ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
وضع "الدين العام"..
مناقشة في الشأن الديني السياسي
العربي المستقبل - الاحد 10 كانون
الثاني 2010 العدد 3533 - نوافذ - صفحة 9 ياسين الحاج صالح 1- الدين عام وشريك في العام في البلدان
العربية، على تفاوت بينها. أعني بعموميته جملة أشياء. أولها أنه محدد
أساسي لهوية الدولة الذاتية،
فهي إسلامية، الإسلام دينها أو
دين رئيسها، بصورة يجري تثبيتها
وجوبا في الدستور. وثانيها أنه
مشارك في التشريع، منفرد به في
مجال الأحوال الشخصية عموما،
والمرشح الأول لملء أي فراغ
تشريعي محتمل في القانون المدني.
وثالثها أنه حاضر في التعليم ما
قبل الجامعي والتربية
العمومية، وبصورة إلزامية لا
اختيار فيها. ورابعها حضوره
المادي والرمزي الكبير في
الفضاء العام، بما في ذلك أجهزة
الإعلام العامة، وبما فيها حضور
"سيادي" لطقوسه وعلاماته
لا يقبل أن يكون مسؤولاً أمام
أحد (الأذان بمكبرات الصوت..).
وخامسها انتشاره الاجتماعي
المقتحم والكاسح، الذي لا يقبل
مساءلة عن شرعيته (شريط ديني أو
إذاعة دينية في تكسي الأجرة أو
ميكروباصات النقل العام، تلاوة
القرآن وخطب دينية عبر مكبرات
الصوت في عزاء أو "مولد"...)،
فضلا عن رموز مرتبطة به كالزي
النسائي، وبدرجة ما الرجالي. اختصارا، ومن أجل التوضيح، يتكون العام
الديني من مركبين: نفاذ إلى
الدولة، هوية وتشريعات وأجهزة
ووظائف عامة؛ ثم ظهور منتشر
وجماهيري في الفضاء العام
للمجتمع وحياته اليومية. ويتضمن
العام هنا معنى العلنية، بل
العلنية الفائقة، بخاصة على شكل
ظهور صوتي لا منأى عنه، لا في
البيوت ولا في أية أماكن عامة،
ولا بالطبع في الشوارع. لا يعدو
المرء الإنصاف إن وصف مجتمعاتنا
في السنوات الأخيرة، مصر أكثر
من غيرها على ما يبدو، بأنها في
حالة استعراض ديني دائم. والبعدان هذان (الpublic،
والpopular )
هما ما يضمنهما خوسيه كازانوفا
في مفهومه للدين العام، هذا
الذي يتمرد على الدور الهامشي
والمخصخص الذي قررته له نظريات
الحداثة ونظريات العلمنة. (كتابه:
الأديان العامة في العالم
الحديث، المنظمة العربية
للترجمة، 2005). والدين العام في أكثر البلدان العربية هو
الإسلام السني (ربما الشيعي
أكثر في العراق، وفي لبنان
يشاركه الشيعي أيضا). المسيحية
تشاركه العلانية والظهور حيثما
وجدت (تبث بعض الاحتفالات
المسيحية في الإعلام السوري
العام، ويعلّم الدين المسيحي
لمعتنقيه في المدارس العمومية..)،
لكن ظهورها يبقى محدودا جدا (ربما
عدا لبنان) بسبب نسبة المسيحيين
المحدودة بين السكان، ولكون
نفاذها إلى الدولة محدود أيضا.
أما المذاهب الأخرى، كالعلوية
والاسماعيلية والدرزية في
سوريا، فليست عامة ولا علنية،
لا حضور لها على مستوى الدولة
ولا ظهور لها في الفضاء العام.
يلتقي في ذلك على الأرجح وضعا
"الباطنية" و"الأقلية".
والإسلام السني الذي أمكنه تاريخيا أن
يطابق نفسه مع "الإسلام"
عامٌّ "من فوق" أو عام
ممأسس (عبر كونه "دين الدولة"،
والمشرِّع في مجال الأحوال
الشخصية..، والمعَّلم في
المدرسة، والمبثوث وجوبا في
وسائل الإعلام العامة..)، وعام
"من تحت" عبر نطاقات كثيرة
وواسعة من الحياة اليومية
لأكثرية الجمهور. [ 2 من المستغرب أننا لا نكاد نرى وضع الدين
العام هذا، أو أنه غير متمفصل مع
تفكيرنا في الشأن العام،
السياسي والثقافي. من جهة إن
حالة الاستعراض الديني الدائم
أو جملة المظاهر الاجتماعية
السائلة لهذا الوضع حديثة نسبيا.
عمرها سنوات. قبل ذلك تصادمت
معظم الحكومات العربية مع
الإسلاميين السياسيين وحطمتهم
أو كادت، فكان أن انزوت نسبيا
المظاهر الفردية اليومية للدين
والتدين. لكن منذ مطلع القرن
الحالي تقريبا تواطأت مجموعة
ظروف على تسهيل اكتساح
الإسلامية للفضاء العام، حتى
ولو لم يطرأ تغير على العلاقة
بين الإسلاميين السياسيين ونظم
الحكم. من ذلك ثورة الاتصالات (الفضائيات
والانترنت والهاتف المحمول)،
وهي تسهل أكثر وأكثر زج الدين في
الحياة اليومية، وتُيسِّره
للاستهلاك اليومي؛ ومنها لبرلة
اقتصادية وإعلامية واجتماعية
متفاوتة، لكنها تسهل انتشار
التعبيرات الدينية اجتماعيا أو
الظهور الاجتماعي للدين؛ ومنها
دوما الفراغ السياسي والثقافي
الهائل الذي تحدثه في مجتمعاتها
نظم الاستبداد الحديثة، وهو لا
يمتلئ اليوم بغير الدين
وعلاماته ورموزه؛ ومنها أخيرا
حصانة المساجد (والكنائس) في
بلدان لا يكاد يحظى شيء آخر فيها
بحصانة. ويتصل بذلك أن احتشاد
المؤمنين للصلاة هو "التجمع"
الوحيد العصي على حالة الطوارئ
في سورية، وأن نصوصا دينية هي
"الرأي" الوحيد الذي لا
تستطيع سلطات تضيق برأي
محكوميها أن تقمعه. بهذا يشكل
التدين حدا للفقر السياسي في
بلداننا. ومن جهة ثانية لم تأخذ بالظهور إلا في
السنوات الأخيرة ذاتها
احتجاجات علنية مقاومة للدين
العام، وإن دون مفهوم الدين
العام ذاته (تظهر في صلة أكيدة
مع تعمم الصيغة السائلة، ومع
تصاعد الانشغال العالمي بالشأن
الإسلامي بعد 11 أيلول 2001)، الأمر
الذي وسّع ساحة ما يمكن التفكير
فيه في شأن الدين والدولة
والعلاقة بينهما، فساعد على
رؤية ما كان يمكن أن يبقى غير
مرئي في هذا الشأن. وأخيرا ثمة اعتبار ثقافي عام وراء عدم
رؤية وضع الدين العام، أعني
انفصال المحسوس عن المعقول في
ثقافتنا العامة وتفكيرنا العام.
فلطالما فكرنا في العام كسياسة
ودولة، تأثرا بنموذج الدولة
المقرر عالميا، ولم نفكر فيه
كدين أيضا كما "تقول"
حواسنا أو خبرتنا الحية. [ 3 وليس إلا بديهيا أننا لن نرى عواقب هذا
الوضع، ما دمنا لا نراه هو ذاته. وأولى هذه أن التفكير السياسي والسياسة
العملية اللذيْن يثابران على
مطابقة العام مع الدولة يضيّقان
نطاق السياسة، ويعجزان عن تطوير
فهم عملياتها ومحركاتها
وتفاعلاتها، ومن ثم عن بلورة
خطط عملية لإصلاح هذا العام
المركب. تدارك ذلك يوجب إدراج موقع الدين ودوره في
تفكيرنا في الشؤون العامة. هذا
ما تقوم به الحكومات تلقائيا (لاتصالها
الأقوى بالمحسوس واليومي..)،
ويغفله المثقفون والمعارضون
السياسيون "العقلانيون"
دون وجه حق. وهو ما يحكم على
تفكيرهم بأن يكون مثاليا،
مشدودا إلى مفهوم للسياسة
والعام غير مطابق للواقع، وما
يرجح أن يكون الإخفاق نصيب أية
سياسات عملية يقترحونها وتصبو
إلى عام سياسي غير مختلط بالدين.
ولا ريب في أن الغفلة عن وضع الدين العام
في سوريا في السنوات الأخيرة
تتسبب في تجزؤ حقل العمل العام،
وفي بروز معارضة لجانب من العام
لا تعارض جانبه الآخر، أو ترد
بصورة اختزالية ومتعجِّلة أحد
الجانبين للآخر. وهذا بالمناسبة
أحد مصادر انقسام وضعف حركة
المعارضة السورية. والخط الأخشن
للانقسام هو بين معارضين للدين
ومعارضين للدولة، بما يتوافق مع
وضع الدين العام وتجزؤ حقل
العمل العام، وبما يأخذ في
السياق السوري العياني دلالات
ملموسة جدا. وثانية عواقب الدين العام أنه منبع فوّار
للتطييف. حضوره السائل، الكثيف
والمقتحم، الذي لا يملك المجتمع
ولا الأفراد أية حمايات ضده، أو
حتى لغة لمساءلته لكونه يقدم
نفسه في لغة البداهة الوجودية
والأخلاقية، يغذي عند قطاعات
واسعة من السكان (جميع المسلمين
غير السنيين، وقطاعا من
المسلمين السنيين) مشاعر
استبعاد وغربة وإحباط، تدفعهم
إلى التماثل مع روابطهم
الأهلية، أو أقله تضعف
استعدادهم لنقدها والاستقلال
عنها. بهذا يخدم الدين العام
تعزيز سلطة الطائفية على جمهور
كان يمكن أن يكون أكثر
استقلالية. ومن جهة أخرى، يشكل
الانتشار الديني المشهدي
نموذجا مهيمنا، يعمم نفسه في
المجتمع ككل، مضعفا فرص بروز
أفراد مستقلين أو مجموعات عابرة
للأديان. يتحقق ذلك عبر "مفعول
العرض" الذي يحوزه الاستعراض
الديني الدائم. وعلى هذا النحو يتبادل الدين العام
والدولة الاستبدادية التعزيز.
فهذه تنكر الحقوق السياسية
للمواطنة وتحطم تجارب
المواطنين للالتقاء المستقل،
فتعطل فرص استقلالهم السياسي
والأخلاقي. والدين العام يثير
فيهم، بانتشاره، مشاعر الإحباط
والاستبعاد بدرجة تتناسب مع
عموميته، فيدفعهم إلى الحضن
الدافئ والآمن لجماعاتهم
الأهلية. وثالثة عواقب وضع الدين العام، تاليا،
تتمثل في أنه يوافق تجدد
الاستبداد السياسي ورسوخه. فهو
إذ يعزز الوعي الذاتي للجماعات
الدينية (والمذهبية) المختلفة،
يغذي تباعدها، فيمنح نخبة الحكم
تعاليا حيالها جميعا ودورا
تحكيميا بينها. ولما كان
الاستبداد منشغلا بذاته
وديمومته، فإن هذا الشرط
يناسبه، ولعله سيحرص على تغذية
الشكوك بين الجماعات الدينية
المختلفة من أجل أن يدوم. يساعده
الدين العام والقائمون عليه خير
مساعدة في ذلك. وهكذا، سيبدو في الظاهر أن لدينا عاميّن (الدين
والدولة)، في الواقع لدينا أقل
من عام واحد (لسنا مواطنين هنا
ولا متساوين هناك). [ 4 في أي اتجاه يتعين معالجة هذا الوضع
المعضل: وجود عاميّن غير
متطابقين؟ في المجرد، يمكن التفكير بحذف أحد
الطرفين. نحذف الدولة ونعيش في
ظل "الإسلام" وحده. هذا هو
مشروع الإسلاميين من دعاة "الحاكمية
الإلهية". وهو أسوأ ما يمكن أن
يحصل لمجتمعاتنا وللإسلام ذاته
الذي لا يعني مشروع الحاكميين
غير عبادته وتحويله إلى دولة
مقدسة. لكن تاريخ الإسلام ذاته
"صوّت" ضد هذا الخيار منذ
وقت مبكر، تلا حقبة التأسيس
النبوية وقسطا من "الخلافة
الراشدة". معلوم أن الحاكميين
ينكرون الصفة المحكِّمة
للتاريخ أو "حاكميته". لكن
ما يترتب على هذا هو إرادة فرض
مشروعهم بالعنف. وهو ما لا
يتكتمون عليه هم أنفسهم. أو نحذف الدين ونعيش في ظل دولة دنيوية
كاملة العصرية؟ وهذا شريك في
مرتبة الأسوأ. أقرب شيء إلى ذلك
هو سياسة الحزب الشيوعي
السوفييتي في الجمهوريات
الإسلامية. النتيجة هنا جعل
الدولة دينا مقدسا. هذان خياران سيئان على حد سواء، ولا يزكي
التاريخ القديم والحديث أيا
منهما. ما يتوافق مع التطور التاريخي الحديث هو
ترتيب العلاقة بينهما بحيث يكون
أحدهما عاما فعلا، والآخر خاصاً.
إما أن يكون الدين هو العام والدولة هي
الخاص، أو بالعكس. والمسألة
ليست إيديولوجية، بل هي ذات صلة
بسعة كل من المفهومين أو طاقته
الاستيعابية. والحال إن سوريا
مثلا أوسع من الإسلام السني، أو
الإسلام، أو أي دين. وهي مؤهلة
أكثر منه لاستيعاب متنوعين،
دينيا وإثنيا وجنسيا، على قاعدة
من المساواة. ونفترض أن ما يعمُّ
مختلفين متنوعين هو المؤهل
مبدئيا لأن يكون العام. وعليه يسع الدولة أن تكون العام، بينما
يحال الدين إلى الخاص. لكن، في واقعها المعاين، الدولة ليست
مؤهلة لإشغال موقع العام (الدين
في مبدئه ذاته ليس مؤهلا لإشغال
هذا الموقع اليوم). فهي، والكلام
على سوريا، متمركزة حول وظيفة
السلطة، وهي تقوم على مبدأ
إيديولوجي (قومي عربي) يمكّنها
من استبعاد قطاع من مواطنيها
غير العرب. وهي فوق ذلك مبتلاة ب"سوسة"
الحكم المؤبد، الذي يتسبب في
تقصير يدها اجتماعيا وثقافيا
وتشريعيا، تجنبا لاحتكاكات غير
مرغوبة مع نخب اجتماعية نافذة،
دينية بخاصة. وهو ما يؤدي إلى
توسيع المساحة التي يحتلها
الدين، أي تعميمه. هذا يضع مهمة إصلاح الدولة في المقام
الأول من أجل تطابق العام
بالمعنى الإحصائي وبالمعنى
الاستيعابي، ما يمكنها من ثم من
دفع الدين إلى الخاص. [ 5 إلى الخاص؟ هل يمكن خصخصة الإسلام؟ وهل يجب ذلك؟ يبدو لنا أن الصيغة المتطرفة التي تريد
فصل الإسلام عن الدولة وعن
السياسة والثقافة "فصلا
نهائيا"، غير ضرورية، وتؤدي
إلى عكس المراد منها. ندافع عن
فصل الدين عن السيادة، أي عن
الإكراه وعن الولاية العامة،
وليس عن السياسة. لا ينبغي أن
يحول شيء دون ممارسة الإسلاميين
السياسة والعمل العام ضمن إطار
ميثاق يحصر الإكراه والولاية
العامة بالدولة. وفي اعتقادي أن
من يطالب بفصل الدين "فصلا
كاملا" عن السياسة، لا يعرف
معنى الدين أو السياسة، أو حتى
العلمانية. ولعلنا نحقق أفضل
فهم لهذا الكلام إن نظرنا إليه
هو ذاته كدين أو كسياسة، لا
كعلمانية. قد يقال إن اقتحام "الإسلام" للفضاء
العام اليوم لا يتوسل الإكراه،
ولا يحيل إلى ولاية عامة. بلى.
لكنه من جهة ممارسة لإكراه رمزي
كثيف جدا، يكاد يعادل إكراها
ماديا. إذاعة القرآن أو خطب
الجمعة عبر مكبرات الصوت من
مساجد تقل المسافة بينها عن تلك
التي يغطيها صوت المكبرات
المعششة على مآذنها "تقول"
إن السامعين جميعا متجانسون (مسلمون
معياريون)، وإن ما هو خارج
المسجد هو امتداد متجانس له،
بلا بنية داخلية أو تماسك ذاتي
أو مقاومة، وأن المسجد سيد نفسه
وغيره، لا شيء يعلوه أو يتمايز
عنه أو يعترض عليه، وأن غير
المسلم المعياري أو غير المؤمن
نشاز إما يحذف أو يستتر. لا صوت
يعلو (حرفيا) فوق صوت الكلام
الإلهي، وتاليا صوت من يتلونه
ويشرحونه ويعلقون عليه ويدعون
إليه. ما من سبيل لتجنب إقلاق
الراحة المقدس هذا الذي يحوز
شرعية متعالية لا تُساءل، والذي
لا ريب أنه "النموذج العتيق"
وراء الشعار المقدس على طريقته
والاستبعادي جوهريا: لا صوت
يعلو فوق صوت المعركة! هذه الممارسة السيادية لا تنكر الخاص
وحده (البيت والمجال الشخصي)، بل
والعام كذلك (الدولة والمواطنة...)،
وهي تحفظ ضعف الفصل بين العام
والخاص في ممارسة السلطة في
بلادنا. حيال ذلك يبدو أننا نحتاج إلى مبدأ إيجابي
عام، يمكّن الأفراد من التنظيم
والاحتجاج على تجاوزات الأجهزة
والسلطات الدينية. هذا شيء
نفتقده اليوم تماما. ما يترك
المجال مباحا لاحتجاجات طائفية
أو جزئية، أو لتدخلات إكراهية
من قبل السلطة. وهذه تدخلات
استنسابية، وقلما تهتم بصالح
الأفراد والمجموعات الطوعية. بل
نرجح إنه يناسبها في سوريا أن
تثور احتجاجات جزئية، كي تعزز
دورها التحكيمي الكلي. من جهة ثانية، بلى، يمارس الدين العام
ولاية عامة، عبر صيغة حضوره
الممأسسة: الدستور الذي يجعل
منه دين الدولة، وقوانين الأسرة
التي تعرّف السكان بدلالة
أديانهم، والمدرسة العامة التي
تميز بينهم حسب أديانهم أيضا،
ووسائط الإعلام العامة. وكلها
بالمناسبة تعترف فقط بالأديان
المعترف بها إسلاميا. هناك
مسلمون موحَّدون (سنيون غالبا)
وهناك مسيحيون متماثلون، وهناك
ربما يهود. المذاهب الإسلامية
الأخرى غير موجودة (عدا في
لبنان، وربما العراق اليوم). لكن هذه قد تعبر عن نفسها من خلال
الاحتجاج ضد وضع الدين العام.
هذا محقق اليوم في سورية، وبقدر
ما يتغلب هذا الدافع فإنه يشحن
الاحتجاج بشحنة فئوية وغير
ديمقراطية. من المهم لذلك تطوير
اعتراض ديمقراطي وعام ووطني على
وضع الدين العام، لا يجامل
الاعتراضات الجزئية، لكنه لا
يواجهها باعتراضات جزئية أخرى.
لا مناص من أجل ذلك من نزع
الولاية العامة للدين، وتعهد
استقلال الدولة عنه. دون ذلك
تبقى بلداننا نهبا لانفصال نفسي
واجتماعي، هو بمثابة إغراء دائم
بانفصال سياسي تام، أو محرك
باطن للرغبة في "نزع الإسلام"
ذاته. يرى كازانوفا الذي أشرنا
إليه فوق أنه " كلما قاومت
الأديان سيرورة التمايز الحديث
(..) كلما تمايزت نزعتها للأفول
على المدى الطويل". علما أن
"التمايز" و"الأفول"
مفهومان للعلمانية، يرى المؤلف
أن أولهما هو "الجوهر الصحيح
لنظرية العلمنة"، ويتحفظ على
الكفاءة التفسيرية لثانيهما. وخلاصة هذه الفقرة أن خصخصة مطلقة
للممارسة الدينية الإسلامية
ليست لازمة. وأن التمييز بين عام
مطابق للدولة وخاص لا يسكن في
غيره الدين ضيق تحليلياً
وسياسياً. ربما تلزم مرتبة
إضافية، ما دون العام، تقيم
فيها التعبيرات الدينية
الاجتماعية والسياسية
والثقافية، ويتاح لها التحرك
بين النطاقين العام والخاص. [ 6 في هذا الصدد يمكن اقتراح ترتيب جديد يبدو
لنا أن من شأنه أن يصنع قضية
إيجابية للمقاومات المستلبة
راهنا ضد السلطة الدينية (إما
مستلبة طائفيا، أو تابعة للدولة
الاستبدادية التي يشكل الدين
العام عنصرا تكوينيا لها): الربط
الشرطي بين الدور السياسي للدين
وبين زوال ولايته العامة
الممأسسة والسيادية. يمكن وفقا
لهذا الترتيب الدفاع عن دور
سياسي عام يقوم به أي إسلاميين
محتملين، لكن في سياق العمل من
أجل دولة لا تُعرِّف نفسها
بالدين أو تمنحه حقا تشريعيا
عاما أو تجعل تعليمه إلزاميا أو
تتولى هي نشره عبر الإعلام
العام. بمعنى آخر: السياسة مقابل
السيادة والعمومية؛ أو أوسع دور
سياسي للدين، لكن دون دور سيادي
أو عام ممأسس. أما جمع السياسة
والسيادة، دور سياسي عام
للإسلاميين مع الدين العام
الممأسس، فهو صيغة متطرفة يصعب
كفالة المساواة والمواطنة على
أرضيتها. معنى هذا الترتيب هو أن العلمانية، بعيدا
عن أن تكون المدخل إلى استبعاد
الدين عن السياسي، هي بالأحرى
المدخل الأنسب لقيام الدين بدور
سياسي وعام. بالمقابل، إن تمأسس
هذا الدور العام في الدولة على
نحو ما هو الحال راهنا يتعين أن
يلغي مبرر وجود الحزب الإسلامي. لكن هذا موجود. وهو موجود في سوريا منذ
الاستقلال أو قبله بقليل. وهو
اليوم، ومنذ ثلاثين عاما، في
صراع مع دولة يصعب أن تكون أكثر
دينية دون أن تدمر نفسها
ومجتمعها؛ ولا تستطيع بالمثل أن
تتخلى عن الدين العام، فتتعلمن،
لكون نخبها ضعيفة اجتماعيا
وثقافيا وأخلاقيا، وكذلك لأن
أولويتها العليا موجهة نحو حكم
مؤبد لا نهاية له، الأمر الذي
يتوافق مع مراعاة الدين
والقائمين عليه في كل ما لا يمس
بالسلطة. هذه الدولة لا تدوم دون
استبعاد التعلمن والتأسلم معا.
وإن لم يكن التأسلم مخرجا، لأنه
يصنع استبدادا استبعاديا فإن
العلمنة تفوق قواها، وتتعارض مع
مطلب الحكم المؤبد، رغم أن
علمنة متقبلة للحزب الإسلامي هي
المخرج العقلاني الأنسب من
مشكلة ازدواج العام الحالية.
العقلاني بمعنى الأقل تناقضا،
والذي يوفر نموذجا متسقا يتيح
تنظيم الوقائع الفوضوية
الراهنة للعلاقة بين الدين
والدولة. ما نريده هو الربط بين مقاومة وضع الدين
العام الممأسس وبين مقاومة
الدولة الاستبدادية كعائقين
أمام المواطنة والدولة الوطنية
الحديثة، أو وضع التحرر من
أحدهما في سياق التحرر منهما
معا. مفهوم الدولة السلطانية
المحدثة يمكننا من توحيد
الوجهين، فيؤسس لاعتراض موحد
عليهما معا. أما الاكتفاء بالاعتراض على وضع الدين
العام الممأسس منفصلا عن بلورة
تفكير وعمل سياسيين في مواجهة
الاستبداد السلطاني المحدث،
وفقا للسياسة العلمانية
الرائجة، فلا يفضي إلا إلى
تعزيز هذا دون مساس بذاك، على ما
يشهد الحال السوري اليوم. لعله
يصح التكلم هنا على علمانية
سلطانية، إيديولوجية تلوذ
بالحكم الاستبدادي ضد الدين
العام. وبالمثل فإن من شأن الاعتراض أحادي
الجانب على الاستبداد السلطاني
دون رؤية وضع الدين العام، على
النهج الديمقراطي التقليدي، أن
لا تثمر غير ديمقراطية سلطانية،
ينتظم فيها المجتمع دينيا
وملليا. وفي إطارنا التاريخي
والإقليمي تبدو هذه أوفق للنكوص
إلى الاستبداد السلطاني منه
للتطور إلى ديمقراطية مواطنة.
ولقد سبقت الإشارة إلى أن ضعف
وانقسام حركة المعارضة في سوريا
مرتبطان بمطابقة العام والدولة
حصرا، وعدم رؤية الفاعلية
التمزيقية للدين العام
اجتماعيا. مهم أن نثبّت هنا فكرة أن الدين العام
والحكم الاستبدادي ليسا بديلين
عن بعضهما، وليس أي منهما سندا
ضد الآخر في الصراع الديمقراطي
التحرري. السياسات التي تتوسل
أحدهما ضد الآخر تخذل نفسها،
وتنتهي حتما إلى ترسيخ نموذج
الدولة السلطانية المحدثة. وهذه
دولة حكم مؤبد ودين عام متبنين
وسائل. ولا يزيد قول الإسلاميين
إن الإسلام دين ودولة على كونه
انعكاسا للواقع السلطاني
القديم المتجدد، ومن غير
المحتمل أن يختلف تحقيقهم له
بغير اللون الإيديولوجي. [ 7 تلح الحاجة اليوم إلى إخراج العلاقة بين
الدين والدولة من التجاذبات
الإيديولوجية والسياسية، التي
قد تحيل ذاتها إلى تجاذبات
اجتماعية ودينية. عبر تناول وضع
الدين العام، كان مقصد المقالة
أن تنظر إلى الدولة السلطانية،
هذه المكونة من حكم استبدادي
سلالي مؤبد ومن مجتمع منتظم
دينيا أو ملليا، من وجهها
الآخر، وجه الدين. نفترض أن
إرجاع أي من الوجهين إلى الآخر
هو فعل اختزال جائر، وأننا حيال
مبدأين مستقلين نسبيا. لكننا
ألمحنا إلى غير وجه ارتباط
بينهما في الصفحات أعلاه. أشرنا
إلى أن سلطة الآمر الديني،
متمثلة في "كلام الله"، "نموذج
عتيق" لسلطة الحكم وكلامها،
وأن أصل ضعف المجال الخاص ربما
يكمن في نموذج السلطة الإلهية
المطلقة التي لا تحتاج إلى عام
وخاص لفهم أو تنظيم عالم صنعته
وتحيط بكل ما فيه، وتتشكل
السلطة العليا فيه على غرارها.
وصيغ تمأسس الدين العام
وتعبيراته السائلة هي بمثابة
معادلات عصرية للسيادة
الإسلامية، تحجبها وتعلنها في
آن. المواطنة لا تتحقق على هذه
الأرضية، تتحقق على القطيعة
معها. قطيعة لا تزال أمامنا، ولا
تزال مرغوبة، وإن كنا نرجح
ونفضل لها أن تأخذ شكل إعادة
هيكلة العلاقة بين "الإسلام"
والدولة، بما يضمن حصر السيادة
في هذه، أي فصل الدين عن الإكراه
وعن الولاية العامة، الأمر الذي
لا يمنع ولايات دينية جزئية
ودون عامة وغير إكراهية، ولا
يقتضي عزل الدين عن السياسة. [ 8 على أرضية مفهومي الدولة السلطانية
والدين العام نتصور عملا مركبا
من أجل القطيعة. من جهة العمل على كسر دوام البنى
الاستبدادية التي تصون تكامل
ووحدة الدولة السلطانية
المحدثة، ومن جهة ثانية وفي
المرتبة نفسها من الأهمية يتعين
استهداف وضع الدين العام
بالتغيير في إطار عمل أوسع على
الإسلام، ربما يناسب وصفه
بالإصلاح الإسلامي. لماذا هذا مهم؟ لأنه لم يتحقق انفصال
محرّر في تاريخ الديني عندنا،
اعتقادا وهياكل وسلطة. هناك
تكدس تاريخي عمره من عمر
الإسلام، يبرز حينا ويخفت بروزه
حينا، لكن لم يقع في أي حين
انقطاع أساسي عنه، يتيح تولد
معان ومخيلة ورمزيات جديدة
ويعيد تشكيل الموروث الإسلامي
نفسه في صورة مختلفة. مجتمعاتنا الإسلامية المعاصرة تختلف عن
غيرها، بلى، في أنه تقع على
عاتقها مهمات دينية تقع ضمن
النطاق التأسيسي أكثر من
السياسي. لها بالفعل "خصوصية"
تتمحور حول الإسلام، لكنها تتصل
بالتحديد باستمرارية طابعه
السياسي أو بتناميه. الإسلام
اليوم عام، ولا يتشكل عام أكثر
استيعابا دون انفصال عن الإسلام
العام هذا، أو أفضل عن النظام
الإسلامي. الإسلام أيضا يقدم
نموذجا سيدا للسلطة العليا لا
تتشكل سلطة الدولة لدينا في
صورة جديدة دون صراع معه. عبر مفهوم "الخصوصية"، يحول
الإسلاميون معضلة تاريخية لما
نتمكن من معالجتها وحلها إلى
امتياز فوق تاريخي يوجبون
التمسك به. هذا وهم رومانسي
مخدِّر، لا صحو لنا إلا الصحو
منه. ومن جهتنا لا نقول إنه "لا يمكن" أن
يتحقق لنا أي "تقدم" دون
"انفصال عن الإسلام". لكن
يبدو لنا أن تقدما أفضل وأوسع
أفقا وأكثر تحررية واتساقا
يتحقق بقدر ما نعالج مشكلتنا
الدينية بصورة أفضل. لا ترتد هذه
إلى وضع الدين العام، لكن هذا
وجه بارز لها. الأولية العملية فيما نرى هي لكسر
الاستبداد. هذا مرغوب الآن وفي
كل وقت. ومن وجهة نظر المدى
الأبعد أقول إنه مرغوب حتى لو
ترتبت عليه الفوضى على المدى
القصير. التضحية بالعدل من أجل
العقل على ما يفعل علمانيو
الساعة تخسر العدل دون احتمال
كبير لأن تكسب العقل. ترى، كيف
يتكون هذا بينما تتثبت ممارسته
الراهنة على بتر جوانب أساسية
من الواقع (السياسة والدولة،
الاقتصاد، الأوضاع الدولية..)،
أو على اختزالها كيفيا إلى جانب
واحد (الدين طبعا، أو "الثقافة")؟
هذا فوق أن من شأن "عقل"
يتكون في سياق يهمش مطالب
العدل، ويتنكر كذلك لمطالب
الحرية، أن تتطور فيه عناصر
فاشية أو استبدادية محدثة،
نراها الآن بوضوح في فكر
وممارسة مثقفين علمانيين
مكرسين. لكن الأولوية التاريخية أو من حيث
الأهمية هي لتغير أساسي يمس
موقع "الإسلام" في النظام
العام ونظامه الذاتي ونظرته إلى
العالم. يدوم نظام استبدادي
جيلا أو جيلين أو ثلاثة، لكن
فرصة أن يحل محله نظام استبدادي
آخر أكبر دون "انفصال عن
الإسلام" تتشكل بموجبه سيادة
جديدة، لا يُمارس الإسلام ضمنها
السياسة بحرية فقط، وإنما ينال
للمرة الأولى استقلاله السياسي
أيضا. [ 9 العلمانية على نحو ما عرفناها فوق، الفصل
بين الدين والسيادة، هي بالفعل
"الحل الوسط" بين حذف الدين
وحذف الدولة، أو بين برنامج
الأسلمة إن في صيغة "الحاكمية
الإلهية" أو في صيغة "تطبيق
الشريعة" وبين نزع الإسلام
الذي يسكن خطابات ويداعب مخيلات.
ندافع عن علمانية تتعرف
بالاعتراض على موقع الدين
الحالي في الحياة العامة، أي
على الدين العام، تاركة الموقف
من تعاليمه للشأن الخاص. يبقى أن بعض قضايا هذه المقالة: نطاق ما
دون العام، الانفصال عن
الإسلام، ومفهوم الدين العام
ذاته، تحتاج مزيدا من التوضيح
والنقاش. ربما يتاح ذلك في
المستقبل. كان الغرض من مجمل هذه
السطور المساهمة في عقلنة الشأن
الديني السياسي، أو ببساطة
تنظيم التفكير في هذا الشأن. ============================== قضية معبر رفح ؟؟ أم قضية
غزة ؟؟ أم قضية فلسطين ؟؟ عاصم العابد الرأي الاردنية 10-1-2010 ما الذي دهانا ويدهانا؟؟ غرقنا وما نزال
غرقى في فرعيات وجزئيات،
استغرقتنا كليا واستحوذت على
طاقاتنا وجهودنا وتحركاتنا
وعلاقاتنا وتحالفاتنا،
فالمسألة الفلسطينية الكبرى
اليوم - غدا توجد مسألة كبرى
أخرى - هي مسألة معبر رفح!!
وتحديدا جزء من معبر رفح هو
بوابة صلاح الدين!! وقد أدى الهياج وسوء الظن وسحر الكاميرات
والوضع الغرائبي على بوابة
المعبر إلى التراشق بالطوب
وبالحجارة والى استخدام خراطيم
المياه الذي تطور إلى تراشق
بالرصاص الحي المميت!! أودى
بحياة جندي مصري شاب وأدى إلى رد
فعل مصري غاضب وأودى بجزء كبير
من دفء الأخوة المصرية
الفلسطينية. كنا في قضية كبرى عادلة هي (القضية
الفلسطينية) قضية العرب الأولى
التي أسميناها القضية المقدسة،
ثم (تطوّر) النضال على امتداد 90
سنة من الكفاح والشهداء والعذاب
والسجون واللاجئين وتصارع
الإخوة الذين خاضوا تنافسا
انتخابيا ديمقراطيا سلميا
مهذبا وتكشفوا عن أنياب أكلوا
بها أكباد بعضهم البعض وقادونا
إلى حال مزر فأصبحت القضية
الكبرى قضية صغرى هي (قضية غزة)
... الحصار الظالم على غزة
والعدوان الإسرائيلي الإجرامي
على غزة والصراع على السلطة
والكراسي في غزة!! ثم تطورت
الأحوال وجرتنا خلال خمس سنوات
إلى قضية جديدة هي قضية الجدار
الفولاذي المصري الذي قزّم
الجدار الإسمنتي الإسرائيلي
المدمر وأنسانا إياه وبرر له
وغطّاه دوليا. ودخلنا في حروب
فتاوى دينية طاحنة تبرر وتكفر،
واكتشفنا أن بإمكان السادة
علماء الأمة والدين الأفاضل
المرتجى منهم إحداث يقظة الأمة
ونهضتها أن يفتوا بالشيء ونقيضه
في نفس الزمان ونفس المكان دون
أن يرف لهم جفن أو يهف لهم
جلباب، وبرزت في التداول
السياسي إذن، مصطلحات جديدة
كالمعابر والأنفاق والبوابات!!
هل ما يزالون يتذكرون المسجد
الأقصى؟ وهل يرونه وهو يتقوض
ويتداعى وتنهار أساساته بفعل
حفريات الهوس والأساطير
والخرافات اليهودية؟ وهل
يتذكرون المستوطنات اليهودية؟
هل يرونها وهي تسمن وتنبثق
وتطلع من باطن القدس الشريف تشق
عنان السماء؟!! هل ما يزالون
يعرفون أن العدو هو المحتل
الإسرائيلي؟ وان اخطر وباء على
أي شعب تحت الاحتلال، هو
الاحتراب والانقسام أمام عدو
متوحش مدجج لاينطبق عليه قانون
ولا يطبق سوى قانون التوسع
والاستيطان؟؟ وهل يدركون أن
الوحدة الوطنية لأي شعب هي أولى
عناصر القدرة على خوض الصراع
الظافر مع الغزاة والمحتلين؟!!
هل تكره حماس فتح أكثر مما تكره
اليهود؟!! وهل تكره فتح حماس
أكثر مما تكره الصهاينة؟!!
نستعرض هذا الحال المزري المشين
ونحن نعرف أن القلوب تتمزق وان
العقول تتفجر وان الشعب العربي
الفلسطيني المكافح الذي يتوزع
في المنافي والشتات والمعتقلات
ومخيمات البؤس وخلف الجدران
الإسمنتية والفولاذية ينزف
ويجأر بمرّ الشكوى ولا من مجيب
أو من مغيث من قياداته الذين
سقطوا في إثم الفرقة ولعنة
الكراسي، لا نبرىء أحدا ولا
نحلّ أحدا من مسؤوليته أمام
الله وأمام الشعب وأمام التاريخ. وليس سوى أن نعود إلى أوامر رب العزّة
ونواهيه، قال تعالى في محكم
كتابه: «واعتصموا بحبل الله
جميعا ولا تفرقوا ...» إنها أوامر
الله جل وعلا، أوامره الواضحة
الصريحة التي لا تحتمل تأويل
مفتي السلطان ولا فصاحة شاعر
الباذنجان، فالنهي عن الفرقة
والانقسام والاحتراب في الآية
الكريمة أعلاه حاسم قاطع لا
شبهة فيه ولا تأويل. ============================== لنستأنف لعبة السلام
فالفراغ يخدم التطرف!! ياسر الزعاترة الدستور 10-1-2010 هذه الدبلوماسية المحمومة عربيا ودوليا
ليس لها سوى هدف واحد ووحيد هو
إعادة الجانبين الفلسطيني
والإسرائيلي إلى طاولة
المفاوضات ، والسبب أن ذلك جزء
لا يتجزأ من طقوس هذه المنطقة
منذ العام 67 ، بل ربما منذ العام
48 ، لأن المطلوب هو استمرار وهْم
السلام حتى لا تتصاعد النبرة
الأخرى القائلة بالمقاومة
والممانعة ، بل حتى الممانعة
وحدها إذا لم تتوفر سريعا أجواء
المقاومة التي تخضع بدورها
لميزان القوى المحلي والعربي
والدولي (المحلي تحديدا) ، إذ
يصعب استمرارها في ظل الانقسام
ووجود طرف يطاردها بالتنسيق
الأمني ، مع العلم أن الانقسام
الحالي يبدو في نظرنا محمودا
لأنه يبقي فريقا كبيرا من
الفلسطينيين ولو نظريا في معسكر
المقاومة والممانعة ، بينما لا
تعني المصالحة التي يتحدثون
عنها سوى ضمّه إلى معسكر
المفاوضات الذي يعلن ليل نهار
أن المقاومة شكل من أشكال العبث
، من دون أن يعدم بعض المطبلين ،
أكانوا من المنتفعين أم من
الجهلة الذين تأخذهم نداءات
الحزبية والثأر السياسي. ثمة اتفاق أمريكي إسرائيلي أوروبي
فلسطيني (رسمي) ، وعربي (ليس جميع
العرب) على ضرورة استئناف
المفاوضات ، وأمريكا أوباما هي
الأكثر حرصا على ذلك ، ومعها
الإسرائيليون والسلطة ، والسبب
أن أوباما لا يريد إعلان فشل
سياسته المتعلقة بالصراع الأهم
في المنطقة ، هو الذي جاء بوعد
التغيير ولم يغير أي شيء ، بينما
يدرك نتنياهو أن حالة الفراغ
القائمة قد تؤدي إلى تعزيز تيار
المقاومة والممانعة في الشارع
الفلسطيني والعربي. الحرص على عودة المفاوضات يشمل السلطة
أيضا ، تلك التي ستعاني البطالة
السياسية إن بقي الحال على ما هو
عليه ، مع العلم أنها لا تعاني
البطالة على الصعيد الآخر ، إذ
تتدفق الاستثمارات التي يتنعم
بها الأبناء والأحباب ، ومعهم
جزء لا بأس به من الشعب المطلوب
استقطابه لمسار (دايتون - بلير) ،
بينما "يعيش من تبقى على
الأمطار" ، كما قال المستثمر
الكبير ، نجل السياسي الكبير
لموقع اقتصادي قبل شهور،، الأمريكان يضغطون على بعض العرب من أجل
إعادة الطرفين الفلسطيني
والإسرائيلي إلى طاولة
المفاوضات ، وهو ما حظي
باستجابة لدى المسكونين بهواجس
التوريث وآخرين يرعبهم البعبع
الإيراني ، ويبدو أن ختام هذه
الجهود هو توفير مبرر للطرف
الفلسطيني للعودة إلى الطاولة ،
بينما لم تتحدد إلى الآن ماهية
الضمانات التي ستتوفر ، ونذكّر
هنا لمجرد التذكير أن شرط وقف
الاستيطان كان خطأ عابرا تسبب
فيه "الصديق" أوباما عندما
اعتقد أن بوسعه الضغط على
نتنياهو ليبدأ عملية سلام
بمقدمات جديدة. ليس ثمة سؤال يمكن لهؤلاء الذين ينتظرون
صافرة بدء المفاوضات أن يجيبوا
عليه على نحو يقنع الفلسطينيين
، ومن ورائهم الشارع العربي ،
بجدوى العودة إلى مسلسل لقاءات
نتنياهو عباس ، فالاستيطان لن
يتوقف على نحو مقنع وشامل ،
ونتنياهو يواجه جهود العرب
ونواياهم الحسنة بحزمة
استيطانية جديدة وبالغة
الخطورة في القدس. وإذا قيل أن اللعبة لها سقفها الزمني (عامان
كما يقال) ، فإن المواعيد لم تكن
مقدسة في يوم من الأيام ، وخريطة
الطريق التي كان ينبغي أن تنتهي
بدولة فلسطينية في العام 2006 لم
يبق منها سوى التنسيق الأمني ،
بينما ضاعت مواعيدها الأخرى ،
وقل ذات الشيء عن مواعيد أوسلو
الكثيرة وما تلاها. تبقى تفاصيل التفاوض ، وهنا لا يجيب
فرسانه الأشاوس عن سؤال ما تغير
في خطاب نتنياهو غير قبوله بحل
الدولتين ، وفي خطابه في جامعة
"بار إيلان" ما يكفي من
تفاصيل تؤكد أن التسوية معه
مستحيلة إذا لم يُصَب المفاوض
الفلسطيني بالجنون ، مع العلم
أنها فشلت مع باراك وأولمرت قبل
ذلك. هي إذن عملية سلام تكفي لملء فراغ السياسة
حتى لا يملأه المتطرفون ، وتكفي
كذلك لكي تستمر لعبة السلطة (الدولة)
القائمة "المؤقتة" في
الضفة الغربية ، بما تحققه من
مكاسب لمن يقومون عليها ، ومن
أمن للإسرائيليين. ويبقى القول
إن ذلك كله لا يحول بيننا وبين
استمرار التنبيه إلى إمكانية أن
يخرج علينا عشاق المفاوضات
السرية باتفاق يحاكي وثيقة جنيف
وملحقها الأمني ، ثم يفرضوه على
الفلسطينيين والعرب بسطوة
الأمريكان كما حصل مع أوسلو. سيدخلوننا في متاهة جديدة لو فعلوا ،
لكننا واثقون من قدرة شعبنا على
إسقاط المؤامرة ، ولو بعد بذل
الكثير من التضحيات. التاريخ : 10-01-2010 ============================== الافتتاحية الأحد 10-1-2010 بقلم رئيس التحرير أسعد عبود الثورة لنفترض أنهم نجحوا بضغوطهم على رئيس
السلطة الفلسطينية لجعله
يتراجع عن ربطه العودة إلى
المحادثات مع إسرائيل بوقف
الاستيطان.. هل يعني ذلك أنهم
اقتربوا خطوة من السلام؟! إن في ذلك خطوة إلى الوراء لأنها تمثل
استجابة أميركية أخرى للشروط
الإسرائيلية.. وهي بصراحة أكثر
من محبطة لكل من يرغب في السلام..
السياسة الأميركية الراهنة تجاه سلام
الشرق الأوسط لا يمكن أن تصل
يوماً إلى الهدف المعلن وإذا
كانت الولايات المتحدة ترغب
فعلاً في سلام حقيقي في المنطقة
فلتواجه إسرائيل كي تكون شريكاً
حقيقياً في السلام!. هل يعقل أن تكون المطالبة النظرية بوقف
الاستيطان شروطاً مسبقة، في حين
أن التنفيذ العملي المستمر
والدائم للاستيطان ليس بشروط
مسبقة على محادثات السلام؟!. الولايات المتحدة تكرر الموقف
الإسرائيلي بمواقفها الجديدة،
وآخرها تصريح السيدة هيلاري
كلينتون وزيرة الخارجية «المفاوضات
الفلسطينية الإسرائيلية ينبغي
أن تطلق بسرعة دون شروط مسبقة»
وهي بذلك تجعل من إظهار نيات
السلام «مواقف مسبقة»!! هل يمكن أن نحقق سلاماً لا تتجه النيات
لتحقيقه؟! نية السلام لم تتوفر لدى إسرائيل ولا في
يوم من الأيام. في مدريد 1991 وما
تلاه اضطرت الولايات المتحدة
إلى «إرغام» إسرائيل للتوجه
لمحادثات السلام.. وأوقفت
مساعدات ب 10 مليارات دولار
لدفعها نحو السلام، وإيقاف
الاستيطان، والحكاية معروفة. يعني أن الولايات المتحدة في حينه واجهت
إسرائيل بجدية، لتعالج حالة عدم
توفر النيات لديها للسلام.. الموقف الأميركي اليوم معكوس تماماً.. فهي
تساعد إسرائيل على الهروب من
مواجهة استحقاقات السلام من
خلال الأسطوانة الإسرائيلية
التي تكرر: إن في حديث العرب عن
أرضهم وإنهاء الاحتلال شروطاً
مسبقة؟!. هذا طريق لن يوصل لنتيجة. هو بطبيعته.. بمنطلقه.. بمقدماته.. لا يوصل
لنتيجة بغض النظر عن مواقف
أطراف السلام المعارضة له. ربما تتوفر نيات طيبة لدى الولايات
المتحدة.. ربما تفكر بتليين المواقف ليكون اللقاء..
لكن.. أي لقاء هذا وإلى ماذا يفضي، وكيف؟!
تحديد الهدف بشكل أولي وفق حقائق يواجهها
الجميع، وتأمين بيئة صحيحة
للانطلاق نحو السلام لا يمكن أن
يسمى شروطاً مسبقة.. وإن استمرت
الولايات المتحدة بتقمص الدور
الإسرائيلي وتكرار ما يرونه
وإضاعة الوقت ستفشل وسيطاً
وراعياً ومعنياً بمسألة السلام..
وهذا سيقلل جداً من أهميتها في
المنطقة، ولاسيما إن قررت دول
المنطقة أن تسعى ذاتياً لمواجهة
حقيقة أن إسرائيل لا تريد
السلام وستستمر في احتلال الأرض.
طبعاً لا يمكن تجاهل حقيقة الضعف العربي
الذي تعبر عنه المواقف العربية
تصريحاً وتلميحاً، لكن أيضاً لا
يمكن تجاهل أن هذه المواقف
العلنية أو الخجولة لا تمثل إلا
نسبة محدودة جداً في الشارع
العربي. قد تكون وجهة النظر المسيطرة تقول: في
السياسة لا حساب للشارع
المستكين، والمستقبل غير
المنظور.. وبالتالي الفعل لمن
يمسك بالصولجان.. قد تكون وجهة
النظر هذه قادرة على أن تستخدم
الواقع لطرح صحتها.. لكن.. نسأل سؤالين: 1- هل الواقع الراهن في المنطقة والوطن
العربي يشير فعلياً إلى قوة هذه
السياسة والمواقف؟! هل هو واقع
ينعم بالأمن والاستقرار؟! 2- هل الخنق الراهن لصوت الشارع العربي
سيستمر إلى الأبد؟!. الزمن باتجاه المستقبل لا يخدم قضية
السلام.. وهو أيضاً بالتأكيد لا
يخدم سياسة الاحتلال.. ولا بآلاف
الجدران والمستوطنات والحصارات..
ألا ترون كيف تولد الأجيال الجديدة؟! هل ثمة ما يقنعها بالمواقف الخجولة
المتساهلة؟! أم..؟! ============================== قراءات في الصحافة
الإسرائيلية... الخطة الأميركية
لاستئناف المفاوضات.. ضغوط
للفلسطينيين وضمانات
للإسرائيليين!! ترجمة الأحد 10-1-2010 الثورة إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة من المعروف ان الرئيس الأميركي أوباما
جاء إلى البيت الأبيض على قاعدة
شعاره المعروف بالتغيير بعد ان
أوصلت إدارة بوش السياسات
الأميركية في العالم برمته إلى
طريق مسدود، في العراق وجدت القوات الأميركية الغازية
نفسها في ورطة عسكرية
استراتيجية وعمت الفوضى
العراق،وفي أفغانستان لم يكن
الوضع هناك يختلف عما هو في
العراق بل أكثر صعوبة وتعقيداً
. غطاء سياسي وعسكري أميركي أما على صعيد قضايا المنطقة العربية
والقضية الفلسطينية بالتحديد
،فقد منحت إدارة بوش اسرائيل
غطاء سياسيا وعسكريا وامنيا
،وأسقطت القضية الفلسطينية من
جدول أعمالها في الوقت الذي
وصلت فيه علاقات الادارة
الأمريكية بإسرائيل الى درجة
التماثل في كل ما يتعلق بقضايا
المنطقة حربا وسلما. بعد مرور عام تقريبا على تولي إدارة
اوباما الحكم في البيت الأبيض ،
لم يستطع اوباما ان يحقق أيا من
الوعود التي قطعها على نفسه،
وخاصة تلك الوعود التي أطلقها
في خطابه في القاهرة فيما يتعلق
بالقضية الفلسطينية ، وكانت «مسألة
الحصول على موقف من نتنياهو
بشأن وقف الاستيطان مؤشرا على
فشله في هذا الاتجاه الأمر الذي
وجد انعكاساته على بقية القضايا
الساخنة في العالم» بحسب يديعوت
احرنوت .برغم الجولات التي قام
بها جورج ميتشيل ممثل الادارة
الأمريكية للمنطقة وفشله هو
الآخر في الحصول ولو على مؤشر
بخصوص وقف الاستيطان في الوقت
الذي استمرت فيه حكومة نتنياهو
بتوسيع المستوطنات وبناء أخرى
جديدة وتهويد القدس ، وهو أمر
ألقى بظلاله سلبا على سياسات
الادارة الأمريكية الجديدة في
المنطقة كان أولها بحسب هآرتس «
ضعف وتفكك محور الاعتدال العربي
وتراجع السلطة الفلسطينية ،
وزيادة قوة وتأثيرسورية وحزب
الله وحماس وبقية القوى
الراديكالية في المنطقة ». البحث عن مخرج وأصبح البحث عن مخرج في ظل هذا الوضع يشغل
بال السياسيين الأمريكيين وبعض
زعماء المنطقة ونتنياهو
بالتحديد ، إذ تحدثت الصحف
الاسرائيلية عن جهود ومساع يقوم
بها جورج ميتشل وبعض الأطراف
العربية الرسمية في هذا الإطار
، ونقل بن كسبيت في معاريف عن
مصادر سياسية إسرائيلية ان
الادارة الأمريكية تقوم بإعداد
خطة جديدة لاستئناف المفاوضات
بين اسرائيل والسلطة
الفلسطينية تلعب مصر في تنفيذها
دورا مركزيا . وقال بن كسبيت :
يشتد الضغط على رئيس السلطة
الفلسطينية «أبو مازن» للعودة
الى طاولة المفاوضات مع اسرائيل
على أساس «خطة السلام الأمريكية».
ويضاف الى الضغط الكبير الذي
مارسه الرئيس المصري حسني مبارك.
الأمريكيون أنفسهم ايضا وكذا
لاعب غير متوقع في الساحة، رئيس
الدولة شمعون بيرس. وعلمت «معاريف»
ان بيرس أجرى مؤخرا اتصالات مع «أبو
مازن» بما في ذلك حديث هاتفي
مباشر، ناشده فيه العودة الى
طاولة المفاوضات. وبقدر ما هو
معروف، فان نشاط بيرس منسق مع
رئيس الوزراء نتنياهو ويتم بناء
على طلبه» . البدء بالمفاوضات.. خطة أميركية ونقلت معاريف ان الخطة الأمريكية الجديدة
تهدف للبدء الفوري بالمفاوضات
بين اسرائيل والفلسطينيين
للتسوية الدائمة في غضون سنتين.
وأوردت معاريف ما قالت عنه
بنودا لهذه الخطة: «الموضوع
الأول الذي سيبحث: مسألة الحدود
الدائمة. الموعد النهائي لتحقيق
تسوية في موضوع الحدود سيكون
تسعة اشهر. الهدف: تحقيق مسار
للحدود الدائمة يكون قبل انتهاء
موعد تجميد البناء الإسرائيلي
في المناطق بحيث لا ينتهي
التجميد في نهاية الفترة دون أن
يوقع اتفاق: اسرائيل تعود
للبناء فقط في المناطق التي
تكون داخل الحدود الدائمة، حسب
المسار الذي يتوصل اليه الطرفان.
في كل المناطق التي خارج
الاتفاق، يستمر التجميد.وتبدأ
المداولات: تسوية أو ترتيب بين
المطلب الفلسطيني بالحصول على
الأرض التي كانت في أيديهم قبل 67
(أو مساحة مماثلة من الأرض)،
وبين الطلب الإسرائيلي بحدود
قابلة للدفاع. على جدول الأعمال:
تبادل الأراضي.بعد تحقيق
الاتفاق في موضوع الحدود، ينتقل
الطرفان للبحث في باقي المواضيع:
القدس واللاجئين. وأضافت معاريف :الفلسطينيون يحصلون على
رسالة مرفقة أمريكية وفيها
ضمانات على أن يكون الموعد
النهائي (سنتين) نهائيا، ولن
تكون تأجيلات بعده. في حالة عدم
تحقق اتفاق سيطالب الفلسطينيون
بإسناد أمريكي لمطلبهم الحصول
على مساحة مماثلة لحجم المساحة
التي كانت تحت الحكم العربي
عشية 67. التقدير هو أن من
المتوقع طلب إسرائيلي بالحصول
على رسالة مرافقة أمريكية
موازية، وفيها تأكيد على رسائل
بوش شارون من العام 2004. وتساءل بن كسبيت في تعليق له على الخطة
بقوله:«ليس واضحا بعد إذا كان
الضغط الكبير الذي يمارس الآن
من كل الاتجاهات على «ابو مازن»
سيعطي ثماره. أول أمس بدا مقربوه
متشائمين، ولكن يحتمل أن في
اللقاء مع الرئيس مبارك تتغير
الأمور. إسناد عربي الأمريكيون والمصريون على علم بان «ابو
مازن» سيحتاج الى إسناد عربي
شامل كي لا يظهر في صورة سيئة
حيال الموقف الحازم من حماس.
يحتمل أن يبذل جهد لاتخاذ قرار
من الجامعة العربية يدعو «ابو
مازن» للعودة الى المفاوضات
ويمنحه إسنادا لهذه الخطوة.السؤال
الهام المطروح الان إذا كان
الطرفان سيعودان حقا الى
المفاوضات، ماذا سيحصل إذا ما
فشلت المباحثات قبل ان ينتهي
الموعد النهائي في موضوع الحدود
الدائمة. هل سيمتشق الأمريكيون
في هذه المرحلة خطتهم (التي
ستقوم على أساس صيغة الرئيس
كلينتون)، فيحاول فرضها على
الطرفين؟ واشنطن هي الأخرى لم
تقرر في هذه المسألة. ويذكر ان كلاً من نتنياهو وليبرمان
الشريكين الأساسيين في
الائتلاف الحكومي أكدا على
مواقفهما من القضايا الجوهرية
في حال استئناف المفاوضات مع
السلطة ونقلت هآرتس ان كلاً من
نتنياهو وليبرمان قد طرحا
موقفين متناقضين إزاء استئناف
المفاوضات ، ففي الوقت الذي
استبعد فيه ليبرمان التوصل الى
تسوية مع الفلسطينيين في
العشرين عاما المقبلة ،أكد
نتنياهو أمام اجتماع للسفراء
الإسرائيليين :» إن «الوقت نضج
لاستئناف العملية السياسية»
وأنه «حان الوقت لاستئناف
العملية السياسية وانتهى وقت
الذرائع وحان وقت الأفعال»
وتحدث عن «الحاجة لقيام دولة
فلسطينية مستقلة ومنزوعة
السلاح» إلى جانب «دولة إسرائيل
اليهودية». خط سياسي يصعب شرحه ونقلت هآرتس عن عدد من السفراء قولهم : «ليس
واضحا لنا أي خط سياسي علينا
شرحه في العالم، خط رئيس
الوزراء أم خط وزير الخارجية».
وعبر السفراء عن استياء شديد في
نهاية المؤتمر حيث اختار
ليبرمان اختتامه بتوبيخ
السفراء والدبلوماسيين قائلا «لقد
رأيت بعض السفراء الذين كان
تعاطفهم مع الجانب الآخر كبيرا
للغاية ويريدون طوال الوقت أن
يبرروا ويشرحوا موقفه» في إشارة
إلى السفير الإسرائيلي في تركيا
الذي حاول خفض مستوى التوتر بين
تركيا وإسرائيل.وأضاف إنه «توجد
قيمة في الشرق الأوسط لمصطلحات
مثل ’الكرامة الوطنية’. ولا
ينبغي الاستفزاز وإطلاق
تصريحات منفلتة لكن يحظر وجود
نهج من التذلل وإلغاء الذات
والسعي إلى تفسير الجانب الآخر.
هذا توجه غير صحيح... ويجب أن
يكون هناك رد على كل شيء وهذه هي
السياسة التي أريدها من
السفراء، فقد انتهت فترة التذلل».
وفي السياق نفسه كتب مراسل يديعوت احرنوت
حول زيارة نتنياهو لمصر وما
أسفر عن الزيارة يقول :«جاء
نتنياهو إلى مصر, وعقد لقاءه
الأسبوع الماضي مع الرئيس حسني
مبارك, والذي بعد أن قدم فيه
وجهة النظر الإسرائيلية فقد حث
حسني مبارك على ضرورة الضغط على
الرئيس الفلسطيني محمود عباس
لكي يقبل بالأمور التالية:العودة
لطاولة المفاوضات دون قيد أو
شرط.الموافقة على عقد لقاء
ثلاثي يضم حسني مبارك-نتنياهو-محمود
عباس, وأعقب ذلك إجراء
الاتصالات المصرية, والتي أسفرت
عن حضور محمود عباس إلى مصر, حيث
عقد لقاء مع وزير المخابرات
المصري عمر سليمان, والذي تفاهم
معه حول الآتي:أهمية الجدار
الفولاذي العازل في ترويض حركة
حماس وحلفائها السبعة
المتمركزين معها في قطاع غزة.السيناريو
الجاري وتطوراته المتوقعة إزاء
صفقة إطلاق سراح الجندي جيلعاد
شاليط.كيفية التنسيق بين
الحكومة المصرية والسلطة
الفلسطينية إزاء ملف إدارة قطاع
غزة, وتعيين ملفات الخلافات
الفلسطينية-الفلسطينية». مفاوضات مقابل حوافز ونقلت صحيفة هآرتس تفاصيل ما قيل عنه خطة
مصرية موازية للخطة الأمريكية
لاستئناف المفاوضات تم بحثها
خلال لقاء مبارك-عباس ، أكد
مبارك موافقة الادارة
الأمريكية عليها والتي تتضمن
استئناف المفاوضات, مقابل بعض
الحوافز التي سوف يقدمها
الإسرائيليون لمحمود عباس, على
أساس التلميحات الإسرائيلية
التي تقول إن إسرائيل سوف تقوم
بتحويل المنطقة «ب» إلى السلطة
الفلسطينية ( الضفة الغربية
مقسمة إلى ثلاث مناطق: المنطقة «أ»
وتخضع للسلطة الفلسطينية,
والمنطقة «ب» والمنطقة «ج»
وتخضعان لإسرائيل) إضافة إلى
تلميح يقول إن إسرائيل سوف تقوم
بإطلاق سراح السجناء
الفلسطينيين. الخطة المصرية وبناء على ما سربته الصحف الاسرائيلية
فإن الخطة المصرية تتضمن بعض
البنود التي ذكرتها هآرتس وهي :«تجميد
الاستيطان.وإطلاق سراح
المسؤولين الفلسطينيين،تفعيل
دبلوماسية عملية سلام الشرق
الأوسط». الصحف الاسرائيلية أدلت بدلوها فيما
يتعلق بتقييمها لما يقال عنه
مبادرات لاستئناف عملية
التسوية مع السلطة الفلسطينية ،
وكان التشاؤم هو الغالب على
تحليلات هذه الصحف ومنها عنوان
زمن المحادثات جاء في افتتاحية
هآرتس:مسيرة السلام بين اسرائيل
والفلسطينيين أصبحت منذ
الانتخابات في اسرائيل تعبيرا
عابثاً، يحل محل اصطلاح «أضغاث
أحلام». في الجانب الإسرائيلي أصر رئيس الوزراء
بنيامين نتنياهو على شروط عرقلة
استئناف المسيرة، مثل الاعتراف
الفلسطيني بيهودية دولة
اسرائيل، أو عدم تجميد البناء
في شرقي القدس؛ وفي الجانب
الفلسطيني أصر الرئيس محمود
عباس على تجميد كل البناء
الإسرائيلي خلف الخط الأخضر،
حتى بعد أن قدمت واشنطن
لإسرائيل «تنازلات». وكتب عوفرشليح في معاريف بدوره يقول :»تعلم
الكثرة من الفلسطينيين
والإسرائيليين، من القيادة
والجمهور أنه لن توجد تسوية
للنزاع بين الشعبين في الأمد
القريب ،ماذا بقي من سنة 2000 وهي
آخر سنة تفاوض مع الفلسطينيين؟
الرواية السائدة التي تقول «لا
يوجد لنا شريك»؛ وصورة ايهود
باراك وعرفات يتدافعان في مدخل
الكوخ في كامب ديفيد، والقول
العارض لمحمد دحلان الذي اعترضه
الصحفيون في الطريق الى المرحاض
في طابا. ماذا يحدث؟ تساءل
الصحفيون، ورخص دحلان بتعبير
يعرفه كل اسرائيلي هو: حرتا برتا.
حرتا برتا. هذا ما يعتقده رجل
واحد مثل جميع القادة الذين
يوجد لكلامهم وزن ما في التفاوض
مع الفلسطينيين في هذا الوقت.
قال بعضهم ذلك علنا فقد تحدث
ايهود باراك منذ زمن عن «سلام
ليس قبل 2028»، وقال بوغي يعلون «ليس
في جيلنا» بل إن هذه التواريخ
عند افيغدور ليبرمان قريبة جدا.
يتكلم رئيس الحكومة على «سلام
اقتصادي»، يبنى من أسفل الى
أعلى، أي أن تساعد اسرائيل في
تحسين وضع الفلسطينيين الخاص
لكن لا تساعد في تحقيق مطامحهم
الوطنية. وعلق زلمان شوفال قي اسرائيل اليوم على
الخطة المذكورة بقوله : كلما
كثرت الأنباء سواء الصحيحة أو
الأقل صحة عن احتمال ان يجدد في
القريب التفاوض السياسي بين
اسرائيل والفلسطينيين، زادت
رغبة جهات مختلفة في المشاركة
في العرس. يعتقد بعضها انه سيكون
لها مساهمة حقيقية في تقديم
السلام، ويريد بعضها البرهان
على انها تنتمي الى الاتحاد
الأعلى السياسي الدولي. أمريكا
أيضا، وعلى نحو تقليدي معنية
بأن يوجد في الخارج شركاء في
إجراءاتها. هذا ما حدث ايضا مع
الاتحاد السوفييتي المتعثر في
مؤتمر مدريد – ومع دول أوروبا
في مؤتمر انابوليس. لا يعني ذلك
أن الولايات المتحدة متحمسة
لمبادرات مستقلة كالحديث عن
مؤتمر في موسكو أو عن المؤتمر
الذي يخطط رئيس فرنسا له في
باريس. ليست الفكرتان جديدتين:
فقد تحدث فلاديمير بوتين عن ذلك
قبل نحو أربع سنين، وأيا تكن
حقيقة الاقتراح قد بقي آنذاك
فقد بغي الورق وقد برهنت للجميع
على ان روسيا اليوم، بخلاف
الاتحاد السوفييتي في الأمس، لم
تعد جهة ذات وزن كبير في ساحة
الشرق الأوسط. تريد موسكو تقويم
هذا الانطباع. لهذا جددت في
المدة الاخيرة الجهود الروسية
في شأن المؤتمر المقترح، وجند
الرئيس مدفيديف نفسه في كامل
الجهد لهذا الهدف. ============================== المخرج الأميركي
والانقسام العربي الأحد, 10 يناير 2010 عبدالله إسكندر الحياة سعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري
كلينتون، لمناسبة محادثاتها مع
نظيريها الأردني ناصر جودة
والمصري أحمد أبو الغيط في
واشنطن الجمعة الماضي، الى
الالتفاف على العقدة الفعلية
أمام معاودة التفاوض على المسار
الفلسطيني. فهي نقلت، عشية توجه
الموفد الرئاسي الأميركي جورج
ميتشل الى المنطقة، المشكلة من
استمرار الاستيطان الإسرائيلي
في الأراضي الفلسطينية التي
ينبغي ان تشملها الدولة
الفلسطينية المقترحة الى مشكلة
نظرية، وربما أكاديمية، في شأن
الاستيطان. وهذه المحاولة تتوجه
أساساً الى الطرف العربي
لإقناعه بهذا الحل النظري، ما
دام الطرف الإسرائيلي مستمراً
في الاستيطان وغير عابئ بكل ما
يطلب منه من خطوات ملموسة في
اتجاه هدف إقامة الدولة. لقد اعتبرت الوزيرة الأميركية، مع
اعترافها أن المشكلة هي
الاستيطان، أن حل مشكلتي القدس
والحدود يحل مشكلة الاستيطان.
يعني هذا الاعتبار أنه بعد
الاتفاق على وضع القدس وحدود
الدولة، تنتهي مشكلة الاستيطان
ما دام انه سيستمر خارج هذه
الدولة. يستقيم هذا الاعتبار
نظرياً، في حال اعترفت إسرائيل
بأن القدس الشرقية وكل الضفة
الغربية أرض محتلة، وأن
المفاوضات تهدف الى إقامة
الدولة الفلسطينية القابلة
للحياة. لكن إسرائيل، خصوصاً في
ظل حكومتها اليمينية المتشددة
الحالية، تفترض العكس تماماً
والاستيطان هو أداتها في تنفيذ
هذه السياسة. هذا الاجتهاد النظري الأميركي الجديد
لتصور عملية السلام يريح
الإدارة من واجب الضغط على
إسرائيل التي وجهت صفعة مؤلمة
للإدارة في قضية الاستيطان.
ويتوجه، بدل ذلك، الى الجانب
العربي الذي عليه أن يغض الطرف
عن الاستيطان ويقبل على
التفاوض، ما دام الأساس النظري
لعملية السلام سليماً. ويستمر
موسم المساعي الأميركية، بغض
النظر عن الدوامة الجديدة التي
ستدخل فيها هذه العملية: الحل
يؤدي الى وقف الاستيطان، أم أن
وقف الاستيطان هو الذي يؤدي الى
الحل؟ لقد وضعت الإدارة الأميركية هذا المخرج
النظري لمشكلة الاستيطان، على
أن يتولى ميتشل في جولته
المقبلة الإعداد لمعاودة
التفاوض استناداً إليه. ويمكن
سلفاً توقع فشل هذا المسعى، على
الأقل بسبب الرفض الإسرائيلي
لأي حل يتضمن القدس والمستوطنات
في الضفة. في المقابل، وفي الوقت الذي تزداد
السياسة الاسرائيلية عدوانية
وتصلباً وتقزيماً لمفهوم
الدولة الفلسطينية وشروط
قيامها، يبدو الجانب العربي في
حال من التشرذم على نحو يعجز فيه
عن إدخال تغيير في ميزان القوى
لمصحلة الحل الذي يقترحه
والمتمثل بالمبادرة العربية. ففي الوقت الذي تشهد العواصم العربية
الأساسية حركة ديبلوماسية،
جيئة وذهاباً، ومشاورات
وتصريحات، تشدد على توظيف
المصالحات العربية في إطار
العملية السلمية، تبدو
المصالحة الفلسطينية أبعد من أي
وقت مضى. لا بل تُلاحظ عملية
مدروسة ومنسقة لتوتير مقصود بين
حركة «حماس» والراعي المصري
لهذه المصالحة، على نحو يطيح
الحد الأدنى من إمكانات الاتفاق
بين «حماس» والسلطة. هذا
الاتفاق الذي يشكل الشرط الشارط
لأي معاودة جدية لمفاوضات سلام
على المسار الفلسطيني، مهما
كانت طبيعتها. وإذا كانت مصر ودورها، في المصالحة
وعملية السلام عموماً، هو
المستهدف مباشرة بعملية «شريان
الحياة» التي نسقت ونفذت تحت
إشراف التنظيم الدولي ل «الاخوان»
وجناحه التركي هذه المرة،
وبافتعال مشكلة مع الأمن المصري
في رفح، فإن الاستهداف يطاول
على نحو غير مباشر كل الدول
العربية التي لا تزال تشدد على
ضرورة المصالحة الفلسطينية،
تحت الرعاية المصرية، ولا تزال
تعتبر ان المبادرة العربية
صالحة كأساس للحل مع إسرائيل. بكلام آخر، يبدو أن الوضع العربي، على رغم
كل ما يُقال ويُعلن، ما زال
يعاني من الانقسام ذاته على
موضوع السلام والذي عاناه خلال
السنوات الماضية، والذي كان أحد
أسباب تعثر الحل. ============================== الخصوصية الثقافية
وتبريرات الاسشراق المحلي
والخارجي الأحد, 10 يناير 2010 خالد الحروب * الحياة في السجالات حول مناهج الاستشراق
الكلاسيكي، هناك نقاش دائم حول
بعض تلك المناهج وبخاصة تلك
التي رأت في المجتمعات غير
الغربية، الشرقية والإٍسلامية
تحديداً، جموداً ثقافياً
ودينياً دائماً، ورسوخاً في
البنى التقليدية يمنع تلك
المجتمعات من التقدم والتأقلم
بحسب تغيرات الحياة السياسية
والاقتصادية والعلمية. بحسب هذه
النظرة تبدو المجتمعات الشرقية
ثابتة، تألف إلى قديمها وتتمسك
به، تخاف من الجديد وتبتعد منه،
تتفادى المغامرة الفردية
والجماعية، تحصن نفسها ضد
التحولات التي تقع حولها من
خلال الاحتماء الغريزي بما
تعودت عليه من تقاليد وأديان،
فتنتهي إلى ما هي عليه: سكون
وجمود. وهذا كله على خلاف
المجتمعات الغربية التي صارت
تعيش في قلب التغير ولا تهرب
منه، ترفض الجمود والثبات،
تستوعب وتستقبل المتغيرات
وتهضمها وترحب بها، ولا تخضع
لأي قيود تقليدية أو دينية في
تحديد استجاباتها لأية تحولات.
بوصلتها في القبول والرفض آنية
وظرفية ومصلحية يحددها المزاج
العام وقبول الأغلبيات. انتقدت وقوضت تلك الأطروحة باعتبارها
تقارب العنصرية إن لم تعبر عنها
صراحة حيث ترى في المجتمعات غير
الغربية «خصوصيات ثابتة»
للتخلف. ففي تنظيراتها تلك كانت
في الواقع تشتغل في خدمة
مشروعات إمبريالية أخطر،
فإثبات جوهرانية تخلف
المجتمعات الشرقية يبرر للرجل
الأبيض مشروعه في الغزو
والاستعمار من أجل فرض التقدم
والحضارة على تلك المجتمعات
وإنقاذها من تخلفها. بيد أن ما تطور من أطروحات في مرحلة ما بعد
التحرر من الاستعمار وتقويض
أركان النظرات العنصرية
الاستشراقية لا يتعدى بعضه
إعادة إنتاج للمقولات القديمة
نفسها لكن في شكل أكثر سوءاً.
ومن هذه الأطروحات نظرية «الخصوصية
الثقافية» وهي تعني، وبعيداً من
التعبيرات الأكاديمية
والسياسية التجميلية، أن
المجتمعات الشرقية لها «خصوصيات»
لا يمكن تجاوزها عند التعامل
معها. وأن ما ينطبق على
المجتمعات الغربية مثلاً من قيم
ومنظومات سياسية وديموقراطية
وحقوق إنسان لا ينطبق بالضرورة
على غيرها من المجتمعات وبخاصة
الإسلامية والشرقية. من ناحية
فكرية وأيديولوجية بحتة انطلقت
جذور هذا التفكير من نيات حسنة
وناقمة على التصور الإمبريالي
الذي استغل تلك المجتمعات تحت
مسوغ إنقاذها من تخلفها ووضعها
على طريق التقدم. وفي مرحلة
لاحقة تطور الفكر النقدي ما بعد
الحداثي وأعاد النظر في «حتميات
الحداثة» من تقدم واندفاع
للمجتمعات نحو تبني ما جاءت به
الحداثة في السياسة والاجتماع
والاقتصاد والثقافة. وترافق مع
ذلك النقد ما بعد الحداثي بروز
تيارات وأفكار حانقة على كل ما
هو مؤسسي وتأسيسي بما في ذلك
الحداثة نفسها وتصوراتها،
وجوهرها العلمي والعقلاني
والعلماني. وعملياً أعيد
الاعتبار الى كل البنى والأفكار
ما قبل الحداثية باعتبارها
مصادر للمعرفة ومآلات إنسانوية
تختارها المجتمعات طواعية وليس
من حق أحد تقويض عفوية تلك
المآلات والخيارات، وفرض
مشروعات فوقية عليها. تلك
المجتمعات لها خصوصياتها
الثقافية التي يجب احترامها
وعدم العبث بها والقبول بما
تتعايش به في ما بينها. على السطح تبدو فكرة «الخصوصية الثقافية»
براقة وتنطوي على تعزيز
الاحترام المتبادل بين
الثقافات والشعوب. لكن في
جوهرها تستبطن مخاطر كثيرة
وتخفي عنصريات وتبرر
الاستبدادات السياسية والدينية.
قبل تناول هذه الجوانب فلنتأمل
بعد «تطبيقات الخصوصية
الثقافية» حالياً. بحسب هذه
النظرية من حق بعض المجتمعات
الشرقية والأفريقية ممارسة
ختان الإناث حيث لا يعتبر ذلك
انتهاكاً مريعاً في حق الأنثى.
وهذه الممارسة لو حدثت في أي
مجتمع غربي يُعاقب عليها
القانون كجريمة تعبر عن التوحش.
معنى ذلك أن ما يُعتبر «توحشاً»
في الغرب يمكن قبوله في الشرق
لأنه يعكس ثقافة المجتمع
وخصوصياته الثقافية. وبحسب هذه
النظرية أيضاً، فإن الاستبداد
السياسي وحكم القبيلة في الدول
الأفريقية والشرقية هو أيضاً من
خصوصياتها الثقافية والدينية
ويجب قبوله وعدم استنكاره. وإذا
كان الاستبداد واحتكار الحكم أو
الثروات قد أصبح مستنكراً
تماماً في الغرب، فإن ذلك كله لا
بأس به في الشرق. وإذا كانت
السياسة تُدار وفق آليات
ديموقراطية تضمن المحاسبة
والشفافية وتعبر ما أمكن عن رأي
المجموع العام للمجتمعات،
وترافقها حريات إعلامية، فإن
هذه كلها خصائص «غربية» ليس
بالضرورة أن تستحسنها مجتمعات
الشرق وتقبلها. معنى ذلك أن نهب
الثروات من قبل النخب السياسية
الحاكمة في تلك الدول، وعدم
خضوعها لمحاسبة شعوبها، هو من «خصائصها
الثقافية». النتيجة الطبيعية لكل ذلك هي أن «الخصوصية
الثقافية» أصبحت الأرضية
المشتركة التي يقوم عليها تحالف
غير مقدس، أطرافه حلفاء وخصوم
في الوقت نفسه وهم: بعض
العنصريات الغربية المستترة،
معظم الحكومات الغربية،
وحكومات الاستبداد في العالم
الثالث، ومنه عالمنا العربي
والإسلامي، والتيارات الأصولية
التي تردد ببغائية وسذاجة أن
مجتمعاتها تتمسك بثوابتها
وتقاليدها وترفض قبول ما تفرضه
الحياة من تغيرات، وهناك أيضاً
بعض أنصار ما بعد الحداثة
والرافضين لكل ما هو غربي. كل
طرف من هذه الأطراف يستفيد من «الخصوصية
الثقافية» بطريقته الخاصة. لكن
أهم وأخطر طرفين هما الحكومات
الغربية وحكومات الاستبداد في
العالم العربي والإسلامي، وهو
ما يهمنا هنا. فالحكومات
الغربية تستمرئ الاختباء خلف
ستار «الخصوصية الثقافية» كي
تبرر جبنها المتواصل عن التدخل
لمصلحة شرائح وفئات عريضة تتعرض
لانتهاكات متواصلة من حكوماتها
المُستبدة. وباستخدام المُسوغ
نفسه، فإن المؤسسة الرسمية
الغربية تتعامل مع ديكتاتوريات
بشعة في طول العالم وعرضه من دون
أن يرف لها جفن، معلنة أنها تقف
على الحياد إزاء ديناميات
السياسة والاجتماع في تلك
الديكتاتوريات. نعرف جميعاً
تناقض ذلك الموقف بطبيعة الحال
وأن فتح ملفات الانتهاكات
الداخلية يرتبط بنوع السياسة
والعلاقة المُتبادلة مع هذا
النظام أو ذاك، منتهين إلى
ازدواجية فاضحة. ففي حالة هنا
مثلاً تصبح الانتهاكات مسوغاً
لإطلاق حروب وتغيير نظام، وفي
حالة هناك يتم التغاضي عنها
بدعوى «الخصوصية الثقافية»...
وهكذا دواليك من دون انقطاع في
تسييس مزدوج سمته الأساسية
النفاق، لكن أكلافه الباهظة
تدفعها الشعوب. حكومات الاستبداد مرتاحة هي الأخرى
لأطروحة «الخصوصية الثقافية».
فباستخدام عصاها السحرية تهش كل
الناقدين من الخارج المطالبين
بتحسين الأحوال وانفتاح
السياسة والاجتماع. كل مطلب
حقوقي معين يصبح تدخلاً واعتداء
على ثقافة أو دين البلد المعين
ويجرح نرجسيته. ليس هذا فحسب، بل
تجنح هذه الحكومات إلى حشد
الرأي العام في بلدانها، وهو
الرأي العام المقموع على الدوام
من جانبها، ضد أي إشارات من
الخارج تُناصر المطالبين
بالدمقرطة وحقوق الإنسان. تصبح
الحكومة المُستبدة، التي لم
تترسخ إلا من خلال علاقاتها
النفعية والطفيلية مع الغرب، هي
حامل لواء الوطنية والسيادة ضد
«التدخلات الغربية» في الشؤون
المحلية، والمنافحة عن «الخصوصية
الثقافية». ويصبح دعاة الدمقرطة
وحقوق الإنسان عملاء للغرب يجب
مواجهتهم ووضعهم عند حدهم بل
وسجنهم أيضاً. وفي ما بين العنصريات الغربية وبعض
حكوماتها الانتهازية
والاستبدادات العالمثالثية
والعربية تقف معظم التيارات
الأصولية التي تعلن هي الأخرى
حروباً ضروساً ضد من يمس «الخصوصية
الثقافية» لمجتمعاتها. وهي بذلك
تقف في صف من تعتبرهم خصومها،
وتقف في معسكر الاستشراق
التقليدي بأسوأ تمظهراته.
والخاسر في ذلك كله هو الشعوب
والمجتمعات التي يزداد تكلسها
ويتضاعف خوفها ويتأبد تخلفها,
وهي ترتعد من كل تغيير مختارة
الركون إلى ما فيها من جمود
وتخلف و «خصوصية ثقافية»، تدافع
عنها بحمية واندفاع بدعوى أنها
ما يميزها ثقافياً وحضارياً. * اكاديمي وباحث فلسطيني - جامعة
كامبردج ============================== لبنان بين نجوم السياسة
ومنجّميها آخر تحديث:الأحد ,10/01/2010 الخليج نسيم الخوري يبدو لبنان الرسمي والشعبي وبعد تأليف
حكومة الوحدة الوطنية برئاسة
سعد الحريري، وبعد إقرار البيان
الوزاري بما فيه البند السادس
حول ضرورة المقاومة، وبعد قيام
الحريري بزيارة الى الرئيس بشار
الأسد في دمشق، يبدو مشغولاً
جدّاً بالقرار 1559 القائل بنزع
سلاح الميليشيات أو بالقرار 1701
الذي أوقف عمليات القتال في
يوليو/ تموز . لماذا الآن؟ ما هي
الأسباب؟ لن أجيب عن أسئلة من هذا النوع كثيرة
مودعة في ألسنة بعض السياسيين،
بالرغم من هدأة البيئة السياسية
في لبنان . لكن . . تصوّروا أنّ أكثر من خمسة في المائة من
القرارات الصادرة عن مجلس الأمن
منذ تأسيسه حتى اليوم موضوعها
لبنان العصفور الجريح الصغير
الذي لا يكاد يساوي في منظومة
الدول في العالم حيّاً من أحياء
نيويورك! فمنذ 1975 حتى اليوم يتخبّط اللبنانيون في
حروب مأساوية متقطّعة ادّت الى
كوارث وخسائر ضخمة ينوء تحتها
وتعجز عن تحمّلها كبريات الدول
وأغناها، والقسم الأكبر من
القتال في تلك الحروب المتنقلة
دار بين مجموعات تشكّلت من
الطوائف المتعددة في لبنان كما
شارك العديد من الفصائل
الفلسطينية في أعمال العنف
والتدمير . وكانت “اسرائيل”
تشنّ عمليات عسكرية مستمرّة على
لبنان بما في ذلك الهجمات
والقصف الجوي الرهيب للمدن
والقرى تخللها ثلاثة اجتياحات
واسعة في اتجاه لبنان واحتلال
واسع لجنوبي البلاد . وعلى مرّ
هذا الزمن الطويل من تاريخ
لبنان،كانت فرنسا وأمريكا
وبريطانيا وايطاليا واليمن
والسعودية وسوريا والإمارات
العربية المتحدة والسودان
وليبيا وغيرها من الدول كي لا
نذكرها كلّها تعمد الى نشر قوات
في بلادنا بناءً على طلبات من
الحكومات اللبنانية المتعاقبة
وقرارات من مجلس الأمن بهدف وضع
حد للاقتتال وإرساء الاستقرار
في البلاد، كان آخرها قوات
اليونيفيل في الجنوب اللبناني
في أعقاب حرب “اسرائيل” ال 2006
على لبنان وفقاً للقرار 1701 . لقد أصدر هذا المجلس الدولي حتّى اليوم
ثمانين قراراً في المسألة
اللبنانية ركّزت، من بين أمور
كثيرة، على مسائل ثابتة تتكرر
حرفياً مع كلّ قرار مختصرها “وقف
العنف وحماية المدنيين واحترام
سيادة لبنان واستقلاله ووحدة
أبنائه، وبسط السلطة اللبنانية
على كامل الأراضي اللبنانية”
وأحياناً نراهم يستبدلون في بعض
القرارات كلمة السلطة
اللبنانية بالسيطرة اللبنانية .
وماذا جنى اللبنانيون من هذه
السطور الباردة غير التهجير
والهجرة والقتل والتشويه
والتدمير والانقسام ومعاودة
الالتحام وفقاً للمناخين
الإقليمي والدولي . قمت بهذه العملية الحسابية البسيطة وأنا
أتصفّح، مع بداية العقد الثاني
من الألفية الثالثة، ربع قرن من
الدم اللبناني مندهشاً، وأتابع
اللبنانيين السياسيين
والحزبيين منهم كما المحللين
والخبراء والعاديين من الناس أو
أشاركهم الانهماك والشجار
والمناقرة خلف الشاشات في تناول
النصوص الطويلة للقرار 1701 أو 1559
الصادرين عن مجلس الأمن
وتداعياتهما ومعانيهما
وألغازهما في الفصل ما بين
لبنان والعرب وتحديداً سوريا
كما إغراء لبنان في طي صفحات
الصراع مع العدو “الإسرائيلي”
. مهلاً! لا يعني هذا الحساب التحريض على
الخروج من إرادات الدول ونصوصها
الدولية، خصوصاً وأننا مجتمع
صغير منضم الى الأسرة والمؤسسات
الدولية ونحترم مواثيقها
وقوانينها، وأثبتنا في صراعنا
الأخير مع “اسرائيل” أننا
مجتمع جديد وقوي ومقاوم بكلّ
معنى الكلمة ونموذجي في ممارسة
الحرية والديمقراطية بما يفوق بأضعاف ما شهدناه ونشهده من تحيز
وتعمية وتضليل من قبل
الأمريكيين والأوروبيين و”الإسرائيليين”
وخصوصاً في ميادين الإعلام
والتعامل مع الأحداث والوقائع .
لكن هذا يعني أنه من حقّنا أن
نتساءل: هل فقدنا ذاكرتنا
بالمعنى السياسي والدموي أو
أننا لم ننتبه بعد بأنّ الحبر
الدولي والتمسك الأعمى به أكثر
من واضعيه لم ولن يخرجنا من
مستنقعاتنا الدموية؟ ألسنا في زمن تبدو فيه الأمم المتّحدة
مطبعة للقرارات الأمريكية أكثر
منها ماسكة لناصية السلم والأمن
الدوليين؟ ماذا نفعل اذاً
للخروج من هذا الآتون المتجدد
في عالم لا مكان فيه سوى
للأقوياء؟ ولماذا يستمر اللبنانيون وقوداً لحروب
وصراعات لا تنتهي في الشرق
الأوسط أو يتركون وطنهم مشتعلاً
على خطوط التماس بين الشرق
والغرب؟ ألوف الأسئلة من هذا النوع، والجواب في
هذا الخبر الخطير: قام مسؤول
لبناني بزيارة الى سفير احدى
الدول الدائمة العضوية في مجلس
الأمن وطلب منه الضغط والمماطلة
في إصدار القرار 1701 ريثما
يتسنّى ل “إسرائيل” من اجتثاث
المقاومة أو نزع سلاحها على
الأقل، وقد أبدى السفير انزعاجه
من الطلب الذي وعد برفعه الى
بلده وفقاً للأصول لكنه لم
يتردد بنصيحة المسؤول أن هكذا
طلب عقوبته الخيانة العظمى على
الأقل، وعلى الرغم من المتغيرات
المحلية والإقليمية في المناخ
السياسي العام، نسمع مواقف
وتصريحات لبنانية جديدة مشابهة
تطالب بتنفيذ قرارات مجلس الأمن
أكثر من المجلس نفسه . لقد اجتاز لبنان محطاتٍ خمس عسيرة، في
السنوات الخمس المنصرمة، يمكن
تسميتها بمراحل المجزرة
المتمثلة باغتيال الرئيس رفيق
الحريري، أعقبها مرحلة العاطفة
التي اجتاحت السلوك والمواقف
السياسية، ثمّ حلّت مرحلة
الكيدية والمغالاة في إطلاق
المواقف والتصريحات، ليدخل
لبنان بعدها مرحلة الصمت فور
تمنّع رئيس الوزراء المكلّف سعد
الدين الحريري الدخول في
مشاجرات وحملات سياسية
وإعلامية، لم تأخذ طريقها
الكامل الى الهدوء بعد . لقد دخل لبنان مرحلة سادسة مدروسة هي
مرحلة العقل والهدوء
والمصالحات على إيقاعات
إقليمية وإيحاءات دولية، لكن
شعباً جاهزاً فينا للتنافر
وتبادل التهم في مسائل تعتبر من
المحرمات مثل الاستمرار في
الكلام المتنافر عن العدو
الإسرائيلي الذي ساهم في
الإطباق على دول ومنظومات دول
ودوائر قرار إقليمية ودولية،
وبعدما يستمر بوقاحة لا وصف
لها، وبحضور القوات الدولية،
بالخرق اليومي للأجواء
اللبنانية ومحاصرتنا في البحر
والبر . نعم، اللبنانيون قابلون للانقسام حول كلّ
أمر: بين غرب وشرق ومنقسمون حول
المسائل الدستورية وقوانين
الانتخابات النيابية وغيرها من
المسائل البسيطة والأنظمة
والقوانين . منقسمون
وانقساماتهم مهندسة في حدائق
الغرب . وببساطة كليّة: لأنهم
منقسمون مذ كانوا فإنهم اعتادوا
الرقص فوق حدّ السيف ومدّ
مناقيرهم الطريّة عند تقاتل
النسور، وكلّما تجذّروا في
وطنهم ترسّخوا في انقساماتهم
ويستحيل في الوقت نفسه قسمتهم
جغرافياً أو بشرياً أو طائفياً
أو مذهبياً أو اقتصادياً أو
فكرياً ولهذا سيبقى لبنان وطناً
قائماً في قلب النار متعباً
للأمم ومسليّاً لضجر رؤسائها! لماذا هذا الكلام؟ درءاً للكلام اللامقال
الذي يتسرب من زوايا منجمي
الساسة ومن زوايا بعض الحناجر
همساً، أو جهراً على ألسنة
المنجّمين وكشف المستقبل
يملأون الشاشات المتنوعة . تزول
المخاطر، ويعشق أهل الخليج
ربوعنا، وقد طوّعوا مغالاتنا
بمحبتهم لبلدنا بدلاً من أن
نطوّع خوفهم من تنافرنا بترسيخ
تفاهمنا . آتون الينا حاجةً
عربيةً وسيبقى بعض اللبنانيين
هكذا حتّى بعد أن يتحقق سطر واحد
يأتي دائماً لمن يقرأ في آخر
نصوص قرارات الأمم المتحدة كما
في تقارير أمينها العام وفيه: “أتطلّع
الى تحقيق سلام شامل وعادل
ونهائي في الشرق الأوسط” ============================== بقلم :محمد الدليمي البيان 10-1-2010 ربما لا يضيف من يكتب عن موضوع التعليم في
الوطن العربي، شيئا جديدا عندما
يكرر نفس الأقوال والآراء، التي
ما انفكت ليلا نهارا تدعو إلى
التنبه لضرورة بذل جهود حقيقية
وفعالة تسهم في رسم استراتيجية
واضحة المعالم، لها أهداف قابلة
للتحقق، وترتبط بسقوف زمنية
محددة تخضع للمراجعة والفحص
والتقويم المستمر، بهدف إصلاح
منظومة التعليم في العالم
العربي. لكن تقارير التنمية الإنسانية الصادرة عن
المنظمة الدولية تتوالى، وكذلك
البنك الدولي الذي أشار في
تقرير له في إبريل 2009 إلى تخلف
مستوى التعليم لدينا، مقارنة مع
مستواه في بلدان أمريكا
اللاتينية وآسيا. وحذر من أن الأمر بحاجة إلى إصلاحات
عاجلة، لعلها تسهم في وضع حد
لارتفاع معدلات البطالة الناتج
عن تدهور نوعية التعليم في
العالم العربي، حيث تضاف في كل
سنة فرق من العاطلين إلى ملايين
الباحثين عن فرصة عمل، في سوق لم
يعد ملائما لتلبية متطلبات
النمو في القطاعات الاقتصادية
المتنوعة. وفي السنوات الأخيرة صرنا نلحظ ظاهرة
خطيرة، ألا وهي تنامي بطالة
الخريجين من حملة الشهادات
الجامعية، بل ربما يصل الأمر في
بعض البلدان العربية إلى رؤية
احتجاجات لحملة الشهادات
العليا من درجات الدكتوراه
والماجستير، مما يكشف لنا عن
وجود فجوة حقيقية في سياسات
التعليم، وخلل فاضح في الخطط
التعليمية التي تزين مؤتمراتنا
وندواتنا التربوية. وهو ما نسميه باستراتيجيات التربية
والتعليم وورش التطوير، وغيرها
من الممارسات التي نسمع عنها في
وسائل الإعلام من غير أن نرى لها
أثرا على أرض الواقع، كما هو حال
الأمة في منظماتها الإقليمية
والمتخصصة منذ أكثر من خمسين
سنة خلت، حيث وصف أحد المشاركين
هذه المنتديات والمؤتمرات بأن
مفعولها ينتهي بانتهاء الإقامة
الفندقية للضيوف. وربما يصل الأمر الى حد أن المشاركين في
هذه الملتقيات والمؤتمرات التي
تصدر آلاف التوصيات، يتركون هذه
الوثائق والتوصيات في ردهات
الفنادق وقاعات النقاش! إذا كان هدف مؤسساتنا التعليمية فقط
تخريج العاطلين، فهذا لوحده
ينذر بكارثة مجتمعية كبيرة
محدقة بالمجتمعات العربية،
ويؤدي الى إرباك خطط التنمية
وإفراغها من اي محتوى ايجابي،
لتصبح عملية عقيمة وعبثية، وهنا
يطرح السؤال المقلق؛ إذن، ما هي
الفائدة من برامج وخطط تربوية
تملأ الادراج؟ تقرير البنك الدولي يشير الى تحقيق كثير
من الخطوات الجيدة، حيث استفاد
معظم الاطفال من إقرار قوانين
مجانية وإلزامية التعليم
الأساسي وتقلص الفجوة بين
الجنسين في التعليم، لكن أغلب
البلدان العربية ما زالت متخلفة
عن كثير من الدول الناشئة، كما
أن المنطقة لم تشهد نفس التغير
الايجابي في ما يتعلق بمكافحة
الأمية ومعدل التسجيل في
المدارس الثانوية. ورغم ما تذكره التقارير الدولية من أرقام
مخيفة عن ارتفاع نسبة الأمية
وتدهور نوعية التعليم وضعف
المناهج ونقص تدريب المعلمين،
فهناك أسباب أخرى أيضا لها
تأثير سلبي. فما زالت طرق
التلقين، مثلا، القائمة على
التحفيظ من دون فهم، هي الوسيلة
الأزلية في معظم مؤسساتنا
التعليمية، مع عدم الاستفادة من
ثورة الاتصالات وعولمة سوق
العمل الذي يشهد تطورات كبيرة
في ظل تنافس معرفي وعلمي
كبيرين، إضافة إلى تسرب
التلاميذ خلال مراحل التعليم،
خصوصا بين الفتيات اللواتي
يتركن الدراسة تحت ضغط عوامل
اجتماعية. ويشير التقرير أيضا إلى أن غنى الدولة أو
فقرها لا يؤثر على المستوى
التعليمي، إذا ما تم ترشيد
النفقات وتوجيهها الوجهة
الصحيحة. فعلى سبيل المثال
احتلت الأردن المرتبة الأولى من
حيث التحصيل التعليمي، وخاصة في
مادة الرياضيات، من حيث جودة
التعليم بين كل الدول العربية،
بينما احتلت السعودية المرتبة
العاشرة. ويؤكد تقرير البنك الدولي أن الثقافة
الاجتماعية السائدة ودور
الأسرة، من العوامل الأساسية في
مواصلة التعليم وتحقيق النجاح. وعلى الرغم من حالات الحروب والصراعات
التي يتأثر بها الأطفال
والنساء، فإن مناطق قطاع غزة
والضفة الغربية في فلسطين
المحتلة، رغم ظروف الاحتلال
والقتل والتشريد والعوز، تشهد
التحاق نسبة 100% في المدارس، مما
يحمل المنظمات الدولية والدول
المانحة على العمل لتقديم
المزيد من المساعدات والدعم
للمؤسسات التعليمية في فلسطين
وبلدان أخرى تعاني من الحروب
والنزاعات. وانطلاقا مما سبق، نستطع القول إن عملية
إصلاح التعليم في العالم
العربي، صارت أمرا ملحا وعاجلا،
يستلزم تنسيق الجهود وتخصيص
الموارد اللازمة. كاتب عراقي ============================== تتارستان.. هل تتحول
لشيشان أخرى؟ بقلم :ليونيد ألكسندروفتش البيان 10-1-2010 تتارستان إحدى جمهوريات روسيا
الفيدرالية، وتعتبر من أكثر
الجمهوريات أهمية إن لم تكن
أهمها على الإطلاق، وذلك نظرا
لمساحتها وثروتها الهائلة من
النفط، الذي يشكل أكثر من عشرين
في المائة من احتياطيات روسيا
النفطية، كما أنها أكبر جمهورية
إسلامية في روسيا، وتقع في قلب
الاتحاد الروسي، ومحاطة بسبع
وحدات إدارية. وتحتل تتارستان موقعاً مهماً على نهر
الفولغا شريان الحياة الرئيسي
لوسط روسيا، وهي واحدة من أهم
مناطق إنتاج وتصنيع النفط
والغاز في روسيا. ومن تتارستان
يبدأ خط أنابيب البترول إلى شرق
أوروبا المعروف باسم خط «الصداقة».
وفي الأراضي التترية موارد معدنية
وزراعية متعددة، وهو ما ينعكس
على درجة معيشة السكان التي
تبدو أفضل من نظيرتها في كثير من
الأقاليم الروسية. وبثروتها
المائية وغاباتها وتربتها
الخصبة، تُعَدّ مركزا صناعيًّا
مهمًّا لروسيا. وكان الإقليم الذي تقع فيه تتارستان (الأورال)
هو الحصن الذي انتقلت إليه
الصناعات السوفيتية إبان
الهجوم النازي على الاتحاد
السوفيتي، ويوجد فيها أكبر
مصانع السيارات الروسية «لادا»
وشاحنات «كاماز»، وتوجد فيها
أعرق وأكبر الجامعات الروسية،
مثل جامعة قازان التي تعلم فيها
زعيم الثورة البلشفية لينين. الغرب وواشنطن بالتحديد، يولون اهتماما
ملحوظا لهذه الجمهورية
الروسية، ويشجعون النزعات
الانفصالية فيها عن روسيا،
معتمدين على الأغلبية المسلمة
التي تسكنها. وكانت تتارستان قد
أثارت قلق القيادة الروسية في
مطلع تسعينات القرن العشرين،
عندما رفضت السلطة المحلية هناك
أن يشارك السكان المحليون باقي
المواطنين الروس في سائر أنحاء
روسيا، في الذهاب إلى مراكز
الاقتراع لاختيار من سيرأس
السلطة العليا في روسيا. وكانت السلطة المركزية الروسية، التي
كانت قد منحت الحكام الإقليميين
من الصلاحيات السيادية «ما
يستطيعون أخذه»، لكي يؤيدوا
خروج روسيا بقيادة بوريس يلتسين
من عباءة الاتحاد السوفيتي، قد
اضطرت حينذاك إلى عقد اتفاق خاص
مع تتارستان وكأنها كيان ذو
شخصية سيادية، حتى لا يحدث في
هذا الإقليم ما حدث في جمهورية
الشيشان التي بدأ الانفصاليون
فيها تمردهم على موسكو. وبدأت البلبلة حول تتارستان بعدما أجبرت
روسيا نظام الحكم في جمهورية
جورجيا، إحدى الجمهوريات
السوفيتية المتحدة سابقا، على
وقف غزوه لجمهورية أوسيتيا
الجنوبية في أغسطس 2008. وما لبث
أن هدد مرشح الرئاسة الأمريكية
الجمهوري جون ماكين حينذاك،
بإمكان اعتراف واشنطن باستقلال
اثنتين من الجمهوريات المنضوية
تحت لواء الاتحاد الروسي:
الشيشان وتتارستان، إذا اعترفت
موسكو باستقلال جمهوريتي
أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا. وتنفيذا لهذا التهديد تم في واشنطن تشكيل
حكومة المنفى لجمهورية
تتارستان، من 8 أشخاص يحملون
الجنسية الأمريكية والألمانية
والتركية، برئاسة أستاذ العلوم
الكيميائية فيل ميرزويان الذي
هاجر من روسيا إلى أمريكا عام
1996. ولم تهدأ الأمور حول تتارستان في واشنطن
حتى الآن، فقد أصبحت الجمهورية
الروسية الإسلامية الغنية،
موضع اهتمام خاص لإدارة الرئيس
الأمريكي الجديد باراك أوباما.
وورد ذكر مدينة قازان عاصمة
تتارستان في كلمة وجهها أوباما
إلى الطلبة الروس حين زار روسيا
في الصيف الماضي، ثم زارت
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية
الأمريكية قازان في أكتوبر
الماضي. وتمكنت السلطة المركزية الروسية خلال حكم
فلاديمير بوتين من قمع
الانفصاليين في الشيشان، ومن
توطيد مواقع الدولة المركزية في
مناطق البلاد، ومنها تتارستان،
وها هي محاولة جديدة لاختبار
متانة الدولة الروسية في هذه
الجمهورية الهامة، حيث يخوض
رئيس تتارستان منتمير شايمييف
انتخابات الرئاسة قريبا، وهو
الذي يحكم هذه الجمهورية منذ
عام 1991، وتدعمه موسكو تماما
باعتباره ضمانا لاستقرار
الأوضاع في الجمهورية. ولكن هناك من التوترات والقلاقل في هذه
الجمهورية ما يثير قلق المركز
في موسكو، خاصة مع استمرار
اهتمام واشنطن بها، الأمر الذي
يخشى معه البعض من تحول
تتارستان في المستقبل إلى شيشان
أخرى. كاتب روسي ============================== مرضى زرع الكلى مهددون
بالموت.. و"السلسيبت"
المجاني مفقود في الصحة
السورية (دي برس - تحقيق: أحمد عبد الرحمن) 10-1-2010 680 كلم هي المسافة التي يجتازها "حسين .ج"
شهرياً ما بين مدينة القامشلي
والعاصمة دمشق للحصول على علبة
"سلسيبت" تشكل ضماناً
لاستمرار حياته، فحسين وبعد أن
زرعت كلية جديدة في جسده، وجد
نفسه ومنذ شهر تقريباً وجهاً
لوجه مع باب صيدلية وزارة الصحة
المقفل في وجهه بحجة أن الدواء
غير متوفر، ما قد يعرض حياة هذا
المريض للخطر وفقاً للطبيب أحمد
العجة (مؤسس وحدة زرع الكلية في
دمشق) كون "السلسيبت" دواء
مثبط للمناعة، وعندما لا يتناول
المريض هذه الدواء بعد العملية
فإن مصير الكلية المزروعة الرفض
والفشل، ومن ثم إجراء عملية
استئصال للكلية المزروعة، أي
ينتهي المريض من حيث بدأ،
وبالتالي العودة إلى عمليات
الغسيل والتي قد تودي بحياة بعض
المرضى على حد قوله. حسين واحد من مئات المرضى اللذين رفعت
الصحة السورية يدها عن رعايتهم،
كونها تكفلت بتوفير الدواء
ونكثت بالوعد مؤخراً تاركةً
المرضى أمام خيارين، إما تصديق
وعودها المتكررة والمغامرة
بحياة الكلية الجديدة، أو شراء
الدواء من الصيدليات الخارجية،
وهو ما يعجز عنه غالبية المرضى
كون الدواء مكلف جداً، فسعر
العبوة التي تكفي لستة عشر
يوماً تباع ب9725 ل.س في الصيدليات
المركزية، فيما كانت تباع ب9328 ل.س
للعبوة الواحدة خلال عام 2009
بحسب مصدر مطلع، وبالتالي يتوجب
على كل مريض تخصيص مبلغ 19 ألف
ليرة سورية شهرياً لشراء عبوتين
من الدواء المذكور. حبة بالدين!! تقول الإحصائيات بأن2800 شخصاً هم مرضى
الفشل الكلوي في سورية، بحسب
تقديرات الرابطة السورية
لأمراض وزرع الكلية، إلا أن عددهم الحقيقي قد
يتجاوز الخمسة آلاف، لأن "ثلث
المرضى لا يصلون للطبيب ولا
يشخص مرضهم" حسب الرابطة،
وبعض هؤلاء المرضى لهم معاناتهم
الخاصة التي تضاف إلى حمل المرض
الثقيل، وربما هذا ما يدفعهم
للتعاضد في وجه مصائبهم ف(سمر.ع)
والتي تغادر اللاذقية شهرياً
باتجاه دمشق لتأمين الدواء
لأخيها فوجئت بأن الدواء غير
متوافر بشكل مجاني علما بأن
موعد صرف الوصفة هو 7/12/2009، ما
اضطرها للاستعانة ببعض المرضى
الذين لديهم متسع من الوقت حتى
موعد وصفتهم الجديدة، تقول سمر
"مارست الشحادة، حبة من هذا
المريض وأخرى من غيره، المهم
سلامة كلية أخي". ويبدو أن استعارة الدواء ما بين المرضى
تحولت إلى عادة بفعل عدم
توافره، و"الدنيا دين ووفاء"
على حد تعبير شقيق المريض (رائد.س)
الذي يقول: "الوزارة تخلت عن
مرضاها وبصراحة لا نملك سعر
الدواء، مرة نعير الدواء
وأحيانا نستعاره، فنحن نقطع
مسافات طويلة للحصول عليه". المسافات الطويلة التي يجتازها ذوو
المرضى مع مطلع كل شهر دفعت مرضى
الكلية بحلب إلى المطالبة
بتوجيه كتاب من مديرية صحة حلب
إلى وزارة الصحة في دمشق خلال 2008
من أجل تأمين الدواء في
الصيدليات المركزية بحلب، وفي
العام 2009 أعادوا إرسال الكتاب
من جديد، وإلى الآن لم يوفر
الدواء في حلب ولم ينل الكتاب في
الوقت ذاته "شرف الرفض"
وفقاً ل(عبد الغفور.ص) الذي يبحث
عن الدواء لزوجته. دواء مهرب عبد الغفور وبعد تجربته المريرة مع
انقطاع الدواء، عرف أن "السلسيبت"
المهرب يباع في الصيدليات وبسعر
7000 ليرة للعبوة الواحدة، لكن
قلة المال منعته من شرائه،
ويبدو أن سعره يتفاوت بين
محافظة وأخرى، حيث أكد بعض
المرضى أن سعر العبوة في دمشق
يتراوح ما بين 4000 و7000، حتى أن
السعر يختلف أيضاً بين صيدلية
وأخرى، الأمر الذي يرجح من وجهة
نظر هند السباعي (مديرة الشؤون
الصيدلانية في وزارة الصحة) أن
يكون الدواء مزوراً وغير
نظامياً، ما يعرض المريض
لمضاعفات لا يحمد عقباها،
مطالبةً المرضى بالتريث كون
الصحة ستوفر الدواء في القريب
العاجل. الوزارة المتكفلة بتأمين الدواء تنتظر
وصوله قريباً بحسب الدكتورة
رجوى جبيلي معاونة وزير الصحة
للشؤون الدوائية، فالصحة اتصلت بالشركات
المنتجة للدواء وتنتظر وصوله
قريباً، وفي الوقت ذاته تتم
دراسة دواء بديل للتأكد من
جودته، وسعره تقريباً أقل من
سعر "سلسيبت" ب40% بحسب
قولها، حيث ستجتمع لجنة لدراسة
الدواء ومدى إمكانية طرحه في
الأسواق. الأمر الذي تجده الدكتورة رانيا ديراني
مديرة مشفى الكلية الجراحي في
غاية الخطورة كون الدواء له
فعالية معينة ولا يمكن استبداله
بنوعية أخرى قد تكون أقل
تأثيراً، تقول ديراني: "لذلك
طالبت اللجنة المختصة بالوزارة
بضرورة توفير السلسيبت تحديداً"،
ويشاركها الرأي الدكتور أحمد
العجّة فهو لا يميل لاستبدال
الدواء بآخر طالما أن الوزارة
قادرة على توفيره. وأعجوبة الدواء المختفي أنه موجود بصيغته
المدفوعة، فيما يترك المرضى
مشردين على أبواب الصيدليات
المركزية، وكأن انتقال الدواء
من الحصة المدفوعة إلى المجانية
بات مستحيلاً في الوقت الذي
تنتظر فيه الوزارة وصول الدفعات
الجديدة منه، فيما يتساءل بعض
المحيطين بهذه القضية عما إذا
كانت عملية النقل أصعب من ترك
الدواء يلاقي مصير انتهاء
الصلاحية في ظل انصراف المرضى
عنه إلى بديله "المهرب".. ============================== رأي آخر..الدين الخارجي:
قليل أم كثير؟ دمشق صحيفة تشرين اقتصاد الأحد 10 كانون الثاني 2010 عبد القادر حصرية أظهرت تقرير أصدره صندوق النقد العربي في
العام 2009 حول الدين العام للدول
العربية، أن إجمالي الدين العام
الخارجي لسورية بلغ في العام 2008
نحو 5,294 مليارات دولار بينما كان
في العام 2007 -5,137 مليارات دولار
أمريكي فيما كان في العام 2003 نحو
4.1 مليارات دولار. كما أظهر التقرير أن خدمة الدين الخارجي
كلفت سورية في العام 2007 نحو 688
مليون دولار أمريكي وفي العام
2008 نحو 675 مليون دولار أمريكي. و بذلك تحتل سورية حسب التقرير المرتبة
التاسعة بين ثلاث عشرة دولة
عربية احتل السودان المرتبة
الأولى فيها بإجمالي الدين
العام الخارجي و الذي بلغ خلال
العام 2008 نحو 33.6 مليار دولار، ثم
جاءت مصر ثانياً بإجمالي دين
خارجي قدره32.1 مليار دولار،
فتونس ثالثا بنحو 20.5 مليار
دولار، و لبنان رابعا ب20.8 مليار
دولار، فيما احتل المغرب
المرتبة الخامسة بإجمالي دين
خارجي يبلغ نحو 17.3 مليار دولار.
يشمل الدين العام الخارجي، الديون طويلة
الأجل من المصادر الرسمية
والخاصة والديون قصيرة الأجل
وتسهيلات صندوق النقد الدولي
والديون الخاصة غير المضمونة.
أرقام وإحصائيات الدين الخارجي ذات مغزى
مهم من الناحية السياسة
والاقتصادية، وهناك بعض دول
العالم عانت من أزمات سياسية
واجتماعية من تداعيات الدين
الخارجي الذي ترافق مع المشاكل
الاقتصادية الهيكلية الداخلية
وكانت على حافة الإفلاس ومن
أهمها الأرجنتين وآخرها
ايسلندا. وهناك دول تعاني من مديونية منها مصر
والسودان ولبنان والمكسيك
وتركيا وغيرها من دول العالم. يهتم المختصون كذلك إلى جانب أرقام الدين
الخارجي بإحصائيات الدين
الداخلي الذي يمتد من الاقتراض
المباشر من المصارف المركزية
إلى التشابكات بين المؤسسات
الاقتصادية العامة. و تعد سورية من أقل الدول من حيث
المديونية الخارجية بالنسبة
لحجم اقتصادها. وقد استطاعت الحكومة السورية شطب جزء هام
من الديون التي تراكمت على
سورية لصالح دول المعسكر
الاشتراكي السابق وهي ديون
أغلبها عسكري أو تراكمت نتيجة
الإنفاق على الاستثمارات في
القطاع العام ومن أفضل صوره
محطة تشرين الحرارية التي
استغرق بناؤها سنوات عديدة وأدى
التأخر في انجازها إلى الأزمة
الكهربائية التي عاشتها البلاد
في بداية التسعينيات من القرن
الماضي. وعادة يقيم الدين العام الخارجي بالقياس
مع الناتج المحلي الإجمالي
وبنسبة خدمة الدين العام
الخارجي إلى حصيلة السلع
والصادرات نظراً لأن هذه الخدمة
تسدد بالقطع الأجنبي. الواقع أن مشكلة التخلف الاقتصادي
والاجتماعي خبرتها معظم دول
العالم منذ بداية عصر النهضة
الصناعية الكبرى. وهذه المعضلة تشمل كافة أوجه الحياة
الاقتصادية والاجتماعية
والتخلص من التخلف والانتقال
إلى النهضة الاقتصادية وتحقيق
النقلة النوعية أمر أو لنقل
معضلة ليس بالسهل حلها. هناك دول استطاعت أن تحقق هذه النقلة ومن
بينها ماليزيا والصين وكوريا
وهذه الدول استطاعت تحقيق هذه
النقلة خلال السنوات الثلاثين
الماضية. وهناك دول مازالت تعاني من مشاكل في تحقيق
النقلة إلى مصاف الدول المتطورة
اقتصادياً بالرغم من الديون
الخارجية والمساعدات
الاقتصادية التي استفادت منها
ومنها عدد من دول منطقتنا
العربية. تتطلب عملية الانتقال
من مرحلة التخلف إلى النمو ثم
وصولاً إلى اقتصاد متطور
استثمارات هائلة في البنى
التحتية من مطارات وطرق وجسور
وبنى إنتاجية في قطاعات الصناعة
والزراعة وفي القطاع الأهم ألا
وهو قطاع التعليم بمراحله
المختلفة. وعادة ما يتم تمويل عملية التحديث بمزيج
من الديون الخارجية
والاستثمارات المباشرة. الدين العام كبير ومكلف إذا استخدم في
إنفاق استهلاكي ولتمويل عجز
ميزان المدفوعات وعجز ميزان
التجارة الخارجية. أما القروض التنموية التي تستخدم في
البنى التحتية ثم تستقطب
استثمارات خارجية في قطاعات
الاقتصاد الحقيقي فهي عادة يمكن
تحقيق استفادة حقيقية منها. من المهم أن يدار الاقتراض الخارجي ضمن
رؤية اقتصادية شاملة متكاملة
ومعرفة المغزى الاقتصادي للدين
الخارجي مرتبطة بتحليل لأرقام
هذا الدين ومنشئه ومقارنتها
بمؤشرات الاقتصاد الوطني. الدين الخارجي كبير إذا انفق أصل الدين
على الاستهلاك والإنفاق، وهو
أداة لتحقيق التنمية إذا كان
ينفق على مشاريع البنى التحتية
وضمن حدود معينة. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |