ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
قدم اليمين وتراجع «اليسار»:
أي جديد في ذلك؟! د. حسن البراري الرأي الاردنية 15-11-2009 لا نضيف الكثير عندما نقول أن مركز
السياسة الإسرائيلي قد تحرك
بالفعل لليمين، لكن أحدث
الاستطلاعات تشير إلى اتجاهات
جديدة في الرأي العام
الإسرائيلي التي إن استمرت فإن
حزبا مثل العمل قد يتلاشى في
قادم الأيام. والمعادلة الناجزة، إن صحت أرقام استطلاع
جريدة هآرتس، هي أن حزب العمل
يخسر أصواتا كثيرة لصالح حزب
كديما الذي بدوره يخسر أصواتا
لصالح الليكود، بمعنى أن التحرك
لليمين هو سمة عامة تحكم سلوك
الإسرائيلي ولهذا السبب يتحرك
العمل لكديما والأخير بدوره
لحزب الليكود الذي بدوره يخسر
أصواتا لصالح اليمين المتطرف.
وفي المحصلة النهائية سيكون حزب
العمل إما هامشيا أو منتهيا في
حين يحافظ كل من الليكود وكديما
على موقعيهما في الخريطة
الحزبية في إسرائيل، ولو جرت
انتخابات عامة اليوم فإن اليمين
الإسرائيلي سيحصد 72 مقعدا
مقارنة مع 65 مقعدا في
الانتخابات الأخيرة. غير أن علينا استبطان أن السبب في التحرك
لليمين ليس فقط بسبب موقف
الناخب الإسرائيلي من
الفلسطينيين وقضيتهم وإنما
نتاج لعملية معقدة تحدد موقف
الناخب الإسرائيلي. وربما علينا
أيضا أن نلاحظ أن الاستطلاع
ذاته يشير إلى أن أكثر من 57% من
الإسرائيليين مع أن تحاور
إسرائيل حركة حماس شريطة
استجابة الأخيرة لشرطي
الاعتراف بإسرائيل ونبذ العنف. وأي قراءة ساذجة للاستطلاع ستفضي إلى
نتيجة تبدو منطقية وهو أن
المجتمع الإسرائيلي بأغلبيته
جاهز لعملية السلام، لكن الواقع
وبالرغم من الأرقام يشير إلى
شيء مختلف جذريا. فعندما يدلي
الناخب الإسرائيلي بصوته
لليمين أو اليسار فإن الموقف من
عملية السلام هو احد محددات هذا
السلوك لكنه بالتأكيد ليس
العامل الأساسي لنسبة عالية من
الناخبين، بمعنى أن تصويت البعض
لحزب يميني مثل حزب شاس لا يعني
بالضرورة استفتاء على موقف
الحزب من عملية السلام، فالقضية
أكثر تعقيدا من اختزال الحراك
السياسي بالموقف من عملية
السلام. ولهذا السبب فعندما يصوت الناخب
الإسرائيلي لحزب يميني فإنه لا
يتحكم بالموقف العقائدي أو
السياسي للحزب من قضية فلسطين،
لذلك لا تتحول نسبة آل 57% التي
تؤيد الحوار مع حماس تلقائيا
إلى موقف تبناه الأحزاب أو
الحكومة، بمعنى أن هناك فجوة
بين موقف الناخب الإسرائيلي من
عملية السلام وموقف الأحزاب
التي يسيطر عليها مركزية تمنح
عددا قليلا من القادة صياغة
برنامج الحزب وإلى حد كبير شكل
تصويت أعضاء الكنيست التابعين
للحزب. وللتدليل على ما ذكر فإن تراجع مكانة وزير
الدفاع إيهود باراك لا يعبر عن
موقف الذين تخلو عنه لصالح
التشدد في عملية السلام وإنما
لصورته المرتبطة بالفساد
وبخاصة بعد أن شاع عن مصروفاته
العالية في أحد فنادق باريس،
فالفساد في إسرائيل هو شيء مقيت
ويحاسب الفاسد عندهم ولا يكافأ
تحت أي ظرف! وفي المحصلة، تكشف
الاستطلاعات المختلفة في
إسرائيل أن رئيس الوزراء
نتنياهو ما زال يتمتع بنسبة
تأييد عالية ولديه فرصة حقيقية
لقيادة إسرائيل دون صعوبات
كثيرة، لكن الراهن أنه سيأخذ
إسرائيل في الاتجاه الخاطئ
والمتماشي مع بنيته الذهنية
التوسعية على حساب حل عادل.
وأمام هذه القراءة يحق لنا أن
نسأل عن ماذا في جعبة مؤيدي
السلام من الطرف الفلسطيني في
وقت يفضي فيه الحراك الإسرائيلي
إلى مزيد من التعقيد؟. ========================== اوباما في الصين.. «الندية»
التي تقترب؟ محمد خروب الرأي الاردنية 15-11-2009 لا يذهب باراك اوباما الى بكين للنزهة أو
تزجية للوقت، وبالتأكيد لا يهمه
كثيرا أن يمضي معظم أيام زيارته
للسير على سور الصين العظيم، أو
الاقتراب من ساحة تيان آن مين
التي تتذكر واشنطن احداثها
وتسارع الى وضعها على مسار
علاقاتها مع الصين، كلما بدت
محرجة أو راغبة في ابتزاز بكين
أو دفعها الى تقديم تنازلات في
ملف ما، من الملفات المتراكمة
التي باتت تميز علاقات البلدين
وخصوصا بعد أن بدأت بكين مرحلة
الصعود على سلم الكبار بثقة
وصبر، وربما يمكن وصفها بالنهم
الذي لا حدود له، ما دام القطب
الاكبر قد بدا بالترنح أو هو على
الاقل لم يعد يستطيع التفرد
بالقمة التي وصلها قبل عشرين
عاما (منذ انهيار جدار برلين في
مثل هذه الايام) الى أن جاء جورج
بوش وزمرة المحافظين الجدد، وهم
يحملون (ويحلمون) مشروع القرن
الاميركي الجديد، الذي انتهى
الى ما يشبه الفشل في العراق وهو
على وشك الغرق في المستنقع
الافغاني وتداعياته، وبخاصة
على جاره الباكستاني الآيل
للسقوط.. اوباما اذا في بكين، وجدول الاعمال مع هيو
جنتاو (رجل الصين القوي) مزدحم
وربما - بل هو - خلافي، بدءا
بالملفين المالي سعر صرف العملة
الصينية مثلا والتجاري حيث بكين
الشريك التجاري الاول لواشنطن
وهي ايضا - وهذا هو الأهم -
الدائن الاول، رغم انها لم تعد
ميزة للصين، لأنها سلاح ذو
حدين، فهي ديون على شكل سندات
بالدولار، وما ادراك ما الخسائر
التي تكمن خلف الهبوط المتواصل
للورقة الخضراء التي باتت غير
جاذبة في التعاملات الدولية
المالية والتجارية، وإن كانت
الولايات المتحدة ما تزال صاحبة
الاقتصاد الاقوى أو المؤثر وذات
القوة العسكرية الهائلة
والنفوذ السياسي والدبلوماسي
الذي يستطيع كتابة وفرض أي جدول
اعمال دولي، وإن لم تعد
بالسهولة التي كانتها قبل
الازمة المالية والاقتصادية
التي عصفت بالاقتصاد الاميركي
مصحوبة بتراجع مضطرد في مكانة
هذه الدولة التي استحقت ذات قرن
إنصرم لقب الدولة الاعظم في
التاريخ. لن يتحدث اوباما بلهجة جورج دبليو بوش
وسلفه بيل كلينتون عن حقوق
الانسان وهو إن اختار الذهاب
الى هذا المربع المعقد فإنه
سيكون اشارة على فشل مباحثاته
مع جنتاو، ما يعني أن الامور
ستأخذ ابعادا اكثر توترا على
الصعيد الدولي، وهي مسألة لن
يخاطر الفائز بجائزة نوبل
للسلام اثارتها في ظل اوضاع
ادارته المضطربة على اكثر من
صعيد داخلي وخارجي.. وهنا لا بد
من استدعاء التصريح المثير الذي
ادلت به هيلاري كلينتون عندما
ذهبت الى بكين قبل اشهر وقالت ما
معناه: ليس بالضرورة ان يحتل ملف
حقوق الانسان الاولوية في
علاقاتنا مع الصين. يهبط اوباما في بكين قادما من طوكيو التي
يرأس حكومتها زعيم المعارضة
السابقة يوكيو هاتوياما الذي
يوصف بأنه أقل ولاء لواشنطن من
قادة الحزب الليبرالي
الديمقراطي، الذين تعاقبوا على
حكم اليابان منذ انتهاء الحرب
العالمية الثانية التي هزمت
فيها دول المحور.. مكانة الصين ودورها المتصاعد على الساحة
الدولية، أحد هموم الادارة
الاميركي، كذلك الحال مواقفها
الملتبسة من ملفي ايران وكوريا
الشمالية النوويين، ناهيك عن
تعاظم الميزانية العسكرية
الصينية التي تؤشر الى قوة عظمى
عسكرية واقتصادية آخذة في
البروز والتشكل، على نحو يفرض
اعادة بناء نظام دولي جديد على
انقاض النظام المشوه الذي قام
بعد انتهاء الحرب الباردة وسقوط
عالم القطبين.. نتائج القمة الصينية الاميركية لن تكون
كما يريد اوباما، لكنها
بالتأكيد قد ترضي بكين... كثيرا.. Kharroub@jpf.com.jo ======================== راكان المجالي الدستور 15-11-2009 احيط اعلان الرئيس عباس بالتصميم على عدم
الترشيح للانتخابات القادمة
والاستقالة من رئاسة السلطة
بكثير من الشكوك والتساؤلات.يقول
الكاتب الاسرائيلي سميدار بيري
في يديعوت احرونوت ان ما قصده
عباس هو القول «انا ذاهب الى
البيت لا تمسكوني ، سأعود الى
البيت وسأرى ماذا ستفعلون بعدي».ولا
يمكن الجزم بأن الرئيس عباس
يناور وان كان المؤكد ان
استقالته تحمل اتهاما صريحا
لامريكا واسرائيل والغرب بأنهم
لا يريدون تحقيق تسوية وانما
فرض تصفية ، وهو ما لا يقدر عليه.والمؤكد
ان اسرائيل والغرب في ظهرها لا
يمكن ان يتراجعوا عن فرض
الاستسلام اكراما لعيني عباس.
مما يبعث على الاعتقاد ان الرجل
غسل يده من التسوية وانه يائس من
تحقيق اي تقدم في العملية
السلمية.وكما يقال فان الموت هو
احدى الراحتين اما الراحة
الاخرى فهي اليأس اما الموت فهو
ما اوصل الاسرائيليون عرفات له
وقد اوصلوه الى الموت عبر
الاغتيال غير المباشر لكن كان
محكوما عليه بالموت منذ حوصر في
مقر اقامته في المقاطعة برام
الله. وظلت العقدة هي طريقة
الاخراج والتوقيت لهذا الموت...
الخ.الحالة الفلسطينية الخاصة
الملتبسة منذ ان سقطت القيادة
الفلسطينية في فخ «اوسلو» كانت
رهينة السير في طريق مسدود ولو
ان المرحوم «ابو عمار» كان يردد
بانه يرى ضوءا في نهاية النفق ،
وكان عباس الاكثر تفاؤلا لكنه
بات اول اليائسين.المؤكد ان
الرئيس عباس كان الاكثر من بين
قيادة المنظمة الذي كان يراهن
على انجاز تسوية ، ولكن عندما
تحول رهانه ورهان مؤسسة السلطة
التي يقودها الى ارتهان بلا
مردود كان لا بد ان يفكر في
الاستقالة ، وكل الرهانات
الماضية من اوسلو تحولت الى
ارتهانات كما هو معروف ، وكل
الوعود الامريكية في عهد كل
الادارات كانت تقدم نفس الشراب
المسموم في زجاجات جديدة وخاصة
بكل ادارة ، وفي فترة وجيزة ثبت
ان ادارة اوباما تريد ان تخطو
خطوات اضافية لتصفية القضية
الفلسطينية ولكن بأسلوب ناعم
وشعارات براقة وأقنعة و...و... الخ.يظل
ان نقول ان يأس عباس الذي دفعه
للاستقالة سيكون محرجا للعرب
الذين يراهنون على تسوية القضية
الفلسطينية ، فالمفروض انه اخر
من ييأس واخر من يتخلى عن افيونة
التفاؤل والرهان الخاسر على حل
يحقق الحد الادنى ، وكما كان
عباس رهينة لرهانه على التسوية
فقد بات ايضا رهينا لاستقالته
لان تراجعه دون ان يحقق شيئا هو
اقرار بحالة ارتهان واستلاب على
طريق تصفية القضية الفلسطينية.«ويا
طالع الشجرة هات لي معك بقرة ،
تحلب وتسقيني في المغرفة الصيني». التاريخ : 15-11-2009 ================= الوطن السعودية 15-11-2009 ولكن سياسة المملكة العربية السعودية
بنيت على السلام وعلى احترام
الدول وبالتالي فإن المملكة لا
ترى نفسها بأي حال من الأحوال في
عداء أو حالة صراع مع أي دولة
أخرى إلا فيما يختص بقضايا
معينة مثل القضية الفلسطينية.
أما فيما يخص إيران فإن المملكة
أعلنت عدة مرات موقفها بوضوح من
إيران والذي يتمثل في احترام
حقوقها كدولة وكشعب وكجار
للمملكة ومن ثم فإنه على الصعيد
الرسمي طالما التزمت المملكة
حدودها فيما يختص بالعلاقة مع
إيران والتي يمكن القول بوضوح
إنه لا توجد أية ملامح عداء رسمي
بين الدولتين رغم بعض المحاولات
التي ترمي لتصوير الأمر من هذا
المنظار. ولكن هل تنفي هذه
الحقائق وجود اختلاف في الآراء
وربما خلاف في وجهات النظر؟ هناك بعض الحقائق التي لا يمكن نفيها
وهناك ما يدور في الأروقة
السياسية والدبلوماسية، ولكن
مربط الفرس ليس الخلاف بحد ذاته
وإنما كيفية إدارة الخلاف.
المملكة اختارت على الدوام
التعامل الهادئ مع إيران في
محاولة لتلافي سماسرة الأزمات،
ولكن يبدو أن السياسة الإيرانية
تفضل في المقابل التعامل العلني
الإعلاني والذي يؤجج للأسف
الخلاف ويعمق من فرص تفاقمه. تصريحات وزير الخارجية الإيراني منوشهر
متكي والتي حذرت صنعاء "من
عواقب قمع الشعب اليمني" كانت
تدخلاً مباشراً في شؤون اليمن
على غرار ما تقوم به بعض الدول
وترفضه كل دول المنطقة بما فيها
إيران. وهنا بدت إيران وكأنها
تحاول أن تفرض وجودها بالقوة
على الساحة الإقليمية بدلاً من
ترسيخ سبل التعاون والتعامل
الدبلوماسي الهادئ الذي قد يفضي
إلى نتائج أفضل. والسؤال الذي
يطرح نفسه هو: ماذا سيكون موقف
إيران لو قامت المملكة
بمطالبتها بوقف قمع الشعب
العربي الأهوازي في إيران؟ يجب التأكيد أنه لا يوجد عداء مع طهران ..
ولكن لا يوجد في المقابل علاقات
يمكن أن يقال عنها إنها نموذجية
وفي مرحلة التأرجح السياسي
والدبلوماسي هذه يجب على
الأطراف أن تبذل مساعيها لتقريب
وجهات النظر والتقارب من أجل
مصلحة المنطقة ككل. المملكة من
جهتها قامت بمد اليد عدة مرات
وإتاحة الفرصة أمام إيران
لإثبات حسن النوايا ولكن إيران
ما تزال مترددة للأسف في
التجاوب والتصريحات القادمة من
طهران لا تساعد على خلق جو أفضل
للتقارب. ======================= الديبلوماسية السورية
في الوقت الضائع الأحد, 15 نوفمبر 2009 عبدالله اسكندر الحياة عزَّزت زيارة الرئيس بشار الأسد لباريس
القواسم المشتركة بين سورية
وفرنسا، على مستوى العلاقات
الثنائية وبعض الملفات
السياسية، خصوصاً الملف
اللبناني الذي شكل مدخل تطبيع
العلاقة، بعد مرحلة جمود منذ 2005.
ولم يكن متوقعاً حصول اختراق
استثنائي في الملفات الخلافية،
خصوصًا الملف الإيراني وملف
السلام على المسار السوري. لكن حصيلة الزيارة، في حسابات
الديبلوماسية السورية، تفوق
بكثير ما أمكن التفاهم عليه بين
الرئيسين الأسد ونيكولا
ساركوزي، رغم الملفات التي
اعترف الجانبان بوجود تباين
وخلاف حولها. بل ربما بفعل هذا
التباين الذي عرفت
الديبلوماسية السورية كيفية
الاستفادة منه في هذه المرحلة. من الواضح أن الشهور المقبلة هي فترة
الوقت الضائع في التحرك
الأميركي ازاء عملية السلام،
بما فيها المسار الفلسطيني. وهي
فترة تأتي بعد تعثر للانطلاقة
الأميركية الأولى التي، رغم ما
بذلته إدارة اوباما من جهود
وزيارات مكوكية في المنطقة، لم
تنجح في استعادة المفاوضات
الفلسطينية - الإسرائيلية. واذ
ساهم التصلب والتشدد
الإسرائيليين في هذا الفشل، فإن
التحرك الاميركي تضمن في ذاته
أسباب تعثره. سواء بحصر مفاوضات
المسار الفلسطيني في قضية
الاستيطان، او إهمال المسار
السوري، بعدما اوقفت دمشق
المفاوضات غير المباشرة مع
إسرائيل عبر تركيا. وفي تشديد الرئيس الأسد على الدور التركي
في استعادة المسار السوري، مع
صعوبات هذا الدور حالياً في ظل
تعنت نتانياهو وتردي العلاقة
التركية - الإسرائيلية، رسالة
الى الرئيس الفرنسي الطامح الى
شغل دور جديد لفرنسا، ومعها
أوروبا، في عملية السلام.
فالعودة الى الدور التركي، مع
استبعاد وسيط آخر، يعني إشغال
الوقت الاميركي الضائع في
انتظار نضج مبادرة واضحة
لواشنطن ازاء سورية ومسار
مفاوضاتها مع اسرائيل. وهذا
يعني إعادة الاعتبار للمسار
السوري، ديبلوماسياً على
الأقل، بعد تراجع في ظل
المقاربة الأميركية الحالية
للحل في المنطقة. وليس صدفة أن يركز الرئيس الأسد على هذه
المسألة، وفي باريس. فهو استقطب
بذلك الاهتمام وأعاد الى
الواجهة المسار السوري، بعد
انحسار. فسجل بذلك نقطة قيّمة
لديبلوماسية بلاده، من دون ان
يقطع حبل التواصل مع المضيف
الذي كان يرغب في أن يوافق الأسد
على عرض نتانياهو استعادة
المفاوضات بلا شروط، الأمر الذي
ردَّ عليه الرئيس السوري بأن
المسألة تتعلق بحقوق وليس بشروط.
ليثبت فكرة أن المفاوضات تعني
كيفية التوصل الى هذه الحقوق
وليس التفاوض في شأنها. فحافظ
بذلك على الثوابت السورية، وعلى
مكتسبات التطبيع مع باريس معاً...
في انتظار ان تحزم الإدارة
الأميركية أمرها وتطرح تصورها
للحل في المنطقة. اذ يبقى أي حل
معلقاً من دون الضمانات
والرعاية الأميركية، سواء بدأت
مقدماته بوساطة تركية أو لا. في الوقت ذاته، ورغم التعارض الكبير بين
باريس وطهران، الحليف
الاستراتيجي لدمشق، حول الملف
النووي الإيراني، ورغم التباين
في وجهات النظر الذي ظهر في
محادثات الأسد وساركوزي في هذا
الشأن، تمكنت الديبلوماسية
السورية من تفادي الوقوع في مطب
التصلب دفاعاً عن طهران، او
الليونة الزائدة مجاملة لفرنسا.
لتقدم تصوراً جديداً، وتظهر
كمعنية، وربما كوسيط، في هذا
الملف. وذلك مع الاعتبار أن
لدمشق ملفاً نووياً لدى الوكالة
الدولية للطاقة النووية، وأن
الدول الكبرى (مجموعة 5+1) منخرطة
في مفاوضات صعبة مع طهران. وهكذا
تسجل حضوراً، خصوصًا في الساحة
الأوروبية، في هذا الموضوع
النووي الذي قد يكون عليها
لاحقاً أن ترد على اتهامات
غربية، صحيحة او مفتعلة، تتعلق
ببرنامجها الخاص. ========================== في تركيا ... حين يكون
الصوفي مُلهماً للإصلاح الأحد, 15 نوفمبر 2009 حسن أبوطالب * الحياة قضية الإصلاح واحدة من القضايا التي شغلت
العالمين العربي والإسلامي منذ
أكثر من قرن تقريباً، وما زالت
تفرض نفسها في كل حوار عن الراهن
من الحياة والمنتظر من المستقبل.
وعلى رغم كثرة ما كتب عن القضية
فإن تعريفاً متفقاً عليه يبدو
أمراً متعذراً، إذ ثمة جذر يجب
البحث عنه قبل الخوض في مضمون
التعريف ومبتغاه، فهل الجذر
ليبرالي أم إسلامي أم علماني أم
توفيقي بين هذا وذاك؟ والجذر
هنا هو الأساس في التعريف كما هو
الأساس في المبتغى. في مؤتمر عقد أخيراً في القاهرة نظمه كل
من مركز الدراسات الحضارية
وحوار الثقافات في جامعة
القاهرة ومجلة «حراء» التركية
التي تصدر بالعربية، ووقف «أكاديمية
العلوم والانترنت» في اسطنبول،
وكان عنوانه مستقبل الإصلاح في
العالم الإسلامي ... خبرات
مقارنة مع «حركة فتح الله كولن»
التركية، برزت أهمية النظر إلى
ما يدور في محيط العالم العربي
الاوسع، أو لنقل العالم
الإسلامي، ليس من منظور السياسة
الضيق المرتبط بأحداث يومية
وتطلعات وأدوار وطنية ومحلية
ضيقة غالباً ومتقلبة دائماً، بل
من منظور أكثر رحابة يتعلق
بآلية التغيير في المجتمع سواء
المحلي أو العالمي، ودور الدين
الإسلامي في إحداث هذا التغيير
الذي يحقق إشباعاً روحياً
أخروياً ودنيوياً مادياً في آن
واحد. فالدين هنا كما هو إيمان
وعقيدة فهو أيضاً رؤية للذات
سواء الفرد أو الجماعة. الهدف الذي كان يبتغيه المؤتمر هو تقديم
تجربة «حركة فتح الله كولن»،
ذلك الشيخ الصوفي العالم، صاحب
الشعبية الجارفة بين محبيه
وأتباعه، إلى العالم العربي،
ليس لكي ينسخها كما هي، فذلك مما
لا يمكن تصوره ولا يمكن الدعوة
إليه بحسب قول السيد مصطفى
أوزغان مستشار وقف «أكاديمية
العلوم والانترنت» والرجل
القوي في «حركة فتح الله كولن»،
وإنما التعرف على ما فعلته تلك
الحركة في المجتمع التركي عبر
خمسين عاماً. لعل في ذلك ما يعين
إصلاحيي العرب على التأمل في
واقعهم بقدر من الجدية والحزم. ليس الهدف من هذا المقال سرد ما جاء في
الأوراق والمداخلات، فهذا
يتطلب موضعاً آخر، وإنما تقديم
شهادة ذاتية للكاتب أو لنقل
جملة من المقولات والأفكار حول
المرئي من «حركة فتح الله كولن»،
من واقع زيارات عدة إلى تركيا في
السنوات العشر الماضية، كان
آخرها في حزيران (يونيو) الماضي،
فضلاً عن عدد من الاحتكاكات
الفكرية والإنسانية مع بعض
أعضاء هذه الحركة سواء في
القاهرة أو في أسطنبول وأنقرة
وبورصة. والحق أن من اعتاد السفر إلى تركيا قبل
السنوات الخمس الماضية يدرك إلى
أي حد تغيرت هذه البلاد في
سلوكها الجماعي الاجتماعي
والديني. فمن كان يُصدم بصور
كبيرة الحجم منافية للذوق
والقيم الشرقية في مطار أسطنبول
سابقاً، يجد أن الأمر عولج من
منظور محافظ يراعي القيم
الدينية التي باتت غالبة في
الشارع كما في الممارسة اليومية.
ولا يمكن القول هنا إن تلك
بدورها نتيجة مباشرة لحركة كولن
وحسب، فهناك حركات دينية وصوفية
أخرى كثيرة لعبت الدور نفسه،
وانما لأن المجتمع أخذ يعود إلى
هويته الراسخة تاريخياً
ووجدانياً، والتي لم يؤثر فيها
تراث الاتاتوركية الإقصائية
للدين التي استمرت ثمانية عقود،
والتي هي الآن مُحاصرة وآخذة في
الأفول. وعن «حركة كولن» يمكن القول إنها تبدو
كتنظيم وفي الوقت نفسه لا تنظيم.
فمن شروط التنظيم الانضباط
ووضوح القيادة، ومن علامات
اللاتنظيم انفراط العقد وترهل
القيادة، بل وغيابها. في «حركة
فتح الله كولن» لا يوجد تنظيم
بحسب ما رأينا، بل حركة
اجتماعية تقوم على مبادئ
إيمانية، نظّر لها وصاغها فتح
الله كولن نفسه واقتنع بها
محبوه ومريدوه والذين أصبحوا
مرجع النظام العام للحركة. إذاً
نحن أمام نظام متكامل فكري
وسلوكي يتداخل مع درجة عالية من
الانضباط ووضوح الدرجات في
التعامل بين العناصر المشكلة
للحركة والنظام معاً. وفي أحد
الأوصاف فهي شبكة علاقات
ومؤسسات متداخلة ومستقلة في آن. وفي هذا النظام الفكري السلوكي، هناك
نقطة ارتكاز محورية، تتمثل في
الشيخ فتح الله كولن نفسه، فهو
العالم والأستاذ وصاحب الأفكار
والملهم والمحبوب والشيخ
الجليل، الذي تصبو إليه نفوس
محبيه، يعشقون كلماته ويحترمون
تعاليمه، ويعملون على هديها في
الانتشار وفي الحركة سواء داخل
تركيا أو خارجها. والشيخ هنا ليس
شخصاً عادياً، بل هو معين متجدد
من الأفكار والشروحات
والالهامات الإيمانية
والتربوية. جوهر الحركة في شقها السلوكي هو «الخدمة»
ذلك التعبير الذي صكه الشيخ
والتي تستهدف تغيير أحوال
البيئة المعاشة، وهي الجامع بين
القادر والمحتاج، بين صاحب
المال وصاحب الحركة وصاحب
الفكرة. بهذا المعنى فإن الخدمة
هي نظام التفاعل بين الفرد
والجماعة والحركة، هي أساس
التناغم بين الفرد كأحد أعضاء
الجماعة وبين الهدف الأكبر وهو
إصلاح حال الأمة الإسلامية على
امتداد وجودها المكاني
الجغرافي، كمقدمة لإصلاح حال
الإنسانية. وكل من تعرفنا اليهم
في «الخدمة» يشعرون بأنهم يؤدون
رسالة إيمانية بالدرجة الأولى،
واجتماعية مدنية بالدرجة
الثانية، وأنهم جميعاً أصحاب
قدر واحد، ومن هنا حالة التضامن
الشديدة بينهم. و»الخدمة» هي النظام الذي تتقاسم فيه
الأدوار وتتكامل، فهناك «الأصناف
أو التجار»، أو من هم مصدر
المال، وهناك العمال/ أعضاء
الحركة بالمعنى الرحب، والذين
يوظفون هذا المال لتجسيد فكر
الحركة / الجماعة في الإصلاح
والتربية والتغيير. مع ملاحظة
أننا شاهدنا انضباطاً وتقسيماً
للعمل والأدوار وتراتبية
تنظيمية لُحسن تسيير العمل،
ناهيك عن سلاسة منقطعة النظير. والاهتمام الأول للحركة يكمن في تربية
النفس والروح، وتقوية عزيمتها
الإيمانية والرسالية. وما
رأيناه من اهتمام بالتعليم،
مدارس وجامعات ونظماً تربوية
يعكس أهمية بناء الإنسان منذ
الصغر ومن خلال مجتمع مؤمن
عقيدة وملتزم سلوكاً. ولذا
فالمعلم في داخل الخدمة هو
الأساس. ومنظومة المدارس
كالفاتح والوادي الاخضر متشعبة
ومنتشرة في ربوع تركيا، ولها
أسلوبها المتميز في الادارة
والتربية والبنية الأساسية
الراقية المتطورة. ومن خلال تلك
المدارس والجامعات تعمل الحركة
على إعادة بناء المجتمع بطريقة
سلمية وتدريجية وتراكمية. ولذا
فلا توجد تفرقة في تقديم
الخدمة، كل من يطلبها يجدها حتى
ولو لم يكن من القريبين من
الحركة أو المؤمنين بأهدافها. وتبدي الحركة اهتماماً فائقاً بالطلاب من
المناطق الفقيرة والنائية
والريف خارج المدن الكبرى، من
أجل مساعدتهم على إكمال
تعليمهم، ومن ثم يكونون أعضاء
فاعلين في نظام الخدمة. ومما
سمعته أن ثمة خياراً أمام هؤلاء
الخريجين، إما العمل في سلك
التعليم أو العمل في مجال
التجارة، أي أن يكون من
الأصناف، أو الممولين للخدمة. وإحدى آليات ترسخ دور الحركة وانتشارها
هي التنظيم وبناء المؤسسات،
فالحركة لكي تستمر وتنمو لا بد
أن تتحول إلى مؤسسات مدنية
فاعلة نشطة وتقابل حياة الافراد
والمجتمع في منحى تكاملي يحقق
إشباعاً عقيدياً ودنيوياً في آن.
وتشمل المؤسسات المناحي كافة،
فمنها الثقافية كمؤسسات النشر
والترجمة التي تلعب دور الجسر
من أجل المعرفة والذيوع لا سيما
خارج تركيا، ومن هنا الاهتمام
بالترجمة إلى لغات العالم
المختلفة. كما فيها مؤسسات
إعلامية وصحافية وقنوات فضائية
تقدم منتجاً إعلامياً ملتزماً
عقيدياً ومنفتحاً على المجتمع،
بمعنى تقديم بديل إعلامي ثقافي
يتوافق مع فكر فتح الله كولن،
يتجسد أمام المشاهد من خلال
برامج تلفزيونية ومسلسلات
درامية وخدمة إخبارية. فضلاً عن
مجال العمل الإنساني، الذي
تمثله مؤسسة «كميسي يوك ميو» أو
بالعربية «هل من أحد هناك»،
والتي تعمل في شؤون الإغاثة في
البلدان الإسلامية وفي المناطق
التي تتضرر من تقلبات الطبيعة.
وفي مجال الرعاية الاجتماعية
والصحية، أنشئت المؤسسات
الصحية على أعلى مستوى، والخدمة
هنا متاحة للقادر، مع تخصيص
نسبة لغير القادرين، وتحقيق ربح
يسهم في تسيير أعمال ومؤسسات
الحركة الأخرى. ولكي تعمل هذه المؤسسات فلا بد من تمويل،
كما لا بد من آليات لجذب الأنصار
والحث على التبرع والعطاء. ففي
لقاءات بين الأعضاء في الخدمة
تعرف بلقاءات الهمة يتم تبادل
الخبرات والرأي في الأداء
والتحفيز من أجل جمع المال
للمشاريع المطلوب إنجازها، أو
لاستمرار المشاريع وعمل
المؤسسات التي تم بناؤها. وفي
أحد لقاءات الهمة في اسطنبول
كان الحاضرون من التجار
والمعلمين والموظفين وكتاب
صحافيين ومدرب كرة شهير
ورياضيين مشهورين، وجميعهم
يشعر أنه في حالة إيمانية وليست
دنيوية، وكلمات الشيخ
وتعليماته وتوجيهاته التي
أذيعت على الحاضرين كانت تضفي
جواً روحانياً إيمانياً شفافاً
ومتوهجاً في آن، والكل مؤمن بأن
تبرعاته أو جهده البدني هو في
سبيل رسالة عظيمة وهدفها الأسمى
خدمة الدين والعقيدة وابتغاء
مرضاة الله، وأن حدود الجهد هي
الكون كله، وليس فقط تركيا،
فكلما كان هناك موضع بحاجة يمكن
الوصول إليه، فأبناء الحركة
مستعدون لتلبية النداء، كما
سمعنا من الجميع تقريباً. في حركة كولن يعد مفهوم الحوار دعامة
أساسية، ليس كلقاء عابر بل
كمنظومة عمل وحياة. وبما يعكس
التعددية التي يحترمها الإسلام
والتي هي سُنة من سنن الطبيعة
التي خلقها الخالق سبحانه
وتعالى من أجل النظر والتدبر
والتأمل في عظمة الخالق. ومن
مؤسسات الحوار هناك «مؤسسة
أبانت»، ووقف الصحافيين. مع
ملاحظة أن تركيا اعتادت لفترة
طويلة العلمانية الإقصائية
للدين، فكأن طرح الحوار كمبدأ
ومأسسته هو من نوع التعامل مع
العلمانية وتحييدها وصولاً إلى
استيعابها في مرحلة لاحقة يحدث
فيها التمكن، وهو ما نجد بشائره
في المجتمع التركي الراهن. كان يلح علينا أن نعرف هل تلعب الحركة في
السياسة، أو تتدخل في توجهات
الناخبين، فقيل لا شأن لنا
بالسياسة، نحن فقط نربي ونعلم
ونتحاور ونترك الاختيار لكل فرد
في الخدمة أن يصوت لمن يراه
مؤمناً وملتزماً وقادراً على
خدمة الوطن والدين معاً. وتلك
بدورها قمة السياسة لكن بلا
استفزاز. * كاتب مصري. ============================= تقهقر الهيمنة الاميركية وبروز
القوة الصينية المستقبل - الاحد 15 تشرين
الثاني 2009 - العدد 3484 - نوافذ -
صفحة 12 عفيف رزق اذا صحت التوقعات وكانت الوقائع غير
مبالغ فيها، فالإستنتاج
الطبيعي والمنطقي هو ان القوة
الاميركية وهيمنتها على العالم
في تقهقر وتراجع مستمرين، وهذا
سيؤدي الى تقدم القوة الصينية
وان الاتحاد الاوروبي سيتوقف
توسعه ونفوذه عند بوابة منطقة
البلقان. واذا كان العكس هو
الصحيح، فإن تصوير القوة
الصينية بهذا الشكل هو أشبه بمن
كان يعبر نفقاً مظلماً ويحتاج
الى شمعة صغيرة تنير له الطريق
ليعبر سالماً، لكنه اُعطي "
بروجيكتيرا" بقوة الف شمعة
فزاغ بصره وتعثرت قدماه وسقط
يتخبط لا يلوي على شيء.. هذا ما
يمكن استخلاصه من قراءة كتاب
"العالم الثاني" للكاتب
باراج خانا (526 صفحة من القطع
الوسط)، الذي حدد مهمة كتابه على
النحو التالي: "حثّ الولايات المتحدة الاميركية على
التأقلم مع عالم متعدد الاقطاب
يتجه نحو عولمة تتميز بغياب
المضمون وعدم وضوح الرؤية، وهو
امر في غاية الخطورة ويجب الا
تترك مواجهته للاميركيين وحدهم".
وبما ان الكاتب، كما يقول، لم
يقم بكتابة هذا الكتاب من اجل
الاميركيين وحدهم، فإنه يستعرض
أوضاع وعلاقات القوى الجديدة في
ما بينها ومع الدول الاخرى. يرى الكاتب ان مراكز القوى المهيمنة على
مستوى العالم هي اليوم اقل مما
كانت عليه في فترات سابقة، اذ
اندمجت بعد الحرب العالمية
الثانية " العديد من الكيانات
الاقطاعية الصغيرة " فتكونت
الصين الحديثة التي يزداد
نفوذها الاقتصادي والدبلوماسي
في مختلف اصقاع العالم. كما
توحدت دول قومية تحت "مظلة
الاتحاد الاوروبي فتكونت
امبراطورية" هي الاكثر شعبية
ونجاحا لأنها لا تهيمن بل تقنّن.
ومع وجود الولايات المتحدة تكون
لدينا "ثلاث امبراطوريات
حقيقية". أما سبب حصر الكاتب
العدد بثلاث فعائد الى
مساهماتها بأحداث مهمة خارج
نطاق حدودها الجغرافية.
فالإتحاد الاوروبي اعاد إعمار
دول البلقان التي مزقتها الحروب
في تسعينيات القرن الماضي،
والولايات المتحدة ساهمت في
إنقاذ "عملة المكسيك عندما
اوشكت على الإنهيار"، وعملت
الصين على تعزيز أمن "حدود
جمهوريات الاتحاد السوفياتي
السابق" عندما اعلنت
استقلالها وفعلّت تجارتها ايضا.
طبقا لهذا التحليل يمكننا تصنيف
الامم ووضعها في مجموعات
إستنادا الى الحجم والاستقرار
السياسي والقوة الاقتصادية
والثروة والرؤية العالمية.
فالمجموعة الاولى تضم هذه
الامبراطوريات الثلاث وهي
المتحدة جغرافياً وقوية
عسكرياً واقتصادياً
وديمغرافياً بما يكفي للتوسع و"تستفيد
بصورة اكبر من النظام الدولي...
"ومن مزايا العولة؛
والمجموعة الثانية هي دول
العالم الثالث وهي الفقيرة وغير
المستقرة والعاجزة" عن
التغلب على وضعها الذي لا يتيح
لها اية امتيازات او صلاحيات
"داخل هذا النظام ولا تستطيع
اتخاذ القرارات الاستراتيجية
بنفسها، عكس المجموعة الاولى.
اما المجموعة الاخيرة فهي تلك
التي تضم دول العالم الثاني،
حيث يتمتع اغلبها بالخصائص
المميزة للمجموعتين الاخريين،
وتشكل، برأي الكاتب، رأس الحربة
التي ستحدد توازن القوى في عالم
القرن الحادي والعشرين، وذلك
لأن هذه الامبراطوريات الثلاث
ستسعى، بشتى الوسائل الى جذب
اكبر عدد من دول هذه المجموعة
الى جانبها. وهكذا فإن فصول
الكتاب تحلل هذا الوضع وتحاول
الاجابة على الاسئلة المتعلقة
به. ان اهم ما يمكن استخلاصه من عرض الكاتب هو
التالي: اولاً: إهمال روسيا ودورها على الساحة
الدولية. فبإلإضافة الى عدم
تصنيفها في عداد الامبراطوريات
الثلاث، يرى الكاتب أن دورها في
جواريها الاوروبي والآسيوي هو
إما تصادمي وإما هامشي. في
الجوار الاوروبي في منطقتي
القوقاز والبلقان ودول الاتحاد
السوفياتي السابق، حيث تصادمت
المسيحية الغربية والارثوذكسية
السلافية والاسلام التركي لما
يزيد عن الف سنة، هو تصادمي.
فدول هذه المناطق، احوج ما
تحتاجه هو إعادة التأهيل لتتخلص
" من عبء الحطام المعماري
والفكري السوفياتي"، وهذا
يتطلب استقرارا سياسيا
واستثمارا اقتصاديا. الا ان
الدور الروسي ما يزال يتلاعب
بالحدود وخطوط انابيب البترول
والغاز ويقف عائقا امام طموحات
هذه البلدان. يقول الكاتب ان
الدبلوماسيين الاميركيين
والاوروبيين وضعوا بصورة فعلية"
ثقتهم في قدرة روسيا على إدارة
مناطق ما بعد الحقبة السوفياتية
كما يجب ان تفعل اي قوة كانت
عظمى"، الا ان الحكم الروسي
اثبت، في الواقع، انه اقدر على
تقطيع اوصال الجمهوريات
السابقة التي كانت تدور في
الفلك السوفياتي، من إعادة بناء
كومنولث حقيقي من دول مستقلة.
فهو " يثير النزاعات ثم يتدخل
زاعما انه القوة الوحيدة
القادرة على الفصل بين هؤلاء
الاطفال المتعاركين لحفظ
السلام"، والاحتفاظ
بالمسؤولين الموالين له. وهنا
يصح القول انه " عندما تضع
الحكومات القادة قبل المؤسسات
تخسر الشعوب ". يعيد الكاتب
تدهور الدور الروسي في هذه
المنطقة الحساسة من العالم الى
طبيعة الحكم السائد في روسيا،
وخصوصا سيطرة شركة الغاز
والبترول الكبيرة " غاز بروم
" على مختلف النشاط العام في
هذا البلد كبناء المستشفيات وشق
الطرقات ورعاية المراكز
الرياضية.. بعد ان تخلت الادارة
الرسمية عن القيام بهذه الاعمال.
لقد تضخمت قيمة الطاقة الهائلة
لهذه الشركة بشكل غير مسبوق
واصبحت تشكل ثلثي اجمالي
الاقتصاد الروسي. وحتى
الدبلوماسية الروسية، بسبب
تحكم هذه الشركة بشبكة توزيع
الغاز الطبيعي في اوروبا
الشرقية بأكملها، اصبحت تٌعرف ب
"دبلوماسية غاز بروم" يضاف
الى ذلك ان اهتمام الحكم الروسي
في مجال التنمية محصور بتنمية
موسكو العاصمة على حساب المناطق
الاخرى، وما يزال يعيش ثلثا
الروس على مشارف خط الفقر وتموت
افواج منهم خلال شتاء قارس غير
محتمل البرودة. ويختم الكاتب
وصفه لمدى تدهور الدور الروسي
بقوله: "لو تهاونت روسيا في
الحضور او تنازلت عن مكانتها في
المفاوضات الرئيسية حول النزاع
العربي الاسرائيلي او برامج
كوريا الشمالية وايران
النووية، لما اختلفت النتائج"
لأن امبراطوريات اميركا
واوروبا والصين اصبحت اكثر
تأثيرا منها. وفي الجانب الآسيوي ليس دور روسيا مع
جارها الصيني بأفضل مما في
الجانب الاوروبي. فالصراع بين
الجارين محتدم وان كان هادئا.
فالمناطق الحدودية تعيش حالة
"استثنائية جدا"، كما يقول
الكاتب، اذ لا يوجد "على وجه
الارض" دولة يتناقص عدد
سكانها تتجاور مع دولة اخرى
مكتظة بالسكان كما هي الحال مع
روسيا والصين. فالروس يهاجرون
الى الغرب في حين يتدفق ما يقارب
الستمئة الف من المهاجرين
الصينيين غير الشرعيين سنويا
شمالا الى الشرق الاقصى الروسي
المفرغ من السكان "بعدد مماثل
تقريبا للنقص السنوي في التعداد
السكاني الروسي"، بحيث اصبح
عدد الروس في هذه المنطقة لا
يتجاوز السبعة ملايين نسمة في
حين تضم "مقاطعات شمال شرق
الصين وحدها اكثر من مئة مليون
نسمة". هذا الخلل في التوازن
الديمغرافي لصالح الامبراطورية
الصينية يصاحبه تزايد الطلب على
المواد الخام الغنية بها
المنطقة من الصين. لقد طرح
الكاتب اسئلة جوهرية، ازاء هذا
الواقع، تتعلق بالقصور الرسمي
الروسي في منطقة تعمل الصين على
تطويرها بطرائق لم تتبعها
روسيا، والنتائج الكارثية التي
سيحصدها الحكم الروسي اذا ما
بقي الاهمال الروسي متصاعدا. ثانياً: هناك ما يثير الاهتمام في ما
يعرضه الكاتب للقوة الصينية
المتعددة والمنتشرة. فالى جانب
الجوار الروسي، يتعمق ويتأصل
الوجود الصيني في الجوار
الاميركي، في قسمي القارة
الجنوبي والشمالي معا. تعود
جاذبية الصين لدى قادة المنطقة
الى كونها قوة عظمى من دون خطط
استعمارية. لقد ازدادت قيمة
التجارة الصينية مع دول اميركا
اللاتينية من 200 مليون دولار عام
1975 الى قرابة ال50 مليار عام 2004.
اذ لا تستطيع اي دولة نامية رفض
الاسعار الباهظة التي يدفعها
الصينيون لسلع كحبوب الصويا
وخام الحديد، والجزء الاكبر من
عوائد هذه السلع شكَل النمو
الاقتصادي الحديث للارجنتين
والبرازيل. وحتى عندما فقدت
الولايات المتحدة السيطرة على
قناة باناما عام 1997، قامت حكومة
هذا البلد وبسرعة ببيع حقوق
تشغيل الموانئ على طرفي القناة
لشركة صينية. وفي العام 2006 صوت
سكان باناما على توسيع القناة
لتمكينها من استيعاب الناقلات
الصينية العملاقة، كما قامت
الصين ايضا بترميم موانئ ومصانع
اميركية لاتينية مركزية اخرى
لتسهيل وصول بضائعها الى
الولايات المتحدة. لم تستثن
بكين القسم الشمالي من القارة
الاميركية من مد نفوذها بحيث
اصبحت بهدوء الشريك التجاري
الاكبر الذي يحتل المرتبة
الثانية لدولة قطبية هي كندا.
وتقوم حاليا بمشاركة هذه
الاخيرة ببناء خط انابيب بكلفة
ملياري دولار لنقل النفط
المستخرج من "رمال البيرتا
القطرانية الغنية بالنفط الى
ساحل المحيط الهادئ عند بريتش
كولومبيا". ولا تفرض الصين في
تعاملها مع دول المنطقة اي شروط
سياسية بإستثناء الضغط لإلغاء
الاعتراف بتايوان. ويختم الكاتب
هذا القسم بقوله: "بهذه
الرومانسية تكتسب الصين ودّ دول
القارة الاميركية فقط دون زواج..."
وتضمن حيادها عند الحديث عن
الديمقراطية وحقوق الانسان. لقد خصص الكاتب قسماً لإستعراض علاقات
الصين مع الجوار الآسيوي من
اليابان وكوريا الجنوبية
وسنغافورة وماليزيا واندونيسيا
حتى استراليا. منذ قرن من الزمان
ذكر ثيودور روزفلت ان: "عصر
الاطلسي يشهد الآن اوج تطوره،
ولا بد من ان موارده ستنضب بسرعة
إستجابة لهذا التطور، وان عصر
الهادئ الذي قٌدر له ان يكون
الاقوى على الاطلاق ما يزال في
بداية تطوره. لقد كانت اوروبا
قائد عصر الاطلسي ومن بعدها
اميركا، وستكون الصين وحدها
قائد عصر الهادئ". صدق هذا
القول واستطاعت الصين التغلب
على مختلف النزاعات التي حدثت
في المنطقة وايجاد طرائق لحلها.
فهي كانت، في فترة ما،
امبراطورية مغلقة على نفسها،
لكنها توسعت فقط الى درجة تضمن
لها الدفاع عن وجودها، فتمكنت
من تسوية خلافاتها الحدودية مع
دول الجوار فنزعت بذلك ذريعة
كانت تٌستخدم لإثارة المشاعر
القومية لدى دول المنطقة،
وانفتحت اقتصادياً من خلال
إقامة علاقات سوية مع هذه الدول
مما دفع بأحد الصحافيين
السنغافوريين الى القول: "ليس
على خرائطنا، بل في عقولنا:
الصين هي مركز الاحداث التي تقع
هنا". لقد اقامت علاقات
تبادلية مع اليابان فحل التعاون
محل الخوف الذي كان يزرعه
منافسو البلدين، وعقدت
اتفاقيات تعاون في الميدان
الاقتصادي مع اليابان وكوريا
الجنوبية للمشاركة في
استكشافات النفط والغاز في بحر
الصين الشرقية. وشاركت بكين في
تحقيق حلم قادة الهند الصينية
فكان منتدى "آسيان" وبفضل
دبلوماسيتها النشطة والمرنة من
تجاوز كل الحواجز التي اعترضت
انطلاق هذا التجمع التعاوني
المتعدد الاهداف. وعلق احد
المحللين اعلى نشاط الصين في
هذا الاطار قائلا: "ان سياسة
الصين هي بناء روابط اقتصادية
تستطيع ان تقاوم تنقلات القيادة
الصاخبة. وتقوم الصين بعقد
صفقات تجارية مع من في يده
السلطة بغض النظر عمن يكون"،
وذلك في اشارة واضحة لقيام
واشنطن بتشجيع القادة
العسكريين على استلام السلطة في
المنطقة وزرع الفتن والخلافات...
وحتى الجوار البعيد لم يثره
النشاط الصيني بل كان مصدر "احساس
بالنوايا الطيبة". يشهد بذلك
التعاون مع استراليا، حيث
تٌعتبر الصين اكبر مستهلك
للمواد الخام الاسترالية
كاليورانيوم والحديد الخام
والمنغنيز... وكما شكلت عوائد
المواد الخام التي تستوردها
الصين من البرازيل والارجنتين
جزءا هاما من نجاح التنمية في
هذين البلدين، تلعب هذه العوائد
الدور نفسه في استراليا. ثالثاً: تحفل فصول الكتاب بالنقد للسياسة
التي اتبعتها الولايات المتحدة
وعلاقاتها مع دول العالم
بإعتبارها القطب الاكبر
والاقوى. وعندما نستعرض علاقة
هذا القطب مع جواره في القارة
الاميركية فكأننا نستعرض ذلك مع
بقية الدول. يقول الكاتب ان معظم
التقدير العالمي لاميركا ارتكز
على اساس وضعها "كحامي حمى
الحرية" وكأغنى مجتمع وأرقى
ديمقراطية في عالم "هوبسي"
و"درويني". الا ان قادة
اميركا في التاريخ المعاصر
اساؤوا فهم كل من فلسفة هوبس
وتحليل داروين. فالاول لم يدع
لوجود ديكتاتورية واحدة " تقف
على رقاب الجميع"، بل الى
وجود "كومنولث كنسي ومدني
جوهراً وشكلاً وقوة"، كما ان
الثاني لم يعتبر مطلقاً ان
القوة المجردة تضمن طول العمر
بل قال: "ليس الاقوى من كل نوع
هو الذي يبقى ولا الاذكى، بل
الاكثر تأقلماً مع التغيير"؛
وهكذا فالدروس المستقاة هي ان
لا مجال لسيادة قوة مفردة على
الآخرين بل سيسود النظام الاكثر
تكيفاً. ان تضاؤل الهيمنة
الاميركية، مطلع هذا القرن، على
اميركا اللاتينية، التي كانت
تعتبر الفناء الخلفي التقليدي
لها والبعيدة جدا عن المسارح
الاستراتيجية الاساسية في
العالم بسبب السياسة التي
اتبعتها في هذه المنطقة. لقد "ضمنت توثيق العلاقات مع جيرانها
بشكل تلقائي، وهذا خطأ كارثي
بالفعل في اي علاقة"... ويعزز
هذا المسلك ما قاله احد
المسؤولين البرازيليين: "ان
هذه القارة ليست لاميركا (الولايات
المتحدة) بل لعدد كبير من الدول
يمثلها مواطنوها". اذا كانت
"العولمة تعني موت المسافات،
فان احد اعمدة قوة اميركا
السيطرة بالوكالة قد سقط"،
لذا اخذت دول اميركا اللاتينية
"ترمي بنظرها شرقا وغربا
لتجنب الشمال". لقد كان بإمكان الثروات الطبيعية وخصوصا
الطاقة المتنوعة كالنفط والغاز
والاثيانول البرازيلي من كندا
الى خليج المكسيك وفنزيلا ان
توحد اميركا الشمالية
والجنوبية في مجموعة تجارية
مهمة، الا ان الولايات المتحدة
اتبعت سياسة تقوم على زرع
الديمقراطية بشكلها الخارجي
وعملت بنصيحة جان فوستر دلاس
القائلة "لا تقم بشيء يهين
الديكتاتوريين، انهم الوحيدون
الذين يمكننا الاعتماد عليهم"،
واستمرت بتبني سياسة "حقبة
الحرب الباردة"، وعملت على
تطبيق مبدأ مونرو الداعي الى
منع اي قوة اجنبية من التأثير في
اميركا اللاتينية، فسادت منذ
بداية هذا القرن ثلاثة تيارات
في اميركا اللاتينية: الاول
رافض للهيمنة الاميركية ومثاله
فنزويلا، الثاني تعاون
براغماتي انتقائي كالبرازيل،
والاخير تحالف اقتصادي امني كما
هي الحال في كولومبيا. رابعاً: استطاع الاتحاد الاوروبي، وخلال
نصف قرن، تكوين امبراطورية مهمة
تجاوز فيها المشاعر القومية
المتصارعة، ففيه يحتمي "البوسنيون
واهل كوسوفو من الصرب
والاوكرانيون والجورجيون من
الروس..."، كما اقام
امبراطورية اقتصادية تمتاز
بالانفتاح والشفافية من خلال
المعايير التي يفرضها على
اعضائه ورفع دول من هؤلاء
الاعضاء الى مصاف دول العالم
الاول. واذا استمر الاتحاد في
توسعه فانه سيخمد كل البؤر
المتفجرة في القوقاز والبلقان.
يشكل الاتحاد اليوم "كومنولث
متعدد الطبقات من الاعضاء
والشركاء والمشاركين بدرجات
متفاوتة من الامتيازات
والالتزامات والاعانات...". من الدول او المناطق التي تعتبر ساحة صراع
لدى القوى المهيمنة لجذبها
نحوها تاتي في الطليعة اوكرانيا
حيث تحاول روسيا ابقاءها تحت
سيطرتها ومنع انضمامها الى
الاتحاد الاوروبي، وتركيا ذات
الوزن الاستراتيجي المهم وتعمل
جاهدة كي تنضم الى الاتحاد
الاوروبي الذي سيكون بدونها "مجرد
ناد مسيحي". والعالم العربي
حيث القومية العربية والاسلام
والتنافس بينهما. ويرى ان كل
المعطيات تجعل هذا العالم ان
يكون من دول العالم الاول في حال
تخلص من نزاعاته الداخلية وقاوم
الضغوط الخارجية. ويذكّر الكاتب
بقول كيسنجر عام 1975 "مستحيل
ان يوجد حل للنزاع العربي
الاسرائيلي قبل انشاء دولة
فلسطينية"، وعلى اسرائيل
الكيان المرفوض في المنطقة "ان
تدمج نفسها سلميا" فيها... =========================== السوبر حضارة في مواجهة
السوبر تخلف جيمس سميث: "العلم
والتكنولوجيا من أجل التطور" المستقبل - الاحد 15 تشرين
الثاني 2009 - العدد 3484 - نوافذ -
صفحة 14 حسن عجمي نشهد اليوم ولادة مفاهيم جديدة كمفاهيم
السوبر استعمار والسوبر حضارة
والسوبر تخلف. يأخذنا هذا
المقال في رحلة معرفية لنرى
نموّ تلك المصطلحات ونظرياتها
ولنراقب العلاقة بين العلم
والتكنولوجيا من جهة والتطور من
جهة أخرى، ومعلوم ان استيراد
العلم والتكنولوجيا لم يعد
كفيلاً بتحقيق التطور المطلوب. السوبر استعمار بينما الاستعمار هو الاحتلال الفعلي
لدولة وشعب من قبل دولة أجنبية
واستغلال لموارد المجتمع
المُحتل وتواجد جيوش المُحتل
على أراض ليست أراضيه، السوبر
استعمار هو الاحتلال الافتراضي
لدول ومجتمعات من قبل دولة
أجنبية. لقد انتهى الاستعمار
بشكله التقليدي، لكن تم
استبداله بالسوبر استعمار. حيث
يتم احتلال الدول الفقيرة
والضعيفة، احتلالاً افتراضياً
من قبل الدول الغنية والقوية.
وهذا غير مستغرب لأن الشعوب
والدول الأفقر والأضعف تعتمد في
معيشتها على الشعوب والدول
الأغنى والأقوى فتستورد منها
التكنولوجيا والعلم اللذين من
دونهما لا ينشأ مجتمع ولا يبقى.
من هنا، يشير الاحتلال
الافتراضي الى الاعتماد الكلي
على الشعوب والدول الأخرى؛ فاذا
توقف تدفق الغذاء والمعلومات
والتكنولوجيا يتوقف المجتمع
المُحتل افتراضياً عن الحركة
والنمو المنشود. نحن نحيا تحت
رايات الاحتلال الافتراضي،
ولذا تتجاذبنا الدول الأخرى
وتلعب بمصائرنا. فعلومنا
وتكنولوجياتنا المستوردة لا
تكفي كي نتحرر ونتقدم، بل على
الأرجح تجعلنا نموت باستمرار
تحت احتلال افتراضي أقوى كما
يدل على ذلك جيمس سميث في كتابه
"العلم والتكنولوجيا من أجل
التطور". يرينا سميث ان العلاقة بين العلم
والتكنولوجيا والتطور علاقة
معقدة. فمجرد نمو العلم وازدهار
التكنولوجيا لا يستدعيان
بالضرورة حدوث التطور. يوضح ذلك
على النحو التالي: اذا كان
التطور يعني معالجة مشكلات
المرضى والجوع والجهل، حينها
تلعب العلوم والتكنولوجيا
دوراًَ أساسياً في حل تلك
المشكلات أما اذا كان التطور
يعني الازدهار الاقتصادي،
فحينها يلعب العلم من خلال
التكنولوجيا دوراً في تحقيق
اقتصاد أفضل لكنه دور أقل أهمية
كلما كانت الدولة ومجتمعها اكثر
فقراً. هذا لأن استيراد
التكنولوجيا سوف يفيد أولئك
الأكثر غنى ممن يملكون القدرة
على شراء التكنولوجيا
المطلوبة، وبذلك يبقى الأكثر
فقراً خارج معادلة التطور. اما
إذا كان التطور يعني القضاء على
اللامساواة الاقتصادية
والاجتماعية والمعرفية فيبدو
حينها أن التكنولوجيا والعلوم
لا تساعدان في ذلك ابداً بل
تغذيان اللامساواة. وذلك للسبب
نفسه الذي يجعل العلم
والتكنولوجيا أقل أهمية في خلق
اقتصاد أفضل. فقط الطبقات الأغنى وبسبب غناها، تتمكن
من الاستفادة من العلوم
والتكنولوجيا لقدرتها على
الوصول الى المعلومات وشراء
التكنولوجيا المرغوبة. من هنا،
لا تنجح العلوم والتكنولوجيا في
ازالة اللامساواة الاقتصادية
والاجتماعية والمعرفية، بل
تجعل الأكثر غنى أقوى في غناه
والأكثر فقراً أضعف في فقره. فعندما يمتلك الغني العلم والتكنولوجيا
سوف يزداد غنى ما يتضمن افقار
الفقير اكثر من جراء عدم قدرته
على شراء المعارف والمعلومات
والتكنولوجيا التي يحتاج اليها
كي يستمر. على أساس كل هذا،
يستنتج جيمس سميث التالي: رغم أن
العلوم والتكنولوجيا تساهم
بقوة في تحسين الوضع الانساني
في ميادين الطبابة والغذاء
والزراعة مثلاً، ما تزال
التكنولوجيا وعلومها تزيد
مقدار اللامساواة بين الشعوب
وضمن الشعب الواحد (James
Smith:Science and Technology for Development. 2009 Zed
Books). بالاضافة الى ذلك، يرصد سميث التغير الذي
حصل في مفاهمينا ونظرياتنا حول
العالم والتكنولوجيا وعلاقتهما
بالتطور فبينما كانت تسيطر في
النصف الأول من القرن العشرين
النظرية الكلاسيكية التي تقول
إن العلم والتكنولوجيا كفيلان
بتحقيق التقدم والتطور للشعوب
كافة، حدث تحول جذري في نظرتنا
الى العلم والتكنولوجيا
والتطور وبتنا نرى العلاقة
بينهما علاقة معتمدة على السياق
الاجتماعي والثقافي والتاريخي
للمجتمعات والدول. أي أصبحنا
نبصر ان العلوم والتكنولوجيا
المفيدة للغرب قد لا تفيد
بالضرورة الدول النامية في
أفريقيا والشرق لأن حاجات الدول
النامية تختلف عن حاجات الدول
المتطورة. لذا أخفقت محاولات
تطوير وتحديث المجتمعات والدول
النامية من جراء اغفال عامل
السياق التاريخي والاجتماعي
والثقافي (المرجع السابق). رغم الفشل الواضح في تطوير المجتمعات
النامية من خلال استيراد العلم
والتكنولوجيا من قبلها، يوضح
لنا جيمس سميث ان لا مجتمع بلا
علوم وتكنولوجيا بل نحن نحيا من
خلالها فنستهلكها وتحدد هويتنا
وكيفية تفاعلنا مع العالم من
حولنا. فمن غير الممكن الفصل
والتفريق بين المجتمع
وتكنولوجيته (المرجع السابق).
وبذلك يكون فشل العلم
والتكنولوجيا في المجتمعات
النامية يمثل اخفاقاً في بناء
المجتمع ما قد يعيدنا الى تقسيم
العالم الى عالم متطور وآخر
مختلف. لكننا تجاوزنا التخلف
وما يصاحبه من استعمار ودخلنا
عصراً جديداً هو عصر السوبر
تخلف والسوبر استعمار. وبدلاً
من أن يكمن الصراع بين العالم
المتحضر والعالم المتخلف اصبح
الصراع قائماً بين السوبر حضارة
والسوبر تخلف. فبينما العالم
يتجه نحو السوبر حضارة، افتتحنا
نحن حقبة السوبر تخلف وجلسنا
على عرشها. هذا لا يعني ان
العالم المتقدم لا يعاني من
مشاكله الجديدة كمشكلة السوبر
رأسمالية. السوبر رأسمالية ما زال الغرب يعاني من آليات نجاحه.
فمثلاً، باتت الرأسمالية في
عداء مع الديموقراطية بل
تقاتلها وتضعفها كما يقول روبرت
ريتش في كتابه "السوبر
رأسمالية". بالنسبة اليه
السوبر رأسمالية تشير الى
المنافسة الضاربة للمؤسسات من
أجل اكتساب السوق واحتكاره. كما
تدل السوبر رأسمالية على لا
نهائية عمليات الانتاج وتجديد
المنتجات وتقوقع العالم في قرية
صغيرة يتقاسمها المستثمر
والمستهلك. السوبر رأسمالية
انتصار للمستهلكين
والمستثمرين، لكنها مضرة
للمواطنين كونها تمحو المواطن
وتبدد مفهوم المواطنة بحيث تغدو
مثلاً النقابات بلا فائدة
ويهيمن اللاأمان الاقتصادي. في السوبر رأسمالية هدف كل مؤسسة أو شركة
هو فعل أي شيء من أجل الحصول على
قدرة تنافسية أقوى. هذه هي ثقافة
الجشع التي تقتل مواطنيها
وتحولهم الى آلات للاستهلاك (Robert
Reich:Supercapitalism.2007.Knopf) تحت حكم السوبر رأسمالية كما
يؤكد ريتش، ينتصر السوق
الرأسمالي الحر ويزدهر بينما
تضعف الديموقراطية من جراء
انتقال السلطة والقوة منا
كمواطنين والينا كمستهلكين
ومستثمرين. فالديموقراطية
تعتمد على خلق المواطن وحقوقه.
اما السوبر رأسمالية فتصارع
المواطن وتجرده من حقوقه. هذا
لأن للسوبر رأسمالية آليات عدة
منها زيادة اللامساواة، حيث
معظم المكاسب تغدو في يد الأغنى
بين الأغنياء وتغذية السياسة
بمال الشركات الخاصة ما يتضمن
افساد الديموقراطية من قبل
السوق التجاري، بالاضافة الى
مكافأة الشركات على ضوء
تصرفاتها المسؤولة والاخلاقية
من دون وجود قوانين ومبادىء
تعرّف ما هو التصرف المسؤول
والاخلاقي الذي لا بد ان تتبعه
الشركات والمؤسسات (المرجع
السابق). وكما تتصارع التناقضات في الديموقراطية
الرأسمالية تتنافس التناقضات
في العالم. فبينما الغرب يعاني
من اقتتال الديموقراطية
والسوبر رأسمالية، يعاني
العالم بأسره من الصراع الدائم
بين السوبر حضارة والسوبر تخلف. السوبر حضارة حين تمتزج الحضارات المختلفة وتتزاوج
تنجب السوبر حضارة. حينئذ لا
نستطيع التفريق بين حضارة غربية
وحضارة شرقية لأننا سنحيا في
حضارة واحدة. نشهد اليوم انصهار
الحضارات عن طريق الهجرة
والعولمة. فمثلاً، يتكوّن
المجتمع الأميركي من جماعات ذات
أديان وثقافات وأعراق مختلفة.
كما أن الشرق ومعظم العالم امسى
غربياً في معظم سلوكياته ولباسه
ومدنه وأفكاره حتى ان الأصوليات
المنتشرة في العالم مستوحاة من
أصوليات الغرب، حيث مع نمو
الأخيرة نمت الأولى. ومثلما
أستوردنا مفاهيم الديموقراطية
والاشتراكية والشيوعية نستورد
مفهوم الأصولية من الغرب ونظنه
شرقياً وعربياً واسلامياً
بامتياز. وهذا جزء جوهري من خداع الذات الذي نمارسه
على أنفسنا. نحن مستعمرات غربية
صغيرة ما يؤكد على سوبر تخلفنا
وسيطرة السوبر استعمار. لكن، من
جهة أخرى، اذا استمرت الهجرة من
الشرق الى الغرب وتزاوجت
الحضارات وإذا استمرت العولمة
في الازدهار، سوف نشهد نشوء
السوبر حضارة حيث تتوحد
الحضارات في حضارة واحدة. أما
صراع الحضارات فهو مجرد احتكاك
بسيط بين الأزواج. فأهل الشرق
مثلاً يعتمدون على ما ينتجه
الغرب من تكنولوجيا وعلوم،
وبذلك لا مجال لصراع حقيقي بين
الحضارات المتنوعة التي باتت
تزول تدريجياً بفضل العولمة
وتحول العالم الى عالم افتراضي
في متناول الجميع. ولأن نمو
السوبر حضارة أصبح قدراً حتمياً
سوف تصطدم السوبر حضارة بسوبر
تخلفنا. وحين تواجه السوبر
حضارة السوبر تخلف سنمسي عبيداً
لأسيادها أسياد العلم
والتكنولوجيا. لكننا اليوم
أشباه عبيد لأن العبد يملك
دوراً يؤديه، أما نحن فبلا
أدوار. بينما السوبر حضارة هي انصهار الحضارات
في حضارة واحدة، السوبر تخلف هو
استغلال منجزات الحضارات من أجل
اعلاء راية التخلف. وبذلك لا مفر
من الاقتتال بين السوبر حضارة
والسوبر تخلف. من هنا، ليس
الصراع صراع حضارات بل هو صراع
حول كيفية استخدام الحضارة
الانسانية. فلو اننا نحيا في
صراع الحضارات كما قال هنتنغتون
ما كنا لندرس في جامعات الغرب
وما كان الغرب يحتوي العدد
الأكبر من خبراء علوم الاسلام
والشرق. بل نحن في طور التحول
الى حضارة واحدة هي السوبر
حضارة. والدليل على ذلك انتشار
العولمة وسيطرتها على البشرية.
في السوبر حضارة تهيمن الحقوق
الانسانية كحرية التصرف
والتفكير والتعبير لارضاء
الجماعات الثقافية والحضارية
والعرقية المختلفة وتماسك
انصهارها ووجودها ضمن دولة
واحدة. لكن في السوبر تخلف يسيطر
الأكثر تخلفاً ومعاداة للانسان
وحقوقه لأن السوبر تخلف يتمثل
في كون التخلف هو القيمة الأعلى.
على هذا الاساس، الصراع بينهما
حتمي، ولن يعرف العديد منا في أي
حقل سوبري هو الا بعد ان يتضح من
المنتصر منهما. السوبر تخلف لا نحيا فقط في عصر السوبر استعمار، بل
نحيا ايضاً في زمن السوبر تخلف.
وبينما السوبر استعمار يُمارس
علينا، نحن نمارس السوبر تخلف
على أنفسنا. الفرق شاسع بين
التخلف والسوبر تخلف. الشعب
المتخلف هو الذي لا ينتج ما هو
مفيد للبشرية والعالم بينما
الشعب السوبر متخلف هو الشعب
الذي يطوّر التخلف من خلال
استخدام العلم والتكنولوجيا من
أجل التجهيل. وهذا ما نقوم به
بقوة. نحن سوبر متخلفون لأننا
نستغل العلوم وتكنولوجياتها من
أجل نشر الجهل والعداوة في ما
بيننا. فكل قبيلة طائفية أو
مذهبية تملك مدارسها وجامعاتها
ووسائل اعلامها التي تسعى الى
تشويه صورة القبائل الطائفية
والمذهبية الأخرى وتجييش
العداوة تجاهها. هكذا نستعمل
العلم والتكنولوجيا كي نغذي
أحقادنا وحروبنا الأهلية. فالتلفزيون مثلاً وفضائياته والأنترنت
وشاشاته تحتشد بفتاوى التكفير
والتخوين الموجهة ضد بعضنا
البعض. كما أننا نعتمد على
المفكرين والعلماء الغربيين كي
نبرر أنظمتنا الديكتاتورية
واقتتالنا الدائم في شوارع
مدننا. هكذا نستخدم العلم من أجل
تمتين جهلنا وصراعاتنا. بالاضافة الى ذلك، يتجسد السوبر تخلف في
رفضنا للعلم والمنطق. فتفتقر
مكتباتنا الى الكتب العلمية،
ومعظم خطاباتنا ونصوصنا تحتوي
على التناقض والمصادرة على
المطلوب والدور (وهو تعريف
الشيء بالشيء نفسه كتعريف الماء
بالماء). من هنا، تحولت نصوصنا
وكتبنا الى أدوات ترويج للجهل
ما جعلنا نكتسب صفة السوبر تخلف
عن جدارة ومثابرة. كما يتجلى
السوبر تخلف في جملنا وعباراتنا
التي أمست فاقدة لأي معنى وهدف.
فمعظم نصوصنا خالية من معانٍ
ومضامين لأننا نجهل أصلاً ما
يجعل العبارة ذات معنى. ولذا
نصوغ جملاً بلا فحوى كجملة "العدد
سبعة متزوج" ونفتخر بانجازنا
الفكري والأدبي، كل هذا غير
مستغرب للسبب التالي: بدلاً من
أن تخرّج ارهابيين صغاراً
ينتمون الى هذه القبيلة
المذهبية أو الطائفية او تلك.
على هذا الأساس امسى العلم بين
أيدينا أداة تجهيل، وهذا جوهر
السوبر تخلف. لكن لماذا نحن سوبر متخلفون؟ أي لماذا
نستغل العلم والتكنولوجيا من
أجل نصرة الجهل والتجهيل ونعادي
العلم والمنطق؟ هذا لأننا نؤمن
باليقينيات بينما العلم عملية
تصحيح مستمرة. فالنظريات
العلمية تُستبدل بنظريات علمية
أخرى عبر تاريخ العلوم ما يشير
الى انه لا توجد يقينات في العلم
وما يدفع بدوره الى استمرارية
البحث المعرفي عن الحقائق
والنظريات الأصدق والأفضل. اما المؤمن بيقينياته فلا حاجة له كي يبحث
عن أية معارف وعلوم، وبذلك
يتوقف البحث العلمي والمعرفي
لديه ويفقد انسانيته من خلال
رفضه للعلم وما يتضمن من منطق.
وهذا ما حدث معنا بالضبط. من
هنا، السبيل الوحيد نحو الخروج
من سوبر تخلفنا يكمن في تحويل
معتقداتنا من يقينيات الى مجرد
أفكار ممكنة ما يساعدنا على
قبول العلم والمشاركة في انتاجه. =========================== المدينة الجامعية بحلب
تضيق بأبنائها.. فأين الفرج؟ جامعات الأحد 15-11-2009م فؤاد العجيلي الثورة بعد أن استكملت المدينة الجامعية بحلب
إجراءاتها في إسكان الطلبة،
وتهيئة مابوسعها من أجواء
الإقامة والترفيه لهم، سواء
داخل الوحدات، أو في مجال
الأنشطة والفعاليات التي
تحويها المدينة من حدائق وملاعب
وغيرها من الأنشطة. بعد كل ذلك كان لابد لنا من أن نستطلع بعض
النقاط حول هذه المدينة وآخر
المستجدات التي تم التوصل
إليها، حيث ومن خلال جولتنا
فيها علمنا أن الوحدات السكنية
الخاصة بالطلبة عددها 18 وحدة
تضم الطلبة السوريين والعرب،
وهناك وحدتان إحداهما
للممرضات، والثانية دار
للضيافة. وبحسب مصادر مطلعة يبلغ عدد الطلبة
السوريين الذين تم إسكانهم نحو
15000 طالب وطالبة، يضاف إليهم
قرابة 1000 من الطلبة العرب،
ويقوم على إدارة شؤون المدينة
قرابة 160 عاملاً بمن فيهم «المستخدمون
والإداريون والمشرفون» وغيرهم.
ومن ناحية أخرى فإن الوحدات السكنية ال 18
كانت مهيأة لإسكان 8000 طالب
وطالبة، بحيث كانت كل غرفة
والبالغة مساحتها بشكل تقريبي 9م2،
مخصصة لطالبين، إضافة إلى
طاولتين للدراسة وخزانة، طبعاً
هذا بشكل نظري، أما الآن فأصبح
العدد الفعلي ضمن هذه الوحدات
ال 18 هو 16000 طالب وطالبة، أي أصبح
عدد الطلبة في كل غرفة 4 طلاب،
إضافة إلى أنه في بعض الغرف وصل
العدد إلى 5، حتى إن بعض الطلبة
قال: أصبحنا في الغرفة مكبوسين
مثل المخلل؟ لا طاولة،
ولاخزانة، اللهم إلا غرفة
منفردة للنوم فقط... فأي مستقبل
ينتظرنا هذا ماأكده العديد من
الطلبة. حيال ذلك تبرز أمامنا التساؤلات التالية:
1- لماذا لايتم بناء وحدات سكنية جديدة
تتناسب والزيادة في عدد طلبة
جامعة حلب، والذين وصل عددهم
هذا العام قرابة 130 ألف طالب
وطالبة بمن فيهم طلبة التعليم
الموازي، وخاصة إذا علمنا أنه
ومنذ عام 2000 لم يتم بناء وحدات
سكنية جديدة ، والتي كان آخرها
الوحدة 20 المخصصة كدار للضيافة
لضيوف رئاسة الجامعة؟ 2- إذا كان جواب المعنيين في رئاسة جامعة
حلب أنه لاتوجد موافقات من قبل
الحكومة حول هذا الأمر، فإننا
نقول: وكيف تمت الموافقة على
بناء وحدتين سكنيتين لأطباء
الدراسات العليا والممرضات، مع
بناء الملحقات لتكون بمثابة
مجمع، فهل المصلحة العامة تقتضي
تقديم مصلحة هؤلاء على مصلحة
الطلبة في مرحلتهم الجامعية
الأولى، ونعتقد أن من أعطى
الموافقة على بناء هاتين
الوحدتين قادر على إعطاء
الموافقة على بناء وحدات للطلبة.
3- هل هذا العدد من العمال يكفي للإشراف
على هذا الكم الهائل من الطلبة،
والذين يشغلون هذه الوحدات
مجتمعة؟ هذه مجرد همسة محبة من طلبة جامعة حلب إلى
السيد وزير التعليم العالي
يأملون من خلالها إيلاء هذا
الموضوع ما يستحقه من اهتمام،
وخاصة أن الأمر بدأ يزداد سوءاً
نتيجة التزايد الكبير في عدد
الطلبة ضمن الغرف والوحدات
السكنية، وبالتالي انعكس الأمر
على مرافق المدينة الخدمية،
وغير ذلك من النقاط، والتي
ستكون مثار اهتمام في مرات
قادمة. ونؤكد مجدداً أن صفحة مجتمع الجامعة هي
منبر لمعالجة كافة المشكلات
التي يتعرض لها طلبتنا في
جامعاتهم، وهمزة وصل بين الطلبة
والمعنيين من أجل تحقيق أفضل
النتائج في المسيرة التعليمية،
وذلك من خلال التواصل معنا. =================== هآرتس ترجمة الأحد 15-11-2009م ترجمة : ريما الرفاعي الثورة ماذا يريد منا محمود عباس؟ ليكف عن البكاء
ويبدأ بالحديث. حتى بنيامين
نتنياهو، المتجذر في معسكر
اليمين، وعده بدولة، وشاؤول
موفاز، الذي يثير الرعب لدى
الفلسطينيين، مستعد أن يدفع له
الحساب على 20 في المئة من الضفة
الغربية. ربما يستطيع عباس خداع الامريكيين، لكن
الاسرائيليين ليسوا سذجا، ونحن
لا تنطلي علينا حيلة استقالته،
ونعلم ان الحل لا يعوقه عدة آلاف
من المستوطنين، حيث يدرك كل طفل
في رام الله ان جميع المستوطنات
خارج «الكتل الرئيسة» ستكون في
نهاية المطاف جزءا من فلسطين.
لعل هذا ما يردده اليمين في اسرائيل في
تعليقه على اعلان محمود عباس
عزمه عدم الترشح للانتخابات
الرئاسية المقبلة. لكن ماذا كنا
سنقول لو طلب عباس ان نوافق على
إعادة اللاجئين الى بيوتهم في
يافا؟ سوف نضطر في نهاية الامر
الى التوصل الى حل متفق عليه
لمشكلة اللاجئين. وكيف كنا نرد،
لو ان سورية احتلت عام 1973
الجليل، ورفضت بعد سنين تجميد
البناء في مستوطناتها في مناطق
«سورية الكبرى» برغم مفاوضات
السلام مع اسرائيل؟ لآن الامر
ليس فظيعا، فالحديث فقط عن
مناطق تشتمل عليها «كتل
المستوطنات» في المنطقة ج تحت
سيطرة عسكرية ومدنية لسورية ( 60
في المئة من الضفة تصنف على انها
منطقة ج، ولا يسمح هناك تقريبا
بالبناء الفلسطيني ) فالحديث في
المحصلة عن عدة رياض اطفال
ومراكز عناية صحية. هل يجب ان
نأخذ في الحساب زيادتهم
الطبيعية؟ ( على نحو ما يطرحون
الآن بالنسبة للمستوطنين في
الضفة) ! وماذا لو قرر السوريون الانفصال من طرف
واحد عن نهاريا، هل كان «محاربو
حرية اسرائيل» في طبرية الكبرى
يضعون اسلحتهم؟ هل كان عدد من
أمثال غولدشتاين سوف يفجرون
انفسهم في المساجد، لو ان جنودا
سوريين فتشوا متاع اليهود في
حواجز الطرق وفرضوا عليهم حصارا
في الاعياد والاحتفالات
الاسلامية؟ وماذا سيكون مصير
زعيم اسرائيلي وعد في أيلول 1993
بأن الاحتلال السوري سينتهي حتى
نهاية ذلك العقد، ولكن مضى ذلك
العقد وجاء العقد الذي يليه ولا
شيء حصل سوى مساومة باطلة في
تجميد مؤقت للبناء في جزء من تلك
الارض؟ كم يوما كانت ستصبر
حكومة السلطة الاسرائيلية،
التي ستنشأ ككيان مؤقت – الى
حين الوصول الى تسوية مرحلية في
الطريق الى استقلال سياسي، وهي
تتحول الى مقاول ثانوي لإدارة
الاحتلال؟ حال سلطة عباس وسلام
فياض في الوقت الحالي. يرسم البروفيسور شلومو مندلوفيتش رئيس
برنامج العلاج النفسي في جامعة
تل ابيب في كتاب له بعنوان «في
التسوية الاجتماعية » صفات
الانحراف لدى الجماعة
الاسرائيلية على نحو يثير الرعب:
مهاجمة قوى تستطيع مساعدة شخص (أو
مجتمع) على البقاء، وانعدام
القدرة على التمييز بين النافع
والضار، وبين الحياة والموت،
ومواجهة الخوف والمعاناة
بالحفاظ على الوضع الراهن. هكذا
اضعنا الخيار الاردني، وهكذا
نتجاهل مبادرة السلام العربية،
وهكذا سنخسر الشريك الفلسطيني
في حل الدولتين. لا يوجد عربي اكثر صبرا على اسرائيل من
عباس، مع مقاومة شجاعة للعنف
وتسامح مع تقلبات السياسة
الاسرائيلية. لكن لا يستطيع اي
زعيم ان يتفاوض في قضايا حساسة
كالحدود، والقدس واللاجئين
بغير شرعية من جمهوره. ولن يعطي
اي جمهور قادته شرعية التفاوض
على مصير أرضه، بينما ينظر الى
الطرف الآخر وهو يقضم كل يوم هذه
الارض . انهم في اليمين يقولون بثقة غير مفهومة
انه لن يحدث شيء للوضع الراهن
القديم الجديد. ويزعمون أن عباس
سيلغي الانتخابات ويظل يخدم
الاحتلال حتى يومه الاخير. وفي
الوقت نفسه يحشدون ويطبلون
لمواجهة مؤامرة سلام فياض
للإعلان عن دولة فلسطينية من
طرف واحد. لكن مسؤولين كباراً في
القيادة الفلسطينية حذروا من أن
انصراف رئيس السلطة الفلسطينية
من الحياة السياسية سيكون بداية
تفكيك المؤسسة التي جاءت لتشكل
آلية مؤقتة، في الطريق لإقامة
دولة مستقلة، حيث يتوقع هؤلاء
ان يقدم رئيس الوزراء سلام فياض
وكل وزرائه استقالتهم، ما يؤدي
من ثم الى حل السلطة نتيجة توقف
التبرعات من الدول الأوروبية،
الولايات المتحدة ودول اخرى
التي تمول رواتب الموظفين وتبلغ
اكثر من مليار دولار في السنة.
وهذا سيؤدي ايضا الى انهيار
اجهزة الأمن الفلسطينية التي
دربت ومولت على مدى السنين من
الامريكيين، ما يعني في نهاية
المطاف ان حكومة اسرائيل سوف
تتحمل المسؤولية عن سلامة سكان
المناطق بوصفها تمثل الدولة
المحتلة. لقد كان الاختيار ولا يزال بين دولتين
للشعبين على اساس حدود 1967، أو
بين دولة واحدة يظل فيها
الشعبان يسببان البؤس لبعضهما
البعض. لكن اسرائيل بفضل قادتها
عديمي البصيرة تمشي بخطا واثقة
نحو هذه الكارثة بعينين مغمضتين
أو مفتوحتين . بقلم : عكيفا الدار ======================== روسيا في معادلة
العلاقات الإسرائيلية
الأميركية بقلم :جانا بوريسوفنا البيان 15-11-2009 لا شك أن مستوى العلاقة الروسية بملفات
الشرق الأوسط، يتأثر بدرجة
كبيرة بمستوى العلاقات
الأميركية الإسرائيلية، إذ إن
توطد هذه العلاقات يؤدي
بالضرورة لحلف في مواجهة كافة
مشاريع التسوية التي تقدمها
روسيا لأطراف النزاع، وذلك
انطلاقا من حرص واشنطن على
تقليص الدور الروسي في المنطقة. أما حالة البرود التي تخيم على الصلات بين
واشنطن وتل أبيب، فتؤدي عادة
لتوسيع مساحة المشاركة
الروسية، استنادا لمساعي
الحكومة الإسرائيلية لإيجاد
طرف وحليف قادر على إزالة
التوتر المحيط بها في الشرق
الأوسط. ويبدو واضحا أن العلاقات الإسرائيلية
الأميركية تشهد في الشهور
الأخيرة، ومنذ تولى باراك
أوباما منصب الرئاسة في
الولايات المتحدة، حالة من
البرود برزت بوضوح في لقاء
الرئيس الأميركي أوباما مع رئيس
الحكومة الإسرائيلية نتانياهو،
وذلك بصرف النظر عن تصريحات
واشنطن وتل أبيب عن الأجواء
الايجابية والدافئة لهذا
اللقاء. ويسود اعتقاد بأن الرئيس أوباما، الذي
بذل جهودا كبيرة لاستعادة
علاقات الثقة بين الولايات
المتحدة من جهة والدول العربية
والعالم الإسلامي من جهة أخرى،
حرص على أن يعبر عن هذا التوجه
في لقائه مع رئيس الحكومة
الإسرائيلية، حتى لا يفقد ما
أنجزه بالفعل في هذا السياق.
وأفادت مصادر دبلوماسية روسية
بأن محادثات أوباما
نتانياهو، التي جرت خلف
أبواب موصدة واستمرت حوالي
ساعتين، تركزت على سبل استئناف
المفاوضات السلمية بين تل أبيب
والسلطة الفلسطينية. ويمكن أن يكون هدف تشدد الأبيض مع
إسرائيل، هو إقناع الرئيس
الفلسطيني محمود عباس بالتراجع
عن قراره بعدم الترشح لرئاسة
السلطة الفلسطينية في
الانتخابات القادمة، من خلال
الضغط على رئيس الحكومة
الإسرائيلية بضرورة تقديم أية
تنازلات تجذب الفلسطينيين
لاستئناف المفاوضات. إلا أن
أوباما جدد التزام إدارته
بحماية أمن إسرائيل وتنشيط
التعاون العسكري مع حكومة تل
أبيب، ما يمكن اعتباره محاولة
لتجاوز حالة البرود التي تعاني
منها العلاقات بين الجانبين. ولا بد من الاعتراف بأن سياسات إسرائيل
المتشددة، وإصرارها على مواصلة
خطط الاستيطان وبناء
المستوطنات، قد وضعت الرئيس
الفلسطيني في مأزق سياسي على
أعتاب انتخابات الرئاسة،
وأجبرته على إيقاف المفاوضات.
ويبدو أن محاولات السلطة
الفلسطينية لإبداء حسن النوايا
تجاه العملية السلمية، والتي
كان آخرها طلب محمود عباس تأجيل
مناقشة تقرير غولدستون، لم تسفر
سوى عن نتيجة واحدة، وهى تراجع
شعبية عباس وتراجع ثقة
الفلسطينيين في السلطة برئاسته.
لذا يمكن الحديث عن أن سياسة اليمين
الإسرائيلي تسببت وبشكل مباشر،
في إفشال جهود الإدارة
الأميركية للخروج بأزمة الشرق
الأوسط من مأزقها الراهن،
وأسفرت عن تجميد المفاوضات، ما
يشكل ضربة لبرنامج أوباما الذي
بدأ حقبته الرئاسية بإصلاح
العلاقات مع الدول العربية،
والعمل على تسوية أزمة الشرق
الأوسط. بل إن حكومة تل أبيب سعت لإفشال جولات
جورج ميتشل، المبعوث الأميركي
الخاص إلى الشرق الأوسط،
المكوكية في المنطقة. وأعلن
وزير الخارجية الإسرائيلي
أفيغدور ليبرمان أنه لا توجد
فرصة قريبة للتوصل لاتفاق سلام
شامل مع الفلسطينيين، ردا على
تصريحات ميتشل التي أكد فيها أن
واشنطن ستواصل جهودها لإطلاق
المحادثات بين إسرائيل
والفلسطينيين في أقرب وقت ممكن،
وأن ذلك سيكون خطوة أساسية تجاه
تحقيق سلام شامل في المنطقة،
يشمل إسرائيل وجيرانها ومن
بينهم سوريا ولبنان. ولعل تولي اليمين الإسرائيلي المتشدد
مقاليد السلطة في إسرائيل في
الفترة الحالية، وبعد التغيرات
التي جرت في سياسات واشنطن تجاه
الملف الشرق أوسطى، تعبر عن رد
تل أبيب على توجهات إدارة
أوباما، التي يعتقد
الإسرائيليون أنها تميل
للتعاطف مع العرب، وتهدد
المصالح الإسرائيلية. لذا كان
من المتوقع أن تخيم على لقاءات
أوباما نتانياهو
حالة من البرود، خاصة أن الرئيس
الأميركي جدد تمسك واشنطن بحل
قيام الدولتين وضمان أمنهما،
وتأكيده على الانتقال من مرحلة
الشعارات إلى مرحلة الفعل
والإنجاز. وقد يفسح الوضع الراهن المجال لدور روسي
أكثر تأثيرا، باعتبار أن
إسرائيل تشعر بالقلق من الدور
الأميركي وفق رؤية أوباما. ولكن
الدور الروسي كما تراه إسرائيل،
لا يتلاءم مع توجهات موسكو
السياسية، لأن روسيا تدعو
للتسوية الشاملة على كافة
المسارات، بما فيها المسار
السوري واللبناني، وتدعم حق
الشعب الفلسطيني في تأسيس دولته
على ترابه الوطني. خبيرة روسية في شؤون الطاقة ====================== جدار برلين وعالم متعدد
الأقطاب بقلم :ديدييه بيليون البيان 15-11-2009 الوضع السياسي العالمي اليوم، إلى حد
كبير، هو نتاج لانهيار جدار
برلين قبل عشرين عاما. وقد يكون
من الهام إلقاء الضوء أكثر على
جميع النتائج السياسية
والإستراتيجية لذلك الحدث. ذلك
على اعتبار أنه يمثّل القطيعة
التاريخية الحقيقية الوحيدة
منذ الحرب العالمية الثانية. وعلى عكس ما يقال، لم تؤدّ تفجيرات 11
سبتمبر 2001 إلى ولادة عالم جديد.
صحيح أن تدمير برجي مركز
التجارة الدولية في نيويورك،
أثار صدمة عاطفية كبيرة، لكنه
لم يغيّر موازين القوّة
العالمية في العمق. إن الولايات
المتحدة، رغم إصابتها البليغة،
لم يضعف موقفها كثيرا، ولم
تتغيّر مواقع أوروبا أو الصين
أو روسيا أو اليابان. على العكس، أدّى انهيار جدار برلين إلى
نهاية الاستقطاب الثنائي
الدولي. وبرز السؤال عمّا إذا
كان العالم يتوجّه نحو عالم
متعدد الأقطاب أم وحيد القطب؟
في كل الحالات، لم تعد العلاقات
الدولية تتمحور حول محوري
واشنطن وموسكو. لكن اعتقاد الغربيين أنهم قد انتصروا عام
1989 في معركة التاريخ، وأنهم
يستطيعون أن يسودوا على الجميع،
جعلهم تائهين اليوم وهم يرون
العالم الذي يرتسم أمام عيونهم.
مع ذلك أعلن جورجي أرباتوف، أحد
مستشاري ميخائيل غورباتشوف،
بدهاء عام 1987 لمحدثيه من
الأميركيين: «سوف نقدّم لكم
أسوأ الخدمات، إذ سوف نحرمكم من
الأعداء». أبسط ما يمكن أن يقال،
هو أن تلك الملاحظة كان فيها
الكثير من التبصّر. في المقابل ظهرت سطحية الصيغ التي سادت في
الغرب بعد انهيار جدار برلين،
مثل «النظام العالمي الجديد» و«نهاية
التاريخ»، والحديث المفعم
بتمجيد الذات وبأن القيم
الغربية سوف تسود العالم. ولم
يأبه كُثر لإنذار هنتنغتون
الخاص ب«صدام الحضارات»،
فاعتبرت الولايات المتحدة
الأميركية أن هيمنتها ضرورية
لاستقرار العالم، واعتقد
الأوروبيون من جهتهم أن نهاية
الحرب الباردة سوف تولّد مجموعة
دولية حقيقية، بعد الآمال
الخائبة بقيامها بعد الحربين
العالميتين. وفي الإطار الغائم لهذه المجموعة
الدولية، وعلى أساس مفهوم ساذج
للعلاقات الدولية، ساد
الاعتقاد بأن الجميع سوف
يتبنّون القيم نفسها المستلهمة
من الغرب، ولكن يتم الاعتراف
بأنها كونية (يونيفرسال).
وبالتالي سوف تستطيع منظمة
الأمم المتحدة أن تلعب دورها
كاملا، وتبرز عدالةً ومجتمعا
مدنيا دوليين. وفي إطار ذلك الزخم من الغبطة الغربية،
عرف عقد التسعينات سلسلة من
اللقاءات الدولية حول البيئة في
سانتياغو عام 1992، والتنمية
الاجتماعية في كوبنهاغن عام 1995،
والنساء في بكين عام 1995 أيضا،
والإعلان الألفي الذي تبنّته
جميع دول الأمم المتحدة يوم 8
سبتمبر 2000، حول السلام والتعاون
والتنمية والحريّات والمساواة
والتسامح. كانت الأجواء مفعمة
بالمشاعر الطيّبة، بل وساد لدى
البعض أنه قد ولّى زمن العلاقات
التقليدية بين الدول. لكن مسار تطوّر الأحداث أعاد الجميع فجأة
إلى أرض الواقع، وأخذت ترتسم
وتتأكد ملامح ظاهرة كبرى،
مفادها أننا لم نعد في الغرب
نحتكر سلطة تسيير شؤون العالم
والعلاقات الدولية. وتجد القوى
الغربية بعض الصعوبة في فهم أن
شعوب العالم، لن تقبل آليا
المبادئ والقيم التي تريد فرضها
عليهم. وتُظهر هذه الشعوب قبولا
أقل فأقل، لسعي القوى الغربية
كي تفرض «وزنين ومعيارين»، في
مجال حقوق الإنسان خاصة. بالتأكيد لسنا أمام نهاية سلطة القوى
الغربية، ذلك أن ثرواتها
وقدراتها العسكرية وشبكاتها،
لا تزال قويّة، لكن نحن أمام
نهاية احتكارها. الشعوب كلّها
غدت نشيطة سياسيا، وللمرّة
الأولى في التاريخ الإنساني.
وهذا يضع الدور الذي لعبه
الغربيون منذ القرن السادس عشر
وحتى القرن العشرين، موضع
التساؤل. وهذا يعني أن أقطابا جديدة تبرز، مثل
الصين التي تشابكت علاقاتها
الاقتصادية والعسكرية كثيرا مع
الولايات المتحدة، مما يدفع
البعض إلى القول بقيام قمّة «الاثنين
الكبار». واليابان لا تزال
قوّة، وروسيا تعود، ويتأكّد
صعود الهند والبرازيل وغيرها.
لكن هناك شكوكا حقيقية حول
الاتحاد الأوروبي، ففرنسا
وألمانيا وبريطانيا لا تزال
تتصرف تبعا لمصالحها، والسؤال
هو معرفة ما إذا كانت قادرة فعلا
على أن تشكل محور نفوذ في عالم
جديد. الرغبة قائمة بشكل غائم،
والعالم متعدد الأقطاب يعني
أيضا معركة متعددة الأقطاب. مع ذلك، لا بدّ من القول إن العالم متعدد
الأقطاب لم يصبح بعد واقعا. ذلك
أوّلا، لكون أنه ليس هناك معادل
لقوة الولايات المتحدة على
الصعيد العالمي. وبروز أقطاب
قوّة جديدة ونهاية احتكار القوى
الغربية، يمثلان مسيرة تتأكّد
تدريجيا، لكن بهدوء.. وهذا خبر
جيّد. المدير المساعد لمركز العلاقات
الدولية والإستراتيجية
باريس ==================== الأحد ,15/11/2009 خوسيه مانويل باروسو إن عامنا هذا يشهد وفرة من مؤتمرات القمة،
حتى بات بوسعنا أن نختار فيما
بينها. ولكن القمة العالمية
للأمن الغذائي لا تستحق أن تضيع
وسط زحام المؤتمرات. إن هذا
الاجتماع المقرر انعقاده في
روما في الفترة من السادس عشر
إلى الثامن عشر من نوفمبر/تشرين
الثاني يقدم للعالم الزخم
السياسي الذي يحتاج إليه بِشِدة
حتى يتسنى له التعامل مع ثلاث
قضايا مرتبطة ومتشابكة وتحتل
أولى المراتب بين أعظم التحديات
التي تواجه الإنسانية في عصرنا
الحالي: الأمن الغذائي، والتنوع
البيولوجي، وتغير المناخ. إننا مقصرون إجمالاً في الكفاح ضد الجوع
في العالم. فأكثر من مليار إنسان
على مستوى العالم اليوم لا
يجدون الغذاء الكافي لتلبية
احتياجاتهم الغذائية الأساسية
اليومية، والوضع في البلدان
النامية يزداد سوءا. وهذا يشكل أولاً وقبل كل شيء فضيحة
أخلاقية. فكيف وقد أصبحنا في
القرن الحادي والعشرين، وبعد أن
أرسلنا البشر إلى القمر ذهاباً
وإياباً، ورغم ذلك ما زلنا
عاجزين عن إطعام كل إنسان على
هذا الكوكب؟ لابد أن يدرك صناع
القرار السياسي فضلاً عن ذلك أن
انعدام الأمن الغذائي يرتبط
بالتأثيرات المستديمة الناجمة
عن الأزمة الاقتصادية واستمرار
تغير المناخ، وأنه يمثل تهديداً
للمجتمع العالمي بالكامل. ولكي نكون منصفين فلابد أن نعترف بأن قادة
العالم قد استجابوا لهذا التحدي.
ففي إطار قمة مجموعة الثماني
الأخيرة التي انعقدت في لاكويلا
بإيطاليا، تعهدنا بالالتزام
الصارم “بالعمل على النطاق
المطلوب وبما يتفق مع الحاجة
الملحة إلى تحقيق الأمن الغذائي
العالمي”، كما تعهدنا بالإجماع
بإنفاق عشرين مليار دولار على
مدى ثلاث سنوات. وهو في الحقيقة
التزام كبير، ولكنه قد لا يكون
كافياًفالأمر يتطلب المزيد من
الجهد لزيادة الإنتاج الزراعي،
وتحرير إمكانيات التجارة
لمعالجة انعدام الأمن الغذائي. ولقد استجابت المفوضية الأوروبية أيضاً،
فعملت على توفير التمويل اللازم
لتحقيق الأمن الغذائي من خلال
عدد من الأدوات. ففي العام
الماضي وافق المرفق الغذائي
التابع للاتحاد الأوروبي على
تخصيص مبلغ إضافي قدره 5،1 مليار
دولار لمواجهة ارتفاع أسعار
المواد الغذائية. وسوف نضخ
أربعة مليارات أخرى في غضون
الأعوام الثلاثة المقبلة
لتمويل الأنشطة التي من شأنها
أن تساعد البلدان في تحسين
الأمن الغذائي والتكيف مع تغير
المناخ. إن تخصيص أموال إضافية لمعالجة مشاكل
الأمن الغذائي، بين جهود أخرى،
لابد وأن يشكل واحدة من النتائج
الرئيسية لحزمة التمويل التي
يدعمها الاتحاد الأوروبي بقوة
باعتبارها الحدث الحاسم التالي
على جدول أعمال القمة: مؤتمر
كوبنهاجن للمناخ في ديسمبر/
كانون الأول. إن الأنماط
المناخية المتغيرة وتزايد شدة
ووتيرة الظواهر المناخية
القاسية من الأمور التي سوف
تتطلب استثمارات ضخمة إن كنا
نريد للمزارعين أن يتأقلموا
بنجاح. والأمر المؤكد أن هذه
التغيرات توجه أقوى ضرباتها إلى
أشد الناس فقراً، ومن المؤسف أن
الميول العالمية تحجب عادة
قدراً عظيماً من التفاوت
الإقليمي. ولكن سُبُل مواجهة هذه المشكلة في متناول
أيدينا. إننا كثيراً ما نعجز عن
فهم تأثير التنوع البيولوجي على
النحو الوافي، وهذا يعني أننا
لا نقدر الدور الذي يستطيع أن
يلعبه هذا العامل في معالجة
التحديات العالمية. فكلما كانت
أشكال الحياة في محيط بيئي معين
أكثر تنوعاً، كان أكثر قوة
ومرونة في التعامل مع التغير. وهذا يعني أن التنوع البيولوجي قد يعمل
بمثابة “بوليصة تأمين” طبيعية
ضد التغيرات البيئية الفجائية
وحاجز أمان يقينا من الخسائر
المترتبة على هذه التغيرات (فضلاً
عن الآفات والأمراض). إن التنوع
البيولوجي يشكل عنصراً أساسياً
في إنتاج الغذاء بشكل مستقر
وجدير بالثقة على الأمد البعيد.
وإن المجاعة التي ضربت أيرلندا
في القرن التاسع عشر والتي ضربت
إثيوبيا في أواخر القرن العشرين
تشكل دليلاً واضحاً على عُرضة
المحاصيل غير المتنوعة للمخاطر
المترتبة على التغيرات
البيئية، والعواقب المأساوية
التي قد يتحملها السكان نتيجة
لهذا الضعف. والواقع أن تنوع المحاصيل من الممكن
أيضاً أن يحقق فوائد بيئية مهمة.
فالأصناف التي تتحمل الجفاف
والفيضانات ليست قادرة على
زيادة الإنتاجية فحسب، بل وقد
تساهم أيضاً في منع تآكل التربة
والتصحر. ففي جنوب غانا على سبيل
المثال تمكن المزارعون من الحد
من تلف المحاصيل الناجم عن تقلب
مستويات هطول الأمطار وذلك من
خلال زراعة العديد من الأنواع
القادرة على تحمل الجفاف من نفس
نوع المحاصيل. فضلاً عن ذلك فقد
أسفر تنويع المحاصيل. لذا فأنا
على اقتناع تام بضرورة تسليط
الضوء على التنوع البيولوجي
كوسيلة للتصدي لتغير المناخ
وانعدام الأمن الغذائي،
وبالحاجة الملحة إلى توجيه
المزيد من الاهتمام الرفيع
المستوى بهذا الموضوع. وحين يجتمع الزعماء في روما في الأسبوع
المقبل فإنني آمل أن نتفق على
الأولويات الرئيسية فيما يتصل
بمكافحة الجوع وانعدام الأمن
الغذائي، ومن الأهمية بمكان أن
نؤسس مصدراً جديراً بالثقة
لتقديم المشورة بشأن الأمن
الغذائي للحكومات والمؤسسات
الدولية. والحق أننا لابد وأن
نتناول قضية الأمن الغذائي على
نفس النحو الذي تبناه الفريق
الحكومي الذي شكلته الأمم
المتحدة في التعامل مع قضية
تغير المناخ: بإنشاء نظام إنذار
مبكر لكوكب الأرض قائم على
الحقائق العلمية. ومع بداية
فترة رئاستي للمفوضية
الأوروبية التي تمتد لخمس
سنوات، فسوف أواصل بذل كل ما
بوسعي من جهد من أجل تعزيز هذه
القضية المهمة. ولكن حتى أفضل وأحدث السياسات سوف تظل
عقيمة إذا تقاعست الحكومات في
البلدان المتقدمة عن ترجمة
تعهداتها إلى أموال نقدية
وإدخال التحسينات على
الاستثمار الزراعي في مختلف
أنحاء العالم. لذا فلتكن القمة العالمية للأمن الغذائي
بمثابة الدليل الملموس على
التزام كل الحكومات بتحقيق غاية
واحدة مشتركة: عالم بلا جوع.
وإذا تقاعسنا الآن فلن يرحمنا
التاريخ. رئيس المفوضية الأوروبية. =========================== هل تشكل تركيا بديلاً عن
إيران بالنسبة لسورية؟ زين الشامي الرأي العام 15-11-2009 ليس غريباً على سورية أن تزيد من زخم
علاقاتها مع تركيا في الآونة
الأخيرة وتعطيها بعداً
استراتيجياً من بين جميع بلدان
المنطقة رغم أنها لم تنكر أنها
تحتفظ بعلاقات طيبة ووطيدة مع
إيران. صحيح أن العلاقات
السورية - التركية سجلت تصاعداً
تدريجياً منذ ستة أعوام وصولاً
إلى ما هي عليه اليوم، لكن ثمة
ما هو لافت للنظر في المستوى
الذي وصلت إليه بعد أن قرر
البلدان فتح الحدود بينهما من
دون سمة دخول «الفيزا»،
وتوقيعهما نحو خمسين اتفاقية
مشتركة في كل مجالات التعاون
السياسية، والاقتصادية،
والسياحية، والمالية،
والاستثمارية، انتهاء بتشكيل
مجلس للتعاون الاستراتيجي
يجتمع دورياً، ويضم كبار مسؤولي
الدولتين. صحيح أن ذلك يأتي ضمن سياق تحول تركي
باتجاه الجنوب والشرق
والعالمين العربي والإسلامي
بعد أعوام من سعي أنقرة الخائب
للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
دون أن تلقى الاستجابة التي
كانت تتمناها من بعض العواصم
الأوروبية، لكن في الوقت نفسه
لا يخفى أن دمشق وخلال أقل من
ستة أعوام قد حطمت كل المحظورات
في ما يخص نظرتها ورؤيتها
لجارتها تركيا، فالنظام في
سورية وضع وراءه ضغط الذاكرة
التاريخية وكل التنظير
العقائدي عن «الإمبراطورية
العثمانية» التي كانت تحتل
الوطن العربي، وتجاهل استمرار
تعاون أنقرة مع إسرائيل
وارتباطها معها بالعديد من
الاتفاقيات العسكرية والأمنية،
وأيضاً لم يتوقف كثيراً النظام
في دمشق عند عضوية تركيا في «الناتو»،
كذلك، وهذا هو الأهم، لم يعد أحد
في دمشق، لا الكتب التاريخية،
ولا الخرائط المدرسية، ولا عتاة
البعثيين والقوميين، ينبسون
ببنت شفة عن لواء اسكندرون أو «اللواء
السليب» كما كانت تطلق عليه
الأدبيات الداخلية المدرسية.
لقد أصبح هذا الإقليم السوري
المحتل من قبل تركيا عام 1939
نسياً منسياً في الكتب
التعليمية والصحافة الحكومية.
وما يسترعي الانتباه أيضاً هو
التبادل المستمر لوفود رجال
الأعمال، والإعلان عن
استثمارات وشركات مشتركة،
وكذلك الحضور الكثيف للبضائع
التركية في الأسواق السورية.
وأيضاً حجم التجارة السورية -
التركية الذي وصل خلال أعوام
معدودة نحو ملياري دولار
سنوياً، ويتوقع أن يصل إلى خمسة
مليارات دولار خلال الأعوام
القليلة المقبلة، ما يجعل من
تركيا الشريك التجاري الأول
لسورية. السؤال الذي يطرح نفسه هنا لماذا ذهبت
دمشق إلى كل هذا المدى في
علاقاتها مع تركيا ولم تذهب إلى
مثله مع إيران، ثم هل باتت تشعر
دمشق أن تركيا تستطيع أن تقدم
لها أكثر مما يمكن لإيران أن
تقدمه، وهل تخشى دمشق من
إمكانية وصول إيران والولايات
المتحدة إلى تفاهمات أو «صفقات»
ثنائية خلال المفاوضات على
الملف النووي الإيراني وبعض
الملفات الإقليمية على حساب
سورية؟ كل هذه الأسئلة تفرض
نفسها اليوم بقوة. أولاً، لابد من الاعتراف أن تركيا،
خلافاً لإيران، تقدم لسورية
وتعتبر بالنسبة لها نموذجاً
لدولة مستقلة وقوية سياسياً
وعسكرياً وناجحة اقتصادياً،
وخلافاً لإيران أيضاً، فإن
تركيا تحتفظ بعلاقة قوية مع
الولايات المتحدة وإسرائيل
وبالغرب عموماً. ان ذلك يخلق
نوعاً من التوازن بالنسبة
لسورية، ويجعلها تحتفظ دائماً
بخط الرجعة فيما لو تضررت جراء
علاقاتها التحالفية مع طهران،
وسياسة المزاودة ضد الغرب التي
تنتهجها أو بسبب مواقفها
المؤيدة ل «حزب الله» وحركة «حماس». ثانياً، لأن دمشق تعرف تماماً كيف تجري «صفقاتها»
الخاصة مع الغرب، ولها خبرة
تاريخية في ذلك، فهي قد تخشى من
وصول الولايات المتحدة والغرب
إلى تفاهمات واتفاقيات حول
الملف النووي الإيراني وملف «حزب
الله» في لبنان والملف العراقي
وبقية الملفات الإقليمية، مثل
الحوثيين في اليمن و«حماس» في
غزة، دون الرجوع إلى دمشق، وهذا
ليس مستبعداً لطالما انتهجت
طهران سياسة «المخالب
الإقليمية المتقدمة» لتقوية
أوراقها التفاوضية مع الغرب من
أجل الوصول إلى حل مشرف لطموحها
النووي. ان دمشق تملك مثل هذه الخشية لسببين
أولهما أنها ذاتها تحولت مع
الوقت إلى مجرد «ورقة إيرانية»
والثاني أن سورية ذاتها هي أول
من برع إقليمياً بانتهاج سياسة
«التشابك عن بعد» خارج أراضيها
لتحقيق أهداف خاصة، لذلك ربما
تملك دمشق خشية ومخاوف من أن
تستغلها إيران اليوم وتبيعها
غداً كما كانت تفعل دمشق مع «حلفائها». ما يجعل مثل هذا الاحتمال ممكناً أن سورية
اليوم لم تعد لاعباً إقليمياً
مهماً بعد الاحتلال الأميركي
للعراق، وبعد أن انسحبت من
لبنان عام 2005، وبعد أن هيمنت
إيران كلياً على «حزب الله» في
لبنان وصارت الممولة الأولى
لحركة «حماس» في غزة، وبعد أن
أصبحت أهم اللاعبين في العراق،
لا بل لاعباً إقليمياً يهدد
الأمن في اليمن وفي الخليج
عموماً. أيضاً لا ننسى أن سورية خسرت الكثير
عربياً بسبب علاقاتها مع إيران
التي تملك طموحات إقليمية صارت
مكشوفة للجميع. وأيضاً لأن مطلب
الابتعاد عن إيران صار شرطاً
أميركياً ضرورياً من أجل تحسين
العلاقات السورية - الأميركية،
أو لتحقيق تقدم في ملف
المفاوضات مع إسرائيل حول
الجولان. سورية في التفاتتها نحو تركيا تستدرك
الوقت حتى لا تصل متأخرة، أو
ربما لأنها استنفدت ما تريده من
إيران، أو لأن إيران لم تعد
تحتاج كثيراً لدمشق لكثرة ما
تملكه من أوراق قوة في المنطقة. زين الشامي - كاتب سوري =========================== الشرق الاوسط 15-11-2009 طارق حميد لا يهم إذا كان دخول فرنسا على العملية
السلمية، وتحديدا السلام
السوري الإسرائيلي، عقابا
لتركيا أو لا، المهم هو المضي في
عملية السلام، وإنجاز السلام
بين دمشق وتل أبيب، وهذا أمر سبق
أن كتبنا عنه مراراً، وليس
الهدف تجاهل المسار الفلسطيني،
بل إن سلاماً بين سوريا
وإسرائيل سيعزز من فرص السلام
الفلسطيني الإسرائيلي. أهمية السلام بين سوريا وإسرائيل تكمن في
عدة نقاط، تصب في مصلحة
المنطقة، وعملية السلام
برمتها؛ أولاها استعادة
الجولان مما سيعزز مصداقية
العملية السلمية، ويجعل لدمشق
دوراً إيجابياً في المنطقة،
لأنها ستكون حريصة على دعم
الاستقرار بكل مكان، وبطرق
عملية، وليس بالشعارات. وهذا يعني كسب سوريا ووضعها مع مصر
والأردن في مسار واحد تربطه
المصالح، فهي دول المواجهة،
وستكون أيضا دول السلام، مدعومة
بدول التضامن، أو قل العقلانية
السياسية، أي دول الخليج، وعلى
رأسها السعودية بما تمثله من
ثقل ومكانة صاحبة مبادرة السلام
العربية. كما أن إنجاز السلام السوري الإسرائيلي
سيسهل ترسيم الحدود السورية
اللبنانية، مما ينهي إشكالية
مرجعية المناطق التي تحتلها
إسرائيل بلبنان، وبالتالي فعند
انسحاب الإسرائيليين من تلك
المواقع تكون حجة سلاح حزب الله
قد نزعت، وهذا أمر في غاية
الأهمية. هذا يعني انتزاع فتيل أزمة، بل قل قنبلة،
على الحدود اللبنانية
الإسرائيلية، كما أنه يعني
إزالة معوق رئيسي من معوقات
السلم الاجتماعي، والاستقرار،
في لبنان، فحينها سيكون من
مصلحة دمشق استقرار لبنان
وإبعاده عن المناورات
الإقليمية، خصوصا أن لدى سوريا
سلاماً منجزاً تريد أن تحافظ
عليه، ويكفي أن دمشق نجحت في
الحفاظ على الهدنة مع إسرائيل
طوال ثلاثين عاما، فمن باب أولى
أنها ستحافظ على السلام أيضاً،
وهذا يصب بمصلحة المنطقة،
واستقرارها. يبقى أمر آخر وهو القضية الفلسطينية؛ ففي
حال إنجاز السلام بين دمشق وتل
أبيب، ستكون المصالحة
الفلسطينية
الفلسطينية من مصلحة دمشق،
بل ومن أجل أمنها القومي،
وحينها سنرى إن كان لدمشق دور
مؤثر على حماس، أم أن خالد مشعل
سيغادر للإقامة في طهران،
ووقتها تحسم الأمور، فإن ذهب
مشعل لإيران سيكون قد أحرق
كروته العربية، أو أنه سيعود
للبيت الفلسطيني، وحينها تنطلق
عملية السلام بين الفلسطينيين
والإسرائيليين. وأخيرا يبقى الملف الإيراني، والتدخلات
بالمنطقة، وفوائد السلام
السوري الإسرائيلي أنه سيخرج
دمشق من المنطقة الضبابية، لأن
مصلحتها ستكون في دعم الاستقرار
بالمنطقة، من لبنان إلى العراق،
وحينها سيكون لزاماً على
السوريين أخذ مواقف واضحة، وهو
أمر صعب فعله اليوم، ولا تلام
دمشق على ذلك. النقطة الأخيرة هنا هي أنه من أجل إنجاز
السلام السوري الإسرائيلي، فمع
الاحترام للدور الفرنسي، فإن
الأقدر على ذلك هو واشنطن وليس
باريس، وإذا أراد أوباما إنجاز
سلام حقيقي في المنطقة فعليه أن
يبدأ من سوريا، وعلى واشنطن أن
تباشر هذا الأمر بنفسها، فمن
هناك ستكر السبحة كما يقال. tariq@asharqalawsat.com ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |