ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
معاً على الطريق الجمعة 4-12-2009م قمر كيلاني الثورة الجامعات انتشرت في الوطن العربي
بالعشرات... وربما بالمئات.. ولعل
كل محافظة أو إقليم أو جهة (حسب
المصطلحات) سيكون لها جامعتها
التي هي وجهها ووجهتها بما
يتوزع ويتفرع... وهذه الجامعة توفر لأبنائها سائر
الاختصاصات، صحيح هي جامعات لكن
ما الذي يجمعها على مستوى البلد
الواحد أو القطر الواحد قبل أن
نقول الوطن العربي بعضه أو كله؟
إن نظرة متأنية إلى هذه الجامعات تعطي
إشارات بأنها الجامعات
المانعات.. فهي تمنع أو تمتنع أن
يكون لها صوت واحد.. أو نهج واحد
فيما يتعلق بالذي يجمعنا في وطن
واحد.. ويسوقنا إلى مصير واحد..
مانعات من أن يلتقي طلابها
هؤلاء بأولئك.. وأن يحاضر فيهم
من هو الأبعد لا الأقرب ليس
انتماء، أو لغة، أو هدفاً بل
الأبعد اجتماعياً وجغرافياً..
وربما تدريسياً في الأسلوب
والمنهج... وفيما هو الهدف
النهائي ولاسيما أن الجامعات
بدأت تأخذ سبلاً مختلفة في منح
الشهادات أو الدرجات بعد هذه
الثورة الطاغية في الاتصالات
والمعلومات... حتى أن بعضاً منها
- أي الجامعات - سمحت للطلاب ليس
في جمع المعلومات من الانترنيت
فقط بل في اصطحاب الكمبيوترات
إلى قاعات الامتحانات... وهذا لا
يعني في نظري إلا التهويش
والتشويش وأن تكون الشهادة فقط
هي المبتغى والمرتجى للطالب
وليس اكتساب الشخصية الحقيقية
للعالم سواء أكانت علوماً
رياضية أم فيزيائية أم إنسانية
أم حتى علوم التكنولوجيا أم
العلوم التطبيقية.. ومن ثم لا
ندرجه في الطريق الصحيحة طريق
البحث والدرس ضمن فرقاء المراكز
البحثية التي أصبحت محور حياتنا
وخاصة الاقتصادية. ومادامت سلالم البحث والدرس هي السبيل
للنهضة والارتقاء فأين
الخيارات أمام أبنائنا
للانتقاء؟ وعندما نقول فئة
الشباب نحن بالطبع لانعني
الشباب الجامعي فقط بل كل فرع أو
طبقة من الشباب مهنياً، أو
مسلكياً من صناع، وزراع ، وعمال
، وأصحاب أشغال. لكن الشباب في الجامعات يظلون هم الطلبة..
وهم النخبة.. وهم المقدمة من
المسيرة .. حتى إذا أردنا أو أريد
لنا أن نوحد الصوت أو نسمعه
للعالم.. كان هؤلاء هم حناجرنا
وضمائرنا.. بل سواعدنا التي تبني
في زمن لم يعد فيه للصغير أو
الضعيف مكان ..بل هو زمن الكتل أو
التكتلات التي تعد بملايين
الملايين بل بالمليارات. ولعل أجيالنا تعمل ولا تنتظر السنوات
القادمات من أجل أن تقوم نهضة
شاملة عارمة في كل جامعاتنا
لنكون على مستوى حضاراتنا
المتوافرة مع أرضنا وتحت سمائنا.
وهذه هي الإنذارات المشؤومة والخطيرة
التي تلوح لنا برقاً صاعقاً ، أو
صوتاً مدوياً في أطماع
الصهيونية لا للاستيلاء على
القدس والأقصى فقط بل لابتلاع
ماقضمته من الأرض العربية،
والسعي الى مد اليد الآثمة الى
بقاع كثيرة في منطقة هي أغنى
وأخطر مناطق العالم. ودعوتنا الى الشباب أنفسهم قبل أن ندعو
أولياءهم والمسؤولين عنهم في
الحكومات والأنظمة مهما تنافرت
أو تفرقت. ================================ "النظام العالمي"
يحاول ترويض إسرائيل جهاد الزين jihad.elzein@annahar.com.lb 4-12-2009 النهار مجرد ان تبادر السويد من موقع رئاستها
الدورية للاتحاد الاوروبي الى
اقتراح وثيقة اعتراف اوروبية
بالقدس الشرقية كعاصمة للدولة
الفلسطينية المنشودة، هو تطور
نوعي جدا في مسار الصراع العربي
– الاسرائيلي وتحديدا في مسار
الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي. فهذا الاقتراح – وطبعا الذي لن يكون
اقراره سهلا في إطار الاتحاد
الاوروبي – اهميته انه يأتي في
لحظة لا مثيل لها من درجة الضعف
التي بلغتها الحركة الوطنية
الفلسطينية. ضعف انقسامي بين
التيارين الرئيسيين قسم
الجيوبوليتيك الفلسطيني الى
منطقتين كاملتي الانفصال
الجغرافي. وهو ضعف يتعلق بترهل
المدرسة التقليدية للحركة
الوطنية الفلسطينية التي امسكت
القيادة الفلسطينية بعد العام
1967، اي "فتح" والفصائل
المولودة معها بعد هزيمة حزيران
قبل اكثر من اربعة عقود. انها
لحظة ضعف بنيوية لا يجب الخلط
فيها بين قوة "حماس" في
قيادة منطقة ممانعة وبين عدم
قدرة "حماس" والسلطة
الوطنية – "فتح" معا على حد
ادنى من التوازن الصراعي لفرض
حل سياسي ما او وضع سياسي ما كما
كان الأمر في عهد الرئيس ياسر
عرفات. لهذا، يأتي الاقتراح الاوروبي الرفيع
المستوى، في زمن انعدام تأثير
الحركة الوطنية الفلسطينية
الميداني على مجرى الحل السياسي. صحيح ان تاريخ خطوات التسوية الفلسطينية
كان دائما وليد تطور ديناميكية
دولية، انما هي المرة الاولى
التي تأتي فيها محاولة دولية
بدون رديف فلسطيني قادر ميدانيا
على تمثيل قوة دفع موازية او
متلازمة مع الدفع الدولي...
مثلما كان الامر على مراحل
مختلفة منذ السعبينات مرورا
بالثمانينات حتى "اتفاق
اوسلو" الذي ولد من عوامل
عديدة بقيادة دولية انما على
قاعدة اندفاعة الانتفاضة
الاولى الشهيرة اواخر
الثمانينات التي جعلت الصراع
على الارض ذا برنامج سياسي
تفاوضي. كان للحجر الفلسطيني
يومها مشروع تفاوضي. هذه المرة القوة الميدانية شبه معدومة في
الضفة الغربية. وعناصر قوتها في
غزة لاسباب عديدة لا تتصل
بالتسوية السياسية. في ظرف كهذا يبدو الاقتراح الرئاسي
الاوروبي من الموقع السويدي
وكأنه اشارة نوعية جديدة من
النظام العالمي تحاول ترويض
الاندفاع الاسرائيلي لخلق
وقائع على الارض تجعل "حل
الدولتين" مستحيلا، وتحديدا
عبر الاستيطان. بهذا المعنى،
فان الاقتراح الرئاسي السويدي
يأتي كحلقة نوعية بعد ظهور موقف
الرئيس الاميركي باراك اوباما
ضد الاستيطان الاسرائيلي –
والذي فرض نفسه ولو نسبيا – وفي
زمن صدور "تقرير غولدستون "الذي
ادان بشكل لا سابق له الممارسات
العسكرية الاسرائيلية في حرب
غزة عبر واحدة من اعلى المؤسسات
الدولية تأثيرا اخلاقيا... وفي
زمن تتحرك فيه دولة اطلسية مثل
تركيا بقيادة رجب طيب اردوغان
نحو مواقف ضغط بل احيانا تصادم
سياسي لا سابق له مع اسرائيل.
وهو جو دولي – على اي حال – يقلل
اهمية التحليلات التي تربط كل
اندفاع اردوغان بخلفيته
الاسلامية، ويرفع من قيمة
التقديرات التي تجعل حركته
متصلة اساسا بتناسق ما مع هذا
الجو الدولي الذي افتتحه على
مستوى الذروة الرئيس باراك
اوباما. وفي زمن تشير فيه كل
التقارير الاميركية
والاسرائيلية إلى ان اللوبي
الاسرائيلي الجديد المؤيد
لسياسة اوباما والمعارض للوبي
الاسرائيلي التقليدي – من موقع
تأييد اسرائيل طبعا – اي "جاي
ستريت" هو قوة بدأ يحسب
حسابها الجدي داخل الجماعات
اليهودية الاميركية حتى لو انها
ليست الاكثرية. نص الاقتراح الرئاسي الاوروبي كما يبدو
من الصيغة الحرفية التي نقلتها
"هآرتس" أمس الاول شديد
الوضوح في اعتبار القدس الشرقية
عاصمة للدولة الفلسطينية
المقترحة. واذا كان هذا النص
يفتح فقط امكان تعديل ما في حدود
العام 1967 باتفاق الطرفين، فهو
يعلن بلا مواربة ان الاتحاد
الاوروبي لم ولن يقبل يوما
بالاستيطان الاسرائيلي في
الضفة الغربية ومن ضمنها القدس
الشرقية، كما انه يدعو الى
تفكيك كل المراكز الاسرائيلية
المقامة بحجة "النمو الطبيعي"
للمستوطنات منذ العام 2001، حتى
ان النص في تشديده على ان
الاستيطان برمته مخالف للقانون
الدولي يؤكد ان استمراره "يجعل
حل الدولتين مستحيلاً" وهذا
جوهر الخطة الاسرائيلية. للتذكير الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي
تحدث داخل الكنيست الاسرائيلي
عن "القدس عاصمة للدولتين". هل سيتمكن النظام العالمي "في محاولته
الاوروبية الجديدة – واوروبا
هي الجناح الرئيسي الآخر للنظام
العالمي بعد الولايات المتحدة -
من ترويض اسرائيل الابنة
المدللة اصلا لهذا النظام... بما
يعيد احياء "المشروع الوطني
الفلسطيني" الذي يحتضر او هو
مات عياديا في السنوات الاخيرة...
فيتبين ان "الدولة
الفلسطينية" هي اولا واخيرا
مشروع دولي؟ سنرى... هذا الاختبار "الحاف" البادئ
بين النظام العالمي واسرائيل؟... ايا تكن نتائجه... لا شك في ان هناك شيئا
جديدا في كواليس الدول الكبرى
غير مرتاح لمستوى تطور الاعتراض
الاسرائيلي الفعلي على الحد
الادنى "لحل الدولتين"...
وهو اعتراض بنيوي مع الاستيطان،
حتى في ظل قبول بنيامين نتنياهو
بالتجميد الموقت في الضفة ...
ولكن ليس في القدس الشرقية التي
لا يترك نص المشروع الرئاسي
الاوروبي اي التباس حول رفضه
للاستيطان فيها؟ صحيح ان الموقف الاوروبي كان دائما
مختلفا عن الموقف الاميركي،
ولكن انتقال الاتحاد الاوروبي
الى موقع الضغط النوعي على
اسرائيل الآن، هو ذو دلالة
نوعية بعد سنوات نجاح ادارة
جورج بوش السابقة، ليس في شل
التميز الاوروبي فحسب، بل أيضاً
في ضمه الى اطار تعطيل كل حل جدى
للصراع الفلسطيني – الاسرائيلي. ====================== تركيا... ماذا تريد منا
وماذا نريد منها؟ جميل مطر السفير 5-12-2009 أينما ذهبت في بلاد المشرق ستسمع من يشيد
بما فعله رجب طيب أردوغان حين
انسحب من أحد لقاءات مؤتمر
دافوس «احتجاجا على أقوال نطق
بها شيمون بيريز بينما واصل
عمرو موسى الأمين العام للجامعة
العربية اللقاء ولم يغادر».
سمعت الرواية تحكى بنغمات
مختلفة ولم اسمع سوى مرات قلائل
من يحكيها كما وقعت بالفعل، وهو
أن أردوغان انسحب لأن دافيد
إجناشيوس، وكان يدير الجلسة، لم
يعطه حقه في الرد. على كل حال،
كانت الرواية كما تداولها الناس
في تركيا والشرق العربي والشرق
الآسيوي، هي الرواية التي تحن
الشعوب إلى سماعها، رواية ترضي
أمما باحثة عن بطل، أو أمم تحن
إلى دور كان لها وفقدته. لذلك
كان استقبال الأتراك لأردوغان
عندما عاد من دافوس إلى بلاده
أسطوريا، حتى أن صحافيين
أميركيين أعربوا عن الشك في أن
يكون الاستقبال غير مدبر أو
مرتب من جانب حزب العدالة
والتنمية. ومع ذلك فإن التشكيك
في عفوية الاستقبال التركي لا
يفسر عفوية الشعبية التي حازها
أردوغان في أوساط عديدة في
العالم العربي، حيث يفتقر الناس
بالفعل إلى زعيم يتجرأ ويغادر
محفلا يشارك فيه قادة
إسرائيليون كبار، وبخاصة بعد أن
صاروا يألفون منظر قادة عرب من
رجال دين وسياسة وثقافة
يستقبلون إسرائيليين في
مكاتبهم، ويهرولون نحوهم في
المؤتمرات، ويتصدرون معهم
المآدب والاحتفالات. قد لا يكون
هذا الحدث نقطة البداية في
مسيرة اهتمام العرب بتركيا
وزعمائها، لكنه بدون شك لعب دور
«المسرع» في علاقة جديدة بين
تركيا والشعوب العربية
والإسلامية. البداية متعددة النقاط، ولم تكن عشوائية
أو وليدة الصدفة. إذ اشتركت
أحداث دولية كبيرة في التأثير
على مسارات تركيا أبلغ الأثر،
أولها سقوط الاتحاد السوفياتي،
ونحن نعرف أن الاتحاد السوفياتي
كان التبرير الأقوى أمام العالم
لانضمام تركيا للحلف الأطلسي
ولقبولها القيام بدور هام في
أمن المنظومة الغربية. وثانيها
أزمة الخليج الأولى، حين اكتشفت
تركيا أن حاجة أميركا إلى تركيا
الإسلامية تفوق حاجتها إلى
تركيا العلمانية، وحين كان
المطلوب أميركيا أن تشترك تركيا
وسوريا ومصر في الحرب لتحرير
الكويت لأنها دول إسلامية وليس
لأي اعتبار آخر. ثالثها حرب
العراق، فمنذ اليوم الأول تأكدت
تركيا أن المصالح القومية
التركية لم تعد تتطابق مع
المصالح الأمنية الغربية، وأظن
أن مصر والسعودية، شعرتا الشعور
ذاته وإن بحدة أقل جدا. ساد
وقتها اقتناع بأن الغزو
الأميركي للعراق يعني احتمالا
قويا بتمزيق العراق. بمعنى آخر،
تأكدت تركيا أن أمنها صار مهددا
بالاحتلال الأميركي للعراق وهو
الأمن الذي كان يعتمد اعتمادا
قويا على استقرار العراق،
كاعتماده على استقرار سوريا.
أما رابع التطورات التي أقنعت
حكومة أنقرة بضرورة تسريع مسيرة
تغيير سياساتها الخارجية، فكان
خيبة الأمل في تركيا من مواقف
دول أوروبية، بخاصة فرنسا
وألمانيا، من مسألة الانضمام
التركي إلى الاتحاد الأوروبي.
هنا لم تكن خيبة الأمل حافزا
يدفع نحو التخلي عن حلم
الانضمام، بل العكس تماما، وهو
أن تعود تركيا من مسيرة جديدة في
سياستها الخارجية وفى حقيبتها
نفوذ قوي في المنطقة العربية
والإسلامية وفي القوقاز ووسط
آسيا، وإن أمكن، في أفريقيا
جنوب الصحراء. القوة التركية الناعمة جلست بقدر ما سمح وقتي ووقتها مع مليحة
أتومشبك، أستاذة العلاقات
الدولية والمتخصصة في علاقات
تركيا بالمنطقة العربية؛
بادرتني بأنها تتردد على الدول
العربية منذ سنوات عديدة، وأنها
ذهلت للحفاوة التي استقبلت بها
في أنحاء العالم العربي كافة
وبخاصة في سوريا، التي زارتها
الأسبوع الماضي. قالت «ذهلت
لدفء استقبالي وللتغير في مشاعر
السوريين الذين كنت قبل سنوات
أخشى التصريح أمامهم بأنني
تركية». الفضل في تغيير مشاعر السوريين، وغيرهم
من العرب، يعود في رأيي إلى أن
تركيا استخدمت وبكفاءة مدهشة
عددا من أساليب «القوة الناعمة»
في علاقاتها الجديدة مع العرب.
تقول مليحة «بضائعنا صارت في كل
أسواق العرب، مواقفنا
السياسية، وبخاصة موقف حكومتنا
من عدوان إسرائيل على غزة
والمذابح التي ارتكبها
الإسرائيليون فيها وموقفنا من
سعي الدول الغربية لفرض عقوبات
على إيران، ودعمنا المعلن لحق
إيران في الحصول على
التكنولوجيا النووية، وموقفنا
من وحدة الكيان العراقي،
ودعوتنا قيادات سياسية في
السودان وحماس لزيارة أنقرة رغم
ضغوط الغرب وإنذاراته، وتوسطنا
في لبنان وحصولنا الفوري على
قبول حزب الله لنا ولدورنا بل
وإعلانه استعداده أن يفضلنا على
إيران لو غيرت إيران سياستها
تجاه الفلسطينيين، كل هذه
المواقف وأكثر منها تعرفوه، جلب
لنا شعبية وافرة في الشارع
العربي». المسلسلات التركية الناطقة بالعربية لم أكن يوما من عشاق المسلسلات الطويلة
المتعددة الحلقات وإن كنت من
الدارسين لدورها في تشويه ثقافة
قائمة وصنع ثقافة بديلة. وكان قد
لفت انتباهي منذ سنوات هذا
الشغف المكثف من جانب المشاهدين
في مصر ودول عربية كثيرة
بالمسلسلات التركية. كنت أتحرق
رغبة لأعرف إن كان للدولة
التركية دور في إنتاج هذه
المسلسلات أو تشجيعها والترويج
لها، خاصة أنه سبق لي أن طالبت
المسؤولين عن الإعلام في
الحكومة المصرية في أواخر
الثمانينيات وأوائل التسعينيات
بالتدخل للمحافظة على هذه
الموهبة الناعمة التي تمتلكها
مصر، وحمايتها من الاختراق،
ومنع توظيفها لصالح مذاهب دينية
غريبة عن المزاج المصري، ولغرس
تقاليد اجتماعية تمارس في دول
عربية أخرى، وتتنافى مع تقاليد
مصر ودرجة تطورها وسمعتها
وثقافتها. عرفت وقتها أن منتجين
من خارج مصر يفرضون مسلسلات
أبطالها يتحدثون بلهجة بين بين،
أي بين أن تكون مصرية وبين أن
تكون شيئا آخر. عرفت أيضا أنهم
يختارون نساء ورجالا يمثلون
أدوارا لا تعكس الطبائع
الحقيقية للمصريين، وإن كان
بعضها يعكس حالات منحرفة صارت
في نظر المشاهدين العرب
والمصريين طبيعة مصرية خالصة
بعد عقود من التكرار والاحتكار. تذكرت قصتي مع هذا الرصيد من قوتنا
الناعمة، وأنا أسمع من مليحة
وآخرين في تركيا عن الدعم الذي
بدأت الحكومة تقدمه إلى
المسلسلات التركية التي حازت
رضا المشاهدين، وصارت تمثل
جانبا أساسيا من وسائل الترفيه
الأساسية في البيوت والمقاهي
العربية. قيل لي إن استطلاعا
للرأي أجري في المملكة العربية
السعودية أثبت أن أكثر من 70
بالمئة من نساء المملكة يشاهدن
هذه المسلسلات بانتظام. كذلك
سمعت من أتراك أن الرجل الذي
يملك البيت حيث جرى تصوير مسلسل
«نور» قام بتحويله إلى متحف
يقصده السياح العرب مقابل خمسين
دولارا للفرد. ويضيف هؤلاء
الأتراك بفخر واضح «هل تعلم أن
النسبة الأكبر من الزوار لسيدات
قادمات من السعودية خصيصا
لزيارة البيت، وكثيرات منهن
يصلن بطائرات خاصة ويعدن إلى
بلادهن فور الانتهاء من زيارة
البيت»؟ تجنبت التعليق واكتفيت
بهزة من رأسي. تركيا والحكام العرب لو كنت حاكما عربيا، محكوما بقيود ورثتها
عن اتفاقيات مع إسرائيل وأميركا
أو معتمدا بالكامل أو بقدر كبير
على دعم الغرب وحمايته، فبدون
شك لن أنام مطمئنا وأنا أرى «تركيا
الإسلامية» تكسب موقعا بعد آخر
في قلوب أبناء شعبي أو أمتي.
حرمتنى لباقة أكاديميين
وصحافيين أتراك، خلال لقاءات
سريعة، من أن أسمع تفصيلات عن
استقبال حكومات الدول العربية
الكبيرة للانفتاح التركي على
المنطقة العربية. لم يخرج الرد
على سؤالي الذي بقيت أردده
بصياغات مختلفة عن أن «واجب
الحكومة التركية هو أن تتجاوز
العلاقات الرسمية وتتوجه إلى
الشعوب ورجال الأعمال ومنظمات
المجتمع المدني». أحدهم توسع في
الرد فقال «يهمنا جدا أن نقنع
العرب بتغيير مناهج التعليم
ومحتويات الكتب المدرسية لنمحو
الضغائن الموروثة لدى الطرفين».
ومع ذلك اجمع كل الذين قابلتهم
على أن المشكلات التي ستواجه
حكومة أردوغان على صعيد
العلاقات الخارجية لا يجوز
الاستهانة بها. لم أكن أقل تشاؤما من هؤلاء الذين يعتقدون
أن مسيرة الانفتاح التركي على
العرب ستكون صعبة ومعقدة حين
طرحت رأيي قائلا: «إن التعقيدات
الصعبة ستأتي عندما تجر تركيا
معها في رحلتها الشرق الأوسطية
مشكلاتها، مثل المشكلة
القوقازية «الأرمينية
الآذرية»، والمشكلة
القبرصية، ومشكلات آسيا
التركمانية، والمشكلة الكردية،
وتطلب من العرب دعمها . ماذا نريد وماذا يريدون؟ كنت دائما وأنا صغير، أقف منبهرا أمام
مهرج في سيرك يقبض بيديه على خمس
كرات وأحيانا سبع يقذفها في
الهواء ويتلقاها بحرص يمنع سقوط
إحداها على الأرض. تصورت دائما
أن مهارة الرجل تكمن في قدرة
فائقة على التركيز وتقدير الوقت
وحسن توزيعه بين الكرات السبع.
وتكمن أيضا في ثقة كبيرة بالنفس.
هكذا تخيلت المهمة الصعبة التي قررت
حكومة تركيا تنفيذها وتحمل
مسؤولياتها. تخيلت صعوبة
التوفيق بين طموحات العثمانية
الجديدة، التعبير المفضل الذي
يطلقه المحافظون
والديموقراطيون الأتراك على
السياسة الخارجية التركية
الراهنة، وبين المبادئ
الكمالية الأتاتوركية التي
اختارت التركيز على الداخل وعدم
الاهتمام بالخارج، بحجة أن
تحقيق السلام في الداخل يضمن
تحقيق السلام في الخارج. وأظن أن
فكرة قريبة من هذا المبدأ
الأتاتوركي يعتنقها كثير من
الحكام العرب. تخيلت كذلك
صعوبات أخرى في التوفيق بين
سياسات وسياسات، مثلا بين
المصالحة مع أرمينيا من ناحية
وسياسات التحالف التقليدية مع
أذربيجان من ناحية أخرى خاصة
ونحن نعرف أن بين الدولتين
نزاعا عجزت قوى عظمى عن تسويته،
أو التوفيق بين سياسات هدفها
كسب ود العرب وسياسات غرضها عدم
فقدان إسرائيل، وبين دعم تطلعات
حكومة إيران ونقمة حكومات عربية
عليها وخوفها منها، وبين
التقارب مع كردستان العراق
والمحافظة على وحدة العراق
وكلاهما هدفان استراتيجيان، أو
التوفيق بين الانفتاح على العرب
والمسلمين والانضمام إلى
الاتحاد الأوروبي، وبين صعود
شعبية تركيا في العالم الإسلامي
وعضويتها في حلف الأطلسي الذي
يخطط مع إسرائيل لغزو إيران
والتدخل في الشئون الداخلية
للدول العربية. حفزني التفكير في هذه الحقيبة السياسية
التي تحوى أهدافا وطموحات صعبة
المنال وبعضها شديد التناقض إلى
البحث عن تفسيرات مقنعة وإجابات
مفصلة لأسئلة بالفعل حائرة.
توجهت بقائمة من الأسئلة إلى
أحد كبار الدبلوماسيين
الأتراك، جانب منها يتعلق
بمسيرة الانفتاح على العالم
العربي، ويتعلق جانب آخر بتجارب
في التعامل مع قضايا داخلية
أعتقد اعتقادا قويا أن كثيرين
من مفكرينا يترددون في الاقتراب
منها، بينما في تركيا إقتربوا
منها بالفعل، ورأيتهم يتعاملون
معها. سألت الدبلوماسي الكبير، متعمدا لفت
انتباهه إلى السهولة التي تحقق
بفضلها الانفتاح على العرب في
خطواته الأولى. سألته إن كان
المسؤولون الأتراك يدركون أن
العرب ليسوا، كما تصور
العثمانيون القدامى، كتلة
واحدة. وأضفت قائلا «إن العرب
الآن يتوزعون على اثنتين وعشرين
دولة، لكل منها علم وحكومة
وشركة طيران ولكل دولة من هذه
الدول حاكم يعتقد، وبكل الثقة،
أنه وحده الأعمق فهما لأحوال
العرب وأمنهم ومصالحهم، وهو
الوحيد الذي يمكن أن يؤخذ رأيه
باطمئنان، وإذا تجاوزته تركيا
أو لم تتوقف عنده طويلا
لتستشيره خلال زحفها الجديد
وتطلب نصيحته فسيشن حربا
إعلامية وسياسية ضدها ويهيج
شعبه ضدها ويؤلب زملاءه من
الحكام العرب على تركيا». قلت
أيضا إن تركيا الأتاتوركية، على
عكس تركيا العثمانية، تجاهلت
حقيقة أن فيها شعوبا من أصول
عرقية ودينية وطائفية مختلفة عن
أصل الجسم الرئيسي للأمة
التركية. هذا الأمر ليس ممكنا
تكراره في تركيا اللبرالية
وبالتأكيد ليس ممكنا في العالم
العربي بأوضاعه الراهنة، حيث
صارت مشكلة الهوية القضية التي
تتحدى أكثر من غيرها ذكاء
الحكام العرب وخبرتهم وحنكتهم .
أضف إلى ما سبق رواسب الماضي
الشديدة منذ أيام الامبراطورية
وبعدها في أيام الغطرسة
الأتاتوركية. عدت إلى سؤالي
فصغته كالآتي: «كيف استعدت
الدبلوماسية التركية لهذه
التحديات التي ستواجه حتما
مسيرة عودتها إلى العالم
العربى؟». وتدفقت أسئلة أخرى.
سألت عن الحد الذي وصلت إليه
تركيا على طريق إبعاد المؤسسة
العسكرية عن السياسة ووقف
تدخلها في الوظائف والمهام
السياسية. وسألت، أيهما لعب
الدور الأكبر في تحقيق هذا
الانسحاب الملحوظ من جانب
العسكر، أهو الداخل أم الخارج،
وأقصد تحديدا الشعب والطبقة
السياسية أم الاتحاد الأوروبي
وضغوط الولايات المتحدة ؟. ولم
أخف عنه اقتناعنا في دولنا وفي
العالم النامي عموما بأن مشكلة
دور الداخل والخارج في تحديد
مسارات بلادنا التنموية
والديمقراطية تكاد تشل حركتنا
السياسية وتؤثر بشكل حاد في
تحديد اختياراتنا الخارجية
واستقلال قراراتنا. كذلك كنت مهتما بشكل خاص بأن أسأل عن قدر
الإنجاز الذي تحقق في تركيا في
مجال إصلاح القطاع الأمني ووقف
تجاوزات الشرطة وغيره من أجهزة
الأمن المتعددة، وما إذا كانت
تركيا قد تأكدت من أن لا عودة
إطلاقا بعد الآن من جانب أجهزة
الأمن لاستخدام أساليب قمع
وانتهاكات لحقوق الإنسان، ولو
بالقدر الذي نجحت به بعض دول
أمريكا اللاتينية ودول في
أوروبا الشرقية. لم أنتظر
إجابته إذ كان سؤالي التالي على
طرف اللسان منذ اللحظة الأولى
وكان واضحا على قسمات وجهي
تلهفي لسماع الرد عليه. سؤالي كان عن تفاصيل المؤامرة التي يحاكم
بسببها ضباط في الجيش كانوا
يخططون لإثارة فوضى في تركيا عن
طريق شن حملة اغتيالات لقادة
المعارضة والطوائف غير
الإسلامية والكردية. وكنت أعلم
أن رئاسة الأركان ترفض
الادعاءات الحكومية، وأن
الصدام بين السلطة المدنية
والسلطة العسكرية مؤجل لا محالة
لأنه على عكس الصدامات السابقة
نتائجه غير مؤكدة، فالحزب
الحاكم يتمتع بشعبية متصاعدة،
وقواعده في القرى والمدن
الصغيرة قوية، والانتماء
للهوية الإسلامية، وإن باعتدال
وثقة في النفس واقتناع بمزايا
الديموقراطية، كاسح. لم أحصل من
الصديق التركي على إجابات شافية.
ولا أخفي أنني خرجت بانطباع أن «الموظفين»
الأتراك كالموظفين في عديد من
الثقافات لديهم حسابات أخرى. الأتراك قادمون نعم تركيا عائدة إلى المنطقة العربية،
تعود كدولة وليس كامبراطورية،
كما يقول إينالشيك هاليل أستاذ
التاريخ بجامعة بيكنيت بأنقرة،
تعود بالقوة الناعمة، اقتصادية
كانت أم تلفزيونية أم دبلوماسية.
وليس بالقوة الصلبة أو الخشنة.
لكنها تعود. ويشير إلى أن في
الغرب الآن حيرة وترددا
واستفسارات شتى، هل يؤيدون
الزحف التركي بأمل التقريب بين
المسلمين والغرب أم يعرقلونه
خشية عواقب اجتماع هويات
إسلامية ضد إسرائيل ومصالح
الغرب. سمعت من أستاذ آخر أن
المسؤولين يلاحظون كثافة ما
ينشر في الآونة الأخيرة من
مقالات في صحف الغرب تتضمن
تهديدات مبطنة لهم. مثال على ذلك
ما كتبه سانار كاباتاي ويعمل
مستشارا في معهد واشنطن لشؤون
الشرق الأدنى التابع لجماعة
الضغط اليهودية، متسائلا في خبث
واضح، «هل قررت تركيا الرحيل عن
الغرب؟». وبخبث أشد يذكّر
المسؤولين فى واشنطن بأن حزب
العدالة والتنمية، الذي يقوده
أردوغان، كان صاحب وصف هجوم
القوات الأميركية على الفلوجة
بأنه حرب إبادة، وأنه الزعيم
التركي الذي اتهم حكومة عباس في
الضفة الغربية بأنها غير شرعية،
وهو الذي انتقد بشدة هجوم
إسرائيل على غزة ومنع قواته
المسلحة من الاشتراك في
المناورات الدورية المشتركة مع
إسرائيل. سانار وغيره عشرات من
كتاب المقالات في الصحف
الأميركية يشنون حملة شرسة ضد
حزب العدالة والتنمية بسبب هذه
المواقف. وباطمئنان شديد يتحدث
محللون أتراك عن مستقبل علاقات
بلادهم بالغرب . يقولون إن الغرب
ليس واحدا ولا موحدا. ويضربون
المثل بنصيحة أوباما للأتراك
خلال زيارته الشهيرة لتركيا بأن
يواصلوا التقدم ضمن أوروبا
الموحدة، وهي النصيحة التي دفعت
ساركوزي الرئيس الفرنسي الى
توجيه نقد لاذع الى أوباما في
أول صدام علني بينهما عندما
طالبه «بأن يهتم بشؤونه ولا
يتدخل في شؤون الآخرين». ولا
ينسى الأتراك لساركوزي خطابه
الذي دعا فيه زعماء أوروبا الى
التوقف عن الكذب. وأضاف «لا
أستطيع أن أقول لطلاب مدارس
فرنسا إن حدود أوروبا تقف عند
سوريا والعراق . تركيا تقع في
آسيا الصغرى وليس في أوروبا».
ولعل أكثر ما آلم المسؤولين
الأتراك في انتخاب رئيس وزراء
بلجيكا رئيسا للاتحاد الأوروبي
لم يكن تصريحه العام 2004 الذي قال
فيه «تركيا ليست جزءا من أوروبا
.. ولن تكون» وإنما أن تصريحه هذا
لم يقف عائقا ضد ترشيحه
وانتخابه من جانب قادة الاتحاد. [[[ كنت أستمع الى محدثي يكرر على سمعي تفاصيل
الحملة الإعلامية الغربية ضد
مواقف أردوغان وحكومته بينما
ذهب تفكيري الى إعلاميين عرب
وصفوا مواقف أردوغان وتصريحات
زملائه «بالعنتريات التي لا
تخدم بلاده ولا تخدم القضايا
التي يتصدى للدفاع عنها». هل يكون الترحيب الشعبي بتركيا نتيجة
اقتناع بما حققه الأتراك في
بلادهم من ديموقراطية وتعليم
جيد وإعلاء للمجتمع المدني
وتقدم صناعي وتكنولوجي عالي
المستوى ودبلوماسية واعية
وشجاعة، وكلها إنجازات لم نحقق
منها في بلادنا إلا النذر
اليسير . أم يكون لأن تركيا توحي
بأنها عاقدة العزم على التخلي
عن أواصر التعاون الاستراتيجي
التي تربطها بإسرائيل، وبدأت
بالفعل تتعمد صنع مسافة تتسع
باستمرار وتباعد بينها وبين
إسرائيل . ما زلنا في بداية مرحلة جديدة في الشرق
الأوسط. اللاعبون الجدد ليسوا
من الخارج، لكنهم أيضا ليسوا
منا، ليسوا عربا. ========================== إعادة ترتيب الفضاء
الشرق أوسطي وتراجع الدور
العربي بوفلجة غيات 05/12/2009 القدس العربي يعرف العالم السياسي والإستراتيجي
تحولات وتطورات متسارعة، حيث
تراجعت أدوار وأهمية كثير من
الدول مع نهاية القرن العشرين
وبداية القرن الحالي. تم ذلك
بسبب مجموعة من التغيرات
العالمية، ومنها سقوط الإتحاد
السوفياتي وظهور عالم وحيد
القطب تحت قيادة الولايات
المتحدة الأمريكية، وترسخ
مفهوم العولمة في كل مجالات
الحياة السياسية والإقتصادية
والعسكرية والإجتماعية، وسقوط
جدار برلين إيذانا بتهاوي
الأنظمة الإشتراكية. كما أن ضرب
المركز التجاري العالمي
بنيويورك، كان إيذانا بانطلاق
الحرب على الإرهاب، وغزو
أفغانستان واحتلال العراق،
وبداية توسع الحرب على الإرهاب
إلى باكستان. أما في المشرق العربي فسقطت دولة العراق
بقيادة صدام حسين، وغاب العرب
عن أي دور سياسي واكتفوا
بالتفرج على ما يجري في المنطقة.
وهو ما أدى إلى تمدّد المجال
الحيوي لإيران ليشمل العراق،
بعد إزاحة حزب البعث العربي
الإشتراكي من الحكم. كما أن احتلال العراق اعتبرته إسرائيل
نصرا لها وقامت بعدة عمليات
استفزازية ومنها الحرب على
لبنان والعدوان على غزة
واعتداءات إسرائيل على المسجد
الأقصى وتوسّع الإستيطان
اليهودي في الضفة. تمّ ذلك في
ضوء سلطة فلسطينية ضعيفة تحت
قيادة محمود عباس، وبدعم قوى
عربية تنتمي إلى دول الإعتدال. وهكذا تم حصار قطاع غزة، وقد ساهمت مصر في
منع دخول الأدوية والأغذية
والمساعدات الدولية. وهكذا
مورست ضغوط هائلة على حكومة
حماس في غزة من أجل تقديم
تنازلات لخدمة السلطة
الفلسطينية في رام الله، وهو ما
يخدم إسرائيل. تمّ ذلك من طرف
الرباعية الدولية التي تشترط
وقف المقاومة والإعتراف
بإسرائيل للتعامل مع حماس، وهو
ما شاركت فيه بعض الدول العربية
إلى حدّ كبير. وبهذا فإن العرب عايشوا احتلال دولة
عربية كبرى، وفشلوا في قضيتهم
المحورية في التعامل مع قضيتهم
المحورية التي تجمعهم، وهي فضية
فلسطين. في هذه الظروف، نجد إيران تعرف حيوية في
المنطقة. فهي تنتهج سياسة حكيمة
في التنمية الداخلية، وفي
المجالات العلمية والتكنولوجية
والعسكرية. وهكذا قامت بإنجازات
مهمة تتمثل في تطوير صناعاتها
وقواتها العسكرية اعتمادا على
قدراتها الذاتية. كما أنها طوّرت مجالات عسكرية
إستراتيجية، ومنها تكنولوجيا
الصواريخ المختلفة المسافات،
والطائرات، وخاصة إنجازاتها في
مجالات التكنولوجيا النووية
وتخصيب اليورانيوم. أما على المستوى السياسي والإستراتيجي
فهي ما فتئت تكتسب مواقع جديدة
من النفوذ بسبب إمكانياتها
الضخمة ومساعداتها لمختلف
الدول وفصائل المقاومة لكسب
النفوذ وخدمة مصالحها البعيدة
المدى داخل الملعب العربي. فإلى
جانب العلاقات الوطيدة بسوريا
وحزب الله في لبنان، توسع
النفوذ الإيراني في العراق الذي
تخلى عنه الأشقاء العرب. كما أن
إيران وجدت أخيرا موطئ قدم لها
في اليمن على حدود المملكة
العربية السعودية بوقوفها إلى
جانب الحوثيين، وفي ظل الضعف
العربي أصبح كل شيء ممكن. وهكذا أصبحت إيران قوة إقليمية يحسب لها
حساب، وهي تعتمد على نفسها
وإمكانياتها وقدراتها الذاتية
في مجالات الفلاحة والصناعة
والدفاع، بحث أصبحت الدول
الغربية تحسب لها حساب، ورغم
التهديدات المتكررة، فلن تجرؤ
على مواجهتها. فهي تعمل بجدية
وحيوية من أجل إعادة تاريخها
الفارسي كقوة إقليمية في منطقة
الشرق الأوسط. إلى جانب إيران، نشاهد تركيا وهي الدولة
المسلمة التي حاولت الدخول إلى
الإتحاد الأوروبي الذي صدّ
أبوابه في وجهها لكونها دولة
ذات غالبية مسلمة. لهذا بدأت
تركيا في السنوات القليلة
الماضية، بعد وصول حزب العدالة
والتنمية إلى الحكم تحت رئاسة
الطيب رجب أردوغان، بإعادة
ترتيب دور تركيا في منطقة الشرق
الأوسط. فإضافة إلى الأهمية الإستراتيجية لتركيا
كبوابة أسيوية لأوربا، وبوابة
البوسفور التي تربط بين البحر
الأسود بالمياه الدافئة في
البحر الأبيض المتوسط. كما أن
لتركيا حدود برية مع كل من
جورجيا وأرمينيا وإيران
والعراق وسوريا، تجعلها دولة
محورية ذات أهمية إستراتيجية في
المنطقة. إن أهمية موقع تركيا جعلها عضوا فعالا في
الحلف الأطلسي، مما جعلها تمتلك
قوة عسكرية لا يستهان بها، من
حيث الإمكانيات المادية
والبشرية. إلى جانب ذلك طوّرت
تركيا اقتصادها فأصبحت دولة
صناعية تضاهي الدول الأوروبية. وقد أكملت تركيا قوتها، بممارساتها
الديمقراطية، حيث تم قبول حزب
العدالة والتنمية، ذا التوجه
الإسلامي في دولة تتبنى
العلمانية، وهو ما يوضح نضج
التجربة الديمقراطية في تركيا. وقد بدأت هذه الأخيرة في المدة الأخيرة في
تجسيد طموحاتها في لعب أدوار
إستراتيجية في منطقة الشرق
الأوسط. وهكذا بدأت بمواقف قوية
إلى جانب القضايا العربية في
المنطقة وعلى رأسها القضية
الفلسطينية وتدعيمها للحقوق
المشروعة لسكان غزة، وانتفاضة
الرئيس أردوغان المشهورة في وجه
الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز
في منتجع داغوس بسويسرا، مما
أكسبه تعاطف الشعوب العربية.
عكس موقف أمين عام الجامعة
العربية 'عمرو موسى' الذي بقي
ساكنا في مقعده وكأن شيئا لم يكن. كما أن تركيا ربطت علاقات إستراتيجية
متينة مع سوريا، وقامت بحل
مشاكلها التاريخية مع أرمينيا،
وربط علاقات اقتصادية مع بعض
دول الجوار ومنها باكستان.
وهكذا تتقدم تركيا بخطوات ثابتة
إلى الأمام نحو إيجاد فضاء
سياسي واقتصادي يضم عددا من دول
الشرق الأوسط، وقد بدأ هذا
التكتل الجهوي يأخذ شكله. وبذلك
بدأت تركيا تعيد ماضيها ومجدها
العثماني في منطقة الشرق الأوسط. وفي كلّ هذه التحولات المتسارعة، نجد
الدول العربية هي أكبر متخلف عن
الموعد مع التاريخ. حيث نجد
الدول العربية غير النفطية
غارقة في أزماتها ومشاكلها
المتنوعة والمعقدة، في
المجالات الإجتماعية
والإقتصادية والأمنية...وهي
تحتاج إلى دعم الدول الأجنبية
لتلبية حاجاتها الأساسية
وتأمين غذاء أبنائها، لذلك فهي
بعيدة عن اللعب في الساحة
الدولية. في حين نجد الدول العربية الخليجية
منشغلة في بناء الأبراج
والعمارات، بأياد عاملة أجنبية
من آسيا ولسكان أجانب من أوروبا
وأمريكا، وتعتمد في حماية أمنها
على القواعد العسكرية الأجنبية.
كما أن هذه الدول تدين بالولاء
للغرب، وهي تأتمر بأوامره،
وليست لها أي ميول قومية ولا
قدرات عسكرية في غياب هياكل
اقتصادية وصناعية مستقلة،
تمكنها من فرض هبتها واحترامها.
لذلك فهي مندمجة في
الإستراتيجية الغربية، وليست
لها طموحات للقيام بأدوار
إستراتيجية مستقلة في المنطقة. أما في المغرب العربي فنجد المشاكل
السياسية بين المغرب والجزائر
بسبب الصحراء الغربية، والفشل
في بناء مغرب عربي موحد ينسق
المواقف السياسية ويتعاون
اقتصاديا بين دوله. فليبيا تحت
قيادة القائد القذافي تنتهج
سياسة متقلبة، وتونس إلى جانب
المغرب يتبعان سياسة ليبرالية
غربية، وموريتانيا تعاني من عدم
الإستقرار السياسي والمشاكل
الإقتصادية. تبقى الجزائر
بإمكانياتها المادية والبشرية
المعتبرة، وبعد تجاوزها
المشاكل الأمنية، فهي تعرف
حاليا نهضة اقتصادية وقد بدأت
في العودة إلى الساحة الدولية
من خلال دبلوماسية هادئة تشتغل
في الخفاء أكثر من اشتغالها في
العلن. كما نجد الصومال والسودان ولبنان وأخيرا
اليمن تعاني من اضطرابات أمنية
داخلية. كما أن سوريا قد حسمت
أمرها للإنضمام إلى الحراك
التركي لمواجهة تحديات
المستقبل، وهو ما ستفعله
المملكة الأردنية أيضا. تبقى مصر التي كانت في وقت سابق مقرا
للقومية العربية في عهد جمال
عبد الناصر، إلا أن دورها
القومي تراجع كثيرا، وخاصة بعد
عقدها لاتفاقية السلام مع
إسرائيل. حيث انقلبت على خطها
السياسي القومي، وانخرطت في صف
أمريكا وأصبحت مصر أكبر متعامل
ومتعاون مع إسرائيل في منطقة
الشرق الأوسط كلّه. كما تعاني مصر من مشاكل اقتصادية
واجتماعية وسياسية، وارتباطها
بالإستراتيجية الأمريكية في
منطقة الشرق الأوسط. كل ذلك جعل
الشعوب العربية تفقد الثقة في
قيادة مصر للأمة العربية، وقد
تبين عجزها في التعامل مع أحداث
المنطقة، وخاصة تواطئها مع
الغرب في حربه ضد العراق، وضد
الفلسطينيين في غزة. من هنا يتبين لنا أن الوطن العربي يواجه
التحولات في الشرق الأوسط
بطريقة متشرذمة، حيث أصبح
الإهتمام بكرة القدم، أكثر من
الإهتمام بالقضايا
الإستراتيجية والمصيرية للأمة،
مما جعلها أكبر متخلف عن مسايرة
الأحداث، إذ أن توسع كل من إيران
وتركيا أصبحا على حساب العرب. وهكذا نشاهد عمليات إعادة تشكيل الفضاء
الشرق أوسطي مع بداية هذا
القرن، في ظل وهن العرب،
وانشغالهم بمعالجة مشاكل الفقر
والجوع والتخلف وتداعيات
مشجعين لمباريات في كرة القدم،
ومشاكل التوريث، في ظل غياب
الديمقراطية وحرية التعبير.
لهذا انحصرت انشغالات الساسة
العرب في القضايا الإجتماعية،
كغياب مجار للصرف الصحي في
أحياء مدنهم، أو كثرة انقطاع
الكهرباء، أو نقص مياه الشرب.
يتم ذلك في وقت تعمل القوى
المجاورة للعرب على تطوير نفسها
وتعزيز قدراتها الذاتية والبحث
عن مواقع نفوذ أوسع لخدمة
مصالحها المستقبلية، في عالم لا
مكانة فيه للضعفاء. فهل حان موعد
استيقاظكم يا عرب؟. كاتب جزائري ========================= يوئيل ماركوس 05/12/2009 القدس العربي عشية كل حملة حربية كان بن غوريون يصاب
بالإنفلونزا. ليس واضحا إذا
كانت هذه إنفلونزا حقيقية،
إنفلونزا نفسية، أم مجرد أسطورة
تنقل من جيل إلى جيل. في كل
الأحوال هذا ليس امراً مستخفاً
فيه أن يلغي نتنياهو بسبب
انفلونزا خفيفة في اللحظة
الاخيرة الهدف الهام في المانيا
والذي حسب وسائل الإعلام مجرد
الغاء الرحلة كلف صندوق الدولة
نصف مليون شيكل. في اليوم التالي
وكذا في الأيام التالية بدا
بيبي بالذات سليما معافى ونشطا.
معافى لدرجة أنه انطلق إلى طريق
التجميد معلنا بان 'قرار
التجميد هو لمرة واحدة ومؤقت.
المستوطنون هم إخوتنا وأخواتنا.
مهم لي أن أوضح بان التجميد فقط
هو لعشرة أشهر وفي يومه الأخير
سنعود الى البناء'. بينما يسلم مراقبو الإدارة المدنية أوامر
التجميد والهدم في بعض
المستوطنات على الأقل في تلك
التي سمحت لهم بالدخول فان
الكثير من المستوطنين مزقوا
الأوامر الرسمية أمام ناظر
المراقبين مرفقة بالشتم
والسباب والتحذير من أن الأمر
من شأنه أن يتدهور إلى حرب أهلية.
وبينما تتسع الانتفاضة ووزير
الدفاع ايهود باراك يعلن ان
قرارات الحكومة يجب ان تنفذ حتى
لو فرضت بالقوة، يواصل بيبي
كلمات التهدئة التي تسمع كنصف
شاي ونصف قهوة تشبه شخصية ليفي
اشكول. 'مستقبل الاستيطان لن
يتقرر الا في التسوية الدائمة
وحسب شروطنا'، هكذا يهدىء بيبي
روع المتطرفين. ما يسمح لنا هو
ان نفهم من ذلك أن من المهم
إرضاء الادارة الامريكية، ولكن
الى جانب ذلك ان نعد الحقنة،
وليغفر لي القارىء تسمية الولد
باسمه. عندما يصوت سياسيون جديون ومتطرفون مثل
بيني بيغن في صالح قرار
التجميد، لا ينبغي الافتراض
بانهم تحولوا ليصبحوا 'السلام
الآن'. بيبي جمع وزراءه الكبار
على انفراد او ثلاثيا وغمزهم
بهذا الشكل او ذاك بان كل شيء
مجرد كلام. بلغة اجمل قال لهم
انه 'ممزق في داخله'، ولكن على أي
حال لن يخرج من هذا شيء. كما أن
هذا هو السبب في أن الأوصاف
لطبيعته، سلوكه وأحابيله لم
تتغير في نظر مراقبين قدامى منذ
ولايته الأولى. احد الأسباب
التي جعلت الملك حسين يعجب
باسحق رابين كان ان كلمته كانت
كلمة. في السيرة الذاتية للملك،
والتي كتبها آفي شلايم والتي
صدرت لتوها عن دار دابير للنشر
يوصف كيف ان الحسين رأى بقلب
كسير نتنياهو يفكك الواحد تلو
الاخر الحجارة الاساسية
للمسيرة السلمية، يخفض مستوى
التوقعات الفلسطينية ويعمل على
إضعاف السلطة وإرجاء مراحل
الانسحاب التي تقررت في اتفاقات
اوسلو. وبالتوازي أمر ببناء 200
وحدة سكن في غور الاردن. في غضون
وقت قصير، 'نجح في دفع حليفة
إسرائيل في العالم الى الاغتراب'.
في عيادة مايو في أمريكا حيث نزل
الملك حسين طريح الفراش، درج
الاطباء والممرضات على القول
بانه عانى من 'فيروس بيبي'. ولكن لنفترض أن تكون مرت عشرة اشهر
التجميد. فما هو المتوقع بعد
ذلك؟ افرايم هليفي، الذي كان
رئيس الموساد، ينتقد في حديث
عاجل معي انتقادا شديدا الادارة
الامريكية. عندما يطالبون بيبي
بالقيام ببادرات طيبة لتعزيز
ابو مازن يبدو أنهم لا يستبعدون
ان ابو مازن غير قادر على أن
يكون شريكا في مفاوضات السلام.
ادارة بوش دعمت في حينه دحلان
كزعيم مثالي للمفاوضات مع
اسرائيل ورأوا كيف تبدد. اوباما
بحاجة الى زعيم فلسطيني مقبول
من كل الفلسطينيين. ليس شريكا
مثل ابو مازن، الذي يشهر
بأوباما ويصف اسرائيل ك 'مبيدة
الشعوب' ولا يفعل شيئا. من يريد
أن يعزز السلطة، يقول هليفي،
يجب أن يحرر البرغوثي. بيبي اتخذ خطوة تكتيكية حكيمة حين بادر
الى تجميد البناء لعشرة اشهر.
لماذا نكون المذنبين الوحيدين
في نظر العالم حين يعود
الفلسطينيون المرة تلو الاخرى
لمواقفهم التقليدية في تفويت كل
الفرص. 'نحن سنخفف قليلا البناء
في المناطق، ولكن بعد عشرة اشهر
سنعود الى البناء'، يهدىء
نتنياهو روع المستوطنين.
الفلسطينيون سيجرون الارجل
ولكن لنفترض أنه عرضت خطة
امريكية؟ بيبي يقنع نشطاء
الليكود المتطرفين بانه في
التسوية الدائمة تكون مكانة
محترمة للكتل الاستيطانية. في هذه الاثناء الفلسطينيون يساعدون
الليكود. فهم لا يعودون الى
المفاوضات، ابو مازن يلعب لعبة
الحرد مع اوباما بدلا من أن يمسك
باللحظة. لو كنت فلسطينيا
لانتظرت دقيقة وصرخت على ابو
مازن: إلى الأمام، إلى مفاوضات
سياسية فورية على أساس دولتين
للشعبين أو اذهب إلى بيتك.
فبرفضهم يساعدون المتطرفين في
اسرائيل. خطوة بيبي وان كانت
خطوة تكتيكية مليئة بالغمزات،
وكأنه يتوجه الى الامر الكبير،
ولكن ليس مؤكدا أن هذه خطوة
استراتيجية. المؤكد هو أن
السيرة الذاتية السياسية التي
ستكتب عنه مع قدوم الوقت ستحمل
عنوان 'الغمزة الكبرى'. هآرتس 4/12/2009 ======================== بين مرج دابق و«سايكس
بيكو» واحتلال العراق الرأي الاردنية 5-12-2009 رضوان السيد- ما راعى الرئيس الإيراني
محمود أحمدي نجاد، وربما ما
انتبه، لحساسيات التاريخ
وتقلباته، عندما استقبل بمدينة
تبريز قبل أسبوعين، وزير
الخارجية التركي أحمد داود
أوغلو. ومن المؤكد أن الوزير
التركي كان يحمل له رسالة من
الأميركيين تتعلق بتطورات
التفاوض على الملف النووي
الإيراني. وتعود حساسية تبريز
العاصمة الأولى للصفويين
إلى أن العثمانيين دخلوها
مرتين أولاهما عام 1502،
وثانيتهما عام 1514 بعد أن هزموا
الشاه إسماعيل الصفوي في
جالديران. ورغم أن العلاقات
استقرت بين الطرفين منذ منتصف
القرن السابع عشر، فإن الصفويين
ومن بعدهم القاجاريون، أبعدوا
عاصمتهم عن الحدود التركية
باتجاه أصفهان ثم طهران الحالية.
وجاء الاتفاق الأول بعد
جالديران بين العثمانيين
والإيرانيين على أساسين: أن
تكون حدود إيران السياسية غربا
على نهر الفرات فلا يتعدوه، وأن
لا يتحالف أحدهما مع قوة أخرى (غربية
في الغالب) ضد جواره الإسلامي.
لكن سرعان ما تبين للسلطان
العثماني سليم الأول
عندما كان يستعد لمواجهة
البرتغاليين على السواحل
المتوسطية وفي المحيط الهندي
ويساعد الدولة المملوكية في ذلك
أن الإيرانيين يتراسلون مع
السلطان المملوكي قانصوه
الغوري (الذي كان يسيطر على مصر
والشام) لتطويق العثمانيين من
جهتين. ولذلك فبدلا من أن يستمر
العثمانيون في دعم المماليك
بالمدافع والمدربين لحماية
شواطئهم على المتوسط وعدن وجدة
على البحر الأحمر، قرروا بعد
أقل من سنتين من موقعة
جالديران، أن ينتزعوا الشام من
المماليك. والتقى الجيشان
العثماني والمملوكي في مرج دابق
شمال حلب، حيث انتصر العثمانيون
على المماليك واختفى السلطان
المملوكي في أثناء المعركة.
وبعد أشهر تابع العثمانيون
زحفهم عبر فلسطين باتجاه مصر
فأزالوا إدارتها المملوكية
التي استمرت منذ عام 1260، وظلت
لها بقايا في بعض أنحاء مصر إلى
مطالع القرن التاسع عشر. واعتبر العثمانيون أن الصفويين ما أوفوا
بوعدهم بعدم التدخل غرب الفرات،
فتابعوا ضغوطهم عليهم حتى أواسط
القرن السابع عشر، حيث أبعدوهم
بالتدريج عن نواحي العراق
الحالي: الموصل فالبصرة فبغداد،
واستقرت الحدود بين الدولتين
لهذه الجهة عند هضاب الأهواز في
ما وراء شط العرب. وهكذا فإن
الحدود التي أدت إليها وقعة مرج
دابق (1516)، ظلت دون تعديل تقريبا
حتى اتفاقية سايكس
بيكو بين البريطانيين
والفرنسيين عام 1917. جاءت
الاتفاقية بين سايكس (المندوب
البريطاني) وبيكو (الفرنسي)
لتصفية وتقاسم ممتلكات السلطنة
العثمانية خارج تركيا بعد أن
خسرت الحرب العالمية الأولى
التي خاضتها إلى جانب ألمانيا
والنمسا، في مواجهة بريطانيا
وفرنسا ثم الولايات المتحدة.
والمعروف أنه في حين اتجه
الفرنسيون للمطالبة بضم ولاية
الموصل إلى سورية التي استولوا
عليها بمقتضى الاتفاقية
السالفة الذكر، وأعطوا تركيا
مقاطعة إسكندرون، فإن
البريطانيين اتجهوا لتوحيد
الولايات الثلاث (الموصل
والبصرة وبغداد)، وتوجوا على
العراق فيصل الأول ابن الحسين
الذي اخرجه الفرنسيون من سورية.
وقد راعوا في ذلك اعتبارين
اثنين: إيجاد كيان حاجز وواق بين
إيران وتركيا، وعدم تمكين
الأكراد من إقامة كيان موحد سوف
ثير اضطرابات كثيرة ومتاعب
لإيران وتركيا وللاستقرار على
التخوم الممتدة باتجاه روسيا
والقوقاز والمناطق الكردية
والأرمينية هناك. وهكذا ظلت
آثار مرج دابق حية في الذاكرة
والشكل، إذ ظلت إيران بعيدة عن
الفرات، كما أن العراق ظل كما
كان دولة تخوم أو ولايات طرفية،
تعتمد في استقرارها ووحدتها على
الحكمة في السياسات الداخلية،
وحسن العلاقة بالدولتين
الإسلاميتين المجاورتين: تركيا
وإيران. أما الاختلال الأبرز
الذي ظهر نتيجة اتفاقية سايكس
بيكو فيتعلق بتقسيم بلاد
الشام إلى سورية ولبنان والأردن
وفلسطين، ثم جاء وعد بلفور
الذي جرى إنجازه بين
المنظمة الصهيونية العالمية
وبريطانيا على حدة وبمعزل عن
فرنسا ليعطي
الصهاينة وطنا قوميا في فلسطين،
فيفصل بذلك مصر عن الشام بكيان
استيطاني، يصعب معه قيام دولة
عربية كبرى في بلاد الشام،
تستطيع التصدي للمشروع
الصهيوني، وتوازي أو تقارن
الجوار الإسلامي التركي
والإيراني. ولذا فإن المشروع
العربي (الذي ازدهر منذ
أربعينات القرن العشرين) كان
الرد الملائم على التقسيم
الاستعماري، لأن جوهره كان
الدعوة إلى الوحدة العربية،
والعمل على تحرير فلسطين. وقد
بلغ ذلك المشروع إحدى ذراه
بتقدم مصر بعد ثورة يوليو (تموز)
عام 1952 لقيادته، وبتحقيق الوحدة
بين مصر وسورية عام 1958. بيد أن
الحرب الباردة التي نشبت بين
الجبارين في مطلع الخمسينات من
القرن الماضي وامتدت إلى
منطقتنا في صورة اصطفافات جهوية
وإقليمية حادة، وشاركت فيها
جهات عربية بوعي أو بدون وعي،
كما حالت دون توحيد الجهد
لتحرير فلسطين، حالت أيضا دون
استمرار الوحدة وحدث الانفصال
بين سورية ومصر عام 1961. وانكفأت مصر تلعق جراحها معلنة عدم
تخليها عن المشروع، لكنها توبعت
إلى داخل حدودها الإقليمية
شأن ما حصل عام 1956
فكانت هزيمة عام 1967، التي
أخرجتها من قيادة المشروع
العربي رغم حرب عام 1973. أما ما
جرى بعد انكفاء مصر وحتى عام 2001
فقد تجاوز مرج دابق وسايكس
بيكو وحتى حقبة الاحتلال
الصليبي والمغولي لبلاد الشام!
إذ تصارع كل من العراق وسورية
على قيادة المشروع العربي. لكن
الصراع كان في الحقيقة على
تقاسم التركة المصرية، وعلى
مشروعية كل من النظامين، وعلى
كفاءته في مشاركة أحد طرفي
الحرب الباردة أو كليهما في
الغنائم ومناطق النفوذ. فعندما
تقدمت مصر لقيادة المشروع
العربي ساعدت الثورة الجزائرية
في الانتصار على المستعمرين
الفرنسيين، وساعدت تونس في
بنزرت ضد الفرنسيين أيضا،
وساعدت اليمن شمالا وجنوبا على
التحرر والاستقلال والتقدم،
وشاركت في تحرير المستعمرات في
آسيا وإفريقيا، كما شاركت في
إنشاء جبهة عدم الانحياز،
وإقامة منظمة التحرير
الفلسطينية. أما العراق في
حقبته القومية (1968
2003) فقد نظم اغتيالات
وانقسامات في أوساط
الفلسطينيين وغيرهم من العرب،
كما اصطنع انقلابات في عدة دول
عربية، ثم خاض حربا ضد إيران
استنزفت البلدين والشعبين،
وخاض حربا أخرى للاستيلاء على
الكويت. وما انتهى الحصار
المضروب عليه إلا باحتلال
أميركي للبلاد، والقبض على صدام
حسين وإعدامه. وأما سورية فما
أنجزت بعد حرب عام 1973 غير
الاستيلاء على لبنان، ونشر
الانقسام في أوساط الفلسطينيين.
إن هذا الانهماك الاستنزافي
والانتحاري في الصراعات
الداخلية من جانب أكثر الأنظمة
العربية بعد الانكفاء المصري،
ما كان بسبب الوقوع في أسر
السياسات الدولية وحب السلطة
وحسب، بل بسبب الوعي الخاص
والقاصر أيضا. فسورية لا تستطيع أن تمتلك دورا، بل أقصى
ما تستطيعه التكيف مع وظيفة أو
وظائف. ولا بد من توافر وعي عال
يحول دون استخدام تلك الوظيفة
في مواجهة الأمة ومصالحها. أما
العراق فرغم قدراته البترولية
يبقى دولة تخوم، وذات بنية
داخلية هشة. وهو لذلك لا يتحمل
سياسات استبدادية داخلية، كما
لا يتحمل بالطبع حروبا على
القريب والبعيد. لكن الذي لا
يمكن تصوره في حالته أن يقود
المشروع الوحدوي العربي أيا
كانت النيات والطموحات. على أن
هذا التردي الهائل الذي وصل
إليه العرب في التسعينات من
القرن الماضي بعد حرب تحرير
الكويت، ووصول مدريد إلى طريق
مسدود، تجاوز قاعه إلى اللا قاع
بعد ظهور تصميم إدارة بوش الابن
على مشارف ولايته الأولى، على
غزو العراق قبل أفغانستان أو
بعدها. ولست أدري إن كان ضمن
أهداف الغزو الأميركي للعراق
الإسقاط العملي لسايكس
بيكو أو أن الذي حصل كان من
ضمن التداعيات غير المحسوبة.
وعلى أي حال فإن الوضع الآن، بل
منذ عام 2003/ 2004 أن إيران عادت إلى
حقبة ما قبل مرج دابق، بتحول
العراق مرة أخرى إلى منطقة نفوذ
لها، واندفاعها باتجاه غرب
الفرات، والخليج واليمن. على أن الوضع الحالي لعرب المشرق والخليج
لا ينبغي معه التأمل في
التمددات الإيرانية وحسب، بل
وفي وظائف التمدد التركي، وسط
غياب مصر المستمر، والعجز
العربي عن مواجهة التحدي
الإسرائيلي. قبل شهرين خلال
زيارة قام بها رجب طيب أردوغان
رئيس الوزراء التركي لطهران،
تحدث الرئيس الإيراني عن ملء
الفراغ، في حين تحدث أردوغان عن
الاستقرار وصون المصالح. وشواهد
التاريخ تقول إن الأتراك
والإيرانيين يحضر أحدهما الآخر
ويتدافعان، لكنهما قد يتقاسمان
أيضا. فما الأمر الذي يحدث الآن،
أو أنه قد حدث في هذا الشرق
الأوسط الكبير ما بين باكستان
وأفغانستان وإسطنبول وتبريز
وطهران وبغداد ودمشق؟ وأين نحن
من مساري مرج دابق وسايكس
بيكو، ما دامت مصر لا تزال
ممعنة في الغياب؟! الشرق الاوسط ======================== تركيا وصعود "العثمانية
الجديدة" المستقبل - السبت 5 كانون الأول
2009 العدد 3502 - رأي و فكر - صفحة 19 توفيق المديني بصرف النظر عن مدى دقة استخدام هذا
المفهوم "العثمانية الجديدة"
من عدمه، فإن رئيس الوزراء
التركي السابق تورغوت أوزال، هو
أول من أدرج المفهوم هذا في
التداول في أوائل تسعينيات
القرن الماضي. غير أن الأستاذ
الجامعي ومستشار رئيس الوزراء
رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته
منذ شهر أيار 2009، أحمد داود
أوغلو، هو الذي أعاد صياغة
المفهوم هذا في عام 2001، في كتابه
الذي حمل العنوان التالي: "العمق
الاستراتيجي"، بوصفه مفكراً
لحزب العدالة والتنمية، والعقل
المدبر وراء التغيير الجذري
الذي طرأ على سياسة الحزب في
علاقة تركيا بدول الجوار العربي-
الإسلامي. ففي ظل إغلاق الأبواب أمام دخول تركيا إلى
الاتحاد الأوروبي، قررت أنقرة
العودة إلى محيطها الإسلامي،
بعد أن نفد صبرها من طول
الانتظار الذي لا فائدة منه في
ظل الموقف المتشدد من جانب
فرنسا وألمانيا، وإن كان رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
ما انفك ينبه إلى أهمية انضمام
تركيا إلى الاتحاد الأوروبي لكي
تقيم جسور التواصل بين العالمين
الإسلامي وأوروبا وبقية العالم
الغربي، لكن كأن شيئاً لم يكن. إذا كان عدم الدخول إلى الاتحاد الأوروبي
يعتبر السبب الجوهري في تلك
التحولات التي أظهرتها تركيا من
الناحية الجيو
سياسية، والبالغة الخطورة
والأهمية على التوازن الإقليمي
والدولي، فإن الموقف الشجاع
والقوي الذي اتخذه رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان من
إسرائيل، حين أطلق اتهامه الأشد
خطورة: "من الناحية القانونية
حصار غزة هو جريمة ضد
الإنسانية، وعلى المجتمع
الدولي أن يضع نهاية ذلك، لأنها
مأساة إنسانية حقيقية"،
وكذلك الموقف الذي اتخذته تركيا
حين علقت مؤخراً مشاركة سلاح
الجو الإسرائيلي في المناورات
العسكرية التي تجريها مع حلف
شمال الأطلسي في الأناضول، كانا
أيضاً في أساس تغير الاتجاه في
السياسة التركية، لجهة لعب
الورقة الشرقية، ولا سيما أن
تركيا تحتل موقعاً استراتيجيا
على المسرح الدولي. وكان القرار التركي القاضي بإلغاء
تأشيرات دخول المواطنين
السوريين إلى تركيا، هو خطوة
تعكس صعود تيار"العثمانية
الجديدة"، حسب راي الكاتب
الإسرائيلي بنحاس عنباري في
مقال نشره موقع القدس
الإلكتروني للشؤون العامة، حيث
جاء في المقال: اشتمال الاتفاق
الأخير بين سوريا وتركيا على
تفصيل لم يسترع الانتباه ومن
شأنه إلقاء الضوء، هو سماح
تركيا للمواطنين السوريين
بدخول أراضيها من دون الحصول
على تأشيرات. إن هذا القرار نادر
جدا ً في الشرق الأوسط. ففي
الواقع تحرص الدول العربية كلها
على إبقاء التأشيرات وتفرض على
مواطنيها الحصول عليها
للانتقال بين دولة وأخرى. كما أن الأزمة مع إسرائيل، دفعت رئيس
الوزراء التركي رجب طيب أردوغان
إلى زيارة طهران مصحوبا بنحو 200
شخصية سياسية واقتصادية، ومن
ضمنهم وزراء التجارة والخارجية
والطاقة، إضافة إلى 18 نائباً.
وقد وصف أردوغان الرئيس
الإيراني أحمدي نجاد بالصديق،
آملاً بتوقيع اتفاقيات تجارية
مع بلد "يُشَيطِنه الغرب".علماً
أن حجم تجارة تركيا مع إيران
تجاوزت 9 مليارات دولار. في حين
تتوقع سورية مضاعفة حجم تجارتها
مع تركيا بحيث تقفز من 1،5 مليار
دولار حالياً الى 3 مليارات
دولار عام 2010. والأمر ذاته يمكن
أن ينسحب على تجارتها
واستثماراتها الواسعة في مصر. هذه السياسة الخارجية التي تلقب من قبل
الإسرائيليين والغربيين ب"العثمانية
الجديدة"، تثير تساؤلات
كبيرة لدى حلفاء تركيا. هل
ستتخلص تركيا تدريجيا من
ارتباطاتها الأورو- أطلسية؟
ويتساءل بعضهم، إن كانت ظاهرة
حزب العدالة والتنمية تخفي
طموحات تتمثل في عودة "العثمانية
الجديدة". إن التغيير التركي هو ثمرة تيارات
أيديولوجية عميقة وثابتة، وجزء
من مسار تاريخي يتشكل قبالة
أعيننا يشير إلى أن العالم
الإسلامي عموماً والشرق
الأوسطي تحديداً ينحو أكثر إلى
التدين والتشدد. وهذا المسار في
تركيا قوي للغاية ويتعارض مع
الثورة العلمانية التي غيرت وجه
تركيا بعد الحرب العالمية
الأولى. ويمثل التوجه الذي
يقوده الحزب الإسلامي الحاكم
عودة إلى جذور تركيا الإسلامية... تركيا جارة كبيرة للعالم العربي، ولها
روابط تاريخية وحضارية ودينية
مع العرب، وهي الآن يقودها حزب
إسلامي معتدل هو حزب العدالة
والتنمية، الذي ينتهج منذ سنوات
عديدة سياسة خارجية تعكس
الطموحات التركية، المتمثلة في
ملء الفراغ الإقليمي العربي. وتهدف تركيا الآن بوصفها دولة إقليمية
كبيرة فاعلة إلى قيادة دول
المنطقة في ظل مشروع شرق أوسطي
أميركي كبير بوصفها أبرز
وكلائه، ولا سيما أن إدارة
الرئيس الأميركي باراك أوباما
تنظر بعين الرضا إلى صعود مكانة
تركيا كأكبر قوة اقتصادية في
منطقة الشرق الأوسط، تحتل
المرتبة 17 في العالم من حيث كبر
حجم الاقتصاد، وكقوة إسلامية
معتدلة تحاول أن تقدم نموذجاً
مجتمعياً منفتحاً يقوم على
التوفيق بين الحداثة الغربية
المستقرة في خانة المصالح
الأميركية والثقافة الدينية
الإسلامية الموروثة لشعوب
المنطقة. ============================== المستقبل - السبت 5 كانون الأول
2009 العدد 3502 - رأي و فكر - صفحة 19 عمر كوش أشار التقرير السنوي لعام 2009، الذي
أصدرته منظمة الشفافية الدولية
مؤخراً، إلى أن أغلب البلدان
العربية احتلّت مراتب متأخرة في
مستوى محاربة الفساد وانتشاره،
حيث جاءت تونس في المرتبة (65)
والمغرب (89) والجزائر (111) ومصر (111مكرر)،
وسوريا (126 ) واليمن (154) والعراق
(176) والسودان (176مكرر) والصومال
(180). ويظهر التقرير أن النزاعات والحروب وحالة
اللا استقرار تعيق بشكل جدي
الجهود المبذولة لمكافحة
الفساد، وتساعد على انتشاره.
إضافة إلى عوامل أخرى، مثل
انعدام الشفافية وغياب
الديموقراطية، والاستناد إلى
شبكة تملك القوة والسيطرة،
وتعمل على تعميم الفساد، ليصبح
ظاهرة، تنتشر بشكل عامودي وأفقي. ويعتبر الفساد ظاهرة قديمة، ارتبط وجودها
بوجود النظم السياسية والدول،
لذلك فهو لا يختص بشعب معين ولا
بدولة معينة أو بثقافة دون
غيرها من الثقافات. لكن حجم
الفساد ودرجة انتشاره اليوم
يختلفان من دولة إلى أخرى،
فهناك فرق كبير في أن يكون
الفساد استثناء في مفاصل الدولة
ونظامها السياسي وفي أن يكون
بنيوياً، بحيث ينتج النظام نفسه
آليات الفساد والإفساد في
قطاعات الدولة والمجتمع. وبشكل عام يمكن القول إن الأنظمة
السياسية، الشمولية
والاستبدادية، تشكل تربة خصبة
لنمو ظاهرة الفساد ولتغلغله في
مختلف تفاصيل الحياة، السياسية
والاقتصادية والاجتماعية، فيما
يتناقص ذلك في ظل الأنظمة
الديموقراطية التي تنهض على أسس
من الشفافية تسمح بالمحاسبة
والمساءلة أمام القانون الذي
يحترم من طرف الجميع. وإذا كان الفساد ظاهرة تستشري في الدول
الغنية والدول الفقيرة كذلك،
إلا أن مستويات انتشاره أعلى في
الدول الفقيرة، ويهدد التنمية
والتقدم في البلاد التي تعاني
منه. كما أنه يعد أكبر مسبب
للفقر، بحيث يمكن القول بأن
الفساد والفقر يغذي أحدهما
الآخر في حلقة محكمة يصعب
الفكاك منها، لذلك فإن ازدياد
حجم الفقر في العالم مرتبط
بالنتائج المتفاقمة لظاهرة
الفساد، إذ تبيّن الأبحاث
والدراسات أن فرص ازدهار
الاستثمار في الدول التي يستشري
فيها الفساد هي أقل نسبة من تلك
التي تخلو من تفشيه، فالدول
التي تسجل مستويات أقل بخصوص
الفساد ستحصل بصورة تلقائية على
معدل مرتفع للنمو وستتمكن
بالتالي من تحقيق معدل دخل فردي
أعلى. وكثيرة هي الممارسات التي تدخل في باب
الفساد، لكن أخطرها هو إساءة
استخدام السلطة، حينما يتحكم
الزعماء السياسيون أو كبار
الموظفين والإداريين، في المال
العام، ويجعلون البلد مصدراً
لنهب ومراكمة ثرواتهم الخاصة،
وحين تُتخذ القرارات
الاقتصادية وفق مصالح مجموعة من
المافيات المكونة من أفراد
السلطة السياسية وأزلامها. ففي
البلدان العربية ذات النظم
الشمولية تتخذ القرارات
الاقتصادية والتجارية لصالح ما
بت يعرف بالأغنياء الجدد ورجال
الأعمال مقابل الحصول على منافع
خاصة، قد تصل إلى 20% من قيمة صفقة
أو مقاولة تقدر بعدة ملايين من
الدولارات، من دون أي اهتمام
بعواقب ذلك على اقتصاد البلد.
ولا شك في أن صفقات من هذا النوع
تُمرّر عادة
في ظل وجود خلل كبير في
آليات صناعة القرارات، وفي ظل
غياب الرقابة أو المساءلة أو
المحاسبة. ويلبس الفساد عباءات مختلفة، على المستوى
العالمي، ويتداخل مع نشاطات بعض
الأحزاب السياسية والمنظمات
الإنسانية وبرامج المساعدات
وصفقات السلاح وتجارة
المخدرات، وسوى ذلك كثير.
ويترافق مع الافتقار إلى
المحاسبة والشفافية في البلدان
التي ينتشر فيها الفساد بشكل
كبير، الأمر الذي يمكن أن يكون
له أثر مدمر على تقدم الاقتصاد.
لكن الملفت في الأمر أن تقرير
منظمة الشفافية لهذا العام كشف
النقاب عن عدم حدوث تغييرات على
قائمة الدول من حيث تفشي الفساد
فيها مقارنة مع تقرير العام
الماضي. وتستدعي عملية مكافحة الفساد تحديد
مفهومه بشكل واضح، وتبيان أسباب
انتشاره في المجتمع، بغية إبراز
صوره وأشكاله، والآثار
السياسية والاقتصادية
والاجتماعية المترتبة عليه،
وطرق مكافحته. كما تستدعي بناء
رأي عام مناهض له، وتشييد إرادة
سياسية لمواجهته، ووضع
استراتيجيات تتناسب وطبيعة كل
مجتمع. ذلك أن الفساد ينتعش بشكل
عام في ظل أوضاع سياسية معينة،
كونه يرتبط بمصالح سياسية
داخلية وإقليمية أو دولية،
وتسهم الجريمة المنظمة فيه، في
حالات عديدة. أما الحديث عن محاربة الفساد والإصلاح
الإداري والمالي والاقتصادي
فلا جدوى منه إن لم يتلازم مع
خطوات عملية وتطبيقية تخفف من
وطأة الفساد على المستوى
السياسي. وتعتبر الشفافية، التي
تترجم بقوانين حرية الوصول إلى
المعلومات ونشر التقارير
الدورية، حجر الأساس لتمكين
المواطنين ووسائل الإعلام من
محاسبة الإدارة والمسؤولين عن
ممارستهم للمهام الموكلة إليهم. =============================== أوباما والخيار الصعب في
أفغانستان بقلم :ليونيد ألكسندروفتش البيان 5-12-2009 استدعى الرئيس الأميركي باراك أوباما يوم
الثلاثاء 24 نوفمبر، إلى البيت
الأبيض، مستشاريه المقربين
ليطرح عليهم سؤالا واحدا فقط: ما
العمل في أفغانستان؟ وحسب
تصريحات المتحدث الرسمي باسم
البيت الأبيض، لم يكن هناك
جواب، وهذا ما أزعج الكثيرين
بمن فيهم أوباما نفسه. قبل بضع ساعات من بداية هذا الاجتماع، وهو
التاسع خلال 10 أشهر لدراسة
استراتيجية الولايات المتحدة
الأميركية في أفغانستان، أعلن
معظم القنوات التلفزيونية
العالمية أن أوباما سيعطي الأمر
بإرسال عشرات الآلاف من الجنود
الأميركيين إلى أفغانستان
لمقاتلة طالبان. وفعلا يسود تفكير في واشنطن بمثل هذا
التطور للأحداث ولا يخفون ذلك،
خاصة وأن جنرالات الناتو
المسؤولين عما يجري في
أفغانستان، سبق وأن حذروا إدارة
أوباما وبروكسل وغيرها من
العواصم الأوروبية، بأنه بدون
إرسال المزيد من القوات
العسكرية إلى أفغانستان، يمكن
خسارة الحرب أمام طالبان. أمام تردي الأوضاع في أفغانستان وتقدم
طالبان، وزيادة عدد الضحايا في
القوات الأجنبية بشكل عام
والأميركية بشكل خاص، أصبح
الرئيس الأميركي في حيرة من
أمره، وأصبح يفكر كثيرا في
عواقب إصدار أوامر بإرسال قوات
أخرى هناك، وينتظر آراء الخبراء
وتحليلاتهم للأوضاع. وطبعا هناك
فرق بين التحليل وبين إعطاء مثل
هذه الأوامر. أي أن تصبح مسؤولا عن خسائر جديدة في
القوى البشرية التي لا شك في
حدوثها، إذا أخذنا بعين
الاعتبار ازدياد الهجمات
الشرسة لطالبان. وليس هناك من
يضمن أن يكون إرسال عدة آلاف من
القوات إلى هناك، سيكون الدواء
الشافي ل«الورم السرطاني»
الأفغاني. وأكثر من هذا، فإن معظم الخبراء يعتقدون
أنه بالموازاة مع إرسال قوات
لمساندة قوات الناتو المرابطة
في أفغانستان، يجب بجدية التفرغ
لإعادة بناء النظام السياسي
والاقتصادي في أفغانستان،
فبدون ذلك سيبقى الوضع على ما هو
عليه، وسيستمر سقوط القتلى من
أفراد القوات الأجنبية دون
إحراز أي تقدم على أرض الواقع،
وفي نفس الوقت سيستمر الدعم
البشري لطالبان بالمزيد من
المواطنين الأفغان، لأن مصدر
رزقهم الوحيد هو الحرب وتجارة
المخدرات. وتتفق الخارجية الروسية مع هذا الرأي،
حيث صرح بذلك سيرغي لافروف وزير
الخارجية الروسي، خلال لقائه
الأخير مع هيلاري كلينتون وزيرة
الخارجية الأميركية، حيث قال «لدينا
اقتراحات سبق وأن قدمناها إلى
الجانب الأفغاني وإلى شركائنا
الأميركان، حول قيام الأطراف
الثلاثة بتنفيذ مشاريع للبنية
التحتية في أفغانستان. ومن ضمنها إصلاح البنية التحتية في المدن
الأفغانية، ودعم قطاع الزراعة،
وإصلاح الطرق، وترميم وإعادة
تشغيل نفق (سالانغ) الاستراتيجي
لأهميته في الاتجاه الشمالي
ليفتح الطريق أمام التجارة
الأفغانية الشرعية، لمساعدة
الأفغان على ترك زراعة المخدرات.
وتبقى هذه المقترحات مطروحة على
طاولة المفاوضات». موسكو ترى أن استمرار الحرب ضد طالبان، لن
يأتي بجديد ولن يحسن الأوضاع،
لأن الشعب الأفغاني نفسه ليس
لديه الحماس للتخلص من طالبان
التي زادت شعبيتها بشكل كبير
بين الشعب الأفغاني، بسبب آلاف
الضحايا الذين سقطوا جراء هجمات
طائرات وقوات حلف الناتو
والقوات الأميركية هناك. ويقول
المراقبون الروس إنه لم يعد
هناك في أفغانستان بيت أو أسرة
لم يسقط لها قتيل على يد القوات
الأجنبية، فكيف يتوقع من هذا
الشعب أن يحارب طالبان! وها هو أوباما يستدعي مستشاريه من جديد
بحثا عن الجواب. إنه يريد أن
يخرج من المأزق الذي يشبه
الطريق المسدود، وأمامه
خياران؛ أحدهما ازدياد مقاومة
طالبان، ويؤيده الكثيرون،
وخاصة نائب الرئيس بايدن ووزير
الدفاع غيتس. والخيار الثاني
تقديم مساعدات أمنية وسياسية
واقتصادية لأفغانستان، ومؤيدو
هذا الاقتراح ليسوا داخل
أميركا، بل خارجها في روسيا
وأوروبا. والرئيس أوباما في حيرة من أمره، ولديه
إحساس قوي بأن هناك من يجره
لمستنقع خطير في أفغانستان، لن
يكون أقل خطورة ومأساوية من
المستنقع الفيتنامي. ولا يرى
العديد من المراقبين، أن انحياز
أوباما للخيار الأول بقراره
إرسال ثلاثين ألف جندي إضافي
إلى أفغانستان، سيحقق الهدف
الذي يرجوه. كاتب
روسي ============================== العثمانيون القدامى
والعثمانيون الجدد بقلم :حسين العودات البيان 5-12-2009 تكرر ذكر العثمانيين وخلافة العثمانيين
على لسان أكثر من سياسي تركي،
وبإشارات إيجابية صريحة، على
عكس ما مارسته السياسة التركية
خلال ثمانين عاماً منذ إعلان
الجمهورية عام 1924. لقد لفت الانتباه تذكير رئيس الوزراء
التركي رجب طيب أردوغان،
للحكومة الإسرائيلية بعد
عدوانها الهمجي على غزة بأنهم (أي
الأتراك) أحفاد العثمانيين، بما
يعني أربعمئة عام من وجود
الإمبراطورية العثمانية في
البلدان العربية، وتبعية
الشعوب العربية إليها كرعايا
للسلطنة العثمانية (حتى لو كانت
هذه الشعوب مستعمرة)، وهذا ما
يرتب التزامات كبيرة على
الحكومة التركية الحالية (حسب
منطوق هذه التصريحات) تجاه
العرب وقضاياهم. كما لفتت الانتباه تصريحات وزير الخارجية
التركية أحمد داوود أوغلو، في
ورشة العمل الداخلية لحزب
العدالة والتنمية قبل أسبوعين،
والتي نقلها مراسل صحيفة «يني
شفق» أرهان سيفين (وقد عدل وزير
الخارجية بعضها فيما بعد دون أن
تفقد مغزاها). وقال فيها «نحن أصحاب إرث باق من
العثمانيين، يقولون عنا إننا
عثمانيون جدداً.. نعم نحن
عثمانيون جدد، ويتحتم علينا
الاهتمام بالدول التي في
منطقتنا، حتى أننا ننفتح على
شمال إفريقيا» (وكان يعني الجزء
الإفريقي السابق من الممتلكات
العثمانية). وقد لاقت هذه
التصريحات انتقادات من وسائل
الإعلام في أكثر من مكان، متهمة
الحكومة التركية بالطموح
الإمبراطوري. ولئلا نقع في خضم بحر المبالغات
الكلامية، واقتناص التأويل
والتفسيرات السلبية التي
يتصيدها البعض، نقول إن السياق
العام لتصريحات أردوغان
وأوغلو، لم يكن يوحي ولا يلمح
لمطامح إمبراطورية لدى
السياسيين الأتراك الحاليين،
ولا يتبنى استراتيجية السلطنة
العثمانية، وإنما كانت تأكيدات
لعدم الرغبة في القطع مع إرث
ثقافي وديني طويل، وعلاقات
غائصة في أعماق التاريخ، ورفض
التخلي عن الجوانب الإيجابية من
العلاقات التركية العربية في
الماضي. أقام العثمانيون القدامى إمبراطورية
مترامية الأطراف على غرار
الإمبراطوريات العظمى القديمة،
كالإمبراطورية الهللينية (الإسكندر
المقدوني) أو الرومانية أو
الفارسية أو الفرعونية، وامتدت
أراضي الإمبراطورية العثمانية
من النمسا وهنغاريا والبلقان
وشرق أوروبا، إلى غرب آسيا (جميع
البلدان العربية الآسيوية
تقريباً) وشمال إفريقيا (البلدان
العربية الإفريقية). وذلك خلال القرون الرابع عشر والخامس عشر
والسادس عشر من الألفية
الماضية، وأسقطت خلال ذلك
الإمبراطورية البيزنطية بعد أن
احتلت القسطنطينية عام 1453، وإن
تراجع النفوذ العثماني عن
البلدان الأوروبية مرغماً فيما
بعد، إلا أنه بقي في البلدان
العربية حتى الحرب العالمية
الأولى. كان نظام الإمبراطورية العثمانية
السياسي في فتراتها المتأخرة،
نظاماً استبدادياً متخلفاً،
يقوم على القمع والقهر وعدم
احترام حقوق الشعوب التابعة،
وكان جوهره الرشاوى والفساد
والالتزام (بيع الوظائف
والمناصب) وتسيير الدولة بدون
دستور ولا قانون. وكان نظامها الاقتصادي والاجتماعي
نظاماً إقطاعياً، أفسح المجال
لنهب البلاد والعباد من قبل فئة
محدودة من الحكام ومن يحيط بهم،
فانتشر الفقر والجوع والأمية
والأمراض وغيرها، هذا فضلاً عن
اضطهاد الشعوب المحكومة من
القوميات والأديان الأخرى. ولم تنفع الإصلاحات التي نص عليها خط شريف
كولخانة (1839)، ولا خط شريف
همايون (1857)، وأصبح فساد الدولة
وضعفها أقوى من أية محاولة
إصلاح قام بها أفراد أو تيارات
سياسية، وضعفت الدولة وأطلق
عليها الأوروبيون «الرجل
المريض» وما لبثت، بسبب هذا
الانحلال ورفض الإصلاح، أن
انهارت وتلاشت لصالح الدول
الاستعمارية الأوروبية. ثم تحولت إلى جمهورية عام 1923، وتولى
أتاتورك قيادتها عام 1924 بعد أن
ألغى الخلافة وعزل الخليفة
الأخير (محمد السادس)، وبدأ يطبق
سياسة جديدة
باسم العلمانية
تجبّ التراث الثقافي
والاجتماعي التركي، وتقطع مع
الماضي، وتحارب التقاليد
والقيم (حسنها وسيئها)، وتحاول
إبعاد تركيا عن مجالها الحيوي
العربي والآسيوي، بما في ذلك
وسط آسيا التركي. أما في عصرنا، فإن «العثمانيين الجدد» (؟!)
يكرسون تأسيس دولة تحترم الحرية
وحقوق الإنسان وتحارب الفساد،
وتتبنى الديمقراطية وتداول
السلطة، وتبني علاقاتها مع
جيرانها على أسس الاحترام
المتبادل والمصالح المشتركة
وعدم التدخل في الشؤون الداخلية
(عكس ما كان عليه الأمر أيام
العثمانيين القدامى). وهم لا يفهمون الحداثة على أنها قطع مع
الماضي، (كما يفهمها
الليبراليون الجدد)، بل يفتخرون
بالتراكم الثقافي الذي تحقق
تاريخياً في ثقافتهم بسبب
تشابكه مع ثقافات الشعوب
المجاورة، وبسبب العلاقات
التاريخية والدينية التي تأسست
خلال قرون، ولا يرونه سبّة في
تاريخهم، كما كان يراه أتاتورك
وورثته من العسكر ومن
الليبراليين المزعومين. ويرى العثمانيون الجدد في قطع علاقاتهم
الثقافية والإنسانية مع مجالهم
الحيوي، خطيئة كبرى في حق
بلادهم وشعبهم، ويعتقدون أن
اشتراط الأوروبيين عليهم سلخ
جلودهم المشرقية والإسلامية
وثقافتهم المتراكمة وتقاليدهم (بخيرها
وشرها) لدخولهم «النعيم
الأوروبي»، هو اشتراط غير عادل
ومخالف لمنطق التاريخ ولمصالح
الشعب التركي، ويتعذر تطبيقه،
رغم رغبتهم الجادة وشغفهم
بالانتساب إلى المنظومة
الأوروبية. من الواضح، من خلال مراقبة ممارسات
الساسة الأتراك وبرامج
حكومتهم، أنهم يدركون جيداً
السياسات الغاشمة والاستعمارية
والاستبدادية لبعض أجدادهم
العثمانيين القدامى، وأنهم
يعملون بمسؤولية عالية
لتحاشيها وعدم الوقوع في
الأخطاء التي وقعت فيها، على
أنهم يخشون القطع مع الماضي
باسم الحداثة، ويرفضون إدانة
تاريخهم كله دون تمييز بين
سلبياته وإيجابياته. وعلى هذا فإن فهم تصريحاتهم على غير هذا
النحو، فيه شيء من سوء الفهم، إن
لم يكن من الظلم لهم ولمواقفهم
السياسية. كاتب سوري =============================== إسرائيل تقابل مشروع «القدس
عاصمتين»: رام الله عاصمة
الدولة الفلسطينية! السبت, 05 ديسيمبر 2009 سليم نصار * الحياة ازداد هذا الأسبوع، حجم الضغوطات التي
مارستها حكومة بنيامين
نتانياهو على الدول الأوروبية
بهدف منعها من تبني مشروع قرار
قدمه مندوب السويد، وفيه يطالب
بإعادة تقسيم القدس لتكون
عاصمتين لفلسطين وإسرائيل. وبما أن السويد تتولى حتى نهاية هذه السنة
رئاسة دورة الاتحاد الأوروبي،
فقد أصبح لمشروعها أهمية
إضافية، خصوصاً أنه يعيد تأكيد
وجهة نظر الدول الأوروبية
الرافضة كل محاولات تهويد القدس
الشرقية. وكان الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز قد
زار القاهرة في محاولة لإقناع
الرئيس حسني مبارك بضرورة تأجيل
البحث في مستقبل القدس،
والتركيز على تحقيق قيام دولة
فلسطينية موقتة من دون حدود
واضحة. ورفض الرئيس المصري هذه
الخطة لأنها تعطي نتانياهو
الوقت الكافي لاستكمال بناء
المستوطنات في القدس الشرقية،
وتغيير حدود القرار 242 بحيث تصبح
الحدود الموقتة حدوداً نهائية. سفير فلسطين السابق في لندن وموسكو
وواشنطن عفيف صافيه، يعتبر
الموقف الأوروبي المُعلن
تأكيداً لموقف تقليدي لم يتعرض
للتغيير منذ سنة 1967. وفي رأيه أن
توقيت عرض الموضوع يكتسب أهمية
خاصة كونه يدعم سياسة الرئيس
أوباما في صراع الإرادات. وهو
يفسر عملية طرح مشروع السويد
الأسبوع المقبل، بأنه انتصار
أوروبي للرئيس الأميركي الذي
فشل في منع نتانياهو من وقف
انتشار المستوطنات في محيط
القدس الشرقية. وادعى رئيس
الحكومة الإسرائيلية أنه يعمل
على توسيع ضواحي القدس، الأمر
الذي يختلف عن بناء المستوطنات.
ومثل هذه المزاعم ساعدت الفريق
الذي تحتضنه وزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون داخل الإدارة،
على نسف سياسة أوباما التي
يمثلها جورج ميتشل. مستشار الوزيرة كلينتون دنيس روس، جدد
الاقتراح الذي قدمه في المؤتمر
الثلاثي، يوم رفض ياسر عرفات
منح إسرائيل حق الإشراف السياسي
على القدس. وفي مذكراته عن تلك
الاجتماعات يقول روس: «توصف
القدس بأنها ثلاث مدن في واحدة.
وهي مدينة مقدسة بالنسبة الى
أبناء الديانات التوحيدية
الثلاث، اليهودية والمسيحية
والإسلام. والمعروف أنها تضم 57
موقعاً مقدساً في المدينة
القديمة. وكان المنطق يقضي
بضرورة التوصل الى تفاهم في شأن
الطرق العملية الإدارية لحل
مشكلة بلوغ الأماكن المقدسة،
قبل الاتفاق على المسؤولية
السياسية لإدارة المدينة». أبو عمار رفض اقتراح دنيس روس، ورأى فيه
هيمنة سياسية على كل زوار القدس
بحيث تصبح إسرائيل مشرفة على
أبواب المدينة المقدسة. لذلك
رفض حق سيادة إسرائيل، كما رفض
الاقتراحات الأخرى المتعلقة
بحق العودة، وإقامة شريط ضيّق
على طول نهر الأردن يمكن
إسرائيل من عزل الأردن عن
الدولة الفلسطينية. مضمون مشروع قرار الاتحاد الأوروبي يدعو
الى إعادة تقسيم القدس لتكون
عاصمتين لفلسطين وإسرائيل. كما
يدعو الى استئناف المفاوضات
بهدف إقامة دولة فلسطينية
مستقلة وديموقراطية وقابلة
للحياة وتتمتع بتواصل جغرافي
وتشمل الضفة الغربية وقطاع غزة
والقدس الشرقية كعاصمة لها. وبموجب المشروع، فإن الاتحاد الأوروبي
سيؤكد رفضه أي تغيير في حدود 1967
إلا بموافقة الفلسطينيين، كما
يكرر عدم اعترافه بضم القدس
الشرقية لإسرائيل. خلال المفاوضات مع إيهود باراك وإيهود
أولمرت، وافق الفلسطينيون على
مبادلة المستوطنات القريبة من
الجانب الشرقي للخط الأخضر
بمناطق واقعة في الجانب الغربي
من الخط وعلى رغم ذلك ظلت هناك
نقطة حساسة عالقة هي السيادة
على المدينة القديمة، وعلى
الحوض المقدس. كما ظل مصير نحو
ربع مليون فلسطيني جرى ضمهم في
صورة أحادية الى إسرائيل موضع
خلاف. كان الموقف الأميركي ولا يزال يعتبر
القدس الشرقية مدينة محتلة يمكن
أن يتحدد مصيرها في المفاوضات
بين الطرفين. ومثل كل دول العالم
إضافة الى مجلس الأمن، لم تعترف
الولايات المتحدة مطلقاً بقرار
إسرائيل نهب أكثر من 65
كيلومتراً مربعاً من أراضي
الضفة الغربية. وغداة مصادقة
نتانياهو على بناء الوحدات
السكنية في المستوطنات، أعلنت
دائرة الإسكان عن مناقصة لبناء
486 وحدة سكنية في مستوطنة «بسغات
زئيف» شرق القدس. ورأت واشنطن في
هذا التحدي إجهاضاً لمفاوضات
السلام ونسفاً لعملية مبادرة
السلام العربية وللتطبيع مع
العالم الإسلامي. وقبل أن يدفن
مشروع أوباما المستند الى
مبادرة جنيف، قررت الدول
الأوروبية تذكير إسرائيل بأن ضم
القدس الشرقية ليس عملاً
شرعياً، وإنما هو احتلال بكل
المقاييس. في هذا السياق، حذر قاضي قضاة فلسطين
الشيخ تيسير التميمي، من أن
الصمت العربي والدولي تجاه
سياسة نتانياهو في القدس، يشجع
الحكومة الإسرائيلية على
استكمال مخطط تهويد المدينة
المقدسة وتغيير طابعها
الجغرافي والديموغرافي. وأكد التميمي أن الحكومة الإسرائيلية
تعمل على إلغاء معالم القدس
العربية والإسلامية، خصوصاً في
البلدة القديمة. وللدلالة على
ذلك صادقت على هدم أكثر من 1700
منزل عربي خلال هذه السنة. قبل شهر تقريباً سرّبت إحدى الصحف
الإسرائيلية خبراً مفاده أن
حكومة نتانياهو شرعت في إعداد
دراسة تهدف الى إقناع
الفلسطينيين بأهمية مدينة رام
الله كعاصمة بديلة من القدس
الشرقية. وتركز الدراسة على
التذكير بمواقف إسحق رابين الذي
ثبت مدينة القدس بقسميها الغربي
والشرقي، عاصمة أبدية موحدة
لدولة اليهود، ومع أنه وافق على
فصل الشأن السياسي عن الشأن
الديني، ووعد المسلمين
والمسيحيين بممارسة شعائرهم في
ظل القانون الإسرائيلي، إلا أنه
أخضع وعده لضرورات الأمن القومي.
لهذا السبب لم يسمح لياسر عرفات
بزيارة القدس خوفاً من الجماهير
التي ستستقبله. كذلك لم يسمح في
حينه لرئيسة وزراء باكستان
بنيظير بوتو بالصلاة في المسجد
الأقصى بسبب مواقفها السياسية
المؤيدة للحق العربي. منذ عشر سنوات تقريباً أصدر «مركز دراسات
الشرق الأوسط» في عمان، كتاباً
موثقاً ضمنه مجمل المخططات التي
اعتمدتها إسرائيل من أجل
الاستيلاء على بيت المقدس.
ويكشف الكتاب أن الهجرة
اليهودية الى القدس تعود الى
مطلع القرن التاسع عشر عندما
كانت الدول الأوروبية – خصوصاً
بريطانيا – تتدخل في شؤون
الإمبراطورية العثمانية
المتداعية. ويتحدث الكتاب عن
الضابط البريطاني موشيه
مونتفيوري الذي دشن عمليات بناء
المستعمرات في وسط القدس عام 1839.
وقد ادعى الضابط موشيه انه في
صدد بناء مستشفى للعجزة، الأمر
الذي أقنع السلطات العثمانية
بالموافقة على بيعه قطعة الأرض. ومع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن
العشرين، أُقيمت أحياء أخرى على
امتداد الطرق المؤدية الى
بوابات القدس الغربية منها
والشمالية. وقد شيدت هذه
الأحياء السكنية على أرض تم
الاستيلاء عليها بالحيل
والأموال المغرية. ومع دخول
القوات البريطانية مدينة القدس
(11 كانون الأول – ديسمبر – 1917)
أنهى المخطط الصهيوني مرحلة
مهمة على طريق محاصرة المدينة
وزيادة سكانها اليهود. في عهد حكومة إيهود باراك طرح نائب وزير
الدفاع أفرايم سنيه مشروعاً
يقضي بإنشاء إدارة مدنية
فلسطينية داخل البلدة القديمة
تتولى الإشراف على الأماكن
المقدسة مثل دولة الفاتيكان في
روما. ودافع سنيه عن مشروعه
بالقول إنه من الصعب على
إسرائيل التوصل الى حل سلمي، ما
دامت مسيطرة على الصخرة والحرم
وكنيسة القيامة. أي على أقدس
أقداس المسلمين والمسيحيين.
لذلك أقترح إقامة إدارة مدنية
فلسطينية على غرار دولة
الفاتيكان في روما. بعد طرح هذه الفكرة تعرضت حكومة باراك
لانتقادات لاذعة وصلت الى حد
نزع الثقة. ولهذا اضطر الى
التراجع، وإصدار بيان قال فيه
إن موقفه من القدس لم يتغير،
وإنها في نظره، ستبقى عاصمة
موحدة أبدية لدولة إسرائيل. اللافت أن القدس عوملت معاملة خاصة في
مختلف الحلول المتعلقة بالقضية
الفلسطينية. وبحسب قرار التقسيم
الذي اتخذته الجمعية العامة في
29 تشرين الثاني (نوفمبر) 1947،
اعتُبرت القدس مدينة دولية. وفي
حرب 1948 احتلت إسرائيل الجزء
الغربي منها، وأصبح جزؤها
الشرقي تحت سلطة المملكة
الأردنية. وفي حرب 1967 اجتاحت
إسرائيل الجزء الشرقي وكل الضفة
الغربية، إضافة الى سيناء
والجولان وقطاع غزة. في حزيران (يونيو) 1967 قررت حكومة إسرائيل
توسيع مساحة بلدية القدس
الشرقية من 6 آلاف دونم الى 71 ألف
دونم. وعلى الفور ضمت المساحة
الإضافية الى سيادتها بحيث
أصبحت حدود القدس ممتدة الى «كفر
عقاب» و «أبوديس» شرقاً، و «بيت
جالا» جنوباً. ويسعى نتانياهو
الى ضم سدس مساحة الضفة الغربية
على أن تصل الى حدود مدينة أريحا
والبحر الميت في الجنوب الشرقي.
لهذا كرر ما قاله من قبله باراك
ورابين من أن العاصمة
الفلسطينية يجب أن تقوم في رام
الله أو أبوديس. آخر عام 1991 داهمت الشرطة الاسرائيلية
مبنى المحكمة الشرعية في القدس
وسرقت سجلات تاريخية ودينية
تتعلق بوثائق بيع وشراء أراضي
في عهد الإمبراطورية العثمانية.
وتتضمن هذه الوثائق أيضاً ملكية
الوقف الإسلامي في القدس وعقود
الزواج والطلاق المسجلة في
المحكمة. وقال الشيخ سعد الدين العلمي في حينه إن
سرقة الوثائق هي مقدمة
للاستيلاء على البيوت الموجودة
في الحي الإسلامي الذي يدّعي
الإسرائيليون أنه الحي اليهودي
القديم. وبما أن ملكية هذه
البيوت تعود في غالبيتها الى
دائرة الأوقاف الإسلامية، فإن
دائرة الآثار الإسرائيلية منعت
ترميمها بحجة الحفاظ على قيمتها
التاريخية. كما أصدرت قانوناً
يسمح للمستأجر أن يعيد تأجير
البيت الذي يسكنه من دون علم
المالك أو من دون أخذ موافقته.
ومثل هذا القانون سهّل للسماسرة
والمستوطنين استئجار هذه
البيوت مقابل أجور خيالية. إضافة الى هذا، توجد عشرات المنازل
المهجورة في أحياء الخالدية
والسرايا وباب السلسلة. ويقدر
عددها بأكثر من خمسمئة منزل. ومع
نزوح السكان بحثاً عن الرزق في
الخارج، أصبح انتشار البؤر
الاستيطانية داخل البلدة
القديمة سهلاً، خصوصاً بالقرب
من المدرسة التوراتية «عطيرت
كوهنيم» التي اشتهر أفرادها
بالاستيلاء على كل بيت يخلو من
أصحابه. بقي الحديث عن مشروع القرار الذي سيطرح
الأسبوع المقبل على دول الاتحاد
الأوروبي بهدف إعلان دولة
فلسطينية من جانب واحد. ويبدو أن
المأزق الذي أشار إليه هنري
كيسنجر حول مخاوفه من وقوف
إسرائيل والولايات المتحدة في
جهة، بينما تقف كل دول العالم في
الجهة الأخرى... هذا المأزق وصل
إليه نتانياهو، مع فارق واحد هو
أن إسرائيل وحدها أصبحت في جهة...
بينما كل دول العالم في الجهة
الأخرى! * كاتب وصحافي لبناني ============================== السبت, 05 ديسيمبر 2009 حازم صاغيّة الحياة لم يخطىء الذين انتقدوا نتائج الاستفتاء
السويسريّ، مسلمين كانوا أم
غربيّين. فنحن، هنا، نرى الوجه
الآخر للنسبيّة الثقافيّة حيث
تنعدم المعايير المشتركة،
فيتعايش حقّان متعارضان، ويصير
لكلّ «قبيلة حديثة» حقّها
المناقض لحقّ الأخرى وذهابها
فيه إلى المدى الأبعد!. فرفض مآذن لا يزيد عددها على الأربع،
تتقيّد في الصوت المنبعث منها
بما يجيزه القانون والعرف
المتّبعان، سخافة في أحسن
أحوالها، وعنصريّة في أسوئها.
والأردأ أن يقول غير مسلمين
للمسلمين كيف عليهم أن يصلّوا:
بجامع بلا مئذنة أو بجامع
ومئذنة. والأردأ على الإطلاق
صرخة الحرب باسم «أسلمة سويسرا»
على أيدي 400 ألف مسلم، وذلك بعد
تفنّن سقيم في قراءة الأبعاد
العسكريّة والنفسيّة والرمزيّة
للمآذن!. وكان في الوسع تفهّم المنطق هذا لو أنّه
هبّ في وجه الرموز والعلامات
الدينيّة جميعاً. فكنّا، والحال
هذه، في مواجهة راديكاليّة
علمانيّة، أو إلحاديّة،
يُتَعامَل معها بصفتها تلك.
أمّا الآن، فلن يصعب تعيين ما
جرى بوصفه هجمة على الإسلام،
رأسُ حربتها اليمين المتطرّف
لكنّها تتعدّاه في القوى
المؤيّدة والمتعاطفة. وهنا تتداخل عناصر في الخلفيّة
التاريخيّة، السويسريّ منها
والأوروبيّ: فسويسرا، على رغم
حيادها في الحرب الثانية، لم
تبرأ من دعوات سلطويّة تماثل
أخواتها الألمانيّة
والإيطاليّة. كذلك تحايل بعض
صناعيّيها على الحياد منتجين
موادّ حربيّة لألمانيا
النازيّة، وابتلعت مصارفها
ودائع ضحايا المحرقة خلال الحرب
وبعدها، ما استدعى، قبل سنوات
قليلة، دعاوى قضائيّة شهيرة.
وهذi جميعاً لم تتعرّض لأيّة مراجعة
من النوع الذي تعرّضت له
ألمانيا. وبالنتيجة، لم تنجح
سويسرا، ذات التجربة المرجعيّة
في التعدّد الداخليّ، في إنتاج
ثقافة متسامحة للتعدّد مع ما هو
خارج تقاليدها ولغاتها ودينها. أمّا أوروبيّاً، فانتهى زمن المعركة مع
المسيحيّة بالانتصار عليها.
هكذا تراجعت الحاجة إلى
الاستعانة بالثقافات والأديان
الأخرى لكسر الديانة
الأوروبيّة الأولى، كما تقلّصت
الرغبة في احتضان أيّة تعدّديّة
متوافرة من أجل مناطحة
الأحاديّة المسيحيّة. كائناً ما كان، فالذين يخوضون المعركة
ضدّ إسلام المهاجرين في ظروف
الأزمة الاقتصاديّة، يفوتهم ما
بذلته أوروبا من جهود لإقناع
شبّان العالم الإسلاميّ
بالهجرة إليها في ظروف التوسّع
والبحبوحة للخمسينات والستينات.
بيد أن التغيّر لم يطرأ على
أوروبا فحسب بل طرأ أيضاً على
المسلمين، ومن هنا، تحديداً،
ينشأ استسهال مصادمتهم، على ما
حصل في سويسرا. فإذا كانت جريمة 11 أيلول (سبتمبر) قد شكّلت
فاصلاً بارزاً، فهذا ما واكبته
تحوّلات موازية مقلقة. ذاك أنّ
العامل الذي كان يهاجر شمالاً،
بوصفه فرداً يبحث عن عمل، غدا
يقيم هناك بوصفه جزءاً من جماعة
ومن هويّة جماعيّة. وقد أريد
للهويّة تلك أن تُرسَم نقيضاً
للحداثة وللعلمنة ولفكرة
الدولة-الأمّة وسائر ما قامت
وتقوم عليه الثقافة الغربيّة
المعاصرة. وفي هذا غابت تماماً فكرة النموذج
المتقدّم الذي نقصده للعمل كما
نقصده للتعلّم، ويقصده
أغنياؤنا للاستشفاء أو غير ذلك.
هكذا حصل انفصام مذهل إذ بتنا
نتحدّث بصوتين: واحد للإنكار
نستخدمه قائلين إن ذاك النموذج
ليس فقط سيّئاً، بل هو أيضاً
نموذج معادٍ، وصوت آخر للمطالبة
بالحقوق والمساواة وسائر ما
يعلّمنا إيّاه نموذج الحداثة
نفسه!. وأخطر من هذا أنّ الإسلامويّين لم
يقدّموا الإسلام كدين يُعامَل
بموجب ما تُعامَل به الأديان،
بل قدّموه كمشروع جهاديّ يحضّ
خصومه والمختلفين عنه على
مجاهدته. وحتّى في تصوير الدين
ذاته، طغى مفهوم الجهاد على
تاريخ الإسلام في عصور ازدهاره،
فتقلّصت الحضارة الأمويّة
والحضارة العبّاسيّة وأعمال
الترجمة والفقه والقانون
لتُختَصر في بضع عبارات
شعاراتيّة وحربيّة. وبدورها،
باتت فلسطين والشيشان
وأفغانستان والعراق والبلقان
عناوين فرعيّة ضمن مشروع لا
تُعقل مطالبة العالم الغربيّ
بألاّ يخشاه. وربّما كان الإسلاميّون قلّة عدديّاً،
إلاّ أنّهم بنشاطيّتهم
الحركيّة وانجذاب الإعلام
إليهم، تحوّلوا الصوت المسلم
الأبرز الذي لا يضارعه صوت آخر.
ولأنّهم هم الذين يرعون فكرة
الهويّة الجماعيّة، نجحوا في
تعطيل الأصوات الناقدة لهم
وإشعار أصحابها بأنّهم خارجون
عن «الجماعة». هكذا صار رأيهم في
المسائل هو «رأي الإسلام»، كما
بات يُنظر إلى الخجل في نقد
ارتكاباتهم كدليل على تواطؤ
إسلاميّ شامل معها. والذين صوّتوا ضدّ المآذن لا يريدون أكثر
من هذا. ================================== الاعتراف باحتلال
فلسطين شرط للاعتراف
باستقلالها آخر تحديث:السبت ,05/12/2009 الخليج عصام نعمان يتجه وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي
في اجتماعهم المقبل في بروكسل
إلى إقرار مشروع بلورته السويد،
الرئيسة الدورية للاتحاد، يدعو
إلى “إعادة تقسيم القدس لتكون
عاصمتين ل”إسرائيل” ولفلسطين”
. كذلك سيدعو وزراء الخارجية
الأوروبيون إلى استنئاف
المفاوضات بين “إسرائيل”
والفلسطينيين “بهدف إقامة دولة
فلسطينية مستقلة وديمقراطية
قابلة للحياة وتتمتع بتواصل
جغرافي تشمل الضفة الغربية
وقطاع غزة والقدس الشرقية
كعاصمة لها” . كما جرى تسريب
أخبار عبر جريدة “هآرتس” “الإسرائيلية”
المستقلة أن الاتحاد الأوروبي
قد يعترف في وقت لاحق بإعلان
أحادي الجانب عن استقلال فلسطين
. بالتزامن مع المبادرة العتيدة لوزراء
خارجية دول أوروبا، ذكّر الأمين
العام للأمم المتحدة بان كي مون
العالم في بيان لمناسبة اليوم
الدولي للتضامن مع الشعب
الفلسطيني الذي تحتفل به
المنظمة الدولية سنوياً في 29
نوفمبر/ تشرين الثاني، بأنه “
قبل 62 عاماً، طرحت الجمعية
العامة في القرار 181 رؤية
الدولتين، ومن المهم جداً أن
يتحقق هدف إقامة دولة فلسطينية
ذات سيادة على أساس حدود (؟) عام
،1967 مع تبادل أراضٍ متفق عليه
وايجاد حل عادل متفق عليه (أيضاً)
لقضية اللاجئين” . تستوقفني ثلاثة أمور في ما يقوله ويدعو
اليه وزراء الخارجية
الأوروبيون والأمين العام
للأمم المتحدة : الأمر الأول، أن الجانبين الأوروبي
والأممي جددا الحديث عن دولة
فلسطينية مستقلة، فيما الجانب
الأمريكي ما زال صامتاً، ما
يؤكد مدى الارتباك الذي تعيشه
إدارة أوباما بعد إخفاق الرئيس
الأمريكي في إقناع رئيس الوزراء
“الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو
بتجميد الاستيطان في كامل الضفة
الغربية . ولعل هذا الارتباك
تحديداً هو ما حدا بالجانب
الأوروبي، بالتنسيق مع الجانب
الأمريكي، إلى اطلاق مبادرته
الجديدة، وبالجانب الأممي إلى
إعادة تذكير العالم عموماً و”إسرائيل”
خصوصاً بأن رؤية الدولتين عمرها
62 عاماً . الأمر الثاني، أن الجانبين الأوروبي
والأممي يتحدثان عن استقلال
فلسطين ولا يشيران البتة إلى
واقعة احتلالها . إن عدم الإقرار
بوجود احتلال لفلسطين يدعم موقف
“إسرائيل” القائل إن الضفة
الغربية هي “أراضٍ متنازع
عليها” وليست أراضي محتلة، ما
يمكّنها من الاستمرار في
الاستيطان وفي ضمّ المستوطنات
إلى كيانها وقوننتها لاحقاً من
خلال تسوية مع الجانب الفلسطيني
. الأمر الثالث، أن الجانب الفلسطيني (والعربي)
لم يفعل شيئاً محسوساً لحمل
امريكا وأوروبا على الإقرار
بواقعة الاحتلال “الإسرائيلي”
لفلسطين، أقلّه للضفة الغربية،
كشرط ومقدمة لتحريرها منه
وبالتالي إعلان استقلالها في
دولة سيدة قابلة للحياة .
بالعكس، نرى رئيس السلطة
الفلسطينية محمود عباس طائفاً
على دول العالم وداعياً إلى
تأييد إعلان أحادي الجانب عن
استقلال فلسطين، متجاهلاً أن
الضفة الغربية، في مفهوم “إسرائيل”،
هي أراضٍ متنازع عليها، قابلة
للاستيطان وللتفاوض في آن . الى ذلك، فإن الحديث عن “إعادة تقسيم
القدس لتكون عاصمتين ل”إسرائيل”
ولفلسطين”، قد يؤدي إلى خدمة “إسرائيل”
في اغتصابها للمدينة المقدسة .
ذلك بأن “إسرائيل” موجودة كأمر
واقع وتتخذ من القدس عاصمة لها .
صحيح أنها تقاوم الاقتراح
الأوروبي الداعي إلى تقسيم
القدس ليصبح شطرها الشرقي عاصمة
لدولة فلسطينية غير موجودة، إلا
أنها لن تعدم وسيلة للإفادة من
القرار الأوروبي في حال إقراره
للادعاء بأنه يشرعن شطرها
الغربي كعاصمة للكيان الصهيوني
. كل ذلك ممكن أن يحدث لأن
أوروبا، وقبلها أمريكا، لا
تقرّان بوجود احتلال “إسرائيلي”
لفلسطين . إن الإقرار بأن “إسرائيل” دولة محتلة
أمر بالغ الأهمية على صعيدي
القانون الدولي والعلاقات
الدولية . فالاحتلال أمر مُدان
ومرذول وغير قانوني ومستوجب
الإنهاء والإجلاء، والمحتل
يقتضي أن يكون، بموجب القانون
الدولي، مُثقلاً بموجبات
وإلزامات مرهقة تجاه شعب البلد
موضوع الاحتلال، ومنبوذاً أو
على الأقل معزولاً ومُقاطَعاً
من قبل الشعوب والدول الحرة،
وعرضة لتوقيع عقوبات سياسية
واقتصادية شديدة بحقه قد لا
يستطيع معها أن يتمسك بالاحتلال
مخافة الانهيار والسقوط . هل
ننسى أن العقوبات التي فرضتها
الأمم المتحدة والدول المناصرة
لحقوق الإنسان ضد نظام التمييز
العنصري (ابارتايد) في جنوب
إفريقيا أدت إلى انهيار نظام
تسلط المستعمرين البيض وانتصار
جماهير الأفارقة السود بقيادة
نلسون مانديلا وإقامة نظام
ديمقراطي في البلاد؟ أين الفلسطينيون (والعرب) من سلوك هذا
المسلك القانوني والعملي في
مقاومة “إسرائيل” سياسياً
وقانونياً واقتصادياً لإكراهها
على دفع ثمن باهظ لخروجها على
أحكام القانون الدولي وقرارات
الأمم المتحدة؟ إن الوقت ملائم الآن لسلوك هذا المسلك
بإصرار ومثابرة لأسباب عدة
أبرزها: إن الولايات المتحدة محشورة بقضية
البرنامج النووي الإيراني
وبحاجة إلى دعم أوسع شريحة
ممكنة من الدول العربية
والإسلامية ما يدفع إدارة
أوباما، أكثر من أي إدارة
أمريكية سابقة لها، إلى التشدد
ولو قليلاً مع “إسرائيل”
لحملها على تقديم تنازلات
محسوسة لإرضاء الفلسطينيين
والعرب والمسلمين وربما إلى
امتناعها أيضاً عن محاربة
مبادرات يقوم بها الأوروبيون من
أجل الضغط على حكومة نتنياهو
وتعزيز موقف الفلسطينيين . إن دول أوروبا تشعر بمزيد من الإحراج تجاه
شعوبها ولاسيما الأوساط
والتيارات الديمقراطية فيها
المؤيدة لحقوق الانسان
والمعادية للعنصرية والاستبداد
والقمع، الأمر الذي يحملها على
اجتراح مبادرات سياسية
وقانونية من شأنها الضغط على “إسرائيل”
والتضييق عليها سياسياً
واقتصادياً وثقافياً . وجود حكومة يمينية عنصرية وجمهور عنصري
متطرف في “إسرائيل” يرتكبان
يومياً عشرات الجرائم
والمخالفات، الأمر الذي يستثير
ردود فعل شديدة ضدها ليس لدى
العرب والمسلمين فحسب، بل أيضاً
لدى الشعوب المحبة للحرية
والديمقراطية وحقوق الإنسان،
الأمر الذي يساعد الفلسطينيين
ومؤيديهم في العالم على توليد
مناخات وأجواء وتحركات واسعة
لإدانة الكيان الصهيوني والضغط
على الحكومات من أجل اتخاذ
تدابير عقابية بحقه وانتهاج
سياسات تكرهه على الانكفاء
والتراجع . باختصار، ثمة قصور ملحوظ لدى الفلسطينيين
والعرب في إدارة الصراع ضد
الكيان الصهيوني العنصري رغم
توافر وقائع وأفعال وأجواء وفرص
مساعِدة لإدانته وتطويقه
ومعاقبته وعزله . آن أوان الاستيقاظ من الغفلة ومغادرة
القعود والشرود والإقلاع عن
إدمان معاقرة الأوهام، وفي
مقدمها الاعتماد على يقظة ضمير
“الحلفاء” الأمريكان . ============================== الملف النووي الإيراني
ومفاوضات حافة الهاوية آخر تحديث:السبت ,05/12/2009 الخليج عدنان السيد إيران مستاءة من الموقف الروسي داخل
الوكالة الدولية للطاقة
الذرية، لأنها دانت عمليات
تخصيب اليورانيوم التي تمضي
فيها طهران . وموسكو تعلن أنها
لن تقف معزولة أمام إجماع دولي -إذا
ما حصل- يريد فرض عقوبات جديدة
على إيران . هل تعني هذه المواقف بداية تحوّل في
الموقف الروسي، وإلى حدٍ ما
الموقف الصيني، من الملف النووي
الإيراني؟ لا نعتقد أن انعطافاً حاداً سيحصل في
علاقات طهران مع الثنائي الروسي
والصيني، على الرغم من إعلان
إيران عن العمل لإنشاء عشرة
مفاعلات نووية جديدة . قد يحصل
تصعيد في المواقف السياسية،
وربما في بعض المحافل
الدبلوماسية، من دون الوصول إلى
قطيعة أو تردٍ في العلاقات . قد
يكون المجتمع الدولي في مرحلة
جديدة من المفاوضات
الدبلوماسية، داخل الأمم
المتحدة وخارجها، بغية التوصل
إلى تسوية ما . لو عدنا بالذاكرة إلى الأعوام السابقة،
وتحديداً منذ العام ،2006 لوجدنا
كيف دار السباق بين التصعيد
والدبلوماسية . كم من التهديدات
التي أطلقت بتنفيذ عمل عسكري ضد
إيران! وكم عرضت “إسرائيل” على
الولايات المتحدة تقديم
خدماتها في هذا المجال من دون أن
تلقى استجابة حتى من الإدارة
الأمريكية في عهد الرئيس السابق
جورج بوش! إن التوجه نحو تنفيذ عمل عسكري -ولو محدود-
ضد طهران من شأنه إيجاد معطيات
جديدة في الشرق الأوسط والعالم،
أقلها إيجاد أزمة نفطية عالمية
تُضاف إلى الأزمة المالية
والاقتصادية الراهنة، والتي لا
تزال ضاغطة على المجتمع الدولي
وعلى الولايات المتحدة نفسها،
وكيف إذا أخذنا في الاعتبار
وجود مآزق سياسية أمريكية في
العراق وأفغانستان؟ يبدو أن القيادة الإيرانية تفضّل التفاوض
على حافة الهاوية، أي إجراء
مفاوضات دبلوماسية تحت الضغط،
وبما يمكنها من تحصيل ما يمكن
تحصيله من الدول الصناعية . في
المقابل، تهدد هذه الدول، وخاصة
الدول الدائمة العضوية في مجلس
الأمن بمزيد من العقوبات إذا ما
مضت إيران في برنامجها النووي،
مع الإشارة هنا إلى أن روسيا
والصين لا توافقان على عمل
عسكري ضد إيران، وتفضلان اللجوء
إلى التفاوض الدبلوماسي . أمام التعقيدات المذكورة، يمكن الحديث
على مفاوضات ماراثونية طويلة
الأمد . وحقيقة الصراع هي على
الشرق الأوسط، بنفطه وثرواته
الطبيعية، ناهيك عن وجود “إسرائيل”
وأمنها الذي يعلو -في نظر الغرب
ودول أخرى- على أي اعتبار آخر . كثيراً ما أشارت الصحافة “الإسرائيلية”
إلى إمكان توجيه ضربة جوية ضد
إيران في الربيع المقبل، على أن
يرافقها ضربة جوية أخرى لحزب
الله في لبنان . على أن هذا
السيناريو حافل بالتعقيدات
والتحديات . هل تستطيع الولايات
المتحدة -والحال هذه- تغطية
الموقف “الإسرائيلي” الذي
سيحرّك دول العالم الإسلامي؟
وبدلاً من اللعب على التناقضات
العربية - الإيرانية، والخلافات
المذهبية بين سنّة وشيعة، أو
بين دولة وأخرى، ستبرز جبهة
متماسكة عربية - إسلامية مضادة .
جبهة في مواجهة “إسرائيل”، وفي
مواجهة السياسة الأمريكية في
المنطقة . هذا ما تتجنب حصوله
إدارة أوباما التي تريد تعديل
صورة أمريكا في العالم . إيران تعلن بإصرار أن برنامجها النووي هو
برنامج سلمي، وأن إنتاج القنابل
الذرية أمرٌ محرم، كما أعلن
المرشد الأعلى السيد علي خامنئي
. وهناك اقتراح جرى بحثه داخل
أروقة الوكالة الدولية للطاقة
الذرية، يقوم على تخصيب
اليورانيوم لصالح إيران خارج
الأراضي الإيرانية، في روسيا
مثلاً، أو في غيرها من الدول . .
وعلى ذلك، لماذا هذه الجلبة
الدولية؟ إنه الصراع على الشرق الأوسط، على ثرواته
ومواقعه الجيوستراتيجية، وهو
بؤرة الصراع العربي - “الإسرائيلي”
بما لها وعليها من مصالح
وإرادات متقابلة . هذا ليس
كلاماً عاطفياً، أو ردة فعل على
ما يجري في الأمس واليوم من حوار
سياسي ساخن بين القوى الدولية
الكبرى ودول المنطقة . أخطر ما في الأمر، أن تنقسم دول المنطقة،
وأن تغدو إيران بلداً عدواً في
مقابل تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”
. والأنكى من ذلك، وجود طابور
خامس ينفخ في الفتنة الطائفية
والمذهبية، ويتحدث عن صراع سني -
شيعي، ويستحضر تاريخ الفتنة
كأنه عائد إلى كهوف التاريخ منذ
أكثر من ألف سنة . هل تقوم منظمة المؤتمر الإسلامي بمبادرة
سياسية ودبلوماسية بحيث تتولى،
وبالتعاون مع الوكالة الدولية
للطاقة الذرية، فتح حوار جاد
ومسؤول حول طبيعة الملف النووي
الإيراني ومستقبله؟ ========================= ديفيد إغناتيوس الشرق الاوسط 5-12-2009 عكف الرئيس الأميركي باراك أوباما طيلة
شهور على التفكير بشأن
الاستراتيجية المتبعة حيال
أفغانستان. لكن عندما حان الوقت
كي يفسر قراره بشأن هذه
الاستراتيجية، بدا رابط الجأش،
وذا نظرة تحليلية.. وبدا هادئا
في حديثه عن سياسة يعي جيدا أنها
ستتعرض للهجوم من قبل الجانبين
الديمقراطي والجمهوري. وفي حديث له أمام مجموعة من الصحافيين،
قال «أنا مدرك تماما لأن هذه
السياسة تفتقر إلى التأييد على
الصعيد السياسي. وهي لا تفتقر
إلى الشعبية فحسب، وإنما تفتقر
أيضا إلى التأييد داخل حزبي. لكن
ليس هذا هو السبيل الذي أنتهجه
نحو صنع السياسات». جاء حديث أوباما خلال حفل غداء أقيم داخل
مكتبة البيت الأبيض. وعلى
الجدران من حوله، كانت هناك كتب
تسجل المحن والانتصارات في
تاريخ من سبقوه، والذين شنوا في
بعض الأحيان حروبا كانت لها
عواقب مؤلمة. لكن هذا الرئيس لا
يسبب العذاب، على الأقل على
الصعيد المعلن. أثناء حديثه، قدم أوباما عرضا مفصلا
لاستراتيجيته الجديدة تميز
بالدقة والتركيز. الملاحظ أن
أوباما لم يتحدث عن النصر، ولم
يرفع نبرة صوته. ولم يحاول أن
ينقل إلى المستمعين الشعور
بدماء ودموع ميدان القتال، أو
الوحدة المؤلمة التي تعانيها
القيادة العسكرية. حتى عند
إعلانه أصعب وأخطر القرارات
خلال فترة رئاسته، حرص أوباما
على البقاء بعيدا عن الأداء
الدرامي. مساء الثلاثاء، أوضح أوباما وجهة نظره
حيال الاستراتيجية الجديدة من
فوق منصة كبيرة في «ويست بوينت»،
أمام حشد من الطلاب العسكريين.
لكن خطابه لم يكن صيحة حرب،
مثلما أكد في خطابه، وإنما دعوة
«لوضع نهاية ناجحة لهذه الحرب». في الواقع، اتخذ أوباما القرار الصائب،
حيث رأى أن «استراتيجية الخروج»
الوحيدة الممكنة من أفغانستان
تبدأ بتعزيز القوات، عبر إرسال
30.000 جندي إضافي لتأمين المراكز
السكانية الكبرى، بحيث يمكن نقل
السيطرة لاحقا إلى الجيش
والشرطة الأفغانية. وتمثل عملية
النقل تلك، التي من المقرر
البدء فيها في يوليو (تموز) 2011،
لب استراتيجية أوباما حيال
أفغانستان. وعلى ما يبدو، يشعر القادة العسكريون
بالارتياح إزاء قرار أوباما،
رغم أنهم كانوا يأملون لو أنه لم
يستغرق مثل هذه الفترة الطويلة.
وتشير بعض الأقاويل إلى أن
أدميرال مايك مولن، رئيس هيئة
الأركان المشتركة، تساوره
السعادة على نحو خاص إزاء قرار
أوباما بالإسراع بتوجيه قوات
إضافية إلى أفغانستان في غضون
ستة شهور فحسب، وهو موعد أقرب
مما طلبه جنرال ستانلي
ماكريستال. وأعرب أحد المسؤولين العسكريين البارزين
إلى أن عملية النشر السريعة من
شأنها إمداد ماكريستال بالجنود
الذين يحتاجهم في أسرع وقت
ممكن، وفي وقت كاف يمكنه من
الفوز بالمبادرة. بيد أنه سياسيا، تحمل هذه الاستراتيجية
عناصر تثير سخط مختلف
المعسكرات، فالديمقراطيون
سيغضبون من إقدام الرئيس على
تصعيد حرب مكلفة في وقت ينبغي أن
يمثل فيه الاقتصاد المتردي
أولوية أولى بالنسبة له. أما
الجمهوريون فسيعترضون على
استراتيجية أوباما بحجة أنه من
خلال تحديد موعد نهائي غايته 18
شهرا للشروع في سحب هذه القوات،
فإنه بذلك ينقل رسالة ضمنية إلى
جماعة «طالبان» مفادها أن
بإمكانهم إحراز النصر فقط إذا
ما تحلوا بالصبر. مساء الثلاثاء، شدد أوباما على أنه «في ظل
الظروف الراهنة، يعد هذا الخيار
الأفضل المتاح أمامنا». وفي
موضع آخر، اعترف قائلا: «ليس من
بين هذه الخطوات ما هو بالهين.
أعني أننا نختار من بين قائمة
خيارات بعيدة تماما عن المثالية».
الملاحظ أن حديثا كثيرا جرى حول كيف أن
هذه الحرب بمثابة حرب فيتنام
جديدة بالنسبة لأوباما، لكن
الرئيس رفض هذا التشبيه. في
الواقع، لم يقتل الفيتناميون قط
3.000 فرد داخل الولايات المتحدة
مثلما فعل تنظيم القاعدة. كما
أننا لا نخوض حربا ضد حركة قومية
في أفغانستان، علاوة على أن
الرئيس حريص على عدم الإعلان عن
التزامه بالحرب هناك على أجل
غير مسمى. وفي حديثه إلى الصحافيين، قال أوباما «التظاهر
بصورة أن تلك بلاد بعيدة لا صلة
لها بنا أمر يجانبه الصواب».
وأنا شخصيا أتفق معه،
فأفغانستان تتسم بأهمية حيوية
بالنسبة للمصالح الأمنية
الأميركية. ومع ذلك، لا أعتقد
أنه سيتمكن من إقناع الكثير من
أعضاء مجلس النواب من الحزب
الديمقراطي بوجهة نظره. إن السؤال الأكثر أهمية فيما يخص
استراتيجية أوباما لا يحمل
طابعا سياسيا، وإنما براغماتيا:
هل ستنجح؟ لقد ركز أوباما
تعريفه للنجاح على التركيز على
القدرة على نقل السيطرة إلى
الأفغان. ولا يبدي أوباما
اهتماما كبيرا بالأفكار الكبرى
المتعلقة بمكافحة التمرد، ويصر
على أنه سيعمل على تجنب «الالتزام
ببناء الدولة في أفغانستان».
ومن شأن ذلك تيسير إعلان التوصل
إلى «نتيجة جيدة بما يكفي» في
يوليو (تموز) 2011، إن لم يكن نصرا. عندما سألت أوباما عما إذا كانت «طالبان»
ستحاول الانتظار حتى نرحل عن
البلاد، أجاب بأن «هذه حجة لا
أوليها كثيرا من المصداقية،
لأنه لو اتبعت منطق هذه الحجة،
لن تنسحب أبدا، أليس كذلك؟ إن
اتباع هذه الحجة يعني الالتزام
بأفغانستان باعتبارها خاضعة
للحماية الأميركية إلى أجل غير
مسمى». ويعتقد أوباما أن تحديد مواعيد زمنية
نهائية من شأنه إجبار الأفغان
على الإسراع من جهودهم وتوحيد
صفوفهم. لكنني أرى أن هذه الفكرة
تشكل العنصر الذي يدور حوله
القدر الأكبر من الشكوك من بين
كل عناصر استراتيجيته الجديدة.
إنه بذلك يخبر عدوه بأنه سينسحب
في وقت محدد، ويخبر حليفه
بالاستعداد لتولي المسؤولية
بحلول ذلك الوقت، وإلا ماذا؟
هذه تحديدا أضعف حلقة وصل في
قرار رائع، فأنا لا أتفق مع فكرة
أن نعزز قبضتنا من خلال الإعلان
مسبقا أننا سنرخيها. ===================== التنوع والتعددية في
سوريا لا يشطبان قسرا وإنكارا افتتاحية صوت الكورد 11/2009 إن تنوع
المجتمع الإنساني وتعدد ألوانه
وأطيافه ومذاهبه واتجاهاته
وأفكاره.. مما هو من خصائص النوع
الإنساني, ومن طبيعة علاقاته
وتوجهاته, ومن ضرورات اختلافه
وتنوعه, وهو حصيلة تراكم معرفي
وتلاقح حضاري طويل, أفرز ظاهرة
عميقة في كيان المجتمع وطبيعته
وتركيبته التي لا مفر منها, حيث
" لا يزال الناس مختلفين "
في القيم والطبائع والعادات
والمثل والتقاليد, اختلاف تنوع
وتعدد في المآكل والمشارب
والأزياء والأعراف واللغات
ولهجاتها, وهي "من آيات الله
في خلقه, ومعجزاته في تكوينها,
وتركيبها, وطريقة تعاملها مع
قوانين وسنن الكون, وآياته في
الأنفس والآفاق.. ", أينما كان
الإنسان, وحيثما حل وأقام,
وكيفما ارتحل, وتنقل في أرجاء
المعمورة, وأصقاعها, وقاراتها
وبلدانها ومدنها وقراها, في
الشرق والغرب,.. ..والشمال
والجنوب, بما يثري, ويزيد العالم
غنى وترفا وعمقا وتراكما في
المعارف والخبرات والقيم
والتقاليد, مما لا يخيف, ولا
يمزق الصف بل يعطيه من التنوع
والتعدد في الطيوف الملونة
والزاهية ما يزيدها إشراقا
ووقدة وجمالا , وتلاقيا ومقاربة
ومقارنة في اللغات والشيات
والرؤى والأفكار, ما يترجم
الحصيلة الإنسانية إلى زاد
معرفي ثري, هو حصاد ذلك الجهد من
القرون المتطاولة والتطورات
الهائلة والجهد البشري
المتطاول والعظيم, مما يمكن
جعله ثمرة إنسانية فائقة
الأهمية عظيمة القدر, ومنهلا
خصبا للإنسان أينما كان, ليرتاد
مجاهله, ويأخذه من مظانه, و
يستلهم من إبداعاته ومنجزاته
الحضارية والمعرفية, فيدرك أنه
يقف على أرض صلبة عميقة الجذر,
ضاربة بفرعها متألقة في السماء,
يتفيأ بها, ويأخذ من ثمراتها
وعطاءاتها ما شاء له أن يفعل كحق
طبيعي من الأسلاف للأبناء و
الحفدة, وأجيال لاحقة, حق لها أن
تتزود من معين هذا التراث
الرائق والخالد, علما وفنا,
ولغات وآدابا ومعارف، وسوريا من
البلدان التي أثرثها الحضارة
الإنسانية وتعمق جذرها في
التاريخ, وتفرعت شجرتها تنوعا
وتعددا وثمرات شتى إثنيا ولغويا
ومذهبيا ومعرفيا, فهي ليست بدعا,
ولم تسلك – في تطورها الحضاري
والمعرفي – سبلا أخرى, في تاريخ
وتطور المجتمعات الإنسانية, غير
السبل التي سلكتها تلك
المجتمعات, في التنوع والتعددية
والاختلاف في الألسن والألوان
والمعارف والعادات والاتجاهات,
والتي لا يمكن للقهر والشطب
والإنكار والاعتقال أن تذيب هذا
التنوع, وتزيل من نقائه وزهوه
وجماله, وتمحو مكونا لصالح مكون
آخر, ويبدل من جلده وانتمائه
وهويته, ليبقى العربي عربيا
فكرا ولغة وانتماءا وعادات
وقيما وأعرافا, وكذلك الكوردي
والآثوري والأرمني, وتظل
الأفكار والآراء والاتجاهات
معززة راسخة ومتفاعلة, دون أن
يخيف ذلك التنوع, أو يضير تلك
التعددية بالوحدة وأصالة
الانتماء الوطني وعمق التلاحم
في الأزمات والمحن, حيث ساهم
المجموع في بناء حالة وطنية,
شيدت بقوة الخارطة السياسية في
سوريا وأعلت صرح بناء شامخ لم
يضرها في ذلك تنوع في اللغة
والاتجاه والرؤية والتوجه, مما
لاتجدي كل أشكال الممارسة
القسري ورؤية الإنكار والشطب
لعين الشمس التي لا تستر بغربال
ولا تقام بعسف أو خسف أو كسوف
وأفول العراقة هذا التنوع
ولرسوخ هذا التعدد وأصالة لهذه
الانتماءات التي لا تجدي معها
كل محاولات القسر والتحكم
والرفض والقمع وصورها المجربة
والبائسة.. ومن أجل
أن نرتقي بمجتمعنا إلى التوجه
الحضاري والإنساني اللائق,
وندرك بؤس كل محاولة للقفز فوق
الواقع المعاش بقوة ووضوح,
بالتذويب ومحاولات المحو وسلخ
الجلدة وتبديل الهوية, والتفكير
بمنطق وصائي بات عديم الجدوى..
لكي نفعل ذلك, ونرقى فوق تصور
القهر والاستعلاء والإنكار كان
لابد من مواجهة الواقع التعددي
– غير الضار وغير الشاذ بل
النافع والمتأصل والمتجذر-
والتعامل معه بتلك الرؤية
الحضارية الفاعلة والشاملة,
والمؤسسة لنموذج تعددي اختبرته
المجتمعات المتمدنة بنجاح كبير,
لتتخطى كل ألوان القسر والمنع,
ومكابدة التمنع والاستعصاء على
الانمحاء والذوبان والفناء في
الآخر, مما ترفضه طبيعة الحياة
والعلم والمدنية, وحقوق الإنسان,
والمعايير والمواثيق الدولية,
والشرائع الوضعية والسماوية,
مما ينسجم مع قيم الاختلاف
والتنوع, ويتنافى مع إرادة
التذويب والتطهير والتجريد من
الهوية الوطنية والإنسانية, وهو
أمر لم يرضه القائمون على الأمر
اليوم بأي فرنسة أو تتريك
أوتغريب عن الهوية العربية,
ليأتي القياس في الأمر نفسه
تعريبا قسريا في غير محله, دون
أن يعني ذلك ضياعا للهوية
الوطنية وقيمها واعتباراتها,
والتي كان النجاح في اختبارها
في الأزمات الوطنية خير دليل
على رسوخ الحس الوطني وعمقه
وتمكنه, فهل من مراجعة؟؟!, وهل من
عودة إلى القيم الوطنية الجامعة
؟؟!, وهل من اعتبار بقيم العدل
والحق والتاريخ والعلم, وهل من
تجاوز للقهر والإكراه وفلسفته
ورؤيته المحدودة, ورداته الآنية,
وإيثاره الأحادي؟! تلك أسئلة
ضاغطة ومشروعة وينبغي ردفها
بإجابات ميدانية ومقنعة!!. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |