ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الأحد 22/11/2009


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


الحرس الثوري وعسكرة الطائفية

الشرق الاوسط

21-11-2009

عبد الملك بن أحمد آل الشيخ

مع كل حالة تمرد وموجة إرهاب جديدة تجتاح بلداننا العربية، سرعان ما نكتشف بأن خيوطها إيرانية، عندها يتجدد الحديث والتبرير المكرر، من قبل جماعات الإسلام السياسي الحركي وعلى رأسهم فئة من جماعة الإخوان المسلمين، أو من قبل بعض المحللين السياسيين، من خلال نظرتهم للأسباب التي تدفع نحو التمرد، والإرهاب ورفع السلاح في وجه الدولة.

فيأتي من يأتي مدعيا الموضوعية والحياد السياسي والفكري أو النصح الإخواني الإسلامي، فيمطرنا ببيانات، وتحليلات اجتروها، من حقب وصراعات فكرية ماضية لا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيقها على واقع الحال لهذه الحركات الإرهابية وحالات التمرد لدينا في وقتنا الحاضر.

فنجدهم يتحدثون عن تهميش، وحرمان، وأنها هي السبب الرئيسي في وجود الإرهاب والتمرد، وكأنهم بذلك يرددون شعارات الحرس الثوري الإيراني، في استراتيجيته التوسعية، وتدخله في بلداننا، تحت شعار نصرة المستضعفين ومساعدة المحرومين، وهي الشعارات التي انخدع بها البعض من المواطنين العرب اليوم، كما انخدعوا سابقا بشعارات الشيوعية، ودفاعها عن الطبقة الكادحة من البروليتاريا وحمايتها من جشع وظلم الرأسماليين إلخ. فجرتهم تلك الشعارات الشيوعية نحو مستقبل مظلم دفعت ثمنه بعض الشعوب العربية إلى وقتنا الحاضر.

أظن أن الفكرة، وببساطة متناهية، باتت واضحة في ذهن القارئ المتابع والفطن لهذه الحركات وأهدافها، ولكن ما هو غير واضح، وغير مفهوم تماما، هو هذه البكائية والتبريرات التي تظهر على السطح. كلما وقعت واقعة في بلداننا، يتكشف من بعدها، أن من يدعمها هو الحرس الثوري الإيراني وآخرها الاعتداء الحوثي على الحدود السعودية.

ومكمن الاستغراب هو هل تبرير التمرد والإرهاب وحمل السلاح على الدولة والاعتداء على سيادة الدولة، مقصور فقط على ما يحدث في بلداننا؟ التي لديها من التنمية والمساواة النسبية بين كل الطوائف ما لم يتوفر لدى الكثير من دول العالم الثالث، وخاصة إيران!

ليقل لي أحد بربكم، هل سبق وأن سمعتم مسؤولا، أو كاتبا إيرانيا، أو أحد أعضاء الجماعات الإسلامية السياسية الحركية، في عالمنا العربي، يتحدث عن الوضع المأساوي لغير الشيعة الاثنا عشرية في إيران، بعيدا عن التصريحات العائمة، والمقالات الفضفاضة، وهل رأينا أحد ملالي طهران، يقرر بتعدد المذاهب والأفكار في إيران، بعيدا عن أحادية الاثنا عشرية، التي تمثل دائما في نظرهم محور الخير فيما الآخرون كلهم هم حطب جهنم.

والأخطر من ذلك، ما هو نوع الممارسة الفعلية التي يمارسها الحرس الثوري بحق الأقليات غير الاثنا عشرية في إيران، الشيعية والسنية وغيرهما، وهل سلطنا الضوء على تهميشها وحرمانها من حقوقها البسيطة، بل وتصفيتها ومحو هويتها.

وهل حمل السلاح من قبل هذه الأقليات المهمشة والمضطهدة في إيران ضد الدولة، يجد نفس المبررات لدى من برر حمل السلاح ضد الدولة وتمرد عليها في بلداننا العربية؟ وهل يا ترى قدمت الثورة الإيرانية النموذج المثالي للدولة المسلمة كما تدعي؟ أم أنها فقط أحلام طائفية سرعان ما انكشف عوارها.

باختصار شديد يا سادة، ليس لدينا مشكلة مع الشعب الإيراني بكافة طوائفه وأعراقه، سنة وشيعة، مسيحيين أو يهودا، كردا أو فرسا، كما أنه ليس لدينا مشكلة مع طموحات إيران لتصبح قوة إقليمية، وهذا حق مشروع لها، شريطة أن تحافظ على حسن الجوار وعدم التدخل في شؤوننا الداخلية.

كما أنة من حقنا، نحن أبناء هذه المنطقة سنة وشيعة أن نطالب إيران بأن تتصرف كدولة، وليس كحزب طائفي يسيّره الحرس الثوري الذي لا يمل ولا يكل في إعطائنا دروسا صباح مساء في نصرة المستضعفين والمحرومين! ويتدخل في شؤوننا الداخلية وعسكرة طوائفنا باسم الإسلام ومحاربة الاستكبار العالمي، لتحقيق مكاسب إقليمية سياسية، على حساب استقرارنا ولحمتنا الوطنية.

مشكلتنا يا سادة، ومشكلة العالم، بل والإيرانيين أنفسهم، هي الحرس الثوري الإيراني وعقيدته الطائفية المتطرفة، وعسكرته لكل شيء، ليس في إيران فقط، بل وفي المنطقة كلها، بدءا من السياسة وانتهاء بالاقتصاد، وأخطر هذه العسكرة هي عسكرته الطائفية لأحزاب وجماعات سياسية في بلداننا. فهل استوعبنا تلك الدروس الخصوصية التي قدمها وما زال يقدمها لنا الحرس الثوري! أم أن الغباء السياسي ما زال يلازمنا؟

============================

الهرولة إلى تركيا... بدون ماء

راجي سعد

21/11/2009

القدس العربي

في اقل من أسبوع وقعت تركيا مع سورية والعراق عدة اتفاقات قربت سورية منها بتأسيس مجلس استراتيجي والغاء تأشيرات الدخول بين البلدين، وعمقت علاقاتها الاقتصادية مع العراق بتوقيع اتفاقات من المتوقع ان تزيد التبادل التجاري بين البلدين من 5 مليارات الى 20 مليارا في السنوات القادمة. اهم هذه الاتفاقات هو تصدير الغاز العراقي، الموجود في معظمه في مناطق ذات اكثرية كردية في شمال العراق، الى أوروبا عبر تركيا ضمن خط أنابيب نابوكو (الاسم نسبة الى نبوخذ نصر) المبارك أمريكيا والمحارب روسيا لمنافسته الغاز الروسي الذي يتخطى تركيا ويصل أوروبا عبر البحر الأسود ضمن خط أنابيب 'سوث ستريم'.

الغائب الحاضر عن هذه الاتفاقات كان موضوع المياه. اكثر من 40 اتفاقية مع العراق لم تتضمن أي منها اتفاقا مائيا شاملا يضمن للعراق حصته من نهري دجلة والفرات. عندما سئل أوردغان عن الموضوع خلال المؤتمر الصحافي مع المالكي في 15 تشرين الاول (أكتوبر) تجنب الجواب بالقول ان 'بعض الصعوبات والازمات التي تتعلق بالمياه تتطلب تفاهماً بين العراق وتركيا وسورية في هذا المجال'. وعندما اثار اياد السامرائي، رئيس مجلس النواب، الموضوع معه ابدى' تفهمه لازمة المياه في العراق' واكد ان 'معدل تدفق نهر دجلة خلال الشهرين الماضيين هو نحو 550 م3 في الثانية'. وزير الموارد المائية العراقي والقيادي السابق في الاتحاد الوطني الكردستاني، عبد اللطيف رشيد، أوضح هذه التصريحات بقوله ان الجانب التركي طلب المزيد من الوقت قبل اقرار اتفاقية مائية متكاملة مع العراق مشيرا الى ان تركيا ذكرت ان المفاوضات مع روسيا أخذت 25 عاما قبل التوصل الى اتفاقية. كل هذا يدل على عدم وجود نية تركية لتوقيع اتفاق مائي بعيد المدى مع سورية والعراق كما وقعت مع روسيا واليونان في السابق، والذي يزيد الشكوك في النيات التركية هي استمرارهم في العمل في مشروع سد اليسو الضخم، الذي دشنه أوردغان في آب (أغسطس) 2006 على دجلة، دون التنسيق مع سورية والعراق حسب ما يقضي القانون الدولي. أزمة المياه في سورية والعراق، التي يتفهمها أوردغان، تبدو جلية اليوم بانخفاض منسوب مياه الفرات الى 42 بالمئة ومياه دجلة الى 55 بالمئة عن معدلهما الاجمالي الذي كان يصل الى العراق. خلال الصيف الماضي، هددت المجاعة 300 ألف سوري على حوض الفرات بسبب قلة الامطار ونضب مياه الفرات، ففقدوا اراضيهم الزراعية ونزح قسم كبير منهم الى دمشق ومدن الساحل بحثا عن العمل. سكان حوض الفرات في الشرق واجهوا مصيرا مماثلا فهجر سكان قريتين قرب شط العرب بيوتهم لانعدام مياه الشرب وهجر آلاف آخرون ارزاقهم على طول النهر الى المدن. النتائج الاقتصادية كارثية فالعراق لن يستطيع تأمين اكثر من 40 بالمئة من احتياجاته الزراعية هذا العام، حسب مدير التخطيط في وزارة الزراعة، صلاح عزيز. هذه الازمة ستزداد حدة بعد اكمال تركيا مشروع اليسو على دجلة في 2013، الذي سيحجب المياه كليا عن شمال العراق خلال اشهر الصيف عندما يكون بامس الحاجة اليها وسيؤمن لتركيا السيطرة على نسبة 35 بالمئة من مياه دجلة 'المصدرة' الى دول المصب. عندئذ لن يستطيع العراق ولا سورية تأمين احتياجاتهما وستهب تركيا لانقاذهما فتصدر منتوجاتها الزراعية المروية من دجلة والفرات اليهما.

ان سياسة السيطرة على ثروة العراق المائية والغذائية استراتيجية تركيا ثابتة بعنوان 'النفط للعرب والمياه لتركيا' وتساهم فيها ايران والولايات المتحدة ايضا. بعد الغزوالامريكي للعراق، اوقف الامريكيون الدعم الحكومي عن الزراعة وازالوا الرسوم الجمركية، فادى ذلك ان افلاس قسم كبير من المزارعين وترك ارزاقهم والهجرة الى ازقة المدن، فكانت النتيجة ان بلغ استيراد القمح والارز اكثر من مليار دولار من الولايات المتحدة كل عام. كذلك عندما حولت ايران نهري الكارون والكرخ عن شط العرب نحو الداخل الايراني، هبت لانقاذ العراق فبدأت بتصدير مياه الشرب للبصرة بالسفن في اواخر أيلول/سبتمبر الماضي. انها اكبر عملية نهب وسلب تتعرض لها امة وشعب في القرن الواحد والعشرين وجذورها تعود الى بداية القرن العشرين.

ان اخطر ما نتج عن معاهدة سايكس بيكو وتوابعها في اوائل القرن الماضي ليس التقسيمات السياسية للمشرق السوري العراقي فحسب، بل الاهم من ذلك هو فقدان سيطرة هذه الامة على مواردها المائية على دجلة والفرات وروافدهما. ان 95 بالمئة من مياة الفرات و70 بالمئة من مياه دجلة تنبع من خارج الحدود التي رسمها سايكس الانكليزي وبيكو الفرنسي لامتنا. أن رسم الحدود السورية والعراقية على منحدرات جبال طوروس وزغروس بدل اعالي هذه الجبال، كما ترسم الحدود الدولية عادة، افقد البلدان السيطرة على دجلة والفرات وروافدهما واصبحا تحت رحمة تركيا وايران. رغم هذا الظلم التاريخي فهذا لا يبررعدم دفاع حكوماتنا الجدي اليوم عن الامن المائي وسعيها للربح السريع من الغاز والبترول. ان الصراع العبثي على بترول وغاز كركوك، الذي سينضب خلال خمسين سنة، ومصلحة اقليم كردستان وامريكا في تصدير الغاز عبر خط نابوكو جعل كل الفرقاء بحاجة لدعم او رضى تركيا، فشلت قدراتهم على مواجهتها والدفاع عن الامن المائي. سورية من جهتها وبغياب تفاهم مع العراق وبوجود وعود بتصدير الغاز القطري عبرها الى خط نابوكو ولأولية صراعها الوجودي مع اسرائيل، انفتحت على تركيا ففكت الطوق الامريكي عنها وساعدت ايضا على زعزعة التحالف الاستراتيجي التركي - الاسرائيلي، لكن يبدو ان هذا سيكون على حساب الامن المائي.

ان توقيع الاتفاقات الاقتصادية الكبيرة كخط نابوكو والهرولة الى أنقرة في كل المجالات بدون التوصل الى اتفاق مائي بعيد المدى افقد العراق وسورية اهم اوراق الضغط لديهما. ان هذه الاتفاقات توحي للعالم ان دول المصب لا تعترض على المشاريع المائية التركية على دجلة والفرات وتعطيها غطاء شرعيا للاستثمار في المشاريع الخطيرة المتبقية على دجلة كسد اليسو وسيزر وغيرهم. ان النظرية التي تقول ان التعاون او بالاحرى تقديم التنازلات سيدفع تركيا في ما بعد الى اعطاء العراق وسورية حقوقها لم تثبت تاريخيا بعد، فالقوة دائما كانت 'القول الفصل في تثبيت الحق القومي او انكاره' وخسارة الامة عوامل قوتها لن ينزل عليها الرحمة والشفقة من أحد. آخر شاهد على ذلك هو اتفاق اوسلو الذي لم يِؤد الى استرداد الفلسطينيين أيا من حقوقهم السليبة بل زاد احوالهم سوءا.

كم ستكون فرحة نبوخذ نصر وشعبه كبيرة لو ان اسمه اطلق على خطوط تواصل تعانقت فيها عاصمتا الخلافة العربية، فعمقا العلاقات الاقتصادية وفتحا المعابر وفاوضا كجسم واحد في موضوع المياه، بدل التجريح المتبادل وسحب السفراء. ان المشرق السوري - العراقي مهدد بوجوده في هذا القرن اذا خسرنا المياه، فبعد انتهاء تركيا من مشاريعها ستصبح لقمة العيش لأكثر من 5 ملايين نسمة مهددة ومدننا لن نستطيع ان تستوعب هجرة هؤلاء من اراضيهم. في خلال تاريخها استطاعت أمتنا المشرقية ان تواجه الغزوات المتتالية وتستوعبها، لكن الغزو اليوم من نوع آخر فهو يهجر شعبنا ويستوطن مكانه في فلسطين، ويهجر شعبنا ويوطن الصحراء مكانه في العراق والجزيرة السورية، فيا معتصماه... ويا سرجوناه.

كاتب عراقي

==========================

يوجد إحساس جديد بالقوة في سورية التي حتى وقت قريب مضى تنافست على لقب الدولة المنعزلة في المنطقة

ملكة الصف

تسفي بارئيل

21/11/2009

القدس العربي

أيام طيبة تمر على بشار الاسد. بعد خمسة اشهر من الانتخابات تشكلت في لبنان 'حكومة وحدة وطنية'. في حكومة من هذا النوع ستبقى في يد الاسد رافعة التأثير على القرارات المتخذة. محادثاته مع الجنرال ميشيل عون، المحادثات 'الودية' التي اجراها مع رئيس الوزراء سعد الحريري وبالاساس الفهم بان هذه الحكومة ستبقى تحتاج الى الوساطة السورية كلما نشب فيها نزاع، والنزاعات متوقعة فيها في الغالب، تركت لبنان في ساحة الرعاية السورية. كانت تكفي مراجعة التقارير التي وصلت بعد زيارة ميشيل سليمان الى دمشق.

فقد سارع الرئيس اللبناني الى العاصمة السورية كي يشكر الاسد على جهوده، فقط كي يفهم بان الوزراء الخمسة الذين عينهم الرئيس، من اصل 30 عضوا في الحكومة، لن يكونوا مستقلين في قراراتهم. بعد أيام من قيام الحكومة دعي الاسد الى باريس كجزء من الايفاء بوعد نيكولا ساركوزي للقاء الرئيس السوري فور اقامة الحكومة اللبنانية. والدعوة هي جزء من سياسة فرنسا التي تتطلع الى أن تكون 'قوة موازية للولايات المتحدة في ادارة شؤون الشرق الاوسط'. المصالحة الفاخرة بين سورية والسعودية، والتي كبدت الملك عبدالله ملك السعودية عناء السفر الى دمشق الشهر الماضي هي وتد آخر يساعد الاسد على تثبيت مكانة بلاده كبؤرة حيوية في الشرق الاوسط. ويجدر ان نضيف الى ذلك ما اعتبر اهانة لبنيامين نتنياهو في البيت الابيض.

ولا عجب إذن في أن مساعد نائب الرئيس، حسن تركماني، الذي كان رئيس اركان الجيش السوري، ومسؤول الان عن تطوير علاقاته مع تركيا، تحدث الاسبوع الماضي في التلفزيون السوري عن ان 'المسافة بين سورية، ايران، تركيا وربما العراق هي مسافة العلاقات الحيوية لاحلال عصف في مراكز القوى والتحالفات الاقليمية'.

تركماني، الذي يمثل الفهم الاستراتيجي للاسد، يوضح بذلك بان الشرق الاوسط القديم يتعين عليه أن يعرف نظاما جديدا. في الوضع الجديد ستقبع مصر في زاويتها، والاردن لن يكون شريكا على الاطلاق، والسعودية ستكون في مكانة 'اداة مساعدة' والقوة السياسية وربما الاقتصادية ستوجد في تلك الدائرة التي تطلعت اسرائيل ذات مرة لان تكون جزءا منها. وهذه ستكون دائرة غير عربية، التي تستند اليها بقوة الان بالذات الدولة التي تحمل لواء العروبة. هذه ليست خطة سرية. بل باتت موقفا علنيا يبدو أن فرنسا ايضا تعرفها الان عن كثب.

فرنسا، بالمناسبة، لا تنتظر المفاوضات السياسية. فهي تبعث منذ الان بالخبراء لفحص امكانيات استثمارات جديدة في سورية. الشركة الفرنسية 'توتال' ستبدأ في تنقيبات جديدة عن النفط، في اعقاب الاتفاق الذي وقعته في نيسان من هذا العام، وهكذا ربما ايضا تنقذ صناعة النفط السورية. بعد أن هبطت كمية النفط المنتجة في الدولة من 600 الف برميل في اليوم الى 380 الفاً، فان سورية بحاجة ماسة الى هذه الاستثمارات الجديدة.

حقنة تشجيع

 

تركيا تساعد سورية وتوسع التجارة معها، ومن المانيا تصل استثمارات جديدة مخصصة لتطوير خط سكة حديد ومن الصين تنقل الاموال لاقامة سد على الفرات. هذه حقن تشجيع هامة للدولة التي لا تزال تعيش تحت عقوبات امريكية. تقارير من سورية تبين أن دمشق تلقت ايضا مئات الملايين من السعودية لتوفير موافقتها على اقامة حكومة لبنانية.

تركيا من جانبها، ساهمت بدورها في تصميم المكانة الجديدة لسورية، بقدر غير قليل بفضل اسرائيل. تطوير العلاقات بين اسرائيل وسورية والمكانة السياسية الواهنة لايهود اولمرت، احدثا الحوار غير المباشر مع سورية بوساطة تركية. وكان هذا نجاحا تركيا هاما وضعها كدولة ذات قيمة في النزاع المتطرف في الشرق الاوسط. قيمة تركيا ارتفعت بناء على ذلك، بحيث بدأت تنافس فرنسا على دور الوسيط بينما تتمتع سورية من مكان الزبون الذي يتعين عليه أن يختار بينهما. الى جانب كل هذا وقعت سورية وتركيا على ترتيبات تجارية ذات أهمية واتفاقات امنية مشتركة بل وقررتا الغاء الحاجة الى تأشيرة الدخول للزوار من الدولتين. كل هذا يقلص بقدر كبير قيمة العقوبات التي تفرض على سورية. ومع ان العراق اثار جلبة في موضوع دور سورية في العملية الكبيرة التي وقعت في بغداد في آب (أغسطس)، وهدد برفع دعوى عليها في المحكمة الدولية، الا أن الخواطر هدأت في هذه الاثناء والعراق تراجع عن اتهامه. في سورية يوجد احساس جديد من القوة بعد ان كانت حتى سنة أخيرة مضت تتنافس على لقب الدولة المنعزلة في الشرق الاوسط. أما الان فيمكنها أن تطرح شروطا على واشنطن ومطالب لانضمامها الى اتفاق التعاون مع الاتحاد الاوروبي. فما بالك عندما يكون محمود عباس هو الزعيم المترنح والنزاع الاسرائيلي  الفلسطيني يبدو عالقا اكثر من وقت مضى.

من هذا الموقع يواصل الاسد نثر الرسائل الغامضة التي تجعل من الصعب فهم موقفه تجاه السلام مع اسرائيل. في خطاب القاه في دمشق قبل سفره الى باريس قال ان 'المقاومة بالمعنى الثقافي والعسكري وكل معنى آخر هي جوهر سياستنا في سورية اليوم، في الماضي وفي المستقبل، وهي جوهر وجودنا... جوهر السلام ليس فقط المفاوضات بل والمقاومة ايضا. من الخطأ التفكير بان السلام سيأتي فقط من خلال المفاوضات. وهو سيأتي ايضا عن طريق المقاومة. علينا أن ندعم المقاومة لاننا بذلك نخدم المسيرة السلمية'.

ما الذي قصده بالضبط؟ ان سورية ستشجع حزب الله على مهاجمة اسرائيل؟ ان المفاوضات بين سورية واسرائيل لا يمكنها ان تجري الا تحت النار، كي تكون ناجعة؟ هذا قول غريب للغاية، ولا سيما اذا أخذنا بالحسبان أنه جاء على لسان زعيم يسعى الى ان يطرح نفسه كمؤيد للمفاوضات.

في باريس قال انه لا يوجد شريك اسرائيلي وان نتنياهو لا يزال ليس ناضجا للسلام، ولكنه دعا الولايات المتحدة الى أن تعرض خطة خاصة بها تلزم اسرائيل. في مقابلة مع صحيفة 'لا فيغارو' قال ان مؤتمر مدريد من العام 1991، هو الاساس لكل مفاوضات مع اسرائيل. ماذا سيكون إذن دور كل خطة امريكية ترفع؟ تأكيد اسس مؤتمر مدريد؟ في مناسبات اخرى تحدث عن الاستعداد للتفاوض دون شروط مسبقة، ولكنه قضى بان على تركيا أن تكون الوسيط لان سورية تثق بها.

يتبين أنه مثلما في الماضي تحليل نص الاقوال التي تخرج على لسان الاسد لا يجدي في فهم مواقفه. كل طرف يمكنه أن يفهم نواياه كما يشاء. السبيل الوحيد لفهمه هو دعوته الى الاختبار. الاعلان عن قبول دعوته للمفاوضات او حتى استئناف الوساطة التركية - وعندها نسمع الامور كما هي على حالها. الاسد، اذا ما حاكمنا الامور حسب تصريحات تركماني، لا يعارض المفاوضات المباشرة. 'المفاوضات من خلال تركيا ترمي الى التهيئة للمفاوضات المباشرة. بحثنا هناك في تعريف حدود 4 حزيران (يونيو) 1967'، شرح قائلا. هل توصلوا الى اتفاق؟ تركيا تقول انه كانت تنقص فقط بضع كلمات لاستكمال الصيغة المتفق عليها، وهكذا ايضا تقول سورية. اما اسرائيل ففي هذه الاثناء تصمت.

ولكن يبدو انه رغم صمتها، ستضطر اسرائيل الى ان تتصدى قريبا للموقف الامريكي. الولايات المتحدة تؤمن انه في القناة السورية يكمن الاحتمال الوحيد لتسجيل نجاح ما في السياسة الشرق اوسطية لها. حتى الان أخرت واشنطن باراك أوباما تعيين سفير امريكي جديد في دمشق، ولكن هذا ليس تأخيرا مبدئيا. الولايات المتحدة، مثل فرنسا، انتظرت تشكيل الحكومة في لبنان، ولكن الآن من شأنها ان تجد نفسها في منافسة مع نيكولا ساركوزي وحكومته. الحميمية الناشئة بين الاسد وعائلته وبين الرئيس الفرنسي تدفع البيت الابيض الى توثيق العلاقة مع سورية. تحقيق الخطوة من المتوقع أن يتم مع نهاية هذه السنة.

===============================

أولوية باكستان... الإرهاب وليس الهند

الرأي الاردنية

21-11-2009

جيفري كمب

في الوقت الذي تمعن فيه إدارة أوباما النظر بشأن الخيارات الصعبة في أفغانستان، وأهمها ما إذا كانت ستزيد مستوى القوات في ذلك البلد المنقسم والخطر والمفعم بالمرارات أم لا، فإن المفارقة هنا هي أن العنصر المرجح لهذا الخيار أو ذاك يعتمد إلى حد كبير على الوضع ليس في أفغانستان وإنما في باكستان المجاورة. فباكستان لا تزال حتى الآن من اللاعبين الرئيسيين في شبه القارة الهندية، وهو ما يعني أن سقوط حكومتها، أو تطرفها، بمعنى وقوعها تحت سيطرة المتطرفين، ستكون له تداعيات بعيدة المدى على الهند، والخليج، وآسيا الوسطى، وإيران، وعلى باقي العالم بالطبع.

لكن الحادث الآن، هو أن باكستان تواجه حربا أهلية، ويقوم جيشها في الوقت الراهن بشن هجوم كبير على مقاتلي حركة ''طالبان'' وعلى ملاذات ''القاعدة'' في منطقة وزير ستان. وقد يستغرق ذلك الهجوم بعض الوقت، بيد أن الخبر الجيد في هذا السياق هو أن قطاعا كبيرا من الشعب الباكستاني، قد انقلب بشدة على ''طالبان'' في الآونة الأخيرة، بسبب العديد من الهجمات الانتحارية التي شنتها الحركة، دون تمييز، مما أدى إلى مصرع أعداد كبيرة من المدنيين الأبرياء، لاسيما من النساء والأطفال. والهجوم الذي شنه الجيش الباكستاني، ساهم إلى حد كبير في تأهيل صورته التي كانت قد فقدت الكثير من بريقها خلال فترة حكم الرئيس السابق برويز مشرف. والرأي العام الباكستاني، في مجمله، لا يزال معاديا للأميركيين، وهو ما يرجع جزئيا لحقيقة أنه كان هناك دائما كم معين من الغضب موجها ضد الأميركيين، كما يرجع أيضا إلى أن وزيرة الخارجية الأميركية والكونجرس على وجه الخصوص قد دأبا مؤخرا على مخاطبة الباكستانيين بطريقة فظة للغاية وتصريحاتهم حول الحاجة إلى تخصيص مزيد من الأموال والجهود لتحقيق الإصلاح السياسي والاقتصادي والتنمية، بدلا من إنفاقها بشكل دائم على شراء الأسلحة والمعدات العسكرية.

وقبل الموجة الأخيرة من الهجمات الإرهابية التي شنتها ''طالبان'' الباكستانية، كانت النقطة المركزية في السجال الدائر في باكستان هو أن الهند تمثل التهديد الأساسي لوجود باكستان كدولة. ونظرا لسيادة هذا الاعتقاد، فإن باكستان كانت دائما بحاجة إلى ثلاثة عوامل للموازنة هي: أولا؛ برنامج أسلحة نووية يكون دوره العمل كرادع للهند، إذا ما فكرت يوما في شن هجوم على باكستان. وثانيا؛ تنمية القدرة على الاشتباك في حرب غير متكافئة أي عن طريق استخدام الإرهاب كسلاح ضد الهند لتقييد حركتها من ناحية، وخلق قلاقل واضطرابات محلية من ناحية أخرى. وثالثا؛ الارتباط بحليف قوي هو الصين في حالتنا هذه.

وعلى مر السنين، كان الدعم الصيني لباكستان في مواجهة الهند مكثفا، وليس من المتوقع أن يقل حجمه في أي وقت خلال المدى القريب. أما الأميركيون، من ناحية أخرى، فقد كان يتم النظر إليهم دائما من قبل النخبة الباكستانية الثرية على أنهم أصدقاء، لكن من النوعية التي ''تتخلى عن أصدقائها في أوقات الشدة''، فهم يؤيدون باكستان عندما تستدعي مصلحتهم ذلك، وعندما يحققون هذه المصلحة، يتركون باكستان وحدها كي تواجه عواقب الوقوف معهم.

وفي الوقت الراهن، يخشى الباكستانيون أن تسود في أميركا تلك الرؤية التي ترى أن مصالحها الطويلة الأمد تتمثل في إقامة علاقات أكثر متانة مع الهند، وهو ما سيأتي قطعا على حساب الباكستانيين.

ورغم ذلك، فثمة حاليا اعتقاد لدى الباكستانيين مؤداه أنه، وإن كان التهديد الهندي ليس من النوع الذي يمكن استبعاده بأي حال من الأحوال، فإن الخطر الأكثر إلحاحا ومباشرة الآن هو الإرهاب الطالباني، وبعض النزاعات الأخرى في مناطق مختلفة من البلاد. وفي هذا المجال يدرك الباكستانيون أن الخطر لا يأتي فقط من ناحية العناصر البشتونية المنشقة التي تمثل تهديدا للدولة الباكستانية، وإنما يأتي أيضا من ناحية التمرد منخفض المستوى والخطير في الآن ذاته في جنوب غربي البلاد، في مقاطعة بلوشستان. فحاليا تنخرط الجهات العسكرية الباكستانية المختصة في نقاش حول عقيدة استراتيجية جديدة، تركز على أهمية هزيمة ''طالبان''، وتجنب الأعمال التي تؤدي إلى استفزاز الهند. ويشار في هذا السياق إلى أنه في الأيام الأخيرة من فترة حكم برويز مشرف انخرطت الهند وباكستان في محادثات غير رسمية، حققت اختراقا استثنائيا فيما يتعلق بإيجاد تسوية نهائية للنزاعات القائمة بين البلدين وخصوصا كشمير. ولسوء الحظ فإن هذا الحوار الدبلوماسي من وراء ستار توقف بعد هجمات مومباي التي وقعت في شهر نوفمبر من عام 2008. وفي المدى الطويل أرى أن الجيش الباكستاني سوف يسعى إلى وسائل، يتمكن من خلالها من تحقيق أهدافه المتمثلة في حماية الدولة عبر الحوار الدبلوماسي مع الهند بدلا من الحوار مع التمرد. وفي هذا النقطة تحديدا هناك مصلحة مشتركة، أو تطابق بين الرؤية الباكستانية وبين الأهداف الأميركية.

يعيدنا هذا مرة ثانية إلى أفغانستان. الخطر هنا يتمثل في أنه إذا لم تتمكن القوات الأميركية وقوات ''الناتو'' من الاستمرار في الوجود في أفغانستان، وإذا ما قدر لهذا البلد أن يسقط مرة ثانية تحت حكم ''طالبان''، فإن ذلك سوف يؤدي إلى تعزيز وضع قوات ''طالبان'' في باكستان، ووضع حكومة إسلام أباد في موقف أكثر ضعفا واهتزازا مما هي عليه الآن.

هكذا فإن أوباما، يجب أن يراعي، وهو يفكر في استراتيجية لأفغانستان، ألا يغض الطرف عن حقيقه أن الخسارة الاستراتيجية النهائية لهذه المواجهة، يمكن أن تكون هي باكستان ذاتها، وهي دولة يفوق عدد سكانها عدد سكان دولة كبرى مثل روسيا، وتمتلك قدرات نووية، ولديها خط ساحلي ممتد يواجه بعضا من أهم الممرات المائية في العالم.

الاتحاد

============================

ما العلاقة بين منظمة

جي ستريت وتقرير غولدستون؟

المستقبل - السبت 21 تشرين الثاني 2009

العدد 3490 - رأي و فكر - صفحة 17

ماجد عزّام()

في الظاهر ليس من علاقة مباشرة بين منظمة جي ستريت في الولايات المتحدة، وتقرير القاضي الجنوب الأفريقي ريتشارد غولدستون، غير أن نظرة أكثر عمقاً وتحليلاً تؤكد أن ثمة قاسماً مشتركاً بين الأمرين، صورة إسرائيل كدولة تستطيع أن تفعل ما يحلو لها، تتجاوز القوانين والمواثيق الدولية دون أي محاسبة أو مساءلة، تاكلت وباتت الدولة العبرية بحاجة إلى صديق ينقذها من نفسها، حسب التعبير الشهير للسياسي الاسرائيلي يوسي بيلين.

تعبّر منظمة جي ستريت-اللوبي اليهودي الجديد في الولايات المتحدة كما تقرير غولدستون عن سيرورة طويلة ومستمرة تبدو أشد وضوحاً في أوروبا عنها في الولايات المتحدة.

بدأت تلك السيرورة زمنيا مع احتلال إسرائيل للضفة الغربية وقطاع غزة، وعدم اعتراف معظم دول العالم بالاحتلال وتجلياته، المستوطنات مثلاً، وتسارعت مع الانتفاضة الأولى، وبداية لعب الصورة دورا كبيرا ومؤثرا في صياغة الرأي العام العالمي، وبات مشهد الطفل فارس عودة في مواجهة الدبابة رمزاً للمظلومية الفلسطينية، كما الجبروت والاحتلال الإسرائيلي، هدأت الوتيرة نسبيا خلال حقبة التسعينات بعد توقيع اتفاق أوسلو، ثم استؤنفت بزخم كبير مع اندلاع الانتفاضة الثانية واستشهاد الطفل محمد الدرّة حيث بات المشهد عنوانا للانتفاضة كما للوجة البشع والبغيض للاحتلال، واستمرت متسارعة مع جرائم الاغتيال الاسرائيلية اثناء الانتفاضة الثانية مثل جريمة اغتيال صلاح شحادة حيث القيت قنبلة وزنها طن على بناية سكنية فلسطينية، وهدم البيوت او حلاقتها حسب التعبير العسكري الاسرائيلي خاصة على الحدود الفلسطينية المصرية قبل تنفيذ خطة فك الارتباط خريف العام 2005، ومعها انطلقت فكرة تجريم إسرائيل أمام المحاكم الدولية والغربية اساسا، عديد من الزعماء والقادة واليهود وفي الولايات المتحدة استوعبوا المعطيات السابقة، كما استشعروا مدى الاستياء من إسرائيل، وتوجيه الاتهامات لها جراء ما تفعله ضد الفلسطينيين أو ما ترتكبه ضدهم من جرائم، وفيما توارى اليسار او اندثر بالاحرى في اسرائيل، خرج اليسار اليهودي في اميركا من أجل إنقاذ إسرائيل من نفسها، متبنيا مصطلحات اليسار الاسرائيلي المندثر نفسها، ورد مثلا في وثائق المؤتمر التأسيسي لمنظمة جي ستريت، نهتم بشدة بتغيير الأحداث في الشرق الأوسط، أمن ومستقبل الوطن اليهودي الديموقراطي في خطر، من دون إنهاء النزاع وإنهاء احتلال الشعب الفلسطيني، إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي ديبلوماسياً وسلمياً من أهداف المنظمة، وكذلك تغيير الطريقة غير البنّاءة التي تقارب بها هذه القضية في السياسية الاميركية، والسعي الى تعديل الديناميكية غير الصحيحة التي برزت داخل المجتمع اليهودي الأميركي في ما يتعلق بإسرائيل.

إذن فهمت منظمة جي ستريت ما جرى ويجري، وفهمت أن سياسة الهروب المنهجي الى الامام التي تتبعها إسرائيل سترتد بكارثة على مستقبل وأمن الدولة العبرية، وهي فهمت أن سياسة التأييد الأعمى لاسرائيل في الولايات المتحدة، لن تؤدي أيضاً إلى نتيجة إيجابية، وهي تتابع ما يجري في العالم وفي الولايات المتحدة، ولم يكن ممكنا تصور صدور الدراسة الشهيرة عن اللوبي الصهيوني واختطاف السياسة الخارجية لصالح اسرائيل، قبل عشر سنوات مثلاً، وأن صديق إسرائيل هو من صدقها وليس من صدّقها وهي هنا تلتقي مع الرئيس باراك أوباما ومع عديد من رموز اليسار الحزب الديمقراطي، حل الصراع سلمياً هو ضرورة لمستقبل إسرائيل وأمنها ولانقاذها من نفسها.

إذا كان سيرورة تأكل صورة إسرائيل كدولة، تستطيع أن تفعل ما يحلو لها دون محاسبة او عقاب تسير ببطء في الولايات المتحدة، بدليل أن منظمة جي ستريت عقدت مؤتمرها التأسيسي الأول، وسط مقاطعة رسمية من الحكومة الإسرائيلية منذ اسابيع قليلة، فإنها تمضى بوتيرة أسرع في العالم (وخاصة أوروبا)، الذي سئم من الاحتلال ومن الممارسات الإسرائيلية بشكل عام، ويجب تذكر أن 59% من الرأي العام الأوروبي اعتبر إسرائيل التهديد الأول على السلم والاستقرار العالميين، في استطلاع اجري عام 2002 قبل اغتيال صلاح شحادة وقبل حرب غزة أيضاً التي ادت الى طفح الكيل ووصول السيل الزبى، ما تجلى في سيادة مفهوم تجريم اسرائيل ومحاسبتها المفهوم الذي ترجم عبر تفشي سياسة المقاطعة الاقتصادية والأكاديمية والسياسية للدولة العبرية، يمكن في هذا المجال الإشارة إلى عدة معطيات، رفض مشاركة مستوطنة أرييل في مسابقة للطاقة الشمسية تشرف عليها اسبانيا برعاية مباشرة من الاتحاد الأوروبي، كما رفضت العاصمة الفرنسية باريس استضافة شركة إسرائيلية في مهرجان أو مسابقة للخمور لوجود مقرها في منطقة محتلة، إضافة إلى المقاطعة الاكاديمية والعمالية فى بريطانيا والنرويج، التي صوتت اكبر ثاني جامعاتها على مقاطعة شاملة لجامعات في اسرائيل ليس على سنوي اتحادات الأساتذة فقط وانما في ما يتعلق بالتعاون الاكاديمي والتعليمي العام، الأمر مماثل يمكن ملاحظته ايضا في عدة مدن وعواصم أوروبية.

لا يمكن فصل ما سبق عن سياقه التاريخي والسياسى العام، انطلاق منظمة جي ستريت وتقرير غولدستون بجوهره واستنتاجه المركزي، غياب العقاب والمساءلة، لا يؤدي الى السلام والاستقرار بل على العكس تماما، شيوع ظاهرة المقاطعة صورة تتأكل امام الرأي العام العالمي الذي سئم الاحتلال وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، هذه الأجواء تمثل فرصة مؤاتية للفلسطينيين ليس فقط من أجل حل الدولتين الميت اكلينيكيا وانما من أجل الانتقال نحو حل الدولة الواحدة، الذي يتفهمه العالم ولن تجد الدولة العبرية سبيلا لرفضه في ظل الوقائع التي فرضتها، وجعلت حل الدولتين مثاليا وخياليا وغير قابل للتطبيق على أرض الواقع.

() مدير مركز شرق المتوسط للاعلام.

============================

أوروبا تتواضع

ساطع نور الدين

السفير

21-11-2009

هل بلغ المشروع الاوروبي ذروته وبدأ مسيرة انحداره، ام انه توصل الى تسوية موقتة تضمن مد عمره والبحث في تلك الاثناء عن فكرة جديدة او ربما عن عدو قديم.. على حدوده الشرقية مع العالم الاسلامي؟

المؤكد ان اختيار رئيس الوزراء البلجيكي هرمان فان رامبوي كأول رئيس للاتحاد الاوروبي لا يمثل قوة دفع لذلك الكيان الذي يختزل خلاصات تجارب سياسية وعلمية وثقافية مدوية انتجتها القارة العجوز طوال ستة قرون عندما حطمت كنائسها ومؤسساتها الدينية، وارست بنى علمانية ومدنية متجذرة: ان يخرج الرئيس الاوروبي الاول من واحدة من اصغر واضعف الدول ال 27 الاعضاء في الاتحاد القوي، يعني ان احداً في اوروبا او في بقية انحاء العالم لن يأخذ المنصب الجديد الذي يتمتع بصلاحيات تنفيذية واسعة على محمل الجد، ولن يقيم وزناً كبيراً للصوت الاوروبي الذي كان يفترض ان يصبح مسموعاً اكثر من ذي قبل، مع انكفاء اميركا على نفسها وعلى حروبها التي لا تنتهي، ومع انشغال روسيا بحقبتها الانتقالية التي لم تتوقف منذ خريف العام 1989.

اختير الرجل لأنه نجح فقط في اخراج بلجيكا في العام الماضي من واحدة من اسوأ ازماتها السياسية والعرقية، التي كادت تؤدي بالفعل الى تقسيمها الى اكثر من دولة، والى نقل مقر السلطة التنفيذية للاتحاد الاوروبي من عاصمتها بروكسل الى مدينة اوروبية اخرى تحفظ في الشكل على الاقل وحدة المشروع وتضمن استمراره.. وتعلن ان ذلك المشروع صار قادراً على مغادرة ذلك الموقع البلجيكي المحايد بين فيلة القارة القوية، وتحديداً بين الفرنسيين والالمان.

اختير الرئيس الجديد، بدلاً من ضائع يحمل الفكرة الاوروبية ويرسخها ويرتقي بها من الوحدة الاقتصادية والمالية المضطربة حالياً بفعل الازمة العالمية، الى الوحدة السياسية التي راودت بعض المؤسسين ومعظم الموقعين على معاهدة لشبونة الاوائل التي اقرت ايجاد المنصب الجديد. كما اختير بدلاً من منبوذ هو رئيس الوزراء البريطاني السابق طوني بلير الذي ورط بلاده وشجع بعض الدول الاوروبية على الانضمام الى حرب العراق والى بقية الحروب التي شنها مرشده السابق جورج بوش.. والذي لا يكن الكثير من الود، مثله مثل معظم البريطانيين، للمشروع الاوروبي برمته، ولا طبعاً لعملته الموحدة التي لم تستطع حتى الآن ان تخترق قلعة الجنيه الاسترليني.

لكن اللجوء الى مثل هذا المخرج البلجيكي، لا يهز فقط العصبية الاوروبية، لكنه ايضا يطرح السؤال عن المنافس او الخصم المفترض للاتحاد، الذي لا يمكن العثور عليه في روسيا، ولا يمكن ايجاده في اميركا التي يتراجع موقعها العالمي يوماً بعد يوم.. كما لا يمكن افتراضه في الصين التي ليس لديها حتى الآن اكثر من الطموحات التجارية المشروعة. في تاريخ الرئيس الاوروبي الجديد مواقف دولية مهادنة ومتواضعة جداً، لا يميزها سوى اعتراضه على انضمام تركيا الإسلامية الى النادي الاوروبي ذي القيم المسيحية، حسب تعبيره.

لأن اختياره كان صدفة. ولأن تركيا لم تعد تتوسّل الانضمام الى الاتحاد، لا يمكن الاستنتاج أن أوروبا قررت امتشاق السيوف الصليبية مرة أخرى.

================================

عندما يبتذل الدين في معارك الكرة

 ياسر الزعاترة

 الدستور

21-11-2009

لم يبق غير الدين ليبتذلوه في معارك الكرة ، وما تنطوي عليه من إثارة للعصبيات التي تفوح منها رائحة النتن (دعوها فإنها منتنة كما قال المصطفى عليه السلام). وفي حين كان لبعض العلماء دورهم الإيجابي في لجم المشاعر البائسة والممارسات التي لا تقل بؤسا من تلك التي تابعناها خلال الأسبوعين الماضيين ، فإن كثيرا من المواقف الأخرى كانت مثيرة إلى درجة تسيء للإسلام والمسلمين والعلماء والدعاة.كان لفريق من علماء السودان ، وكذلك للعلامة الشيخ يوسف القرضاوي وآخرين من هنا وهناك مواقف يشكرون عليها في سياق تذكير أبناء الأمة بوحدتهم وبسخف انقسامهم على خلفية مباراة كروية كان لا بد من فوز طرف فيها وهزيمة آخر ، لكن الفريق الآخر من العلماء والدعاة ، ومعظمه للأسف من مصر ، لم يكن موفقا في خطابه وسلوكه.لا ينفي ذلك أن ثمة أصوات كبيرة وعاقلة خرجت من مصر ، من مفكرين وعلماء تسخر من تلك الهبة الجماهيرية والرسمية ، وتحيلها إلى محاولات رسمية لحرف بوصلة الناس عن قضاياهم الأساسية ، لكن الأصوات الأخرى التي استخدمت الدين كانت من السخف بحيث لا تدع للمرء مجالا غير انتقادها والتذكير ببؤس خطابها.من تلك الأصوات ذلك الداعية الشهير (خالد الجندي) الذي قال إن فوز "الفراعنة بهدفين نظيفين (لاحظ تعبير الفراعنة) على الخضر جاء استجابة لدعوات 89 مليون مصري". وأضاف (والحديث عن المباراة الأولى بالطبع) أنه "خطب الجمعة للمنتخب الوطني واجتمع بهم مع الكابتن حسن شحاته ، المدير الفني للمنتخب ، وأنهم تابوا جميعا إلى الله توبة نصوحا".وأوضح أن من"أجمل الألقاب التي أطلقت على الفريق القومي المصري أنه فريق الساجدين نظرا لأنهم ملتزمون أخلاقيا ودينيا" ، مضيفا أنه اتفق مع المنتخب المصري على ترديد كلمة السر فى المباراة وهي "يا حي يا قيوم".بالله عليكم ، هل لهذا الذي قرأنا صلة بروح ديننا العظيم؟ وماذا قال الداعية الكبير بعد هزيمة المنتخب في المباراة الثانية؟ هل عزا هزيمتهم إلى الكفّ عن السجود وقول "يا حي يا قيوم"؟ وهل كفّ ال 89 مليون مصري (طبعا يشمل الرقم الذي يبدو أكثر من الرقم الحقيقي من ولدوا يوم المباراة وقبلها بأيام وأسابيع وشهور ، وحتى سنوات ، ممن لم ينطقوا بعد ولم يعرفوا ماهية الدعاء ولا معارك الكرة)؟ هل كفّوا عن الدعاء في المباراة التالية ، وماذا لو دعا الجزائريون على "عدوهم" أيضا ، ومعهم عرب آخرون شجعوا ذات المنتخب لهذا الاعتبار أو ذاك؟،لماذا يُحشر رب العالمين ويُبتذل دينه في قضية من هذا النوع ، في وقت تخاض المعركة ضد فريق مسلم من بلد مسلم ، مع أننا نؤمن أنه لو كانت المباراة ضد البرازيل لما نفعت دعوات صاحبنا أيضا ، ولكانت الهزيمة أكبر على الأرجح؟،في الغرب يُهزم الفريق القومي ، فيقال المدرب أو يستقيل ، كما يُلام اللاعبون ، وليس هذا لأنهم ملحدون ، بل لأن ذلك هو المنطق الصحيح الذي يؤيده دين الإسلام الذي يأمر باتخاذ أسباب القوة الحقيقية ومحاسبة المخطئين والمقصرين.نقول ذلك رغم أن ما يعنينا في هذه القضية هو هذه القطرية النتنة التي فاحت روائحها من جنبات المعركة ، والتي تورط فيها كتاب ومفكرون وعلماء ومشايخ ، وليس فقط أناس عاديون ربما كانوا يبحثون عن انتصار ما لبلدهم بالمعنى الذي يفهمونه.إنها تجربة مريرة من دون شك عشناها خلال الأسبوعين الماضيين ، وينبغي أن تلفت انتباه العلماء والقوى الحية في الأمة إلى خطورة القطرية التي صنعها الاستعمار وعززتها معظم الأنظمة خدمة لمصالحها الخاصة ، وبالطبع كي يبذلوا الجهود الرامية إلى الاعتبار لمفهوم الوحدة: وحدة الأمة ، إلى جانب حث الجماهير على الالتفات إلى القضايا الكبرى التي تعنيها ، من مواجهة للفساد والإفساد في الداخل إلى مواجهة العدو الخارجي الذي لا يسره شيء قدر أن يرى أمّة مقسمة متناحرة يُمسك بعضها برقاب بعض.ستكون معركة الكرة التي تابعناها مناسبة خيّرة إذا ساهمت في الدفع في الاتجاه الذي ذكرنا ، أما إذا واصلت المعركة جنونها بهذا الشكل أو ذاك ، فستكون الخسارة أكبر من دون شك.

================================

التوازن الهشّ على الجبهة الشمالية قد ينهار

في ظل الغموض الذي يكتنف الملف الإيراني

رندى حيدر  

randa.haidar@annahar.com.lb

النهار 21-11-2009

من بين المقالات المهمة التي نشرتها صحيفة "هآرتس" أمس، مقالة كتبها المعلق العسكري عاموس هرئيل عن التحضيرات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي لمواجهة خطر الصواريخ التي يملكها "حزب الله"، متوقعاً نشوب حرب في ربيع او صيف السنة المقبلة، هنا مقتطفات مما جاء فيه: "يوم الثلثاء قال بنيامين نتنياهو ان إسرائيل هي الدولة الأكثر تعرضاً للخطر في العالم، وهو محق في كلامه. فعلى رغم كون إسرائيل أقوى بكثير من جيرانها ومن التنظيمات الإرهابية، فإن الرد الذي توصل إليه العدو - أولاً عبر الهجمات الإنتحارية، وعبر اطلاق الصواريخ في الأعوام الأخيرة - قلص الثغرة الناتجة من التفوق التكنولوجي للجيش الإسرائيلي، وغيّر من أساليب المواجهة. ففي الماضي كان على العدو أن يقوم باحتلال الأرض من اجل تحقيق انجاز عسكري او سياسي في نهاية الحرب. في العقد الحالي تغيرت العقيدة القتالية العربية وبات التركيز اليوم على استخدام الإرهاب في عمق الدولة، وضد أهدافها الحساسة. إن هدف الحرب الصاروخية التي تحصد ثمناً باهظاً من حياة المدنيين هو فرض وقف اطلاق النار على إسرائيل ضمن شروط صعبة...

وإن كانت إسرائيل قد نجحت في كبح الهجمات الإنتحارية، فإن البحث عن رد على الصواريخ لا يزال مسألة معقدة ومستمرة. وهي تتطلب المزج بين الردع والدفاع الناجع المتعدد الدرجة، والعمليات الهجومية حين تقتضي الحاجة.

إن التوازن الهش القائم حالياً على الجبهة الشمالية قد ينهار نتيجة التطورات حول إيران حيث لا يزال الغموض يلف المسعى الدولي لكبح المشروع النووي الإيراني... لقد كررت إسرائيل أمام الأميركيين أن كل الاحتمالات مطروحة على الطاولة لمعالجة موضوع إيران. لكن ثمة عين تراقب ما يجري في الشمال. فالوضع على الحدود مع لبنان معقد. وعلى رغم ترسانة السلاح الضخمة التي جمعها حزب الله، الا انه لم يتورط في أي هجوم على الحدود منذ صيف 2006...

والمقاربة الإسرائيلية للخطر المتأتي من لبنان شهدت تغييرات كثيرة بصورة أساسية بسبب تأثير الصدمة التي تركتها الحرب والأذى الكبير الذي لحق بالجبهة الداخلية. ومن بين دروس الحرب أن القيادة العسكرية العليا لم تول الخطر الذي تمثله الكاتيوشا على الجبهة الداخلية الاهمية التي يستحقها، وضرورة إزالته بسرعة. وفي ما بعد كثر الكلام على ضرورة المعالجة المركزة للكاتيوشا والدخول تالياً في الوحل.

يبدو اليوم أن الكفة عادت لترجح أهمية المناورة والتقدم البري على حساب ما وصف ب"مطاردة آخر كاتيوشا". وهذا من شأنه ان يقضي على التوازن مع حزب الله والحاق الضرر الكبير به... فهل ستقر الحكومة نظرية رئيس الأركان أن المهم ضرب حزب الله للتوصل الى تفوق نوعي في نهاية القتال، أم ستطلب من الجنرالات التركيز على مطلقي الصواريخ؟ الأمر سيحسم السنة المقبلة. من هنا يمكن القول ان الحرب قد تنشب حتماً في الشمال في الربيع أو الصيف المقبل".

==============================

كيف تعاونت سورية وإيران على حلّ عقدة الحكومة اللبنانية!

السبت, 21 نوفمبر 2009

سليم نصار *

الحياة

عندما أوكل الرئيس بشار الأسد الى صديق العائلة النائب سليمان فرنجية، مهمة تسهيل عملية تشكيل حكومة سعد الحريري، لم يكن يتوقع أن يكون العماد ميشال عون أول المعرقلين.

واضطر رئيس تيار المردة الى إعلان استعداده للتنازل عن الحقيبة التي طالب بها، مقابل تسهيل مهمة الحريري. ولكن تراجعه لم يقنع عون الذي أصرّ على نيل حقه في التمثيل الوزاري بما يتناسب وتمثيله النيابي.

ورأى رئيس الهيئة التنفيذية ل «القوات اللبنانية» سمير جعجع أن خصمه السياسي ميشال عون لا يريد تسهيل مهمة فرنجية خوفاً من انتدابه في المستقبل وسيطاً دائماً لدى دمشق، وربما تصور أن نجاح فرنجية في مهمته قد يضعف الدور الذي منحته إياه سورية يوم كرسته زعيماً على الموارنة. وكان ذلك خلال زيارة عون الى دمشق واحتفاء الرئيس الأسد به، إضافة الى رجال الحكومة والحزب والقيادات الروحية. ووصفت وسائل الإعلام السورية تلك الزيارة بأنها تاريخية لكونها عززت دور العماد عون، واعتبرته زعيماً شعبياً يمثل التيار الوطني في لبنان.

ولمحت صحف لبنانية عدة في حينه، الى العلاقات المميزة التي نسجتها دمشق مع خصمها السابق، كأنها تستبدله بكل زعماء الموارنة، السياسيين منهم والروحيين.

وفي هذا السياق طرح سمير جعجع احتمالاً آخر أوحى فيه بأن «حزب الله» هو الذي يعرقل تشكيل الحكومة بواسطة حليفه الماروني. وأعطى من هذا الاحتمال، الانطباع بأن غياب الحكومة يخدم المواجهة الإقليمية المحتملة مع إيران. أو أن طهران لا ترغب في إنجاح سعد الحريري لكونه يمثل سياسة والده.

مع دنو موعد زيارة بشار الأسد لباريس، ازداد عدد الوفود المتوجهة من بيروت الى دمشق بهدف استكشاف حقيقة الرغبة السورية في تسريع تأليف الحكومة. ودخل على خط الوساطة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، معرباً عن استعداده لعقد مؤتمر الدوحة رقم – 2 من أجل الاتفاق على حل.

وقال إنه يدعم كل مسعى وفاقي من أي جهة أتى، شرط أن يساعد لبنان على تخطي الأزمة.

كذلك كثفت الرياض جهودها مع دمشق مكررة التزامها جانب الحياد لعل هذا الخيار يشجع اللبنانيين على تشكيل الحكومة، بعيداً من الإملاءات الإقليمية أو الدولية.

عندما ازداد الوضع تعقيداً، توجه أمير قطر الى طهران بصورة مفاجئة. ولم يعرف حتى الآن ما إذا كانت دمشق هي التي طلبت منه القيام بتلك الخطوة، أم إن الرئيس ساركوزي هو الذي أشار اليه بضرورة استحضار وساطة إيران، خصوصاً أن صداقة ساركوزي مع أمير قطر تذكر الفرنسيين بصداقة جاك شيراك مع رفيق الحريري.

وبين هذين الاحتمالين برز احتمال ثالث يتعلق بمخاوف فرنسا وقطر من نسف اتفاق الدوحة، وكل ما أوصى به من شراكة على قاعدة 15 – 10 – 5. ويميل المحللون الى إظهار مصلحة فرنسا في هذا الشأن على اعتبار أن ساركوزي يراهن على نفوذ سورية في المنطقة، ويؤمن بأن نشاطاتها وعلاقاتها بدول الشرق الأوسط، ليست أكثر من دور محوري إقليمي تفرضه عوامل التاريخ والجغرافيا. لذلك فاجأ الرئيس الفرنسي ضيفه بالقول إنه عيّن في «الكي دورسيه» مبعوثاً دائماً لتتبع سير العلاقات السورية – الفرنسية. ومثل هذه الخطوة لم تكن واردة في عهد جاك شيراك.

خلال المحادثات أعرب ساركوزي عن ارتياحه لتشكيل الحكومة اللبنانية، لأن الانفراج السياسي في لبنان، يحول دون نزول المعارضة الفرنسية الى الشارع.

ومن أجل مساعدة ساركوزي على الإفادة محلياً من الورقة اللبنانية، حرص الأسد على استقبال الرئيس ميشال سليمان قبل سفره الى باريس. كما حرص على الإعلان عن ضرورة استثمار الأجواء الإيجابية لتعزيز التوافق بين اللبنانيين. وفي البيان المشترك لمح الرئيس سليمان الى ضرورة مواصلة التنسيق والتشاور في القضايا ذات الاهتمام المشترك، مؤكداً أن العلاقات بين البلدين ستشهد مزيداً من التطور. وقبل أن يغادر دمشق عبر عن شكره للدور السوري الإيجابي في عملية تأليف حكومة سعد الحريري.

واللافت أنه خلال اجتماع الرئيسين في «قصر الشعب»، كانت رنا (سورية) وجيسي (لبنانية) تشتركان سوية في مسابقة ملكة جمال العالم العربي في القاهرة. ويبدو أن هذه الثنائية ألهمت أحد الصحافيين في بيروت ليكتب عن وحدة المسارين والمصيرين، حتى في موضوع انتقاء ملكة الجمال!

بقي السؤال الأهم المرتبط بطريقة إخراج هذه المسرحية السياسية، وما إذا كانت سورية وحدها صاحبة الفضل في الإفراج عن حكومة ظلت تراوح مكانها مدة أربعة أشهر ونصف!

وهل صحيح ما قاله الرئيس ميشال سليمان لزوار القصر، بأن الحكومة – وللمرة الأولى – تأتي حصيلة توافق لبناني، علماً أنه شكر في دمشق الرئيس الأسد على مسعاه بهذا الشأن؟

المراجعة الدقيقة لسير المحاولة التي قام بها زعيم «المردة» سليمان فرنجية، تثبت أنه لم ينجح في تليين موقف ميشال عون، الذي وصف بأنه مثل سيارة متوقفة فوق جسر ضيق لا يتسع لمرور سيارة أخرى.

فجأة، تحركت «السيارة» من موقعها فاسحة المجال لمرور سيارة سعد الحريري. وكان ذلك يوم السبت الموافق 7 الجاري بدعوة من أمين عام «حزب الله» السيد حسن نصرالله وحضور الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية وبعض قادة «حزب الله».

ورأى المراقبون في لبنان والخارج، أهمية ظهور السيد نصرالله في الصورة التي وزعتها وكالات الأنباء العالمية. ومع أن نصرالله يحرص على لقاء جمهوره عبر شاشات التلفزيون لأسباب أمنية، إلا أن حضوره هذه المرة أعطى المناسبة بعداً سياسياً استثنائياً.

بعد مرور ثلاثة أيام اتصل وزير خارجية إيران منوشهر متقي برئيس الوزراء سعد الحريري ليهنئه بتشكيل الحكومة، متمنياً له النجاح وللبنان الاستقرار والهدوء وإعادة الإعمار. واعتبرت تلك المكالمة بمثابة تأكيد بأن إيران تستثني الحال اللبنانية وتميزها عن سائر الحالات في المنقطة. وربما تجاوبت مع رغبة دمشق لأنها تدرك جيداً خطورة إغضاب سورية ولو أن لبنان يمثل لها حجر الزاوية في الصراع القائم.

عنصر الاطمئنان الذي أراح القيادة الإيرانية، تمثل في الخطاب الذي ألقاه الرئيس السوري بشار الأسد في حفلة افتتاح «المؤتمر العام الخامس للأحزاب العربية» فقد شدَّد على دور المقاومة لتحقيق سلام مشرف يريده العرب. ووصف الشرق الأوسط الجديد الذي دشنت تركيا بناءه، بأن ركائزه تقوم على مبدأ المقاومة. وكان ذلك بمثابة موقف رسمي معلن ارتاحت إليه إيران، كما ارتاح إليه أيضاً «حزب الله» و «حماس». وفي احتفالات «يوم الشهيد»، تحدث السيد حسن نصرالله عن مواجهة التحديات بالتكامل الإقليمي. واعترض على المشككين بدور تركيا السنّية التي ستأخذ من طريق إيران الشيعية. وقال في رده: نحن مع تركيا السنّية إذا كانت تريد الدفاع عن فلسطين وغزة... ونحن مع فنزويلا الشيوعية إذا كانت تقف الى جانب فلسطين ولبنان. ونحن ننظر بإيجابية الى القمة السعودية – السورية التي قطفنا ثمارها في لبنان». ووصف في خطابه الحكومة الجديدة بأنها «حكومة تعاون وطني» وتماسك وانسجام.

يوم الأربعاء الماضي فسرت الصحف دعوة الغداء التي وجهها الرئيس سليمان الى كل من وليد جنبلاط وسليمان فرنجية، بأنها بداية استقطاب لأصدقاء سورية في لبنان. والصحيح أن الدعوة وجهت الى العماد ميشال عون، ولكنه تحفظ على الحضور لأسباب تتعلق بدوره السياسي في الحكومة الجديدة.

بدورها طمأنت سورية كل الفرقاء والأطياف اللبنانية، على لسان رئيس لجنة السياسة الخارجية في البرلمان السوري سليمان حداد، بأن دمشق ستتعاون مع الحكومة ورئيسها سعد الحريري بما يخدم لبنان ومصالحه.

ومن المؤكد أن التعليقات التي صدرت عن المسؤولين السوريين تنبئ عن وجود رغبة لإحياء سياسة التعاون والتنسيق على مختلف المستويات. ولكن هذه الرغبة لا تمنع احتمال نشوء تكتلات سياسية جديدة عقب انفراط عقد 14 آذار و8 آذار. وربما اتخذت دمشق من مسألة تشكيل الحكومة عذراً لإبعاد من خذلها ومكافأة من نصرها. وفي مطلق الأحوال، فإن تحركات وليد جنبلاط والوزير غازي العريضي، تشير الى أهمية دور «الكفيل» سليمان فرنجية في إعادة وليد جنبلاط الى «بيت الطاعة» بعد طلاق استمر أكثر من خمس سنوات.

من المتوقع أن يُفرج عن البيان الوزاري يوم الاثنين المقبل عشية عيد الاستقلال. ومع أن سعد الحريري أراده مقتضباً، دقيقاً، ومرتبطاً بجدول زمني – تماماً كما يفعل المتعهدون – إلا أن صانعي البيان يريدون إضافة بعض العبارات المنمقة بحيث لا يأتي النص كنشرة رسمية.

بقي السؤال عن زيارة سعد الحريري دمشق! ربما يحدد موعدها بعد نيل الحكومة الثقة، على أن تكون بداية جولة عربية ودولية تبدأ في موسكو وتنتهي في باريس وواشنطن.

وهو بهذه البداية يريد تقليد والده الذي وظّف علاقاته الخارجية لتمتين دوره الداخلي!

* كاتب وصحافي لبناني

=================================

أين الخلل الحقيقي في الشرق الأوسط؟

الجمعة, 20 نوفمبر 2009

باتريك سيل *

الحياة

وضع الصحافي البريطاني براين ويتاكر كتاباً استفزازياً ومربكاً حول الشرق الأوسط، وقد حمل العنوان أعلاه الذي أعطيته لهذا المقال. الكتاب لا يجامل العرب بما أنه يعرض تناقضات ونقاط ضعف عميقة في مجتمعاتهم. لكن من الضروري أن تتم ترجمته إلى اللغة العربية حتى تتمكّن النخبة العربية من المحيط إلى الخليج من قراءته.

أشار الكاتب إلى أن هدفه هو إطلاق النقاش. في حال رغب العالم العربي في اللحاق بركب سائر البلدان النامية، فيستحسن أن ينظر في الخلاصات التي توصّل إليها ويتاكر ويأخذ توصياته في الاعتبار.

جال ويتاكر في أنحاء الدول العربية، كما أنه كان المحرّر المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في صحيفة «الغارديان» البريطانية على مدى سبع سنوات. ولا شكّ في أنه يعرف المنطقة جيّداً. وتكمن نقطة قوته في مرحلة إعداد الكتاب في أنه لم يحدّ نفسه، كما يفعل معظم الصحافيين، بالبحث عن آراء الزعماء السياسيين والمسؤولين في الحكومات، بل انتقل خارج النطاق السياسي المحض ليجري مقابلات مع عدد كبير من المفكّرين والأكاديميين والطلاب والأشخاص المؤثّرين وأصحاب المدوّنات الإلكترونية والأشخاص العاديين في عدد من بلدان المنطقة. وقد نظر أبعد من الأنظمة العربية إلى المجتمع ككّل. وهذه هي ميزة كتابه.

باختصار، اين الخلل في الشرق الأوسط برأي المؤلف؟ في الفصل تلو الآخر، يحلّل ويتاكر «الجوّ الفاسد الذي لا يشجّع على التغيير أو الابتكار أو التجديد أو التفكير النقدي أو المساءلة أو حلّ المشاكل». لكنه لا يتوقّف عند هذا الحدّ. فهو يضيف إلى هذه اللائحة «الإنكار المنهجي للحقوق الذي يؤثّر سلباً في حياة ملايين الأشخاص والتمييز القائم على الإثنية أو الدين أو الجنس أو الخلفية العائلية وعدم تكافؤ الفرص والبيروقراطيات المتشدّدة والتطبيق العشوائي للقانون وغياب الشفافية في الحكم».

ويتطرّق الفصل الأول من كتاب ويتاكر إلى فشل التعليم في العالم العربي الذي يعتبره محورياً لمشاكل المنطقة. ويقول أنه كي يكون للتغيير معنى يجب البدء بتغيير طريقة تفكير الناس. وقد أتى على اقتباس عبارة وردت في تقرير التنمية البشرية العربية عام 2004 ومفادها أن طرق التعليم في العالم العربي، لا سيما التعليم من طريق الحفظ، لا «تؤدي إلى الحوار الحرّ وإلى التعلّم الفاعل والاستكشافي، وبالتالي لا تفتح الآفاق لحرية الرأي والنقد». بل على العكس، «يبدو أن برامج التعليم المعتمدة في العالم العربي تشجّع على الخضوع والخنوع والتبعية والإذعان». وينتج من ذلك «نقص في المعرفة»، ما يعيق تطوّر يد عاملة مثقّفة تتميّز بمهارات تقنية عالية.

ويوصي ويتاكر «العالم العربي بإصلاح أنظمته التربوية والاستعداد للمستقبل». لكنه يضيف متشائماً «إن الأهمية الكبيرة التي يتمّ تعليقها على الخضوع في المجتمعات العربية تخنق التغيير». ويصل إلى خلاصة جدلية مفادها «أن الدول العربية غير قادرة على تطوير مجتمعات قائمة على المعرفة من دون إحداث تغيير اجتماعي وسياسي جذري».

كما تطرّق ويتاكر إلى العصبية أو التضامن بين أعضاء العائلة أو القبيلة أو العشيرة. ويمكن لهذا التضامن أن يوفر الأمن والحماية للأفراد، إلا أنّه يؤدي في المقابل، بحسب تقرير التنمية البشرية العربية، إلى «ترسيخ الخضوع والتبعية للآخر والخنوع...»

ويلفت ويتاكر إلى أن الهوس بالقرابة في العالم العربي يقوّض مبادئ حكم أصحاب الكفاءات وتكافؤ الفرص. وتعيق محاباة الأقارب التنمية الاقتصادية وتُضعف علاقة الدول العربية ببعض أجزاء العالم حيث هذه الممارسة شبه غائبة.

ويستنتج أنه «لا يمكن للعرب أن يدخلوا في حقبة جديدة من الحرية والمواطنية والحكم الرشيد فيما لا تزال ضرورات القرابة سواء كانت عائلية أو قبلية تسيطر على مجتمعهم...» ويؤكّد أن هذا الواقع يشكّل التحدّي الأساسي الذي يواجهه العرب اليوم.

ويعالج ويتاكر في احد الفصول الاستفزازية من الكتاب العلاقة بين المواطنين وحكوماتهم. فيشير إلى أن النظام العربي النموذجي هو نظام سلطوي ومستبد، سلطوي لأنه يطلب الخنوع ومستبد لأن السلطة مركزية ومركّزة حول رئيس الدولة.

ويقرّ أنه دار الكثير من الكلام عن الإصلاح والتحديث في الدول العربية للّحاق بركب التغيرات السريعة التي تطرأ على العالم، إلا أنه يلاحظ بتشاؤم أن «الإصلاح الفعلي مقابل مجرّد الحديث عنه هو محدود ... وأن الخطوات الإصلاحية هي مجرّد غطاء لكسب الاحترام الدولي».

ووضع ويتاكر عنواناً لأحد أكثر فصول الكتاب جدليةً هو «السياسات الإلهية» وتطرّق فيه إلى الميل نحو التعصب الديني الذي انتشر في أنحاء الشرق الأوسط خلال السنوات الثلاثين أو الأربعين الماضية. ويرى أن الدين هو جواب على ما أصبح معروفاً ب «القلق العربي». فبالنسبة إلى عدد من المؤمنين، يقدّم الدين مساحة مريحة من الثقة والأمل بعالم تشوبه الشكوك والإحباط. وينقل عن مصادره أن الميل نحو الدين بدأ مع الخسارة الكبيرة التي مني بها العرب على يد إسرائيل عام 1967. وقد تمّ تحفيز هذا المنحى جرّاء نجاح المجاهدين في إخراج القوات السوفياتية من أفغانستان ونجاح «حزب الله» في إخراج إسرائيل من لبنان عام 2000 وذلك بعد 22 عاماً من الاحتلال. وترسخت فكرة أن الفوز العسكري ممكن عندما يكون مستوحى من الدين.

ويلفت ويتاكر إلى أن الدين يعطي شعوراً بالهوية والانتماء والتضامن في وجه التهديدات الخارجية. إلا أنه يحذّر من أن اعتبار الدين مجرّد دليل على الهوية قد يؤدي إلى التركيز على نواحيه الخارجية والظاهرية على حساب روحيته وأخلاقياته.

فضلاً عن ذلك، فيما ينتشر المد الديني في أنحاء الشرق الأوسط، يتمّ تقديم صورة متطرفة عن الإسلام وتفسيرات أكثر تعصّباً لآيات القرآن الكريم وأقل تسامحاً مع وجهات النظر الأخرى. وقد أدّى ذلك أحياناً إلى زيادة عدم التسامح وأعمال العنف مثلما حصل مع الأديب المصري الراحل نجيب محفوظ عام 1994 حين طُعن في عنقه خارج منزله. وقد نجا من هذه الحادثة إلا أن يده اليمنى أصيبت بالشلل. ويعتبر ويتاكر أن الحقوق المتساوية لا يمكن أن تكون موجودة في ظلّ غياب حرية المعتقد. ففي الدول العربية قد يكون هذا العائق الأكبر الوحيد الذي يعترض التغيير الإيجابي. وبرأيه تتطلب حرية المعتقد قيام دول محايدة في الموضوع الديني. فالفصل بين الدين والدولة هو أساسي لأي أجندة إصلاح جدية.

كما يتضمّن كتاب ويتاكر نقاشاً حياً حول الفساد والعمولات غير الشرعية في المجتمع العربي إضافة إلى ظاهرة الوساطة، أي استخدام العلاقات والتأثير والمحاباة للمصلحة الشخصية. وقد خصّص جزءاً مطوّلاً للإعلام العربي، وهو جزء غنيّ جداً إلى حدّ لا يمكن تلخيصه بسطر أو سطرين.

يرغب ويتاكر في أن يتخلى العرب عن ثقافة التبعية والعجز وأن يتخلى الغرب بدوره عن تاريخ السيطرة الاستعمارية والتدخل العسكري حتى يتمكّن الطرفان من إقامة علاقة بينهما على أساس من التفاعل المتبادل.

قد يثير هذا الكتاب غضب البعض وإعجاب البعض الآخر. فهو أحد أهم المحاولات الطموحة في السنوات الأخيرة من قبل كاتب غربي لتحليل ماهية الخلل الحقيقي في الشرق الأوسط.

* كاتب بريطاني متخصص في شؤون الشرق الاوسط

=================================

الطموح النووي العربي

آخر تحديث:السبت ,21/11/2009

عبد الزهرة الركابي

ألمح مؤخراً الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى ضرورة أن يطلق العرب وبخاصة مصر برنامجا “نوويا” إذا واصلت “إسرائيل” وإيران برامجهما النووية.

 

وفي رسالة وجهها وزير خارجية مصر أحمد أبو الغيط الى وزراء خارجية الدول ال 15 أعضاء مجلس الأمن بمناسبة القمة الدولية الأخيرة، طالب الوزير المصري مجلس الأمن بوضع البرنامج النووى “الإسرائيلى” تحت الإشراف الدولى، وإصدار قرار ملزم ينص على إخلاء الشرق الأوسط من الأسلحة النووية.

 

يتضح أن السياسات العربية الرسمية تدرك جيداً حقيقة السلاح النووي الذي بحوزة الكيان الصهيوني، وهي من هذا الإدراك بدأت بلفت النظر والإشارة إليه في المحافل الدولية، في وقت تزامن مع الضجة التي أثارتها أمريكا وأوروبا بشأن الملف النووي الإيراني، ومن الطبيعي أن العرب في المجال النووي لايزالون في موقع الدفاع إذا صحت التسمية، حيث لم يحصلوا على الإمكانات والقدرات النووية بغض النظر عن استخداماتها وأغراضها، لاسيما وأن دولاً مثل الهند وباكستان وكوريا الشمالية وربما دول أخرى باتت أعضاء في النادي النووي.  

 

وكان البرنامج النووي “الإسرائيلي” بدأ في مطلع الخمسينات تحت إشراف ايرنست ديفيد بيرغمان الذي أسس هيئة الطاقة الذرية “الإسرائيلية” في عام ،1952 وكانت فرنسا هي التي زودت “إسرائيل” بمعظم المساعدات النووية التي بلغت ذروتها في بناء مفاعل ديمونة الذي يقع قرب بئر السبع في صحراء النقب.

 

يذكر أن الكيان الصهيوني كان مشاركاً فعالاً في برنامج الأسلحة النووية الفرنسية منذ بدايته، ويمكن النظر للبرنامج النووي “الإسرائيلي” على أنه امتداد وتتمة للتعاون الفرنسي “الإسرائيلي” في هذا المجال.

 

وعلى الرغم من ادعاءات “إسرائيل” المتكررة بأن “ديمونة” كان منشأة منغنيز أو معمل نسيج إلا أن الإجراءات الأمنية المشددة جداً حوله كانت توحي بقصة مختلفة تماماً عما كان يعلن، ففي عام 1967أسقطت القوات “الإسرائيلية” إحدى طائرات الميراج العسكرية التابعة لها لأن هذه الأخيرة اقتربت بشكل كبير من مفاعل ديمونة، وفي عام 1973أسقطت طائرة مدنية ليبية خرجت عن خطها الجوي مقتربة من مفاعل ديمونة مما أدى لمقتل 104 أشخاص.

 

بعد حرب 1973 كثفت “إسرائيل” برنامجها النووي بينما كانت تتابع سياسة التعتيم عليه، وحتى منتصف الثمانينات كانت معظم تقديرات المعلومات الاستخبارية تقول إن “إسرائيل” لا تملك إلا حوالي ستين من القنابل النووية، لكن الكشف الكبير الذي قام به موردخاي فعنونو وهو تقني يعمل في مفاعل ديمونة، هذا الكشف قلب الأمور رأساً على عقب وجعلها تتغير بين ليلة وضحاها.

 

وفي الوقت نفسه ظلت البرامج النووية معدومة ومعطلة، ولاسيما البرنامج النووي المصري الذي سبق البرنامج النووي “الإسرائيلى”، وكان متقدماً وقد استهدف من “إسرائيل” بعدما كان يقوده العالم المصرى الدكتور مصطفى مشرفة الذي قتل بالسم، كما تم قتل العديد من علماء الذرة المصريين، منهم الدكتورة سميرة موسى وابن السيد بدير والدكتور يحيى المشد الذي كان يشرف على البرنامج النووي العراقي، وغيرهم.

 

وبالإضافة الى مطاردة وتصفية العلماء والخبراء العرب من قبل الموساد “الإسرائيلي” قامت الطائرات “الإسرئيلية” بالإغارة على المفاعل النووي العراقي وتدميره في الثمانينات، وقبل ذلك قامت بتفجير معدات المفاعل النووي العراقي في أحد موانئ الشحن الأوروبية، وكذلك قامت هذه الطائرات بالإغارة على منشأة “الكبر” السورية التي زعمت “إسرائيل” أنها منشأة نووية.

 

وإذا كانت “إسرائيل” تقوم بشكل مباشر بالإغارة على المنشآت النووية العربية وتدميرها، وقتل الخبراء العرب في المجال النووي بمختلف الحقب والمراحل الزمنية، فإن مهمة السياسات العربية في هذه المرحلة يجب أن تتطور بشكل مواز ومتحسب، الى إنشاء برامج نووية للأغراض السلمية، وعدم الالتفات إلى التهديدات “الإسرائيلية” والأوروبية والأمريكية في هذا الجانب، خصوصاً وأن الدول الاوروبية وأمريكا لاينظرون إلا بعين واحدة لمثل هذا الأمر، جرياً على مسار الدعم الأعمى الذي يقدمونه للكيان الصهيوني في شتى الجوانب والمجالات بما فيها الجانب النووي.

 

على كل حال، إن “إسرائيل” وبوجود كل الدلائل والحقائق لم تعترف رسمياً بامتلاكها للسلاح النووي، حيث إنها واحدة من ثلاث دول فقط ومعها الهند وباكستان لم توقع على معاهدة منع انتشار الاسلحة النووية، ويعتقد على نطاق واسع أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة في الشرق الأوسط، على الرغم من أنها لم تؤكد ذلك مطلقاً كما إنها لم تنفه، بيد أن رئيس الوزراء “الإسرائيلي” السابق إيهود أولمرت اعترف بهذه الحقيقة في أحد تصريحاته.

=================================

حلول مؤقتة وخطوات استباقية  

بقلم :رأي البيان

21-11-2009

في الوقت الذي تسعى فيه السلطات الإسرائيلية إلى فرض سياسات الأمر الواقع على الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإنها تتبع بالتوازي سياسة تستند إلى طرح الحلول المؤقتة التي شبعت منها منطقة الشرق الأوسط. فقد طرحت إسرائيل مناقصاتٍ لبناء وحدات سكنية وأعلنت عن خطط مشابهة في «غيلو».

 

فضلاً عن مشاريع استيطانية في مواقع سبعة أخرى في مدينة القدس المحتلة، بهدف طمس معالمها وفرض وقائع مختلفة تفضي إلى أسس جديدة، حينما يجلس المفاوضون الفلسطينيون مع نظرائهم الإسرائيليين محاولين التوصل إلى حلول نهائية.

 

ولا يبدو غريباً، والحال كذلك، ارتفاع منسوب التسريبات الخطيرة من تل أبيب التي تفاقمت مؤخراً، والتي تتحدث عن طروحات وخطط لإعلان دولة فلسطينية بحدود مؤقتة.

 

فهدف إسرائيل من وراء تلك التسريبات والخطط المشبوهة، لا يعدو عن كونه إضاعة وقت وإغراق الجانب الفلسطيني في تفاصيل هامشية، حول نسبة الأراضي المنوي الانسحاب منها على مراحل، دون الولوج إلى القضايا الحساسة والجوهرية، مثل وضع القدس المحتلة، وحق العودة، والمستوطنات التي تتكاثر بشكلٍ سرطاني يهدد بضم أجزاء من الضفة إلى القدس. ومن هنا يتكشف المسعى الإسرائيلي في تسريع وتيرة الاستيطان، الذي يسير على نسقٍ واحد مع تسريعٍ من نوعٍ آخر للحلول المجتزئة.

 

وفي خضم هذه السياسات الإسرائيلية الخبيثة، يحاول الفلسطينيون من جهتهم استصدار دعمٍ دولي للاتجاه الذي تم الكشف عنه في الآونة الأخيرة بإعلان الدولة على حدود العام 1967 من طرفٍ واحد، والذهاب إلى مجلس الأمن للحصول على تأييدٍ مصحوب بالشرعية الدولية في هذا الصدد.

 

ويبقى على الفلسطينيين أن يتوحدوا على جبهةٍ أخرى وسط تلك الوتيرة الاستيطانية المحمومة وغير المسبوقة، التي لا تلقيٍ بالاً للانتقادات الدولية وحتى الأميركية منها، والمبادرات التي لا تضع كرامة الفلسطينيين وحقوقهم العادلة كأساس تفاوضي في ظل ظرفٍ سياسيٍ دولي معقد ومتشابك للغاية. فمع استمرار الانقسام، سيكون من الصعوبة إقناع عواصم صنع القرار بدعم إعلان الدولة بشكلٍ أحادي، في حال فشل عملية التسوية.

 

إذاً، الوحدة الوطنية أولاً وإنهاء حالة التشظي، ومن ثم إرفاقها بتحركاتٍ على الساحة السياسية لانتزاع الاعتراف بالدولة المستقلة والموحدة، لتواجه بذلك التحركات الإسرائيلية التي توهم المجتمع الدولي بأن تل أبيب راغبة في تسهيل إقامة الدولة وتجميد الاستيطان.

=================================

صبر روسيا على إيران «بلا حدود»  بقلم : د. إينا ميخائيلوفنا  

البيان

21-11-2009

تصاعدت في الآونة الأخيرة التصريحات الصادرة في موسكو تجاه إيران، بالدرجة التي تصور معها الكثيرون أن روسيا أصبحت مع الولايات المتحدة في جبهة واحدة ضد إيران.

 

فقد قال الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف للصحفيين، بعد اجتماع مع الرئيس الأميركي باراك أوباما على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في سنغافورة، إن روسيا والولايات المتحدة قد تلجآن إلى استعمال «وسائل أخرى» غير المباحثات، إذا لم تعط إيران ردا على أسئلة عن برنامجها النووي.

 

وفهم البعض من هذا التصريح أن موسكو سوف توافق على أي شكل من العقوبات المشددة تفرضها واشنطن على طهران، خاصة وأنه سبق أن صدر تصريح مشترك من الرئيسين الروسي والأميركي يبلغان فيه إيران بأنه «للصبر حدودس، كما ظهرت بعد ذلك قضايا أخرى تقول في ظاهرها إن روسيا ليست راضية عن إيران، وأن هناك تغييرات في توجهات السياسة الروسية تجاه الجمهورية الإسلامية.

 

فقد سمعنا منذ أيام عن قرار الشركة الروسية المسؤولة عن بناء وتشغيل محطة بوشهر النووية في إيران، بتأجيل تشغيل المحطة التي كان مقررا تشغيلها قبل نهاية هذا العام، ولم تبد الشركة الروسية أية أسباب لقرارها. كما سمعنا أيضا عن قرار روسيا بعدم توريد منظومة الصواريخ (س  300) لإيران في موعدها، حسب ما هو وارد في الاتفاق بين البلدين الموقع منذ عامين.

 

في نفس الوقت لاحظنا ردود فعل غاضبة من الجانب الإيراني على هذه التصرفات من جانب موسكو، فقد انتقد عسكريون إيرانيون روسيا على مماطلتها في تزويد طهران بأنظمة «س  300».

 

وصرح بذلك رئيس أركان القوات المسلحة الإيرانية الجنرال حسن فيروز آبادي، الذي حذر من أن تأخير توريد الأنظمة الصاروخية المذكورة سيكون له تأثير على العلاقات بين البلدين، كما سبق أن دعا وزير الدفاع الإيراني أحمد وحيدي، روسيا إلى تنفيذ بنود عقد تزويد الجمهورية الإسلامية بأنظمة «س  300» وعدم الخضوع «للضغط الصهيوني».

 

في ظل هذه الأوضاع يبدو للكثيرين وكأن هناك بالفعل أزمة في العلاقات بين موسكو وطهران، ولكن في تصورنا أن هذا ليس صحيحا بشكل مطلق، فالعلاقات الروسية الإيرانية كما يعلمها خبراء الإستراتيجية أكبر بكثير من كل هذه الأمور.

 

العلاقات بين موسكو وطهران في حد ذاتها لغز غامض يستعصى تفسيره على الكثيرين، ولا يشك أحد في متانة وقوة هذه العلاقات، ولكن أحيانا تحتاج الدبلوماسية من موسكو أن تصرح وتفعل أشياء مخالفة للواقع.

 

ومن الخطأ أن يتصور البعض أن موسكو تخدع واشنطن وتظهر تأييدها لها ضد إيران، بينما تخفي دعمها الكامل لإيران. هذا غير صحيح بالمرة، وأكثر من يعرفون حقيقة وواقع العلاقات الروسية الإيرانية هم الأميركيون أنفسهم، ولا يستطيع أحد خداعهم في هذا الأمر، وواشنطن تعلم جيدا أن صبر روسيا على إيران بلا حدود، ولا أمل في أية ضغوط فعلية روسية على إيران.

 

ولكن أحيانا تحتاج الإدارة الأميركية لعمليات تجميل دبلوماسية، فتلجأ لدولة مثل روسيا لتساعدها وتوفرها لها، وهذا واقع الأمر بالنسبة لإدارة الرئيس أوباما الآن، وخاصة بعد هديته لروسيا بالتخلي عن نشر عناصر الدرع الصاروخي الأميركي في بولندا وتشيكيا، وما زال أوباما يأمل أن توافق موسكو على توقيع اتفاق الحد من الأسلحة الاستراتيجية مع واشنطن قبل نهاية العام، حتى يكون هذا الاتفاق المبرر الواقعي لجائزة نوبل التي حصل عليها أوباما مؤخرا.

أما بالنسبة للعبة الإيرانية، فعلى ما يبدو أن قواعدها أصبح متفقا عليها بين جميع اللاعبين الكبار فيها، وواشنطن أصبحت تميل أكثر من غيرها لتهدئة الأمور، وإسرائيل توقفت عن تهديداتها لطهران، ولا مانع من بعض التشدد الروسي في إطار هذا المناخ الهادئ.

رئيسة المركز الروسي الحديث لاستطلاعات الرأي

==============================

ردود الفعل ليست بدائل

آخر تحديث:السبت ,21/11/2009

الخليج

عصام نعمان

تتوالى ردود فعل محمود عباس والسلطة الفلسطينية على الولايات المتحدة و”اسرائيل” مذّ أخفق باراك أوباما في إقناع بنيامين نتنياهو بتجميد الاستيطان بغية استئناف المفاوضات بين الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية.

 

أول ردود الفعل إعلان السلطة رفض استئناف المفاوضات من دون وقف كامل للاستيطان. ثانيها إعلان عباس عزمه على عدم الترشح لولاية رئاسية ثانية. ثالثها الكشف عن اتصالات واستعدادات لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بإعلان قيام دولة فلسطينية مستقلة على خطوط 4/6/1967.

 

الغاية المتوخاة من وراء ردود الفعل المتوالية مزدوجة: الضغط على الولايات المتحدة و”إسرائيل” من أجل تجميد الاستيطان بغية استئناف المفاوضات، ومحاولة بناء وضع بديل من الوضع السياسي والدبلوماسي المترهل للفلسطينيين بغية ترفيع مواجهة “إسرائيل” والولايات المتحدة وسائر دول الغرب المؤيدة لهما.

 

ردود الفعل كسبيل للضغط على واشنطن وتل أبيب عمل مشروع وممكن أن يكون مجدياً ولو بحدود ضيقة، لكنه ليس سبيلاً لبناء بديل سياسي ودبلوماسي، حتى لا نقول استراتيجي، من الوضع الحالي البائس. ذلك أن العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً لا يملكون أوراقاً سياسية وازنة تتيح لهم، عند استخدامها، إحداث تغيير نوعي في علاقات القوى السائدة. بالعكس، فإن ما تملكه “إسرائيل” من أوراق سياسية ونفوذ عريض وقدرات عسكرية كفيل بتمكينها من إقامة اوضاع سياسية بديلة من الأوضاع الراهنة في فلسطين المحتلة ودول الجوار المحتلة جزئياً.

 

يقتضي التذكير، بدايةً، بأنها ليست المرة الاولى التي تهدد فيها القيادة الفلسطينية الرسمية بإعلان دولة فلسطينية من طرف واحد. فقد سبق للمغفور له ياسر عرفات أن هدد بإعلان إقامة الدولة الموعودة في التاريخ المحدد لإقامتها في اتفاق اوسلو، وهو 4/5/1999. غير أن زعماء “إسرائيل” رفضوا هذا الخيار وكان أن تصدى واحد منهم اكثر من غيره، يا للمفارقة، لتعطيل استخدامه. إنه نتنياهو الذي كان يتنافس مع إيهود باراك على منصب رئيس الحكومة خلال الانتخابات العامة التي جرت في تلك السنة. فقد شنّ حملة واسعة ضد الخيار الفلسطيني المحتمل أدت إلى صرف النظر عن تنفيذه.

من المفارقات اللافتة أيضاً أن باراك كان يواجه في الفترة نفسها مقاومة شرسة من المقاومة اللبنانية لتحرير الشريط الحدودي اللبناني المحتل. المقاومة لم تطرح آنذاك أي خيار أو نهج سياسي أو تفاوضي بل عززت عملياتها القتالية ضد العدو الصهيوني وأكرهته على الانسحاب، بل على الهرب، في 25/5/2000.

 

لماذا نجحت قيادة المقاومة اللبنانية وأخفقت القيادة الفلسطينية الرسمية ضد العدو نفسه وفي الفترة نفسها؟

 

ثمة أسباب عدة لعل أبرزها أن المقاومة اللبنانية تتمتع بإرادة قتالٍ مترعة وقاطعة، وقد ركّزت جهودها على خيار واحد هو مقاتلة العدو بلا هوادة وبنَفَس طويل ما أدى إلى كسر إرادته وإكراهه على الانسحاب. ويتفق مؤرخون ومحللون استراتيجيون عرب وأجانب على أن عرفات أدرك بسرعة دروس التجربة اللبنانية وأبعادها وكانت له حافزاً قوياً لرفض عروض بيل كلينتون وإيهود باراك في كامب دايفيد والتركيز على تفجير الانتفاضة الثانية في خريف سنة 2000. ولا شك في أن قرار عرفات الاستراتيجي ذاك كان السبب الرئيسي الذي حمل القيادة “الإسرائيلي” العليا على تسميمه، فقضى شهيداً شهيداً شهيداً...

 

بصرف النظر عن حظوظ مشروع القرار الذي يجري إعداده لعرضه على مجلس الأمن من أجل إعلان فلسطين دولةً مستقلة بخطوط 4/6/،1997 فإن السؤال الذي يجب أن يقلق أنصار القرار، الذي يقول أبو مازن إنه ليس أحاديا بل هو قرار عربي بموافقة وزراء الخارجية أعضاء لجنة المتابعة العربية، هو: ماذا ستكون ردة فعل “إسرائيل”؟

 

بحسب جريدة “معاريف” (16/11/2009) فإن نتنياهو أعلن في كلمة ألقاها أمام “منتدى صبان” في القدس المحتلة أن سعي القيادة الفلسطينية للحصول على تأييد دولي لإعلان دولة مستقلة سيؤدي إلى تمزيق إطار التسويات القائمة بيننا، وإلى خطوات أحادية الجانب من جهة “إسرائيل”.

 

عبارة “خطوات أحادية الجانب” فسرها مراقبون ومتابعون للمشهد السياسي “الإسرائيلي” بأنها تعني إلغاء اتفاقات اوسلو للعام 1993 من طرف “إسرائيل”. المعلق السياسي في جريدة “هآرتس” المستقلة ألوف بن توقع في مقالته المؤرخة 16/11/2009 “ردة فعلٍ شبيهة بما حدث في سنة 1999 عندما هددت “إسرائيل” بإلغاء الاتفاقيات القائمة بين الجانبين”، وأن نتنياهو “تحدث عن إلغاء هذه الاتفاقات في حال قيام الفلسطينيين بتنفيذ تهديدهم”. مع العلم أن الوزيرين يسرائيل كاتس وعوزي لاندو ردا على مشروع إعلان الدولة الفلسطينية بقرار من مجلس الأمن بضم الكتل الاستيطانية في الضفة الغربية إلى “إسرائيل”، بل بضم الضفة برمتها إلى الكيان الصهيوني.

 

إلى ذلك، فإن قرار مجلس الأمن بإعلان الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس خطوط 4/6/1967 لا يعني على الارض شيئاً. ذلك أن “إسرائيل” تحتل الضفة الغربية برمتها وهي لن تخليها حتى لو اتخذ مجلس الأمن القرار المشار إليه. ثم إن أمريكا تدرك صعوبات تنفيذ القرار المذكور ما يحملها على استعمال حق النقض “الفيتو” لتعطيل اتخاذه.

 

لهذا السبب ولغيره قد تلجأ الولايات المتحدة إلى تدبير يفك حرجها إزاء الفلسطينيين كما يفك حرج محمود عباس وفريقه وانصاره الذين لا يريدون إلغاء السلطة ومؤسساتها ولا يجدون مصلحة لهم في ذلك. التدبير الممكن اتخاذه في هذا الصدد هو تعديل مشروع القرار المراد تقديمه إلى مجلس الأمن بحيث يتضمن بنداً يقضي بأن يصار إلى تنفيذ أحكامه من خلال مفاوضات تجريها السلطة الفلسطينية و”إسرائيل” ضمن مهلة محددة. بذلك يعود الطرفان إلى المربع الاول!

أما خصوم السلطة الفلسطينية ومحمود عباس وسائر أهل المقاومة كما مجاميع المحبطين والساخطين على امريكا و”إسرائيل” بسبب عقم المفاوضات منذ اتفاقيات أوسلو قبل 18 سنة فإن ما يرضيهم هو العودة إلى التركيز على خيار المقاومة وتعزيزه من خلال:

- تحقيق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية في سياق ترميم الوحدة الوطنية وتفعيلها.

- تأليف حكومة وطنية جامعة لإدارة شؤون الداخل الفلسطيني في سياق الاستعدادات المطلوبة لإطلاق الانتفاضة الثالثة.

- إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية لتكون الكيان الوطني، الحقوقي والسياسي، بما هو صانع القرار الوطني والممثل الشرعي للشعب الفلسطيني في الوطن والشتات، وإجراء انتخابات ديمقراطية لاختيار أعضاء المجلس الوطني الفلسطيني.

بهذه التدابير الثورية العملية يبني الفلسطينيون بديلاً مجدياً من الوضع الراهن البائس وليس مجرد ردة فعل عابرة.

======================

المنطق

أ.د. محمود نديم نحاس*

البلاد 21/11/2009

هذه طرفة سمعتها من صديق منذ زمن بعيد، ولا أدري إن كانت من تأليفه أو قد قرأها في مقال أو كتاب.

الطرفة تتكلم عن طالب حصل على الثانوية العامة، فأخذ شهادته وتوجَّه إلى الجامعة. وفي طريقه أخذ يفكر بالاختصاص الأنسب لقدراته. وعلى بوابة الجامعة التقى شاباً خارجاً منها، فسأله: أأنت طالب في الجامعة؟ فأجاب: كنت طالباً، لكني والحمد لله أنهيت دراستي، وهذه شهادتي. فسأله: وما هو تخصصك؟ فأجاب: علم المنطق، فاستفسر: وما علم المنطق؟! فأجابه: إنه العلم الذي يمكِّننا من استنتاج نتائج سديدة بناءً على مقدمات صحيحة! فقال: ما أفهمتني!

قال: دعني أشرح لك من خلال مثال واقعي، لكني أشترط عليك ألا تسألني عن شيء حتى أحدث لكم منه ذكراً. فاستوقف أحد المارة واستأذنه أن يسأله بعض الأسئلة، ودار بينهما الحديث التالي:

* هل عندكم كلب في البيت؟

* نعم، إنه كلب الحراسة.

* مادام عندكم كلب فأستنتج أن بيتكم واسع!

* هذا صحيح!

* وبما أن بيتكم واسع، فيبدو لي أن عدد أفراد الأسرة كبير!

* لقد أصبتَ. فنحن مازلنا نسكن في بيت الجد الذي يضم كل أعمامي وأسرهم!

* وبما أنكم تسكنون معاً منذ مدة طويلة فأستنتج أنكم متآلفون وليس بينكم مشكلات!

* هذا صحيح. فكل واحد يعرف حدوده ولا يتعدَّاها!

* وبما أنكم كذلك فأستطيع أن أقول: أنتم بلغتم الرقي في تعاملكم وأخلاقكم!

* وأنت أيضاً تتمتع بأدب جم ومنطق حصيف!

* أشكرك لإتاحة الفرصة لي للتحدث إليك!

* وأنا أشكرك على لطفك.

وبعد أن ودعه التفت إلى صاحبه الأول وقال: أرأيت؟ من مقدمة صغيرة استطعت أن أستنتج نتائج باهرة! فقال صاحبه: لن أدرس إلا علم المنطق، ثم شكره وأسرع نحو موظف التسجيل واختار هذا الاختصاص!

لكن صاحبنا أمضى سنوات وسنوات إلى أن أنهى دراسته! وعندما استلم شهادته حصلت له قصة مماثلة لقصته عند بوابة الجامعة. فاستوقف أحد المارة ليشرح للطالب الجديد علم المنطق! وبدأ: هل عندكم كلب في البيت؟ فأجاب الرجل: لا! وبهذا الجواب اختلت المعادلة ولم يستطع المتابعة، فما كان منه إلا أن قال: اذهب فأنتم أولاد كلب.

أتذكر هذه القصة دوماً عندما يغيب المنطق عن استنتاجاتنا، فالكلمة نفسها إن قالها زيد فهي عين الصواب، وإن قالها عبيد فهي هراء. وما ذاك إلا بسبب أحكامنا المسبقة عن زيد وعبيد. ومنذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر عملت الأحكام المسبقة عملها ضد العرب والمسلمين، وما حادثة مقتل مروة الشربيني منا ببعيد.

فهل سينجح العرب والمسلمون في تغيير الصورة التي تركتها تلك الأحداث ليعود الناس جميعاً للمنطق؟ وهل سيتمكَّنون من استصدار قوانين عالمية تحاكم من يعتدي عليهم كقوانين معاداة السامية وإنكار المحرقة؟

ــــــــــــ

*كلية الهندسة، جامعة الملك عبد العزيز

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ