
الفكرية ومواقفنا العملية
كسلطة وكمواطنين. واستكمل
الحديث اليوم عن ثقبين أسودين
يلعبان دورا خطيرا في حياتنا
العامة والخاصة هما: الاستعصاء
الوحدوي الناجم عن سياسات
ومصالح قوى تدعم التجزئة
العربية وتتعيش عليها وغياب
الفكر والسلوك المدنيين من
حياتنا العامة والشخصية. ـ عندما انفك عرب المشرق عن تركيا كانوا
يعتقدون أن دولة العرب الواحدة
الموحدة هي البديل الحتمي
لسلطنة آل عثمان وأنهم
سيقيمونها بمجرد أن يتحرروا من
حكمها فلا خوف من تقسيم المشرق
العربي أو لقيام دول مجزأة فيه
بل ذهاب مباشر إلى وحدة العرب
التي يعمل لها الشريف حسين
وقامت الثورة العربية من أجلها. صحيح أن مصير الدولة العربية العتيدة لم
يكن واضحا وأن مسائل مهمة تتصل
بحدودها وولاياتها وحكامها لم
تكن قد حسمت بعد إلا أن الإصرار
على إقامتها كان كبيرا لذلك آمن
القوم أنه سيتكفل بتحقيقها ضمن
الحدود والمناطق التي لا مفر من
أن تقوم فيها لتحافظ على وحدة
المشرق العربي وتضمن استقلاله. بعد الحرب وطرد العثمانيين اتضح أن هذه
التوقعات لم تكن صحيحة وأن هناك
اتفاقا بريطانيا / فرنسيا سريا
على تقاسم ممتلكات الدولة
العثمانية المشرقية اسمه اتفاق
سايكس / بيكو قبل القادة
السياسيون الأمر يومئذ بعد
احتجاج متذمر وقالوا بجواز قيام
دول وطنية جزئية تمهد الأرض
لقيام الدولة الموحدة مباشرة
بعد حصولها على استقلالها الذي
لن يتأخرما دام الوجود
البريطاني / الفرنسي في المشرق
يأخذ صورة انتداب مؤقت يمارس
تحت إشراف هيئة دولية هي عصبة
الأمم وليس استعمارا تمارسه
دولة واحدة خارج أي إطار قانوني
ويمكن أن يستمر لفترة طويلة. لم تذب الدولة التي ظهرت في الأقاليم
المشرقية ونالت استقلالها بعد
فترة قصيرة حقا. ولم يقم كيان
عربي موحد لأن الدولة لم تكن
وطنية بل كانت دولة قطرية لم
تعتبر نفسها كيانا انتقاليا إلى
الوحدة وعملت كقوة احتجاز لها
فسهرت نخبتها الحاكمة على توطيد
أركانها وتعزيز طابعها
التجزيئي وإضعاف نوازع الوحدة
فيها. وكان الشعب خلال مرحلة
الانتداب، قد قاتل من أجل
الحصول على دولة مستقلة فألف
الدولة الجديدة واعتبرتها
أغلبيته دولة شرعية ووطنية ما
لبثت أن خافت عليها وزادت من
تمسكها بها بعد كارثة فلسطين
وسقوطها في يد الصهاينة مع أنها
أبدت ضعفا فاضحا خلال الصراع
كان يجب أن يقنع نخبها السياسية
بعجزها عن حماية نفسها وبأنها
ليست الأداة المطلوبة لنهضة
وتقدم العرب إلا أن ما حدث كان
عكس هذا وسارعت النخب إلى
التمسك بأهمية الحفاظ على
الدولة: الأداة الوحيدة القادرة
على الدفاع عن أمة العرب
المهددة بأفدح الأخطار. ميزت في ما سبق من قول بين الدولة الوطنية
والدولة القطرية فالأولى دولة
شعبية منفتحة على الديمقراطية
والوحدة والعدالة الاجتماعية
رغم أنها تقوم أول الأمر في قطر
واحد. بكلام آخر: إن الطابع
الوطني لهذه الدولة يحد من
طابعها القطري ويكبحه ويضعفه. أما الدولة القطرية فهي عكس الدولة
الوطنية: دولة غير شعبية أسماها
ميشيل عفلق ذات يوم 'دولة التخت (السرير)
والمزرعة '، تزداد بمرور الوقت
وتوطد أركانها انغلاقا في وجه
النزوع الوحدوي وتزمتا حياله
وتتحول إلى دولة فئوية. ولعله من
غير الضروري القول إن دولة ما
بعد الاستقلال السورية التي
عرفت حركة شعبية واسعة ومسيسة
كانت أكثر دول العرب ميلا إلى
الوحدة فليس من قبيل المصادفة
أن الحركة الشعبية التي عينت
طابع الدولة الوطني تمكنت من
تحقيق أول وحدة سياسية خلال ألف
عام من التاريخ العربي وأن
الدولة الوطنية استجابت للحراك
الشعبي واندمجت مع مصر في
الجمهورية العربية المتحدة بعد
أن كانت قد أقرت مجموعة كبيرة من
القوانين الخاصة بتنمية
الحريات العامة والخاصة
وبالعدالة الاجتماعية. مع إسقاط الوحدة تراجع حتى الزوال طابع
الدولة العربية الوطني وبرز
عوضا عنه طابعها القطري الذي
تضخم واتخذ أبعادا خطيرة لعبت
دورا كبيرا في فشل نهضة العرب
الحديثة الذي كان شاملا طال كل
مجال من مجالات وجودهم السياسي
والاجتماعي والثقافي والعسكري...
الخ. ولعله من أعظم التطورات
خطورة أن هذه الدولة ما لبثت أن
انقلبت إلى دولة سلطوية أو 'سلطانية'
حسب مصطلح الياس مرقص فالسلطوية
هي هنا ذروة القطرية وعلامة
انحطاطها الفارقة وهي نفي الشعب
ونوازعه الديمقراطية والعدالية
والوحدوية فلا عجب أن دفعت بنا
إلى هاوية سحيقة لاعتقادها أن
وجود الأمة في الهاوية هو سبيل
نجاة السلطوية الوحيد. هل يجوز أن نتعايش مع ثقب القطرية /
السلطوية الأسود الذي التهم
عافية الأمة وقوض قدرتها وأضعف
استقلالها ودولها؟. أعتقد أن
مسألة الوحدة العربية النظرية
التي لم تعد للاسف الشديد -
مطروحة في أيامنا هي مسألة
هيكلية لن تقوم لنا قائمة دون
إيجاد معادل موضوعي واقعي لها
هو وحدة العرب التي قد لا تقوم
على أنقاض دولهم خاصة إن كانت
دولا وطنية بل تعني تحويل دولهم
القطرية والسلطوية إلى دول
وطنية تقربهم من الوحدة بقدر ما
يتعاظم طابعها الشعبي وواقعها
العدالي. فهل هذا مستحيل في
الظرف العربي الراهن؟. وهل يجوز
أن نيأس من إمكانية تحقيقه، ولو
بالتدريج ضد دولة تسلطية / قطرية
هي دولة تجزئة متفاقمة وخراب
شامل؟. ـ ثمة ثقب أسود آخر يلتهم عافيتنا هو
افتقارنا مؤسسات وأفرادا إلى
فكر وسلوك مدني وغرقنا في
متاهات الأيديولوجيا والتعصب
والشك المتبادل ووضع مصالحنا
الخاصة والشخصية فوق مصالح
المجتمع والدولة ومواطنينا
وجعلها معيار سلوكنا وفكرنا،
وميلنا إلى الكذب على أنفسنا
وعلى غيرنا ونفاقنا وتأرجحنا
بين النقيض والنقيض ونزوعنا إلى
حجب الحقيقة عن أعيننا وأعين
غيرنا وجبننا وخوفنا وقبول كل
واحد منا الانقسام إلى شخصين
متناقضين: واحد له وآخر للسلطة
والمجتمع يتعايشان فيه رغم ما
بينهما من تناقض. نحن لا نؤمن
بقواعد ثابتة تنظم فكرنا
وسلوكنا وتحدد مواقفنا تنطبق
علينا وعلى غيرنا ونريد قواعد
تحابينا وأخرى تظلم أو تتجاهل
الآخرين ثم لا نتوقف عن الشكوى
من ازدواجية معايير الآخرين
والدول الكبرى في التعامل معنا.
ونحن لا نعتقد أن لغيرنا الحقوق
ذاتها التي لنا ولا نتردد عن
خداع أي شخص قد يحتاج إلينا أو
يكون على تماس معنا ولو كان
صديقا أو شقيقا ولا نراعي في
سلوكنا ميزان العدالة الذي
يلزمنا بالنظر إلى مصالح
الآخرين نظرتنا إلى مصالحنا
وباحترام أشخاصهم لاقتناعنا
أنها معادلة لأشخاصنا. إن فكرنا وسلوكنا غير المدنيين هما ثقب
أسود قاتل يتجلى ضرره أكثر ما
يتجلى في علاقات الناس بعضهم مع
بعض وعلاقات السلطة مع الشعب
التي تقوم على انتهاك القانون
والدستور واحتقار الإنسان مع
أنه رأس المال الوحيد الذي لا
يمكن تعويضه إن ضاع أو تبدد
واعتمادها العنف وسيلة رئيسة
للتعامل مع رعاياها حتى في أبسط
الأشياء وأتفه القضايا. كثيرة هي ثقوب حياتنا السوداء التي
نتعايش بسلام أو رضوخ معها
ونظنها ميراثا يجب أن نحافظ
عليه. ومع أن قطاعات متزايدة من
مواطنينا بدأت تدرك أخطار هذه
الثقوب فإن العمل ضدها ما زال
جنينيا لاعتقادنا ربما وهذا ثقب
أسود آخر أن حلول مشكلاتنا لا
تكون مجدية إلا في المجال
السياسي وأن جهودنا جميعها يجب
أن تكون موجهة نحو هذا المجال
الكفيل بتخليصنا من بلايانا بما
في ذلك ثقوبنا السوداء مع أن
وقائع نصف القرن الماضي تكذب
ذلك بشدة وتبين كم هو منفصل
الحيز المدني الخاص بالمواطن عن
الحيز السياسي الخاص بالسلطة
وكم يسهم إصلاح الأول في تمدين
الثاني وتحسين سلوكه وبالعكس! ' كاتب وسياسي من سورية ========================= موقف اليمين الديني
الإسرائيلي من عملية التسوية الرأي الاردنية 27-10-2009 تناول تقرير واشنطن في عدده رقم 232 دراسة
هامة تتعلق باليمين الديني في
إسرائيل وعلاقته بعلمية
التسوية. فبعد أن جاء الرئيس
أوباما للحكم واعدا الجميع بأن
إدارته بصدد وضع خطة سلام شاملة
للصراع العرب الإسرائيلي
وبخاصة الشق الفلسطيني منه،
اصطدمت الإدارة بموقف حكومة
يمنية متشددة برنامجها يستند
على مبدأ التوسع في الاستيطان
بدلا من تجميد الاستيطان وهو
أمر لا يروق لإدارة أميركية
تريد أن تكتسب احترام العرب
والتعاون معهم في ملفات أخرى
تهم السياسة الأميركية في الشرق
الأوسط العريض. فالحكومة اليمينية الجديدة ماضية في
التوسع في الاستيطان غير أبهة
بموقف إدارة أوباما وهي حكومة
ترى في قيام دولة فلسطينية
تهديدا مباشرا للأمن
الإسرائيلي وهذا ناتج عن تركيبة
الائتلاف الحكومي الذي تسيطر
عليه الأحزاب اليمينية التي ترى
في دعم الاستيطان عملا يخدم
المصلحة الوطنية لإسرائيل. فأي
نظرة سريعة على تركيبة الحكومة
الإسرائيلية الحالية التي تضم 30
وزيرا يكتشف أن الوزراء الذي
يمكن أن يكونوا محسوبين على
اليسار والوسط هم فقط خمس. السياسات الإسرائيلية المتشددة بشأن
عملية السلام مع الجانب
الفلسطيني هي في جزء مهم منها
نتيجة لتفاعلات مجتمعية بالغة
التعقيد في إسرائيل، وهو ما
أسفر عن تصاعد وربما تحالف
التيار الديني والوطني المتشدد
والرافض لعملية التسوية
والرافض للسماح للفلسطينيين
للتعبير عن حقهم في تقرير
المصير. وتزداد العملية تعقيدا
إذا ما نظرنا إلى التفسيرات
التوارتية التي يقوم بها
حاخامات الحريديم والتي تدعم حق
الإسرائيليين في الاستيطان. وبهذا الصدد جاءت دراسة الباحث نيكولاس
بيلهام من مجموعة الأزمات
الدولية والتي حملت عنوان ''يمين
إسرائيل الديني وعملية السلام ''
والتي نشرها تقرير الشرق الأوسط
الصادر عن ''مشروع الشرق الأوسط
للأبحاث والمعلومات '' في الثاني
عشر من شهر تشرين أول الجاري
ليقدم تفسيرا لتصاعد نفوذ أنصار
التيار اليمين الديني في
إسرائيل على كافة المستويات
وبخاصة المستوى السياسي وأثر
ذلك على أفق التسوية بين
الفلسطينيين والإسرائيليين.
المستوى السياسي والمجتمعي
وأثر توجهاتهم على مستقبل عملية
التسوية بين الطرفين الفلسطيني
والإسرائيلي. هناك في إسرائيل واقع ديمغرافي جديد يسمح
لليمين الديني بالتوسع. وتتناول
الدراسة التغيرات الهيكلية
التي طرأت على المجتمع
الإسرائيلي منذ أن جاء شارون
بخطة الانسحاب الأحادي من غزة
في عام 2003. وتشير الدراسة إلى أن
نفوذ المتدينين وإن كان قويا
إلا أنه لم يكن كافيا لثني شارون
عن تنفيذ خطة الانسحاب الأحادي
من غزة، فكل ما احتاجه شارون هو
الانسحاب من حزب الليكود وإنشاء
حزب آخر وهو حزب كديما لكن
بمجمله من أعضاء الليكود. بعد إتمام الانسحاب الأحادي دخلت إسرائيل
في أزمات أثرت على ثقة الرأي
العام بمؤسسات الدولة. فدخول
إسرائيل حرب لبنان الكارثية
والكشف عن مستويات كبيرة من
الفساد مثل قضية خصخصة بنك
لئومي وهي قضية كان رئيس وزراء
إسرائيل إيهود أولمرت متورطا
بها ساهم في زيادة نفوذ
المتدينين. تستدل الدراسة على
زيادة نفوذ اليمين الديني في
إسرائيل من خلال ارتفاع وتيرة
المظاهرات الاحتجاجية لأتباع
الاستيطان من المتدينين في
الضفة الغربية، كما يمكن
الاستدلال عليه بالنظر إلى
تركيبة الكنيست الحالية
لملاحظة الزيادة في عدد المقاعد
للمنتمين للأحزاب الممثلة
لليمين المتدين. كما يمكن
ملاحظة التغلغل الواضح لأتباع
هذا التيار المتشدد في مؤسسات
مهمة وعلى رأسها الجيش
الإسرائيلي. ومؤشر آخر لتنامي
أثر هذا التيار هو زحف أفكارهم
المتشددة على مركز السياسة
الإسرائيلي وتبني قطاعات عريضة
من الرأي العام الإسرائيلي (كما
يكشف عن ذلك استطلاعات الرأي)
لطروحات لا تخدم عملية التسوية،
والمفارقة أن مثل هذه الأفكار
كان ينظر إليها في الماضي
بكونها أفكار ضيفة ومتطرفة لا
تخدم سوى المستوطنين. وتشير الدراسة إلى أن التغيرات السالفة
الذكر والتي رفعت من مستوى
تأثير التيار الديني اليمين هي
نتيجة أيضا لأمر لا يمكن تجاهله
وهو الوزن الديمغرافي لهذا
التيار يعبر عنه سياسيا بشكل
واضح على كافة المستويات. فعدد
المستوطنين والمستوطنات ارتفع
بشكل كبير منذ توقيع اتفاقية
أوسلو، فمثلا عند توقيع اتفاقية
أوسلو لم يكن في الضفة الغربية
سوى 105 ألاف مستوطن أما الآن
فعددهم يتجاوز 300 آلاف مستوطن في
الضفة الغربية لوحدها عداك عن
القدس. ولم يقتصر الأمر على
الزيادة السكانية بل تبع ذلك
أيضا إقامة بنى تحتية مثل
المدارس والجامعات تجمع بين
التدريب العسكري والتعليم
الديني عززت من عزلة المستوطنين
عن بقية المجتمع الإسرائيلي.
وأكثر من ذلك قام المستوطنون
بإقامة وحدات عسكري خاصة بهم
تتدرب مع وحدات الجيش
الإسرائيلي لكنها في الوقت ذاته
نخضع لإشراف رجال الدين اليهودي
وبخاصة الذين لهم علاقات وثيقة
مع جمعيات ومنظمات ناشطة في
مجال الاستيطان وعلى رأسها
منظمة ألعاد الاستيطانية. غير أنه لا يمكن أن يكون المد الديني
مقصورا على المستوطنين بل تعدى
ذلك ليشمل قطاعات واسعة من
المجتمع الإسرائيلي. وتشير
بيانات صادرة عن معهد إسرائيل
للديمقراطية أن هناك ما بقارب
من 80% من الوسط اليهودي في
إسرائيل من هم فوق عمر 50 عاما
وما يقارب من 32% ممن تتراوح
أعمارهم ما بين 18 إلى 30 عاما
ينتمون لهذا التيار المتشدد.
يقابل ذلك، حسب قاعدة بيانات
المعهد، انحسارا في نسبة اليهود
العلمانيين من مستويات بلغت 23%
إلى 17% في فترة عشر سنوات امتدت
ما بين أعوام 1997 إلى 2007. أما
العدد الإجمالي لليهود
المتدينين فهو ما يقارب من
مليون ونصف المليون نسمة أي ما
يقارب من 20% من السكان. ما يزيد من تأثيرهم على الموقف من التسوية
مع الفلسطينيين هو الارتفاع في
نسبة تمثيلهم في القطاعات
المختلفة في الجيش الإسرائيلي،
فالمتدينون يحرصون على سبيل
المثال الخدمة في الجيش
الإسرائيلي في المناطق
الاستيطانية وفي كثير من
الأحيان تضطر القيادة العسكرية
نشر هؤلاء الجنود المتدينين وقف
انتماءاتهم الجغرافية. وبالرغم
من أن نسبة المتدينين بشكل عام
لا تتجاوز 20% من إجمالي سكان
إسرائيل إلا أن نسبتهم حسب
تقديرات الباحث الإسرائيلي
إيغال ليفي في الجيش الإسرائيلي
بلغت 40%. هناك مؤشرات أخرى كثيرة على تأثير التيار
اليميني المتدين في الموقف من
الفلسطينيين. وقد برز نفوذ
الحاخامات بشكل واضح، حسب
الدراسة، في الحرب الأخيرة على
غزة، وبالفعل شكلت وحدة دينية
حملت اسم الوعي اليهودي'' صاحبت
الجيش لرفع الروح المعنوية
للجنود ولتحفيزهم على القتال
وهو أمر خلق ازدواجية في نظم
التوجيه وبات على عدد كبير من
الجنود المتدينين الاختيار بين
الانصياع لأوامر قادتهم أو
لتوجيهات الحاخامات التابعين
للجيش وهو توجيهات تتعارض مع
توجيها القيادات العسكرية في
بعض الأحيان. وبعيدا عن المستوى العسكري، تعاظم نفوذ
المتدينين لأن تمثيلهم في
الكنيست في تزايد مستمر ووصل
إلى أعلى مستوى له في
الانتخابات الأخيرة إذ حصل
المتدينون الذين ينتمون إلى
أحزاب مختلفة على 278 مقعدا من
أصل 120 مقعدا في الكنيست، وهي
كتلة يمكن لها عرقلة أي تشريع أو
قانون وبالتالي يعرف نتنياهو
أنه يعتمد عليهم في لعبة البقاء
السياسي. وهذا الوضع مكن المتدينين من ممارسة
سياسات تخدم الاستيطان بشكل أضر
بعملية السلام. وبالفعل استطاع التيار الاستيطاني
الديني بفعل الدعك الكبير من
الأحزاب الدينية في استقطاب عدد
من قيادات الإدارة المدنية
والمحلية لتسهيل استصدار
تراخيص بناء المستوطنات،
وتخصيص الأراضي التي تخضع
لملكية الدولة للأغراض
الاستيطانية. وفي هذا السياق
يتم طرح القانون المقدس الذي
يروج له رجال الدين في مواجهة
القانون الوضعي للدولة الذي
يعوق في بعض الأحيان النشاط
الاستيطاني الإسرائيلي. ولأن
هناك قطاعات واسعة من موظفي
الحكومة والإدارة العامة
يؤمنون بتوجهات هذا التيار فإن
هناك ما يشير إلى إعطائهم
القانون المقدس الأولوية في
التطبيق. إذن يمكن الاستنتاج من هذا الدراسة أن ثمة
تناقضا بين التصاعد في نفوذ
التيار الديني اليميني والمضي
في علمية سلام جدية، فأنصار هذا
التيار لا يرون في السلام مع
الجيران العرب إلا تهديدا
لأحلامهم في السيطرة على الأرض
وهو ما يتناقض مع فكرة إقامة
دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة
جغرافية. ومما يزيد من الطين بله
هي تلك الفتاوي التي تصدر عن
الحاخامات الذين يرفضون فكرة
تجميد الاستيطان على اعتبار أن
في ذلك خيانة ''لأمانة الرب''. وقد
كشف استطلاع للرأي في أبريل 2008
أن حوالي 64 % من اليهود
المتدينين لا ينفقون مع فكرة
إقامة دولة فلسطينية مستقلة
ويرفض حوالي 72 % منهم استئناف
المفاوضات مع الطرف الفلسطيني. هذا هو الإطار التفسيري العام الذي تقدمه
دراسة الباحث نيكولاس لنهج
حكومة نتنياهو الرافض لتجميد
الاستيطان. فالحكومة
الإسرائيلية الحالية بقيادة
نتنياهو تتعرض لضغوط شديدة من
اتجاهات ثلاث مختلفة تدفعها
لمزيد من التطرف والتشدد في
مواقفها من عملية التسوية
النهائية مع الفلسطينيين. الضغط
الأول يأتي من أنصار التيار
المتدين اليميني الممثل بأحزاب
اليمين الدينية التي هي جزء من
الائتلاف الحاكم والذي عبر عن
موقفه من فكرة أي انسحاب حتى من
غزة. أما الاتجاه الآخر فهو
المجلس الاستيطاني الإسرائيلي
الذي يمارس ضغوطا قوية لردع أي
تنازل ضئيل تقوم به الأحزاب
اليمينية المتحالفة معهم في
الحكومة الإسرائيلية. ونقلت
صحيفة يديعوت أحرنوت عن داني
دايان رئيس المجلس الاستيطاني
الإسرائيلي رفضه لتقديم أي
تنازل بشأن الموقف من الاستيطان
وقال: ''آن الأوان لهذه الحكومة
أن تقول الحقيقة وهي أنها
انتخبت لأنها تؤمن بأن الدولة
الفلسطينية هي خطر وجودي على
إسرائيل، وأن لليهود حق في
الاستيطان في أي مكان في أرض
إسرائيل''. الجهة الأخرى التي
تمارس ضغطا على نتنياهو هي
طبيعة الائتلاف الحاكم نفسه. باختصار تفيد الدراسة إلى أن حكومة
نتنياهو لا يمكنها تقديم أي
تنازلات مهمة في المفاوضات مع
السلطة الفلسطينية وبهذا لا
يمكن لها أن تكون شريكا في عملية
سلام حقيقية تهدف إلى تحقق حل
الدولتين وتصل إلى سلام شامل مع
جيران إسرائيل. ========================= طريق الأكراد الضيق بين
العراق وتركيا لور مارشان السفير 27-10-2009 في منطقتهم المستقلة ذات الحكم الذاتي،
نوعاً ما، لم يعد لدى أكراد
العراق الاهتمامات ذاتها التي
لدى إخوانهم في حزب العمال
الكردستاني، الذين هم في حالة
صراع دائم مع السلطات التركية. منعزلاً في حصنه في جبال قنديل، في شمال
العراق، يأبى حزب العمال
الكردستاني تسليم سلاحه حتى
الآن. على طول سهل أربيل، تصطف،
بتكرار رتيب، نقاط التفتيش
التابعة للبشمركة، وصور رئيس
إقليم كردستان العراقي مسعود
البرزاني. بمجرّد عبور أول
هضبة، تضيق الطرق تدريجياً،
لتغوص في أراضٍ ووديان صخرية لا
غير. عندها، لن تلتقي سوى بدابة
محمّلة ببعض الحطب، أو قطيع من
الغنم أو ربما بعض البيوت
الطينية. ثم تلوح مظلة جديدة.
علم أحمر قانٍ عليه نجمة خضراء
يرفرف في الهواء. راية حزب
العمال الكردستاني تعلن الدخول
إلى المنطقة الخاضعة لحكم
المتمردين الأكراد. لا يمكن تجاهل الصورة العملاقة للقائد
عبد الله أوجلان، المعتقل في
جزيرة تركية، تغطي سفح الجبل.
هناك يتحصن نحو أربعة آلاف
مقاتل من المتمردين الأكراد من
تركيا، في هضبات ووديان جبال
قنديل الوعرة، وهم على أهبة
الاستعداد لمواجهة أي تدخل أو
قصف من الجيش التركي. «الكردستاني»
لا يُهمل أبداً مسألة المراقبة،
رغم إعلان أنقرة عن «خطة سلام»
لوضع حد لهذا النزاع الذي خلّف
خلال 25 عاماً أكثر من 40 ألف
ضحية، معظمهم من الأكراد. في نهاية تموز الماضي، تعهدت حكومة رجب
طيب أردوغان بالردّ على مطالب 12
مليون كردي موجودين في تركيا. في
حصنهم في قنديل، اعتُبرت الخطوة
تقدماً ايجابياً، ومع ذلك، لم
تكن كافية ليسلّم عناصر الحزب
أسلحتهم. في أحد معسكراته المتوارية خلف الحقول،
يتلقى القائد العسكري مراد قره
يلان فرناً، وبعض الكراسي
البلاستيكية وجهازاً
تلفزيونياً. ثمة فتيان وفتيات
أكراد، مدججون بالكلاشنيكوف،
يقومون بمهمة المراقبة على طول
الهضبة. «نحن واضحون جداً»، يقول مراد، «لقد حان
الوقت لانتهاج الطريق السياسي
السلمي. وهذا هو الحلّ الوحيد.
فخلال 25 عاماً، حاول الأتراك كل
الحلول العسكرية، بلا جدوى.
أياديهم بقيت مكبلة. والآن،
للمرّة الأولى، توقفوا عن إنكار
وجود المشكلة الكردية،
وانخرطوا جدياً في محاولة
لمعالجتها. ويعتبر هذا التغيّر،
بلا شك، تطوراً مهماً». لكن انعدام المقترحات يثير الشكّ والريبة.
و«يصبح هامش التحرك ضيقاً يوماً
بعد يوم. وبدل القيام بخطوات
فعلية، تكتفي تركيا بتعداد ما
لن تقوم به البتة»، يضيف مراد
موضحاً. اللائحة طويلة: «لا عفو
عن المتمرّدين، لا مفاوضات مع
حزب العمال الكردستاني، لا
تعليم للغة الكردية في المدارس،
لا استقلال للمنطقة الكردية، لا
اعتراف بالشعب الكردي في
الدستور التركي، ولا وقف
للعمليات العسكرية». لائحة
الرفض هذه تشمل تقريباً كلّ
المطالب المقترحة في «خريطة
الطريق» التي اقترحها عبد الله
أوجلان. في المقابل، توعّدت قيادة الأركان
التركية بمتابعة «العمليات حتى
قتل آخر إرهابي». بصورة شبه
يومية، تُعلّق، على الجبال
التركية، لائحة طويلة بأسماء «الشهداء»
من الجانبين. وقد جدّد البرلمان
التركي، مؤخراً، السلطة
الممنوحة للجيش، لعام إضافي،
لضرب مواقع حزب العمال
الكردستاني في جنوب العراق. إصلاحات ثقافية أُعلنت بعض الإصلاحات الثقافية، مثل
السماح باستعمال اللغة الكردية
في محطات التلفزة والإذاعات، أو
استرداد الأسماء الأصلية لبعض
القرى التي جرى «تتريكها». هذا مجرد «ذرّ للرماد في العيون»، أي
محاولات تهدئة مخادعة لا أكثر،
قال محمد (44 عاماً)، إذ «لدينا 12
محطة فضائية، يلزمنا أكثر من
ذلك». تطوّع محمد في حركة التمرد
منذ العام 1978، قبل أن يغادر
الجبال الوعرة من الجهة
العراقية في العام 2006، مبتور
الساق وإن «لم تُمس أفكاره
ومبادئه». مثل محمّد تماماً، ثمة 3000 عنصر سابق في
حزب العمال الكردستاني، عادوا
مدنيين ليعملوا في ورش البناء
في كردستان العراق، حيث يتمتعون
بحماية السلطات ورعايتها على
أمل أن يعودوا يوماً إلى تركيا. «تزورني قريتي كلّ ليلة تقريباً في
المنام» يتحسّر أوميت، ابن الـ35
عاماً، قضى نصفها في «المقاومة»،
وكلّفته شعراً أبيضّ قبل أوانه.
بالنسبة لأوميت، الضابط السابق
الذي يملك حالياً محلاً لبيع
المجوهرات، «الانفتاح (التركي)
الأخير لم يكن ليحصل لولا
مقاومتنا»، ويروي كيف كان «المدرّس
يضربني في المدرسة، عندما كنت
أتكلّم باللغة الكردية (رغم
أنني) لم أكن أعرف غيرها». خلف رفوف مثقلة بالخواتم وأقراط الأذن،
تظهر جلياً ذهنية هذا الخبير
الاستراتيجي: «كما حصل مع الروس
خلال حملة نابليون، الصبر
والوقت يلعبان دوراً مهماً
لمصلحة شعبنا. أردوغان يريد أن
يفرض ثقله في الشرق الأوسط، لذا
عليه أن يجد حلاً للأزمة
الكردية للوصول الى هدفه». مفترق استراتيجيّ الديناميكيات الإقليمية تجبر اللاعبين
الأساسيين على حل مسألة هذه
البؤرة غير المستقرة، الممتدة
بين إيران وسوريا وتركيا
والعراق. في بغداد، يمارس الرئيس العراقي جلال
الطالباني، الذي انخرط في عملية
تقارب مع أنقرة، الضغط على حزب
العمال الكردستاني لتسليم
سلاحه. أما المصالح الأميركية
فموزعة على ثلاث جبهات:
جيوسياسية، وعسكرية، وأخرى
متعلّقة بالطاقة. يقول مراد قره
يلان إن «الولايات المتحدة ترغب
في توطيد العلاقة التركية
العراقية لزعزعة النفوذ
الإيراني». لأجل سحب قواتها من العراق، في نهاية
العام 2011، تقترح واشنطن أن يعبر
جنودها عبر تركيا، مروراً
بكردستان، أي على الطريق الذي
تسلكه أنابيب النفط والغاز
العراقيين، على طول الضفة
التركية من البحر الأبيض
المتوسط. وذلك طبعاً لتأمين
سلامة خطّ الطاقة التركي، الذي
يستعيره أيضاً خط أنابيب باكو ـ
تبليسي ـ جيهان، ولاحقاً خط
نابوكو. وفيما تقوم الولايات المتحدة بتزويد
الجيش التركي بمعلومات عن مواقع
حزب العمال الكردستاني في جبال
قنديل، فهي، من جهة أخرى، تضغط
على أنقرة للبدء بالمفاوضات. في محيط «قنديل» تبدو الحقيقة مغايرة
بشكل طفيف. كردستان تمدّ هذه
المنطقة بالأساتذة. حركة
المتمردين تقوم بدور الشرطي،
عندما تندلع مشكلة في واحدة في
القرى المئة التي تعيش تحت
سيطرتها. «كرّرنا مراراً، نحن لم نخلق حزب العمال
الكردستاني. هي منظمة مستقلة
سياسياً، يتعين على تركيا أن
تتحاور معها»، قال فؤاد حسين،
الأمين العام للرئاسة في
كردستان، حاسماً. كما أن «تصفية حزب العمال الكردستاني لن
تؤدي إلى أي مكان»، يؤكد محمد،
إذ «ستنبثق منظمة أخرى. أولادنا
مستعدون لأخذ الحِمل». في قنديل، على طول الطريق الرملية، لم يعد
أي من المقابر الـ197 شاغراً. في
إطار أصفر، أخضر وأحمر، ألوان
كردستان، اصطفت صور أحدث «الشهداء»،
على نصب تذكاري، لم يبلغ
غالبيتها العشرين من العمر. في 23 أيلول، مدّد حزب العمال الكردستاني «هدنة»
أحادية الجانب، أما ما بعد هذه
الهدنة فـ«يعتمد على ما ترسله
تركيا من إشارات»، قال مراد قرة
يلان، محذّراً. فإذا «اختارت
تركيا اللعبة الخطرة، وأعطت
الأولوية لخطتها العسكرية، على
حساب الخيار السياسي، فإن
جنودنا مستعدّون للرد». عن «لو فيغارو» الفرنسية إعداد: جنان جمعاوي ==================== تعاون القاهرة وطهران يهزم
إسرائيل فهمي هويدي السفير في أول حوار شامل للرئيس الإيراني مع
صحافي عربي بعد الانتخابات، قال
السيد أحمدي نجاد إن إسرائيل لن
تُهزم إلا بالتعاون بين مصر
وإيران، وشدد على أن الضغوط
الغربية التي حرصت على إثارة
الفتنة بين إيران وجيرانها في
الخليج، مورست في أثناء
الانتخابات الرئاسية الأخيرة،
لكي تنتقل الفتنة إلى الداخل.
واستخدمت في ذلك أساليب أعلن عن
بعضها، وسيُكشف عن البعض الآخر
في وقت لاحق. ـ 1ـ التقيته في مكتبه الذي يبدأ العمل به في
السادسة من صباح كل يوم. ولاحظت
أمرين، أولهما أنه كان يرتدي
الحلة الرمادية ذاتها التي كان
يرتديها حين قابلته منذ ستة
أشهر، وثانيهما أن الشعرات
البيضاء تضاعفت في لحيته عما
كانت عليه في اللقاء السابق.
نقلت إليه الملاحظة الثانية
فكان رده أن ذلك حال الدنيا.
وحين سألته عما إذا كان لذلك
علاقة بتجربة الانتخابات
الأخيرة قال إنه رغم الضجيج
الكبير الذي حدث في تلك الفترة،
فإن الشغل حينها لم يكن أكثر ولا
أثقل منه في الأيام العادية.
سألت: كيف خرج من الانتخابات؟
فرد بسرعة قائلا: إنه يشعر الآن
بأنه أصبح أقوى من ذي قبل، ليس
فقط لأنه حاز 29 مليون صوت، ولكن
أيضا لأن الإيرانيين حسموا
اختيارهم الحقيقي وكان
انحيازهم واضحا إلى خط الثورة
ومبادئها. قلت: هل توافق على أنك حين خرجت قويا
ومنتصرا فإن الجمهورية
الإسلامية خرجت وقد جرحت صفحتها
وانشقت صفوفها؟ قال: هذا كلام غير دقيق: لأن كل ما حدث في
المرة الأخيرة وقع من قبل.
فالخلافات بين الأشخاص
والمواقف وحتى حول قضية فلسطين
ودعم المقاومة، كان لها نظيرها
في كل انتخابات رئاسية سابقة.
ولكن أساليب المتنافسين اختلفت
هذه المرة، بحيث أراد بعضهم أن
يضغط من خلال النزول إلى الشارع.
وفي الوقت ذاته فإن الإعلام
ووسائل الاتصال الأخرى مارست
دوراً شريراً في تعبئة الناس
وتحريضهم في الداخل وتضليل
المتابعين في الخارج. قلت: تحدثت عن تدخلات أجنبية في ما حدث بعد
إعلان النتائج، ما هي طبيعة تلك
التدخلات؟ ثم إنها إذا كانت قد
حدثت وحققت بعض أهدافها. ألا
يعني ذلك أن الوضع الداخلي قابل
للاختراق والناس مستعدة
للتجاوب مع الاختراق؟ قال: التدخلات الأجنبية أمر مقطوع به.
فبعض الدول الغربية مثل إنكلترا
وفرنسا، استنفرت لدفع الأمور
إلى ما هو أبعد من خلال
التصريحات الرسمية وتكثيف
الحملات الإعلامية. وما فعلته
الـ«بي. بي. سي» يشهد بذلك. ثم إن
بعض السفارات في طهران أعلنت عن
استعدادها لاستقبال جرحى
الاشتباكات، «إيطاليا مثلا»،
وكان ذلك أمرا غريبا، والواقع
أنها لم تكن وحيدة. ولكن هناك
سفارتين أخريين لم يعلن عنهما
انحازتا إلى الموقف نفسه. في
الوقت الذي ضبطنا فيه موظفي بعض
السفارات وهم يحاولون تأجيج
التظاهرات وسجلنا اتصالاتهم مع
بعض العناصر. وهذا ملف لم يكشف
النقاب عنه تماما، على الرغم من
إعلان بعض معلوماته، لكن الوقت
لم يكن مناسبا لكشف النقاب عن
حقيقة التدخلات وطبيعتها التي
تمت، وهو ما سيُعلن عنه في وقت
لاحق. ولست أوافق على قابلية
الوضع الداخلي للاختراق، لأننا
بصدد بلد يزيد سكانه على سبعين
مليونا ويضم كل الأطياف. وإذا
كانت هناك قلة مستعدة للاختراق،
فإن أضعافهم صمدوا وظلوا على
ولائهم لمبادئ الثورة
الإسلامية وقيمها. ـ2ـ سألته: بماذا تفسر أن الفقراء صوتوا
لمصلحتك، في حين أن النخب
والمثقفين صوتوا لمنافسك «مير
موسوي»؟ قال: هذا التصور ليس دقيقا، لأن الذين
صوتوا لي كانوا من مختلف
الشرائح الاجتماعية. فقد حصلت على 29 مليون صوت، في حين أن
المحرومين في البلد ليس لديهم
أكثر من 12 مليون صوت فقط. وإذا
افترضنا جدلا أنهم جميعا صوتوا
لي، فمعنى ذلك أن هناك 17 مليون
شخص من الفئات الأخرى صوتوا
لمصلحتي. قلت إن الـ12 مليون صوت هي الفرق بينك وبين
المنافــس الأول «ميـر موسـوي»،
وهذا مـا يؤيد مـا قلتـه فـي
السـؤال. قال: لا أنكر أن المحرومين والفقراء في
البلد الذين كانوا محل اهتمامي
طوال السنوات الأربع الماضية
صوتوا لي، لكن ما أردت قوله إن
النخب والمثقفين والشرائح
الاجتماعية الأخرى صوتوا لي
أيضا. أضاف: لقد راهن البعض على طلاب الجامعات
الذين يشكلون عنصر ضغط وقوة
مؤثرة في الحياة السياسية «عددهم
3,5 ملايين. وتصور هؤلاء أنه ما إن
يبدأ العام الدراسي حتى تتجدد
التظاهرات ويخرج الطلاب إلى
الشوارع ليجددوا الاضطرابات
والفوضى. ولكن شيئا من ذلك لم
يحدث، الأمر الذي يعني أن هناك
أوهاما كثيرة يجري تسويقها عبر
وسائل الإعلام، لكنها لا أصل
لها. سألته: ما الذي تعلمته من تجربة
الانتخابات؟ قال: تعلمت أننا يجب أن نعمل أكثر لخدمة
الناس، الذين تتجدد احتياجاتهم
ولا نهاية لمتطلباتهم. وتعلمت
أننا يجب أن نفتح أعيننا جيدا
على ممارسات أعدائنا، لأنهم
يملكون من حيل التأثير
وأساليبه، ما لا يخطر على بالنا.
كما تعلمت أن الناس لا يمكن
خداعهم بسهولة، وأن بعضهم قد
يتأثرون بالحملات والضغوط لكن
سرعان ما يستردون وعيهم
وينحازون إلى الاختيار الصحيح
في نهاية المطاف. قلت: هل هناك رسالة أردت أن تبعث بها حين
رشحت ثلاث سيدات للاشتراك في
الحكومة؟ قال: لقد حاولت أن أضع معيارا مجردا
لاختيار أعضاء الحكومة. وكنت
وما زلت مقتنعا بأن السيدات
الثلاث من الكوادر المناسبة
تماما للوزارات التي رشحن لها.
ولم أكن منشغلا بكونهن من
الإناث، لأن عنصر الكفاءة كان
الحاسم عندي. ولكن مجلس الشورى
كان له رأى آخر. فلم يقتنع
باثنتين وأجاز الوزيرة الثالثة
(الدكتورة وحيدة داست جردي
وزيرة الصحة ــ متخصصة في أمراض
النساء). قلت: بعد تعيين وزيرات لأول مرة، على
الرغم من اعتراض بعض المراجع في
«قم»، سمعت أن هناك اتجاها
لتعيين نساء في منصب محافظ
الإقليم. قال: لمَ لا، فما دامت الكفاءة هي
المعيار، فينبغي ألا نفرق بين
الرجال والنساء في مختلف مناصب
الدولة. قلت: هل فكرت في ضم بعض عناصر الإصلاحيين
إلى الحكومة؟ قال: أولا هم خسروا ولم يفوزوا فلماذا
نشركهم في الوزارة، وهم ممثلون
في مجلس الشورى ويشاركون من
خلاله، وثانيا يجب أن تعلم أننا
جميعا إصلاحيون بالمفهوم
الحقيقي للكلمة. وسجلّنا خلال
السنوات الأربع الماضية يشهد
بذلك. والفرق بيننا وبينهم أننا
نعمل طول الوقت وهم يتكلمون طول
الوقت. ـ3ـ هل تعتبر أن ملف الانتخابات أغلق؟ بالنسبة لي هذا الموضوع انتهى وصفحته
طويت. وعندي من مشاغل المستقبل
ما لا يسمح لي بالنظر إلى الوراء.
كم عدد المعتقلين الذين قدموا إلى
المحاكمة؟ لست متابعا لهذا الموضوع، لأنه برمته بين
أيدي القضاء. سمعت شكاوى كثيرة من الغلاء الذي أرهق
الطبقات الفقيرة. أدري أن الأسعار زادت حقا لكن دخول الناس
تضاعفت أيضا. نشرت الصحف أنكم قدمتم مشروعا لإعادة
النظر في دعم السلع؟ مجلس الشورى وافق على سياسة الإصلاح
الاقتصادي التي قدمناها، حيث
أيدها 188عضواً وعارضها 45 فقط.
وبمقتضى هذه السياسة التي تتحرى
العدل قدر الإمكان فإننا نتجه
إلى إلغاء دعم السلع الأساسية
بالنسبة للجميع، وتقديم الدعم
نقدا إلى الفقراء، في الوقت
الذي نوسع من دائرة التأمينات
ونرفع من قيمة المعاشات، بحيث
يظل الدعم موجهاً إلى من
يستحقه، في الوقت ذاته فإننا
نتجه إلى تقليل الاعتماد على
النفط، بالحد من استهلاكه
وتشجيع الصناعات الأخرى. إلى أي مدى تأثرت إيران بالأزمة
الاقتصادية العالمية؟ التأثر ضعيف لسبب أساسي هو أن اعتمادنا
على الخارج محدود نتيجة الحصار
المفروض، واهتمامنا شديد
بالتنمية الذاتية، ولا تنس أن
إيران تحتل المرتبة الـ17 من حيث
النمو الاقتصادي على مستوى
العالم. فمصانع السيارات في
العالم تواجه تراجعاً في
مبيعاتها، في حين أنها لم تتأثر
عندنا، كما أن إنتاجنا من
الفولاذ والألومنيوم والنحاس
في تزايد. هل توافق على أن الإيرانيين شعب مستهلك
أكثر من كونه منتجا؟ هذا صحيح، وكون إيران بلدا منتجا للنفط
فالطاقة فيه رخيصة، والمجتمع
يدرك أن النفط يغطيه دائما،
ولذلك فإنه يتخلى عن الحذر في
الاستهلاك، في الوقت ذاته فإن
مجتمعنا تضغط عليه التطلعات
الاقتصادية الحياتية بشدة،
وللعلم فإن 75٪ من الإيرانيين
يعيشون في بيوت يمتلكونها،
بينما 25٪ فقط مستأجرون. ـ4ـ سألته عن رأيه في تهديدات رئيس وزراء
فرنسا الذي لوح مؤخرا بتشديد
العقوبات على إيران، فقال إن
الحكومة الفرنسية تتخبط ولا
تدري ماذا تريد أن تفعل، ولغة
التهديدات هذه عفا عليها الزمن
ولم تعد تجدي، ونحن ملاحقون
بالمقاطعة تارة وبالتهديدات
تارة أخرى منذ ثلاثين عاما، وفي
ظل هذه الضغوط فإن إيران كبرت
وأصبحت قوة إقليمية يعمل الجميع
لها حسابا. قلت إن ثمة لغطا حول تخصيب إيران
لليورانيوم، وكلاما عن شرائه
مخصبا من الخارج. فقال إن اليورانيوم أنواع ودرجات.
وتقنيات التخصيب متوافرة لدى
العلماء الإيرانيين، وفي الوقت
الراهن فقد أصبح بمقدورنا
التخصيب بنسبة 3,5٪
لاستخدامات الطاقة، لكن
التخصيب الذي نحتاجه لإنتاج
الأدوية تصل نسبته إلى 20٪،
وهو ما نستطيع أن نحصل عليه
بقدرات علمائنا. لكننا قبلنا أن
نتعاون مع أي دولة أخرى
لإنتاجه، حتى نطمئن المجتمع
الدولي، ولدينا عروض من دول عدة
للتعاون المشترك في ذلك. وهذا
أمر سنقرره خلال الأسبوع المقبل.
سألته عن صحة اختفاء 4 علماء إيرانيين،
أحدثهم شهرام أميري الذي لم
يظهر منذ أدى العمرة في
السعودية، وعن صلته بالمفاعل
الذي أعلن عنه مؤخرا بالقرب من
مدينة قم. قال إن الذين اختفوا خطفتهم المخابرات
الأميركية، ولدى إيران معلومات
محددة في هذا الصدد، وليس
لشهرام أميري أي علاقة بمنشأة
قم. وعن مضمون اقتراحه المطالبة بإشراك إيران
في إدارة العالم. قال إن هذه الفكرة وردت ضمن حزمة
الاقتراحات التي قدمتها إيران
مؤخرا إلى اجتماعات دول 5 +
واحداً. وهي تنطلق من مبدأ رفض
تحكم عدد محدود من الدول في مصير
العالم والمؤسسات الدولية منذ
الحرب العالمية الثانية في
منتصف القرن الماضي، في حين أن
العالم تغير تماما خلال تلك
الفترة. وقد آن الأوان لأن تكون
المنظمات الدولية تعبيراً
أميناً وصادقاً عن حقائق
الجغرافيا السياسية في العالم.
ولذلك تطالب إيران بأن يكون لها
حضور في تلك المنظمات، بحجم
حضورها في الواقع السياسي. قلت: ما دام لدى إيران هذا الطموح الذي
يراود تركيا أيضا، فلماذا لا
تحذو حذو أنقرة وتتجه إلى
مصالحة جيرانها أولا، وهو
الإنجاز الكبير الذي نجحت فيه
تركيا، حتى تصالحت مع أرمينيا
على الرغم مما بين البلدين من
ثارات ومرارات تاريخية. سألني: ماذا تعني؟ قلت: إن دول الخليج تستشعر خوفا وقلقا من
أنشطة إيران العسكرية
وبرنامجها النووي. قال: أولا: لا تقارنا بعلاقات تركيا
وأرمينيا، لأن بين الطرفين
خلافات تاريخية دموية وهذا ليس
موجودا في تاريخ علاقاتنا بدول
الخليج. ثانيا: لأن أعداءنا في
الغرب حريصون على التباعد
والوقيعة بيننا، وبعض
المسؤولين الذين يزوروننا من
دول الخليج ينقلون إلينا هذا
الكلام. ثالثا: لأن أيدينا
ممدودة لدول الخليج، ونتبادل
الزيارات مع بعضها. ولدى البعض
الآخر دعوات لزيارتنا. فقد زرت
السعودية وقطر 4 مرات، وزارنا
حاكم دبي وسلطان عمان. وهؤلاء
يعرفون جيدا أن مقولة «الخطر»
لا أصل لها وأنها دسيسة غربية. ـ5ـ قلت أخيرا: في طهران لغط كثير حول تربح
أولاد الأكابر، واسمح لي أن
أسأل: أين يعمل أبناؤك؟ قال: لدي ثلاثة أولاد؛ الأول مهندس
معماري، والثاني مهندس
ميكانيكي، وهما موظفان وليس لأي
منهما نشاط، والثالث يوشك على
التخرج ليكون مهندسا متخصصا في
الاتصالات. ولعلمك فأمهم مهندسة
أيضا، ولذلك لك أن تقول إننا
أسرة مهندسين بالكامل. قبل أن أغادر ألقى عليّ سؤالين؛ الأول عن
أوضاع العالم العربي
والإسلامي، والثاني عما يحدث في
فلسطين. وبعد أن سمع إجابتي قال
إن أشياء كثيرة يمكن أن تتحقق
للعرب والمسلمين إذا تعاونت في
ذلك مصر وإيران، وبوجه أخص فإن
التوافق بين البلدين من شأنه أن
يلحق الهزيمة بإسرائيل، بما يضع
المنطقة كلها على أبواب عصر
جديد يسوده الاستقرار وتتحقق في
ظله أحلام التقدم. ثم أزاح سترته
ووضع يده على قميصه وقال: هذا
الكلام أقوله من قلبي. وأرجو أن
تنقله عن لساني. ÷ ملحوظتان: الأولى: أن هذا الحوار تم قبل وقوع
التفجير الكبير الذي حدث في
منطقة بلوشستان، أثناء اجتماع
مصالحة بين السنة والشيعة، وأدى
إلى قتل عدد من كبار قادة حرس
الثورة. الملاحظة الثانية: أنني طلبت توسيع دائرة
الحوار، بحيث يشمل مع السيد
أحمدي نجاد كلا من الشيخ هاشمي
رفسجاني رئيس مجلس تشخيص مصلحة
النظام، والسيد مير حسين موسوي
رئيس الوزراء السابق والزعيم
الإصلاحي الذي ناقش أحمدي نجاد
وتحداه، ولكن الرجلين فضلا عدم
الحديث في الوقت الراهن. ==================== هل عاد المسيحيون قوة
أولى في لبنان ؟ سركيس نعوم
sarkis.naoum@annahar.com.lb
النهار 27-10-2009 منذ 27 حزيران الماضي و"التيار الوطني
الحر" الذي يتزعمه العماد
ميشال عون، يشكل العقبة الوحيدة
رسميا التي تعوق نجاح النائب
سعد الحريري زعيم "تيار
المستقبل" في تأليف حكومة
جديدة وفي الوقت نفسه بدء مجلس
النواب الجديد
عمليه الاشتراعي والرقابي.
ولئلا يعترض احد على ما ورد
اعلاه باعتبار ان "التيار"
لا يمثل كل المنضوين تحت لواء
تكتل "التغيير والاصلاح"،
نقول ان هذا التكتل هو الذي يشكل
العقبة بكل مكوناته رغم اقتناع
كثيرين من اللبنانيين ان الكلمة
الاولى والاخيرة داخله كما داخل
التيار هي للعماد عون. أما
المكونات السياسية الاخرى داخل
الاقلية النيابية التي يشكل "التيار"
جزءاً اساسياً منها وفي مقدمها
"حزب الله" وحركة "امل"
وعدد من الاحزاب والتيارات
والشخصيات الاخرى فتبدو
مسلِّمة امرها وقرارها الى "الجنرال".
وقد يكون ذلك عن اقتناع منها
بقوته الشعبية والسياسية او
بالاحرى بتفوقه عليها مجتمعة في
القوة والنفوذ او عن قرار منها
بتركه يقوم بهذا الدور تحقيقاً
لغايات عدة، وهذا هو المرجح، قد
يكون ابرزها اضعاف مسيحيي 14
آذار والاكثرية النيابية من
خلال اظهار التيار بل تحديداً
زعيمه المدافع الاول عن حقوق
المسيحيين اللبنانيين والعامل
الاول لاستعادة حقوقهم
ومواقعهم وصلاحياتهم
والضامن لوجودهم في هذه البلاد
رغم ان العامل العددي اي
الديموغرافيا لم يعد في مصلحتهم. طبعاً فاجأ الوضع المفصل اعلاه المسيحيين.
ذلك انهم لم يصدقوا انهم عادوا
بيضة القبان في السياسة
اللبنانية رغم ان ذلك قد يكون في
امكانهم لو كانت بلادهم مستقرة
ودولة القانون قائمة ومؤسساتها
فاعلة ولو كان السلاح واستعماله
حكراً عليها والفكر
الديموقراطي مسيطراً على
العقول والرؤوس والانتماء الى
الوطن هو الاساس عند ابنائه
ولو كان قادة المسيحيين على
تنوعهم يعرفون بدقة اوضاع
بلادهم والمنطقة ويتصرفون
انطلاقاً من هذه المعرفة او
بالاحرى يحددون دورهم ودور من
يمثلون انطلاقاً منها. وكالعادة
ساد الاوساط المسيحية الشعبية
طبعاً بكل طبقاتها ومستوياتها
الاختلاف. فبعضها مؤمن بأن
المسيحيين استعادوا قوتهم
وجوداً ودوراً بفعل "المخلِّص"
الذي هو العماد عون. وهو غير
مستعد لمناقشة مواقفه او
التدقيق فيها او الظن ولو لوهلة
انها قد تكون خطأ. وبعضها الآخر
مؤمن بان القليل من القوة الذي
بقي للمسيحيين سيتغير في يوم
قريب نتيجة الاصطفاف المحلي
والاقليمي لـ"الجنرال"
الذي جعله مجرد واجهة للآخرين،
غير المسيحيين بطبيعة الحال.
وهو يجد نفسه مضطراً بحكم الامر
الواقع الحالي الى تكريس
اصطفافه المحلي والاقليمي
المناقض لاصطفاف عون. وبذلك
يصبح هو كما عون الوسيلة التي
تساعد الحلفاء الاقوياء في
صراعهم على حكم لبنان سواء
مباشرة او بالواسطة. في اختصار ليس الهدف من هذا الكلام "زكزكة"
عون او اخصامه ولا ابراز نزعة
طائفية غير موجودة اصلاً عند
كاتب هذه السطور. بل هو توعية
المسيحيين الى وضعهم الصعب
ودعوتهم الى ايجاد حل له
بالتعاون مع شركائهم في الوطن
اي المسلمين. ذلك انهم لا بد ان
يدفعوا الثمن اذا وجد مسلمو 14
آذار انفسهم خاسرين واذا
حمَّلوا المسيحيين مسؤولية
خسارتهم. كما انهم سيدفعون
الثمن نفسه اذا وجد مسلمو 8 آذار
انفسهم خاسرين ذلك. انهم
سيحمِّلون مسيحيي 14 آذار
مسؤولية ذلك،
فضلا عن ان انتصار اي من
فريقي 8 آذار و14 آذار بالاكثرية
الاسلامية سيدفعه الى الكشف عن
وجهه وممارسة السلطة الفعلية
ولن يترك للمسيحيين الا "الصورة".
وهذا امر موجود في دول شقيقة عدة. ما العمل اذاً؟ ليس العمل تخلي العماد عون عن تحالفاته
ولا تخلي مسيحيي 14 آذار عن
تحالفاتهم بل هو تحلي الفريقين
بالحكمة والتعقل والرصانة
والرزانة والتخلي عن الاحلام
المجنونة او الطموحات غير
الواقعية سواء كانت فئوية او
شخصية. وتخليهما عن دور الواجهة
او الغطاء للآخرين. ومعرفة
حجمهما بل حجم المسيحيين كلاً
في البلاد. واخيراً تسهيل تأليف
الحكومة وإن بشروط معقولة وغير
تعجيزية بات يفرضها ميزان القوى
الجديد في لبنان والمستند الى
السلاح والديموغرافيا والى
الحلفاء الاقليميين الذين بدأ
المجتمع الدولي يستعد للتعامل
معهم بعدما عجز عن الحاق
الهزيمة بهم. الى ذلك كله ربما يُفترض في المسيحيين على
تناقضاتهم التي بلغت حداً
مخيفاً ان يتصالحوا انسانياً
ووطنياً مع استمرارهم موزعين
على تياراتهم وتيارات الآخرين
اي المسلمين. اذ ان غياب
المصالحة سيجعل اقتتالهم
حتمياً ولكن بالوكالة عن
الآخرين. ولن يسامحهم ابناؤهم
على ذلك لأنه سيكون القاضي على
دورهم والوجود. وربما يفترض
فيهم ايضاً ان يتصالحوا مع "اخصامهم"
او ربما "اعدائهم" من
المسلمين مع استمرار كل منهم
على مواقفه، لان الحياة
السياسية بل الحياة الوطنية هي
تنافس لخير البلاد وشعبها او
الشعوب وإن اتسم بالحدة احيانا.
ولأن الخلافات مهما اشتدت لا
تحل الا بالحوار. اما القتال
فيحلها موقتاً لكنه يزرع مكانها
الغاماً لا احد يعرف موعد
انفجارها. وربما يجدر
بالمسيحيين ان يتمثلوا بالزعيم
الدرزي الابرز وليد جنبلاط الذي
"كوّع" 180 درجة عندما وجد ان
طائفته وزعامته صارتا في خطر
بعد ايار 2008 وتأكد ان "المجتمع
الدولي" لن يفعل له او
لحلفائه شيئاً عملياً ينقذهم.
علماً ان عارفيه يؤكدون ان ذلك
لم يكن سهلاً عليه شخصياً ولا
سهلاً على انصاره وحتى اخصامه
من الدروز. مع الاشارة الى ضرورة
ان تشمل مصالحات وليد بك
المسيحيين على تناقضهم ولا
تقتصر على المسلمين من اخصامه
وحلفائهم الاقليميين درءاً
لخطرهم عليه وعلى شعبه لانه
بذلك يعطي اشارة غير مستحبة الى
انه لا يصالح الا من ليس له قدرة
على قتاله او فرض السلم عليه. ==================== صفير: لماذا كان النظام
الديموقراطي صالحاً بالأمس ولم
يعد صالحاً اليوم ؟ لبنان يتّجه نحو حكم المذاهب
بدل الدولة المدنية اميل خوري
emile.khoury@annahar.com.lb النهار 27-10-2009 زادت أزمة تشكيل حكومة وحدة وطنية
البطريرك الكاردينال صفير
اقتناعا بأن لبنان سيظل يواجه
مثل هذه الازمة التي لا خروج
منها الا بتدخل خارجي او بحادث
امني يفرض هذا التدخل وهو ما حصل
في 7 ايار فكان مؤتمر الدوحة، ثم
كانت اخيرا القمة السورية –
السعودية للمساعدة على اخراج
لبنان من ازمة تشكيل مثل هذه
الحكومة. وقد تساءل في مجلسه
الخاص: هل بات مطلوبا ألا يتم
انتخاب رئيس للجمهورية ما لم
يكن مقبولا من كل الاطراف وكذلك
رئيس لمجلس النواب وتشكيل حكومة
تسمى حكومة وحدة وطنية، الا
بتدخل خارجي سافر، وكأن
اللبنانيين قاصرون عن ان يحكموا
أنفسهم بأنفسهم وهم في حاجة الى
وصاية دائمة؟ ويعود سيد بكركي الى الماضي ليقول لماذا
كان النظام الديموقراطي صالحا
للبنان وبات الآن غير صالح له؟
لماذا لم تكن الاقلية تتهم
الاكثرية التي تحكم بانها
تستأثر بالحكم وبالقرارات كما
تتهمها اليوم؟ ولماذا كان من
حقها ان تحكم والاقلية تعارض
وبات هذا حاليا امرا مستغربا،
ففي عهد الشيخ بشارة الخوري
حكمت الاكثرية التي انبثقت من
الانتخابات النيابية وعارضت
الاقلية، وعندما عادت هذه
الاكثرية اكثرية بالتزوير
انقلب الشعب عليها بثورة بيضاء
وأطاحها. وفي عهد الرئيس شمعون
حكمت الاكثرية وعارضت الاقلية،
وكذلك الامر في عهد الرئيس فؤاد
شهاب وفي عهد الرئيس شارل حلو.
وكان التنافس على رئاسة
الجمهورية تنافسا ديموقراطيا
حرا ولا تأثير للخارج فيه، وكان
خفياً، الا من خلال بعض الاحزاب
والكتل، وقد انعدم هذا التأثير
عندما انتخب سليمان فرنجيه
رئيسا للجمهورية بصوت واحد. فلو ان انتخابه تم اليوم هل كانت الجهة
الخاسرة اعترفت بانتخابه بصوت
واحد ولم تنزل الى الشارع لتدخل
البلاد في ازمة سياسية مفتوحة
على كل الاحتمالات؟ لقد استمر العمل بالنظام الديموقراطي
الذي تحكم بموجبه الاكثرية
والاقلية تعارض الى ان تصبح هذه
الاقلية اكثرية فينتقل اليها
الحكم بصورة دستورية وطبيعية
حتى في ظل الوصاية السورية، وان
كان هذا النظام قد تعرض للمسخ
والتشويه، اذ جرت انتخابات 1992
رغم مقاطعة 85 في المئة لها من
الناخبين، ومع ذلك اعتبر مجلس
النواب الذي انبثق منها شرعيا
وممثلا لإرادة الشعب... وكان
تشكيل الحكومات يتم بتمثيل كل
المذاهب وفقا للدستور ولكن
بوزراء لا يمثل بعضهم تمثيلا
صحيحا مذاهبهم ومجتمعهم. ولم
يكن من حق اي حزب او كتلة تسمية
من تريد وزيرا ولا اختيار
الحقيبة، حتى اذا فعلت، فانه
كان لرئيس الجمهورية ولرئيس
الحكومة المكلف بالتفاهم مع
سوريا ان يشكلانها، وكانت الثقة
بها مضمونة بفعل السطوة السورية
على البلاد حتى ان حجبها عنها
كان ممنوعا الا بارادة سورية... ولم يكن تشكيل الحكومات في الماضي حتى وان
كانت اتحادية ووفاقية يتم كما
هو اليوم، اذ كان للاقلية
المعارضة سياسة تختلف في بعض
المجالات عن سياسة الاكثرية،
فإما يصير اتفاق على قواسم
مشتركة بينهما تحقيقا للانسجام
والتجانس داخل الحكومة، فيتم
عندئذ تشكيلها وتكون وفاقية او
ائتلافية، او يتعذر الاتفاق
فتكون حكومة من الاكثرية فقط.
واذا كان من حق اي وزير ان يعترض
على مشروع مطروح على مجلس
الوزراء ويدلي بملاحظاته عليه،
فانه لم يكن من حقه ان يبقى
معترضا عليه ومعارضا اياه بعدما
توافق عليه اكثرية الوزراء، بل
كان من حقه ان يستقيل انسجاما مع
نفسه. وكانت اللوائح الانتخابية تتألف من كل
المذاهب والمناطق وعلى اساس خط
سياسي لها وكان الناخب يقترع
لهذه اللائحة او تلك بدافع
سياسي وغير مذهبي خلافا لما هو
حاصل اليوم. ويتساءل البطريرك صفير ايضا كيف كان
النظام الديموقراطي الذي تحكم
بموجبه الاكثرية والاقلية
تعارض، يحقق الاستقرار السياسي
في البلاد وبات الآن نظاما لا
يحقق ذلك وينبغي البحث عن نظام
آخر، هيهات ان يتوصل اللبنانيون
مع اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم
ومذاهبهم الى اتفاق عليه؟ الواقع ان ما عطل الاستمرار في تطبيق
النظام الديموقراطي في رأي
المراقبين هو اتجاه البلاد نحو
الطائفية والمذهبية، عوض
الاتجاه نحو العلمنة والدولة
المدنية، وان وجود سلاح خارج
الشرعية حال ويحول دون قيام
الدولة القوية القادرة على بسط
سلطتها وسيادتها على كل
اراضيها، وعندما ينص الدستور
على ان الحكومة الشرعية
والميثاقية ينبغي ان تكون ممثلة
لكل الطوائف والمذاهب
وبالتساوي بين المسيحيين
والمسلمين ونسبيا بين طوائف كل
من الفئتين ونسبيا بين المناطق،
والا اعتبرت حكومة غير ميثاقية
وغير شرعية وتناقض سلطتها ميثاق
العيش المشترك، فانه يصبح في
استطاعة اي مذهب او طائفة فقدت
التعددية والتنوع داخلها ان
ترفض المشاركة في الحكومة اذا
لم يؤخذ بمطالبها وشروطها، وهو
وضع لم تشهده البلاد في الماضي
كما تشهده اليوم مع قيام "التحالف
الشيعي" الذي باحتكاره تمثيل
الطائفة يستطيع أن يعطل
انتخابات رئاسة الجمهورية
ورئاسة المجلس وتشكيل الحكومات
اذا قرر الامتناع عن المشاركة
فيها. ان ما هو اخطر على استقرار البلاد سياسيا
وامنيا واقتصاديا ان تحذو مذاهب
وطوائف اخرى حذو هذا التحالف،
فلا يعود في الامكان اقامة سلطة
ولا دولة اذا كان لكل مذهب او
طائفة مطالب وشروط متعارضة يحول
عدم التوافق عليها دون انتخاب
رئيس للجمهورية ورئيس للمجلس
وتشكيل حكومة لئلا يكون ذلك غير
ميثاقي وغير شرعي. والسؤال المطروح للخروج من هذا الوضع
الشاذ هو: اي نظام سيختاره
اللبنانيون لانفسهم ويتوصلون
الى اتفاق عليه ويكون افضل
واصلح من النظام الديموقراطي
الذي تعتمده دول كثيرة لانه
الافضل والاصلح بعد تجربة انظمة
اخرى. وهل مطلوب ان يظل لبنان
يعاني من الازمات التي لا خروج
منها الا بتدخل خارجي او بحادث
امني تفرض فيه الطائفة الاقوى
رأيها على الطائفة الاضعف؟ ========================= بعد رخصة المحافظة
المشروطة على نقل سوق المواشي
بالنشابية... سحب الترخيص من
المستثمرين وهدم البناء وهدر
عشرات الملايين...جهل البلدية
والمستثمرين واجتهاد المحافظة
أضاع الحقوق .. فهل من تعويض؟!...المحافظة:وافقنا
على نقل السوق ولم نوافق على
البناء..!!...المستثمرون: نفذنا
التعليمات.. فخسرنا رأس المال...البلدية:أوقفنا
العمل.. ولم نلحظ مخالفات..
والترخيص نظامي عدنان سعد الثورة - الثلاثاء 27-10-2009م محافظة ريف دمشق توافق على مشروع نقل سوق
المواشي بالنشابية إلى خارج
التنظيم العمراني وتضع شروطها..
والبلدية تمنح رخصة بناء للسوق
الجديد.. والمستثمرون أنجزوا
مراحل متقدمة من العمل.. لتتراجع
المحافظة وتسحب الترخيص وتهدم
ما تم اشادته من السوق.. تحت ستار
أنه مخالفة عمرانية يجب ازالتها
بموجب المرسوم /59/ وتعليماته. بعد أن تبين وجود سوء فهم في المراسلات
الادارية بين المحافظة
والبلدية. كانت محصلتها خسارة
عشرات الملايين من حساب
المستثمرين وصفعة للاستثمار في
ريف دمشق.. الحدث حضرت محافظة ريف دمشق قوية بعناصرها
وآلياتها لهدم الأعمال
الانشائية المنفذة بمشروع سوق
المواشي الجديد بالنشابية بعد
ظهر الاثنين 19/10 الجاري أمام
استغراب المستثمرين والأهالي
والجهات المعنية بالمنطقة.. القصة من البداية يقول المستثمر /ع.ح/ إنني أملك وشركائي /ت.ح/و/م.ز/
العقار /76/حزرما.. والبالغة
مساحته /40/ دونماً وفي نهاية
تموز الماضي حضر مندوب بلدية
النشابية وأعلمنا أن عقارنا
تنطبق عليه الشروط الناظمة لنقل
سوق المواشي من داخل التجمع
العمراني بالنشابية إلى خارج
التنظيم ولوقوعه خارج حدود
الغوطة.. وطلب منا مراجعة
البلدية بهذا الخصوص. وفي البلدية طلبوا منا التقدم بطلب رسمي
نعرض فيه نقل السوق إلى عقارنا
مع استعدادنا لتحمل مسؤولية ما
ينجم عن ادارة السوق والعمل وفق
متطلبات مجلس البلدة
واستعدادنا لتسديد الرسوم
القانونية كما ورد في الكتاب
/1198/ تاريخ 4/8/2009.. البلدية توافق مبدئياً ونظراً لشكاوى الأهالي من وجود السوق ضمن
المخطط التنظيمي وما يسببه من
ضغط وازدحام واختناق مروري ومع
استعداد المستثمرين الجدد لنقل
السوق إلى عقارهم وبناء سوق
مثالي. أعلمت البلدية المحافظة
بمضمون الكتاب المذكور بنفس
تاريخ تقديمه واقترحت الموافقة
المبدئية ليتم بعدها وضع الشروط
المناسبة لكلا الطرفين كما جاء
في كتابها/8198/. المحافظة توافق بشروط وفي نهاية آب الماضي وافقت المحافظة
بكتابها /12393/ على كتاب البلدية
المتضمن نقل السوق إلى الموقع
المذكور شريطة التقيد بستة شروط..
تمثلت أن يبعد السوق عن المخطط
التنظيمي على الأقل مسافة /500/
متر وأن يتم بناء المعازب
بمساحة لا تتجاوز /20٪/ من
مساحة السوق لتخديم المواشي وأن
توجد فيه وحدة بيطرية للاشراف
على المواشي الداخلة والخارجة
حرصاً على عدم انتشار الأمراض
المعدية وأن يكون بعيداً عن
الأشجار والغطاء النباتي مسافة
لا تقل عن /100/ متر وأن تكون الأرض
خالية من الزراعة، وأن يلتزم
المستثمرون بترحيل مخلفات
السوق والتقيد بأحكام قانون
النظافة باشراف البلدية
والوحدة البيطرية ودائرة
الزراعة مع تأمين مصدر مائي إما
عن طريق الصهاريج أو حفر بئر
خاصة بالسوق وبعيدة عن حرم مياه
الشرب وضمن المسموح به. التزام الشروط.. وتسديد الرسوم وأشار المستثمرون أنه وبعد موافقة
المحافظة المشروطة تم الاتفاق
على صيغة عقدية مع البلدية
بالاستناد إلى قرار المكتب
التنفيذي رقم /55/ تاريخ 14/9
بالجلسة /16/ تتمثل باستيفاء رسم
مالي سنوي مقداره نصف مليون
ليرة للبلدية والتقيد بكامل
شروط المحافظة.. إعداد رخصة للبناء وتم اعداد دراسة هندسية متكاملة للمشروع
بدءاً من دراسة التربة واعداد
مخططات كروكي مساحية مصدقة من
نقابة المهندسين وتسديد رسوم
النقابة والتراخيص للبلدية
والتأمينات الاجتماعية بما
مجموعه مليوناً و/300/ ألف ليرة. وبتاريخ 1/10 الجاري صدرت الرخصة تحت رقم
/1/3/و متضمنة تشييد بناء مؤلف من
حظائر وغرف خدمات من البيتون
المسلح وعلى مسؤولية المهندس
الدارس ودققت وشوهدت من عناصر
ورئيس المكتب الفني وصدقت من
رئيس البلدية. المباشرة بالبناء وأمام ضغط الحاجة لنقل السوق إلى الموقع
المقترح طلب بعض المعنيين
بالمحافظة السماح للمستثمرين
بالأعمال الانشائية بالتزامن
مع انجاز الرخصة كما أفاد رئيس
البلدية السابق والذي تم اعفاؤه
من مهامه يوم صدور الرخصة.. وأشار المستثمر/ع.ج/ إلى تنفيذ أعمال ردم
بالحجارة لمساحة /15/ دونماً كما
تم ردم /5/ دونمات بالبحص والرمل
ثم تزفيتها، وتم تشييد بناء
مؤلف من مساحة تزيد على /500/ متر
مربع تمثل غرف المعازب والحظائر
والخدمات وأماكن الاستراحة
وخدمات عامة للسوق مع تصوينة
للعقار /238/ متراً مربعاً وطول/952/
متراً طولياً.. وبتكلفة اجمالية
تجاوزت /30/ مليون ليرة، وأن مجمل
هذه الأعمال لا يمثل سوى نسبة /3٪/
من اجمالي المساحة فيما سمحت
المحافظة بالبناء لمساحة /20٪/
من اجمالي مساحة السوق.. وأشار المستثمرون أنه بعد مضي أيام على
منح الرخصة حضر إلى موقع
المشروع عضو المكتب التنفيذي
المختص وطالب بإيقاف العمل
مبدئياً وترجمته البلدية
بكتابها /133/ تاريخ 4/10/ الجاري. ولأخذ العلم فإن كتاب البلدية ذاتها إلى
المحافظة في اليوم التالي /5/10/
الجاري برقم /234/ أكد على تنفيذ
المستثمرين لشروط الترخيص التي
وضعتها المحافظة مع التأكيد على
ايقاف العمل. لماذا؟ قالت
البلدية هكذا أوامر المحافظة؟!
تناقض المحافظة ومع ايقاف العمل ببناء السوق أبلغت
المحافظة البلدية بالفاكس رقم
/2571/ تاريخ /12/10/ الجاري ما مضمونه
حرفياً: «بالاشارة إلى ما أثير
في اجتماع مجلس المحافظة بدورته
العادية الخامسة بخصوص: لماذا
أسواق المواشي ما زالت قائمة
ضمن المخططات التنظيمية مع
الاطلاع وبيان الرأي وإعلام
المحافظة خلال اسبوع من تاريخه»
انتهى. لكن ما يدعو للاستغراب أنه بنفس اليوم ورد
من المحافظة ذاتها الكتاب رقم
/14372/ يطالب بسحب الترخيص
الممنوح للمستثمرين لمخالفته
الأنظمة والقوانين وهدم البناء
المخالف وتطبيق أحكام المرسوم
/59/ وتعليماته واعلام المحافظة
بالإجراءات المتخذة فوراً. وبعد ظهر الاثنين 19/10 الجاري نفذت
المحافظة وعيدها بالضربة
القاضية ومن خلال ورشة الهدم
المركزية وباشراف عضو المكتب
التنفيذي المختص. البلدية: لا توجد مخالفة واللافت في القضية أن كلام المستثمرين
جاء متوافقاً مع كلام البلدية
ومكتبها الفني حيث تم التأكيد
أن المستثمرين نفذوا شروط
المحافظة بالكامل ولا توجد
مخالفة أصلاً.. حتى إن عضو
المكتب التنفيذي المعني طالب
بمنح الترخيص وارسال الاضبارة
للمحافظة لاستكمال دراستها؟! وأجمع أعضاء المكتب الفني على عدم وجود
مخالفة منظورة بحق المستثمرين
مع ابداء الاستغراب حول اجراء
المحافظة؟! استياء واستهجان في مقر الوحدة الادارية للبلدة أجمعت
العينات التي استطلعنا آراءها
والتي تمثل النشابية والبلدات
التابعة على الاستياء العام من
الاجراء القاسي الذي اعتمدته
المحافظة بحق المستثمرين.. وأجمعت احدى العينات على أن نقل السوق إلى
المشروع الجديد لا يمثل حلاً
ادارياً للبلدية والمحافظة
وحسب وانما حل شعبي.. أبواب المحافظة موصدة لبيان رأي المحافظة حيال إجراءاتها أوصدت
أمامنا الأبواب وفشلت
محاولاتنا عن طريق الموبايل أو
الهاتف الثابت في الحصول على
لقاء مع السيد المحافظ ولم تفلح
محاولات مدير مكتبه على مدى
ثلاثة أيام.. وبعد تردد أجابنا عضو المكتب التنفيذي
المختص محمد ديب حيدر باقتضاب
شديد: إن اجراءنا معكم كصحافة
يتمثل بالرد على ما تنشرونه دون
تقديم اجابات على استفساراتنا
مكتفياً بالقول: القصة وما فيها
مخالفة وأزيلت بناء على أحكام
المرسوم /59/ وتعليماته، كما أن
موافقة المحافظة جاءت على نقل
السوق وليس بناء السوق وتمت
المباشرة بالبناء دون علمنا..
ونحن نفذنا القانون.. من وراء الكواليس وخلال لقاءاتنا مع بعض المرجعيات
بالمحافظة تبين أن هناك العديد
من الموافقات الشفهية للمباشرة
ببناء السوق قبل انجاز الترخيص..
وبالتأكيد فإن من أصدر هذه
الموافقات سيتنصل منها الآن
كونها شفهية وغير موثقة.. وأشار البعض إلى أن اجراء المحافظة كان
غير مبرر وليس من الضرورة إصلاح
الخطأ بالخطأ؟!.. جهل المستثمرين حول واقع الحال بيّن المحامي محمد حبيب
أنه لايوجد أدنى شك بأن الرخصة
الممنوحة للمستثمرين نظامية
وصدرت بشكل أصولي ووفق الأنظمة
المرعية وبموافقة الجهة
الادارية صاحبة الصلاحية
بالمنح.. كما تم البناء وفق ما
حددته الرخصة. ولا توجد أي مخالفة تستوجب قرار سحب
الترخيص واعتبار البناء
مخالفاً يجب هدمه بتأكيد
الوثائق الصادرة عن المحافظة
كوحدة ادارية. إلا أن جهل المستثمرين بالقانون أوصل
الأمور إلى هذا الحد وكان يتوجب
على صاحب الترخيص بعد صدور
إنذار المحافظة اللجوء إلى مجلس
الدولة صاحبة الصلاحية بإلغاء
القرارات الادارية. كما أن مجلس الدولة هو الملاذ الآمن لرفع
المظلومية من جور الادارة
وعموماً يمكن لصاحب الترخيص
الذي سحب ترخيصه بقرار من الجهة
الادارية أن يراجع القضاء
المختص لتحديد الأضرار المادية
والمعنوية التي لحقت به وفق ما
جاء بقانون الادارة المحلية
لعام 1971 والذي أعطى الحق لصاحب
الترخيص المسحوب أو الملغى
بالمطالبة بالتعويض عن كل ما
لحق به من أضرار سواء كانت
حقيقية كما في الحالة المذكورة
أم احتمالية.. تبريرات غير مقنعة بداية هناك قرار وزاري يمنع منح التراخيص
خارج المخططات التنظيمية في
دمشق وريفها ريثما تنتهي اللجنة
الاقليمية من وضع تصوراتها
لإقليم دمشق الكبرى.. ويبدو أن هناك جهلاً آخر غير الذي ذكره
المعنيون بالمحافظة حيال
المستثمرين والبلدية وإلا فكيف
توافق المحافظة على نقل السوق
أساساً إلى خارج المخطط
التنظيمي. وإذا قال المعنيون بالمحافظة إنهم منحوا
موافقة مشروطة للبلدية بنقل
السوق إلى خارج المخطط التنظيمي
ولم يوافقوا على بناء السوق...
فلماذا وضعوا شروطهم الستة على
كتاب البلدية المتضمن الموافقة
المبدئية على نقل السوق؟.. فيما
تقول البلدية إنها منحت الرخصة
بناء على موافقة المحافظة..
وبناء على اتصالات وأوامر شفهية
تلقتها من بعض المعنيين فيها
وزيادة على ذلك تطالب بالسماح
للمستثمرين بأعمال البناء
بالتوازي مع إجراءات الترخيص..
وإذا كانت البلدية قد أكدت للمحافظة عدم
وجود مخالفات بالمشروع وأنه تم
تحقيق كامل الشروط الموضوعة..
ورغم ذلك وجهت البلدية الانذار
استجابة لطلب المحافظة.. فهل
الخلل من المستثمرين؟ أم يجب
البحث عن مواطنه في جهات أخرى؟!
المصداقية.. ثم المصداقية لا ننكر تأكيدات المعنيين أن المستثمرين
شبه أميين ويجهلون القانون.. لكن
حسب المحافظة فإن البلدية جاهلة
أيضاً ويجب أن تحاسب؟! ونقول ما بين جهل المستثمرين والبلدية..
وعبقرية المحافظة تم هدر أكثر
من /30/ مليون ليرة ذهبت هباء حسب
المستثمرين.. اضافة إلى أعباء
اضافية كحفر القواعد وتكسير
الأعمدة وترحيل المخلفات.. فمن
سيسدد الفاتورة هنا.. وهل
مصداقية المحافظة كجهة ادارية
راعية أن تقع في مطبات ذات تأثير
سلبي على مصداقيتها وخصوصاً في
الجانب الاستثماري بمشروع خدمي
ذي نفع عام...؟ ما نأمله أن تحمل لنا الأيام القادمة
مزيداً من التفسيرات لما حدث...
========================= حازم صاغيّة الحياة - الثلاثاء, 27 أكتوبر 2009 ذات مرّة، قبل حرب 1975 في لبنان، تحدّث
شارل مالك في مؤتمر للمهاجرين
فعرّف لبنان بمآكله. عدّد عشرات
الأطباق التي قال إنّها، في
مجموعها، تمثّل لبنان وسكّانه. وكلام مالك قابل للنقد والهجاء قبوله
للتثمين. فهو، على عادته، بالغ
وغالى في أمثَلَة لبنان وفي
إضفاء طابع شبه سحريّ، شبه
أسطوريّ، شبه «ضيعجيّ»، على كلّ
ما يصدر عنه. إلاّ أنّه كان
يعلن، في هذا، أنّ لبنان ليس
بلداً للصناعات الثقيلة
والمعارك المصيريّة والجيوش
الجرّارة التي يصعد من وسطها
ضابط طموح يمسك بالمجتمع من
عنقه ويحبس أنفاسه عليه. وما
الجوار المباشر للبنان غير دليل
ساطع على مآل كهذا، حيث يخرج
الاستبداد العسكريّ من فوهة
القضايا النضاليّة الكبرى. في أيّة حال، يبقى تعريف بلد بأطعمته
مسألة شيّقة ومدعاة لتفكير
يمجّه ويتعالى عليه ذوو الهوى
التوتاليتاريّ ممن لا يصغّرون
عقولهم على ما هو أصغر من ملاحم
القدر. فالمآكل غالباً ما
تصدّرت ثقافات البشر، بالمعنى
العريض للكلمة. وهي لعبت دوراً
بارزاً، إن لم يكن في ظهور
كوزموبوليتيّة المدن، ففي
تعابيرها. هكذا غدا من الممكن
للجماعات أن تتلاقى قفزاً فوق
أصولها في الأديان والأعراق
والقوميّات المتنازعة. ثمّ، ومع
توسّع العولمة، أمست المآكل
والموسيقى الحيّزين الأهمّ
اللذين نشأت فيهما
كوزموبوليتيّة الفقراء، بعدما
اقتصرت تلك الظاهرة على
الأغنياء والأريستوقراطيّين
وحدهم. فاليوم، يستطيع الكادح
والمهاجر الفقير في نيويورك أو
لندن أو سواهما من المدن
الغربيّة الكبرى، أن يتناول
وجبة رخيصة الثمن من المآكل
الصينيّة أو المكسيكيّة أو
غيرها. في موازاة ذلك، نحت الأطباق نفسها، كما
الألحان، إلى التداخل في ما
بينها، فظهرت تباعاً مآكل تركّب
موادّ المطبخ المغربيّ إلى
وصفات المطبخ الإيطاليّ، أو
تُدخل المصادر الصينيّة في
الطبق المكسيكيّ، وهكذا دواليك
من أعمال التهجين (والتهجين عكس
الأصالة) مما ينمّ عنه تعبير «فيوجن». ويبدو، والحال هذه، أن المآكل أسرع من
السياسة في طلب التعايش
والتوافق والسلام. بيد أنّ هذا
الانطباع يخونه ما جرى في لبنان
الذي دخل في «غينيس» من أبواب
الكبّة والتبّولة والحمّص.
والانتصارات هذه ليست، بالطبع،
سبباً لإطلاق المبالغات
المالكيّة، بيد أنّها تبقى أفضل
من انتصارات تتحقّق بالدم
والقتل والقتلى (وهي، في
النهاية، لن تتحقّق لبلد صغير
كلبنان). غير أنّ الطريقة التي
استُقبل بها انتصار الحمّص توحي
أنّ جزءاً من اللبنانيّين بات
مهجوساً بالمقاومة، ولو
بالحمّص، أو أنّهم، وبقدر من
التلاعب على معادلات
كلاوزفيتز، جعلوا ذاك الصنف من
الحبوب وجهاً آخر للسياسة أو
للحرب. كان هذا واضحاً في
تصريحات وأقوال أكّد أصحابها
على الحقّ في المقاومة بالحمّص،
أو على ردّ الصاع صاعين
لإسرائيل بالحمّص إيّاه. وهذا ما كان في وسعه أن يسلّي ويموّه لولا
دلالته على خواء العقل العامّ،
ولولا أنّ احتمال عدوان
إسرائيليّ، يُشنّ بغير الحمّص
طبعاً، قائم ومُلحّ. لكنْ لا بأس، فالمقاومة بهذا الطبق تبقى
أقلّ أكلافاً بلا قياس،
ويُستحسَن، إذا كان لا بدّ من
مقاومة، أن نقاوم بالحمّص. ========================= الإستراتيجية في
العلاقات التركية - السورية غازي دحمان * الحياة - السبت, 24 أكتوبر 2009 لا تزال استدارة تركيا الشرق أوسطية،
تثير المزيد من الجدل داخل
الأوساط السياسية والفكرية في
المنطقة العربية خصوصاً، وما
يزيد من حدة تلك الإثارة،
التطور الملحوظ الذي تشهده
علاقاتها مع سورية، والتي شهدت
في الآونة الأخيرة تطوراً على
المستوى العسكري بين البلدين،
وهو المجال الذي ظل لمدة طويلة،
يبدو وكأنه محرم على العلاقات
العربية ـ التركية، الاقتراب
منه، بالنظر للارتباط الوثيق
بين الجيشين التركي
والإسرائيلي. صحيح أن العلاقات العسكرية، التركية ـ
السورية، والتعاون بينهما في
هذا المجال، لم يتعد بعض الأمور
التقنية البسيطة؛ من نوع التدرب
على مكافحة التهريب ومطاردة
الإرهابيين وسواها من القضايا
ذات البعد المحلي، الذي لا
يتجاوز الأوضاع داخل الجغرافية
الطبيعية لكل من البلدين،
وبالتالي، لم يصل إلى حد
التعاون الاستراتيجي، كذلك
الذي يربط بين الجيشين التركي
والإسرائيلي، ما يعني أن مفاعيل
التعاون التركي ـ السوري، لن
تصل إلى حد التحالف الاستراتيجي
الشامل الذي من شأنه التأثير في
التوازن الحاصل في المنطقة. نقول برغم ذلك، إلا أن هذا التعاون، على
بساطته، يفتح الباب أمام
احتمالات إستراتيجية مهمة،
يأتي على رأسها، تحييد
الجيوبولتيك التركي في الصراع
العربي ـ الإسرائيلي، وتخفيف
حدة التوتر الاستراتيجي،
والاختلال الكبير في موازين
القوى الذي شهدته المنطقة منذ
سنوات. ولكن، قد يبدو هذا التحليل نظرياً أكثر
منه عملياً، إذ أنه من الناحية
العملياتية، لم يشـــكل العالم
العربي، في كل المراحل السابقة،
أي تهديد استراتيجي
بالنســــبة لــــتركيا،
وانطلاقاً من هذه الحقيقة لم
يستهدف التحالف التركي -
الإسرائيلي الأمن العربي، على
الأقل في المدرك التركي، وإن
كانت الحكومات الإسرائيلية قد
استفادت من هذا التحالف من بعض
المزايا التي اتاحها، مثل
التدريب الذي تجريه طائراتها في
الأجواء التركية، أو المناورات
البحرية المشتركة في سواحل
المتوسط بين الجيــــشين، إلا
أنه في الجانب التركي، أريد
لهذا التحالف أن يحقق غايات
معيـــنة تفيد تركيا سواءً في
تقوية موقفها أمام الجار الروسي
الذي تشــــكل قوته ضغطاً
استراتيجياً كبيراً على تركيا،
أو أمام الجيران الآخرين الذي
لهم عداوات شرسة مع تركيا،
اليونان وأرمينيا، وكذلـــك في
محاولة لتدعيم التعاون
الاستراتيجي العســـكري مع
الولايات المتحدة الأميركية
التي تشكل مصدر التسلح للجيشين
التركي والإسرائيلي. ما يدلل على حقيقة عدم نية تركيا استهداف
الأمن العربي، المثال الشهير،
في رفض أنقرة بأن يتم احتلال
العراق من أراضيها، وبالرغم مما
شكله هذا الحدث من تأثير على
العلاقات مع واشنطن، دفع ببعض
الساسة الأتراك إلى حد وصفه
بالمغامرة الإستراتيجية
القاتلة. ولكن، هل تضمن تلك التوصيفات، الحصول على
إجابة مقنعة عن التحول الحاصل
في التوجهات التركية الجديدة؟.
أزعم أن هذا التحول لا يمكن فهمه
إلا برده إلى سياقاته الطبيعية،
والمسارات التاريخية التي
اتبعها، إذ أن من شأن العودة إلى
المخاضات السياسية التي عاشتها
تركيا لعقود طويلة، إظهار أن
هذا التحول هو عبارة عن صيرورة
تاريخية طويلة وهادئة، بدأت في
محاولات تركيا إعادة صوغ هويتها
بما يتناسب مع واقعها، وبالتالي
فإن إعادة موضعة الدور التركي،
أي تشريق تركيا، هي العملية
التي فرزت كل المتغيرات
والتوجهات السياسية
والاجتماعية التي شهدها الواقع
التركي، وليس المتغيرات مثل
وصول الإسلاميين للسلطة، على ما
يحاول التفسير الإعلامي
تعميمه، هو الذي أدى إلى حصول
تلك العملية المشار إليها. وفي ظل تلك العملية، أو انطلاقاً من
مجرياتها، ونزولاً عند
استحقاقاتها، يأتي التطور
الحاصل في العلاقات التركية ـ
العربية، نظراً لوجود مشتركات
عدة بين الجانبين، فضلاً عن
وجود مصالح حقيقية، أمنية
واقتصادية من شأن بلورتها تعميم
الفائدة على الطرفين، وكل ذلك
في إطار معادلة إستراتيجية
محددة، تقوم على ثلاثة أعمدة
واضحة: ـ عدم التدخل في الشؤون العربية. ـ عدم التورط في الصراعات الحاصلة بين
الأطراف العربية والأطراف
الإقليمية الأخرى. ـ عدم توقع قيام تركيا بأدوار يفترض أن
يقوم بها العرب أنفسهم والقبول
بهذه الحقيقة. على هذا الأساس يمكن فهم التفاصيل
والإجراءات العديدة التي
تشهدها العلاقات التركية ـ
السورية، أو العلاقات بين تركيا
وأي دولة عربية في المستقبل،
مجاورة أم بعيدة، هي علاقات
تنطلق أساساً من الإطار
الاستراتيجي الذي حددته تركيا،
وتصب في خدمة المصالح والأهداف
المتوخاة من هذه العلاقات. • كاتب
سوري. ========================= عز الدين الدرويش صحيفة تشرين - الثلاثاء 27 تشرين
الأول 2009 ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي من
ممارسات عدوانية إرهابية
استفزازية في القدس المحتلة
وخاصة في المسجد الأقصى المبارك
وحوله، وما يرافق ذلك من تدنيس
متعمد للمقدسات الإسلامية
والمسيحية يعبر عن أسلوب تفكير
المسؤولين الإسرائيليين،
وتوجهاتهم السياسية، ويشكل
أيضاً دليلاً إضافياً على أن
إسرائيل لا تفكر بالسلام إلا من
زاوية العمل على تعطيله. المسؤولون الإسرائيليون، وقياساً لما
يجري على الأرض، غير مرتاحين
لهذا التحرك الدولي باتجاه
إقامة السلام في المنطقة، لذلك
فهم لا يكتفون بوضع العراقيل
أمام هذا التحرك لوقفه وإبطال
مفعوله، بل يعمدون كذلك للتصعيد
على الأرض عبر الاستيلاء بالقوة
على الأراضي، وإقامة
المستوطنات، وتسريع عمليات
التهويد، وممارسة الإرهاب بكل
اشكاله، وتشديد الحصار على
الفلسطينيين، خاصة مواطني قطاع
غزة المليون ونصف المليون،
الذين يمنع عنهم الاحتلال
الغذاء والدواء والكساء، وكل
مقومات الحياة. إضافة إلى ذلك فإن هؤلاء لا يتوقفون عن
التهديد والوعيد لأكثر من دولة
عربية وإسلامية، بعد اتهامها
بدعم المقاومة، وعدم القبول
بالمشروعات الإسرائيلية
الاحتلالية، وكأن دعم المقاومة
الوطنية للاحتلال تهمة،
والوقوف إلى جانب الاحتلال
شهادة حسن سلوك! في كل الأحوال، يبدو واضحاً على الأرض وفي
التحركات السياسية أن إسرائيل
تعمل في كل الاتجاهات لضرب
المناخات الملائمة للسلام التي
يتحدث عنها الغرب بفعل الوعود
الأميركية، وهي مناخات غير
موجودة أصلاً بسبب المواقف
والسياسات الإسرائيلية. وللحقيقة لابد من الإشارة إلى أن إدارة
بوش أشاعت في البداية أجواء
سلمية ارتفعت معها درجة التفاؤل
في المنطقة، ولكن سرعان ما زالت
هذه الأجواء بعد أن اتضح أنها
قائمة على مجرد وعود كلامية
أميركية ليس لها ما يسندها على
الأرض. لذلك وجدت حكومة نتنياهو ـ ليبرمان
العنصرية المتطرفة أن الظروف
مواتية لتنفيذ ما لم يتم تنفيذه
من مخططات احتلالية وتهويدية
واستيطانية بالاستناد إلى
الدعم الأميركي الذي لم يتأثر
إطلاقاً بوعود إدارة بوش
السلمية. وما ينفذه الاحتلال والمستوطنون
المسلحون والمدربون في القدس
المحتلة خاصة من ممارسات
إرهابية يشكل دليلاً واضحاً على
أن إسرائيل، وفيما هي تستفيد
إلى أقصى الحدود من الدعم
الأميركي، لا تقيم أي وزن لوعود
إدارة أوباما السلمية، ولا
تتوانى عن استفزاز الأميركيين
وتحديهم في هذا المجال، والقول
لهم: إن قوتكم العظمى لاتنطبق
على إسرائيل إلا من باب دعمها
بالمال والسلاح والمواقف
السياسية. لذلك يخطئ من يظن أن حكومة نتنياهو ـ
ليبرمان تفكر بالاستفادة من
الأجواء العربية والعالمية
الملائمة للسلام. ========================= هل تصمد بحيرة الجبول؟..القاع
مشبع بالأملاح... والملوثات
تغزوه.. ومحطات المعالجة غائبة..
صيد عشوائي للطيور... وصعق
كهربائي للأسماك والصيد لبعضهم
أكثر من مسموح!! سناء يعقوب صحيفة تشرين - الأربعاء 20 تشرين
الأول 2009 نعود إلى دفاترنا القديمة، لننهل منها
المعرفة وربما الخبرة
والتجربة، لكن هذه المرة عدت
إليها لأتذكر ما كتبته في شباط
عام 2001 لأول مرة عن بحيرة الجبول
تحت عنوان: (بحيرة الجبول تعاني الموت البطيء)
واستغربت قدرة هذه البحيرة على
مقاومة جبروت وتلويث الإنسان
لها، وعلى إهمال الجهات المعنية
لبحيرة من المفترض أن يحافظوا
عليها محمية طبيعية. إن بحيرة الجبول تقع على بعد حوالي 40 كم
إلى الجنوب الشرقي لمدينة حلب
وتضم أكثر من 100كم3 من المياه
المالحة والعذبة والبحيرة
واحدة من أكثر المواقع السورية
أهمية للتنوع الحيوي... كما انه
معترف بها من قبل اتفاقية
رامسار محمية أراض رطبة ذات
أهمية عالمية تؤمها أنواع كثيرة
من الطيور المائية والمهمة
عالمياً وهي معلنة محمية طبيعية
من قبل وزارة الري... ولكن ومع كل
هذه الأهمية العالمية هل شفع
لها ذلك ورحمها من ملوثات
تغزوها من كل حدب وصوب؟ وبدلاً
من أن تتكاتف الجهات لإنقاذ
البحيرة تعاونت لصب ملوثاتها في
جوف البحيرة لإعطائها حقنة
الموت السريع بدلاً من الموت
البطيء. على كل حال قيل لنا: إن هناك متابعة ودعماً
مباشراً حالياً من قبل محافظ
حلب، ومن خلال مشروع الحفاظ على
التنوع الحيوي في البحيرة، لذلك
نأمل فعلاً ان تكلل هذه الجهود
قريباً بالنجاح وألا نعود بعد
سنوات لنرى أن التلوث تضاعف وان
المحمية أعلنت وفاتها، والآن
لنتابع ماذا فعلوا بالبحيرة
وأين وصلوا؟! ملوثات بالجملة السيد سامر النقيب مدير مشروع الحفاظ على
التنوع الحيوي من خلال السياحة
البيئية في بحيرة الجبول تحدث
عن أهمية بحيرة الجبول والهدف
من المشروع والملوثات التي تغزو
البحيرة فقال: ذاع صيت البحيرة
منذ زمن لاشتهارها بالملح
الطبيعي المستخرج من جوفها، حيث
تشكلت البحيرة من عدة ينابيع
كانت على أطرافها ومياه الأمطار
الهاطلة على سطح البحيرة أو
التي تصل من خلال سيول من
الوديان المحيطة بها مثل وادي
الذهب وسرعان ما جفت تلك
الينابيع وجف نهر الذهب
واستصلحت الأراضي المحيطة بها
لتصب مياه الصرف الزراعي
الزائدة عن الحاجة في البحيرة.
وتشير دراسة لمديرية البيئة في حلب إلى أن
مصدر الملح هو مياه جوفية
موجودة تحت قاع البحيرة مباشرة،
ومشبعة بالملح وتؤكد الدراسة
التي وصلت إلى عمق 70 متراً أن
تربة قاع البحيرة المكونة من
الغضار المتفسخ هي بالأساس تربة
مشبعة بالمياه التي تصل درجة
ملوحتها إلى 230 غ/ل وهذه المياه
هي المصدر المتجدد للملح
الجبولي ضمن نظام بيئي ملحي
طبيعي. وازدادت المشروعات الزراعية حول البحيرة
عبر وادي الملح ووادي أبو العز
ومشروع 21 ألف هكتار لتزيد مياه
الصرف الزراعي التي غمرت أرجاء
البحيرة وانحسر الملح في جزئها
الغربي وأنشئت سدة ترابية عام
1996 بطول 10 كم ففصلت الجزء الغربي
عن بقية البحيرة لتتحكم بذلك
بكمية المياه ونسبة ملوحتها عبر
فتحات مرور للمياه فالجزء
المالح جزء منخفض من البحيرة. كما أدى التطور الزراعي والصناعي والنمو
السكاني والعمراني في المنطقة
لتلوث البحيرة وزادت نسبة
الملوثات المعدنية والعضوية
والجرثومية نتيجة لاستخدام
المبيدات الحشرية والأسمدة
الكيميائية ومياه الصرف الصحي
التي تصب في البحيرة إضافة إلى
قيام بعض المعامل والمنشآت
الصناعية بصب نواتجها الملوثة
في مياه البحيرة دون إقامة
محطات معالجة وتنقية. مشروع للحماية مع ازدياد مساحة الأراضي المستصلحة
وزيادة مياه الصرف الزراعي أخذت
تربة قاع البحيرة ومياهها في
القسم الشمالي الشرقي تفقد
ملوحتها لزيادة المياه طيلة
أيام العام، ونبتت نباتات
مرتفعة كالقصب بشكل كثيف وأصبحت
مقصداً للطيور المهاجرة
والمستوطنة، وتتم حالياً دراسة
أنواع وأعداد الطيور وتجريها
الجمعية السورية لحماية الحياة
البرية بالتعاون مع الجمعية
الملكية لحماية الطبيعة في
الأردن في إطار مشروع سياحي
بيئي يعد جزءاً من مشروع إقليمي
للحفاظ على التنوع الحيوي في
منطقة المشرق العربي خاصة بعد
إعلان بحيرة الجبول محمية
طبيعية. من هنا يقول مدير المشروع سامر النقيب: إن
الجهات الممولة والمهتمة تنظر
بشغف الى البحيرة لما لها من
أهمية بيئية كبيرة وبعد سياحي
على الصعيدين المحلي والدولي
فاتجهت بعض المنظمات والجمعيات
غير الحكومية للعمل على خلق
أجواء مميزة في البحيرة، فتم
تشكيل لجنة كبيرة ضمت كل الجهات
المتخصصة بشؤون البحيرة برئاسة
محافظ حلب، وكذلك خصصت الجمعية
الملكية لحماية الطبيعة في
الأردن ومن خلال تنفيذ مشروعها
الإقليمي حول الحفاظ على التنوع
الحيوي من خلال السياحة البيئية
في المشرق العربي مبلغ نصف
مليون دولار من منحة الوكالة
السويسرية للتعاون والبالغة
ثلاثة ملايين دولار لتمويل
المشروع الإقليمي بأكمله من
خلال جمعية أهلية سورية منفذة
هي الجمعية السورية لحماية
الحياة البرية وسيقوم المشروع
بإنشاء نزل سياحي بيئي متكامل
من مرافق وخدمات والاعتماد على
موارد الطبيعة ومحددات بيئية
كنقاط جذب سياحية ومن اهم هذه
النقاط مراقبة الطيور وتجهيزها
بأحدث التلسكوبات والمناظير
لمراقبة الطيور دون الحاجة
للاقتراب منها أو إفزاعها. وتعد إدارة المشروع وفق برنامجها
التنفيذي دراسة مفصلة عن إحصاء
أنواع وأعداد الطيور الموجودة
في البحيرة من خلال تعاونها مع
مجموعة من خبراء الطيور في
الجمعية الملكية لحماية
الطبيعة في الأردن بدأت في شهر
أيار من عام 2008 وستكون هذه
الدراسة في متناول الباحثين
والمهتمين وزوار النزل بعد
افتتاحه... ومن نقاط الجذب التي
سيوفرها المشروع الاستفادة
الكاملة من البيئة المحيطة في
إنشاء النزل من خلال إضفاء
الطابع القببي والطيني على طراز
البناء بمواصفات جيدة وبيئية
تلائم الزوار وتتناسب وأهداف
زيارتهم ويخصص المبنى العثماني
للطعام وأنشطة متنوعة. ومن
أهداف المشروع تنمية المجتمع
المحلي لأبناء المنطقة وتبديل
مهن الصيد العشوائي الممنوع
للطيور والأسماك إلى مهن أخرى
تتناسب وطبيعة العمل في أجواء
سياحية بيئية. ولكن.. ما هو وضع البحيرة الآن؟ يقول مدير المشروع ان الصيد على أشدّه من
قبل صيادين يرتادون البحيرة من
محافظات أخرى وليس فقط من أهالي
المنطقة، خاصة ان بعضهم لا
يطولهم القانون، كما انه تم
تعهيد مناطق من البحيرة لصيادي
الأسماك مع منع الأهالي من
الصيد، أيضاً الأمطار التي تهطل
شتاء تؤدي إلى طوفان بعض الجسور
وعدم إمكانية مرور المشاة
والسيارات عليها، ما يؤدي إلى
سير الأهالي لمسافات مضاعفة
للتنقل بين القرى، وهذا يعوق
حركة رجال الشرطة ان وجدوا
لملاحقة الصيادين. ولا بد من الإشارة إلى البنى التحتية
وتردي الخدمات في المنطقة، فهي
بحاجة الى طرقات وتزفيتها
وكهرباء ومياه شرب وتحسين
المستوى التعليمي والصحي، حيث
ان 28 برميل ماء تباع بـ700 ل.س. أما الملح المستخرج من بحيرة الجبول فهو
غير مجد إضافة لكونه ساماً، فإن
سعر كيس الملح حالياً لا يتجاوز
25 ل.س بينما كان سعره سابقاً بين
70-100 ل.س والسبب استيراد الملح
المصري، وحالياً يتم خلط ملح
الجبول مع الملح المصري لتعديل
سعر الكلفة. وهذا يعني ان المنطقة بحاجة لخلق فرص عمل
للأهالي وإيجاد بدائل عن مصادر
الرزق الحالية عبر منحهم القروض
للتمكن من تربية الأغنام
والأبقار ومن خلال تعيين البعض
في أعمال حراسة البحيرة ومنع
الصيد فيها.كما ان هناك قرى
مازالت غير موجودة على خريطة
مجالس المدن وبالتالي هي غير
مخدمة. واقع لا يسر الخاطر للاطلاع على واقع محمية الجبول، سألنا
الدكتور اكرم درويش - مدير
التنوع الحيوي في وزارة البيئة
عن النظام البيئي السائد في
الجبول والحالة الراهنة للتنوع
الحيوي في السبخة ومحيطها فقال:
سبخة الجبول أرض منخفضة تتجمع فيها مياه
السيول والوديان المطرية في
الشتاء والربيع لكنها تجف
تدريجياً في الصيف والخريف،
فيترسب الملح المنحل من التربة
في قاعها ويجمع تباعاً وتبلغ
طاقة انتاج سبخة الجبول 12 ألف طن
من الملح سنوياً. ومع نهاية السبعينيات من القرن الماضي
أدت مشروعات التنمية البشرية في
المنطقة المحيطة بالسبخة الى
تشكل منطقة استقرار اجتماعي،
فظهرت القرى وازداد عدد السكان
وهناك الآن 28 قرية تحيط
بالمحمية يقطنها اكثر من خمسين
ألف مواطن واتسعت رقعة المناطق
الزراعية المستصلحة وظهرت بعض
المصانع الخاصة وقامت الدولة
بإنشاء معمل للسكر وآخر
للبطاريات إضافة إلى محطة
حرارية، ولتغذية كل هذا التطور
تم استجرار المياه من مصادر
مختلفة. وكانت النتيجة الطبيعية للتطور زيادة
كبيرة في كميات المياه المطروحة
بعد الاستعمال أي مياه الصرف
وهي مياه الصرف الصحي للتجمعات
السكنية ومياه الصرف الزراعي
الفائضة عن حاجة سقاية الأراضي
المزروعة ومياه الصرف الصناعي
الخارجة من المصانع. وبدلاً من التفكير بطريقة صحيحة للتخلص
من مياه الصرف تم صرفها إلى
السبخة، وبالتحديد إلى المنطقة
الجنوبية – الشرقية التي يطلق
عليها اسم الحمرات وحين ازدادت
كميات هذه المياه الملوثة غمرت
السبخة وحولتها إلى بحيرة
وتحولت منطقة الجبول إلى منطقة
رطبة وشكل هذا التحول في الواقع
اتجاهاً معاكساً تماماً للتحول
البيئي العام في منطقة غرب
آسيا، حيث تغلب مظاهر انحسار
المسطحات المائية وجفافها،
وهذا أعطى للجبول أهمية بيئية
عالمية كان من نتائجها انضمام
سورية إلى اتفاقية رامسار
للأراضي الرطبة وإعلان الجبول
منطقة رطبة ذات أهمية عالمية. ويشير الدكتور درويش الى ان هذا التحول
سبب تحولاً كبيراً في النظام
البيئي في الجبول لأسباب عديدة
منها... تأخر موعد الجفاف
الموسمي للبحيرة نتيجة لازدياد
حجم مياهها وبالتالي تراجع نسبة
إنتاج الملح وارتفاع نسبة تلوث
المياه والملح والتربة نتيجة
لتراكم الملوثات الصناعية
والزراعية والعضوية إضافة إلى
زيادة الغطاء النباتي وتنوعه
نتيجة لارتفاع نسبة المياه
العذبة الواردة إلى البحيرة كما
تحولت أعداد كثيرة من الطيور
الموجودة من طيور عابرة الى
طيور مستقرة مثل النحام الذي
وصل تعداد أفراده في المحمية في
ذروة موسم الهجرة الى ما يزيد عن
30 ألف طير. كوارث وتهديدات ولذلك يمكن القول إن ما خسرته سبخة الجبول
من تراجع إنتاج الملح ربحت
المحمية اضعافه من وجود منطقة
بيئية رطبة غنية بالموارد
الطبيعية لكن المشكلة الكبرى
تكمن في قدرة المحمية على العيش
والبقاء في ظل الكوارث التي
تهددها، ومنها ارتفاع نسبة
التلوث الى حدود غير مقبولة
وهذا يهدد كل أشكال الحياة
الموجودة في المحمية، وقد ورد
في دراسة لأحد خبراء البيئة
المائية السوريين ان بعض
التشوهات بدأت تظهر على بيوض
الطيور وعلى أجنتها. أما الصيد العشوائي وغير الشرعي لطيور
المحمية فإنه يهدد بشكل جدي
بقاء الطيور التي اختارت
المحمية موطناً لها، اضافة
لانقراض بعض انواع النباتات
الملحية ذات القيمة الاقتصادية
العالية مثل نبات الغاسول الذي
يؤكل كالسبانخ، وانحسار رقعة
انتشار بعض الأنواع الشجرية مثل
السدر. وبالنسبة لصيد السمك فإنه يتم أيضاً بطرق
غير شرعية كالصعق الكهربائي أو
المتفجرات ما يهدد الثروة
السمكية الضعيفة أصلاً ويحرم
الطيور من مادتها الغذائية
الأساسية. تنوع حيوي غني وحول التنوع الحيوي في السبخة يقول
الدكتور درويش تمثل سبخة الجبول
نموذجاً للنظام البيئي شبه
الطبيعي للأراضي الرطبة الضحلة
المتوسطة الملوحة لذلك تشكل
السبخة مرتعاً خصباً للحياة
البرية بأشكالها المتنوعة، فمن
الثدييات هناك الأرنب البري
والذئب والضبع والثعلب الاحمر
وهناك الكثير من الطيور المائية
منها طائر النحام (الفلامينغو)
واللقلق الأبيض (أبو سعد)
واللقلق الأسود وأبو مغازل
والبط الأسود والمرمري إضافة
إلى بعض أنواع البرمائيات وكثير
من مفصليات الأرجل والديدان
والحيوانات. كما تنمو أنواع عديدة من النباتات
المائية مثل القصب الذي يغزو
الضفاف والمناطق الضحلة. وتشكل سبخة الجبول محطة للطيور المائية
المهاجرة، أما الوسط المائي فهو
غني بأنواع الأسماك كالبوري
المحبة للملوحة المتوسطة وظهرت
مؤخراً أسماك الكارب وبعض أنواع
من الفصيلة الشبوطية، ويؤكد
الدكتور درويش ان هناك مجموعة
من الأخطار تهدد التنوع الحيوي
اغلبها ناجم عن تعدد الأنشطة
الاقتصادية والزحف والنمو
السكاني ومنها بعض المشروعات
الصناعية والمخلفات الزراعية
وتربية المواشي واعتمادها على
المراعي المحيطة بالمنطقة
ومخلفات الصرف الصحي واستثمار
الملح واستخراجه. وممارسة الصيد البري غير المنضبط وهذا
أدى الى غياب العديد من انواع
الطيور المهاجرة والصيد السمكي
الذي يهدد حجم المخزون الحيوي
في السبخة... وبعد... إذاً كما قالوا هدف مشروع الحفاظ على
التنوع الحيوي في البحيرة هو
تطوير مرفق سياحي بيئي يركز على
المجتمع المحلي وكوسيلة لتوليد
الدخل وسبل معيشة بديلة للسكان
المحليين من أجل دعم الحفاظ على
التنوع الحيوي وخاصة الطيور
كنقاط جذب للسياح البيئيين
وتبقى التحديات للسياحة
البيئية هي حساسية بعض المواقع
وخاصة المواقع المفضلة لأعشاش
الطيور والصيد غير القانوني
والنفايات والملوثات. على كل حال واقع البحيرة وبعد رحلة طويلة
مع الملوثات لم يعد يحتمل
المماطلة والتسويف، فمحمية
الجبول بحاجة الى من يحميها
بالفعل وليس بالقول، فهل تعلن
الجهات المعنية قريباً انتهاء
معاناة بحيرة الجبول، ام ننتظر
سنوات قادمة؟! نأمل ان تكون
المتابعة جدية وإلا فإن خسارتنا
للبحيرة واقعة لا
محالة Syakoob@mail.sy ========================= عيون وآذان (الوضع صعب
وعلى حدود الكارثة) جهاد الخازن الحياة - الثلاثاء, 27 أكتوبر 2009 ثمة دول ومنظمات ترعى الحوار بين الإسلام
والغرب، وقد نشطتُ في بعض أوجه
هذا الحوار على امتداد ثلاثين
سنة أو أكثر ثم وصلت الى قناعة
قاومتها وهي تجابهني وتجبهني
سنوات، خلاصتها اننا ركزنا على
المهم وتركنا الأهم وهو الحوار
بين المسلمين. صدمت الأسبوع الماضي أن أقرأ أن عصابة من
الطلاب في الجامعة المستنصرية
في بغداد تغتصب طالبات وتقتل
أساتذة وإداريين، أي أبشع جرائم
ممكنة في مهد حضارة العالم كله،
ثم قرأت عن هجوم انتحاري استهدف
جامعة في إسلام آباد، ما طغى على
أخبار الإرهاب اليومي في بلاد
المسلمين. ولم أكن حلمت يوماً
بأن تنزل بنا الحال الى قتل
الطلاب، أي العلم نفسه، وكتبت
مقالاً شديداً ثم ارجأته لأنني
تعلمت ألا أكتب غاضباً. وعدت هذا الأسبوع لأقرأ أن انفجاراً في
بغداد ترك مئات القتلى والجرحى
وأن جنود الاحتلال اقتحموا
الحرم الشريف ودنسوا باحته
واعتدوا على المصلين، وإذا شاء
القارئ فهو يستطيع أن يفتح
التلفزيون مع صدور هذا المقال
اليوم وسيجد على «العربية» أو «الجزيرة»
أخبار حروب المسلمين بعضهم ضد
بعض، فقد تحول شريط الأخبار تحت
الصور الى اعلان نعي لهذه الأمة. إسأل أي عربي أو مسلم، من المغرب حتى
أندونيسيا، من في رأيه عدو
العرب والمسلمين وسيكون الجواب
الغالب: اسرائيل وأميركا (وقد
تحسنت صورة أميركا كثيراً مع
مجيء باراك أوباما). ولن يسمع
السائل بين الأجوبة القليلة
الأخرى عربياً أو مسلماً يقول
إن عدو العرب والمسلمين هو منهم
وفيهم. إنكار المشكلة لا يعني سوى أن تستمر
وتتفاقم حتى تهدد مستقبل الأمة
كلها، ولكن هل هناك مستقبل لهذه
الأمة؟ أشعر بأننا ارتضينا
الفشل، أو الخسارة، نمط حياة،
وأصبحنا مثل ناس ضربهم زلزال،
وكل واحد يعضُّ بأسنانه على طرف
ثوبه، ويركض طالباً النجاة من
دون أن ينظر حوله. إذا كانت اسرائيل أو أميركا، أو حلف
الناتو، أو حتى روسيا أو الصين،
هي العدو، كيف نواجه هذا العدو
وكيف نربح المواجهة معه وقضيتنا
نقاب أو حجاب أو بنطلون ضيّق، أو
إيجاد أعذار دينية غير موجودة
لاضطهاد المرأة وحرمانها
حقوقها (طالبان يهاجمون مدارس
البنات وهناك من يؤيد فكر
المغاور خارج أفغانستان). أكتب عن موضوع أعرف عنه كثيراً، فعندي
خبرة عقود في محاولة التقريب
بين الإسلام والمسيحية بشكل
خاص، والأديان كلها، بدأت مع
الأمير تشارلز ولي عهد
بريطانيا، والأمير الحسن، ولي
عهد الأردن في حينه، واستمرت مع
الأمير تشارلز والأمير تركي
الفيصل، ثم الأميرة لولوة
الفيصل، وأيضاً اللورد كاري
الذي كان يوماً رئيس أساقفة
كانتربري. وقد حضرت مؤتمرات
للإصلاح بين الأديان من أميركا
حتى الخليج، وفي تركيا وأوروبا.
كل النوايا الحسنة تتحطم على
صخرة الواقع، وهو أن للمسلمين
أعداء خارجيين كل من ينكر
وجودهم عميل لهم، غير أن عدوهم
الأكبر من داخلهم، ومن ينكر خطر
هؤلاء على الإسلام والمسلمين
شريك في الجريمة ضد دينه وأمته. لا نستطيع أن نقنع المسيحيين واليهود
والبوذيين والشنتو وغيرهم بأن
نوايانا إزاءهم سلمية حسنة، إذا
لم تكن لنا هذه النوايا إزاء
بعضنا بعضاً. في أفغانستان وعلى الحدود مع باكستان قد
يقتل الأميركيون في غارة 25
مسلماً، أو أكثر أو أقل، وفي
فلسطين قد يقتل جنود الاحتلال
امرأة أو طفلاً أو شيخاً في
طريقه للصلاة في المسجد الأقصى،
غير أن المئات والألوف من
المسلمين الذين يقتلون يوماً
بعد يوم، بعد أسبوع، بعد شهر،
ومنذ سنوات، يقتلهم مسلمون في
ارهاب فالتٍ من كل عقال، ولا
يقوم من يتصدى له بالحزم اللازم
والعزيمة والاصرار والمواظبة
حتى يهزم نهائياً. أكثر ما يؤلم في الموضوع أن الإرهابيين من
المسلمين فئة صغيرة جداً ومع
ذلك تفشل الغالبية المسالمة
المؤمنة في أن تهزم أدعياء
الدين والتدين، المتخلفين
دينياً وإنسانياً وعقلياً،
المجرمين الذين وجدوا أن قتل «اليهود
والصليبيين» صعب، فارتدّوا على
المسلمين كهدف أسهل. الوضع صعب، وعلى حدود الكارثة، ولا أدعو
الى وقف الحوار مع الأديان
الأخرى، فهو مطلوب لذاته، غير
أنني أجد أن نجاح التقريب بين
الأديان لن يتحقق اذا لم يشارك
المسلمون فيه كفئة واحدة متحدة
في طاعة الخالق واحترام حقوق
المخلوق (خصوصاً المخلوقة)،
وأقترح بالتالي أن نركّز على
حوار اسلامي - اسلامي النجاح فيه
هو الخطوة الأولى على طريق
الألف ميل للنجاح في الحوار
الآخر. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |