ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 01/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


هزيمة طالبان الجديدة في أفغانستان مفتاح القضاء على «القاعدة»

رويل مارك غيريشت

الشرق الاوسط 31-10-2009

يقول منتقدو إرسال مزيد من القوات الأميركية لقتال طالبان إنها لا تشكل تهديدا محوريا للأمن القومي الأميركي، كما هي الحال مع «القاعدة». ولكن بالنسبة لتنظيم القاعدة من الناحية العملية، لا يوجد شيء أهم في الوقت الحالي من معارك طالبان في أفغانستان وباكستان.

في البداية، المنتقدون على صواب، من دون شك، في التأكيد على عدم الأهمية الكبرى لأفغانستان، وبذلك عدم وجود نفوذ لها، في تطوير الفكر الإسلامي الحديث، والأهمية المحورية للعرب بالنسبة لتنظيم القاعدة. ولا يمكنني أن أذكر مفكرا أفغانيا واحدا أسهم في تشكيل فكر أي من الجماعات المسلحة السنية أو الشيعية.

ومن المؤكد أن الجهود الضعيفة التي يبذلها العالم العربي للوصول إلى الحداثة أسفرت عن الفيروس الذي هاجمنا في 11/9 وقتل كثيرا من المسلمين، خاصة في العراق. وإنه رهان جيد أن الفناء البطيء لحركة الجهاد كدعوة دينية حية منتشرة بين العرب السنة، مع افتراض استمرارها، يدق ناقوس الموت للمجاهدين حول العالم. وإذا لم تستطع «القاعدة» إشعال الصراع السني الشيعي في العراق، وتبدو فرص حدوث ذلك ضئيلة للغاية، فقد خسرت حركات الجهاد السنية الحرب في العراق، ومعها، العرب. لقد كانت بلاد ما بين النهرين بالفعل «جبهة مركزية» في الحرب على الإرهاب، لأنها كانت المسرح العسكري الوحيد الذي كانت «القاعدة» وحلفاؤها يملكونه في العالم العربي. فليخرج الأميركيون ويطلق العنان لحمام دم سني شيعي ربما يدخل الدول العربية السنية وإيران في حرب دموية باردة، وربما تهز الحركات الإسلامية السنية المسلحة أرجاء المنطقة.

وكان المخططان الاستراتيجيان أسامة بن لادن وأيمن لظواهري يعيان ما يقولانه جيدا عندما وصفا العراق بميدان المعركة الحاسم. وكان تحقيقهما الفوز هناك ليمنح قضيتهما إمكانيات حقيقية في المعاقل الإسلامية. ويعد مقاتلو طالبان الجدد في أفغانستان، مثل حركة طالبان الباكستانية، أبناء لتنظيم القاعدة. وفي أفغانستان وباكستان فقط شاهدنا حركة المجاهدين متأصلة بأعداد كبيرة. ولم يشهد مكان آخر في العالم الإسلامي دمارا مثل أفغانستان. وتمثل طالبان حركة إسلامية مسلحة خطيرة بارزة قادرة على الاستفادة من هوية عرقية نشطة (وهي البشتونية) وتنوع الثقافة والانتماءات المحلية الحتمي في الأراضي الجبلية. وقد احتضن الملا عمر وكثير من البشتونيين الآخرين بن لادن لأن التربة الإسلامية في أفغانستان خصبة؛ بعد أن تركت الشيوعية الأفغانية الوحشية في السبعينات، والاحتلال السوفياتي الأكثر وحشية في الثمانينات، والحرب الأهلية في التسعينات، أفغانستان من دون أية انتماءات بخلاف الدين. وفي مجتمع قبلي فعال، بأعرافه ومراتبه الأسرية، لم يكن من الممكن أن يظهر الملا عمر، أو محب التفجيرات الانتحارية جلال الدين حقاني، أو قلب الدين حكمتيار. لقد ظهروا في أفغانستان الحالية بسبب اندثار المجتمع القبلي، خاصة من الرجال أصحاب الفكر والطموح والقناعات النضالية. ولا توجد حدود لدى ما يسمى بالبشتونية الإسلامية المتطرفة؛ فحركة المسلحين على أحد جانبي خط دوراند تغذي المسلحين على الجانب الآخر.

وبلا شك، يفضل بن لادن والظواهري أن تكون لهما جبهة مركزية في العالم العربي من جديد. ولكنهما في أفغانستان وباكستان يخوضان معارك ربما يفوز بها فريقهما. وفي الوقت الحالي، أو المستقبل القريب، ربما يكون من المستحيل من الناحية العملية والفلسفية تحديد الفرق بين تنظيم القاعدة العربي والجماعات المتطرفة الأفغانية والباكستانية، والتي تتخذ قدوة لها من المسلحين البشتون الذين يتفاهمون مع طالبان الجديدة على جانبي الحدود. ولا يتسم مقاتلو تلك القضية بالدنيوية مثل سابقيهم العرب؛ ولا يوجد لديهم أي مفكرين مشهورين يحركون الحشود العريضة، ولكنهم يعدون بتحقيق نجاح كبير.

في داخل باكستان والهند يوجد مسلمون على مستوى عال من التعليم ربما ينضمون إلى تلك القضية. ولم يضم تنظيم القاعدة العربي مطلقا موهبة علمية من الطراز الأول، أو حتى الثاني. وربما تقدم باكستان والهند، اللتان تمتلكان مؤسسات تعليمية أفضل بكثير من العالم العربي، ما يفتقده المجاهدون المعاصرون حتى الآن من مهارة ضرورية لنشر أسلحة الدمار الشامل ضد الولايات المتحدة. في الحقيقة، أصبحت باكستان، أحد أهم ميادين المعركة في الحرب الأهلية الإسلامية. إنها ليست محاولة عربية فقط. وتعد باكستان وإيران ـ أكثر معمل ديناميكية في الفكر السياسي الإسلامي ـ والعراق ما بعد صدام، رموزا ترشد إلى مستقبل أفضل (أو أسوأ) للمؤمنين. وهم يحاولون إعادة صياغة الصورة التي يتزاوج فيها الدين بالحداثة بصورة غير ناجحة حتى الآن. ويحاولون إدخال الديمقراطية بفاعلية في الدين، ومعها وعد بأعراف أقل تصادما. وتقدم الأراضي العربية بالتأكيد جنودا وفلاسفة أكثر خطورة لحركة الجهاد. ولكن من المرجح أن ينضموا إلى حركة يقودها مسلمون لا يتخلون تلقائيا عن الفخر بالمكان إلى هؤلاء القادمين من معاقل تاريخية، وسيتشاركون في عواطفهم وأعدائهم، ولتلحظ أن الأعمدة الثلاثة لحركة طالبان الأفغانية الجديدة (الملا عمر والحقاني وحكمتيار) أصبحوا أكثر عداء لأميركا مما كانوا منذ عقد. (وكانوا عنيفين وقتها). وإذا وضعنا الحرب جانبا، فها هو التطور الطبيعي: أفضل وأبرز العناصر في القضية الإسلامية ستفكر وتبث الكراهية على مستوى دولي. وقد شهد التاريخ الإسلامي بانتظام بروز أفكار ومؤسسات لدى العرب، ثم انتشارها بين أعداد أكبر وأقوى من أصحاب الدين ذاته. وفي الوقت الذي لم يبدُ فيه بن لادن مطلقا رجلا ذا غطرسة عربية، ويظهر تعاطفه مع أفغانستان وباكستان حقيقيا، فإنه على الأرجح راض بمشاهدته لذلك التطور. ولا يجب أن نكون نحن كذلك.

*زميل في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات».. ومتخصص سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية في شؤون الشرق الأوسط.. ومؤلف كتاب: «أعرف عدوك: رحلة جاسوس في إيران الثورية».

*خدمة «غلوبال فيوبوينت».

خاص بـ«الشرق الأوسط».

=========================

إيقاف المحادثات الإيرانية

جون بيلينغر

الشرق الاوسط  31-10-2009

جاء الإعلان، أخيرا، عن الاتفاق المبدئي الذي بمقتضاه ستنقل إيران قرابة ثلاثة أرباع وقودها النووي إلى خارج البلاد لتخصيبه في روسيا، بعد ما يقرب من ثلاثة أيام من عقد محادثات بين مسؤولين رفيعي المستوى من الولايات المتحدة وإيران. حتى قبل انعقاد هذه المناقشات، حظي الاجتماع الذي جرى بين مسؤولين أميركيين وإيرانيين بارزين وجها لوجه باهتمام إعلامي واسع، لكنه لم يكن الأول من نوعه. منذ عام 1981، عمد مسؤولو الدولتين إلى عقد لقاءات بينهم في هدوء في لاهاي لتسوية مطالب بمليارات الدولارات مرتبطة بالثورة الإيرانية، وما أعقبها من قطع للعلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.

تجري لقاءات الجانبين تحت رعاية محكمة التحكيم في المطالب الإيرانية ـ الأميركية، التي أنشئت بناء على اتفاق تمت بمقتضاه تسوية أزمة الرهائن عام 1979. رغم الإنجازات المهمة التي حققتها المحكمة، من الواضح أنه لم يعد لها أهمية لكلا الطرفين ـ وقد تواجه إدارة أوباما تحديا قانونيا دوليا على قدر كبير من الخطورة إذا ما أصدرت المحكمة أوامرها لواشنطن بدفع مبالغ نقدية ضخمة للحكومة الإيرانية.

الملاحظ أن هذه المحكمة التحكيمية الخاصة تشبه في عملها على حد كبير المحاكم العادية، ذلك أنه في إطارها، تقدم واشنطن وطهران دعاوى وتترافعان بشأنها أمام تسعة قضاة، بحيث تعين كل منهما ثلاثة من القضاة، بينما يجري تعيين الثلاثة الآخرين باتفاق متبادل من الدولتين أو من قبل سلطة محايدة. يجري عقد جلسات الاستماع الخاصة بالمحكمة داخل فندق بأحد الشوارع السكنية. وسمحت هذه الجلسات للمحامين من كلا الجانبين بالحديث مباشرة عن عدد من القضايا.

الملاحظ أن الأمور تعقدت منذ أمد بعيد جراء السلوك السيئ المستمر من جانب الحكومة الإيرانية. وعلى امتداد ما يتجاوز العقد، فشلت إيران في سداد مئات الملايين من الدولارات في حساب أمني أنشئ بناء على أحكام لصالح ادعاءات أميركية. كما تقدمت طهران على نحو متكرر بطعون ضد القضاة الذين جرى اختيارهم من قبل دولة ثالثة، الذين أصدروا أحكاما ضد الادعاءات والمطالب الإيرانية. بل ونددت إيران بكبير قضاة المحكمة، وهو رئيس المحكمة العليا الهولندية السابق، بعد رفضه طلبا لها بفصل رئيس المحكمة، كرزيسزتوف سكوبيسزيويسكي، وزير الخارجية البولندي السابق. العام الماضي، تقدم القضاة الإيرانيون الثلاثة باستقالة جماعية، مبررين قرارهم بوجود خلافات بينهم وبين القضاة الآخرين.

في يوليو (تموز) رفضت المحكمة، بأصوات 5 مقابل 4 قضاة، دعوى إيرانية للحصول على 2.2 مليار دولار كتعويض عن معدات عسكرية كانت قد تقدمت بطلبات لشرائها في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، لكن رفضت الحكومة الأميركية السماح للشركات الأميركية بتقديمها لطهران بعد أزمة الرهائن. وحال إصدار المحكمة أمرا يقضي بدفع واشنطن ولو نسبة ضئيلة من التعويض المطلوب، كانت الإدارة الأميركية ستجد نفسها مضطرة للاختيار بين التمسك بالالتزامات الأميركية في ظل «اتفاقات الجزائر»، وبالتالي دفع ملايين الدولارات (أو أكثر) لحكومة تدعم الإرهاب وتعمل سرا على بناء منشآت لتخصيب اليورانيوم، أو تجاهل محكمة دولية.

إلا أن إدارة أوباما لا تزال تواجه تهديدا على هذا الصعيد، حيث تركت المحكمة الباب مفتوحا أمام إعادة رفع دعوى بشأن بعض جوانب الخلاف، ولا تزال لطهران دعاوى بقيمة تبلغ مليارات الدولارات في قضايا أخرى.

وعليه، يجب أن تحدد الإدارة التوجه الذي ينبغي إتباعه حيال المحكمة. في ظل القانون الدولي، تتمتع الإدارة بأساس منطقي لتجميد المشاركة الأميركية في هذا الكيان المختص بالفصل في النزاعات، بسبب الجهود الإيرانية الساعية لتقويضه. بيد أن هذه الإدارة شددت على التزامها بالقانون الدولي، واتخاذها هذا الخيار قد يثير انتقادات دولية ومزيد من الطعون القانونية ضدها. من ناحية أخرى، من المتوقع أن يشكل الاتفاق المبدئي المعلن الأربعاء وسيلة لكسب مزيد من الوقت للتوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة القائمة حول الطموحات النووية الإيرانية. بدلا من الاستمرار في العمل على أمل تحقق السيناريو الأفضل، من الممكن أن يقترح المفاوضون الأميركيون حل المحكمة، وسحب الدعاوى الإيرانية مقابل تحمل واشنطن تكاليف تخصيب طهران لليورانيوم المخصب بالخارج. ومن الممكن كذلك تسوية الدعاوى المتعلقة بممتلكات تخص الحكومتين، وورد ذكرها في دعاوى معروضة على المحكمة، الأمر الذي من شأنه تمهيد الطريق أمام استعادة العلاقات الدبلوماسية تدريجيا.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»

=========================

هل تنجح كلينتون فـي ما فشل فيه ميتشيل ؟

الرأي الاردنية  31-10-2009

لا توحي أجواء الجولة الجديدة التي يقوم بها الموفد الاميركي الخاص للشرق الاوسط جورج ميتشيل للمنطقة بالتفاؤل رغم انها تأتي أيضا تمهيدا للزيارة الاولى التي تقوم بها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لاسرائيل منذ تشكيل حكومة الائتلاف اليميني العنصري المتطرف برئاسة بنيامين نتنياهو في شهر اذار الماضي.

واذا كانت نتيجة لقاء نتنياهو ميتشيل يوم امس قد كشفت عن مراوحة واضحة في المربع الذي يصر رئيس حكومة اسرائيل على عدم مغادرته متمسكا بأوهامه وخزعبلاته وغطرسته ومستعينا بآلة الكذب والتضليل والاحابيل التي يصنعها عند كل مفترق..

عملية السلام توشك ان تلفظ انفاسها ان لم تسارع ادارة اوباما الى تنشيطها ووضع جدول زمني لتنفيذ الالتزامات التي أخذتها اسرائيل على نفسها عندما قبلت خريطة الطريق التي كانت جزءا من قرار مجلس الامن رقم 1515 وهو الذي تجري عملية طمسه والقفز عليه ووضع الفلسطينيين والعرب أمام سياسة الامر الواقع التي استثمرت حكومات اسرائيل المتعاقبة من خلالها لعبة شراء الوقت، بهدف تكريس الاستيطان والتهويد والقمع والاعتقالات والقتل الممنهج الذي يراد من خلاله قتل فكرة حل الدولتين والمضي قدما في قضم المزيد من الاراضي الفلسطينية على نحو يراد من خلالها ايصال الامور الى نقطة اللاعودة..

الكرة في ملعب ادارة اوباما التي اعلنت ان حل الصراع الفلسطيني الاسرائيلي لا يحتاج الى اكثر من عامين وها هو عام يكاد ان ينقضي دون ان يتحقق أي تقدم جوهري في الجهود الرامية للعودة الى المفاوضات عبر قبول اسرائيل بوقف الاستيطان والاعتراف بحل الدولتين.

 

مؤسف ان تصل الامور الى هذه النتيجة والمؤسف أكثر ان تتسامح واشنطن مع تعنت وغطرسة وتمرد نتنياهو على الشرعية الدولية واتفاقية جنيف الرابعة.

رأينــا

=========================

الصواريخ البدائية «ذكية»

وليد شقير

الحياة31-10-2009

«يحتار» اللبنانيون ومعهم قوات الأمم المتحدة وحتى كبار المسؤولين الحكوميين، السياسيين والأمنيين، في تفسير أسباب إطلاق الصواريخ المجهولة الهوية من لبنان، الى الأراضي الفلسطينية المحتلة، كما حصل ليل الثلثاء الماضي. وهذه عمليات تكررت كثيرا في الأشهر الماضية، وبقي ما يجمع بينها مجموعة من الاستنتاجات والملاحظات، على رغم استمرار جهل الفاعل.

من هذه الاستنتاجات أولا ان الصواريخ، على رغم مخاطر إصابتها مدنيين ما قد يستدرج ردودا إسرائيلية عنيفة، نجحت حتى الآن في تقصدها عدم إصابتهم، علما أنها تؤدي الى أضرار مادية وأدت قبل أشهر الى إصابة مدنيين إسرائيليين بجروح طفيفة جراء تناثر الزجاج المحطم. وعندما يتقصد مطلقو الصواريخ تجنب الإصابات في الأرواح، فمعنى ذلك أنهم يعرفون أين ستسقط ويدركون بدقة ماذا يفعلون. فعدم الإصابة في هذه الحال هو مثل الإصابة، يتطلب درجة من الاحتراف. وبالتالي فعلى رغم استحالة التحكم بمكان سقوط الصواريخ أساسا، يجعل تقصد عدم إصابة مدنيين وعسكريين من هذه الصواريخ العشوائية، صواريخ ذكية، يتمتع من يطلقها بدرجة من الاحتراف في الحسابات. ويضاف الى هذا الاستنتاج ملاحظة أن ما يجمع بين عمليات إطلاق الصواريخ هذه انه في كل مرة يترك صاروخ أو أكثر من دون إطلاق (في حادثة حولا أطلق صاروخ وتم اكتشاف أربعة كانت معدة للإطلاق). هذا فضلا عن ملاحظة أنه في كل مرة تترك المنصة الخشبية في مسرح العملية، لكي يسهل على المحققين القول إن العملية بدائية. وفي هذا أيضا نوع من الاحتراف الذي يجعل من السلاح «البدائي» سلاحا «ذكيا».

ثاني الاستنتاجات التي تجمع بين هذه العمليات أن إسرائيل تقوم برد أوتوماتيكي مبرمج تكنولوجيا. تفترض إسرائيل في هذا الرد أن مطلقيها يستخدمون منطقة غير مأهولة بحيث لا تصيب في ردها مدنيين، سواء لأن منفذي العملية لا يريدون ذلك أم لأن إسرائيل تفضل تجنب هذا الأمر تجنبا لعدم تسجيل خرق ملوث بالدماء من آلاف الخروق التي تقوم بها للسيادة اللبنانية. وهي تنفذ ردها لعلها تتمكن بطريقة عشوائية من إصابة مطلقي الصواريخ وهم يتوارون أملا بكشف انتمائهم للعلن، إذا نجحت في إصابتهم. وفي هذه الحال يكون الرد محدودا.

ويبدو من الاستنتاج الثالث أن الجامع المشترك بين هذه العمليات هو طبيعة ردود الفعل السياسية عليها، لا سيما من جانب إسرائيل، التي تحمل في كل مرة الحكومة اللبنانية المسؤولية، وهو وجه آخر لتجهيل الفاعل. فهي توزع الاتهامات، بلسان «مصدر عسكري»، ثم بلسان «متحدثة باسم الجيش الإسرائيلي لإذاعة الجيش»، ثم بلسان وزير أو نائب وزير من الحكومة، على الظن بمجموعات فلسطينية، أو بـ «حزب الله»، أو بمجوعة أصولية، أو بلا أحد، وفقا للظروف السياسية التي يجري في ظلها إطلاق الصواريخ. والأرجح أنه حتى لو عرفت إسرائيل من هو الفاعل فإن كشفها عنه يعني أنها دعته الى الاستنفار أو الاختباء لمواجهة هذا الرد، فيما قد تخطط لاستهدافه في الوقت الذي يناسبها. وفي حين لا هو ولا هي يريدان لإطلاق اشتباك ولو محدود أن يؤدي الى حرب، يشتبه الخصوم الإقليميون حتى الآن ببعضهم بعضا حول من يريدها ومن لا يريدها، في اللحظة السياسية المحيطة بعملية إطلاق الصواريخ.

ما يجمع بين عمليات أمنية من هذا النوع كثير إذا أراد المرء القيام بجردة. وقد يكون أيضا أن تجهيل الفاعل لعمل من هذا النوع، في بيئة سياسية وإقليمية سريعة الحركة ومتناقضة الاتجاهات (تتأرجح بين التفاوض والمواجهة)، يمكن أن يتم بصدور بيان يعلن المسؤولية عنه، بالإعارة.

قيل في العملية الأخيرة إنها رسالة رد على استباحة إسرائيل للمسجد الأقصى ودخول شرطتها باحة الحرم القدسي، وتحذير من ذلك. وقيل إنها رد على تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1559 حول استمرار سلاح الميليشيات في انتهاك القرار والسيادة اللبنانيين. وقيل إنها رسالة تنبيه واعتراض من الجهة المتضررة من التفاهمات السعودية - السورية حول القضايا الإقليمية ولبنان في قمة دمشق بين خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والرئيس بشار الأسد.

والجزم بأي من التفسيرات متروك لمن وجهت إليه الرسالة لأن شيئا ما حصل قبلها بين الجانبين. فمتلقي الرسالة «لبيب من الإشارة يفهم».

المهم ألا يستمر مطلق الصواريخ «الذكية» في استغباء اللبنانيين الذين يتلقون النتائج على الدوام.

الحياة

=========================

استقالة الرئيس أم حل السلطة وإنهاء كابوس أوسلو؟

ياسر الزعاترة

الدستور 31-10-2009

عاد الرئيس الفلسطيني من جديد إلى سياسة الحرد الإعلامي ، وبالطبع عبر تسريبات تتحدث عن إحباطه ويأسه من المسار التفاوضي القائم ، ومن ثم تفكيره بالاستقالة ، بينما يبادر آخرون إلى نفي تلك الأنباء ، مع تبرع آخرين بالتأكيد على أن الرئيس هو الحل وأن لا بديل عنه لحماية المشروع الوطني الفلسطيني ، مع أنهم لا يفعلون ذلك خوفا من استقالته بالفعل ، بل في سياق من النفاق السياسي من جهة ، فضلا عن السعي إلى رفع أسهمه في مواجهة حماس من جهة أخرى.من استمع لخطاب الرئيس أمام المجلس المركزي قبل أيام ، وما انطوى عليه من مضامين تتعلق بالمفاوضات وبرنامجها ، وبالمصالحة والانقسام ، وبالإمارة "الظلامية" وضرورة إنهائها لا يمكن أن يقتنع أنه أمام رجل عازم على الاستقالة ، أو يفكر فيها مجرد تفكير ، وقد ثبت خلال السنوات الخمس الماضية أن حكاية زهده بالمنصب لم تكن صحيحة ، فما أن حصل عليه حتى ذهب يجمع كل شيء بين يديه ، من اختراع منصب "القائد العام" لحركة فتح ، وترتيب أمر لجنتها المركزية لحسابه ، مرورا بترتيب أمر اللجنة التنفيذية ، وصولا إلى الحديث عن انتخابات مطلع العام القادم في الضفة الغربية تؤكد رئاسته للسلطة ، ومعها مجلس تشريعي ، سيكون على مقاسه أيضا.نقول ذلك ونحن نؤمن أنه لو شعر الإسرائيليون والأمريكان بجدية تهديده بالاستقالة ، لما كان منهم تجاهل الموقف ، وأقله التعامل معه على هذا النحو البارد ، والسبب أنه كان ولا يزال استثمارهم الأهم خلال السنوات السبع الماضية. منذ أن استخدموه في سياق حرب وتحجيم ياسر عرفات ، ومن ثم قتله ، مرورا بترتيب أمر الرئاسة سريعا لحسابه ، وليس انتهاء بمساعدته في جمع كل السلطات في يديه.ليس خطاب الرجل قبل أيام هو وحده ما يؤكد للإسرائيليين أن حكاية الاستقالة لا تعدو فرقعة إعلامية ، بل هناك خطاب رئيس وزرائه أيضا ، فضلا عن الممارسات القائمة على الأرض ، والتي تؤكد أن مشروع الدولة المؤقتة الذي يُعلن رفضه كل حين هو الخيار المتاح ، إذا لم يجر التورط في صفقة نهائية بائسة ، بدليل لغة البزنس التي تتسيّد الموقف في الضفة الغربية ، والتي يتصدرها الأبناء والمحاسيب على نحو واضح ، وهؤلاء لا يُتركون بسهولة ، لأن أي حرف للمسار بهذا القدر أو ذاك ستكون له استحقاقاته المعروفة ، ونتذكر هنا أن الفئة التي رفضت انتفاضة الأقصى رغم إجماع الناس عليها هي فئة رجال الأعمال ، وأكثرهم من متقاعدي الثورة وأبناؤهم.جدير بالذكر أن استقالة الرئيس الهادئة لن تعني الكثير ، فهناك من الفريق المنتخب في اللجنة المركزية من يملكون القابلية لأخذ مكانه ، بما في ذلك سلام فياض في حال وافق عليه فريق دحلان - الرجوب الذي عاد إلى التفاهم بعد حرب طاحنة خلال الأعوام الماضية ، والنتيجة أننا إزاء تحالفات واصطفافات تعبر عن ميزان القوى الخارجي أكثر من تعبيرها عن مصالح الشعب الفلسطيني.لو كانت مصلحة الشعب والقضية هي التي تحرك هؤلاء لكان الحل في ضوء الاعتراف بفشل برنامج التفاوض هو حلّ السلطة ذاتها كما ذهبنا مرارا منذ سبع سنوات ، لأن خيارا كهذا هو "السيناريو الكابوس" الذي يخشاه الإسرائيليون ، والذي سيحرم الاحتلال من المزايا السياسية والاقتصادية والأمنية الكبيرة التي ترتبت على وجود السلطة بصيغتها القائمة ، بخاصة بعد عملية السور الواقي ربيع العام 2002 ، وهي الصيغة التي سماها عدد من المحللين الإسرائيليين "احتلال ديلوكس" ، أي احتلال فاخر.بالنسبة لقطاع غزة ، يمكن إدارته بالتوافق كمنطقة شبه محررة ، بينما تُحل السلطة في الضفة وتبدأ المقاومة المباشرة لوجود الاحتلال في المدن (جيشا وإدارة مدنية) ، مع دعم شعبي عربي وإسلامي يفرض على الأنظمة خيارات جديدة.هذا هو الخيار الوحيد المجدي أمام الفلسطينيين ، وسوى ذلك محض ركض خلف الوهم وإضاعة الوقت في قصص الانتخابات والديمقراطية المبرمجة لخدمة الاحتلال. نقول ذلك ونحن نعلم أن من عارضوا انتفاضة الأقصى سيعارضون هذا المشروع ، حتى لو مُنحوا فرصة إخراج أموالهم وعائلاتهم إلى الخارج كي لا تتضرر من المسار الجديد،،

=========================

كامب ديفيد اوسلو وادي عربه 1/2

فهمي الكتوت

العرب اليوم 31/10/2009

وقعت الاتفاقيات الثلاث مع الكيان الصهيوني وقدمت للأمة العربية باعتبارها مخرجا للأزمة, وإنهاء للصراع العربي - الإسرائيلي, بما يضمن انسحاب قوات الاحتلال من الاراضي العربية المحتلة عام ,1967 جوبهت هذه الاتفاقيات بمعارضة شعبية في مختلف انحاء الوطن العربي, انطلاقا من قناعات راسخة, وحس شعبي, ان هذه الاتفاقيات لن تنهي الاحتلال, ولن تعيد الأرض الى أصحابها, ولم تضمن حق العودة للاجئين, وان الهدف الصهيوني من هذه الاتفاقيات, التفرد في البلدان العربية لانهاء الصراع, من دون الانسحاب الشامل من الاراضي العربية المحتلة.

 

وكان انسحاب قوات الاحتلال من سيناء, طعما قدم لمصر لإخراج أهم دولة عربية من حلبة الصراع العربي - الإسرائيلي, ومع ذلك دفعت مصر ثمنا غاليا لهذا الاتفاق, أما اتفاق أوسلو فقد نجح الكيان الصهيوني من خلاله بتحويل أنبل ظاهرة برزت في التاريخ الحديث المقاومة الفلسطينية - كما وصفها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر- وإذا توخينا الدقة تحويل أهم فصيل في حركة المقاومة الفلسطينية الى الشرذمة والعجز والإفلاس السياسي, فقد تخلى الجناح المتنفذ في حركة فتح عن مقاومة الاحتلال, واعتمد المفاوضات كأسلوب ووسيلة وحيدة لإنهاء الاحتلال, في ظل ظروف غير مواتية, وموازين قوى لا تسمح للمفاوض الفلسطيني بإنهاء شبر من الاحتلال, استثمر العدو الصهيوني هذا الاتفاق, للظهور أمام العالم بأنه وصل الى اتفاق مع الفلسطينيين, وتخلص من أعباء والتزامات دولة الاحتلال أمام القانون الدولي, وقوض سياسة المقاطعة, ونجح بإنهائها مع العديد من الدول العربية, وواصل ابتلاع الأراضي العربية المحتلة وتهويد القدس والاستيلاء على معظم أراضي الضفة الغربية ووطن أكثر من نصف مليون مهاجر يهودي فيها, تحت غطاء ما يسمى في مناخ السلام والتسوية واتفاق أوسلو.

 

والاهم من كل ذلك نجحت اتفاقية أوسلو بفلسطين الصراع مع العدو, بحيث أصبح صراعا فلسطينيا - إسرائيليا, بدلا من عربي- إسرائيلي, ومهدت الطريق أمام اتفاق وادي عربه, وبالتالي أصبح الموقف العربي ينظر للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي, كما ينظر لأي قضية حدودية مع أطراف مجاورة لأي دولة عربية, فلم تعد قضية مركزية حتى من الناحية اللفظية, وهنا لا ابرر اتفاق وادي عربه كما لا ابرر الموقف العربي, لكن سياسة التفرد الإسرائيلي نجحت في الوصول الى الحالة التي نحن نعيشها الآن, خاصة وان غالبية البلدان العربية مهيأة للتعامل مع إفرازات أوسلو والحلول المنفردة.

 

أما الآن كفر مهندسو هذه الاتفاقيات بالحلول المنفردة, وبما أوصلهم المشروع الصهيوني, من دون إشهار ذلك, فالرئيس الفلسطيني محمود عباس في حالة إحباط وهو مهندس اتفاق أوسلو كما هو معروف ويهدد بالاستقالة, ويقول للرئيس الأمريكي, أنا لا ادري ماذا تريدون مني, انتم لا تريدون التوجه الى الانتخابات, لا تريدون ان أشكل حكومة فلسطينية موحدة, تضغطون علي ألا أوقع على اتفاق مصالحة مع حماس, وفي نفس الوقت تعطون إسنادا لنتنياهو لمواصلة سياسة الاستيطان, ماذا أبحث في المفاوضات ? على كون القدس العاصمة الخالدة لليهود..? هذا بعض ما ورد على لسان عباس وفقا لما نشرته صحيفة يديعوت احرنوت والقناة 10 حول الإحباط واليأس التي وصل إليه مشروع عباس السياسي, بوصول المفاوضاوت الى طريق مسدود, وخاصة بعد تراجع اوباما عن شرط وقف الاستيطان قبل المفاوضات, ودعوة كلنتون للطرفين بالدخول في مفاوضات غير مشروطة.

 

بدوري أقول ليست الاستقالة مخرجا للأزمة الآن, وان كان موضوع الاستقالة بحد ذاته فكرة صحيحة, واللجوء إليها ضروري, في حال فشل القائد إيصال شعبه الى شاطئ الأمان, لكن أمام عباس ما هو أهم من الاستقالة, أولا مصارحة الشعب الفلسطيني والأمة العربية بفشل سياسة الحلول المنفردة, وثانيا الإعلان عن تحمله مسؤولية هذه السياسة, ثالثا وقف التنسيق الأمني مع قوات الاحتلال وتطهير أجهزة السلطة الفلسطينية من الرموز التي ما زالت تدافع عن هذا النهج, رابعا الدخول في مفاوضات مع كافة الفصائل الفلسطينية نحو وحدة وطنية, قائمة على مبدأ إعادة الاعتبار للدور النضالي للشعب الفلسطيني, في مقاومة الاحتلال بجميع الوسائل والسبل المتاحة, خامسا الوصول الى اتفاق عبر الحوار مع كافة الفصائل الفلسطينية, على موعد إجراء انتخابات شاملة للسلطة التشريعية والرئاسة والمجلس الوطني الفلسطيني, بعد الاتفاق على كافة المبادئ والأسس القانونية المتعلقة بالانتخابات.0

=========================

المعركة المقبلة... يهودية وديموقراطية

غادي طؤوب

«يديعوت احرونوت»

الرأي العام  31-10-2009

الشهر الماضي نشر كاتب الرأي جي مايكلسون مقالاً مميزاً في الصحيفة اليهودية الأميركية «Forward» وكان عنوانه «كيف أفقد محبتي لإسرائيل». وأثار المقال عاصفة. ولكن المهم ليس في حجج مايكلسون بل في ما تدل عليه: في مجتمع حضاري، السياسة الصحيحة، بات من شبه المتعذر تأييد إسرائيل. التشبيهات مع جنوب أفريقيا هي موضوع اعتيادي. الاستعمار والابرتهايد هما وصفان منتشران.

هل نحن نفهم كامل معنى الأمر؟ جيل من اليهود الشباب في أميركا وفي اوروبا، يؤمنون بالديموقراطية دون أي شك، يخرجون من الكليات وهم يرددون شعارات ما بعد الصهيونية. بالنسبة للكثير منهم ادوارد سعيد هو الكتاب المقدس عن النزاع. ويجدر بنا ألا نوهم أنفسنا: إذا ما اتخذت إسرائيل في نظرهم صورة النقيض للمذهب الديموقراطي فإنه لن يكون بوسعهم أن يسووا الصهيونية مع ضميرهم وقيمهم.

ضد جزء من هذا ليس هناك ما يمكن عمله: طالما نواصل الاستيطان ستكون ريح اسناد قوية لكل المنشغلين بنزع الشرعية عن حقنا في تقرير المصير وفي الدفاع عن النفس. ولكن المشكلة لا تنتهي هنا. ما كان ذات مرة هجوماً على الاحتلال كأبرتهايد، صار هجوماً على فكرة الدولة اليهودية كأبرتهايد. نحن يمكننا أن نتجادل في ما إذا كان ممكناً وقف الانجراف دون الخروج من المناطق (واعتقد أن لا)، ولكن في هذه الاثناء نحن ندير المعركة حتى على الأمر الأساس الذي يتفق معظمنا عليه: «يهودية وديموقراطية».

الادعاء بانه يوجد بين يهودية وديموقراطية تضارب غير قابل للتسوية هو هزيل وسهل على الدحض. العلاقات بين الدين والدولة، قانون العودة، مسألة الأقليات، النشيد القومي في كل هذه إسرائيل تشبه ديموقراطيات عديدة أخرى، شرعية جداً. ولا يزال، فإن مبعوثينا، ممثلينا، ومحبي مصلحتنا، يقفون في حالة حرج أمام الادعاء بأن الدولة اليهودية لا يمكنها أن تكون ديموقراطية. وماذا تفعل إسرائيل كي تساعدهم؟ الجواب الموجز هو: لا شيء.

كنت أيضاً في عدد غير قليل من مناسبات تأهيل المبعوثين، الرسمية والخاصة، من كل الأنواع. وبشكل عام تحدثوا هناك عن كيفية جلب شبان إلى حائط المبكى ودفعهم إلى غرس شجرة. هذا جميل. ولكن هذا لا يعطي أي جواب على أزمتهم المتفاقمة: الدفاع عن إسرائيل يبدو لهم، أكثر فأكثر، مثل الدفاع عن جنوب افريقيا في الثمانينات.

نعطي الانطباع وكأننا لا نفهم كم هي مهمة هذه المعركة. ونحن نخسر فيها أيضاً في أماكن يمكننا أن ننتصر. نحن نخسر ليس فقط في الجدال على يهودا والسامرة، بل وأيضاً حيث تكون مقاييس العالم الديموقراطي إلى جانبنا صراحة: حق اليهود في تقرير المصير. ليس ثمة أي حاجة لفقدان مايكلسون وليس ثمة أي حاجة لهجره مع بعض الحنين، بدلاً من مساعدته على صد الحجج عديمة الأساس التي في النهاية حطمته.

=========================

الخلل مكمن اعتماد آلية المحاصصة

العراق بين ظلال المشهد الدموي.. وصراع القوى السياسية

القبس 31-10-2009

عنصر من الشرطة العسكرية العراقية عند نقطة تفتيش اقيمت في منطقة الكرادة (وسط بغداد) في إطار تشديد الاجراءات الأمنية بعد التفجيرات الدموية الأخيرة التي أوقعت عشرات القتلى والجرحى (أ ب)

بغداد – نزار حاتم:

كلما تقترب الصورة العراقية من إطارها الطبيعي لتكشف أمام المتابع عن وضوح ألوانها، تعود بها الأحداث فجأة الى مساحة الارتباك والتشويش، الأمر الذي يتسبب في ولادة الكثير من العقبات أمام أي محاولة جادة لوضع هذه الصورة في مربع محدد.

هذه الحالة المشوبة بالالتباس تعود– بالمباشر– الى هشاشة الأرضية التي تحركت عليها عجلة العملية السياسية منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، والتي تمثلت باعتماد آلية المحاصصة أساسا في بناء ما يوصف بالعراق الجديد.

 

في الوقت الذي يعمد فيه رموز القوى السياسية في العراق الى توجيه النقد لآلية المحاصصة عبر وسائل الإعلام، فإنهم لا يدخرون جهدا في التمسك بهذه الآلية عند الممارسة طالما تعني بالنسبة لهم تحقيق مصالح فئوية وطائفية وقومية. وبالتالي في حال لم يجد أي من الفرقاء السياسيين نفسه قد حاز على سهم يحقق طموحاته فانه لا يتوانى عن السعي الى لخبطة المشهد السياسي والأمني أيضا، وكأن العراق «كعكة» ينبغي تقسيمها بشكل يرضي الجميع، ودون أن تكون للعملية الديموقراطية واستحقاقاتها دور فاعل في وضع الأمور على مرتكزاتها الطبيعية.

لذلك نلحظ بوضوح تام اعتماد المبدأ التوافقي بين زعماء القوى بدلا من السبيل الديموقراطي في معالجة الزوايا الحادة التي تخص بالصميم مصالح الوطن العليا. وليس هناك من دليل أكثر وضوحا على ذلك من إخفاق البرلمان العراقي في إقرار قانون الانتخابات البرلمانية المفصلية المقبلة، واضطرار أعضاء هذا البرلمان الى إحالة هذا القانون إلى المجلس السياسي للأمن الوطني– غير المنتخب طبعا– من أجل حلحلة العُقد التي تحول دون تمرير القانون، لاسيما عُقدة محافظة كركوك.

هذا المنحى في التعاطي مع مفردات الواقع السياسي في العراق لا يكرس العمل الديموقراطي، ولا ينمّيه، ما دام يتفاعل مع استحقاقاته بأساليب ليست ديموقراطية تستدعيها الضرورة التي قد أنتجتها المحاصصة بامتياز لمعالجة أي قضية مهمة أو أي منعطف حاد.

 

الاستجابة للتدخل الخارجي

ولأن الموقع الجيوسياسي للعراق يساعده على إلقاء إفرازاته بسرعة على عموم دول المنطقة، لم تجد الأخيرة بدا من الإسراع الى مد شباكها في الساحة العراقية، مستغلة كل الانشطارات التي أحدثتها المحاصصة في التأثير على هذا الطرف أو ذاك من أطراف المشهد السياسي العراقي.

والأطراف ذاتها– في ظل المناكفات القائمة بينها– ربما لا تجد حرجا في مثل هذه التدخلات الخارجية، بل قد تشعر بأنها بحاجة الى الاستعانة بها في صراعها الداخلي المحتدم، على الرغم من إدراك الجميع أن ذراع الدول الإقليمية إنما تمتد للساحة العراقية برسم أجندة خاصة بها في إطار تصفية الحسابات التي لا تتصل- لا من قريب ولا من بعيد- بمصلحة العراق الوطنية.

 

الحكومة ودخان الانفجارات

لقد بذلت الحكومة العراقية الحالية، التي يرأسها نوري المالكي، جهدا لا يستهان به من أجل لملمة كل هذه المفردات المشوهة، ومحاولة إعادة صياغتها بصورة أفضل. وقد حققت في هذا السبيل مساحة أوسع للمشاركة السياسية من جهة، وبناء المنظومة الأمنية للجيش والشرطة وغيرها مما يتصل بهذه المنظومة من جهة أخرى.

بيد أنها لم تعد قادرة- ولا غيرها يقدر أيضا- على انجاز الكثير مما يتطلبه العراق، ما دامت العقبات والصراعات المشار اليها فاعلة ونافذة بقوة لا تسمح بالتنمية والإعمار، وتوفير الخدمات الأساسية والقضاء على البطالة، وتوفير فرص العمل، وما الى ذلك من قضايا حيوية يمثل التراجع عن تحقيقها منعطفا حادا على صعيد تغلغل حالة اليأس التي تتنامى بشكل مطرد في نفوس المواطنين العراقيين، وعلى صعيد استلاب ما تحقق أيضا لإفراغه من محتواه.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة الى أن التحسن الأمني الذي طرأ خلال العامين الماضيين، والذي اعتبرته الحكومة انجازا كبيرا لها، قد ارتطم بحدثين مهمين أكدا للجميع أن مثل هذا التحسن غير قابل للاستمرار والتطور.

توقيت مدروس

حادث الأربعاء الدامي، والذي تلاه في الأحد الذي سبقه بفارق نحو شهرين وخمسة أيام قد أكدا هشاشة الحالة الأمنية، وإمكان العصف بها حالما تتحرك الإرادات والمصالح الداخلية الفئوية الضيقة، والخارجية ذات الأهداف الأوسع نطاقا في محاولة لتقويض العملية السياسية برمتها.

واللافت أن كلا الحادثين قد ارتبطا بتوقيت له دلالته وإشاراته المدروسة بعناية: فقد حصل الحادث الأول في ظل الحراك العراقي باتجاه إقامة علاقات واتفاقات استراتيجية مع بعض دول المنطقة، فيما حصل الحادث الآخر ليتزامن مع حالة الاختناق السياسي الذي حصل بسبب عجز البرلمان عن انجاز قانون الانتخابات التي ينظر اليها العراقيون والمتابعون على حد سواء بكثير من الآمال في إحداث تغيير بنيوي لكل أو بعض التراكمات السلبية التي خلفتها المحاصصة، بغية التخلص من أنيابها وأظفارها التي قست كثيرا على الشعب العراقي فطبعت على قلبه وعقله كمّاً هائلا من الإحباط ومرارة اليأس. والعراقيون إذ يرون دماءهم مراقة بالمجان، وآمالهم في طاحونة الصراع الفئوي والطائفي والقومي، ما عادوا يفيئون الى وعود معسولة تطلقها الكيانات السياسية مع اقتراب موعد الانتخابات المقرر إجراؤها في السادس عشر من يناير 2010.

 

اختبار القوى السياسية

كما يرى العراقيون أنهم بحاجة ماسة الى تخفيف آلامهم من خلال تحقيق الامتحان لكافة القوى السياسية المتنافسة في ساحة الاقتراع على القائمة المفتوحة.

كل المعاناة والاحباطات التي يعيشها المواطنون العراقيون ستدفع بهم بقوة نحو صناديق الاقتراع، بشرط إتاحة الفرصة لهم لقراءة أسمzء المرشحين والتعرف عليها برؤية العين، وروية العقل.

والأكيد أنهم سيصابون بخيبة أمل كبرى فيما لو تم اعتماد القائمة المغلقة، لأنهم يشعرون حيالها بأنها تمثل استهدافا حقيقيا لرغبتهم الجامحة في إحداث التغيير المطلوب لكثير من الوجوه التي يتوقون بفارغ الصبر الى إقصائها عن المشهد السياسي اليومي.

وعقب مناشدة المرجعية الدينية للقوى السياسية بضرورة الاقتراع المفتوح، سيعمد غالبية الشعب العراقي الى الإحجام عن التصويت فيما لو اعتمدت هذه القوى القائمة المغلقة ملاذا لها من الإرادة الشعبية التي أكدت المرجعية على ضرورة تحكيمها عبر الانتخاب المباشر. وبخلاف ذلك ستعتبر الغالبية من قطاعات الشعب القائمة المغلقة مخالفة صريحة لرغبة المرجعية الدينية، فضلا عن أنها تمثل مصادرة حقيقية لإرادة الجمهور العراقي.

من هنا، يمكن القول إن الانتخابات المقبلة ستكون بين منعطفين حادين يتمثلان باحتمال الفشل من خلال عدم خروج المواطنين إلى ساحة الانتخاب، أو تحقيق ما يشبه «الفزعة» الجماهيرية التي قد تعطي ثمارها في طي الصفحات الأليمة التي أنتجتها المحاصصة.

=========================

لبنان: أزمة التأليف الحكومي تمهد لواقع جديد

بيروت ــ حسن شامي

القبس  31-10-2009 

هل بات لبنان على مشارف فراغ يمهد لتغير كبير ينذر به استمرار أزمة تشكيل الحكومة العتيدة؟ أم أن الأمور لا تزال في حدود مشاكل تواجه الرئيس المكلف سعد الحريري؟ سؤال محوري تدور حوله التحليلات، فيما الحركة السياسية تبدو وكأنها تتوه في حلقة مفرغة أو أنها تشكو عقما لا تفسير له.

 

قبل أربعة أشهر، عندما تم الإعلان عن التوافق على صيغة 15 وزيرا للأكثرية النيابية و10 للأقلية و5 لرئيس الجمهورية، بدا وكأن سعد الحريري لن يحتاج إلى أكثر من أيام معدودات كي يتخطى عُقد توزيع الحصص المتفق عليها، ويعلن تشكيلته الحكومية. فقد كان واضحا أن التوصل إلى تلك الصيغة توج توافقا سعوديا-سوريا على تسمية الحريري لتشكيل الحكومة الأولى بعد انتخابات الصيف المنصرم. وقد تعزز هذا التوافق، الذي رمز إليه رئيس المجلس النيابي نبيه بري بمصطلحه الشهير «سين-سين» بقمة دمشق بين العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الأسد، على الرغم مما رافق اعتذار الحريري ثم إعادة تكليفه. لكن الأشهر تمر من غير أن يتعدى التأثير الظاهر للتوافق السوري-السعودي صيغة 15-10-5، التي يحرص الجميع على تأكيد الالتزام بها. وهذا الواقع يعزز اعتقاد القائلين بأن لبنان لم يكن بندا أساسيا على جدول أعمال قمة دمشق، وأن ما تم الاتفاق عليه بين الزعيمين لم يكن كاملا في هذا الشأن.

 

أيام أو أشهر

«الحكومة خلال أيام.. أو أشهر»! بهذه العبارة التي وردت، بالحرف، خلال مقابلة تلفزيونية، أجاب سياسي معروف جدا في لبنان عن سؤال بشأن التأخير الحاصل في التشكيل الحكومي المرتقب. وبرغم ما قد يوحي الجواب بسذاجة تشي بالجهل، أو بالتذاكي الذي يقوم على استغباء السامعين، فإن قائلها لم يكن في هذا الوارد ولا ذاك، بل كان يبسط صورة واقع الأزمة القائمة في البلد، من جهة، ويبعث برسالة «إلى من يعنيهم الأمر» من جهة أخرى. الواقع يقول ان لا مبرر مقنعا لكل هذا التأخير إذا ما أخذنا الأمور بظواهرها، لأن المنطق يحكم بأن ما يعقد من اجتماعات وما يجري من نقاشات ووساطات يكفي لحل العُقد، إذا ما كانت هذه العُقد محصورة في تمسك هذا الفريق أو ذاك بـ«حقه» في حقائب وزارية محددة. أما «الرسالة» ففحواها أن ما مر من وقت على التأليف الحكومي مؤشر على أن الأزمة أبعد من مظاهرها.

 

«السهل الممتنع»

يمكن وضع جملة «خلال أيام أو أشهر» في باب «السهل الممتنع» كتعبير دقيق عن حيرة الباحثين عن جواب للسؤال المحوري الحائر: متى الحكومة؟ فالحديث عن أزمة طويلة الأمد يشارك فيه عدد غير قليل من المشتغلين بالشأن السياسي في لبنان. ويعزز قناعة هؤلاء في هذا الاتجاه، أن الحديث المغاير عن قرب ولادة الحكومة، لا وقائع تسنده إلا الواجهة المتفائلة للمواقف التي يعلنها سعاة التوفيق والتفسيرات التي تعطى لتحركاتهم. وبين هذا الحديث وذاك تتكاثر الأسئلة المثارة في صلب أسباب التأخير.. وتبقى قليلة جدا بل نادرة الأجوبة المنطقية. فما يدور في الاجتماعات المغلقة يبقى معظمه مغلقا على الآخرين، ليس العامة من الجمهور المهتم بتعقيدات التشكيل الحكومي وإشكالات المواقف والمواقف المضادة فقط، بل على المقربين من خارج الدائرة الضيقة لأصحاب القرار. وفي حين يظهر الحريري عزما وإصرارا على المضي في المهمة الموكلة إليه، مقرونين بصبر وجلد على الحوار في غير اتجاه، ويظهر العديد من قادة القوى السياسية حرصا على بلوغ الجهود المبذولة في سبيل تشكيل الحكومة مبتغاها، لا يجد المراقب، وهو يبحث خلف كل هذا الظاهر عن طبيعة العُقد وأبعاد المواقف المعلنة والممارسات، إلا تفنن أصحابها في تقطيع الوقت.

 

«خبيصة» سياسية

نائب بارز وصف المسار العام للأزمة الحكومية بـ«الخبيصة»، معتبرا أن هناك مسعى خارجيا يلتقي مع مصالح قوى داخلية، هدفه تحقيق أمر واقع جديد يقوم على أنقاض النظام السياسي للبنان، وخصوصا أن عدم وجود مجلس وزراء يمارس سلطاته يترافق مع تعطيل مجلس النواب الذي أخفق مرتين حتى الآن في انتخاب أعضاء لجانه العاملة.

وفي رأي هذا النائب أن العُقد الكبيرة، التي تعيق تأليف الحكومة، تعكس في جوهرها توجها تصعيديا هدفه وضع الجميع أمام أحد خيارين: إبقاء القديم على حاله أو إيصال الأمور إلى حافة انفجار يستدعي، لتداركه، تدخلا إقليميا ودوليا، على غرار ما حصل في مايو 2008، حين أدى نزول حزب الله وحلفائه في المعارضة بالسلاح إلى الشارع، إلى اتفاق الدوحة الذي أنهى أشهرا من الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، وجرى على أساسه تشكيل حكومة للمعارضة فيها حق الفيتو(الثلث المعطل)، وإجراء الانتخابات التي اعتمد فيها أسوأ قانون لتوزيع الدوائر الانتخابية على أساس طائفي ومذهبي. وفي الحالتين- يلفت النائب نفسه- الهدف جعل مفاعيل اتفاق الدوحة هي السائدة ونتائج الانتخابات النيابية (التي أتت بالأكثرية إلى البرلمان) هي البائدة. ويدعو هذا النائب إلى عدم الاستهانة بمساعي تقويض نتائج الانتخابات، وإعدام مبدأ الأقلية والأكثرية في تشكيل الحكومة العتيدة، موضحا أن نظرية «حكومة كل الناس» من شأن الأخذ بها، تقطيع الوقت بانتظار فرصة تسنح للساعين الى الهدف المشار إليه. وفي الوقت نفسه إعطاء جواز عبور للقضاء على المبدأ الدستوري والقواعد الديموقراطية في تشكيل الحكومات، فيتحول مجلس الوزراء إلى واجهة لإعلان قرارات تتخذ خارج اجتماعاته، وتصبح الوزارات مكاتب خدمات كل منها مسخر للفريق الذي يمثله هذا الوزير أو ذاك، وتجعل المواطن «المحروم من نعمة الانتماء الحزبي» وغير المشمول برضا زعيم طائفته، مواطنا من الدرجة الثانية. وتنتفي المحاسبة داخل مجلس النواب وتنزع منه صلاحياته الواحدة تلو الأخرى.

 

الصورة والخلفية

ما الذي يؤخر إعلان الحكومة؟

ثمة من يرى أن التأخير لم يعد واردا، وهو يستند في ذلك إلى ما سبقت الإشارة إليه من مواقف وتحركات الأيام الأخيرة. في المقابل يرى آخرون أن التأخير القائم أساسا سيتواصل، محكوما بحسابات وفرضيات يعتمدها كل فريق وفقا لموقعه وارتباطاته الخاصة. ومن هذه الحسابات والفرضيات ما يتعلق بالصراع الإيراني– الغربي حول ملف طهران النووي، وما يرتقب على جبهة التصعيد الإسرائيلي، وما ينتظر من تطورات في سير المحكمة الخاصة بقضية اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

وفي الانتظار، تبرز صورة رئيس ثاني أكبر كتلة نيابية في لبنان (تكتل التغيير والإصلاح) العماد ميشال عون في الواجهة، باعتباره المعرقل الأول، وفي الوقت نفسه الشخص الذي يمكنه فتح باب الحل على مصراعيه، نظرا لكونه صاحب شروط ومطالب واضحة، يجري على أساسها البحث والتفاوض الذي يجمع عون والحريري. وقد بات هذان البحث والتفاوض مسلسلا يتواصل على فترات زمنية، تتخللها «هبة باردة» تلوح مع تسريب عن «سلة اتفاق» بين الرجلين، و«هبة ساخنة» تثيرها مواقف تصعيدية، يطلقها «الجنرال» فتطيح أجواء التفاؤل وتعيد مفاوضات التشكيل الحكومي إلى المربع الأول.

حتى الأمس القريب، كانت وزارة الاتصالات وتمسك عون بها، العقبة الأساس في طريق الحكومة. أما اليوم فالسائد أن هذه العقبة أمكن تجاوزها، وأن البحث يدور حول البدائل الممكنة لإرضاء عون، وفق مبدأ «لا يموت الذئب ولا يفنى الغنم». وإذ يتكتم العارفون بطبيعة المباحثات الجارية عن حقيقة البدائل المطروحة، تبقى التسريبات غير الموثوقة عن مبادلة حقائب وزارية «دسمة» بأخرى كان يطالب بها عون، هي السائدة. لكن من يضمن أن تكون هذه المبادلات التي تقوم على الأخذ من «حصص» الحلفاء لدى الفريقين مقبولة لدى هؤلاء؟

الجواب: لا أحد، إلا إذا كان اتفاق الـ«سين-سين» يتضمن في بنده اللبناني ما يكفي من توافق على تسهيل شروط ولادة الحكومة العتيدة، ولو أن فترة «الحمل» طالت أكثر مما ينبغي بكثير. والمفارقة أن معظم السياسيين اللبنانيين، الذين لم يعرفوا بعد حقيقة ما اتفق عليه العاهل السعودي والرئيس السوري، يدورون في حلقة البحث عن سبل فك سر هذا الاتفاق، فيما المطلوب منهم أن يسلكوا سبيل إخراج مواطنيهم من دوامة الحيرة والقيام بما هو معروف عن واجب السياسي تجاه وطنه.

=========================

التايم لماذا تُدفئ فرنسا المؤيدة للعرب علاقتها بإسرائيل؟

بقلم - بروس كروملي

الوطن الكويتية 31-10-2009

من المؤكد ان الحكومات العربية شعرت بحنين كبير لتلك المرحلة الزمنية التي سبقت تولي الرئيس نيكولا ساركوزي السلطة في فرنسا، وذلك بعد قيام الفرنسيين بالتدخل لصالح اسرائيل خلال التصويت الأخير على تقرير القاضي غولدستون الذي تناول فيه الحرب الأخيرة على غزة.

والحقيقة ان ساركوزي كان قدم احدث هزة في سياسة فرنسا الخارجية عندما عمد الى اصلاح العلاقات الفرانكو - امريكية التي تضررت كثيرا بسبب الحرب في العراق ثم جدد عضوية بلاده بالكامل في حلف شمال الاطلسي، واتخذ موقفا اكثر تصلباً من نظيره الأمريكي في المواجهة النووية القائمة مع ايران.

 

لكن ليس هناك مكان آخر تأثر بوضوح بسياسة ساركوزي الجديدة هذه اكثر من الشرق الأوسط حيث نجد هذا الرجل قد وازن مواقف فرنسا المؤيدة للعرب عادة مع علاقة اكثر دفئا باسرائيل التي كان يعتبرها الرؤساء الفرنسيون السابقون دائما دولة مثيرة للمشاكل.

 

غير ان المسؤولين الفرنسيين يؤكدون ان دفء فرنسا الجديد هذا ازاء اسرائيل لن يكون على حساب العرب بل هو يستند الى سعي جديد نحو نفوذ اكبر لفرنسا في المنطقة من خلال القيام بدور مركزي بارز في حل الصراع العربي - الاسرائيلي المستمر منذ وقت طويل جدا. ومن هنا، يرى هؤلاء المسؤولون في التأييد الفرنسي لاسرائيل خلال التصويت على تقرير غولدستون مثالا للسياسة الفرنسية في هذا الصدد.

 

فقبل تصويت مجلس حقوق الانسان بهامش 6-25 اصوات على تقرير يتهم اسرائيل وحماس بارتكاب جرائم حرب في غزة الشتاء الماضي، انضمت فرنسا الى الولايات المتحدة وبريطانيا في البحث عن تنازلات من اسرائيل للفلسطينيين تساعد في اقناعهم بالتخلي عن التصويت على القرار الآن، وعندما فشلت هذه المحاولة طلبت فرنسا مرتين تأجيل التصويت لكن مصر رفضت ذلك على الرغم من انها تاريخيا واحدة من اوثق حلفاء فرنسا العرب.

 

لقد كانت باريس على مدى العقود الاربعة الماضية حليفا موثوقا لدى الانظمة العربية اكثر من اي قوة غربية اخرى، لكن بما ان هدف ساركوزوي الرئيسي في المنطقة الآن هو اقامة سلام دائم من خلال انشاء دولة فلسطينية وتأمين ضمانات امنية لاسرائيل، فان تحقيق هذا الهدف لا يمكن ان يتم اذا بقيت علاقات فرنسا باسرائيل باردة.

حول هذا، يقول دبلوماسي فرنسي مطلع: تستطيع فرنسا الاسهام بعملية السلام بشكل افضل اذا اقامت علاقات اكثر ودية مع كل اللاعبين دون استثناء.

لذا بينما كان الرؤساء الفرنسيون يميليون منذ ايام الرئيس شارل ديغول الى الدول العربية ويطالبون اسرائيل اكثر مما يطالبون العرب بالبحث عن السلام، جعل ساركوزي اسرائيل الآن حليفا مقربا، ووضع مسألة امنها بموازاة حقوق الفلسطينيين.

 

على اي حال، من الخطأ اعتبار دفء علاقة ساركوزي باسرائيل على انها تحول استراتيجي. فقد تم التأكيد على ان مصالح فرنسا الوطنية تقتضي اقامة علاقات وثيقة مع الدول العربية.. ومن الواضح ان هذه العلاقات تعمقت بهدوء حتى اثناء محاولات ساركوزي الاقتراب اكثر من اسرائيل.

يقول جان فرانسوا داغوزان خبير شؤون الشرق الاوسط في مؤسسة الابحاث الاستراتيجية في باريس: لقد تجاوزنا مداولاته مع اسرائيل وموقفه الراديكالي جدا من ايران، لأمكن لنا القول ان سياسة ساركوزوي في الشرق الاوسط متماثلة جدا مع تلك التي انتهجها سابقوه باستثناء انها اكثر نشاطا في التعامل مع الاحداث.

ويضيف داغوزان قائلا: لقد اظهر ساركوزي انه يريد لفرنسا ان تلعب دورا اكبر واكثر نشاطا مما لعبته سابقا في المنطقة.

لذا، ولتحقيق ذلك، يتعين ان ترتبط بشكل اقوى باسرائيل شرط الا يثير ذلك مشاعر القلق لدى حلفائها التقليديين العرب.

الواقع، هناك شواهد كثيرة على تعزيز علاقات ساركوزي بالعالم العربي خلال فترة رئاسته الرهنة، فقد عمل اولا لانهاء عزلة سورية على المستوى الدولي ثم سعى لاستخدام نفوذ باريس لدى دمشق من اجل تأمين استقرار سياسي اكبر في لبنان.

 

كما عمل في مطلع هذه السنة من اجل مشاركة سورية ومصر في سعيه لوقف العنف في غزة، وبعث تحذيرا باتجاه ايران بافتتاحه هذه السنة مجمعاً جوياً ومقراً عسكريا دائما في ابوظبي.

ان من اكثر الأدلة اهمية على نشاط ساركوزوي في البحث عن حل للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي هو ببساطة محاولته النجاح فيما فشل فيه الأمريكيون حتى الآن بالشرق الأوسط.

تعريب نبيل زلف

=========================

تركيا و"إسرائيل" ودبلوماسية المناورات

محمد السعيد ادريس

الخليج31/10/2009

كان من الممكن التعامل مع الرفض التركي المفاجئ لمشاركة “إسرائيل” في المناورة الجوية التي تحمل اسم “نسر الأناضول” والتي تجرى سنوياً بمشاركة الولايات المتحدة وعدد من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) إلى جانب تركيا و”إسرائيل” على أنه مجرد “خلاف سياسي” طارئ بين البلدين يمكن معالجته بالعديد من الوسائل، سواء كان السبب المباشر هو استياء تركيا من السياسات “الإسرائيلية” العدوانية ضد الشعب الفلسطيني، أو تلكؤ الكيان الصهيوني في تسليم تركيا صفقة من الطائرات من دون طيار من طراز “هارون” المتطورة كانت قد تعاقدت عليها مع شركة الصناعات الجوية “الإسرائيلية”، ولكن إعلان تركيا عن إجراء مناورات عسكرية مع سوريا بعد يومين فقط من قرارها إلغاء مشاركة “إسرائيل” في مناورة “نسر الأناضول” ثم الاعتراض الأمريكي العنيف ضد القرار التركي، ورفض المشاركة مع باقي دول حلف الناتو التي كان مقرراً أن تشارك في تلك المناورات يؤكد أن المسألة باتت مسألة خيارات سياسية واستراتيجية تركية من ناحية، و”إسرائيلية” أمريكية من ناحية أخرى سوف تؤثر بدرجة كبيرة في أنماط التحالفات والعلاقات في المنطقة، في ظل تطورات ثلاثة أساسية هي: أولاً، دخول الولايات المتحدة مع “إسرائيل” في مناورة عسكرية تهدف إلى إقامة درع صاروخية أمريكية  “إسرائيلية” مشتركة لحماية “إسرائيل” من أي هجمات صاروخية سواء من إيران أو من سوريا أو من حزب الله.

 

هذه المناورة، التي تحمل اسم “جونيبر كويرا”، هي الأضخم والأكثر تعقيداً في تاريخ التعاون العسكري بين البلدين بمشاركة ألف جندي أمريكي تابعين للقيادة الوسطى في الجيش الأمريكي، وعدد مماثل من الجنود “الإسرائيليين”، من المقرر أن تستمر على مدى الفترة من 21 أكتوبر/تشرين الأول، حتى الخامس من نوفمبر/ تشرين الثاني ،2009 وستؤسس لدور أمريكي مباشر في مسؤولية حماية الأجواء “الإسرائيلية” من خلال إقامة بطاريات صواريخ دفاع جوي أمريكية من طراز “ثاند” و”باتريوت  3”، وربطها ببطاريات “حيتس” و”باتريوت” “الإسرائيلية” ما يعني تمكين الكيان من القدرة على الدفاع وصد أي هجوم صاروخي، في الوقت الذي لم تتوان فيه الولايات المتحدة وغيرها من الدول الغربية خاصة ألمانيا من تقديم كل الأسلحة الهجومية المتطورة للكيان، وبالذات القنابل الذكية الضخمة القادرة على اختراق الدفاعات الحصينة والغواصات القادرة على حمل رؤوس نووية، وغيرها من الأسلحة اللازمة لتمكين “إسرائيل” من شن أي هجوم تريده دون تردد أو تخوف من أية ردود فعل سواء كانت من إيران أو غيرها، ما يعني أن “إسرائيل” في حالة نجاح تلك المناورة والتثبت من كفاءة قدراتها الدفاعية المدعومة أمريكياً سوف تراجع خياراتها بخصوص إيران وستكون أكثر استعداداً لشن الهجوم الذي تريد، والذي كانت تتردد بشأنه تخوفاً من شن إيران هجوماً صاروخياً مضاداً يدمر ما يخشاه الكيان من قدراته العسكرية وغير العسكرية.

 

أما التطور الثاني فيتعلق بالتعهد الأمريكي الجديد، وعلى لسان الرئيس باراك أوباما الالتزام بنص التفاهم الذي كان قد جرى عام 1969 بين الرئيس الأمريكي الاسبق ريتشارد نيكسون ورئيسة وزراء الكيان السابقة جولدا مائير الذي يقضي بألا تضغط الولايات المتحدة على “إسرائيل” للإعلان عن امكانياتها النووية، أو التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وما يفرضه ذلك من فتح المنشآت النووية “الإسرائيلية” أمام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

 

تجديد أوباما لهذا التعهد تم حسب ما كشفته مجلة “واشنطن تايمز” الأمريكية، وما أفصح عنه بنيامين نتنياهو أمام لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية بالكنيست “الإسرائيلي”، وجاء خلال لقاء أوباما نتنياهو في واشنطن (مايو/ أيار 2009)، وبطلب من نتنياهو ليطمئن من أن دعوة أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى عالم خال من الأسلحة النووية لا تشمل “إسرائيل” وقد علق أبرز الخبراء “الإسرائيليين” صاحب كتاب “إسرائيل والقنبلة”” افنير كوهين على طلب نتنياهو للائحة التعهدات الأمريكية السابقة بأنه يؤكد أن الولايات المتحدة شريكة في سياسات التكتم النووي “الإسرائيلي”.

 

خطورة هذا التطور تتضاعف في ظل تزامن كشفه مع صدور قرارين عن مجلس محافظي الوكالة الدولية يقضيان بانضمام “إسرائيل” إلى معاهدة حظر الانتشار النووي وفتح منشآتها أمام المفتشين الدوليين (مشروع القرار العربي) وتطبيق نظام الضمانات في الشرق الأوسط (مشروع القرار المصري)، كما تتضاعف أيضاً بسبب تزامنه مع توقيع الولايات المتحدة اتفاقاً مع “إسرائيل” يقضي بزيادة التعاون والتنسيق في مجال “الأمن النووي”، من خلال تطوير وتوسيع الاتفاقيات السابقة التي وقعت بينهما في العقدين الماضيين بهذا الخصوص، ومنح الفرصة للوكالة النووية “الإسرائيلية” بالاطلاع على معظم المعلومات والترتيبات التكنولوجية الأكثر تطوراً في الولايات المتحدة في مجال الحفاظ على الأسلحة النووية.

 

أما التطور الثالث، فيخص النقلة النوعية في علاقات تركيا الإقليمية وبالذات مع سوريا والعراق وربما إيران. فتوقيع تركيا اتفاقية تأسيس مجلس للتعاون الاستراتيجي مع سوريا وقبله تأسيس مجلس مماثل مع العراق، ودخول التعاون التركي  السوري، والتركي  العراقي مجالات وآفاقاً مهمة، ثم الدعم التركي للموقف النووي الإيراني، وإدانة رجب طيب أردوغان رئيس الوزراء التركي لازدواجية معايير الغرب في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني قبيل ساعات من زيارته لطهران يوم الثلاثاء الماضي، يعني أن علاقات تركيا الإقليمية تتجه نحو ما أسماه وزير خارجيتها نحو “العمق الاستراتيجي” الذي يعطي للجغرافيا أهميتها ويعطي للتاريخ احترامه.

 

تطورات ثلاثة مهمة سوف تزيد من هوة التباعد بين تركيا و”إسرائيل” بقدر ما ستربط تركيا بجوارها الحضاري العربي والإيراني.

=========================

المدار الحضاري العربي من ثقافة التراب إلى العولمة الإسلامية

مراجعة : ريتا فرج

المستقبل - السبت 31 تشرين الأول 2009

لعل معضلة العقلية العربية في الوقت الراهن، تدور في مجملها حول صعوبة الفصل بين الثقافة التي سادت ما قبل التوحيد، وما طرحه الإسلام لاحقاً من فكر إصلاحي في السياسة والإجتماع، هذه الإشكالية تشكل محور أطروحة العلاّمة خليل أحمد خليل في كتابه الموسوم " التراث العربي من التراب الى ناطحات السحاب، تاريخ سوسيولوجي مختصر للحضارة العربية"، وجاء مضمونه مقسماً الى مداخل تمهيدية وأحد عشر فصلاً، اعتمد فيها على منهجية التحليل الإيقاعي، بمعنى أن الظاهرة المدروسة لا يمكن الإحاطة بها إلاَّ عبر تأثر كل معطى بما سبقه وما أعقبه من تحولات. يستهل الكاتب قراءته للتراث العربي بثنائية الحياة والموت عند عرب ما قبل الإسلام، وما نتج عنها من غزوٍ وثأر، وسبي، وإنتماء الى القبيلة لقيادة الجماعة، ووأد البنات بتقديمهن قرابين للإله وُدّ الذي يعني الحب العميق؛ بعد نزول القرآن الكريم تغيرت بعض المفاهيم والتقاليد، فحلّ أشراف الإسلام محل أشراف العرب، وهنا يخلص خليل الى أن الرسالة النبوية لم تكن في بدايتها قيادية بالمعنى السياسي بل كانت عبادية تهدف الى نشر مكارم الأخلاق؛ فالتحول الأساسي الذي طرأ على مسيرة الرسول (صلعم) أعقب هجرته الى المدينة المنورة أي يثرب سابقاً، فالدعوة الى الكلمة السواء والحوار ترافقت مع المتغير الناتج عن علاقة الدين الجديد مع الجماعات الأخرى مما دفع النبي العدنان الى رفع شعار السيف بالسيف.

لقد أسهم الإسلام في تكوين تراث عرب الجزيرة وجوارها، بعد أن اتسعت حدوده الجغرافية والبشرية وتطورت علومه وآدابه وطرق إدارته للدولة، فدخل المسلمون كما يشير الكاتب في حركة التاريخ بعد أن كانوا خارجه، عقب امتلاكهم لمقومات حضارية تنافسوا فيها مع المدارات المجاورة، ثقافياً، وحضارياً؛ أما على المستوى السياسي فبقي النمط القبلي القائم على التشاور والمبايعة طاغياً على أنماط الحكم والدولة المتنقلة بين الشام وبغداد والأندلس واسطنبول، وفي هذا سياق يتساءل كاتبنا لماذا خرج الحكم من جزيرة العرب ولم يعد اليها بإستثناء المرحلة الراشدية؟ وهل غياب مركزية الدولة في الإسلام هو الذي أجهض تجربة الحكم فيه؟ في إجابته يقدم خليل عدة تفسيرات لهذه التساؤلات وغيرها، ويرى أن سطوة النمط القبلي القائم على المبايعة وإقصاء الجمهور عن صناعة القرار منذ اجتماع السقيفة والإنشقاق الكبير الذي تلا الفتنة الكبرى، أنتج التوريث السياسي في كل الحقبات التي رافقت نشوء المدار العربي/الإسلامي بدءاً من المرحلة الأموية وصولاً الى تفكك الخلافة وسقوطها عام 1925.

مع الإسلام أصبح للتراث العربي مخزون حضاري ثاقب بعد أن قطع علائقه مع الجاهلية، التي ما برحت مؤثراتها حاضرة في مكوناته الإجتماعية والسياسية، فهذا الدين التوحيدي والأكبري والتوليفي، أو كما حدده عبد الله العلايلي بـ "مألفة الأديان"، نجح في تحطيم عبادة الأوثان وأقام صرحاً علمياً وأدبياً وعمرانياً قائماً بحد ذاته، لكنه لم يفلح في إقصاء العرب عن عاداتهم القبلية، ففي المجال الإجتماعي استمرت مفاعيل البنية الأبوية الذكورية، وفي السلطة السياسية غَلْب النمط الوراثي الذي كان طاغياً في حقبة ما قبل الدعوة، كما تحول الإسلام الكلاسيكي الى الإسلام المدرسي والمذهبي.

علمياً أنجز التراث العربي/الإسلامي انتصارات في ميادين مختلفة في الفلسفة وعلم الفلك والصيدلانية وغيرها، وهنا يسرد الكاتب التطور الذي شهدته العلوم عند العرب لا سيما في الطب، الذي كان نبوياً، ووصل الى ذروته مع ابن سينا الذي اعتمد الغرب عليه حتى القرن السابع عشر، ولم يكتف بهذا الحد بل شهد حركة تعريب وترجمة للفلسفة اليونانية، ورغم ذلك لم يستطع الهلال الحضاري المتفاعل في بناء دولة بالمعنى الحديث، لأنه افتقد لمركزية الحكم في الفترات اللاحقة، مما دفع المؤرخ الفرنسي جاك بيرن الى وصف المسلمين بأنهم أمة كبرى مع وقف التنفيذ.

إثر سقوط الخلافة ودخول الإستعمار بدأ العرب يطرحون على أنفسهم سؤال الأمة، فقاوموا الغزو الأوروبي عبر نهضات متعاقبة ولكنهم انقسموا بين تيار يدعو الى القومية وآخر يدعو الى الجامعة الإسلامية، هذا الشرخ كما يؤكد الكاتب أفضى الى حروب ونزاعات وعداوات وإنقلابات منذ النهضة الأولى وصولاً الى النهضة الراهنة التي يصنفها في إطار "عرب القرن الحادي والعشرين".

يُحيل خليل كبوة العرب لأسباب متعددة أهمها الانكسارات العسكرية المتتالية، بدءاً من فلسطين مروراً بهزيمة عام 1967، وصولاً الى أحداث الحادي عشر من أيلول عام 2001 التي أدت الى سقوط بغداد، ويخلص الكاتب الى أن الإستعمار شكل عاملاً أساسياً في تأخر العرب بدعوى إدخالهم في الحداثة، مرتكزاً على آلية الإثقاف المفروض بقوة الإعلام والتكنولوجيا بدل التثاقف القائم على الحوار بين المتعدد.

عالج الكاتب في أطروحته العديد من الإشكاليات في اللغة والدين والسياسة والتمدن والعمران والأدب والخلافة والعروبة والقومية والأسلمة، معتمداً على النظرة التحليلية الموضوعية، والموجزة لناحية رصدّ الفصول، الأمر الذي أعطى للأفكار بعداً أقوى، مما يسمح لقارئه الإحاطة بظاهرة التراث العربي وتطوره من الصحراء، التي لم ترد مرة واحدة في القرآن الكريم، الى الطفرة العمرانية والثقافية والحداثية التي يدخل فيها العرب تدريجياً رغم حركيتها البطيئة.

[ الكتاب: التراث العربي من التراب الى ناطحات السحاب (تاريخ سوسيولوجي مختصر للحضارة العربية)

[ الكاتب: خليل أحمد خليل.

[ الناشر: المركز الثقافي العربي، بيروت، 2009

=========================

العقدة في عصيان نتانياهو

بقلم :رأي البيان 

البيان 13-10-2009

تقوم الوزيرة كلينتون بزيارة أخرى إلى المنطقة، وسط معطيات لا تبشر بغير المراوحة؛ بخصوص عملية السلام. هذا في أحسن الأحوال. وكان قد سبقها المبعوث الخاص ميتشل، من أجل «التمهيد» لجولتها؛ حسب مصادر الإدارة. وليس واضحاً ما هو المقصود بهذه العبارة؛ طالما أن الملف معروفة تفاصيله وتعقيداته، وبالتالي مكامن العرقلة والتخريب، والمطلوب كسر حلقاتها.

فإذا كانت الوزيرة ترمي من زيارتها العمل على تحصيل تنازلات بزعم قطع الطريق على ذرائع نتانياهو؛ فإن محاولتها محكومة سلفاً بنهاية من نوع نسخة طبق الأصل عن سابقاتها. من جهة، ليس هناك لدى الجانب الفلسطيني ما بقي لتقديمه. ومن جهة ثانية، فإن زعيم الليكود مخادع محترف، لا ينضب مخزونه من الشروط والتعجيزات والتحايلات.

العقدة في عصيانه. حقيقة تعرفها واشنطن ويعرفها العالم أجمع. هنا المشكلة ومن هنا تبدأ الحلحلة.

خارج هذه المعادلة، يبقى كل شيء مجرد تخدير وحرق وقت؛ لا أكثر ولا أقل. البيانات والتصريحات التي سبقت الوزيرة، تضع الزيارة في إطار البحث في «الجهود المبذولة لإحياء عملية السلام». واقع الحال أن مثل هذه الجهود رماها نتانياهو في زنزانة مقفلة ووضع المفتاح في جيبه؛ منذ البداية. المبعوث الخاص، ميتشل، يكاد يصبح مقيماً في المنطقة.

محاولاته لم تقو حتى اللحظة، على زحزحة إسرائيل بمقدار شعرة في أبسط المطلوب منها، والمتعلق بوقف التوسع في الاستيطان. ولا حتى الرئيس أوباما ووزيرته، من خلال لقاءاتهما المتكررة مع رئيس الحكومة الإسرائيلية، تمكنا من حمله على القيام بهذه الخطوة الأولية.

 

ليس لأن حكومة الليكودي في موقع قوة، بل لأن واشنطن اختارت أن تترك الحبل على غاربه للتعنت الإسرائيلي. نتانياهو رفض وإدارة أوباما ابتلعت رفضه. هو أعلن العصيان، وهي تغاضت عن عصيانه.

النتيجة كانت عدوانية منفلتة من عقالها: هدم المنازل يجري بالجملة. حوالي ثلاثة آلاف أمر هدم في طريقها إلى التنفيذ.. سرقة المياه على مداها، مع حرمانها بصورة متزايدة عن المناطق الفلسطينية.

كذلك تجريف الأراضي لمصادرتها، وما يقوم به المستوطنون من قطع لأشجار الزيتون قبل قطاف مواسمها، وبحراسة قوات الاحتلال؛ فضلاً عن عملية التهويد الجارية في القدس والتهديد المستمر باقتحام الحرم القدسي.

إذا كانت الإدارة الأميركية غير مطلعة على هذه القائمة الطويلة من التعديات الفاقعة، فتلك مصيبة، وإذا كانت على علم بها فالمصيبة أعظم. وتعظم زيادة، إذا كانت الوزيرة تريد فعلاً البحث، خلال زيارتها، في «إحياء» العملية؛ من دون أن تكون واشنطن عازمة على إزاحة العائق الوحيد المعروف عنوانه من طريق هذا التحريك المزعوم.

=========================

رسالة إلى أوروبا   بقلم :فيكتور دافيز هانسون

البيان 31-10-2009 

أذهلت النرويج العالم بمنح الرئيس الأميركي باراك أوباما جائزة نوبل للسلام، وهو الذي لم يكن قد أمضى في منصبه إلا أسبوعين لدى ترشيحه للجائزة. ولكن الجائزة تتسق مع سلوك الأوروبيين خلال الشهور التسعة الأولى من رئاسة أوباما، حيث فتنوا به، غير أنه في المقابل لا يمكن القول: إن هذا الاندفاع كان متبادلا. لقد بذل أوباما قصارى جهده لتجنب رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون في قمة العشرين الأخيرة، ولا تزال صحف الإثارة البريطانية تبدي انزعاجها من الهدايا سقيمة الذوق التي قدمها أوباما ببرود إلى رئيس الوزراء البريطاني، عندما زار واشنطن في وقت سابق من العام الحالي.

ويبدو أن الرئيس الفرنسي نيكولاي ساركوزي، الذي كانت الصحافة العالمية تنظر إليه على أنه أقرب إلى مغن للروك، قبل أن يحل أوباما محله في استقطاب اهتمامها.. يبدو مصابا بالانفصام في موقفه من الرئيس الأميركي، فهو يتودد إليه حينا، ويضيق به ذرعا حينا آخر. والصحافة هناك تطلق على هذه الأعراض عند ساركوزي اسم «عقدة أوباما».

وفي الأمم المتحدة، استبد الإحباط الشديد بساركوزي حيال خطاب أوباما المحلق عاليا والأجوف في الوقت نفسه، إلى حد أنه مضى أخيرا يدمدم حول إيران وكوريا الشمالية: «الرئيس أوباما يحلم بعالم يخلو من السلاح، ولكن أمامنا مباشرة تقوم هاتان الدولتان بما هو نقيض ذلك».

وفي بعض الأحيان يمضي هذا الضيق الأوروبي إلى ما هو أعمق من الحب غير المتبادل. فقد وعد أوباما الروس بأنه لن يقوم بنشر نظام الصواريخ المخطط له في جمهورية التشيك وبولندا. وسواء أكان ذلك مقصودا أم لم يكن، فإن ذلك القرار قد نظر إليه باعتباره لطمة، وأخاف الكثيرين في أوروبا الشرقية، في ضوء تاريخهم الطويل والتعس مع روسيا.

وفي وقت سابق من العام الحالي أجرى أوباما محادثات تمهيدية حماسية مع حلفائنا في حلف «الناتو»، حيث أهاب بهم إرسال المزيد من القوات إلى أفغانستان، ثم عاد بعد ذلك ليراوح محله طويلا إزاء المسألة نفسها، عندما جاء عليه الدور ليتخذ قرارا في هذا الشأن.

وقد قيل إن أوروبا كانت تكره جورج بوش، ولكن في فترة رئاسته الثانية كان بمقدور الحكومات الصديقة في بريطانيا، فرنسا، ألمانيا وإيطاليا، أن تعتمد على الدعم الأميركي في أي أزمة قد تهدد الاتحاد الأوروبي الغني، وإن كان مجردا من الدفاعات. أما الآن وفي ضوء عدم وضوح اهتمامات أوباما، فإن هذه الدول، شأن العشاق المراهقين المنبوذين، تعرب عن قلقها بصورة عصابية. وفي بعض الأحيان فإن أوروبا يستبد بها الضيق، وتبادر لإظهار لامبالاتها. وقد طار أوباما إلى كوبنهاغن ليمضي هناك ساعة، وعلى الرغم من أنه اعتقد أن بمقدوره اجتذاب الأوروبيين المفتونين الذين يهيمنون على اللجنة الأولمبية الدولية لكي يمنحوا شيكاغو شرف إقامة أولمبياد 2016 على أرضها، ثم الانطلاق إلى طائرته للعودة إلى واشنطن، غير أنه علم وهو في طريق عودته أن طلب شيكاغو قد رفض.

وفي أوقات أخرى، كما في حالة جائزة نوبل للسلام، فإن أوروبا المنفعلة واليائسة تعطيه أي شيء تقريبا لتكسب حبه واهتمامه. وبعد أن منحه النرويجيون الجائزة فإنهم يتحدثون عن «الرؤية» و«الأمل»، وليس عن الانجاز الحقيقي كأساس لقرارهم. ربما كان هذا البلد الصغير يأمل في أنه إذا منح أوباما جائزة عن النزعة السلمية الطوباوية، فإنه سيضطر يقينا للتصرف كما لو كان أوروبيا مسالما، وليس كقائد عام لجيش أقوى دولة في التاريخ.

وهنا عدة أمور تتفاعل.. فأميركا تتغير، والملايين من الأميركيين يردون أصولهم الآن ليس إلى أوروبا، وإنما إلى إفريقيا أو آسيا أو أميركا اللاتينية. وعلى امتداد جيل فإن المدارس قد أكدت اعتماد كل أنواع المساقات الدراسية العرقية غير الأوروبية، بدلا من المساقات القديمة التي تقوم على أساس الحضارة الغربية، ويعكس أوباما بأصوله الإسلامية والكينية ذلك الاتجاه. وعلى سبيل المثال فإن من أول الأمور التي قام بها أوباما بعد توليه الرئاسة، إزالة تمثال ونستون تشرشل من المكتب البيضاوي وإعادته إلى البيت الأبيض.

وتعد الصين والهند واليابان مجتمعا أكبر من أوروبا أيضا، وربما تصبح ذات يوم أغنى منها. وأميركا مدينة بمعظم ديونها لدول غير أوروبية، وتشتري معظم طاقتها من دول غير أوروبية أيضا. ويبدو أنها ترسل معظم جنودها بصورة متزايدة إلى مناطق بعيدة عن أوروبا. ويعكس نأي أوباما عن أوروبا الحقائق الجغرافية والسياسية الجديدة.

ويطرح أوباما نفسه على أنه متعدد الثقافات، ويذعن للأمم المتحدة وينتقد تحالفات الحرب الباردة المتحجرة. وإذا استندنا إلى أقواله وأفعاله، فإنه ينظر إلى حماية أميركا التقليدية لأوروبا الحليفة والمجردة من الدفاعات، على أنها شيء ينتمي إلى الماضي.

فتشبثي بموضعك يا أوروبا، وتوقفي عن كل الانفعالات العاطفية السخيفة وإرسال الهدايا الفاخرة، فكما ترين لم تعد أميركا اليوم هي أميركا الأمس بالنسبة لك.

أستاذ الدراسات الكلاسيكية والتاريخية في جامعة ستانفورد

opinion@albayan.ae

=========================

العرب وأزمتا الفقر والأمية   

الجزيرة السعودية 31-10-2009

صورة قاتمة وإن كانت غير مفاجئة عن وضع المعرفة والاقتصاد في عالمنا العربي.. هذه الصورة أوضحها بالأرقام تقرير دولي يحمل اسم: (تقرير المعرفة العربي لعام 2009).. والأرقام بطبيعة الحال لا تكذب ولا تجامل ولا تبالغ، وإنما تنقل الحقيقة بحلوها ومرها، وعلى ذوي الشأن قراءتها وتحليلها لتحديد مكامن الخلل وأسبابها ووصف العلاج المناسب لها.

من خلال هذه الأرقام التشاؤمية والخاصة بوضع المعرفة نجد أن ثلث البالغين من العرب أميون، وأن ما يقارب 9 ملايين طفل خارج أسوار المدرسة.. كما أن 40% من الشباب العربي في 7 دول عربية لم يكملوا تعليمهم الأساس، كما أن أغلب النظم التعليمية في العالم العربي متخلِّفة!.. أما ما يخص الاقتصاد فإن الفقر في تزايد إذ إن أكثر من 18% من العرب فقراء وإن نسبة البطالة في العديد من الدول العربية بلغت 30%!.

هاتان المشكلتان، الفقر والأمية يغذي كل منهما الآخر، فالفقر يمنع كثيراً من الفقراء من الذهاب إلى المدرسة، وبدلاً من ذلك يذهبون إلى ميدان العمل من أجل الإنفاق على أسرهم.. وهذا الأمر، بدوره يزيد من حالة الأمية والتخلف المعرفي.. وهذا يعني أننا بحاجة ماسة إلى خطة إستراتيجية شاملة تعالج هاتين المشكلتين في وقت واحد، وعدم الاهتمام بمشكلة وإهمال المشكلة الأخرى.

ولا شك أن من هاتين المشكلتين تتفرَّع مشاكل اجتماعية أخرى، وكذلك مشاكل أمنية كالجريمة والإرهاب، فمختلف الظواهر الإنسانية متشابكة ومعقدة، ولا يمكن الفصل فيما بينها.

وإن كانت هذه الأرقام محبطة إلا أنها قد تكون دافعاً نحو بذل مزيد من الجهود المشتركة من أجل الرقي بمستوى شعوبنا العربية معرفياً واقتصادياً حتى تخرج من أزمتها.. وهي فعلاً أزمة!.

الجزيرة

=========================

أين عملية السلام؟   

تشرين - سورية   31-10-2009

مع الإعلان الأميركي عن جولة وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون التي تبدأ اليوم، وتلك التي سبقها إليها المبعوث جورج ميتشل في جولة ثامنة، استهلها بلقاء بنيامين نتنياهو أمس، يمكن تسجيل عدة ملاحظات وإشارات استفهام على سياسة إدارة الرئيس أوباما، التي بدأت عهدها في البيت الأبيض بسقف توقعات عال ووعود دغدغت مشاعر الناس، ثم أخذت بالتراجع شيئاً فشيئاً بعد انقضاء عشرة أشهر من ولايتها.

ما نود تسجيله بعد هذه التوطئة يتعلق بعملية السلام رغم عشرات القضايا المعلقة في المنطقة التي تدخل الولايات المتحدة طرفاً مباشراً في مسبباتها، لكن عملية السلام تظل الاختبار الأهم للنيات الأميركية، ومعيار الالتزام باستحقاقات هذه العملية، حيث أطلقت إدارة أوباما عناوين كبيرة وتحدثت عن التزامات تعويضية عن ممارسات إدارة بوش الابن لتحسين صورة أميركا أمام العالم، ثم سرعان ما بدأت الأمور تعود لسابق عهدها مع السياسة الأميركية المهادنة لإسرائيل، والأساليب المواربة نفسها حول الامكانات المتاحة ودبلوماسية الخطوة خطوة وتجزئة الحل الشامل إلى تفرعات وقضايا مختلف عليها، وهذا ما توضح في مسألة واحدة على الأقل عندما تحمست الإدارة الأميركية لقضية وقف الاستيطان وكيف كان الرد الإسرائيلي. ‏

الآن يريدون إيهامنا بأن جهودهم الدبلوماسية تسير في الاتجاه الصحيح رغم فشل سبع جولات للمبعوث ميتشل، وأن عملية السلام لم تصل إلى طريق مسدود ولكنها تحتاج إلى مبادرات تشجع حكومة نتنياهو على الانخراط بها، أي إن اختراقاً آخر في الصف العربي مطلوب لتأمين الظروف الملائمة!. ‏

ورغم أن الأوضاع في الأراضي العربية المحتلة وصلت إلى حدود الكارثة الحقيقية فإن الحراك الأميركي لا يزال في إطار النداءات والأمنيات والوعود المعسولة وهذا يُفسر اسرائيلياً بأن مزيداً من الوقت لا يزال أمامنا ولا خوف من إجراء أميركي يقلب معادلة العلاقات الأميركية ـ الإسرائيلية التي تقوم على التحالف. ‏

التوقعات لا ترجح احتمال أن تعمل الإدارة الأميركية على عملية سلام شاملة عادلة تقوم على قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة ومبدأ مؤتمر مدريد بعد تلك المقدمات التي أخذت تتعامل بها هذه الإدارة وعنوانها تجزئة الحل ولكن على حساب العرب وليس إسرائيل. ‏

والمهم في الأمر ألا يخدع أحد من العرب بما يسمعه من وعود أميركية وأن يظل الموقف العربي موحداً تجاه استحقاقات العملية السلمية المعروفة والتي لا يمكن أن تكون على حساب أرضنا وحقوقنا. ‏

تشرين السورية 

=========================

التطرف اليميني الاسرائيلي سيضع المنطقة على فوهة بركان   

القدس - فلسطين 31-10-2009

كان وصول اليمين الاسرائيلي برئاسة بنيامين نتنياهو إلى السلطة قبل حوالي الستة شهور دليلا قويا وحاسما على أن الأغلبية اليهودية في اسرائيل قد تحولت نحو اليمين الذي لا يثق بعملية السلام العادل بل ويبذل كل جهد ممكن من أجل وقف هذه العملية، ويرفض بشكل قاطع التزامات السلام المنصوص عليها في كافة المبادرات والتفاهمات وخطط التسوية المطروحة على الطاولة منذ مؤتمر مدريد عام ١٩٩١ وحتى طروحات الرئيس الأميركي باراك أوباما، ومطالبه بتجميد الاستيطان والدخول في مفاوضات سلام غير مشروطة- على اساس قرارات الشرعية الدولية التي تدعو للانسحاب من الأراضي المحتلة عام ١٩٦٧ مقابل تحقيق السلام الشامل والدائم والعادل في المنطقة.

وبدلا من استئناف العملية السلمية المتوقفة فعليا منذ نحو عشر سنوات، فإن حكومة نتنياهو واصلت التوسع الاستيطاني في الضفة الغربية بما فيها القدس، وصادرت البيوت العربية في المدينة المقدسة وهي تقدم بشكل روتيني على هدم العشرات من منازل المواطنين المقدسيين. ولا تنجو البيوت الفلسطينية في الضفة الغربية من الهدم علما بأنها من الناحية النظرية تدخل في نطاق السيطرة المدنية وربما الأمنية للسلطة الفلسطينية- مما يؤكد أن السلطات الاسرائيلية تسعى إلى تخليد الاحتلال، وليست لديها أي تصورات جدية للانسحاب من الأراضي المحتلة في إطار اتفاقية سلام. وليس هذا الانسحاب واردا في مخططاتها حتى على الأمد البعيد.

والغريب بالفعل هو أن السلطات الاسرائيلية لا تبالي بإثارة غضب مليار ونصف المليار من المسلمين، بل إنها من خلال محاولات اقتحام الحرم القدسي الشريف إنما تقصد قصدا إلى استفزاز المشاعر ليس الفلسطينية والعربية فقط، وإنما لدى المسلمين في جميع أنحاء العالم أيضا، مع ما في هذا السلوك المتهور من مخاطر على الأمن والسلم الدوليين. واذا كانت تظن أو تتوهم أن العالم العربي والإسلامي خامد أو هامد لا حراك فيه، فإن الاحتجاجات واسعة النطاق التي شهدتها أقطار اسلامية مثل تركيا وأفغانستان وعدد من الدول العربية تؤكد أن الجمر ما يزال تحت الرماد، ولا يستطيع أحد التكهن بمستقبل التطورات واتجاهاتها المقبلة في هذه المنطقة غير المستقرة من العالم.

 

والواقع أن التحول نحو اليمين في اسرائيل ليس له ما يبرره: فقد توجه الفلسطينيون والعرب نحو السلام كخيار استراتيجي، وما حدث أو يحدث من أعمال العنف سببه الى حد كبير أن الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة هي التي رفضت عن سابق تصميم تنفيذ استحقاقات السلام منذ اعلان أوسلو وحتى يومنا هذا. فحكومة نتنياهو الأولى هي التي رفضت تنفيذ المرحلتين الثانية والثالثة من إعادة الانتشار في الضفة الغربية خلال السنوات الأخيرة من التسعينات. بل إن حكومة ايهود باراك التي أعقبت حكومة نتنياهو مباشرة لم تستطع تسليم السيطرة الأمنية في العيزرية وابو ديس للسلطة الفلسطينية، رغم أنها أعلنت عن قرار بهذا الخصوص في حينه.

اليمين المتطرف هو الذي قاد التحرك الاسرائيلي المضاد للسلام واستطاع كسب تأييد الأغلبية في الشارع الاسرائيلي، لأن هذه الأغلبية لم تكن أصلا ضمن ما يسمى بمعسكر السلام. ومثل هذا المعسكر ثبت عمليا أنه لا يعبر الا عن موقف أقلية ضئيلة ومنكمشة باستمرار من الاسرائيليين. وقد فضل معظمهم التراجع عن مواقفه والانضمام إلى اليمين خدمة لمصالحه، وبسبب عدم ايمانه بعملية السلام بشكل راسخ وثابت.

والآن فإن اليمين الحاكم والجمهور الاسرائيلي المؤيد له يقفون موقف التحدي السافر لإرادة المجتمع الدولي. وليس أدل على ذلك من أن الخطاب الرسمي والاعلامي والعام في اسرائيل يواصل الادعاء بأن ما ورد في تقرير غولدستون حول جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الاسرائيلي في غزة متحيز، وأن من حق هذا الجيش ارتكاب مثل هذه الممارسات لأنه ليس أقل شأنا من الدول الاستعمارية والمستبدة التي ترتكب مثل هذه الانتهاكات. وهم بالفعل يدافعون عن حق الدول "الديموقراطية" في انتهاك حقوق الانسان، لمجرد أنها تصف نفسها بالديموقراطية.

هذه التوجهات المتطرفة ستضع المنطقة لا محالة على فوهة بركان أو برميل من البارود. والسؤال هو من الذي سيستفيد من إبعاد كل فرص السلام العادل وتقريب المنطقة من التوترات والمواجهات؟ إن على العالم أن يتحرك بقوة لوضع حد لهذه المسيرة المتهورة قبل آن تهوي المنطقة في هوة لا قرار لها بسبب هذا التطرف غير المتبصر، والذي ستصيب عواقبه الوخيمة الجميع دون أي استثناء.

القدس

=========================

"هآرتس" تحض على التجاوب مع دعوة الأسد:

الانسحاب الكامل في مقابل السلام الشامل

رندى حيدر     

randa.haidar@annahar.com.lb

النهار 31-10-2009

دعت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها امس الى التجاوب مع دعوة الرئيس السوري الى معاودة المفاوضات السياسية غير المباشرة مع إسرائيل والى اتمام الصفقة مع دمشق، ومما جاء فيها:" الرئيس السوري بشار الأسد معني بعودة المفاوضات مع إسرائيل واعادة هضبة الجولان مقابل السلام. وهو دعا الى حوار غير مباشر مع إسرائيل كان قد سبق وجرى  بواسطة رئيس وزراء تركيا رجب طيب أردوغان، وعندما اختلف الاخير مع إسرائيل حل محله الرئيس الكرواتي ستيبا ميسيتش الذي التقى في الأسبوع الماضي الرئيس السوري ثم  زعماء إسرائيل الرئيس شمعون بيريس ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عارضاً مساعيه كوسيط وكمضيف. لقد تجاوب نتنياهو ظاهرياً مع الإقتراح، لكنه رفضه عملياً عندما أصر على المفاوضات المباشرة من دون شروط مسبقة (أي من دون تعهد إسرائيلي بالانسحاب الى خطوط الرابع من حزيران، ومن دون العودة الى النقطة التي توقفت عندها المفاوضات أيام حكومة أولمرت) وبهذه الطريقة يكون نتنياهو قد فرض شروطاً مسبقة متحججاً بمعارضته لفرض سوريا شروطاً مسبقة.

يجب على المقاربة الإسرائيلية للعلاقات مع سوريا أن تبدأ من النهاية وصولاً الى البداية. والنهاية هي تحقيق نبوءة السلام الإقليمي بين إسرائيل وجاراتها. وفي مقابل الجهود المبذولة للتوصل الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين، ومن دون المس بهذه الجهود، يجب على إسرائيل السعي الى سلام مع سوريا ضمن اطار القرار 242 الصادر عن مجلس الأمن عام 1967، ويجب أن يكون سلاماً شاملاً ومضموناً مقابل الانسحاب الشامل.

يريد الأسد الاقتراب من الجسر عبر مفاوضات غير مباشرة وعلى مرحلتين. في المرحلة الأولى يكون الوسيط غير أميركي، ويمكن أن يكون تركياً أو كرواتياً أو فرنسياً وغير ذلك، بحيث يجري العمل على نقاط الخلاف وعلى حلها. وعندما يصل الطرفان الى حافة الجسر يمكن الوسيط الأميركي أن يفرض رعايته على المحادثات والتحضير للقمة الثلاثية. وقبيل هذه الفترة لن تبقى ادارة أوباما مكتوفة، فالموفد الأميركي ومستشاروه في شؤون الشرق الأوسط يتنقلون في سوريا ولبنان ويلتقون المسؤولين والخبراء.

ما تريد سوريا الحصول عليه في مثل هذه المفاوضات والمقابل الذي تريد ان تحصل عليه من إسرائيل وواشنطن بات معروفاً، وكذلك الامر بالنسبة الى اسرائيل. فالى جانب التوصل الى السلام الإقليمي، تريد اسرائيل اضعاف جبهة الممانعة العربية التي تدعم إيران والتي تضم حزب الله وحماس. ويعتبر نتنياهو أن إيران هي أصل المشكلة ولكنه يتردد في اتخاذ القرارات المطلوبة والمترتبة على ذلك...

لا خلاف في ان السلام مع سوريا هو حلقة مركزية في إرث اسحق رابين الذي من المفترض بوزير الدفاع في حكومة نتنياهو العمل على تطبيقه. من هنا فإن المضي قدماً في هذه المساعي يعتبر أفضل تخليد لذكرى رابين وأفضل وفاء لإرثه".

=========================

أين سوريا وسليمان والغالبية والمعارضة من الحسابات ؟

النتائج السياسية للأزمة تسبق ولادة الحكومة

روزانا بومنصف     

rosana.boumounsef@annahar.com.lb     

النهار 31-10-2009

من المفارقات في الملف الحكومي، أن التعثر في التأليف والذي تقع مسؤوليته على المعارضة كان متوقعاً بنسبة كبيرة حتى لو فازت في الانتخابات النيابية وحازت الاكثرية. وقد سرت توقعات قبل الانتخابات تخوفت من احتمال عدم تأليف الحكومة في حال فوز "حزب الله" على رأس المعارضة بالاكثرية قبل عيد الاضحى، أي في أواخر تشرين الثاني، في حين سرى ذلك على قوى 14 آذار التي جددت اكثريتها النيابية لكنها واجهت العراقيل التي منعتها من الحكم في الاعوام الاربعة السابقة للانتخابات النيابية الاخيرة، وهي عراقيل يرى قانونيون كثر انها ترمي الى تكريس عرف في التوازنات الفعلية بحيث يغدو ميزان القوى على الارض أهم من الانتخابات ومن قواعد المؤسسات الدستورية، بما تعني هذه المسألة من خطوات نحو تغيير النظام، وهو أمر يؤدي الى تساؤلات من نوع أن الخوف من فوز المعارضة بالاكثرية كان في محله بنسبة كبيرة، ثم ان محاولات تغيير النظام خطوة بعد خطوة، تفرض تحت وطأة تعطيل تأليف الحكومة، تماما لتعطيل الحكومة والبلد قبل عامين، فكيف يكون الوضع لو فازت هذه المعارضة بالاكثرية النيابية وتمتعت بما تعتبره الاكثرية الشرعية والدستورية للقيام بما يمكن أن تقوم به الى جانب اعتبارها ان ثمة اكثرية شعبية دعمتها في الانتخابات؟

وأيا يكن موعد ولادة الحكومة العتيدة، اكان غدا أم بعد غد ام بعد أسابيع، فان الخلاصة باتت تختصر بالنسبة الى مراقبين كثر جملة أمور يمكن التركيز على أهمها وفق الآتي:

- في حال نجاح سوريا عبر حلفائها في لبنان في تسهيل تأليف الحكومة، فانها تكون نجحت بنسبة كبيرة في استعادة المعادلة الشهيرة المتعلقة بنفوذها في لبنان، وهي انها كانت قوية في عرقلة تأليف الحكومة في غياب المصالحة مع المملكة العربية السعودية ومعادلة "س.س"، وهي قوية مجددا في تسهيل تأليف الحكومة. واذا لم يؤخذ بدورها في الحالين، فان تقدم الوضع في لبنان سيبقى مجمداً ورهينة لديها في اي محطة وأي مناسبة، ولا يجوز الاستخفاف به أو تجاهله. هذه الصيغة نفسها هي التي كان يستخدمها العماد ميشال عون ابان خصومته مع سوريا، فتكون هي من تشعل النار في لبنان ثم تظهر للعالم ان هذه النار لا يمكن ان يطفئها سواها، ولم تتغير سوريا عبر الاعوام.

- ان اخراج الصيغة الحكومية متى ولدت وفقا للتسهيل السوري يفترض مطلعون ان يكون رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان عرابها، وفق بعض المعطيات لدى المراقبين السياسيين عبر اخراج يظهر ان سليمان قام بما يمكنه القيام به على هذا الصعيد بما فيه الاتصال بنظيره السوري. الا ان واقع الامر ان النفوذ السوري يستعيد وهجه في اي خانة يتم توظيف هذا الموضوع، علما انه تم التنبه لعامل تحرك النائب سليمان فرنجيه على الخط ليس فقط لقربه من الرئيس السوري بل من زاوية الحسابات المستقبلية ايضا.

- ان الاكثرية النيابية اظهرت اداء سياسيا ضعيفا، على الاقل قياسا باداء أفرقاء المعارضة، ولم تكن على مستوى ناخبيها وداعميها حتى الآن. ايا تكن المبررات، وعلى رغم ان رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري أظهر صبرا ومرونة كبيرين، فقد افادت المعارضة لانهاكه عمليا في الوقت الذي لم ترافقه استراتيجية تصحح على الاقل ما يتم العمل عليه بقوة، بحيث يتخطى ميزان القوى الفعلي على الارض اياً تكن اعتباراته، اي سلاح "حزب الله" او سواه، ومعه اعتبارات اخرى كنتائج الانتخابات. فحتى لو انتهت الصيغة الحكومية الى لا غالب ولا مغلوب بمعنى ان يحقق عون نصف اغراضه وشروطه، فان الكلفة كانت باهظة جدا على قوى الاكثرية على مستوى الشكل والمضمون حتى الآن. ويعتقد انها ستكون كذلك نتيجة حدّين للواقع السياسي، ابرزهما يتثمل في الالتفاف على الحريري منذ تكليفه من أجل السعي الى وضعه في موقع وسط على قاعدة انه رئيس حكومة وحدة وطنية، تماما كما حصل للرئيس سليمان الذي رسم اطار لتحركه السياسي تحت عنوان الرئيس الوفاقي، بحيث يغدو اي تحرك غير مرغوب فيه خارج هذه الصفة، وشن حملة ضد رئيس الجمهورية على هذا الساس.

- ثمة تساؤلات تتناول موقع "حزب الله" في المرحلة المقبلة، فهل يعتبر انه بوقوفه بجانب عون ودعم شروطه قد سدد دينه نتيجة التغطية المسيحية ببعدها الداخلي الذي وفره زعيم التيار العوني في مراحل سابقة، وتاليا تحرر من هذا الدين، ام انه سيبقى ملتزما قواعد اللعبة السياسية نفسها، علما ان عون تراجع كثيرا في هذه اللعبة في الانتخابات النيابية ويمكن ان يحصل ذلك ايضا في الانتخابات البلدية؟ ومعلوم ان متغيرات كثيرة حصلت في الداخل وان تكن حركة انعكاساتها بطيئة بفعل موجبات التأخير في تأليف الحكومة، وهناك متغيرات اقليمية لا بد ان تكون لها مترتباتها ايضا من حيث المبدأ، على رغم السعي الى ابقاء لبنان مستقراً بالحد الادنى وساحة لكل التقلبات الممكنة بدليل استمرار كل المعطيات التي تؤدي الى ذلك من الحوادث المتفرقة والمتكررة في الجنوب الى المماحكات السياسية في تأليف الحكومة، لكنه موضوع يرى كثيرون انه جدير بالمتابعة في موازاة اي تطور في المعطيات الاقليمية والدولية، وهي كثيرة.

=========================

صفقة مع دمشق

القدس العربي31/10/2009

الرئيس السوري بشار الاسد معني باستئناف المفاوضات مع اسرائيل على اعادة هضبة الجولان مقابل السلام. وبادر الاسد الى حوار غير مباشر مع اسرائيل، حتى وقت اخير مضى من خلال رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، وبعد أن تنازع اردوغان مع اسرائيل، من خلال رئيس كرواتيا ستيفا مستش. في الاسبوع الماضي التقى مستش على انفراد مع الاسد ومع زعماء اسرائيل، الرئيس شمعون بيريس ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في مسعى لعرض خدماته كوسيط ومضيف. واستجاب نتنياهو ظاهرا للعرض فيما رده عمليا، بإصراره على ان تكون المفاوضات مباشرة ودون شروط مسبقة (الترجمة: بدون التزام اسرائيلي بالانسحاب الى خطوط 4 حزيران/ يونيو 1967 ودون العودة الى النقطة التي توقفت عندها المفاوضات في عهد حكومة ايهود اولمرت). وهكذا وضع نتنياهو شروطا مسبقة تحت غطاء معارضة وضع شروط مسبقة.

النهج الاسرائيلي في العلاقات مع سورية يجب ان يبدأ من النهاية الى البداية، والنهاية هي رؤيا السلام الاقليمي بين اسرائيل وكل جيرانها. بالتوازي مع المساعي للوصول الى تسوية دائمة مع الفلسطينيين ودون المس بهم، على اسرائيل أن تسعى الى سلام مع سورية بمسار القرار 242 لمجلس الامن في تشرين الثاني ( نوفمبر ) 1967: السلام الكامل ـ والمحمي ـ مقابل الانسحاب الكامل. من لا يريد مثل هذه الصفقة، سيسعى الى عرقلتها بمبررات الاجراءات والعادات.

الاسد يريد أن يقترب من الجسر في محادثات غير مباشرة وعلى مرحلتين. الوسيط في المرحلة الاولى، ليس امريكيا، يمكنه أن يكون تركيا، كرواتيا، فرنسيا او غيره، والعمل للعثور على صخور الخلاف والمسعى الى اقتلاعها. وفقط حين يصل الطرفان الى اطراف الجسر حقا، يفترض بالوسيط الامريكي أن يبسط رعايته على المحادثات ويعد لقمة ثلاثية. تمهيدا لهذه المرحلة لا تنتظر ادارة اوباما بصفر فعل. المبعوث جورج ميتشيل ومساعده للشؤون السورية واللبنانية، فيرد هوف، يتجولان في المنطقة ويلتقيان بشخصيات وخبراء.

مفهوم من تلقاء ذاته ان سورية تريد ان تحقق في مثل هذه المفاوضات مردودات تحصل عليها من اسرائيل، وليس اقل اهمية من ذلك، في قضاياها، من واشنطن ايضا. ما يمكن لاسرائيل ان ترغب فيه، مفهوم هو ايضا. اضافة لاختراق نحو السلام الاقليمي، اضعاف جبهة المقاومة العربية التي تساعد ايران وتضم ايضا حزب الله وحماس. نتنياهو يرى في ايران كل القضية تقريبا، ولكنه يمتنع عما تفترضه الزعامة اللازمة لتحديد هذه الاولوية.

لقد سبق لنتنياهو أن تحدث بشكل غير مباشر مع حافظ الاسد، والد الحاكم الحالي في دمشق، من خلال رجل الاعمال الامريكي رون لاودر. وقد فشلت الاتصالات وتوجد خلافات حول مذكرات التفاهم فيها. لا خلاف في أن السعي للسلام مع سورية، من خلال محادثات رئيسي الاركان وجولات وزير الخارجية الامريكي المكوكية، هي حلقة مركزية في تراث اسحق رابين السياسي، الذي يقول وزير دفاع نتنياهو، ايهود باراك، انه يريد أن يحققه. جدير ان تتجاوز ذكرى رابين المماحكات، التأبين والجدال في مسيرة اوسلو، عنده وبعده. السعي الحثيث نحو السلام مع سورية هو الذي سيخلد تراث رابين.

أسرة التحرير

هآرتس 30/10/2009

============================

استراتيجية ايران الذكية 'نعم ولكن'

رأي القدس

القدس العربي 31/10/2009

نجحت السلطات الايرانية، حتى الآن على الاقل، في خداع الولايات المتحدة والدول الغربية فيما يتعلق ببرنامجها النووي من خلال اتباع اسلوب ناعم يقوم على اساس نظرية 'نعم ولكن'.

الايرانيون مستعدون دائما للمشاركة في اي جولة مفاوضات تدعو اليها واشنطن او الدول الغربية لبحث قضايا تتعلق بتخصيب اليورانيوم، او فتح مراكزها النووية امام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ولكن دون ان يتنازلوا عن موقفهم السيادي المتعلق في المضي قدما في تخصيب اليورانيوم.

في لقاء فيينا، عرض المفاوضون الغربيون على نظيرهم الايراني مشروعا صاغه الدكتور محمد البرادعي مدير الوكالة الدولية، يقضي بارسال ثلاثة ارباع اليورانيوم الايراني ضعيف التخصيب الى روسيا، وبعد ذلك الى فرنسا، لرفع درجة تخصيبه الى حوالي عشرين في المئة، وبما يؤدي الى استخدامه في تشغيل مفاعل ايراني للاستخدامات المدنية، والطبية منها على وجه الخصوص.

المفاوضون الايرانيون رحبوا بالمشروع، ولم يرفضوه، وقالوا انهم سيناقشونه مع حكومتهم في طهران وسيأتون بالرد، وهذا ما حدث، ولكن الرد جاء بعد اسبوع من المهلة المحددة، ويتضمن المزيد من المناقشات لتوضيح بعض النقاط، ومجموعة من المقترحات المضادة في الوقت نفسه، مثل رغبة ايران في شراء يورانيوم مخصب، وتسليم ما في حوزتها من كميات يورانيوم على دفعات وليس مرة واحدة، يتم الاتفاق على حجمها.

الادارة الامريكية تدرك ان السلطات الايرانية تستخدم اساليب المناورة لكسب المزيد من الوقت، ولهذا قالت ان المهلة المطروحة امام ايران للرد على مشروع الدكتور البرادعي ليست مفتوحة، وعلى ايران ان ترد في غضون ايام والا عليها ان تتحمل العواقب.

الرد الايراني جاء 'باردا' على مثل هذه التهديدات، وتلخص في القول بانه، اي الرد الايراني، سيأتي في 'الوقت المناسب' ولا احد يعرف ماهو الوقت المناسب.

لم يتعرض الامريكيون وحلفاؤهم الغربيون الى مثل هذه الاهانات الذكية والمتعمدة من قبل، فقد تعودوا ان يفرضوا شروطهم كاملة، وعلى الطرف الآخر، والعربي خاصة، قبولها دون اي مناقشة، ولهذا لا يعرفون كيف يتعاملون مع صانع السجاد الايراني الصبور والذكي، الذي لا يهتز مطلقاً امام تهديداتهم هذه، سواء بفرض حصار خانق او اللجوء الى الخيار العسكري.

الايرانيون ينظرون باحتقار الى الولايات المتحدة هذه الدولة التي لا تملك ارثاً حضارياً، ولا يزيد عمرها عن اربعة قرون، ويعتقدون ان قوتها هذه زائلة، وانها بحاجة اليهم اكثر مما هم بحاجة اليها.

مسرحية القط الايراني مع الفأر الامريكي ستستمر حتى نهاية هذا العام، وهو الموعد النهائي الذي حددته ادارة اوباما كسقف اعلى للمفاوضات قبل اللجوء الى الخيارات الاخرى.

والسؤال الذي يطرح نفسه هو عما ستفعله الولايات المتحدة بعد ان تدرك عدم رغبة الايرانيين في التخلي عن طموحاتهم النووية المشروعة.

الحصار الاقتصادي الخانق تهديد اجوف، لان ايران محاطة بدول فاشلة، مما يعني ان ضبط حدودها سيكون شبه مستحيل، مضافاً الى ذلك ان روسيا والصين قد لا تلتزمان باي قرارات بشأن الحصار بسبب العقود الاقتصادية الضخمة التي وقعتها شركاتها مع ايران (حجم العقود الصينية يزيد عن مئة مليار دولار).

اما الخيار العسكري فمكلف للغاية، لان ايران ستدافع عن نفسها وتحاول الانتقام من اي جهة تهاجمها، وتملك صواريخ وخلايا نائمة، وفوق كل هذا 'حزب الله' في جنوب لبنان.

ايران فازت حتى الآن في مسابقة 'عض الاصابع' ونجحت في اذلال الولايات المتحدة ومفاوضتها من خلال القاء الكرة في ملعبها عبر استراتيجية 'نعم ولكن' المستمرة حتى الآن على الأقل.

============================

كلينتون في إسرائيل اليوم تمهيداً للقاء أوباما ـ نتنياهو

حلمي موسى

السفير 31-10-2009

تصل وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون مساء اليوم إلى إسرائيل، في أول زيارة لها منذ تشكيل حكومة بنيامين نتنياهو. ورغم أن الهدف المعلن هو تسهيل استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية، إلا أن الهدف الحقيقي هو الإعداد للقاء نتنياهو مع الرئيس الأميركي باراك أوباما بعد حوالى عشرة أيام في واشنطن. ويبدو أن أهمية اللقاء حفزت وزير الدفاع ايهود باراك على إلغاء زيارته لاسبانيا والذهاب مع نتنياهو إلى العاصمة الأميركية.

وبحسب المراسلين الإسرائيليين فإن وصول كلينتون إلى المنطقة في ظل الجمود البادي في العملية السياسية يرمي إلى نقل رسالة واضحة للطرفين: الإدارة الأميركية ينفد صبرها وهي عازمة على بدء المفاوضات الثنائية بين إسرائيل والفلسطينيين وتحريك العملية السياسية خلال وقت معقول.

وتحاول كلينتون إقناع الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالعودة إلى طاولة المفاوضات ولكن التقديرات الإسرائيلية ترى أن فرص نجاحها في تحقيق اختراق، محدودة. ومن المقرر أن تجتمع كلينتون غداً مع نتنياهو بحضور كل من باراك ووزير الخارجية أفيغدور ليبرمان. وليس معلوما ما إذا كانت ستجتمع مع نتنياهو على انفراد كما جرت العادة في الماضي أم لا. كما ستجتمع في اليوم ذاته مع الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز.

وكان المراسل السياسي لصحيفة «هآرتس» باراك رابيد قد أشار إلى أن عباس أبلغ محافل إسرائيلية أنه «يخشى ان يكون هذا هو نتنياهو العام 1996 نفسه». وأوضح رابيد أن نتنياهو سيبلغ وزيرة الخارجية الأميركية في لقائها معه أنه اذا لم تستأنف المفاوضات، فسيكون مستعدا لفحص التقدم نحو تسوية انتقالية مع السلطة ايضا.

ونقلت شخصيات إسرائيلية التقت مؤخرا مع عباس عنه قوله: «أعرف ان نتنياهو براغماتي والجميع يقول لي انه تغير، ولكني لا أرى ذلك. اخشى أن يكون هذا هو نتنياهو 1996 ذاته. يقولون لي انتظر، ولكن كم من الوقت يمكنني أن اعطيه مهلة؟».

وبحسب «هآرتس» فإن تقديرات رئيس السلطة الفلسطينية تشير إلى أن ما تبقى من وقت بات ضئيلا لتغيير الميل السلبي في المسيرة السلمية. وأمله هو ان تعطي زيارة كلينتون، وبالأساس محادثاتها في اسرائيل اختراقا. وقال ابو مازن: «انا مستعد لاعطاء نتنياهو فرصة، ولكن لدينا اسبوعين إلى ثلاثة أسابيع فقط أخرى يجب لشيء ما ان يحصل فيها».

وشدد مصدر اسرائيلي على أن عباس محبط جدا من نتنياهو ومن تغيير سياسة حكومة اسرائيل، ولا سيما مما وصفه «بالخطاب المتطرف».

وخلافا لتصريحاته في وسائل الاعلام في نصف العام الأخير، والتي قال فيها ان الفجوات بينه وبين اولمرت كانت واسعة، فقد قال عباس في المحادثات المغلقة امورا مغايرة: «انا وأولمرت كدنا ننهي كل شيء. في كل المسائل تقريبا توصلنا الى اتفاق شفوي». وعن سبب عدم قبوله بعرض اولمرت؟ قال: «كانت هناك مشاكل»، ملمحا الى التحقيقات التي اجبرت اولمرت على الاستقالة.

ومن جهة أخرى، يعتبر المعلقون الإسرائيليون أن انضمام باراك لزيارة نتنياهو إلى العاصمة الأميركية يشير إلى القيمة السياسية الكبيرة لهذه الزيارة. وكان نتنياهو قد أبلغ الكنيست قبل يومين أن بانتظار إسرائيل قرارات مصيرية فهم كثيرون أنها تتعلق بالِشأنين الإيراني والفلسطيني. وليس مقررا بعد ما إذا كان نتنياهو وأوباما سيلتقيان على هامش مؤتمر المنظمات اليهودية بين 8 و10 تشرين الثاني المقبل. ويجزم الإسرائيليون بأن عدم تأكيد الأميركيين أمر اللقاء يدخل في باب الضغوط الأخيرة على نتنياهو لتسهيل حدوث اختراق سياسي مع الفلسطينيين.

وخلال لقائه المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل، في القدس المحتلة أمس، قال نتنياهو «أتطلع الى مناقشاتنا والمناقشات مع كلينتون للسعي وراء استئناف مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين في أقرب وقت ممكن»، فيما وصف ميتشل تحقيق السلام الشامل في المنطقة بأنه «هدف مشترك».

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ