ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
تنويعات عن مقاطعة
سويسرا أيضا!! حلمي الأسمر الدستور 6-12-2009 تاريخ مقاطعة العرب والمسلمين للبضاع
الغربية طويل ، والقضية محط
خلاف بين مهون منها ومهول، ترى أين الحقيقة ، خاصة في ظل استعداد عدد
من ابناء الجالية الاسلامية في
اوروبا بنشر "بوستر" يدعو
لمقاطعة البضائع والبنوك
السويسرية ، بعد التصويت على
منع بناء المآذن؟ الدعوة تثير
قدرا من الاستغراب ، فمن هؤلاء
الذين سيقاطعون بنوك سويسرا ،
ومعظمهم من مهربي وناهبي أموال
أبناء بلادهم ، وإلا ما حاجتهم
للهرب بحساباتهم السرية إلى
سويسيرا؟ هذا جانب أما الجانب الأكثر أهمية ، فما
هو جدوى مقاطعة البضائع
السويسرية خاصة تلك الشوكولا
التي يحبها المترفون؟ البعض يرى
أن المقاطعة لا "تهش ولا تنش"
لأننا دول على هامش الدنيا ،
وسواء قاطعنا أو لم نقاطع فلا
جدوى، الصحيح أن هذا اعتقاد خاطىء جدا ، تعالوا
معي لنرى ما كتبت صحافة سوسيرا ،
بعد التصويت على منع المآذن:
صحيفة "لا ليبرتي" الصادرة
في مدينة فريبورغ قالت إنه قد
يتعين على سويسرا أن تدفع ثمن
"الترف الديمقراطي" الذي
ترفل به ، أما صحيفة "بليك"
واسعة الانتشار ، فقد نشرت
تعليقا جاء فيه أن التصويت "كان
صفعة كبيرة على الوجه"
بالنسبة للحكومة ولمعظم
الأحزاب السياسية التي عارضت
الحظر. وتساءلت الصحيفة ما إذا
كانت البلاد ستشهد نقاشا واسعا
حول الإسلام ، إذ لخصت ما يجري
بعبارة تقول: "اقتراع واضح ،
وعواقب مبهمة" فيما ذهب الأمر
بأحد المعلًّقين في الصحيفة إلى
حد تحذير المصدًّرين
السويسريين بضرورة توخي الحذر ،
مشيرا إلى أنهم صدَّروا العام
الماضي لوحده بضائع إلى الدول
الإسلامية بما قيمته 14,49 مليار
دولار أمريكي ، أي سبعة بالمائة
من إجمالي صادرات البلاد. وقال
المعلًّق: "بعد التصويت بنعم
على مبادرة المآذن ، هنالك
اليوم خوف من المقاطعات."كما
أن صحيفة "لو تيمبس"
الصادرة في جنيف لم تهادن أو
تتصنع في انتقاء كلماتها لدى
وصفها تصويت الأحد ، إذ جاء في
تعليق الصحيفة: "سوف يقرر
المستقبل ما إذا كانت العلاقات
السلمية حتى الآن بين سويسرا
والمسلمين ستشهد تدهورا
وتتفاقم بعد هذه الإشارة التي
تنم عن عداء وحشي". أما صحيفة
"لو إكسبريس" فكانت أكثر
قساوة وصرامة في انتقادها
لنتائج تصويت الأحد ، إذ
عنوانها الرئيس: "تصويت ضد
الإسلام." وفي مقابلة أجرتها
معه صحيفة "بوند" التي تصدر
في مدينة برن ، قال هانز كونغ ،
عالم اللاهوت من طائفة الروم
الكاثوليك في سويسرا: "إن
القرار (أي الحظر) سيكلف سويسرا
ثمنا باهظا". يا مسلمي العالم ، لا تستهينوا بأنفسكم ،
وتأملوا فيما يكتبه السويسريون
، كي تعلموا أنهم يحسبون لكم ألف
حساب وأنتم في هذه الحالة
المزرية من الضعف ، فما بالكم
حينما تقوون وتتمسكون بالعروة
الوثقى؟؟ ========================= السفير الأمريكي
والدبلوماسي المخضرم السابق: «دانيل
كورتزر» Daniel C.Kurtzer يُحاكًمُ قضية «الاستيطان
الاسرائيلي» يوسف عبدالله محمود الدستور 6-12-2009 في مقال نشرته مجلة Middle
East Policy في مطلع عام 2009 والتي تصدر في واشنطن كتب
السفير الامريكي والدبلوماسي
المخضرم السابق دانيل كورتزر
يقول: إنه ومنذ عام 1967 ظل السؤال
المطروح على الطاولة بالنسبة
لعملية السلام بين
الاسرائيليين والفلسطينيين هو:
هل «الاستيطان الاسرائيلي»
يشكل عقبة امام هذا السلام أم
لا؟ وبمجيء الرئيس الامريكي
اوباما تم وضع هذه القضية على
أجندة ادارته بقوة. في مقاله حول: «هل الاستيطان يشكل خلافا؟»
يورد هذا الدبلوماسي والذي يعمل
الان رئيساً لقسم الدراسات
السياسية في جامعة برنستون
الامريكية آراء مدرستين حول
موضوع «المستوطنات الاسرائيلية».
المدرسة الاولى في امريكا
واسرائيل تقول: انّ هذه «المستوطنات»
انْ في الماضي او اليوم لا تشكل
عقبة في طريق عملية التفاوض بين
الاسرائيليين والفلسطينيين، وهنا يستشهد Daneil
بوجهة نظر Elliott
Abrams
مستشار الأمن السابق في ادارة
الرئيس السابق بوش الذي يعتبر «تجميد»
الاستيطان مسألة قليلة الشأن
بالنسبة للتفاوض، ويزعم هذا
المستشار للأمن القومي السابق
ان هذه المستوطنات ستبقى وانها
لا تؤثر على حياة الفلسطينيين do
not much affect Palestenian life
اصحاب هذه المدرسة لا يعتبرون -
كما يقول Daniel: الضفة الغربية وقطاع غزة اراضي محتلة بل
اراضي متنازعا عليها disputed
territory وعليه فهي بحاجة الى حسم، بالطبع فأصحاب هذا الزعم يتحدثون عن
مزاعم تاريخية لاسرائيل في هذه
الارض، وتمضي هذه المزاعم الى
القول إنه اذا كان من حق بعض
الفلسطينيين الاقامة في
اسرائيل 1948 ، فان من حق اليهود
ان يقيموا في الضفة الغربية بما
فيها القدس الشرقية، اما المدرسة الاخرى فترى ان اقامة
المستوطنات في ارض تم احتلالها
مخالف للقانون الدولي. والجدير
بالذكر هنا وحسب اخر الاحصائيات
فان عدد المستوطنين
الاسرائيليين في القدس الشرقية
وحدها قد زاد من 152,800 الى 186,800
نسمة ما بين 1993 وحتى 2006، وبالنسبة لأصحاب المدرسة هذه ، فهم
يتساءلون كيف يمكن ان تثمر
عملية التفاوض نحو سلام حقيقي
ما دام الاستيطان مستمراً، كما انهم ينتقدون الحواجز ونقاط التفتيش
والجدار العازل متسائلين كيف
يمكن في ظل هذه الاجراءات ان
يحيا الفلسطينيون حياة طبيعية،
تساؤلات مشروعة يتم تجاهلها. وفي نهاية مقاله يشير الكاتب الى بعض
التحديات التي تواجه الرئيس
أوباما وهو يقارب عملية السلام
الشرق أوسطية. اولى هذه
التحديات هي: هل الاطراف على
الجانبين الاسرائيلي
والفلسطيني جاهزة لعملية
السلام؟ هل رئيس الوزراء
الاسرائيلي سيبدأ من حيث انتهى
مؤتمر أنابوليس أم انه سيكتفي
بالتركيز علي الجانب الاقتصادي
في المفاوضات ، كما يفعل الان ،
متجاهلا الجوانب الاخرى
الرئيسة، وبالنسبة للفلسطينيين
يتساءل الكاتب: كيف ستكون هناك
مفاوضات وثمة انقسام فلسطيني -
فلسطيني وعدم تواصل جغرافي بين
غزة والضفة الغربية في ضوء
الخلاف بين «فتح» و«حماس»، وفيما يخص ادارة «أوباما» يتساءل: Daniel Kurtzer في مقاله: هل الرئيس أوباما
سيطوي قضية «الاستيطان» الى حين
استئناف المفاوضات ، بمعنى انه
لن يعتبرها مُلًحة قبل مباشرة
التفاوض أم انه سيطالب بوقف
بناء المستوطنات وفقاَ لخريطة
الطريق؟ وهنا يضيف الكاتب قائلا: باستطاعة الرئيس
اوباما الضغط على اسرائيل لوقف
عملية بناء المستوطنات فوراً
معتمداً على رصيده الشعبي في
امريكا سيما وانه يتمتع الآن
بتأييد %78 من المجتمع اليهودي
الامريكي، وعليه يستطيع أوباما ليّ ذراع نتنياهو
وحكومته قائلا: عليك وعلى
حكومتك «تجميد» الاستيطان الآن
سواء بوشر في المفاوضات أم لم
يباشر، يبقى أنْ أتساءل: هل يفعلها أوباما وهو
الذي بدأ يتراجع - مع الاسف -
شيئاً فشيئاً عن تعهداته
السابقة التي قطعها على نفسه
قبل وبعد انتخابه،،؟ يبدو انه متردد في حسم هذه القضية. حتى مبعوثه للشرق الاوسط «ميتشل» الذي
علق عليه الكثيرون من العرب
آمالا عًراضا باعتباره منصفا
وصاحب ضمير ، تراجع هو الاخر ،
فقد اعتبر موقف نتنياهو الأخير
بايقاف الاستيطان في الضفة
الغربية لعشرة أشهر انجازا غير
مسبوق ، يشجع على استئناف
المفاوضات الفلسطينية
الاسرائيلية، أي استخفاف هذا بالقانون الدولي الذي
يعتبر كل مستوطنة في الارض
المحتلة عام 67 غير شرعية، ثم أي
استهتار هذا «بالشرعية» حين
يكتفي ب «التأجيل»، انه ضحك على الذقون يتم مباركته امريكياً
في ظل هذا التخاذل العربي غير
المسبوق، أنها «السياسة الامريكية» نفسها يتم
توارثها بحرفيتها ، خلفاً عن
سلف، -======================== العراق وأفغانستان .. اين
الشبه؟ مازن حماد الدستور 6-12-2009 عارض باراك اوباما بشدة خلال حملته
الانتخابية لجوء الرئيس جورج
بوش الى رفع عدد القوات
الامريكية في العراق ، ولم
يعترف حتى يومنا هذا بان تلك
الخطوة كانت ناجحة نسبيا ، لكنه
اثنى عليها ضمنيا خلال حديث مع
مساعديه قبل حوالي شهر. وكما أقر كثيرون من مستشاري اوباما ، فان
قرار زيادة القوات الامريكية في
افغانستان بمقدار ثلاثين الف
جندي ، مستوحى من نجاح الجهد
المماثل في العراق ، حيث يأمل
مساعدو بوش حسبما تقول صحيفة «اليهرالد
تريبيون» في ان ينصفهم التاريخ
عندما تكتب سيرة الحرب العراقية. وكما تضيف الصحيفة ، فقد سيطر التشابه بين
الحالتين العراقية والافغانية
على الوضع في الايام الاخيرة ،
الى درجة ان وزير الدفاع روبرت
غيتس عضو الادارة الوحيد الذي
حمل المنصب نفسه في عهد بوش ،
اخذ يتحدث عن معايشته لعمليتي
زيادة في عهد المحاربين
الامريكيين في الخارج. لكن اوباما يسير نحو استراتيجيته الجديدة
في افغانستان وسط تحذيرات من
مساعديه وقادته العسكريين بان
الظروف التي سمحت بنجاح الزيادة
العراقية غير متوفرة في الحالة
الافغانية. ورغم ان البعض يذهب الى انكار التشابه بين
الحالتين وحصره في الطبيعة
الصحراوية للعراق وافغانستان ،
فان اوجه الشبه متوفرة واولها
ان عدد القوات المضافة في
الحالتين يقارب الثلاثين الفا ،
وتهدف الزيادة في البلدين للرد
على التمرد» الذي حقق مكاسب على
الارض وتسبب في وقوع خسائر
كبيرة ، كما تهدف الى شراء الوقت
واتاحة الفرصة لتدريب قوات
محلية على القتال ، لكن ايا من
الزيادتين لم تتبلور لاستثمار
نجاحات تحققت وانما لوقف الزخم
المعادي. ومع انتهاء التشابه عند هذا الحد ، نود
التذكير بان الزيادة في الحالة
العراقية نجحت نوعا ما بسبب
توفر دعم كبير في محافظة
الانبار قدمته مجالس الصحوة وهي
حركة نظمتها قبائل سنية نهضت ضد
تنظيم القاعدة الذي دأب على
تنفيذ العمليات الانتحارية
المكلفة مدنيا. وفي الحالة العراقية يعتقد المسؤولون
الامريكيون بان معظم قادة
القاعدة في ارض الرافدين هم من
الاجانب ، بينما تقتصر العناصر
المتطرفة في حركة طالبان
الافغانية على المواطنين
الافغان. ورغم ان الولايات المتحدة تأمل في تحقيق
بعض النقاط من خلال ميليشيات
افغانية حملت السلاح ضد طالبان
في بعض المناطق ، تفيد
المعلومات الاستخبارية التي
وصلت الى البيت الابيض منذ
سبتمبر الماضي بأنه لم يعثر في
افغانستان على اي نشاط معاد
لطالبان مساو لنشاط مجالس
الصحوة ضد القاعدة في العراق. ولا بد من التأكيد على ان هدف ادارة
اوباما في افغانستان هو اضعاف
نفوذ طالبان وليس الحاق الهزيمة
بها ، اما في العراق فكان الهدف
سحق المتمردين وهو ما تحقق الى
درجة ما. ومن اوجه التنافر الاخرى بين الحالتين ان
الافغان غير قابلين للتدرب
بسهولة على عكس العراقيين الذين
لديهم ارث من التقاليد العسكرية
الراسخة على مر الحكومات. ويكمن الخلاف الاكبر بين الحالتين في ان
جورج بوش لم يقل ابدا كم من
الوقت ستستغرق عملية زيادة
قواته في العراق. اما اوباما فقد
اعلن ان النجاح في افغانستان
سيبدأ في الظهور في شهر يوليو من
عام 2011 . وقد امضى روبرت غيتس وقتا طويلا ليشرح
منطق ادارته قائلا انه اذا كانت
الظروف غير مواتية فان تخفيض
القوات الامريكية في افغانستان
سيكون بطيئا. كما اوضح
الامريكيون ان نظرية الجدول
الزمني تهدف الى التأكيد لنظام
حامد كرزاي ان للصبر الامريكي
حدودا وان الالتزام العسكري
الامريكي تجاه افغانستان ليس
مفتوحا الى الابد. -================================== مزيد من النار لجحيم
أفغانستان.. الافتتاحية الأحد 6-12-2009م بقلم رئيس التحرير أسعد عبود الثورة في خطته اتجاه أفغانستان أعلن الرئيس
الأميركي - كما كان متوقعاً - عن
ارسال مزيد من القوات إلى هذا
البلد، وبغض النظر عن أي موقف من
القرار.. فإن ذلك يعني استمرار
بوابات الجحيم مفتوحة على آسيا..
منذ عام بالتمام كنت في باكستان والتقيت
عدداً مهماً من المسؤولين.. ولم
يكن أي منهم يخفي توجسه من
تطورات الوضع الأفغاني.. لذلك
أنا أفهم أن تبكر باكستان إلى
إظهار رد فعل سلبي على الخطة
الأميركية «استراتيجية اوباما»
باتجاه أفغانستان. منذ بدأت تحولات أفغانستان لتؤسس فيما
بعد إلى ما بات يعرف اليوم ب «القضية
الأفغانية» كانت مأساتها تتشكل
بسبب قرارات تصدر من المسافات
البعيدة مستخدمة في تنفيذها
أدوات عسكرية خارجية أو محلية
وسلوكاً لا شرعياً.. يبدأ من
أشكال القتال الارتزاقي على
أساس مالي أو عقائدي، ولا ينتهي
عند تجارة المخدرات. أو بشكل مختصر.. غابت عن التأثير في تطورات
الحالة جهود وقرارات ومسؤولية
الدول المحيطة.. لقد تعاملت دول
الجوار الأفغاني بشيء من
اللامبالاة مع التطورات... ولا
أعني بذلك تحميلها مسؤولية أنها
لم تخرج للقتال بل إنها لم تخرج
للسلام..! منذ التدخل السوفييتي.. واجهت قوى المنطقة
بعضها.. بمحصلة الصفر، فغاب
تأثيرها، وشكلت أفغانستان
والبيئة المحيطة منطقة للضغط
السياسي المنخفض، أدت إلى
انزياح الغيوم السياسية
باتجاهها بأدوات وصلت حدود
الهمجية، ولم يبتعد الإرهاب عن
جهود كل الذين مارسوا القتال
هناك. لست بصدد تسجيل اعتراض على قرار الإدارة
الأميركية ومن يدور في فلكها
بزيادة القوات في أفغانستان..إنما
نرى أنه من شبه المؤكد استحالة
الحل العسكري.. رغم القتل اليومي
وبوابات العذاب والجحيم الذي لا
يتوقف. أفغانستان تسجل للتاريخ أن لا حلول عبر
المحيطات ولا من العواصم
البعيدة عن المنطقة..! وعلى الجميع الاعتبار، في ضوء ماحصل هناك..
مشكلات مناطق العالم تحل بشكل أفضل وأسلس
وأسلم من قبل دولها.. دول المحيط..
ودول الجوار... ولا بد لمنطقتنا أن تكون في مقدمة من
يعتبر.. فإذا كان من بوابة أمل تفتح على مستقبل
هذه المنطقة وفرص الأمن
والاستقرار فيها.. فهي حيوية
علاقات دولها بقرارات مستقلة. سورية... تركيا... إيران... السعودية... قطر...
مصر.. ولدي كل المبررات لأرى أن محاولات
الانقضاض على الدول الناشطة في
المنطقة التي تمثل قرارها -وليس
قرار غيرها- لا تعكس نيات بريئة..
يريدون أن يرسموا عجزنا عن مواجهة
مشكلاتنا كي يتفضلوا علينا
بحلول من عندهم لا تقل خراباً عن
حلولهم في أفغانستان والعراق
والسودان والصومال.. و.. دول المنطقة في مواجهة أصوات المدافع
وانعدام سبل الحوار، عليها ألا
تكتفي بحسن النيات.. وليس
مطلوباً منها زج القوات، بل
مسعى السلام وبسرعة. حتى متى نتحمل أن تكتوي أجسادنا بهذا
الجحيم.؟! من الصومال إلى السودان.. من العراق إلى
اليمن.. ألا تكفينا المآسي
والكوارث في فلسطين.؟. أعلم أن ثمة محاولات لإسكات صوت المدافع
هنا أو هناك.. لكن.. ببرودة لافتة.. بأيدٍ في قفازات..
بياقات منشّاة.. وهكذا تتوافر
النية وتتوافر الرغبة وتغيب
الإرادة. قبل أن نقرأ ما تخفي الأيدي.. لنقرأ الأيدي
الممدودة دون تذاكٍ وتحليل
واستنتاج.. من سورية صاحبة إرادة
الحوار دون كلل.. بحثاً عن
السلام.. من إيران القوية.. من
تركيا المنفتحة على المنطقة
بمجالات عدة..من كل الباحثين عن
امن واستقرار المنطقة. هذه الأيدي هي التي ترسم الحقيقة.. وليست
الحقيقة ما ترسمها أيدي الرعب
عبر البحار. a-abboud@scs-net.org -============================= ما فائدة تجميد
الاستيطان في غياب السلام؟ بقلم تسفي بارئيل هآرتس ترجمة الأحد 6-12-2009م الثورة ترجمة: ريما الرفاعي خلال العقود الأربعة الماضية غضت واشنطن
بصرها عن الممارسات
الإسرائيلية حيث كانت تحتج
تارة، وتستخدم لهجة التوبيخ
تارة أخرى لكنها تكتفي في
النهاية بتقرير روتيني مفاده أن سياستها لم تتغير وأنها تواصل
الاعتراض على بناء المستوطنات
في المناطق الفلسطينية ولا
تعترف بضم شرق القدس وهضبة
الجولان، فجأة يأتينا الطلب
الأميركي بتجميد المستوطنات
كصفعة مدوية تجلب معها خيبة
الأمل كون الطلب كان رسالة
شديدة اللهجة تحمل في مضمونها
تهديداً صريحاً سرعان ما يصبح
نزالاً شخصياً بين رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو والرئيس
الأميركي باراك أوباما بدلاً من
أن يقدم سياسة حقيقية. أوباما سينتصر بالطبع، في هذا الحوار
المتواصل يمكنه أن يقرر استقبال
نتنياهو في وقت متأخر من الليل
وألا يرد على مكالماته وأن
يحذره من على سور الصين أو حتى
أن يأمر موظفيه بتجاهل طلبات
إسرائيل. وقد سبق لأوباما أن نجح في كسب تأييد دولي
وحتى في الولايات المتحدة لطلبه
تجميد البناء حتى في القدس،
وإذا رغب أوباما بضعضعة ثقة
إسرائيل في الولايات المتحدة أو
إظهار أنه الأقوى من نتنياهو
فليس ثمة حاجة إلى بذل الكثير من
الجهد. إن الطلب الأميركي صحيح حتى لو إنه جاء
متأخراً وبعدوانية غير معتادة
ولكنه يثير الحفيظة كونه
منقطعاً عن سياق السياسة
الأميركية والهدف منه منح
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
سبباً للعودة إلى المفاوضات
ولكن المفاوضات لا يمكنها أن
تكون هدفاً نهائياً مثلما
لايمكن لتجميد المستوطنات أن
يسجل كإنجاز مطلق، إذاً ماذا
بعد ذلك؟ هل تقرر مصير عباس بأن
يكون المفاوض الثابت في مفاوضات
عديمة الجدوى لا نهاية لها؟ هل
توجد لدى واشنطن خطة لمتابعة
المفاوضات؟ لنفترض أن إسرائيل جمدت البناء في
المستوطنات فما ستكون سياسة
واشنطن إزاء 300 ألف مستوطن
يسكنون في تلك المستوطنات التي
لم يكن أي رئيس أميركي مصمماً
بما فيه الكفاية على وقف
بنائها؟ إذا كانت خطة بناء 900
وحدة في مستوطنة جيلو تزعج
أوباما فما موقفه بشأن 40 ألف
مستوطن يسكنون فيها حالياً؟ ما
الفائدة من المطالبة بتجميد
البناء إن لم يكن ذلك بالتوازي
مع خطة شاملة تتضمن ترسيم
الحدود بين إسرائيل وفلسطين،
أين يمكن لليهود أن يسكنوا؟
وأين يمكن إقصاؤهم؟ وهذه
المسألة يجب إثارتها في
المفاوضات وبالتالي يستطيع
أوباما إمساك نتنياهو بالكماشة.
إن عدم وجود خطة أميركية ثابتة وراسخة
توضح للإسرائيليين وليس
لنتنياهو كيف يمكن الحيلولة دون
تعليق المفاوضات بعد دقيقة من
جلوس عباس ونتنياهو معاً، وتبين
أيضاً موقف واشنطن من أمور
جوهرية بالنسبة للفلسطينيين
مثل حق العودة والأماكن المقدسة
وهل واشنطن مع أم ضد إجراء
مصالحة فلسطينية تأتي بحركة
حماس إلى الحكومة، فإن قرار
تجميد البناء سيكون بمثابة
اختبار غير ضروري للقوة بين
نتنياهو وأوباما، فإذا كبد
أوباما نفسه عناء الاهتمام
بتشييد مبنى واحد غير قانوني في
شرق القدس فلا يمكن له في الوقت
نفسه أن يقول إن المسائل المهمة
التي يتضمنها النزاع
الإسرائيلي-الفلسطيني ليست
موضع اهتمامه. لم يعد بوسع واشنطن أن تواصل دور الوسيط
اللامبالي الذي يعطي الأطراف
رقم هاتف البيت الأبيض ويسمح
بالاتصال به في اللحظة التي
يكون فيها الطرفان مستعدين على
غرار ما فعل وزير الخارجية جيمس
بيكر في عهد الرئيس بوش الأب. واشنطن هي شريك ذو مصلحة، فالسلام في
الشرق الأوسط هو مصلحتها
الاستراتيجية لذلك لا يمكنها أن
تتعامل مع مسألة تجميد
المستوطنات كلعبة قوة شخصية أو
كمنافسة ذاتية لمن شعر بالإهانة
لأن دولة مدعومة منه لا تطيعه. ويبدو أن طلب تجميد المستوطنات ليس أكثر
من رغبة بتسجيل إنجاز ما، إنجاز
لا يغير من حالة النزاع شيئاً
وهو ما يؤكد حقيقة أن الولايات
المتحدة ليس لديها ما تقوله
حيال موضوع النزاع الإسرائيلي-السوري،
إذا كان السلام في الشرق الأوسط
مهماً بهذا القدر فلماذا لا
نسمع من واشنطن أي صوت أو رأي
فيما يتعلق بالمستوطنات في هضبة
الجولان؟ لماذا لا تدعو
الولايات المتحدة إلى قمة سورية-إسرائيلية؟
هل المفاوضات مع دمشق أقل أهمية
من المفاوضات مع الفلسطينيين؟
فضلاً عن أن المبادرة العربية
ويجب علي ذكرها هنا تتضمن
الانسحاب الإسرائيلي من كل
الأراضي المحتلة، إن تجميد
البناء في المستوطنات هو خطوة
ضرورية وحيوية ولكن في خطة سلام
جدية ومتكاملة. -============================= متى يخرج الضمان الصحي
من الثلاجة؟ تقارير الأحد 6-12-2009م موسى الشماس الثورة منذ عام 1981 أقيم نظام الصندوق المشترك
للأطباء البشريين وقام أطباء
الأسنان والصيادلة ببناء شراكة
تأمينية صحية مع ميدكسا أو
غيرها ولكن ماذا عن المواطن، ففي وقت أشير للضمان الصحي بسورية عام 1959
بقانون رقمه 92 وتم تعديله عام 2001
وبين الفقرتين صدر القانون رقم
(1) في 6/2/1979 يطلب من وزير الشؤون
الاجتماعية والعمل اتخاذ
الاجراءات التي تكفل تطبيق
التأمين الصحي خلال سنة، نجد
أنه لاشيء من ذلك تحقق على أرض
الواقع. بعض المعنيين آثروا عدم التعليق ورأى
البعض الآخر أن الموضوع يحتاج
إلى قرار سياسي ليس إلا، وقد تم
تحويل الأمر في الآونة الأخيرة
الى،شركات تأمينية خاصة تقوم
بالتأمين بصفة تجارية بحتة؟؟! تعريف الضمان أو التأمين هو تحويل الإنفاق من
الجيب الخاص على الرعاية الصحية
عند المرضى إلى دفعات منتظمة
مسبقة من قبل أكبر عدد من
الأشخاص والمعنى اللغوى الضمان
هو الكفالة والالتزام (INSORANCE)
هذا مايوضحه الدكتور هشام
ديواني عضو اللجنة العامة
للتأمين وقد واكب التأمين منذ
مايقارب العشرين عاماً ويضيف :
بناء على ذلك فان أبرز أهداف التأمين
تتضمن، تحقيق التكافل
الاجتماعي، وتوفير مصدر
للتمويل، كذلك ترشيد الإنفاق
وتحسين الكفاءة، توفير الخدمات
التأمينية بأسعار مناسبة
والمحافظة على جودة الخدمة
المقدمة تحسين المستوى الصحي للمواطن، تخفيف
الضغط على المرافق العامة
وغيرها من الأهداف التي تنتهي
بتوفير فرص عمل للكثيرين. في الثلاجة حتى الآن هناك مجموعة من السلبيات حالت دون تفعيل
العمل التأمين ويوضح ديواني
أبرزها بقوله: إن توجه القانون الأساسي للعاملين
بالدولة فقط، وعدم شموله جميع
المواطنين، كذلك عدم وضوح
الرؤية للسياسة الصحية، ناهيك
عن معارضة العاملين بالدولة
الذين لديهم أنظمة صحية مجانية،
إضافة لمشكلة نظام التفرغ، كلها
أسباب حالت دون تفعيله حتى الان.
أبرز التحديات إن أبرز التحديات والضغوط التي واجهت
القطاع الصحي منذ صدور قرار 1979
وحتى الآن كما يذكر د.هشام
تتضمن، زيادة سكانية تقارب
حوالي 400 ألف نسمة سنوياً، و
النقص في المواد المتاحة نتيجة
ارتفاع الكلفة الاقتصادية للخدمات الصحية وعدم ضمان تحقيق العدالة
بتوزيعها، والمشكلات الصحية
الراهنة (الأمراض السارية
والمزمنة والحوادث) ومايتطلبه
القطاع الصحي من إعادة الهيكلة
المؤسساتية والتطوير الإداري
وضبط الجودة، إجراء البحوث
الطبية للمساهمة بحل المشكلات
الصحية القائمة، توفير التمويل
المادي وتعزيز التنسيق بين
الوزارات والجهات المعنية
بالقطاع الصحي. أين موقع الفقراء؟ ويؤكد خبير الاتحاد الأوربي د. خلف شويفل
بدراسته عام2006 أن الأسر السورية
تنفق على الرعاية الصحية بصفة
شخصية حوالي/ 30 مليار ل.س وفي حال
الإصابة بأمراض كارثية لا
تستطيع العائلات أن تدفع
العلاج، من جهة أخرى الذين لا
يستطيعون أن يدفعوا للتأمين يجب
إعداد وتطبيق برامج خاصة لهم،
وهذا ينطبق على واحد من كل ثلاثة.
حماية أكيدة وتولي الخطة الخمسية العاشرة اهتماماً لا
بأس به للتأمين الصحي وحماية
الفقراء وفقاً لمجموعة من البنى
الأساسية سيتم حسبما يرى
الديواني، تحديد واستهداف
الفقراء(ليس فقط الأشخاص الذين
يقل دخلهم عن حد معين ولكن أيضاً
الأشخاص من الطبقات الوسطى
الذين هم مهددون من عائلاتهم
بالأزمات المالية بسبب الأمراض
الوراثية الكارثية أو الإنفاق
الصحي، تحديد حزمة فوائد معقولة
ليتم تقديمها مجاناً (وبدون
تقاسم الكلفة) لكل المواطنين
لتجنب الإفلاس بسبب المصاريف
الصحية الكارثية وتطوير
التمويل الصحي المتعلق
بالاستراتيجية التاسعة للخطة
الخمسية العاشرة. مع تطبيق شبكة
الرفاه الاجتماعي للفقراء بنفس
المنظمة التي ستضم هيئة التأمين
الصحي الوطنية وتأسيس مخزون من
رأس المال لاستخدامه مستقبلاً
كصندوق إعادة تأمين لسلاسل
الأمراض الكارثية وللحماية
الصحية للفقراء وفق خطة مرحلية
مبرمجة بدأت عام 2007 وتستمر حتى
2009. مخاطرة كبيرة ويتابع د. هشام قائلاً: كما إنه لابد من الإشارة إلى أن الحكومة
عبرت عن رغبتها في بدء تطبيق
التأمين الصحي بأقرب وقت ممكن
ولكن البدء في ظل الظروف
الحالية يعتبر مخاطرة كبيرة قد
تحدث العديد من المشاكل نظراً
لنقص المعلومات التي يمكن أن
يعول عليها ونقص المعرفة للعرض
والطلب ووفقاً لنتائج الدراسة
الأولى المتاحة يعتبر خيار
إنشاءنظام تأمين صحي ذي أداء
جيد يغطي المجتمع هدفاً طموحاً
ومعقداً للسياسة الاجتماعية
ويتطلب بكل الأحوال إعداداً
جيداً مبنياً على أساس معرفي
وإلا ستكون المخاطرة كبيرة
لحدوث فشل آخر كالذي حدث عام 1979
والتسبب بحدوث خيبة أمل
للمساهمين والمواطنين على حد
سواء. لابد من الإعداد المبدئي والتخطيط واتخاذ
القرار كخطوات لا يمكن تجنبها
قبل بدء عملية التطبيق بحيث
يكون واضحاً أن التأمين الصحي
يحتاج لمقاربة متعددة القطاعات
والقواعد الانضباطية ومما لاشك
فيه التأمين الصحي يحتاج لإطار
قانوني ملائم. تجربة عملية وباعتبار نقابة الصيادلة أنجزت نظام
تكافل صحي خاص بها مؤخراً، د.
فواز زند الحديد نقيب صيادلة
سورية يوضح أبعاد هذه التجربة
ويتحدث عن الأسباب الموجبة لهذا
النظام وهي ازدياد الوعي والطلب
على خدمات الرعاية الطبية
والصحية باعتبار أن لا غنى عنها.
وازدياد معدلات الأعمار ما
يرافقها ازدياد الحاجة للرعاية
الصحية، ازدياد تكاليف الخدمات
الصحية في القطاع الخاص مما
يعيق قدرة الصيدلاني على تغطية
هذه التكاليف من جيبه
الخاص،وتلبية حاجة الصيادلة
للحصول على رعاية صحية مميزة،
تحسين خدمات الرعاية الصحية
للصيادلة، تخفيف الأعباء عن
الأسر الشابة وكبار السن
والمتقاعدين من الصيادلة
والناتجة عن تزايد كلف الأمراض
المزمنة، وكذلك الحال بالنسبة
للعاملين في النقابة وفرعها من
غير الصيادلة. تكافل صحي التعاقد مع المؤسسات الصحية والمستشفيات
والمراكز والعيادات الطبية
وتحديد الحالات التي تستدعي
تقديم الرعاية الطبية، ومنح
الأجور والحوافز والمكافآت على
ضوء الإرادات الفعلية للصندوق،
اقتراح خطة العمل وتطويرها
واتخاذ القرارات اللازمة
لتنفيذها، اقتراح نسب التكاليف
التي يدفعها المشتركون لقاء
الخدمات المقدمة لهم،
الاستعانة بالخبراء
والاختصاصيين ذوي العلاقة، حق
المقاضاة وحل الخلافات مع
الآخرين أمام القضاة أو الجهات
المعنية. المشترك لدى تأمين صحي
آخر لايجوز للمشترك الاستفادة
إلا من جهة تأمينية واحدة أو
بحدود الفروقات للحالة الواحدة
إن وجدت، ويضيف زند الحديد: تبقى
مسألة ضعف التوعية حول أهمية
التأمين الصحي لدى شركات
التأمين الصحي الخاصة في وسائل
الإعلام بل والنظر إليها من قبل
المواطن بلا مبالاة وسلبية دون
معرفته لطبيعتها وفوائدها،
تبقى هذه معضلة المعضلات فوارد
التأمين الصحي لايقارن بشركات
التأمين الخارجية، وهذا الضعف
في شرح وتوعية المواطن حول
التأمين الصحي يخلق حالة غائمة
في المجتمع حول هذا التأمين
ومدى الدور الذي يمكن أن يلعبه
في حياة كل مواطن خارج إطار
العمل في دوائر الدولة أو
نقاباتها واتحاداتها العامة . ============================= "العلمانية الأميّة":
في المحصلات المحتملة للفصل بين
العلمانية والدولة المستقبل - الاحد 6 كانون الأول
2009 العدد 3503 - نوافذ - صفحة 11 ياسين الحاج صالح خلافا لعقيدة شائعة، سورياً وعربياً، لا
تفضي العلمانية إلى معالجة
فعالة للطائفية إلا في إطار
بنية سياسية وقانونية وطنية،
تقوم على المساواة الحقوقية
والسياسية بين "المواطنين"
المفترضين، وفي سياق سياسة
فعالة للدمج الوطني. بعبارة
أخرى، لا يكون الطرح العلماني
مثمرا دون إطار للنضال العلماني
ولمقاومة الطائفية هو الإطار
الوطني الذي يوفر، وحده، "هوية"
عليا إيجابية، تتيح تجاوزا
إيجابيا للهويات الدنيا،
الفئوية. فإن لم تكن الدولة
الوطنية فاعلا علمانيا كما
يقتضيها مفهومها ذاته، كان من
المرجح ألا يثمر النشاط
العلماني رغم ذلك. وهنا يغدو
لزاما على النضال العلماني أن
يدرج نفسه في سياق النضال من أجل
بناء الدولة الوطنية، دولة
المساواة بين المواطنين
المختلفين دينيا ومذهبيا. على هذا الأساس، نعرّف العلمانية بدلالة
الدولة الوطنية إيجابيا،
وبدلالة الهويات الدينية
سلبيا، أو لنقل بدلالة الدين
والدولة. أليست العلمانية في
تعريفها الإجرائي المشهور هي
الفصل بين الدين والدولة؟ [ 1 إن صح ذلك، وهو بديهي حقا، فإن من شأن طرح
علماني يَغْفَل عن مبدأ الدولة
الوطنية، الموحّدة والمسويّة،
في مجتمع متعدد الأديان
والمذاهب، أن يؤدي بالأحرى إلى
تعزيز الطائفية، وليس إلى
إضعافها. أو لنقل إلى الاندراج
في لعبة التجاذبات الطائفية
والعمل كشاهد زور في منازعات
الطوائف. هذا تقريبا ما يجري في سوريا منذ سنوات. بقيادة علمانيين عالمين (جورج طرابيشي،
أدونيس، عزيز العظمة في تآليفه
السجالية..)، يجري تعريف
العلمانية بدلالة الدين حصرا.
ولما كان "الدين" الحامل
لمطامح سياسية معلنة هو الإسلام
(السني)، فسوف يجري تسخير
العلمانية حصرا لمواجهة
الإسلاميين. ولن يلزم من أجل أن
يكون المرء علمانيا إلا أن يكون
ضد الإسلاميين، الأمر الذي إن
لم يتوافق مع مزيد من الارتباط
بمواريث دينية ومذهبية مجايلة
للموروث الإسلامي، فإنه لن يجد
ما يأخذه على هذا الارتباط.
بالمقابل تنفك روابط العلمانية
بالمساواة والمواطنة، وقد
تجدها مدافعة عن أوضاع امتيازية
أو ساكتة عليها. وإنما بهذا المعنى نتكلم على علمانية
أمية: موقف سياسي ديني يجد
حوافزه ومحركاته المحتملة في
الروابط الأولية الموروثة ("تربية
الأم" على قول عبدالله العروي
في كتابه الأخير "من ديوان
السياسة"). وسيسهل علمانيون
عالمون، أصحاب أسماء مكرسة،
انتشار صيغة "أمية"
للعلمانية، تفصلها عن منطق
الدولة الوطنية الحديثة، ولا
تجد كلمة واحدة تقولها عن
الصيغة الواقعية لهذه الدولة. هذا مفهوم لا يوفر أية ضمانات ضد تسخير
العلمانية لأغراض طائفية.
بالعكس، بعيدا عن أن تنصب أية
حواجز في وجه الطائفية،
العلمانية هذه بمثابة صلاة
لراحة الضمير الطائفي. أو
ببساطة كفالة لعلمنة الطائفية،
أعني لنقل سندها من أية تعاليم
دينية خاصة وماضوية إلى معان
فكرية وسياسية وعامة ومستقبلية
وكونية. بهذا تمسي العلمانية
الإيديولوجية العضوية
للطائفية، عقيدة تثبيت وإعادة
إنتاج الانقسامات والخصومات
الدينية والمذهبية. الدولة
هامشية أو غائبة تماما. ومثلها
الرابطة الوطنية، السورية في
سياقنا هذا. وتفحص نصوص تنسب
نفسها إلى هذا الضرب من
العلمانية، وهي وفيرة منذ
اليوم، لا يترك مجالا للشك في
ذلك. وعلى هذا النحو، بدل أن ينشغل التفكير
والنشاط العلمانيين بمسألة
الفصل بين الدين والدولة ضمانا
للمساواة بين المختلفين دينيا،
ينقاد، عبر الفصل بين العلمانية
والدولة، والوصل الحصري لمفهوم
العلمانية بالدين، إلى تعزيز
الطائفية. لماذا هذا خطير جدا؟ لأن الطائفية حاملة
إمكانيا على الدوام لانقسام
البلد المبتلى بها إلى كيانات
دينية صافية أو يغريها الصفاء
الديني. وبقدر ما إن العلمانية
الأمية تعرف العلمانية بدلالة
الدين حصرا، وتمارسها كسياسة
مناهضة الإسلاميين حصرا، فإنها
لا توفر أية موانع ضد الانقسام.
فإذا تحقق فصل الدين (الإسلام)
عن الدولة بهذه الطريقة، كان
ذلك غير مرفوض، كيلا نقول إنه
مرغوب وعز الطلب. [ 2 قد تسير المحاكمة الضمنية للعلماني
السوري النمطي على النحو التالي:
إن هناك "هجمة أصولية" تهدد
بأسلمة الحياة العامة، ما يوجب
الوقوف ضدها والتأكيد على
العلمانية. والحال إن أول ما
تخفق فيه هذه العقيدة المبسطة
هو فهم الجذور الاجتماعية
والفكرية والسياسية ل"الهجمة
الأصولية"، إن في طورها
السياسي العنفي القديم، أو
طورها الاجتماعي الثقافي
الراهن. لا نجد شيئا ذا قيمة عن
التمايزات الاجتماعية الجارية
بنشاط في المجتمع السوري (تتبلور
أكثر وأكثر "أمتان"،
معرفتان بلغة اجتماعية ثقافية)،
ولا حتى محاولات أو إدراكا
للحاجة إلى تتبع هذه التمايزات.
ولا نجد بالمثل شيئا مهما في وصف
الحياة الدينية أو تفكيرا نظريا
متجددا في الدين، هذا فوق
المثابرة العنيدة على إغفال
البعد السياسي للعمليات
الاجتماعية والثقافية في بلد
لطالما كان كل شيء فيه مشحونا
بالسياسة. هل هذا معقول؟ والإخفاق في الفهم هو منبع إخفاق أصحاب
أطروحة "الهجمة الأصولية"
في تطوير سياسة وطنية تعزل
الأصولية اجتماعيا وتعزز فرص
العلمنة. لماذا؟ بالضبط بسبب
الامتناع النظري والعملي عن وضع
المسألة في سياق عام، يربطها
بقضايا الديمقراطية والتنمية
والتعليم الوطني والحريات
العامة. ثمة إصرار غريب على عزل
مسألة الأصولية عن قضايا
السياسة والدولة والاقتصاد
والمجتمع والطبقات...، وعلى
جعلها وحدها قضية القضايا. كيف
لا يشجع ذلك في مجتمع هش
الاندماج على تمرير الطائفية من
وراء ستار مواجهة الأصولية؟
وأية ضمانة في أن لا يسوغ أيضا
ضربا من الهيمنة الطائفية (منطلقا
من رفض ضرب آخر لها) أو يشجع
الانقسام وتكون دول طائفية؟ هل
يكفي هنا الدفع بحسن النية في
شأن بالغ الحساسية، قلما تستقر
فيه النيات على حال، بخاصة حين
يعاند علمانيون عالمون ويصرون
على إدخال النيات في الحساب
السياسي (عزيز العظمة)؟ نتحفظ من
جهتنا على محاسبة النيات لأن
تعميم هذه المحاسبة (وهي لا تكون
شرعية إن لم تكن حقا عاما للجميع
في الشك في نيات الجميع) يقوض
السياسة من أصلها، فضلا عن كونه
غير موثوق معرفيا، وغير سليم
أخلاقيا. بدلا من ذلك نفضل
مناقشة الإشكاليات، وهي "نيات"
مفاهيمنا ومناهجنا، أو ما
تتضمنه هذه من رهانات غير ظاهرة
أو احتمالات واردة. ومن هذه
الرهانات والاحتمالات أن
العلمانية الأمية، المعرفة
بدلالة الدين وحده، تتواطأ مع
الهيمنة الطائفية، ومع ما هو
أسوأ منها. [ 3 يبدو فصل الأصولية عن قضايا الدولة
والاقتصاد والمجتمع.. وفصل
العلمانية عن قضايا
الديمقراطية والحريات والعدل
الاجتماعي مناسبا جدا لنخبة
السلطة. فبقدر ما تعتبر الدولة
إطارا سلبيا للصراع بين مبدأين:
"الإسلام" أو "الأصولية"
من جهة، و"الحداثة" و"العلمانية"
من جهة ثانية، سيجري تحييدها
سياسيا وتُخرَج من إطار السياسة
والتدبر البشري. ولن تقتصر
محصلة هذا الطرح على تعالي
الدولة وتطبيع الاستبداد، بل
بخاصة تعالي الأصولية ذاتها
واستحالة التقدم خطوة واحدة في
فهمها وفي سياستها. سوف تبدو
الأصولية قدرا ثابتا لا يتزحزح،
شيئا مبهما غير معقول ولا سبيل
إلى التخلص منه، ربما يكون
نابعا من صميم بنية مجتمعاتنا.
هذا فوق أننا سوف نحرم من الجهة
الأفضل تأهيلا لمقاومة
الأصولية، سياسيا وثقافيا
وقانونيا، أي الدولة ذاتها. بيد أن تعالي الأصولية على الفهم والعمل
علامة على فقر العقيدة
العلمانية، في الصيغتين
العالمة والأمية معا، أكثر من
أي شيء آخر. الواقع أن تثبتهما على تعريف العلمانية
بدلالة الدين يقودهما إلى
التخلي عن الطرح العلماني
المبدئي، هذا الذي يعرِّف
العلمانية بالدولة الوطنية
اللادينية أو المحايدة دينيا،
لمصلحة طرح تعبوي قصير النظر،
ربما يوفر للعلمانية قاعدة
اجتماعية مضمونة، لكن ليس قبل
أن تخسر روحها المضادة للطائفية.
المحصلة علمانية ظلامية، راسخة
في الأمية، تتعايش مع قصور
الدولة الوطنية الذي لا يتظاهر
تسلطا واستبدادا فقط، ولا
حرمانا من المساواة السياسية
والقانونية بين "المواطنين"
فقط، وإنما كذلك تراجعا
للاندماج الوطني وتبلورا أصلب
للتكوينات الطائفية. ومع تغييب
الإطار الوطني لطرح المشكلة
والتفكير فيها والعمل على
معالجتها، يجري تجنب أي نقاش
جدي حول بنية العلاقة بين
المجموعات الدينية والنظام
السياسي، ولا يطرح أي تساؤل
بصدد ما إذا كان هناك علاقة بين
صيغة الحكم المؤبد وبين تقاسم
السيادة بين الدين والدولة، ولا
يتمادى التفكير إلى أية أمداء
تاريخية تتجاوز الشريحة
الرقيقة من الراهن العابر. ولما
كان الإطار الوطني هو السند
الإيجابي الوحيد لتجاوز
الانقسامات الدينية والمذهبية،
تبدى لنا بمزيد من الجلاء لماذا
تشكل هذه المقاربة العلمانية
المزعومة مساهمة سخية في سد
آفاقنا السياسية والفكرية، وفي
ترسيخ (لا في حلحلة) الاستقطاب
الجامد بين "الأصولية" و"الاستبدادية".
وبالطبع في الحيلولة دون أي
تراكم فكري أو قيمي حداثي حقيقي.
[ 4 لكن ما الذي يدفع علمانيين عالمين، لهم
أثر عظيم غير مشكور في انتشار
هذه الصيغة المبتذلة من
العلمانية، إلى الإصرار على
تعريف هذه بدلالة الدين حصرا؟
أليس هذا تقليصا مفرطا
للعلمانية؟ وهل يخفى أن هذا
الطرح لا يحمل أية ضمانات ضد
توظيفه تعبويا في معركة
إيديولوجية يحتمل جدا أن يغلب
الخاص والفئوي فيها على العام
والوطني؟ وكيف يفوتهم أنه يفضي
إلى تدعيم الطائفية حين تكون
البنية الوطنية للدولة هشة،
والمجتمع منقسما، والهويات
الفئوية نشطة أو سهلة التنشيط؟
أليست هذه حصيلة مرجحة حين يفصل
الصراع ضد الدين السياسي عن
سياق بناء الدولة الوطنية؟ ما
الذي يحول في هذه الحالة دون
انزلاقه إلى صراع أديان ضد
أديان أو مذاهب ضد مذاهب؟ الأمر يتصل باعتقادي بالشروط المحلية
والدولية لعمل النخبة
وللانتماء إليها في ربع القرن
الأخير، وبخاصة بعد 11 أيلول 2001.
العلمانية الأمية طبق رئيسي على
مائدة ثقافة ما بعد 11 أيلول، بل
يكاد يكون الوجبة كلها. والطلب
المحلي والدولي على صيغها
العالمة لا يشكو من الفتور. على أن السؤال الأهم يتصل بكيفية إبعاد
العلمانية من هذا التوظيف
المغرض الذي يقلبها ضد نفسها،
وإعادة ربطها بقضية البناء
الوطني. هذا ضروري لأنه وحده
يتيح مقاومة فعالة على المدى
الأبعد لأسلمة المجال العام،
فيما تتعايش العلمانية الأمية (الطائفية)
واقعيا مع الأسلمة، بل تتطفل
عليها فتنموان معا. مزيد من هذه
يقود إلى مزيد من تلك، خلافا لما
يفضل أن يعتقد عموم العلمانيين
الأميين (والعالمين). التفكير في محو أمية العلمانية وإدراجها
في سياق عملية بناء الدولة
الوطنية ضروري أيضا في مواجهة
الرفض التام للعلمانية على يد
إسلاميين، أشد منازعة بعد لمبدأ
الدولة الوطنية المحتكرة
للسيادة. في أحسن أحوالها
الدولة الإسلامية دولة مِلل (في
أسوئها دولة تفرض "الإسلام"
على محكوميها)، لكن فصل
العلمانية عن الدولة على غرار
ما تفعل العلمانية الأمية لا
يفضي إلى شيء مختلف كثيرا: دولة
استبدادية فوقية تهيمن على
مجتمع أهلي مجزأ، تتفوق
التفاعلات الداخلية لكل مجموعة
فيه (جهوية أو قرابية أو دينية
أو لغوية..) على تفاعلاتها مع
غيرها، وتخضع تفاعلاتها
الأخيرة لرقابة المركز السياسي
المتعالي. قد لا يكون الاستبداد
تولد من هذه الصيغة، لكنها
كفيلة بتوليده ودوامه، ولا سبيل
إلى التخلص منه دون التخلص منها.
[ 5 العلمانية الأمية مؤهلة لأن تكون اليوم
الإيديولوجية العضوية
للبرجوازية الجديدة في سوريا،
الطبقة التي تكونت في الربع
الأخير من القرن العشرين من
محاسيب النظام وزبائنه وأهل
ثقته، والتي لها الكلمة العليا
اليوم في الاقتصاد والإعلام،
والثقافة، فضلا عن السياسة
والدولة. عمى العلمانية الأمية
عن الدولة مناسب لطبقة نشأت في
كنف الدولة، ولا تستطيع قطع حبل
سرتها عن النظام ومشاريعه
وعقوده وامتيازاته..؛ أما تركز
بصر العلمانية هذه على مخاطر
"الإسلام السياسي" فمناسب
لتلك الطبقة أيضا لأنه المنافس
الأقوى ل"الدولة"، وفي بعض
صيغه هو خصم طبيعي لنمط حياة
البرجوازية الجديدة الامتيازية
هذه. أرجح أخيرا أن العلمانية
الأمية هي الإيديولوجية
المناسبة للمركب السياسي
الأمني السوري الذي يختزن في
صميم تكوينه خبرة الصراع مع
الإسلاميين، أو الذي يشكل هذا
الصراع تجربته المكوِّنة. [ 6 مؤدى هذا التحليل أن إنقاذ مبدأ
العلمانية وفرصها العملية
يقتضي نقد العلمانية العالمة
الشائعة (وفيها خطوط أمية وفيرة)،
وبالطبع نقد الإسلامية التي
تجعل الدين سياسة والسياسة
دينا، ولكن أيضا وأساسا نقد
التشكل الراهن للدولة، بالخصوص
قصورها في مجال احتكار السيادة
ونزعها من يد من التشكيلات
الدينية والأهلية، وتفضيلها
سلطة مؤبدة على سيادة موحدة. حجر
الزاوية في النقد هو مفهوم
الدولة الوطنية السيدة،
الدامِجة، الموحِّدة، الضامنة
للمساواة. -============================= الأحد ,06/12/2009 الخليج حسن عباس لقد بات ملاذ الإرهابيين في إقليم
وزيرستان الجنوبي الواقع على
حدود باكستان القَبَلية مع
أفغانستان قاب قوسين أو أدنى من
التفكك والانهيار . لا شك أن
الأمر استغرق بعض الوقت حتى
تمكن الجيش الباكستاني من
التحرك ضد العنف والفوضى
المتصاعدين في الإقليم، ولكن
حملته في وزيرستان الجنوبية
تحرز تقدماً ملموساً الآن . التأثير المباشر لهذه الحملة يتمثل في
تصميم باكستان على ترسيخ سلطتها
في المنطقة . لكن الفرصة المتاحة
للقوات العسكرية لسد فراغ
السلطة لن تظل متاحة إلا لفترة
وجيزة . فقد أظهر الإرهابيون من
قبل قدرتهم على تلقي الضربات،
ثم الرد، بل وحتى إعادة بناء
شبكاتهم . النجاح في وزيرستان الجنوبية لا يشكل سوى
نقطة انطلاق للتعامل مع المشكلة
. ذلك بأن المحاور المسلحة
منتشرة عبر المناطق القبلية ذات
الكثافة السكانية الخفيفة، بما
في ذلك مناطق وزيرستان
الشمالية، وأوراكزاي، وموهماند
. فضلاً عن ذلك، انتشرت النزعة
القتالية العنيفة الآن إلى
باكستان بالكامل . فالآن تشهد
منطقة جنوب البنجاب نمواً
سريعاً في عدد المتعصبين
دينياً، واستئصال جذور المشكلة
هناك يشكل تحدياً أعظم كثيراً
من العمل في المناطق القبلية
البشتونية . وتنعكس الأزمة الأمنية العميقة التي
تواجهها باكستان عبر الحدود إلى
أفغانستان، وهو ما يعد نموذجاً
لما لا ينبغي أن يحدث . فلم
تستغرق حركة طالبان الأفغانية،
التي أطيح بها من السلطة واجتثت
من البلاد بنهاية عام ،2001 سوى
بضع سنوات حتى تمكنت من إحياء
نفسها، ويرجع ذلك إلى فشل أو
تقاعس الحكومة الأفغانية
وأنصارها الدوليين عن إعادة
بناء البلاد ودعم استقرارها . كان العامل الحاسم في إحياء حركة طالبان
هو الملاذ الآمن الذي وجدته في
المناطق النائية الواقعة على
الحدود الباكستانية الأفغانية،
والدعم الذي استمرت في تلقيه من
قِبَل عناصر من داخل باكستان .
ولكن في هذه المرة، ومع طرد
طالبان الأفغانية من باكستان،
فلابد أن تكون قوات حلف شمال
الأطلنطي والقوات الأفغانية
على أتم استعداد للتعامل معها . بينما تراقب الولايات المتحدة
وأفغانستان والهند القتال
الدائر في باكستان، فإنها تتوقع
من الجيش الباكستاني أن يتعامل
مع كل من طالبان الأفغانية
والمقاتلين الباكستانيين، ولكن
الآلاف من المقاتلين منتشرون في
المناطق القبلية البشتونية في
باكستان، ويركز العديد منهم على
العمليات في أفغانستان . وتشير
تحركات المتطرفين عبر الحدود
إلى أهمية التعاون الدولي . في كل مرحلة من مراحل الصراع المطول الذي
جلب الولايات المتحدة إلى
المنطقة، كان الباكستانيون
يسعون إلى الحد من النفوذ
الهندي في أفغانستان . والواقع
أن نفوذ الهند المتزايد
واستثماراتها المتنامية في
أفغانستان تشكل مصدر انزعاج
واضح لأجهزة الأمن الوطنية
الباكستانية . وفي النهاية فإن
ديناميكية السياسات الأفغانية
سوف تحدد مصير أفغانستان . ولكن
الجهود التعاونية من جانب الهند
وباكستان في دعم استقرار البلاد
قد تصنع المعجزات . لابد وأن تكون باكستان قادرة على التركيز
داخلياً على مستقبلها . والواقع
أن باكستان المعسرة مالياً
والمشلولة سياسياً تحتاج إلى
المساعدة الدولية حتى تتمكن من
جلب التنمية إلى مناطقها
القَبَلية المحررة والأمل إلى
الشباب 65% من تعداد سكان باكستان
الذين يعيشون هناك . أما عن
الهند فإن الاستقرار في باكستان
وأفغانستان من شأنه أن ييسر من
اكتسابها مكانة القوة
الاقتصادية العالمية العظمى .
وكل من البلدين لابد أن ينتهز
فرصة التعاون التي تتيحها حملة
الجيش الباكستاني ضد المقاتلين
المسلحين في وزيرستان . ------ كبير مستشاري مركز “بِلفر” التابع لكلية
كينيدي للعلوم الحكومية بجامعة
هارفارد، والنص ينشر بترتيب مع
“بروجيكت سنديكيت” هارفارد،
والنص ينشر بترتيب مع “بروجيكت
سنديكيت” -============================= آخر تحديث:الأحد ,06/12/2009 الخليج سليمان
تقي الدين هل يمكن إيجاد عنوان مشترك بين المشكلات
والأزمات التي تعاني منها
الكثير من الدول العربية، أم
أننا نبالغ حين نفترض أن العالم
العربي لديه قضايا مشتركة؟ أليس
لكل دولة خصوصيتها ولكل مجتمع
تكوينه الخاص؟ في ظاهر الحال
على الأقل، تختلف طبيعة
المشكلات والتحديات والأولويات
. لا تشبه فلسطين العراق واليمن
والسودان والصومال ولبنان، ولا
طبعاً الأزمة المالية في الخليج
تشبه الأزمات الاقتصادية
والاجتماعية في مصر وبلاد
المغرب العربي . أما التحدي
الصهيوني لدول المشرق العربي
فليس هو نفسه لبقية الدول
والتحدي الإيراني لدول الخليج
يختلف عن الدول الأخرى . لكن الحقيقة أن العالم كله يتفاعل بصورة
يصعب معها عزل وفصل المشكلات .
أما الشرق الأوسط بالذات والمدى
الآسيوي الأوسع وضمناً الشمال
الإفريقي، فهو الميدان الأكثر
انفعالاً بتداعيات النظام
العالمي الجديد والسعي الغربي
إلى إعادة تشكيله على نحو يضمن
مصالح هذا الغرب كما يتصورها . ليس بالضرورة أن نكون من أصحاب نظرية
المؤامرة بالمعنى التبسيطي
الذي يرى في كل حادث تعبيراً عن
مخطط مرسوم ينفذ بعناية من جهة
تقرر مصير هذا الكوكب . لكن
المؤكد أن العولمة تقوم على
مركز وأطراف وعلى موقع مهيمن في
الاقتصاد والسياسة والأمن، وهو
الذي يؤطر الظاهرات الجزئية
التي تحصل هنا أو هناك، أو هي
تشكل تداعيات أو ترجمات لمراكز
القرار الكبرى ومصالحها . السياسات الدولية لا تخلق كل المعطيات
والوقائع، ولكنها بصورة أساسية
تستخدمها وتقدم على تطويرها أو
تفعيلها أو تحويرها . ليس هناك من مهندس عالمي يستطيع أن يقرر
وحده مصائر الدول والشعوب، لأنه
ليس الوحيد على المسرح . في
قراءة ما جرى خلال العقد الأخير
يؤكد هذه الحقيقة . مشروع الشرق
الأوسط الجديد لم يحقق أهدافه
ولم ينجح في إقامة منظومة
سياسية جديدة لها مرتكزاتها
الأمنية والاقتصادية . لكن ذلك
لا يعني أن من حاول رسم هذا
النظام قد تراجع عن الأهداف
الكبرى له . تبقى السياسة في
جميع الأحوال خاضعة لموازين
القوى وهي تتحرك بين خطوطها . لا نستطيع اليوم القول إن مواجهة واحدة قد
حسمت الأمور، وإن ساحة واحدة
غيرت مجرى السياسة الدولية، ما
زالت الصراعات الدولية مفتوحة
مع تبديل في الوسائل والأدوات . العالم العربي كان ولا يزال هدفاً
حيوياً، بل مركزياً في أي مشروع
دولي . لم تبطل وظيفته هذه، بل
تتجدد لأنه قلب العالم القديم
ونقطة الدائرة في احتواء ما
تعنيه آسيا وإفريقيا للغرب من
ثروات وأسواق وثقافات . انتهت
الحرب الباردة في العالم وقد
كان الشرق الأوسط أبرز مسارحها،
لكن الغرب لم يتوقف عن السعي إلى
إخضاع المنطقة بالقوة مستخدماً
مبررات جديدة تحت عنوان الإرهاب
أو صراع الحضارات والثقافات . قد
لا تكون هذه الدولة أو تلك
مطلوبة لذاتها لكنها جزء من
منظومة إقليمية لا يمكن تجاهلها
. في المشروع الدولي، الشرق
الأوسط هو سلسلة مترابطة
الحلقات يقوم البعض منها بدور
سياسي أو أمني أو اقتصادي،
لكنها جميعها تشكل المنظومة
الإقليمية المترابطة . لذا يصعب
على أي دولة في المنطقة أن تخرج
نفسها من النزاعات الأخرى . لكل دولة عربية اليوم مشكلة مفتوحة على
حدودها، ومشكلة مفتوحة داخلها،
ما يضطر هذه الدول إلى التدخل
بعضها ببعض حفظاً لأمنها الوطني
. على الأقل هناك دوائر واقعية
الآن تجعل من سوريا محور
النزاعات الدائرة حولها، وكذلك
المملكة العربية السعودية ومصر
. لا تستطيع مصر تجاهل مشكلة
فلسطين ولا دول مجرى النيل، ولا
السعودية ما يجري في العراق
واليمن . ولا سوريا ما يجري في
لبنان وفلسطين والعراق والأردن
. وليس مغالياً القول إن الفوضى
الإقليمية التي بدأت لحظة
الاحتلال الأمريكي لأفغانستان
تطرح تحديات تشترك فيها تركيا
وباكستان وروسيا والصين
وإيران، وإن ترابط الأزمات يفرض
نفسه أمنياً وسياسياً قبل أن
نتحدث عن الأزمة المالية
العالمية وتأثيرها في كل مكان
من العالم . طبعاً يكاد المغرب
العربي يغرق بمشكلاته الداخلية
والحدودية الصغيرة، لكن المشرق
العربي دخل في أزمات كيانية مع
تحديات الأمن الوافدة من دول
الجوار، ومع انتشار حركات
التطرف والعنف ومع انبعاث
الهويات الفئوية التي تطرح
نفسها بديلاً عن الدولة
القُطرية الحالية . هكذا صارت الحدود السياسية لأي دولة
عربية تقع عند خط المشكلات التي
تؤثر في مستقبل كيانها
وشرعيتها، فلا تستطيع دولة
كالمملكة السعودية أن تتجاهل
الأزمة اللبنانية ولو من مسافة
بعيدة . ولا تستطيع سوريا أن
تتجاهل أزمة اليمن أو سواها . بل
إن أزمة مالية تقع في دولة عربية
تؤثر في العمالة العربية
والاستثمار وتؤثر في احتمالات
انتهاج سياسات عربية تجاه
التطورات الإقليمية والدولية . قد يفيد هذا التحليل في الاستنتاج أن
النظام الإقليمي يحتاج إلى
معالجة أبعد من حدود العالم
العربي، وهذه حقيقة مؤكدة . فلا
يمكن ضمان أمن الخليج بمعزل عن
الاستقرار في باكستان، أو ضمان
أمن سوريا بمعزل عن الاستقرار
في تركيا . ومن الضرورة بمكان
تطوير العلاقات بدول الجوار من
منظور الأمن والاقتصاد . لكن
الحقيقة البديهية أن العالم
العربي هو الدائرة الوسطى التي
تضغط عليها الدول المجاورة، وهو
بحاجة إلى تطوير سياسات التعاون
والتكامل ولو في الحد الأدنى من
الشمال الإفريقي، إلى الخليج،
إلى المشرق أو بلاد الشام . ولن
يقوم تعاون عربي جدي ومثمر ما لم
يحصل تأسيس لتفاعل اقتصادي عميق
يسهم في ردم الهوة والاختلالات
والتشوهات في الاقتصاد العربي . إن بعض مظاهر الأزمات المالية هنا أو هناك
مردها الاستثمار الرأسي
الموضعي المقيّد بأسواق محدودة
وغير المنفتح على احتمالات
التوسع في المدى الإقليمي
والعربي تحديداً . ومن مظاهر
الخلل أن يكون لبنان المأزوم
اقتصادياً يحظى بحجم كبير من
الودائع لكن ليس لهذه الودائع
من استثمارات سوى في السوق
العقاري، الذي بدأ يشي بتطورات
سلبية على القضايا الاجتماعية .
هناك مدن في العالم العربي
للتجارة والخدمات من دون مدن
صناعية . هناك مدن فاحشة الثراء
وسط بيئات اجتماعية محيطة فقيرة
. من هذه المناخات تولد الكثير
من المشكلات الاجتماعية التي
تتحول إلى مشكلات سياسية داخل
كل بلد وبين البلدان العربية،
ويصبح الانقسام أو الاختلاف
السياسي السطحي أحياناً مدعاة
لتطوير لغة عدائية بين شعوب
لديها مصالح وهموم مشتركة . -============================= جائزة نوبل لأوباما:
للسلم أم لمزيد من الحروب؟ الأحد, 06 ديسيمبر 2009 عادل مالك * الحياة الرئيس اللبناني ميشال سليمان يزور
واشنطن وتحدد موعد لقائه الرئيس
باراك أوباما في البيت الأبيض
يوم الرابع عشر من كانون الأول (ديسمبر)
الحالي. وفي البيان الصادر حول
الزيارة، ورد ما حرفيته: «إن
الرئيس أوباما يتطلع الى
التشاور مع الرئيس سليمان في
شأن طيف واسع من القضايا ذات
الاهتمام المشترك بما في ذلك
الجهود الرامية الى تقوية
العلاقات الثنائية بين
الولايات المتحدة ولبنان،
وتحقيق سلام إقليمي شامل وتطبيق
قرارات مجلس الأمن ذات الصلة». وفي البيان الأميركي كلمات واضحة وعبارات
أخرى مطاطية. فالمفهوم من
البيان إشارته الى أن الرئيس
أوباما يتطلع للتشاور مع الرئيس
سليمان في شأن «طيف واسع» من
القضايا ذات الاهتمام المشترك. لكن في تعبير لاحق إشارة الى «تحقيق سلام
إقليمي شامل»، وهذا يعني
بالمفهوم الأميركي الطلب من
لبنان الدخول في مفاوضات مباشرة
مع إسرائيل، وسبق لأكثر من موفد
أميركي أن نقل الموقف نفسه الى
الرئيس ميشال سليمان وكان جوابه
دائماً: «إن لبنان لا يمكن أن
يدخل في مفاوضات مع إسرائيل في
هذه المرحلة والاحتلال
الإسرائيلي ما زال جاثماً على
مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وجزء
من قرية الغجر». واستناداً الى معلومات عن تحركات الوسيط
الأميركي السناتور جورج ميتشل
انه يطرح بند التفاوض مع
إسرائيل كأولوية «مطلقة ومميزة»
من أجل إنعاش عملية السلام
العربية - الإسرائيلية على كل
المسارات الفلسطينية والسورية
واللبنانية كافة. ويستخدم ميتشل بعض التعابير الواردة في
مبادرة السلام العربية ومنها
التطبيع مع إسرائيل. وفي هذا
الأسلوب يعتمد الموفد الأميركي
قراءة نص المبادرة العربية من
سطورها الأخيرة والتي تدعو الى
إقامة علاقة طبيعية مع إسرائيل
ولكن بعد انسحابها من كل
الأراضي المحتلة الى ما بعد
خطوط حزيران (يونيو) 1967. لكن
الأولوية بالنسبة الى الإدارة
الأميركية تذهب الى البدء
بتطبيع العلاقات العربية –
الإسرائيلية، وبقية التفاصيل
تأتي لاحقاً. وفيما تركز إدارة أوباما على إحداث «اختراق
ما» في عملية السلام في الشرق
الأوسط، تجد نفسها متخذة مواقف
لتوسيع دائرة الحروب، والمثال
الصارخ على ذلك إعلان أوباما عن
إرسال ما يزيد على ثلاثين ألف
جندي أميركي الى أفغانستان خلال
الأشهر الستة المقبلة، وهذا
يعني أن أوباما ضاعف عديد
القوات الأميركية في أفغانستان
الى مئة ألف جندي وضابط، وكان
هذا العدد استقر على خمسة
وثلاثين ألف جندي منذ أن تولى
سلطاته الدستورية قبل عام
تقريباً. وهذا يعني في جملة ما
يعني إضافة مليون دولار مقابل
كل جندي يرسل الى أفغانستان،
ومع التركيز على زيادة عدد
القوات تحت شعار محاربة
الإرهاب، فهو في ذلك يقتفي آثار
سلفه غير الصالح جورج دبليو بوش. وفيما يخشى كثيرون أن يؤدي القرار الأخير
الى الغوص أكثر فأكثر في
المستنقع الأفغاني يتلاقى
القرار مع التقارير الواردة من
القادة العسكريين في الميدان
والتي تحذّر من «استحالة
الانتصار» على مقاتلي حركة «طالبان»
وأن الحل الأفضل يكون بالتوجه
الى الحوار. وهو الأمر الذي رفضه
الملا محمد عمر باسم مقاتلي «طالبان»،
الأمر الذي يعني مواصلة «الإرهاب
الأفغاني» وإرغام القوات
الأميركية والبريطانية والقوى
الأخرى المشاركة على الانسحاب. وفي معرض تبريره لاتخاذ القرار الأخير،
يقول الرئيس أوباما... «نحن في
أفغانستان لمنع سرطان من
الانتشار في تلك البلاد. لكن هذا
السرطان نفسه تجذر في المنطقة
الحدودية لباكستان ولهذا نحن في
حاجة الى استراتيجية تنشط على
جانبي الحدود حيث مركز التطرف
العنيف الذي تمارسه «القاعدة»
ومن هناك تم التخطيط لمهاجمتنا
في 11 أيلول (سبتمبر) عام 2001، ومن
هناك لا تزال تدار المؤامرات
لضربنا في الوقت الذي أخاطبكم
الآن». ولم يتأخر رد فعل القادة
في الميدان إذ بعث قائد القوات
الأميركية الجنرال ستانلي
ماكريستال بتقرير جاء فيه: «باختصار...
إن الوضع القائم لا يمكن قبوله»! ما هي البدائل المتاحة أمام واشنطن في
أفغانستان؟ لائحة البدائل صغيرة جداً وهي تحتوي على
بند واحد: تسليم الأمن الى القوى
الأفغانية، والعمل على تأمين «الانسحاب
الآمن والمشرّف» وقد تمتد هذه
الفترة الى عام 2015. وفي سعي منه الى توسيع دائرة القوى
المتحالفة مع القوات
الأميركية، يقول الرئيس أوباما...
«إن الحرب الجارية في أفغانستان
ليست حرب أميركا فحسب، لذا على
سائر دول حلف الأطلسي إرسال
المزيد من قوات لحفظ السلام». ومع توجه المأزق الأفغاني الى مزيد من
التعقيد، يبدو بجلاء أن الوهج
الذي صاحب انتخاب باراك حسين
أوباما كأول رئيس – من أصل
أفريقي – للولايات المتحدة،
بدأ ينحسر تدريجاً على رغم
نتائج الاستطلاع الأخير للرأي
العام في أميركا والتي أوضحت أن
27 في المئة من الأميركيين
يؤيدون إرسال قوات إضافية الى
أفغانستان مقابل 59 في المئة من
الحزب الديموقراطي، حزب
الرئيس، يعارضون الإقدام على
هذه الخطوة. ومع ذهاب القوات الأميركية الى أفغانستان
والذي سيؤدي حتماً الى المزيد
من التورط يرفض أوباما مقارنته
بحرب فيتنام، يطرح سؤال كبير: ما العلاقة بين هذه المواقف التصعيدية
وجائزة نوبل للسلام التي حصل
عليها أوباما، والتي قوبلت
بالكثير من الاستغراب الى حد
الدهشة؟ فجائزة «نوبل للسلام»
تمنح في العادة لمن أسهم في
إنقاذ العالم من ويلات الحروب،
وأدت توجهاته الى مزيد من
السلم، فعلى أي أساس تمّ اختيار
أوباما لنيل جائزة هذا العام؟ وعندما أعلن نبأ الجائزة تساءَلنا حول
الأسباب الموجبة لهذا الاختيار
وافترضنا أنها من نوع «نوبل
الاستباقية» على أساس الطروحات
التي قدّمها أوباما في الكثير
من الخطب التي ألقاها، مشدداً
على منح الحوار الأولوية
المطلقة قبل التفكير في خيارات
أخرى. كما اعتبرنا في حينه منح
الجائزة وكأنه محاولة لإلزام
الرئيس الأميركي بالطروحات
السلمية أكثر من التركيز على
توسيع دائرة الحروب من
أفغانستان الى باكستان، الى
إيران، ربما، وإلى مناطق أخرى
في هذا العالم. ولا شك في أنه عندما يتسلّم الرئيس
الأميركي جائزته بعد أيام سيعاد
طرح المزيد من الأسئلة حول مدى «صدقية»
هذه الجائزة ومدى ملاءمتها مع
مَن يستحقها. حتى لا يبلغ الوضع
مرحلة المطالبة ب «حجب» جائزة
نوبل للسلام عن الرئيس باراك
أوباما. ولأننا لا نعيش في عالم معزول، بل في عالم
مترابط يتأثر بترددات السلم
والحرب، ومن ضمن هذا التصور
البديهي ستبقى العيون موجهة الى
المنطقة برمالها الشديدة
التحرك والتأثيرات المباشرة
وغير المباشرة. ولأننا نكتب من
بيروت لا بد من الإشارة الى
الإنجازات الإيجابية التي
شهدها لبنان في الأيام الأخيرة
من مصالحات بين بعض الأنداد
السياسيين، الأمر الذي يجب أن
ينعكس أمناً واستقراراً على
الوضع اللبناني العام، مع الثقة
القياسية العريضة التي ستحصل
عليها حكومة الرئيس سعد الحريري. هذا لا يعني أن مشاكل لبنان انتهت لكن
الفترة الحالية تستوجب التركيز
على ملامح ومواصفات الوفاق بين
اللبنانيين على اختلاف
انتماءاتهم وتوجهاتهم، وسط
أجواء إقليمية اكثر ارتياحاً
وأقل تشنجاً للمرة الأولى منذ
السنوات الخمس الأخيرة. إن دقة وحساسية المرحلة تحتمان على
اللبنانيين جميعاً اغتنام
الفرصة السانحة إقليمياً
ودولياً، وألا يتوقعوا من
الآخرين أن يقوموا بالأدوار
المناطة بهم. فما من أحد يقوم
مقام الآخر، ويكفي لبنان دفع
الأثمان الباهظة عن حروبه
الداخلية بقطع النظر عن فكرة «المؤامرة».
إذ لا يمكن لمؤامرة خارجية أن
تمر إذا كان الداخل اللبناني
متماسكاً بما فيه الكفاية في
سبيل استرداد عصر كان لبنان فيه
رائداً ومبادراً، فإذا بالحروب
تلقي به في غياهب التخلّف
والتشرذم من كل لون ونوع. * كاتب وإعلامي لبناني -============================= الأحد, 06 ديسيمبر 2009 داود الشريان الحياة ازدهرت السياحة في لبنان خلال إجازة عيد
الأضحى، واستقبل البلد عشرات
الآلاف من المغتربين
اللبنانيين والسعوديين وغيرهم
من الخليجيين، وساعدت أجواء
لبنان الربيعية، انتعاش الحركة
في أرجاء المناطق اللبنانية
كافة. لكن البلد الذي عُرِف
بقدرته على التعامل مع
المناسبات والمواسم السياحية،
لم يعد كذلك، والضعف لم يقتصر
على زحمة السير التي جعلت
الانتقال من منطقة الى أخرى
مشقة، تفوق مثيلاتها في موسم
الحج. حتى مطار بيروت بات يغار
من بعض المطارات العربية
المتواضعة، فأصبحتَ ترى بعض
رجال الأمن يتصرف كموظف علاقات
عامة في شركة سياحية، ناهيك عن
الطوابير، وغياب التنظيم،
وتفشي المحسوبية. اللافت في لبنان اليوم أسعار العقارات،
فسعر المتر خارج بيروت والجبل
يبدأ من 1600 دولار، وفي مشاريع
جديدة بدأت لتوها داخل بيروت
وفي الضواحي القريبة أصبح السعر
يبدأ من بضعة آلاف، حتى وصل في
بعض المشاريع الى 12 ألف دولار.
وإذا استمر الاستقرار السياسي،
فإن متوسطي الدخول من
اللبنانيين سيعجزون عن الحصول
على سكن في المستقبل، وربما
واجه لبنان أزمة حقيقية، فالوضع
العقاري في هذا البلد الفقير
يشهد حالاً تشبه تلك التي مرت
بها دبي. على رغم ضعف الخدمات وترهلها بسبب الأزمة
التي مر بها لبنان، وعلى رغم
زيادة تكاليف المعيشة التي بات
المواطن البسيط يدفع ثمنها، يرى
المتفائل من اللبنانيين ان
حيوية البلد، واستمرار
الاستقرار السياسي، وتدفق رؤوس
الأموال الخليجية في المرحلة
المقبلة، يمكن أن تعيد تصحيح
الوضع. لكن المشكلة الحقيقية
تكمن في مزاج البلد، إذ إن
الحديث عن الطائفية السياسية
الذي يجد رواجاً هذه الأيام في
خطاب السياسيين اللبنانيين،
بات تفصيلاً بسيطاً وسط الأزمة
الطائفية العميقة التي يعيشها
اللبنانيون اليوم. أصبح سائق سيارة الأجرة يعلن لك عن طائفته
قبل أن يسألك عن وجهتك، وامتدت
الحال الى الطبقة المتعلمة،
وتحولت الطائفية من قضية سياسية
الى أزمة اجتماعية حقيقية، ولا
أبالغ لو قلت إن اللبنانيين
يعيشون أزمة طائفية ومذهبية لم
يشهدها لبنان حتى أيام الحرب
الأهلية، فاستبدل اللبنانيون
أحداث حرب 7 أيار وذكرياتها
الأليمة، بالحرب الأهلية
المفزعة، الى درجة أن السائح،
غير المهتم بالشأن السياسي في
البلد، أصبح يلمس هذا الاحتقان
الذي ينذر بعودة لبنان الى وضع
غير مطمئن. -============================= القدس.. وتجربة العيش
على أرصفة المنازل بلال الحسن الشرق الاوسط 6-12-2009 يندفع الإسرائيليون بشراهة للسيطرة على
مدينة القدس. يبالغون في
السرعة، ويبالغون في المطالب،
ويبالغون في الوسائل. كانوا
سابقا يستولون على الأرض،
وأصبحوا يسعون في مرحلة لاحقة
للاستيلاء على المباني، وها هم
الآن يبذلون جهدهم للاستيلاء
على الغرف. غرف المنازل وليس غرف
الفنادق أو القصور أو الفيلات.
ولا يجدون غضاضة في أن يدخلوا
إلى بيت ما، ثم إلى غرفة في ذلك
البيت، ويقولون: هذه الغرفة لنا.
وليس من المستغرب أن يقولوا إن
تلك الغرفة هي جزء من إسرائيل
التاريخية، وربما أضافوا إلى
ذلك القول بأن نبأها قد ورد في
التوراة، وتكون النتيجة،
عدوانية شرسة، وعنصرية ممجوجة،
وتطهيرا عرقيا يطبق فرديا،
وحرمانا لعائلة من السقف الذي
يؤويها. لقد تفنن الإسرائيليون في صياغة أساليب
الاستيلاء، الاستيلاء على أي
شيء كان، الأرض والشجر والبيوت
والغرف. الاستيلاء على السهل
والجبل والوادي والجرف.
استنبطوا نظريات الأراضي
الأمنية، وأراضي التدريب
والمناورات، وأراضي الحدائق،
وأراضي النفع العام. واخترعوا
نظريات الطرد بواسطة الضرائب (الأرنونا)،
حتى يستطيعوا الاستيلاء على
أسواق القدس دكانا دكانا. ويمكن لهذا التفنن الإسرائيلي أن يصاغ في
نظريات، وأن يدون في كراسات
وكتب، ولكن المعاناة الإنسانية
تنمو بعيدا عن الكراسات والكتب،
إنها تنمو على الأرصفة أمام
المنازل، فالعائلة الفلسطينية
تطرد من منزلها، فتقرر أن تسكن
الرصيف. تضع فراشا، وتبني خيمة،
وتسكن. ويأتي يوميا أفراد
العائلة الإسرائيلية، ليمروا
من جانب، أو ربما من فوق الأشخاص
المطرودين من منزلهم. يمرون من
دون أن يلقوا تحية الصباح، فلا
مكان في العلاقة العجيبة
القائمة بينهم لأي تحية. إن
المكان مفتوح فقط للوقاحة (هوتسباه)
من جهة، وللحقد من جهة أخرى. أمام هذه الصورة الإسرائيلية الوقحة،
وأمام أجزاء الصورة التي تعرضها
كل تلفزيونات العالم، عن
العائلة المطرودة من منزلها،
وعن العائلة التي دخلت لتسكن
مكانها، وعن العائلة التي أصبح
الرصيف موطنها، وعن العائلة
التي تأتي الشرطة الإسرائيلية
لتطردها من على الرصيف، ولتمنع
عنها آخر حق طبيعي لها، حق
الاحتجاج، ذلك أن الإسرائيلي
يريد ضحية مطواعة، لينة،
متفهمة، خفيضة الصوت، وإلا فإنه
يتهمها بالإرهاب. أمام هذه الصورة بكل هذه التفاصيل
المخيفة، بدأ الضمير الغربي
يتحرك. جاءت الحركة الأولى من
أقصى الشمال الأوروبي، من
السويد التي تترأس الآن الاتحاد
الأوروبي. قالت: لم يعد الصمت
ممكنا، إن ما يجري في القدس لا
يمكن قبوله لا سياسيا ولا
إنسانيا. إنهم يطردون السكان
بالعلن، وبالجملة، ويقولون إنه
لا دخل للعالم بذلك، فالقدس جزء
من إسرائيل، تم ضمها بعد أيام من
احتلالها عام 1967. ولم يلحظ
الإسرائيليون أبدا أنه لم يعترف
أحد في العالم (باستثناء أعضاء
الكونغرس الأميركي) بهذا القرار
الإسرائيلي. وتبين عبر موقف الاحتجاج السويدي، أن
القناصل الأوروبيين في القدس،
أعدوا تقريرا سريا، تسرب بعض ما
فيه إلى صحيفة «هآرتس»
الإسرائيلية، وجاء فيه أن
الحكومة الإسرائيلية وبالتعاون
مع بلدية القدس، تعملان بموجب «استراتيجية
ورؤيا»، تهدف إلى تغيير الميزان
الديموغرافي في المدينة، وإلى
عزل القدس الشرقية عن الضفة
الغربية. وذكر التقرير أن
الحكومة والبلدية تقدمان
المساعدات لجمعيات اليمين
الصهيوني المتطرف من أجل
السيطرة على المدينة، وتقدمان
المساعدات أيضا لمؤسسات خاصة
تعمل على امتلاك بيوت في
الأحياء العربية. وتحدث تقرير
القناصل عن التمييز الذي يجري
على الأرض ضد المواطنين
الفلسطينيين، وأبرز مظاهر
التمييز منع تقديم تراخيص بناء
للعرب، وتقديمها بكرم زائد
للمستوطنين، إذ بينما تحتاج
القدس إلى 1500 رخصة بناء سنويا،
تقدم إسرائيل لسكانها 200 رخصة
فقط. وبينما تبلغ نسبة سكان
القدس العرب 35% من السكان، تقدم
لهم البلدية 10% فقط من الميزانية
كخدمات. وهناك أمور كثيرة أخرى يمكن ذكرها، مثل
الحفريات التي تهدد المسجد
الأقصى، وإغلاق المؤسسات
الفلسطينية في المدينة، وتشجيع
عنف المستوطنين وحمايته من خلال
استنكاف الشرطة عن التدخل. ولكن
الحدث المباشر الذي دفع القناصل
للتحرك، كان إقدام إسرائيل على
سحب الهويات الزرقاء من 4577
مواطن مقدسي خلال هذا العام،
وهذا يعادل 21 ضعفا مما سحبته
سنويا منذ بدء الاحتلال عام 1967.
والهويات الزرقاء هي هويات «الإقامة»
التي تعطى لسكان القدس
الفلسطينيين وتتيح لهم الإقامة
والتنقل في المدينة. وبهذا
تتعامل إسرائيل مع سكان القدس
وكأنهم مهاجرون، وهي لا تعتبرهم
في القانون (مواطنين)، وإنما (مقيمين).
وحسب القانون الإسرائيلي تسحب
الإقامة إذا غادر المقيم
إسرائيل لمدة سبع سنوات، أو إذا
حصل على إقامة دائمة في دولة
أخرى. وهناك من يقول إن هذا الذي يجري في القدس
الآن، هو تعبير عن سياسة
نتنياهو اليمينية المتطرفة،
ولكن الصحف الإسرائيلية كشفت أن
التحضير لعملية سحب الهويات
بهذه الأعداد الكبيرة قد بدأ
أيام حكم حزب «كديما» (إيهود
أولمرت وتسيبي ليفني)، وأن وزير
الداخلية مئير شتريت، وهو من
حزب كديما، هو الذي قام بعملية
الفحص للأشخاص الذين يمكن سحب
هوياتهم. الأمر الذي يبرهن أن ما
يجري هو سياسة إسرائيلية
مستديمة، تنفذها أحزاب اليمين
والوسط واليسار، فهي كلها،
الأحزاب التي تستولي على
الأراضي، وتمول الاستيطان،
وتطرد السكان، وتعرقل أي نوع من
التسوية السياسية مع
الفلسطينيين والعرب، وتستعد
بعد ذلك لشن الحروب. وتبين بعد الإعلان عن تقرير القناصل في
القدس، أنهم وضعوا مجموعة
اقتراحات للتخفيف من وطأة
السياسة الإسرائيلية في
المدينة، ومواصلة التحرك
الأوروبي ضد تلك السياسة، ومن
نوع: الحرص على عقد اجتماعات مع
القادة الفلسطينيين في القدس.
والحرص على عدم عقد اجتماعات مع
المسؤولين الإسرائيليين هناك.
ورغم النوايا الطيبة التي تكمن
وراء مثل هذه الاقتراحات، إلا
أنها تبدو جزئية جدا، وهناك
حاجة إلى اقتراحات من نوع آخر،
أوروبية وفلسطينية أيضا. الاقتراحات المطلوبة من الأوروبيين لا بد
أن تشمل كل مناطق الاستيطان
الإسرائيلي، فكلها حسب القانون
(قانون الحروب
قانون اتفاقية جنيف الرابعة)
غير شرعية، ولم يعترف بها أحد في
العالم. وإذا كان منطلق الحديث
هو القدس وما يجري فيها،
فالمشروع الإسرائيلي في القدس
متعدد الجوانب، فهو يشمل تكبير
المدينة التي يراد السيطرة
عليها لتصبح منطقة كاملة تسمى (القدس
الكبرى). وهو يشمل أيضا
المستوطنات التي تم بناؤها حول
القدس لتطبق عليها، ولتغلق باب
التوسع الجغرافي على الأحياء
العربية، وتبقي باب التوسع
مفتوحا على الأحياء (المستوطنات)
الإسرائيلية. وهو يشمل أيضا ما
يسمى ب(الحوض المقدس) الذي يمتد
من القدس إلى القرى المجاورة
لها. وهو يشمل ما تحت الأرض، أرض
المسجد الأقصى بالذات، حيث تجرى
الحفريات بحثا عن هيكل لم يجد
أحد حجرا واحدا منه حتى الآن. كل
ذلك يجري في القدس، وفي القدس
الكبرى. وحين يتم استنكار ما
يجري في القدس، فلا بد بعد ذلك
من استنكار ما يجري في القدس
الكبرى. وهنا يأتي دور الاقتراحات المطلوبة من
الفلسطينيين، فلقد أصبح في حكم
المسلم به بالنسبة للمسؤول
الإسرائيلي، أن المفاوضات مع
الفلسطينيين ستتضمن بندا
يسمونه (تبادل الأراضي). وقد آن
الأوان لشن حملة سياسية
وإعلامية تقول إن فكرة (تبادل
الأراضي) قد تم التخلي عنها
فلسطينيا، لأن تبادل الأراضي
أصبح يعني على أرض الواقع،
التخلي عن مدينة القدس، أو قبول
إطباق المستوطنات الإسرائيلية
عليها. لقد تسرب مفهوم (تبادل
الأراضي) خلسة إلى أجواء
المفاوضات التي فشلت، وحين تم
الإعلان عن فشلها، سحبت كل
العروض من على الطاولة، وبقي
عرض فلسطيني واحد، تمسك به
الإسرائيليون وكأنه حقيقة مسلم
بها، وهو عرض تبادل الأراضي
الذي آن الأوان لإعلان التخلي
عنه عمليا ومبدئيا. وسيشكل مثل
هذا الموقف دعما فعليا للتحرك
الأوروبي «الخجول»، ولعله
يساعد على رفع مستواه. ===================== برهان غليون الإتحاد الاماراتية-02/ 12/ 2009 قلت في مقال سابق إن أي نخبة قائدة، مهما
كانت نوعيتها وطريقة تكوينها،
ومهما كانت خصوصيتها، أكانت
وثيقة الصلة بطبقة سائدة، كما
هو قائم في الولايات المتحدة
حيث تختلط عناصر النخبة القائدة
بطبقة رجال الأعمال وأصحاب
المشاريع الاقتصادية الحرة، أو
كانت ثمرة تكوين طبقة إدارية
وتكنوقراطية خاصة، عبر المدارس
والجامعات الحكومية الكبرى وما
تقدمه من فرص للحراك الاجتماعي،
على نحو ما هو في فرنسا... لا يمكن
أن تقوم بدورها وتحتل موقعها
القيادي ما لم تنجح أولا في
تأكيد استقلالها عن أصحاب
الملكية والثروة والمال،
وثانيا في استبطان معنى
المسؤولية العمومية تجاه
الدولة والمجتمع المرتبط بها.
ومتى ما ضعف هذان الشرطان،
أحدهما أو كلاهما، تراجعت
النخبة إلى مستوى الجماعة
الخاصة، وتذبذبت شروط ممارسة
السلطة وإدارة الدولة أيضاً، .
فالاستقلال عن الطبقة المالكة
هو شرط تحولها إلى نخبة عامة،
قادرة على تجاوز منطق المصالح
الخاصة واستيعاب منطق المصالح
الوطنية... وهو الذي يمكّنها من
أن تمثّل الكلية الاجتماعية،
وأن تحقق التواصل بين الأطراف
والتنسيق بين المصالح وبث
الانسجام والاتساق داخل النسق
الاجتماعي بأكمله. وفي غياب تلك الاستقلالية، وما تؤمنه من
مقدرة على التواصل والتنسيق
والاتساق بين المصالح
والأطراف، تفقد النخب القائدة
صفتها العمومية، وتتحول إلى طرف
يعمل في صراع مع الأطراف الأخرى
للاستحواذ على الموارد
والمنافع والامتيازات. لذلك فإنه حتى في المجتمعات التقليدية،
لم يكن من الممكن قيام دولة
وسلطة مستقرة وموحدة من دون
وجود نخبة متميزة عن أصحاب
الامتيازات والإقطاعات، متمتعة
بحد كبير من الشعور بالمسؤولية
تجاه وحدة النظام واستقرار
المجموع. وعلى درجة قوة هذه
النخبة السياسية والبيروقراطية
واستقرارها وحسن تكوينها، كان
يتوقف نفوذ الدولة وقوتها
وامتدادها. والمجتمعات التي لم
تنجح في تكوين نخب مستقلة نسبيا
هي التي عجزت عن الاحتفاظ
باستقلالها واضطرت إلى
الاندراج في الإمبراطوريات ذات
التقاليد البيروقراطية العريقة. وكما هو واضح الآن، لا يبدو أن في
المجتمعات العربية ديناميكية
قوية لتكوين نخبة قائدة بالمعنى
الفعلي للكلمة. ومع تفكك النخبة
السابقة وانهيار شروط تجديدها
بانهيار الحلم النهضوي
والتحديثي، فقدَ المجتمع أساس
التواصل والاتساق داخله وبين
أطرافه، ولم تظهر في المقابل
نخبة بديلة تحل محلها. ولا يمكن للحركات الإسلامية التي تنزع
إلى حشر الحداثة في قنوات
ومصطلحات العقائد والأفكار
الدينية أن تنتج مثل هذه
النخبة، مثلما أنها لا تستطيع
أن تحول الدين إلى بديل عن
المصالح الدنيوية. لا توجد
اليوم في الظاهر أي طبقة ذات
نزوع وطني شامل، ولا أي مشروع
دولة وطنية، ولا مقاومة ناجعة
تتماشى مع أجندة تاريخية واضحة
وقابلة للتحقيق. والفئات
الاجتماعية التي تتحكم
بالموارد المادية والرمزية، أو
تملك حق النفاذ إليها، تتحول -مع
غياب أي مشروع عام- إلى مجموعات
تتنازع فيما بينها ومع المجتمع
على المغانم. ورجال الأعمال،
مثلهم مثل التكنوقراطيين
والبيروقراطيين الذين يملكون
السلطة والمال، يعملون جميعا
حسب مبدأ "اضرب واهرب"، من
دون اهتمام يذكر بالمستقبل أو
بما يمكن تسميته المصالح
العامة، أي وحدة النظام العام
واتساق حركته وتفاعله وتنمية
قدراته الاستيعابية. ولأن شيئا لا يجمع في العمق بين النخب
المختلفة والمتعددة، المثقفة
والسياسية والتكنوقراطية
والمالية والإدارية وغيرها، لا
رؤية مشتركة، ولا أهدافا ولا
غايات ولا أساليب عمل واحدة... لا
يضمن وحدةَ النظام العام هنا
واستمرارَه سوى استخدام القوة
العنيفة المادية لفرض الانصياع
على النخب نفسها، وصيغة
ميكانيكية من القسمة وتوزيع
الغنائم حسب الولاءات
والانتماءات الخاصة، ونهج ديني
في فرض الرأي الواحد. فليس هناك
سوى القائد الملهم الذي يمكن أن
يعوض، بموهبته وذكائه وحنكته
السياسية، عن غياب الرؤية
المشتركة والغايات العامة.
فتكاد القيادة السياسية
والاجتماعية والفكرية والروحية
معاً تتطابق مع الزعيم الفرد
ولا تخرج عن شخصه. والقصد أن نشوء نخبة حية ونشيطة ومسؤولة،
شرطٌ أساسي لنشوء الدولة وتطور
نظام عام سياسي ومدني يحرر
المجتمع من العنف والانقسام
وعدم الاستقرار. فالنخبة تعني في النهاية وجود قيادة، بما
يتضمنه مفهوم القيادة من رؤية
موحدة، ومنظومة معايير تضبط
نشاط الأفراد في كل ميادين
العمل الجمعي، وأجندة تاريخية
تحدد الأولويات وتنظم مسيرة
المجتمع ككل. ومتى ما فقدت
النخبة السائدة هذه العناصر،
والأهلية التي تنتج عنها لقيادة
الشعوب، تحولت إلى طبقة خاصة،
وكفت عن أن تكون مصدر اتساق الكل
الاجتماعي الذي يُخضِع مصالح
جميع الأطراف، وفي مقدمها
النخبة القائدة نفسها، لمنطق
هذا الاتساق. من هنا افتقار
مجتمعاتنا إلى قاعدة عمل واضحة
في كل ميادين النشاط الجمعي،
الاقتصادي والسياسي والاجتماعي
والفني والأدبي معا. فهي غير
قادرة على ضبط حركتها والسيطرة
على نشاطها وترتيب أوضاعها من
ذاتها. وهذا ما يعطي للخارج أيضا
موقعه المتميز في تقديم نموذج
للتنظيم الداخلي ويفسر تدخل
الخارج المستمر في شؤوننا
واستيطانه في أذهاننا وعقولنا.
وهو ما يفسر أيضا استعدادنا
العميق لتلقف إنجازاته. فهو
وحده القادر اليوم، في شعورنا
العميق نحن أنفسنا، على تزويدنا
بمادئ تنظيمنا... بهذا المعنى أصبحنا أيضا مجتمعات من دون
ثقافة، أي من دون معايير وقيم
وقواعد عمل، نابعة منا ومستبطنة
في وعي أفرادنا. وبالمقابل أصبح
داخلنا مسرحا للقوى والعواطف
والتطلعات المتناقضة، لا وجود
فيه لأي قوة معنوية، أخلاقية أو
فكرية، ولا مجال للتفكير أو
العمل من منظار القيم أو
المبادئ أو الكلية الاجتماعية
أو المستقبل. أما النخب الجديدة
الصاعدة، فلا تزال، في الكثير
من الحالات والدول، مشاريع نخب
اجتماعية تقف في وجه تحققها
ونضوجها انقسامات وتناقضات،
موروثة ومكتسبة، لا يزال من
الصعب تصور الكيفية التي سيتم
بها التجاوز. ============================ بناء مجتمع المعرفة هو
اليوم التحدّي الأكبر! عبدالعزيز بن عثمان التويجري الحياة- السبت, 05 ديسيمبر 2009 تتكاثر التحدّيات التي تواجه العالمَ
الإسلاميَّ وتتعاظم المخاطر
الناتجة منها. ولكن التحدّي
الأكبر هو بناء مجتمع المعرفة،
على أساس متين من اقتصاديات
المعرفة، ومن خلال استراتيجيات
للمعرفة تكون خريطة الطريق أمام
دول العالم الإسلامي للولوج إلى
مجتمع المعلوميات الذي ينتج
المعرفة. إنَّ التطور الحثيث الذي تعرفه النظم
العلمية والتقانية الحديثة،
والتحوّلات المتسارعة التي
يشهدها الاقتصاد العالمي على
الكثير من الصعد، جعلا من
اقتصاديات المعرفة، مجالاً
علمياً جديداً، يفتح آفاقاً
واسعة أمام الحكومات والهيئات
المدنية المختلفة، للتغلب على
مشاكل اقتصادية عدة، تؤثر في
مسيرة التنمية الشاملة
المستدامة، سواء في الدول
المتقدمة اقتصادياً وصناعياً
وعلمياً، أو في الدول النامية
التي تتطلع إلى تجاوز أوضاعها
الاقتصادية الحالية وتبحث
لاقتصادياتها عن مزيدٍ من
الفعالية والتأثير الإيجابي في
حياة المواطن، خصوصاً في دول
العالم الإسلامي. وقد تعمق الاقتناع لدى العلماء والخبراء
من مختلف المذاهب الفكرية
والمدارس العلمية، بأن
الاقتصاد القائم على المعرفة هو
النقيض من الاقتصاد التقليدي
الذي لم يعد يتلاءم مع متغيرات
العصر، وليس في إمكانه أن يلبي
الاحتياجات المتزايدة
للمجتمعات الإنسانية، ولا هو
قادرٌ على كسر الحاجز الذي يحول
بين الدول النامية والولوج إلى
مجتمع المعرفة وبناء القوة
الاقتصادية. ولذلك كان عقد المؤتمر الدولي حول
اقتصاديات المعرفة في تونس خلال
الفترة من 1 إلى 3 كانون الأول (ديسمبر)
الجاري، بالتعاون بين المنظمة
الإسلامية للتربية والعلوم
والثقافة (إيسيسكو) والبنك
الدولي والحكومة التونسية،
وبرعاية الرئيس التونسي زين
العابدين بن عليّ، إحدى الوسائل
وأحد المداخل للتغلب على
المشاكل الناجمة عن جمود
الاقتصاد التقليدي، بحثاً عن
فرص جديدة للتنافسية وإيجاد
مناصب الشغل للأجيال الجديدة
التي من حقها أن تساهم في خدمة
التنمية في مجتمعاتها، وأن تعيش
حياة كريمة. إنَّ الخاصية الأساس للاقتصاديات
القائمة على المعرفة، بحسب رأي
الخبراء الدوليين، تكمن في
التنافسية العالية لتحقيق
نتائج أفضل على مستوى الحركية،
ونسج الشبكات، والتكوين،
والصدقية. وهذا هو التحدي
الكبير الذي يواجه الدول
النامية، والعالم الإسلامي
ضمنها، في هذه المرحلة التي
تتصاعد فيها وتيرة أزمة
الاقتصاد العالمي. وقد ناقش
مؤتمر تونس هذه القضية من
جوانبَ متعدّدة، وخلص إلى
نتائجَ مهمة سيكون من شأنها
الإسهام الفعال في فتح الأبواب
المغلقة، وإيجاد المناخ
الملائم لمعالجة المشكلات
المطروحة. ولا شك في أن الشعار
الذي اختير لهذا المؤتمر، وهو: «نحو
إحداث فرص العمل ورفع مستوى
التنافسية وتحقيق التنمية
المتوازنة»، يعبّر عن أحد
الأهداف الرئيسَة التي تعمل
الإيسيسكو والبنك الدولي على
تحقيقها. ذلك أن مفهوم (التنمية
المتوازنة) يشمل كل أبعاد
التنمية ومضامينها ومجالاتها،
نظراً إلى التكامل القائم بين
هذه كل الأبعاد. والتنمية المتوازنة هي «التنمية
المتكاملة»، وبعبارة جامعة
وأدق تعبيراً وأعمق دلالة، هي: «التنمية
الحضارية». وتأتي الأهداف التي
أنشئت الإيسيسكو من أجلها،
لتصبَّ كلها في قناة واحدة،
وللعمل على تحقيق التنمية
التربوية والعلمية والثقافية
للعالم الإسلامي. وتلك هي
العناصر الرئيسَة للتنمية
الاقتصادية والاجتماعية التي
تقوم على تطوير اقتصاديات كل
دولة من الدول الأعضاء حتى تكون
منتجة، ومثمرة، وصانعة للتقدم،
وبانية للمستقبل. إنَّ التحدّيات الكبرى التي تواجه دول
الجنوب، خصوصاً دول العالم
الإسلامي، تتطلب تضافر الجهود،
في إطار عمل جماعي تشاركي على
قدر كبير من التنسيق، للتعامل
المحكم مع تداعيات الأزمة
الاقتصادية العالمية
وانعكاساتها السلبية على هذه
الدول. وإن من شروط التعامل
المحكم مع هذه التداعيات، تعزيز
البحث العلمي وتطويره في
المجالات التي ترتبط
باقتصاديات المعرفة، دعماً
للتعاون العلمي العالمي في هذا
المجال الحيوي، وتأكيداً
للانفتاح على آفاق العصر
لاستيعاب متغيراته وامتلاك
آلياته الاقتصادية. ولا بد
للعالم الاسلامي بما يملك من
ثروات وقدرات بشرية كبيرة، من
أن يكون رقماً مهماً في
اقتصاديات العالم حتى لا يستمر
في القيام بدور السوق
الاستهلاكية لاقتصاديات الدول
الأخرى المتقدمة. إنَّ تحقيق هذا الهدف يبدأ بإعادة النظر
في المنظومات التربوية
والتعليمية وإصلاحها والحرص
على الاستفادة من التجارب
الناجحة للبنك الدولي
والمنظمات الدولية الأخرى، لا
سيما في مجال النهوض باقتصاديات
المعرفة لتطوير المجتمعات
الإسلامية سياسياً وتعليمياً
وعلمياً وتقانياً واقتصادياً
وصناعياً. وليس من شك في أن بناء اقتصاد المعرفة
بناءً شاملاً ومتوازناً على
أساس المعلومة الصحيحة، أصبح
ضرورة ملحّة لتطوير المنظومة
التعليمية والتربوية وتوظيف
التكنولوجيا الحديثة التوظيف
الأمثل في المجتمعات الإسلامية. وستعمل الإيسيسكو في إطار اختصاصاتها،
وبالاستفادة من الخبرات
المتوافرة لدى البنك الدولي،
على إيجاد آلية ملائمة لمتابعة
تنفيذ القرارات والتوصيات التي
تمخض عنها هذا المؤتمر الدولي
المهم، لتمكين الدول الأعضاء من
الاستفادة منها وتوظيفها
لتحقيق تطور نوعي وحتى لا تبقى
حبراً على ورق. لقد تزايدت أهمية بناء اقتصاديات المعرفة
في الاستراتيجيات التنموية
لدول العالم الإسلامي باعتباره
إحدى ركائز التنمية المستدامة
ووسيلة من وسائل إحداث فرص
العمل. وتواجه هذه الدول تحديات
جمّة بدءاً بتشغيل الشباب،
ووصولاً إلى التنويع الاقتصادي.
ويذهب الخبراء المختصون في هذا
المجال الحيوي، إلى القول إن
هذه الدول ستواجه صعوبات بالغة
في التصدي لهذه التحديات
باستمرارها على النهج التقليدي
نفسه، وهو الأمر الذي يستدعي
التطلع نحو المستقبل باعتماد
وسائل مبتكرة تتماشى مع
التغيرات المتصلة بالاتجاه نحو
اقتصاديات المعرفة. وقد اعتمد
المؤتمر مذكرة توجيهية موجزة
قابلة للتطبيق، تتضمن توصيات
ملموسة في شأن بناء اقتصاديات
المعرفة، ومن خلال إقامة أنشطة
وشبكات في العالم الإسلامي.
وتعكس هذه المذكرة التوجيهية
مختلف وجهات النظر التي طرحت في
جلسات المؤتمر. وتوافقت الآراء التي طرحت في هذا المؤتمر
الدولي، على أن تطبيق المعرفة
في الوقت الراهن، يشكل إحدى
الركائز الرئيسَة في تطوير
الاقتصاد العالمي. فقد برز
مصطلح «اقتصاد المعرفة» مع
تزايد أهمية المعرفة في مجال
التنمية والتطور الاقتصادي. وبحسب رأي الخبراء الدوليين، فإن اقتصاد
المعرفة لا يتيح للمنظمات
والأفراد الفرص لامتلاك ناصية
المعرفة وإنتاجها وتوسيع
نطاقها فحسب، بل يُمكّن أيضاً
من تسخير المعرفة وتطويرها
وتوظيفها واستثمارها على نحو
أشد تأثيراً وأكثر فاعلية في
تحقيق مزيد من التنمية والتطور
على المستويين الاقتصادي
والاجتماعي. وتلك هي النتيجة
المستخلصة من الدراسات وأوراق
العمل التي نوقشت في هذا
المؤتمر الذي تشرّفت بإلقاء
كلمة في حفل افتتاحه الرسمي
أمام الرئيس التونسي، كما شاركت
في ترؤس المائدة المستديرة
الرفيعة المستوى التي عقدت في
إطار الجلسة العامة الأولى،
وخصّصت لاقتصاد المعرفة. وقد
توضح جلياً من خلال هذا
المؤتمر، أن جلّ بلدان العالم
الإسلامي تبذل جهوداً متواصلة
للولوج إلى اقتصاد المعرفة،
وتركز على القيام بتدابير
واستثمارات وإصلاحات شديدة
الطموح في أربعة مجالات حيوية،
هي: التربية، وأنظمة الابتكار،
ومناخ الأعمال، وتقانات
المعلومات والاتصال. وثمة عنصر
آخر لا يقل أهمية عن هذه
العناصر، هو المجتمع القائم على
الثقة المتبادلة والإيمان
المشترك بالعلم وسيلة للتقدم
ومنهجاً للنهوض. إنَّ بناء مجتمع المعرفة ضرورة مؤكدة، بل
هو واجب وفريضة ومسؤولية وأمانة
في أعناقنا تجاه الأجيال
القادمة. والبناء في هذا
المجال، يبدأ من تجديد المنظومة
التعليمية في شكل شامل، على
النحو الذي يمهد السبيل لتطوير
جذري في العملية التربوية
والمناهج التعليمية. فذلك هو
الأساس المكين للتجديد الحضاري
للعالم الإسلامي، وتلك هي
الطريق نحو مواجهة كل التحديات،
وأكبرها تحدي بناء مجتمع
المعرفة. * المدير العام للمنظمة
الإسلامية للتربية والعلوم
والثقافة - إيسيسكو. ======================== "الانعزالية الجديدة"
وحرب أوباما في افغانستان راغدة درغام نيويورك الحياة - 2009/12/04 لا مفاجأة في الاستراتيجية الجديدة
للرئيس الأميركي باراك أوباما
في أفغانستان، فهناك تلتقي
مصالح الدول الكبرى وتتعزز
الشراكة الدولية للحؤول دون
تحوّل أفغانستان الى محطة
انطلاق «التطرف العنيف» أو
الإرهاب كما كان يُسمّى، ليس
فقط نحو الولايات المتحدة وإنما
أيضاً في اتجاه روسيا عبر
جمهوريات آسيا الوسطى الخمس وفي
اتجاه الصين حيث توجد أقلية
إسلامية ذات حجم كبير. لا مفاجأة
في مواقف الدول الخمس الدائمة
العضوية في مجلس الأمن نحو
إيران – عبر الوكالة الدولية
للطاقة الذرية – التي أنذرت
الجمهورية الإسلامية الإيرانية
بأن حدود الصبر معها في الملف
النووي بدأت تضيق فيما تتباهى
القيادة الإيرانية بأنها فوق
المحاسبة ولن تطاولها أية
إجراءات دولية، بعقوبات أو
بعزل، مهما كابرت نووياً أو
استخدمت سلاح احتجاز الرهائن أو
شنّت الحروب بالوكالة. تلاقي
الولايات المتحدة وروسيا
والصين ودول حلف شمال الأطلسي
في أفغانستان وإيران ليس حدثاً
عابراً وإنما هو تطوّر يتطلب
بعض الوقت لنعرف ان كان دليلاً
على صحة منطق باراك أوباما في
سياسة سكتي الانخراط وتهيئة
الأرضية الجماعية بشراكة دولية
للإجراءات في حال فشلت «جزرة»
الاحتضان... أو ان كان أمراً
فرضته السياسة الواقعية بعدما
أفرطت طهران في إساءة قراءة
العلاقات الدولية وبعدما تبيّن
للرئيس الأميركي ان من غير
المسموح أن ينتصر أرباب «التطرف
العنيف» على دولة عظمى للمرة
الثانية. والكلام عن إخضاع
الاتحاد السوفياتي في
أفغانستان واحتمال إخضاع
أميركا في تلك البؤرة المتعالية.
الملفت أن أجواء الأميركيين
أجواء تحبّذ «انعزالية»
أميركية، تعارض الخوض في حروب
خارجية بالذات في أفغانستان أو
إيران وتتمنى لو أنها قادرة على
«إغلاق» أبواب الولايات
المتحدة الأميركية و «تنظيفها»
من أيٍّ وكل ما يهدد المصلحة
القومية مع الانصباب على معالجة
المسائل الداخلية الأساسية
كالاقتصاد والتأمين الصحي
وتسديد الديون الضخمة. لكن
الواقع السياسي فرض على «المؤسسة»
establishment ان تقرّ سياسة روّجها في البدء
باراك أوباما، ثم تردد في
تبنيها، ثم أدرك أن لا مجال
أمامه سوى أن يدخل في شبه معركة
مع قاعدته الشعبية وقاعدته
الحزبية بسببها أي حرب
أفغانستان. فهذه صفحة مهمة في حياة الأميركيين وفي
مسيرة أوباما ومصيره السياسي
وفي العلاقات الدولية،
الثنائية منها والجماعية، وفي
مستقبل الشراكة الدولية، وكذلك
في مصير استفراد الولايات
المتحدة بمركز الدولة العظمى
الوحيدة في العالم. وأهم ما يجب
على دول الشرق الأوسط وقادتها
ونخبها أن تتجنبه هو إساءة
قراءة هذه المرحلة من تاريخ
أميركي يُصنَع في عهد باراك
أوباما. هذا الأسبوع، صدر تقرير لمركز أبحاث بيو pew بالتعاون مع «مجلس العلاقات
الخارجية» في نيويورك حول «مركز
أميركا في العالم» بناءً على
استطلاع على الصعيد الشعبي
والنخبوي الأميركي، أفاد أن
عاطفة أو مشاعر الانعزالية Isolationist
Sentiment في أميركا بلغت الآن ذروتها
منذ أربعة عقود. الاستطلاع نظر
بالعمق في الآراء الشعبية
والنخبوية إزاء المسائل
والقضايا العالمية – وبالذات
أسلوب أوباما – في خضم صعود
الصين عالمياً، والأزمة
الاقتصادية، واستمرار الحرب
على أفغانستان والعراق. لن يكون سهلاً على الرئيس الأميركي تسويق
ما يسمى «حرب أوباما في
أفغانستان» بالذات مع قاعدته
الشعبية والتي يبدو أن معظمها
ينتمي الى طبقة «الانعزالية»
الجديدة. فهذه القاعدة الشعبية
رفضت الإصغاء جيداً الى باراك
أوباما المرشح عندما تحدث بوضوح
عن ضرورة استكمال حرب أفغانستان
ضد «القاعدة» وأمثالها وجعل من
ذلك شعاراً له في خضم تحطيمه حرب
سلفه جورج دبليو بوش في العراق. الآن يستفيق هذا الجزء من القاعدة
الشعبية ليجد نفسه «مخدوعاً»
علماً بأنه قد يكون هو الذي خدع
نفسه، رافضاً الإصغاء، منغمساً
كلياً في كراهية بوش وحربه في
العراق. هذا الجزء من القاعدة
الشعبية الأميركية يريد
الانزواء، ويريد الخروج كلياً
من العراق، ويريد عدم المواجهة
مع إيران، ويريد أن يعدل رئيسه
عن حربه في أفغانستان. يريد
أيضاً أن يبقى «الإرهاب» أو «التطرف
العنيف» خارج الديار
الأميركية، ويريد أن يغمض عيونه
عندما تُرتَكب تجاوزات للقانون
الدولي والقانون الإنساني
الدولي، ويريد أن يقول للشعوب
الأخرى: كفوا عنا. مشاكلكم ليست
مشاغلنا. قد يقال، لمَ لا؟ لمَ على الولايات
المتحدة أن تقود حرباً على
التطرف العنيف أو على الإرهاب،
إذ أن الأفضل لها ان تتقوقع في
عظمتها وتداوي اقتصادها فيما
يدمّر التطرف بعضه البعض ويداوي
التطرف ما قد تفشى من فساد في
مناطق كأفغانستان؟ لم لا يُغض
النظر عن امتلاك إيران القنبلة
النووية أو القدرات على تصنيع
السلاح النووي مقابل كفها عن
الحروب بالوكالة في العراق أو
اليمن أو لبنان – أو حتى بلا
مقابل؟ فالامتلاك النووي لا
يعني بالضرورة الاستخدام
النووي، فلتفلت الدول في الشرق
الأوسط على النووي ولتستفد
الشركات العسكرية العالمية من
أموال باهظة قد تكون مفيدة
للاقتصاد؟ هذا «المنطق» يبدو ساذجاً وخطيراً للذين
يقولون ان «الواقعية السياسية»،
مهما بلغت، فإنها ذات قيود
وحدود. فالسماح لقوى التطرف
بالانتصار في أفغانستان لا
يتوقف داخل حدود أفغانستان. انه
بمثابة استثمار في تمكين وتشجيع
التطرف أن يضرب في كل مكان بما
في ذلك ضد روسيا والصين كما ضد
الولايات المتحدة بالدرجة
الأولى، وبالتأكيد داخلها.
فالتطرف العنيف ليس دواء الفساد.
قد يكون في المصلحة الأميركية
عدم الانجرار الى ما بات يُعرَف
بمستنقع أفغانستان. وقد يقال «فليُصغ»
الأفغان وشركاؤهم الى بعضهم
البعض بدلاً من إعطائهم ذرائع
استهداف الولايات المتحدة أو
روسيا عبر الجمهوريات
الإسلامية مثلاً. انما المشكلة
الأساسية هي في أن أفغانستان
باتت إرثاً أميركياً بدأ بصنع
الأصولية هناك ومر بحرب أميركية
على الأصولية المتطرفة عبر «القاعدة»
والحليف السابق «طالبان» في
أعقاب إرهاب 9/11 في عقر الدار
الأميركية. وواقع الأمر أنه ليس
في وسع أي رئيس أميركي أن ينسحب
اليوم من أفغانستان خوفاً من أن
يأتي الإرهاب مجدداً إلى الساحة
الأميركية، فيُلام. لذلك، استمع باراك أوباما الى نصائح
المؤسسة العسكرية وبات كبار
أقطاب إدارته يتحدث بلغة مشابهة
للغة جورج دبليو بوش بالقول:
إننا نخوض المعركة ضد الإرهاب
أو التطرف العنيف «هناك» في
أفغانستان (العراق) كي لا يأتي
الى دارنا ومدننا. وهذه
المعادلة هي التي ستغيّر آراء
الأميركيين الذين يتجادلون
اليوم في جدوى حرب أفغانستان.
ذلك أن عندما يتعلق الأمر
بالإرهاب داخل الولايات
المتحدة، يصطف الأميركيون وراء
العمل العسكري أينما كان. على صعيد إيران، قد ترى القيادة
الإيرانية ان أفغانستان فرصة
مكررة ومضاعفة لها إذ ان الحرب
الأميركية هناك توفر لها خيار
الشراكة أي الانتماء الى «شراكة
الكبار» – وهذا ما تصبو اليه في
كل الأحوال. هذا الى جانب
استفادة إيران من تقليم الأظافر
في أفغانستان كي لا تعود «طالبان»
بقوة الى جيرتها وكي لا يكبر
التطرف العنيف من نوع «القاعدة»
وأمثالها لدرجة تهديدها في حروب
مذهبية لاحقة. إنما ما لن يكون ممكناً لطهران أن تراهن
عليه هو استمرارها في الغطرسة
النووية وفي الحروب بالوكالة
وفي أساليب الارتهان وفي
إجراءات القمع الداخلي وأن
تتمكن في الوقت ذاته من الدخول
شريكاً في حلبة الكبار. فهذه
الدول لن تسمح لإيران أن تظن
انها قادرة على إملاء الشراكة –
والكلام عن الصين وروسيا وليس
فقط عن الولايات المتحدة
وأوروبا. قد تكون المعادلة
العسكرية، وبالذات الأميركية،
غير قادرة على فتح جبهة مع إيران
في الوقت نفسه مع حرب أفغانستان.
إنما هذا لا يعني أن في وسع
إيران أن تلعب الأوراق النووية
وأوراق التطرف العنيف الذي هي
شريكة فيه لتملي على الدول
الكبرى شراكة مصطنعة أو لتنفذ
في سعيها وراء امتلاك السلاح
النووي ووراء الهيمنة
الإقليمية. المدير العام للوكالة الدولية للطاقة
الذرية الدكتور محمد البرادعي
لربما كان أفضل صديق لإيران وهو
يحاول شرح مواقفها وإرضاءها
ومساعدتها وصد الضغوط عنها. انه
يغادر منصبه على الأرجح بنغصة
لأنه أراد فعلاً ان يغادر
بإنجاز نجاح «منطق» الصبر
والترغيب والانخراط والاحتقان.
فلقد وصلت جهود البرادعي الى
درجة استعداده للقفز على قرار
مجلس الأمن الدولي ترغيباً
لإيران في التعاون لكنه يغادر
بتمزيق طهران لجهوده
واستثماراته فيها. القراءة الحذرة للأوضاع الدولية قد تفيد
طهران لإنقاذها من مجازفات
الغطرسة. فالوضع السائد في دبي
نتيجة أزمتها المالية
والاقتصادية قد يسهّل تضييق
العقوبات الاقتصادية على ايران
علماً بأن دولة الإمارات باب
مهم لاقتصاد إيران. فمواقف
روسيا والصين من ملف إيران
النووي مهمة للغاية ورسائلها
واضحة وهي انها لن تتمكن من
توفير لحاف الحماية لطهران من
العقوبات الى ما لا نهاية. هاتان الدولتان لا تريدان لإيران ان
تمتلك السلاح النووي ولن تسمحا
لإيران أن تدمر شراكة مهمة لهما
مع الولايات المتحدة وحلف شمال
الأطلسي قوامها ليس فقط
الاقتصاد والسياسة وإنما أيضاً
صد أخطار التطرف الإسلامي
العنيف عنهما. لذلك ان الشراكة
في أفغانستان أساسية للدول
الكبرى التي تتحدث بالتأكيد لغة
مصالحها النفطية مع إيران،
لكنها في الوقت ذاته تفهم لغة
الأخطار الأمنية على مستقبلها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |