ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أي مستقبل للإصلاح في
العالم الإسلامي؟ المستقبل - السبت 7 تشرين الثاني
2009 محمد حلمي عبد الوهاب حسنا فعل القائمون على تنظيم مؤتمر "مستقبل
الإصلاح في العالم الإسلامي"،
عندما أتاحوا على الموقع الخاص
بالمؤتمر بثا مباشرا أتاح
للعديد من المتابعين فعاليات
المؤتمر أولا بأول وتلك - برأيي-
سنة حسنة ينبغي اتباعها في كافة
المؤتمرات المهمة التي ستعقد
بالمستقبل المنظور. لكن
بالإضافة إلى هذا العنصر المهم
والفعال، كان عقد المؤتمر في
هذا التوقيت بالذات، فضلا عن
جمعه بين الرؤى النظرية
والعملية بالتركيز على "الخبرات
المقارنة مع حركة فتح الله كولن
التركية" أمرا بالغ الأهمية
نظرا لمجموعة من الاعتبارات
الموضوعية يأتي على رأسها: أولا: أننا نلاحظ في الآونة الأخيرة ما
يمكن تسميته "الصراع على
الإصلاح" من جانب العديد من
الجهات والمؤسسات المحلية
والإقليمية والدولية على
اختلاف مرجعياتها المتعددة. وفي
الواقع، ليست تلك التسمية أمرا
مبالغا فيه وإنما هي نتاج طبيعي
كذلك للحالة المتفاقمة من "الصراع
على الإسلام" ذاته. ولعله من
المعلوم كذلك أن هذا الصراع على
الإصلاح إنما يتغذى أساسا على
عاملين مهمين: أولاهما، الصراع
على الإسلام ذاته. وثانيهما،
حالة الاستقطاب والاختلاف
الحاد بين العلمانيين
والإسلامويين والتشبث بانتساب
دوائر كل من التجديد والتحديث
والإصلاح إلى كل واحد منهما على
حدة. ثانيا: أن الحديث المتنامي عن الإصلاح في
الحقبة الأخيرة لم تصاحبه خطوات
عملية تؤسس له في الواقع، حتى مع
الاعتراف بهشاشة الجهود
المبذولة على المستوى التنظيري!!
وإنما ظل في الغالب الأعم
مرتهنا بنخب سياسية وثقافية لا
تمت للقاعدة الجماهيرية
العريضة بصلة، مثلما غلب عليه
أيضا طابع رد الفعل نتيجة ضغوط
خارجية تتعلق بواقع الصورة التي
أصبح عليها الإسلام في الغرب من
جهة، وفي سياق دفع تهمة الجمود
والإرهاب عن الإسلام والمسلمين
من جهة ثانية. ثالثا: أنه في ظل ذلك الخلط العام افتقدت
الرؤى الإصلاحية إلى أمرين
رئيسيين أشار الدكتور أحمد
الطيب، رئيس جامعة الأزهر، إلى
أولهما في كلمته، ألا وهو
افتقاد هذه المشاريع الإصلاحية
والرؤى التجديدية إلى مرجعية
عليا موحدة متفق بشأنها. وهو ما
يفسر، برأي البعض، تكرار
الأسئلة المثارة يوما بعد يوم
والتي تعيد، إلى حد كبير، إنتاج
التحديات نفسها التي طرحت منذ
أكثر من قرنين من الزمان، وحتى
المعالجات المطروحة اليوم أيضا
فإنها تشبه كذلك، إن لم تكن في
الحقيقة أدنى مرتبة للأسف
الشديد، مضامين الرؤى
الإصلاحية السابقة. الأمر
الثاني والذي أشار إليه الدكتور
أبو يعرب المرزوقي في كلمته
التي ألقتها نيابة عنه الدكتورة
هبه رؤوف عزت، يتمثل في أن
الشروط التي يتأسس عليها
الإصلاح ظلت شبه غائبة تماما عن
كثير من الحوارات الدائرة في
هذا المجال، أضف إلى ذلك أيضا
حقيقة أن ثمة خلطا كبيرا يقع بين
الفكر النظري للإصلاحيين
وتطبيقات هذا الإصلاح على أرض
الواقع. والحال، أن الرؤية الحاكمة للمؤتمر قد
انطلقت استنادا لمجموعة من
المنطلقات المهمة يأتي على
رأسها: أن التنوع في نماذج
الإصلاح يعتبر من أبجديات "المرجعية
الإسلامية" التي يؤمن بها
رواد الإصلاح والتجديد، وأن
التعدد في إطار وحدة المرجعية
ليس فقط مقبولا؛ وإنما هو ضروري
ولازم، كمظهر من مظاهر التعبير
عن فهم الإسلام باعتباره نظاما
شاملا، وأن التنوع في الرؤى
والبرامج الإصلاحية على أساس
المرجعية الإسلامية؛ إنما
ينسجم مع حقائق الوقائع
الاجتماعية والسياسية، ويعكس
في الوقت نفسه جوهر الفطرة
الإنسانية التي تتأبى على
التنميط والقولبة وتنزع دوماً
للتنوع وتتآلف مع حقائق التعدد
في الكون ومعطيات الحياة
الاجتماعية. وبحسب الورقة
التعريفية للمؤتمر، فإن
المرجعية الإسلامية ذاتها هي
التي تفتح الأبواب المغلقة،
وترحب بجميع الاجتهادات التي
تشتبك مع الواقع وتهدف لإصلاحه
وتطويره. وإلى جانب السعي لتحقيق تراكم علمي مقارن
في دراسة نماذج وحالات الإصلاح
في النصف الثاني من القرن
العشرين، والتي لم تحظ حتى الآن
بما حظيت به نظائرها منذ نهاية
القرن الثامن عشر؛ فإن التعريف
بـ"حركة الشيخ محمد فتح الله
كولن"، التي تعد حركة
اجتماعية مدنية إصلاحية ذات
مرجعية إسلامية، وذات تأثير
عالمي كان من أهم الأهداف
الرئيسية للمؤتمر. وفي هذا
السياق، حاولت الأوراق المقدمة
من قبل الباحثين الإجابة على
مجموعة من التساؤلات المهمة من
بينها: لماذا نجحت حركة كولن في التواصل إيجابيا
مع الغرب أكثر من أي حركة
إصلاحية أخرى أتت من العالم
الإسلامي؟ وقد تم ذلك عبر
الحوار الفكري حول الدور
الإصلاحي لهذه الحركة داخل
تركيا وخارجها، ومقارنتها
بجهود الإصلاح التي شهدها
العالم الإسلامي خلال النصف قرن
الأخير تحديداً، وتعميق
المعرفة العلمية بهذه الجهود،
وبيان كيفية الاستفادة
بخبراتها الناجحة في مواجهة
مشكلات الواقع وتحديات
المستقبل في عالمنا العربي
والإسلامي. هذا وقد شارك في
أعمال المؤتمر نخبة متميزة من
العلماء وأساتذة الجامعات
والباحثين من مصر ولبنان وعدد
من الدول العربية والإسلامية
ومن الولايات المتحدة
الأميركية. أما المحتفى بتجربته الأستاذ كولن، فقد
أعرب في كلمته الافتتاحية عن
سعادته الشخصية بعقد هذا
المؤتمر نظرا لأهمية موضوعه
مؤكدا أن موضوع الإصلاح هو قضية
الأمة الأولى خاصة وأن أسئلته
الفلسفية والاجتماعية لا تزال
معلقة في أفق العقل الإنساني
المعاصر، وأن وضع العالم اليوم
أكبر دليل على ذلك. وفي ما يتعلق
بالأمة الإسلامية أكد كولن أننا
لا نزال نعاني من عدم وضوح
الرؤية وعدم ضبط مفهوم الإصلاح
كما ورد بالقرآن والسنة، وكما
تجلى في ممارسة الأنبياء
المرسلين عليهم السلام. كما شدد
أيضا على أن الرحمة تعد بمثابة
جوهر الرسالة الإسلامية، وأن
الإصلاح بحاجة إلى رجال مخلصين
وإلى المزيد من التربية
والتعليم اللذين يمثلان جوهر
المنهاج الإصلاحي حيث ثبت عن
النبي (ص) أنه قال: "إنما بعثت
مُعلِمًا" هذا وقد بدأ
المؤتمر أولى جلساته بمقر جامعة
الدول العربية بالقاهرة يوم
الإثنين الموافق 19 تشرين الاول
واستمر لمدة ثلاثة أيام متتالية
حتى مساء الأربعاء الموافق 21
تشرين الاول. أكاديمي وباحث مصري _____________________ الإرهاب والديمقراطية
وأثرهما في المجتمعات د . سهير عواد الكبيسي آخر تحديث:السبت ,07/11/2009 الخليج يعد الإرهاب ظاهرة القرن الحادي
والعشرين، فكل دول العالم
تتسارع اليوم وكل يوم على
محاربته والقضاء عليه، فهو سمة
العصر الحالي . وأحد عناصره
الأساسية اعتماد ظاهرة العنف
المباح الذي لا يقف عند حدود
دولة معينة . فبعد حادثة 11 ستمبر/أيلول
2001 أصبح الإرهاب يطرق أبواب
الدول واحدة تلو الأخرى سواء في
أمريكا أو في أوروبا أو في الشرق
الاوسط، فما يكاد أن يضرب هذه
الدولة حتى ينقض على الأخرى .إن
الإرهاب هو في الحقيقة ليس وليد
العصر الحالي إنما هو قديم قدم
التاريخ، إذ إن تاريخ البشرية
مملوء بالحروب المتكررة
والمآسي في مختلف بلدان العالم . تعددت أشكال الإرهاب فمنه إرهاب الدول
القوية للدول الضعيفة أو غير
القادرة على مجابهتها عن طريق
شن الحروب غير المبررة، كما حدث
في أفغانستان والعراق، وهذه
الحروب تعتبر نوعاً من أنواع
الإرهاب القديم- الحديث . إضافة
لما تمارسه “إسرائيل” ضد الشعب
الفلسطيني . إن إرهاب الدول القوية وتحكمها بمصائر
وقدرات دول أخرى والتدخل في
شؤونها المصيرية وتخطيطها
لمستقبلها السياسي وحسب
مصالحها الذاتية، وبما يتناقض
مع مصالح تلك الشعوب التي تحكمت
في مقدراتها السياسية
والاقتصادية والاجتماعية . وهناك نوع آخر من الإرهاب يسمى إرهاب
الدولة لمواطنيها في قمع
حرياتهم والتضييق عليهم في حق
إبداء الرأي أو التعبير عنه، أو
حق التظاهر، أو اختيار مرشحيهم
في الانتخابات، وإشراك المرأة
في المناصب السيادية وما شاكل
ذلك . ويصعب تحديد مفهوم الإرهاب، فلا يوجد
تعريف موحد للإرهاب لحد الآن،
ذلك لاختلاف أشكاله وأنماطه
وأسبابه واختلاف أساليب
الجماعات الإرهابية ومعايير
النظر إليها، إلا أن التعريف
العام لوزارة الخارجية
الأمريكية لعام 1998 للإرهاب يحدد
على أنه عنف مقصود ومدفوع
بدوافع سياسية وموجه ضد غير
المقاتلين من قبل جماعة معينة
بهدف التأثير في الجمهور . ويتمييز هذا التعريف بالشمول، غير أن
دولاً أخرى لها تعريفات مغايرة . أما علماء الاجتماع فقد حددوا تعريف
الإرهاب بأنه عنف غير متوقع
صادم، غير شرعي موجه ضد غير
المقاتلين، ويضم المدنيين
والعسكريين ورجال الأمن في
أوقات السلم، أو ضد الرموز بهدف
إثارة الرأي العام حول أهداف
سياسية أو دينية أو الضغط على
الحكومات أو الافراد للضغط
عليها وتحقيق أهدافها المرجوة .
أما جون جالتينج أستاذ بحوث
السلام في جامعة هاواي فيصف
أنواعاً كثيرة من الإرهاب مثل
العنف والعنف ضد الطبيعة أو
الجرائم الايكولوجية كجرائم
التلوث والأمطار الحمضية،
والإرهاب ضد الذات كالادمان على
المخدرات والكحول والتدخين أو
الانتحار الذاتي، والعنف ضد
الأسرة كالإساءة إلى الأطفال
والعدوان الجسدي والكلامي
عليهم، والإرهاب ضد الأفراد
كالسلب والنهب والاعتداء
والاغتصاب والقتل، والإرهاب ضد
مؤسسات الدولة كالفساد المالي
والإداري، والإرهاب والعنف
الأهلي أو ما يسمى بالحروب
الأهلية وغيره من أشكال الإرهاب
والعنف . إن العمليات الإرهابية
التي تستهدف أهدافاً حساسة لأية
دولة مثل الأهداف السياحية،
والسفارات وقنصليات الدول
الأجنبية، والمؤسسات والوزرات،
والمراقد الدينية، إنما تستهدف
إسقاط هيبة الدولة، وايصال
رسالة إلى المواطنين بأن دولتهم
غير قوية ويسهل اختراقها
ومواجهتها، وأنها غير قادرة على
حمايتهم . ومثلما حدث في 11 سبتمبر/أيلول 2001 في
أمريكا، وفي تفجيرات لندن لعام
،2005 وتفجيرات الأردن ،2005 ومدريد
ومصر وجاكرتا والهند والمغرب
والجزائر وموريتانيا، فضلاً عن
العراق وافغانستان وباكستان
الاكثر شمولا بالعمليات
الإرهابية . وتجدر الإشارة هنا إلى التفريق بين
الإرهاب والمقاومة المسلحة
المشروعة التي تستهدف المحتل
فالمقاومة تختلف اختلافاً
جذرياً عن الإرهاب الذي يستهدف
الأماكن الحيوية للدولة
والمواطنين الأبرياء العزل،
أما المقاومة فهدفها واضح هو
تحرير البلاد من براثن المحتل
وأعوانه وهذا ما أقرته الشرائع
السماوية، وجميع المواثيق
والقرارات الدولية . إن الرد على العنف بعنف أكبر هو الخطأ
بعينه، وهذا الشيء لا يقبله
العقل ولا المنطق، إذ إن الحل
الوحيد الأمثل هو اعتماد
الأسلوب الديمقراطي لأنه
الأجدر والأقدر وهو وصفة الشفاء
لمرض تعددت أشكاله وأنواعه،
وذلك لأن الديمقراطية تقوم على
أساس احترام الكرامة
الإنسانية، وهي مصدر حقوق
الإنسان جميعها أي بمعنى أنه
يجب التعامل بالتساوي في
الكرامة الإنسانية وأمام
القانون . والديمقراطية العالمية هي الجامع
المشترك الأكبر بين الدول
الآمنة داخلياً واجتماعياً على
الرغم من اختلافها في التاريخ
واللغة والثقافة والدين، وهذا
يعني مطالبة مجمل الأقليات
العرقية والاثنية والدينية في
العالم بحقوقها في الديمقراطية
لضمان تمتعها بحقوقها
الإنسانية، وكما أن الإرهاب
متنوع بأشكاله وألوانه، كذلك
الديمقراطية فهي متنوعة
بأشكالها وأنواعها . فهناك الديمقراطية الأصيلة وهي
الديمقراطية الخالية من الرياء
والفساد والتكلف، والديمقراطية
الفاسدة أو الزائفة،
والديمقراطية المراوغة وغيرها،
والحل الأنسب هو في اعتماد
الديمقراطية الأصيلة التي
تتميز بأن الشعب يكون فيها مصدر
السلطات والمصدر النهائي
للتشريع والقوانين بالفعل
والتصرف لا بالشكل أو النص فقط،
والفصل بين السلطات والرقابة
المتبادلة، وتداول السلطة في
مرحلتي الذهاب والإياب منها أي
احترام حق الشعب في اختيار من
يمثله ويحكمه وخضوع المنتخبين
للمساءلة القانونية، واعتماد
أسلوب التعددية الحزبية،
ومؤسسات المجتمع المدني، وحرية
الصحافة ووسائل الإعلام،
واحترام حقوق الأقليات
الإنسانية، وجعل المواطن قيمة
عليا في المجتمع، واحترام
الحريات العامة المدنية
والسياسية، فضلاً عن تكافؤ
الفرص في التمثيل البرلماني بين
الرجل والمرأة على حد سواء . إن الديمقراطية حق تكفله جميع القوانين
والدساتير المشروعة، وهي قبل كل
شيء حق أباحه الله لبني البشر،
وذلك لأن الله سبحانه وتعالى
كرم بني آدم وجعلهم خلفاءه في
الأرض، وهذا يعني ان الإنسان
قيمه كبيرة ولها مكانتها في
المجتمع وعلى الجميع احترام
حرياته وقراراته وارائه
ومعتقداته فالكل سواء أمام
القانون الإلهي، والقانون
المدني . إذن الديمقراطية هي ثقافة وقيم نشأ عليها
الفرد والمجتمع، وهي سلسلة
كاملة من العمليات المؤسسية
وغير المؤسسية القادرة على
إحداث التغيير السياسي
والاجتماعي، وضمان الحرية
الكاملة والمساواة وتحقيق
العدالة المطلوبة في المجتمع،
وهذا الشيء مطلوب في مجتمعاتنا
العربية والإسلامية، وكما هو
الحال في المجتمعات الغربية . والديمقراطية الحقيقية لاتنشأ من فراغ أو
من شعارات رنانة، وإنما تنشأ
وتتعزز من خلال تعليم وترويض
ديمقراطي مستمر، يقوم على أساس
التعبير الحقيقي عن حرية الرأي
والتفكير الناقد البناء الذي
يقوم على أساس معطيات واقعية،
وهذا هو حقيقة الكمال الأخلاقي
والمواطنة الصالحة التي تتأسس
عليها المجتمعات الديمقراطية،
التي عليها أن تدعم بكل ما أوتيت
من قوة هذا النهج البناء من حيث
الترويج له في الإعلام والصحافة
والتلفاز والقضاء العادل
النزيه . وفي حقيقة الأمر أن الديمقراطية هي التي
تنبثق من داخل الشعوب ولا تأتي
مستوردة من الخارج لا تمت بصلة
لواقع هذه الشعوب، وهذا ما أكده
مالكوم ريفكند وزير الخارجية
البريطاني الأسبق وعضو مجلس
العموم في الشأن العراقي إلى ان
(العراق يحتاج أجيالاً عدة كي
يشفى من الأمراض التي أصيب بها
جراء تأسيس ديمقراطية على أسس
طائفية، وأنه لا يمكن بناء
ديمقراطية عبر الاحتلال
الخارجي وإنما بواسطة قوى
المجتمع الداخلية . وتعمل الديمقراطية على تلبية جميع
احتياجات الفرد الأساسية من
الغذاء والمأوى والأمن، ويأتي
الأمن المفقود الذي نلاحظه
اليوم على وجه الخصوص في كل من
العراق وافغانستان وباكستان في
مقدمة أولويات الدول، فما يكاد
يمر يوم دون عمليات إرهابية
تستهدف أرواح الأبرياء العزل،
فضلاً عن بقية دول العالم
المتستهدفة . وهذا الأمر يقتضي من أي مجتمع كان عربي أو
إسلامي أو غربي العمل على
احتواء التطرف والمتطرفين
بإجراء الحوار المباشر البناء
واعتماد الأسلوب السلمي، إذ لا
يجوز مواجهة العنف بالعنف،
فالتصرفات الخاطئة تنشأ عن
معتقدات خاطئة فلا يمكن تعديلها
عن طريق الضغط الجسدي والنفسي،
قد يكف الفرد عنها نتيجة الخوف
لأجل محدد وتظل تسيطر عليه
المعتقدات الخاطئة حتى إذا ما
وجد الفرصة المناسبة خرج ليحقق
معتقداته . فلابد من إصلاح السلوك البشري باعتماد
الطرق السياسية والدبلوماسية
والحلول المرضية لكل من الحاكم
والمحكوم والقضاء على آفة
الإرهاب التي تهدد المجتمعات
الشرقية والغربية على حد سواء . ________________________ نتانياهو نجح في إخضاع
أميركا من جديد الجمعة, 06 نوفمبر 2009 راغدة درغام – نيويورك الحياة تزداد الحاجة الى طروحات واستراتيجيات
غير اعتيادية في هذه المرحلة
الحرجة من انحسار الأمل بتقدم
العملية السلمية في الشرق
الأوسط في ضوء ازدياد الغطرسة
الإسرائيلية وتصاعد السخرية
الإيرانية وتفاقم الانقسامات
الفلسطينية والعربية وتراجع
السياسات الأميركية. السؤال
البديهي في كل هذه الملفات
ولجميع المعنيين بها هو: ما
المطلوب؟ فإذا كان المطلوب من
المفاوضات الفلسطينية –
الإسرائيلية دولتين تعيشان
جنباً الى جانب بسلام وأمن، ما
هو شكل كل دولة من وجهة النظر
الإسرائيلية – الفلسطينية،
ومَن يتولى مهمة الاستيضاح
النزيه كي يكون للتفاوض جدوى
وصدقية ونتيجة ملموسة على الأرض
وليس ليكون مجرد عملية إلهاء
وسلوى؟ الجواب الواضح هو ان على
الرئيس باراك أوباما، إذا كان
يريد للولايات المتحدة أن ترعى
وتدير العملية السلمية، أن
يتوجه بالسؤال الى كل من رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتانياهو والرئيس الفلسطيني
محمود عباس، وبإلحاح. فإذا
تبيّن له ان نتانياهو يتحايل
على فكرة الدولة الفلسطينية وفي
ذهنه شكل مبتور ومبعثر لتلك
الدولة، فمن واجبه إما إعلان
تراجعه عن جهوده مهما كان لديه
من حسن النية وصدق العزيمة، أو
أن يبادر الى تقديم تصوّر
الرئيس الأميركي المتكامل لشكل
الدولة الفلسطينية التي، في
رأيه، يجب أن تسفر عنها
المفاوضات وأن يعقد العزم على
العمل نحوها لأن معالجة هذا
النزاع – بحسب قوله – تشكل
حجراً مهماً في المصلحة القومية
الأميركية. الفلسطينيون والعرب
الآخرون مطالبون من جهتهم بتبني
استراتيجية بديلة عن التفاوض
المفتوح الأفق لدى وضوح الإصرار
الإسرائيلي على عدم الرغبة
بصيغة حل الدولتين بصدقية. هذا
البديل متاح بمختلف الوسائل
للعرب، وليس للفلسطينيين، إذا
شاء العرب استخدام سلاح الموارد
الطبيعية أو المقاومة المسلحة
جماعة – ولن يفعلوا. لن يفعلوا
لأنهم لا يريدون محاربة إسرائيل
ولأن الخيار التفاوضي السلمي هو
خيارهم الاستراتيجي.
الفلسطينيون لا خيار أمامهم سوى
إما الاستمرار في العملية
السلمية حينما يقومون ببناء
المجتمع والبنية التحتية
للدولة الفلسطينية بمؤسسات، أو
أمامهم خيار العصيان المدني –
ربما في موازاة بناء المؤسسات.
أي كلام عن خيار المقاومة
المسلحة أو تسليح الانتفاضة
إنما هو فخ يُنصب للفلسطينيين
وهم وحدهم يدفعون ثمنه. وربما من
الدواعي الملحة اليوم أن تعتمد
الدول العربية استراتيجية
متكاملة تتضمن إنشاء صندوق
بأموال سخيّة يوضع تحت إشراف
وتصرف السلطة الفلسطينية فقط،
بهدف دعم المدنيين المتضررين في
حال المقاومة المدنية وكجزء من
دعم البنية التحتية للنسيج
الاجتماعي في فلسطين. ربما من
الملح اليوم لبعض الدول العربية
أن يتبنى سياسة الإيذاء
التدريجي للدول المتعالية عليه
في المنطقة والتي تسبب عدم
الاستقرار والتوتر له وفي
جيرته، وفي مقدمته إسرائيل
وإيران. والوسائل المدنية كثيرة
من النفط والغاز، الى حملة ذكية
توجّه المعركة السياسية في
الموضوع النووي الى ساحة
إسرائيلية – إيرانية. فليس
صحيحاً أن الدول الخليجية تؤيد
ضربة عسكرية إسرائيلية ضد إيران
أو منشآتها النفطية، على رغم
مزاعم إسرائيلية تفيد بالعكس.
فالضربة العسكرية مكلفة
لاستقرار المنطقة. إنما الصحيح
ان عدداً من الدول المهمة في
مجلس التعاون الخليجي في وسعه
إيذاء إيران اما عبر تقييد
حركتها في موانئ دول المجلس أو
عبر رفع مستوى انتاج النفط،
تدريجاً أو دفعة واحدة، ما يؤدي
الى افلاس إيران وإغراقها في
بلبلة. وبالتأكيد، ان أفضل
وسيلة لإيذاء عربي ذكي لإسرائيل
هو في تسريع بناء مقومات الدولة
الفلسطينية بزخم استثمارات
عربية ضخمة توحّد الفلسطينيين
وراء بناء الدولة لإنهاء
الاحتلال. إدارة باراك أوباما ارتكبت أخطاء كثيرة
في تناولها المسألة الفلسطينية
– الإسرائيلية آخرها أتى عبر
خطأ استراتيجي خطير للولايات
المتحدة وعلى منطقة الشرق
الأوسط ارتكبته الإدارة على
لسان وزيرة الخارجية هيلاري
كلينتون هذا الأسبوع.
باستخدامها الخاطئ أساساً
لتعبير «غير مسبوق» في وصفها
مواقف حكومة بنيامين نتانياهو
من المستوطنات الإسرائيلية،
عبّرت هيلاري كلينتون عن العجز
الأميركي ازاء اسرائيل وأعادت
إحياء لعبة «اللوم» التي
مارستها شتى الإدارات
الأميركية السابقة بما فيها
إدارة زوجها بيل كلينتون. الملفت ان بعض رجال الشرق الأوسط في إدارة
باراك أوباما الذين يتولون
توجيه السياسية الأميركية نحو
إسرائيل والعرب وإيران هم رجال
إدارة بيل كلينتون الذين كلفهم
الرئيس السابق «إدارة» عملية
السلام لسبع سنوات قبل أن
يستفيق الى صنع سيرته التاريخية
في السنة الثامنة. أحد هؤلاء
الرجال هو دنيس روس الذي يعتبر
اليوم، بحسب المسؤولين
والديبلوماسيين في إدارة باراك
أوباما، الرجل المكلف صياغة
السياسة الأميركية نحو النزاع
العربي – الإسرائيلي ونحو
إيران. انه الرجل القوي في مجلس
الأمن القومي المحاذي للبيت
الأبيض، وبصماته واضحة على ما
قامت به هيلاري كلينتون هذا
الأسبوع. في أولى وأهم مهماته عندما عمل في الإدارة
الجمهورية أيام جورج بوش الأب
أثناء الانتفاضة الأولى، لعب
دنيس روس دوراً رئيساً في هندسة
عملية السلام للشرق الأوسط،
وبإقراره كان هدف تلك العملية
حسب تصوره لها احتواء الانتفاضة
ونزع الفتيل عنها لحماية
إسرائيل منها. دنيس روس لم يخف
عاطفته نحو إسرائيل وهو كان
شفافاً دائماً في هذا الصدد
بدخوله وخروجه من البيت الأبيض
عبر بوابة «ايباك» التي تقوم
باللوبي في الولايات المتحدة
لصالح إسرائيل. الملفت في الأمر ليس دنيس روس وانما
اختيار باراك أوباما دينيس روس
كأحد ركائز صنع سياسته نحو
الشرق الأوسط والعالم
الإسلامي، ذلك ان التوفيق بين
آراء وأفكار وعاطفة أوباما وبين
تاريخ وتجربة ورؤية والتزامات
روس يستحق بالتأكيد «حك الرأس»
استهجاناً. على أي حال، سواء كانت بصمات دنيس روس أو
رؤية باراك أوباما أو هفوة
هيلاري كلينتون، ان معنى ما
قالته الوزيرة – السيدة الأولى
السابقة هو ان ادارة أوباما
تصادق على الموقف الإسرائيلي من
الاستيطان مهما حاولت السيدة
كلينتون بعد ذلك إرضاء زملائها
العرب في مراكش بكلامها حول
الموقف الأميركي «المعروف» من
الاستيطان. معنى ذلك أن بنيامين نتانياهو نجح في
تكتيك تسجيل النقاط وفي
استراتيجية إخضاع الولايات
المتحدة مرة أخرى لما يريد من
دون احتجاج يذكر لا من الإدارة
الجديدة التي تعهدت الحزم وعدم
التراجع ولا من الداخل
الإسرائيلي الذي يستاء
تقليدياً من رئيس وزراء له
يتحدى ويعارض ويسلك طريق
المواجهة مع الولايات المتحدة. معنى ذلك ان الولايات المتحدة فقدت
تماماً أدوات النفوذ مع إسرائيل
حتى عندما تأتي التصرفات
الإسرائيلية على حساب المصلحة
القومية الأميركية. بل أكثر، من
ذلك فقدت القدرة على الضغط ليس
فقط بسبب مواقف الكونغرس
التلقائية في تبنيها الموقف
الإسرائيلي حتى وان كان
استيطاناً غير شرعي أو انتهاكاً
لقواعد وسلوك الحرب أو تشريداً
لعائلات مدنية بريئة من بيوتها
– وانما أيضاً بسبب توغل اللوبي
الإسرائيلي القوي وتأثيره داخل
إدارة باراك أوباما، وهذا سيكون
مكلفاً للغاية لفترة طويلة
وبعيدة المدى لأن استعادة
النفوذ في أعقاب إجهاض كهذا لن
تكون سهلة، فلقد أطلقت إدارة
أوباما النار على قدميها وعطبت
نفسها بنفسها. حصيلة الأمر ان الفلسطينيين اليوم يقفون
بمفردهم في زاوية الاتهام فيما
أميركا بجانب إسرائيل، وروسيا
ممتنعة عن الخوض في صميم هذه
المسألة، وأوروبا تختبئ وراء
اصبعها متظاهرة بأنها لا تعلم
ماذا عليها أن تفعل، والأمين
العام للأمم المتحدة أخيراً
اتخذ موقفاً ينتقد إجراءات
إسرائيل ضد المدنيين في بيوتهم
ويدعو الى تجميد الاستيطان.
وبالتالي ان «اللجنة الرباعية»
التي تضم هؤلاء الأطراف باتت
شاهد زور على «خريطة الطريق»
الى قيام دولة فلسطين بجانب
إسرائيل، لأن تلك الخريطة طالبت
أساساً إسرائيل بتجميد نشاطات
الاستيطان كلها وليس بعضها «غير
المسبوق» حسب تعبير وزير
الخارجية الأميركية. واقع الأمر أن لا هيلاري كلينتون ولا
مبعوث الرئيس الأميركي الخاص
جورج ميتشل حاولا ضمان التنفيذ
التام لخريطة الطريق. كلاهما
كان حاضراً في اللقاء الثلاثي
في نيويورك بين الرئيس
الفلسطيني محمود عباس والرئيس
أوباما ونتانياهو حين زُج تعبير
«ضبط» الاستيطان بدلاً من
تجميده. ثم أتى أوباما في اليوم
التالي ليصحح الخطأ والانطباع
وتحدث عن عدم شرعية الاستيطان
وعن القدس وعن أهداف المفاوضات
وعن الحل النهائي وعن قيام دولة
فلسطين مكان الاحتلال الذي وقع
عام 1967. فما هي حقاً السياسة الأميركية؟ فإذا
كانت مجرد القبول بما تقدمه
إسرائيل، الدولة القائمة
بالاحتلال، لأن هذا هو سقف
القدرة الأميركية في التأثير مع
إسرائيل، عندئذ ان الورطة كبيرة. رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض يقول
ان «مهمة إنهاء الاحتلال معهود
بها للمجتمع الدولي وليست منوطة
بالقوة القائمة بالاحتلال».
ويشير الى ان عملية «أوسلو»
وضعت إنهاء الاحتلال في عهدة
الدولة القائمة بالاحتلال
وكرست أسلوب «نصف الرغيف» كأمر
واقع لمدة 15 سنة، وان الإدارة
الأميركية فشلت في ضمان أمر
بديهي وأساسي وهو إقناع إسرائيل
بالتوقف عن انتهاك القانون
الدولي، ويقول: «معقول اذن
للفلسطينيين ان يسألوا: من يضمن
لنا ما ستؤدي اليه المفاوضات
إذا استمرت على هذا الأساس؟». ما يقوله سلام فياض هو: اسألوا نتانياهو
ماذا في ذهنه عندما يتحدث عن
دولة فلسطينية – فهذا السؤال
معقول. إذا كان شكل الدولة
الفلسطينية مفصلاً على طريقة
نتانياهو وحسب تصوره لأن هذا ما
ترتئيه الدولة القائمة
بالاحتلال، «آن الأوان لإعادة
النظر في مبدأ إعطاء القوة
القائمة بالاحتلال اليد العليا
وصلاحية هذا القرار. فهذا
القرار هو مسؤولية الدول
والمجتمع الدولي». فشل الإدارة الأميركية في إقناع إسرائيل
بتجميد الاستيطان انما يشكل
حافزاً ضرورياًَ لتشييد البنية
التحتية للدولة الفلسطينية
ويتطلب دعماً عربياً سخياًَ
ومتماسكاً في استراتيجية ذكية
لبناء الدولة وتوحيد
الفلسطينيين وراء بناء الدولة
بعيداً من المهاترات السياسية
والمزايدات الفلسطينية
والعربية. فأهم عصيان مدني لإسرائيل هو عصيان
الاحتلال عبر بناء مؤسسات
الدولة والبنية التحتية
للمجتمع الفلسطيني ليكون مرفوع
الرأس شامخاً وواثقاً وهو يواجه
بالبناء محاولات إسرائيل
استدراجه الى تدمير الذات. واجب
الدول العربية توفير هذه
الإمكانيات بما في ذلك بصورة
مؤسساتية عبر صندوق دعم يزيل
أساليب «المعونة» عبر التوسل أو
الاستعطاف. أما إدارة أوباما فعليها أن تصون رئيسها
من الاستهتار به وتصون الولايات
المتحدة من استحقاقات الانصياع
لإسرائيل حتى وهي تنتهك القانون
والشرعية الدولية، فآخر ما
تحتاجه الولايات المتحدة اليوم
هو توسيع رقعة الغضب منها
تكراراً بسبب دعمها الأعمى بلا
محاسبة لإسرائيل مهما كابرت
وتغطرست. __________________________ السبت, 07 نوفمبر 2009 حازم صاغيّة الحياة ثمّة فارق واضح وكبير بين تثمين السياسة
التركيّة في براغماتيّتها
وسعيها وراء مصالح بلدها وعملها
بموجب مبدأ «صفر مشاكل»، وبين
امتداح العثمانيّة، قديمة كانت
أم جديدة. لا يقلّل أبداً من هذا
الفارق أن يكون السيّد أوغلو،
الديبلوماسيّ الناجح حتّى
الآن، أحد العاملين على طمسه. ذاك أنّ عدم الانتباه إلى التباين
المذكور يعبّر عن واحد من
العيوب الأصليّة في الثقافة
السياسيّة لمنطقتنا، وهو أن
السلوك الديبلوماسيّ ينبغي أن
يؤدلَج على نحو يضرب جذره في
تاريخ سحيق، فيتحوّل، بهذا،
عمارة متكاملة متماسكة. وهكذا
فإنّ ما يبدأ براغماتيّاً لا
بدّ أن ينتهي، على يدنا،
إيديولوجيّاً. فإذا لم تستو
الأمور على هذا النحو استحال
إسباغ القيمة، أيّة قيمة، على
أبسط سلوك ديبلوماسيّ.
فالسياسة، والحال هذه، لا تكون
قابلة للحكم والمحاكمة ما لم
تؤدلج، بحيث نحوّلها إلى «قضيّة»
أو جملة «قضايا» مترابطة. هكذا يقع المحلّل في ما يقع فيه
الديالكتيكيّ المبتذل حين
يُدرج حالة ما في «سياقها»،
فنراه يسترجع الوضع الدوليّ
والوضع العربيّ والإقليميّ قبل
أن يهبط بنا ليفهم ويُفهمنا كسر
مزراب عين في قرية نائية. أهمّ من هذا جميعاً أنّ قفزنا من امتداح
الديبلوماسيّة التركيّة إلى
امتداح العثمانيّة خيانة للكتب
التي قرأنا والأفكار التي
تعلّمنا في المدارس وغير
المدارس. والامتداح هذا، لا
سيّما في منطقة المشرق العربيّ،
يضع بين مزدوجين الاستبداد
الحميديّ وعيشنا، طوال أربعة
قرون، مِللاً ونِحلاً حيل
خلالها بيننا وبين أن نصير
أمماً وشعوباً. فكأنّما قيم
التنوير والنهضة مرّت مروراً
خاطفاً على أنوفنا. وها نحن إذ نمتدح العثمانيّة لا نفعل غير
إضافة صوت جديد إلى أصوات
الانحطاط المتمادي: فبعدما بدأ
القرن العشرون بسؤال هدى
الشعراوي وقاسم أمين: كيف نحرّر
المرأة، بات سؤال قرننا الحادي
والعشرين: كيف نحجّبها؟. وبعدما
كان سؤال النهضة: كيف نقترب من
أوروبا، صار سؤالنا: كيف نجعل
أوروبا مثلنا؟. وهذا كنّا قد مُسسنا به قبلاً مع ثورة
الخميني الإيرانيّة، فانقلب
ملاحدة وعلمانيّون بيننا إلى
ممجّدين لذاك الحدث الملحميّ
الذي أنتجه الدين والتديّن،
بحسب ما قلنا بإعجاب يخالطه
الانشداه. وحتّى صدّام حسين،
استمطرت أشهره القليلة في
الكويت مدائح الذين كانوا
يتباهون بكراهية الاستبداد
والمستبدّين، فتبيّن أنّهم
يكرهون الاستبداد حين يلاين
الغرب إلاّ أنّهم يحبّونه حين
يوسّع حدودنا الامبراطوريّة
المرتجاة. وهذا، في مجموعه، لا ينمّ إلاّ عن العنصر
المقلق الكامن فينا، وهو أن
الشيء الوحيد الذي يعنينا هو
إحراز القوّة. فلا التقدّم على
أجندتنا ولا الحداثة ولا
التنوير ولا الحريّة ولا،
طبعاً، الديموقراطيّة. فما يردنا من الغرب، أكان اسمه وطناً أو
شعباً أو ديموقراطيّة أو
اشتراكيّة أو حداثة، نقبله على
مضض، وفي الوقت الضائع. أمّا حين
يجدّ الجدّ، فالقوّة وحدها ما
يستنفر مخيّلاتنا. وهي لا تكون
قوّة إلاّ متى استُخدمت في
مناهضة أميركا وإسرائيل. هذا هو
اختصاصنا الذي نبرع فيه ولا
يعنينا سواه، بحيث يتملّكنا
ويجعلنا شعوباً عُصابيّة
مبتورة. ولهذا نمت، في الوقت
الضائع، أحزاب شيوعيّة ونوى
ليبراليّة، غير أنّها، حين جدّ
الجدّ، ضمرت وذوت لمصلحة من
يقاتلون تحت رايات الطوائف
والإثنيّات والقبائل والعشائر،
مما هو صناعتنا لا صناعة الغرب. أمّا إذا كنّا فعلاً نتمنّى التقدّم
لتركيا، فلنتمنّ لها أن تتطور
وتسعى وراء مصالحها، لا
كعثمانيّة جديدة، بل كدولة –
أمّة حديثة، بدأت مشروعها هذا
مع مصطفى كمال ولم تكمله حتّى
اللحظة، والشوط المتبقّي طويل. _________________ الإخفاق التاريخي ..لماذا
فشل الفلسطينيون في الحصول
على دولة؟ صقر ابو فخر السفير 7-11-2009 في سنة 2008 تداول الإعلام الأميركي كثيراً
اسم رشيد الخالدي الذي كان أصدر
في سنة 2006 بالانكليزية كتابه «The Iron cage» الذي نال قدراً مهماً من
الاهتمام في الأوساط
الأكاديمية والإعلامية
الأميركية([). لا يتحدث هذا الكتاب عن الصراع الفلسطيني
ـ الإسرائيلي، بل عن أسباب فشل
الفلسطينيين في إقامة دولة لهم.
ويلاحظ الخالدي أن الدول التي
عملت على تأسيس دولة لليهود في
فلسطين، أي الولايات المتحدة
الأميركية وبريطانيا والاتحاد
السوفياتي وفرنسا، صوّتت في
الأمم المتحدة سنة 1947 على إقامة
دولة عربية في فلسطين إلى جانب
الدولة اليهودية. لكن هذه الدول
نفسها التي اندفعت بحمية إلى
دعم دولة إسرائيل، أدارت
ظهورها، في الوقت نفسه، وبلا
اكتراث، لما قامت به إسرائيل،
أي منع قيام دولة عربية
للفلسطينيين. تشدد هذه الدراسة، على فشل الفلسطينيين
في إقامة دولة وطنية خاصة بهم.
غير أن المؤلف لم يرغب في مقارنة
المجتمع الفلسطيني بالمجتمع
اليهودي، بل رغب في مقارنته
بالمجتمعات العربية المجاورة،
فوجد أن المجتمع الفلسطيني كان
متقدما على جيرانه إن لم يتفوق
عليهم. وكان للمجتمع الفلسطيني
«شعور متطور للغاية» بهويته
الوطنية منذ أوائل عشرينيات
القرن الماضي (ص 35 ـ 36)، ومع ذلك
فشل المجتمع الفلسطيني في تحقيق
طموحاته الوطنية، بينما تمكنت
الشعوب المجاورة، بما في ذلك
اليهود، من تحقيق تلك الطموحات. هنا لا بد من الإشارة إلى أن الشعور
بالهوية الوطنية الفلسطينية لم
يتبلور تماماً في فلسطين إلا
بعد انحسار ثورة 1936. قبل ذلك
كانت مطالب الحركة الوطنية
الفلسطينية كما وردت في ميثاق
1919، وفي مقررات المؤتمر السوري
العام سنة 1920، وفي قرارات
المؤتمرات القومية في فلسطين،
فضلاً عن مواثيق بعض الأحزاب،
تتلخص في ثلاث نقاط هي التالية:
إنهاء الانتداب البريطاني، وقف
الهجرة اليهودية، الانضمام إلى
الوطن الأم سوريا. لكن وفي سنة
1936 تراجعت «الكتلة الوطنية»
السورية، جراء إغراء المعاهدة
السورية ـ الفرنسية، عن أهدافها
القومية وقبلت استقلال لبنان،
وتخلت جزئياً عن ثورة 1936. وكان
من عقابيل ذلك أن بدأت الهوية
الوطنية الفلسطينية بالتبلور
في مواجهة الهجرة اليهودية
الصهيونية من جهة، وبالتزامن مع
ضعف الرابط المباشر بالبلاد
السورية. يتعرض المؤلف بالنقد للرواية الفلسطينية
عن النكبة التي تمادت في
الادعاء بأن الفلسطينيين
واجهوا قوة أقوى منهم بكثير،
وأن الجيوش العربية تخاذلت، ولا
سيما الجيش الأردني، الذي كان
يقوده ضباط إنكليز متواطئون مع
الصهيونية (ص45). وهذا الكتاب
محاولة نقدية جادة لتعقب
الأسباب العميقة لهذه الكارثة
التي دعيت «النكبة». بريطانيا والإخفاق الفلسطيني يتساءل الكاتب عما حل بالمجتمع الفلسطيني
المدني والقروي الذي انهار
بسرعة أذهلت حتى الصهيونيين في
ذلك الحين. وفي محاولة الإجابة
ينقض الرواية الإسرائيلية التي
طالما روّجت أن سبب فرار
الفلسطينيين هو أنهم بدأوا
حرباً ضد المجتمع اليهودي
وخسروها، وأن الدول العربية
قامت كذلك بالهجوم على الدولة
الوليدة وخسرت الحرب. وأن رحيل
الفلسطينيين كان النتيجة
البدهية لهزيمتهم (ص42). وفي هذا
السياق رأى المؤلف أن أسباب
الفشل الفلسطيني في ثورة 1936، ثم
في قرار التقسيم سنة 1947، وكذلك
في القتال عامي 1947 و1948، تعود إلى
بداية الانتداب البريطاني وإلى
الشروط المجحفة التي وضعتها
عصبة الأمم آنذاك. ومن مفارقات
هذه الشروط على سبيل المثال، أن
فلسطين، كولاية عثمانية، كانت
إسلامية على الغالب، لكنها كانت
تحت سيطرة دولة مسيحية كانت
تريد إقامة وطن قومي يهودي فيها
(ص92). ولاحظ الكاتب كيف أن ثلاثة
بلدان هي فلسطين وايرلندا
والهند وقعت جميعها تحت سيطرة
الانتداب الانكليزي، لكنها
خضعت للتلاعب بالهويات
الدينية، ثم للتقسيم بعد أحداث
داخلية دامية (ص89). فشل النخبة لعل أبرز ما في هذا الكتاب هو دراسة أحوال
النخبة السياسية الفلسطينية
وانقساماتها. ويُقصد بالنخبة
هنا «الوجهاء» الذين تصدروا
الحياة السياسية في فلسطين في
العهدين العثماني والبريطاني
أمثال آل الحسيني والنشاشيبي
والخالدي وعبد الهادي والعلمي...
الخ. ويستغرب الكاتب كيف أن
المندوب السامي البريطاني
هربرت صموئيل هو الذي اختار
الحاج أمين الحسيني لمنصب
الإفتاء، وهو، على صغر سنّه، لم
يتلق معارف دينية إلا لسنتين في
الأزهر، ولم تكن له حماسة دينية.
ويعتقد أن اختيار الحاج أمين
الحسيني لمنصب الإفتاء كان
القصد منه إضعاف موقع موسى كاظم
الحسيني الذي عُزل من رئاسة
بلدية القدس بعد صدامات موسم
النبي موسى بين العرب واليهود
في سنة 1920. وسلّط المؤلف الضوء
على براعة الحاج أمين في
استخدام المؤسسة الدينية لبناء
قاعدة شعبية واسعة من الأتباع
التقليديين لعائلة الحـسيني،
ومن الوطنيين الذين رأوا فيه
زعيماً لحركتهم، ومن المنتفعين
من شبكة المصالح التي كان يسيطر
عليها، وذلك كله كان معاكسا لما
جرى في الدول العربية التي بنى
الزعماء حضورهم في سياق تأسيس
أحزاب علمانية مثل سعد زغلول
وحزب الوفد في مصــر، وشكري
القوتــلي والكتلة الوطنية
وحزب الشعب وعبد الرحــمن
الشهبندر في سوريا... وهكذا (ص 100
ـ 101). ويكشف الكتاب أن الحاج
أمين الحسيني ظل على ولائه
للبريطانيين منذ تعـيينه
مفتياً في سنة 1921 حتى سنة 1936.
لكن، بعـد اندلاع الثــورة في
تلك السنة، وجد انه سيفقد
زعامته، إذا لم ينضم إلى هذه
الثورة. وفي ما بعد حينما بات
موضوع الوطن القومي اليهودي
أمراً قريب المنال تحوّل المفتي
إلى عدو لدود للبريطانيين
وللصهيونيين معاً. الفشل المتجدد السؤال الرئيس في هذا الكتاب هو: لماذا
فشل الفلسطينيون في سنة 1948،
ولماذا فشلت تجربة منظمة
التحرير الفلسطينية، ثم السلطة
الوطنية الفلسطينية في إنشاء
شكل ما من أشكال الدولة أو
الكيان الوطني؟ أعتقد أن فشل النخبة الفلسطينية في حماية
كيانها في سنة 1948، وفشل الثورة
الفلسطينية المعاصرة في تأسيس
كيان سياسي جديد للفلسطينيين،
لهما أسباب أعمق وأبعد غوراً من
الأسباب التي عرضها المؤلف في
كتابه الذي بين أيدينا. وفي هذا الحقل من الجدال السياسي سأتجرأ
على الإجابة بالتالي: إن الصراع
في فلسطين حالة خاصة في تاريخ
الصراعات في العالم، وهو يختلف،
اختلافا جوهريا، عن أي صراع آخر
بين دولتين متجاورتين. فهو لا
يشبه النزاع الهندي ـ
الباكستاني على سبيل المثال، أو
حتى صراع المحور والحلفاء في
الحرب العالمية الثانية. ففي
مثل تلك الصراعات ينتهي الأمر
بانتصار أحد الطرفين على خصمه،
فيفرض عليه شروط المنتصر. أما الصراع في فلسطين فهو ليس صراعاً بين
دولتين يمكن حله بمقادير من
التفاوض والحرب، بل هو صراع
بشري وجغرافي وسياسي وحضاري
وتاريخي في آن واحد، أي انه صراع
ممتد في الزمن بين مجموعتين
بشريتين واحدة متسربلة بالقوة
والأخرى متسربلة بالحق، وكل
واحدة منهما تستند الى عناصر
تاريخية ودينية وثقافية،
أصحيحة كانت هذه العناصر أم
زائفة، ولها، في الوقت نفسه،
عمق بشري وسياسي يشد أزرها
ويقوي بقاءها. وهذا الأمر يجعل
من المحال إنهاء الصراع إلا
بواحدة من نتيجتين: إما الإبادة
أو الترحيل. لكن الصهيونية
انتصرت على العرب في سنة 1948
انتصاراً ساحقاً، فبادرت
قواتها الى ترحيل الفلسطينيين
عن ديارهم. لكن الترحيل لم ينه
الصراع، بل بدأ بداية جديدة.
وبما أن الإبادة باتت من المحال
في شروط عصرنا، فإن الصراع في
فلسطين وعلى فلسطين لن ينتهي
بفرض شروط المنتصر على
الفلسطينيين، بل ان تفاعلات
متمادية من شأنها أن تؤدي الى
ظهور حل مطابق لموازين القوى في
لحظة التسوية النهائية. ولعل
كثيرين لم يلحظوا أن أهداف
إسرائيل الاستراتيجية تغيرت
كثيراً. لقد انتهت، منذ زمن
طويل، استراتيجية التوسع
الجغرافي، وفشلت فكرة تجميع
يهود العالم كلهم في فلسطين. ومن
المؤكد أن التخلي عن هاتين
النقطتين لم يأت عن طيب خاطر، بل
ان أكثر من ستين سنة من
المقاومة، وعلى الرغم من
الهزائم الكثيرة، أرغمت
اسرائيل على التخلي عن بعض «ثوابتها»
الاستراتيجية السابقة. هل هزمنا حقاً؟ منذ أكثر من مئة سنة لم نكن، فلسطينيين
وعرباً، في وضع الهجوم كي يقال
اننا هزمنا. كنا في وضع الدفاع
الدائم عن النفس أمام هجوم
استعماري متلاحق. فنحن واقعون
في أخطر بقعة في العالم، أي بين
النفط وإسرائيل. وإسرائيل ليست
مجرد حدث عابر في تاريخ أوروبا،
انها المسألة اليهودية برمتها.
وهي ليست مجرد نتيجة طبيعية
لحرب خسرها العثمانيون في سنة
1918 فصدر إعلان بلفور، أو حرب
خسرها العرب في سنة 1948 فظهرت
إسرائيل الى الوجود، بل هي، في
الجوهر، ذروة صراع ربما بدأ في
منتصف القرن التاسع عشر حينما
بدأت محاولات الاختراق الغربي
لبلاد الشام. هل هناك حل؟ يعتقد رشيد الخالدي أن «حل الدولتين» قد
فشل، ويتوقع أن تتدافع الأمور
نحو «حل الدولة الواحدة» تحت
حكم إسرائيل، لان «من المستحيل
إبقاء شعبين في بلد صغير
منفصلين، أو إبقاء ذلك الكيان
تحت حكم اليهود مثلما تبين في
النهاية أن من المستحيل إبقاء
جنوب أفريقيا تحت حكم البيض» (ص
251). ولنا في هذا الشأن رأي: هل «حل
الدولة الواحدة» سينشأ نتيجة
التفاوض بين الفلسطينيين
وإسرائيل، أم نتيجة الكفاح
المتواصل سياسياً وعسكرياً؟
فإذا كان البعض يعتقد أن «حل
الدولة الواحدة» يمكن أن ينشأ
نتيجة التفاوض، وجراء اقتناع
الطرفين وقبولهما بهذه الحل فهو
ساذج وبلا خبرة سياسية على
الإطلاق. أما اذا كان المقصود
التوصل الى هذا الحل من خلال
التفاعلات التي ستنجم عن مسيرة
طويلة من الكفاح السياسي
والعسكري، والتفاوض في الوقت
نفسه، فإن الحل الممكن، في هذا
السياق، هو «حل الدولتين» الذي،
وإن لم يتحقق حتى الآن، إلا أنه
ما زال يعتبر الحل الوحيد
الواقعي والقابل للتحقق، حتى لو
لم يكن هو الحل التاريخي العادل.
إن تبني فكرة «الدولة الواحدة» نتيجة
للاعتقاد أن «حل الدولتين» قد
فشل يعكس تفكيراً ميكانيكياً،
لا تفكيراً جدلياً وتاريخياً،
بل انه أقرب الى التأمل السلبي
في الوقائع السياسية الجارية
أمام أعيننا. [ صدرت الترجمة العربية عن
المؤسسة العربية للدراسات
والنشر في بيروت سنة 2008. وترجمها
هشام عبد الله. _______________ الأمن الغذائي العالمي..
تحديات كبيرة وحلول صعبة المستقبل - السبت 7 تشرين الثاني
2009 عماد الشدياق افتتح في 13 تشرين الأول (اكتوبر) الماضي في
العاصمة الايطالية روما، منتدى
رفيع المستوى للخبراء
الدوليين، برعاية وتنظيم منظمة
الأمم المتحدة للأغذية
والزراعة (الفاو) وبمشاركة بعض
المنظمات غير الحكومية
والهيئات الأكاديمية من
البلدان النامية والصناعية،
للبحث في كيفية إطعام العالم
عام 2050، في ظل أعداد الجياع
المخيفة التي تعلن عنها المنظمة
تباعاً. وتلا هذا المنتدى اجتماع للجنة الأمن
الغذائي العالمي التي بحثت
خلاله الاصلاحات التي ستمكنها
من تأدية دور فعّال أكثر على
صعيد الحوكمة العالمية للأمن
الغذائي. ويأتي الاستحقاقان في خضم الجهود التي
تبذلها "الفاو" بالتعاون
مع جهات دولية وإقليمية أخرى،
تفضي الى انعقاد قمة عالمية على
مستوى رؤساء الدول والحكومات
حول الأمن الغذائي بين 16 18 تشرين
الثاني (نوفمبر) من العام
الحالي، وذلك للمرة الثالثة منذ
تأسيس منظمة "الفاو" في
العام 1945 وسيصادف المؤتمر "يوم
الأغذية العالمي". وطبقاً لأحدث تقديرات الأمم المتحدة،
يتوقع العلماء ارتفاع عدد سكان
العالم من 6,8 مليارات نسمة الى 9,1
مليارات عام 2050، ما يعني أنه
يتوجب إطعام ثلث إضافي من
البشرية في ذاك الوقت مقارنة
بما هو الوضع حالياً، الأمر
الذي يطرح نفسه كتحدٍ بالغ
الأهمية والخطورة على كافة
الأطراف الدولية، ويتطلب
التصدي والاستعداد له من الآن
حتى التاريخ المذكور. أضف الى ذلك أن واقع الأمن الغذائي
العالمي، يشوبه أصلاً الكثير من
العلل والتعثرات مما يزيد
الأمور تعقيداً. ومن جملة التحديات الأساسية التي تعترض
الأمن الغذائي العالمي: ضرورة
اجتثاث الجوع على وجه الأرض،
الذي لا يقتصر على ضمان انتاج
غذائي يكفي البشرية قاطبة، عبر
اكتشاف الوسائل الكفيلة بحصول
البشر على ما يحتاجونه من غذاء
لحياة موفورة النشاط والصحة. ومن أهم الأخطار التي تدق ناقوسها منظمة
"الفاو" في هذا المجال،
التغير المناخي (التصحر، ندرة
المياه، ضيق المناطق الزراعية،
الاحتباس الحراري) الذي يعتقد
أنه يفاقم الأوضاع، أكثر فأكثر،
في الدول النامية. وسيشكل أكبر
خطر على الأمن الغذائي العالمي،
إذ ذكر تقرير أعدته "الفاو"
أن التنمية الزراعية والأمن
الغذائي سيكون لهما في المستقبل
صلات وثيقة مع التغير المناخي
وتأثيراته، وقد يلحق الاحتباس
الحراري خسائر كبيرة بالمناطق
الأقل نمواً كتلك التي تفتقر
الى الأغذية. ويتخوف المراقبون مستقبلاً من ظاهرة
إنتاج الوقود الحيوي المتنامية
في العالم الغربي، حيث أنها
تثير مخاوفهم بشأن آثارها
السلبية على الأمن الغذائي، لا
سيما مع ارتفاع أسعار بعض
المحاصيل الزراعية الى أكثر من
40% في السنوات الأخيرة التي مضت،
بسبب الطلب المتنامي عليها (كالذرة،
الشمندر، وقصب السكر، لانتاج
الجيل الأول المعروف بـ"البيوايثانول")
بالإضافة الى السمسم، الصويا
وباقي الحبوب الزيتية لانتاج
الجيل الثاني من مواد "البيوديزل")
بغية استخدام الوقود الحيوي في
وسائل النقل كبديل مستقبلي
للوقود الأحفوري المستعمل
حالياً. الأمر الذي أثار جدلاً علمياً واسعاً بين
مؤيد ومرتاب من حقيقته وجدواه
الاقتصادية وأبعاده
الجيوسياسية، وبات مادة رئيسية
في المؤتمرات العلمية ووسائل
الإعلام. أما الحلول التي يعول عليها لتلافي تلك
المشاكل، فينظر المراقبون نظرة
أمل الى التنوع البيولوجي وما
ستتبعه من معاهدات واتفاقيات
متعددة الأطراف في هذا المجال. وتأخذ "معاهدة الموارد الوراثية"
التي وافق عليها مؤتمر منظمة
"الفاو" في تشرين الثاني 2001،
حيزاً مهماً في هذا المجال، إذ
ينتظر أن يتم تفعيلها للأغراض
المذكورة (عقدت الدورة الأولى
للجهاز الرئاسي للمعاهدة في 2006،
في مدريد بإسبانيا). وتتمثل
أهداف المعاهدة، بـ"صيانة
الموارد الوراثية النباتية
للأغذية والزراعة واستخدامها
المستدام وتقاسم المنافع
الناشئة عن استخدامها بصورة
عادلة ومتساوية اتساقاً مع
اتفاقية التنوع البيولوجي
للزراعة والأمن الغذائي
المستدامين". وتشمل المعاهدة استراتيجية تمويلاً
لتعبئة الأموال اللازمة والخطط
والبرامج ذات الأولوية، خصوصاً
في البلدان النامية والبلدان
التي تمر اقتصادياتها بمرحلة
تحول مع مراعاة خطة "عمل
ليبزريج" العالمية التي وضعت
في العام 2004 حيث تشدد على: حماية
المعارف التقليدية ذات الصلة،
المشاركة المتساوية في تقسيم
المنافع المستمدة من استخدام
الموارد الوراثية النباتية
للأغذية والزراعة، والمشاركة
في صنع القرار على المستويات
الإقليمية وصيانتها واستخدامها
المستدام. وفي سياق متصل أيضاً، يولي الخبراء
اهتماماتهم للتوسع المطرد في
زراعة النباتات المعدلة
وراثياً (OMG)
لزيادة إنتاجيتها، ولقدرتها
على مقاومة الآفات الزراعية وما
شابه، وبالتالي لتتمكن من تلبية
الجانب المطلوب من الاحتياجات
الغذائية المستقبلية المطردة،
بالتزامن مع الانفجار السكاني
المرتقب والتراجع المتنامي
لرقع الأراضي الزراعية (لأهداف
صناعية وسكنية)، على الرغم من كل
التحذيرات التي تصدر عن دور
الدراسات والأبحاث، بشأن
المخاطر الصحية التي يظن أن
يتسبب بها هذا النوع من
المزروعات، إلا أن أحدث
الدراسات البريطانية تكشف أنها
تبقى افضل وأوفر من التوسع في
الزراعة التقليدية التي تستوجب
استعمال الأسمدة والمخصبات (المصدر
الرئيسي لغاز الأوكسيد النيتري)
الضارة جداً بالبيئة. إلا أن الكثير من "الطبيعيين" (نسبة
للطبيعة) والواقعيين، النابذين
للتوقعات الحسابية المفرطة،
يقللون من خطورة الاعتبارات
الآنفة الذكر، ويستذكرون
دراسات إحصائيي القرن الماضي عن
زيادة أعداد البشر ضمن التوالي
الهندسي نسبة الى الزيادة حجم
الأغذية ضمن التوالي الرياضي،
حتى بتنا في الألفية الثالثة
ولم تصح تلك التوقعات حتى حينه.
فيعزون الى أن الحلول وليدة
لحظتها ليس إلا... ولا داعي للقلق. ________________ على اسرائيل ان تتوقع
نشوب حرب طويلة مع ايران ان
شنت هجومها عليها وان تستعد
لذلك بصورة ملائمة ... هذا لن
ينتهي بستة أيام عاموس هرئيل 07/11/2009 القدس العربي بامكان اسرائيل ان تعتبر احداث الاسبوع
الاخير التي وصلت الى ذروتها
باستعراض قوة مثير للانطباع على
طريقة الجيش الاسرائيلي القديم
والجيد (عملية عنتيبيا وقصف
المفاعلات النووية في العراق
وسورية)، درسا مثيرا بصدد قصور
القوة التي تمتلكها الان. هذه
بالتقريب حدود القطاع الذي
يرسمه لنا رئيس الولايات
المتحدة باراك اوباما: بامكان
سلاح البحرية الاسرائيلي ان
يعترض ارساليات السلاح من ايران
لحزب الله، وبامكان شعبة
الاستخبارات العسكرية امان ان
تكشف النقاب عن محاولات حماس
لاطلاق صواريخ بعيدة المدى
لقطاع غزة. ولكن على الاقل في
الزمن القريب وطالما كانت
الاسرة الدولية تجري حوارا مع
طهران من اجل بلورة اتفاق قد
يوقف المشروع النووي الايراني،
من الافضل لاسرائيل ان لا تتجول
كثيرا بين ارجل الكبار. ضبط سفينة السلاح الايرانية في البحر
المتوسط لا يختلف في جوهره
كثيرا عن خطوات مشابهة اقدم
عليها الاسطول الامريكي في هذه
السنة مرتين، رغم ان حجم
الوسائل القتالية المضبوطة في
هذه المرة اكبر بكثير. وفقا لرد
فعل وسائل الاعلام العالمية على
معرض الغنائم التي ضبطها الجيش
الاسرائيلي في قاعدة اسدود
البحرية كان ردا منضبطا. من
الجميل ان اسرائيل تكشف وتصادر
السلاح الايراني، يقول قادة
الدول الغربية لانفسهم
بالتأكيد، ولكن هل يوجد هنا شيء
لم نعرف به من قبل؟ التنفيذ الاستخباري والعسكري البحري كان
نموذجيا. الجيش الاسرائيلي تابع
على ما يبدو ارساليات السلاح
لفترة طويلة وشخص السفينة
الصحيحة وخطّط للسيطرة التي
نجحت من دون اية اخلالات. الان
يأتي الجزء السياسي والاعلامي.
رجال استخبارات اسرائيليون
سيرافقون نتنياهو ووزير الدفاع
في زيارتهم القريبة لواشنطن حيث
سيوضحون لنظرائهم الامريكيين
كل الادلة المطلوبة من اجل
الاثبات بان ايران تواصل مساعدة
الارهاب بصورة مكثفة رغم نفيها
وبصورة مناقضة تماما لقرارات
مجلس الامن التابع للامم
المتحدة. على المستوى الاعلامي سجلت اسرائيل
لنفسها نقطة انتصار، ايضا لان
الحدثين ـ ضبط السفينة وكشف
صاروخ حماس ـ قد حدثا قريبا من
موعد النقاش في الجمعية
العمومية للامم المتحدة بصدد
تقرير غولدستون. في الوقت الذي
خرج فيه الجيش الاسرائيلي متهما
بارتكاب جرائم حرب مزعومة في
قطاع غزة وقال غولدستون ان
العملية قد رمت الى معاقبة
المدنيين الفلسطينيين، ليس من
الضار اظهار الخلفية الشاملة
للامور مرة اخرى والمساعي
الايراني المتواصلة لتسليح
التنظيمات الارهابية في
المنطقة بالصواريخ التي تهدف
الى ضرب المدنيين في العمق
الاسرائيلي. ولكن هذا كل شيء تقريبا. بامكان اسرائيل
ان تضايق حزب الله وحماس من خلال
تحركات استخبارية وشن عمليات
لامعة للقتال الاصغر وتشويش جزء
من امدادات السلاح المرسلة
اليهم وكشف الايرانيين
واعوانهم. ولكن سنورد اليكم ما
لا يمكن لها ان تفعله في الوقت
الحاضر: من المحظور عليها
التهديد بمهاجمة المواقع
النووية الايرانية (قادتنا
انتقلوا بصورة استثنائية للصمت
المطبق في هذه القضية. وفي
الاونة الاخيرة اختفت مقابلات
مع قادة قوات الجو الواثقين
والحازمين). كما ان الخطوات
الرادعة في مواجهة حماس وحزب
الله يجب ان لا تخرج الان عن
حدود المعقول. لدى البيت الابيض
ما يكفيه من المصائب فوق رأسه،
من دون ان يقوم الخبراء هناك
بالمطالبة بإخراج صور الاقمار
الصناعية لمخيمات اللاجئين في
قطاع غزة من الجوارير. المفتاح للاحرف الصغيرة سلم اولويات ادارة اوباما مغاير تماما.
باستثناء الحسم الذي يراوح في
المكان، الأولويات المصيرية
بالنسبة له مستقبل الحرب في
افغانستان، الرئيس مشغول
بالمشاكل الداخلية وبتراجع
مكانته بنظر الجمهور الامريكي.
بعد ذلك وفي مكان مرتفع ولكن غير
متميز في سلم الاولويات الدولي
تأتي قضية ايران. مهمة اسرائيل
الان هي عدم احداث تشويش مفرط.
امامنا على ما يبدو عدة اسابيع
اخرى من الحوار وبعدها ان فشلت
المفاوضات ستأتي التحركات
الامريكية نحو فرض العقوبات على
ايران. فقط في آذار (مارس ) 2010
تقريبا سيكون من الممكن تقدير
تأثير مثل هذه العقوبات وان
كانت هناك احتمالية لايقاف تقدم
ايران نحو الذرة من دون استخدام
الطرق العسكرية. شخص كان حتى الاونة الاخيرة في مركز اتخاذ
القرارات في اسرائيل وما زال
يسدي النصائح للكثيرين من
القادة، قال في هذا الاسبوع انه
يعتقد بأنه على المستوى السياسي
ان يحظر قدر الامكان اتخاذ موقف
حاسم بصدد الحوار. على حد قوله
فكرة نقل اليورانيوم المخصب من
ايران الى روسيا ليست سيئة
بالضرورة وفكرة مشابهة ايضا
طرحت في اسرائيل قبل خمس سنوات
حيث طرحها حينئذ رئيس لجنة
الطاقة النووية جدعون فرانك
الذي كان قد طرحها على رئيس
الوزراء السابق ارييل شارون.
هذا الشخص قال ان المفتاح يكمن
في بنود الرقابة والتفتيش في
الاتفاق. ان فاجأت ايران اخيرا
وقبلت اتفاقا مشابها للمسودة
المطروحة التي تهربت منها في
الاسبوع الماضي هناك ما يمكن
الحديث عنه. على الجيش الاسرائيلي ان يستعد لامكانية
تكليفه بمهاجمة المواقع
النووية الايرانية في المستقبل
لان هذا من واجبه. ولكن عندما
ينتهي نقاش الخبراء والمحللين
لهذا السيناريو عند اسئلة
تنفيذية عملياتية (هل سيسمح
الامريكيون لاسرائيل باستخدام
ممر جوي فوق ايران؟ وكم هو عدد
طائرات الامداد بالوقود التي
ستكون هناك حاجة اليها؟) هو
مخطىء بالاساس. السؤال الجوهري
هو درجة استعداد الولايات
المتحدة للدفاع عن اسرائيل في
وجه الضربة المضادة الايرانية.
الرسالة التي تطلقها ادارة
اوباما لاسرائيل الان هي ان هذا
ليس واردا في الحسبان. وبهذه
الطريقة تقل على ما يبدو
احتمالية شن هجوم اسرائيلي. ثمن لا يمكن تخيله ولكن كيف ستبدو الحرب الاسرائيلية ـ
الايرانية ان اندلعت في آخر
المطاف؟ دراسة جديدة أعدها
مسؤول في جهاز الامن تحاول
الاجابة على هذا السؤال. الباحث
الدكتور موشيه فيرد يكتب بأن
مثل هذه الحرب قد تتواصل لفترة
طويلة. على حد رأيه الاستعداد
الايراني للتضحية بالكثيرين
لفترة زمنية خلال معركة محتملة
مع اسرائيل سيملي سيناريو الحرب
الطويلة التي سيكون من الصعب
جدا انهاؤها. الدكتور موشيه فيرد الفيزيائي وباحث
العمليات الذي أدى ادوارا
مختلفة في المجال التكنولوجي في
جهاز الامن، يقوم بنشر البحث
المذكور في هذا الاسبوع في اطار
الاجازة التعليمية التي يقضيها
في مركز بيغن ـ السادات للابحاث
الاستراتيجية في جامعة بار
ايلان. على حد قوله طول مثل هذه الحرب المستقبلية
'سيقاس في السنوات وليس
بالاسابيع او الاشهر'. هذا الامر
ينبع بالاساس من الفلسفة
الشيعية الخمينية التي تنادي
بوجوب التضحية من اجل العدالة
وازالة الظلم اللاحق بالاسلام
والمسلمين. 'هذه الفلسفة تعتبر
وجود دولة اسرائيل ظلما تتوجب
ازالته من اجل خلاص العالم.
تحقيق هذا الهدف ممكن فقط من
خلال القضاء على اسرائيل.
الايرانيون سيواصلون هذه الحرب
طالما اعتمد الامر عليهم رغم
الثمن الفادح الذي سيضطرون
لدفعه خلال ذلك'. كتب الباحث. فيرد يدعي ان خشية قادة النظام الاسلامي
من سقوط هذا النظام هي وحدها
التي قد تدفعهم لايقاف اطلاق
النار. ولكن يبدو ان اسرائيل
ستجد صعوبة في تهديد بقاء
النظام في طهران و ' في ظل غياب
مخرج مقبول على الجانبين قد
تتواصل الحرب لفترة طويلة جدا'.
فيرد يذكر بان حرب ايران ـ
العراق في الثمانينيات من القرن
الماضي تواصلت ثماني سنوات.
ايران خاضت الصراع لسنوات
لتحقيق الشرط الاساسي الذي
طالبت به ـ ازالة الظلم الاساسي
النابع من غزو العراق لاراضيها
والاعتراف العراقي بتحمل ا
لمسؤولية وازالة نظام صدام حسين. ايران دفعت ثمنا لا يمكن تصوره: نصف مليون
قتيل واضرار اقتصادية تفوق
اثمان انتاج النفط الايراني
خلال القرن العشرين كله، قبل
الموافقة الايرانية على وقف
اطلاق النار. هذا جاء متأخرا فقط
عندما احدقت خطورة حقيقية
بالنظام الايراني. فيرد يكتب
بانه لا يمكن استبعاد امكانية
اندلاع الحرب بين اسرائيل
وايران ولذلك يتوجب حسب رأيه
التحقق الحذر من خصائص الحرب
المستقبلية والاستعداد لها.
دراسته لا تشخص العناصر التي
يمكنها ان تبلور آلية ناجعة
لاختصار الحرب وتقصيره. على حد
قوله الخوف من حرب كهذه يلزم
بتحضيرات ملائمة فكريا وسياسيا
وعسكريا من خلال محاولة بلورة
شروط وانهائها بسرعة. الافتراض
بأن الحرب ستطول يجب ان يؤثر على
الاستعداد لهذه الحرب ـ وعلى
قرار مهاجمة او عدم مهاجمة
المنشآت النووية الايرانية في
المستقبل. فيرد ينفي الافتراض انه في غياب حدود
مشتركة ستنحصر الحرب بين ايران
واسرائيل باطلاق صواريخ ارض ارض.
مثل هذا الاطلاق لا يمكن ان يكون
طويلا بصورة استثنائية لان
ترسانة الصواريخ بعيدة المدى
الايرانية ليست كبيرة. ولكنه يكتب ان من الاكثر احتمالا
الافتراض بان ايران ستسعى
لمواصلة القتال ضد اسرائيل
بمواصلة امتداداتها: سورية وحزب
الله وحماس، وربما حتى ستحاول
دفع قواتها للامام نحو الاراضي
السورية في اطار اتفاق دفاع
مشترك بين طهران ودمشق. هو لا
يملي احتمالية كبيرة لسيناريو
الحرب القصيرة نسبيا (هجوم
اسرائيلي على مواقع الذرة
الايرانية وضرب عقابي شديد من
ايران لاسرائيل وايقاف النار
حينئذ بضغط دولي حيث يدرك
الجانبان ان الخطوة قد استنفدت). على حد قوله ايديولوجيا النظام الايراني
ستفرض حربا طويلة. حقا ليست هذه
مادة قراءة تضفي الشعور بالامن
والثقة في اخر هذا الاسبوع. هآرتس - 6/11/2009 __________________ عباس والرئاسة .. المشكلة
في النهج وليست في الشخص ياسر الزعاترة الدستور 7-11-2009 عندما يلوح محمود عباس بعدم الرغبة في
الترشح للرئاسة ، فإن السؤال
الذي يطرح نفسه هو ماذا عن
المناصب الأخرى التي يمسك بها ،
أعني "القائد العام" لحركة
فتح ورئيس اللجنة التنفيذية
لمنظمة التحرير؟،أما السؤال
الأهم فهو: هل المشكلة
الفلسطينية هي في شخص الرئيس
عباس ، أم في النهج الذي يتبناه؟
وهل إذا رحل عن الرئاسة ، رئاسة
السلطة ، سيرحل عن المناصب
الأخرى ، وهل سيفقد تأثيره على
مسار تلك السلطة والبرنامج الذي
قامت على أساسه؟،هل السلطة هي
ممثل الشعب الفلسطيني ، أم
منظمة التحرير؟ الأكيد أن
السلطة لا تمثل كل الشعب
الفلسطيني ، والمنظمة هي التي
تزعم تمثيل كل الفلسطينيين (تمثيلها
ناقص في غياب حماس والجهاد) ،
فهل سيتركها هي الأخرى وكذلك
حال حركة فتح؟،في تقديري أن
الرجل لن ينفذ تهديده بعدم
الترشح للرئاسة ، وقد نتابع ذات
السيناريو الذي تابعناه عربيا ،
وبالطبع بخروج بعض المظاهرات
المبرمجة (خرج بعضها) التي
تطالبه بالعودة عن قراره ، مع
ضغط معلن من الدول العربية (هو
رئيس بقرار غير مسبوق من
الجامعة العربية بعد انتهاء
ولايته،،) ، فضلا عن ضغوط غربية
، لاسيما إذا كان بالإمكان منحه
بعض التنازلات الشكلية.إذا أراد
الرئيس الفلسطيني أن يضغط على
الإسرائيليين ، فعليه أن يلوح
بشكل جدي وحقيقي بحلّ السلطة
وحرمانهم من المكاسب التي ترتبت
على وجودها ، وهي مكاسب أمنية
وسياسية واقتصادية كبيرة ، بل
كبيرة جدا ، وسيناريو حلّ
السلطة هو "السيناريو
الكابوس" الذي يمكن أن يضغط
على أعصابهم أكثر من أي شيء آخر.
وجدير بالذكر أن محمود عباس
وحده هو الذي يمكنه اتخاذ قرار
من هذا النوع ، وبالطبع بوصفه
رئيس فتح والمنظمة التي صنعت
تلك السلطة وتدرك حقيقتها عن
كثب.في خطابه لم يغيّر الرجل
شيئا في النهج ، فهو تحدث عن عدم
الرغبة في الترشح ، ما يعني أنه
سيرعى مرشحا آخر بوصفه رئيس
حركة فتح ، وبالتالي سيبقى مسار
السلطة الفلسطينية على حاله ،
أعني مسار الدولة المؤقتة
والسلام الاقتصادي الذي يريده
نتنياهو ، وبالتالي ستتواصل
اللعبة كما هي ، وستتواصل
المفاوضات من جديد ، بصرف النظر
عن مداها الزمني.في خطابه تحدث
الرئيس عن الاستيطان ، ونحن
نعلم أن شرط وقفه لم يكن يوما من
شروطه للتفاوض ، بدليل تجربته
بعد أوسلو وأنابوليس ، ولولا
تبني أوباما للشرط المذكور ،
لما تبناه هو. ثم تحدث عن شروط
الدولة بكل تفاصيلها ، ونحن
نعلم أن تفاهماته مع أولمرت
كانت أقل بكثير من تلك الشروط
لولا عقدة القدس. والنتيجة أننا
إزاء خطاب شخصي لا أكثر. خطاب
يبحث عن ثقة الناس وتعاطفهم بعد
فضيحة غولدستون التي أصرّ على
صواب رؤيته تجاههها (لاحظوا
التعنت ، لكأن كل الشعب وقواه
كانوا على خطأ) ، وإلا فما معنى
أن يتحدث للمرة الأولى عن نضاله
(السياسي طبعا) لصالح القضية منذ
كان طفلا في صفد ، ومن ثم حديثه
عن التجريح الشخصي
والمزايدة؟،يذكّرنا هذا الخطاب
بخطاب مشابه لرئيس عربي قبل
سنوات قليلة علقنا عليه في
اليوم التالي مراهنين على أنه
سيعود عن كلامه بعد مسرحية
مظاهرات شعبية تطالبه بالترشح
من جديد ، وكذلك الحال مع ابن
رئيس آخر ، وابن رئيس ثالث.مع
ذلك ، وبعيدا عن حقيقة ما إذا
كان سيرشح نفسه أم لا ، فإن
المشكلة كما قلنا هي في النهج ،
وإذا لم يقرر هو لا غيره تغيير
النهج ، أو الاستقالة من مناصبه
الأخرى مع إعلان فشل المسار
برمته ، فإن الأمر سيكون بلا أية
قيمة ، مع العلم أن موافقة
نتنياهو على وقف الاستيطان ومن
ثم العودة إلى التفاوض لن يغير
شيئا على أرض الواقع ، إذ ماذا
بقي للاسيتطان حتى يلتهمه بعد
كل الذي التهمه خلال عقود تاركا
الدولة الفلسطينية العتيدة
عبارة عن كانتونات بائسة
ستربطها الجسور والأنفاق؟،إذا
أراد الرئيس أن يدخل التاريخ
بالفعل ، فليخرج خارج فلسطين أو
يلتزم المقاطعة معلنا حلّ
السلطة بالكامل ، والعودة إلى
برنامج المقاومة ، وعندها سيجد
الشعب الفلسطيني وكل قواه معه
من دون تردد ، أما المناورة على
الطريقة العربية المعروفة فلن
تفضي إلا إلى مزيد من الانفضاض
عنه وعن برنامجه في آن. التاريخ : 07-11-2009 _____________ عبد الباري عطوان 07/11/2009 القدس العربي كثيرة هي المرات التي اعلن فيها السيد
محمود عباس الانسحاب من مهامه
السياسية، اعتراضا او حردا، كان
آخرها قبل استشهاد الرئيس
الراحل ياسر عرفات بعام، ولكن
قراره الذي اتخذه يوم امس الاول
بعدم الترشح للانتخابات
الرئاسية المقبلة يبدو مختلفا،
وربما يكون الاصعب. الرئيس عباس اتخذ هذا القرار لسببين
رئيسيين، كشف احدهما في خطابه
الذي اعلن فيه انسحابه من
انتخابات الرئاسة، وهو محاباة
الولايات المتحدة الامريكية
للحكومة الاسرائيلية، وتراجعها
عن موقفها المعلن بضرورة تجميد
الاستيطان في الاراضي المحتلة
كافة، بما في ذلك القدس
المحتلة، كشرط للعودة الى
مفاوضات التسوية السلمية. اما
السبب الثاني، وكان بمثابة
الشعرة التي قصمت ظهر البعير،
فتمثل في الموقف الرسمي المصري
الذي عبر عنه السيد احمد ابو
الغيط وزير الخارجية، بعد زيارة
نظيرته هيلاري كلينتون الخاطفة
الى القاهرة، وقال فيه ما معناه
ان مصر تؤيد العودة الى
المفاوضات دون شرط تجميد
الاستيطان طالما ان هناك مرجعية
محددة لها. من الواضح ان الرئيس عباس شعر ان الادارة
الامريكية تخلت عنه، وتعاملت
معه بازدراء شديد، وذهبت الى ما
هو ابعد من ذلك عندما اقنعت
الحكومة المصرية بتبني موقفها
المحابي لاسرائيل، الأمر الذي
وجده طعنة في الظهر، او 'خيانة'
من دولة عربية كبرى، على حد وصف
الدكتور محمد اشتيه احد اقرب
مساعديه، ولكن دون ان يسمي هذه
الدولة بالاسم. ولعل الطعنة الاكبر التي تلقاها السيد
عباس هي تلك الموجهة من السيدة
كلينتون في تعليقها على قرار 'استقالته'
من انتخابات سباق الرئاسة،
عندما قالت انها ستتعامل مع
الرئيس عباس في اي 'موقع كان'،
مما يعني انها ليست اسفة كثيرا
على خطوته هذه، وهو موقف مفاجئ،
فسره الكثيرون على انه رسالة
تقول للسيد عباس بانه اذا كان
يريد الضغط عليها من اجل تغيير
سياستها في محاباة اسرائيل،
فإنه مخطئ لان هذه الضغوط لن
تعطي ثمارها. ' ' ' في جميع المرات السابقة التي اعتكف، او
انسحب فيها السيد عباس، لم يكن
الرجل الاول في حينها، وكان
يعيش تحت خيمة كبيرة اسمها ياسر
عرفات، يلجأ الى مصالحته في
نهاية المطاف، ولكن السيد عباس
يحتل منصب الرجل الاول في قمة
اربع مؤسسات فلسطينية هي السلطة
الفلسطينية، رئاسة اللجنة
التنفيذية لمنظمة التحرير،
رئاسة اللجنة المركزية لحركة 'فتح'،
ورئاسة دولة فلسطين، وفوق هذا
وذاك لا توجد خيمة الرئيس عرفات
ولا كوفيته، الامر الذي سيجعل
مسألة تراجعه عن موقفه هذا اكثر
تعقيدا، وان كان ممكنا. خطاب الرئيس عباس الذي اعلن فيه انسحابه
كان مدروسا بعناية، وحافلا
بالرسائل الى اكثر من جهة،
ويؤشر الى المستقبل، ولكن
الفقرة التي تهجّم فيها على
حركة 'حماس' لم تكن موفقة، وجاءت
خارج السياق، وتنتقص من جدية
قراره هذا، وتجعل البعض يميل
الى 'نظرية المناورة' التي حاول
ان يبددها وينفيها في الخطاب
نفسه للتأكيد على جدية موقفه. كان الأحرى بالرئيس عباس، وبعد ان اتخذ
هذا الموقف الاحتجاجي القوي من
الخذلان الامريكي له، ان يبقي
خياراته الاخرى مفتوحة، بما في
ذلك خيار المصالحة مع حركة 'حماس'
وفصائل المقاومة الاخرى، ولو
على الاقل من قبيل 'التكتيك
السياسي' وتعزيز اوراق الضغط،
والتلويح بالبدائل الاخرى،
ولكنه لم يفعل، ولعل مردود ذلك
تدخلات بعض مستشاري السوء الذين
اوصلوه الى هذا الطريق المسدود
بنصائحهم الملغومة بضرورة
الاستمرار في الرهان على عملية
سلمية مغشوشة وعبثية، ووضع بيض
السلطة كله في السلة الامريكية. ' ' ' هناك عدة نقاط يجب التوقف عندها لتفسير
خيارات الرئيس عباس في المستقبل
القريب، وعدة سيناريوهات اخرى
للخروج من مأزقه ومأزق حركة 'فتح'
الذي اوجده بخطوته تلك: اولا: بات تأجيل انتخابات الرئاسة
والمجلس التشريعي التي دعا
اليها الرئيس عباس في كانون
الثاني (يناير) المقبل امرا
مؤكدا، لعدم التأكد من جدية
انسحاب عباس، ونهائية قراره
هذا، وعدم وجود اي من شخصيات 'فتح'
النافذة التي يمكن ان تتقدم
لملء الفراغ، وخوض انتخابات
الرئاسة وتولي مسؤولية السلطة. ثانيا: من الواضح ان اسرائيل والولايات
المتحدة، وبعض الدول العربية لم
تعد تؤيد الرئيس عباس وسلطته،
بل لم تعد ترى في القضية
الفلسطينية وتسويتها اولوية في
الوقت الراهن، حيث بات الملف
النووي الايراني وكيفية
التعاطي معه هما الاهم. ثالثاً: تصاعد احتمالات الحرب في
المنطقة، وتزايد التحرشات
الاسرائيلية بسورية وايران
وحزب الله، من خلال اعتراض سفن
تحمل اسلحة في عرض البحر، او
الحديث عن صواريخ في حوزة 'حماس'
يصل مداها الى تل ابيب، او تخزين
'حزب الله' اسلحة وصواريخ متقدمة
مضادة للطائرات في جنوب لبنان. ' ' ' اما عن السيناريوهات او الخيارات التي
يمكن ان يلجأ اليها الرئيس عباس
في الايام او الاشهر المقبلة
فيمكن حصرها في النقاط التالية: أولاً: الاستمرار في رئاسة السلطة
والمواقع الاخرى بعد تأجيل
الانتخابات وقياس ردود الفعل
على انسحابه، الامريكية منها
على وجه الخصوص، على صعيد وقف
المحاباة لاسرائيل، وتقديم بعض
التنازلات للسلطة على صعيد
الاستيطان، وهذا امر غير ممكن،
لان السيدة كلينتون عندما
تراجعت عن شرط تجميد الاستيطان
كانت تنفذ قرار مؤسسة الرئاسة
الامريكية، اي ان قرارها هذا لم
يكن مزاجياً او شخصياً مثل
قرارات معظم القادة العرب. ثانياً: ان تلجأ الولايات المتحدة الى
استخدام سلاح المال ضد السيد
عباس، بحيث يعجز عن الايفاء
بالتزاماته المالية ودفع
الرواتب، وهناك عجز مقداره 400
مليون دولار في ميزانية السلطة،
الامر الذي يضعف موقف عباس
ومكانته امام مؤيديه واعضاء
حزبه الحاكم، اي حركة 'فتح'، مما
يدفعه للتراجع والخضوع
للاملاءات الامريكية بالعودة
الى مائدة المفاوضات، مسقطاً
شرط تجميد الاستيطان، والبحث عن
مخارج 'مشرفة' للتراجع مثل تنظيم
مظاهرات ومسيرات شعبية تطالبه
بذلك، وتؤكد مساندتها له. ثالثاً: ان تكون واشنطن استفزته بموقفها
الاخير لدفعه الى خطوة الانسحاب
هذه، لانها تأكدت من انتهاء
دوره لبدء دور قيادة اخرى اكثر
تناغماً معها، وهي قيادة السيد
سلام فياض، رئيس الوزراء، الذي
بات يملك اهم سلاحين في يده وهما
المال (المساعدات الامريكية)
والأمن (قوات الجنرال الامريكي
دايتون). رابعاً: الرئيس عباس شخص 'عنيد' ومعروف
بحرصه على كرامته الشخصية،
وهناك احتمال بأن يؤدي استمرار
الخذلان الامريكي له الى دفعه
للمضي قدماً في قراره بعدم
الترشح، وربما الذهاب الى حل
السلطة، ولكن هذا الاحتمال يظل
ضعيفاً بالنظر الى تراجعاته
السابقة، وضغوط المحيطين به
بالاستمرار في سياسته الحالية،
والعودة الى الحظيرة الامريكية
مجدداً وخلق المخارج اللازمة
لهذا التراجع. خامساً: يظل احتمال الاستماع الى الجناح
الوطني في حركة 'فتح' الذي اصر
على تبني خيار المقاومة
المسلحة، في البيان الختامي
للمؤتمر وارداً، وفي هذه الحالة
قد يتم البدء في تصعيد المقاومة
السلمية مثل العصيان المدني
والمظاهرات، وربما العودة الى
الحجارة. سادساً: في حالة انسداد كل احتمالات
التجاوب الامريكي مع 'حرد' السيد
عباس، فان فرص المصالحة مع
فصائل المقاومة الاخرى، وحركة 'حماس'
على وجه التحديد، تظل امراً
وارداً، ولكن هذا يتطلب تغييراً
جذرياً في بنية السلطة ونهجها،
وابعاد العديد من الرموز
المحيطة برئيسها، وحدوث تغيير
ايضا في خطاب حركة حماس
ومواقفها تجاه الرئيس عباس في
هذه الحالة. ' ' ' نتمنى ان يستمر الرئيس عباس على موقفه
هذا، وان كنا نتحفظ في الذهاب
بعيداً في هذه التمنيات، لان
الرجل اقدم على خطوة صعبة، وقد
تكون مكلفة جداً بالنسبة له
شخصياً، لان الغرب والولايات
المتحدة بالذات، استثمرت
المليارات في قيادته وسلطته،
وليس من السهل عليها بلع
انسحابه هذا دون رد فعل قوي من
جانبها اللهم الا اذا كانت قد
اعدت البدائل، وتأكدت من قدرتها
على فرضها ومن ثم استمرارها في
قيادة السلطة في مرحلة ما بعد
عباس. الاصرار على قرار الانسحاب قد يكون
الانجاز الاهم في تاريخ السيد
عباس السياسي، بعد ان انتهت
اجتهاداته الاخرى الى فشل مخجل،
ومضيه قدماً فيه قد يغير الكثير
من المعادلات، ليس في الساحة
الفلسطينية فقط، بل في المنطقة
العربية برمتها. من حق الرجل ان
يريح ويرتاح، ولكن السؤال الاهم
هو عما اذا كان مسموحاً له بذلك؟ من المفارقة ان انسحاب الرئيس عباس سيؤشر
لنهاية مرحلته السياسية بشكل
مشرّف، يمحو له بعض اخطائه
وخطاياه او معظمها، اما تراجعه
فسينهيها ايضا، ولكن عكس ذلك
تماماً. _____________ الرأي الاردنية 7-11-2009 الوف بن -قبل بضعة أسابيع انطلقت اسرائيل
الى حملة احباط سياسي ضد رئيس
السلطة الفلسطينية محمود عباس.
الرجل الذي كان مدلل شارون
واولمرت أصبح في عصر نتنياهو
خصما خطيرا مزدوج الوجه، جلبت
أحابيله الدبلوماسية على
اسرائيل مصيبة غولدستون. رفض عباس التفاوض مع نتنياهو بل حتى لقاءه
على انفراد، كلفه هجوما
اسرائيليا مضادا: ضغطوا عليه
للتخلي عن طرح تقرير غولدستون
على البحث في الامم المتحدة.
عباس تنازل ومرة اخرى تراجع،
وظهر في عزلته. احد لم يهرع
لنجدته عندما هزأ به خصومه من
حماس كعميل بائس للاسرائيليين.
لا المصريين، ولا حتى ادارة
اوباما. عباس أغري بالاعتقاد
بان اوباما خلفه، ومعا سيحشران
نتنياهو في الزاوية ويؤديان الى
طيرانه من الحكم. ولهذا اصر على
الا تكون مفاوضات دون تجميد
للمستوطنات. ولكن نتنياهو صمد
امام الضغوط، بل وتعزز، الى أن
هجر الامريكيون املاء تجميد
المستوطنات وتركوا عباس وحيدا
في رفضه استئناف المحادثات. احتفل نتنياهو بانتصار دبلوماسي: الادارة
الامريكية تراجعت عن استئناف
المفاوضات، والقي الذنب على
الفلسطينيين. انا لا افهم
عندهم، قال نتنياهو
للامريكيين؛ اريد أن ادير
مفاوضات، انا جاهز لهذا سياسيا،
ويمكنني أن احقق تسوية. اسمحوا
لي بان افاجىء، وسأفاجىء. برأي
رئيس الوزراء الفلسطينيون اسرى
المفهوم بان الحكومة الحالية في
اسرائيل رافضة، بدلا من أن
يمنحوها الفرصة. الانتصار المؤقت لنتنياهو من شأنه أن
يظهر كهزيمة لاسرائيل، اذا ما
نفذ عباس تهديده واختفى عن
الساحة. عندها حقا لن يكون هناك
مع من يمكن الحديث، وستبقى
اسرائيل مكشوفة امام حماس وأمام
المبادرات للاعلان من طرف واحد
عن فلسطين المستقلة او امام
التسوية المفروضة. وعليه، فان
نتنياهو قلق من الوضع في السلطة
الفلسطينية ومن مواقف عباس. كما
أن الرئيس براك اوباما غير راض،
مثلما يدل تملصه من اللقاء مع
نتنياهو الذي سيصل الى واشنطن
الاسبوع القادم. في ظل غياب مسيرة سياسية، نتنياهو يركز
على انشغاله المحبب - الاعلام. الامساك بسفينة السلاح من ايران ملأه
بالبهجة، ووفر له اداة جديدة في
الصراع ضد تقرير غولدستون.
نتنياهو لا يخاف من أن يؤدي
التقرير الى تقديم اسرائيليين
الى المحاكمة كمجرمي حرب بل من
التشكيك بشرعية العمليات
الاسرائيلية. عملية الوحدة
البحرية وفرت لنتنياهو حملة
عنتيبة صغيرة في الحرب الباردة
التي تديرها اسرائيل ضد ايران:
تنفيذ نقي، بدون اصابات من أي
طرف، وصمت دولي سمح بتفسيره
كاعطاء شرعية للقبض على السفينة. المشكلة كانت ان صناديق الصواريخ
والقذائف، التي وصفها أمس
نتنياهو بانها جريمة حرب لم تثر
اهتماما كبيرا في العالم. فلم
يعلن احد بان الشحنة التي امسك
بها كانت له، واسرائيل لم تقدم
أدلة ملموسة على أن السلاح
والذخيرة متجهان الى حزب الله
في ظل خرق لقرارات الامم
المتحدة. كما أن نتنياهو لم يشرح ما هي العلاقة بين
السلاح على السفينة وادعاءات
غولدستون بقتل مدنيين وقصف
مطحنة القمح في غزة. والاكثر
سخرية كان كالمعتاد وزير
الخارجية ليبرمان الذي دعا
غولدستون ليأتي ويرى صناديق
السلاح. ليبرمان هذا نفسه، الذي
قبل نصف سنة فقط رفض اعطاء
تأشيرة دخول لغولدستون. هآرتس _______________ الوطن - قطر 7-11-2009 يمثل تبني الجمعية العامة للأمم المتحدة
لقرار بشأن متابعة تقرير القاضي
غولدستون، حول جرائم الحرب التي
ارتكبتها إسرائيل خلال عدوانها
على قطاع غزة، في ديسمبر 2008
ويناير 2009، إدانة دولية للجرائم
الإسرائيلية، وهو الأمر الذي
يوضح أنه لا مجال إطلاقا للسكوت
عن انتهاكات إسرائيل للقانون
الدولي الإنساني. وبكل المقاييس، فإن إقرار الجمعية العامة
لهذا القرار بغالبية كبيرة،
يؤكد الحقائق التي لا يمكن
لإسرائيل طمسها، إذ إن ما قامت
به آلة الحرب الإسرائيلية من
عدوان غاشم على الفلسطينيين في
قطاع غزة، قوبل في لحظته بالرفض
والإدانة من ضمير الإنسانية
الحي. ويؤكد تصويت الجمعية على «تقرير
غولدستون»، بغالبية «114» صوتا
ومعارضة «18» صوتا وامتناع «44»
عن التصويت، رفضا وإدانة
جديدتين لعدوان إسرائيل. لقد ظلت الأصوات تتعالى بضرورة التحقيق
في جرائم الحرب التي ارتكبتها
إسرائيل في غزة، وهي جرائم تم
توثيقها، ولا تستطيع إسرائيل
التهرب من مسؤوليتها عن كل ما
حدث من انتهاكات بشعة للقانون
الدولي الإنساني. إننا نقول إن اسرائيل قد أعملت آلة حربها
الوحشية تقتيلا في أبناء الشعب
الفلسطيني في غزة، وقد طال
العدوان الإسرائيلي المدنيين
من أطفال ونساء وشيوخ، ظنا منها
بأنها فوق القانون الدولي، وها
هي الجمعية العامة للأمم
المتحدة تجيز «تقرير غولدستون»
الذي يدمغ إسرائيل بالإدانة،
مما يعد انتصارا مهما للعدالة
الدولية. في هذا السياق، نعتبر أن هذه الخطوة بالغة
الأهمية لجهة إقرار العدالة
دوليا، تحتاج إلى استمرار
الجهود من قبل الفلسطينيين،
تؤازرهم الدول العربية
والإسلامية، بالقدر الذي يعزز
التوجه إلى محاسبة إسرائيل من
قبل مؤسسات الشرعية الدولية على
كل ما قامت به من جرائم في حق
أبناء الشعب الفلسطيني. الوطن ______________ بداية مرحلة عالمية
جديدة بقلم :بول صامويلسون البيان 7-11-2009 حال الفوز الكاسح الذي حققه الرئيس
الأميركي باراك أوباما في
انتخابات الرئاسة الأميركية
دون المزيد من التردي المالي
العالمي، فلو أن السناتور
الجمهوري جون ماكين كان قد فاز
في تلك الانتخابات، لكان الناتج
الإجمالي المحلي الأميركي
الحالي أكثر انخفاضا مما هو
عليه بأكثر من 15%، ولحدثت خسائر
مماثلة في الناتج العالمي أيضا. وتستحق الإشادة تلك المرونة التي تمتع
بها بن برنانكي رئيس الاحتياطي
الفيدرالي الأميركي وكذلك
المصرف المركزي الأوروبي،
والتي أدت إلى تبني سياسة مالية
نشطة للمرة الأولى منذ النهج
الجديد الذي جاء به فرانكلين
روزفلت. وقد تجنب الرئيس السابق للاحتياطي
الأميركي ألان جرينسبان
ومحافظو المصارف المركزية
الأوروبية، السياسات الوقائية
التي كان من شأنها أن تحول دون
الجانب الأعظم من التداعي
الحالي. وكانوا قد اعتقدوا عن
خطأ أن الرأسمالية غير المقيدة،
يمكن أن تتجنب رصاصة الكساد. وقد
برهن هذا على أنه اعتقاد خاطئ في
كل مكان. ووضعت الانتخابات الرئاسية عام 2008 نهاية
لتخبطات إدارة بوش، ولغيرها من
تطبيقات سياسة «دع الفقراء
وأبناء الطبقة الوسطى يدعمون
ذوي الثراء الطائل». وقد كانت
هذه السياسات انعكاسا لأخلاق
متدنية، ولم تبررها الكفاءة
الأعلى في تحقيق النمو. ونحن نبدأ الآن مرحلة جديدة، ستحيل فيها
الصين القيادة الأميركية
للعالم التي استمرت من 1950 إلى 2009،
إلى ذمة التاريخ، وسيحيى أبناؤك
وأحفادي في هذه المرحلة الجديدة
الحافلة بالتحيات، وسوف نرى
الصين وهي تلحق باليابان
وتتجاوزها، بحسبانها الاقتصاد
الثاني في إجمالي الناتج المحلي
بعد الولايات المتحدة. وما لم تنفجر القيادة الصينية القائمة
على الحزب الواحد، فسوف يحل
يقينا اليوم الذي يتجاوز فيه
إجمالي الناتج المحلي الصيني
نظيره الأميركي. وعلى الرغم من
أن البعض يستبعد ذلك، إلا أنه
احتمال واقعي. غير أنه لا ينبغي توقع انتقال سهل وهادئ
لمن يحددون إيقاع مسيرة العالم،
فالأمر الأكثر احتمالا أنه في
غضون العقد المقبل سيتعرض
الدولار لضغط هائل. لماذا؟ لأنه منذ عام 1000 كان النمو الذي
يقوده التصدير هو القاعدة،
عندما يبدأ شعب قابل للتعليم
ومنخفض الأجور في تقليد تقنية
أمة أكثر تقدما، وبالتالي
يتجاوز في المنافسة المناطق
الأكثر غنى. وفي أميركا حازت أتلانتا على جانب كبير من
إنتاج ديترويت من السيارات.
هكذا كان الأمر وهكذا سيكون
دائما، وعندما يستطيع شعب قابل
للتعليم ومنخفض الأجور أن يقلد
تقنية أمة أكثر تقدما، فإن هذه
الظاهرة ستفرض نفسها، وذلك هو
السبب في أن نزعة الحماية تشبه
فيروس الهربس، وينبغي التزام
الحذر حيالها. ومؤخرا ساورني الخوف من أن الانطلاق
الفوضوي ضد الدولار، يطل في وقت
أكثر تبكيرا مما اعتدت تصوره.
وأتمنى لو كنت مخطئا، وقد
جانبني الصواب مرات عديدة خلال
العقود السبعة التي أمضيتها في
تدريس علم الاقتصاد وتأليف
مراجعه. ومع ذلك فإنني أتذكر أين
قرأت هذا كله لأول مرة، وكما قال
الإغريق الكلاسيكيون: لا تقتل
الرسول الذي حمل إليك الأخبار
السيئة. لدي توصية إيجابية قد تقلل المخاطر
الموضحة أعلاه، بل وقد تبددها
إلى أفق مستقبلي أبعد. إنني أنصح الكثيرين الذين يستثمرون في
أصول دولارية ذات عائد يقترب من
الصفر، بأن يبادروا سريعا إلى
الانتقال إلى المحافظ المتنوعة
التي تكسب أعلى العائدات على
مستوى العالم، فذلك سيساعد في
تحقيق استقرار تلك الحيازات
الأجنبية المضطربة من السندات
منخفضة العائد. وفي مقال يشار إليه كثيرا نشرته في «نيوزويك»
قبل سنوات، طرحت هذا الاقتراح
نفسه، كما مضيت إلى النرويج مع
الراحل البروفيسور وارين لو،
لطرح الأمر نفسه. وبفضل تقدم العلم والهندسة، فإن
الاقتصادات المركزية المختلطة
اليوم، يمكنها جميعها التطلع
إلى عمر أطول يقضيه الفرد
مستمتعا بمستوى معيشة جيد. وقبل
عام 1700 لم يكن الأمر كذلك على
الإطلاق. والواقع الجديد هو أن
القوقازيين البيض يشكلون أقلية
في سكان العالم، أما الملونون
فهم الأغلبية، وسوف يسيطرون
بصورة أكبر. دعنا نتأقلم مع هذه الحقائق الجديدة
الدائمة، وعلينا ألا نتوقع
انقلاب التيارات الرئيسية رأسا
على عقب، ولنتأقلم مع الواقع
بسرعة وليس ببطء، والمرء يأمل
في أن تكون قد مضت إلى الأبد
حماقات فريمان ـ هايك. عندما كنت في السادسة عشرة من العمر، بدأت
دراساتي الاقتصادية، وكان
كارلايل محقا في وصف الاقتصاد
بأنه علم مقيت. وبفضل العلم
الحديث والمعرفة الاقتصادية
الأفضل، فإن هذه اللعنة قد
اختفت، والممارسات الاقتصادية
الجيدة تجعل من الاقتصاد علم
الأمل. أستاذ في معهد ماساشوستس
للتكنولوجيا opinion@albayan.ae _____________________ القاعدة» في إفريقيا
أخطر من أفغانستان بقلم :فلاديمير سادافوي البيان 7-11-2009 رغم سخونة الأحداث في الساحل الإفريقي
والحروب الأهلية المستمرة هناك
منذ سنوات، وتفشي ظاهرة القرصنة
البحرية على السواحل
الصومالية، إلا أن الاهتمام
الدولي بهذه المنطقة يكاد يكون
شبه منعدم، رغم أنها استراتيجيا
أخطر وأهم بكثير لدول العالم،
من أفغانستان المحصورة في وسط
آسيا، ولا تشكل أية تهديدات على
التجارة الدولية. تعد دول الساحل الإفريقي إحدى أفقر
المناطق في العالم، وتضم
السنغال وموريتانيا ومالي
وبوركينا فاسو والنيجر
ونيجيريا وتشاد والسودان
وأريتريا، وظاهرة القراصنة
ليست سوى قمة الجبل الجليدي
الإفريقي، والأحداث التي
تشهدها المنطقة، بما في ذلك
الصومال، تمثل تهديدا أكثر
خطورة من القراصنة. وقد عبرت
الدول الكبرى عن قلقها الشديد
من تطور الأوضاع في هذه
المنطقة، أما واشنطن فكان
موقفها مستغربا بعض الشيء، فقد
صرحت بأنها لن تنوب عن أحد من
هذه الدول في مكافحة الإرهاب. الواقع أن المنطقة تشهد تعاظم النشاط
الإرهابي منذ ظهور «فروع»
لتنظيم «القاعدة» في إفريقيا،
إذ أعلن تنظيم «القاعدة في بلاد
المغرب الإسلامي» وجوده في
يناير 2007، ليشن هجمات إرهابية
تستهدف الجهات الحكومية
والقوات المسلحة في دول المنطقة
(القواعد العسكرية في الجزائر
مثلا)، وكذلك ممثلي الدول
الأجنبية بما فيها روسيا. لم يكتف تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب
الإسلامي» بذلك، بل وصل
المقاتلون التابعون له إلى دول
الساحل جنوبا وشرقا، حيث تخلق
الأوضاع في السودان والصومال
تربة خصبة لتعاظم النشاط
الإرهابي. وتكتسب الجماعات
الإسلامية الراديكالية نفوذا
متزايدا في الصومال، التي تعيش
حربا أهلية منذ سنوات عديدة.
وتعد حركة «شباب المجاهدين» من
أكثر الجماعات نفوذا في البلاد،
وهي على اتصال دائم مع «القاعدة».
وفي التاسع عشر من أكتوبر 2009
أسقط مقاتلو «شباب المجاهدين»
طائرة أميركية بدون طيار، كانت
تحلق فوق ميناء «كيسمايو»
الصومالي. تهدد حركة «شباب المجاهدين» الدول
الإفريقية الأخرى أيضا، مهددةً
بشن هجمات إرهابية في عاصمتي
أوغندا وبوروندي، حيث يدعم
جنودهما الحكومة الصومالية
المعترف بها دوليا في مقديشو،
وذلك ضمن قوات حفظ السلام
الدولية، ووجّه الإرهابيون
تهديدات لهاتين الدولتين
الإفريقيتين. وقد سبق لمسلحي «شباب
المجاهدين» أن شنوا حرب عصابات
ضد القوات الإثيوبية التي قامت
بدعم الحكومة الصومالية
المعترف بها أيضا. تتنامى شعبية
الجماعات الإسلامية على خلفية
فشل الحكومة الصومالية المعترف
بها في تعزيز سلطتها. ولقد أدى
غياب سياسة اقتصادية واضحة في
البلاد إلى الفقر والمجاعة، مما
يدفع بالمزيد من الأشخاص إلى
الانضمام إلى الحركات المتطرفة.
واشنطن تمتنع عن التدخل المسلح، لكنها
تقدم مساعدات، حيث قدمت مثلا
لدولة مالي مساعدات مالية تقدر
بخمسة ملايين دولار، لاقتناء
سيارات «الجيب» العسكرية
ووسائل الاتصال. إلا أن هذا
الدعم لا يسمح بتغيير الوضع
الراهن، شأنه في ذلك شأن
إمدادات الأسلحة للحكومة
الصومالية المعترف بها. وعلاوة
على ذلك، فإن مساعدات كهذه لا
تأتي بنتائج ملموسة، بل تساعد
على تغذية الموقف المعادي الذي
يتخذه السكان المحليون إزاء
الدول الأجنبية، مما يزيد بدوره
التساؤلات حول قدرة المجتمع
الدولي على تحقيق الاستقرار في
الصومال وغيره من الدول
المتأزمة في الساحل الإفريقي. من البديهي أن الطريقة الواقعية الوحيدة
لمكافحة الإرهاب، تتمثل في
التنمية الاقتصادية لهذه
الدول، حيث يساعد ذلك في قطع
مصادر تغذية الإرهاب. ولكن
الدعم الاقتصادي لا يوجه لمنطقة
تعيش حربا أهلية، حيث تتعرض
للهجوم حتى الحافلات التي تنقل
المساعدات الإنسانية من
الأغذية والمواد الطبية. إن عملية حفظ السلام المتكاملة في هذا
البلد، تقتضي إرسال ما لا يقل عن
25 ـ 30 ألف جندي يحملون أسلحة
ثقيلة، وذلك بدعم جوي مناسب من
أجل الاستمرار في القتال إذا
اقتضى الأمر. إن الولايات
المتحدة وحلفاءها ليس لديها
القدرة لتنفيذ مثل هذه العملية،
بسبب تشتت قواتهم في أفغانستان
والعراق، وربما ليست لديهم
الرغبة في استقرار الأوضاع في
إفريقيا، خشية دخول منافسين
آخرين لهم على ثروات القارة
السوداء.. ولا يوجد طرف آخر قادر
على تحمل مثل هذه المسؤولية. كاتب ومحلل سياسي أوكراني vladi1949@mail __________________ تشرين - سورية 7-11-2009 مازال مسؤولو المجتمع الدولي يتحدثون عن
السلام في المنطقة وأهمية
تحقيقه، وما زال الجميع على
طريقة الواعظين، يكثر من الكلام
دون أن يفعل شيئاً ملموساً على
أرض الواقع يشعرنا أنه بصدد
التحرك الفعلي لوضع النقاط على
الحروف وتسمية الأشياء
بمسمياتها. هذه الحال هي السمة الرسمية للسياسة
الدولية، وقد كانت كذلك منذ
واحد وستين عاماً، ولا تزال
الوفود والشخصيات الدولية
تتقاطر إلى المنطقة، بينما
الأوضاع تزداد تدهوراً ولا تلقى
المنطقة إلا الوعود المعسولة
والتصريحات الطنانة لإيهامنا
بأن ثمة من دبت فيه الحمية
والغيرية على الاخلاق والعدالة
والقانون الدولي. لو استعرضنا بعد كل هذه التحركات
والتصريحات، ماذا كانت
النتائج؟ لوجدنا أن اليوم أسوأ
من الأمس وأن العام الحالي أسوأ
مما سبقه بالنسبة للقضية
الفلسطينية بشكل خاص وللمنطقة
بشكل عام. فالمجتمع الدولي أعجز من اتخاذ قرار يلجم
العنصرية الاسرائيلية
والعدوانية المتأصلة في
السياسة الاسرائيلية، وإن
مايسمى الرباعية الدولية
انصاعت تماماً للمزاج الاميركي
واستئثار الادارة الاميركية
بما يسمى الحل وعملية السلام،
بينما تركزت السياسة الأميركية
فقط على استرضاء إسرائيل وتأمين
رغباتها ودعم تمردها على
الشرعية الدولية وحتى تبني
اعتداءاتها على الشعب
الفلسطيني، وما جرى بشأن تقرير
غولدستون كاف للدلالة على هذا
الموقف الأميركي المنحاز لجهة
العدوان وليس لجهة منطق الحق
والعدالة. ثم ماذا كانت النتائج؟ الفلسطينيون لم يحصدوا إلا الخيبة من «عملية
السلام» والمزيد من الاستيطان
والاذلال وعمليات القتل
والتدمير والتشريد وقضم الحقوق
وكان العدوان الارهابي على غزة
أبرز تلك الممارسات العنصرية.
وفي لبنان لا تزال مزارع شبعا وتلال كفر
شوبا محتلتين ولا تزال السيادة
اللبنانية تتعرض لاختراقات
الطائرات الاسرائيلية
والتحرشات العدوانية في قرى
الجنوب رغم مضي أكثر من ثلاث
سنوات على عدوان تموز. ولا يزال الجولان السوري محتلاً ولا يزال
الهروب الاسرائيلي من استحقاق
السلام مستمراً وكان آخر هذا
الهروب تدمير إسرائيل مباحثات
السلام غير المباشرة عبر الوسيط
التركي، ولا يزال الشريك
الاسرائيلي في عملية السلام
غائباً، ولا يزال يلقى الدعم
الأميركي نفسه الذي يدفعه
للعصيان والاستهتار بالقانون
وبأبسط حقوق الانسان. وبعد كل ذلك يريدون اقناعنا بغيريتهم على
قضايا المنطقة، ويريدون أن
نصدّق زعمهم الحرص على القانون
وعلى قرارات الأمم المتحدة التي
غطاها الغبار في أدراج المنظمة
الدولية ومرشحة للنسيان أو
كوثائق تاريخية في أحسن الأحوال.
هذا غيض من فيض الحقائق المرة التي لا
تزال منطقتنا تعيشها.. ويبقى
السؤال الأهم ماذا نفعل نحن
العرب؟.. ولماذا صار موقفنا
هزيلاً إلى هذا الحد الذي يستخف
به الآخرون؟. تشرين السورية ______________________ عبدالرحمن راشد 7-11-2009 الشرق الاوسط مطالعة الحدث الجديد، هجوم الحوثيين
اليمنيين المتمردين على حدود
جارتهم السعودية شمالا، يفترض
منا أن نفهمه من خلال قراءة
العمل الإيراني، وليس كحدث أمني
يمني داخلي منفصل. فهي من وجهة
نظري مسألة إقليمية أكثر من
كونها مشكلة محلية. لدى إيران حاليا على الأقل جبهتان
وحزبان، حزب الله في لبنان
وحماس في فلسطين. ومع أن الظروف
التي أنجبت الحركتين مستقلة
تماما ولا ترتبط بإيران إلا أن
حزب الله تحول في الأخير إلى
وسيلة لخدمة الخط السياسي
الإيراني. وكذلك فعلت حماس
لاحقا. وقد نشأ حزب الله وترعرع، وكذلك حماس، في
ظروف تميزت بضعف السلطة
المركزية المحلية، اللبنانية
والفلسطينية. والحوثيون ظهروا وثاروا وقاتلوا في ظروف
مماثلة. وبالتالي نحن أمام
تجربة إيرانية مكررة في استخدام
جماعة ثائرة في ظل حكم مركزي
ضعيف. ومنذ أن أطلق الحوثيون
رصاصتهم الأولى كانت الشكوك
تحوم حول طهران لأسباب ترتبط
بتواصل الجماعة دراسيا
بالإيرانيين، وتطور خطاب
قيادتها الفكري، عدا عن سلسلة
أدلة مادية على الأرض. ومن خلال فهم التفكير الاستراتيجي
الإيراني في دعم الجماعات
الانفصالية والمعادية لخصومها
سنجد أننا نواجه حالة مماثلة،
وإن لم تكن مطابقة. فالحوثيون
على عداء مع حكومة صنعاء
الضعيفة خارج عاصمتها، ويسعون
علانية للاستيلاء على السلطة
بوسيلتين، عسكرية ودعائية. هدف
بعيد، لكنه ليس من المحال.
والهدف الثاني إقلاق السلطات
السعودية وإشغالها، دون
تهديدها على اعتبار أن المناطق
الحيوية السعودية بعيدة جدا عن
مناطق الحوثيين. الجماعة الحوثية المتمردة رعتها إيران من
خلال زعيمها حسين بدر الدين
الحوثي، الذي بدأ حركته ضد
النظام قبل خمس سنوات مدعيا أن
حكم اليمن يجب أن يتم من خلال
الإمامة الدينية، ليمنح لنفسه
بذلك «شرعية الحكم». والحركة
المتطرفة تحاول نشر فكرها في
وسط الغالبية الزيدية المعروفة
باعتدالها الفكري. الحوثي تبنى
فكر «الشيعة المتطرفة» التي
تكفر السنة وتوجب قتالهم، كما
هو الحال عليه عند خصومها من «السلفية
السياسية المتطرفة»، التي أسس
عليها فكر «القاعدة» الإرهابي
ويحل قتال الشيعة. فالطرح الحوثي المتطرف يقول بأن السنة
مثل اليهود يحملون وزر قتل
أنبيائهم، والسنة مسؤولون عن
قتل علي وفاطمة والحسن والحسين.
طرح يسهل على قيادة الحركة من
خلاله افتعال فتنة شعبية تبنى
عليها حركة عسكرية انتحارية
رخيصة التكاليف قادرة على
الاستمرار لسنوات مقبلة،
وبالتالي نقل الفتنة من العراق
إلى اليمن إلى مائة عام. وتحويل جماعة صغيرة هامشية في شمال اليمن
إلى حزب عسكري وسياسي، بالنسبة
لإيران تجربة مكررة تستنسخها عن
جماعاتها الأخرى في لبنان
والعراق وفلسطين. وهي تأتي في
ظروف ملائمة لإيران التي تعاني
من ضغط داخلي لم تعرف مثله منذ
ثلاثين عاما. إيران امتهنت
استغلال الجماعات المتململة
داخليا، في باكستان والعراق
ولبنان وفلسطين وأذربيجان
ونيجيريا والآن في اليمن. alrashed@asharqalawsat.com __________________ الشرق الاوسط 7-11-2009 ديفيد اغناتيون مع «إعادة انتخاب» الرئيس حامد كرزاي، إن
كانت تلك هي الكلمة الصائبة
لعملية اتسمت بالتلاعب في
التصويت وإلغاء الجولة الثانية
من الانتخابات، تواجه الولايات
المتحدة حاليا أصعب معضلة على
الإطلاق بشأن أفغانستان، تتمثل
تلك المعضلة في كيفية تحسين
الحكم ـ الذي يتفق على ضرورته
لهزيمة طالبان ـ من دون انتزاع
السلطة من المسؤولين الأفغان؟ وقد اتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما
الخطوة الأولى بشأن ذلك المأزق
عندما اتصل هاتفيا بكرزاي يوم
الاثنين لتهنئته والتي كانت
تقريعا في الوقت ذاته. فقد حث
الرئيس الأفغاني على بذل المزيد
من الجهد لمحاربة الفساد، حيث
وعد كرزاي في اليوم التالي
باجتثاث الفساد. هذه المعضلة الأميركية ليست بالجديدة:
تتمثل في كيفية قيام قوة كبرى
بحل المشكلات في بلد بعيد من دون
إملاء السياسات بصورة قد تضعف
في نهاية الأمر الأشخاص
الراغبين في تقديم العون؟ وخلال
السنوات الماضية قمنا بارتكاب
الخطأ نفسه في فيتنام والشرق
الأوسط وأميركا اللاتينية. تتطرق قضية الحكم إلى المحادثات التي
يجريها المسؤولون في واشنطن
بشأن أفغانستان. والمشكلة تكمن
بصورة جزئية في الفساد وافتقار
حكومة كرزاي للكفاءة وكذلك
الحالة البدائية للمؤسسات
القضائية والسياسية الأفغانية.
إنها نقاط الضعف الأخطر التي
يرغب الأميركيون في إصلاحها،
لكنهم أكثر تشككا بشأن الحل. وأبدى العديد تأييدا لتدخل أميركي يجبر
كرزاي على القيام بإصلاحات
ضرورية، غير أن بعض صناع
السياسة الأميركية يبدون
خشيتهم من أن تزيد تلك المحاولة
من إملاء السياسات الأمر سوءا،
إذ من المتوقع أن تشكل إهانة
للأفغان وتقوض من الجهود الهشة
التي تبذلها الدولة في سبيل
حكومة ذاتية. ويصر أحد كبار المسؤولين الأميركيين على
أن فكرة إملاء الأوامر على
كرزاي خاطئة، إذ يجب عليه أن
يشعر أنها فكرته هو. وقد طرحت
العديد من المقترحات الآن في
أوساط الإدارة حول كيفية
التعامل مع الفوضى الحكومية،
وكان أحد الاقتراحات إنشاء مجلس
الأعيان، يضم الشخصيات
الأفغانية والدولية البارزة
لمساعدة كرزاي. واقترحت أخرى
منصبا استشاريا لمستشار أمني
واقتصادي، فيما اقترحت أخرى
إنشاء جمعية دستورية جديدة
لتوسعة الدائرة السياسية ووضع
قواعد جديدة للحكم. لكن هل كرزاي قادر على التغيير؟ يرى بعض
الخبراء الأميركيين أن حكومة
كرزاي مؤسسة إجرامية تمتلك
مليارات الدولارات. فالرسوم
الجمركية التي يتم تحصيلها من
معبر تورخام على الحدود
الباكستانية تقدر بـ13 مليون
دولار شهريا. كما أن المليارات
تنهب من المعونات الاقتصادية
والعسكرية. وأخيرا تأتي تجارة
المخدرات التي يحصل منها تجار
المخدرات على مليارات
الدولارات. هذا الفساد الذي تشهده الدولة يغذي تمرد
طالبان ـ ليس الفساد فقط بل
والأحاديث الأميركية المزعومة
بشأن سيادة القانون. وحذر
الخبراء من أن ازدياد شعبية
طالبان بين الأفغان يأتي من
حقيقة أنها تقدم نقيض ما تقوم به
شبكة الحكم في كابل الأشبه
بالمافيا وداعميهم من
الأميركيين. وخلال زيارتي التي قمت بها خلال الأسابيع
الماضية لأكثر من ست قواعد
أميركية في أفغانستان، سمعت
خططا عن تحسين الحكومة المحلية
في كل قاعدة توقفت بها، حيث يقوم
الجنود الأميركيون وعمال
الإغاثة بحضور الاجتماعات
الأسبوعية لمجالس الشورى في
المقاطعات والأقاليم لمعرفة ما
يريده الناس هناك. لكن أحد منسقي
المساعدات الأميركيين حذر من
ذلك الآن لأن الروابط بين
الجهود المحلية والحكومة
الوطنية غير قائمة بالفعل. تعد إقامة مشروعات الحكم الجيد صناعة
نامية في أفغانستان. ففي كل
مقابلة أجريتها خلال زيارتي
للقواعد الأميركية كنت أسمع من
قادة هذه الوحدات عن كيفية قيام
وحدته ببناء الثقة وتمكين
القادة المحليين من اتخاذ
القرار. لكن الحقيقة أن هناك بعض
من عدم المصداقية في هذه
التقديمات. فهناك خطة لتدريب
10,000 عامل سنويا في أعمال الخدمة
المدنية وتجنيد 3,500 شرطي أفغاني
نزيه كل شهر وكذلك ضعفهم في
الجيش الأفغاني. لكن تلك الخطة
تتطلب تجنيد 32% من الذكور في سن
التجنيد. لكن وضع مثل هذه
الأهداف أمر وتحقيقها أمر آخر. عندما تذهب الولايات المتحدة إلى حرب
بنطاق حرب مثل أفغانستان تخلق
نوعا من الحقيقة البديلة.
فأميركا كبيرة وقوية جدا (وغالبا
متعالية) لدرجة أن غالبية
الأفراد يركبون الموجة ويدعون
العم سام يذهب إلى الحرب. ويبدي
العدو العنيد احتجاجا على
الاحتلال الأجنبي بالقنابل
المزروعة على جانب الطريق
والهجمات الانتحارية. تلك هي ازدواجية الاتكال والغضب التي
تواجهها الولايات المتحدة في
أفغانستان، والتي يجب أن تتوقف. إن أفضل رسالة لكرزاي هي الحقيقة: فما
يتحسن الحكم في البلاد فإن
الجهود الأميركية الضخمة لن
تستمر أكثر من عام آخر. ولن
يمكننا القيام بذلك نيابة عنه.
وبالنسبة للمأزق السياسي في
أفغانستان الحل بسيط للغاية:
إما الإصلاح أو الموت. * خدمة «واشنطن بوست» ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |