ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
فلسطين «2010» .. عشر حقائق
في المشهد نواف الزرو تتواصل الاسئلة الملحة على الاجندة
السياسية والاستراتيجية
الفلسطينية اليوم ونحن على
اعتاب العام 2010 اكثر من اي وقت
مضى ، خاصة بعد التطورات
السياسية الدرامية المتعلقة
باعتزام الرئيس الفلسطيني
الانسحاب من السياسة الرسمية ،
بعد ان اعلن عن خيبة امله من
الادارة الامريكية الجديدة
التي لم تلب ما وعدته به من
تجميد للاستيطان اليهودي على
اقل تقدير ، وبعد ان اصبحت "اسرائيل
- نتنياهو" سافرة بلا قناع ،
مجمعة على مواصلة ليس فقط انشطة
الاستيطان والتهويد وشطب
القضية الفلسطينية ، بل والحروب
المفتوحة على انواعها ضد شعبنا
في مختلف الاماكن الفلسطينية. ما يعيد الامور الى حقيقتها ، حيث هناك
على اقل تقدير عشر حقائق كبيرة
تتسيد المشهد الفلسطيني اليوم ،
ومن المرجح ان تستمر على مدى
العام 2010 ، وربما حتى نهاية
ولاية حكومة نتنياهو كاملة ، بل
ربما تكون مساحة الحقائق -
التحديات - الماثلة في المشهد
الفلسطيني لاحصر لها ، وهي
متكاثرة يوما عن يوم ، غير ان
ابرزها واخطرها - وكنا قد اشرنا
اليها في دراسات عديدة - :
الحقيقة الاولى: ان فلسطين
تواجه منذ بداية عهد حكومة
نتنياهو اجتياحا صهيونيا
بلدوزريا تجريفيا استيطانيا هو
الاخطر منذ النكبة،. الحقيقة الثانية: ليس واردا في
استراتيجيات الدولة الصهيونية
لا تكتيكيا ولا استراتيجيا اي
اعتبار او احترام او التزام باي
تفاهم او اتفاق مع السلطة
الفلسطينية،. الحقيقة الثالثة: ان الاحتلال يواصل
اقصاء الفلسطينيين رئاسة
وحكومة وشريكا وشعبا له قضية
ووجود وحقوق راسخة. الحقيقة الرابعة: ان تلك المخططات
والخرائط الاحتلالية لا تشتمل
عمليا - كما يريد الاحتلال - الا
على هياكل سلطة تقوم بدور
الوكيل الامني للاحتلال
والشاويش داخل المعتقلات -
الغيتوات - الفلسطينية،. الحقيقة الخامسة: ان الدولة الفلسطينية
الموعودة ، دولة خريطة الطريق
ما تزال على الورق وفي الخريطة
فقط ، ولكنها مع وقف التنفيذ ،
وان اعلنت في اي وقت من الاوقات
في المستقبل فانها لن تكون سوى
دولة خريطة الطريق ، وستكون
بمضامين ومواصفات الخريطة ، اي
دولة فلسطينية مستقلة بسيادة
اسرائيلية او امريكية - سيان -
كاملة؟،. الحقيقة السادسة: ان هناك في هذه المرحلة
تفاهما وتعاونا وتحالفا ما بين
الادارتين الامريكية
والاسرائيلية فيما يتعلق بقصة
استئناف المفاوضات "الاكذوبة"
، والاجندة السياسية الامنية
الامريكية في فلسطين وعلى
امتداد مساحة العرب هي الاجندة
الاسرائيلية ذاتها،. الحقيقة السابعة الاكبر والاخطر: ان
مشروع الاحتلال يجري تطبيقه على
الارض الفلسطينية على مدار
الساعة دون الالتفات الى
الفلسطينيين والعرب ، او الى
المجتمع الدولي ، والاحتلال
يسابق الزمن في بناء وتكريس
حقائق الامر الواقع الاستيطاني
التهويدي في القدس وانحاء الضفة
، وغدت خرائط الاستيطان والجيش
هي التي ترسم مستقبل الضفة. الحقيقة الثامنة: وهي المتعلقة بالعملية
السياسية ، حيث انغلاق الآفاق
بات واضحا ، وليس هناك من افق
حقيقي لاي مفاوضات حقيقية ليس
فقط في العام الجديد ، وانما على
الارجح على مدى سنوات حكم
نتنياهو التي من المتوقع وفق
المعطيات الاسرائيلية الراهنة
ان تستمر على مدى الولاية
الاولى لاربع سنوات ، وربما
تمتد الى ولاية اخرى لنصبح
بانتظار ثماني سنوات ليكودية
على الارجح انها ستكون بكاملها
سنوات استيطان وتهويد وحروب. وفي العملية السياسية التي خاب امل
الرئيس الفلسطيني منها بعد ان
كان تمسك بها على مدى عقود من
الزمن ، فان المطلوب من
الفلسطينيين اسرائيليا
وامريكيا هو مواصلة المفاوضات
من اجل المفاوضات فقط ، بينما
تكسب دولة الاحتلال الوقت
وحقائق الامر الواقع على الارض. الحقيقة التاسعة: ان الحرب الاعلامية -
القانونية - القضائية -
الاخلاقية ضد"اسرائيل" غدت
تشكل وفق مؤشرات عديدة الجبهة
الرئيسة للفلسطينيين في الافق ،
وخلال العام المقبل وابعد ، فكل
الساحة الفلسطينية ترى ان هذه
الجبهة هي الاهم مستقبلا. الحقيقة العاشرة: تلك المتعلقة بالحال
الفلسطينية ، فلعنة الانقسام
والتفكك الفلسطيني هي الاشد
خطورة ، وهي التي تهدد المشروع
الوطني الفلسطيني بكامله ، فضلا
عن انه - اي الانقسام - يشكل في
هذه المرحلة "مصلحة
اسرائيلية عليا" تعمل "اسرائيل"
على استمراره بل تستخدم الفيتو
من اجل احباط اي محاولة
فلسطينية لانهاء الانقسام. ليلقي هذا الانقسام الكارثي بظلاله
القاتمة على اوضاع القطاع ،
وليساعد الاحتلال في تشديد
وتعميق وتكريس سياسات الحصار
والاغلاق والتجويع بهدف
التركيع. واليوم وبعد عام على محرقة غزة ، وما بين
الرصاص المصبوب والجدار
الفولاذي المرعب ، يواصل
الاحتلال حصاراته واطواقه
ويغلق بوابات القطاع البرية
والبحرية والجوية ، ليتحول
مليون ونصف فلسطيني هناك الى
نزلاء اضخم معسكر اعتقال على
وجه الكرة الارضية. كان عمرو موسى وصف الانقسام بأنه "لعنة
أصابت الفلسطينيين وأصابتنا
جميعاً في مقتل" ، محذراً من
أنه "إذا لم يتم وقف هذا
الاقتتال فوراً فسوف يقضي على
القضية الفلسطينية برمتها" ،
مختتما: "إذا كان الفلسطينيون
لا يعلمون أنهم يرتكبون جريمة
كبرى في حق فلسطين وشعبها ، فيجب
علينا أن نعيد النظر في مفاهيم
كثيرة من جديد". الباحث الاسرائيلي المعروف ميرون
بنفنستي كثف في هآرتس تداعيات
الحال الفلسطينية قائلا: "ان
إسرائيل نجحت في تحطيم المجتمع
الفلسطيني الى أجزاء ،
والفلسطينيون يساعدون في تكريس
هذه الظاهرة ، وعليه فهم ليسوا
بحاجة الى نلسون مانديلا وانما
الى جوسبا غريبالدي يظهر من بين
صفوفهم ويوحدهم". فهل هناك اصعب واقسى من هكذا انحدار
فلسطيني،. لذلك ، نعتقد بقناعة راسخة ان العام 2010
سيكون بالنسبة لفلسطين اقسى
واشد وطأة على مختلف المستويات
اذا لم يتدارك الفلسطينيون على
اختلاف فصائلهم وقياداتهم
الاوضاع الكارثية ، واذا لم
يلملموا جراحهم ويعيدوا صياغة
اولوياتهم الوطنية،. ف"الوحدة
الوطنية الفلسطينية" و"القيادة
الجماعية من اقصى الاسلام مرورا
بفتح الوسط وصولا الى اقصى
اليسار" هي المخرج وهي البديل
الملح والعاجل لهذا المشهد
الفلسطيني النكبوي،. فانياب
نتنياهو بارزة تماما ، و"اسرائيل"
اصبحت على حقيقتها سافرة بلا
قناع،. والجميع يقرأ مخططات
وخرائط الاحتلال والجميع يتابع
تحركاته باستكانة مرعبة،. ======================= طارق مصاروة الرأي الاردنية 3-1-2010 يعجب المشاهد المتابع للنشرات الاخبارية
على شاشة التلفزيون، لهذه
الاعداد الهائلة من المحتجين في
شوارع طهران، ولحجم القمع
المسلح للحرس الثوري وبقية
المؤسسات الأمنية. فقد استطاع
نظام الملالي الايراني وانصاره
في المنطقة أن يمرر في عقول
الناس طيلة ثلاثين عاما أنه
نظام شعبي مطلق. وأن هناك اجماعا
على ولاية الفقيه ودوره الحقيقي
داخل النظام باعتباره يحكم
بسلطة الله، وأن الانتخابات على
كافة مستوياتها تصبح نتائجها
شرعية بموافقته. فرئيس
الجمهورية لا يكون رئيسا، رغم
انتخابه، إلا إذا اصدر المرشد
قرار توليته مع تقبيل اليد.
ومرشح البرلمان يجب اقرار
ترشيحه قبل الانتخاب، وبعد
اعلان النتائج يكون البرلمان
هيئة استشارية.. فقط!!. .. لقد غطى نظام الملالي نفسه، حتى حين كان
يخوض الحروب مع الجيران
المسلمين، إنه كان يريد تحرير
القدس وأن نظام صدام حسين منعه
من الوصول الى اسرائيل، وإن
تشجيع الاميركيين على غزو
العراق، انما هو عدالة ربانية
نزلت بالطاغية. وان تعاون
الاحزاب والمنظمات التي تتمتع
برعايته التامة مع الاحتلال هو
شأن عراقي وأن المقاومة هي
القاعدة والسنة، وأن أي اعتداء
اميركي أو اسرائيلي على المعامل
النووية الايرانية تعني ضرب
الدول العربية على الخليج
واغلاق بوابة هرمز. وان احتلال
الشاه للجزر الاماراتية
العربية الثلاث هي وراثة حلال
للجمهورية الاسلامية. وأن لعبة
الشيعة والسنة هي لعبة مسموحة
طالما أنها مصلحة من مصالح
النظام!!. لم يقبل الرأي العام في هذه المنطقة
تظلمات مجاهدي خلق من قمع
النظام. وأن هناك اسماء وعناوين
وصور مئة وعشرين ألف ايراني تم
اعدامهم لأنهم منافقون من
المجاهدين. وأن هناك ملايين
الايرانيين الذين غادروا وطنهم
هربا بعقيدتهم وحريتهم.. لم تقبل المنطقة أي كلمة تمس نظام الملالي
في طهران لأن هناك اعتقادا
صارما بأنه نظام شرعي بالمطلق
لأن هناك مظاهرات بالملايين في
الشوارع، ولأن هناك شعارات
كبيرة، وقنابل نووية، وجنودا
يمشون مشية الاوزة الهتلرية.
وفوجئ الناس وبشكل كبير أن
شوارع طهران تنتج أيضا مظاهرات
كبرى تندد بالديكتاتور، وأن
الحرس الثوري يستطيع قتلهم في
الشوارع. وأن محاكم خلخالي التي
لم يعد احد يريد تذكرها، تعود
لتحاكم رئيس الجمهورية السابق،
ورئيس الوزراء الاسبق الذي بقي
رئيسا عشر سنوات، ولرئيس
البرلمان السابق. ولوزير
الخارجية الاسبق.. فهؤلاء
منافقون، لأنهم يحتجون داخل
النظام.. فلا أحد من هؤلاء جاء من
دهاليز السي آي ايه، أو على ظهر
دبابة أميركية أو بريطانية. ومع
ذلك فاستعدوا للمحاكمات!!. لقد مررت الاجهزة النازية على شعوب
منطقتنا بالذات أن نظام هتلر لم
يقمع أحدا، ولم يحتل أحدا، ولم
يتسبب في قتل 20 مليون سوفياتي،
ولم يفرض على أوروبا إرهاب
القوة الغاشمة.. فقط لأننا
اقتنعنا بأنه ضد بريطانيا
المستعمرة، وضد الصهيونية. ولو
أدركنا أن النازية الهتلرية هي
التي أعطت الاستعمار الاوروبي
قوته في بلادنا وآسيا وافريقيا..
وأنها هي التي سهلت للصهاينة
اقامة دولتهم في فلسطين، لو
ادركنا ذلك لما تحمسنا لنظام
قمعي ارهابي دموي.. لأنه كان
يضحك علينا بالكلام!! فلا خير من
الديكتاتوريات مهما كانت
شعاراتها. ولنعود الى تاريخنا
الحديث!!. ======================= محاور الصراع الصامت بين روسيا
والصين المستقبل - الاحد 3 كانون الثاني
2010 العدد 3527 - نوافذ - صفحة 12 عفيف رزق "نتدخل في كل شيء ما عدا السياسة
الداخلية والخارجية"، هذا
كان الشعار الذي رفعته
الديبلوماسية الصينية الفتية
لدى دخولها، منذ اكثر من عقد،
بعض البلدان الافريقية بحثا عن
اسواق لمنتجاتها ولمواد خام، (معادن
على مختلف انواعها وطاقة، بترول
وغاز)، لإشباع نهم آلتها
الصناعية وللمحافظة على مستوى
نمو اقتصادي قياسي ولإستثمار
سيولة مكدسة في مصرفها المركزي،
وذلك برغم قوة نفوذ فرنسي
تقليدي في القارة السوداء،
والنشاط المحموم، الذي كانت
تقوم به وكالة الإستخبارات
المركزية الاميركية الداعمة
للشركات العملاقة المتعددة
الجنسيات وغالبها الطابع
الاميركي، والباحثة هي ايضا عن
المواد الخام التي تزخر بها
تربة القارة السمراء. استطاعت الصين تحقيق نجاح ملحوظ
بإستخدامها هذا الشعار بحيث
أُغرقت السوق الافريقية
بالبضائع الصينية، وانتشرت
الشركات الصينية المزودة
بالاعتمادات والعقود والقروض
الميسرة على طول القارة وعرضها؛
تشهد على ذلك الخطط الإنمائية
التي لم تستثن اي قطاع من بنى
تحتية الى جسور الى مشاريع
استثمارية مشتركة... يتساءل المراقبون اليوم، والصين ترفع
الشعار نفسه، حول ما اذا كانت
ستنجح في هجومها المزدوج:
المالي والتجاري والاستثماري،
وايضا الديمغرافي، في محورين
اثنين: الاول في آسيا الوسطى او
ما يُعرف بالجمهوريات
السوفياتية السابقة، وفي
سيبيريا بمواجهة نفوذ روسي
مُزود بإرث سوفياتي يعود تاريخه
الى عشرينات القرن الماضي؟ يُجمع المهتمون بمراقبة النشاط الصيني،
في المحور الاول، على ان تدشين
العمل بخط انابيب الغاز السائل،
الذي ينقل هذه المادة، من
تركمانستان الى الصين الذي قام
به الرئيس الصيني "هوجينتان"
في الرابع من كانون الاول
الماضي، كان تجسيدا للنفوذ
المتزايد لبكين في آسيا الوسطى
على حساب النفوذ الروسي
المتقهقر، وذلك لاعتبارات
عديدة منها: اولا، ان حفل
الافتتاح تم بحضور الرئيسين
الصيني والتركماني، وايضا،
بحضور كل من رئيسي جمهوريتي
كازاخستان واوزبكستان، اذ ان
هذا الانبوب ينطلق من بئر "سامان
ديب "في صحراء" كراكوم "
الشاسعة شرق تركمانستان ويعبر
اراضي هاتين الجمهوريتين بطول
1800 كيلو متر ، ليصل الى مقاطعة
" كسينانغ " الصينية
الشمالية، وبعدها الى "شانغهاي"
شرق الصين بطول خمسة الاف كيلو
متر؛ وثانيا، ان هذا الانبوب العملاق سيُزود
الصين بنحو 40 مليار متر مكعب
بحلول العام 2012 و2013، وهذه
الكمية هي نصف ما تستهلكه الصين
سنويا من هذه المادة؛ وثالثا ان
الجمهورية التركمانية، التي ما
زالت منطوية على ذاتها، تملك
واحدا من اهم احتيطات الغاز في
العالم وتتمتع روسيا بشبه
احتكار لصادرات الغاز
التركماني التي تمر عبر شبكة من
انابيب الغاز تعود الى الحقبة
السوفياتية . لقد شهدت العلاقات
الروسية التركمانية، مؤخرا،
توترا وصل الى ذروته في نيسان
الماضي لدى انفجار وقع في هذه
الشبكة واتهمت السلطات
التركمانية شركة الغاز الروسية
العملاقة" غاز بروم"
بإفتعال هذا الانفجار كي لا
تنقل الى الخارج كميات الغاز
المتفق عليها. وقد حاول الاتحاد الاوروبي استغلال هذا
التوتر لكنه لم ينجح، في حين
نجحت الصين في مسعاها وابتدأ
الاتحاد الاوروبي العمل بإقامة
الانبوب عام 2008؛ ورابعا، رافق
ذلك كله المزيد من السيطرة
الصينية على سوق المحروقات في
هذه المنطقة، اذ قدمت الصين
اعتمادا لكازاخستان بقيمة عشرة
مليارات دولار لتصبح اكبر مساهم
(6 %) في رابع شركة بترول
كازاخستانية، وقرضا آخر
لتركمانستان بقيمة اربعة
مليارات دولار للحصول على
امتياز في حقل "بولاتان"
الجنوبي للغاز. وقد اشاد الرئيس
الصيني في حفل التدشين بتعاون
بلده مع جيرانها الآسيويين
قائلا:" تعطي الصين اولوية
كبرى للتعاون مع جيرانها، ويشهد
هذا الانبوب بأن التعاون يزدهر
بين هذه الامم"، مشيدا
بالتنمية الاقتصادية التي
تشهدها بلدان المنطقة التي تعزز
الاستقرار. اما الرئيس
التركماني فقد حيا الصين
لإعادتها " تأهيل طريق الحرير
القديم، وبفضل الحكمة التي
تتمتع بها الصين اصبحت الضمان
المهم للأمن الجماعي في المنطقة".
وعلًق ريتشارد جونز، نائب مدير
الوكالة الدولية للطاقة، على
تدشين العمل بهذا الانبوب
قائلاً: "تتقدم الصين في كل
مكان في قطاع النفط والغاز وحتى
الفحم بخطى ثابتة ومدروسة ". اما المحور الثاني الذي تتواجه فيه،
بصمت، الصين مع روسيا، فهو
سيبيريا وخصوصا المناطق
الحدودية بينهما. يقول "باراج
خانا" في كتابه " العالم
الثاني" الصادر حديثا: "لا
يوجد مكان على وجه الارض تجاور
فيه دولة يتناقص عدد سكانها
دولة اخرى مكتظة بالسكان كما هي
الحال مع روسيا والصين".
فمنطقة الحدود المشتركة تشهد
هجرة بإتجاه معاكس. فالصينيون
يتجهون نحو المقاطعات الشمالية
حيث يتدفق ما يقارب الستمئة الف
صيني سنويا الى الشرق الاقصى
الروسي المفرغ من السكان، وهذا
العدد مماثل تقريبا للنقص
السنوي في التعداد السكاني
الروسي؛ والروس يتجهون غربا
بحيث اصبحت هذه المنطقة لا تضم
اكثر من سبعة ملايين روسي مقابل
مئة مليون صيني. وتصف احدى
المجلات الصينية (شيداي زهوباو)
الواقع السكاني الروسي في
المنطقة بقولها استنادا
للإحصاءات الرسمية الروسية "ان
الشرق الاقصى الروسي يشهد
انخفاضا بعدد السكان يعادل 14 %سنويا،
واذا استمر الوضع على هذا
المنوال فان عدد الروس في
المنطقة لن يتجاوز الاربعة
ملايين ونصف المليون عام 2015".
لقد ادركت السلطات الروسية حجم
هذا الخلل الديمغرافي، وبدلا من
اللجوء الى تبني حلول جذرية
للمعالجة كتنمية المنطقة في
مختلف الميادين، انتشر اقتراح
يقول بنقل سكان القوقاز الشمالي
المسلمون الى هذه المنطقة
لمواجهة التزايد السكاني
الصيني، في حين ان بكين، وكي
تتجاوز الصراع الاثني في مقاطعة
"كسينانغ" الشمالية كما
جرى في تموز الماضي، ستجعل منها
مركزا تجاريا وصناعيا للمنطقة
وبذلك يتثبت الاستقرار فيها. وهكذا تستمر المواجهة الصامتة بين
الجارين الكبيرين مع اختلافات
متباعدة جدا في وسائل المعالجة.
واكثر ما يخشاه المهتمون بهذه
المنطقة ان تتحول هذه المواجهة
الى نزاع مسلح فتشتعل اطول حدود
في العالم بين جارين كل منهما لا
ينقصه لا العديد ولا العتاد ! ؟ .
. ======================= ترجمة الأحد 3-1-2010 ترجمة: ريما الرفاعي الثورة ثمة وثيقة داخلية في اسرائيل لم تسرب،
وربما هي غير مكتوبة، لكن جميع
القوات: الشاباك والجيش وحرس
الحدود والشرطة والقضاة
المدنيين والعسكريين تعمل بوحي
منها. لقد بات واضحاً العدو الحقيقي الذي يرفض
الاختفاء ألا وهو الكفاح الشعبي
للاحتلال. وفي الأشهر الأخيرة أضيفت إليه محاولات
قمع هذا الكفاح الذي يشارك فيه
فلسطينيون وبعض الاسرائيليين
والناشطين الدوليين. وهؤلاء
يرفضون التخلي عن حق مقاومة
نظام الفصل الديمغرافي ومقولة
التفوق اليهودي برغم وسائل
القمع ضدهم والتي تشتمل على
تفريق المظاهرات باستخدام
السلاح الحي والمداهمات
العسكرية الليلية والاعتقالات
الجماعية. وقد أصيب منذ مطلع العام 29 فلسطينياً
كانوا يشاركون في مظاهرات
لمقاومة جدار الفصل بنار قناصة
الجيش الاسرائيلي المسلحين
بسلاح حي وذلك برغم أمر صريح من
القيادة العسكرية الرئيسة منذ
عام 2001 بعدم جواز استعمال هذا
السلاح لتفريق المتظاهرين. وبعد
أن قتل الجنود في حزيران الماضي
الفلسطيني عقل سرور، توقف اطلاق
النار من جانب الجنود، لكنه عاد
وتجدد في تشرين الثاني الماضي.
وخلال عمليات المداهمة العسكرية
الليلية، اعتقل منذ حزيران
عشرات المتظاهرين في نعلين
وبلعين، ممن سلبهم جدار الفصل
أرضهم. وفي منطقة نابلس ينشط
المستوطنون ضد الفلسطينيين
ترويعاً وتنكيلاً برغم
العقوبات الشكلية التي تفرضها
المحاكم العسكرية على بعضهم
والتي تشمل أحكاماً بالسجن
لفترات قصيرة بتهم أقل مما هي في
الواقع، مثل التحريض ورمي
الحجارة والخطر على أمن
المنطقة، بينما زج بأحد
الناشطين في رابطة مهنية من
نابلس في الاعتقال الإداري دون
محاكمة، وما يزال ناشط آخر رهن
التحقيق. ومنذ بضعة اسابيع ترفض الشرطة الموافقة
على مظاهرات لمعارضي الاستيطان
في منطقة الشيخ جراح بالقدس وقد
اعتقلت يومي الجمعة الأخيرين
أكثر من 20 محتجاً كل مرة 24 ساعة،
حيث احتجز هؤلاء في زنزانة
مليئة بالقيء وقاذورات الإسهال
في سجن المسكوبية. كما اعتقلت السلطات في الآونة الأخيرة
ناشطين رئيسيين في المنظمة
الفلسطينية «أوقفوا السور»،
التي تشارك في نشاط بحثي
واعلامي يدعو الى فرض مقاطعة
على اسرائيل وعلى الشركات التي
تتصل بالاحتلال. فقد اعتقل محمد
عثمان قبل نحو ثلاثة أشهر، ولم
توجه له بعد شهرين من التحقيق
أية اتهامات، لكن رغم ذلك، زج به
في الاعتقال الإداري. أما منسق
المنظمة، جمال جمعة، ابن
السابعة والأربعين من سكان
القدس فقد اعتقل في 15 كانون
الأول، ومدد اعتقاله قبل أيام
لمدة أسبوعين بناء على طلب
النيابة العامة. والواضح، أن هذا القمع المنسق يستهدف
إرهاق النشطاء وردع الآخرين ممن
قد يفكرون في الانخراط بهذا
النضال المدني الذي أثبت جدواه
في بلدان أخرى. ولعل مكمن
الخطورة في هذا الشكل من الكفاح
أنه لا يمكن أن يسمى إرهابا أو
أن يستعمل ذريعة لتعزيز ما
تدعيه اسرائيل من حق في الدفاع
عن نفسها، كما دأبت خلال
العشرين سنة الأخيرة. ويشير هذا
النشاط الشعبي حتى لو كان ضيقاً
إلى أن الجمهور الفلسطيني بات
يستخلص الدروس من الأخطاء ومن
استغلال هذه الأخطاء من جانب
اسرائيل، وهم يقدمون بذلك بدائل
يضطر حتى كبار قادة السلطة
الفلسطينية إلى تأييدها بصورة
علنية على الأقل. وقد أعرب رئيس الشاباك يوفال ديسكين
ورئيس آمان عاموس يدلين، عن
قلقهما ازاء هذه الانشطة في
تقرير استخباري قدماه للحكومة.
وجاء في التقرير أن «الفلسطينيين
يحاولون مواصلة بناء دولة من
أسفل... وأن يفرضوا على اسرائيل
تسوية من أعلى... إن الهدوء
الأمني في الضفة الغربية وحقيقة
أن السلطة أبلت حسناً في مواجهة
الإرهاب جعلت الجماعة الدولية
توجه ضغوطها الى اسرائيل وتطلب
تقدما سياسيا». إن القمع الوحشي للانتفاضة الأولى،
والقمع بالرصاص الحي للمظاهرات
غير المسلحة في الانتفاضة
الثانية برهنا للفلسطينيين على
أن اسرائيل يمكن أن تصغي لصوت
آخر أقل حدة ولكن أكثر جدوى.
فالكفاح الشعبي هو ثمرة القمع
الاسرائيلي، ولعل اولئك في جهاز
الامن الذين يقدسون استخدام
السلاح ضد كل ما يقوم به
الفلسطينيون لا يجدون اليوم ما
يقولونه أو يفعلونه للتعامل مع
هذه الظاهرة التي تستحوذ على
تعاطف الأسرة الدولية، بل
العديد من اليهود أيضاً داخل
اسرائيل. هل يتفضل هؤلاء اليوم
ليقولوا لنا ما إذا كان لديهم أي
رد على هذه المقاومة الشعبية ======================= بقلم :محمد حسين اليوسفي البيان 3-1-2010 ترى هل يمكن الوصول إلى بعض التعميمات
النظرية بتأملنا لأحداث العام
الذي انقضى، وهو العام 2009؟!
بالطبع نستطيع، فأحداث العام
الماضي، كما بقية الأعوام
السابقة والمقبلة، تحمل في
طياتها عللاً وأسباباً
متواترة، يستطيع الكشف عنها كل
من يمعن النظر فيها. فالتاريخ، الذي هو عبارة عن ماضي البشر
والأحداث التي وقعت لهم في
أمسهم، عبارة عن معمل كبير
للتجارب البشرية التي تقع
بتلقائية، وبالتالي فإن نتائج
هذه التجارب هي قوانين لا تقل
صرامة عن قوانين الطبيعة، التي
يستطيع العلماء أن يعيدوا
إنتاجها في معاملهم كي يتحققوا
من علل وقوعها. ولعل تسلم باراك حسين أوباما رئاسة
الجمهورية الأميركية، كان من
الأحداث البارزة التي تشير إلى
تغير سياسي أساسي في المجتمع
الأميركي، الذي لعبت (وتلعب فيه)
العنصرية دوراً تاريخياً في
بنائه. فإبادة السكان الأصليين
من الهنود الحمر، وجلب العبيد
السود من إفريقيا للعمل في
مزارع الجنوب، ثم كعمالة رخيصة
في مدن الشمال، تحتل حيزاً
مهماً في التاريخ الأميركي، حيث
رسم العلاقة بين مكوناته
الاجتماعية. أما الهنود الحمر فقد أبادهم المستعمر
الأبيض بعد أن جردهم من
أراضيهم، ثم أصبح هؤلاء في
المخيلة الشعبية الأميركية
التي رسمتها «هوليوود»
بأفلامها عن الغرب الأميركي
ورعاة بقرها من الكاوبوي،
أشراراً متوحشين وشرسين
يهاجمون المستوطنين البيض «الوديعين»،
ويستكثرون عليهم استصلاحهم
لقليل من الأراضي من أجل تأمين
لقمة العيش، مع وجود سهول
ووديان بمد البصر لا أثر
للإنسان فيها! قاوم الهنود الحمر البيض المتفوقين عليهم
تقنياً، فأبيدوا بشرف عن بكرة
أبيهم، ومن بقي منهم لم يحظوا من
المجتمع الأميركي الحديث، سوى
بلقب «الأميركيون الأصليون»
َفُّيًّم فٍمْيكفَ ! ولولا مقاومة الهنود الحمر المسلحة للرجل
الأبيض المتفوق عليهم عدداً
وعدة، لبقي هؤلاء عنصراً مهماً
في الحياة الأميركية، كما يقول
الكثير من المؤرخين، وهو رأي
يفتح المجال لتساؤل نظري حول
متى تكون «المقاومة المسلحة»
خياراً فاعلاً لصاحبها ومتى
تكون سلاحاً مدمراً لحاملها؟! أما السود فقصتهم مختلفة، ربما هي قصة
الكفاح السلمي (وهو خيار فرض
عليهم منذ البدء) والانخراط في
الحياة الاجتماعية الأميركية،
رغم قسوة عنصريتها. ثم جاءت
اللحظة التاريخية لتحررهم يوم
رأى الشمال الصناعي حاجته لأيد
عاملة رخيصة. ويوم أيد هذا الشمال قرار أبراهام لنكولن
التاريخي بتحرير العبيد، لتقوم
بعده حرب شعواء شارك فيها السود
بكل ضراوة مع جيش الشمال،
ليدفعوا جزءاً من ثمن حريتهم.
وتحرر هؤلاء «نظرياً»، لكنهم
بقوا عملياً أسرى الفقر
والتمييز الاجتماعي والسياسي
والاقتصادي. ومن خلال «الفعل الجماعي» (السياسي) خلق
السود حركة اجتماعية لها قضيتها
(الحقوق المدنية)، وتحمل خطاباً
سياسياً (يتفق عليه البيض
والسود وينطلق من تعاليم الدين
المشترك بينهم). وشعارات جذابة منها المساواة، فضلاً عن
وجود قيادة «كاريزمية» (موهوبة)
متمثلة في مارتن لوثر كنغ.
وتزامنت انطلاقتها مع حرب
فيتنام وظهور حركة الشباب
الرافض للتجنيد في تلك الحرب،
فاكتسبت زخماً على زخمها. تخلص المجتمع الأميركي من مظاهر العنصرية
الفجة، ولا يتجرأ أي شخص الآن أن
يجري على لسانه لفظة «زنجي»
َيهمْ، واستبدلوا وصف مواطنيهم
ب«الأميركيين من أصول إفريقية»
بدلاً من السود، وانتخبوا من
يتولى أمرهم من هذه الجماعة. بيد أن طريقاً طويلا لا بد أن يقطعه
هؤلاء، للتخلص من رواسب التمييز
العنصري الباقية في النفوس،
والتي تجد تجلياتها في قلة
التصاهر بين الجنسين، وفي أن
السود ما زالوا يشكلون فقراء
أميركا بامتياز. وهذه السنة عصفت بالعالم أزمة اقتصادية
عنيفة، هي جزء من دورات
الرأسمالية المحتومة بين
الازدهار والكساد، بيد أن أزمة
هذا العام كانت بعنف تلك التي
حدثت قبل ثمانين عاماً، والتي
يتردد ذكرها في كتب التاريخ. ولعل الأزمة الأخيرة اختلفت عن سابقتها
في كونها قد لعب فيها «رأس المال
المالي» الدور الريادي، من خلال
تيسير سبل الاقتراض دون التحوط
بضمانات أكيدة لاسترداد الأصول.
ومع تقدم التقنيات الحديثة أصبح النشاط
الاستثماري، بالذات في أسواق
الأسهم وغيرها، يتعدى الحدود
القومية ليخرج إلى فضاء عالمي
واسع ليجسد العولمة الاقتصادية.
وحينما انفجرت فقاعة «ليمان
برذر» اهتزت لصداها جميع
الأسواق. وجاء حل الأزمة أو التخفيف من غلوائها من
«الدولة» ومن «المال العام»،
ومن أم الرأسمالية أيضاً وهي
الولايات المتحدة الأميركية، ل«تؤمم»
بنوكاً كاسدة وشركات غارقة،
ولتنهي الأزمة بذلك واحدة من
أعز مقولات الليبرالية
عليها،وهي: «دعه يعمل دعه يمر».
لقد أثبتت «الدولة» أنها هي
الناظم للسوق، وهي الملاذ
الأخير «لفوضاها»! ولا شك أن أحداثاً أخرى كثيرة وقعت في
العام المنصرم تستحق التوقف
والتأمل، بيد أن المقام يضيق
بالتعليق عليها، مع تمنياتنا
للجميع بعام جديد ملؤه السعادة. كاتب كويتي ======================= آخر تحديث:الأحد ,03/01/2010 الخليج نقولا نصر من حيث المبدأ، ووفقاً للقانون الدولي،
فإن ما تفعله أي دولة داخل
حدودها وفي نطاق سيادتها
الإقليمية هو قرار سيادي وطني
لها، غير أن كثيراً من قضايا
الصراع الدولي المعاصرة تؤكد أن
هذا المبدأ في التطبيق العملي
ليس صحيحاً على إطلاقه، وأن
ممارسة الدول لسيادتها الوطنية
لها حدود سياسية واستراتيجية
تقيدها، بخاصة إذا كانت هذه
الممارسة تمثل خطراً أو تهديداً
حيوياً يتجاوز الحدود الوطنية،
وهنا يكمن جوهر الجدل الساخن
الدائر حالياً حول قيام مصر
ببناء جدار من الفولاذ على
جانبها من الحدود مع قطاع غزة
الفلسطيني، تقول القاهرة إنه
مجرد إضافة تحت الأرض لما هو
قائم فعلا فوقها. فعلى سبيل المثال، فإن البرنامج النووي
الإيراني، بغض النظر عن كونه
مدنياً وسلمياً أم عسكرياً،
وكذلك تطوير المنظومة
الصاروخية والعسكرية لحمايته
هما شأن إيراني داخلي قراره
سيادي إيراني، ومع ذلك فإن
الولايات المتحدة والاتحاد
الأوروبي، عبر المحيطات
والبحار والمساحة الشاسعة من
اليابسة التي تفصل بينهما وبين
إيران، يعطيان لنفسيهما الحق في
التدخل فيه حد التهديد بالحرب
إن لم تنفع العقوبات والحصار،
بحجة أن مخاطره الاستراتيجية
والسياسية تتجاوز حدود السيادة
الوطنية الإيرانية. وكمثال
أحدث، كان تضارب المصالح بين
السيادة الوطنية والمصلحة
الكونية هو الذي قاد إلى فشل
المؤتمر الذي رعته الأمم
المتحدة في كوبنهاغن مؤخراً حول
الاحتباس الحراري في التوصل إلى
اتفاق أممي ملزم يرقى إلى مستوى
الخطر الداهم الذي يهدد الكرة
الأرضية والجنس البشري. ولا يحتاج الأمر إلى خبراء في القانون
الدولي أو إلى جهابذة في
الدبلوماسية لإثبات أن ما تفعله
مصر في نطاق سيادتها الإقليمية
هو قرار سيادي مصري، وينطبق ذلك
طبعاً على الجانب المصري من
الحدود المشتركة مع فلسطين في
قطاع غزة، لكن “الدفاع” المصري
في معرض تفسير وتسويغ بناء جدار
من الفولاذ تحت الأرض مع القطاع
عن حق مصر في ممارسة سيادتها،
وحماية حدودها، واتخاذ كل
الإجراءات اللازمة لمنع انتهاك
سيادتها وحدودها، يصور الجدل
وكأنما يدور حول ما إذا كان أو
لم يكن لمصر الحق في ذلك، غير أن
ذلك بالتأكيد ليس موضع جدل،
وليس هو موضوع الجدل الدائر،
وبالتالي فإن تركيز المسؤولين
المصريين في دفاعهم على هذا
الحق الذي لا جدال فيه إنما
كانوا يحاولون بدبلوماسية غير
موفقة التغطية على الموضوع
الحقيقي، والتهرب منه، وهم في
قرارة نفوسهم يعرفونه أكثر
بكثير حتى من عرب فلسطين
المحاصرين في القطاع المتضرر
الأول والأخير من بناء أي جدار
كهذا، سواء تحت الأرض أو فوقها. ومما لا جدال فيه، أن جدار الفولاذ إياه،
الذي لم يعد أي من الأطراف
المعنية ينفي خبر بنائه فعلاً،
قد تحول إلى موضوع جديد لنفخ
النار في الرماد الهامد
للانقسام الفلسطيني، فبينما
أيد الرئيس الفلسطيني محمود
عباس الذي يقول الطرف الآخر في
الانقسام إن ولايته منتهية، حق
مصر في ممارسة سيادتها، من دون
أي إشارة من قريب أو بعيد إلى
المضاعفات الإنسانية لبناء
الجدار على مليون ونصف المليون
من أبناء شعبه في القطاع، حيث
سيقود بناؤه إلى إغلاق الأنفاق
التي قالت المفوضة العامة
لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين
الفلسطينيين (أونروا) كارين
أبوزيد إنها توفر ستين في
المائة من احتياجاتهم
الأساسية، بادرت حكومة غزة التي
تقودها “حماس” والتي يصفها
عباس ب”المقالة” إلى انتقاد
بنائه، وطلبت “توضيحات” من
الحكومة المصرية، حسب بيان من
وزير داخليتها فتحي حماد،
وأبلغتها بإرسال قوات أمنية إلى
المناطق الحدودية لمنع الأهالي
من إطلاق النار على مشروع بناء
الجدار، وتعهدت بالحفاظ على
الأمن المصري من أي تهديد له من
الجانب الفلسطيني من الحدود،
وكان في ذلك إشارة غير مباشرة
لكنها واضحة إلى غضب شعبي
فلسطيني من بناء الجدار ينطوي
على إمكانية انفجار شعبي في وجه
الجدار تحت الأرض، يذكّر
بالاجتياح الشعبي للجدار فوق
الأرض في الثالث والعشرين من
يناير/ كانون الثاني عام 2008. ومن الواضح أن القلق الفلسطيني من بناء
جدار الفولاذ مشروع من
الناحيتين الإنسانية والوطنية،
فبناؤه إنسانياً يقطع شريان
الحياة الوحيد المفتوح من أجل
البقاء، وهو وطنياً سيغلق
المنفذ الوحيد المفتوح لامتلاك
الحد الأدنى من وسائل الدفاع عن
النفس. وفي الحالتين يتحول
بناؤه إلى ممارسة للسيادة
المصرية تتجاوز حدودها
السياسية والاستراتيجية الحدود
الإقليمية لمصر، خلاصتها إحكام
الحصار على القطاع من المنفذ
العربي الوحيد الذي ما زالت
الآمال معقودة عليه كباب خلاص
وحيد ممكن من الحصار “الإسرائيلي”
المطبق على القطاع، وفي
الحالتين يمثل بناؤه تهديداً
حيوياً لمن يعيشون على الجانب
الآخر من الحدود. ويجد الفلسطينيون في القطاع أنفسهم أمام
خيارين أحلاهما مر، فإما أن
يتصدوا لمشروع الجدار الفولاذي
“المصري” أو يعودوا إلى تصعيد
المقاومة ضد الجدران المدرعة “الإسرائيلية”،
التي تحكم الحصار على القطاع
لفتح ثغرات فيها تعوض عن
الثغرات التي فتحوها تحت الأرض
من أجل البقاء على قيد الحياة
ويجري إغلاقها اليوم، وهو ما لا
ترفضه مصر وحدها بل كل المعنيين
باستئناف “عملية السلام”. ويجد
المصريون أنفسهم في مأزق مماثل
يمزقهم بين صلة الرحم القومية
والأخوة الإسلامية التي تجعل
قلوبهم ضد الجدار ومع المتضررين
منه على الجانب الآخر من
الحدود، وبين قيود معاهدة
سلامهم مع دولة الاحتلال “الإسرائيلي”
التي تجعل سيادتهم غير مكتملة
على كامل حدودهم مع فلسطين،
سواء “الفلسطينية” مع القطاع
أو “الإسرائيلية” مع النقب،
وقيود التزامهم ب”عملية السلام”
التي يتذرعون بها لعدم ممارستهم
سيادتهم بفتح حدودهم مع قطاع
غزة كمخرج وحيد ممكن من المأزق
الراهن الذي يجدون أنفسهم فيه،
ويزجون بالفلسطينيين فيه. كاتب عربي من فلسطين ======================= الشرق الاوسط عبدالرحمن الراشد 3-1-2010 كما تعلمنا، فإن كل الأمور نسبية، إحدى
الصحف اختارت التذكير بأن سوق
الأسهم العالمية حققت 60%
ارتفاعا في العام المنصرم،
وصحيفة أخرى ندبت السنة بأنها
أكبر كارثة في تاريخ سوق
الأسهم، وكلا العنوانين صحيح. مؤشرات كثيرة تقول إننا ندخل عاما أفضل،
مقارنة بالأعوام الماضية،
نراها في العراق ولبنان
وفلسطين، وسوق البترول بالنسبة
للدول المنتجة، اللغز الوحيد
المقلق هو إيران، على جبهتين،
الداخلية حيث الصراع بين
الحكومة والمعارضة، والخارجية
حيث إنه قد حان موعد المواجهة
الدولية ضد نظام إيران في الملف
النووي، إما بالمقاطعة وإما
بالمواجهة العسكرية، حتى
اليمن، على الرغم من خطورة
أوضاعه واحتمال أن تستمر
معاركه، فإنها ربما لن تشتعل
أكثر وإلى مسافات أبعد، وما لم
تحصل المعارضة المسلحة على وقود
داخلي - أعني تأييدا شعبيا يمنيا
- فإن اعتمادها على الإيرانيين
والمسلحين الصوماليين سيعطيها
القليل من الصمود، كما رأينا في
الشهر الأخير حيث خسرت الكثير. قراءتي للعام الجديد أن أهم ما قد يبشر به
في عامنا الجديد هو مشروع
السلام الفلسطيني، وربما
العربي - الإسرائيلي بشكل عام،
لقد ضيع الجميع الكثير من الوقت
الثمين في الأشهر الماضية في
الخلاف على التفاصيل، وعلى
الرغم من الإحباط، فإن الجميع
سيعود للتفاوض، ولو أن ياسر
عرفات، الرئيس الفلسطيني
الراحل، أنصت إلى الرافضين ولم
يذهب إلى أوسلو، لبقي أبو مازن
في تونس إلى اليوم، وإسماعيل
هنية في دمشق، وصرنا نتحدث عن
سلام تدريجي سيستغرق 20 عاما
أخرى حتى يصل إلى ما وصلنا إليه
اليوم، وبالتالي فإن كل
الإخفاقات الماضية هي ثمن طبيعي
للنزاعات السياسية المتعددة،
والذي يجعلنا نتفاءل بعامنا
الجديد أن الكثير من الأخطاء
ارتكب وحان الوقت لخطوات صحيحة،
الرئيس الأميركي باراك أوباما،
اللاعب الرئيسي في قضية الشرق
الأوسط، يعرف جيدا أنه تسلم
جائزة نوبل للسلام قبل موعدها،
وعليه أن يدفع الثمن ولو متأخرا.
كما أن الفلسطينيين يدركون أنه يجدر بهم
اللحاق بما تبقى من الوقت قبل أن
تدق ساعة الانتخابات الأميركية
في مجلس الكونغرس. ماذا عن الإرهاب، القضية الأكثر درامية
وعالمية؟ أظن أنه لن يكون حظ
الإرهابيين أفضل من حظهم في
السنوات القليلة الماضية، حيث
تحولت «القاعدة» إلى مجرد أخبار
متفرقة ومعارك يائسة، وشتان بين
اليوم والأمس القريب، فالتنظيم
قد احتفظ بحضوره الدعائي، لأن
محاولة تدمير طائرة واحدة، كما
حصل في الأسبوع الماضي من قبل
شاب نيجيري واحد، كانت كافية
لأن تصبح «القاعدة» على كل
لسان، ما عدا ذلك فإننا لا نرى «القاعدة»
تهديدا حقيقيا، حتى بعد أن فتحت
جبهة جديدة في اليمن والصومال،
ستبقى قادرة على ارتكاب أعمال
تحظى باهتمام العالم وقادرة على
ترويعه، لكنها لم تعد تخيف
الأنظمة أو تشعل حروبا كبيرة
كما فعلت في زمن الزرقاوي في
العراق. لا أستطيع أن أتجاهل الفئة التي لا تحتفل
بشيء ولا تريد غيرها أن يحتفل
أيضا، المتطرفون الذين صدمتهم
سلسلة هزائم العام المنصرم،
سيستمرون في عدائهم للتحديث
وسيواصلون محاربته، سيقفون ضد
أي انفتاح، وأي حقوق، لكنهم في
حقيقة الأمر يحاربون الطوفان
الذي هو أقوى منهم، وليس مجرد
بضعة دعاة تحديثيين. هذا هو عامنا الجديد، لا يبدو سيئا، ربما
بسبب ما اعتدنا عليه على مر
الأيام. ======================= ماوراء الأخبار.. هذه هي
الصورة في المنطقة! دمشق صحيفة تشرين رأي تشرين الاحد 3 كانون الثاني 2010 عزالدين الدرويش الأوضاع في المنطقة تتجه نحو الأسوأ خاصة
إذا ما كان الأمر يتعلق بعملية
السلام، والعام الجديد لم يحمل
من سابقه أي بوادر تشير إلى أن
الأمور يمكن أن تتحسن في الوقت
القصير القادم، بل على العكس ما
هو متوافر من معلومات إسرائيلية
وأميركية يؤكد تراجع أو انعدام
لغة السلام لحساب أحاديث الحروب
تحت عناوين ومزاعم مكافحة
الإرهاب من جهة، والحفاظ على
أمن إسرائيل من جهة ثانية. ولا يخفى على أحد من المتابعين أن إدارة
أوباما، التي وضعت في بداية
عهدها السلام في المنطقة على
رأس اهتماماتها، بدأت تتحدث عن
السلام من باب رفع العتب فقط،
تماماً كما كانت تفعل سابقتها
إدارة بوش، وأخذت في الوقت نفسه
بتحويل الأنظار نحو ما تسميه
الحرب على الإرهاب وتنظيم
القاعدة. وإذا كان هناك من يقول: هذا المبعوث
الأميركي للسلام جورج ميتشل
قادم إلى المنطقة بعد أيام حسب
ما هو مقرر، وإن جولته هذه دليل
على الاهتمام الأميركي بعملية
السلام، فالجواب هو أن ميتشل
ذاته لا يعلق أي أهمية على جولته
هذه نظراً لما تواجهه من عراقيل
إسرائيلية لها أول وليس لها
آخر، وقد سرّب عنه أنه غسل يديه
من مهمته السلمية هذه، منذ أن
رفضت حكومة نتنياهو طلبه بوقف
الاستيطان بشكل كامل قبل
استئناف محادثات السلام. وهناك من يؤكد أن ميتشل بات قاب قوسين أو
أدنى من الانسحاب من هذه
المهمة، بغية عدم تحمّل تبعات
نتائج فشلها. وهذا بالضبط ما تريده إسرائيل وتخطط له
منذ البداية، فإبعاد إدارة
أوباما عن عملية السلام شكل
أولوية إسرائيلية طوال السنة
الماضية، والهدف واضح ويتمثل
بتوفير الظروف المناسبة لإكمال
مخططات الاستيطان والتهويد،
وبالتالي نسف عملية السلام من
جذورها. وهذا يعني أن الإدارة الأميركية تفعل ما
تريده إسرائيل وليس ما تتطلبه
عملية السلام، على الرغم من
تأكيد الرئيس أوباما أن إدارته
ستعمل كل ما تستطيع من أجل
السلام في المنطقة لكونه مصلحة
قومية أميركية. هذه هي الصورة في المنطقة مع بدء العام
الجديد، والآتي أعظم حسب
المخططات والتهديدات
والاستفزازات الإسرائيلية التي
لا توفر أحداً. ======================= عمالة الأطفال في سوريا
ضرورة أم ثقافة مجتمع احمد كامل بي بي سي 2-1-2010 وردة فتاة سورية تبلغ من العمر 9 سنوات لم
يسبق أن دخلت المدرسة تبيع
الحلوى في شوارع دمشق وتحتاج أن
تكسب عشرة دولارات في اليوم على
الاقل ، لتعيش ولتساعد والدها
وأسرتها على العيش . على وردة
إقناع المارة بشراء الحلوى،
وعليها الحذر من مخاطر الوقوف
في الطريق . تقول وردة " مثلاً يأتي رجل يطلب مني أن
أذهب معه مقابل 500 ليرة ، فأقول
لا وأطرده ، وأنادي الناس ، وهم
يطلبون الشرطة ليأخذوه " أفضل الدراسات حول وضع عمالة الاطفال في
سورية تعود إلى عام 2002، وترى
منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن
تلك الدراسة ماتزال المؤشر
الأفضل حول حالة عمالة الاطفال
في سورية. وبحسب الدراسة فإن ما لايقل عن 18 في المئة
من الاطفال في سورية منخرطون في
سوق العمل، وذلك لأسباب خاصة
كتدهور الوضع الاقتصادي
لأسرهم، أو التفكك الاجتماعي
لهذه الأسر. ويشرح مارك لوست من ممثلية اليونسيف في
سورية لبي بي سي الاسباب العامة
لعمل الاطفال " يوجد العديد
من العوامل القاهرة التي تسبب
عمالة الاطفال، مثلاً حالة
الجفاف الحالية في سورية وحالات
اللجوء الجماعي كهجرة أعداد
كبيرة من العراقيين إلى سورية
منذ عام 2007 ". وفي حالات غير قليلة تدفع أسر بأطفالها
للعمل دون حاجة اقتصادية ،
فثقافة كثير من السوريين تعتبر
العمل وتعلم المهنة طريقة
للتربية الجيدة والإعداد
للمستقبل. الباحث الاجتماعي الدكتور جمعة حجازي قال
لبي بي سي " لا ننظر نحن
كأفراد سوريين وكعائلات إلى
عمالة الاطفال على أنها هدر
للطفولة أو قتل للمواهب ،
بالعكس ننظر إليها على انها
تنمية للمواهب وإعداد الطفل
للمستقبل ". الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل
رهادا عبدوش قالت لبي بي سي أنها
تعتقد " أن حجم عمالة الاطفال
زاد منذ عام 2002 ، وزادت نسبة
العمالة الاكثر خطورة على
الاطفال ، وزادت العمالة
المقنعة كالعمالة الموسمية
والعمالة الجزئية " ووفق بنود الاتفاقية الدولية لحقوق
الطفل، وبحسب نصوص القوانين
السورية فإن التعليم إلزامي حتى
سن الخامسة عشرة، ولايجوز العمل
مطلقاً لمن هم دون الثانية عشرة
من العمر، ويقيد عمل من هم ما
بين الثانية عشرة والثامنة عشرة
بساعات عمل قليلة وبأعمال غير
مجهدة وبأماكن غير خطرة على صحة
وسلامة الطفل الجسدية والنفسية. هذه القوانين تواجه صعوبة كبيرة في
التطبيق، خاصة في حالات رضا
الأهل عن عمل أطفالهم وقبولهم
بفكرة غياب الأطفال عن المدرسة،
وفي حالات عدم وجود الأهل. ======================= عادل صديق موقع قصة الإسلام الجمعة 01 يناير 2010
في سابقة لم تشهدها المنطقة، زعمت
الحكومة المصرية أن لها الحق في
بناء الجدار الفولاذي لخنق غزة
بإغلاق الأنفاق التي تعد شريان
الحياة للقطاع المحاصر، وتدمير
مقدرات غزة من المياه الجوفية
وقتل أهلها فيما تتخذه من
إجراءات أمنية لحدودها، وفيما
تشهده الحدود من حفريات ضخمة
ليس إلا للحفاظ على الأمن
القومي المصري! لقد كان الجدار المصري مفاجأة للمراقبين,
إذ لا يعدو هذا الإجراء الذي
تتخذه الحكومة المصرية أن يكون
حلاًّ أمريكيًّا؛ لإحكام
الخناق المستفز على المحاصرين
من جهة، وعلاج القلق الصهيوني
من تنامي المقاومة الإسلامية في
غزة من جهة أخرى، مما أصبح
هاجسًا أمنيًّا داخليًّا
يهدِّد الداخل الصهيوني، وذلك
من قِبل الذين يتسرّبون عبر
الأنفاق؛ ليقوموا بعمليات
استشهادية أو تهريب للمتفجرات
إلى الكيان الصهيوني. وجاء الجدار المصري الظالم تقليدًا
للجدار الصهيوني العازل على
حدود قطاع غزة الشمالية
والشرقية، والذي يهدف لمنع حفر
الأنفاق، وبالتالي الحدّ من
العمليات الاستشهادية التي
تنتقل من غزة إلى الأرض المحتلة. وكان يهدف أيضًا -بسوء نية وقصد- لخنق غزة
مائيًّا، وهي التي تعتمد على
المياه الجوفية، وحين تقدَّم
التبريرات من مصر على أن
الإجراءات الحدودية هي مسألة
أمن قومي، فإن هذا يعني إدخال
أهل غزة إلى مرحلة النزع
الأخير؛ ترضيةً لأمريكا
وللكيان الصهيوني الغاصب. لقد أساءت الحرب -التي تحين ذكراها في 27
ديسمبر- للسمعة الصهيونية
المدّعاة بأن الكيان الصهيوني
واحة الديمقراطية وسط بحر
متلاطم من الديكتاتوريات، في
حين شهد العالم بوحشية قتل
الآمنين من الرجال والنساء
والولدان الذين لا يملكون حيلة
ولا يهتدون سبيلاً. الأمن القومي المصري: لقد كثرت عبارات الأمن القومي على ألسنة
المسؤولين المصريين، وكأن
الأطفال المحاصرين -الذين
يبحثون عن لقمة يسدون بها
رمقهم، وشربة ماء يروون بها
ظمأهم- مصدر خطر على الأمن
القومي المصري!! وأكثر ما لفت الانتباه ما حدث في 23 يناير
2008م عقب انهيار السور الذي يفصل
"الرّفحيْن" المصرية
والفلسطينية، فقد ضاق
بالمحاصرين ذرعًا فلم يكن
أمامهم إلا أن يقتحموا الحواجز،
فبدلاً من أن يواسي العالم
هؤلاء المكروبين أمعن العالم في
تضييق الخناق عليهم في حصار لا
ينتهي، فلا طعام يكفي ولا دواء. وذكر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة
الإسلامية (حماس) خالد مشعل: إن
اقتحام الحواجز كان بقرار شعبي.
والرئيس المصري قال أمام
الصحفيين: إنّه سمح بدخول
الفلسطينيين عبر الجدار للتزود
بالمواد الغذائية بشرط أن لا
يكونوا مسلحين، وإنه أمر القوات
المسلحة الحدودية بعدم منعهم من
الدخول. إذن الموقف المصري حين
يُعلن فهذا يعني أن هناك إرادة
مصرية، ولو كانت بتأثير الموقف. لقد مر نصف سكان غزة إلى مصر عبر الجدار
وهم يتنسمون الحرية المفقودة
على أثر القهر الذي يولده
الحصار، وشعروا أنهم وسط أهليهم
فاشتروا بكل ما لديهم من مال
مقومات الحياة من طعام وشراب
ودواء وغاز، وعاد أهل غزة من حيث
أتوا، وبُني الجدار الحديدي مرة
أخرى وبقوة تحمُّل أشد، ولم يكن
يُفتح المعبر إلا قليلاً. أنفاق غزة: حين يتكلمون عن الأنفاق ومدى اقتحامها لـ"الأمن
القومي المصري" نذكر أنّ
تاريخ حفر الأنفاق يعود إلى
أوائل الثمانينيات، حيث كانت
تستخدم لتهريب السجائر والذهب
وبعض العملات الأجنبية، ومع بدء
الانتفاضة الأولى عام 1987م
استخدمت الأنفاق لتهريب
الأسلحة وبعض المقاومين
المطلوبين للاحتلال الإسرائيلي. وكان لا يتعدى طول النفق الذي يربط بين
منزلين متقابلين على جانبي
الحدود آنذاك 30 مترًا، ولكن مع
قدوم السلطة الوطنية وشروعها في
محاربة حماس والأنفاق في إطار
التنسيق الأمني مع الاحتلال
الصهيوني، قامت قوات الاحتلال
بتدمير آلاف المنازل المحاذية
للشريط الحدودي تحت سمع وبصر
ورعاية السلطة الوطنية
الفلسطينية، الأمر الذي زاد من
طول هذه الأنفاق. وحين شعرت غزة بالاحتياج لكل مقومات
الحياة، لجأت إلى الأنفاق
لتهريب الغذاء والدواء. والحاجة
أمُّ الاختراع، فلم تكن الأنفاق
إلاّ "حيلة المضطر"؛
فالمعابر تفتح فقط بعد تنازلات
ومباحثات ورحلات مكوكية بين غزة
والقاهرة، وبصورة متقطعة لا تفي
باحتياجات "مليون ونصف
المليون" هم تعداد أهل غزة. واللافت أن أهمّ الأولويات الملحّة كانت
الدواء وحليب الأطفال والوقود
ثم الغذاء، ودخلت سلع كثيرة
منها الملابس، وقطع الغيار، ثم
السيارات مؤخرًا، وحـتى
الحيـوانات دخلت عن طريق
الأنفاق! وتراصت البضائع لتعيد
الحياة إلى متاجر وأسواق القطاع
الذي يفرض عليه الاحتلال
الصهيوني حصارًا اقتصاديًّا
وعسكريًّا خانقًا منذ يونيو 2007م،
مهددًا بذلك حياة سكان غزة. لقد
صارت الأنفاق تجارة كما قلنا،
وظل الأمر هكذا حتى الاجتياح
الوحشي الصهيوني في 27 ديسمبر 2008م
لكسر إرادة المقاومة، ولكن الله
عز وجل رد كيدهم في نحورهم؛ مما
أدى إلى توقف حركة العمل في
الأنفاق إلى حين. رحلة المخاطر: لم يكن عبور الأنفاق رحلة سهلة وخاصة
لتهريب البضائع والحيوانات
والبشر من العالقين لفترات
طويلة في رفح المصرية، فكثيرًا
ما كانت الأنفاق تنهار على مَن
فيها، سواء بأمرٍ قدريٍّ أو
بفعل فاعل، وربما تم كشف مكان
النفق، وألقيت فيه كبسولات
الغاز لمنع استخدامه، أو قام
الجانب المصري أو الصهيوني
بتدميره بالقذائف أو
المتفجرات، فيموت من يموت، وما
من حساب إلا عند الله يوم
القيامة، وينعق الناعقون: المهم
الأمن القومي!! الحكومة المصرية لا تعترف بأنّ غزة
محرّرة إلى الآن -حتى وفق أوسلو-
كما قال أستاذ القانون الدولي
الدكتور نبيل حلمي، وذلك على
قناة المحور في "برنامج 48
ساعة"! فغزة منطقة "محتلة"
من الكيان الصهيوني، وأن
المسؤولية حال اللجوء للقضاء
الدولي لإقدام مصر على إقامة
الجدار الفولاذي تقع على عاتق
"الكيان المحتل"، الذي من
المفترض أن يعامل المناطق
المحتلّة وفق القانون الدولي
بتوفير مقتضيات الحياة. ومن المؤكد أن كلام الدكتور نبيل منطقي
بما يلائم السياسة المصرية،
ونسي أن غزة حررت بسبب أنها
استعصت على الاحتلال، ففرَّ من
مشاكلها "الجيش الصهيوني"
إبّان الانتفاضة الأولى
والثانية. ورغم كلام أستاذ القانون الدولي فهو
يخالف ما تم الاتفاق عليه بعد
مماطلة طويلة في مباحثات أوسلو
بين السلطة في عهد عرفات ومن جاء
بعده والكيان الغاصب، وكانت
بداية الاتفاق المذل "غزة
وأريحا أولاً"، وكانت الضفة
الممزقة بالجدران العازلة،
والتي تخضع لإرادة المحتل
والتنسيق الأمني بين السلطتين. والأخطر من ذلك -بكلام وزير الخارجية
الدكتور أحمد أبو الغيط،
والدكتور نبيل حلمي أستاذ
القانون الدولي- أن الحكومة
المصرية نفت مسئؤليتها عن غزة،
والتي قلنا: إنها كانت قطاعًا في
ذمّة مصر، حتى تم احتلالها في
عام 1967م من قِبل الكيان الغاصب.
ووزير الخارجية رغم إنكاره أنّ
مصر لا تهدف إلى خنق غزة، وأن
معبر رفح مفتوح طيلة الوقت، إلا
أن الحقيقة تخالف ذلك جملة
وتفصيلاً. لقد فشل العدو في كسر إرادة أبناء غزة رغم
الوحشيّة، وكانت الاعتداءات
الصهيونية مدعومة بالسلاح
المدمر وإمدادات الذخائر التي
يتم تعويضها في الحال من
الترسانة الأمريكية، وتأمين
الغطاء المعلوماتي، فضلاً عن
التبرير الأمريكي كالعادة؛
فالناطق الرسمي باسم البيت
الأبيض حينذاك يرى أن الإجراءات
"الصهيونية" هي دفاع عن
النفس، وكذلك كل ناطق أمريكي. وينقطع خط الإمداد عن طريق الأنفاق إبّان
الحرب، وينشط عقب توقفها. لقد
كانت استطلاعات العدو لأرض
مكشوفة مسألة يسيرة؛ فغزة ليس
لديها دفاع جوي، فصارت نهبًا
لأكبر قوة جوية في الشرق
الأوسط، واستطاعت الكشف عن
الكثير من الأنفاق، وإنْ كان
الصهاينة أقروا بأنه من
المستحيل وقف التهريب دون خطة
تشارك فيها مصر، فكانت الفكرة
الصهيوأمريكية "الجدار
الفولاذي". البطالة في سيناء وغزة: بناء الجدار الفولازي يسبب البطالة في
سيناء وغزة، حيث تعاني الحكومة
المصرية من القلاقل التي تنجم
عن البطالة بين الشباب في
سيناء، فسيناء دخلتها التنمية
متأخرة، وكان من المفترض أن
يبدأ حشد كافة القوى الاقتصادية
والعمرانية بالذات لإيجاد بنية
تحتية، وإنشاء مؤسسات ضخمة تعمل
في المجالين الصناعي والزراعي،
واستثمار قدرات الشباب المصري،
وشباب سيناء جزء منه. فأثناء الاحتلال الصهيوني لسيناء -للأسف-
كان شباب سيناء يعمل في المزارع
والمتاجر، والمصانع وحقول "سلب
البترول المصري" من قِبل
الصهاينة اللصوص، وهذه قضية "أمن
قومي" لم تعُد حكومة مصر تنظر
إليها، كما تغاضت عن المطالبة
بحقوق "الأسرى الشهداء"
الذين أبادهم اليهود عقب حرب
الأيام الستة 1967م، رغم أن هذا
الحق كجريمة حرب لا يسقط
بالتقادم. عمل الشباب في سيناء مضطرًّا -في مؤسسات
الاحتلال- وكان البديل هو
البطالة، وتوقّع سكان سيناء عقب
التحرير أن يجد نعيم الحرية
ورغد العيش، ولكن خاب ظنه أن يجد
الاستثمارات التي تعوّضه ذلك
القهر الذي عاشه ست سنوات أو
يزيد. ومع الأسف لم يبدأ الاستثمار في سيناء
مبكرًا، فعانى من البطالة
والحرمان إلا البعض الذين خرجوا
من أرضهم بداعي السفر أو العمل،
وهم الذين لم يتركوها ارتباطًا
بها إبان الاحتلال، فقد كان في
حاجة للتعليم والصحة والمرافق
المتكاملة. والباقون -وهم الكثرة- عاشوا بلا عمل، أو
لجؤوا إلى التهريب، أو التمرد
على الواقع، ولكن مع حقبة
الثمانينيات بدؤوا العمل في
الأنفاق كمصدر رزقٍ،
فاحْتَوَتْهُمْ لدرجة أن
إحصائية نشرتها جريدة الوفد
أكدت أنّ 90% من الشباب يعملون
فيها حتى عام 2009م بدلاً من الشغب
والسهر في المقاهي حتى الصباح،
والجريمة التي انتشرت ووصلت حتى
ديسمبر 2009م إلى 53 ألف قضية
جنائية، ومن المتوقع أن يتصاعد
العدد مع إغلاق الأنفاق، وبلغ
معدل ارتكاب الجريمة 194 جريمة
يوميًّا بمتوسط 8 جرائم كل ساعة!!
وأكدت البيانات الرسمية أن
معدّلات الجريمة زادت في سيناء
خلال الـ 15 عامًا الأخيرة بنسبة
266٪، وهذا معدل خطر لم يكن
أثناء الاحتلال. وأكدت جريدة الوفد حدوث زيادة هائلة في
العنف والترويع المصاحب
للجرائم، وأن العديد من الجرائم
خاصة السرقة بالإكراه تقع على
بُعد أمتار من أقسام الشرطة! كما
كشفت تكرار حوادث السرقة
المقيّدة ضد مجهول بشكل خطير،
فقد تضمنت الأرقام الرسمية وقوع
2796 حادث سرقة خلال العام الحالي
ضدّ مجهول!! وأكدت الدراسة التي أجراها سعيد عتيق من
أبناء الشريط الحدودي في سيناء،
أن نسبة الذين يعملون في تجارة
الأنفاق مع قطاع غزة حوالي 90٪
من شباب سيناء بين رفح المصرية
والفلسطينية. كما أكدّت الدراسة
عمل هؤلاء الشباب مهربين أو
حفارين أو وسطاء لتجميع البضائع
التي يتم تهريبها، ولا بد من
إيجاد البديل؛ لأنّ الدراسة
أوضحت أن البطالة وراء عمل شباب
سيناء في الأنفاق. وللأسف لا بديل لهم، وخاصة أن الكثير من
المصانع لا تكفي، والموجود منها
مهددة بالإغلاق كما أشارت جريدة
الفجر المستقلة. ونطرح مع الآخرين هذا التساؤل الذي يأتي
في حينه: ما الذي تخسره مصر من
بقاء الأنفاق؟ وما الذي تجنيه
من إغلاقها؟ سندرك أنّ الأنفاق التي تسعى مصر
لإغلاقها قد احتوت ما لا يقل عن
5000 شاب من أبناء سيناء وغيرها من
مدن مصر، ونفس العدد على الجانب
الآخر في قطاع غزة، وأنها
جنبتهم -أي الأنفاق- على الجانب
المصري زيادة معدّل الجريمة
والضياع، فهل تتحمل مصر هؤلاء
في سجل البطالة الذي يزداد كل
يوم؟! أصابع الكيان الصهيوني: ويظل الكيان الصهيوني المغتصب في قلق لا
ينتهي رغم قوّته الظاهرة وبطشه،
وبدأ مجددًا التلميح بضربات
وقائية على غزة، وخاصة أنّ حملة
التجويع التي كانت بإيعاز منها
لكافة أطراف الحصار لم تُؤتِ
أكلها؛ فتجارة الأنفاق نشطت حتى
وصلت لما يقارب المليار دولار
خلال الفترة السابقة، ويصرّح
الدكتور محمود الزهّار مؤخرًا
بأنّ الأنفاق وفرت الاحتياجات
الضرورية التي تساعد المحاصرين
في غزة على الصمود. إذن مساعي الكيان الصهيوني لا بد أن تضرب
على وتر الضغط على مصر بطريق
مباشر أو غير مباشر؛ فمصر لم
توفِّ بوعودها لحفظ حدودها -من
وجهة النظر الصهيونية- والتهريب
لا يزال مستمرًّا، ولقد عقد
قبيل قرار وقف حرب غزة يناير 2009م
اجتماعًا بين وزيرتي خارجية
الكيان وأمريكا حينذاك لتشديد
الحصار على غزة دون الإشارة إلى
دور لمصر؛ مما أزعج القيادات
المصرية. وعندما تبرم إسرائيل
اتفاقًا أمنيًّا مع الولايات
المتحدة فقط؛ لمراقبة وحماية
البر والبحر لضمان عدم وصول
السلاح إلى غزة، وبدون حضور مصر
أو حتى مشورتها أو وضعها في صورة
الاتفاقية، فهذا يعني الإهانة
لمصر ومكانتها ودورها، خاصةً أن
أيّ اتفاقية من هذه الاتفاقيات
هي اتفاقية أمنيّة تمس الأمن
القومي المصري. الجدار الفولاذي وخنق غزة: قال أبو الغيط في رده على سؤال عما يتردد
حول بناء مصر لجدار فولاذي على
حدوها مع غزة، أو أنها تقوم بوضع
أجهزة أمريكية للكشف عن أنفاق
التهريب: "مسألة أنها جدار أو
معدات للتجسس أو وسائل تنصت
كلها أمور تتردد، ولكن المهم أن
الأرض المصريّة يجب أن تكون
مصانة، ويجب ألاَّ يسمح أي مصري
بأن تنتهك أرضه بهذا الشكل أو
ذاك". في بادئ الأمر، لم تكن "الحفريات"
المصرية بالنسبة إلى سكان
المدينة أكثر من "شأن مصري"
داخل الأراضي المصريّة، لكن
الأيام كشفت أن هذا "الشأن"
هو فلسطيني، أكثر منه مصريًّا،
ولا سيما أن الهدف منه إغلاق آخر
متنفّس للقطاع المحاصَر، ألا
وهو الأنفاق، التي تعدُّ مدينة
رفح الحاضنة لها بفعل قربها من
الحدود. الغريب أن الكشف عن هذه المؤامرة المصرية
جاء بداية عبر صحف الكيان
الصهيوني تعبيرًا على الانتصار
في الضغط على مصر، غير أنه تجلّى
لاحقًا بظهور انعكاسات البناء
المصري على "شريان الحياة"
الغزّاوي، بعدما تسبّبت
الحفريات المصريّة بإغلاق
العديد من الأنفاق. أوضح بعض سكان مدينة رفح الحدودية أنهم
لاحظوا حركة ناشطة لجرّافات
وآلات حفر ضخمة تقوم بأعمال
حفريات غير واضحة بدقة منذ أيام
في الجانب المصري من الحدود مع
القطاع، ويؤكد بعض المراقبين أن
الحركة الناشطة لقوات الأمن
المصرية ووجود الحفارات
العملاقة بمحاذاة الحدود،
تزامنت مع زيارة وفد أجنبي،
يعتقد أنه أمريكي للمنطقة
الحدودية، وأدرك مراقبون في غزة
أن مصر بدأت في إقامة الجدار من
الفولاذ بعمق كبير في باطن
الأرض بمحاذاة الحدود، لافتةً
أنها أنجزت بعض المقاطع من هذا
الجدار. حصار للأنفاق وحصار للماء ! لقد بدأت بعض الأنفاق تنهار أو كما يقول
بعض ملاك الأنفاق في غزة: "الجدار
سبّب إغلاق عدد من أنفاق
التهريب"، مقرًّا بأن "استكمال
بناء هذا الجدار سيؤدي إلى أزمة
حقيقية فيما يخصّ عمل الأنفاق".
فالحفارات المصرية أوجدت حفرًا
عميقة ووضعت أنابيب حديدية
ضخمة، الهدف من ورائها "ضخّ
مياه لتخريب المنطقة الحدودية،
والتسبُّب في انهيار الأنفاق
القائمة، ومنع حفر أنفاق جديدة.
ويقول البعض: إن الحفر مرحلة
أولى لبناء الجدار الحديدي،
والقضاء نهائيًّا على ظاهرة
التهريب، بمساعدة أمريكية
إسرائيلية. ويقول البعض: إن الأنابيب المتزامن مدّها
مع دقّ الألواح الفولاذية سوف
تضخ مياه مالحة من البحر لتعوق
أي أنفاق مستقبلية، على افتراض
أن مالكي الأنفاق استطاعوا
بوسيلة ما اختراق ألواح الصلب،
كما أن رخاوة التربة ستؤدي إلى
انهيارها، كما أن ذلك من جانبه
أن يتسبب في كارثة بيئية بالغة
التعقيد؛ حيث ستخرب البئر
الوحيدة التي تغذي قطاع غزة
بالمياه الجوفية، فقد حذر
المهندس نزار الوحيدي خبير
المياه الفلسطيني من أنّ الجدار
الفولاذي الذي تبنيه مصر على
حدود قطاع غزة يعدُّ تهديدًا
استراتيجيًّا للمخزون الجوفي
لمياه القطاع، محذرًا من تشديد
حصار القطاع اقتصاديًّا
ومائيًّا بسبب هذا الجدار. وأعرب الوحيدي عن قناعته بأنّ الجدار
الفولاذي هو أشبه بمصائد المياه
الجوفية التي حفرها الاحتلال
الصهيوني على حدود غزة الشرقية
والشمالية؛ ليشكل حصارًا
مائيًّا إضافيًّا على القطاع،
وأكّد أن الخزان الجوفي على
الحدود الجنوبية لقطاع غزة هو
خزان جوفي مشترك ومتداخل، وأكد
الخبراء أنّ المشاريع التي تنفذ
بهذه الطريقة ذات آثار سلبية
كبيرة على البيئة. وتزداد المأساة قتامة! فالكثيرون من
المنبطحين والمهرولين يغلبهم
الخوف، ولا يريدون خيار
المقاومة، ويتنكرون لموقف غزة،
وإن كان الشارع الإسلامي مع
خيار المقاومة، لكن الحكومات
تريد الشعب الفلسطيني مستأنسًا
حتى تحقق الصهيونية ما تريد من
مشروع "الدولة الصهيونية
الكبرى" بامتدادها، ويريدون
إجهاض إسلامية القدس، وبدلاً من
أن تقوم مصر بفتح المعبر الذي
يتنفسون منه الحرية، إذا بهم
يضيّقون أكثر فأكثر لخنق غزة،
وإملاء اشتراطات مذلة عليها. كان الشعبُ الفلسطيني ينتظرُ تطوراتٍ
بكسرِ الحصار، وليس هذه الحملة
المحمومة التي تستهدف ما تبقّى
من شرايين الحياة التي تمدُّ
الشعب الفلسطيني بالمواد
الغذائية الأساسية والأدوات
الضرورية اللازمة والوقود
اللازم لتشغيل المولدات وحركة
المركبات. إن ما تقوم بإنجازه
الأنفاق المحفورة أسفل الحدود
لا يمثل إلا معابر استثنائية في
ظروفٍ طارئة، كانوا يريدون
بديلاً لها يتمثل بفتح المعابر
بشكل رسمي، وليس خطوات على طريق
إحكام الخنق والحصار. ويظل الواقع أن الجدار بُدئ العمل فيه
بالفعل، وآثار ذلك ستكون وخيمة
على مصر وسمعتها، وليس على قطاع
غزة وحده! وإن كان هذا الجانب لا
يهمُّ الكثيرين من أصحاب الشأن
في مصر؛ فالمصالح الفردية هي
المسيطرة الآن على القرارات،
وإن كانت مصر قدمت الكثير
للقضية الفلسطينية، فإن
المنتظر منها كثيرٌ أيضًا، لا
يترك المجال لأصحاب التبريرات
التي لا تخدم أمنًا وطنيًّا ولا
حدودًا مصطنعة، ولا حكومة ولا
شعبًا، ولا يترك دماء الشهداء
تشربها الرمال، وتذهب مع الريح. ======================= بقلم د. محمد بن لطفي الصباغ مجلـة الـرائــد ، العدد رقـم
269 ذو الحجة 1430 ، كانون الأول /
ديسمبر 2009 لقدْ دعا كتاب الله وسُنَّة رسوله - صلَّى
الله عليه وسلَّم - إلى العمل،
وهناك نُصوصٌ كثيرة في هذا
الموضوع أودُّ أن أوردَ شيئًا
منها: • فمن ذلك: قوله - تعالى -: {هُوَ الَّذِي
جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ
ذَلُولاً فَامْشُوا فِي
مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ
رِزْقِهِ} [الملك: 15]. • ومنها: قوله - تعالى -: {فَإِذَا قُضِيَتِ
الصَّلاَةُ فَانْتَشِرُوا فِي
الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ
فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: 10]. • ومنها: قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((ما مِن مسلمٍ يَزرعُ زرعًا، أو
يَغرس غرسًا، فيأكل منه طير، أو
إنسان، أو بهيمة، إلاَّ كان له
به صَدقة))؛ رواه البخاري برقم
(2320)، ومسلم برقم (1553). • ومنها: ما ذَكَر رسولُ الله - صلَّى الله
عليه وسلَّم -: أنَّه هو
والأنبياء مِن قَبله عملوا
بأيديهم؛ فقد قال - صلَّى الله
عليه وسلَّم -: ((ما بعثَ الله
نبيًّا إلاَّ وَرَعى الغنم))،
فقالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال:
((نعم، كنتُ أرعاها على قراريطَ
لأهلِ مكَّة))؛ رواه البخاري
برقم (2262). • ومنها: ترغيبه - صلَّى الله عليه وسلَّم
- في العمل، وتحذيره من سؤال
الناس؛ فعن الزُّبير بن
العوَّام - رضي الله عنه -: أنَّ
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -
قال: ((لأَنْ يأخذَ أحدُكم
حَبلَه، فيأتيَ بحُزمة الحطب
على ظهره، فيبيعَها، فيكُفَّ
الله بها وجهَه - خيرٌ له من أن
يسألَ الناس، أعطَوْه أو منعُوه))؛
رواه البخاري برقم (1471). وهناك حديثٌ معبِّر أتمَّ تعبيرٍ عن أنَّ
المسلم يجب أن يعمل، ويصونَ
نفسَه من مذلَّة السؤال، فإنَّه
ما دام قادرًا على العمل، فلا
بُدَّ أن يجد وسيلةً للعمل. فعن أنس - رضي الله عنه -: أنَّ رجلاً من
الأنصار أتى النبي - صلَّى الله
عليه وسلَّم - يسأله فقال - صلَّى
الله عليه وسلَّم -: ((أَمَا في
بيتك شيء؟))، قال الرَّجل: بلى،
حِلْسٌ[1] نلبس بعضَه، ونبسط
بعضه، وقَعْبٌ[2] نشربُ فيه من
الماء، قال - صلَّى الله عليه
وسلَّم -: ((ائتني بهما))، فأتاه
بهما، فأخذهما رسول الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم - بيده، وقال: ((مَن
يشتري هذين؟))، فقال رجل: أنا
آخذهما بدِرهم، قال - صلَّى الله
عليه وسلَّم -: ((مَن يَزيد على
درهم؟)) مرَّتين أو ثلاثًا، قال
رجل: أنا آخذهما بدِرهمين،
فأعطاهما إيَّاه وأخذ
الدِّرهمين، وأعطاهما
الأنصاريَّ، وقال: ((اشترِ
بأحدهما طعامًا، فانبذه إلى
أهلك، واشترِ بالآخرِ قَدُومًا
فأتِني به)). فأتاه به، فشدَّ فيه رسولُ - صلَّى الله
عليه وسلَّم - عودًا بيده، ثم
قال له: ((اذهبْ فاحتطب وبِعْ،
ولا أرينَّك خمسةَ عشرَ يومًا))،
فذهَبَ الرجل يحتطبُ ويبيع،
فجاء وقد أصاب عَشرةَ دراهم،
فاشترى ببعضها ثوبًا، وببعضها
طعامًا، فقال رسول الله - صلَّى
الله عليه وسلَّم -: ((هذا خيرٌ لك
مِن أن تجيءَ المسألةُ نُكتةً
في وجهك يومَ القيامة؛ إنَّ
المسألة لا تصلح إلاَّ لثلاثة:
لذي فَقر مُدقِع، أو لذي غُرْم
مُفظِع، أو لذي دمٍ مُوجِع))؛
رواه أبو داود برقم (1641)، واللفظ
له، والترمذي برقم (1218)، وابن
ماجه برقم (2198)، والنسائي (7/259)،
وأحمد (3/114)، وقال المنذري: رواه
أبو داود والبيهقيُّ بطوله،
واللَّفظ لأبي داود، وأخرج
الترمذي والنَّسائي منه قصَّة
بيعَ الحطب فقط. وذهب بعضُ أهل العِلم إلى أنَّه ضعيف؛
ولكن معناه وَرَد في أحاديثَ
كثيرةٍ صحيحة، والله أعلم. إنَّ الآياتِ الكريمةَ، والأحاديث
النَّبوية الشريفة التي تحضُّ
على العَمل - لَتدلُّ على أنَّ
المسلمين مُطالَبون بالعَمل
الجادِّ المُثمِر المتقَن؛ كي
لا يكونوا عالةً على غيرِهم من
الكفَّار. أوَلاَ يَحزنُك يا أخي، أن يكونَ طعام
المسلمين في كثيرٍ من بلادهم
مستوردًا من الخارج؟! حتى إذا
تأخَّرت الباخرة التي تَحمل
القمحَ يَوْمَين، قامت في البلد
مجاعةٌ! أوَلاَ يُؤلِمُك يا أخي، أن يكون لِباسهم
مستوردًا من الخارج، وأن تكون
سياراتهم مستوردةً من الخارج هي
وقطع غيارها، وأن يكون سلاحُهم
مستوردًا من الخارج، ولا
يُعطيهم الكفَّار إلاَّ
الأسلحة التي أكل الدَّهر عليها
وشرب؟! إنَّ المسلمين بسبب هذا التخلُّف وصلوا
إلى درجةٍ من الضعف مُذهلة، حتى
غلبهم المغلب. إنَّ علينا أن نعمل لإنتاج ذلك كلِّه
وتصديره للآخرين؛ بل علينا أن
نعمل في مَيْدان العلوم
التجريبيَّة وأن نبرز فيها. وقد وقفتُ على كلمةٍ طيِّبة للكاتب
الإسلامي الكبير شكيب أرسلان -
رحمه الله - ورأيتُ أنْ أُوردها
في هذه الكلمة، قال: "الجامدُ
هو الذي شَهر الحرب على العلوم
الطبيعيَّة والرِّياضية
والفلسفية، وفنونها وصناعتها؛
بحُجَّة أنَّها من علوم
الكفَّار، فحَرَم الإسلامَ
ثمراتِ هذه العلوم، وأورث
أبناءَه الفقرَ الذي هم فيه،
وقصَّ أجنحتَهم، فإنَّ العلوم
الطبيعية هي العلوم الباحثة في
الأرض، والأرضُ لا تُخرج
أفلاذَها إلاَّ لمن يبحث فيها. والمسلم الجامد
لا يَدري أنَّه بهذا المشرب
يسعى في بوارِ مِلَّته، وحطِّها
عن درجة الأُمم الأخرى، ولا
يتنبه لشيءٍ من المصائب التي
جرَّها على قومه إهمالُهم
للعلوم الكونية، حتى أضحَوا
بهذا الفقر الذي هم فيه، وصاروا
عِيالاً على أعدائهم الذين لا
يَرقبون فيهم إلاًّ ولا ذِمَّة. فهو إذا نظر إلى هذه الحالة علَّلها
بالقضاء والقدر بادئ الرأي،
وهذا شأن الكسالى في الدنيا
يُحيلون على الأقدار. هذا الخُلق هو الذي حُبِّب إلى كثيرٍ من
المسلمين، فنجمت فيهم فئةٌ
يلقبون بـ (الدروايش)، ليس لهم
شُغل ولا عمل، وليسوا في الواقع
إلاَّ أعضاءً مشلولة في جِسم
المجتمع الإسلامي. وهذا الخُلق بعينه هو الذي جعل الإفرنجَ
يقولون: إنَّ الإسلام جبريٌّ لا
يأمر بالعمل؛ لأنَّ ما هو كائن
هو كائنٌ؛ عَمِلَ المخلوقُ، أم
لم يعمل! ولا شيءَ أدلُّ على فساد هذا الزعم
الإفرنجي من القرآن الملآن
بالحثِّ على العمل، وباستنهاض
الهِمم، وابتعاث العزائم،
ونَوْط الثواب والعقاب،
والفوزِ والفشل، بالعملِ الذي
يعمله المكلَّف؛ قال الله -
تعالى -: {وُقُلِ اعْمَلُوا
فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ} [التوبة: 105]، وقال -
تعالى -: {وَإِنْ كَذَّبُوكَ
فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ
عَمَلُكُمْ} [يونس: 41]، وقال -
تعالى -: {يَا أَيُّهَا
الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا
اللَّهَ وَأَطِيعُوا
الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا
أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 23]...[3]. وقال – سبحانه -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ
مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ
أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ
كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال -
تعالى -: {أَوَلَمَّا
أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ
أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا
قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ
هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ
إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165]. وأكثرُ المسلمين لا يعلمون أنَّ هذه
الآية خاطَب الله - تعالى - بها
أكملَ هذه الأمَّة إيمانًا
وإسلامًا، وهم أصحاب رسول الله -
صلَّى الله عليه وسلَّم - إذ
تعجَّبوا من ظُهور المشركين
عليهم في غزوة أُحد، فردَّ الله
عليهم ببيان السبب، وهو
مخالفتُهم أمرَه - صلَّى الله
عليه وسلَّم - للرُّماة الذين
يحمون ظهورَ المقاتِلة بألاَّ
يبرحوا أماكنَهم، سواء كان
الغَلَب للمسلمين أو عليهم،
فلَمَّا انهزم المشركون،
خالفوا الأمرَ لمشاركة
المقاتلين في الغنيمة، فَكرَّ
عليهم المشركون حتى شُجَّ رأسُ
النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -
...إلخ. وكلُّها ناطقةٌ بأنَّ الإسلام دينُ العمل
لا دين الكسل، ولا هو دين
الاتِّكال على القَدر المجهول
للبشر، كما يقول الدراويش
البطَّالون: "رِزقُنا على
الله؛ عمِلنا أم لم نعمل"! أو كما يُزيِّن للناس بعض مؤلِّفي
الإفرنج من أنَّ دين الإسلام
دينُ جمود وتفويض وتسليم، وأنَّ
تأخُّر المسلمين إنَّما نشأ عن
ذلك. ولو كان في هذه الدَّعوة ذرَّة ما من
الصِّحة لَمَا نهض الصحابة -
أخْبَرُ الناس بالإسلام -
وفتحوا نصفَ كرة الأرض في خمسين
سنة، ولكن التسليم الذي
يتكلَّمون عليه، ويَهرفون فيه
بما لا يعرفون، إنَّما هو
مقرونٌ بالعمل والكدح
وبالسَّعْي، وإلاَّ فلا
يُسمَّى تسليمًا؛ بل يُسمَّى
جمودًا، ويُعدُّ بطالة، وهو
مخالفٌ للقرآن والسُّنة،
وأمَّا إذا كان التسليم لله
مقرونًا بالعمل، فإنَّه أنفعُ
في الدنيا والأخرى؛ لأنَّ إفراط
المرء في الاعتماد على نفسِه
يورِّطه في البطر إذا نجح، وفي
الجزع إذا فَشِل. والذي يُريده الإسلام: إنَّما هو أن يعقل
الإنسان، وأن يتوكَّل، وأن
يُدبِّر لنفسه بهداية عقلِه
الذي جعله الله مرشدًا، ويعلم
مع ذلك أنْ ليس الأمرُ بيده،
وأنَّ من الأقدار ما لا تدركه
الأفكار، وهذا صحيح، ولَمَّا
ذكر النبي - صلَّى الله عليه
وسلَّم - القَدَر، سأله بعضُ
الأصحاب: ألاَ نَتَّكل؟! فقال -
صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((اعملوا
فكلٌّ مُيسَّرٌ لما خُلِق له))؛
رواه البخاري (4945، 4946، 4947)،
ومسلم (2647). وكلُّ ما هو وارد في القرآن من آيات
القضاء والقَدَر، إنَّما كان
مقصودًا به سَبقُ عِلم الله
لكلِّ ما يقع، ولم يكن مقصودًا
به نفي الاختيار والتزهيد في
الكسب"، انتهى كلامُه من كتاب
(لماذا تأخَّر المسلمون) من ص 96
إلى ص 103. وأختمُ هذه الكلمة بأثرين عن أمير
المؤمنين سيِّدنا عمر بن الخطاب
- رضي الله عنه -: فقد قال - رضي
الله عنه -: "لا يَقعدنَّ
أحدُكم عن طلبِ الرِّزق، وهو
يقول: اللهمَّ ارزقني، وقد
علِمَ أنَّ السَّماء لا تُمطِر
ذهبًا ولا فِضَّة"، (أخبار
عمر) لعلي وناجي الطنطاوي، ص 264. وقال - رضي الله عنه - أيضًا: "إنِّي لأرى
الرَّجل فيُعجبني، فأسأل: ألَه
مهنة؟ فإن قيل: لا، سقط مِن عيني"[4]؛
وصلَّى الله على سيِّدنا محمد وآله وصحبه
وسلم، والحمد لله ربِّ العالمين. ــــــــــــــــ [1] الحِلْس: كساء يلبس، ويفرش على الأرض،
ويجلس عليه. [2] والقَعْب: الإناء. [3] أورد الأستاذ شكيب آياتٍ كثيرةً تحُثُّ
على العمل. [4] تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي (ص : 202)
، وفي سنن سعيد بن منصور عن ابن
مسعود موقوفًا: "إني أكره أن
أرى الرجل فارغًا لا في عمل
الدنيا ولا الآخرة"، انظر: (الدرر
المنتثرة) للسيوطي بتحقيقنا،
وقد ذكر السيوطي ذلك في خلال
كلامه على الحديث 43؛ وهو: "إنَّ
الله يكره الرَّجل البطَّال"،
وقال عن حديث البطالة : لم يوجد. ===================== هل ستنتهي التناقضات
والخلافات بين سورية ولبنان؟ زين الشامي الرأي العام 3-1-2010 رغم الكثير من ردود الأفعال الإيجابية
التي رافقت زيارة رئيس الوزراء
اللبناني سعد الحريري الى
سورية، ورغم التهليل الكبير
بالحدث من قبل الصحافة السورية
ومن قبل الصحافة اللبنانية
المؤيدة لسورية في لبنان، رغم
ذلك كله، فثمة ما يبعث على القول
إن الزيارة ورغم أهميتها في
الوقت الراهن، فإنها لن تذوّب
أو تلغي التناقضات والخلافات
الكبيرة بين البلدين، وذلك
لأسباب تتعدى الرغبة المشتركة
في تحسينها ووضعها على «السكة»
الصحيحة. إن زيارة الحريري إلى دمشق اكتست أهميتها
من كونها أتت بعد نحو خمسة أعوام
من مقتل رئيس الوزراء السابق
رفيق الحريري، والد سعد
الحريري، وبسبب الاتهامات التي
وجهت الى النظام في سورية أو
مسؤولين فيه بارتكابها، لذلك
فإن الزيارة هي خطوة مهمة كونها
عنونت لمرحلة جديدة بين لبنان
ممثلاً برئيس الحكومة وابن رئيس
الوزراء الذي اغتيل، وما بين
سورية ممثلة بالرئيس بشار الأسد
الذي وجهت لنظامه مسؤولية ما
حصل، لذلك، فإن وصف الزيارة
بأنها «كسرت الجليد» بين
البلدين هو وصف دقيق، نظراً إلى
المستوى المتدني للعلاقة بين
الحكومتين على مدار الأعوام
الخمسة المنصرمة. من ناحية ثانية، فإن ما رشح وأُعلن عن
نتائج الزيارة وما جرى بين
الحريري والأسد في دمشق، ورغم
النفسية والانطباع الإيجابيين
اللذين لوحظا على الحريري بعد
انتهاء الزيارة وخلال مؤتمره
الصحافي، لن يسمحا لنا
بالاستنتاج أن كل شيء قد انتهى
بين الرجلين، ولا يمكن لأي
متفائل التعويل على ذلك والقول
إن صفحة جديدة قد فتحت بين
الشخصين. إن ما رشح كله إلى الآن
هو الرغبة الايجابية بحل
المشاكل القائمة في العلاقة
واتخاذ «خطوات مؤسساتية» من كلا
الجانبين لحلحلة ما كان عالقاً،
لكن هل يكفي ذلك للاستنتاج أن كل
شيء قد انتهى وأن الخلاقات
والتناقضات بين البلدين قد
تلاشت؟ ثم من ناحية أخرى، أليس ما حصل يعكس رغبة
سعودية، أو نتيجة لطلب سعودي من
الحريري بفتح صفحة جديدة مع
دمشق، وهو ذاته ما تم الاتفاق
عليه في قمة الكويت الاقتصادية
الأخيرة؟ بمعنى آخر، هل هناك
شيء آخر دفع الحريري إلى زيارة
دمشق واللقاء مع «غريمه» في قلب
دمشق والنوم في «قصره» غير ذلك؟ إنها أسئلة ضرورية، لأن الإجابة عنها
تفيد في معرفة إذا كان كل شيء
انتهى بين الرجلين، الأسد
والحريري، نقصد جريمة اغتيال
رفيق الحريري والاتهامات التي
رافقتها ضد دمشق. إن القول إن كل
شيء بات بعهدة المحكة الدولية
ليس كافياً. لكن ماذا بعد الزيارة، وهل حقاً إن مثل
هذه الخطوات الرسمية العليا،
ستمحو بجرة قلم وبلحظات ما
تراكم على مر الأعوام السابقة،
ليس المقصود الأعوام الخمسة
الأخيرة وجريمة اغتيال الحريري
فقط، بل ما تراكم منذ إعلان
استقلال دولة لبنان الكبير؟ بعيداً عن الرومانسية، وبعيداً عن الرؤية
القومية «البعثية» للعلاقات
بين الدول العربية، وما يجب أن
تكون عليه، وبعيداً عن لغة
الأحلام، يجب الاعتراف أن
كيانين مختلفين قد تشكلا في كل
من سورية ولبنان منذ عشرات
الأعوام لدرجة يصبح فيها القول
إن ما يجمع الشعبين أكثر مما
يفرقهما بحاجة إلى مراجعة، رغم
القواسم المشتركة كلها، ورغم
خصوصية العلاقة، وما يربط
الشعبين من أواصر. يكفي النظر إلى التركيبة السياسية للبنان
بمكوناته وأحزابه وطوائفه
كلها، ومقارنتها بالواقع
القائم في سورية، لنكتشف ببساطة
أن هناك بوناً شاسعاً في لبنان
يوجد حالة ثابتة ومعترفاً بها
ولا يوجد مثلها في سورية، تتمثل
في وجود حياة سياسية في لبنان،
بينما هي معدومة في سورية. في سورية يوجد نظام سياسي مختلف تماماً
عما هو موجود في لبنان. إن طبيعة
النظام السياسي في سورية، وهي
طبيعة ديكتاتورية استبدادية،
مختلفة تماماً عن طبيعة النظام
السياسي المعمول به في لبنان،
حيث توجد انتخابات وحرية رأي،
وإن كانت موسومة بالطائفية
وتركيبة لبنان الخاصة. هذا
الاختلاف، أوجد مع الوقت ذهنية
مجتمعية، وأوضاعاً اقتصادية،
لا تلتقي أبداً مع ما هو سائد
وأصبح معتاداً في سورية. وعلى
سبيل المثال لا الحصر، فإن
الحريات الإعلامية المتوافرة
في لبنان، وحريات الرأي
والتعبير، صارت جزءاً لا يتجزأ
من ثقافة اللبناني، فيما الخوف
والاتكالية والتفكير المعلب
الخشبي، صار سمة من سمات الحياة
السورية على مر الأعوام من
استقلال البلدين. وعليه، فإن الكثير من تطلعات اللبنانيين
صارت بعيدة عن تطلعات السوريين،
فإذا كان اللبناني يتطلع اليوم
إلى مزيد من الاستقرار السياسي
فإن السوري ربما يفضل التغيير
السياسي والخروج من حالة الحزب
الواحد، وإذا كان اللبناني تخلص
من العقد اتجاه «الغرب» على
سبيل المثال، فإن السوري، لا
يزال يرى في «الغرب» مشروع
مؤامرة مستمرة، لا بل حالة
استعمارية، وذلك نظراً إلى
طبيعة الخطاب السياسي المنفتح
على العالم في لبنان، والمنغلق
على نفسه والمتكئ على الماضي في
سورية. أيضاً، ثم خلافات في البنى الاقتصادية في
كلا البلدين، إذ تسعى سورية إلى
الخروج ببطء من أخلاقيات النظام
الاشتراكي والقطاع العام بعد
أكثر من نصف قرن من العمل فيه،
فيما لبنان لم يعرف أبداً مثل
هذا النمط السياسي الاقتصادي
المجتمعي الثقافي. هذا كله عدا عن تجربة الثلاثين عاماً
للقوات السورية في لبنان، والتي
تركت انطباعات سيئة عند الكثير
من اللبنانيين. طبعاً إذا نسينا
أيضاً سلسلة من الاغتيالات
السياسية التي يعتقد الكثير من
اللبنانيين أن «شقيقتهم الكبرى»
كانت وراءها. ما بين لبنان
وسورية هناك الكثير مما يجمع،
وهذا صحيح، وهو ما فرضته
الجغرافيا والتاريخ، لكن صار
هناك الكثير مما يفرق، وهذا ما
صنعناه بأيدينا. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |