ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ما يريده اليمين
الإسرائيلي: اليأس من السلام
والتخلي عن مشروع الدولة الخميس, 17 ديسيمبر 2009 محمد جابر الأنصاري * الحياة أمسك بي ديبلوماسي عربي مخضرم عنوة، على
طريقة «البحار القديم» في قصيدة
الشاعر الإنكليزي الرومانسي
صمويل كولردج في إمساكه بمن
يصادفهم صدفة في الطريق وأمطرني
بالقول، من دون أن يترك لي فرصة
للاعتراض: «العواطف الثائرة
يمكن أن تحجب الرؤية. ويمكن أن
يخسر طرف معركته السياسية إذا
سمح للعواطف بالانفلات من
عقالها من دون رؤية متأنية. وكما
قال المتنبي: «الرأي قبل شجاعة
الشجعان» ونعتقد بأمانة، ومن
دون استسلام للعاطفة، التي نرى...».
ولم أتمالك فقاطعته قائلاً: «لا
بد من القول إن العاطفة مشروعة
عربياً في الظرف الراهن نظراً
للأوضاع المحيطة بالعرب من كل
جانب، وخاصةً تعنت اليمين
الإسرائيلي المتطرف الحاكم،
وتحديه مواقف الرئيس الأميركي
من عملية السلام، واتضاح ضعف
الإرادة السياسية للإدارة
الأميركية بعد أن رفعت سقفاً
عالياً من التوقعات»، فسارع إلى
القول: من دون استسلام لهذه
العاطفة المشروعة عربياً في ضوء
المعطيات المذكورة، فإنه لا
يجوز التنازل عن عملية السلام
والانسحاب منها مهما دعت الظروف
الآنية لذلك، إذ سيكون الانسحاب
خطأ تاريخياً فادحاً، ومغامرة
معلقة في الهواء، لا تأخذ في
الاعتبار توازنات القوة
القائمة بين الطرفين». فقلت: «نعم... علينا الاعتراف أن توازنات
القوة، بمعناها الحقيقي، ليست
لصالح العرب...». فبادرني إلى القول: «وفي ضوء هذه الحقيقة
التي لا مفر منها، فإن الجانب
الإسرائيلي يفرض ما يريده من «اللامعقول»
لأن الجانب العربي أضعف من أن
يقف في وجهه! ومنذ حرب أوكتوبر
1973 التي شارك فيها أهم جيشين
عربيين من مصر وسورية، بمساهمة
كتيبة من العراق، وأخرى من
المغرب، مع دخول المال العربي
في دعم المجهود الحربي، لم تجر
محاولة عربية لتجاوز الاختلال.
إن جيوب المقاومة، كما في غزة
وجنوب لبنان، تقاوم بقوة لكنها
لن تستطيع تغيير الميزان.
فإسرائيل ما زالت تحتفظ بالتفوق...
والمهم النتيجة البعيدة. في
الظرف التاريخي الراهن ليس أمام
العرب إلا الاستمرار في هجمة
السلام، لأنها ليست لصالح
التطرف الإسرائيلي، وإلا
الإصرار على مشروع إقامة الدولة
الفلسطينية في حدود 1967، لأنها
أيضاً ليست لصالح اليمين
الإسرائيلي في التحليل النهائي!
وكما قال الرئيس الفلسطيني: لا
يوجد بديل آخر في المنطقة غير
بديل السلام». وتذكر... قلت: نعم أذكر! قاطعني بقوله: ماذا تذكر؟!... أرجوك لا
تقاطعني... ودعني أكمل ما أريد
قوله! قلت هازئاً: ومن يستطيع أن يمنع الأقوال
هذه الأيام؟ ألا تسمع ضجيج
الفضائيات والصحف؟! قال شبه غاضب: دع عنك السخرية... فالموقف
أخطر من العبث... تذكر ... ويذكر
الكثيرون إن غولدا مائير، رئيسة
وزراء إسرائيل حتى حرب 1973، كانت
تقول: أين الفلسطينيون؟ إني لا
أراهم!... وقد ذهبت غولدا... وبقي الفلسطينيون ملء
مسمع الدنيا وبصرها... بوجودهم ...
وأضيف للأسف: وصراعاتهم. ولكن
عليهم إثبات وجودهم... وإثبات
أنهم جديرون بالحياة وبالدولة،
ولو على شبر واحد من فلسطين، كما
كان يقول أبو عمار... من كان
يتصور أن المجموعة الأوروبية
التي بلغ عددها 27 دولة تناقش،
مجرد نقاش وإن يكن على اختلاف،
مسألة الاعتراف بالدولة
الفلسطينية وبكون القدس
العربية الشرقية عاصمة لهذه
الدولة؟ ومضى الديبلوماسي العربي المخضرم قائلاً
بحماس ومن دون توقف، وأشفقت
عليه من الاعتراض: «على العرب
المضي في هجمة السلام. وقد شعرت
بالارتياح عندما سمعت وزير
خارجية سورية يقول: «إن طريق
السلام سالك على أساس المبادرة
العربية». نعم... إنها مبادرة
تاريخية أجمع عليها العرب فلا
تتخلوا عنها، وعلى الفلسطينيين
الإصرار على مشروع دولتهم التي
يوشك العالم، المتعاطف أصلاً مع
إسرائيل، على الاعتراف بقيامها.
وإذا ما مهد الفلسطينيون،
عملياً، لإعلانها من جانب واحد...
فماذا تستطيع إسرائيل فعله؟
تعيد الاحتلال؟ احتلالها مستمر
ولن تغير ردة فعلها من الأمر
شيئاً، ولا تنسوا أن إسرائيل
أخذت تفقد تعاطف المجتمع
الدولي، الذي اعتمدت عليه في
وجودها ... فلا تعيدوه إليها!
الموقف التاريخي يحتم ذلك، أعني
التمسك بالسلام، والإصرار على
قيام الدولة الفلسطينية. كفاكم،
يا عرب، إضاعة للفرص التاريخية». «ولعل أخطر ما في خطة إعلان الدولة
الفلسطينية من جانب واحد توقف
الدعم الدولي الحيوي عن السلطة
الفلسطينية، وعلى كل حال
فالفلسطينيون يلوحون بإعلانها
لكنهم لن يقدموا عليه في الوقت
الحاضر». «أما خطاب الممانعة، فإنه يئن تحت ثقل
الواقع، بالشكوى من الظلم،
والدعوة إلى المقاومة... ولكن
أية مقاومة في ظل اختلال ميزان
القوة لصالح إسرائيل؟ الحلقة
المفقودة في خطاب الممانعة أنه
يصمت عندما يصل إلى المواجهة
الفعلية، وإلى البناء
التاريخي، الطويل الأمد، للقوة
اللازمة. القوة الحضارية
بمعناها الشامل. لا قوة السلاح
فحسب. لأن مشاريع النهضة
العربية ركزت على التسلح
ولوازمه. فلما انكسر السلاح
أمام سلاح أقوى، ضاع المشروع
كله ... ليتكم تعرفون معنى الآية
الكريمة وأبعادها في قرآنكم: (وأعدوا
لهم ما استطعتم من قوة... الآية)»
. «لقد ثبت أن اليمين الإسرائيلي الحاكم لا
يريد السلام ويخشاه، ويتمنى
تخلي الفلسطينيين عن مشروع
الدولة المستقلة حيث عاد بعضهم
إلى الحديث عن الحل المستحيل
الآخر الذي يئس منه الجميع منذ
مدة: الدولة الواحدة بين اليهود
و... العرب! في هذه الدولة «الواحدة»
لمن ستكون الغلبة والسيادة
والسيطرة؟ هل يخالج أحداً شك في
ذلك؟ وهل تتوهمون أنهم سيقبلون
بها؟!» ... وصمت الرجل بعد أن سألني: ما رأيك؟
فانتهزت الفرصة أخيراً، وقلت له:
«لك أن أنقل كلامك. ولكن ليس من
حقك مطالبتي ومطالبة غيري
بالاقتناع به!». * كاتب من البحرين ======================= الخميس, 17 ديسيمبر 2009 حسان حيدر الحياة مع انطواء العام، وانتهاء المهلة التي
حددتها الدول الكبرى، يبدو
تصعيد المواجهة الاقتصادية
والسياسية مع ايران شبه أكيد
خلال السنة 2010، عبر تشديد
العقوبات، على رغم انه يحتاج
الى معركة ديبلوماسية قد لا
تكون صعبة مع روسيا والصين. لكن
العام الجديد ينطوي ايضاً على
مخاطر عالية بإمكان اندلاع نزاع
مسلح واسع اذا قررت اسرائيل ان
الفرصة مواتية لتنفيذ
تهديداتها بقصف كل او بعض
المنشآت النووية الايرانية،
على رغم الانعكاسات المدمرة على
المنطقة التي قد تترتب على مثل
هذه الخطوة. لكن المسألة الأكثر مدعاة للتشاؤم هي ان
ايران نفسها تبدو وكأنها تجر
العالم جراً الى المواجهة معها
عبر تورطها في مروحة واسعة من
الأزمات واتخاذها سلسلة خطوات
تجعل الحوار معها محكوماً
بالفشل وهو بعد في بداياته. ومن
يتابع تصريحات المسؤولين
الايرانيين يلاحظ انهم اخذوا من
عرض الحوار الغربي الجزء
المتعلق فقط بالاعتراف بوزن
بلادهم ومصالحها ودورها
الاقليمي وأهملوا كل ما يتصل
بالتزاماتها وضرورة خضوعها
للمعايير والقوانين الدولية،
لاعتقادهم بأنهم الطرف الاقوى
في المعادلة الذي يستطيع ان
يفرض شروطه من دون تقديم
تنازلات. فمن اعلانها عن إجراء تجارب صاروخية
متكررة كان آخرها امس فقط
لصاروخ يصل مداه الى ألفي
كيلومتر، اي يطاول اسرائيل
وجنوب اوروبا، الى المعلومات
الموثقة عن اختبارها مكوناً
رئيساً لصنع القنبلة النووية،
الى تكرار تهربها من الرد الجدي
على الاقتراحات المتعلقة
ببرنامجها النووي ومماطلتها في
الاستجابة لعرض التخصيب في
الخارج، الى تصريحات عرض
العضلات الخرقاء عن نفي
المحرقة، الى تورطها المستمر في
الجبهات الإقليمية المفتوحة او
النائمة في اليمن وغزة وجنوب
لبنان، توحي ايران بأنها تعيش
في عالم «خيالي» من صنعها تحقق
فيه انتصارات «وهمية» وتقاتل
بأدوات غير ايرانية، مثل «الحاءات»
الثلاث: «حزب الله» و «حماس» و «الحوثيين». لكن الأميركيين والأوروبيين الذين فضلوا
التهدئة حتى الآن ولم ينجروا
الى الرد على الاستفزازات
الايرانية المتوالية، يدركون
ان ايران الفعلية التي مدّوا
اليها يد الحوار قبل نحو سنة
تختلف كثيراً عن الصورة التي
تحاول اشاعتها عن نفسها،
وخصوصاً بعدما كشفت أزمة
انتخابات الرئاسة هشاشة وضعها
الداخلي وأسقطت خرافة الاجماع
الذي يحظى به نظامها، وفضحت
اسلوبها في الهروب من معالجة
شؤونها الذاتية عبر افتعال
معارك خارجية لا تؤدي عملياً
سوى الى زيادة التأفف الاقليمي
والدولي من سياساتها، ورفع
مستوى الشك في نياتها وقدرتها
على التعايش السلمي مع محيطها
والعالم. من الواضح ان مقاربة طهران للشأن الداخلي
تشبه تعاملها مع العالم الخارجي:
القفز فوق الحقائق، وإخفاء
الواقع، وكيل اتهامات الخيانة
والعمالة، ونكران البديهي من
الحقوق، والخلط بين الشخصي
والعام، وإقحام «المقدس» في
العاديات، ولعب دور الضحية
والمُستهدف، وإطلاق الشعارات
الفضفاضة التي تصح لكل زمان
ومكان، وإشاعة نظرية «المؤامرة»،
والاستعاضة بالتخويف عن الحلول
وبالترهيب عن النقاش. ومن الواضح ايضاً ان اسلوب ايران في
مواصلة سياسة تحدي الخارج كله،
وفتح المزيد من الجبهات
الإقليمية لتوريط دول جديدة في
نزاعات عبثية، يعني انها لا
تفرق عملياً بين «عدو» و «صديق»
وتضع الكل في سلة واحدة، لكن
المفارقة انها «تنسج» السلة حول
نفسها. ======================= مجتمع المعرفة والبحث
العلمي العربي نبيل علي صالح الرأي العام 17-12-2009 أجريت منذ نحو عشرة أعوام تحقيقاً
صحافياً ميدانياً عن «البحث
العلمي في سورية - جامعة تشرين
نموذجاً» لمصلحة صحيفة «الثورة»
السورية التي نشرته في حينه مع
ما تضمنه من ارقام واحصائيات
وشواهد وقراين ولقاءات دلت
بمجملها على الحالة المأسوية
التي بلغها واقع العلم في
مجتمعاتنا العربية، وحجم
الخطورة الكبيرة لما يمكن
تسميته تجاوزاً «بحث علمي عربي»..
ويومها طرحنا السوال التالي
باستنكار واستهجان شديدين: هل
هناك بحث علمي حقيقي في بلداننا
العربية؟ وقد عدت منذ فترة قصيرة، وعلى نطاق اوسع،
لمتابعة واستكمال بعض الاسئلة
والمضامين العملية التي
طرحناها في سياق اعدادنا لهذا
التحقيق، وذلك عندما اطلعت على
بعض الارقام والاحصائيات
العربية والدولية التي تحدثت عن
انه ومن اصل ما يقارب من 400 جامعة
مرموقة ورفيعة المستوى ومعروفة
دولياً لا يوجد اسم لاي جامعة
عربية على الاطلاق، في مقابل
وجود اكثر من جامعة اسرائيلية
ضمن التصنيف ذاته. وهذا ما
يجعلنا نستنتج ان اسرائيل تقوم
على العلم والمنطق البحثي
العلمي، وليس على الجهل
والتخلف، اي انه ينطبق عليها
وصف مجتمع المعرفة بامتياز،
بقطع النظر عن توجهات افرادها
ومعتقداتهم المتعصبة وقناعاتهم
الاسطورية، وبصرف النظر عن
سياساتها ضد العرب والمسلمين
غير المبررة باي منطق اخلاقي او
علمي او انساني. نعني بمجتمع المعرفة امتلاك المقدرة
الفكرية والعملية على استعمال
واستثمار قيم العلم والمعرفة
العلمية من اجل ادارة مختلف
شؤون وموارد وطاقات المجتمع،
واتخاذ القرارات السليمة
والرشيدة لتنمية معارف ومهارات
الافراد كقاعدة لعملية التنمية
الانسانية الشاملة، وذلك
بالاستفادة من منظومات وحقائق
ونظريات العلم المتعددة، ومنها
عملية انتاج المعلومة لمعرفة
خلفيات وابعاد الامور بمختلف
انواعها. وقد دفعني ذلك كله الى
توسيع مضمون تحقيقي الصحافي
السابق، ومحاولة التقصي عن
طبيعة المعرفة البحثية العلمية
العربية، وتقديم دراسة فكرية عن
واقع البحث العلمي العربي. ولابد في البداية من الاشارة الى ان موضوع
مجتمع المعرفة والبحث العلمي
يرتبط بالنسبة الينا كعالم عربي
يقف امام متغيرات وتحولات
سياسية واقتصادية ومعرفية
هائلة على بداية القرن الواحد
والعشرين - ارتباطاً وثيقاً
بتقديم رؤية اجمالية موضوعية
عامة عن طبيعة الوضع العربي
والدولي وظروفه ومستجداته
المتعددة في الحقبة الراهنة
التي اصبحنا نتعامل معها من
منظور مصطلحات فكرية وعملية
جديدة فرضت نفسها على واقعنا
بقوة ومن دون استئذان، الامر
الذي يلزمنا - كنخب مثقفة تبحث
عن ايسر وانجع السبل للبدء
بتطبيق مشروع النهوض الفكري
والعلمي في عالمنا العربي -
بضرورة تحليل ودراسة
الاستجابات وردود الافعال «السياسية
- المجتمعية» العربية المتحركة
في سياق تكتيكات واستراتيجيات
مختلفة تحاول بلورة مواقف وفتح
امكانات عملية متعددة للرد
العملي المتوازن والمدروس على
تلك المتغيرات والتحديات
الخطيرة التي تثيرها تلك
الاوضاع والمتغيرات، وذلك بهدف
تأمين موقع آمن ومأمون، وبلورة
دور فاعل للعرب في المعادلة
الكونية والدولية المستجدة
والسائدة في عالم اليوم، او تلك
التي يمكن ان تقوم في عالم الغد. ومن الواضح هنا اننا عندما نتحدث عن قضية
الاستجابة او رد الفعل الجماعي
تجاه متغيرات العصر، فاننا نقصد
بها، تحديداً، حركية الفعل
السياسي العملي، اي مجموعة
السياسات التطبيقية المختصة
بايجاد انساق ومجالات عمل،
وبلورة مواقف مجتمعية وتعزيزها
وتطويرها من خلال خلق واستحداث
اليات جديدة للعمل تؤمن ارادة
جمعية عامة يمكن ان تعمل في اطار
تفعيل تلك الاستجابات على تقدم
المجتمع العربي نحو اهدافه
وتطلعاته ومستلزمات وجوده
الاساسية في الحياة. من هذا المنطلق، نجد ضرورة ملحة في ترسيم
حدود حقيقية وواقعية للوضع
العربي المستجد، ودراسة طبيعة
التقلبات السائدة على الساحة
العالمية كلها بعيداً طبعاً عن
المجاملات، على اعتبار ان
الانطلاق الفاعل نحو بناء
المستقبل والتحكم ببعض مساراته
مرهون الى حد كبير بدراسة ظروف
وملابسات الواقع الراهن
السياسية والاقتصادية
والاجتماعية. وبالنظر الى الحجم الهائل لهذا العمل
الفكري، وتعدد عناوينه
الثقافية والاجتماعية، وتنوع
مواضيعه المعرفية ومساراته
العملية، وسعة الافكار
والطروحات المتشعبة التي يمكن
معالجتها في سياق طرح مفاهيمي
ناقد حر يأخذ فقط بالرقم
والقرينة والاحصائية ليبني على
ذلك رأياً وموقفاً نقدياً،
فاننا سنكتفي بدراسة الجانب
العلمي التخصصي من هذه المسألة
المعرفية الواسعة اي من زاوية (البحث
العلمي والتقني العربي الحالي،
وذلك من خلال اجراء مراجعة
بسيطة لبعض الارقام
والاحصاييات القائمة في بعض
مؤسسات ومراكز البحث العلمي
العربي التي يمكن ان تعطينا
رؤية واقعية عن طبيعة هذا البحث
السائد في بلداننا. ومن ثم
سنحاول تحليل تلك الارقام،
واستخلاص العبر والدروس من
خلالها، على ضوء مستجداتنا
المعاصرة، لنصل في النهاية الى
التساؤلات الاستنتاجية
التالية، ومحاولة الاجابة عنها
وفق الامكانات والمقدمات
العملية المتاحة امامنا. ونبدأ بطرح الاسئلة المحورية التالية: - هل تتوافر لدينا الامكانات المادية
والمعنوية الواسعة والقواعد
العملية والمنهجية المحددة
التي يمكن ان نرتكز عليها،
ونتحرك على طريقها باتجاه بناء
حاضر صاعد ومستقبل واعد قبل ان
ندرس كيفية تشييد وبناء (هذا
المستقبل) والامساك بناصيته؟ - ثم كيف يمكن ان تعمل امة من الامم على
امتلاك المستقبل اذا لم تستطع
ان تنهض باعباء ومتطلبات الحاضر
الذي يجب ان يشكل بحد ذاته قاعدة
اساسية لبناء ذلك المستقبل؟ - وما الاستراتيجيات التي وضعتها امتنا في
لحظتها الراهنة بما تحمله في
داخلها من عوامل الضعف والتخلف
والتبعية العلمية لمواجهة
تحديات قيام حاضرها قبل ان تبدا
بالسيطرة على مستقبلها؟ ويظهر للمتأمل في واقع الفعل «السياسي-المجتمعي»
العربي الراهن، ان ردود فعل
الدول العربية، عموماً، على
مخاطر وتحديات العصر المتنوعة
والمتسعة والمتحولة تتسم
بالاخفاق والفشل في فهم وادراك
حجم التطورات السياسية
والاجتماعية العالمية. وهذا ما
يتجلى بصورة اكبر في فقدان
الشعور العملي بضرورة الاسراع
في تأمين استجابة الهياكل
الوطنية المحلية في عالمنا
العربي للحجم الواسع لمجمل تلك
التطورات التي قد تظهر في
الحاضر او في المستقبل. ولا تعني
هذه النتيجة (او هذا الحكم شبه
المعياري) ان الوطن العربي قد
بقي خارج نطاق دائرة التأثر
بتلك الاحداث الكونية الجسام،
لكنه بدأ بالعمل، جدياً، على
مستوى تطبيق سياسات جديدة في
شتى ميادين العمل اليومي كله.
لكننا نجد ان معظم تلك السياسات
- التي مثلتها مسيرة الاصلاح في
معظم الدول العربية - مليئة
بالتعثر والتخبط والتشتت، ولم
تعط النتائج المطلوبة منها حتى
الان. فمثلاً على صعيد البحث
العلمي والتقني (وهو موضوعنا
الاساسي هنا) لاحظنا على الدوام
من خلال استقرائنا لمجموعة
البيانات والاستبيانات المسجلة
والمتوافرة في شأن هذا الموضوع
ان هناك ازمة علمية واضحة تظهر
في غياب منظومة عربية متكاملة
لنقل المعرفة والخبرات،
واستغلالها في ميدان التنمية
الفردية والاجتماعية وفي مجال
التطوير التقني والتكنولوجي. وعندما نراجع ادبيات عمل البحث العلمي
العربي كلها في الوقت الحاضر -
الخاصة بدراسة مشاكل البحث
العلمي وتحليل واقعه القائم
حالياً - نلاحظ ان تلك الادبيات
تكاد تجمع في تقاريرها الخاصة
والعامة على خمسة امور اساسية،
هي: الاول: انخفاض عدد الباحثين العلميين
الحقيقيين المشتغلين بالبحوث
العلمية العربية بالمقارنة مع
الدول المتقدمة ومع المعدل
الوسطي العالمي نفسه. الثاني: هشاشة وضعف البنية المؤسساتية
والعلمية العربية بصورة عامة،
وعدم قدرتها العملية على تحقيق
ادنى معدلات الاستجابة الفاعلة
والمؤثرة للتحديات التقنية
الهائلة. الثالث: ضعف المستويات الاكاديمية على
صعيد قبول الطلبة في الجامعات،
وضعف مستويات الترقية بالنسبة
لاعضاء الهيئة التدريسية، وعدم
موضوعيتها، وقلة المشاركة
المنتجة في المؤتمرات الدولية
من اجل الاستفادة وتبادل
الخبرات والنتائج العلمية،
وسرعة تطبيق الاستخلاصات
والاستنتاجات والانتفاع بها. الرابع: نقص مردودية الباحث العربي،
وتخاذله عن البحث والعمل نظراً
لقلة تعويضه وحافزه المادي
والمعنوي، حيث ان الكثير من
هؤلاء الباحثين ان لم نقل كلهم-
ينظرون الى البحث العلمي من
زاوية انه فرصة لتحسين احوالهم
المعيشية وتأمين متطلباتهم
الحياتية، وهذا من حقهم طبعاً،
ولكن بشرط ان تكون لبحوثهم
نتائج ميدانية عامة على صعيد
خدمة مجتمعاتهم. الخامس: سيطرة الشكليات والبيروقراطية،
وانتشار الفساد في داخل الجسم
العلمي العربي كنتيجة طبيعية
للفساد العريض والشامل الذي
يضرب اطنابه في داخل البنية
السياسية والاقتصادية الحيوية
لبلداننا العربية. ومن ابرز
مظاهره الواضحة والصريحة هي في
ايفاد كثير من الباحثين غير
المؤهلين وممن لا تنطبق عليهم
ادنى شروط الايفاد العلمية الى
المؤتمرات والندوات وورشات
العمل التي تنظمها كثير من
الدول المتقدمة، ليس من اجل
تقديم بحوث علمية جديدة، او
الاحتكاك بالتجارب العلمية
الخارجية للاستفادة منها في
الداخل، وانما يكون الهدف من
تلك الايفادات الحصول على
المخصصات المالية، والسياحة في
بلدان جديدة على نفقة الدولة. كاتب وباحث سوري، وهذا المقال
منشور بالتعاون مع مشروع منبر
الحرية ======================= آخر تحديث:الخميس ,17/12/2009 الخليج عزمي بشارة من مهام علم التاريخ، حين يدعي العلمية،
تفنيد الأسطورة بالبحث في أصل
نشوئها ووظيفتها، وبكتابة
تاريخ الوقائع في مقابلها،
وبميل إلى معرفة الحقيقة كما
كانت من دون ادعائها، وبمنهجية
تنزع نحو العلمية . ولا شك أن
الإيديولوجيا بما فيها من غايات
وأهداف سياسية وزوايا نظر
ومصالح تتحكم في سردية التاريخ،
وفي الانتقائية (حتى غير
الواعية للوقائع، ناهيك
بالواعية) وفي الحجم والوزن
الممنوح لهذه الواقعة في مقابل
تلك . كما إن الإيديولوجية تتحكم
وتتجلى بالتحقيب وتقسيم الزمان
. فهذا التقسيم المحكوم بما يسمى
خصائص كل حقبة هو غالباً عمل
إيديولوجي . ومن هنا لا بد من
تعرّض وتعريض عملية التأريخ
والمؤرخين إلى نقد صارم . ومن
هنا أهمية الحرية الأكاديمية في
هذا السياق تحديداً، إذ لا بد من
حوار أكاديمي حر بين المؤرخين
لا يتوقف عند مقدسات ومحرمات . ولا بد من مراجعة
عمليات التأريخ بين فترة وأخرى،
ليس لمجرد اكتشاف وقائع جديدة
أو الكشف عنها، ولا لمجرد
اجتراح وسائل جديدة في النقد
والبحث والتفكيك والتركيب، بل
أيضاً لأن خطاباً سياسياً
سائداً هُزِمَ حملتُه، أو ضعف
داخلياً وبات أكثر عرضة للنقد،
أو أدى وظيفته، ولم يعد صاحب
الشأن، الدولة، مثلاً بحاجة له .
فاكتشفنا فجأة أن هذا الخطاب قد
صمم كتب التاريخ إيديولوجيًا من
وجهة نظره، فتحكم باختيار
البداية والعصر الذهبي وعصر
الانحطاط . واكتشفنا أن هذه ليست
هي البداية بالضرورة، وأنه
انتقى وقائع وأهمل غيرها . وبدل
أن يفكك الأسطورة استخدمها أو
تأثر بها وببنيتها وبسرديتها
فخدمها في عملية كتابة التاريخ،
أو سخرها في خدمته . واكتشفنا أن
كليهما كان مسخراً في خدمة هدف
سياسي لحركات قومية أو دينية أو
في خدمة نظام حكم . وانفضحت وما زالت تنفضح تواريخ
إيديولوجية لدول تكتب تاريخاً
من زاوية نظر حدودها الموجودة،
كأنه يوجد تاريخٌ موحدٌ لقطعة
الأرض هذه بالتحديد يميزها عن
سواها على مر العصور، وكأن
للجماعة البشرية التي تعيش
عليها أيضاً تاريخاً موحداً
ومنفصلاً عن غيره . . . والأهم من
ذلك لموضوعنا أن التاريخ حين
يكتب إيديولوجيا يبدو في بعض
الأحيان كمن يزيل القشور
والوقائع التي تسمى عارضة .
ويكتشف التاريخ المضمر الذي يجب
اكتشافُه ليبرر هذه الحدود
السياسية، ودورَ هذه الأقلية أو
الأكثرية الإثنية أو الطائفية
الحاكمة بدلاً من الأغلبية
الديمقراطية . ومع ذلك فإن البنية المعرفية لهذا كله
تمكنُ من الإثبات والنفي
والتفنيد والمناقشة . وبذلك
تختلف عن الأسطورة بحد ذاتها،
وعن التاريخ المقدس ذاته . فالأخيران يعبّران عن إيمان منتشر عند
جماعات بشريةٍ حول حكاية
الأشياء وليس تاريخها . وتمنح
الحكايةُ المتضمنةُ في كل
أسطورةٍ معنى ومغزى لجماعات
بشرية: أصلها رسالتها، سبب
وجودها، و”حقها التاريخي”
الممنوح لها والمشتق من
الأسطورة . ولأنه قضية إيمانية
فإن النقاش والمحاورة فيه أصعب .
والإيمانُ مراتبٌ رغم كل شيء،
هذا برأيي المتواضع . فهنالك فرق
بين إيمان بحقائق بسيطة يمكن
تكذيبها وإيمان بالله عزل وجل .
وعندما تُعرَض رواية تاريخية
متماسكة بديلة لرواية تاريخية
معتنقة اعتقاداً يمكن زعزعةُ
إيمانٍ بوقائع جزئية عن جهل أو
عن تقليد على خلاف الإيمان بقوة
إلهية خارج الطبيعة لا حقائق
تدحضها . وإذا ارتبط التاريخ المقدس بالدين نفسه،
فإن المشكلة هنا هي التعامل مع
الكتب المقدسة كأنها كتب تاريخ
إذ يتم التعامل مع مغاز ومعان
إلهية كأنها وقائع تاريخية .
وهنا يشق النقد، ويصعب النقاش .
والوسيلة الأفضل طبعاً هي ليست
النقاش الصدامي، بل فصل التاريخ
المقدس بوقائعه ورموزه وأماكنه
وعجائبه ومآثره عن التاريخ
الدنيوي الذي يحاول العقل
البشري المحدود أن يستعيده
بالوثائق والحفريات، وبمقارنة
الأدلة، والشهادات والمرويات
والمذكرات، وغير ذلك . . . وقبل كل
شيء بالعقل السليم الرافض
للتسليم بالخرافات أو
بالمعتقدات كأنها تاريخ حقيقي .
ويبقى التاريخ المقدس كتاريخ
يمنحُ معاني ومغازي، أو يولّدُ
العبر كما تسمى في كتب التاريخ
الإسلامية، وهي بامتياز كتب
الأخبار والوقائع والعبر
المتواشجة . ولكن السياسة تأبى هذا الفصل . والسياسة
حالة دنيوية من القوى والمصالح .
وهي تسخرُ الأسطورةَ والتاريخَ
المقدسَ . تسخرُهما في التبرير
والتعليل، وفي بناء الوعي
والتعبئة والتجييش، وفي اكتساب
الشرعية . وفي كل خطاب قومي،
ناهيك بصراع قومي، يختلط
التاريخ المقدس والتاريخ
الدنيوي . وللتاريخ المقدس
مناسبات ومعارك وأعوام، وأماكن
للذاكرة، تتقاطع جميعها مع
أحداث يريدها الوعي السياسي
مفاصل تاريخية تشكّل وتصوغ
الإدراكَ والشرعية . ولكن لا يختلطُ التاريخ المقدس بالتاريخ
الدنيوي، لكي لا نقول المدنس،
كما يختلطُ في القدس . ومصدر
التاريخ المقدس هنا هو نصوص
مقدّسة إلهية تروي قصةً، أو
حكاية، عن المدينة . وقد أسهمت
هذه النصوص وهذه القصص في تشكل
وعي شعوب كاملة بعيدة وقريبة عن
التاريخ والقوى المتصارعة فيه،
وعن الخير والشر، وعن مسار
التاريخ وصولاً إلى القارئ نفسه
. والمدينة حاضرة بشكل مركزي
فيها . وقد أثرت بنيةُ هذه القصص
في جيلٍ كاملٍ من المؤرخين
الغربيين والمستشرقين الذين
نشأوا على هذه القصص في البيت
والمدرسة وفي الأدب والفن،
وتعاملوا مع التوراة، وما يسمى
مسيحياً بالعهد القديم كأنه
كتاب تاريخ أو كأنه سيرة شعب .
فبحثوا كعلماء ناضجين عن أدلة
تثبته، وعن مواقع تؤكّده .
وحفروا في الأرض، وفي بالهم أن
الموجودات هي مسميات لأسماء
جاهزة في أذهانهم . الأداة منطق
دائري يسند ذاته بأدلة تبدو
مادية وعلمية . ولكن المنتوج
إيديولوجي بشكل صارخ . وهو سياسي
في خدمة سياسات ترى سكان البلاد
الحاليين في فلسطين سكاناً
طارئين عابرين . فهم عابرون
وطارئون على تاريخ البلاد
الحقيقي القائم في أذهان هؤلاء . ولا يقوم الحق، ولا القانون الدولي، ولا
العلاقات بين الشعوب إلا على
أساس حق السكان على وطنهم الذي
ولدوا فيه أباً عن جد، وفلحوا
أرضه واستصلحوها، ورووها
بعرقهم، وكتبوا فيها الملاحم
والقصائد، وأقاموا فيه
حاضراتهم وتوارثوها . وتخيلوا
لو تعاملنا مع السكان في كل بلد
في العالم كأنهم حالة طارئة على
تاريخ هذا البلد القديم
والحقيقي والمقدس، وأن لهذا
التاريخ المقدس حملة آخرين،
ومتشفين يرون في السكان ركاماً
فوضوياً، أو مجرد ديكور، أو
أداة حفر في أفضل الحالات .
تخيلوا لو قررنا أن هذا التاريخ
المقدس هو الذي يمنح الحق على
البلد؟ طبعاً لا يمكن تخيّل ذلك
حتى بحق شعوب تعيش حيث تعيش منذ
بضع مئات من السنين، ونعرف
عينياً متى هاجرت ومتى توطنت،
إذ إنها فعلت ذلك بعدما نشأ علم
تاريخ حديث مكتوب، ناهيك بدول
لم تكن قائمة وأصبحت قائمة بفعل
عمليات توحيد وانفصال طيلة
القرنين الأخيرين في أوروبا
وغيرها . فلسطين والتاريخ المقدس ولكن هذا ما يجري بشأن فلسطين وفيها . وهذه
هي الاستراتيجية الإيديولوجية
المتبعة إذا صح التعبير لمصادرة
فلسطين من أهلها . إنها
الاستعاضة بحق تاريخي مقدس عن
حق السكان الموجودين بفعل
وجودهم المتسلسل والمتواصل منذ
مئات وآلاف السنين كما يفهمون
هم “ذاتهم” ويعرّفونها . وهي
الناتجة عن اختلاط الثقافات
والشعوب وتلاقحها على أرضهم منذ
كنعان وحتى هيمنت الثقافة
العربية الإسلامية مشكلةً
بوتقة صهر في الوقت ذاته . إنها
استبدال التاريخ المعاش بتاريخ
آخر . هو بنظر المستعمرين
التاريخ الحقيقي والمقدس الذي
يؤسس لكيان آخر غير الكيان
القائم، وعلى أنقاضه . هؤلاء ينتجون خطاباً إيديولوجياً يعاد
استخدامه في خدمة سياسية توسعية
استعمارية . ويجب ألا يولد هذا
المجهود المنتشر من المبعوثين
المدنيين للدول الاستعمارية في
أيام الإمبراطورية العثمانية،
والمبشرين مروراً بالقادة
الصهاينة، وحتى آخر مراسل صحافي
وصل البلاد رد فعل علمي نقدي .
فقد كاد يسيطر على الخطاب
السياسي والإعلامي وحتى
الجامعي الغربي، ناهيك “بالإسرائيلي”،
بخصوص فلسطين وحق اليهود
التاريخي فيها . وتظهر
الصهيونية الحديثة والمحدثة
كممثل لهذا التاريخ اليهودي
المفترض . ولا شك أن تفنيد هذا
الخطاب بوسائل علمية تأريخية
وبالحجة والمنطق هو رد الفعل
الطبيعي، والذي لا بد من
تشجيعه، خاصة حينما يأتي من
علماء في أقسام التاريخ
والأركيولوجيا في الجامعة التي
تخون الأمانة عندما تؤسس
للتاريخ المقدس لدين من
الديانات كأنه هو التاريخ
العالمي . وهي تدري كيف يجري
تسخير ذلك سياسياً في احتلال
بلد وطرد أهله . ولكن رد الفعل الآخر يأتي من المقموعين
المصادرة أرضهم والمشردين
والمحاصرين بالمستوطنين وبهذه
الروايات والأساطير التي تقتحم
بيوتهم وحاراتهم وتهدمها، أو
تعيد تسميتها وتقسيمها، أو
تشردهم وتقيم بدل قراهم
مستوطنات بأسماء توراتية، أو
تحوّلهم الى أقلية في وطنهم،
وتعتبرهم حرفياً مهاجرين
وضيوفاً دخلوا “إسرائيل” .
خلافاً للواقع الحاضر البديهي
أنها هي دخلت عليهم . فمن يكتب
تاريخاً مزوراً يميل عادة
للكتابة المزورة عن الحاضر .
وإذا كان يكذب ويشوّه ما نشهده
بأم العين فكيف نأتمنه على
الماضي . ويكون رد الفعل أساساً بالمقاومة والصراع
. وتستند المقاومة إلى شرعية
الوجود على الأرض وإلى رفض
الاستعمار باعتباره عملية سطو
مسلح وعدوان . وهي لا تقوم لا على
القانون الدولي من جهة، ولا على
التاريخ المقدس من جهة أخرى .
ولكن رد الفعل المقاوم هذا
يستدعي أيضاً مصادر شرعية
ووطنية ودينية وخطاباً مقابلاً
للخطاب التوراتي وتاريخاً
مقدساً آخر، أو قراءة مخالفة
لنفس التاريخ المقدس، ولنفس
الأمكنة . فهو يستثمر تراث الشعب
وتاريخه ودينه في عملية
المقاومة . والمشكلة أنه كلما تبيّن عجز الدول
العربية، أو تبين عدم رغبتها في
مواجهة أو مقاومة “إسرائيل” (كقوة
دنيوية قامت بالفعل الحربي
والاستيطاني وبالتخطيط السياسي
وبالتطبيق الاستيطاني وبعملية
بناء الأمة والمؤسسات وكلها
أمور دنيوية جداً)، كلما تضخم
دور التاريخ المقدس المعارض
والمناقض للتاريخ المقدس
الصهيوني، وكلما زاد دور
الإيمان في عملية التعبئة
والتجييش لجماهير تلك الدول
التي تقاعست عن القيام بدورها . وبما أن القدس هي بؤرة التاريخ المقدس
الصهيوني وعاصمته، خلافاً
لتاريخه الدنيوي من بودابست
وفيينا وباريس ووارسو وبريست
ليتوفسك وأوديسا إلى تل أبيب
والكيبوتس والموشاف و”جيش
الدفاع” الدنيوية جداً جميعها،
فإن عملية التعبئة الصهيونية
بشكل خاص منذ عام 67 تجري حول
القدس . وكل ما يسمى قدس بموجب الخطاب الصهيوني
الذي يلتقي في القدس بشكل مطلق،
ويتطابق مع الخطاب القومي
الديني، يصبح مقدساً وغيرَ
قابلٍ للتفاوض . ولذلك فلا بد من
توسيع القدس . وبعملية التوسيع
هذه تتخذ الصهيونية وحكومة “إسرائيل”
مكان الآلهة فهي تسمي مناطق
تبعد عن القدس عشرة كيلومترات
باسم القدس أو تعتبرها جزءاً من
القدس، فتصبح بذلك غير قابلة
للتفاوض . وفي مقابل ذلك تجري تعبئة إسلامية تتمحور
حول الحرم القدسي الشريف أولى
القبلتين وثالث الحرمين
الشريفين، وحول المخططات “الإسرائيلية”
العلنية والمخفية بشأنه . . . ولا
شك أن الشعب الواقع تحت
الاحتلال احتاج القدس أيضا كرمز
. وأصبح الحرم القدسي الشريف
مركز حياة وهوية بالنسبة
للمقدسيين بشكل خاص . فقد قُطعت
أوصال مدينتهم، وتجري محاولة
فصلهم عن الضفة الغربية،
وحوّلوا إلى مجموعة غيتوات
فقيرة داخل مدينة يهودية،
وحرموا من المؤسسات الوطنية
داخل المدينة، كما حوصروا
اقتصادياً بقطعهم عن محيطهم
الطبيعي في الضفة الغربية . ولم
يبق من مركز يشدهم سوية سوى
الحرم القدسي الشريف فالتفوا
حوله، ينشدون كالعضلة في الدفاع
. ولكن عربياً وإسلامياً برز قصور هائل .
ففي الوقت الذي يتم فيه اختصار
فلسطين إلى قدس بمعنى إهمال ما
يجري في بقية فلسطين، وإذا
اختزلت القدس إلى الحرم الشريف
بمعنى عدم الاكتراث لما يجري في
أحياء القدس من معاناة في ظل
سياسة الأسرلة والتهويد، فإن
هذا يصب في مصلحة “إسرائيل”
التي أسرلت فلسطين والقدس كلها
ما عدا الحرم القدسي الشريف،
الذي تجري تحته الحفريات تحكى
حوله قصة مدينة افتراضية تحته
وحوله للسياحة الداخلية
والخارجية . وبرأينا يجب أن يكون التوجه الديني الذي
يلتقي مع الوطني والقومي في
مقاومة الاحتلال معاكساً تماما
. فكل القدس هي حرم شريف، وكل
فلسطين هي قدس . والواجب الوطني
والقومي والديني يقضي بصد كل
عدوان على فلسطين . حتى القرآن
الكريم يتحدث عن المسجد الأقصى
الذي باركنا حوله . وأنا أدعو
إلى التركيز على معنى “حوله”
هنا . ولنترك النقاش حول من بنى الهيكل: سليمان
أم داوود أم ملكي صادق، أم حتى
سام ابن نوح، واين امتحن الله
إبراهيم بابنه على الصخرة؟ في
القدس؟ أم عند الحجر الأسود في
مكة المكرمة؟ فهذا النقاش لا
يقلل من شرعية التاريخ المقدس
اليهودي بل يؤكده من المنطلق
النقيض طبعاً، يؤكده كخصم له
حالياً، حتى لو سمينا الهيكل
المزعوم مسجداً . ومن هنا أدعوكم لرؤية ما جرى ويجري في
القدس . حيث لا تعتمد “إسرائيل”
الأسطورة فقط، بل أيضا القوة
العسكرية والجرافة والبولدوزر
والأمر الواقع والتخطيط
والبناء وشق الشوارع وسكك
الحديد لتكريس الواقع ولتحقيق
الأهداف الدنيوية المبررة
بالأسطورة وبالتاريخ المقدس . لقد تغيرت القدس
جذرياً في العقود الأخيرة . ولا
شك أن من ولد فيها قبل العام 67
ويأتي لزيارتها يجد قدساً أخرى
تماماً . هذا هو الواقع السياسي
الذي أسس لرسالة الضمانات من
بوش إلى شارون من ابريل/نيسان ،2004
ويؤكد فيها عدم واقعية عودة
الواقع في القدس الى ما كان عليه
قبل عام ،67 وهو أيضا ما دعا
الأوروبيين مؤخراً بضغط “إسرائيلي”-
امريكي لتغيير اقتراح قرار
سويدي أن تقسم القدس الى
عاصمتين، بحيث غدا الاقتراح بعد
التعديل أن تكون القدس عاصمة
لدولتين، وأن يقرر الطرفان
التغييرات والتعديلات على حدود
الرابع من حزيران . يجري في القدس حالياً اتبعت “إسرائيل” الآليات الإدارية
والإجرائية التالية في عملية
تهويد القدس وضمها: 1- اختراع
مفهوم القدس غير القابلة
للتفاوض بتحويل القداسة إلى
مفهوم سياسي . 2- تتبع الرواية
التاريخية التوراتية في كل حي
وجبل وكهف في القدس بحيث تعاد
تسميته ويستهدف للاستيطان
واعتبار سكانه ضيوفاً تمهيداً
للتضييق عليهم وطردهم . 3- توسيع
حدود المدينة لكي تشمل القداسة
“الإسرائيلية” المحتكرة وغير
القابلة للتفاوض أكبر مساحة
ممكنة من الأرض . 4- مصادرة الأرض
من العرب وبناء المستوطنات . 5-
تقليل عدد السكان العرب
بالتهجير، وباعتبارهم مهاجرين
دخلوا “إسرائيل”، ومصادرة “بطاقات
الهوية”، كما تسمى في “إسرائيل”
وثيقة الإقامة الدائمة في
المدينة، بموجب قانون الدخول
الى “إسرائيل” . 6- فصل المدينة
عن بقية الضفة الغربية بواسطة
تغيير مكانتها القانونية،
وتمييز مكانة سكانها عن باقي
مناطق الضفة، وببناء حزام
استيطاني حولها، ومؤخراً أيضا
بواسطة الجدار العازل المحيط
بالقدس والمسمى بالعبرية “غلاف
القدس” . منذ عام 1917 اعتبرت الخارطة الهيكلية
البريطانية غربي القدس منطقة
نمو وتطوير، في حين اعتبرت
المناطق الواقعة شرقي المدينة
خارج الأسوار مناطق بناء محدود،
أما البلدة القديمة داخل
الأسوار فقد حظر فيها البناء .
وقد باشر الانتداب البريطاني
بضم مستوطنات يهودية الى القدس .
أي أن فكرة توسيع المدينة لتشمل
سكاناً يهوداً بأعداد أكبر،
ومساحات بسكان عرب أقل قائمة
منذ تلك الفترة . فقد ضم
الانتداب عام 1947 كلاً من
مستوطنة بيت هكيريم ورمات راحيل
الى المدينة . وكانت وما زالت
تبعد 4 كم عن البلدة القديمة . في
حين تركت قرى عربية متاخمة
لأسوار البلدة القديمة مثل
سلوان والطور وسور باهر كقرى
خارج الخارطة الهيكلية
للمدينة، أي خارج تعريف المدينة
. وطبعا وسّعت “إسرائيل” المدينة في ما
بعد لتصل إلى حدود بيت لحم
جنوباً ورام الله شمالاً . وباتت
القدس هي الخارطة الهيكلية
للقدس، أو مناطق نفوذ بلدية
القدس . وخلط هذا كله بموقع
أورشليم التوراتي، الذي كان
اليهودي يختم صلاته به “إذا
نسيتك يا اورشليم تنساني يميني”
. فهل كان المقصود قدساً سماوية
تلتقي مع الأرض في يوم
الدينونة، أم المقصود أورشليم
أرضية غير معروفة الموقع، ويصعب
تحديد اين كانت، إذا كانت؟ لا
ندري . ولكن بالتأكيد لم يكن
المقصود منطقة نفوذ بلدية
القدس، كما تتحكم بها
الائتلافات الحكومية المختلفة
في “إسرائيل” منذ الاحتلال . فور انتهاء معارك حرب يونيو/حزيران 1967
أعلن رئيس الحكومة ليفي أشكول
عن توحيد شطري القدس . ولكن
الإعلان لم يجر بالصراحة التي
تتم فيها المجاهرة والمفاخرة
بالقدس الموحدة في أيامنا . فقد
كانت “إسرائيل”، وما زالت
متهيبة من أثر هذا الضم على
الساحة الدولية . كما عارض أربعة
وزراء من التحالف العمالي “المعراخ
سابقاً” عملية الضم باعتباره
قد يشكل عائقاً أمام السلام .
وقد أصر بيجن الذي كان وزيراً في
حكومة الوحدة الوطنية تلك على
الكلام جهارة عن توحيد القدس .
ولكن كانت هنالك خشية من
استفزاز المشاعر العربية
والإسلامية والمسيحية أكثر مما
ينبغي بعد هزيمة . هنا نجد الفن
والمهنية “الإسرائيلية” في
الصياغات التي تبدو إجرائية
وجافة ومحايدة وعديمة الضرر .
فكيف بدا نص القرار؟ هكذا قررت
الحكومة “الإسرائيلية” في
جلستها من يوم 27 يونيو/حزيران 1967
التي ضمت فيها القدس الشرقية
إلى “إسرائيل” في مخالفة صريحة
قائمة على القوة لما يسمى
القانون الدولي، الذي يحظر ضم
الأراضي التي جرى الاستيلاء
عليها بالقوة: “إن تلك المساحة
من أرض “إسرائيل” التي سيتم
توصيفها في الملحق سوف تعتبر
مناطق تطبق فيها أحكام القوانين
والقضاء والإدارة النافذة
المعمول في الدولة” . طبعاً لن
تجد في القرار كلمة القدس . وكل
ما تجده في الخرائط الملحقة هو
قطاعات صغيرة ملونة تدل على
المناطق التي سوف يطبق عليها
القانون “الإسرائيلي” . ولن
تجد كلمة القدس حتى في كلمة وزير
العدل يعقوب شابيرا أمام
الكنيست التعليلية لهذا
المرسوم . لم يكن العناد ولا
التباهي “الإسرائيلي” بشأن
القدس قائما في حينه . ويبدو أنه
ازداد مع مرور الزمن، وتناسب
عكسياً مع الرغبة أو القدرة
العربية على فعل شيء، وطردياً
مع تلون ونفاق ما يسمى
إيديولوجيا بالمجتمع الدولي . وصادقت الكنيست على مرسوم الضم الحكومي .
واكتفت بإدخال تعديلات على
إجراءات الحكم والقضاء، المادة
11 (ب)، وكذلك على قانون البلديات
بما يتلاءم وهذا المرسوم . في
تلك الفترة كانت “إسرائيل”
تبخل بالكلام، ولكنها كانت تخطط
وتعمل وتصادر الأرض وتقيم
المستوطنات . وكانت بموازاة ذلك
وما زالت تدخل السكان العرب
المحليين في متاهات العدالة
والقوانين “الإسرائيلين”، حيث
يصنع الإجراء بحد ذاته خبراً،
أما النتيجة فدائما لصالح من
يصادر الأرض . والنتيجة لا تصنع
خبراً، فهي لا تدل على
ديمقراطية “إسرائيل” . دولة
الاحتلال تصادر بموجب قوانين،
وهي نفسها التي وضعت القوانين
التي تصادر بموجبها، وتهدم
بموجبها البيوت، وتغير تضاريس
المكان والسكان . ولكن في غياب
أي فعل عربي وأي استراتيجية
مواجهة بعيدة المدى، كما هي
استراتيجية التخطيط “الإسرائيلية”،
تحتكم الضحية لقوانين وضعها
الفاعل . يوم 30 يوليو/تموز ،1980 أي في عهد حكومة
بيجن، أقرت الكنيست قانون أساس (أي
بالعربية قانون دستوري) هو
قانون “القدس الموحدة عاصمة “إسرائيل””
الأبدية . (ولنترك جانباً للحظة
ذلك “الأبد” الذي تحوله “إسرائيل”
كما تحول “التاريخ” إلى موظف
أو مراسل عندها) . كان بيجن قد
طالب بمثل هذا القرار منذ أن
ضُمت، وذلك بعد توقيع أول اتفاق
سلام مع دولة عربية هي أكبر دولة
عربية . وعلى إثر هذا القرار
وُسعَت مساحة القدس البلدية من 5
.6 إلى 71،2 كم . وفي العام 1993 جرى توسيع مدينة القدس مرة
أخرى إلى 130،2 كم وفي العام 2005
أقرت الحكومة “الإسرائيلية”
مخطط مدينة القدس حتى العام 2020
ويشمل أحياء استيطانية جديدة
ومرافق وسكك حديد وشوارع ومناطق
خضراء، وبتوسيع لمساحتها قدره
40% إضافية . وفي هذه الأثناء
تحولت القدس الشرقية إلى مجموعة
أحياء عربية تفصلها مستوطنات عن
بعضها، ويحيط بها ما يقارب عشر
مستوطنات . وشارك في هذا الجهد
إضافة للدولة ولبلدية القدس
مؤسسات يهودية عالمية وصناديق
تمول شراءَ الأرض والمنازل حيث
تصعبُ المصادرة، وجمعيات
يهودية تخترق الأحياء العربية
بيتاً بيتاً، وذلك بمتابعة
أصحاب البيت المتوفين وورثته
الموجودين في الخارج، وبتزوير
الوثائق والإغراء المالي وغيره
. لقد واجه سكان القدس العرب من
دون مؤسسات حقيقية شبكة من
المؤسسات القوية الغنية وطويلة
النفس . وبقيت لجنة القدس التي
أقامتها منظمة المؤتمر
الإسلامي بعد الاعتداء على
المسجد الأقصى بالحرق منصة
للخطابات والبيانات . وحتى هذه
شحت في الآونة الأخيرة . بين الأعوام 1948- 1967 صادرت “إسرائيل”
الأراضي المملوكة من قبل عرب في
القدس الغربية والبالغة 40% من
مساحتها بموجب قانون أملاك
الغائبين، الذي صادر أملاك
العرب وجعلها في عهدة القيم على
أملاك الغائبين . وهم المغيّبون
المشرّدون في الحقيقة . وبعد عام
67 صادرت “إسرائيل” الأرض في
القدس الشرقية . وما زالت
تصادرها لبناء مستوطنات قسمت
أحياء المدينة في شرقي القدس
بمستوطنات مثل “رمات إشكول”
وال”جفعاة تسرفتيت”، و”هار
هتسوفيم”، و”نفي يعقوب”، و”جيلو”
وغيرها، وفي الموجة الثانية
لغرض بناء مستوطنات تحيط بالقدس
الشرقية من كل جانب مثل: بسجات
زئيف و”متسودات زئيف”، و”هار
حوماه”، و”معاليه أدوميم”، و”عطروت”
. وتفصلها عن باقي الضفة
الغربية، بما في ذلك من تقطيع
لأوصال الضفة كلها إلى قسمين،
شمال وجنوب، يصعب التواصل بينها
. وقد جرت هذه المصادرات بموجب
قانون المصادرة لأغراض المنفعة
العامة من العام 1953 . وفي ظل الإيديولوجية الصهيونية يشكل بناء
المستوطنات مصلحة عامة تبرّرُ
مصادرة الأرض ممن لا يستفيدون
منها بل تقوم المستوطنات على
أنقاض منفعتهم العامة، لتعلّمك
“إسرائيل” أن القانون يمثل
إيديولوجية، ويخدمُ مصالح
وأهدافاً سياسية . وحتى لو تصرف
القانونيون وكأن وظيفتهم غير
سياسية . فهم سياسيون، ولكنهم
سياسيون على سكة محددة، يسيرون
عليها، لا يرون ولا يسمعون ما
حولها . إن تفسير القانون الذي
سن لأهداف سياسية، والمرافعة
بموجبه، والحكم بحسبه بشكل “موضوعي
ومحايد”، هي نشاطات سياسية لا
موضوعية ولا محايدة . وعندما
تسلم المحكمة “الإسرائيلية”
العليا بمثل هذه القوانين،
وتحكم على أساسها فإنها لا تحكم
بحيادية ولا بموضوعية، بل تحكم
كمحكمة احتلال “إسرائيلية” هي
أداة رئيسية في تبرير وتغطية
وتنفيذ عملية الأسرلة والتهويد
وإزالة العوائق من طريق
الاحتلال والاستيطان . منذ العام 67 استولت “إسرائيل” على 85% من
اراضي القدس الشرقية التي كانت
تحت الحكم الأردني بفعل قوانين
تملّك ومصادرة مختلفة . وقد
تواطأ القانون والقضاء “الإسرائيليان”
منذ ضم القدس في واحدة من أكثر
عمليات الخداع القانوني فداحة
في التاريخ . فقد وافقت المحكمة
العليا “الإسرائيلية” بمجرد
الضم أن يتم التعامل مع عرب هذه
المدينة، سكانها الأصليين أباً
عن جد، وأصحاب البيوت والأملاك
فيها، وكأنهم قد دخلوا إلى “إسرائيل”
كمهاجرين لتوهم . وموعد هجرتهم
الى “إسرائيل” هو يوم ضمت
القدس إليها . وبما أن القدس
وبيوتهم نفسها صارت جزءاً من “إسرائيل”،
فإنهم يعتبرون بسحر الفقه
القانوني، في لحظة واحدة، وبين
ليلة وضحاها وكأنهم دخلوا
بيوتهم ذاتها كمهاجرين . وهكذا
قررت المحكمة في قضية الدكتور
مبارك عوض أن الولادة في القدس
لا تمنح المواطن العربي إقامة
فيها بالضرورة، ولا تمنع إبعاده
عن المدينة بسحب إقامته المسماة
في “إسرائيل” “بطاقة هوية” .
وبموجب قانون الدخول الى “اسرائيل”
يُمنَحُ المهاجرُ إقامةً، ولكن
في حالة حصوله على إقامة في بلد
آخر، أو في حالة حصوله على جواز
سفر آخر، او في حالة مكوثه خارج
البلاد لمدة سبع سنوات فإنه
يخسر كمهاجر إقامته في البلاد . (وفي
هذه الحالة يخسر الإقامة في
بلده) . هكذا بدأت عملية تطهير
إثني لسكان القدس . وقد بلغ عدد
المقدسيين الذي حرموا من بطاقة
الإقامة في بلدهم في العام 2008
وحده 4577 مواطناً . ومؤخرا في مايو/أيار 2006 وافقت المحكمة
العليا أيضاً على قانون بدأ
كمرسوم يتجدد سنوياً، ثم تحول
الى قانون لا يَمنَحَ بموجبه
الزواجُ من سكان الضفة الغربية
وقطاع غزة الحق بلم الشمل
والإقامة في “إسرائيل” بما
فيها القدس، أي ان المقدسي أو
العربي من الداخل الذي يرتبط
بابنة شعبه او التي ترتبط بابن
شعبها برابطة الزواج يجب عليه
ان يغادر القدس عملياً إذا إراد
أو أرادت العيش مع العائلة . وقد اتخذ القرار ببناء الجدار العازل حول
القدس بطول 88 كم في اللجنة
الوزارية لشؤون القدس يوم 11
مايو/ايار ،2002 وفيما عدا فصله
للبيوت عن بعضها، وجانب من
الشارع عن الجانب الآخر حرفياً،
وإلغاء شوارع تاريخية مثل شارع
القدس- رام الله، وتحويل أحياء
وقرى بكاملها الى معازل، فإن
الجدار أخرج من القدس 80 -90 ألف
عربي من حملة بطاقة الهوية
المقدسية أو “الإسرائيلية” . وأخيرا يوم 11 مارس/آذار 2008 قررت الحكومة “الإسرائيلية”
تسجيل عقارات فلسطينية في
الطابو باسم اليهود الذين
استولوا عليها من الحي المسمى
مقدسياً باسم “حارة الشرف” وهو
الملاصق لحائط البراق ويتاخم
الحرم . لقد شرد سكان هذا الحي،
وهجروا من بيوتهم لإقامة ساحة
الصلاة عند حائط المبكى أو
الحائط الغربي للهيكل كما يسميه
اليهود، ولتوطين اليهود لإعادة
مجال الحي اليهودي . وأصبح اسم
هذا القسم من البلدة القديمة
داخل الأسوار “الحي اليهودي” .
وجرى مضاعفة مساحته عدة مرات .
ولكن مع عملية التسجيل بالطابو
حوّلت الأملاك المصادرة الى
ملكية خاصة للسكان اليهود
كأفراد، وذلك في سابقة تتكرر
حالياً في عملية خصخصة أملاك
الغائبين، اي أملاك اللاجئين
داخل المناطق التي احتلت عام ،1948
وذلك في تصفية قضية اللاجئين
والقدس حتى من الناحية الشكلية .
إذ إن “إسرائيل” تقوم ببعثرتها
الى قضية ملكيات خاصة لأفراد
مواطنين، بعد أن كانت اراضي
دولة تعار لمواطنيها اليهود
إعارة ولو لمدد 49 و99 عاماً . ولكن
هذه الخصخصة تتم بحماية الدولة
وبتخطيطها . هذه الخصخصة هي
مشروع عام لتصفية ما هو عالق مثل
قضية أملاك اللاجئين ومصير
القدس الشرقية . ولكن الخصخصة التي تقوم بها الأنظمة
العربية هي ترك فلسطين
للفلسطينيين، وما تقوم به
السلطة الفلسطينية هو ترك القدس
للمقدسيين ليصبحوا كالأيتام
على موائد اللئام . ومن هنا لا بد من قلب المعادلة . لكي تصبح
كل القدس هي حرم شريف وكل فلسطين
هي قدس، ولكي تكون القدس
وفلسطين قضايا الأمة بأكملها
وليس قضية الفلسطينيين وحدهم . يصبح المنزل المعرض للهدم قضية كل
المقدسيين إذا كانت القدس قضية
الفلسطينين، وقضية فلسطين هي
قضية العرب، وهو نفس النهج الذي
لا يترك الفقر للفقراء ولا
المرض للمرضى ولا التعليم للأهل
وحدهم، إنه نفس النهج الذي يبني
أمما وشعوباً . تكتسب قضية القدس
هنا رمزية من نوع آخر تماماً . * مفكر عربي، والنص محاضرة
ألقيت أمس الأول في افتتاح
مؤتمر أكاديمي حول تاريخ القدس
في المتحف الوطني في دمشق ======================= أنقرة الافتتاحية الثورة الخميس 17-12-2009م بقلم رئيس التحرير أسعد عبود منذ مشوار حلب - غازي عنتاب، حيث الاجتماع
الوزاري الأول تمهيداً لاجتماع
مجلس التعاون الاستراتيجي
السوري التركي عالي المستوى الى
اليوم يخامرني سؤال.. ومنذ تتبعت أخبار زيارة السيد رجب طيب
أردوغان الأخيرة لواشنطن ،
أيضاً يواجهني سؤال.. كلاهما تعاملت معه إعلامياً، وبحثت عن
الإجابة. وفي لقاء مميز مع السيد أردوغان، رئيس
الوزراء التركي «الغني عن أي
تعريف» ضمن الوفد الإعلامي
الرسمي السوري، استطعت أن أطرح
عليه سؤالين ضمن حوار جماعي
شابه الندوة، استطاع فيه
الإعلاميون السوريون بأسئلتهم
أن يحصلوا على إجابات من السيد
أردوغان أحاطت بمختلف مظاهر
التألق والتساؤل في المنطقة. يوم غازي عنتاب عشت سؤالاً: أتراه يستمر هذا النمو الكبير في علاقات
البلدين، أم أنه سيعاني لدى أي
تغير سياسي يحصل هنا أو هناك.. وفي زيارتي هذه لأنقرة، ومن خلال ما أظهره
الأشقاء هنا، من فهم وترحيب
عقلاني وموضوعي لتطور علاقات
البلدين، وطرحته في افتتاحية
عدد أمس، وطرحته أيضاً على
الرئيس أردوغان: هل يستمر تألق هذه العلاقة بتأثير نموها
الذاتي، أم ستحتاج دائماً إلى
الإرادة السياسية لقيادتي
البلدين؟!. بدا السيد أردوغان واثقاً من تطور
واستمرار مابدأناه ، مؤكداً
أهمية الإرادة السياسية، بما
يشير إلى أن هذه الإرادة ستبقى
متوافرة. أما السؤال الآخر الذي تشكل من زيارة
أردوغان لواشنطن، فقد دار في
ذهني حول انطباعه خلال لقائه
الرئيس أوباما، الذي عوّل على
دور تركي لحل مشكلات المنطقة،
ومستوى الأمل الذي مازال يمكن
تعليقه على دور أمريكي للوصول
إلى السلام في الشرق الأوسط.. تماماً كما أجابني السيد الرئيس بشار
الأسد في زغرب أن المشكلة في عدم
توافر شريك للسلام. قال أردوغان عن مواقف واشنطن أكثر من ذلك،
بشكل عام بدا متفائلاً، ليس من
المواقف الأمريكية وحسب، بل من
مستقبل المنطقة رغم أنه لم
يتجاهل ماتواجهه من مشكلات
وصعاب. اللقاء مع السيد أردوغان مريح.. غني.. جميل
ستكون لي فرصة أخرى لأقرأ لكم
منه. a-abboud@scs-net.org ======================= التغيرات المناخية بين
حسابات المكسب والخسارة بقلم :صالح سلمان عبدالعظيم البيان 17-12-2009 جاءت قمة الأمم المتحدة للتغيرات
المناخية المنعقدة حاليا في
كوبنهاغن، لتكشف عن عمق
التحديات التي تواجه البشرية
بالنظر لمستقبلها المناخي،
والأخطار التي تتهددها. فالأخطار المناخية الكونية وصلت
لمستويات غير مسبوقة، بحيث انها
لم تعد مشكلة عابرة تواجه الكرة
الأرضية، بقدر ما أصبحت مشكلة
ملحة عاجلة تحتاج لحلول فورية
وملحة. وهو أمر يؤكده جيمس هانسن، عالم المناخ
الأميركي الذي يُعد أكثر من
وجّه تحذيرات للساسة ودعاهم
للعمل من أجل إيجاد حلول فعالة،
من أجل مواجهة التغيرات
المناخية الحالية. فهانسن يرى أن الأوضاع الراهنة لا تستدعي
أي قدر من المساومة على الأوضاع
البيئية المتدهورة، بل إنه يشبه
الوضع البيئي الحالي بقضايا
حاسمة واجهها العالم، مثل قضية
العبودية أو النازية، فلم يكن
من الممكن للقادة العالميين أن
يساوموا حول العبودية أو
النازية، ويرجئوا مواجهتها
لفترات تاريخية تالية تحت دعوى
المساومة. وبالمثل ينطبق الأمر
نفسه على مواجهة البيئة. حيث لم يعد من الممكن القبول بتحسين
البيئة بنسب معينة، أو التوصل
لنسب معينة خاصة بالانبعاث
الحراري؛ فمن الضروري اتخاذ
إجراءات عاجلة وسريعة للتخلص من
الانبعاث الحراري. ويؤكد هانسن
على أننا ليست لدينا نوعية
القادة الذين يحددون ما يمكن
عمله تجاه التغيرات المناخية
الكونية، حيث يواصلون صناعاتهم
وتجارتهم ومشروعاتهم المختلفة.
فما زال هؤلاء القادة الكبار
يفضلون المكاسب الآنية
السريعة، على حساب المكاسب
الكونية البيئية بعيدة المدى. والمتوقع أن الاتفاقية الناجمة عن مؤتمر
كوبنهاغن لن تؤدي إلى شيء يذكر،
يضعها في تعارض مع ما انتهت إليه
الاتفاقيات الناجمة عن قمة
كيوتو والتي ينتهي العمل بها
عام 2012. فالواقع الحالي يكشف عن
تراجع اقتصادي حاد على المستوى
الكوني، بسبب الأزمة المالية
الراهنة، وهو أمر لن يجعل
الجميع يُقدم على تنازلات
حقيقية، تمكن من خفض حقيقي
وفعلي في الغازات المنبعثة
والمؤدية للاحتباس الحراري
الكوني. والمشكلة الأساسية أن البعض يرى الآن أنه
من الضروري فك الارتباط
بالعولمة، وضرورة العودة لنمط
الإنتاج الداخلي الخاص بكل دولة
على حدة، وذلك تجنبا للتلوث
الناجم عن عمليات النقل الكوني.
فوفقا للإحصائيات الخاصة
بالأمم المتحدة، فإن النقل
الكوني مسؤول عن 23 من انبعاثات
غاز ديوكسايد الكربون، المسبب
لارتفاع درجة حرارة الكون. ومما يؤكد صحة ذلك أن العام 2009 شهد أقل
نسبة انبعاث للغازات المسببة
لارتفاع درجات الحرارة الكونية
خلال أربعين عاما، وذلك بسبب
ضعف التصدير في كافة أنحاء
العالم في أعقاب الأزمة المالية
الراهنة. من هنا فإن الكثيرين يؤكدون على التحول من
نمط الإنتاج من أجل التصدير،
الذي يسبب الكثير من الانبعاثات
الغازية بسبب النقل الكوني،
والتحول نحو التركيز على
الإنتاج من أجل الاستهلاك
الداخلي، وهي مسألة لن تعجب
الأربعة الكبار المسؤولين عن
التلوث الكوني، وهم: الولايات
المتحدة والصين والاتحاد
الأوروبي والهند. وعلى ما يبدو، فإن العالم غير مهيئ بعد
لاتخاذ إجراءات حاسمة نحو
التغيرات المناخية الحالية؛
فالخلافات مستعرة بشكل حاد بين
أميركا والصين على وجه الخصوص،
وهي خلافات تحكمها مصالح
الدولتين ورغبتهما في المزيد من
الإنتاج والتصدير، بغض النظر عن
حجم الغازات المنبعثة من كليهما.
كما أن الحرب استعرت أيضا بين العلم
والسياسة، من خلال التجسس على
البريد الالكتروني للعلماء،
ومحاولة التشكيك في النتائج
العلمية القاطعة التي تؤكد على
أن الانبعاث الحراري هو السبب
الرئيس في ارتفاع حرارة الكون
والتغيرات المناخية الهائلة
التي تواجهنا الآن. فالبروفيسور جون ماربرغر كبير العلماء
الأميركيين في ما يتعلق
بالتغيرات المناخية، يؤكد أن
مسؤولية الغازات عن ارتفاع
الحرارة حقيقة مؤكدة بأكثر من 90%،
ولا تستدعي التشكيك في صحتها
كما يحاول السياسيون وأصحاب
الشركات ورجال الأعمال حول
العالم. يجب على العلماء الآن عدم الدخول في الجدل
العقيم حول دور العامل البشري
وتأثيرات الانبعاث الحراري في
التغيرات المناخية الحالية،
وهو جدل يستفيد منه رجال
السياسة والأعمال في الأساس، من
حيث أنهم يسحبون القضية إلى
ملعب الخلافات العقيمة التي
توجه النظر بعيدا عن الأضرار
الهائلة المرتبطة بالانبعاث
الحراري. كما أنه يجب العمل على زيادة توسيع
القاعدة الشعبية الخاصة
بمقاومة التغيرات المناخية
والتلوث البيئي بشكل عام؛ فلم
يعد من المناسب الآن الاقتصار
على الحركات النخبوية المرتبطة
بالإنترنت وغيرها من وسائل
الاتصال الحديثة، رغم أهمية
ذلك، بل إنه من الضروري توسيع
دائرة العمل الميداني بين كافة
الشرائح الاجتماعية المختلفة،
وبشكل خاص الطبقة الوسطى
والفقراء، من أجل زيادة الوعي
بالمخاطر البيئية المتوقعة،
والتي يدفع ثمنها الفقراء غاليا
في كل مكان. ما زال التعامل مع التغيرات المناخية
الهائلة التي تواجهنا يتم من
خلال حسابات المكسب والخسارة،
وهي مسألة لم يعد يحتملها ما آلت
إليه الأوضاع والتهديدات
الكونية البيئية الراهنة. فهل تفيق القوى الكبرى من غطرسة الأرباح
والرغبة في الهيمنة الكونية، أم
أنها سوف تستمر في تجاهلها
للأوضاع الكونية؟ وساعتها لن
يميز غضب الطبيعة بين غني
وفقير، أو بين رئيس وتابع! كاتب مصري ======================= بقلم :
د. محمد مخلوف البيان 17-12-2009 هناك مواضيع تفرض نفسها على ساحة الحاضر،
بسبب ما تشتمل عليه من أهمية في
منظور المستقبل. ولا شك أن مكانة
المسلمين في الغرب عامة هي أحد
هذه المواضيع المطروحة بقوّة
وبأشكال مختلفة اليوم، في
انتظار ما ستؤول إليه نتائجها
في الغد، على المسلمين وعلى
الغرب. في كل الحالات هذا موضوع لا ينبغي تجنّبه،
بل الخوض فيه بجديّة ومسؤولية،
ليس بسبب راهنيته فحسب، ولكن
أوّلا، وأساسا، بسبب بعده
المستقبلي في تحديد نمط العلاقة
وطبيعتها مع العالم وفي العالم. أثار قرار منع بناء المآذن في سويسرا
الكثير من النقاش حول مكانة
المسلمين في أوروبا. وفرنسا هي
أحد أكثر البلدان الأوروبية
حساسية لهذا الموضوع، أوّلا
بسبب عدد المسلمين فيها، وثانيا
لأنه يأتي في فترة يثير فيها
النقاش حول «الهوية الوطنية»
الفرنسية الكثير من الجدل العام.
والمسألة من الجديّة بحيث أن الرئيس
الفرنسي نيكولا ساركوزي نفسه
نشر «مقال رأي» في صحيفة لوموند
بتاريخ 9 ديسمبر الجاري بهذا
الشأن، دعا فيه إلى الاحترام
المتبادل بين «أولئك الذين
يقدمون» و«أولئك الذين
يستقبلون». ولا شكّ أن القرار السويسري أثار حميّة
أولئك الذين تداعبهم المشاعر
العنصرية الدفينة من الفرنسيين.
ومباشرة انتقل النقاش حول
الهوية الوطنية من ميدان
الهجرة، كي يتركز صراحة حول
الإسلام. وكي تكتمل الصورة، لا بدّ من ذكر الأسباب
البعيدة التي تدفع فرنسا إلى أن
تطرح على نفسها أسئلة حول
هويتها الوطنية. وعلى رأس هذه الأسباب نهاية إمبراطوريتها
الاستعمارية، وقيام الاتحاد
الأوروبي، و«ثورة الطلبة» عام
1968 التي هزّت المجتمع الفرنسي
من جذوره. هذه الأمور كلّها
تبلورت في المرحلة الراهنة،
بطرح مسألة يمكن تلخيصها ب«التعايش»
مع الإسلام كأحد مكوناتها. بعض الأرقام لها دلالاتها. لقد نشرت صحيفة
«الباريسي» يوم الخميس 11 ديسمبر
الجاري استطلاعا للرأي، أظهر أن
54% من الفرنسيين يعتبرون أن
الإسلام ينسجم مع نمط الحياة في
المجتمع الفرنسي، بينما يعتبر
82% أن المعتقد الكاثوليكي و72% أن
المعتقد اليهودي لا يطرحان أية
مشكلة. للتذكير، الإسلام هو
الديانة الثانية في فرنسا بعد
الكاثوليكية. وأظهر استطلاع آخر أن 41% من الفرنسيين
يعارضون بناء مساجد جديدة مقابل
19% يؤيدون، بينما يؤيد 46% منع
بناء المآذن. ودلّ استطلاع ثالث
على أن 44% من الفرنسيين يرون أن
الإسلام مثير للقلق أكثر من
الأديان الأخرى، بينما يرى 55%
أنه لا يثير لا أكثر ولا أقل من
القلق بالقياس إلى الأديان
الأخرى. هذه الاستطلاعات أُجريت
كلّها في بدايات الشهر الجاري. وفي فرنسا اليوم ما بين 5 إلى 6 ملايين
مسلم، كما تدلّ مختلف التقديرات
المتداولة، ويصل بعض التقديرات
إلى 7 ملايين. القسم الأكبر من
المسلمين الفرنسيين والمسلمين
المقيمين في فرنسا، جاؤوا إليها
واستوطنوا فيها بعد الحرب
العالمية الثانية، ومعظمهم من
مستعمراتها القديمة . حيث كان قد جرى استقدامهم بسبب الحاجة إلى
اليد العاملة، لإعادة البناء
بعد الحرب ثمّ للمشاركة في
النهوض الاقتصادي. الملفت
للانتباه أن هناك خلطا واضحا في
فرنسا بين «العرب» و«المسلمين».
الدولة الفرنسية لا تفرّق قانونيا بين
مواطنيها على أساس العرق أو
الدين. وفي عام 2002 قام وزير
الداخلية آنذاك نيكولا
ساركوزي، بتأسيس المجلس
الفرنسي للديانة الإسلامية.
وتشير أرقام وزارة الداخلية
الفرنسية لعام 2008 إلى وجود 1890
مسجدا وقاعة لأداء الصلاة في
فرنسا. على خلفية هذه المعطيات وفي سياق فرنسي
داخلي، استغلّ اليمين المتطرّف
منذ حوالي ثلاثة عقود التخويف
من الهجرة والمهاجرين لغايات
انتخابية، كما تفجّر عدد من
القضايا مثل قضية الحجاب في
المدارس، ثمّ البرقع حديثا. وفي
سياق عالمي برز الكثير من العنف
الدموي الذي بلغ ذروته في
تفجيرات 11 سبتمبر 2001، ونمت
مشاعر الخوف و«اكتشف»
الفرنسيون أن الحضور المسلم
كثيف عندهم لدرجة أنه يشكّل «تهديدا»
لهويتهم الوطنية. وما يُسمع ويُقرأ ويُشاهد، أقلّ بكثير
مما تتداوله مواقع الانترنت
ويتردد في المقاهي والبيوت.
القاسم المشترك هو الحديث عن
الإسلام القادم والمهدد لأسس
الديمقراطية الغربية. لكن ربما
يبقى الأكثر خطورة، بالقياس إلى
كل ما يقال في فرنسا وفي سويسرا
وفي كل مكان، هو «ما لا يقال»،
لكنه يفعل ويتفاعل داخل النفوس. لكن، رغم الضجّة المثارة حول تهديد
الإسلام للهويّة الوطنية
الفرنسية، ورغم توظيفها في
اتجاه أو آخر، فإن عملية اندماج
المسلمين في النسيج الاجتماعي
الفرنسي تتقدّم. إنها تتقدّم
ببطء، خطوة فخطوة. هذا ما تدل
عليه جميع الاستطلاعات
والتحقيقات الخاصّة بمشاعر
الانتماء وبالنجاح المدرسي. ومن المهم القول هنا إنه حتى أئمة المساجد
في فرنسا عامة، كانت لهم آراء
تتسم بقدر كبير من العقلانية
والاعتدال، بالقياس إلى تلك
الآراء الصادرة في داخل فرنسا
وخارجها والتي بدت كأنها تدق
طبول الحرب. كاتب سوري باريس
======================= صالح القلاب الرأي الاردنية 17-12-2009 غير متوقع بل أنه من المستبعد أن تنحاز
دمشق ، حتى بعد توقيع الإتفاق
الدفاعي الأخير مع طهران ، إلى
إيران في حال إندلاع الحرب
المتوقع إندلاعها في أي لحظة
بينها وبين الولايات المتحدة أو
بينها وبين إسرائيل أو بينها
وبين الإثنتين معا ، فسوريا
تعرف تمام المعرفة أن هذه الحرب
ليست حربها ولا هي حرب العرب ولا
حرب القضية الفلسطينية وأنها إن
هي إندلعت فعلا فإنها ستكون حرب
الإقتتال على النفوذ الإقليمي
في هذه المنطقة أي بين أميركا
وإسرائيل من جهة وبين الجمهورية
الإسلامية من جهة أخرى . والمؤكد أن سوريا تدرك وتعرف أيضا أن
الصراع المحتدم بين الإصلاحيين
في إيران وبين الرئيس الإيراني
محمود أحمدي نجاد هو الذي يدفعه
إلى التصعيد مع الولايات
المتحدة ومع المجتمع الدولي وأن
الدافع هو تحويل قضية القدرات
النووية إلى قضية أمة تبعد
الشعب الإيراني عن هؤلاء
الإصلاحيين وتلفهم حوله على
أساس أنه بمواقفه المتشددة
وعناده يمثل الكرامة والعزة
القومية !! . إنه لم يعد خافيا أن هناك علاقات متنامية
وواعدة بين سوريا والولايات
المتحدة وهذا يعني أنه من غير
الممكن بل والمستبعد أن تفرط
دمشق بهذه العلاقات ، التي تبني
عليها آمالا كبيرة إن بالنسبة
لمستقبل عملية السلام على مسار
هضبة الجولان المحتلة وإن
بالنسبة للدور الإقليمي الذي
تتطلع إليه وترى أنها تستحقه في
المنطقة ، وأن تربط نفسها
بمغامرات محمود أحمدي نجاد
وبصراعاته وحروبه الداخلية . إذن ، وهذا سؤال من المؤكد أن كثيرين
يسألونه ، لماذا تقبل دمشق
بتوقيع هذا الإتفاق الدفاعي مع
طهران وفي هذا الوقت بالذات
وبينما تتزايد إحتمالات
المواجهة العسكرية بين إيران
والولايات المتحدة بعد أن تدنت
وعلى هذا النحو فرص حل أزمة
القدرات النووية الإيرانية
بالوسائل السلمية ..؟! . بداية لابد من الأخذ بعين الإعتبار أن
سوريا تريد من خلال هذه الإتفاق
أن تعزز أوراقها التفاوضية مع
إسرائيل بورقة جديدة بعد أن
كانت قد كسبت ورقة تصدع أو تردي
العلاقات التركية الإسرائيلية
وبخاصة وأنها تستبعد إندلاع مثل
هذه الحرب التي قد تتخذ طابعا
مدمرا بين الأميركيين
والإيرانيين أو بين الإيرانيين
والإسرائيليين وأنها على قناعة
بأن إيران قد تبقى تناور وقد
تدفع الأمور إلى شفير الهاوية
لكنها في النهاية إن هي أدركت أن
خيار الصواريخ أصبح الخيار
الوحيد فإنها ستتراجع حتما في
اللحظة الأخيرة . لقد أثبتت سوريا ، وأكثر من مرة ، أنها
بارعة في لعب أوراقها المتعددة
، الورقة الإيرانية والورقة
الفلسطينية والورقة اللبنانية
، ولهذا فإن ما هو أكثر من مؤكد
أن توقيع هذا الإتفاق الدفاعي ،
وليس الحلف أو التحالف ، المشار
إليه وفي هذا الوقت بالذات الذي
يشهد تنامي علاقاتها مع أميركا
ومع فرنسا ودول الإتحاد
الأوروبي كلها هو أحد هذه
الأوراق .. أما الإنجرار إلى حرب
قد يسعى إليها محمود أحمدي نجاد
إن هو شعر بأنه قد يخسر معركته
مع الإصلاحيين فإن هذا غير وارد
على الإطلاق بل إنه مستبعد
بصورة مطلقة وكلية . ======================= هل ينسحب جنبلاط من
الأكثرية بعد انسحابه من 14
آذار؟ سوريا تحاول خلط الأوراق ولا
تمانع بكتلة وسطية اميل خوري emile.khoury@annahar.com.lb النهار 17-12-2009 بعدما حقق الطلاب الاشتراكيون فوز لائحة
المعارضة في الLAU (الجامعة اللبنانية الاميركية)
على لائحة قوى 14 آذار، هل يمكن
القول إن رئيس الحزب التقدمي
الاشتراكي النائب وليد جنبلاط
قرر الانسحاب من الاكثرية بعدما
انسحب من هذه القوى، ام انه
سيبقى بيضة القبان بينهما يرجح
كفة هذا الطرف او ذاك وفقا لما
يراه، وهو ما سيفعله في مجلس
الوزراء عند طرح المواضيع
المهمة ولا سيما منها
التعيينات، بحيث يحصل منها على
الحصة التي يريد، وما قد يفعله
مستقبلا عند اجراء الاستشارات
لتسمية رئيس الحكومة ومن ثم عند
تشكيلها فيكون له فيها التمثيل
الذي يرضيه؟ الواقع إن انسحاب النائب جنبلاط من قوى 14
آذار مع استمراره في صفوف
الاكثرية النيابية شكّل نكسة
لهذه القوى واذا ما قرر، في
الوقت المناسب، الانسحاب من
الاكثرية فانه يكون قد ألغى
نتائج انتخابات حزيران وحقق
اهداف قوى 8 آذار وتحديدا اهداف
حلفاء سوريا، وقد يصبح منهم بعد
زيارته المرتقبة لدمشق مخالفا
بموقفه هذا رأي غالبية ناخبيه
الذين صوتوا لمرشحي لوائحه
ايماناً منهم بمبادئ قوى 14 آذار
وخطها السياسي وليس تأييدا
لمبادئ قوى 8 آذار وخطها. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: ماذا يحصل في
حال انتقل النائب جنبلاط من صف
الاكثرية الى صف الاقلية
فحوّلها اكثرية ولم يعد في
استطاعته بعد زيارة دمشق ان
يبقى في منزلة بين منزلتين او
رِجل في بور الاكثرية ورِجل في
فلاحة الاقلية؟ ان هذا الانتقال
قد يعرّض كتلته النيابية
للانقسام لأن فيها نوابا حزبيين
ملتزمين ونوابا غير حزبيين وغير
ملتزمين ما يقرره جنبلاط او
الحزب، كما ان بينهم من هو اقرب
الى "تيار المستقبل" منه
الى الحزب التقدمي الاشتراكي.
اضافة الى ذلك، فالانتخابات
النيابية المقبلة، اذا جرت على
اساس النظام النسبي، فان زعماء
اللوائح وحتى رؤساء الاحزاب لا
يعود لهم التأثير الذي لهم
حاليا على المرشحين، فكل مرشح
بموجب هذا النظام عليه ان يعتمد
على قوته الشعبية الذاتية وليس
على قوة مستعارة من رئيس
اللائحة او من رئيس الحزب، وهذا
يجعل كل مرشح غير خاضع لارادة من
يأتي به نائبا باعتماد النظام
الاكثري. ومهما يكن من امر انتقال النائب وليد
جنبلاط من صف الاكثرية الى صف
الاقلية ومن ينتقل معه من نوابه
علّ ذلك يحوّلها اكثرية، فان
عملية خلط الاوراق تكون قد بدأت
وانقسم مجلس النواب بين ثلاثة
تكتلات اساسية: تكتل قوى 14 آذار،
وتكتل قوى 8 آذار وتكتل الوسط
المستقل، وقد يصبح التكتل
الاخير في حال قيامه بيضة
القبان، والصوت الوازن في مجلس
النواب، وهو ما كان ينتظر قيامه
بنتائج الانتخابات النيابية
الاخيرة ولكنه لم يتحقق، الا
انه قد يتحقق بعد الانتخابات،
وتحديدا بعدما تشكلت حكومة
الوحدة الوطنية برئاسة سعد
الحريري. ويرى سياسيون مراقبون ان الحكومة الحالية
اذا لم تعمّر طويلا من جراء عودة
الخلافات بين اعضائها حول عدد
من المواضيع الاساسية، وخصوصا
حول التعيينات التي تهم كثيرين
في الداخل وفي الخارج، فان
تشكيل حكومة جديدة يخضع عندئذ
لمعطيات جديدة لا اكثرية فيها
واضحة ولا اقلية واضحة، بل
اكثريات او اقليات موزعة على
كتل واحزاب واهمها كتلة الوسط
والمستقلين التي ترجح الكفة
تارة مع هذا الطرف وطورا مع ذاك.
وقد تكون سوريا العائدة سياسيا
الى لبنان عبر حلفائها الجدد
والقدامى والتي تصبح بموافقة
عربية ودولية اقرب اليه واكثر
تأثيرا فيه كلما ابتعدت عن
ايران، مشجعة قيام هذه الكتلة
الوسطية بعدما كانت مناهضة
لقيامها قبل الانتخابات
وخلالها. لذلك، فان اعادة تموضع النواب داخل الكتل
والاحزاب رهن باعادة تموضع
سوريا في المنطقة، وان هذا
التموضع هو الذي يحقق لها
استرجاع هضبة الجولان عبر
مفاوضات سلام ناجحة مع اسرائيل،
ويضع لبنان تحت رعايتها وليس
تحت وصايتها، كما في السابق،
ويكون هدف هذه الرعاية توفير
استقرار دائم وثابت فيه من خلال
علاقات ممتازة بين البلدين لا
تكون بالكلام المعسول ولا
بالوعود المغرية او الاقوال
المطمئنة بل بالممارسة
والافعال. فالولايات المتحدة
الاميركية ظلت تكرر بلسان
المسؤولين الكبار فيها تأكيد
حرصها على لبنان السيد الحر
المستقل، فيما جزء من اراضيه ظل
محتلا من اسرائيل وجزء آخر
تنتشر فيه قوات سورية بموجب
اتفاق الطائف لحفظ الامن فيه،
فكان امن لبنان امنا مستعارا،
لا امن بدونه، وليس امنا ذاتيا
يعتمد على قوة الدولة اللبنانية
من دون سواها. وسوريا التي تكرر
بلسان غير مسؤول فيها الحرص على
ان تكون العلاقات بينها وبين
لبنان علاقات مميزة، وتصر على
هذا التوصيف، ولا تستسيغ
استخدام عبارات اخرى مثل ندية
وطبيعية ولا حتى مساواة. فان
الاعمال والممارسات هي وحدها
التي تعطي توصيفا صحيحا لهذه
العلاقات، وذلك عندما تثبت
سوريا بأعمالها وليس بأقوالها
انها تتعامل مع لبنان كدولة
سيدة حرة مستقلة وباحترام كل
منهما للآخر، وليس دولة تابعة
او ملحقة بها. فعندما يصبح كل
اللبنانيين وقادتهم اصدقاء
لها، ولا يعود بينهم من هو صديق
ومن هو خصم، ولا يعود من يزورها
يصنّف صديقا او حليفا ومن لا
يزورها يصنّف خصما، فمن مصلحة
سوريا ان يكون جميع اللبنانيين
والسياسيين فيه اصدقاء لها
ومتعاونين معها في السراء
والضراء وليس مجرد تابعين او
ملحقين بها وخاضعين لمرجعياتها.
ولكي يكونوا كذلك فانه مطلوب من
سوريا ان تقف فعلا لا قولا على
مسافة واحدة منهم كي يقفوا هم
بدورهم منها على مسافة اقرب من
اي دولة اخرى ويتعاملوا معها
معاملة مميزة وتفضيلية على اي
دولة اخرى. ======================= سقوط الأقنعة...
افتراءات إسرائيل حول القدس جيمس زغبي السفير 17-12-2009 كان لافتاً رد الفعل الهستيري الإسرائيلي
على الاقتراح الذي قدمته السويد
بالإعلان عن القدس الشرقية
عاصمة للدولة الفلسطينية، ثم
رفض تل أبيب العنيد لأن تشمل
القدس في سياستها حول تجميد
النشاط الاستيطاني المثيرة
أصلاً للشكوك والتساؤلات،
مصحوباً بدفاعها عن الممارسات
القمعية التي تنفذها بحق
الفلسطينيين المقيمين في تلك
المدينة المقدسة، وهي ممارسات
وأفعال يتم التعبير عنها بقناع
لغوي مزيف يخفي وراءه نيات تل
أبيب الحقيقية. فعندما يتحدث الإسرائيليون عن القدس،
عادة ما يقيمون هواجسهم إما على
أساس ديني أو على أساس تاريخي
مزعوم. ويجيء تعبيرهم عن
علاقتهم بالمدينة بألفاظ
مختلفة، أو حتى مختلقة، مثل: «القدس
عاصمة بلادنا المقدسة غير
القابلة للتقسيم.. ولطالما
ظللنا نحلم بالعودة إليها منذ
2000 عام». ومع بداهة الأهمية
الدينية للقدس، بالنظر إلى
المكانة الحيوية التي تمثلها في
كافة الأديان الإبراهيمية
الثلاثة، فإن النظرة المتمعنة
إلى ممارسات الدولة اليهودية في
المنطقة المحيطة بالمدينة،
تكشف عن جشع واحتلال عاريين
للأرض، مجردين من أية نوازع
دينية مزعومة. وحين يتحدث
الإسرائيليون عن «قدس غير قابلة
للتقسيم» فإنهم يتجاوزون بذلك
الوصف حدود المدينة الدينية
الأثرية بعيداً لتشمل المناطق
والبلديات المجاورة لها أيضاً.
فالقدس في مفهوم الإسرائيليين
اليوم، هي كل الأراضي التي
ضموها وأعلنوا عنها انفرادياً
باسم «القدس» في أعقاب احتلالهم
للمدينة عام 1967. ويجدر القول هنا
إن أية دولة لم تقبل هذا التوسع
الإسرائيلي، بل شجبه العالم
أجمع ضمن عدة قرارات صادرة عن
مجلس الأمن الدولي. بقي أن نقول إن الأراضي التي ضمت وأضيفت
إلى القدس وفق سياسة وضع اليد
الإسرائيلية بالقوة، تضم مناطق
واسعة من الضفة الغربية، ما
يعني ضم الكثير من القرى
الفلسطينية أيضاً. وبالنتيجة
تبدو مدينة القدس في خريطتها
الجغرافية الحالية، غريبة
الشكل.. أشبه بدائرة الكونجرس
الأميركي الانتخابية الممسوخة،
منها إلى المدينة. فأطراف القدس
تمتد اليوم شمالاً حتى ضواحي
رام الله، وجنوباً حتى بيت لحم.
ولكي تؤسس إسرائيل لفريتها
العارية تلك، التي تطلق بموجبها
اسم القدس على المنطقة الواسعة
هذه كلها، لم تتردد في توسيع
قوانينها، إضافة لمنحها
الجنسية الإسرائيلية
للفلسطينيين المقيمين في
المناطق المجاورة للقدس.
واستكملت تل أبيب خدعتها هذه
كذلك بالتوسع في مستعمراتها
الاستيطانية في المناطق
المجاورة للقدس، حيث ظهرت
البنايات والأبراج الشاهقة في
الحدود الجديدة للمدينة، التي
فرضتها إسرائيل بقوة السلاح
والاحتلال الغاشم. وقد تحولت هذه المستعمرات الاستيطانية
اليوم إلى موطن لما يقارب ال200
ألف من المستوطنين، وتبدو
ذراعاً خانقة للقرى الفلسطينية
لكونها شيدت من قمم الجبال إلى
سفوحها، ما يجعلها تحيط بالقرى
الفلسطينية المجاورة لها
تماماً. ويضاف إلى ذلك عجز القرى
نفسها عن النمو بسبب مصادرة
الكثير منها ومن أراضيها لصالح
مشروعات الإنشاءات المعمارية
العملاقة التي تنفذها إسرائيل.
وبالنتيجة فقد فُرضت قيود فعلية
على حركة الفلسطينيين المقيمين
في المنطقة، بينما أُغلقت الطرق
أمام نشاطهم التجاري. وهذا ما يدفعنا إلى القول إن «التقسيم»
الحقيقي الواجب التصدي له، ليس
تقسيم القدس إلى شرقية وغربية،
وإنما هو فصل إسرائيل للمدينة
وما حولها عن بقية الضفة
الغربية. والفرية الكبرى، في كل هذا، هي ادّعاءات
إسرائيل عن وحدة القدس،
وبالمعنى المختلق الذي تقصده.
ذلك أن إلقاء أي نظرة على
المدينة التاريخية من مكان عالٍ
يكشف بوضوح عن ذلك «الخط الأخضر»
الذي ظل يفصل جانبي المدينة،
شرقاً وغرباً، حتى عام 1967. وفي
الجانب الغربي من ذلك الخط،
تشهق المباني العالية وتتموج
الطرقات ومنشآت البنية التحتية
للمدن الحديثة. وبسبب سياسات
الإنفاق التنموي التمييزية
التي تتبعها إسرائيل، ظل الجزء
الشرقي من المدينة بحاجة ماسة
إلى مشروعات إعمار البنية
التحتية. ولا تبدو مظاهر
الحداثة في الجزء الشرقي من
المدينة، إلا على المستوطنات
التي ضمتها إسرائيل وأضافتها
قسراً للمدينة على حساب القرى
الفلسطينية المجاورة. وعليه فإن
حديث إسرائيل المخادع عن «وحدة
القدس» المفتراة، لا يهدف إلا
إلى طمس حقيقة مستوطناتها
الاستيطانية التي لطخت بها
جغرافية الجزء الشرقي من
المدينة. ولمن أراد التحقق
بنفسه من هذا الطمس فما عليه إلا
استقلال سيارة أجرة إسرائيلية
من القدس الغربية لتوصله إلى
إحدى المناطق العربية المجاورة
للقدس الشرقية، كي يرى كم هي
منقسمة المدينة على نفسها. وفوق
ذلك كله لا تكف إسرائيل عن
محاولات تغليب الكثافة
السكانية اليهودية في ما تسميه
بالقدس الكبرى، على حساب
الكثافة السكانية الفلسطينية. ======================= المخاطر الإقليمية على
القضية الفلسطينية المستقبل - الخميس 17 كانون
الأول 2009 العدد 3514 - رأي و فكر - صفحة 20 خيرالله خيرالله هناك وعي لدى بعض العرب لخطورة التحديات
التي تواجه القضية الفلسطينية،
خصوصا في ظل التعقيدات التي
يشهدها الشرق الأوسط الكبير
الممتد من باكستان وافغانستان
وصولا الى موريتانيا. من دون
تعميم لمثل هذا الوعي، على
الصعيد العربي، لا امل في تحقيق
اي تقدم على طريق اقامة الدولة
الفلسطينية المستقلة. هذا اذا
كان العرب يريدون بالفعل ان
تكون هناك دولة فلسطينية
ويعملون من اجل ذلك. لكن السؤال
الأساسي يبقى هل هناك وعي
فلسطيني لجدية المخاطر التي
تتعرض لها قضيتهم؟ يفترض في
الفلسطينيين ان يؤكدوا اولا
انهم معنيون بقضيتهم قبل ان
يتوقعوا من العرب شيئا او اي
مساعدة او دعم من اي نوع كان. من بين ابرز التحديات التي تواجه القضية
الفلسطينية وجود حكومة
اسرائيلية برئاسة بنيامين
نتنياهو تؤمن بكل شيء باستثناء
الوصول الى تسوية معقولة
ومقبولة تقوم على انسحاب الى
خطوط العام 1967. علما بأن هناك
حاجة الى بعض التعديلات
الضرورية في حال كان هناك من
يريد ان يكون هناك ممر ما يربط
بين الضفة الغربية وقطاع غزة. لا
مفر من اقامة هذا الممر اذا كان
هناك من لا يزال يعتقد ان الدولة
الفلسطينية يجب ان تضم الضفة
والقطاع اللذين كانا منفصلين في
العام 1967. يفترض في الفلسطينيين ان يسألوا انفسهم
ما الذي يمكن عمله وما الذي لا
بد لهم من تفاديه في هذه المرحلة
الدقيقة التي يمر بها الشرق
الأوسط. قبل كل شيء، عليهم
استبعاد السلاح. كانت الانتفاضة
الأولى التي انطلقت في العام 1987
ناجحة لأنها كانت انتفاضة "اطفال
الحجارة". كشفت تلك الانتفاضة
ان اسرائيل ليست سوى قوة احتلال
وان الفلسطيني هو الضحية. وقف
العالم مع الشعب الفلسطيني الذي
عرف وقتذاك تحقيق انتصارات
سياسية على غير صعيد توجت
بالحوار بين الادارة الأميركية
ومنظمة التحرير الفلسطينية.
كانت تلك خطوة اولى على طريق
استعادة الفلسطينيين ارضا وذلك
للمرة الأولى في تاريخهم الحديث.
جاء استرجاع الأرض بعد توقيع
اتفاق اوسلو الذي تضمن الكثير
من الايجابيات والسلبيات في
الوقت ذاته. لكن الاتفاق، بكل ما
فيه من ثغرات، يبقى اساسا يمكن
البناء عليه، خصوصا انه تضمن
الاعتراف المتبادل بين منظمة
التحرير الفلسطينية وحكومة
اسرائيل. مثل هذا الاعتراف
المتبادل كان في الامكان تطويره
في اتجاه قيام الدولة
الفلسطينية المستقلة لولا
مجموعة من العوامل ادت في حينه
الى ايجاد هوة بين الاسرائيليين
والفلسطينيين. راحت هذه الهوة
تتسع بعد القرار الخاطئ بعسكرة
الانتفاضة في العام 2000 اثر فشل
قمة كامب ديفيد بين الرئيس
كلينتون وياسر عرفات، رحمه
الله، وايهود باراك رئيس
الوزراء الاسرائيلي وقتذاك. لا يزال الفلسطينيون يدفعون ثمن القرار
الخاطئ بعسكرة الانتفاضة. قلة
تحاول الآن الاستفادة من دروس
الماضي القريب، فيما لا تزال
هناك فئات لا تريد ان تتعلم من
اي تجربة من التجارب التي مرت
بها القضية الفلسطينية، بما في
ذلك حرب غزة الأخيرة التي تمر
هذه الأيام سنة على اندلاعها.
هناك الآن بين العرب
والفلسطينيين من لا يزال يعتقد
ان تلك الحرب التي مارست خلالها
اسرائيل ارهاب الدولة كانت
انتصارا. دمرت اسرائيل ربع
البنية التحتية لغزة وقتلت
المئات، بمن فيهم نساء واطفال
ومدنيون، وجرحت الآلاف واستمر
الحصار... ولا يزال هناك من يتحدث
عن انتصار! ليس امام الفلسطينيين سوى ترتيب اوضاعهم
وبيتهم الداخلي على اي قطعة ارض
فلسطينينة هم عليها. كان
الانسحاب الاسرائيلي من جانب
واحد من قطاع غزة فرصة لا تعوض
لاظهار انهم قادرون على ان
يحكموا انفسهم بطريقة حضارية.
كان يمكن للقطاع أن يكون نموذجا
ناجحا لما يمكن ان تكون عليه
الدولة الفلسطينية المستقلة.
بدل ذلك، ارادت "حماس"
تحويل غزة الى "هانوي العرب".
كانت النتيجة ترحيب اسرائيلي
منقطع النظير بالصواريخ التي
تطلق من القطاع، من منطلق ان هذه
الصواريخ دليل على غياب الطرف
الفلسطيني الذي يمكن التفاوض
معه كشريك في السلام. لا شك ان بلوغ الهدف ليس سهلا، لكن الواضح
ان المجتمع الدولي لا يزال يضغط
في اتجاه قيام دولة فلسطينية
مستقلة من زاوية حرصه على
الاستقرار في المنطقة. الدليل
على ذلك الموقف الأخير للاتحاد
الأوروبي من القدس وتشديده على
ضرورة التفاوض من اجل ان تكون
عاصمة للدولة الفلسطينية ايضا.
صحيح ان الموقف الأوروبي كان
ضعيفا وان اسرائيل استطاعت
تمييع النص الأصلي للقرار، لكن
الصحيح ايضا انه لا يزال هناك،
على الصعيد الدولي، من يولي
اهمية لفلسطين. المهم ان يتذكر
الفلسطينيون انفسهم ان الوقت لا
يعمل بالضرورة لمصلحتهم، على
الرغم من العامل الديموغرافي.
عليهم ان يتذكروا ان الشرق
الأوسط يغلي وان نشوء مشاكل
جديدة في المنطقة لا يفيد
قضيتهم، بل يطغى عليها. الوضع في
العراق قابل للاشتعال مجددا.
افغانستان تبدو قصة لا نهاية
لها قريبا. الملف النووي
الايراني قنبلة موقوتة. هذا غيض
من فيض. اكثر من ذلك، لم يعد
الكلام عن حرب جديدة مجرد كلام،
خصوصا عندما يتحدث الرئيس باراك
اوباما في خطاب تسلمه جائزة
نوبل للسلام عن ان هناك حروبا
لها ما يبررها... ======================= خليل قنديل الدستور 17-12-2009 لم يعد العالم مغلقاً ولم يعد بامكان اي
قوة غاشمة الاستفراد في منطقة
جغرافية نائية ومأهولة
والتعامل معها بأعتى اشكال
الظلم والطغيان ، لسبب بسيط
وواضح هو أن العالم صار متلفزاً
ومرئياً ، وان حادثة التدمير
والقتل في اي منطقة ارضية يمكن
لها في لحظات ان تستقر في
الاستطالة الحمراء للخبر
العاجل في أي فضائية وتتأرشف
لتتحول الى وثيقة ادانة دولية. والهمجية التوراتية الصهيونية التي
مارست أعتى حالات القتل
والتدمير في الحرب على غزة
اعتقدت انها يمكن ان تفعل هذا
متجاوزة أرشفة الفضائيات
والكاميرات للقصف والقاء
القنابل المحرمة دولياً. وأن
العالم سوف يصمت كعادته عن
جرائمها ومذابحها التي صارت
ديدناً مكوناً للوجه الصهيوني
البشع في اكثر من مذبحة ارتكبت
بحق الشعب الفلسطيني. وفي سابقة اعلن القضاء اليريطاني قبل
ايام عن مذكرة اعتقال بحق وزيرة
الخارجية الاسرائيلية السابقة
تسيبي ليفني بتهمة جريمة الحرب
والمذابح التي ارتكبتها في غزة.
وان هذا حدث بفعل الجهد الذي
بذله بعض النشطاء الحقوقيين
والاسلاميين العرب وبمساعدة
منظمات لحقوق الانسان. وبالمقابل فان مطبخ العقلية السياسية
التي نشأت وترعرت ونهبت حقوق
الشعب الفلسطيني التاريخية ضمن
الدلال الدولي الذي شكل قسماتها
الاحتلالية وبارك جرائمها
التارخية في اكثر من احتلال
واكثر من مذبحة قد اهتزت اركانه
وفقد صوابه الدبلوماسي وهو يرد
على القضاء البريطاني المستقل
ويهاجم بريطانيا وساساتها
باقذع التصريحات متناسياً
الخدمات التاريخية التي قدمتها
بريطانيا في تأسيس الكيان
الصهيوني. ما غاب عن عقلية الغلو والتعالي في المطبخ
الصهيوني ان قوى منظمات حقوق
الانسان التي وقفت معها طويلاً
في محاكمة رموز النازية والبحث
عنهم ومعاقبتهم حتى وهم في
قبورهم هي ذاتها من تعمل على
ادانة رموز وقيادات اسرائيل
الذين شاركوا في الحرب على غزة.
وان اكثر من عشرين قيادياً من
عسكر اسرائيل باتوا مطاردين
دولياً ومطلوب القبض عليهم
بتهمة القتل والتدمير. وان ما لا تفهمه الديكتاتوريات الحديثة
ودول القمع والاحتلالات
والاستهتار بحق الانسان في
الحياة بان العالم صار متلفزاً
وان الصورة التي تدين القاتل
اصبحت من الوثائق القادرة على
الادانة والاعتقال والمطاردة
الدولية الى الابد ========================== يهوشع سوبول 17/12/2009 القدس العربي يقول معجم ابن سوسان ان كلمة 'كنائي' (متطرف)
مشتقة من الجذر العربي 'قنا'
الذي يعني احمر كالدم، والتعبير
الاجنبي 'فناتي' مشتق من كلمة 'فانوم'
اللاتينية التي تعني معبدا،
وكلمة 'فانتيكوس' تصف انسانا
سلوكه او حديثه هما نتاج
اضطرابه بسبب اله او شيطان حل
فيه. بعبارة اخرى تعبير 'هومو فانتيكوس' يعني
مجنونا متدينا. ومن هنا فان
تعبير 'كنائي فناتي' يعني 'مجنونا
متدينا غلى الدم في رأسه'. عندما
يضطرب مجنون ديني لشيء مقدس
يصعد في رأسه، يحدث تخبط ينتهي
الى سفك دماء. ان التطرف صورة من الجنون الخطر جدا لانه
يحمل سمة الوباء. وهو ككل ظاهرة
عدوى معد ٍ ايضا. فهو يدخل نفوس
البشر بواسطة اكثر الكلمات
ضخامة في اللغة، كلمات يسهل
استعمالها ويسهل جدا نشرها بين
المتحدثين بنفس اللغة لانه لا
يوجد فيها اي قول يمكن ان يستعمل
عليه نقد العقل. مثل هذا تعبير 'ارضنا المقدسة' وهو لا
برهان عليه ولا دحض له ولهذا فهو
منيع من كل نقاش عقلي. ان البشر
الذين عندهم ميل الى الجنون
يحبون تعبيرات منيعة امام نقد
العقل. التعبيرات بسيطة سهلة
الاستيعاب. ولما كانت تلتف على
العقل فانها تنجح في التوجه الى
مناطق اخرى من نظام الجسم
البشري. وهي تصعد الدم الى الرأس
وتحدث شعورا بالخطر في الجسم.
يرد الجسم على مشاعر الخطر بأن
يقذف الادرينالين في الدم. ان
الدم المشبع بالادرينالين يجعل
جميع اجهزة الجسم في استعداد.
وهو يشعل الغرائز ويسخنها.
وعندما تشتعل الغرائز فوق درجة
ما يصبح البشر مشعلي حرائق،
وينتقلون سريعا جدا الى مرحلة
يطرحون فيها في اللهب كل ما
تناله ايديهم: الكتب والبيوت
والاشجار والبشر. ان الانجذاب الى النار والى اللعب بالنار
عارض يميز الجمهور الذي اصيب
بالتطرف المفرط. اعطوهم نارا ثم
نارا ثم نارا. لن يهدأوا الى ان
تشتعل البلاد كلها والمنطقة
كلها ولماذا لا يشتعل العالم
كله؟ هذا ما نراه على مبعدة ما منا عند الجماعة
التي تقود ايران. فالمفاعل
الذري في نتاز لا يكفيهم. انهم
يحتاجون الى عشرة مفاعلات كما
يقول احمدي نجاد. لا عشرة، يسارع
خامنئي الى التصحيح: انهم
يحتاجون الى خمسة عشرة مفاعلا! وهذا ما نراه بيننا على تلال السامرة. ان
الجماعة التي احرقت المسجد في
قرية يسوف مصابة بنفس العارض
الذي يشعل عيون المجنون من
طهران التي يغرقها الدم: فهنا
وهناك يضطرب جنون ديني في رؤوس
ملئت بالدم، ولن يستريحوا ولن
يهدأوا الى ان ينجحوا في ان
يشعلوا النار من جديد. تلك النار
التي نجح الطرفان في اخمادها
زمنا ما بصعوبة كبيرة. ان متطرفي الثمن الذي يجب ان يدفع لن
يستريحوا ولن يهدأوا الى ان
يسبب الدم الذي صعد في رؤوسهم
سفك الدماء في شوارع مدننا ومدن
الفلسطينيين. ان الجنون الديني للمتطرفين الغولات جلب
علينا خراب الهيكل الثاني،
والجنون الديني من نفس النوع
يسعى الان لتقويض اسس الهيكل
الثالث. في هذه الايام وحكومة
اسرائيل تبحث عن مناطق افضلية
وطنية لتستثمر فيها اموالنا،
يبدو ان الافضلية الوطنية
الاولى في رتبتها يجب ان تمنح
لعلاج سريع وأساسي لمشعلي
الحرائق في مسجد يسوف. قبل ان
يدفع مئات من الناس الابرياء
السذج حياتهم كثمن يحدده لنا
محدثو شلال الدم الآتي. اسرائيل اليوم 16/12/2009 ======================== أردوغان لم يعد الوسيط
المقبول مع سورية.. وساركوزي
هو البديل هدى الحسيني الشرق الاوسط 17-12-2009 هو أول درزي يتبوأ مناصب عالية في دولة
إسرائيل. وحاليا هو نائب رئيس
الكنيست الإسرائيلي، وعضو في
اللجنة المالية للبرلمان. وأسأل
مجلي وهبي إذا كان يعتبر نفسه
عربيا، فيرد: وهل تظنين أنني
إسكندنافي؟ خلقنا وجذورنا عرب،
لكن إذا كان سؤالك يهدف إلى
الاستيضاح ما إذا كنا على
استعداد للتضحية والموت في سبيل
القومية العربية، فالجواب هو:
كلا.. ويواصل: «نحن نعيش مندمجين
في دولتنا، لم نصل إلى ما وصلنا
إليه من مساواة بهذه السهولة،
وإن كانت لا تزال أمامنا تحديات
كبرى، إنما هناك فرق بين أن أكون
شريكا في صنع القرار أو أن أكون
مهمشا». يتحدث مجلي وهبي عن الدروز في إسرائيل،
يقول: «كان دروز لبنان ولاؤهم
لدولتهم، ودروز سورية ولاؤهم
لدولتهم، كذلك الحال بالنسبة
إلى دروز إسرائيل، فإن ولاءهم
لدولتهم. أنا أحترم الدرزي
اللبناني المستعد أن يدفع حياته
من أجل استقلال بلده، وكذلك
احترم الدرزي المولود في
إسرائيل ويدافع عن بلده وهو
شريك في اتخاذ القرار فيه». أما عن الدروز ككل فيقول: «نحن مثل طبق
النحاس. لن نسمح أن يتعرض الدرزي
في لبنان أو في سورية أو في أي
مكان في العالم إلى الإهانة. كما
لن نسمح بأن يتعرض الدروز، لا
سمح الله، لحرب إبادة في أي مكان
من العالم». ويشرح لي أن في
إسرائيل 130 ألف درزي، وإذا
استثنينا النساء والأطفال،
يمكن القول إن ال70 ألف الباقين
هم مقاتلون لحماية الكيان
الدرزي في سورية ولبنان
وأستراليا وأميركا. يؤكد وهبي أنه يتحدث باسم الدروز في
إسرائيل، وباسم العرب واليهود
الذين انتخبوه. نال 15 ألف صوت،
في حين نالت تسيبي ليفني زعيمة
حزب كاديما، الذي ينتمي إليه
وهبي، 17 ألف صوت، وكذلك شاؤول
موفاز. وعن الدروز في إسرائيل
يقول، إنهم موحدون كقيادة
سياسية واجتماعية ودينية من أجل
حقوقهم والمساواة في دولة
إسرائيل. وماذا عن دروز الجولان؟ يقول: إن غالبيتهم تعتبر أنها ستعود يوما
إلى سورية، إنما الاتصالات
وثيقة ومستمرة بين الدروز في
إسرائيل ودروز الجولان. ويلفتني
إلى أمر مثير يقول: إن معدل دخل
الفرد الإسرائيلي هو 22 ألف
دولار في السنة، أما في الجولان
فالمعدل السنوي للدخل الفردي هو
37 ألف دولار «وصحتين على قلوبهم».
يؤدي بنا هذا الحديث إلى المفاوضات بين
إسرائيل وسورية، يقول إن سورية
تريد استرجاع الجولان، وهدفها
تثبيت النظام القائم، لأن وضعها
الاقتصادي سيئ. ويتساءل ما إذا
كانت سورية تريد السلام فعلا،
فكيف تسمح لباخرة مدججة بكل
أنواع السلاح (صادرتها إسرائيل)
كانت متجهة إلى مرفأ طرطوس
والسلاح في طريقه إلى حزب الله.
يؤكد أن لديهم أكثر من إثبات عن
وجهة السلاح. يعود إلى أن الجدية
في المفاوضات بدأت مع حكومة
إيهود أولمرت التي توصلت إلى
اعتماد الطرف التركي كوسيط في
المفاوضات التي استؤنفت حتى
وصلت إلى نقطة: «متى سنجلس
مباشرة حول طاولة مستديرة
ونواصل التفاوض؟»، سورية تحفظت
حول التوقيت. ثم وقعت حرب غزة.
يقول وهبي: «وتحول صديقنا رئيس
الحكومة التركية، رجب طيب
أردوغان، إلى شخصية تتحدث
بالعاطفة تجاه كل الفلسطينيين،
وكثف من تهجمه على إسرائيل وقد
استغربنا هذا». ويضيف: «قبل شهر
وأثناء زيارتي أنقرة قلت
لأردوغان: إن إسرائيل لم تسلم
رأسها لأي سياسي في العالم، حتى
للولايات المتحدة. وقد وضعنا
رأسنا بين يديك، فأتيت وخربت
الأمانة التي أعطيناك إياها ولم
تكن معتدلا في مواقفك». يقول إن
أردوغان حاول أن يفسر «عكس ما
رأيناه من رد فعله، وقال إنه
انتقد إسرائيل لأنها الطرف
الأقوى، فكان أن استفسر منه
مجلي وهبي عما فعل رئيس الوزراء
التركي عندما وقعت الأحداث في
شرق تركيا، كيف تصرف؟ قال له: «نحن
لم ننتقدك، تعاملت بطريقتك مع
الأكراد عندما شكلوا خطرا على
دولتك. الآن أنت خسرت المصداقية
كوسيط معتدل ونزيه». يقول وهبي، إن رئيس البرلمان التركي
أبلغه أن هناك معارضة تنمو داخل
حزب العدالة والتنمية، الحاكم،
في تركيا، وهي غير معنية بمواقف
أردوغان، وأن كثيرين في الحزب
يركزون على المصالح
الاستراتيجية المشتركة بين
إسرائيل وتركيا. وأن مواقف
أردوغان هي لكسب شعبية، لكنها
ليست السياسة التي تخدم تركيا. في الفترة الأخيرة رددت إسرائيل أنها
ترفض تركيا كوسيط، لأنه في
اللحظة التي انحاز فيها أردوغان
إلى «الطرف الآخر»، انتهت
وساطته. ويقول مجلي وهبي، وهو من
المعارضة، إن الحكومة الحالية
يمينية وتصر على استبعاد تركيا
عن دور الوسيط، وتعتبر أن
الفرصة التي توفرت أضاعها
أردوغان. ويضيف وهبي: «ربما هذا
هو تفكير أردوغان الحقيقي، وقد
اكتشفنا تفكيره قبل الاستمرار
في العملية». حكومة بنيامين نتنياهو تميل إلى أن
الرئيس الفرنسي، نيكولا
ساركوزي، هو وسيط أفضل. لكن، هل تريد إسرائيل إعادة الجولان وما
معنى «من دون شروط مسبقة»، يجيب
مجلي وهبي، لأن السوريين يقولون
إنهم يريدون استئناف المفاوضات
«من النقطة التي وصلنا إليها،
واتفقنا عليها مع إسحق رابين
ومن ثم أولمرت». يضيف: رابين لم
يعد بتوقيع، والحكومة السابقة (أولمرت)
كانت على استعداد لإعادة
الجولان إنما ضمن المفاوضات،
أما حكومة نتنياهو فإنها لإعادة
الجولان تريد تمرير قانون جديد
يتطلب أن يصادق 80 عضوا في
البرلمان على تغيير قانون
الجولان الحالي (ضمه إلى
إسرائيل) وهذا يعني التصعيد،
ويضيف وهبي: قد تكون حكومة
نتنياهو تريد المفاوضات، لكن
السؤال هو إلى أي مدى هي مستعدة
للتوصل إلى نتيجة تقضي بإعادة
الجولان! وينصح وهبي رئيس السلطة الفلسطينية محمود
عباس (أبو مازن) بالتخلي عن
التذرع بالحجج والعودة إلى
المفاوضات، لأن ما حصل عليه
الفلسطينيون في المفاوضات منذ
عام 1994 حتى اليوم، لم يحصلوا
عليه طوال المائة عام من النزاع
المسلح. يقول إن العالم اليوم
يتعاطف مع الفلسطينيين، وإذا لم
يستغلوا هذا الأمر تستمر
إسرائيل في سياستها. ويمكن أن
تمرر حكومة نتنياهو أربع سنوات
من دون القيام بشيء، لكن الخاسر
سيكون الشعب الفلسطيني. إذن، هذه الحكومة باقية طوال هذه المدة؟
يوضح: «هذا يعتمد على ما سيحدث
مع وزير الخارجية أفيغدور
ليبرمان في المحكمة المقررة له
في الشهر الأول أو الثاني من
العام المقبل، المستشار
القانوني للحكومة سيعلن عما إذا
كان سيقدم ليبرمان إلى المحكمة
أم لا بخصوص عدد من القضايا.
فإذا قدم إلى المحاكمة، سينسحب
من الحكومة هذا أولا، ثانيا: إن
حزب العمل الآن هو الأضعف بين
الأحزاب، وقد يتعرض لانقسام،
والبديل عندها واضح أي كاديما.
إذا طلب نتنياهو من كاديما
الانضمام إليه فإن هذا سيؤدي
إلى تغيير الخطوط العريضة
لحكومته، وإلا فإننا لن نشارك.
سياستنا واضحة: حل النزاع
الفلسطيني الإسرائيلي،
وحل النزاع العربي
الإسرائيلي. شروطنا تغيير
سياسة الحكومة الحالية. إذا رفض
نذهب إلى الانتخابات، نحن
البديل، إننا الحزب الأكبر
والشعب سيعطينا ثقته». وبعد أن يشير وهبي إلى أن المستوطنين لا
يتجاوزون ال300 ألف نسمة من أصل 7
ملايين مواطن في إسرائيل، وأن
الجدار وسيلة وليس قاعدة ثابتة،
ولولا العمليات الانتحارية لما
وجد، وإذا حل الهدوء يزال
الجدار فورا، يقول، إنه لولا
الجندي جلعاد شاليط ما خاضت
إسرائيل مفاوضات مع حماس، لكن
هذا لا يعني أن «حماس ستحصل على
ما تطلبه، لأن نقاشا حادا يدور
في المجتمع الإسرائيلي
والتساؤل هو: هل مقابل هذا
الجندي نطلق سراح ألف سجين،
وماذا إذا تحول الأمر إلى طريقة
في المستقبل لخطف جنود
إسرائيليين. لقد خسر الشعب
الإسرائيلي 25 ألف جندي، فلماذا
ندفع هذا الثمن مقابل جندي واحد.
لهذه الأسباب لا تزال المفاوضات
حول تبادل الأسرى معطلة». لكن، قد يفسح هذا التبادل لإطلاق سراح
مروان البرغوثي، فهل إسرائيل
مستعدة للتفاوض معه؟ يقول: إنها
مستعدة للتفاوض مع أي شخص
ينتخبه الفلسطينيون. أسأله: وماذا إذا انتخبوا خالد مشعل
رئيسا؟ يجيب: عندها يكون
الفلسطينيون اختاروا طريقا
آيديولوجيا لن يوصلهم إلى أي
مكان وتخلوا عن طريق الدولة
الفلسطينية! ==================== في لبنان انتهى الأمر
لسوريا وايران
16/12/2009 النهار
اللبنانية سركيس
نعوم بدأ
مسؤول اميركي سابق ورفيع – كانت
له ادوار مهمة ولا يزال يتعاطى
وإن على نحو غير رسمي الشأن
العام بالتعاون مع المسؤولين
الكبار في بلاده - حديثه معي عن
الاردن، قال: "هناك تغيير
قريب للحكومة في الاردن (وقد حصل
ذلك). وهناك 280 ضابطاً سُرِّحوا
من الجيش الاردني قبل مدة على
الارجح بسبب توافر شكوك في
ولائهم للسلطة والعرش الهاشمي".
تحدثنا معاً في السابق اكثر من
مرة عن خيار الاردن دولة بديلة
من فلسطين واعتبرتَ حصوله
الاكثر ترجيحاً من بين الخيارات
الاخرى. قلت. سأل: "ما هو؟"،
اجبت: حلّ السلطة الوطنية
الفلسطينية نتيجة الخيبة
الفلسطينية من ادارة اوباما
والتخلي عن حل الدولتين واعتبار
الفلسطينيين أنفسهم رعايا في
اراض تحتلها اسرائيل. ولا بد من
ان يؤدي ذلك مع الوقت الى توسيع
دولة اسرائيل والى نشوء دولة
واحدة تضم الاسرائيليين
والفلسطينيين، ولا بد تالياً من
ان يشكل هذا الامر خطراً على
اسرائيل بسبب توقع النمو
الديموغرافي الكبير للشعب
الفلسطيني بخلاف الشعب
الاسرائيلي. علّق: "الاردن هو
الدولة الفلسطينية. ليس هناك حل
آخر". هل سيأخذ ذلك وقتاً
طويلاً؟ سألت. اجاب: "ليس
وقتاً طويلاً جداً (Not
too long). جورج ميتشل موفد الرئيس الى
الشرق الاوسط وجماعته لن ينجحوا
في مهمة اقامة السلام بين
اسرائيل والفلسطينيين او
التمهيد الجدي والنهائي له. وقد
يعود واعضاء فريقه ادراجهم من
دون اي نتيجة". ماذا عن سوريا
واسرائيل؟ سألت. رئيس وزرائها
بنيامين نتنياهو بدأ يتحدث عن
احتمالات حوار معها. اجاب: "نتنياهو
يحكي عن سوريا والجولان وعن
المفاوضات معها عندما يكون
محشوراً. اتى ايهود باراك وزير
الدفاع الى اميركا أخيراً.
قابلته. قال لي إن نتنياهو تغيّر.
لم اقتنع لأنني اعتقد ان تغيّره
سيكون الى الاسوأ اذا تغيّر. هل
ترى حلاً للمشكلة الفلسطينية؟"
سأل. اجبت: كلا. ليس في حياتنا
على الاقل. علّق: "هذا رأيي
ايضاً. اعود الى الموضوع السوري
لأقول إن الجولان ليس مهماً
لاسرائيل من الناحية السياسية.
فحدودها مع سوريا آمنة.
والاتفاقات الموقعة بينها وبين
سوريا (فك الاشتباك) والتفاهمات
الشفهية المباشرة او غير
المباشرة مطبقة حرفياً. ولا
تمتلك سوريا اي امكان لشن حرب
استنزاف على اسرائيل. فضلاً عن
ان اعادة اسرائيل الجولان الى
سوريا الآن يقتضي اصطفافاً
جديداً لسوريا يؤدي في المحصلة
الى فصلها عن الجمهورية
الاسلامية الايرانية. ونحن نعرف
وانت تعرف ان السعودية تعمل
لتحقيق هذا الفصل. وقد اكد لي
ذلك احد كبار الامراء المسؤولين
في المملكة. نجح امير قطر حمد بن
خليفة في جمع الرئيس السوري
بشار الاسد مع الملك السعودي
عبدالله بن عبد العزيز على عشاء
عنده. مشي الحال وتطبعت العلاقة
بين الزعيمين العربيين، لكن
الحكي، اي الحوار بينهما على
العشاء كان عاماً". ماذا عن
سوريا وايران ومحاولات الفصل
بينهما؟ هل تدرك اميركا ان
سوريا لا تستطيع "ترك"
ايران حتى لو ارادت ذلك؟ سألت.
اجاب بسؤال: "لماذا؟"، عددت
العوامل وابرزها القوة
السياسية والمعنوية التي
وفرتها ايران لسوريا وخصوصاً
بعد شعورها بالاستهداف نظاماً
واستراتيجية في السنوات
الماضية وامدادات النفط
المدعوم وامدادات السلاح
والمساعدات الاقتصادية
والمالية والاستثمارات الضخمة
وتدريب وحدات عسكرية مهمة. علّق:
"ايضاً لا يستطيع احد ان
يقدّم لسوريا العرض الذي لا
تستطيع رفضه او بالأحرى لا يرغب
احد في ذلك. لا في اميركا ولا في
اسرائيل. في اميركا واداراتها
أناس بل اختصاصيون جيدون يفهمون
تاريخ المنطقة وكل ما يجري فيها.
لكنهم بمعظمهم يكتفون بذلك ولا
يبحثون خلف الزوايا كما نقول (Behind
the corner) وعليهم ان يستمعوا اكثر الى
الخبراء في المنطقة الذين هم من
ابنائها". قلت: في اعتقادي
ووفق خبرتي وتجربتي لا تقبل
سوريا شريكاً لها في لبنان وإن
حليفاً استراتيجياً مثل ايران.
كيف سينعكس ذلك على لبنان حيث
صارت ايران شريكاً لسوريا بل
الشريك الاكبر؟ سألت. وجهت هذا
السؤال الى كثيرين في عاصمتكم
ولم الق جوابا. اجاب: "لبنان
خلاص. انتهى الامر لسوريا فيه
بحكم الامر الواقع (Defacto).
وهي تفعل فيه ما تريد. ومعها
ايران طبعا. "المحكمة" ماتت.
فريق 8 آذار صار في موقع افضل
داخل السلطة علماً انه قوي
خارجها. والشيعة صار وضعهم
قوياً. المسيحيون صاروا واجهة (Façade). ليس لاميركا اهتمام بلبنان. انتهى هذا
الامر. هي تعرف ذلك. وسوريا تعرف
ذلك. ماذا عن حكومتكم الحديثة
الولادة؟" سأل. اجبت: وجود
حكومة لبنانية افضل من بقاء
لبنان بلا حكومة رغم التعقيدات
المعروفة والانقسامات السائدة
داخله ورغم الالغام الموجودة
داخلها. لبنان في مرحلة هدنة
الآن اقليميا وداخلياً. هذا
يعني ان المشكلات والازمات
وخصوصاً المفتوحة على العنف قد
تكون مستبعدة حالياً الا اذا
حصلت تطورات سلبية مفاجئة.
وربما يعني ذلك امكان بدء حوار
وإن خجول وغير منتج في الوقت
الراهن. وهذه الهدنة تنتهي اذا
ساء الوضع الاقليمي وعادت
المواجهة الحادة بين الجهات
الاقليمية والدولية المتناحرة
باعتبار ان لبنان احدى ابرز
ساحاتها. وتتعزز اذا لم يسؤ او
اذا تحسن". سأل: "ما هي
علاقة فرنسا بلبنان؟". ==================== الهجـرة احتفاليـة التغييـر الدكتور
رشاد لاشين** 17/12/2009 إسلام
أون لاين.نت تهل
علينا ذكرى الهجرة النبوية
الشريفة كل عام فتهب علينا رياح
التغيير العظيمة التي غيّرت وجه
التاريخ عبر هذا الحدث العظيم
الذي يجب أن تكون لنا معه وقفات
مهمة لنُعيد قراءة واقعنا على
أضواء دروسه العظيمة وليكون لنا
محطة جديدة للانطلاق نحو تغيير
أحوال أمتنا نحو الأفضل، وهذا
هو سر توفيق الله تعالى لسيدنا
عمر بن الخطاب بأن اختار الهجرة
النبوية عنواناً للتاريخ
الإسلامي وكان أمامه عدة
مناسبات قوية يُمكن أن يستخدمها
للتأريخ مثل غزوة بدر أو فتح مكة
أو ميلاد أو بعثة الرسول صلى
الله علية وسلم، ولكن كان توفيق
الله تعالى لاختيار الهجرة حتى
تكون محطة للتغيير الدائم لأمة
الإسلام عبر السنين وصعوداً نحو
المعالي بالهجرة والانتقال من
الضعف إلى القوة ومن قهر الضلال
وسيطرة الباطل إلى ريادة
الإيمان والدور الريادي المنوط
بها أصلاً. مقومات
التغيير الناجح من خلال الهجرة 1 ـ أن
يكون هناك هدف عظيم يسعى الجميع
من أجل تحقيقه: وهو إعلاء كلمة
الله تعالى، وهذا ما وضحه لنا
القران الكريم في التعقيب على
الهجرة (((إِلاَّ تَنصُرُوهُ
فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ
أَخْرَجَهُ الَّذِينَ
كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ
إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ
يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ
تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا
فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ
عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ
بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ
كَفَرُواْ السُّفْلَى
وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ
الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ) التوبة الآية (40). 2 ـ ومن
أهم دعائم التغيير الدعوة إلى
الله بالحكمة والموعظة الحسنة:
وكسب الأنصار الجُدد وتهيئة
الأرض الجديرة بحمل الرسالة،
وتمثل هذا في بيعتي العقبة
الأولى والثانية وبعث سيدنا
مصعب بن عمير لنشر الدعوة في
المدينة، فكان نشر الدعوة أهم
وسائل النجاح وأعظم دعائم
البناء الإسلامي. 3 ـ
التضحية وتقديم الغالي والنفيس
من أجل الفكرة وترك التثاقل إلى
الأرض: وتمثل هذا في ترك الأموال
والبيوت والديار في مكة المكرمة
والذهاب إلى المدينة المنورة،
فكان الإسلام هو أغلى شيء في
حياة المسلمين وكانت النتيجة
النصر والتمكين. 4 ـ
الاعتصام بالله تعالى:
فالاعتصام بالله هو الفرج
والمخرج، فرسول الله صلى الله
علية وسلم يخرج من بيته المحاصر
بأربعين رجل لقتلة وهو يقرأ
القرآن: (وَجَعَلْنَا مِن
بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا
وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا
فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ
يُبْصِرُونَ) يس الآية (9) ولا
يخرج سالماً فقط بل ويضع التراب
فوق كل الرؤوس وهذا شأن المعتصم
بالله الآوى إلى ركنه الركين. 5 ـ
تأمين الدعم الاقتصادي وتسهيل
وصول الدعم اللوجستي: فأبو
بكر الصديق وفّر المال اللازم
لشراء الراحلتين ودفع أجر
الخبير الطوبوغرافي، وأسماء
بنت أبي بكر كانت توصل الطعام،
واختيارها كإمرأة تتحرك بسهولة
لا يتعرض لها العرب بطبيعتهم
سهَّل وصول الدعم اللوجستي
لرسول الله صلى الله علية وسلم
وصاحبه في رحلة الهجرة. 6 ـ
التخطيط الجيد والعمل المنظم:
وتمثل هذا في الآتي: * تأمين
حياة أفراد الأمة: فتأخير هجرة
رسول الله صلى الله علية وسلم
والأمر بخروج الأفراد سراً
وفُرادى حتى لا يعلم أحد
مقصودهم الجديد فينقضوا عليهم
جميعاً فيه تأمين لخروجهم. * خروج
الرسول صلى الله عليه وسلم في
وقت غير معهودٍ الخروج فيه: وقت
الظهيرة واشتداد الحر في رمضاء
مكة. *
استئجار خبير في الطوبوغرافيا (عبد
الله بن أريقط): حتى لا يسير في
طريق معهود فيسهل الإمساك بهم. *
استخدام الإخفاء والتمويه: وهو
أحد وسائل الحرب الحديثة وتمثل
في الآتي: أ - مبيت
سيدنا علي مكان الرسول حتى
يظلوا ينتظرون خروجه وذلك في
المرحلة الأولى حتى يتمكن من
الخروج من مكة. ب - عامر
بن فهيرة يسير بقطيع من الغنم
خلفهم لتغطية الآثار حتى لا
يستطيع أحد أن يقتفي أثرهم. ج -
البقاء في الغار ثلاثة أيام في
الوقت الذي تنتشر فيه قوى الشر
في كل مكان للبحث عنهم. د -
تغيير اتجاه المسير فبدلاً من
الانطلاق في اتجاه الشمال وهو
التفكير المنطقي لمن يُريد
الملاحقة يتجهون إلى الجنوب
أولاً حيث لا يخطر ذلك ببال أحد. 7 ـ
توزيع الأدوار: أ -
الكبار يوفرون الدعم المادي
للمساندة والصحبة. ب -
الشباب والفتيان يقومون
بالأعمال الفدائية
والاستخباراتية. ج -
المرأة تقوم بالدعم اللوجستي. د - باقي
الأفراد يُهيئون الدولة والأرض
الجديدة ويُرتبون احتفالية
الاستقلال: (طلع البدر علينا من
ثنيات الوداع). 8 ـ
الشجاعة والقوة في الحق وتحدي
الباطل وعدم الاستكانة إليه: وتمثل
ذلك في موقف سيدنا عمر بن الخطاب
وبطولته العظيمة حين صعد على
الجبل وأعلن هجرته حتى يُعلم
الظالمين درساً في قوة الحق وأن
المسلمين لم يُهاجروا خوفاً ولا
جُبناً ولكن هاجروا من أجل
مصلحة الدعوة ولبناء دولة
الإسلام في أرض جديدة، وكانت
هذه رسالة لا بد من توصيلها في
موقف سيدنا عمر بن الخطاب. 9 ـ
رعاية جميع الحقوق حتى حقوق
الأعداء: وتمثل ذلك في مقام
سيدنا عليّ في مكة لتوصيل
الأمانات إلى أهلها وهم
الكافرون أعداء الدعوة. 10 ـ
الفدائية: يحتاج التغيير إلى
شباب فدائي على استعداد لتقديم
روحة فداء لدعوة الله وتمثل هذا
في مبيت سيدنا علي في فراش رسول
الله صلى الله عليه وسلم في موقف
يُعرضه للقتل على يد أربعين
رجلاً متربصين بالخارج. 11 ـ
استشعار معية الله لإنقاذ الأمة
في أحلك الأوقات: في لحظة من
لحظات الإحساس بقرب سيطرة
الأعداء وبطشهم بالأمة وقضائهم
عليها واستئصالهم لشأفتها (لو
نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا)
وتأتى النجاة باستشعار معية
الله (((لاَ تَحْزَنْ إِنَّ
اللّهَ مَعَنَا))). 12 ـ
الاستطلاع الجيد والمخابرات
النشطة الفاعلة: وتمثل هذا في
تكليف عبد الله بن أبي بكر
الغلام الصغير أن يعمل "ضابط
مخابرات" لحساب رسول الله صلى
الله علية وسلم، فهو صغير يجلس
في وسط القوم فلا يعملون له حساب
ويتكلمون بما يُريدون وينقل هو
كل خططهم لرسول الله صلى الله
علية وسلم ولسهولة حركته أيضاً
كغلام لا يلتفت له أحد، فهو يجلس
معهم طوال النهار وينطلق في
الليل إلى رسول الله صلى الله
علية وسلم "جهاز مخابرات"
ذكي ونشط وفاعل ولا يخطر على بال
أحد. 13 ـ
نفوس قوية لا يُصيبها الحزن ولا
يعتريها الإحباط: مهما كانت قوة
الأعداء ومهما اختلّت موازين
القوى الظاهرة فمعية الله أقوى
من أي قوة وتأييد الله بجنود غير
مرئية تُلقي في قلوب المؤمنين
الهدوء والسكينة والثقة
والطمأنينة بحتمية نصر الله (((فَأَنزَلَ
اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ
وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ
تَرَوْهَا))). 14 ـ
الأمل في نصر الله: (ارجع ولك
سواري كسرى) كمن يقول الآن (ارجع
عن محاربة المسلمين ولك البيت
الأبيض) كلام يقوله رسول الله
لسراقة وهو خارج مطارد تطلبه
قوى الشر في كل مكان. استكمال
طريق الهجرة طريق
الهجرة دائم مستمر عبر نهج رسمه
لنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وقد قطعت أمتنا بعض
الأشواط في طريق هجرتها ولكن
الأمر مازال يحتاج إلى جهود
كبيرة وأشواط كثيرة حتى نكمل
طريق الهجرة، ويمتثل ذلك فيما
يأتي: ـ *
الجهاد والنية: فلا يكتمل طريق
الهجرة بدون النية الصالحة
لبناء الفرد والأسرة والمجتمع
والدولة والأمة بأكملها ونجعل
كلمة الله هي العليا وكلمة
الذين كفروا هي السفلى ولا
يكتمل طريق الهجرة بدون جهاد
النفس والشيطان ومقاومة
المادية وأصحاب الأهواء الذين
يُضيعون الأمة وكذلك محاربة
المحتلين أعداء الأمة الذين
يستذلونها وبذلك نحقق حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم: (لا
هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية). * هجر ما
نهى الله عنه: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: "المسلم من
سلم المسلمون من لسانه ويده،
والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه".
(رواه البخاري) ، وفي رواية (ابن
حبان): "المهاجر من هجر
السيئات، والمسلم من سلم
المسلمون من لسانه ويده". فهيا
بنا نهجر السيئات.. هيا نهجر كل
ما نهى الله عنه في كل الميادين
وعلى كل المستويات بدءً بالفرد
وانتهاءً بالأمة، فتهجر الأمة
معاصيها الكبيرة المتمثلة في
الآتي على سبيل المثال: ـ
الاحتلال وتدنيس الأراضي
ومقدسات المسلمين من قِبل
الأعداء. ـ
التخلف عن ركب العلم والحضارة
وكونها في وسط ما يُسمى بالعالم
الثالث. ـ
التفرق والتشرذم وعدم اتحاد
الكلمة. * الأخذ
بمقومات التغيير لإصلاح شأن
الأمة: وخاصة الاهتمام بنشر
دعوة الإسلام عبر وسائل
الإعلام، فدعوتنا تحتاج إلى
الابتكار وتكريس الجهود لتوصيل
الفكرة بأسلوبٍ راقٍ ومتميزٍ عن
طريق الفضائيات و(الإنترنت)
وبشتى لغات العالم، فنقدم رسالة
الرحمة والإنسانية لكل أمم
الأرض. ومع
استمرار الجهود واحتفالنا
بالهجرة كل عام عبر التغيير
والارتقاء بشأن أمتنا وهجرها
لأوضاعها غير السلمية في شؤون
الدنيا والآخرة سيحدث التغيير
المنشود ويأتي النصر المؤزر
المبين بإذن الله تعالى. * تحقيق
العبادة هجرة إلى الله تعالى:
هيا نأخذ بيد أمتنا إلى عبادة
الله تعالى فنقيم الفرائض وننشر
الفضائل ونُحقق العبادة
بمعناها الشامل الذي يتناول
مظاهر الحياة جميعاً، قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم في
الحديث الذي رواه الإمام مسلم
عن معقل بن يسار: "العبادة في
الهرج كهجرة إلي". ××
الدكتور رشاد محمد عبد الحليم
لاشين ماجستير
طب الأطفال / جامعة الزقازيق وليسانس
الشريعة الإسلامية، ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |