ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
اختناقات دمشق المرورية..العتبة
التي لم نجتزها بعد! مرائب طابقية بسعة 1600 سيارة تحقيقات الثورة الخميس 19-11-2009م تحقيق: براء الأحمد - ميساء
الجردي عديدة هي المشاريع والتصريحات والحلول
التي استمعنا إليها في حوارات
سابقة حول مشكلة الاختناقات
المرورية، أزمة السير والنقل.
والخوف كل الخوف أن تبقى هذه
المدينة مغلوبة على أمرها، تدفع
ثمن حضارة المواصلات وسوء
التخطيط والتنظيم، وتأخر
التنفيذ. الآن ورغم تضخم المشكلة، وما يصرف وصرف من
أموال طائلة لدراسة المشاريع،
هناك مخاوف من أن تتأزم هذه
الشوارع وتضيق بسائقيها،
وقاطنيها وزائريها أكثر فأكثر
ليكون السؤال ملحاً إن كانت
الاستراتيجية الجديدة التي
قدمتها المحافظة حالياً
لمعالجة أزمة المرور والنقل، هي
حلول فعلية مدروسة أم شوط جديد
من التجارب؟ رأي الشارع حكم الشارع على أزمة المرور فيه الكثير من
الضجر والانتقادات والأمل
بالحلول.. وخاصة مع استمرار تدفق
السيارات والمركبات الجديدة
دون دراسة أو تنظيم إلى شوارع
وطرقات لم يحرك فيها ساكن ملحوظ
حتى الآن، ويرى هؤلاء أن
الشوارع تعود لمخططات تنظيمية
قديمة، والمشاريع التي هي حلول،
تسير ببطء شديد، ولا نجد حلولاً
جذرية، ومعاناة السائقين تتلخص
(بنصف ساعة من الوقت ليجتاز
السائق تقاطع الحميدية، وربع
ساعة ليخرج من باب الجابية،
وثلث ساعة حتى يجتاز تقاطع
المجتهد، والكثير من المدافشة
والتعصيب لاجتياز دوار
كفرسوسة، والشرطي الذي ينشغل
بمخالفة أحد السائقين، يوقفه في
وسط الشارع ويترك أمور السير
على غاربها، السيارات تقف على
يمين الشوارع أرتالاً، فيضيق
المكان ويتحول الشارع إلى مسرب
واحد. يخلف وراءه أزمة إضافية. أما الوقوف لتلبية حاجة ضرورية في شوارع
المدينة، شبه مستحيل بسبب غياب
المرائب الفعلية، وما هو موجود
في الشوارع نفسها والأرصفة لم
يتغير عليها شيء سوى أنها أصبحت
مأجورة وباب رزق للمحافظة. وحتى
الآن ينظر المواطنون إلى أن ما
يقدم من حلول لا يشكل سوى 1٪
من حجم المشكلة، وهناك الكثير
من القضايا التي تنغص حركة
الناس والمركبات داخل المدينة
وفي الضواحي القريبة. الاستراتيجية قادمة من خلال تواصلنا مع محافظة دمشق حول
معالجة أزمة المرور والنقل أكد
المهندس عبد الله عبود مدير
هندسة المرور والنقل أن
المحافظة تقوم حالياً بوضع
استراتيجية جديدة لمعالجة
المشكلات العالقة وتتضمن
العديد من الاجراءات العملية
وهي أولاً: خفض فرص وقوف
السيارات في المساحات أو
المرافق المرورية العامة
وتقييد دخول المرور الخاص إلى
مناطق محددة. ثانياً: توسيع خدمات النقل العام على
المدى القريب بتنفيذ خطوط باصات
حديثة على الشوارع الرئيسية حيث
تم تسيير 315 باصاً جديداً وسيتم
قريباً تسيير 100 باص جديد أيضاً،
وهناك تعاقد للشركة العامة
للنقل الداخلي مع 23 مستثمراً
لتسيير باصات على 32 خطاً،
وسيعلن قريباً عن مناقصة لتوريد
1000 باص عن طريق وزارة النقل ومن
المتوقع أن تدخل الخدمة عام 2010.
كما تم اعتماد حارة مرورية
لباصات النقل العام من السومرية
ومراكز انطلاق. وتخصيص 15 دونماً
في منطقة السومرية كمرآب
للمواطنين. ثالثاً: تطوير شبكة الشوارع الرئيسية من
خلال طريق حلقي خارجي وطريق
حلقي داخلي وقد باشرت المحافظة
بتنفيذ ذلك. على المدى البعيد وعلى لسانه أيضاً يتم تنفيذ مراكز انطلاق
حديثة شمال المدينة وجنوبها
ومراكز تبادلية بمحيط المدينة،
أجزاء من خط القطار في منطقتي
الميدان والبرامكة، وقد تم وضع
خريطة للمرائب الموزعة ضمن
أحياء دمشق مع فرض انشاء مرائب
على العقارات والمقاسم التي
تزيد مساحتها على ال500 م2. أما على المدى البعيد فتتضمن
الاستراتيجية تنفيذ نظام مترو
سطحي ومختلط كقاعدة لشبكة النقل
حيث تم الانتهاء من دراسة الخط
الأخضر لمترو دمشق من المعضمية
حتى القابون بطول 16.5 كم ومن
المتوقع استثماره بداية عام
2016. وحالياً يجري العمل حول مصور عام جديد
لمدينة دمشق. في مديرية هندسة المرور وإيضاحاً لتلك الاجراءات التي قامت
بهامحافظة دمشق -المهندس عبد
الله عبود مدير هندسة المرور
بدمشق قال: حول تخصيص 15 دونماً
من منطقة السومرية كمرآب
للمواطنين.. وهل هي كافية لنقل
القادمين من كل الجهات أنه تم
إعداد دراسة لتنفيذ مركز تبادلي
مقابل مركز السومرية بمساحة
تقريبية 65 دونماً ليكون نهاية
الخطوط القادمة من الغرب-القنيطرة
وقطنا- معضمية ودروشا.. ومرآب
عام للسيارات لتشجيع المواطنين
على رأب سياراتهم بالمكان
واستخدام وسائط النقل العام
لدخول المدينة وبسعة نحو 500
سيارة وهذه المساحة كافية
حالياً ولأن المنطقة ستشهد
قريباً تنفيذ محطة ميترو
بالمكان. وعن تحديد حارات مخصصة لوسائط النقل
العام قال: تم إعداد دراسة تجهيز
حارة خاصة للباص (كتجربة أولية)
لخط السومرية -القابون بحيث
يسير بها الباص دون أي إعاقات
وبحيث يعطى الأولوية بسيره على
بقية وسائط النقل الأخرى. وطرق حلقية خارجية داخلية وللحد من الاختناقات المرورية بالمدينة
تم تطوير شبكة مناسبة للشوارع
الرئيسية (طريق حلقي خارجي-وحلقي
داخلي) وهذه تتيح للمواطنين
التنقل دون الحاجة للمرور بمركز
المدينة، ومنها طريق خارجي أو
تحويلة دمشق الكبرى والتي تم
تنفيذ أجزاء منها ولا سيما
المتحلق الشمالي، من عقدة عدرا
وحتى تقاطع صحارى، والمتحلق
الوسطي وتم تنفيذه بالكامل
وبتقاطعات سطحية، وسيتم
استكمالها بعقد مرورية وجسور
لاحقاً، والمتحلق الجنوبي يتم
استكماله حتى عقدة حرستا ثم
لاحقاً برزة، وتم إعداد دراسة
متكاملة لفصل المستويات لجميع
التقاطعات بالمدينة منها قيد
الانجاز (عقدة كفر سوسة،
تقاطعات المتحلق الوسطي-
تقاطعات المتحلق الجنوبي) ويتم
إعادة تقييم جميع الدراسات
لمركز المدينة من خلال فريق
مكلف بدراسة المصور العام
للمدينة والمحيط الحيوي لها من
ريف دمشق وسيتم تنفيذها
بالتتابع حين اعتمادها. وعن سؤالنا حول عدم جاهزية ساحة
العباسيين وساحة الأمويين التي
لم تسهل المرور الكامل أجاب:
ساحة العباسيين جاهزة-مستثمرة
مرورياً وباقي الأعمال عبارة عن
تجميل للساحة، أما ساحة
الأمويين فتم تنفيذها بشكل نفقي
بمستوى واحد لتمرير الغزارات
الرئيسية العظمى ومن غير الممكن
تنفيذ نفق بعدة مستويات
بالمنطقة لتأمين كامل الحركات
المرورية نظراً للطبيعة
الجغرافية والمائية للمنطقة
فهي أخفض نقطة وبمستوى مياه
جوفي عالٍ. وحلول نقلية أخرى أشار إليها م.عبود
لتخفيف الأزمة المرورية،
كتشجيع المواطنين لاستخدام
وسائط النقل العام وعدم
الاعتماد الكلي على وساطة النقل
الفردية الخاصة بتنقلاتهم. الحدائق .. مرائب طابقية ومن خلال تساؤلاتنا السابقة للمعنيين حول
المرائب كان هناك تصريحات
بضرورة وجود المرائب الطابقية
ولأنها ستحل 30٪ من المشكلة
وعلى أرض الواقع هناك عدة
مشاريع ولكن في مرحلة الدراسة
وعلى ما يبدو حدائق دمشق ستكون
المرائب الموعودة، وعند سؤالنا عنها م.عبود أكد لنا: تم تكليف
شركة ماليزية متخصصة عن طريق
وزارة النقل الماليزية لدراسة
المواقع وهي قيد الانجاز حالياً
مثل حديقة ساحة المدفع وحديقة
السبكي وحديقة عرنوس وحديقة
الملك العادل والجلاء وحديقة
الصوفانية وابن عساكر. وقد قامت المحافظة بالإعلان عن موقعين
لدراسة استثمار مرائب طابقية
بطريقة ال BOT
لموقع البحصة وبشارع الثورة
جانب الطابو..وحالياً تقوم
بإعداد دفاتر شروط للإعلان عن
استثمار 15 موقعاً متفرقاً
إضافياً وتم إعداد دراسة لتنفيذ
مرآب طابقي يتسع ل1600 سيارة جانب
مشروع مسار بأرض مدينة المعارض
القديمة. لماذا العودة إلى الجسور؟ أزيل سابقاً عدد من الجسور بحجة المنظر
الجمالي واستعيض عنها بإشارة
مرورية ضوئية زادت من أزمة
المرور ولم يعوض بالبديل كحفر
نفق مثلاً، والسؤال الذي يطرح
نفسه لماذا العودة إلى الجسور
طالما يوجد قرار بإزالتها
ولماذا لم يعوض عنها بالأنفاق.
وحسب رأي م، عبود: تمت إزالة الجسور
المعدنية بمركز المدينة فقط
والتي تشوه المنظر العام إضافة
لإعراض كثير من المواطنين عن
استخدامها حيث ما زال البعض
يفتقر لثقافة عبور الشارع من
الممر المخصص للمشاة، علماً أن
المحافظة مازالت تقوم بتنفيذ
جسور للمشاة بباقي المدن ويتم
اللجوء إليها لتعذر تنفيذ نفق
للمشاة ببعض المناطق بسبب حركة
السير الكثيفة عندها، علماً
أنها هي المفضلة من الناحية
الجمالية إلا أن المواطنين لا
يرغبون باستخدامها وخاصة ليلاً.
دور وزارة النقل في مدينة كبيرة وقديمة كمدينة دمشق، فيها
نسيج عمراني مختلف وظروف خاصة
ومناطق أثرية، وشوارع ضيقة، كيف
تنظر وزارة النقل إلى الحلول
التي تضمنتها الاستراتيجية
المقترحة من قبل المحافظة، وما
دورها في تنفيذ المشاريع
المطروحة وخاصة موضوع المترو
ومراكز الانطلاق، والباصات
الجديدة ومن ثم مشروع المراكز
التبادلية بمحيط المدينة «الوزان-السيدة
عائشة»؟ حول هذه النقاط أفادنا الأستاذ اليان
معراوي مدير متابعة شؤون النقل
داخل المدن بأن اللجنة العليا
للنقل وجدت ضرورة الربط بين
وسائط النقل العام «المترو-
السكك الحديدية- انطلاق الباصات»
ما أدى إلى ضرورة تخصيص مراكز
للانطلاق انطلاق القابون من أجل
القادمين إلى دمشق من الشمال،
ومنطقة السومرية كمرآب
للمواطنين من أجل القادمين من
الجنوب. أما ما يخص توسيع خدمات النقل العام فإن
الوزارة ومنذ عام ال 2000 تسعى
لإعادة تفعيل شركات النقل
الداخلي بالمدن الأربع التي
تعنى بها الوزارة «دمشق،حلب،حمص،
اللاذقية» من هذا المنطلق تمت
إعادة إصلاح وتجهيز الباصات
بالإضافة إلى موضوع تسيير ال 600
باص التي تعمل حالياً في
الطرقات ..ولكن وبشكل عام يجري
العمل حالياً على توريد ربع
العقد وهو حق الوزارة المترتب
من العقد السابق وسيتم توريد
حوالي 150 باصاً، سيوزع منها 100
باص على شركات النقل الداخلي
بدمشق. مع وقف التنفيذ وحسب ما ورد في الاستراتيجية ، تعاقدت
الشركة العامة للنقل الداخلي مع
23 مستثمراً لتسيير باصات كبيرة
على 32خطاً، هذا الموضوع يعكس
واقع الاستثمار النقلي بجوانب
مختلفة منها الخطوط التي ستدخل
عليها هذه الباصات وشروطها
الفنية وحول ذلك يوضح المعراوي:
أنه لا يمكن الحديث حالياً عن موضوع
التعاقد مع المستثمرين لأنه حتى
الآن توجد شركة واحدة، والذين
تقدموا بكتلوكات لم ينفذوا على
أرض الواقع، وما هو موجود
بالفعل ، هوعقود مع بعض
المستثمرين في حلب، نزلوا للعمل
بفاعلية 353 باص نقل داخلي ، وهم
يعملون على القانون رقم 10
والمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007
وبالنسبة للمواصفات الفنية فإن
الوزارة تتدخل بالطول والعرض
والارتفاع الداخلي للباص ، سنة
الصنع ونواتج العوادم أما موضوع
المحرك والجودة فليست ضمن
الشروط. 1000 باص على الطريق هناك إشارة إلى توريد 1000 باص عن طريق
وزارة النقل وأنه من المتوقع
أنها ستدخل الخدمة في 2010 فما
القدرة الاستيعابية لشوارعنا
وكيف سيكون التخديم؟ حول ذلك يجيبنا قائلاً: توجد فكرة لإعلان
عن استدراج عروض ل 1000 باص وفي
حال سارت الأمور بشكل طبيعي
ونجحت فإنه يمكن أن تسير في
بداية عام 2011 الدفعة الأولى
منها.. وفي هذه الحالة سيخرج جزء
كبير من الميكرو باصات الصغيرة
من المدينة ، وهناك فكرة لتمديد
الحارات التي ستسير عليها
الباصات وتعمل على أكثر من خط
لأن الباص الكبير يصل متوسط
ركابه إلى 65 راكباً وهذا يحل محل
5 ميكروباصات وينعكس على حل
الأزمة. وهذا العمل سيكون على مستوى دمشق
والمحافظات الأخرى ونعمل
حالياً على وضع خريطة لمسار
الباصات وفكرة الباصات على
الغاز الطبيعي . تشجيع النقل الجماعي تعمل الوزارة على تشجيع النقل العام
الجماعي، وهنا نسأل على ماذا
اعتمدت في ذلك في ظل العديد من
المشروعات التي لم تنفذ.وعليه
يشير المعراوي إلى مشكلة الضغط
في الشوارع لا تتعلق بالنقل
الجماعي والتشجيع على ذلك هو
أحد العوامل التي تخفف من
الأزمة المرورية وليست هي الحل
الوحيد ، ولابدّ من أمور أخرى
مرافقة فمثلاً وجود وسائط نقل
أخرى يعني أن ثلث الطاقة
التمريرية للشارع غير موجودة
ولكن عندما يكون النقل الجماعي
محترماً ووحيداً، سيعرف
المواطن أن نزوله إلى المدينة
مشكلة وهو سيتجه إلى النقل
الجماعي الذي يفترض أن يكون
بتوقيت مقبول للناس وبإنشاء
مرائب للسيارات الخاصة بالقرب
من مراكز انطلاق النقل العام
وهذا ما نعمل عليه حالياً . المترو .. ماذا بعد الانتظار؟ بعد مرور أكثر من 27 عاماً على أول دراسة
مطروحة لمشروع المترو ومرور
أعوام على الدراسات الجديدة
والوعود، نجد أن مشروع المترو
ضمن الاستراتيجية الحالية يوضع
تحت بند على المدى البعيد ويحدد
عام ال 2016 لاستثمار الخط الأخضر
والذي هو بطول 16.5 كم ولكن ضمن
التوقعات ! حول هذه النقطة تحديداً يوضح الدكتور
المهندس خلدون كراز مدير
الدراسات والبحوث في وزارة
النقل : إن موضوع الدراسة للمترو
انتهت من حيث إمكانية تنفيذ
المشروع ، والمرحلة الحالية
التي عملنا عليها هي دفاتر
الشروط ، الدراسة الفنية، قيمة
التحويل وشكل الخط حيث تم
التعاقد مع شركة فرنسية
بالتعاون مع شركة خطيب وعلمي
اللبنانية للبدء بالتنفيذ وهذا
الأمر حالياً يخص مديرية دائرة
مشروع المترو. الأزمة وقت الذروة... وفي إدارة المرور وجدنا أن أزمة المرور
يسببها عدد السيارات الموجودة
في أوقات الذروة وأن قانون
السير خفف من عدد الحوادث ولكن
لم يقلل من عدد السيارات -
العميد محمد يونس عمار- مدير
إدارة المرور يرى أن دمشق هي من
أقل المدن ازدحاماً مقارنة
بالمدن المحيطة بباقي الوطن
العربي حسب الحجم وعدد السيارات.
وتعاني دمشق أزمة سير فقط في أوقات خروج
الطلاب والموظفين من وإلى عملهم
وقد تستمر نصف ساعة فقط وتنظيم
عملية السير في دمشق أدى إلى
تخفيف الحوادث وتخفيف ضبوط
السرعة الزائدة. ولكن يدخل دمشق يومياً أكثر من 500 ألف
سيارة ويوجد فيها مليون سيارة
إضافة إلى وجود شوارع مزدحمة
أكثر من غيرها والسبب يعود
لوجود دوائر حكومية ومؤسسات
أكثر... وبالتالي يشهد أكبر عدد
من المراجعين في اليوم
والازدحام يحل دائماً ببناء
الجسور وحفر الأنفاق وإزالة
أسباب الازدحام وتشييد ضواح
سكنية جديدة وتخريج الفعاليات
من مؤسسات ووزارات لها علاقة
بالمواطنين خارج المدينة
للتخفيف من الازدحام الموجود في
المدينة وهذه الإجراءات قد تكون
حلولاً مستقبلية إضافة إلى
تنشيط القطاع العام لنقل الركاب
على حساب نقل القطاع الخاص. ويضيف: حالياً لا يوجد حل سحري وإنما هناك
تصورات مستقبلية ودراسات عديدة
قد تصل بنتيجة جيدة وللمحافظة
دور كبير بذلك ونحن في فرع
المرور مهمتنا الأساسية تأمين
السلامة المرورية ونقوم بتقديم
الملاحظات التي تردنا من الشارع
العام إلى لجنة السير في
المحافظة والتي بدورها تدرس تلك
الملاحظات وتأخذ من خلال قرارات
أو تقوم بإجراءات توسيع شارع أو
رصيف أو تغير منصف تجاه واحد..
وذلك كل أزمة السير في مكان ما
وهي تعالج الموضوعات الآنية
والفورية والتي تحتاج لحل مباشر
ولدينا في إدارة المرور غرفة
عمليات تتلقى الإشارات حول وجود
ازدحام ما في شارع معين ونعمل
على حلها وعلى تسهيل حركة السير
نحو الخروج من دمشق والتي تقلل
من الأزمة. ========================== صالح القلاب الرأي الاردنية 19-11-2009 حتى الآن، كما هو واضح، فإن اليمن تتحاشى
الاتهام المباشر لإيران ولحزب
الله بدعم '' الحوثيين '' الذين
استطالت الحرب معهم أكثر من
اللزوم والذين لولا أن هناك
دعما خارجيا وربما أيضا داخليا
لما استطاعوا مواصلة القتال كل
هذه الفترة وبخاصة وأن المملكة
العربية السعودية قد اضطرت
اضطرارا إلى الدخول على خط
المواجهة بعد أن تمادت هذه
المجموعة في اختراق حدودها
والاعتداء على المواطنين
السعوديين. وهذا يعني أن اليمن الرسمي لا يريد قطع كل
الخيوط لا مع إيران ولا مع حزب
الله ولذلك فإن اتهامه بالنسبة
لإيران لا يزال ضمن تورط بعض
المرجعيات وبعض الأجهزة
والهيئات غير المنضبطة وبعض
رجال الدين وذلك في حين أن
الرئيس علي عبدالله صالح
بالنسبة لحزب الله قد قال
وبالحرف الواحد في مقابلة مع
صحيفة ''الحياة'' : ''الدعم ربما لا
يقدم من هذا الحزب كحزب أو قيادة
ولكن من عناصر تنتمي إليه.. الذي
أفهمه هو أن الحوثيين تلقوا
خبرات في صنع القنابل والألغام
والذخائر من بعض الخبراء وبعض
العناصر الذين ينتمون إلى الحزب
المذكور وأن بعض العناصر
الحوثية ترسل للدراسة في لبنان
''. إن من حق اليمن التي يدها في النار والتي
تواجه بالإضافة إلى هذا التحدي
الخطير تحدي الأوضاع
الاقتصادية السيئة وتحدي '' حراك
الجنوب '' أن تتجنب المواجهة
المباشرة مع إيران وأن تتجنب
بالتالي اتهام حزب الله اتهاما
مباشرا لكن الاستمرار بهذه
المرونة في التعاطي مع هذا
الأمر الخطير يقتضي أن ترد
طهران على مرونة صنعاء بمرونة
مماثلة لا أن تعتبر ذلك ضعفا وأن
تكثف دعمها لهذه المجموعة التي
ثبت أنها ليست هينة وأنها تملك
من الأسلحة ما جعلها تواصل
القتال كل هذه الفترة الطويلة. إنه من غير الممكن أن تصمد مجموعة، توصف
بأنها صغيرة وأنها '' زمرة مارقة
''، كل هذا الصمود وهي محاصرة في
جبال صعدة الوعرة لولا أنها
تتلقى دعما ليس من أفراد ومن
مرجعيات بل من دولة إمكاناتها
كبيرة وقادرة على مواصلة دعمها،
ربما اليومي، إلى هؤلاء ''
الحوثيين '' الذين لو أنهم لا
يتلقون مثل هذا الدعم فلما كانت
حربهم هذه مع الجيش اليمني هي
الحرب السادسة. هناك دعم بالسلاح والأموال وربما بالرجال
يصل تباعا إلى هذه المجموعة
وهناك محطات لهذا الدعم على طول
الطريق من مصدره وحتى جبال ''
صعدة '' وهذا يعني أن هؤلاء
سيستأنفون القتال حتى إن هم
خسروا هذه '' الحرب السادسة ''
وهذا يقتضي بالنتيجة أن تبادر
صنعاء إلى توجيه اتهاماتها
مباشرة إلى إيران كدولة وإلى
حزب الله كرأس جسر لهذه الدولة
في هذه المنطقة. يجب ألا تطول هذه الحرب التي هي الحرب
السادسة أكثر من اللزوم
فإطالتها تعني فتح جروح جديدة
في الجسد اليمني غير هذا الجرح
وغير جرح '' الحراك الجنوبي ''
وجرح الأوضاع الاقتصادية
السيئة وهذا يتطلب قطع
الإمدادات الداخلية عن هؤلاء
الحوثيين وضرب بيد من حديد على
أيدي المهربين وأيدي الذين
يسربون الأسلحة والذخائر إلى
هذه المجموعة كما يتطلب قطع
الإمدادات الخارجية وأولها
إمدادات إيران وإمدادات حزب
الله ومنع أريتريا من أن تبقى
المحطة الرئيسية لهذه
الإمدادات. =========================== د. صلاح جرار الرأي الاردنية 19-11-2009 يرفع الناس أصواتهم عندما يخاطبون أناسا
يبعدون عنهم مسافات طويلة
تستدعي بذل أقصى الجهد لإيصال
الصوت، أو عند الألم المبرح
والغضب العارم والاستنجاد وعند
المناداة على البضائع في
الأسواق، وما عدا ذلك فإن مستوى
صوت المتكلم يجب أن يتحدد
ارتفاعا أو انخفاضا حسب بعد
المخاطب أو قربه عن المتحدث،
فكلما ابتعد ازداد الصوت
ارتفاعا وكلما اقترب انخفضت
وتيرة الصوت. ومع انتشار مكبرات الصوت ووسائل الاتصال
الحديثة لم تعد ثمة حاجة إلى
إجهاد الأوتار والحبال الصوتية
للمتحدثين حتى الممثلين
والمطربين والمؤذنين وخطباء
المساجد وسواهم، فقد أغنتهم
مكبرات الصوت عن اللجوء إلى رفع
أصواتهم وهم يخاطبون جماهيرهم
ومريديهم. وفي هذا المجال نجد فروقا بارزة بين الأمم
المتقدمة والأمم المتعثرة،
فعند الأمم المتقدمة قلما ترى
الواحد منهم يستخدم صوته بأكثر
من حاجته ولذلك تجدهم في
الحافلات والقاطرات والمطاعم
والأماكن العامة يراعون وهم
يتحدثون مع بعضهم بعضا ألا يسمع
حديثهم أحد من جيرانهم، وأما في
البلدان المتعثرة - أقال الله
عثرتها- فليست هناك خصوصية
للحديث بين أي اثنين، ففي
الحافلات أو سائر وسائط النقل
تسمع قصص الناس جميعا وهم
يتحدثون مع بعضهم بعضا، وتعرف
بكل سهولة ودون أن تلقي بسمعك
لأحد قصص زواج وطلاق وعشق وتآمر
ودسائس وخطبة وخلاف ومرض وشجار
وغير ذلك مما لست بحاجة إلى
معرفة شيء منه، لأن أحدا من
المتحدثين لا يحرص على أن يحصر
حديثه في حدود من يتحدث معه فقط،
وقد يصل الأمر إلى درجة أن تكون
في مقدمة الحافلة ويطرق سمعك
حديث آخر اثنين يجلسان في
الكرسي الأخير من الحافلة، وفي
ليالي الصيف تستطيع أن تسمع
أحاديث الضيوف الذين يحلون عند
جيرانك حتى الجار السابع،
وتستطيع أن تحدد حتى نوع
الضيافة التي تقدم لهم من حمص أو
فول أو فلافل أو مكسرات مغشوشة
والمحمص الذي اشتروها منه. وأما المكالمات الهاتفية التي تجرى من
المكتب المجاور لمكتبك على سبيل
المثال أو من البيت المجاور
لبيتك فتستطيع من طريقة إجرائها
أن تعرف تفاصيل القصة التي دار
حولها الاتصال، وأما إذا كانت
المكالمة خارجية أي من خارج
البلد أو إلى بلد خارجي، فلا
يملك المتحدث إلا أن يرفع صوته
بأقصى ما يمكن حتى يسمعه
العابرون في الشوارع ويعرفوا
أنه يجري اتصالا مع بلد خارجي. أما ثقافة الصوت العالي فتقوم على مبدأ ''خذوهم
بالصوت'' أي أنك تستطيع من خلال
رفع صوتك أن تكون أكثر إقناعا
وتأثيرا، وقد رافقت صديقا لي
ذات مرة في زيارة لمجموعة من
أقاربه، وبينما كنا جالسين
تعالت الأصوات حتى ظننت أننا
على وشك أن نشهد واقعة جديدة من
وقائع العرب، فحاولت أن أفهم
سبب التوتر فوجدت موضوع الحديث
عاديا لا يستدعي أكثر من الحديث
بصوت عادي هادئ، ولما خرجنا قال
لي صاحبي: هذه هي طريقة حوارهم
في كل الأوقات، ولا تدل هذه
الطريقة من الحوار على أي نوع من
الضغينة. إن أهدأ صوت في الدنيا هو صوت المنطق
والحقيقة والتقدم لكنه الأقدر
على الإقناع والتأثير وتحقيق
الأهداف والغايات. ======================== الافتتاحية الخميس 19-11-2009م بقلم رئيس التحرير أسعد عبود الثورة ليست المرة الأولى التي تعرقل إسرائيل
فيها جهود السلام، ولا
الاستيطان هو الإجراء الوحيد
الذي يعوقه.. الاستيطان حالة
عدوان مستمرة وجريمة حرب وفق
القانون الدولي، وطبعاً هو معوق للسلام.. بل إن الإصرار
الإسرائيلي - رغم رفض العالم -
على الاستيطان، هو رفض للسلام..
ويندرج ضمن تفاصيل السياسة
اليومية الإسرائيلية التي تؤكد
العدوان والاحتلال. من الطبيعي أن نرحب بالموقفين الأميركي
والأوروبي.. وبالضبط من
إدانتهما لما يعوق جهود السلام،
وبرؤية الرئيس الأميركي أوباما
لخطورة الإجراءات الإسرائيلية.
ورغم أن هذه المواقف بدهيات منطقية لكل
فكر يهدف للسلام، إلا أن ورودها
اليوم يشكل شعاع ضوء في محيط
الظلام الدامس الذي أحاطت
إسرائيل به جهود السلام، إن
كانت قد بقيت جهود.. يمكن أن نفهم هذه المواقف كخطوة على طريق
يتجه بجدية نحو تحقيق السلام..
وهذا ما يتطلب بالضرورة الوضوح
والإعلان، دون أي تورية أو طروح
بديلة، أو حتى طروح مساعدة
تضيّع الوقت وتطيل الزمن.. نحن نرحب بهذه المواقف، لأننا مسالمون
وأنصار السلام دائماً، وسنبقى
كذلك، ودائماً لا نتساهل
بحقوقنا.. هل سترحب إسرائيل..؟! يعني نحن نرحب لأننا شريك جاهز للسلام..
وإن رفضت إسرائيل أو احتجت على
هذه المواقف، فليس من شريك ثان
في هذا المشروع الدولي الذي كان
له أن يغير الكثير في أحداث
العالم لو وصل إلى مبتغاه.. هو ما دأبت سورية تقوله دائماً: لا يوجد شريك إسرائيلي للسلام.. الموقف الأميركي الأوروبي الجديد وليس
بالجديد.. إنما مجدد.. لن يحدث
نتائج مهمة إلا على صعيد الكشف
عن النيات الطيبة.. ويليق
بأميركا والاتحاد الأوروبي
ومعهما العالم أن يضعوا لهذه
المواقف حيويتها العملية
لنقلها من النيات إلى مستوى
تجسيد شيء منها حقائق على الأرض.
فإن لم يكن من دعم لهذه المواقف، ورغم
ترحيبنا بها.. ستكون حالة أخرى
من الرفض العالمي تتجاوزها
إسرائيل... كما تجاوزت حالات
مشابهة، بحيث تؤكد أنها غير
آبهة بمواقف العالم كله.. الآن نسأل: ماذا سيكون موقف العالم لو أن دولة غير
إسرائيل تعبث بالرؤية السياسية
العالمية والدولية وبقرارات
الأمم المتحدة والقانون الدولي
الذي يمنع الاحتلال والاستيطان
والعدوان؟! لماذا يتردد العالم في موقفه من إسرائيل؟!
إذا كانت دولة راشدة - كما تدعي - فيفترض أن
تُوضع أمام مسؤولياتها لتنفيذ
ما يفرضه القانون الدولي
والأعراف البشرية؟! وإلا فإنها تحتاج دائماً إلى التعامل
معها كحالة استثنائية. إن الدولة هي مؤسسة لها حقوق وعليها
واجبات.. ويختل وجودها إن كانت
عاجزة عن أداء واجباتها.. إسرائيل بصراحة لا تعرف حقوقاً ولا
واجبات لا لها ولا لغيرها.. إنها
حالة استثنائية فريدة في
التاريخ وفي العالم. إلى متى يتحمل العالم هذا الوضع
الاستثنائي..؟!. a-abboud@scs-net.org =============================== ميشيل كيلو 19/11/2009 بين مستجدات زماننا ظاهرة سيكون لها دور
كبير في تعيين مستقبل منطقتنا،
تتبنى منظمات ودول إسلامية فيها
أسلوبا مستعارا من تكتيك كانت
الأحزاب الشيوعية قد طبقته في
صراعها ضد الرأسمالية
والاستعمار، سمي في حينه
استراتيجية الدومينو أو الحرب
الثورية الزاحفة. هذا الأسلوب، اتسم بسمتين بارزتين : - مزج بين العمل السياسي والعمل المسلح،
فمهد الأول للثاني هنا وأعقبه
هناك، وكان في هذا البلد أطول أو
أقصر منه في غيره، ووجهت الأول
قيادة علنية في حالة والثاني
قيادة سرية في حالة أخرى، بينما
قادت العملين اليد ذاتها في
جميع الأحوال، فلم يلغ أحدهما
الآخر أو يخل بالعلاقة بينهما،
واندمج العملان في كل متكامل،
رغم اختلاف أولهما عن ثانيهما
بوسائله وأساليبه، وتحققت
الغاية منهما: إزاحة طبقة أو
نخبة أو طائفة عن الحكم والحلول
محلها بالعنف والسلاح. - طبق خطة غطت أكثر من دولة وسمحت للقيادة
التي مارسته بتحريكه وفق
مقتضيات الحال، فرأيناه يتصاعد
هنا حتى يبلغ الذروة، ويركد
هناك حتى يصل القاع، ويشتد في
بلد حتى يبدو وكأنه لن يهدأ،
ويفتر في آخر حتى يبدو وكأنه لن
يتحرك من جديد. أما سر هذه
الظاهرة، فهو يرجع إلى كون اليد
التي تتحكم فيه تحركه حسب خطط
تتعدى أي بلد، فالحرب المتنقلة
يجب أن تكون شاملة بطبيعتها،
بينما يتوقف نجاحها على تحريكها
بفاعلية من مكان لآخر ومن مرحلة
لأخرى، وعلى نقلها من حالة أدنى
إلى حالة أعلى في الصعيدين
المحلي والإقليمي، وإلا كان من
المحال إرباك عدوها وهزيمته
نفسيا قبل هزيمته ميدانيا. بقول
آخر: يتوقف مصير هذه الحرب على
وجود مركز قرار وتحكم تقبل سائر
فصائلها وأذرعها خياراته وتنفذ
أوامره بدقة، على أن ينفرد
برؤية لوحة الحرب العامة، التي
تخترق بلدانا وأماكن متباينة،
وبمعرفة تفاصيلها وأهدافها
ومجرياتها، وبقدرته على ربط
أجزائها المختلفة ربطا صحيحا
بلوحتها العامة، وبحقه في تقرير
دور كل ذراع من أذرعتها بالنسبة
لبلوغ النهاية المنشودة. هذا
المركز، يجعل تطبيق الحرب
المتنقلة أمرا ممكنا وناجعا. إذا طبقنا هذه الأساسيات على الحركة
الإسلامية المسلحة في منطقتنا،
وجدنا ما يلي: - ثمة مركز قيادي إسلامي مقرر، أخذ يسمح،
خلال سنوات الهجوم المركز عليه
في أفغانستان، بالمرونة
واللامركزية في إدارة الحرب
المتنقلة، مراعاة لضخامة
المعركة التي يخوضها وقوة
الأعداء الذين يقاتلهم ( أمريكا
وحلف الأطلسي والحكومات
المحلية). هذا المركز يطبق تكتيك
الحرب المتنقلة بطريقة تحول دون
استفراد العدو بأي طرف من
أطرافها، ودون إحساسه بالأمان
في جبهاتها الخلفية، وتجبره على
بعثرة قواه وتبديد طاقاته. أما
المرونة، فهي تعني هنا تمثيل
المركز من خلال مفوضين جوالين
يكلفهم بالعمل في أماكن
يعرفونها، لديهم صلاحيات واسعة
تمنحهم حق الإمرة عليها، لأنهم
غالبا ما يكونون من أبنائها.
ينمي هذا الأسلوب طابع الحرب
المتنقل، ويوزع قواها بطريقة
تجعل من الصعب القضاء عليها،
ويبقي المبادرة بيدها، ويتيح
لها علاقة وطيدة مع قوى ودول
متنوعة، تخوض معارك ضد الغرب
ولها مصلحة في التعاون معها وفي
تلقي العون المادي والمعنوي
منها، مقابل الإفادة من خدماتها
والتنسيق ضد العدو المشترك، أو
تحقيق مكاسب سياسية في هذه
الدولة أو تلك، وعلى المستوى
الإقليمي. - تشهد منطقتنا تصعيدا عسكريا مدروسا
وواسع الأبعاد تتولاه منظمات
إسلامية مسلحة تنتشر في بلدان
ودول كثيرة تغطي كامل مساحتها.
هذا التصعيد يأخذ شكل حرب تتركز
في مرحلة معينة على بلد واحد أو
عدد قليل من البلدان، حيث تتموج
حركتها فترتفع هنا وتخمد هناك،
وتنفجر في مكان وتهدأ في آخر،
وتتناوب المد والجزر على
المستويين الإقليمي والقاري،
وتتبادل مكوناتها المتعددة
القوميات والبلدان، المختلفة
الأوضاع، التفاعل والتأثير،
وتفتت بتناوبها ولامكانية
حراكها جهود الخصم المحلي
والدولي، وتربكه، وتسبب شروخا
بين الحكومات والرأي العام في
بلدانه، وتوطد مواقع القوى
الإسلامية في مراكز الحرب،
فتوحد جهود أطرافها وتضع في
خدمتها قدرات بشرية ومالية
عابرة للقومية، تجعل الأفغاني
يقاتل في باكستان، والباكستاني
في الشيشان، والسعودي في اليمن،
واليمني في العراق، وهؤلاء
جميعا في أفغانستان وباكستان:
كعبة الحرب المتنقلة ومختبرها
الرئيسي، الذي يرفد بالعون
الضروري، مقابل الخبرة وإبعاد
العدو عن النقاط الطرفية،
وتقديم نموذج ناجح في القتال
والتنظيم والدعاية. - تكمن خصوصية الحرب المتنقلة في خوضها من
خلال نخبة سرية فاعلة ومؤثرة،
تحظى بدعم وحماية قسم من أبناء
بلدانها، وتملك القدرة على
تنفيذ ما يرسمه المركز، أو
ترسمه هي لنفسها من خطط وبرامج
تنال موافقة المركز، على أن
تكون مستعدة دوما للانتقال من
السكون إلى الحركة، ومن السلبية
إلى الفاعلية، لنجدة غيرها أو
لتحريك الوضع في أماكن نشاطها،
وتفعيل التراكم التدريجي
والمتقطع لحرب لا تمر بمرحلة
واحدة يتم اجتيازها دون توقف،
على غرار ما حدث في حروب
العصابات الصينية والفيتنامية
والكوبية ... بل يتبدل مركز ثقلها
فيكون العمل المسلح اليوم،
والدعوي العقائدي غدا،
والسياسي/التنظيمي بعد غد،
وتستعر مرة في القرن الإفريقي
وأخرى في الشيشان وثالثة في
موريتانيا أو الصحراء
الأفريقية أو العراق ... فهي تحقق
هدفها الاستراتيجي عبر تراكم
مراحل مترابطة وأنشطة جزئية
متباينة الأشكال، لكنها
متكاملة أشد التكامل. تقدم التنظيمات الإسلامية المسلحة
مسوغين للحرب المتنقلة هما :
كمال الإسلام وكفر الأنظمة
السياسة القائمة. بمقارنة صورة
الإسلام الزاهية مع واقع أنظمة
المنطقة الكئيب، يسعى أتباع
الإسلام الجهادي، الذين يرون في
الماضي كمالا لا يعرفه الحاضر،
إلى تقويض الوضع القائم
واستعادة حال الأمة الطبيعي،
الذي عرفته في ماضيها، وبقي حيا
إلى اليوم في نفسها، حاضنته
الحقيقية، التي أبقته بمنأى عن
النظم التي انحرفت عن المثال
الإلهي، وحفظته من التشوه، الذي
حاولت حقنه به. هدف الجهاد هو،
إذن، استعادة النموذج الأول،
الأصلي، بإزالة نظم التشوه
والانحراف والنقص، وإقامة
حكومة إسلامية تجسده في صعيد
السلطة والدولة، ليكتمل تطابق
المثال والواقع، الدين
والدنيا، والمؤمن وذاته
الحقيقية. على الجهاد قطع رأس
الأمر السياسي القائم، أيا كان،
وإعادة إحياء الأمر الأصلي،
الطبيعي والإلهي: أمر الدنيا
بما هي شأن من شؤون الدين. تشبه الحرب المتنقلة الحرب الثورية من
وجوده عديدة، وتختلف عنها في
سريتها وتدرجها وأيديولوجيتها
وشمولها. وقد صارت قوية الحضور
في حياتنا، مع أن وعينا بروابط
مكوناتها المختلفة ما زال
ضعيفا، وإدراك ما بينها من
أدوار تبادلية ولديها من قدرة
على التنقل بين البلدان
والمجتمعات، ما زال غائما. إن
هناك بيننا من لا يعتبرها ظاهرة
موحدة، ويرى فيها ظواهر متفرقة
لها توجه عام، هي، في نهاية
المطاف، محلية الطابع وتفتقر
إلى تنسيق كاف، وإن كان مركز
واحد وهدف عام يجمعها. لا شك في
أن التقطع والمرحلية والتدرج هي
التي تضفي الغموض على هذا النمط
من الحرب، خاصة لدى من يقارنون
بينها وبين الحرب الثورية، التي
كانت حرب عصابات في بلد واحد،
وكان لها طابع علني وتواصلت دون
هوادة إلى أن انتصرت أو هزمت،
بينما الحرب المتنقلة متقطعة
وتدريجية، تعلو وتهبط، تتقدم
وتتوقف، وتتسم بالسرية دوما. لهذا النمط من الحرب جذور في كل مكان. وهو
يخترق حياتنا العربية
والإسلامية بدأب وإصرار. ولا
مفر من الاعتراف بأن مستقبله
واعد، لأسباب أهمها حال النظام
الرسمي السائد، العاجز
والضعيف، الذي يرفض إصلاح نفسه
خشية أن يقوي الإصلاح خصومه
عامة والإسلاميون منهم خاصة،
بينما يقول الواقع إن وضعه
الراهن يقوض شرعيته ويستدعي
التطرف كبديل مقبول له. ومن لا
يصدق فليتأمل ما يجري في اليمن
والصومال والعراق ولبنان
وفلسطين والسودان وأفغانستان
وباكستان والجزائر وموريتانيا
وتشاد ... وليقارن قوة الحركات
الإسلامية اليوم بقوتها
البارحة، وانتشارها اليوم
بانتشارها قبل أعوام قليلة،
فيفهم لماذا تخاف أمريكا
الهزيمة على يد طالبان، ولماذا
عجز جيش اليمن خلال ثلاثة أشهر
من القتال عن قهر الحوثيين. ثمة أساسان سياسيان للحرب المتنقلة، إلى
جانب حماسة أنصارها لخوضها،
أحدهما شعور أتباعها بأن النظام
الدولي ظلم ويظلم المسلمين،
وثانيهما التدهور السريع في
الأمر القائم، الذي هو نقيض
الدين الصحيح والهوية الحقيقية.
يخوض أنصار هذه الحرب معاركها
على جبهتي النظام الدولي والنظم
المحلية، ويحققون تقدما
تدريجيا تسارع في كل مكان خلال
العقد الأخير. بالمناسبة، لا
يؤمن هؤلاء بالتسويات والحلول
الوسط، ويعدونها كفرا، فالمثال
الإلهي لا يمكن ولا يجوز أن
يختلط بالنقص والفساد
الدنيويين، ومن الكفر إدخاله في
تسوية معهما. لا يريد أنصار
الحرب، كذلك، تحقيق الحد الأدنى
من مطالبهم، لعدم وجود مثل هذا
الحد بالنسبة إليهم. لذلك، يقول
شعارهم، الذي أخذوه عن بعض
حركات حرب العصابات الشيوعية
والوطنية : الشهادة أو النصر،
فلا تسوية ولا حل وسطا بينهما،
وليس هناك، بطبيعة الحال، حد
أدنى من الشهادة أو النصر، فإن
أجبرت الظروف طرفا من أطراف هذه
الحرب على عقد صفقة ما، فليكن
هدفه نقضها في أقرب وقت وليس
احترامها وتطبيقها، كي لا تسيء
إلى الخط الاستراتيجي القائم
على خيار نهائي يقول : إما نحن
وإما هم. إما دار الإسلام أو دار
الكفر. تمثل الحرب المتنقلة نوعا جديدا من
الإسلام السياسي، يختلف عن نوع
سابق عرفته نهاية القرن التاسع
عشر وبدايات القرن العشرين،
وفشل في صد زحف الاستعمار
الأوروبي على العرب والمسلمين.
كما يختلف عن إسلام العقدين
الثالث والرابع من القرن
العشرين، الذي غلب عليه الطابع
السياسي وعبرت عنه بصورة رئيسية
حركة الإخوان المسلمين، وتم
تحطيمه في مصر ثم في سورية. ترى منظمات الحرب المتنقلة في نفسها نقيض
الغرب، والإسلام السياسي
المهزوم، والعالم الرسمي، الذي
ينخره الفساد وينهكه الضعف
والعجز وتبدو حظوظه معدومة في
الإصلاح كما في الاستمرار بسبب
عداء شعوبه، وفشل كل ما فعله أو
وعد بتحقيقه، ووجود اقتناع شامل
لدى الأمة بأنه لم يعد يملك
القدرة على تلبية آمالها. إلى هذا، تتصاعد الحرب المتنقلة وتتوطد
في فترة انحسار مدارس فكرية
وسياسية 'حديثة'، ظهرت ردا على
فشل إسلام القرن التاسع في
حماية المنطقة العربية من
الاستعمار، هي المدارس القومية
والاشتراكية والليبرالية
والإسلامية المعتدلة، التي
تكونت مطالع القرن الماضي وتولت
حكم بلدان عربية عديدة، وفشلت
في تنمية بلدانها سياسيا
واقتصاديا واجتماعيا، وفي بناء
دولة وطنية، شعبية
وديموقراطية، وتحقيق الوحدة
العربية والعدالة الاجتماعية،
وحماية الوطن العربي واللحاق
بالعصر، علما بأن فشلها يضفي
شرعية شعبية على منظمات الحرب
المتنقلة، التي تسد فراغا
سياسيا لا تستطيع الأمة التعايش
معه، وتثبت بأدلة ملموسة قدرتها
على منازلة القوى العظمى
والكبرى. إذا ما تذكرنا، الآن،
أن المسلمين دافعوا دوما عن
أنفسهم بدينهم، حين عجز غيره عن
الدفاع عنهم، وأنه يقوم اليوم
أيضا بدوره هذا، بينما تتخاذل
قوى الأمر القائم وتستسلم أمام
الخارج أو تطلب عونه لحل مشكلات
لطالما قالت إنه هو الذي يقف
وراءها، كاحتلال العدو
الإسرائيلي للأراضي العربية
عام 1967. ومن يتأمل تخلي نظم
المنطقة عن ما كانت تسميه 'محددها
الأيديولوجي '، قوميا كان أم
اشتراكيا أم ليبراليا، وتحولها
إلى نظم أمنية تتملق الإسلام
وقواه المسلحة، وتتبنى كثيرا من
مقولاته حول 'الغرب'، يدرك حجم
الشعور بالخطر الذي يراودها،
وكم يشجع سلوكها منظمات الحرب
المتنقلة ويسهم في إقناع الناس
بصواب أفعالها وسياساتها. للحرب المتنقلة مستقبل واعد. إنها اليوم
بديل أمر قائم فقد دوره وأحدث
فراغا مخيفا في العالم العربي /
الإسلامي، وكبت أي خيار شعبي،
وأحجم بعناد عن بذل أي جهد
لإصلاح أوضاعه واحترام إرادة
مواطنيه. هذا البديل قطع نصف
الطريق إلى النصر، ولن يحول
بينه وبين بلوغه شيء، إن بقيت
نظم العالم العربي / الإسلامي
على حالها، وواصل الغرب حربه
المجنونة على الإسلام
والمسلمين، وتجنب المسلمون فخ
الانقسام ونجحوا في عدم
الانجرار إلى معركة مذهبية، إن
نشبت بينهم دخلوا في حروب قد
تستمر لنصف قرن، سيضيعون فيها
كل شيء !. ' كاتب وسياسي من سورية ============================== اسامة الشريف الدستور 19-11-2009 لم يكن رد فعل الاتحاد الاوروبي
والخارجية الاميركية مقنعا او
منطقيا تجاه الطلب الفلسطيني
بتأييد فكرة الطلب من مجلس
الأمن الدولي الاعتراف بدولة
فلسطينية (تحت الاحتلال) في
الضفة الغربية وقطاع غزة تكون
عاصمتها القدس الشرقية (ضمن
حدود حزيران 1967). فالقول ان
الوقت لم يحن بعد لمثل هذا
الاجراء أو ان الطريق الامثل
لتحقيق حل الدولتين هو من خلال
التفاوض يتجاهل حقيقة ان مسيرة
اوسلو التفاوضية وصلت بعد اكثر
من خمسة عشر عاما الى طريق مسدود.كان
رئيس الوزراء الاسرائيلي
نتنياهو واضحا في رفضه الشرط
الفلسطيني والطلب الاميركي وقف
الاستيطان قبل استئناف
المفاوضات المتعثرة منذ نحو عام
وربما اكثر. وقبله أكد وزير
الخارجية ليبرمان ان لا مكان
لحل الدولتين وهدد الفلسطينيين
من اتخاذ اجراءات احادية الجانب.
بل وأكد ان ولادة دولة فلسطينية
الى جانب اسرائيل سينقل الصراع
الى داخل الدولة اليهودية.وفيما
تتراجع ادارة اوباما عن وعودها
وتقف عاجزة عن اقناع اي من
الطرفين تقديم تنازلات ، وبينما
يحاول الرئيس الفرنسي ساركوزي
اقحام نفسه كوسيط بديل او رديف
لواشنطن ، تبدو الساحة خالية من
اي فرص حقيقية تعيد الأمل بخصوص
نجاح حل الدولتين في هذا الظرف
الذي انتبذ فيه كل فريق ركنا
قصيا ليعيد حساباته وربما ليحضر
نفسه لمواجهة قادمة.المحللان
السياسيان روبرت ماللي وحسين
الاغا نشرا مقالا مشتركا في
مجلة نيويورك للكتب اواخر الشهر
الماضي حاولا فيه تشريح الوضع
القائم وتقديم رؤية لفرص حل
الدولتين اضافة الى استعراض
البدائل الاخرى المتاحة أو
المحتملة. وفي رأي ماللي والاغا
فان حل الدولتين الذي يحظى
بتوافق عربي ودولي ربما يعاني
من عيب خطير وهو انه لا ينهي
جذور الصراع الذي بدأ قبل 1967
بكثير ويعود الى الحرب العربية
الاسرائيلية الاولى عام ,1948 فقد
رفض العرب حل التقسيم وقبلته
اسرائيل ولم يتغير الموقف
العربي - الفلسطيني بشكل جذري
الا بعد اوسلو.ويعتقد الكاتبان
ان فرص حل الدولتين قد ضعفت بعد
ان فشل الرئيس كلينتون في تحقيق
انجاز تاريخي في الايام الاخيرة
لولايته ، وبعد ان فقد الرئيس
بوش حماسه وابدى عدم اهتمام
بتحقيق اتفاق. كما ان انكفاء
اسرائيل نحو اليمين واليمين
المتطرف اضافة الى الانقسام
الفلسطيني وضعف الرئيس عباس غير
من ظروف المناخ الاقليمي
والدولي. ويؤكد الكاتبان ان
تراخي الولايات المتحدة في
السنوات الاخيرة في الضغط على
الطرفين ، وعلى الاخص اسرائيل ،
خلق صعوبات في تحقيق انطلاقة
جديدة للعملية السلمية.وازاء كل
ذلك يطرح كل من ماللي والاغا
سيناريوات محتملة بديلة ومنها
مشروع الدولة الواحدة ثنائية
القومية وهو طرح قديم جديد وجد
من يرعاه في اسرائيل وفلسطين
على مدى السنوات الماضية ، لكنه
حل مرفوض من اكثرية
الاسرائيليين اضافة الى معظم
الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها
حماس. وعلى الرغم من رومانسية
الطرح باعتباره ينهي جذور
الصراع ويقدم دولة ديمقراطية
علمانية يتساوى فيها الجميع
كمواطنين امام القانون في
فلسطين التاريخية الا انه يظل
حلا غير واقعي ، كما يرى المؤرخ
الاسرائيلي بيني موريس في كتابه
الاخير "دولة ام دولتان: حل
الخلاف الاسرائيلي الفلسطيني"
، حيث يقول ان مؤيدي هذا الطرح
ينسون ان الديموغرافيا غلبت
الجغرافيا ، وان من ينادي بهذا
الحل يتجاهل حقيقة ان فرص اقامة
دولة واحدة لشعبين هي اقل
واقعية من تقسيم الارض على اساس
جيوسياسي.اضافة الى ذلك فان
موريس يشير الى الاختلاف الديني
والثقافي والاجتماعي بين
اليهود والعرب ، ويستنتج ان
الفلسطينيين كمسلمين لن يتبنوا
القيم الديمقراطية التي يؤمن
بها الاسرائيليون، ويضيف انهم
حتى لو مارسوا الديمقراطية
فانهم سيصوتون بطريقة لن ترضي
نتائجها الطرف الاسرائيلي.وبينما
ينتهي موريس في كتابه الى نتيجة
محبطة وهي ان اسرائيل لن تستطيع
تحقيق سلام مع الفلسطينيين
وانها بحاجة الى دور اردني
يستوعب كل من الضفة الغربية
وقطاع غزة ، وهو أمر مرفوض
اردنيا وفلسطينيا وعربيا ، فان
ماللي والاغا يطرحان بدائل اخرى.
فهما يقولان ان بقاء الوضع
الحالي على ما هو عليه قد اثبت
فعالية استثنائية. فاسرائيل
رحلت عن غزة وشيدت جدارا عازلا
يفصلها عن ما تبقى من مدن وقرى
الضفة الغربية ، فلم لا يستمر
هذا الحال لسنوات اخرى وربما
عقود؟ وهذا الطرح يقترب من خيار
آخر وهو اقامة دولة فلسطينية
بحدود مؤقتة ، وهو أمر تم رفضه
فلسطينيا ايضا.لكن ابقاء الوضع
كما هو عليه يؤجل المحتوم ولا
يغيره. فالفلسطينيون موجودون
على الارض والقضية الفلسطينية
تعد السبب الاساس في ازمات
الشرق الاوسط والفتيل الذي اشعل
تسع حروب منذ عام 1948 وحتى اليوم.
ويعود المحللان السياسيان
لموضوع حل الدولتين ، الذي يحظى
بتوافق دولي ، لكنه في رأيهما لا
ينهي جذر المشكلة. فلا يستطيع اي
زعيم فلسطيني اعلان انهاء
الصراع اذا لم تعالج قضية
اللاجئين بشكل مرض ، وهنا يكمن
التحدي الاكبر ، في نظر
الكاتبين ، لحل الدولتين.يعود
الكاتبان الى دور الولايات
المتحدة في انهاء الصراع ،
ويؤكدان أن على واشنطن وبالاخص
ادارة اوباما ان لا تكرر اخطاء
الادارات السابقة قبل أن تقدم
على التوسط بين الطرفين. لا يقدم
الرجلان حلا نهائيا ، ومن وجهة
نظرهما فان القضية بالغة
التعقيد. الفلسطينيون في مأزق
عميق بعد سنوات من المفاوضات
العقيمة التي شرعت احتلال
اسرائيل وممارساتها. والعرب
عاجزون عن تقديم دعم حقيقي يغير
من معادلات القوى ، والاوربيون
لن يتحركوا ما دامت واشنطن
تحتكر ملف المفاوضات ، والامم
المتحدة خارج المعادلة منذ ان
اعتمد الفلسطينيون اوراق
اميركا كوسيط وحيد.لا حلول
ناجعة اذن ، والخيارات تبقى
فلسطينية بالكامل ما بين حل
السلطة واعلان الدولة من طرف
واحد ، والابقاء على الانقسام
الفلسطيني في ظل انقضاء شرعية
الرئيس والمجلس ، او محاولة رأب
الصدع والخروج بموقف موحد يرضى
عنه الشعب المعذب ويقاتل من
اجله،. ================================ يجب وقف التمرد في الجيش
الاسرائيلي زهافا جلئون الرأي الاردنية 19-11-2009 تبينت عظمة بن غوريون بأن حل البلماخ،
والايتسل وليحي لانه لم يرد
عصابات مسلحة خاصة - عقائدية
استمدت مصدر سلطتها من خارج
الجيش. على النحو نفسه بالضبط آن
الاوان لان يحل وزير الدفاع
المدارس الدينية التمهيدية قبل
الجيش، وان يحاكم جهاز تطبيق
القانون حاخامات محرضين. يوجد حاخامات لا جميعهم بطبيعة الامر -
دعوا الجنود الى رفض الامر
العسكري وحرضوا جنودا يمضون
الان الى السجن، لكن الحاخامات
انفسهم ما زالوا احرارا برغم
انهم يؤيدون جنود شمشون ونحشون
الذين يرفعون لافتات تعارض
اخلاء حوميش. لا ارى المشكلة مع
رفض الجنود بل مع طاعتهم كل أمر
من الحاخامات، أمر يفضلونه على
أمر قادتهم. يتبين ان طاعة
القادة مشروطة لان الحاخات هم
السلطة العليا من وجهة نظرهم،
واولئك الحاخامات يخضعون
للشريعة. وما يزال هؤلاء الحاخامات يفعلون ذلك
لانهم يعلمون ان جهاز تطبيق
القانون سيظل يضبط نفسه.
الحاخامات المحرضون هم القنابل
الموقوتة الاشد خطرا. ولا يقل
عنهم خطرا الحاخامات الذين
يضبطون انفسهم، وهم حاخامات
يظهرون جبنا اخلاقيا. فبصمتهم
يمنحون المتطرفين الشرعية
لاستعمال العنف والتمرد على
سلطة الاكثرية وقوانينها. وجد في فترة الانفصال حاخامات دعوا
الجنود الى رفض أمر الاخلاء.
ووجد ايضا من دعوا الجنود الى
رفض أمر اجلاء المستوطنين عن
الخليل. لم يحاكم اي واحد منهم.
وهكذا يتمتع رؤساء المدارس
الدينية ب حصانة فعلية في
مواجهة قوانين الدولة منذ سنين. في مقابلة استخذاء جهاز تطبيق القانون
يظهر جهاز الامن من جهته ايضا
استخذاء، لانه يمكن الحاخامات
الداعين الى التمرد الى
الاستمرار على ادارة المدارس
الدينية التمهيدية قبل الجيش
التي اصبحت سياسية ومتطرفة. اقترح اللواء شتيرن لحينه حل الاقسام
المستقلة التي يخدم فيها جنود
المدارس الدينية التأهيلية،
لكنهم ارادوا في الجيش رفض
الاختلاف. لهذا طلب رئيس
الاركان وعناصر اخرى ارضاء
الحاخامات بأقوال نفاق. الان
انقلب السحر على الساحر بدل ان
يتم القضاء عليه من الفور. ان اكثر ما يزعزعنا ان مجلس النواب في هذه
الايام يسكب الزيت على شعلة
التحريض واثارة التمرد لانه
يجيز قانونا يمنح معتقلي
الانفصال من اولئك الذين تمردوا
على قرار الحكومة على تنفيذ
الانفصال وشاجروا جنود الجيش
الاسرائيلي، يمنحهم العفو. ان
تدخل اعضاء الكنيست السياسي
الفظ في اجراءات فرض القانون لا
يقل خطرا عن تسييس الجيش. يضمن
هذا الاجراء ان يوجد جنود
يسمعون مرة اخرى لفتاوى
الحاخامات لا لقادتهم. الرفض هو قرار ضميري قيمي لمن يتخذ لاسباب
ضميرية وشخصية قرار الرفض وأن
يدفع ثمن ذلك. ان الحاخات الذين
يدعون على نحو منظم الجنود الى
الرفض يسببون تمردا. اذا ظل جهاز
تطبيق القانون على ضبط نفسه،
فسيتحمل مسؤولية باهظة عن
مستقبل الديمقراطية وأمنها في
دولة اسرائيل. اسرائيل اليوم ============================= سوريا العازل... للبنان
عن الاحتدام الإيراني - السعودي جهاد الزين
jihad.elzein@annahar.com.lb النهار 19-11-2009 يقطف اللبنانيون حاليا ثمار ما يمكن ان
يكون قد اصبح جديرا بتسميته: “العازل
السوري" في الصراع الايراني
– السعودي المحتدم. لأنه محتدم يمكننا ان نرى الدور السوري
الجديد، والذي يتضح بهذه الصورة
للمرة الاولى منذ اواخر العام
2004. اثبات الاحتدام بين ايران والسعودية لا
يحتاج الى مجهود. نسبة الاحتدام
لا وجوده هي المحتاجة الى تحليل
مداها او سقوفها، لكن لا شك ان
سقفا خطيرا وقد يكون استراتيجيا
جرى اختراقه مع الهجوم الحوثي
داخل الاراضي السعودية. هذا امر
يحصل للمرة الاولى منذ الستينات
اي استهداف الاراضي السعودية
ولربما بهذا الشكل القاطع للمرة
الاولى منذ اواخر العشرينات
واوائل الثلاثينات من القرن
المنصرم. لنتصوّر ان تطورا خطيرا نوعيا بهذا
المستوى حصل... ولم يكن هناك تحسن
– بل تفاهم – في العلاقات
السورية – السعودية حول لبنان...
ماذا كان يمكن ان يحصل؟ كلبناني معني مثل كثيرين بأولوية وحيدة
للحياة السياسية اللبنانية هي
اولوية منع الحرب الاهلية، اجد
هذا "المدخل السوري"
ضروريا للولوج الى بحث تطور
المواجهة الايرانية – السعودية
والاسئلة المتعلقة بها. فلربما
كان احد التحولات الاساسية في
الموقع السوري منذ التوافق
الاقليمي – الدولي الذي ادى الى
"اتفاق الدوحة" في صيف
العام 2008 والذي اعاد السلم
الاهلي المفقود في لبنان منذ
العام 2005، هو نشوء دور لسوريا
"يعزل" الوضع اللبناني عن
اي تفاقم في الصراع الاميركي –
الايراني كما في الصراع السعودي
– الايراني كما بمعنى ما في
الصراع الاسرائيلي – الايراني
طالما بقيت المواجهة سلمية اي
بدون هجوم عسكري اسرائيلي. اما
في الحالة الاخيرة، فان سوريا
التي هي اصلا جزء من المواجهة
السياسية مع اسرائيل طالما ان
اراضيها في الجولان محتلة،
ستصبح فورا – اي في حالة الهجوم
العسكري الاسرائيلي – طرفا
مساندا ل"حزب اله"
بوسائلها الجغرافية المعهودة
والشاسعة. وبطبيعة الحال فان العازل السوري في
التجاذب السعودي – الايراني
مختلف تماما عن اي دور "عازل"
في الموضوع الاسرائيلي هذا اذا
كانت تجوز تسميته كذلك. في
الحالة الثانية يساهم السوريون
في استبعاد المواجهة العسكرية
في جنوب لبنان وهو امر احيانا –
كما هو الآن - ل"حزب الله"
مصلحة اكبر فيه، لكنهم جزء لا
يتجزأ مع ايران من الصراع العام
العربي – الاسرائيلي. اما مع
السعودية، فهم، اي السوريون
يستعيدون جزءا من تقاليد علاقة
تفاهم بينهم وبين المملكة،
تقاليد آخذة بالتبلور الايجابي
ولو البارد لكن لبنان فيها هو
بند تفاهم بل بند اتفاق بدأ في
"الدوحة" وتواصل بدقة مع
الانتخابات النيابية اللبنانية
وها هو الآن يتجسد في الوفاق
الحكومي. على مستوى المنطقة، شهدنا اوائل هذا
الشهر لسبب ما، تصعيدا لا سابق
له على رقعة الشطرنج الايرانية.
لقد مد اللاعب الايراني يده الى
حيث لم يصل، ولم يحاول، ولم يكن
ليستطيع اصلا ان يصل، في السابق.
لقد مس بالحدود السعودية بنفسها. الرد السعودي السريع والعنيف والحاسم
ربما خفف من قدرة العديد من
المراقبين على رؤية الحدث ببعده
"العميق". والاسئلة هنا تتعلق بايران باعتبارها
صاحبة المبادرة المفاجئة: 1 – لماذا عمد الايرانيون الآن (اي منذ
اوائل هذا الشهر) الى توقيت هذا
الهجوم الاستثنائي الذي يلعب
على خارطة المملكة نفسها؟ 2 – هل تطورات الاوضاع الداخلية في ايران
منذ "حشرة" الصراع الداخلي
في الانتخابات الرئاسية
الاخيرة، ام حوادث امنية كبيرة
لا نعرف منها الا تفجير
بلوشستان الشهر المنصرم ضد
قيادات في "الحرس الثوري"
وتأتي حصيلة تفككات خطرة في
الجهاز الامني الباكستاني وفي
مناطق "سنية" من ايران (بلوشستان)...
فأرادت طهران بعدها ان توجه
للاعبين المؤثرين الكبار في
الوضع الباكستاني ومنهم
السعودية، رسائل عن امكانها
اللعب بالاوضاع الداخلية لهذه
الدول اذا تواصل تهديد وضعها
الداخلي؟ 3 – ولكن لماذا اختيار "السعودية"
المعروف عنها انها مستنكفة عن
اي دور "عسكري" في اي بقعة
"داخلية" في المنطقة،
ولربما يمثل اليمن الاستثناء
التاريخي الوحيد في طبيعة
النزوع السعودي هذا ولكن ليس
عبر التدخل العسكري المباشر،
وانما عبر دعم طرف محدد، كانت
تدعم القوات الملكية في
الستينات وهي اليوم تدعم "الدولة
المركزية". 4 – ثم ان المثير ان الايرانيين لجأوا
للمرة الاولى قطعا في العديد من
الدوائر المنخرطين فيها، الى
استخدام لغة طائفية صريحة. لم
يفعلوا ذلك بهذا الشكل في
العراق، حيث الكتلة الشيعية
الكبرى في العالم العربي (والاثنا
عشرية مثلهم مذهبيا). ولم يفعلوا
ذلك – اقصد لغويا – حتى ابان
احتدام الصراع المذهبي في لبنان
بين 2005 ومنتصف 2008 ايام كان
اخصامهم في الهجوم التعبوي؟
بينما استخدموا وبشكل متصاعد
لغة مذهبية صريحة في اليمن منذ
اندلعت المواجهة بين الجيش
السعودي والحوثيين؟ اقصد من ذلك
ان الايرانيين يوظفون الوجود
الشيعي – خصوصا الاثني عشري –
في بضع دول عربية ويحققون
نجاحات سياسية، يقومون بذلك بعد
استكمال سيطرتهم السياسية على
العديد من المجموعات الشيعية في
بعض دول عربية وهذا تطور نوعي
غير مسبوق في العصور الحديثة
للمنطقة تنبغي دراسته بامعان...
لكنهم يقومون بذلك حتى الآن دون
استخدام تعبئة مذهبية معلنة؟ فهل الخسائر الكبيرة التي تعرض لها
الحوثيون بعد تعرض الحدود
السعودية للهجوم يملي هذه اللغة
الايرانية الصريحة حيال الشيعة
(الخماسية الائمة)؟ ام ان
استقطاب هذه الفرقة الخاصة من
الشيعة يتطلب رفع لغة الاحتضان
المذهبي؟ عندما اندلعت المواجهات مع الحوثيين على
الاراضي السعودية دعا التصريح
الاميركي الاول الى "الحرص
على حماية المدنيين"... كان
الامر سياسيا مدعاة تساؤل على
الارجح في الرياض لان التصريح
عنى نوعا من "الحيادية"
العجيبة بمعزل عن محتواه
الاخلاقي حين يتعلق بالمدنيين.
السياسة الاميركية الغامضة؟
كيف استقبل المسؤولون
السعوديون هذا التصريح يومها؟
لا شك انهم كانوا غير مرتاحين...
وإن كان الموقف الديبلوماسي
الاميركي تغير لاحقا باتجاه
اوضح في "حق الدول في الدفاع
عن نفسها"؟ الحدود اليمنية عادت مليئة بالاسرار...
وبينها من اين يأتي الحوثيون
بهذا "الخزان البشري"...
ناهيك بالسؤال من اين اتوا بهذه
الاسلحة الثقيلة التي تسمح لهم
بمقاتلة جيشين؟ هل من طرف ثالث،
ام هي طرق التهريب القديمة مضى
على استخدامها سنوات... ام؟ • • • لبنان في ظل التفاهم السعودي – السوري...
يمضي نحو اختبار سلم اهلي اكيد
– ولا نظنه مهددا – لكن في
مرحلة جديدة من الصراع السعودي
الايراني الذي افتتحه –
للتذكير – التغيير الاميركي
للنظام العراقي. هل ينتبه الاميركيون الى امكانات اتساع
"العازل السوري" نحو جنوب
لبنان لو كانت هناك فرصة سلام
شامل سورية – اسرائيلية؟
بدونها من المستحيل حصول
الاتساع. ============================== حدود العلاقات الندّية
اليابانية الأميركية
وآفاقها المستقبل - الخميس 19 تشرين
الثاني 2009 العدد 3488 - رأي و فكر - صفحة 20 ماجد الشّيخ تمثل جولة الرئيس الأميركي باراك أوباما
الآسيوية 12/20 تشرين الثاني (نوفمبر)
الجاري وفي مقدمتها اليابان،
محاولة للعمل على إعادة أو
استعادة الدور القيادي
لواشنطن، وتخفيض حدة الخلافات
مع الحلفاء التاريخيين في
المنطقة، وذلك عبر البحث في
أصداء الأزمة المالية
والاقتصادية العالمية
والعلاقات الدفاعية
والاستراتيجية مع دول القارة،
وكذلك عبر التركيز على محورية
هذه الدول في اقتصاد القرن ال21،
ومواجهة التحديات المشتركة مع
التشديد على دور القيادة
الأميركية كمحرك للتعافي
الاقتصادي. يأتي ذلك على خلفية ارتدادات الهزة التي
مثلها فوز الحزب الديموقراطي
الياباني في انتخابات آب (أغسطس)
الماضي، والتي بدأت تتكشف
تباعاً، بدءاً من إعلان طوكيو
نديتها مع واشنطن، ورغبتها نقل
وإلغاء قواعد عسكرية أميركية،
وذلك في جرأة غير معهودة، هي
المرة الأولى منذ نصف قرن، حيث
تنوي طوكيو مجابهة واشنطن بشأن
مستقبل قواعدها العسكرية في
اليابان. فضلاً عن إعلان وزير
الخارجية الياباني كاتسويا
أوكادا رداً على تصريحات لوزير
الدفاع الأميركي، "أن
اليابان دولة ديموقراطية تحترم
إرادة شعبها، ولهذا لن تقبل ما
تقوله الولايات المتحدة لمجرد
أنها الولايات المتحدة". مثل هذه المواقف الجريئة، تنسجم ووعود
الحزب الانتخابية، وما صدر عن
قادته في أعقاب إعلان فوزهم
الانتخابي، فقد أعلنت حكومة
يسار الوسط التي شكلها يوكيو
هاتوياما، أنها تزمع إقامة
علاقات ندية مع واشنطن، وفي
السياق أبدت رغبتها نقل قاعدة
فوتينما الجوية الأميركية
الواقعة في منطقة عمرانية على
جزيرة أوكيناوا الجنوبية، إلى
خارجها، وذلك تنفيذاً لوعود
أطلقتها قبل الانتخابات التي
أطاحت الحزب الليبرالي
الديموقراطي (المحافظ) الذي
استمر يحكم البلاد منذ العام 1955.
كذلك يسعى الحزب إلى إدخال
تعديلات على اتفاق مبرم مع
واشنطن عام 2006 بشأن مراجعة
الوضع المتميز الذي يتمتع به 47
ألف جندي أميركي ينتشرون في
اليابان. كما تسعى طوكيو الآن
إلى إنهاء مهمتها للدعم
اللوجستي في أفغانستان في كانون
الثاني (يناير) المقبل، وفتح
تحقيق حول معاهدات سرية أبرمت
بين طوكيو وواشنطن خلال أعوام
الحرب الباردة. باختصار.. تريد طوكيو في عهد الحزب
الديموقراطي، واستجابة لوعوده
الانتخابية، مراجعة كامل
العلاقة التي ربطت اليابان
بالولايات المتحدة، وإن لم يكن
نقضها بالكامل، ولكن على الأقل
مراجعة ما أملته سياسات الخضوع
اليابانية، استجابة لما كانت
تفرضه الولايات المتحدة، إلاّ
أن ثمة معوقات قد تحول دون
انعطاف كامل في السياسة
اليابانية، نظراً لموازين
وتوزع القوى داخل الحزب
الديموقراطي، بوجود جناح يساري
قوي، وآخر أكثر ليبرالية، وأكثر
ميلاً لعدم التصادم مع واشنطن.
ولهذا السبب تنشأ ضرورة إجراء
تعديلات في طبيعة العلاقات
اليابانية الأميركية، تلك التي
فات زمانها، وسط عالم يتأزم على
وقع مسببات أخرى اقتصادية
ومالية بالدرجة الأولى، تتطلب
تحالفات من نوع جديد، واستدارات
في السياسة لم تعد تخضع لحسابات
معطيات سابقة، نشأت في كنف ظروف
الحرب الباردة. وعلى هذا الأساس، لم تعد واشنطن تسعى إلى
"تصفيح" هيمنتها في البيئة
الأمنية والسياسية الآسيوية،
حيث الوجود الفاعل لليابان
والصين والهند وروسيا، بقدر ما
تسعى إلى مواءمة وموازنة
سياساتها الجديدة في المنطقة،
في ضوء الوقائع الجديدة التي
حتمتها الأزمة المالية
العالمية، التي بدأت أميركية،
وتوجه واشنطن للاستدانة وطلب
تمويل خططها من الصين، حيث كانت
(واشنطن) وحتى وقت قريب تتوجه
لليابان بسياسات؛ دأبها الدفاع
عنها في مواجهة ما كانت تسميه
"التهديد الصيني"، وهذا
وضع يحتّم تغييراً في بوصلة
التحالفات، واتجاهاً أميركياً
نحو تأدية دور سياسي يفيد أكثر
العملية الاقتصادية الجارية
للإنقاذ المالي، على حساب ذاك
الدور العسكري الذي كانت تنيطه
واشنطن بذاتها، وتنقله
بالتبعية لطوكيو الراغبة الآن
في تغيير أولوياتها جدياً. من ضمن هذه الأولويات، يشكل تقليص حجم
الإنفاق العسكري الياباني،
المهمة الواجب القيام بها، في
ضوء التحسن التدريجي والمتنامي
للعلاقات بكل من الصين وروسيا
وحتى كوريا الشمالية، لا سيما
وأن طوكيو بصدد تخفيض اعتمادها
الأمني والعسكري على الولايات
المتحدة جراء ذلك، حتى وهي تؤدي
أو تستمر بتأدية دور عسكري
ثانوي أقل تبعية للولايات
المتحدة. لكن التغيير في بوصلة التحالفات والاتجاه
نحو تخفيف المغالاة في السياسات
الأميركية، يجئ اليوم مترافقاً
مع خلاصة دراسة أعدها المعهد
الدولي للدراسات الاستراتيجية
في لندن، أفادت أن واشنطن قد
تبدأ بخسارة موقعها على الساحة
الدولية من دون مساعدة حلفائها
في الخارج. وأكدت الدراسة أن
اعتماد الرئيس الأميركي على تلك
الجهات الخارجية سوف يتزايد
شيئاً فشيئاً، لعدم توافر بدائل
أخرى، لذلك يبدو الموقف
الياباني الجديد من المعاهدات
التحالفية والتعاون العسكري مع
واشنطن، ضربة أخرى من ضربات
تنامي نفوذ الآخرين، وتراجع
نفوذ القوة والهيمنة
الأميركية، حيث بات "من الصعب
عليها أن تمارس قوتها وتؤثر في
الآخرين" بحسب مدير مركز
دراسات شاتهام هاوس البريطاني
روبن ليبليت. لقد كتب هوتوياما في "نيويورك تايمز"
قبل الانتخابات التي حملت حزبه
إلى السلطة "أن عصر العولمة
بزعامة أميركية يوشك على
الرحيل، ونحن أمام نظام متعدد
الأقطاب" راغباً في رؤية "مجموعة
دول آسيوية" تتشكل على المدى
البعيد، الأمر الذي يعني نهاية
دور اليابان كحليف أول للولايات
المتحدة في شرق آسيا. فهل تكون
السياسة اليابانية الجديدة في
العهد الديموقراطي الجديد هذا؛
ترجمة لسياسة تعدد الأقطاب، وهل
تصريحات قادة الحزب
الديموقراطي الياباني أخيراً،
باتت تعبر عملياً عن تلك الرغبة
اليابانية الدفينة في رؤية
بلادهم قطباً دولياً مستقلاً،
على عكس ما كانته طوال تاريخها
الحديث قطباً تابعاً؟ ============================= هناك حياة للفلسطينيين
في غياب «أبو عمار» خيرالله خيرالله الرأي العام 19-11-2009 بدأ الفلسطينيون يتعودون على فكرة الحياة
من دون «أبو عمار» الذي مرت قبل
أيام الذكرى الخامسة على غيابه.
طوال خمسة أعوام، ترك «أبو
عمّار» فراغاً ضخماً على كل
صعيد، خصوصاً في مجال القدرة
على ممارسة الزعامة ممارسة
حقيقية. مكنته تلك القدرة من وضع
فلسطين على الخريطة السياسية
للشرق الأوسط والعالم. من قبره
في رام الله لايزال «أبو عمار»
يقرع يومياً أبواب القدس
مؤكداً، رغم كل المصائب التي
حلت بالشعب الفلسطيني والنكسات
التي تعرضت لها ولاتزال تتعرض
لها القضية الفلسطينية، أن
الدولة المستقلة ستبصر النور
عاجلاً أم آجلاً. كان «أبو عمار» يدرك كم قضيته كبيرة. كان
يؤمن بالشعب الفلسطيني وقدرة
ابنائه على المقاومة والصمود،
كان يعرف جيداً أن المعركة مع
إسرائيل، والاحتلال الذي
تمثله، معركة حضارية قبل أي شيء
آخر. لذلك، كان يحتفظ دائماً في
جيب قميصه ذي اللون الكاكي
بورقة عليها بعض الأرقام. تشير
الأرقام إلى عدد الأطباء
والمهندسين والمحامين والعلماء
في صفوف الشعب الفلسطيني. كان
يشدد على أن الشعب الفلسطيني
بين أكثر الشعوب العربية تعلقاً
بالعلم والمعرفة يحاول بهما
تعويض جانب من الظلم التاريخي
الذي لحق به. اختصر ياسر عرفات القضية الفلسطينية في
شخصه طوال ما يزيد على ثلاثة
عقود. أدخل فلسطين إلى الأمم
المتحدة وأقام لها سفارات
وبعثات ديبلوماسية في معظم دول
العالم. دخل البيت الأبيض وعاد
إلى فلسطين من بوابة واشنطن
واتفاق «اوسلو». من كان يصدق أن
«أبو عمّار» سيرى يوماً أرض
فلسطين وأن قبره سيكون في رام
الله، موقتاً، وليس في عمان، أو
بيروت، أو تونس؟ لن يكون بعيداً
اليوم الذي سيعود فيه ياسر
عرفات إلى القدس... عاصمة الدولة
الفلسطينية المستقلة «القابلة
للحياة». في الأعوام الخمسة الماضية، طرأت تغييرات
جذرية على المشهد الفلسطيني.
كان ذلك طبيعيا نظراً إلى أن
ياسر عرفات أقام نظاماً على
قياسه. انهار هذا النظام عملياً
مع غياب الرجل الذي كان كل شيء
بالنسبة إلى فلسطين، كان يتعاطى
في الصغيرة والكبيرة، كان صاحب
القرار السياسي والعسكري
والمالي والتنظيمي، خصوصاً بعد
استشهاد «أبو جهاد» و«أبو اياد».
في المرحلة الممتدة من العام 1990
وحتى وفاته في العام 2004، لم يعد
هناك بين القادة الفلسطينيين من
يستطيع الدخول في نقاش جدي معه
أو الاعتراض على بعض مواقفه سوى
السيد محمود عبّاس «أبو مازن»
الذي ينتمي إلى طينة أخرى من
السياسيين، طينة الذين لا
يعرفون المداهنة، ولا
المناورة، ولا حتى استخدام
الأشخاص ضد بعضهم بعضاً، كما
كان يفعل «أبو عمّار». «أبو مازن»
رجل واضح وجريء يلتزم كلمته، هو
باختصار رجل يعرف ماذا يريد
ويعرف خصوصاً أن ليس في
استطاعته أن يكون «أبو عمّار»
آخر. منذ توقيع اتفاق «اوسلو» في خريف العام 1993
في حديقة البيت الأبيض، حقق
ياسر عرفات قسماً لا بأس به من
طموحاته السياسية. عاد إلى
فلسطين ومارس السلطة على جزء من
الأرض الفلسطينية وأن بطريقة
عشوائية تذكّر في أحيان كثيرة
بالأخطاء القاتلة التي ارتكبها
في عمان، وبيروت، ثم في العام 1990
عندما لم يحسن التصرف، ولو من
باب التزام الحد الأدنى من
الوفاء، إثر الاحتلال العراقي
للكويت. ولكن ما كان يشفع به
دائماً تمسكه بالقرار
الفلسطيني المستقل وهذه من
الميزات القليلة التي تجمع بينه
وبين «أبو مازن». استطاع ياسر
عرفات أن يبقى رمزاً لفلسطين
حتى لحظة وفاته في باريس في ظروف
يظن كثيرون أنها غامضة. بدّل غياب ياسر عرفات كل شيء في المشهد
الفلسطيني. هناك نظام انهار. على
انقاض هذا النظام، نشأ وضع جديد
يتمثل في صعود «حماس»
واستيلائها على قطاع غزة
وتحويله إمارة إسلامية على
الطريقة «الطالبانية» مدعومة
من المحور الإيراني- السوري.
احتاج الفلسطينيون خمسة أعوام
كي يدركوا أن هناك مشكلة كبيرة
ناجمة عن الفراغ الذي خلفه غياب
ياسر عرفات. ما لابدّ من التوقف
عنده في هذه الأيام ليس إعلان «أبو
مازن» امتناعه عن خوض
الانتخابات الرئاسية المقبلة
المتوقعة في الرابع والعشرين من
يناير المقبل والتي باتت مرشحة
للتأجيل. في النهاية، تختلف
شخصية الرئيس الفلسطيني الحالي
بشكل جذري عن شخصية ياسر عرفات
الذي كان متمسكا بالسلطة إلى
أبعد حدود. ولذلك، ربّما قرر
محمود عبّاس الانصراف بهدوء
تاركاً الفلسطينيين يتدبرون
أمورهم بأنفسهم بعدما خذله
الوسيط الأميركي. بكلام أوضح،
كان رهان «أبو مازن» على شخص
الرئيس باراك اوباما الذي زاره
قبل الانتخابات الرئاسية
الأميركية وأكد له أنه سيبذل
منذ اليوم الأول لدخوله إلى
البيت الأبيض جهوداً للتوصل إلى
تسوية على أساس خيار الدولتين
استناداً إلى مرجعية واضحة هي
خطوط العام 1967. من حسن الحظ أن الأشهر القليلة الماضية
شهدت للمرة الأولى محاولات جدية
لإقامة مؤسسات فلسطينية. وإذا
كان من ايجابية لقرار «أبو مازن»،
الذي ليس مستبعداً أن يصر على
موقفه، هذا إذا لم تؤجل
الانتخابات إلى أجل غير مسمى،
فأن هذه الإيجابية تمثل في أنه
صارت هناك نواة لمؤسسات
فلسطينية في الضفة الغربية.
إنها مؤسسات مدنية وعسكرية
وأمنية تعتبر أن القضاء على
فوضى السلاح تشكل العامل الأهم
في الصمود في وجه الاحتلال
الإسرائيلي تمهيداً لدحره.
الفضل في ذلك يعود إلى حد كبير
إلى حكومة الدكتور سلام فياض
وإلى الجيل الجديد في «فتح»
الذي أصرّ على انعقاد المؤتمر
العام للحركة في بيت لحم وليس في
أي مكان آخر. بعد خمسة أعوام على غياب «أبو عمار»، يبدو
مفيداً الاعتراف بأن
الفلسطينيين في الضفة الغربية
حققوا تقدماً على صعيد ملء
الفراغ من جهة، وتأكيد أنهم شعب
يستحق الحياة ويستأهل الحصول
على دولة من جهة أخرى... بدأ
الفلسطينيون يتعودون على فكرة
أن «أبو عمار» لم يعد موجوداً
وأن المستقبل للمؤسسات وليس
للذين يختزلون المؤسسات في
شخصهم، مهما كان هذا الشخص
عظيماً ومهما بدا أنه قادر على
ممارسة اللعب على التناقضات! =============================== الخميس, 19 نوفمبر 2009 حسان حيدر الحياة يؤدي الرئيس الافغاني حميد كارزاي اليوم
اليمين الدستورية لولاية جديدة
في بلد مصيره مفتوح على كل
الاحتمالات، وسط تخبط غربي تام
ينعكس خيارات متناقضة أحلاها
مر، ورغبة اميركية وأطلسية
واضحة في التخلص سريعاً من هذا
العبء الذي فرضته الحسابات
الخاطئة للادارة السابقة على
الولايات المتحدة والعالم، عبر
نقل متدرج للسلطات الى
الافغانيين. لكن المؤسف ان
الغربيين لا يجدون أمامهم سوى
رئيس مشكوك في نزاهة انتخابه
ومتهم بالفساد والمحسوبية
للتعامل معه، ويطالبونه في
الوقت نفسه ببرنامج لمكافحة
الفساد. أما المضحك، فأن تقترح
ادارة أحمدي نجاد، المشكوك هو
ايضاً في نزاهة انتخابه،
مشاركتها في «مقاربة اقليمية»
للحل في البلد المجاور، كأن
لديها درساً تعطيه في ارساء
الإستقرار السياسي والاجتماعي. ومع ان لطهران مصالح قائمة في افغانستان
بحكم الجوار والحدود الواسعة
والعلاقات التاريخية والرابط
المذهبي واللغوي مع بعض
المكونات الاجتماعية، وحتى
التأثر السلبي بمشكلة زراعة
الافيون (مليونا مدمن ايراني
على الأقل)، فالراجح انها ترى في
«المنفذ الافغاني» فرصة
للتخفيف من أزماتها المتصاعدة،
أولاً في الداخل حيث لا تزال
الإتهامات بالتزوير قائمة وقمع
المعارضة متواصلاً والانقسام
عميقاً، وثانياً مع الغرب في
ملفها النووي حيث يلوح خيار
توسيع العقوبات بقوة ويلقى
المزيد من القبول دوليا، ولكن
ايضاً للتفلت من «حشرتها» في
الملف اليمني، بعدما فوجئت
بصلابة قرار الحسم السعودي
وسرعة تنفيذه، وبعدما أجمعت
الدول العربية، بما في ذلك
حليفتها الرئيسية سورية، على
التضامن مع المملكة في دفاعها
عن ارضها وحدودها في مواجهة «لواء
الحوثيين» الذي يذكر ب «لواء
القدس». وكانت صحيفة لندنية كشفت قبل يومين عن
وجود كتيب صادر عن وزارة الدفاع
البريطانية يوصي القادة
العسكريين ب «رشوة» الافغان
لثنيهم عن الانضمام الى حركة «طالبان»
التي تدفع عشرة دولارات يومياً
لمجنديها الجدد. وجاء في الكتيب
ان «أفضل الأسلحة للتصدي
للمتمردين ليس اطلاق النار، بل
استخدام أكياس الذهب لتغيير
الوضع الامني». وهذا المبدأ نفسه استخدمه نجاد لكن مع
شعبه. فهو اختار حلاً فريداً
لمكافحة الفقر في القرن الحادي
والعشرين عبر توزيع أموال بشكل
مباشر على مواطنيه في الارياف،
في ما يشبه شراء ذمم الناخبين،
ما أدى الى ارتفاع كبير في
التضخم نجم عن الفائض في
السيولة التي فقدت قيمتها
الفعلية. أما الاميركيون الذين وقعوا ضحية أكبر
عملية نصب في التاريخ، والمقصود
هنا ليس المختلس مادوف بل
الشركات المالية وبورصات
الاسهم التي تبين انها كانت تدر
ارباحاً وهمية تبخرت
تريليوناتها في الهواء سريعا،
فاختاروا هم ايضا «شراء» ولاء
الافغان عبر تطبيق مثال «الصحوات»
العراقية. والنقاش الدائر في الولايات المتحدة حول
«ثمن بناء الديموقراطية» في
افغانستان، يظهر ان كل جندي
اميركي يكلف في السنة مليون
دولار اذا بقي حياً، وان ارسال
تعزيزات جديدة من اربعين الف
جندي يعني اضافة اربعين بليون
دولار على الموازانة المخصصة
للحرب هناك، في وقت يحتج فيه
كثير من الاميركيين على المبالغ
التي ستترتب عليه اذا ما أقر
برنامج الرعاية الصحية الذي
تقترحه ادارة اوباما. وإذا كان الفقر في رأي 70 في المئة من
الافغان هو سبب الحرب في
بلادهم، فان حساباً بسيطاً يظهر
ان ما دفعه الاميركيون
والغربيون في افغانستان منذ
العام 2001 حتى الآن كان يكفي ل «رشوة»
الشعب الافغاني كله، وربما
جيرانه ايضاً. ============================ مجتمعات تنتج التعصب
وانكار الآخر: مصر والجزائر
مثالاً الخميس, 19 نوفمبر 2009 خلال الأيام القليلة الماضية وإزاء
الاشتعال غير المسبوق لحملات
الكراهية المتبادلة في الإعلام
المصري والجزائري وما صاحبها من
أعمال عنف على خلفية تنافس
منتخبي البلدين الوطنيين لحجز
بطاقة التأهل لكأس العالم في
كرة القدم في جنوب افريقيا
العام المقبل، عمل المتعقلون في
إعلام البلدين والإعلام العربي
على التعاطي الاحتوائي مع الحدث
والحيلولة دون تصاعده إلى أزمة
سياسية مفتوحة بين مصر
والجزائر، وعمدوا إلى اربع
إستراتيجيات جمع بينها قصور
الطرح وليس واقعيته الناتجة عن
التزام مفردات ومضامين التعامل
الإنكاري المعهود مع الخلافات
العربية - العربية. البعض رفع لواء الأخوة العربية، مضيفاً
إليها بين الفينة والأخرى صبغة
إسلامية، لتذكير المصريين
والجزائريين بروابط العروبة
المقدسة وبالمصير الواحد ولم
يحصد على مستوى الشارع المجير
للمتعصبين على الطرفين سوى
التجاهل استناداً إلى واقع
الانقسام العربي والاستهزاء
بعد تفنيد الإدعاء بالهوية
المشتركة بصياغات أنكرت على
المصريين عروبتهم بعد أن «باعوا
فلسطين» ووصفوا انفسهم «بالفراعنة»
واختزلت الجزائريين في «بربر لا
يتحدثون اللغة العربية»
والفرنسية لهم أقرب. البعض الآخر عمد إلى استدعاء حمولة تاريخ
النضال المشترك بين المصريين
والجزائريين محيياً - خاصة على
العديد من صفحات الرأي في
الصحافة العربية - ذكريات الدعم
المصري للثورة الجزائرية ودعم
الجزائر للمجهود العسكري
المصري في حربي 1967 و1973، إلا أنه
فوجئ بشارع المتعصبين مستحوذا
على التاريخ المشترك ومحولا
إياه إما إلى استقلال جزائري من
الاستعمار الفرنسي حققه
المصريون في تطاول رديء على بلد
المليون ونصف شهيد وكفاحه
البطولي ضد المستعمر على مدار
قرن ونيف من الزمان، أو إلى
شماتة لا تقل رداءة في نكسة 1967
وتشكيك لا يليق في نصر أكتوبر 1973
الرمز المتوهج للوطنية المصرية
المعاصرة. فريق ثالث ارتأى مقاومة حملات الكراهية
المتبادلة في الإعلام المصري
والجزائري معوّلاً من جهة على
الإستراتيجية الأكثر شيوعا في
عالمنا العربي، وقوامها إعادة
إنتاج صورة إسرائيل كعدو مشترك
لكل العرب يستفيد دوما من
خلافات وصراعات الأشقاء،
ومتهما من جهة أخرى «الأصابع
الخفية للصهيونية العالمية»
بإذكاء نار التعصب بين «الشعبين
الطيبين في مصر والجزائر» عن
سابق إصرار وترصد. بيد أن حظوظ
إستراتيجية «إسرائيل العدو»
هذه فيما خص فاعلية التأثير على
الشارع لم تختلف كثيرا عن
سابقتيها. إذ أضحى السلام
المصري-الإسرائيلي بمثابة
عريضة تخوين يسوقها المتعصبون
في الإعلام الجزائري ضد مصر
الرسمية والشعبية، وسط مزاعم أن
«الصديقة تل أبيب هنأتها على
الفوز على الجزائر في موقعة
القاهرة في 14 تشرين الثاني /نوفمبر»،
وأن رجال أمنها لم يتورعوا عن «إهانة
العلم الجزائري في الوقت الذي
يرفع فيه علم إسرائيل في
العاصمة المصرية»، في حين وصف
المتعصبون في الإعلام المصري -خاصة
محدودو الثقافة والوعي بين
مقدمي البرامج الرياضية - الشعب
الجزائري «ببني صهيون العرب»
واتهموا حكومته بإدارة علاقات
تعاون خفية مع إسرائيل. أخيراً وإزاء محدودية فاعلية
الإستراتيجيات الثلاث السابقة
في احتواء حملات الكراهية
المتبادلة، لجأ فريق رابع من
متعقلي الإعلام العربي إلى
تفسير أو تبرير هستيريا التعصب
الجماعي في مصر والجزائر
بإحالتها إلى وضعية الفشل
والإخفاق التي تعيشها قطاعات
واسعة من مواطني البلدين،
وبحثهم المريض ومن ثم العنيف عن
مساحات ولحظات لتصريف مخزون
الإحباط اليومي، وإن على حساب
أشقاء لهم في الإخفاق قبل
العروبة. مجدداً، جافى هذا
التفسير واقع شارع المتعصبين في
مصر والجزائر الذي لم يقتصر
محركوه على الفقراء
والمحرومين، بل تمدد ليشمل
الشرائح الوسطى والميسورة
الحال التي خلط أعضاؤها بين
انتماء صحي للوطن يدفع بإيجابية
متفائلة للحماس لمنتخباته
وفرقه ورموزه (العلم والنشيد
الوطني) وبين المعنى الشوفيني
والاستعلائي للوطنية في وجه
الخصم الآخر المنافس، بحيث يتم
نفيه التام ومن ثم استباحته
أفراداً ورموزاً إرضاء لغرور
الذات الوطنية. والحقيقة أن
مجرد المتابعة الأولية لنتاج
حملات الكراهية المتبادلة بين
المصريين والجزائريين على
المواقع الإلكترونية التفاعلية
كال «يوتيوب» وال «فيسبوك» تكفي
للتيقن من كون حركية شارع
المتعصبين لم تقتصر بأي حال من
الأحوال على الفقراء
والمحرومين. فمستخدمو هذه
الوسائط الحديثة، وهم بوجه عام
في البلدين من المتميزين
اجتماعيًا واقتصاديًا، روجوا
لمواد فيلمية وغنائية (خاصة
أغاني الراب) جاءت لجهة محتواها
العنيف والكاره للآخر المنافس
أسوأ من الحصاد المتعصب للإعلام
المرئي والمكتوب. بعبارة بديلة، غابت الفاعلية عن
إستراتيجيات التعامل الإنكاري
التي عوّل عليها المتعقلون في
الإعلام العربي لاحتواء حملات
الكراهية المتبادلة بين مصر
والجزائر، لأن واقع التعصب
تجاوزها إما بتفنيد مفرداتها أو
بالاستحواذ عليها وإعادة
تعريفها على نحو يفرغها من
المضمون. فكما لم تعد احتفاليات
الأخوة العربية ومحاولات
استدعاء التواريخ المشتركة
قادرة على ضبط حركة الشارع في ظل
راهن عربي جوهره الانقسام
والتشرذم، فقدت كذلك صورة
إسرائيل كعدو يقف باستمرار وراء
خلافات وصراعات الأشقاء العرب
وكذلك اختزال التعصب في إحالة
سببية سطحية إلى تفشي الفقر في
المجتمعات العربية الشق الأكبر
من صدقيتهما التفسيرية. الأصدق وربما الأكثر نجاعة على المدى
الطويل هو أن نعترف بأننا أمام
مجتمعات، وأزعم أن الأمر لا
يقتصر على الحالتين المصرية
والجزائرية ودينامية المنافسة
الرياضية بينهما، لديها قابلية
مرتفعة لإنتاج التعصب واستبعاد
الآخر لأسباب مختلفة، منها
السياسي المرتبط بقصور ثقافة
الحوار السلمي المستندة دوما
إلى تعدد وجهات النظر والاقتناع
بانتفاء القدرة على احتكار
الحقيقة المطلقة، ومنها
الاجتماعي الناتج عن ضعف
الوسائط التعليمية وأدوات
التربية المدنية المفترض فيها
تعميم تفضيلات قيمية تقبل الآخر
وتحترمه، ومنها أيضا النابع من
فشل مجتمعاتنا في صوغ علاقات
ذات تراتبية واضحة بين هوياتها
الوطنية وانتمائها إلى إطارات
جمعية أوسع إن عربية أو إسلامية.
يتأسس على مثل هذا الاعتراف في
خطوة ثانية حتمية البحث داخل
المجتمعات العربية وفي ما بينها
عن سبل عملية لمواجهة القابلية
للتعصب انطلاقاً من الواقع
الراهن ومن دون مبالغات
احتفالية أو استدعاءات ماضوية.
وقناعتي أن لنا في تجربة أوروبا
الغربية بعد الحرب العالمية
الثانية، وتحديداً في ما خص دعم
ثقافة الحوار السلمي داخل
المجتمعات الأوروبية والدور
الهام الذي لعبته أدوات التربية
المدنية في هذا الصدد، وكذلك
صناعة قبول الآخر من خلال برامج
للتعاون التعليمي والمهني
والرياضي صممت لتخطي حدود الدول
الوطنية من دون إلغائها، لنا في
ذلك العديد من الدروس المهمة
التي آن أوان الانفتاح الجاد
عليها والاستفادة منها. * أكاديمي مصري. ============================ أفغانستان.. ليست شيكا
على بياض بقلم :جو غالاوي البيان 19-11-2009 لم يتخذ الرئيس الأميركي باراك أوباما
قرارا حول ما الذي سنفعله في
أفغانستان، ولكن إذا كان فيض
التسريبات التي انطلقت مؤخرا
يشكل مؤشرا، فإنه على الأقل قد
قرر ما الذي لن يفعله. فهو لن
يكون مندفعا في اتخاذ القرار
البالغ الأهمية. ويبدو أن الرئيس أوباما ليس مستعدا لأخذ
الكلام على عواهنه من أي من
اللاعبين على الساحة، وبصفة
خاصة من الجنرال ستانلي
ماكريستال قائد القوات
الأميركية في أفغانستان، الذي
يريد حشد ما يتراوح بين 45 ألفا
إلى 60 ألف جندي أميركي جديد في
أفغانستان.. وليس من مستشاريه
لشؤون الأمن القومي الذين طرحوا
خيارات متعددة. وقد تسرب من البيت الأبيض أنه ما من بديل
من البدائل المختلفة المطروحة،
يتضمن ما يرغب الرئيس الأميركي
في رؤيته، وهو تقدير محدد لعدد
السنين الإضافية التي سيتم
الاحتياج إليها، بعد السنوات
الثماني التي تم استثمارها في
أفغانستان بالفعل، واستراتيجية
الخروج منها. وهناك سؤال في غاية
الأهمية، وهو: كم من الوقت
سنقضيه في أفغانستان.. وكيف
سنخرج من هناك عندما يحين الوقت
للقيام بذلك؟ دعنا نسمي الإجابة على هذا التساؤل
بالتخطيط العسكري رقم 101. ومثل
الرئيس الأميركي، فإننا نجد
أنفسنا غارقين في التفكير
والتساؤل.. لماذا لم تتخذ من قبل
هذه الخطوة الأولى الأساسية في
إلزام أمة ومؤسستها العسكرية
وخزانتها بحرب، وغابت عنها كل
البدائل المطروحة عند المنعطف
المهم قبل ثماني سنوات؟ لقد كانت استراتيجية الرئيس الأميركي
السابق بسيطة، وهي متابعة
الانطلاق في المسار. إن ما أراده
الجنرال ماكريستال وقادته في
البنتاغون، هو شيك على بياض
بالنسبة لأفغانستان. أرادوا
التزاما مفتوحا، من حيث عدد
سنوات البقاء هناك وعدد القوات
والمال. إن الطلب الذي طرحه العسكريون على
المائدة، إذا تم إقراره كما
كانوا يأملون، فسيرتفع عدد
الجنود الأميركيين في
أفغانستان من العدد الحالي وهو
70 ألف جندي، إلى ما يزيد على
المئة ألف. وتعلمنا التجربة أن
العسكريين سيعودون ليطلبوا
مجددا في الربيع أو الصيف
المقبلين 55 ألفا أو 75 ألف جندي
إضافي، ثم يعودون مجددا في
الخريف لطلبات أخرى. متى كانت
آخر مرة سمعت فيها بقائد عسكري
يطلب أعدادا أقل من الجنود
ومبالغ أقل من المال؟ إن الرئيس الأميركي يستحق التصفيق لعدم
تركه الجنرالات يدفعونه إلى
قرار سريع وحاسم وخاطئ تماما،
بإعطائهم ما يريدون. إنني أفترض أن خطط حرب أفغانستان البديلة
الأربع، التي تم وضعها في
مؤتمرات داخلية استمرت أربعة
أشهر من قبل الخبراء التابعين
للرئيس الأميركي، كانت جميعها
بشكل أو بآخر أنصاف حلول
سياسية، حيث تباعد ما بين
الأسنان لالتهام شرائح مختلفة
من السمكة، وتشتري الوقت بإعطاء
الجنرال ماكريستال نصف أو ثلث
الرغيف. وفي وسط هذا كله.. يبرز السفير الأميركي
لدى كابول، الجنرال المتقاعد
كارل ايكنبري، الذي كان هو نفسه
قائدا سابقا في أفغانستان،
لينصح الرئيس الأميركي بألا
يرسل جنديا واحدا إلا بعد
التخلص من الفساد في حكومة
الرئيس حامد قرضاي. صدمة ورعب. فهذا الجنرال يشير إلى أن
قرضاي ومساعديه ينبغي أن
يتوقفوا عن اقتناص ملايين
الدولارات من المساعدة المالية
المتدفقة، التي قصد منها مساعدة
الشعب الأفغاني الغارق في
المعاناة، وتطهير صفوف
المسؤولين الأفغان من مهربي
المخدرات، وأن يتصرف جيشهم
وشرطتهم بطريقة أفضل من تلك
التي تتصرف بها قطعان الضباع
التي تنهب من القرويين نهارا
وتختبئ من رجال طالبان ليلا. الآن.. ها نحن نتبين معالم الطريق. فالرئيس
أوباما يرغب في معرفة إلى أي مدى
زمني وكم من الجنود وكيف سنخرج
من أفغانستان؟ والسفير
الأميركي لدى كابول يرغب في أن
يصبح حليفنا، أي الحكومة التي
نرسل إليها القوات الأميركية
لتموت في غمار الدفاع عنها،
شيئا يتجاوز الأربعين حرامي..
شيئا جديرا بالدفاع عنه. لم تطرح سلسلة من الرؤساء الأميركيين هذه
الأسئلة، ولم تطالب قط بالنزاهة
والخدمة الأمينة من جانب
الدكتاتوريين في فيتنام
الجنوبية.. والنتائج المترتبة
على ذلك مسجلة في التاريخ
الأميركي، وهي مصرع 58260 جنديا
وإصابة 300 ألف جندي أميركي،
وإرسال ثلاثة ملايين أميركي إلى
الخدمة العسكرية، وصب مليارات
الدولارات في حفرة بلا قاع. هكذا يتعين على الرئيس أوباما أن يكبح
جماح جنرالاته، وأن يمعن
التفكير قبل أن يستثمر ولو حياة
إضافية واحدة أو دولارا، للدفاع
عن حكومة فاسدة تماما، وعن شعب
ينظر إلينا بصورة متزايدة على
أننا تهديد أكبر وعدو أكثر
خطورة من رجال طالبان. على الرئيس الأميركي أن يأخذ كل الوقت
الذي يحتاجه، وأن يمضي في
المسار الراهن إلى أن يتلقى
إجابات عن الأسئلة الآنف طرحها..
وإلى أن يبدأ قرضاي في ملء سجونه
بالوزراء وقادة الحرب
الفاسدين، حتى وإن كانوا مقربين
منه.. فقد آن الأوان لذلك. صحافي أميركي متخصص في الشؤون
الاستراتيجية ============================ مقاربة بين الاتحاد
الأوروبي والتكامل العربي آخر تحديث:الخميس ,19/11/2009 الخليج يوسف مكي سؤال مركزي يطرح نفسه بحدة أمامنا، ونحن
نشهد حالة العجز عن مواكبة
التقدم الذي يحدث من حولنا:
لماذا تمكن الأوروبيون من خلق
اتحاد قوي يجمعهم، مع أن
صراعاتهم مع بعضهم كانت أشد
قسوة ومرارة مقارنة بالصراعات
العربية الداخلية وفشلنا نحن؟. كان العرب يصارعون قوى خارجية حاولت
النيل من الاستقلال، تمثلت في
زحف مغولي وعثماني وأوروبي،
واجهوه بقوة، وتمكنوا من انتزاع
استقلالهم. بدأ النظام العربي
في التشكل، قبيل نهاية الحرب
العالمية الثانية، بتأسيس
جامعة الدول العربية، المعضّدة
بحقائق الدين والتاريخ
والجغرافيا واللغة والمعاناة
المشتركة. ومع كل عناصر التحريض
على التضامن والوحدة لم يتمكن
النظام العربي الرسمي، من تحقيق
نقلات نوعية في هذا السياق، رغم
كثرة المعاهدات والمواثيق
والبروتوكولات التي وقعها
القادة العرب، منذ تأسيس جامعة
الدول العربية عام ،1945 شملت
مجالات الاقتصاد والسياسة
والثقافة والعلوم. على الجانب الآخر، تراجع الصراع الرئيسي
بين القارة الأوروبية والخارج،
بعد تضعضع السلطنة العثمانية،
وتوقف الحروب الصليبية، بفعل
عاملين رئيسيين: الأول تقهقر
الدور السياسي للكنيسة بعد حركة
الإصلاح الديني، التي قادها
مارتن لوثر وكالفن، وبعد سيادة
الأنظمة الوضعية، إثر انتصار
الثورتين الفرنسية
والإنجليزية، وبروز أنظمة
دستورية تستند على العلاقات
التعاقدية. لقد أصبح الصراع،
بعد تلك الحقب، يدور داخل
القارة الأوروبية، وبين
الأوروبيين أنفسهم، بين كبريات
الدول، وبشكل خاص بين فرنسا
وألمانيا. باختصار كانت مشكلة أوروبا مع نفسها،
بينما مشكلة العرب تمثلت في
صراع غير متكافئ مع قوى
كولونيالية، أرادت النيل من
حريتهم وحقوقهم. وفي هذا
السياق، تجدر ملاحظة أن
الأوروبيين خاضوا حربين
عالميتين، هما في حقيقتهما
بالأصل استكمال للحروب التي
دارت بين الأوروبيين، وفي داخل
أوروبا. وكان انهماك القارات
الأخرى في تلك الحرب، وبشكل خاص
الولايات المتحدة الأمريكية
نتاجا لتداعيات الصراع بين
الأوروبيين أنفسهم. فشرارة الحرب العالمية الأولى، كانت بسبب
قيام طالب صربي باغتيال ولي عهد
النمسا. وكانت نتائج الحرب
العالمية الأولى، قد تركت ملفات
كثيرة معلقة دون علاج، بحيث
يمكن وصفها فعليا، بأنها حرب لم
تكتمل. وجاءت الحرب العالمية
الثانية، بمبادرة ألمانية،
بزعامة هتلر لتتصدى لتداعيات
الحرب الأولى، ولتفتح الأبواب
على مصاريعها لأعنف حرب مدمرة
لا تزال البشرية، بعد أكثر من
ستين عاما على نهايتها، تعاني
من كوارثها. نحن في هذا السياق، إزاء مقاربتين، تجعل
الكفة، لأول وهلة، ترجح العناصر
الجاذبة لوحدة العرب، والعناصر
الطاردة لفكرة الوحدة
الأوروبية. بمعنى أن المقاربة
الأولية لخارطة الصراع في الوطن
العربي وفي أوروبا، تجعل الكفة
تميل بقوة لصالح العرب، خاصة
وأن العوامل التي تحرضهم على
الاتحاد غير موجودة لدى
الأوروبيين الذين يفتقرون إلى
وحدة الثقافة واللغة والتاريخ
والمعاناة المشتركة، وجميعها
عناصر جاذبة لتحقيق الوحدة، غير
متوفرة للدول الأوروبية. هنا بالدقة، تكمن وجاهة السؤال: لماذا
تمكنوا من تحقيق وحدتهم وفشلنا
نحن؟. الإجابة على هذا السؤال، ليست ترفاً
فكرياً أو رياضة ذهنية، بل
لعلنا من خلالها نتمكن من تجاوز
مغاليق جراحاتنا ومراراتنا،
وربما تفتح أماما بوابات الأمل،
حين تكشف لنا عن قدرة الإنسان
الاستثنائية على تجاوز
التراكمات السلبية التاريخية،
وتكون مخرجا من الانتحار
الجمعي، وعاملا للخروج من نفق المحنة، وطريقا لتجاوز
حالات الاحتراب مع الذات. في هذا السياق، يشير الصديق الدكتور حسن
نافعة، عميد قسم العلوم
السياسية في جامعة القاهرة، في
كتابه (الاتحاد الأوروبي
والدروس المستفادة عربيا)، إلى
أن فكرة الوحدة الأوروبية برزت
لأول مرة، أثناء الصراع بين
السلطة الروحية التي تمثلها
الكنيسة، بقيادة البابا وبين
السلطة المدنية التي يمثلها
الملوك والأمراء. فقد أدرك عدد
من كبار المفكرين الأوروبيين أن
استمرار الصراع بين السلطتين
الروحية والمدنية، يضعف الغرب
والمسيحيين، في مواجهة الشرق،
وخاصة المسلمين. إن الوحدة
الأوروبية في هذا السياق، تأتي
بهدف مواجهة الشرق المسلم
والاستيلاء على الأماكن
المقدسة، وبشكل خاص القدس، من
يد المسلمين. لكن تلك المحاولات لم يكتب لها النجاح،
فقد استمرت الصراعات والحروب
بين الأوروبيين. ودخلوا - كما
قدمنا - في حربين عالميتين
مدمرتين. وبرزت محاولات منذ
مطلع القرن المنصرم لتحقيق وفاق
أوروبي، ما كان لها أن تنجز بسبب
تراكمات الكراهية، التي طبعت
العلاقة بين الأوروبيين. ومع
ذلك، شكلت حالة الدمار التي
نتجت عن الحرب العالمية الأولى،
نقطة تحول في التفكير الأوروبي
على الصعيدين الرسمي والشعبي.
حيث برزت الوحدة كسبيل وحيد،
كما يقول الدكتور نافعة، لإنقاذ
أوروبا من نفسها ولمنعها من
المضي في اتجاه انتحار جمعي. لقد
بدت الوحدة برنامجا لتجاوز حالة
الحقد والكراهية، ومنع الحروب.
لكن تلك البدايات الجنينية، لم
تتمكن من منع الاندفاع النازي
إلى أتون حرب عالمية ثانية،
أكثر دموية وتدميراً. لقد أسفرت الحرب العالمية الثانية، عن
تراجع دور أوروبا، وقيام نظام
دولي جديد مستند على ثنائية
قطبي الولايات المتحدة
الأمريكية والاتحاد السوفييتي.
ومع تطور الصراع بين العملاقين،
بدأت تلوح بوادر الخطر
السوفييتي على أمن أوروبا
الغربية، التي اختارت الطريق
الرأسمالي، منهجاً لإدارة
الدولة والمجتمع. وكان تحالفها
العسكري والسياسي مع الولايات
المتحدة الأمريكية، صمام
الأمان في مواجهة التهديدات
السوفييتية. ولأن دول أوروبا مجتمعة، بفعل النتائج
السوقية للحرب العالمية
الثانية، قد أصبحت “ستالايت”
أطرافا تابعة “للمتروبولتين”،
المركز “الولايات المتحدة
والاتحاد السوفييتي”. وغدت
مدينة برلين الألمانية منطقة
تلاقي القوتين العسكريتين
الأمريكية والسوفييتية، النقطة
الفاصلة بين غرب القارة
الأوروبية وشرقها. باتت أوروبا
المنقسمة على ذاتها، إلى غرب
وشرق، بحاجة إلى حماية عسكرية
من خارجها. فتشكل حلفان: ناتو
بزعامة الولايات المتحدة
الأمريكية، وقد شكل مظلة عسكرية
واقية لحماية أوروبا الغربية،
وحلف وارسو وضم الاتحاد
السوفييتي، قبل سقوطه ودول
أوروبا الشرقية. انتهى الحلف
الأخير، بسقوط الاتحاد
السوفييتي، وانهيار المنظومة
الاشتراكية في بداية
التسعينيات من القرن المنصرم.
وعلى الصعيد العملي، لم يتبق من
حلف عسكري آخر، على الصعيد
الكوني غير حلف ناتو. إن نتائج الحرب العالمية الثانية، أفرزت
جملة من الحقائق بالنسبة
لأوروبا الغربية، لعل أهمها
ثلاث حقائق: الأولى تراجع الدور
الأوروبي، الذي بات سببا في
انزياح دور الاستعمار التقليدي
عن البلدان العربية. والثانية،
شمول جميع بلدان أوروبا
الغربية، بحماية المظلة
العسكرية الأمريكية، والثالثة،
خضوع جميع هذه البلدان، لبرنامج
إنعاش اقتصادي، عرف بمشروع
مارشال. وكانت هذه العناصر
الثلاثة، قد وفرت الأرضية
الملائمة لانطلاق مشروع الوحدة
الأوروبية، بحيث وصلت في
النهاية إلى ما هي عليه الآن. ============================= الشرق الاوسط عبدالرحمن راشد 19-11-2009 عندما كان الرئيس المصري أنور السادات
يفاوض رئيس وزراء إسرائيل،
مناحيم بيغن، في كامب ديفيد
عقّد الإسرائيليون الأمور إلى
درجة كادت تفشلها، وأحدها حينما
أصروا على تجريد سيناء بعد
الانسحاب من معظم قوة الدبابات
المصرية. ألح الطرف الإسرائيلي
على أن لا يزيد عددها على ثمانين
دبابة، في حين تمسك الوفد
المصري بأكثر من مائة وعشرين،
وهمّ المصريون بحزم أمتعتهم
والعودة إلى القاهرة. ذهب
السادات لوداع الرئيس جيمي
كارتر الذي اعترف بأن المصريين
على حق، ووعد السادات بالضغط
على بيغن، لكن السادات فاجأه
بقبول الشرط الإسرائيلي وعاد
الجميع لاستكمال التفاوض. وهكذا
وقعت كامب ديفيد وعادت كل سيناء
والقناة والنفط وثبت أن السادات
على حق لأن ثلاثين دبابة ما كان
يستحق الخلاف عليها. شعر
السادات أن بيغن يبحث عن وسيلة
لإفشال المفاوضات، وأن مائة
دبابة أو ثلاثمائة دبابة لن
توقف أي عدوان إسرائيلي مستقبلي. إن أي مفاوض فلسطيني يستطيع أن يخمن
المعادلة الرياضية نفسها، هناك
ثلاثة احتمالات بشأن عقدة
المستوطنات لا رابع لها.
الاحتمال الأول، التفاوض مع
تجميد البناء تماما، والنتيجة
لاحقا حل بإزالة معظم
المستوطنات القديمة. الثاني،
التفاوض مع عدم وقف المستوطنات،
والنتيجة حل بإزالة المستوطنات
القديمة والطارئة. الثالث، عدم
التفاوض واستمرار المستوطنات.
أي الاحتمالات الثلاثة أسوأ؟
الأخير بالتأكيد عدم التفاوض
واستمرار البناء. لننظر إلى ما حدث في الجولات الماضية، فقد
تسبب رفض الرئيس الراحل عرفات
مفاوضات عام 2000 إلى استئناف
الإسرائيليين البناء وكبر
الرقم من 180 ألف مستوطن إلى نحو
450 ألف مستوطن اليوم في الضفة.
الرقم سيزداد بوتيرة أوسع بسبب
تعطيل المفاوضات، لأن
الاستيطان لعبة المتطرفين
الإسرائيليين بهدف فرض حقائق
على الأرض بشرية وإسمنتية. فقد أخافت المعارضة الفلسطينية، بقيادة
حماس والجهاد الإسلامي، عرفات،
وأفسدت مفاوضاته مع كلينتون قبل
تسع سنوات بشن عمليات انتحارية
في القدس وغيرها كانت نتيجتها
أن بنى الإسرائيليون واحدا من
أطول الجدران الأمنية في العالم
وأكثرها فعالية، امتد لنحو
أربعمائة كيلومتر. لم ينجح
الجدار فقط في إيقاف العمليات
الانتحارية بل أخطر من ذلك فقد
سرق نحو 12 في المائة من أراضي
الضفة الغربية، ومزق قرى ومناطق
فلسطينية، وأحال حياة أهلها إلى
بؤس مريع. الكثير من الشواهد
تؤكد أن إضاعة الوقت ليس تكتيكا
يناسب الحالة الفلسطينية بل
يخدم فقط الهدف الإسرائيلي.
وأنا هنا أتحدث عن حالة تاريخية
استثنائية بوجود باراك أوباما
في البيت الأبيض، ووسيط نزيه
مثل جورج ميتشل، واستعداد
أوروبي حقيقي لدفع قيام الدولة
الفلسطينية، ورئاسة فلسطينية
تحظى باحترام العالم. هذه المرة عمل نتنياهو على استراتيجية من
جبهتين لإفشال الضغوط
الأميركية، قبل بجزء من طلبات
المبعوث الأميركي بوقف بناء
التوسع في بناء المستوطنات،
لكنه أصر على رفض وقف ما سماه
النمو الطبيعي. واستدرج
الفلسطينيين للغوص في شرط ما
قبل التفاوض، وهكذا ضيع ثمانية
أشهر ثمينة. الإيجابي في الجانب الفلسطيني أن رئيس
الحكومة سلام فياض استمر يعمل
في صمت على مشروع بناء مؤسسات
الدولة الفلسطينية، كما لو أن
الدولة ستعلن بعد عامين. أمر
يثير الإعجاب. مشروع الدولة التفت إليه الأوروبيون في
مطلع الصيف الماضي كوسيلة ضغط
على نتنياهو، ليهددوه بتبني
فكرة إعلان الدولة الفلسطينية
دون مفاوضات. فكرة ليست جديدة
إلا في أمر واحد، أن صاحب
المشروع هذه المرة ليس السلطة
الفلسطينية، بل الجانب
الأوروبي مما يجعلها أخطر خطوة
تجاه إسرائيل منذ احتلالها
الضفة الغربية وغزة في عام 67.
مشروع بالغ الأهمية يتطلب من
الفلسطينيين أن يظهروا أنهم
الطرف المتعاون لا المعطل، لكن
هنا ==================== النقد الموضوعي للحركات
الإسلامية الحياة - الاربعاء, 18 نوفمبر 2009 خليل العناني على رغم حضورها الإعلامي والسياسي
الكثيف، لم تحظ الحركة
الإسلامية بقدر من الدراسة
المنهجية التي تقوم على التعاطي
معها ليس باعتبارها حالة دينية
محضة، وإنما بكونها ظاهرة
سوسيولوجية يختلط فيها
الاجتماعي بالسياسي والديني
والثقافي. وكثيراً ما يتم
اختزال هذه الظاهرة في جانبها
الحركي من دون الولوج إلى عمق
بنيتها الفكرية والتنظيمية،
ناهيك عن تناول سياقاتها
السياسية والاجتماعية. وهو ما
يحرم الحركة من فرصة التعرض
للنقد الموضوعي الذي قد يمكنها
من تصويب مسارها وتقليل أخطائها.
وبوجه عام يمكن القول إن ثمة مدرستين
هيمنتا على دراسة الحركة
الإسلامية باستفاضة خلال
العقدين الأخيرين. المدرسة
الأولى هي التي يمكن أن نسمّيها
مدرسة «النقد الذاتي للحركة
الإسلامية»، وهي مدرسة يقودها
تيار ينتمي الى الحركة ذاتها
وخرج من رحمها، بيد أنه تركها
لاحقاً لظروف وأسباب مختلفة
تتراوح ما بين العام والخاص. في
حين أن بعضاً من المنتمين الى
هذه المدرسة قد لا يزالون
قريبين من الخط العام للحركة
الإسلامية وينتمون إليها
فكرياً ونفسياً وليس تنظيمياً. وأهم سمات هذه المدرسة أنها تكاد تكون
الأقرب الى الواقع والمنطق،
وذلك باعتبار أن «أهل مكة أدرى
بشعابها». وقد صدرت بالفعل
أعمال مميّزة عن هذه المدرسة
منها على سبيل المثال لا الحصر
كتاب «الحركة الإسلامية ... رؤية
مستقبلية» الذي حرره وقدم له
الباحث الكويتي الدكتور
عبدالله النفيسي أواخر
الثمانينات من القرن الماضي.
وقد قام أخيراً أحد أبناء
الحركة سابقاً وهو الدكتور حامد
عبد الماجد بإعادة إصدار الكتاب
ولكن في جزأين وذلك ضمن مشروع
بحثي موسّع لتعميم النقد «الذاتي»
على الحركة الإسلامية «السلمية»
في مختلف أرجاء العالم العربي،
وهو مشروع لو اكتمل سوف يكون
رائداً في هذا المجال. وتحظى هذه
المدرسة بأسماء ثقيلة قامت
بتوجيه نوع من النقد الذاتي
للحركة الإسلامية يتراوح ما بين
الرغبة في الإصلاح وتحسين مسار
الحركة، أو محاولة إخراجها من
قمقمها الديني ودفعها بقوة نحو
المجال المدني، منها على سبيل
المثال العلّامة يوسف القرضاوي
الذي وجّه أخيراً نقداً لاذعاً
لجماعة «الإخوان المسلمين» في
مصر وذلك على هامش أزمتها
الداخلية الأخيرة. ومن هؤلاء
أيضاً الدكتور جاسم سلطان، الذي
يركز في كتاباته على أهمية
الوظيفة الاجتماعية والإصلاحية
للحركة الإسلامية، والذي يحظى
بحضور ملحوظ بين أبناء الجيل
الشاب من الحركة الإسلامية،
بالإضافة إلى أسماء أخرى أمثال
عبدالوهاب الأفندي وإبراهيم
البيومي غانم، وكمال الهلباوي،
وإبراهيم غرايبة، وأحميدة
النيفر، ومحمد أبو رمان، ومحمود
سلطان، وحسام تمام، وعلاء
النادي، وآخرين لا يتسع المقام
لذكرهم. بيد أن معضلة هذه المدرسة أن الإسلاميين
لا يسمعون لها ولا يستفيدون من
رؤيتها النقدية من أجل تصحيح
أخطائهم، وغالباً ما يتم النظر
إليهم بريبة وشك وذلك لأسباب
غير موضوعية بعضها يتعلق
بالخبرات السابقة لكوادر هذه
المدرسة، وبعضها الآخر يرتبط
بالنقد القوي الذي يوجهه هؤلاء
لقيادات الحركة وأطرها
التنظيمية. وهو ما يضيّع على
الحركة الإسلامية فرصة ذهبية
لرؤية أخطائها من خلال أعين
أبنائها الذين كانوا فيها أقرب
إلى رأسمال فكري وعقلي معطَل. أما المدرسة الثانية فهي المدرسة الغربية
التي اهتمت بدارسة الحركات
الإسلامية طيلة العقدين
الماضيين وزاد حضورها بقوة بعد
هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001.
وهي مدرسة يمكن تقسيمها إلى
تيارين رئيسين الأول هو تيار
الاستشراق الأوروبي الذي بدأ
دراسة الظاهرة الإسلامية منذ
أوائل الثمانينات متأثراً
بالمد الجهادي العنيف في تلك
الفترة، فضلاً عن بزوغ إرهاصات
الصحوة الإسلامية في أكثر من
بلد عربي. وقد وصل اهتمام هذا
التيار بالحركة الإسلامية إلى
ذروته مع وقوع المأساة
الجزائرية بين النظام والجبهة
الإسلامية للإنقاذ أوائل
التسعينات. وثمة أسماء كثيرة
تنتمي الى هذه المدرسة منها على
سبيل المثال الباحث المعروف
فرانسوا بورجا الذي يعد من أكثر
الباحثين الغربيين اقتراباً من
الظاهرة الإسلامية رصداً
وتحليلاً. وتظل إسهاماته
البحثية مرجعاً مهماً لدراسي
الحركات الإسلامية فى المغرب
العربي وشمال أفريقيا. يأتي من
بعده أوليفيه روا صاحب الكتاب
الأشهر «فشل الإسلام السياسي»
(1992) والذي تعاطى مع الحركة
الإسلامية من منظور اختزالي
حاول تصحيحه لاحقاً من خلال
كتابه «عولمة الإسلام» (2004).
وتحمل مؤلفات روا حساً
إستشراقياً لا يمكن أن تخطئه
العين، فهو يتعاطى مع الظاهرة
الإسلامية باعتبارها «فيروساً»
دينياً تجب محاصرته، وليس
بكونها ظاهرة سوسيولوجية محضة
لها جذور اجتماعية وهوياتية
تتجاوز هذه النظرة المختزلَة.
ويكتمل هذا «المثلث الفرنسي»
بالباحث المعروف جيل كيبل صاحب
الإنتاج البحثي الوفير، والذي
ينتمي الى نفس مدرسة روا
الاستشراقية التي تختزل
الإسلام في جماعاته وحركاته
الدينية، من دون مد البصر إلى
جوهره الحضاري والأخلاقي. ولم
يشذّ عن هذا الجيل سوى الباحث
الفرنسي الراحل آلان روسيون
الذي اقترب من فهم الخليط
السحري للحركات الإسلامية
وتعاطى معها بشكل سوسيولوجي
نادر. فى حين يحاول الآن جيل
جديد من الباحثين الأوروبيين
التخلص من عقدة الاستشراق
وإبداء قدر من العمق والتوازن
في دراسة الحركة الإسلامية.
وهنا تبدو دراسات باحثين آخرين
مثل السويسري باتريك هاني أقرب
إلى فهم الطبيعة السوسيولوجية
للظاهرة الإسلامية وتحولاتها
المتجددة. أما التيار الثاني داخل هذه المدرسة فهو
تيار «السطحية الاختزالية»
الأميركي، وهو تيار تقبع في
خلفية دراسته للحركة الإسلامية
هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001،
ولنا أن نتخيل مدى تأثير ذلك على
رؤيته وفهمه الظاهرة الإسلامية
وتعقيداتها. فعلى مدار السنوات
الثماني الماضية اشتغلت مراكز
بحثية أميركية على رصد بعض
جوانب الحركة الإسلامية، يظل
أشهرها مركز «راند كوربوريشن»،
وهو مؤسسة بحثية ربحية تخدم
أغراض وزارتي الدفاع والخارجية
الأميركيتين، وقد كانت بمثابة «الخزان»
الفكري للمحافظين الجدد في
تعاطيهم مع الحركات الإسلامية.
وكذلك «معهد واشنطن لدراسات
الشرق الأدنى»، وهو بمثابة
الذراع السياسية للجنة العامة
الإسرائيلية - الأميركية (أيباك).
وتنطلق هذه المؤسسات في تحليلها
للحركة الإسلامية من ثلاث
فرضيات أساسية، أولها أن الحركة
الإسلامية هي بطبيعتها حركة
عنيفة ومتشددة، ولا فرق في
داخلها بين معتدلين ومتطرفين.
أي إنها رؤية مؤدلجة سلفاً ولا
همّ لها سوى إثبات وجهة النظر
الشائعة عن العرب والمسلمين
باعتبارهم مصدراً أساسياً
للكراهية ومعاداة الغرب. وثانيها، أن المقاربة الوحيدة التي تروّج
لها هذه المؤسسات في التعاطي مع
الحركات الإسلامية تظل هي
المقاربة الأمنية والاستخبارية
وليست السياسية. فهي تساوي بين
جماعة «الإخوان المسلمين» و
تنظيم «القاعدة» باعتبار أن
كليهما يمثل خطراً على المصالح
الأميركية. وقد التقيت بعض
العاملين في هذه المراكز
البحثية خلال مؤتمرات ومناسبات
علمية عدة، فوجدت أن معرفة
بعضهم بالحركة الإسلامية لا
يتجاوز زيارة قصيرة قام بها
لهذا البلد العربي أو ذاك بغرض
الترقي المهني أو الأكاديمي. ثالثها، أن المنطق الذي يحكم رؤية هؤلاء
يدفعهم الى المطالبة بدعم
الأنظمة العربية القائمة، وذلك
لتحقيق هدفين، أولهما هو ضمان
عدم وصول هذه الحركات إلى
السلطة ما قد يشكل تهديداً
جدياً للمصالح الأميركية على
غرار ما أحدثته الثورة
الإيرانية عام 1979. وثانيهما،
ضمان ابتزاز بعض هذه الأنظمة من
خلال التلويح بفتح حوار مع
الإسلاميين ما قد يدفعها الى
التماهي مع الرؤى والمصالح
الأميركية في المنطقة. لذا لا
يبدو مفاجئاً أن تمارس بعض
الحكومات الغربية، وخاصة
الولايات المتحدة، قدراً من
النفاق والازدواجية في التعاطي
مع الإسلاميين، ففي حين يجري
الحديث عن دعم الديموقراطية
والحريات المدنية، يتم السكوت
على الانتهاكات التي يتعرض لها
أعضاء وكوادر الحركة الإسلامية
من دون أن يتم توجيه النقد الى
أنظمتها السياسية. وقد يصل
الأمر إلى التعاون بين هذه
الحكومات والأنظمة العربية من
أجل إقصاء الإسلاميين سياسياً،
تماماً كما فعلت فرنسا أوائل
التسعينات حين دعمت الانقلاب
الذي قام به النظام الجزائري في
مواجهته مع الإسلاميين آنذاك. ولسوء الحظ فقد أدت أحداث سبتمبر من جهة،
وجهل المجتمع الأميركي
بالإسلام والمسلمين، ناهيك عن
الطبيعة المعقّدة للحركة
الإسلامية من جهة أخرى، إلى
رواج «سوق» دراسات الحركة
الإسلامية، على طريقة ال «فاشون»
الأمريكية. وكان منطقياً،
والحال هذه، أن تطفو على السطح
طيلة السنوات الخمس الماضية
دراسات وتحليلات اختزالية
للحركة الإسلامية ساهم فيها
باحثون أميركيون وعرب ما أدى
إلى تشويه هذا الحقل وفقدانه
للموضوعية والرصانة. نقول ذلك
من دون أن نغفل بعض الإسهامات
الجادة لنفر من الباحثين
الأميركيين مثل كتابات جون
إسبيزيتو وغراهام فولر وجوشوا
ستاشر. لذا، تظل الحركة الإسلامية في حاجة إلى
منهج تحليلي جديد يستند إلى
الموضوعية والعمق، بحيث يتم
الجمع فيه بين خبرات أبناء
الحركة من جهة، وأدوات التحليل
السوسيولوجي والأنثروبولوجي من
جهة أخرى. وثمة مساهمات جادة في
هذا الصدد يمكنها أن تمثل بداية
لتيار بحثي جديد منها كتابات
رضوان السيد وتشارلز تريب وسلوى
إسماعيل وعبدالغني عماد وخالد
الحروب وسامر شحاتة وطارق مسعود
وجيسون براونلي. ولربما يتطور
الأمر لاحقاً كي نجد أنفسنا
أمام حقل معرفي جديد قد يُطلق
عليه «علم الإسلام السياسي» له
منهجه وأصوله. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |