ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
كلما ضربت نظم الحكم
الديموقراطي جذورها اهتزت
مكانة إسرائيل حسني عايش الرأي الاردنية 17-11-2009 لا ينشأ المجتمع ولا يبقى ولا يرتقي بدون
التعاون والتضامن بين أفراده
وجماعاته، ومشاركتهم في
قراراته، فالمجتمع - أو الدولة-
تنشأ بالعقد الاجتماعي المكتوب
(الدستور) أو المعلوم أي المتفق
ضمنا وعرفا عليه. به يتفق
المتعاقدون على احترام العقد،
أو على -الأصح- على احترام
المساواة والعدل بينهم، وتكافؤ
الفرص بينهم بالقانون لتحقيق
الصالح العام والصالح الخاص
وبالتكامل لا بالتناقض. عندئذ
يصبح الفرد عضوا في المجتمع أو
مواطنا في الدولة لا فردا أو
نعجة في قطيع يحلبه الراعي أو
يأكل لحمه. وللعضوية أو للمواطنة وجهان أو جانبان:
جانب الواجب وجانب الحق ولكن
الواجب عند الراشدين أو
البالغين يجب أن يتقدم على
الحق، لأن الحق في نهاية
التحليل استهلاك والواجب إنتاج.
ولا استهلاك دون إنتاج. والقضاء العادل هو الحكم أو الفيصل في كل
نزاع أو خلاف عندما يجعل الحق
قوة، وإلا فإن العقد ينفرط
وشريعة الغاب تسود وتصبح القوة
هي الحق. وبالوصول إلى هذا الدرك
أو العودة إليه تسقط هيبة
القانون وتتزعزع أركان المجتمع
أو الدولة، فيحل الانتماء
للعشيرة والولاء لسيدها محل
الانتماء للمجتمع أو الدولة،
والولاء لنظامها، ويتقدم الحق
بالقوة أو ما يدعى أنه حق على
الواجب، فيتراجع الإنتاج وتعم
الفوضى، وينتشر الفقر، وينعدم
الأمن. في نظام ديموقراطي قانوني قضائي عادل
يكون القائد ممثلا لإرادة
المجتمع أو الشعب الكلية
ومسؤولا أمامه، وليس ممثلا
لنفسه أو لفئة أو جماعة معينة
فيه، فعندئذ أي في المجتمع
الديموقراطي القانوني القضائي
العادل، لا يستعد المواطن للموت
من أجل الوطن فقط، بل للعيش من
أجله أيضا. ويتجلى ذلك أكثر ما
يتجلى في أوقات الشدة والخطر.
ولضمان هذه الحالة ودوامها تشرع
أبواب النقد لسلوك أو أداء كل
مسؤول، ويردد كل مواطن ما قاله
أحد المفكرين الديموقراطيين
الأمريكيين: إنني أحب وطني أكثر
من أي مكان آخر في العالم، وإنني
لهذا السبب ولهذا السبب فقط،
احتفظ بحقي بنقده باستمرار .
وإلا فإن الحقيقة تطمس أو تداس
بإيدس(Aids) النفاق والفساد الذي يفتك
بالمناعة المكتسبة للدولة أو
المجتمع. في نظام ديموقراطي قانوني عادل تسود
العلاقات الأفقية في المجتمع
بالأحزاب ومؤسسات المجتمع
المدني وتتراجع العلاقات
العمودية، ويحل النشاط المدني
أو الحراك الاجتماعي المتبادل
محل النشاط الهمجي القائم على
القوة والاستحواذ والاستثناء
والاحتكار والإقصاء. في نظام ديموقراطي قضائي عادل - روحا
وتطبيقا - يحترم الجميع القانون
ويلجأون إليه ويشعرون بهيبته.
وبمأسسة هذه الأمور يتحقق
الاستقرار النفسي والاجتماعي،
ويبدع المواطنون والمجتمع في حل
المشكلات ويتضامنون في السراء
والضراء، ويدوم البقاء. لعل هذه الحالة هي التي جعلت يوآن برومر (معاريف
في 19/10/2009) يرى أن الديموقراطية
في دول الشرق الأوسط هي العدو
الأول لإسرائيل. ويتخذ من تركيا
مثالا على ذلك ويقول بالحرف:
كلما ضربت نظم الحكومات
الديموقراطية في الشرق الأوسط
جذورها اهتزت مكانة إسرائيل (الغد
في 20/10/2009). طالما قلنا وكتبنا أن ألد أعداء
الديموقراطية الفعالة في
البلاد العربية والمسلمة ليس
أنظمتها او حكامها والحركات
الأصولية فقط، بل أمريكا
وإسرائيل أيضا لأن التعامل مع
الديكتاتورية وفرض السياسات
المرغوب فيها عليها وإسقاطها،
أسهل. ============================= اسرائيل وتركيا: كيف
يمكن تحسين العلاقات الرأي الاردنية 17-11-2009 يوسي بيلين قبل سنوات عندما كان الاتحاد الاوروبي
يسمى الاسرة الاوروبية، سألني
احد زعماء الدول الاوروبية ماذا
ينبغي لها ان تكون عليه صيغة
العلاقات الرسمية بين اوروبا
واسرائيل. اجبته بأنه لا يوجد اي
منطق في ألا تكون اسرائيل جزءا
من الجسم الاوروبي الموحد، بما
في ذلك المشاركة الاسرائيلية في
العملة الاوروبية. وقد فاجأني
في رده. بعد ان تطرق الى بعض الصعوبات في تحقيق
مثل هذه الفكرة بسبب الجانب
الدستوري (القانون يتحدث عن دول
اوروبية فقط)، قال لي ان
لاسرائيل فرصة في الانضمام الى
الاطار الاوروبي كعضو، فقط اذا
ما انضمت تركيا اليه. لم افهم هذه العلاقة، وطلبت منه ان يفصل. فاجأني بمحاضرة مفصلة في اثنائها كشف عن
تأييده الكبير لضم الدولتين -
الدولة الاسلامية اكبر والدولة
اليهودية الوحيدة - الى اوروبا
المسيحية. على مدى السنين اقترب الافق الاوروبي من
تركيا. جرت فيها اصلاحات ذات
اهمية، اقتصادها تغير. وحتى في
الموضوع الحساس لحقوق الانسان
طرأت تغييرات ايجابية. كان يخيل
ان فكرة الارتباط بالاتحاد
الاوروبي آخذة في التجسد. مع كل
المشاكل التي ينطوي عليها ضم
دولة كبيرة كهذه الى ال 27 دولة
التي تنتمي منذ الان الى
الاتحاد، والتي في معظمها صغيرة
جدا، يبدو الامر منطقيا. *** خيار
التقرب من الاتحاد الاوروبي
احدث تغييرات في السياسة
الخارجية التركية، والتقرب من
اسرائيل الذي بات اكثر راحة بعد
اتفاق اوسلو، ادى الى رفع مستوى
العلاقات الى السفارة وتعزيز
العلاقات الامنية. لقد سبق لاسرائيل ان اعربت عن تأييدها
لانضمام تركيا الى الاتحاد
الاوروبي (وان كان ليس هناك اي
معنى رسمي لقولنا)، فيما تحولت
تركيا الى جهة وسيطة، رسمية
وغير رسمية بيننا وبين جيراننا. التطوران اللذان وقعا مؤخرا اديا الى
احداث تغيير دراماتيكي سلبي. الاول، حملة رصاص مصبوب والتي اعادت
الاتراك الى العلاقات المتحفظة
(على الاقل) تجاه اسرائيل.
ومثلما نبع توثيق العلاقات بين
اسرائيل وتركيا من التقدير
التركي بأن التسوية
الاسرائيلية الفلسطينية توجد
خلف الزاوية، هكذا احدثت الحملة
العسكرية احساسا معاكسا. السبب الاخر للموقف التركي السلبي الاخير
من اسرائيل يرتبط بحقيقة ان
تركيا يتعاظم فيها الاحساس بان
الاتحاد الاوروبي يبتعد عنها.
في هذه النقطة كان للرئيس
ساركوزي دورا مهما للغاية، الى
جانب زعماء بارزين اقل بروزا
منه. ويرى هؤلاء في ضم تركيا الى الاتحاد
الاوروبي تهديدا على طبيعة
الاتحاد وعلى قاعدته
الاقتصادية المتينة. ومثلما هو
دوما في السياسة الخارجية، في
اللحظة التي يفقد فيها المرء
حليفا في اتجاه ما، فانه يبحث
عنه في اتجاه الاخر. والاتجاه
الاخر سيىء لدولة اسرائيل. ***
علاقات اسرائيل مع تركيا هامة
لنا جدا. واسباب ذلك معروفة، وفي
الاسابيع الاخيرة جرى تكرارها
والتشديد عليها كثيرا. فالى
جانب الحاجة الى العودة الى
خطوة سياسية حقيقية، فضلا عن
شعار الاستعداد لاجراء مفاوضات
مع الفلسطينيين دون شروط مسبقة،
من المهم لاسرائيل العودة
والتعاطي بالايجاب مع انضمام
تركيا الى الاتحاد الاوروبي. هذه مصلحة واضحة لنا، حتى لو كان في هذا ما
يدخلنا في خلاف مع بعض من
اصدقائنا. اسرائيل اليوم ====================== النظرة للمسلمين بعد
حادثة فورت هود الرأي الاردنية 17-11-2009 إعداد- د. حسن البراري استباقا لأي ردة فعل قد تلحق ضررا بالجنود
الأميركان المسلمين، تتصرف
القيادات الأميركية بنوع كبير
من المسؤولية مؤكدين أن الحاث
البشع الذي ارتكبه الطبيب
النفسي نضال مالك حسن (وهو مسلم
من أصل فلسطيني) وقع بشكل فردي
محذرين في الوقت ذاته من أن
يتعرض المسلمون لرد فعل عنيف
ضدهم داخل الجيش الأميركي. وبالفعل أطلق الجنرال جورج كيسي رئيس
أركان الجيش الأمريكي تحذيرا من
أن تثير التكهنات المتزايدة حول
الحادثة التي وقعت في قاعدة
فورت هود العسكرية الأسبوع
الماضي، ردود فعل عنيفة ضد
المسلمين في الجيش الأمريكي.
الجنرال كيسي لم يكتف بالتحذير
إذ طالب في الوقت ذاته من قادة
الجيش بمراقبة الوضع والحذر
الشديد لئلا يتعرض المسلمون من
أفراد القوات المسلحة
الأمريكية بأذى، فبالنسبة
للجنرال كيس فإن وجود جنود
وضباط مسلمين في الجيش الأميركي
هو دليل على التنوع الذي بدوره
ينظر له كعامل قوة ومنعة وليس
عامل ضعف، ويقول الجنرال كيسي:''رغم
فداحة هذه المأساة إلا أنه
سيكون من العار أن يصبح التنوع
الذي نتسم به أحد ضحاياها''.
وأشار الجنرال كيسي إلى أن
الأدلة التي عثر عليها المحققون
حتى الآن تشير إلى أن الميجور
نضال حسن تصرف بشكل منفرد. والتحذير من التعرض للمسلمين لم يقف عند
القادة العسكريين فحسب إذ كان
للرئيس أوباما موقف واضح ومنذ
البداية من هذا الأمر. فكما ورد
في صحيفة الواشنطن بوست في
عددها الصادر يوم السادس من
الشهر الجاري، فإن الرئيس
أوباما كان محقا في تحذيره من
القفز إلى الاستنتاجات الخاطئة
قبل توافر جميع الحقائق في حادث
إطلاق النار بقاعدة فورت هود،
إذ سيكون من السهل إطلاق
التعميمات نظرا للجذور العربية
لنضال حسن، وانتظامه في الصلاة
في مسجد سلفر سبرنغ، ولشعوره
بالاضطهاد داخل الجيش بسبب دينه
حسبما أفادت عمته بذلك. وتوضح
الافتتاحية أن الجريمة غير
الإنسانية التي ارتكبها نضال
حسن لا تمثل أي دين، ولا أي
منظمة إرهابية، وإنما عمل شخص
شرير أو مشوش. فبالتأكيد لا تمثل
هذه الجريمة أكثر من ثلاثة
ألآلاف مسلم أمريكي يعملون
بالجيش الأميركي، ولا حتى أسرة
المتهم التي بدورها لم تتردد في
استنكار الحادثة وإدانتها. ثمة عدد من الأسئلة المهمة والمطروحة
أثناء التحقيقات التي أشارت لها
الافتتاحية لا سيما فيما إذا
كان باستطاعة المباحث
الاتحادية أو السلطات العسكرية
استباق العملية لمنع المتهم من
الوقوع في هذا الخطأ. فوكالات
الأنباء المختلفة تشير إلى أن
نضال حسن كان قد أثار انتباه
المسؤولين قبل فترة بلغت ما
يقارب من ستة أشهر على الأقل بعد
أن قام بالتعليق على شبكة
الإنترنت التي أثنت على
الانتحارية بشكل جعلهم يربطون
بين التعليقات واحتمال تأييده
لمثل هذه العمليات. غير أن
المصادر الأخرى تشير إلى أنه
تلقى إرشادات حول أدائه الضعيف
أثناء تدريبه كطبيب نفسي، وأنه
كان يعارض إرساله إلى العراق أو
أفغانستان، وأنه حاول ترك
الجيش، فهل تم الانتباه بما
يكفي لهذا التذمر والسلوك
التهديدي؟، هذه أسئلة طرحتها
الواشنطن بوست في افتتاحيتها. وأكثر من ذلك تطالب الصحيفة عبر
افتتاحيتها من أن يتأكد
المحققون تحديد فيما إذا استطاع
نضال حسن تهريب أسلحة وذخيرة
إلى داخل القاعدة التي يعمل بها
رغم حظر حمل الأسلحة المحشوة،
فالضحايا من بين الجنود لم
يكونوا مسلحين، ولم يوقف
المعتدي سوى شجاعة شرطية مدنية
هي كيمبرلي مونلي. والمفارقة
تتجلى هنا وهذا ما يثير حفيظة
المسؤولين هو أن نضال حسن كان في
المركز الطبي يعالج حالات
اضطراب ما بعد الصدمة للجنود
العائدين من جبهات القتال غير
أنه هو الذي رفع السلاح واطلق
النار على زملائه وليس الجنود
الذين كانوا يخضعون للعلاج! وفي
السياق ذاته، أعدت أندريا إليوت
تقريرا نشرته صحيفة نيويورك
تايمز في التاسع من الشهر
الجاري تحت عنوان ''تزايد
التعقيدات أمام المسلمين في
الجيش الأمريكي''، تحدث فيه عن
المسلمين الأمريكيين الذين
يخدمون بالجيش الأميركي منذ
فترة طويلة، ومن انضموا حديثا
إلى الصفوف لمحاربة الإرهاب.
وتناول التقرير حالات تظهر مدى
التعقيد في حالة هذه الفئة،
وهنا الحديث عن شاب مثل المسلم
عبدي أكغون الذي انضم إلى
المارينز عام 2000، وزادت هجمات
الحادي عشر من عزمه على محاربة
الإرهاب، بيد أن الحرب على
العراق غيرت من انطباعاته
وطريقة تداركه للأمور، فحينما
أرسل إلى العراق عام 2003 ألجمته
فكرة أن يقتل مسلما مثله على أرض
العراق، ويوضح أكغون أنه شعر
وكأنه في حرب أهلية يقاتل فيها
مسلمين مثله، وأنه إذا قتل أيا
منهم فسيشعر بالعار طيلة حياته.
لذا من غير المستغرب أن يعود
أكغون من حرب العراق دون أن يطلق
رصاصة واحدة ضد العراقيين. المسلمون، حسب التقرير، شاركوا في أغلب
الحروب الأمريكية في القرن
العشرين (بدء بالحرب العالمية
الأولى) غير أن إعلان الولايات
المتحدة الحرب على دولتين
مسلمتين زاد من تعقيد موقفهم
وبخاصة بعد أن أصبحت مشاركة
المسلمين الأمريكيين ضرورية
نظرا لمعرفتهم اللغوية
والثقافية بالبلدان التي
تحتلها الولايات المتحدة. وما
من شك في أن موقفهم سيكون صعبا
ومعقدا لاسيما بعد حادث إطلاق
النار الأخير بقاعدة فورت هود
على يد الميجور نضال مالك حسن.
وبالرغم من عدم وضوح الأسباب
التي دفعت نضال حسن لإطلاق
النار على زملائه، فقد استبعد
المسؤولون أن يكون هناك دوافع
إرهابية، بينما استنكر
المسلمون في مجتمعه وداخل الجيش
الحادث قائلين إنه لا يمثلهم
ولا يمثل زملاءه من الأطباء
النفسيين. وأيا كانت الدوافع، فإن الصورة التي
اتضحت قليلا لحياة نضال حسن في
القوات المسلحة الأميركية تعطي
فكرة عن المعاناة والإحباط
اللذين يمكن أن يشعر بهما
المسلمون العاملون بالقوات
الأميركية وبخاصة مع سماعهم
المستمر للألفاظ والألقاب التي
يطلقها الجنود الأمريكيون على
المسلمين في أفغانستان والعرق،
ومن ثم على زملائهم المسلمين.
وهو أمر أثار شكوك بعض القادة
العسكريين الذين ألمحوا إلى
تخوفهم من احتمال أن ينقلب
عليهم الجنود المسلمين في ساحات
القتال، وهو ما زاد من الضغوط
النفسية على الجنود المسلمون،
لاسيما وأن ذويهم أيضا كانوا
ينتقدون مشاركتهم في حربي
العراق وأفغانستان. لكن هل ثمة صلة للقاعدة بهذا الأمر؟ لم
يعرف بعد غير أن البعض في واشنطن
لا يخفي من احتمال أن تكون
القاعدة لها يد في ذلك! ففي
تقرير نشرته صحيفة واشنطن بوست
في الثامن من الشهر الجاري حمل
عنوان ''السلطات تفحص الروابط
بين مشتبه فورت هود وإمام تنظيم
القاعدة''، أورد كل من سبنسر هسو
وكاري جونسون قول مسؤولين بأن ''المحققين
الفيدراليين يدرسون الصلات
المحتملة بين المشتبه به ميجور
نضال مالك حسن، الذي أطلق
النيران بشكل عشوائي على زملائه
في قاعدة أمريكية عسكرية، وإمام
من أصل أمريكي تقول عنه السلطات
الأمريكية إنه أصبح من مؤيدي
ومؤسسي تنظيم القاعدة منذ
مغادرته لمسجد بفرجينيا
الشمالية''. والأمام، حسب ما أفاد به مسؤول أمريكي
كبير خدم في مسجد دار الهجرة
بفولز تشيرش في عام 2001، في الوقت
الذي كان فيه أنور العولقي،
الذي كان له دور في هجمات 11
سبتمبر، زعيما روحيا آنذاك. هذا
وقال مسؤولون إن العولقي، بعد
استقراره في اليمن وإلقائه
محاضرات تعزز إستراتيجيات زعيم
تنظيم القاعدة، عثر له على
سجلات جنائية بين المشتبه بهم
في قضايا إرهابية وقعت
بالولايات المتحدة وكندا
وبريطانيا. ويوم الأحد من
الأسبوع الماضي، صرح مسؤول
بالإتحاد الفيدرالي بأن حسن نفذ
هجومه دون مساعدة أو موعظة من
أحد في الخارج. وتبين للمحققين
بعد تفحصهم لجهاز الحاسوب الخاص
بحسن وبريده الإلكتروني، أنه
استسقى معلومات من مواقع ويب
تتبنى أفكارا راديكالية
إسلامية، ويتمثل التحدي
بالنسبة للمحققين في فرز الأدلة
المحتملة لدوافع حسن النفسية
والأيديولوجية والدينية التي
كانت تقف من وراء أفعاله. وفي حال العثور على أدلة وبراهين تفيد بأن
هناك علاقة بين نضال حسن
ومتطرفين من أمثال العولقي، فإن
ذلك سيرفع من منسوب الحذر من
العنف والتطرف ذي المصدر
الداخلي (homegrown)
ويشير في الوقت ذاته إلى تهاون
السلطات الأمريكية في منع رجال
الدين من التحريض على هذه
الحادثة وغيرها. ولكن إذا اتضح
أن نضال حسن ارتكب هذا الهجوم في
خضم انهيار عاطفي، يمكن أن يساء
تفسير علاقاته المشكوك فيها
بطريقة قد تهدم خطط الولايات
المتحدة في التواصل مع العالم
الإسلامي أو تثير رد فعل مبالغ
فيه يشتت جمع الأمريكيين. ويفيد
مسؤول بارز، تحدث شريطة عدم
الكشف عن هويته بسبب التحقيق
الجاري، إن ''هناك جهودا كبيرة
لفحص المواقع التي زارها''، ثم
نوه إلى ضرورة الاستفادة
والتعلم مما حدث. وتوالت الاتهامات بمسؤولية الجيش
الأميركي عما حدث في قاعدة فورت
هود كما جاء في مقال يوجين
روبنسون الذي نشرته صحيفة
واشنطن بوست في الحادي عشر من
الشهر الجاري بعنوان ''خذلان
القوات في فورت هود''، استهله
بقوله إن الجيش الأمريكي مسؤول
عن حادث فورت هود إذا توافرت
لديه معلومات مسبقة عن تحول
نضال حسن إلى التطرف أو رفضه
للحروب الأمريكية في العراق
وأفغانستان ولم يتحرك لمنعه من
المخاطرة بحياة زملائه. ويشير
الكاتب إلى تصريح الجنرال جورج
كيسي وقلقه من أن يؤدي الحادث
إلى انعكاسات سلبية على الجنود
المسلمين بالجيش، ويتفق يوجين
روبنسون مع الجنرال كيسي في
قلقه من المتعصبين الذين
سينظرون إلى كل الجنود المسلمين
بالقوات المسلحة الأميركية
وكأنهم أعداء، ولكن ما يزيد من
خطورة مشاعر الاضطهاد المتطرفة
هو تجاهل أجراس الإنذار بأن
شخصا مضطربا نفسيا سواء كان
مسلما أم لا على وشك الانفجار.
وفقا للتقارير المنشورة، فقد
أسر نضال حسن لآخرين عن عدم رضاه
عن الحملات العسكرية الأمريكية
في العراق وأفغانستان، كما جاهر
برفضه الخدمة على الساحة
الأفغانية التي كان سيرسل إليها
خلال أسابيع. بل إن بعض زملائه
الأطباء أخبروا رؤساءهم
بمخاوفهم من شعور نضال حسن ب''انقسام
الولاء'' بين المسلمين الذين
يتعاطف معهم والدولة التي تطوع
لخدمتها. ويرى يوجين روبنسون أن كل هذه الشواهد
كانت كفيلة بدفع المسؤولين إلى
التدخل بصرف النظر عن ديانة
نضال حسن، وأن عدم تدخل الجيش في
الوقت المناسب كان ظالما لآلاف
المسلمين الذين يخدمون بالجيش
بشرف وإخلاص. ويستشهد الكاتب
برأي زملاء نضال حسن الذين
لاحظوا مشاعره الرافضة
والمعارضة للحروب الأمريكية
بالشرق الأوسط، والذين يرون أن
الجيش لم يقم بواجبه في مواجهة
نضال حسن بمعتقداته ودفعه إلى
تغييرها أو مساعدته في الخروج
من الجيش. ويبدو أن الكاتب
يتعاطف مع معضلة وجود جنود
مسلمين في القوات الأميركية وهي
تحارب بلدانا عربية أو مسلمة،
وهو يجادل بأنه كان على قيادات
الجيش محاولة تخفيف الضغوط
والمضايقات التي يتعرض لها
الجنود المسلمون داخل الجيش،
والتأكيد على أن الحرب على
الإرهاب ليست حربا على الإسلام،
ولكن في الوقت نفسه ينبغي على
البنتاغون توخي الحذر في تعامله
مع الجنود المسلمين بالجيش،
وليس التمييز بينهم وبين باقي
الجنود. فالقضية لا تتعلق بتسامح دين وتطرف آخر
وإنما هي أعمق من ذلك بكثير إذ
يتفهم الرئيس أوباما شخصيا أن
لا علاقة بين تعاليم الإسلام
والإرهاب. وأكد الرئيس باراك
أوباما في الخطاب الذي ألقاه
أثناء مراسم تشييع ضحايا عملية
إطلاق النار التي وقعت في قاعدة
فورت هود العسكرية في ولاية
تكساس أن الأديان السماوية
والمعتقدات كافة لا تبرر هذا
الحادث البشع. وقال الرئيس
أوباما: ''ربما يصعب علينا تفهم
المنطق الغريب الذي أدى إلى هذه
المأساة، ولكن ما نعرفه هو أنه
لا يوجد دين أو معتقد يبرر هذه
الأعمال الإجرامية. نحن نعلم أن
منفذ هذه الهجمات سيواجه
العدالة على الأرض كما في
السماء.'' وأضاف: ''نحن الآن في
زمن حرب، لكن أولئك الأمريكيين
لم يقتلوا في إحدى ساحات
المعركة في الخارج بل قتلوا هنا
على الأرض الأمريكية في قلب هذه
الولاية العظيمة وهذا المجتمع
الأمريكي العظيم. هذه الحقيقة
بالذات تزيد من الألم الذي يغلف
هذه المأساة وعدم القدرة على
فهمها.'' غير أن نسب الحادثة
للضغوط النفسية التي يعاني منها
الجيش الأميركي بسبب حربي
أفغانستان والعراق هو أمر لا
يلقى إجماعا بين صناع الرأي
العام في أميركا. فهذا ديفيد
إغناشيوس يكتب مقالا نشرته
صحيفة واشنطن بوست في الحادي
عشر من الشهر الجاري تحت عنوان ''الصمود
في وجه الأذى''، قال فيه إن
المحللين والمعلقين أرجعوا
حادث إطلاق النار في قاعدة فورت
هود العسكرية إلى الضغوط
النفسية المدمرة التي تؤثر على
القوات الأمريكية في حربي
العراق وأفغانستان غير أن هذا
التحليل كما قال ديفيد إغناشيوس
يخالف الحقيقة. فالجيش في حالة
صحية غير مسبوقة مقارنة بأعباء
الحرب غير التقليدية التي
يحملها منذ ثماني سنوات، والتي
دفعت جنوده إلى التأقلم معها
والتوصل إلى حلول لها بدلا من
التذمر. ويوضح الكاتب أن الجيش
الأمريكي يعد أكثر الأجزاء
مرونة في المجتمع الأمريكي
بشقيه العسكري والمدني، بل إنهم
أفضل تأقلما واتزانا عن القيادة
السياسية التي أرسلتهم إلى
الحرب، والقيادة الاقتصادية
التي أطاحت بالاقتصاد. والاتزان، حسب رأي الكاتب، يعود إلى أن
أغلب الجنود الأمريكيين ينتمون
إلى مدن الجنوب والغرب الأوسط،
ومن ثم فشرف الخدمة العسكرية
يسري في جيناتهم الوراثية. وحتى
الجنود من ذوي الأصول الإفريقية
واللاتينية لا يقلون كفاءة،
ويلفت ديفيد إغناشيوس إلى ما
شعر به أثناء وجوده في القيادة
المركزية الأمريكية لما يزيد عن
أسبوعين، وهو أن الجنود لا
يتباهون بالحرب، ولكنهم يفخرون
بما أنجزوه حتى الآن، بل إن
بعضهم يقضي أكثر من مدة في
العراق أو أفغانستان، تاركين
الأهل والأبناء. ثم يختتم
الكاتب المقال بقوله إن أكثر ما
لفت انتباهه وسط ضغوط الحرب كان
التزام الجنود بأوامر القادة،
وشعارهم ''علم وينفذ''. بدورهم يرى الجنود المسلمون أن هناك
ضرورة لمد الجسور مع الآخرين في
الجيش وبخاصة بعد الحادثة
الأخيرة التي قد تنقلب على
رؤوسهم. وبهذا الصدد كتب ميشيل
بورستاين مقالا نشرته صحيفة
واشنطن بوست في العاشر من الشهر
الجاري جاء فيه إن هناك نحو 3557
مسلما بين أفراد الجيش الأمريكي
الذي يقارب مليون ونصف المليون
جندي. وأماط اللثام في هذا
المقال عن ما يواجهه هؤلاء
المسلمون من ضغوط أو مضايقات
بسبب دينهم، أو ما يؤرقهم من
أسئلة حول شرعية مشاركتهم في
قتل مسلمين آخرين في العراق
وأفغانستان، ويحاول البنتاغون
التأقلم على وجود مسلمين بين
صفوفه بتجنيد دعاة من المسلمين
وإتاحة أماكن للصلاة وتعليم
باقي القوات بالإسلام. وتشير
الكاتبة إلى أن أغلب الجنود
المسلمين المتقاعدين ومن لا
يزالون في الخدمة يتذكرون
الصعوبات التي واجهتهم بسبب
دينهم، ولكنهم يؤكدون أنها لم
تصل إلى درجة العزلة والتحرش
التي تحدث عنها نضال حسن، بل
وأعربوا عن أملهم في ألا يؤثر
هذا الحادث سلبا على الإنجازات
التي حققوها كمسلمين يرتدون
الزي العسكري. لم تعد المضايقات التي يتعرض لها الجنود
المسلمون سرا، فقد استشهدت
الكاتبة بجوشوا سلام، والذي
يتذكر ما قاله له قادته في بداية
انضمامه إلى القوات الجوية بأنه
لن يستطيع الحصول على استراحة
لأداء الصلاة في أوقاتها،
والتحذير الذي تلقاه قبيل توجهه
إلى قطر من الذهاب إلى المساجد
خوفا من تعرضه للعنف. ويضيف سلام
أن زملاءه في قطر كانوا ينظرون
إلى المسلمين وكأنهم أعداء،
ولكن ذلك لم يمنعه من الحصول على
عدة جوائز من القوات الجوية.
ويفخر سلام بأنه أصبح يلعب دور ''المترجم
الثقافي'' بين الجانبين المسلم
وغير المسلم، ويقول عنه إنه
الدور الذي يلعبه منذ الصغر
كمسلم نشأ في أمريكا. أما فهد كمال، والذي كان يصلي في نفس
المسجد مع نضال حسن وتطوع لفترة
خدمة ثانية بعد انتهاء الفترة
الأولى في أفغانستان، فقال إنه
لم يتعرض لأي إهانة بسبب دينه
سوى مرة واحدة أثناء التدريب
حينما وصفه أحد الزملاء بأنه ''إرهابي''.
ورغم ثقته في أن زميله كان يمزح،
فقد تعرض للعقاب أمام الجميع
وأمره القائد بالاعتذار علنا،
وهو ما كان دلالة واضحة على عدم
تساهل القيادة في أي إهانة من
هذا النوع. ثم تختتم الكاتبة المقال بقولها إن بعض
المسلمين يلقون باللوم على بني
دينهم في عدم التأقلم مع الجيش،
بل إن بعض السيدات المسلمات
العاملات في الجيش يشعرن
بالراحة فيه وفي ارتداء الزي
العسكري عن ارتداء الملابس
المدنية. فأثناء الوجود داخل
الوحدات تحكم الجميع القواعد
العسكرية التي تلزمهم باحترام
الآخر، وخارج القاعدة يحترم
الآخرون ملابسهم العسكرية بغض
النظر عن دينهم. العرب بدورهم لم يتأخروا عن التعليق على
ما حدث وبمستويات مختلفة وبطرق
مختلفة. وبهذا الصدد كتب
الدكتور علي جمعة، مفتي الديار
المصرية، مقالا نشرته صحيفة
واشنطن بوست يوم الأربعاء
الماضي تحت عنوان ''مفتي الديار
المصرية يرد على إطلاق النار في
فورت هود''، بدأه بالإعراب عن
شعوره بالصدمة حينما سمع
بالحادث المخزي في فورت هود،
والذي وصف مرتكبه بالخسة
والجبن، إذ أن هذا الحادث يعد
انتهاكا صريحا للقوانين
والأعراف الإسلامية، ولا يمكن
أن يمثل المعتدي المسلمين ولا
الإسلام الذي يقدس الحياة
البشرية. فالإسلام ينظر إلى
القتل كجريمة يعاقب عليها
القانون في الدنيا، وكخطيئة
يعاقب مرتكبها في الآخرة أيضا
مصداقا لقول الرسول الكريم(ص) إن
أول ما ينظر في مصيرهم يوم
القيامة هم القتلة. ويقول الدكتور علي جمعة إن الإسلام الذي
تعلمه في صغره هو الدين الذي
يدعو إلى السلام والرحمة. وأول
حديث نبوي يتعلمه الطلاب هو''
ارحموا من في الأرض يرحمكم من في
السماء''. ويضيف مفتي الديار
المصرية إن التعاليم التي
يتبعها المسلمون مأخوذة من
إدراك واضح وعميق للقرآن الذي
يشبه قتل النفس البشرية بقتل
البشرية جمعاء. بل إن جميع
الأديان السماوية ترفض العنف
والقتل والتطرف، والإسلام أيضا
يرفض العنف والإرهاب. غير أن الفهم الدارج يذهب إلى أبعد من
تسطيح وتبسيط المسألة وعزوها
لثقافة معينة أو دين بحد ذاته،
فإذا لم يتم التوصل إلى العوامل
التي تغذي هذه النزعة التطرفية
وتبررها لدى البعض فلن يمكن
التخلص من مشكلة التطرف وبناء
مستقبل أفضل. ويطالب الكاتب
بتقديم المعتدي أيا كان للعدالة.
ويأسف الكاتب للسرعة التي وجهت
بها الاتهامات إلى الإسلام كدين
بسبب أفعال شخص غير متزن، وهو ما
يراه المفتي ظلما فادحا لا يخدم
أي غرض. ثم يختتم الدكتور علي
جمعة، مفتي الديار المصرية،
المقال بقوله إنه من الضروري في
وقت هذه الأزمة المفجعة أن يقف
الجميع متكاتفين وأن يتعاملوا
مع الحادث بشكل عقلاني وعادل.
كما ينبغي وقف توجيه الاتهامات
جزافا إلى الإسلام والمسلمين،
ليس فقط لصالح المسلمين، ولكن
لأن مستقبل التعايش السلمي
يتوقف على ذلك. وانتقدت ليزا ميلر بدورها ما أسمته
التقسيم الخاطئ بين دين يحض على
العنف وآخر على السلام. ففي
مقالتها التي نشرت في مجلة
نيوزويك في عددها الأخير تحت
عنوان ''تقسيم خاطئ''، استنكرت
فيه التبسيط والثنائيات
القائمة على مقولات غير دقيقة
مثل أنه هناك دين مع العنف وآخر
مع السلام. وتضيف أن رد الفعل
الأمريكي على حادث إطلاق النار
إما كان تكرارا لرد الفعل
الأولي على أحداث 11 سبتمبر ووضع
كل المسلمين داخل نطاق الشبهات،
أو أن الأمريكيين ملتزمون
بتقدير سياسي صحيح للإسلام يعفي
نضال حسن من المسؤولية. ثم تتساءل الكاتبة عن السر في الإصرار على
وضع القضايا الدينية في إطار
ثنائي بينما يدرك الجميع أن
الدين لا علاقة له بالأمر،
فأغلب الأمريكيين يتعايشون
سلميا مع المتناقضات بين النصوص
الدينية وما يطبقونه في حياتهم،
أيا كان الدين الذي يتبعونه. كما
انتقدت ما تراه أنه في حال بروز
تهديد ما (سواء كان التهديد
فعليا أو في المخيلة) يريد
الجميع من الدين أن يكون حاسما
ومحددا، كما يفضل البعض وضع
صفات مطلقة لوصف أتباع بعض
الديانات والمعتقدات رغم
إدراكهم الطبيعة المتغيرة
للمعتقدات الدينية. وترى
الكاتبة أنه إذا تعلم
الأمريكيون شيئا من حقبة ما بعد
11 سبتمبر فهي أنه لا يوجد تفسير
ديني محدد، وإنما تفسيرات تتسم
بضيق أو سعة الأفق. وتوضح
الكاتبة أن الإسلام يسمح بالعنف
في القتال بين المسلمين وأعداء
الإسلام، ولكنه أيضا دين سلام،
وهو ما اتضح في استنكار عدد كبير
من رجال الدين الإسلامي
المعتدلين والمنظمات الإسلامية
علنا لحادث فورت هود. وترى الكاتبة أن الشعب الأمريكي محق في
محاولته ربط ما فعله الميجور
حسن بأي شيء سوى معتقداته
الدينية، لاسيما وأن 60% من
الأمريكيين يعتقدون أن هناك
تمييزا شديدا ضد المسلمين، كما
يقول 50% من المسلمين إن الحياة
في الولايات المتحدة أصبحت أكثر
صعوبة منذ هجمات 11 سبتمبر. ولكن
حقيقة المشكلة فيما تتعلق
بالإسلام هي قوة التفسيرات ضيقة
الأفق مقارنة بالتفسيرات
المتفتحة، وهذا يستلزم عدم
ارتكاب نفس الخطأ مرتين باتهام
الإسلام جزافا حتى لا ينتصر ذوو
الأفق الضيق. وفي الختام لا بد من التوقف عن الاستطلاع
الذي أجرته مؤسسة راسموسن
ريبورتس Rasmussen
Reports
والذي جرى في الحادي عشر من
الشهر الجاري إذ كشف أن هناك ما
نسبته 65% من الأميركيين ترى
ضرورة إنزال عقوبة الإعدام في
حال إدانة نضال حسن بالحادث. أما
فيما يتعلق بانعكاس الحادث على
مسلمي الولايات المتحدة، فقد
أفاد 57% قلقين من أمكانية أن
يكون هناك رد فعل عنيف ضد مسلمي
أميركا في حين أفاد ما نسبته 40%
أنهم ليسوا قلقين من هذه النقطة
بالتحديد، كما دعا 76% من
الأمريكيين إلى استبعاد الجنود
الموجودين بالخدمة أمثال نضال
حسن الذين يحاولون الاتصال
بجماعات إرهابية مثل القاعدة
حتى لا يتكرر مثل هذا الحادث
البشع. ======================= ما بعد سقوط جدار برلين:
دول تفككت وشعوب توحدت عبد الحميد صيام 17/11/2009 القدس العربي احتفلت ألمانيا بمشاركة العديد من دول
العالم يوم التاسع من الشهر
الحالي بالذكرى العشرين لسقوط
جدار برلين الذي كان يعتبر رمزا
بليغا وجارحا لانقسام حاد بين
معسكرين متنافسين متصارعين
لمدة تزيد عن الأربعين عاما
أطلق عليها اسم 'الحرب الباردة'
مع أن تلك الحروب الصغيرة
والكبيرة كانت في منتهى السخونة
وخلفت وراءها ما يزيد عن عشرين
مليون ضحية في أكثر من 200 مواجهة.
تميزت تلك الحرب بإشعال الحرائق
في كل مكان وسباق تسلح هائج
ومنافسات اقتصادية وسياسية
وفضائية وأيدولوجية ضارية،
وانتهاكات لحقوق الإنسان ودعم
للنظم السلطوية الفاسدة وتدبير
الانقلابات واغتيال لزعماء
وغير ذلك من مظاهر عديدة يضيق
المجال هنا عن تعدادها. انتهت
الحرب الباردة بحسم المعركة
لصالح المعسكر الغربي الذي
قادته الولايات المتحدة على
المعسكر الاشتراكي الذي كان
يقوده الاتحاد السوفييتي، ولذا
اعتبر الغرب ذلك أنه انتصار
للرأسمالية على الشيوعية
وانتصار لاقتصاد السوق على
الاقتصاد المخطط مركزيا
وانتصار للديمقراطية على
السلطوية والشمولية وانتصار
لإرادة الشعوب على إرادة
الأحزاب الطليعية والنخب
الحاكمة. وكأي حرب تحسم لأحد
الطرفين، كما قال حينها زبغنيو
برجنسكي، يكون فيها منتصرون
وآخرون مهزومون. ويحاول المنتصر
أن يفرض شروطه إذا كان النصر
حاسما أو أن يكسب أكبر عدد من
النقاط لصالحه إذا كان النصر
نسبيا. لقد مثل انهيار الجدار انتهاء مرحلة
شاملة من تاريخ البشرية الحديث
وبداية مرحلة جديدة نقيضة تميزت
بالمزيد من استعمال الوسائل
السلمية في حل الصراعات العالقة
كناميبيا وكمبوديا وأنغولا
وموزمبيق ونيكاراغوا
والسلفادور وغواتيمالا وغيرها.
فقفزت قوات حفظ السلام التابعة
للأمم المتحدة من ثلاثة عشر
ألفا عام 1989 إلى أكثر من تسعين
ألفا عام 1992، كما أدت نهاية
الحرب الباردة إلى إنهاء نظام
الفصل العنصري في جنوب أفريقيا
وامتداد الموجة الثالثة
للديمقراطية، كما سماها صامويل
هننجتون، لتشمل دول أوروبا
الشرقية وأمريكا اللاتينة، إلا
المنطقة العربية التي أوصدت
الأبواب أمام تمكين الشعوب
وإعطائهم الحق في اختيار
قياداتهم. لكن تغوّل الولايات
المتحدة وخاصة في الفترة
الانتقالية أدى إلى إلحاق أضرار
شديدة بمنطقتنا العربية خاصة،
كتدمير العراق وفرض مرجعيات
للتسوية السياسة للصراع العربي
الإسرائيلي غير عادلة ولا شاملة
فرخت اتفاقية أوسلو المشؤومة
واتفاقية وادي عربة، كما فرضت
حصارات جائرة على العراق وليبيا.
ومن بين النتائج العديدة لانتهاء الحرب
الباردة أود أن أشير إلى
ظاهرتين متلازمتين: تفكك الدول
الكبرى التي كانت تحوي شعوبا
وعرقيات متعددة ضمت قسرا إلى
بعضها في دولة كبيرة، وبالمقابل
هناك شعوب واحدة قسمتها الحرب
الباردة أو أطالت قسمتها عادت
وتوحدت مع أول فرصة لاحت لإنجاز
الوحدة. تفكك الدول الكبرى كان من أهم نتائج انتهاء الحرب الباردة
تفسخ الدول الكبرى ابتداء بدول
البلطيق الثلاث التي فرت من
المركز السوفييتي ثم انفرط خيط
المسبحة فتناثر العقد إلى
مكوناته الخمسة عشرة. ثم انطلقت
حركات انفصالية لمجموعات عرقية
كثيرة مثل أبخازيا وأوسيتا
الجنوبية في جورجيا وناغورنو
كاراباخ في أذربيجان والشيشان
في الاتحاد الروسي وغيرها. وما لبثت الشرارة أن امتدت إلى يوغسلافيا
التي كانت أنجزت شيئا من
الاندماج أيام حكم الرئيس جوزيف
بروز تيتو لكن تبين أن هذا
الاندماج كان في حدود القشرة
فقط ولم يصل إلى أعماق النفوس
فما أن أعلنت سلوفينيا
استقلالها في 25 حزيران (يونيو)
1991 حتى بادرت ألمانيا بالاعتراف
بها فورا. ثم لحقت بهذا الانفصال
كل من كرواتيا والبوسنة والهرسك
وماسادونيا ولم يبق إلا صربيا
والجبل الأسود وإقليم كوسوفو
الذي كان يغلي استعدادا
للانفصال. كانت ولادة كرواتيا
والبوسنة والهرسك عسيرة ودموية
حاولت القوات الصربية أن تسحق
الاتجاه الاستقلالي لديهما عن
طريق المذابح والتدمير
والاغتصاب الجماعي، إلا أن
التيار الاستقلالي نجح في
النهاية وخاصة بعد تدخل قوات
الناتو لصالح البوسنة والهرسك.
ثم سار إقليم كوسوفو على نفس
الطريق الدامي عام 1999 حيث شنت
القوات الصربية حرب إبادة
حقيقية أدت إلى اقتلاع الغالبية
الساحقة من سكان الإقليم
والتجائهم إلى ألبانيا إلى أن
تدخلت قوات الناتو وأجبرت
القوات الصربية على الفرار إلى
داخل صربيا وقامت بإدارة
الإقليم بتكليف لاحق من الأمم
المتحدة حتى تمكن أبناء الإقليم
المهجرون من العودة إلى ديارهم
وممارسة حقهم الطبيعي في تقرير
المصير وإعلان الاستقلال الذي
ما زال ينتظر تجنب الفيتو
الروسي داخل مجلس الأمن. كما قام
الشعب في إقليم الجبل الأسود
بتنظيم استفتاء حول البقاء في
دولة الوحدة أو الانفصال
فاختارت الغالبية الانفصال
وأعلن استقلال الجبل الأسود في
الثالث من حزيران (يونيو) 2006،
معيدا بذلك جمهورية يوغسلافيا
إلى مكوناتها السبعة الأصلية. وهناك حالة أخرى من التفكك الناعم تمت بين
التشيك والسلوفاك حيث اتفق
الطرفان وبطريقة حضارية أن يتم
الطلاق دون صراخ أو مشاجرات أو
انتقام وتم إعلان الانفصال في
الأول من كانون الثاني (يناير)
عام 1993. وحدة الشعوب عدد من الشعوب فرض عليها أن تنقسم في دول
متجاورة دون الأخذ بعين
الاعتبار للمشاعر والتاريخ
والروابط الإنسانية والعائلية
والحياتية. فقسم الألمان إلى
دولة شرقية وأخرى غربية واليمن
إلى دولة شمالية وأخرى جنوبية
وكوريا إلى شمالية وجنوبية
بينما بقي الأكراد مقسمين داخل
أربع دول متجاورة. وهناك حالات
عديدة في أفريقيا لا مجال
لسردها جميعا. أحست شعوب هذه الدول بأن انتهاء الحرب
الباردة وانتهاء المنافسة بين
المعسكرين على مناطق النفوذ قد
هيأ الأرضية المواتية لإعلان
الوحدة. فما هي إلى أشهر حتى
أعلنت وحدة اليمن ثم وحدة
الألمانيتين لكن وحدة
الكوريتين ظل أمرا غير ممكن
بسبب القطيعة التاريخية بين
نظام شمولي في الشمال ونظام
محمي من الولايات المتحدة في
الجنوب. أما بالنسبة للأكراد
فقد أعلنوا حكما ذاتيا في شمال
العراق بعد أن تدخلت دول
التحالف تحت غطاء من مجلس الأمن
بحجة حماية الأكراد من نظام
صدام حسين على إثر توجه القوات
العراقية لإخماد التمردين
المتزامنيين للشيعة في الجنوب
والأكراد في الشمال. لكن وحدة
الأكراد في دولة واحدة أصبح
أمرا شبه مستحيل بسبب الجغرافيا
السياسية للدول الأربعة،
العراق وإيران وتركيا وسوريا،
التي تتقاسم في مناطق حدودها
المتجاورة نسبا من السكان
ألأكراد كل نسبة تشكل أقلية في
البلد التي تنتمي إليه. بين ألمانيا واليمن المثالان الأسطع لوحدة الشعوب المقسمة
قسرا كان في ألمانيا واليمن. ومن
المناسب أن نراجع هاتين
التجربتين لنرى الفرق الشاسع في
كيفية تعامل ألمانيا الغربية مع
الجزء الشرقي وبين تعامل اليمن
الشمالي مع الجزء الجنوبي. صحيح
أن هناك فروقا شاسعة بين النسيج
الحضاري والاجتماعي والثقافي
والاقتصادي لكل من الشعبين. لكن
السؤال المشترك الذي ينطبق على
الحالتين: هل كان تصرف الدولة
الأكبر وإجراءاتها على الأرض
تعزز تلك الوحدة وتخفف من
الفوارق وتساهم في تعزيز الهوية
الوطنية أم العكس؟ هل ظل
الألماني الشرقي يعتبر نفسه
شرقيا واليمن الجنوبي جنوبيا؟
هل المواطنة بين الشطرين
المتحدين تعمقت لدى أبناء الجزء
الأصغر وهل درجة القبول من
أبناء الجزء الأكبر وصلت إلى
درجة التماهي وذوبان الفروق؟ ثم
أخيرا هل عززت القوانين
والأحكام هذه الوحدة وأصبح
المواطن بغض النظر عن مشاربه
العرقية والجهوية يشعر بأنه
يعيش في دولة القانون وحقوق
الإنسان ويمارس كافة حقوقه في
التعبير والتجمع والترشح
والانتخاب واختيار مكان العمل
والسكن دون أدنى مساءلة أو خوف
أو عقاب؟ الوحدة الألمانية لا شك أن الوحدة الألمانية التي أعلنت في
الثالث من تشرين الأول (أكتوبر)
عام 1990 تعتبر ناجحة بكل
المقاييس لكنها ليست مكتملة
تماما وقد تأخذ وقتا لتخطي كافة
آثار النتاج الثقافي
والاقتصادي والأيديولوجي
لأبناء الشطرين. فما زال 11
بالمائة من دون سن العشرين
يعرفون على أنفسهم بأنهم ألمان
شرقيون، بينما يقول 36 بالمائة
بين سن الأربعين والتسعة
والأربعين بأنهم ألمان شرقيون.
لكن الأهم من ذلك أن أجهزة القمع
انتهت والبوليس السري(ستاسي)
فكك وإلى الأبد وحرس الحدود
الفظ الذي كان يطلق النار على من
يقترب من الجدار قد انتهى وإلى
غير رجعة. لقد صرفت ألمانيا
الغربية ما قيمته ألفا مليار
دولار على تحديث البنى التحتية
في الشطر الشرقي وتقديم
المساعدات والتعويضات فانخفضت
البطالة إلى 11' في الشطر شرقي
مقارنة مع 6.6' فيما كان يسمى
ألمانيا الغربية, ويصل معدل دخل
الفرد في الشطرين إلى 35,000 دولار
سنويا. ويستطيع الألماني أن
يسافر أينما شاء وأن يستقر
أينما شاء ويعمل في المكان
الملائم دون تمييز. لقد أصبحت
الهوية الألمانية لدولة الوحدة
مصدر فخر واعتزاز لكافة الألمان.
فألمانيا هي أقوى دولة أوروبية
اقتصادا وأكثر عددا (ما عدا
روسيا) وأصبحت من المكانة
والمنعة ما جعل مارغريت تاشر
وفرانسوا ميتراند عند إعلان
الوحدة من التعبير عن تخوفهما
من المارد الألماني القادم
والذي قد يعيد أوروبا إلى عهود
التعصب الوطني. كما شهدت البلاد
ثلاثة مستشارين في هذه الفترة،
هلموت كول الذي كوفئ على إنجاز
الوحدة بمزيد من التجديد
لقيادتة لغاية عام 1998 ثم جاء
بعده غرهارد شرودر الذي بقي في
السلطة لغاية 2005 ثم انتخبت بعده
أنجيلا ماركيل المستشارة
الحالية. الوحدة اليمنية لقد كان إنجاز الوحدة اليمينة في 22 أيار (مايو)
1990 قرارا تاريخيا بكل المقاييس
عندما اتفق الحزب الإشتراكي
اليمني مع قيادة على عبد الله
صالح لإعلان الوحدة قبل موعدها
المتفق عليه في تشرين الثاني (نوفمبر)
لأن الطرفين أحسا بالخطر الذي
يحيط بهما من ألأطراف الإقليمية
والدولية التي لا تريد أن ترى
دولة موحدة واسعة ذات حجم سكاني
هو الأكبر في شبه الجزيزة
وقريبة من منابع النفط. لقد كان
وقوف علي عبد الله صالح إلى جانب
العراق في حرب الخليج الأولى
بعد احتلال الكويت سببا أساسيا
لمعاقبة النظام بطرد مليون يمني
من دول الخليج وحجب المساعدات
وإلغاء الكثير من العقود كما أن
الإدارة الأمريكية كذلك جمدت
المساعدات المخصصة لليمن بل
وعاقبت اليمن بإفشال مرشحها
القدير المرحوم عبد الله الأشطل
لرئاسة الجمعية العامة في
دورتها السادسة والأربعين (1991)
وانتخاب منافسه سمير الشهابي
السعودي(من أصل فلسطيني). ثم ما
لبثت أن اشتعلت حرب أهلية قام
بها الإنفصاليون بتأييد خارجي
بين أيار (مايو) وتموز (يوليو) 1994
وانتهت بانتصار قوات الشمال
وإخماد التمرد رغم دفع جهات
إقليمية إلى تدويل الأزمة عن
طريق مجلس الأمن الذي بعث
بالسيد الأخضر الإبراهيمي
وسيطا لكن الأمور حسمت على
الأرض ولم يبق أي عمل
للإبراهيمي يقوم به إلا خيبة
الأمل له ولمن دفع به متسرعا إلى
المنطقة. لكن الأمور بعد حسم مسألة الوحدة لم تسر
على ما يرام. لقد عومل الجنوب
وكأنه قسم خارجي مضموم إلى
الدولة لا جزءا لا يتجزء من دولة
الوحدة. ولنتذكر أن المنظومة
الثقافية في الجنوب تحت حكم حزب
ماركسي لينيني تختلف تماما عن
الشمال بتركيبته القبلية
المحافظة. فسرعان ما اصطدمت
المفاهيم ووجد الحزب الاشتراكي
اليمني أنه مطوق من كافة الجهات
وهمش تماما لصالح حزب المؤتمر
الشعبي العام وهو حزب علي عبد
الله صالح. لقد خسر الجنوبيون 60
ألف وظيفة بين جيش وأمن ووظائف
حكومية ولم تستوعب دولة الوحدة
إلا 7,000 وظيفة. ومع ارتفاع أسعار النفط وتراجع كمية
الإنتاج في اليمن وانحسار
السياحة بسبب عمليات الخطف
وتفاقم القرصنة في منطقة خليج
عدن والسواحل الصومالية
وانتشار قصص الفساد، تفاقم
الفقر في الجنوب خاصة وشعر
السكان بصدق أن دولة الوحدة
تخلت عنهم فبدأت عمليات
الاحتجاج في الجنوب وحضرموت
ووصلت منذ عام 2004 إلى صعدة حيث
أخذ الاحتجاج طابع التمرد
المسلح. لقد كان الرد الحكومي كما هي العادة في
الأنظمة السلطوية بالحديد
والنار والاعتقالات والتخوين
وإغلاق الصحف وإطلاق النار على
المتظاهرين واتهام جهات خارجية
بالوقوف وراء الحراك. أسطوانة
مشروخة لا تنطلي على أحد. فلماذا
تتمرد الأقليات لو كانت حقوقها
مصانة؟ ولماذا يكون هناك 'حراك'سياسي
في الجنوب لو تعززت دولة الوحدة
وسيادة القانون؟ ألا يكفي علي
عبد الله صالح 31 سنة في الحكم؟
وبعد أن وعد بعدم ترشحه لدورة
ثالثة، عاد وتراجع عن وعده مع
انتهاء الدورة الثانية عام 2006،
حيث دبلج مسرحية المطالبة
الشعبية ببقائه في السلطة وقرر 'متواضعا'
النزول عند رغبة الشعب والترشح
لدورة ثالثة وسيلحق بالدورة
الثالثة دورة رابعة وخامسة إلى
أن يتسلم الحكم ابنه الذي يتم
إعداده الآن للمنصب كما هو
الحال في مصر وليبيا وغيرها من
دول النظام العربي الواحد. صحيح أن الوحدة اليمنية قائمة إلى الآن
لكن العنف أحد مظاهر استمرارها
لا القناعة والمصالح
والامتيازات وصون الكرامة التي
تمثلها دولة الوحدة. لقد غير
الرئيس نهجه السياسي مائة
وثمانين درجة وأصبح جزءا من
المنظومة الأمريكية في المنطقة
التي تتصدى لمحاربة الإرهاب قبل
أن تؤمن الخبز لأبنائها وأن
تسمح لطائرات غير يمنية بتصيّد
أبناء اليمن أو قصف جزء من شعبه
وأرضه تحت حجج واهية، مما يزيد
حدة الاحتجاج ورقعته الجغرافية.
لقد أصبحنا نخاف على اليمن الذي
نحب أن يتحول إلى أفغانستان
أخرى بسبب هذه السياسة الهوجاء. إننا مع وحدة اليمن رغم هفواتها فهي
التجربة المضيئة الوحيدة في
تاريخ معاصر محاط بالظلام لكن
حل المشاكل الداخلية لا يكون
بالسلاح والتهديد والوعيد بل
بالانفتاح على كافة أطياف الشعب
وإجراء حوار وطني داخلي والسماع
إلى شكاوى الناس وإرساء دولة
القانون والتعددية السياسة
والصحافة الحرة والأهم من هذا
وذاك تداول السلطة، فالسلطة
ليست حكرا على زعيم واحد مهما
كان موهوبا أو ذكيا أو محبوبا
على افتراض صحة هذه الصفات. ' أستاذ جامعي وكاتب مقيم في
نيويورك =========================== شالوم يروشالمي معاريف 16/11/2009 17/11/2009 القدس العربي لدينا بيت في دمشق. العنوان الدقيق هو
دخلة البرية رقم 12، مسافة سير
قصير من ساحة البحرة الى يهود،
حي اليهود. عائلتي تركت البيت
افواجا افواجا في الاربعينيات،
والاخير اطفأ النور واخذ معه
المفتاح الذي يوجد عندنا حتى
اليوم. في البيت يسكن اليوم
فلسطينيون تملكوه. وبقدر ما هو
معروف لي، فان احدا لم يطلب منهم
ان يغادروا المكان. نحن لا نطالب
بحق العودة الى البيت في الدخلة.
السؤال هو اذا كنا سنصل في أي
وقت من الاوقات لنرى المكان
الذي تركناه، بواسطة جواز سفر
اسرائيلي، قانونيا. اثناء الاسبوع الماضي طرح مجددا موضوع
المفاوضات مع السوريين. رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو كان في
باريس وادار حديثا في هذا الشأن
مع نيكولا ساركوزي، الرئيس
الفرنسي. لا أدري ماذا كان في
هذا البحث. التسريبات
والتخمينات تتراوح في كل
الاتجاهات. اعرف ما كان في حديث
اداره الرجلان في منتدى اكثر
اتساعا في نهاية حزيران( يونيو)
الماضي، حين اقترح ساركوزي على
نتنياهو ان يستبدل وزير
الخارجية افيغدور ليبرمان
بتسيبي ليفني. ساركوزي ناشد
نتنياهو في تلك الفرصة ان يدع
الجميع وان يركز على الرئيس
السوري، بشار الاسد. وقد طرح
نفسه كوسيط وتعهد بالمساعدة. 'قل
نعم فتحل كل المشكلة'، قال
ساركوزي لنتنياهو الذي هز رأسه
ببطء. 'اعطني ضوءاً أخضر، فأفتح
لك سورية، ايران. اعقد اتفاقا مع
الاسد وعندها تجبر الفلسطينيين
على إبرام معاهدة معك. هم سيبقون
الاخيرين. انا لا افهم لماذا
تضيع كل هذا الوقت الكثير مع مصر.
لديك سلام معهم. اعقد اتفاقا مع
سورية وانا أجلب لك غلعاد شليط
ايضا. نتنياهو، بالمناسبة لم
يرد فورا على هذه المبادرة،
ولكن بعد الحدث التقى في حديث
مطول مع صديقه رون لاودر الذي
جاء خصيصا الى باريس. وكان سبق
لرون لادور ان توسط في الولاية
السابقة بينه وبين الاسد الاب. في هذه الاثناء مرت أربعة اشهر ونصف الشهر
ولم يحدث شيء في الجبهة السورية.
لا يوجد أي سبب لان يحصل شيء
دراماتيكي اليوم. نتنياهو لن
ينزل من هضبة الجولان والسوريون
لن يحصلوا على انسحاب جزئي لا
يمكن لرئيس الوزراء أن يعرض حتى
هو عليهم. إما كل شيء أو لا شيء.
نتنياهو نفسه تعهد الف مرة الا
ينسحب من الجولان واختبار
المصداقية المهم جدا له يعود
ليقف على بوابته من جديد. في
اليمين سيصلبونه على كل انسحاب،
وفي الحكومة تنطلق منذ الآن
اصوات المعارضين، وكذا في
اليسار لن يصفقوا له. باختصار،
لا مجال. ما يوجد، هو محادثات غير مباشرة وغير
ملزمة قد تتحقق، حتى لو لم يخرج
منها أي شيء. للمسيرة السياسية
توجد الكثير من المكاسب، حتى لو
كانت عقيمة. نتنياهو يعرض بهذا
الشكل نفسه كمحب للسلام فيحظى
ببعض العطف الحيوي في العالم.
بشار الاسد يهرب من خلال
المحادثات من العزلة ومن
العقوبات. وكذا الامريكيون
ورؤساء الرباعية يظهرون انهم
يحققون شيئا ما. ما الضير؟ حتى
اسحق شمير، لمن نسي، ادار
محادثات مع السوريين ومدير عام
مكتبه، اسحق بن اهرون جلس اياما
واسابيع امام وفد سوري في
واشنطن، للجدال اساسا في
المسائل التاريخية. قبل يومين
من الانتخابات صعد نتنياهو مع
ابنه آفنر الى هضبة الجولان. غرس
شجرة قرب بلدة أنيعام ووعد آفنر
بان ابنه سيرى الشجرة تضرب
جذورها على الجولان بسيادة
اسرائيل. إذن ما الذي سيحصل قبل
غيره؟ هل احفادي سيرون بيتنا في
دمشق بعد أن يسود السلام
الكامل، أم احفاد نتنياهو
سيستمتعون بثمار الشجرة بشروط
استمرار النزاع؟ يخيل لي أن
الجواب واضح. نتنياهو تعهد ألف مرة أن لا ينسحب من
الجولان ============================= اليد إلى يد والعين إلى
مكان آخر حياة الحويك عطية الدستور 17-11-2009 هذا الحال ينطبق على دولتين مركزيتين في
منطقة الشرق الاوسط ، تركيا
وسوريا . فتركيا تضع يدها في يد
الجميع مع بقاء عينها مسلطة على
اوروبا ، وكلما تشابكت من حولها
الايدي وتمددت مناطق النفوذ ،
كلما نظرت الى اوروبا بامل اكبر
. اما سوريا فعلى العكس تماما ،
تأتي الى اوروبا وتضع يدها على
قلم التوقيع على اتفاقيات
الشراكة معها ، لكن عينها تظل
على الولايات المتحدة
الاميركية . لا لان المفاهيم
السورية او الهوى السوري اقرب
الى واشنطن بل لان الرؤية
الاستراتيجية السورية تعرف ان
العلاقة مع الولايات المتحدة
الاميركية في هذه المرحلة من
التاريخ هي مسالة لا غنى عنها ،
خاصة بعد ان اصبح العم سام جارا
حدوديا . غير ان دمشق ، لا تريد
التطلع الى واشنطن ، ولا الى
اوروبا من زاوية ضعف ، ولذلك فهي
لم تذهب الى الثانية الا بعد ان
احاطت نفسها بدائرة تحالفات
عربية واقليمية تجعلها لاعبا
قويا يحسب حسابه في الملعب .
واذا ما تمكنت من توظيف عناصر
القوة هذه في العلاقة مع اوروبا
، وعبر فرنسا تحديدا فانها
ستعود الى توظيف كل ذلك لدى
واشنطن ، التي تحتاج بدورها الى
دمشق وان كانت لا تستطيع
الانفتاح عليها مرة واحدة . في
وسط ذلك كله وفي محوره تظل
اسرائيل هي قلب المشكلة والرهان
، فاللوبي الاسرائيلي في واشنطن
لم يعد اقوى منه على حكومته من
اللوبي الاسرائيلي في فرنسا ،
وذلك بدليل الاستقبال الخاص جدا
الذي منحه الرئيس الفرنسي
لبنيامين نتنياهو ، بعد
الاستقبال البارد الذي لاقاه من
باراك اوباما . ففي واشنطن لم
يحصل اللقاء الا بصعوبة وفي
اللحظة الاخيرة ، ولم يحط
بالصحافة ولم يحظ ببيان ختامي .
اما في فرنسا فقد خرج الرئيس عن
البروتوكول المعروف باستقبال
الضيوف في صالون الاليزيه ،
ليستقبل رئيس الوزراء
الاسرائيلي في جناحه الخاص ،
وليمتد اللقاء الذي كان مقررا
لخمس واربعين دقيقة الى ساعتين .
عملية تعويض عن واشنطن ؟ ام
عملية عرض للعب دور بدل الدور
الاميركي ، ام تعويض مسبق عن
استقبال بشار الاسد بعد يومين ؟
المهم في ذلك كله ان نتنياهو لم
يبد اي استعداد للتنازل في
اللقاءين ، وذلك ليس امرا جديدا
. غير ان الاهم هو ان بشار الاسد
استطاع ان يعبر بوضوح عن تشدده
وصلابة موقفه ، وذاك ايضا ليس
بجديد ، لكن الجديد انه فعل هذه
المرة وهو يقف على ارض صلبة ،
بحيث جعل اهم الصحف الفرنسية
تقول بالحرف : ان سوريا لم تأت
طالبة هذه المرة لان الاخرين
بحاجة اليها . والمقصود
بالاخرين الاوروبيين
والاميركيين ، فمن الذي سيتلقف
الكرة والى اين ستؤدي اللعبة ؟
السؤال الاول ، يحدده مدى
التمايز بين السياستين
الاوروبية والاميركية ، لان
حظوظ الاوروبيين تكون اقوى
عندما يلعبون دورا متمايزا عن
الدور الاميركي ، اما عندما
ينسخونه فان الجميع يفضل الذهاب
الى الاصل. والسؤال الثاني
تتحدد الاجابة عنه بما ستفعله
دمشق في الفترة المقبلة لتنمية
عناصر القوة التي اكتسبتها بدءا
من جبهتها الداخلية وانتقالا
الى تحالفاتها الخارجية ،
وتوازناتها التاريخ : 17-11-2009 =========================== هنري
سيجمان الدستور 17-11-2009 استطلاعات الرأي تشير الى أن الرئيس
أوباما يحظى بدعم ستة الى عشرة
بالمائة فقط من الشعب
الإسرائيلي - ربما تكون هذه أقل
شعبية له في أي دولة في العالم.وفقا
لتقارير وسائل الإعلام ، فإن
مستشاري الرئيس يبحثون عن وسائل
لطمأنة الشعب الإسرائيلي
بصداقة الرئيس أوباما والتزامه
القاطع بتوفيرالأمن لإسرائيل.تلك
الصداقة والالتزام حقيقيان ،
على الرغم من أرقام الاستطلاعات
الخاصة بالرئيس أوباما في
إسرائيل. وزيرة الخارجية هيلاري
كلينتون سعت للتأكيد على تلك
النقطة خلال زيارتها الى
إسرائيل. كما طُلب مرارا من
المبعوث الرئاسي: جورج ميتشل ،
القيام بمحاولات مماثلة خلال
زياراته المتكررة الى القدس.البيت
الأبيض على وشك أن يسجل رقما
قياسيا جديدا في عدد رسائل
الطمأنة والتحيات المتلفزة
التي أرسلها رئيس أميركي الى
إسرائيل ، وإلى المنظمات
اليهودية في الولايات المتحدة.
وتجري مناقشة خطط لزيارة رئاسية
الى القدس.معاونو الرئيس قلقون
من أن عداء الاسرائيليين للرئيس
أوباما يمكن أن يكون مدمرا
لمساعيه من أجل السلام. هذا صحيح
قطعا.ولكن حملة البيت الأبيض
للتوفيق بين الرئيس والشعب
الاسرائيلي قد تكون أكثر تدميرا
بكثير ، لأن السبب وراء هذا
العداء الاسرائيلي غير المسبوق
تجاه رئيس أميركي هو الخوف من أن
الرئيس أوباما جاد في إنهاء
الاحتلال الإسرائيلي للضفة
الغربية وغزة.الإسرائيليون لا
يعارضون مساعي الرئيس أوباما
للسلام لأنهم لا يحبونه: إنهم لا
يحبونه بسبب مساعيه للسلام. سوف
يستعيد حبهم فقط عندما يتخلى عن
هذه المساعي.هكذا ترد الحكومة
والشعب الإسرائيلي على أي ضغط
خارجي من أجل اتفاق سلام يتطلب
امتثال إسرائيل للقانون الدولي
ولقرارات الأمم المتحدة ، التي
تدعو للعودة الى حدود ما قبل
صراع 1967 وترفض التغييرات أحادية
الجانب في تلك الحدود.الشعب
الإسرائيلي ، كحكومته ، لا يكلّ
من الإعلان لمستطلعي الرأي
بتطلعه الى السلام ودعمه لحل
الدولتين. ما لا تذكره
إستطلاعات الرأي هو أن هذا
الدعم يعتمد على تعريف إسرائيل
لمصطلحات ذلك السلام وأبعاده
الإقليمية والقيود الواجب
فرضها على سيادة الدولة
الفلسطينية.الرئيس الأميركي
الذي يخاطب العالم العربي ويعد
باتباع طريقة عادلة ومنصفة لصنع
السلام يراه الاسرائيليون رأسا
ضد إسرائيل. اعترض رئيس أحد
المنظمات اليهودية الهامة في
أميركا على تعيين السيناتور
ميتشل كمبعوث سلام للرئيس
أوباما لأن موضوعيته وعدالته ،
على حد قوله ، تجعله غير مؤهل
لهذه المهمة.أقل ما يقال عن رد
الفعل الإسرائيلي على المساعي
الجادة لصنع السلام هو أنه
مَرضي - وهو نتيجة لعدم القدرة
على التكيف مع دخول الشعب
اليهودي ثانية الى التاريخ
بدولتهم عقب ألفي عام من الضعف
وكونهم ضحايا.رئيس الوزراء
السابق إسحاق رابين ، الذي تحل
ذكرى اغتياله هذا الشهر في
إسرائيل على يد متطرف يهودي
يميني ، أخبر الاسرائيليين عند
تنصيبه عام 1992 أن دولتهم قوية
عسكريا ، وأنها ليست بلا أصدقاء
ولا أنها في خطر. لذا يتوجب
عليهم التوقف عن التفكير
والتصرف كضحايا. رسالة رئيس
الوزراء بنيامين نتنياهو بأن
العالم بأسره يقف ضد إسرائيل
وأن الإسرائيليين يواجهون خطر
محرقة أخرى - خوف استشهد به
مرارا خلال خطابه في أيلول في
الجمعية العامة للأمم المتحدة
للطعن في تقرير القاضي ريتشارد
غولدستون الخاص بتقصي الحقائق
في غزة - ما زالت للأسف رسالة
مريحة للكثير جدا من
الإسرائيليين.هذا المرض ، ساعدت
عليه منظمات أميركية يهودية
تنسجم أجنداتها مع الآراء
السياسية وأيديولوجية اليمين
الإسرائيلي. هذه المنظمات لا
تعكس آراء معظم الأميركيين
اليهود الذين صوتوا بشكل ساحق -
حوالي %80 - للسيد أوباما في
الانتخابات الرئاسية.جميع
الإدارات الأميركية السابقة
تملصت من تحقيق معاهدة سلام بين
الفلسطينيين والإسرائيليين ،
لا لأنها لم تكن قادرة على وضع
صيغة مناسبة لتحقيقها: الجميع
يعرف منذ زمن الملامح الأساسية
لتلك الصيغة ، التي اقترحها
الرئيس كلينتون في أوائل عام ,2000الأصح
أن الصراع مستمر لأن الرؤساء
الأميركيين - والى حد أكبر بكثير
، أعضاء الكونغرس الأميركي ،
الذين يعتمدون على المساعدات
لإنجاحهم في الانتخابات كل
عامين - أوجدوا مرضا لا يمكن
علاجه إلا بمواجهته فقط.فقط
رئيس أميركي يتمتع بشجاعة
سياسية للمخاطرة باستياء
إسرائيلي - وانتقاد من جانب
اللوبي الداعم لإسرائيل في
أميركا والذي يدعم لا إراديا
سياسات الحكومة الإسرائيلية
اليومية ، بغض النظر عن مدى
مخالفتها للمنطق أو الأخلاق - هو
وحده من يستطيع علاج هذا المرض.الرئيس
الأميركي الذي يتمتع بشجاعة
سياسية للمخاطرة بإحداث استياء
إسرائيلي - وانتقاد من جانب ذلك
الجزء من اللوبي الداعم
لإسرائيل في أميركا والذي يدعم
لا إراديا سياسات الحكومة
الإسرائيلية اليومية ، بغض
النظر عن مدى عمق مخالفتها
للمنطق أو الأخلاق - هو وحده من
يستطيع علاج هذا المرض.اذا كان
الرئيس أوباما جادا بوعده إنهاء
الاحتلال الاسرائيلي المتواصل
منذ أربعين عاما ، والعمل على
تحقيق حل الدولتين ، وضمان بقاء
إسرائيل على المدى الطويل دولة
يهودية وديمقراطية ، وحماية
المصالح الأميركية الحيوية في
المنطقة ، عليه المخاطرة بذلك
الاستياء. اذا حافظ على وعده ،
سيحظى بعرفان الإسرائيليين
بالجميل إلى الأبد. «نيويورك تايمز» ========================== هل تصدّع التحالف
الاستراتيجي بين تركيا
وإسرائيل؟ المستقبل - الثلاثاء 17 تشرين
الثاني 2009 - العدد 3486 - رأي و فكر -
صفحة 22 عبد الزهرة الركابي بعد رفض أنقرة مشاركة اسرائيل في مناورات
(نسر الأناضول) السنوية
والمعنية باجراء تدريبات جوية
هجومية، والتي هي مناورات
مشتركة بين تركيا وأميركا
وايطاليا والكيان الصهيوني
وكذلك بعض دول حلف الأطلسي،
اصبح المراقبون على يقين بأن
هنالك ازمة مستفحلة في العلاقات
المتميزة بين انقرة وتل ابيب.
وقد راح هؤلاء المراقبون في
تصنيفاتهم يتساءلون: هل ان
انقرة بصدد مراجعة علاقاتها
الاستراتيجية مع اسرائيل
عملياً، وهل ان منع سلاح الجو
الاسرائيلي من المشاركة في
المناورات المذكورة يعد في حكم
انتهاء التحالف الاستراتيجي
بين الدولتين، ومقابل الدور
الايراني... هل بدأت تركيا في
البحث عن (نفوذها الضائع) في
المنطقة العربية؟.. لا شك ان هنالك الكثير من الأسئلة التي
يطرحها هؤلاء المراقبون، لكن ما
نريد قوله في هذه الكتابة هو، ان
العلاقات التركية
الاسرائيلية بدأت بالتأزم
منذ العدوان الاسرائيلي على
لبنان عام 2006، وتعاظم هذا
التأزم في العدوان على غزة، وهو
عدوان شكل هزة قوية لسطح
التحالف الاستراتيجي بين تركيا
والدولة العبرية، بعدما انسحب
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان
من المنتدى الاقتصادي في دافوس
والجدير ذكره في هذا السياق ان
من ضمن المبررات التركية بشأن
منع سلاح الجو الاسرائيلي من
المشاركة في المناورات الآنفة،
هو التساؤل الذي بات مطروحاً في
الأوساط الاعلامية والشعبية
وعادة كيف سمح لسلاح الجو الذي
شن غارات على غزة في التدرب
والتحليق في اجوائنا؟. واذا كانت اميركا وايطاليا قد انسحبتا من
المناورات تضامنا مع الكيان
الصهيوني، فان هذه الخطوة
التركية شكلت ضربة موجعة
للمشاركة الاسرائيلية في
المناورات التي سيجريها الحلف
الأطلسي في الأراضي والمياه
والأجواء التركية مستقبلاً،
اذا ما اصرت انقرة على موقفها
هذا، وهو امر سيحدث تغييرات
رئيسية في خطط وفعاليات الحلف
في مجال التدرب والمناورات، كما
ان نيات الموقف التركي في هذا
الجانب، يعني دق المسمار الأخير
في نعش التحالف الاستراتيجي بين
انقرة وتل ابيب، وهو ما يرتب
انعكاسات سلبية على الصعيد
السياسي بالنسبة لمسألة انضمام
تركيا الى الاتحاد الأوروبي،
على الرغم من ان انقرة لم تعدم
وسيلة الا واستخدمتها من اجل
كسب رضا وموافقة الاتحاد
الأوروبي على انضمامها، في وقت
اعلنت اكثر من دولة اوروبية عن
اعتراضها على دخول تركيا الى
البيت الأوروبي، وهو واقع
تيئيسي للأتراك الذين التفتوا
الى مرجعيتهم التاريخية
الاسلامية بعدما يئسوا حقيقة من
الهوى الأوروبي، ومن الطبيعي ان
المواقف التركية الأخيرة من
اسرائيل قد تكون واحدة من ردات
الفعل والإحباط من الموقف
الأوروبي المعارض لقبول تركيا
في الاتحاد الأوروبي الذي لا
يستسيغ ان تكون تركيا عضوا فيه،
انطلاقا من عوامل تاريخية
وجغرافية وترتيبات سياسية
وعسكرية خلفتها الامبراطورية
العثمانية التي تعتبر تركيا
وريثة لها. من الواضح ان العرب خسروا الكثير من
المواقف المناصرة لقضيتهم
المركزية في السنوات العشر
الأخيرة. ومن المهم للعرب ان
يكون الموقف التركي ايجابيا
لهذه القضية، خصوصا وان لتركيا
ثقلا كبيرا على مختلف الصعد
اقليمياً ودولياً، ناهيك عن
تحالفها الاستراتيجي مع الكيان
الصهيوني ثلما هو معروف، حيث ان
تركيا هي البلد الاسلامي الأول
الذي قام بالاعتراف في الكيان
الصهيوني عام 1949، وكانت تركيا
وايران الشاه الى جانب اسرائيل
ترتبط باتفاقية (الرمح الثلاثي)
التي نصت على تعاون مخابراتي
بين الدول الثلاث خلال عقد
الخمسينات، وفي عام 1969 وقعت
تركيا والكيان الصهيوني
اتفاقيتين للتعاون العسكري،
وعلى الرغم من ان محتوى هاتين
الاتفاقيتين بقي طي الكتمان،
الا انه يمكن الاعتقاد بأنهما
يشملان بروتوكولات تتعلق
بتبادل الضباط، والقيام
بزيارات متبادلة لوفود عسكرية،
ودعوات لزيارة موانئها،
والدخول الى مناطق التدريب،
والتدريب الجوي والبحري
المشترك، والتعاون في مناطق
مكافحة الارهاب، وسلامة
الحدود، التعاون في مجال
الصناعات الدفاعية، بالاضافة
الى ذلك، يعتقد بأن اسرائيل
وتركيا قد وثقتا الروابط
الاستخباراتية بينهما، والشيء
غير المعروف هو ما اذا ان هنالك
فقرات في الاتفاقيتين
المذكورتين بين اسرائيل وتركيا
تنص على التخطيط المشترك
للحالات الطارئة او الاشتراك في
القتال، وقد بات معروفا من خلال
هاتين الوثيقتين اللتين هما
بمستوى التحالف الاستراتيجي،
ان هنالك تعاونا "لوجستيا"
قد جرى بين البلدين في اكثر من
جبهة لا تريد اثارة المواجع
فيها. وعليه، ان المواقف التركية الملفتة اذا
ما استمرت على هذا المنوال حيال
الدولة العبرية، فهذا يعني ان
حزب العدالة والتنمية الاسلامي
بزعامة اوردغان، راح يعمل
بسياسة التدرج الممنهج في انهاء
التحالف الاستراتيجي مع الكيان
الصهيوني، وأن هذه الهيكلية
المندرجة سوف تحدث انقلابا
كبيراً في موازين القوى
الاقليمية سياسا وعسكرياً
وامنياً، او هي على الاقل سوف
تحد من الاختراق الاسرائيلي
الاستخباري واللوجستي للمنطقة. =========================== فهمي هويدي السفير 17-11-2009 حتى الشرعية لم تسلم من العبث والابتذال،
بعدما صار بوسع أعوان السلاطين
أن يستصدروا من المؤسسات
السلطانية ما شاءوا من مراسيم
وقوانين تسوّغ العسف والقمع، ثم
الاحتجاج بها في مواجهة الجميع
بزعم أنها الشرعية التي لا
تحتمل ردا ولا نقدا. (1) هذا المنطوق من وحي الحوار الدائر في مصر
منذ عدة أسابيع حول ملف
المستقبل الذي يكتنفه الغموض
المقصود. وهو الحوار الذي توقف
خلال الأيام العشرة الأخيرة،
بسبب اللوثة الكروية التي ضربت
المجتمع المصري وعطلت عقول
الناس في حين عقدت ألسنتهم عن
الخوض في أي شيء باستثناء
المباراة الموعودة، وبعدما
انتهى على خير مؤقتا الفاصل
الكروي على النحو الذي نعرف،
جاز لنا أن «نعود» مستردين
وعينا المخطوف. وللتذكرة فإن
بعض الذي صدر عن فريق «الموالاة»
أثناء الجدل حول خيارات
المستقبل كان هزلا مستغربا
يتعذر أخذه على محمل الجد.
والبعض الآخر كان ادعاءات تستحق
التفنيد والرد. وما أدهشني في
كلام الفريق الأول ليس فقط
تهافت الآراء التي عبروا عنها،
بل أيضا أن أصحاب تلك الآراء
أناس محترمون، مسؤولون كبار
وأساتذة جامعيون بعضهم تخصص في
العلوم السياسية ودرَّسها
للطلاب، الأمر الذي بدا شاهدا
على أن الالتحاق بمركبة السلطة
لا يحدث فقط انقلابا في أحوالهم
الاجتماعية والاقتصادية
وتطلعاتهم الطبقية، ولكن ذلك
الانقلاب يشمل أيضا طرائق
تفكيرهم وحالتهم العقلية
والفكرية. كأن وهج السلطة لا
يخطف الأبصار فحسب، ولكنه يبهر
العقول أيضا ويفقدها توازنها. من قبيل الآراء المتهافتة التي رددتها
أصوات فريق الموالاة أن اقتراح
البدائل للمستقبل هو من قبيل
فرض الوصاية على المجتمع، وأن
القائلين بتلك البدائل لهم
أجندات ومآرب أخرى تستهدف ضرب
الاستقرار. وهو كلام مضحك ليس
فقط لأنه يطالب أصحاب الرأي
الآخر بألا يقدموا أية تصورات
أو بدائل للمستقبل، ولكن أيضا
لأن الذين يرفضون الوصاية
يدافعون عن وضع سياسي أحكم
قبضته، على المجتمع المصري طوال
العقود الثلاثة الأخيرة، حتى
وصفه المستشار طارق البشري بأنه
«مجتمع مخنوق»، وهو من فصَّل في
مطلب الجماعة الوطنية الداعي
إلى رفع تلك الوصاية الكئيبة،
في كتابه الذي سبقت الإشارة
إليه «مصر بين العصيان والتفكك».
واعتبر ذلك إحدى ركائز الإصلاح
السياسي المنشود، إذ قال صراحة
إن المطلوب تنحية السلطة
الوصائية المفروضة من وزارة
العدل بشأن القضاء، ووزارة
التعليم العالي بشأن الجامعات،
ووزارة الأوقاف بشأن الأوقاف،
ووزارة العمل بشأن النقابات
العمالية، ووزارة الشؤون
الاجتماعية بشأن الجمعيات،
ووزارة الزراعة بشأن
التعاونيات الزراعية، ووزارة
الصناعة بشأن التعاونيات
الإنتاجية، ووزارة الإسكان
بشأن التعاونيات الإسكانية،
ووزارة التموين والتجارة
الداخلية بشأن التعاونيات
الاستهلاكية. ومن عندي أضيف
ووزارة الداخلية بشأن كل
الأنشطة السابقة. من ناحية أخرى فإنني استغرب أن تتهم
المعارضة الوطنية بأن لديها
أجندات ومآرب أخرى، لأن ذلك
بمثابة حق طبيعي لها، طالما
أنها اختارت ألا تكون استنساخا
للحزب الحاكم. إذ لا غضاضة في
وجود تلك الأجندات والمآرب،
طالما أنها تتحرك على أرضية
المشروع الوطني، وتبتغي تحقيق
مرادها بالأسلوب السلمي
والديموقراطي. ولأن ذلك هو
الحاصل فإن اتهامها والتنديد
بها يغدو نوعا من الإرهاب
الفكري المفضوح. (2) إذا قلبنا صفحة الهزل في خطاب عناصر
الموالاة، فسنجد أن الشق الجاد
في ذلك الخطاب ركز على أمرين
أولهما التحذير من إدخال
تعديلات على الدستور، وثانيهما
ضرورة احترام الشرعية. وفي ما
يخص الدستور فإن كتابات
الموالين تعاملت معه باعتباره
قرآنا لا يأتيه الباطل من أي
باب، وحفلت الصحف القومية بوجه
أخص بمرافعات الدفاع عنه
والتشبث بكل ما ورد فيه. بما
أعطى انطباعا بأن دعاة الإصلاح
الحقيقي يريدون إحداث انقلاب
دستوري، وليس مجرد تعديلات تسد
الثغرات وتصوب العوج، وتعيد
للدستور هيبته واحترامه. الأهم من ذلك والأنكى أن الذين صدعوا
رؤوسنا بمرافعاتهم تلك،
التزموا الصمت إزاء عمليات
العبث بالدستور التي تعاقبت
خلال العقود الثلاثة الأخيرة
حتى ابتذلته وأهانته. بل وحولته
إلى عقبة في سبيل التحول
الديموقراطي. وهذه الجملة
الأخيرة كانت عنوانا لمقال
نشرته صحيفة «الشروق» في 10/11
الحالي، للدكتور مصطفى كامل
السيد أستاذ العلوم السياسية. في نص المقال شهادة ذكر فيها الكاتب أن
قيادات الحزب الحاكم تعاملت مع
الدستور بأسلوب أبعد ما يكون عن
احترامه والالتزام بأحكامه. بل
إن تلك القيادات نزعت عن
الدستور طبيعته السامية
فأنزلته من مقامه الرفيع
باعتباره أبو القوانين، بحيث
أصبح مجرد وثيقة تعكس رغبات
الحاكم الفرد ولا تحظى بالإجماع
الوطني. تجلى ذلك في التعديلات التي أدخلها
الرئيس مبارك على الدستور
القائم في سنتي 2005 و2007، وفاقت في
عددها التعديلات التي أدخلت على
أي وثيقة دستورية عرفتها مصر في
تطورها الدستوري منذ العام 1866،
ذلك أن تعديل 2005 بعدما قرر مبدأ
الانتخابات التنافسية على
رئاسة الجمهورية، فوسعها بعد أن
كانت استفتاء على شخص واحد،
فإنه ضيقها لاحقا حين وضع شروطا
للترشح تغلق الباب في وجه أي
مرشح لا يعتمده الحزب الوطني.
وجاءت التعديلات الكارثية التي
تمت في سنة 2007 وشملت 34 مادة مرة
واحدة، أجهضت الأمل في إمكانية
الإصلاح السياسي. سواء بالشروط
بالغة التعسف التي وضعت أمام
المترشحين للرئاسة، أو بإلغاء
الإشراف القضائي على
الانتخابات أو بتوسيع صلاحيات
المحاكم العسكرية وتقنين
محاكمتها للمدنيين. هذه التعديلات كانت بمثابة تلاعب
بالدستور نال من مكانته وهز
الثقة فيه. إذ لم يؤيدها سوى
ممثلي الحزب الوطني في مجلس
الشعب الذي أقرها ومررها. وإزاء
معارضة بقية القوى الوطنية
والجماعات الأهلية لها، فقد بدا
واضحا أن الدستور لم يعد ممثلا
لإجماع الأمة بقدر ما أصبح
معبرا عن أهواء محتكري السلطة.
وتلك خلاصة أثارت العديد من
علامات الاستفهام حول مدى
شرعيته. (3) للمستشار سمير حافظ مقالة مهمة نشرتها له
جريدة الدستور (في 3/7/2008) تحت
عنوان: لماذا لا يحترم القانون
في مصر؟ قال فيه إن ثمة تشريعات
لها شكل القانون «أو الدستور»
لكنها ليست قانونا. وأضاف أن
التشريعات التي توضع لتمرير
مصالح نفر من سادة المجتمع على
حساب الجماعة تظل نصوصا لها شكل
القانون، لكنها ليست قانونا،
والتشريعات التي توضع لقهر
المجتمع وتمكين أشخاص بأعينهم
من التسلط على العباد تظل نصوصا
لها شكل القانون دون معنى
القانون. وفى ظل هذا الانحراف
بالتشريع فإن هذه النصوص لن
تلقى احتراما من أحد، لأنها لن
تحمي حقا بل تهدر كل الحقوق،
فيشيع في المجتمع حق القوة لا
قوة الحق. خلص المستشار سمير حافظ من تحليله إلى أن
التشريعات بالمفهوم السابق
الإشارة إليه سادت في المجتمع
المصري في هذا «الزمن الرديء».
وهو لم يعترف بها كقوانين لأنها
افتقدت شرط تحقيق مصالح الجماعة
التي بدونها يفقد القانون روحه
وصفته. وقد أثبت في مقاله ما
أجمع عليه أهل القانون في
تعريفه له، من أنه مجموعة
القواعد العامة المجردة، التي
تنظم علاقة ما على نحو يعكس قيم
المجتمع بقصد تحقيق أهدافه. وهو
ما يعني أنه ما لم تتوافر صفتا
العموم والتجرد في التشريع فإنه
لا يعد قانونا بالمفهوم الفني
والسياسي أيضا. هذه الخلفية تستدعى السؤال التالي: هل
التعديلات التي أدخلت على
الدستور الذي انبرت أصوات
الموالاة للدفاع عنه توفر لها
شرط العموم والتجرد أم لا؟
الاجابة بلا قطعا، لأن أحدا
من الباحثين لا يختلف على أن تلك
التعديلات وضعها «ترزية»
القوانين لتفصيلها على أشخاص
بعينهم وأوضاع بذاتها، خصوصا
تعديل المادة 76 المتعلقة بشروط
الترشح للرئاسة الذي اعتبره
الفقيه الدستوري يحيى الجمل «عوارا
دستوريا» ونتيجة لذلك، فإنها
أصبحت تجرح الدستور وتطعن في
شرعية التعديلات التي أدخلت
عليه. (4) فقهاء القانون في الغرب ينسبون مبدأ «الشرعية»
كأساس للدولة الحديثة إلى فكر
الفيلسوف الفرنسي مونتسكيو،
الذي نبه إليه في كتابه «روح
القوانين» الصادر في عام 1748م،
إذ ميز فيه بين أشكال ثلاثة
للحكومات: الجمهورية التي يقوم
فيها الشعب على شؤون الحكم
بواسطة ممثليه. والملكية حيث
الحكم لفرد واحد يقوم عليه طبقا
لقوانين قائمة. والاستبداد أو
حكم الفرد الذي لا يلتزم في
ممارسته للسلطة بالقانون،
وإنما إرادته وهواه هما القانون.
ولم يخطر على بال مونتسكيو أن
أساليب الحكم يمكن أن تتطور
بحيث تقوم حكومات هي: جمهورية
تصطنع تمثيلا مغشوشا لإرادة
الشعب، يمارس حكم الفرد من
خلاله. الأمر الذي لا يزور إرادة
الشعب فحسب، لكنه يزور
الديموقراطية والشرعية أيضا. السؤال المهم الذي يفرض نفسه في هذا
السياق هو: كيف يمكن حماية
الشرعية من العبث والابتذال؟ في
الرد على ذلك هناك مدرستان.
فالباحثون المسلمون يعتبرون
الشريعة بمصدرها الإلهي غير
القابل للعبث تجسيدا لذلك
الضمان. وللدكتور محمد طه بدوي
أستاذ القانون الدستوري الراحل
بحث مستفيض في هذا الباب رد فيه
على ما أورده المستشرق
الانكليزي توماس أرنولد بشأن
نظرية الإسلام السياسية، في
كتابه حول الخلافة. (البحث نشر
في كتاب مناهج المستشرقين، الذي
أصدره في عام 1985 مكتب التربية
الخليجي). وفى بحثه انتقد
الدكتور بدوي مفهوم الشرعية في
النظام القانوني الغربي، الذي
يعني الالتزام بالنظام
القانوني الوضعي للدولة
التزاما شكليا. فلا يجاوز ذلك
إلى الالتزام بما وراءه من قيم
أساسية وأهداف عليا. في مقابل
ذلك فإن شرعية السلطة في الدولة
الإسلامية مرهونة في قيامها وفي
استمرارها بالتزامها بالعمل
على إعمال النظام القانوني
الإسلامي في جملته دونما تمييز
بين أحكامه المنظمة لسلوك
المسلم كمواطن وحاكم، وبين تلك
القيم الأساسية والأهداف
العليا التي وردت في الكتاب
والسنة، وضرب مثلا بواجب الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر،
المأمور به شرعا والمتضمن لحق
مقاومة الجور والظلم. وهو ما لا
تجيزه القوانين الوضعية في أي
بلد، وقد تجرمه. ولكنه في
المفهوم الإسلامي له شرعيته
التي ليس لأحد أن يتحلل منها أو
يجرمها. نموذج الديموقراطيات الحديثة يقدم حلا
آخر لتحصين الشرعية والحيلولة
دون العبث بها، يتمثل ذلك الحل
في قوة المجتمع المدني بمؤسساته
وجماعاته الأهلية، التي تنشأ
ويقوى عودها في أجواء الحرية
والديموقراطية، ذلك أن تلك
المؤسسات والجماعات الأهلية
بما تمارسه من تمثيل في السلطة
ورقابة على أدائها تظل قادرة
على القيام بمسؤولية الدفاع عن
المصالح العليا للمجتمع ومن ثم
الحيلولة دون الانحراف
بالشرعية أو العبث بها. في مواجهة النموذجين نجد أنفسنا في موقف
لا نحسد عليه، إذ لدى بعض
مثقفينا تحفظات على النموذج
الإسلامي، ناشئة عن سوء الظن أو
سوء الفهم، ولدى أنظمتنا تحفظات
أكبر على التطبيق الديموقراطي
الذي يكفل الحرية
والديموقراطية، يمكن المجتمع
من أن ينهض بمسؤولية الدفاع عن
مصالحه العليا وتقويم عوج
السلطة ومحاسبتها على
انحرافاتها. لسنا في مقام
المفاضلة بين هذا النموذج أو
ذاك، وأكثر ما يهمنا في الوقت
الراهن هو توفير شرعية حقيقية
تحظى بالإجماع والاهتمام،
ولذلك فإن خيارنا الوحيد أن
نتشبث بالدعوة إلى التركيز على
قضية الحريات العامة، التي بدون
توفيرها سيظل باب العبث بكل شيء
مفتوحا على مصراعيه. وتلك لعمري معركة طويلة الأمد وباهظة
التكلفة. وبدون كسبها سنخسر
الحاضر والمستقبل معا. ============================ فريدريك لاسير السفير 17-11-2009 فريدريك لاسير: خبير فرنسي حائز على شهادة
الدكتوراه من جامعة «سانت إتيان»
الفرنسية، في مجال الجغرافيا
السياسية، وهو متخصص في شؤون
تقاسم الموارد المائية
والحماية البيئية، وهو أستاذ
جغرافيا في جامعة لافال في
مقاطعة الكيبيك الكندية. هنا نص
مقابلة أجريت معه في جريدة «لوموند»
الفرنسية حول «حروب المياه»،
ونفيه لإمكانية حصولها بين
الدول: ÷ ماذا نعني بحروب المياه؟ } غالباً ما نتحدث عن حروب المياه وكأنها
حروب ستنشب بين الدول. هذا النوع
من الحروب لم يقع حتى هذه
اللحظة، أو ربما نادراً جداً.
وما أجده محتملاً حدوثه في
القرن الحادي والعشرين هو أقرب
إلى النزاعات، أو التوترات
البالغة الشدة بين مكونات
مختلفة من المجتمع، أي أقرب إلى
حروب أهلية. ÷ كيف ترى إلى تقرير منظمة العفو الدولية
الذي انتقد الطريقة التي تدير
فيها إسرائيل موارد المياه في
الضفة الغربية وغزة؟ هل تعتقد
أن هذا التقرير موضوعي؟ } نعم هو تقرير موضوعي، ولا يكشف جديداً.
معلوم أن إسرائيل، ومنذ سنوات
عديدة، ترعى مصالحها ومصالح
المستعمرات اليهودية في
الأراضي المحتلة، على حساب
مصالح الفلسطينيين، في ما يتعلق
باستخدام المياه. صحيح أن
المزارعين الإسرائيليين غالباً
ما استثمروا في مشاريع أنظمة
الري، ولكن مما لا جدل فيه هو أن
الفلسطينيين لا يديرون مواردهم
المائية، وهو ما يثير غضبهم. ÷ يتساءل الكثيرون عما إذا كانت «حروب
المياه ستقع فعلاً»، وكأن
التاريخ لم يشهد بعد مثل هذه
الحروب. فهل هذا صحيح؟ } قد تصعب الإجابة على هذا السؤال، حين
يتعين القيام بتحليل مفصّل
للوثائق التاريخية التابعة
لمناطق مختلفة. لكن نادراً ما تم
تأريخ وقائع حروب نشبت بين
الدول، على الموارد المائية.
وإذا ما أسعفتني ذاكرتي، فقد
وقعت حرب قديمة جداً في بلاد ما
بين النهرين (العراق حالياً)،
كما وقعت حرب أخرى في القرن
الثامن عشر في آسيا الوسطي بين
إمارتين. كما يشير بعض المحللين
إلى دور النزاع على الأردن في
انفجار حرب الستة أيام في العام
1967. لكن المياه لم تكن العامل
الأساسي في هذا النزاع.
وباستثناء هذه الأمثلة
الثلاثة، لم تكن المياه سبباً
لنشوب حروب بين الدول. ÷ إلى أي مدى، تعتبر الدول الأوروبية
معنية ب«حروب المياه»؟ } على نحو ضعيف جداً. فغالبية الدول
المتقدمة تتمتع بآليات تكيّف،
تجعل من ندرة المياه مستبعدةً
كعامل محتمل لنشوب نزاعات عنيفة.
لكن خطر نشوب حرب اهلية بسبب
المياه يبدو أكبر في البلدان
النامية، التي تفتقر للقدرات
التقنية والاجتماعية والمالية
لمكافحة ندرة المياه. ÷ هل بإمكانك أن تعدد بعض المناطق المعرضة
لخطر «حرب المياه»؟ } يصعب التكهن بوقوع مثل هذه النزاعات. لكن
بالإمكان الإشارة إلى الدول حيث
الاحتمال وارد أكثر من غيرها:
حوض النيل، مثلاً، في القارة
الهندية، في آسيا الوسطى، في
شمال الصين، في شمال المكسيك. ÷ كيف بإمكان الدول أن تتصرف حيال
جيوسياسية المياه، التي تشكل
مشكلة دولية، ولا تشكل مسألة
تمسّ السيادة الوطنية؟ } لا اعتقد أن جيوسياسية المياه لا تمس
السيادات الوطنية للدول. فليس
بالإمكان حمل الدول على
الاعتراف بأنها لا تتمتع
بالسيادة على مواردها المائية.
لكن من الأفضل توجيهها نحو
المفاوضة على اتفاقات لتقاسم
الثروات المائية العابرة
للحدود، والتعاون من أجل إتاحة
استخدام المياه من الجميع. ÷ أليست منطقة الشرق الأوسط مرشحة لحرب
مياه، تركيا تمنع المياه عن
سوريا والعراق؟ } لطالما عرفت الدول كيف تتجنب وقوع حروب
بينها من أجل المياه. حتماً،
تملك تركيا، هنا، أداة ضغط
فاعلة جداً. ولكنها تعلم أيضاً
أنها قوية أكثر، على المستوى
العسكري، لكونها عضوا في حلف
شمال الأطلسي، وبالتالي تصبح
الفرص ضئيلة أمام احتمال دخول
سوريا في حرب ضد تركيا، من أجل
المياه. ÷ تم طرح فكرة إنشاء وكالات دولية من اجل
إدارة المنابع المشتركة. هل بدأ
تنفيذ هذه الفكرة أم لا؟ } ثمة وكالات لإدارة المياه السطحية، وهي
قائمة منذ بضعة عقود. وهي وكالات
تختلف جودة أدائها بحسب المناطق
حيث تعمل. لكن على حد علمي، لا
يوجد وكالات لإدارة المياه
الجوفية. ÷ ما الذي تقترحه من أجل تفادي خطر وقوع
حروب مياه؟ } في البلدات التي تشهد توترات حيوية،
الحل يكون بتقاسم المياه في
مجال الزراعة، التي هي جوهر
النزاعات، التي تمر حلولها،
عملياً، عبر إصلاح القطاع
الزراعي، وتحسين تقنيات الري،
ومنح المزارعين استقلالية أكبر
في خياراتهم الاقتصادية. ÷ ما رأيك بخصخصة المياه، كما في الأردن
مثلاً؟ وما هي تبعاتها على حروب
المياه؟ } مشاريع خصخصة الخدمات المائية تعني
المدن فقط، بما في ذلك المنازل
والمصانع. فلا توجد أي شركة
مهتمة بالمياه الخاصة بالقطاع
الزراعي، إذ لا يمكن استئجارها.
لذا واقعياً، لا تمس الخصخصة
سوى جزء ضئيل من المياه
المبتذلة، من هنا فإن تأثيرها
ضعيف في أي نزاعات مرتبطة
بالمياه. أما إذا كانت هذه
الخصخصة مدارة بشكل سيئ بما
يؤدي إلى إثارة استياء عارم،
فهذا حصل بالفعل، ومن المحتمل
أن يحدث دوماً. ÷ هل ثمة تشابه بين جيوسياسية النفط
وجيوسياسية المياه؟ } لا اعتقد، وذلك عائد لأسباب عديدة:
أولاً، النفط موجود في باطن
الأرض، وهو غير سائل، فإما أن
يكون في أرضي او في أرض جاري. أما
المياه فسائلة، وغالباً ما يعود
أمر استثمارها إلى دول عدة.
فعندما يمتد مخزون ما بين دول
مختلفة، غالباً ما تلجأ إلى
إبرام اتفاقات بشأن استثمارها
بطريقة مشتركة. كما أن قيمة
النفط تثير الفتن، ولكنها تسمح
بتمويل كلفة نقله. وهنا، موطن
اختلاف مهم ثان، مع المياه،
التي تعد ثقيلة لكن سعرها لا
يغطي كلفة نقلها لمسافات طويلة. ÷ مضت 20 سنة ونحن نتحدث عن حرب مياه في
الشرق الأوسط.. لم تقع حتى الآن.
برأيك، ما هي المؤشرات الملموسة
لتدهور الوضع في ما يتعلق
بالمياه في هذه المنطقة؟ } احتمالات نشوب حرب دول من أجل المياه
ضعيفة جداً، ولهذا لم تندلع مثل
هذه الحرب في الشرق الأوسط، حتى
الآن. فشن حرب على جيراني لا تحل
مشكلة المياه عندي. في المقابل،
تشهد التوترات الاجتماعية
المرتبطة بالمياه ازدياداً
ملحوظاً في الشرق الأوسط.
تحدّثنا عن الفلسطينيين الذين
لا يملكون قدرة على الحصول على
موارد مائية، موازية لتلك التي
يتمتع بها المستوطنون اليهود في
الأراضي المحتلة. وبإمكاننا ذكر
المزارعين المصريين والسوريين
الذين يواجهون خطر مواجهة
صعوبات تخزين المياه من أجل
الري. تلك هي مؤشرات يتعين
التحرك من أن حلّها بسرعة. ÷ هل يعتبر الحديث عن حرب أهلية من أجل
المياه حكيماً؟ } اعتقد أن السؤال وثيق الصلة مع مسألة
إدارة المياه. وأعتقد أن
التوترات التي تنشأ عن سوء
توزيع المياه قد تؤجج صراعات
عنيفة. ونرى مثيلاً لذلك في
المكسيك وشرقي أفريقيا وآسيا
الوسطى والهند، التي توقع في كل
مرة عشرات القتلى. ÷ هل تقترح هيئة دولية لإدارتها، أو نماذج
إدارة ثنائية أو متعددة
الأطراف؟ } أقرّت الأمم المتحدة بأن فكرة إنشاء
هيئة دولية لإدارة المياه كانت
طوباوية. أما معاهدة نيويورك
حول استخدام الأنهار فتدعو دول
الأحواض المشتركة إلى التفاوض
من أجل التوصل إلى اتفاق
إقليمي، كل مجموعة على حدة. ÷ كتبت صحيفة «ليكو» الفرنسية أن «المياه
هي ألماس المستقبل»، أما صحيفة
«لوموند» فعنونت أن «عالم
الصناعة لا يسهم كثيراً في ندرة
المياه»، إذاً من سيقوم بذلك؟
ولماذا لا نستعدّ من الآن،
للمستقبل؟ ومن سيكون المسؤول؟ } لا أظن انه سيكون هناك مذنبون. والحكومات
تدرك جيداً فداحة التحديات
المتعلّقة بإدارة المياه. لكن
غالباً ما تطرح مسألة إصلاح
القطاعات الزراعية تساؤلات
معقدة، إن على المستوى المحلي
او الدولي. اعداد: جنان جمعاوي ======================= الافتتاحية الثلاثاء 17-11-2009م بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود الثورة ننتظر التغيير الأميركي.. ولا ننكر أن
تغييراً حصل.. على الأقل استبدلت
لغة الاشتراطات والإملاءات
المستحيلة، بلغة الحوار الصعب..
ننتظر التغيير ولا ننكر أنه ليس
سهلاً.. ثمة واقع لا منطقي ينتج آثاره.. أميركا
العظمى تحتاج إلى مرونة مستحيلة
من إسرائيل كي يسهل أمر التغيير..
يظهر ذلك بوضوح في قضية السلام
في الشرق الأوسط.. ويظهر أيضاً
بوضوح في جوانب مختلفة من
الحياة الأميركية. الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب،
عاصرت رئاسته أهم الانتصارات
الأميركية.. انهار الاتحاد
السوفييتي ومجموعة الدول
الاشتراكية وهذا ما لم يكن يحلم
به عسكرياً أي عقل أو عاقل
أميركي. لكن.. وبتأثير مباشر من دور الرئيس بوش
وإدارته تجسد حلمهم حقيقة، كانت
كافية لتسمية بوش الأول ب «قيصر
العالم».. ومع ذلك.. خسر
الانتخابات لمصلحة الرئيس
الأسبق بيل كلينتون؟! لماذا؟! الاقتصاد..؟! صحيح له تأثير؟! لكن ثمة من وظف الواقع الاقتصادي وغيره
لمنع بوش من دور رئاسي ثان، لأنه
كان جدياً في موقفه من مسألة
السلام في الشرق الأوسط..
والاستيطان في الأراضي المحتلة..
أي إنه قاد تغييراً في السياسة أملته
المصلحة الأميركية، ولم تتغير
إسرائيل.. فساهم ذلك في جعله
يدفع الثمن. الرئيس أوباما.. بدا واضحاً أنه يريد
السلام في الشرق الأوسط.. نظرياً
على الأقل بدا عليه ذلك.. وهو
صاحب شعار «التغيير».. وإلى الآن
يحاول لكن.. إسرائيل لم تتغير.. حتى على صعيد سياسته وإصلاحاته الداخلية
ولأنه صاحب نظرة تتجه للسلام «يُناكد»
بتأثير من قوى ليست أبداً بعيدة
عن إسرائيل.. بما في ذلك اتجاهه
للضمان الصحي والذي مرّ
بمواجهات معقدة في البرلمان..
ولديه مواجهة «عويصة» قادمة مع
مجلس الشيوخ.. نحن لا نرى في سياسة وموقف الرئيس أوباما
من مسألة سلام الشرق الأوسط
نكوصاً كاملاً عما صرح به أو
أعلنه.. إنما نرى مراوحة وتردداً
وهشاشة موقف.. المفارقة.. أن التغيير في الولايات
المتحدة كان انتقال السلطة من
المتشددين واليمين المحافظ
ورؤية التسلط والهيمنة
واستخدام القوة المسلحة.. إلى
الحوار مبدئياً واتجاه الوسط
والرؤية القائمة على حقوق
البشرية في الحياة والتطور. أما التغيير في إسرائيل فكان باتجاه مزيد
من العنصرية اليمينية المتطرفة
والفكر العدواني والاستيطان..
وكأن «كاديما» لم يكن يكفي وهو
صاحب مجزرة غزة.. فاتجهوا إلى
ليكود نتنياهو ومهزلة ليبرمان.
هذا الواقع الاسرائيلي الرافض دائماً
للسلام.. يفرض نفسه على السياسة
الاميركية، وهي المعنية
بمواجهته.. أما من جانبنا فإن لم
يكن السلام تكن المقاومة
للعدوان والاحتلال. مازلنا ننتظر خطوات أخرى تتجسد على الأرض
بفعل التغيير في أميركا.. من أجل
علاقات أكثر وضوحاً وأجرأ طرحاً
قوامها الحوار.. أما السلام..
وتحت تأثير غياب الشريك
الإسرائيلي، لا تبدو مقدماته
مطمئنة.. نحن نرى أن استمرار الحوار ونيات التغيير
من أجل تطوير العلاقات السورية
الاميركية ليس رهناً بقيام
السلام فقط..فإن لم يكن السلام
تكن علاقات صداقة تقدم الخير
لطرفيها.. سورية والولايات
المتحدة الأميركية. a-abboud@scs-net.org =============================== موقع GLOBAL RESEARCH بقلم: ايفا -ر- سيستون ترجمة الثلاثاء 17-11-2009م ترجمة: حسن حسن الثورة على غير انتظار، ودون ضجيج إعلامي، وقع
حدث شديد الأثر من الناحية
الجيو-سياسية، بالغ الخطورة
والأهمية على التوازن الدولي: قررت تركيا العودة إلى محيطها الإسلامي
وعدم الضغط تجاه الدخول إلى
الاتحاد الأوروبي. منذ زمن طويل، والحديث يدور عن دخول تركيا
إلى الاتحاد الأوروبي، لكن
البعض بدا متردداً، ولاسيما
فرنسا وألمانيا، رغم إدراكها
لأهمية تركيا، تطول الأمور،
والسنوات تجري، وقد نفد صبر
تركيا، وإن كان رئيس الوزراء
التركي رجب طيب اردوغان ما انفك
ينبه إلى أهمية انضمام تركيا
إلى الاتحاد الأوروبي لكي تقيم
جسور التواصل بين العالمين
الاسلامي وأوروبا وبقية
العالم، لكن كأن شيئاً لم يكن. والاستنتاج أن أوروبا كانت السبب الجوهري
في تلك التحولات التي أظهرتها
تركيا خلال انعقاد المنتدى
الاقتصادي العالمي في دافوس، في
29 كانون الثاني الماضي،
والبداية كانت عندما أنحى
أردوغان باللوم على منظمي
المنتدى أنهم عاجزون عن الرد
على شمعون بيريز أثناء النقاش
الذي دار حول الشرق الأوسط. فبالنسبة له، فإن العدوان الإسرائيلي على
غزة هو عملية مدمرة، ولايمكن
بأي حال من الأحوال تبريرها أو
الدفاع عنها. وقد أعقب ذلك سيل من القرارات أو
التصريحات. أردوغان أظهر أيضاً
شجاعة وجرأة في اتهاماته «لإسرائيل»
ففي جلسة للبرلمان التركي، طالب
أردوغان «إسرائيل» بوضع حد فوري
للحصار الذي تفرضه على غزة لأن
مايجري هناك هو أمر يدعو للقلق
ولايمكن السكوت عليه، ولم يفت
أردوغان أن يوضح أن ردة فعله هذه
«ليست لأنه مسلم ولكن بصفته
كائناً إنسانياً» ومن ثم أطلق
اتهامه الأشد خطورة: «من
الناحية القانونية، حصار غزة هو
جريمة ضد الإنسانية، وعلى
المجتمع الدولي أن يضع نهاية
لذلك، لأنها مأساة إنسانية
حقيقية». تركيا تعبر عن استقلاليتها من ناحية أخرى، علقت تركيا مؤخراً مشاركة
سلاح جوها في المناورات
العسكرية التي تجريها بالتعاون
مع حلف شمال الأطلسي في
الأناضول، والواضح أن البلاد قد
طفح كيلها من العملية العسكرية
ضد غزة، ومن مماطلات الاتحاد
الأوروبي، وأردوغان الذي لم
يتحفظ في انتقاداته «لإسرائيل»،
تقرب من إيران وسورية،مجدداً
بذلك جذوره الشرقية، ولا سيما
عندما وقع العديد من اتفاقات
الشراكة مع بغداد ودمشق،
أردوغان أيضاً كان أول المهنئين
للرئيس أحمدي نجاد بعد إعادة
انتخابه لولاية رئاسية ثانية في
حزيران الماضي. وبعد أن شدد مواقفه تجاه «إسرائيل»
وخصوصاً بمناسبة صدور تقرير
غولدستون الذي أعلنت تركيا
تأييدها، هاهي مرحلة جديدة من
التقارب التركي الإيراني،
وفيما يخص الترسانة النووية،
طالب أردوغان بمحاكمة دولية
لإسرائيل، وأضاف: إنه لايجب
التغاضي البتة عن نظام الحماية
الممنوح «لإسرائيل»، وقد ندد
بالانحياز الذي يبديه الغرب
تجاه إيران وبرنامجها النووي،
ففي حديث أجرته معه صحيفة «الغارديان»
البريطانية، اعتبر أردوغان أن
الاتهامات الغربية الموجهة إلى
طهران والمشككة برغبة هذه
الأخيرة امتلاك القنبلة
النووية، هي «محض افتراء» وتابع
القول: إنه ضرب من الجنون توجيه
أي ضربة عسكرية للمنشآت النووية
الإيرانية، وليختم كلامه
بالقول: من جهة يتحدث الغرب عن
رغبته في السلام والاستقرار
العالمي، ومن جهة أخرى يسعى إلى
تدمير بلد عمره التاريخي عشرة
آلاف عام». التقارب مع إيران الأزمة الكامنة بين «إسرائيل» وتركيا،
لاتزال حتى اللحظة أزمة صامتة،
لكن الخوف كل الخوف أن تتحول
لاحقاً إلى أزمة حادة، في حين
يجري الحديث عن تدخل إسرائيلي
ضد إيران، وأن «إسرائيل» هي
أحوج مايكون إلى حياد تركيا
السخي أثناء خوضها للعمليات
العسكرية، وألا تجد نفسها
معزولة في المنطقة وعرضة لسخط
الرأي العام العالمي، فجأة وجدت
نفسها أي «إسرائيل» أمام محنة
ومن نوع جديد، فرئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان قرر
الذهاب إلى طهران وبصحبته «200
شخصية سياسية واقتصادية، ومن
ضمنهم وزراء التجارة والخارجية
والطاقة، وبالإضافة إلى 18
نائباً» وقد وصف أردوغان الرئيس
الإيراني نجاد بالصديق، آملاً
بتوقيع اتفاقيات تجارية مع بلد
«يُشيطنه الغرب». من جانبه، هنأ الرئيس أحمدي نجاد وبحرارة
صديقه الجديد على مواقفه التي
اتخذها معتبراً أن تصريحاته قد
لاقت ترحيباً طيباً في العالم
كله، موضحاً أن النظام الصهيوني
يمثل تهديداً للجميع.. ويعمل بكل ما أوتي من قوة على ألا تظهر قوة
جديدة أو بلد قوي في المنطقة،
وقد صرح نجاد بمناسبة الحديث عن
توثيق عرى الصداقة والعلاقات
بين البلدين قائلاً: «تركيا
وإيران لهمامصالح مشتركة وهما
يتعرضان للتهديدات ذاتها، وإذا
ماتم التعاون فيما بيننا فسوف
يكون في مقدورنا تذليل كل
الصعوبات لما فيه خير الشعبين
التركي والإيراني». تحول حاسم على المدى الطويل إن تغير الاتجاه في السياسة التركية، سوف
يحمل في طياته وعلى المدى
الطويل، تحولات عميقة على
الحليف الأميركي- الإسرائيلي
بوجه خاص، وعلى المجتمع الدولي
عموماً، فتركيا تحتل موقعاً
استراتيجياً على المسرح
الدولي، وهي همزة الوصل بين
العالمين الغربي والشرقي، وبما
أن تركيا قد عيّل صبرها من
مماطلات الاتحاد الأوروبي يسعى
اليوم أردوغان إلى لعب الورقة
الشرقية، وعندها سوف يكون مجال
المناورة أكبر، والتأثير في
القرارات الدولية على نطاق
أوسع، إلى حد إلحاق الضرر
بالمصالح الأطلسية في المنطقة،
كيف ذلك!! على سبيل المثال من
خلال منعه الطيران في أجوائه في
زمن النزاعات والحروب، أو رفض
مساعدة حلف الأطلسي لتحقيق
أهدافه في الشرق الأوسط. وحري بنا القول: إن الغرب هوبلاشك في
طريقه إلى خسارة ورقة رابحة
أساسية في هذا الجزء من العالم،
فهذا الانقلاب في السياسة ينذر
بعواقب جد خطيرة، ولاسيما إذا
وثقت أنقرة علاقاتها مع إيران،
التي أقر التحالف الغربي
بمعاداتها. ========================== المسار السوري
الاسرائيلي وهم مرحلتين بقلم :علي بدوان 2009-11-17 البيان يرى بعض مواقع القرار في الإدارة
الأميركية، أن إعادة تنشيط
وإحياء المسار التفاوضي السوري
الإسرائيلي، من شأنه تحقيق نقلة
إضافية «لإبعاد سوريا عن
تحالفاتها التقليدية في
الساحتين الفلسطينية
واللبنانية، إضافة لتفكيك
علاقاتها مع طهران وإبعاد سوريا
عن أحضان إيران، وضمان الأمن
على الحدود السورية العراقية». ومن هذا المنطلق، كانت علائم محاولة
أميركية جديدة لإعادة تنشيط
وإحياء المسار التفاوضي السوري
الإسرائيلي، قد ارتسمت قبل فترة
قصيرة من خلال محاولات الإدارة
الأميركية «جس نبض» إمكانية دفع
مفاوضات التسوية على المسار
السوري الإسرائيلي. لذلك كانت
واشنطن قد استدارت بشكل ملحوظ (ولو
قليلاً) في علاقاتها مع دمشق
مؤخراً، وباتت تتبنى منطق
الحوار معها وحتى مع إيران،
وأرسلت قبل أسبوعين (كما تشير
مصادر موثوقة) موفداً إلى
إسرائيل يحمل مقترحات جديدة
بشأن تسوية النقاط الشائكة
المتعلقة بمسار التسوية مع
سوريا. حيث أتم المبعوث فريدريك هوف، موفد
المبعوث الأميركي الخاص إلى
الشرق الأوسط جورج ميتشل، في
مباحثاته منتصف أغسطس 2009 مع
الجانب الإسرائيلي، للتفتيش عن
إمكانية الدفع نحو إطلاق
مفاوضات التسوية على هذا
المسار، وقد سربت معلومات هامة
متعلقة بتفاصيل خطة هوف بشأن
المفاوضات بين سوريا وإسرائيل،
والتي قيل بأن المبعوث الأميركي
جورج ميتشل تبناها بالكامل. والخطة تقترح أن يتم تنفيذ عملية التسوية
بين إسرائيل وسوريا على
مرحلتين، وأن يبني الجانبان في
المرحلة الأولى الثقة بينهما،
من خلال استخدام مشترك
للمنتزهات والمحميات الطبيعية
ومصادر المياه في الجولان (!)،
وبشكل يتيح للدولة العبرية
الوصول إلى الحدود الشرقية
لبحيرة طبرية، مثلما طالب
الجنرال إيهود باراك عندما كان
رئيساً للوزراء. فيما تقضي المرحلة الثانية بانسحاب
إسرائيل إلى الخط الحدودي الذي
يقترحه الدبلوماسي الأميركي (تقول
المعلومات بأن الخط المقترح لا
يتطابق مع خط الرابع من حزيران
1967)، وهو ما سبق ورفضته سوريا
مراراً، خصوصاً في المفاوضات
التي توقفت عام 2000 في شبيرزداون.
وبالتالي فإنه لا جديد يحمله
المبعوث هوف، سوى تكراره للمكرر
من المشاريع التي سبق تناولها،
وأدت إلى انتكاس العملية
التفاوضية. وفي هذا الإطار، تنشط المصادر
الإسرائيلية المعنية بالقضايا
الأمنية، لتقديم معلومات مشوشة
أحياناً، ومغلوطة في آن واحد،
بالنسبة للمفاوضات مع سوريا
وإمكانية انطلاقها من جديد، كما
تعمل على إثارة مناخات من
الالتباس، تجعل من الصعب إعطاء
التقديرات الصحيحة لمدى ومستوى
النضج الإسرائيلي لقبول السلام
الشامل والحقيقي، استناداً
لقرارات الشرعية الدولية
ولمبدأ الانسحاب الشامل والتام.
ومن بين الضباب والتعتيم، نقرأ مؤخراً
تقديرات متضاربة لشعبة
المخابرات العسكرية
الإسرائيلية المسماة «أمان»،
تؤكد أن احتمالات التوصل إلى
اتفاق سلام بين سوريا وإسرائيل
ما زالت ضئيلة جداً، وأن سوريا «تلعب
بورقة التلويح بقبولها برفع
مستوى المفاوضات التي توقفت عبر
القناة التركية ونقلها
لمفاوضات مباشرة، لأسباب تتعلق
بملفات تعمل سوريا على حلحلتها،
ولتحقيق جملة من الأغراض دفعة
واحدة، وعلى رأس تلك الأغراض
حوارها مع الإدارة الأميركية
وتخفيف الضغوط المفروضة عليها»..
ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه التقديرات
المتشائمة، فإن قيادة الجيش
الإسرائيلي، وفي مقدمها رئيس
أركانه غابي أشكنازي، تؤيد
بصورة مطلقة إجراء مفاوضات مع
سوريا، لأن من شأنها أن تخفف
التوتر عند الحدود بين الجانبين
وبين إسرائيل ولبنان، كما يشير
غابي أشكنازي إلى أن مجرد إجراء
اتصالات مع سوريا سيعود على
إسرائيل بفائدة أكبر، حيث
وسيقلل التوتر على الجبهة
الشمالية. من جانبها فإن مصادر سياسية إسرائيلية
ترى أن الآفاق مفتوحة للتوصل
لإعادة إحياء المفاوضات
السورية الإسرائيلية، مستندة
في موقفها ورؤيتها إلى عوامل
عديدة، بينها ما تقوله من أن «الصراع
الإسرائيلي السوري هو صراع
إقليمي فحسب، وأن المطلب السوري
ينحصر في استعادة هضبة الجولان؟»،
كما ترى أن «نظام الحكم المركزي
في سوريا قوي ومستقر، ما يجعل
قدرته على الالتزام باتفاقات
كبيرة جداً». وتنحو المقاربة السياسية للحكومة
الإسرائيلية الحالية لموضوع
المفاوضات، إلى تبني نظرية
الحلول المرحلية بدلاً من الحل
النهائي. فقد ظهرت أصوات من داخل
الأوساط المقربة من نتنياهو
تدعو إلى البحث عن حل مرحلي مع
سوريا، تنسحب بموجبه إسرائيل من
جزء من هضبة الجولان، مقابل ما
يسميه الباحث في معهد دراسات
الأمن القومي شلومو بروم «اتفاق
وقف للقتال»! أما المعسكر الإسرائيلي الرافض للسلام مع
سوريا، فيرى أن اتفاقاً للسلام
الشامل معها يعني التنازل عن
الجولان، أي المنطقة التي
يعتبرونها موقعا استراتيجياً
واقتصادياً مهماً وأن التنازل
عنها يعني التنازل عن أمن
إسرائيل، كما يشير إلى ذلك
الباحث في معهد «الأمن القومي»
في جامعة حيفا، دان شيفتان،
الذي يرى أن مفاوضات سلام مع
سوريا تساعد دمشق على القيام
بخطوات «أكثر تطرفاً من اليوم»! أما يوسي بيلين المحسوب على تيار
الحمائم، فيرى أن تخوف
الإسرائيليين من مبدأ الانسحاب
الكامل من الهضبة السورية
المحتلة ووصولهم إلى بحيرة
طبرية، هو تفكير صبياني، ويقول:
«إن الميزة الاستراتيجية
الهائلة للسلام مع سوريا، لا
يمكن قياسها بالإحساس غير
المريح بأن السوريين يمكنهم أن
يصلوا إلى بحيرة طبرية، مثلما
كان الوضع قبل حرب الأيام الستة».
كاتب فلسطيني =========================== إنذارات قمة الأمن
الغذائي العالمي الأهرام - مصر 17-11-2009 لا يخفي علي أحد الأهمية البالغة لقمة
الأمن الغذائي العالمي, ذلك
أن إنذارات أزمة المواد
الغذائية تثير القلق منذ سنوات,
وقد استيقظ العالم ذات صباح علي
تحذيرات جادة بأن زمن المواد
الغذائية الرخيصة قد انتهي.
ولم تكد تمر شهور علي هذا
التحذير حتي شهدت الدنيا أزمة
انهيار النظام العالمي في
سبتمبر2008, وهي أزمة عاتية
أضرت باقتصاديات العالم ضررا
بليغا, وكانت, ولاتزال,
تأثيراتها السلبية فادحة علي
ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ولهذا, فإن الرئيس حسني مبارك دعا
في الكلمة التي ألقاها أمس
أمام قمة الأمن الغذائي
إلي التوصل إلي حلول مبتكرة
ومستديمة لتطوير قطاعات
الزراعة, وتحقيق الأمن
الغذائي من خلال نقل
التكنولوجيا المتقدمة,
وتوفير مصادر تمويل جديدة. ومما لاجدال فيه أن قضية الأمن الغذائي
يتطلب التوصل إلي حلول موضوعية
لها تضافر الجهود الإقليمية
والدولية لمواجهة مشكلاتها,
وحسنا ما فعلته منظمة الأغذية
والزراعة التابعة للأمم
المتحدة( الفاو) عندما
أصدرت تقريرا مهما تشير فيه إلي
حقائق يتعين أن يأخذها صانعو
القرار في تقديرهم وأولويات
سياساتهم, وصولا إلي إمكان
التصدي لأزمة المواد الغذائية
وارتفاع أسعارها, ومن
أبرزهذه الحقائق: ارتفاع أسعار
المواد الغذائية بمعدل يتراوح
بين35% و75%, بينما يتناقص
مخزون الحبوب في العالم لأدني
مستوي له منذ25 عاما. ينفق سكان
البلدان الفقيرة نحو80% من
ميزانية الأسرة علي شراء المواد
الغذائية مقابل إنفاق الأسرة في
الدول المتقدمة ما يتراوح بين10%
و20% من دخلها علي الغذاء. أدخلت الأزمة
الاقتصادية العالمية خلال
العامين الأخيرين مليون شخص
جديد في دائرة الجوع الحاد,
وأن مليارا ومائتي مليون شخص في
العالم يعانون حاليا الجوع
الشديد. وفي ظل الزيادة السكانية المتوقعة,
فإن أزمة المواد الغذائية من
المرشح أن تتفاقم حدتها,
ولذلك فإن الحاجة ملحة إلي
تعاون دولي كبير لمواجهة ما
تطلق عليه منظمة الفاو تسونامي
غذائيا يهدد الملايين. لا يخفي علي أحد الأهمية البالغة لقمة
الأمن الغذائي العالمي, ذلك
أن إنذارات أزمة المواد
الغذائية تثير القلق منذ سنوات,
وقد استيقظ العالم ذات صباح علي
تحذيرات جادة بأن زمن المواد
الغذائية الرخيصة قد انتهي.
ولم تكد تمر شهور علي هذا
التحذير حتي شهدت الدنيا أزمة
انهيار النظام العالمي في
سبتمبر2008, وهي أزمة عاتية
أضرت باقتصاديات العالم ضررا
بليغا, وكانت, ولاتزال,
تأثيراتها السلبية فادحة علي
ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ولهذا, فإن الرئيس حسني مبارك دعا
في الكلمة التي ألقاها أمس
أمام قمة الأمن الغذائي
إلي التوصل إلي حلول مبتكرة
ومستديمة لتطوير قطاعات
الزراعة, وتحقيق الأمن
الغذائي من خلال نقل
التكنولوجيا المتقدمة,
وتوفير مصادر تمويل جديدة. ومما لاجدال فيه أن قضية الأمن الغذائي
يتطلب التوصل إلي حلول موضوعية
لها تضافر الجهود الإقليمية
والدولية لمواجهة مشكلاتها,
وحسنا ما فعلته منظمة الأغذية
والزراعة التابعة للأمم
المتحدة( الفاو) عندما
أصدرت تقريرا مهما تشير فيه إلي
حقائق يتعين أن يأخذها صانعو
القرار في تقديرهم وأولويات
سياساتهم, وصولا إلي إمكان
التصدي لأزمة المواد الغذائية
وارتفاع أسعارها, ومن
أبرزهذه الحقائق: ارتفاع أسعار
المواد الغذائية بمعدل يتراوح
بين35% و75%, بينما يتناقص
مخزون الحبوب في العالم لأدني
مستوي له منذ25 عاما. ينفق سكان
البلدان الفقيرة نحو80% من
ميزانية الأسرة علي شراء المواد
الغذائية مقابل إنفاق الأسرة في
الدول المتقدمة ما يتراوح بين10%
و20% من دخلها علي الغذاء. أدخلت الأزمة
الاقتصادية العالمية خلال
العامين الأخيرين مليون شخص
جديد في دائرة الجوع الحاد,
وأن مليارا ومائتي مليون شخص في
العالم يعانون حاليا الجوع
الشديد. وفي ظل الزيادة السكانية المتوقعة,
فإن أزمة المواد الغذائية من
المرشح أن تتفاقم حدتها,
ولذلك فإن الحاجة ملحة إلي
تعاون دولي كبير لمواجهة ما
تطلق عليه منظمة الفاو تسونامي
غذائيا يهدد الملايين. لا يخفي علي أحد الأهمية البالغة لقمة
الأمن الغذائي العالمي, ذلك
أن إنذارات أزمة المواد
الغذائية تثير القلق منذ سنوات,
وقد استيقظ العالم ذات صباح علي
تحذيرات جادة بأن زمن المواد
الغذائية الرخيصة قد انتهي.
ولم تكد تمر شهور علي هذا
التحذير حتي شهدت الدنيا أزمة
انهيار النظام العالمي في
سبتمبر2008, وهي أزمة عاتية
أضرت باقتصاديات العالم ضررا
بليغا, وكانت, ولاتزال,
تأثيراتها السلبية فادحة علي
ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
ولهذا, فإن الرئيس حسني مبارك دعا
في الكلمة التي ألقاها أمس
أمام قمة الأمن الغذائي
إلي التوصل إلي حلول مبتكرة
ومستديمة لتطوير قطاعات
الزراعة, وتحقيق الأمن
الغذائي من خلال نقل
التكنولوجيا المتقدمة,
وتوفير مصادر تمويل جديدة. ومما لاجدال فيه أن قضية الأمن الغذائي
يتطلب التوصل إلي حلول موضوعية
لها تضافر الجهود الإقليمية
والدولية لمواجهة مشكلاتها,
وحسنا ما فعلته منظمة الأغذية
والزراعة التابعة للأمم
المتحدة( الفاو) عندما
أصدرت تقريرا مهما تشير فيه إلي
حقائق يتعين أن يأخذها صانعو
القرار في تقديرهم وأولويات
سياساتهم, وصولا إلي إمكان
التصدي لأزمة المواد الغذائية
وارتفاع أسعارها, ومن
أبرزهذه الحقائق: ارتفاع أسعار
المواد الغذائية بمعدل يتراوح
بين35% و75%, بينما يتناقص
مخزون الحبوب في العالم لأدني
مستوي له منذ25 عاما. ينفق سكان
البلدان الفقيرة نحو80% من
ميزانية الأسرة علي شراء المواد
الغذائية مقابل إنفاق الأسرة في
الدول المتقدمة ما يتراوح بين10%
و20% من دخلها علي الغذاء. أدخلت الأزمة
الاقتصادية العالمية خلال
العامين الأخيرين مليون شخص
جديد في دائرة الجوع الحاد,
وأن مليارا ومائتي مليون شخص في
العالم يعانون حاليا الجوع
الشديد. وفي ظل الزيادة السكانية المتوقعة,
فإن أزمة المواد الغذائية من
المرشح أن تتفاقم حدتها,
ولذلك فإن الحاجة ملحة إلي
تعاون دولي كبير لمواجهة ما
تطلق عليه منظمة الفاو تسونامي
غذائيا يهدد الملايين. الأهرام ============================== الخليج ,17/11/2009 محمود الريماوي زيارة الرئيس بشار الأسد إلى باريس
الجمعة الماضية كانت متوقعة،
وعدم القيام بها كان يمثل
مفاجأة. فبعد زيارات متتالية
لمسؤولين فرنسيين للعاصمة
السورية على مدار العامين
الماضيين، وبعد خروج بيروت من
نفق تشكيل أول حكومة بعد
الانتخابات النيابية، وبعد عقد
قمة لبنانية - سورية في دمشق هي
الثانية منذ انتخاب ميشال
سليمان رئيساً، فقد بات الطريق
ممهداً أمام لقاءات قمة بين
الجانبين الفرنسي والسوري. ومع تذليل العقبات في العلاقات
الثنائية،فإن باريس تسعى
لمقاربة جديدة أوسع ترمي لتنشيط
العملية السلمية التي وقعت في
غيبوبة سبقت غيبة رئيس الوزراء
“الاسرائيلي” الأسبق إرييل
شارون. هذه المقاربة تستند إلى
وصول أوباما إلى سدة البيت
الابيض، والى اصطدام المفاوضات
على المسار الفلسطيني بعقبة
الاستيطان. ولم تكن مصادفة أن
يتم حديث فرنسي عشية وصول الأسد
عن افكار جديدة لتحريك قطار
السلام المتوقف. فرنسا ساركوزي
تبغي من وراء ذلك بالإضافة إلى
إحياء مناخ سلمي في المنطقة ،
إلى ما تعتبره تغيير الظروف
التي أدت إلى توثيق العلاقات
بين دمشق وطهران. وقد لوحظ أن
الرئيس الأسد أطلق عشية توجهه
تصريحات حازمة مفادها السعي ل “بناء
شرق أوسط جديد يستند إلى
المقاومة” وإن كان تحدث بنبرة
أخرى لدى استقبال ساركوزي له،
عن افتقاد شريك “إسرائيلي” وعن
حقوق ثابتة لا شروط مسبقة. من الواضح أنه ليس لدى فرنسا الكثير مما
تفعله على هذا الصعيد، فما لم
تنجح به واشنطن حتى الآن على
المسار الفلسطيني، لن تستطيع
باريس اجتراحه على المسار
السوري.فرئيس الحكومة “الاسرائيلية”
يتمسك بالنهج التقليدي لحكومات
اقصى اليمين في كسب الوقت
وإحلال وقائع جديدة على الأرض
المحتلة مع البحث الدائم عن
ذرائع لتعطيل المسار التفاوضي.
فإذا لم تتوافر هذه الذرائع
يجري اختلاقها. هناك الآن ما
يعتبرونه ذريعة وهو رفض الرعاية
التركية للمفاوضات غير
المباشرة بين الطرفين،
استناداً إلى المواقف الحازمة
التي اتخذتها أنقرة ضد الحرب
على غزة وما تلاها من توتر
العلاقات. ساركوزي أعرب بمناسبة
استقباله للرئيس السوري عن دعمه
للجهود التركية، والأسد دعا تل
أبيب للاتصال بأنقرة إذا كان في
نية الأولى استئناف التفاوض.
وبالنظر إلى الخبرة المتراكمة
في المناورات “الإسرائيلية”،
فإنه لا يعود مستغرباً أن تطرح
تل أبيب فكرة رعاية فرنسية
مؤقتة لمفاوضات غير مباشرة مع
دمشق، وبزعم أن المهم هو
استئناف التفاوض وليس أي شيء
آخر. ومعلوم أن ثمة حساسيات
فرنسية تركية، على خلفية
الممانعة الفرنسية لانضمام
تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
يسمح السجال المفترض حول هذه
المسألة بكسب المزيد من الوقت،
ومحاولة إحراج أنقرة. على صعيد متصل تتسرب أنباء أخرى من مصادر
فلسطينية، عنأفكار فرنسيةبخصوص
عقد مؤتمر دولي على الأرجح في
موسكو. ولئن كانت الفكرة جديدة
فمضمونها قديم ومجرب. ذلك أن تل
أبيب “تسمح” بالاهتمام الدولي
شريطة أن يتوافق مع أجندتها،
فإذا لم يتم هذا التوافق، فإنها
تعمد إلى ترديد أسطوانة أن
الاطراف المعنية ذات العلاقة
المباشرة، هي وحدها المؤهلة
لخوض التفاوض من دون تدخل من
أحد، بما في ذلك الولايات
المتحدة. وواقع الحال أن الفكرة
تفتقد لأية جاذبية، ويتعذر عقد
أي رهان واقعي عليها. والبديل
الصالح عنهاهو ان تحزم واشنطن
أمرها في حمل حليفتها تل أبيب
على التقيد بمقتضيات العملية
السلمية ووضع خطة عمل لذلك وهو
ما أشار اليه الرئيس الأسد أمام
نظيره الفرنسي. وخلافاً لرؤية غالبية المجتمع الدولي
التي ترى أن إنجاز التسوية في
الشرق الأوسط، هو الذي يضع حداً
لكل أشكال التطرف والاستقطابات
الاقليمية، فإن تل أبيب ترى أن
شن الحروب هو الذي يحقق هذا
الهدف، وهو ما يفسر الحربين على
لبنان وغزة واستمرار التهديدات
ضدهما. ومعلوم أن تل أبيب ترفض
المفاوضات الأوروبية الإيرانية
حول “الملف النووي الإيراني”
ولا ترى من سبيل سوى خوض حرب ضد
طهران، على شاكلة الحرب ضد
أفغانستان والعراق وهو ما تحرزت
منه إدارة بوش رغم جموحها
وتهورها، ومع ذلك فإن تل أبيب
تواصل “مساعيها الحميدة” في
هذا الاتجاه مع إدارة أوباما. وفي الوقت الذي يتمتع فيه الرئيس ساركوزي
بشعبية أكبر لدى “الاسرائيليين”
من الرئيس أوباما، فمن الواضح
أن ذلك لا يكفي كي ينجز الرئيس
الفرنسي شيئاً ذا بال. ففي حين
يتم تحدي ساكن البيت الأبيض على
لسان نتنياهو بالقول إن “البيت
الأبيض ليس كل أمريكا وإن
أمريكا أكبر من ذلك المقر”،
فإنه ليس من المتوقع أن تتم
مجاملة ساركوزي على حساب عقيدة
التوسع الصهيونية وفي وقت بات
فيه أقصى اليمين الصهيوني يتمتع
بشعبية متزايدة لا محل فيها
لمنافسته من أية قوة سياسية
أخرى. أما دمشق فتكرس في الاثناء عبر زيارة
رئيسها الانفتاح المتبادل
بينها وبين الاتحاد الاوروبي،
ومواصلة التفاوض معه بخصوص
الشراكة الأوروبية المتوسطية
في ظروف أفضل، بما يحمله ذلك من
مؤشرات للولايات المتحدة
وللعديد من القوى الإقليمية.
فيما يتمتع كل طرف بمقاربته
الخاصة ل”شرق أوسط جديد”. =============================== الثلاثاء, 17 نوفمبر 2009 جهاد الخازن الحياة لعبت صغيراً كرة القدم في الشارع مع أولاد
الحي، ولعبت مراهقاً ضمن فريق
مدرستي الثانوية، وعندما كبرت
وعملت وتوافرت لي القدرة حضرت
كأس العالم في ألمانيا وزوجتي
معي وهي حامل، وحضرت في 1968
الألعاب الأولمبية في المكسيك،
كما تفرجت سنة بعد سنة على بطولة
ويمبلدون في كرة المضرب، وشاهدت
عشرات من مباريات الكرة
العالمية في انكلترا وفرنسا
وايطاليا، وكرة القدم
الأميركية، وهتفت لفريق «واشنطن
ردسكنز» عندما أقمت في العاصمة
الأميركية، وحضرت مباراة في
لندن قبل أيام. بكلام آخر لا أكتب كأحد «المسَكَّفين»
الذين يعتبرون هواة الرياضة
متخلفين عقلياً، وإنما أكتب
كهاوٍ قديم وباق لا يفوّت فرصة
حضور مباراة، خصوصاً إن كانت في
كرة القدم. المباراة بين فريقي مصر والجزائر لم تكن
رياضة وإنما حرباً، مع أن
اللاعبين في الملعب تصرفوا في
شكل أفضل من وسائل الإعلام في
البلدين والمسؤولين وأنصار
الفريقين. وأسأل لو كانت بين مصر
والجزائر حدود مشتركة، هل كان
الوضع تدهور الى خلاف حدودي على
طريقة حلايب أو الصحراء
الغربية، أو كل حدود بين بلدين
عربيين جارين شقيقين تجمعهما
وحدة المصير بحسب المعزوفة
المعروفة؟ «ماتش كورة» تحول الى مواجهة شملت
استدعاء السفيرين، وتصريحات
لبضعة عشر وزيراً، لا مجرد وزير
الشباب أو الرياضة، أو أي وزير
مسؤول مباشرة عن الموضوع. بل إن الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة اتصل
بالرئيس مبارك مرتين بحسب رواية
الصحف الجزائرية، وبينها من وصف
حادث رشق باص اللاعبين
الجزائريين في القاهرة بأنه «مجزرة»
من دون أن يلاحظ أن المجزرة
المزعومة من دون قتلى، أو حتى
جرحى إصاباتهم تحتاج الى علاج
في مستشفى. في المقابل قرأت
نقلاً عن لسان مسؤول في الصحافة
الرياضية المصرية قوله إن هذه
الصحافة «مسؤولة ولم تنحرف الى
المهاترات والملاسنات غير
المسؤولة في بعض الصحف
الجزائرية». وهو صرح بهذا
الكلام من دون أن يلاحظ أنه من
نوع المهاترة والملاسنة التي
يتهم غيره بها. أعرف أن لاعب الكرة عقله في قدميه، ولا
أنتقد، فبعض اللاعبين يكسب من
الدخل في سنة ما لن أكسب طيلة
العمر من الكتابة، ولكن لا أفهم
أن يتصرف الإعلام ومسؤولون من
البلدين وأنصار الفريقين وكأن
عقولهم هبطت الى أقدامهم. إذا اتصل رئيس عربي بآخر فيجب أن يكون
الحديث عن قضايا الأمة لا «ماتش
كورة»، ويفترض في مصر، ولها
مركز القيادة والريادة
العربية، والجزائر بلد المليون
شهيد، أن ينسقا دفاعاً عن
المسجد الأقصى لا أن يشغلهما
جنون الشارعين المصري
والجزائري عن المهم والأهم. يوم السبت الماضي كانت المباراة في
القاهرة وغداً في الخرطوم
مباراة الحسم، والنتيجة أن
بلداً عربياً من المجموعة
الثالثة في افريقيا سيشارك في
بطولة العالم في كرة القدم
السنة المقبلة في جنوب افريقيا. بما أنني لست مصرياً أو جزائرياً فقد فزت
قبل أن يطلق حكم المباراة
صفارته إيذاناً ببدء اللعب في
القاهرة، لأن الذاهب الى بطولة
العالم سيكون فريقاً عربياً،
غير أن من الواضح أن رأيي ليس
رأي أنصار الفريقين الذين
ينظرون الى الفريق المنافس
وكأنه عدو غاشم. ربما ما كنت كتبت عن الموضوع لولا أنني في
انتظار بدء مباراة السبت، كنت
أقرأ صحف لندن بسرعة حتى لا
يفوتني شيء من المباراة عندما
تبدأ، ووجدت في أكبر صحيفتين
تحقيقاً عنوانه أفضل مئة كتاب
صدرت هذا العقد. كان التشابه بين التحقيقين غريباً وتزامن
النشر أكثر غرابة، فالعقد لم
ينته بعد. واقتصر الاختلاف على
أن «التايمز» نشرت الكتب من
الأول في الأهمية والتأثير حتى
الأخير في الرقم مئة، وأن «الدايلي
تلغراف» بدأت من آخر كتاب
وانتهت مع الأول. كانت هناك كتب في قائمة لم ترد في القائمة
الثانية، وشغل بعض الكتب مركزاً
أعلى في إحدى القائمتين من
القائمة الأخرى، واحتلت رواية «الطريق»
من تأليف كورناك مكارثي المرتبة
الأولى في قائمة «التايمز» ولم
أجدها في قائمة «التلغراف» التي
أعطت المركز الأول لآخر كتب «هاري
بوتر» من تأليف ج.ك.رولنغ، مع أن
الكتاب احتل المرتبة 17 في
القائمة الثانية. وكان كتاب
باراك أوباما «أحلام من أبي»
الثاني في قائمة والثالث في
الأخرى. أما كتاب الملحد
ريتشارد دوكنز «وهم الله» فهبط
من المرتبة الخامسة في قائمة
الى الخامسة عشرة في الثانية،
كما هبطت رواية «أسنان بيضاء»
لزادي سميث من المرتبة الثامنة
الى العشرين بين القائمتين. لماذا انتقلتُ من الكرة الى الكتب؟
القائمتان ضمتا كُتّاباً من
العالم أجمع، بينهم كثيرون من
باكستان والهند وأفغانستان
وتركيا وإيران واليابان
وأميركا اللاتينية وغيرها،
ولكن لا اسم عربياً واحدٌ. لماذا
هذا؟ لأن العرب في السنوات
العشر الأخيرة كانوا يلعبون «كورة»
ويختلفون حتى على مباراة بدل أن
يستمتعوا باللعب. khazen@alhayat.com =============================== الثلاثاء, 17 نوفمبر 2009 حازم صاغية الحياة أن يقرّ مجلس النوّاب الأميركيّ مشروع
قانون للرعاية الصحيّة، فهذا
يعني الكثير. إنّه، في حال
موافقة مجلس الشيوخ عليه، يضمّ
36 مليون أميركيّ إلى الانتفاع
بالرعاية الصحّيّة، هم، حتّى
اليوم، مُستَثنون منها. غريبٌ ألاّ يكون لحدث كهذا أثر يُذكر على
من يُسمّون اليسار العربيّ،
الذي يُفترض أن يكون معنيّاً،
أقصى العناية، بمصالح الكادحين
والمستَغَلّين، لا في بلدانهم
فحسب، بل على نطاق أمميّ. قد يقال إنّ هذا من نتائج الانحطاط
الشعبويّ الذي ألمّ ببقايا
اليسار فحوّلها سعياً دؤوباً
للالتحاق بتنظيمات الجهاد
الدينيّ على أنواعها. بيد أنّ
الأمر يتعدّى تلك البؤر الصغيرة
والمبعثرة إلى ما هو أهمّ
وأدهى، أي سائد الثقافة والفكر
العربيّين الراهنين. وكان آخر الأمثلة على ذلك احتفال
الإنسانيّة التقدّميّة بذكرى
سقوط حائط برلين. فالحدث
المذكور يُعدّ، رمزيّاً
وفعليّاً، من معالم انتقال
عالميّ ومليونيّ إلى
الديموقراطيّة ومن محطّات
التصدّع الذي أصاب، ويصيب،
أنظمة الحزب الواحد والرأي
الواحد. لكنّ الاستجابة
العربيّة لم تكن أكثر من تذكير
بالجدار الذي بناه
الإسرائيليّون. هكذا، ومرّة
أخرى، يروح العالم يتبادل
الأنخاب ونحن نتقبّل التعازي. ما لا شكّ فيه أن الجدار الإسرائيليّ عائق
أمام حياة الفلسطينيّين، وأمام
احتمال حصولهم على دولة، وهو،
بالقدر ذاته، دليل على السويّة
العدوانيّة التي يمكن الدولة
العبريّة أن تبلغها في إنزالها
العقاب الجماعيّ بسكّان
مدنيّين. وهذا فضلاً عن أن فكرة
الجدران نفسها، في زمن التواصل
المعولم والمفتوح، إنّما تنمّ
عن عقليّة قروسطيّة تجافي أدنى
تصوّر عن الحداثة والمعاصرة. بيد أنّ هذا شيء والمقارنة بجدار برلين
وأثره شيء آخر. ووحده العقل
المستوي على بساطته يفترض أنّ
زوال جدار يؤدّي إلى زوال
الجدران جميعاً، أو أنّ الجدران
تتساوى في الأهميّة والدلالة
لمجرّد كونها جدراناً! وكان ليُسعدنا لو أنّ الكون مسكون
بروحيّة سان سيمون وطوباه، بحيث
تنهار الجدران دفعة واحدة
ويتساوى انهيار واحدها بانهيار
الآخر، فيما يبزغ الفجر الساطع
على العالم وتمتدّ القنوات
والمعابر بين أطرافه، كما تروح
حدائقه تطفح بزهور كوريّة من
النوع الذي تحاط به صور كيم إيل
سونغ ونجله كيم جونغ إيل. لكنّ العالم لا يعمل هكذا، ولا يُعقل أن
يتقدّم كلّ واحد من شعوب الأرض
بجداره جاعلاً من إزالته شرطاً
لاعترافه بأهميّة جدار برلين
وإسقاطه! فمآل تفكير «مساواتيّ»
كهذا مآل مأسويّ يحمل صاحبه على
اشتهاء نزول محرقة به كشرط
للاعتراف بأهميّة المحرقة
اليهوديّة، بل حتّى بحصولها. ثمّ إنّ تجربة حائط برلين وسقوطه تدلّ إلى
درس يعاكس دروسنا ومعانينا. ذلك
أن الألمان الذين أسقطوا الجدار
كانوا يتّجهون بعقولهم وقلوبهم
إلى أوروبا، إلى الديموقراطيّة
السياسيّة والحرّيّة
الاقتصاديّة، والى الاندراج في
حركة الحرّيّة والحداثة، كائنة
ما كانت التحفّظات على الاشتطاط
في تلك المفاهيم. ونحن كيما
نقوّي حجّتنا في إزالة جدارنا
مطالَبون بسلوك مشابه، أي بأن
نبرهن أنّنا نسعى إلى سويّة
أشدّ تقدّماً وأكثر انفتاحاً
وكونيّة. بهذا نقرن الحقّ في
المساواة بين الدول، كما بين
المواطنين، بالواجب الذي يلحّ
علينا أن نندفع في وجهة الدول
وفي وجهة المواطَنة. أمّا حين
يكون بديلنا عن السلطة والوضع
القائم هو حركةَ «حماس»،
فحينذاك نكون نزرع إلى جانب
الجدار الإسرائيليّ جدارين،
واحداً بين الفلسطينيّين
والفلسطينيّين، وآخر بينهم
وبين العالم. وبهذا نُضعف السعي
إلى إزالة الجدار الإسرائيليّ. وقصارى القول إنّ قضيّة فلسطين ينبغي
ألاّ تبقى مهنة، ومهنة وحيدة
تُغني عن المهن والهموم الأخرى،
فيُرى إلى العالم من ثقبها
الضيّق حتّى تضيق هي أيضاً، على
ما صاره الحال، ولا يعود العالم
يراها. ============================== إيران 2010: تدمير استقرار
النظام العربي الشرق الاوسط غسان الامام 17-11-2009 في حديث الثلاثاء الفائت، عن ازدياد
احتمالات نشوب حرب في المنطقة
العربية، لم أكن أتوقع نشوب
الحرب بهذه السرعة: الحرب
الكروية بين مصر والجزائر شاهد
على طوفان الغث، على كل ما هو
غالٍ وثمين وعاقل في المجتمعات
العربية. ودليل على توغل التطرف
«اللا عاقل وغير المعقول» في
هذه المجتمعات، سواء في الغلوّ
المتزمت وتسييس الدين، أو
بتسييس الكرة والرياضة. كل ذلك
على حساب الباقي الضئيل، من قيم
سامية، ومصالح وعواطف مشتركة،
تجمع العرب. القراءة السياسية للمستقبل تحاول،
دائما، أن تجعل من قراءة
الفنجان «علما» مقبولا، وليس
كهانة غيبية. مع ذلك، لا بد من
المغامرة في التكهن السياسي،
لتوعية الرأي العام، بخريطة
الواقع الحاضر، والقريب الآتي،
ولإرضاء الرغبة الغريزية لدى
الناس، في استشفاف ما قد يحدث. عندما أقول إني استبعد حربا عربية/إسرائيلية
في عام 2010، فأنا أغامر بتجاهل
صعود التوتر، بعد تشكيل حكومة
إسرائيلية يمينية، متمسكة
بالاستيطان، وتهويد القدس،
ومعرقلة لإقامة دولة فلسطينية.
هذا التوتر الذي زاد من مرارة
خيبة أمل الفلسطينيين والعرب،
في جدية الإدارة الأميركية
الجديدة. في العام الجديد، لا حرب بين العرب
وإسرائيل. لسبب وحيد وبسيط:
الجانبان لا يرغبان في الحرب.
يستهولان الخسائر والنتائج.
تملك إسرائيل التفوق العسكري.
لكن في أية حرب أخرى، فالنظام
العربي، أو التنظيم الديني،
قادر على إنزال خسائر فادحة،
غير مسبوقة، في الداخل
الإسرائيلي. استكملت إسرائيل في السلم ما حلمت
بتحقيقه في الحرب: صلح مع مصر
والأردن. توسع في الاستيطان
والتهويد. تعطيل إقامة الدولة
الفلسطينية. إشغال الفلسطينيين
بمفاوضات تسويفية عقيمة. محمود عباس هو أيضا نظام عربي. هو أيضا
صنَع لنظامه المحتل إسرائيليا،
استقرارا نسبيا شبيها باستقرار
النظام العربي! بل صنع معجزة،
عندما ضمن لنظامه وضفّته أمنا
عجيبا بين مقاومات فالتة وعاجزة.
هذا الأمن رفع من شعبيته، حتى في
غزة التي تعاني حصارين. حصار
إسرائيل. وحصار حماس. الأول يمنع
لقمة العيش. والثاني يصادر
الحرية السياسية والاجتماعية،
ويمزق الوحدة الوطنية. مشكلة عباس تتبلور في رهانه على السلم
التفاوضي. السياسي المحترف لا
يحرق أوراقه كلها، ليراهن على
ورقة واحدة. عرفات لم يفعل ذلك.
تراوح دائما بين السلم
والمفاوضة والمقاومة
والانتفاضة. حتى حماس راوحت بين
الصاروخ والهدنة. بعد حرب غزة،
راهنت على السلم. عقدت مهادنة
غير جهادية مع إسرائيل. منعت
حلفاءها من إطلاق الصواريخ. بعد رفضها لعباس وزندقته وتخوينه، تعود
حماس للالتفاف على سلطته. أبدت
استعداداها لمصالحته، طمعا في
وراثته، والحلول محله في مفاوضة
إسرائيل على هدنة طويلة. شاؤول
موفاز يرحب بسلم حماس. يعرض
مبادرة لإعادة معظم الضفة إلى
من؟ إلى حماس الراغب في
مفاوضتها! لا حرب فلسطينية/إسرائيلية في عام 2010.
الاحتمال الوحيد المضاد للسلم،
هو اندلاع انتفاضة في الضفة،
إذا ما انهارت القوى الأمنية.
الخوف من الانتفاضة يدفع أوباما
ونيتنياهو إلى مداراة عباس،
ريثما يتم ترتيب وضع فلسطيني
جديد، إذا ما كان «الختيار
الآخر» راغبا حقا في الاعتزال. من سلام حماس وعباس، إلى سلام «حزب الله».
لا إسرائيل ولا الحزب يرغبان في
حرب يخسرانها معا. حزب الله حقق
لنفسه أمنا واستقرارا. بات
محميا بقوات دولية، تعجز
إسرائيل نظريا عن اختراقها، في
ظروف دولية غير ملائمة لها. بل ها هو الحزب يستقر في صميم حكومة
الوفاق الحريرية. عون «الصهر»
الماروني للحزب فاز بكعكة
الموارنة الوزارية، على حساب
حليفه الأبعد (فرنجية قبضاي
زغرتا)، وعلى حساب خصومه
الموارنة في الأكثرية (القوات
اللبنانية وحزب الكتائب). في الرد على اختراق إيران المشرق العربي،
وتمزيقها للصف الخليجي، وسحبها
سورية من الحضانة المصرية/السعودية،
تحركت السعودية لاستعادة زمام
المبادرة من إيران. باتت
العلاقة مع قطر أكثر ودا
وانسجاما. أعلنت السعودية عن
استعدادها لتمويل إعمار غزة
بمليار دولار. واصلت السعودية
تمويل سلطة عباس. دعمت استرداد
العراق وعيه السياسي، من عراق
طائفي. أدانت السعودية عمليات
القتل الجماعي والتدمير
الإرهابي في بغداد. بل اقتربت السعودية من سورية. تمكنت من
التنسيق معها في لبنان، بحيث تم
تشكيل حكومة وفاق وطني، ترضي
المعارضة المتحالفة مع سورية
وإيران، أكثر مما ترضي الأكثرية
الحليفة للنظام العربي. لم يبلغ
المدّ السعودي مداه، بعد. مصر
أكثر تشاؤما. مصر تنسق مع الأردن.
لم تشارك في الانفتاح على سورية.
مصر تعتقد أن سورية وإيران مع
قطر تعرقل المصالحة الفلسطينية
التي ترعاها الوساطة المصرية.
مصر تنتظر، لتعرف إلى أي مدى
تستطيع السعودية الذهاب، في
استيعاب الاختراق الإيراني
لسلام واستقرار المشرق والخليج
العربيين. في الرد على الرد السعودي المبادر، طوّرت
إيران هجمتها على العرب. بات
واضحا أن عام 2010 سينتقل بإيران
من اختراق الشارع العربي،
بدغدغة عواطفه الفلسطينية
والدينية، إلى الاستهداف
المباشر وبالواسطة، لسلام وأمن
النظام العربي، ومحاولة النيل
من استقراره الضامن لأمن
مجتمعاته. بدأت إيران تحركها المضاد، بالاستدارة
نحو السعودية بالذات. عادت إلى
تسميم أجواء الحج بالتصريحات
الرسمية، على أعلى المستويات،
ملوحة بتسييس أكبر موسم ديني.
وهو أمر يثير حساسية السعودية
الحريصة على أمن وسلام ثلاثة
ملايين حاج أجنبي، ومليون حاج
سعودي وخليجي. في تعقلها، ما زالت السعودية قادرة على
الحوار الدبلوماسي مع إيران.
لكن الصحافة السعودية التي باتت
تتمتع بحرية سياسية واسعة، لا
تخفي التعبير عن الاستياء من
سياسات إيران، ذلك الاستياء
الذي يهدهده ويداريه الأدب
التقليدي للدبلوماسية السعودية
الرسمية. بل ها هي إيران تسعّر لهيب الصراع المذهبي
في اليمن، ليمس أمن واستقرار
السعودية. إذا كانت إيران نجحت
في تشجيع التسلل الحوثي عبر
الحدود السعودية، فقد خسرت
المعركة السياسية. أيدت الدول
العربية الرئيسية، بما فيها
سورية والجزائر ومصر والمغرب،
السعودية في حرصها على سيادتها،
ودفاعها عن حدودها، وأمن وسلام
مواطنيها، وفي تضامنها مع
شقيقها اليمن، خشية على عروبته
ووحدته الترابية والوطنية. وحده، عراق نوري المالكي يقف إلى جانب
إيران في تشديد الهجمة الدعائية
على السعودية. الهجمة النورية
المفتعَلة تثير شكوك السعودية
والنظام العربي، بجدّية تخلّي
المالكي عن سوابقه الطائفية،
ورفعه شعارات الوطنية السياسية. قد تسألني قارئي العزيز: أراك تراهن على
استقرار حالة السلم، فكيف تتحدث
عن صعود احتمالات الحرب؟ أجيب
بأن الاحتمال الوحيد هو حرب
الغرباء على أرض العرب. حرب
تشعلها إسرائيل أو أميركا،
بمهاجمة فخاخ إيران النووية.
ورد إيران بالتعرض لسلام وأمن
الخليج، وبقصف إسرائيل بصواريخ
عمياء، لا تميز بين خمسة ملايين
يهودي، وخمسة ملايين فلسطيني.
إذا أردت تفاصيل ================== إسرائيل
وهاجس التحولات... و"العثمانيون
الجدد"! عبد
اللطيف مهنا نشرة
كنعان 23
/10/2009 كل
تحوّل ذا منحى استراتيجي في
المنطقة، أو هو قد يوحي بذلك، هو
مدعاة تلقائية للقلق (الإسرائيلي)
العميق، ويحظى بالاهتمام
البالغ، وأحياناً المبالغ فيه.
لأن غربـة الغزاة هي مدعاة
دائمـة للخشـيـة على
الاسـتمرار والوجود والمصير في
هذا الجزء من العالم الذي هم فيه
طارئين، ويُدركون قبل سـواهم
أنهم فيه إنما يُقيمون عُنوة
بالضد من حقائق التاريخ
والجغرافيا والهويـة الحضاريـة
والثقافيـة، وثبت ويثبت أنهم
مهما طال الزمن سـوف يظلون فيـه
(نهأأااااااؤيبلر) تحت طائلـة
سـيف الرفض العميق لهم، الذي،
ومهما تمكنوا من أسـباب القوة
وضمانات فرض الأمر الواقع ودعم
أقوياء العالم، يرونـه يظل يلوح
مسـلطاً فوق رؤوسـهم. هنا نلاحظ
قلقاً مصيرياً أقرب إلى (الفوبيا)،
وحيث كل احتمالات تحول، مهما
قلَّ شـأنـه، يخضع بالنسـبـة
لهم للمقاييـس الاسـتراتيجيـة
الصهيونيـة المهجوسـة بهذا
القلق. رأينا
هذا بجلاء عندما بدأت إرهاصات
إنكفاء المشاريع الأمريكية في
المنطقة. تعثر مشروعهم في
العراق. ترنحه في أفغانستان.
وبالتوازي مع سحب مشروع الشرق
أوسط الجديد من التداول.
وإجمالاً بدايةً تآكل أحادية
القطبية الأمريكية الكونية،
وما يؤذن بالعد العكسي للإنحدار
الإمبراطوري الأمريكي بعد بلوغ
قمة السطوة ومن ثم أخذ مساره
المحتوم في الهبوط متخبطاً في
أزمته الاقتصادية، أو في آخر
أزماته المؤشرة على هذا. فكان
التوجه (الإسرائيلي) نحو
المراكز الكونية الصاعدة، مثل
الصين والهند وبدء تمتين
الروابط المصلحية معهما، هو ما
شاهدناه في العقد الأخير وذلك
تحسباً (إسرائيلياً) لمثل هذا
التحول واستعداداً له،
وكمشاريع بدائل مستقبلية ممكنة
لحلفاء أو ضامنين أو حتى غير
معادين لوجود الأمر الواقع
القلق الذي فرضوه بالقوة على
حساب الغير وغير المطمئنين
أبداً لاستمراريته. في
الماضي، كان أي مؤشر على نهوض
عربي على الصعيد القومي، وحتى
القطري، يدق ناقوس الخطر في تل
أبيب. التوجهات الوحدوية،
اندلاع الثورة الفلسطينية
المعاصرة في الستينات. أما
اليوم والعرب يعيشون حالهم
الراهنة الغنية عن الوصف، فهناك
هاجس القوة الإيرانية الصاعدة،
وبالتالي هذه الضجة التي تزيدها
(إسرائيل) اشتعالاً كلما مالت
للخفوت قليلاً في الغرب حيال
مجرد فكرة امتلاك إيران للتقانة
أوالمعرفة النووية. جاء كسر
الأتراك لجناح "نسر الأناضول"
بمنع الطيران الحربي (الإسرائيلي)
من المشاركة في هذه المناورة
الأطلسية المقررة، وبالتالي
تأجيلها، أو عملياً إلغائها،
ليُضيف لسلال القلق (الإسرائيلي)
سلةً جديدة، ولم يكن هذا الموقف
التركي، الذي كانت له مقدمات
تركية، يُعددها اليوم (الإسرائيليون)،
إلا النقطة التي أفاضت الكأس
بالنسبة لهم، وبالتالي، هناك
اليوم في (إسرائيل) جبهتان
فتحهما هذا الحدث، واحدتهما
رسمية وديبلوماسية، تحاول
جاهدة أن تكتم غيظها، وتسعى عبر
الغرب المتعاطف والقلق مثلها
للحفاظ على شعرة معاوية التركية
الضرورية ما أمكن مكرهة.
والثانية، إعلامية هي في حلٍ من
الاعتبارات الديبلوماسية،
والأصول الرسمية، وحسابات أهل
القرار، لذا نجدها تتصاعد لدرجة
الولولة عاكسةً إلى أبعد حد
تجليات (الفوبيا) (الإسرائيلية)
التي أشرنا إليها بداية، لكنها
تُعبر بدقة عن مكتوم الرؤية
الرسمية. لقد
كانت تركيا الأتاتوركيـة
القاطعـة روابطها مع محيطها
وموضوعياً مع تاريخها
وجغرافيتها ومواريث هويتها،
والجانحـة إلى التغريب، أو
اللاهثـة قرابـة القرن وراء
الأوربـة المسـتحيلـة، تُوصف
لعقود تلت نكبـة فلسـطين بـ "الحليف
الاسـتراتيجي" (لإسـرائيل) أو
الحليف الثاني لها بعد الولايات
المتحدة. كان هذا منذ
الخمسـينات، وحيث يُعد تحقيقاً
لنظريـة دول الجوار، أو الحزام
غير العربي الحليف (لإسـرائيل)،
لصاحبها (بن غوريون)، والذي كان
عماده أنقرة الأتاتوركيـة،
وطهران الشـاه، وأديـس أبابا
هيلاسـيلاسـي. بسـقوط
نظام الإمبراطورين في كل من
الأخيرتين، لم تتبقَ سـوى
أنقرة، حتى جاء "إسـلاميو"
"حزب العدالـة والتنميـة"
للحكم ليتبخر هذا الحلم (الإسـرائيلي)،
وليصل الأمر إلى ما وصفتـه
صحيفـة "معاريف" نقلاً عن
مصادر أمنيـة: "إن
تدهور العلاقات مع تركيا لم
يبدأ اليوم، وإنما تجلى في
تصريحات قادة الحكم التركي، في
التظاهرات والاحتجاجات
العلنيـة ضد (إسـرائيل)، بما
فيها أمام الرئيـس (شـمعون بيرز).
ينبغي للميل السـلبي التركي هذا
أن يُقلقنا. ويجب علينا
بالتأكيد إعادة النظر في بيع
الجيـش التركي منظومات
متقدمـة، حتى لا نكتشـف ذات يوم
أنها سـتوجـه ضدنا..." (الإسـرائيليون)
لم ينسـوا ولن ينسـوا للحكومـة
التركيـة "الأردوغانيـة"
جملـة من المواقف، مثل: منعها
للأمريكان اسـتخدام القواعد
التركيـة لغزو العراق... رفض
تركيا بأن تكون معبراً أو منصـة
لضرب المنشـآت الإيرانيـة
النوويـة... تعبير أردوغان عن
غضبـه وانسـحابـه من (دافوس)
إحتجاجاً على مزاعم (بيرز)
وتتويجاً لإدانتـه القويـة
للجرائم (الإسـرائيليـة) إبان
محرقـة غزة... والأهم، خطوات
الانفتاح التاريخي التركي
المتسـارع على العرب، أو ما
يصفـه محللوهم القلقون بـ "التغيير
الجوهري والعميق والاسـتراتيجي"
التركي، وعليه، فإن كتم
الرسميون غيظهم فإن الإعلام باح
بالمستور، تقرأ مثلاً: "لحظـة
جنون تُصيب تركيا بقيادة رجب
طيب أردوغان، وهو يتصرف
كالمدمن، ويحتاج إلى كميات
متزايدة من المخدر ذي الرائحـة
الإسـلاميـة"! وكلام مثل: في
تركيا أصبح "الجيـش لم يعد
يتحكم بالدولـة... النخبـة
الدبلوماسـيـة (الأتاتوركيـة)
حُشـرت في الزاويـة... احتل
الإسـلام المكانـة المركزيـة،
كما تُطل العثمانيـة الجديدة"... هل كل
هذه الهواجس (الإسرائيلية)
المعبر عنها هي ردة فعل تقتصر
على جملة المواقف الأخلاقية
التركية، أو حتى التضامنية، مع
العرب المقهورين المتعرضين
للمجازر في فلسطين؟! أم على
ما يحلو (للإسرائيليين) وصفه
بانحياز تركي أو اقتراب أنقرة
من المحور السوري الإيراني؟! أو لما
تقوله مصادر مقربة منه، وهو سعي
أردوغان لأسلمة تركيا "بشكل
هادئ"؟! أو جراء
ما يصفه وزير الخارجية (الإسرائيلي)
(ليبرمان) معقباً على مسلسل
تلفزيوني تركي يُصور قتل جنود
الاحتلال للأطفال العرب
الفلسطينيين بـ "تحريض من
النوع الأخطر والذي يجري
برعايـة رسـميـة"؟! أم أن
الأمر، وإن كان لهذا كله، فهو
ليس بهذه البساطة، ويشي بتحول
استراتيجي تركي تُحركه مصالح
ويُشجعه إيحاء تاريخي يزداد مع
الأيام وضوحاً، لا سيما وإن
تذكّرنا أن منع (إسرائيل) من
المشاركة في مناورة "نسر
الأناضول" سبقتها مناورة
عسكرية تركية سورية مُشتركة،
وأُعلن أنه سيتبعها قريباً
مناورة مشتركة أخرى؟ وإذا ما
توقفنا أمام حدث بالغ الدلالة
ويُعد تحولاً استراتيجياً له ما
بعده ونقلة نوعية في العلاقات
يرهص بتعديل جوهري في المشهد
الإقليمي، وهو تتويج الانفتاح
على سوريا بتوقيع ما يُقارب
السبعين إتفاق و(بروتوكول)
ومذكرة تفاهم معها، تبدأ
بالسياسي، والاستراتيجي، ولا
تنتهي بالاقتصادي والصناعي
والزراعي، والثقافي والطاقة
وتبادل الخبرات، بل تصل حتى إلى
إدارة الحرائق والبيئة والحقول
الأخرى... وإزالة الحدود في لحظة
يمكن وصفها
بأنها بالغة الدلالة، وحيث
يقول وزير الخارجية التركي أحمد
داوود أوغلو: "لا
أسـلاك شـائكـة ولا ألغام ولا
بوابات حدوديـة بعد اليوم"...
تلى هذا توقيع 48 إتفاقاً مع
العراق، وقول أردوغان: إن
التعاون الاسـتراتيجي بين
تركيا وكل من العراق وسـوريا
"يجب أن يكون نموذجاً يُحتذى
بـه بالنسـبـة لدول المنطقـة"؟! إذن،
هناك أزمة تركية (إسرائيلية)
حقيقية، وليست عابرة... علاقات
استراتيجية امتدت يرى (الإسرائيليون)
أنها "باتت في خطر فعلي"...
إنتقال تركي يرونه قد تدرج من
التحالف إلى الوساطة إلى العداء.
ويُلاحظون، أن إسـلاميي تركيا
يبتعدون رويداً رويداً عن دور
الحليف التابع للغرب، أو إلى
عدم القبول بذهنيـة الاسـتتباع
التي تعاملهم بها الولايات
المتحدة، وينجحون بإنجازاتهم
وشـعبيتهم في تطويع جيشـهم قوي
الشـكيمـة والمعادي عادة لهم،
بحيث بدأ هذا الجيـش حامي حمى
الأتاتوركيـة في الإنحياز
رويداً رويداً لنبض الشـارع
التركي مبتعداً عن أتاتوركيتـه
المتحجرة، بل هناك من يقول بأن
عسـكر تركيا قد بدأوا بالاتجاه
إلى اعتبار (إسـرائيل) خطراً على
الأمن التركي... فهل تسـتسـلم (إسـرائيل)؟ إن هذا
ليس وارداً، ويُعززه أن مثله
وسنده هو ما سيكون عليه موقف
الغرب بأسره، (فإسرائيل) لا
يُمكنها الاستغناء عن علاقات
عسكرية وسياسية، اقتصادية
وصفقات أسلحة مجزية وهائلة، وكل
هذا المستوى من العلاقات الذي
بنته عقود غابرة، وليس من السهل
التخلي عنه في هذا الحاضر الذي
يحبل بالمتغيرات المصيرية في
المنطقة. كما أن تركيا ليست في
وارد قطع هذه العلاقات ولا
إفساد علائقها بالغرب، ولا حتى
التخلي عن وجهتها الأوروبية
التقليدية، وإن كفت عن حلمها
السابق المتهافت ويأست من جدوى
اندلاقها على أعتاب الاتحاد
الأوروبي، الذي دأب على
مبادلتها ودها المفرط بالفظاظة
الزائدة، رغم استيفائها لشروط
الالتحاق به حتى أكثر من بعض
أعضائه... إذن هل هذا التحول
التركي فيه بعض إنتقام لإذلال
تركيا على أعتاب الاتحاد
الأوروبي؟ واستتباعاً،
هل هي تصفية حسابات بين
الإسلاميين والأتاتوركيين؟! هنا
أيضاً تبسيط للأمور... لقد عززت
سياسة "حزب العدالة والتنمية"
الإنفتاحية على جوارها العربي
والإسلامي، أو بيئتها
التاريخية والحضارية دور
ومصالح وأمن تركيا مع هذا
الجوار وفيه، وأفادت أيما إفادة
مصالحها الاقتصادية المتعاظمة
معه، وكان لها مردوداً ملموساً
حررها من قيود تبعيتها للغرب،
وبالتالي أسهم في تمكين هذه
السياسة من تحديد وظيفة أطلسية
تركيا بما يفيدها ويفيد منه
جيشها قدرة وتطوراً... اسـتجابت
هذه السـياسـة لوجدان ومزاج
وضمير شـعبي متنامٍ يؤمن بأن
العالم الإسـلامي هو مجال تركيا
الحيوي واقتنع باسـتحالة جدوى
طرق الباب الأوروبي الموصد،
وتوازت خطواتها المدروسـة مع
تنامي إحسـاس الأتراك المتزايد
بوجوب عودتهم إلى هويتهم بعد
اغتراب إجباري طال عنها... هنا
يكمن سر حكاية "العثمانيين
الجُدد"، أو مدعاة كل هذا
القلق (الإسرائيلي)... وصداه
الغربي! ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |