ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

الثلاثاء 12/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


لماذا يهدد ميتشيل بوقف المساعدات عن الفلسطينيين!؟

عبدالله محمد القاق

الدستور

11-1-2010

في الوقت الذي تنهمك فيه الدبلوماسية العربية والاميركية والاوروبية من أجل استئناف العملية السلمية في اقرب وقت وتحديد مهلة عامين لايجاد حل الدولتين ، فاننا نلمس عدم جدية اسرائيل بالموافقة على هذه التحركات او ايجاد الحلول لوقف الاستيطان ، او بدء عملية السلام خاصة وان اسرائيل قررت منذ يومين بناء حي استيطاني جديد في جبل الطور بمدينة القدس بعد ان قضمت الاراضي في العديد من المناطق الفلسطينية ، وهذه الاعمال من شأنها ان تثبت وبشكل واضح عدم جدية الحكومة الاسرائيلية التي تتحدث عن تغيير في الاجواء بالسلام فضلا عن ان هذه الممارسات سوف لن تساهم ايضا في خلق المناخ لاستئناف هذه المباحثات بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي والذي سيقوم بها خلال ايام جورج ميتشيل المبعوث الاميركي للمنطقة بعد زيارة كل من السيد ناصر جودة وزير الخارجية الاردني واحمد ابو الغيظ وزير الخارجية المصري وعمر سليمان مدير المخابرات العامة المصري الى واشنطن ولقاءاتهم مع السيدة هيلاري كلنتون وزيرة الخارجية وكبار المسؤولين في الحكومة الاميركية حيث طالبوا الادارة الاميركية بالضغط على اسرائيل لتغيير مواقفها من عمليات الاستيطان في الاراضي المقدسة ، لأن هذه الاعمال من شأنها ضرب الجهود الدولية «للسلام» بل ان اللجنة الرباعية مدعوة لتحمل مسؤولياتها ايضا تجاه هذه المساعي ، بعد ان اعلنت اسرائيل ان مسألة الحدود الفلسطينية - الاسرائيلية لن تكون لها الاولوية في هذه المباحثات.

 

ولعل المشكلة الجديدة التي يواجهها المواطنون الذين يسكنون في منطقة سلوان هي الحفريات الكبيرة التي يقوم بها المستوطنون بين باب العامود «مغارة سليمان القانوني» حتى عين سلوان جنوب المدينة المقدسية ، حيث تتعرض هذه المناطق الى حفريات عديدة من شأنها هدم المنازل وترحيل الاهل المقدسيين من بلدة سلوان وهو ما يرفضه هؤلاء الاهالي رفضا قاطعا ، وهذا يتطلب من العالمين العربي والاسلامي التحرك السريع والفوري لانقاذ القدس وخاصة منطقة سلوان كونها الحامية الجنوبية للمسجد الاقصى من كل المخططات والممارسات الاسرائيلية من تهويد وحفر انفاق واستيطان.

 

ومن المفارقات ان يهدد جورج ميتشيل السلطة الفلسطينية بوقف المساعدات عنها بالاضافة الى اسرائيل ، اذا لم تستجيبا لاستئناف المفاوضات ، خاصة وان السلطة أبدت استعدادها في اكثر من مناسبة لاجراء المفاوضات شريطة وقف اسرائيل للعملية الاستيطانية ، في حين ان اسرائيل لم توافق حتى على خريطة الطريق ، وعلى وقف الاستيطان وتنفيذ القرارات الدولية ، وعدم تحديد المرجعية لانهاء المفاوضات بين الجانبين من اجل حل الدولتين ، فكيف يمكن للادارة الاميركية ان تقارن اسرائيل بالسلطة في الاستجابة من عدمها،؟ فهذا الموقف من شأنه ان يتوخى فرص السلام في المنطقة لأن المطلوب من الادارة التي تواجه مشكلات متعددة في العراق وافغانستان والصومال واليمن ، وغيرها من بقاع العالم لسياستها المنحازة مع اسرائيل ، ان توقف المساعدات عن الجانب الاسرائيلي الرافض للقرارات الدولية بدلا من ان تهدد الفلسطينيين الذين فاوضوا على مدار ثمانية عشر عاما ، ولم توافق اسرائيل على اي من القرارات او التوصيات التي تم الاتفاق عليها بل زادت تعقيداتها بانشاء المزيد من المستوطنات في مناطق عدة من القدس الشرقية ، واسهمت في الاقدام على القتل العمد وبدم بارد للفلسطينيين كما حدث لثلاثة من الاسرى الفلسطينيين المحررين ، فضلا عن كونها تواصل تسمين هذه المستوطنات ومنها معاليه هزيتيم ومعاليم ادوميم. واقامة مدينة داود انطلاقا من تصريحات اسحق شامير الذي قال لدى افتتاح مستوطنة بيت «اوروت» قبل عشرين عاما بأنه يجب توسيع هذا المبنى من مدرسة دينية معزولة الى حي سكن يهودي كامل ، حيث حصلت هذه المدرسة في عهد بلدية اولمرت على مساعدات من البلدية وخاصة من نائب رئيس البلدية شموئيل مائير على مساعدات مجزية ، بالاضافة الى اعلان البلدية على انه من حق كل اسرائيلي او مستوطن السكن في اي جزء من القدس وخاصة في الاحياء العربية عن طريق تقديم المساعدات لهؤلاء المستوطنين مع الحراسة والدعم بغية تعزيز السيادة الاسرائيلية على القدس بشتى الوسائل.

 

لقد فضحت الصحف الاسرائيلية وخاصة معاريف سياسة نتنياهو عندما قالت في الثامن من الشهر الجاري «ان نتنياهو حازم في مواقفه تجاه القدس وحق العودة فهو يرفضهما ويشعر بالقشعريرة من الموقف الاميركي ، وبالنهاية يعرف ان اميركا لا تضغط على اسرائيل بل هي تنسق معها وهي تريد الاستقرار في المنطقة وليس على صالح الاستهانة بالمواقف الاسرائيلية خاصة وان باراك اوباما اعلن لدى تسلمه الرئاسة الاميركية انه ملتزم بالدفاع عن اسرائيل وبحقها في الدفاع عن نفسها».

 

فاذا كانت الصحف الاسرائيلية تشير الى المواقف الاميركية والتي لم تخفها هيلاري كلنتون لدى مقابلتها للوفدين الاردني والمصري ، فان الوقت قد حان للدول العربية والاسلامية في اتخاذ مواقف حازمة وجادة ضد الادارة الاميركية التي لم تستطع الضغط على اسرائيل بل تلوح بقطع المساعدات عن السلطة لعدم الرضوخ الى مطالبها باستئناف المفاوضات مع الجانب الاسرائيلي دون شروط.

 

فالموقف العربي الذي كان يعوًّل على اوباما من اجل الحل والذي قوبل نجاحه بمنصب الرئاسة الاميركية بالترحيب والتهليل ، أصبح واضحا وجليا في ان الموقف الاميركي لا يمكن له الضغط على الجانب الاسرائيلي بل يحاول استرضاءه بشتى الوسائل من اجل اقناعه بقبول المفاوضات وتجميد الاستيطان ولو لتسعة شهور حتى تنجلي الاشكالات التي تواجه الموقفين الفلسطيني والاسرائيلي،،

 

ولعل تصريحات كلنتون حول استئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية الاخيرة دون شروط او قواعد تثير الحيرة والاستغراب ، لان الولايات المتحدة نفسها سبق ان اعلنت ان المستوطنات عقبة كأداء امام المفاوضين ، فلماذا غيرت رأيها بعد ان اعلنت اسرائيل رفض وقف الاستيطان والتوصل الى حلول بشأن القدس واللاجئين على اساس قرارات الشرعية الدولية،؟ وهنا يتساءل الكثيرون أين هي المرجعية التي ستستأنف المفاوضات على اساسها،؟ واين هي الادارة الدولية التي تستطيع فرض احترام اسرائيل للقرارات الدولية وللمرجعية الخاصة بعملية السلام ، لا سيما وان الدول العربية ملتزمة بمبادرة السلام العربية وهي المبادرة التي ترفضها اسرائيلي كما رفضت خريطة الطريق ، لأنها لا تريد احلال السلام في المنطقة وتسعى لاجهاض اي تحرك عربي او دولي هدفه تحقيق الامن والاستقرار في المنطقة ، فضلا عن رغبتها في عدم اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة،،

 

الآن وبعد عودة المبعوثين العربيين الاردني والمصري ، واللذين سمعا من الجانب الاميركي كلاما غير مشجع لاستئناف المفاوضات وهو ما أعلنه وزير خارجية مصر بعد لقائه كلنتون ، حان الوقت لعقد اجتماع عربي بل واسلامي على مستوى وزراء الخارجية لتقويم المواقف واتخاذ الاجراءات الكفيلة بتعهدات اميركية واوروبية جديدة تلزم اسرائيل على الانصياع للقرارات الدولية بدلا من التهديد الاميركي للسلطة الفلسطينية بقطع المساعدات عنها ، لأنها لم تعد الى طاولة المفاوضات دون شروط استجابة للمواقف الاسرائيلية اليمينية والشوفينينية المتشددة،،

=========================

من يمتلك قرار المصالحة الفلسطينية؟

د. حسن البراري

الرأي الاردنية

11-1-2010

تفيد التقارير المختلفة أن السعودية تبذل جهدا كبيرا لمساعدة الفلسطينيين في التوصل إلى مصالحة وطنية، وهي تسعى لترتيب لقاء بين عباس ومشعل في دمشق. وبالتوازي، التقى مشعل مع الرئيس السوري وأكد الأخير على ضرورة الإسراع في تحقيق مصالحة فلسطينية لأن من شأن ذلك أن يساعد الفلسطينيين في مواجهة التحديات الراهنة والقادمة.

 

ربما يكون هذا الخبر عاديا، لكنه في واقع الحال ليس كذلك، فالتدخل الخارجي الايجابي أصبح متطلباً سابقاً لخلق زخم المصالحة الفلسطينية. فمن غير الممكن عمليا أن يمتلك طرفا الصراع الفلسطيني قرار المصالحة لأن القرار أصبح معقدا وتلعب فيه دول الجوار وغير الجوار دورا يكاد أن يكون طاغيا.

 

في الأشهر القليلة الماضية، شهدت لبنان حراكا (له أبعاد خارجية) شل قدرة سعد الحريري على تشكيل حكومة لبنانية، وما كان له أن ينجح في مسعاه لولا تفاهم سوري سعودي بهذا الشأن. وقياسا على ذلك، نقول أن التقارب السوري السعودي والتقارب في الموقف بشأن المصالحة الفلسطينية لهو أمر يبعث على الراحة ويخلق أملاً بقرب إنهاء أزمة فلسطينية داخلية طاحنة دفع ثمنها وما زال الشعب الفلسطيني.

 

لقاء مشعل مع الرئيس الأسد سبقته زيارة للأول للرياض، وهو أمر يؤكد على أن الرياض تلعب الدور المطلوب منها لإقناع طرفي الصراع الفلسطيني بضرورة الالتقاء من أجل التفاهم على شكل المصالحة القادمة. وربما لا يكفي أن يكون هناك تفاهم سوري سعودي على المسار الفلسطيني لأن طهران لها أيضا موقف يمكن له أن يعقد من مساعي الرياض.

 

المهم في الأمر هو أن نجاحا فلسطينيا متوقعا بصرف النظر عن العاصمة التي تمتلك قرار المصالحة ليصب في مصلحة فلسطين بشكل خاص لا سيما والمنطقة مقبلة على بدء مفاوضات من المؤكد أن إسرائيل تراهن على الانقسام الفلسطيني لتقويضها.

 

الحراك العربي يخلق مساحة تسمح للفلسطينيين بالمصالحة والفشل في ذلك سيكون له تداعيات كثيرة لعل أهمها تقويض الجهد العربي الموّحد إلى حد كبير- في التعامل مع ملف عملية السلام.

 

فالجهد السعودي السوري يسانده جهد مصري أردني في اللعب على الساحة الأميركية بقصد دفع إدارة أوباما للتحرك ودفع تل أبيب للعودة إلى رشدها! الجهد العربي غير مسبوق في السنوات الخمس الماضية ويبشر بفتح صفحة جديدة، لكن كل ذلك يعتمد على إعادة قرار المصالحة الفلسطينية للفلسطينيين بعيدا عن عواصم التأثير.

========================

مستقبل العالم... اندماج أم تفكك؟

الرأي الاردنية

11-1-2010

بول كنيدي

ثمة دلائل كثيرة على أن العالم الذي نعيش فيه يزداد ترابطا واندماجا.

فهناك على سبيل المثال مشروع لبناء مدارس في منطقة شرق الكونغو، التي مزقتها الحروب، يعمل فيه ابني الأكبر «جيم

كنيدي»، وتموله وكالة إغاثة نرويجية، ويقودها رجل إنجليزي تلقى تعليمه في بلجيكا، والصين، وهولندا، والمملكة

المتحدة، ويقدم تقاريره عبر الإنترنت إلى الوكالة الأم التي تبعد آلاف الكيلومترات عن موقع عمله، ويحصل مشروعه

على الحماية التي يحتاجها من جنود باكستانيين تابعين لقوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، وكل ذلك في»جوما»

التي كانت مسرح أحداث رواية جوزيف كونراد الرائعة «قلب الظلام».

 كل ذلك يشي بأن العالم قد تطور للأفضل خلال مئة عام الماضية، لكن منذ عدة أشهر أصبح من الصعب الاستمرار في

برنامج بناء المدارس في تلك المنطقة، بعدما تدفق نحو 100 ألف لاجئ رواندي عبر الحدود هربا من وحدات

الجيش، ما يعني أن الصراع بين الهوتو والتوتسي ما يزال مستمراً. وبعد ذلك بأسبوع وجد فريق البرنامج أنفسهم وسط

تبادل كثيف للنيران بين المتمردين الكونجوليين ووحدات الجيش الكونجولي، مما أجبرهم على الانبطاح أرضا لمدة

6 ساعات قبل أن ينسحبوا من المكان.

 والواقع أن فريق الإغاثة كان محظوظا، ففي نفس الوقت تقريبا هاجم رجال «طالبان» مجموعة من مراقبي الانتخابات

الدوليين مما أدى إلى قتل خمسة منهم. وقبل ذلك بأسابيع، لقي أربعة من موظفي برنامج الغذاء العالمي حتفهم في

هجوم شنه أحد الانتحاريين في إسلام أباد. مما يدل على أن أبطال المجتمع المدني العالمي، يتعرضون للخطر في

أماكن مختلفة على أيدي قوى الفوضى والكراهية. وإن المرء ليتذكر العبارة الصادمة التي كان قد خطها الكاتب

البريطاني «جون بوتشان» في إحدى رواياته، وهي: «تحت القشرة الهشة للحضارة، نسمع أصواتا بدائية وهي تهمهم»،

وأضيف إلى ما قاله: وتعيث فسادا في الأرض.

 إن الأحداث التي تقع في مختلف أنحاء العالم، تسبب قلقاً للمراقبين. فمن ناحية هناك إشارات تدل على رخاء متزايد

في كثير من الدول؛ من كندا إلى الصين، ومن استراليا إلى البرازيل. ومن ناحية أخرى، هناك مؤشرات عديدة على

وجود نزاعات واضطرابات وكوارث وأزمات في الكثير من الدول. كما أن ثمة دولا فاشلة، وثمة نزاعات حدودية،

وانتهاكات لحقوق الإنسان، وشوفينيات متطرفة.

 كيف إذن نفسر هذا المزيج الغريب من حالات الاندماج والتفكك؟ هذه ليست المرة الأولى التي تُظهر فيه تلك

المفارقة نفسها، وبهذا القدر من الوضوح.

 في الفترة التي تلت الكساد العظيم، وصعود القوى الفاشية في ثلاثينيات القرن الماضي، كتب أحد الاقتصاديين ممن

هالهم ما حدث يقول: «على المستوى الاقتصادي نجد أن العالم قد أصبح منظما في وحدة واحدة للنشاط تشمل

الجميع. أما على المستوى السياسي، فنجد أن العالم لم يظل منقسما كما كان إلى 60 أو 70 دولة وطنية مستقلة، بل

ما حدث هو أن تلك الوحدات الوطنية (الدول) ظلت على مدار السنين تصغر في الحجم، وتزداد في العدد، ويزداد

وعيها الوطني حدة. والتناقض القائم بين هاتين النزعتين الضديتين، لابد أن ينتج عنه كل هذا الكم من الاهتزازات

والصدامات والانهيارات في الحياة الاجتماعية للبشرية». يقصد أن يقول إن العالم الاقتصادي كان يسير في طريقه

للاندماج، في حين أن العالم السياسي كان يسير في طريق الانقسام والتشظي، بسبب الخلافات الحدودية والخصومات

الدينية، ومناورات القوى الكبرى، والحركات الانفصالية، وتنامي مشاعر العداء للغرب، وكذلك الحملات الاستعمارية

القمعية على الشعوب.

 لكن ماذا عن عالم اليوم؟ لو جاءت بعثة من المريخ لاستكشاف أحوال كوكبنا، وأردنا مصاحبتها في جولتها قبل أن

ندخل في العام الجديد 2010 ، فسنضطر أن نشرح لتلك البعثة التي تبدو مندهشة لما يسود العالم من مفارقات، أن

الإشارات الموجودة تدل على أن مستقبل الأرض يشير إلى اتجاهات مختلفة.

 فمن الناحية التكنولوجية مثلا، سنجد أن قافلة التقدم لا تزال تسير في طريقها. صحيح أنها تسير في بعض البلدان ببطء،

وتسير في بلدان أخرى بسرعة فائقة، لكن لا يكاد يمر يوم تقريبا دون أن نسمع عن اختراقات علمية في كافة المجالات،

ونسمع عن حلول لمشكلات، وعلاجات لأمراض لم يكن أحد يتخيل أنه سيأتي يوم يمكن فيه علاجها.

 هذا على جبهة العلوم والتقنية، لكن إذا تابعنا ما يحدث على جبهة المال، والتجارة، والضرائب، والإنفاق... فسنجد

المشهد أكثر اضطرابا. فهناك العديد من الهزات، والرجات، والانهيارات، التي رأينا -ولا نزال- نماذج لها منذ 18 شهرا

على وجه التقريب، لدرجة يمكننا تصوير الاقتصاد العالمي على هيئة سفينة اسمها «إس. إس جلوبال إيكونومي» تبحر

وسط أمواج متلاطمة، وتهب عليها من كل صوب رياح عاتية، ولكنها لا تزال طافية على سطح الماء دون أن تغرق.

 ورغم أن هناك رجالا جددا يمسكون بالدفة، ورغم أن السحب الداكنة قد بدأت تنقشع في السموات الشرقية، فإن

رجال الإرصاد المحنكين، والبحارة المخضرمين، يعرفون جيداً أن العاصفة التي تهب على السفينة قد أصبحت أهدأ

نسبيا دون أن يعني ذلك أنها أصبحت بمنجى من الاضطرابات الجوية المتلاحقة.

 ورغم ذلك فالدول الرئيسية المهيمنة على المؤسسات العالمية القائمة على اتفاقية «بريتون وودز»، لا تأخذ هذه

الاستغاثات التي ترسلها سفينة الاقتصاد العالمي بشكل جدي. صحيح أن تلك الدول ستجتمع في مجموعة العشرين،

وتعلن عن بعض السياسات والإجراءات المهدئة، لكن لا أحد في أميركا مثلا يتوقع أن الحكومة أو الكونجرس سيخفف

العبء الضريبي على المواطنين أو يجري تخفيضات في ميزانيات برامجه المفضلة.

 ورغم تعهدات الصين فالمراقبون يعرفون أنها ستحول فائض ميزانها التجاري مع الولايات المتحدة من دولارات إلى

«يوان» مما سيضعف الدولار ويقربنا من أزمة نقدية عالمية جديدة.

 لن نستطيع أن نشرح لبعثة المريخ الاستكشافية سبب انقسام عالمنا إلى 192 دولة، بين كبيرة وصغيرة، غنية وفقيرة،

هادئة ومضطربة!

ربما كان الاحتمال الآخر سيصبح ممكناً لو أن تلك الدول قادرة على العيش في سلام وانسجام مع بعضها البعض، لكن

ليس هذا هو الواقع للأسف. فالحرب التي تتكشف تفاصيلها الآن في شرق الكونغو ورواندا مثلا ليست إلا صراعا واحدا

من أصل عشرين صراعا أرسلت إليها الأمم المتحدة قوات دولية.

 لقد تحقق الكثير من التقدم في العالم خلال العقود الأخيرة، وهناك مؤشرات على مزيد من التقدم أيضاً في المستقبل،

لكن عالمنا يحفل بعواصف وتيارات تجعلنا نهرع مرارا وتكرارا إلى حكوماتنا الوطنية، وإلى المنظمات الدولية لاستنقاذنا

من المشكلات والأهوال، بصرف النظر عما يعتري تلك الدول من عيوب، وما يوجه إليها من انتقادات، وذلك إبقاءً

لسفينة الاقتصاد العالمي طافية وقادرة على مواصلة الإبحار. بيد أن ذلك لا يجب أن يدعو للاعتقاد بأن رحلة هذه

السفينة ستكون سهلة.

هيرالد تريبيون

========================

على ماذا نراهن؟!

الافتتاحية

الأثنين 11-1-2010م

بقلم رئيس التحرير :أسعد عبود

الثورة

ظنّ العالم أننا تغيرنا، فغيّر من أساليبه معنا، ثم اكتشف أننا واقفون حيث بدأ العصر الحديث، وضعنا البندقية وشخصنا إليه مندهشين، فاستعاد أدواته القديمة لاستعمارنا من جديد.

هم ببساطة يريدون أن يستخرجوا منّا قيمنا، وكل ما له علاقة بنا.. ثم يعيدوننا قبائل بلا أصول.. فمن أين نمضي؟!‏

إن ما يجري في فلسطين هو الصورة الأجرأ لواقعنا العربي.. الاحتلال والعدوان الإسرائيلي المستمر على الفلسطينيين يكشف عنهم ستراً ما زال يغطي باقي «الدول» العربية.‏

نكذب على أنفسنا مرتين:‏

مرة إن قلنا إننا في وضع عصيّ على ما يجري في فلسطين.‏

ومرة إن قلنا إن ذلك يعني الفلسطينيين ولا يعنينا.‏

فلسطين صورتنا ومستقبلنا فإن نجت نجونا وإن هلكت هلكنا.‏

من منّا يؤثر بالآخر؟!‏

ليس بيننا آخر.. إنما واقع معلن.. وواقع مبطن.‏

كل محاولات ليّ الحقائق.. والواقعية.. والموضوعية.. والتحلي بالمسامحة ونسيان الماضي.. أوصلتنا إلى ما لا ينسى.‏

إنها فلسطين.‏

لقد هزمنا بمعارك عسكرية متتالية عندما كنا نعلن أنها قضيتنا.. لكن الهزيمة المحبطة النكراء كانت يوم مددنا أيدينا وكل يد تطلب منفردة.. وتشجع الفلسطينيون بل تجرؤوا في مدّ اليد الفلسطينية لتتتالى فصول التيه والانقسام والخصومة حتى العداء.‏

في الزمن نفسه.. في الوقت نفسه.. أصبحت الوحدة العربية «نكتة من الماضي» والتضامن العربي «منيح لكن صعب» ودعم فلسطين «خنادق وحواجز ولقمة خبز».‏

من الطبيعي.. بل من الضروري أن يعوّل الفلسطينيون على اللقاء أو التضامن.. أو التفاهم.. العربي.. ولهم كل الحق أن يحلموا معنا بالوحدة العربية.‏

ولنا نحن العرب كل الحق أن نعوّل على الفلسطينيين بأن ينهوا الانقسام ويحققوا المصالحة.. لا يتناقض ذلك أبداً مع موقفنا من سلوك هذا أو ذاك، من عمل هذا الفصيل أو ذاك.‏

سورية كانت دائماً مع المصالحة الوطنية الفلسطينية.. ليس ذلك تسويقاً سياسياً لأي غاية.. بل لأنها فعلاً كذلك.. ومصلحتها كذلك.. والله والتاريخ شاهدان دائماً على الموقف السوري في الماضي وفي الحاضر وسيكونان كذلك في المستقبل..‏

نحن لا نبصر العالم إلا من خلال عروبتنا ووطننا الكبير وقضيته المركزية فلسطين.. هذه حقيقة كياننا وجوهرنا التي لا تغيب للحظة.. ولا في أي محفل بما في ذلك المحافل السياسية.‏

نحن مع فلسطين.. لذلك نحن مع المقاومة..‏

نحن مع فلسطين.. هل من فصيل فلسطيني نفى عن نفسه صفة المقاومة؟!.‏

إذاً.. ماذا يكون؟!‏

الأرض محتلة..‏

السلام بعيد..‏

الظلم واقع والعدوان مستمر..‏

ماذا لدينا غير المقاومة..؟! ماذا لدى الفلسطينيين غير المقاومة؟!‏

هي الراية التي تحرج أي عربي رفض الانضواء تحت لوائها.. نظرياً أو عملياً..‏

فلتكن هي الراية التي نتحد وراءها.‏

فإن كان لا وقت للوجه العربي المشدوه، الممطوط، المحدق بالغرب، من أجل الوحدة.. ولا حتى التضامن.. فعلى ماذا يراهن الفلسطينيون غير وحدتهم؟!‏

a-abboud@scs-net.org

========================

إزالة الجريمة أم استكمالها وتغطيتها؟

السفير

11-1-2010

الياس سحاب

مع دخول العام الجديد عتبة العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، بدأت تلوح في الافق البعيد مؤشرات عديدة تبشر بأنه مع وصول جريمة انتهاك الحركة الصهيونية لأرض فلسطين وشعبها منذ ستة عقود ونيف، الى ذروة غير مسبوقة في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، بما قد يوحي بوصولها الى مرحلة «الجريمة الكاملة المكتملة»، فإن ارهاصات خافتة الصوت بدأت تلوح في طول الكرة الارضية وعرضها، تشير الى ان مرحلة ضيق المجتمع الانساني ذرعاً بهذه الجريمة وتوابعها وملحقاتها المستمرة، قد بدأت، يحدوها في نهاية العام المنصرم، وبداية العام الجديد، صوت المسيحيين الفلسطينيين الصارخ عبر وثيقة إنسانية أخلاقية ذات مستوى رفيع.

غير ان من مفارقات هذا الزمن العجيب، ان هذه المؤشرات ذات الطبيعة الانسانية العامة، التي لا تجد تعبيراً عنها الا في اضيق حدود المجتمعات المدنية، في أكثر من بقعة من بقاع الدنيا، تقابلها على مستوى الحكومات والدول وانظمة الحكم، حتى العربية منها، مؤشرات معاكسة، تشير الى اتجاه في غاية الشراسة، يسير نحو إقفال ملف الجريمة الاصلية، بالسماح لدولة اسرائيل باستكمالها على ارض فلسطين، حتى النهاية، وافراغ الملف نهائيا من اي حق من حقوق الفلسطينيين السياسية، والمعبر عنها بشكل عام في كل المواثيق الاساسية للأمم المتحدة، ثم تتوج كل ذلك بإعلان الهزيمة العربية النهائية في الصراع، باعتراف إجباري بيهودية الدولة الصهيونية، في قلب العالم العربي.

هذه المؤشرات الرسمية، على صعيد الدول والحكومات، حتى العربية (بما فيها السلطة الفلسطينية نفسها)، تشير الى تطور بالغ الخطورة في السياسة الدولية. فبدل ان يكون عدوان العام 1967، محطة يتجه منها المجتمع الدولي الى محو آثار الجريمة الاصلية التي ارتكبت في العام 1948، عبر إعادة الكتل البشرية الفلسطينية التي شردت قسراً، الى ديارها وبيوتها، والمساعدة على استخراج نظام سياسي ديموقراطي في فلسطين، بدلا من ذلك كله، ترك المجتمع السياسي الدولي، ومعه الانظمة العربية (خاصة منذ توقيع مصر اتفاقية كامب دافيد)، تركت الجريمة الجديدة التي ارتكبت بعدوان 1967، تتحوّل إلى أمر واقع جديد، يكمل جريمة العام 1948.

فبعد أن نجحت إسرائيل في فرض سياسة استكمال تهويد القدس والضفة الغربية بمواصلة عملية الاستعمار الاستيطاني، وبعد أن فرضت على المجتمع الدولي الرسمي بأسره، بما فيه الولايات المتحدة، وبما فيه الدول العربية والسلطة الفلسطينية، الرضوخ لتحويل الاستعمار الاستيطاني الى ظاهرة مقبولة، يمكن السكوت عنها، والانتقال منها، كأنها غير موجودة، الى الحلقة المفرغة للمفاوضات العبثية، المستمرة منذ عشرين عاماً، دون نتيجة سوى الرضوخ لشراهة إسرائيل في استكمال تهويد ما تبقى من ارض فلسطين التاريخية، ومن ذاكرة الشعب الفلسطيني، خاصة ذلك الجزء الواقع تحت نير احتلال 1948 واحتلال 1967.

ليس هذا كلاما متشائما، او متخيلا، إنه قراءة يومية في الاخبار العربية والدولية، التي تتحدث عن اتجاه لحل ذي افق زمني لا يتجاوز السنتين او الثلاث سنوات، مبني عمليا على حرية اسرائيل المطلقة في استكمال عملية الاستعمار الاستيطاني، مع كلام هوائي ليس له اساس صلب، عن احتمال تعويض الفلسطينيين، عما يروق في عين الاحتلال الاسرائيلي من القدس ومن اجود اراضي الضفة الغربية، واغناها بمواردها الطبيعية، وبخصوبتها الزراعية، بقطع من الارض القاحلة غالباً، والتي لا ترتبط بالضرورة بالوحدة الجغرافية للضفة الغربية.

هذا الفتات، اذا صدقت الوعود الكاذبة منذ ستة عقود بشأنه، قد يمنح في مقابل تنازل الفلسطينيين عن سائر حقوقهم المسلوبة في جريمتي 1948 و1967، وعلى رأسها حق أي إنسان بالعودة الى العيش في مسقط رأسه، مهما كانت التحولات السياسية التي طرأت عليه.

هذه هي اذاً الصورة العامة: تلوح في الافق مؤشرات ايجابية، لكن شحيحة وخافتة الصوت، ومنزوعة القوة حتى الآن، تبشر ببداية مرحلة طويلة، باتجاه التعبير عن ان البشرية كلها، قد ضاقت ذرعا بالجريمة الاصلية للعام 1948، وبضرورة ان لا يأتي الحل، الا عبر ازالة هذه الجريمة، وكل توابعها، وبنزع العقيدة الصهيونية من المجتمع الاسرائيلي، كما نزعت العقيدة النازية من المجتمع الالماني.

هذا الاتجاه بدأ يحفر عميقاً وبطيئاً، في أكثر من بقعة في الكرة الارضية، بما يبشر على الأقل، وفي المدى المنظور، باستحالة ان يفرض اصحاب التوجه القائم على تكريس الجريمة واستكمالها وتطبيقها، حلولهم على الشعوب العربية (بما فيها شعب فلسطين)، ولا حتى على المجتمعات البشرية الاخرى.

========================

رد "لبنان" مؤذ لإسرائيل... لا لإيران

سركيس نعوم

النهار

11-1-2010

- 22 -

رداً على سؤال ماذا كان على اوباما ان يفعل في مواجهة التطورات في افغانستان وباكستان وفي ما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط قلت للباحث في أعرق مركز أبحاث اميركي أو في أحد أعرق مراكز الابحاث الأميركية: "كان عليه ان لا يعد بشيء اذا كان لا يستطيع تحقيقه أو تنفيذه. في الخطاب الذي القاه في القاهرة قبل اشهر أعطى الجميع في المنطقة وخصوصاً العرب والفلسطينيين آمالاً عريضة. وقد عبَّر عن ذلك اثناء القائه الخطاب عدد من "النخب" التي كانت حاضرة في القاعة والتي باردت الى "تعييشه" بالهتاف يحيا اوباما. وكان عليه ايضاً ان ينفذ الوعد الذي قطعه على نفسه. واذا بدا له ذلك مستحيلاً، وهو كذلك لأسباب داخلية، كان عليه اختراع شيء جديد يوقف التدهور او اعلان موقف دراماتيكي يحمل الجميع عرباً وفلسطينيين واسرائيليين المسؤولية ويهدد في نهايته بالتوقف عن السعي او بتجميد السعي للسلام في الشرق الاوسط مع استمراره في العمل لإبعاد المنطقة عن شبح الحرب الواسعة إذا لم يتدارك قادة هذه المنطقة ذلك ويتصرفوا انطلاقاً من مسؤولياتهم وواجباتهم حيال شعوبهم وليس انطلاقاً من اهوائهم والمصالح. ماذا عن العراق؟ سألت. أجاب: "العراقيون يعودون تدريجاً الى الوطنية القومية (Nationalist). ولن يقبلوا سيطرة ايرانية على مقدراتهم وقراراتهم وثرواتهم وبلادهم". علّقت: صحيح عادت الى الوطنية العراقية. لكن صار هناك وطنية سنية ووطنية شيعية فضلاً عن الوطنية الكردية التي كانت دائماً موجودة ولا تزال. لم يصبحوا عراقيين أولاً بعد. ربما لا يحبون ان تسيطر عليهم ايران – بما في ذلك الشيعة – لكن ذلك لا يعني ان ايران لن يكون لها نفوذ قوي داخل العراق المحكوم من الشيعة كونهم غالبية. ايران لا تريد عراق قوياً يشكل خطراً عليها كما ايام صدام حسين. ربما تقبل عراق مزدهراً وآمناً لها نفوذ فيه. لكنها لن تقبل عراق قوياً. علّق الباحث نفسه: "اعتقد ان العراقيين ومع الوقت سيجعلون عراقهم قوياً".

ماذا في جعبة قيادي بارز جداً في أحد ابرز واكبر تجمع للمنظمات اليهودية الاميركية عن المنطقة ومعظم مشكلاتها؟ تناول الحديث في البداية لبنان وسوريا وايران. وصفت الاوضاع فيها بحسب معرفتي المتواضعة وقلت في ما يخص لبنان ان سوريا عادت الى لبنان بقوة سياسياً وليس عسكرياً رغم انها لم تغادره اساساً رغم انسحاب قواتها العسكرية منه قبل سنوات نظراً الى تمسك حلفائها الأقوياء من اللبنانيين بها. وتحدثت عن السياسة الاميركية حيال لبنان في مراحلها المختلفة. سأل: "هل تغيرت هذه السياسة"؟ أجبت: أثناء السنوات القليلة الماضية اي بين 2004 و2009 حَلَبَتْ اميركا صافياً مع لبنان. لكن انقسامات اللبنانيين الازلية وظروف المنطقة وتطوراتها وظروف اميركا بدلت هذه السياسة او بالأحرى بدأت تعدل فيها وربما تبدلها مستقبلاً. لا تزال اميركا مع سيادة لبنان واستقلاله ومع عدم عودة سوريا عسكرياً اليه. لكن النفوذ السوري فيه لماذا الاعتراض عليه اذا كان اللبنانيون عاجزين عن منعه واذا توصلت سوريا واميركا الى نوع من التسوية او التفاهم او التعايش على الأقل في الحد الادنى؟ ولماذا الاعتراض على العودة السياسية السورية الى لبنان بطريقة الأمر الواقع (Defacto)؟ ذلك ان استمرار العودة او تكريسها يحتاج الى موافقة اميركية. العربية السعودية مع سوريا الآن. بعد ذلك انتقل البحث والمناقشة الى المحكمة الخاصة بلبنان" (المعروفة بالمحكمة الدولية) فسألني: "هل ماتت هذه المحكمة؟" اجبت: من المحتمل ان تموت في اعتقادي، علّق: "هذا ما اعتقده أيضاً". تحدثت عن القرار الظني الذي لم يصدر بعد عن النائب العام في المحكمة رغم الوعود المتكررة وغير المنفذة وغير الرسمية طبعاً بصدوره. وتساءلت اذا كان عمل المحكمة يشهد بطءاً متعمداً.

سأل: "هل تقوم اميركا بذلك في رأيك؟" أجبت: لا أدري ولا أعتقد ذلك. لكن هناك من يقوم بهذا النوع من العمل فضلاً عن أن التحقيقات استناداً الى معلوماتي قد لا تكون جاهزة لإصدار قرار ظني وفضلاً عن ان ولاية المحكمة تنتهي السنة الجارية لأن مدتها ثلاث سنوات وستكون في حاجة الى مجلس الأمن لتجديد ولايتها. ومن يضمن في هذه الحال موافقة روسيا والصين على التجديد أو من يضمن ان لا يكون ثمن موافقتهما "تسييساً" ما للقضية يفرغها من مضمونها؟ هل لا يزال توجيه اسرائيل ضربة عسكرية الى ايران محتملاً؟ سألت. أجاب: "نعم". علّقت: لكن رد الفعل الايراني المباشر على ذلك سيكون مؤذياً. ردّ: "يجب ان تفعل ما عليك ان تفعله وان كان الرد مُكْلِفاً. علماً انني اعتقد ان الرد المؤذي لاسرائيل هو الذي يأتي من لبنان وليس من ايران لأن صواريخها غير دقيقة. لكن ذلك سيدفع اسرائيل الى ضرب لبنان عسكرياً وبطريقة مختلفة عن التي ضربته بها عام 2006". كيف؟ سألت. أجاب: "من قيادات "حزب الله" كلها او غالبيتها وان يستهدفوها وان يغتالوها". هل كانوا قادرين على ذلك؟ سألت. أجاب: "نعم. وانا شاهد على ذلك". لماذا ضرب لبنان؟ سألت. أجاب: "لأن "حزب الله" صار جزءاً اساسياً من لبنان وجزءاً من الجيش. بل هو مسيطر على الجيش وعلى البلاد كلها". علّقت: اذا ضربت اسرائيل لبنان تدمره لكنها لن تدمر "حزب الله" بل ستؤدي الى تسلمه لبنان وسيطرته عليه. الوضع الآن يختلف عن وضع ال2006. في ال2006 كان الحزب قوياً لكنه لم يكن يعرف تماماً اذا كان قادراً على الثبات في وجه هجوم اسرائيلي عسكري واسع. لكنه بعد نجاحه في ذلك عام 2006 تمسك بسلاحه ومواقفه. الحرب الجوية لن تُربح اسرائيل شيئاً. ربما الحرب البرية قد تفيدها، وأقول ربما، اذا كانت جاهزة للتضحية بالآلاف من جنودها.

سأل: هل يصل سلاح من سوريا الى الحزب في لبنان؟".

========================

دفاع مدهش عن الرأسمالية

بقلم :د. جلال أمين

البيان

11-1-2010

مجلة الايكونوميست (كٍَُُيَُّّ) البريطانية، مجلة اقتصادية أسبوعية تعتبر أشهر المجلات الاقتصادية في العالم، وربما كانت أيضاً أقواها تأثيراً.

هي بلا شك مجلة يمينية، إذ تميل بشدة إلى الانتصار للنظام الرأسمالي، والدفاع عن سياسات ومواقف الولايات المتحدة، ومع هذا فلا يستطيع الاقتصاديون اليساريون تجاهلها لمجرد أنها تدافع عن عكس ما يؤمنون به.

فمقالات مجلة الايكونوميست لا تعوزها الفصاحة ولا العمق، وحججها قوية، وهي تدعم مواقفها بأرقام وإحصاءات محترمة. صحيح أن الأرقام والإحصاءات كثيراً ما يمكن استخدامها لتأييد موقف معين والموقف المعاكس له، على حسب الطريقة التي تختار بها إحصاءات دون غيرها، ولكن مجلة الايكونوميست لا تسيء استخدام الأرقام والإحصاءات أكثر مما يسيء اليساريون استخدامها.

لهذه الأسباب يعتبر الاطلاع على ما تنشره مجلة الايكونوميست من مقالات ومعلومات، مهماً للاقتصاديين والمهتمين بالشؤون العامة، أياً كان موقفهم الفكري، ليس فقط للتعرف على أحدث التطورات الاقتصادية في العالم، ولكن أيضاً للتعرف على أحدث «الموضات» الفكرية، أي على آخر صيحة في عالم الأفكار الاقتصادية والسياسية.

وقد اطلعت في عدد حديث من أعداد الايكونوميست (19 ديسمبر 2009) على مقالة مهمة في الدفاع عن النظام الرأسمالي، رأيت أن من المفيد للقارئ العربي أن يلم بمحتواها، سواء وافق عليه أو لم يوافق، إذ إنها تعبر عن تطور شيّق في مسلك أنصار الرأسمالية، لا بد أن كان من دوافعه حدوث الأزمة المالية والاقتصادية الأخيرة، التي وضعت النظام الرأسمالي من جديد في قفص الاتهام، وشجعت خصومه على صبّ اللعنات عليه مرة أخرى.

المعتاد في الدفاع عن النظام الرأسمالي تكرار الحجة القديمة التي قال بها آدم سميث منذ أكثر من قرنين، وهي ان ترك كل شخص حراً في اتخاذ قراراته الاقتصادية لا بد أن يسفر عن تحقيق مصلحة المجتمع ككل. فالإنسان مدفوع بالفطرة إلى السعي لتحقيق أقصى منفعة شخصية له، ولكنه أثناء هذا السعي لتحقيق مصالح أنانية يحقق، ويا للغرابة، مصلحة المجتمع في نفس الوقت.

وقد اشتهرت عبارة آدم سميث التي استخدمها للتعبير عن هذه الفكرة، إذ قال إن هذا الانسجام بين المصلحة الفردية ومصلحة المجتمع، يتحقق «كما لو كان الفرد مدفوعاً بيد خفية» (يًَّيَّيقٌم وفَل) لتحقيق شيء لم يكن يدور في ذهنه ولا يدخل في حسابه، وهو مصلحة المجتمع ككل.

هذه الحجة كثيراً ما تعرضت لاعتراض الاشتراكيين الذين دأبوا على تقديم أمثلة كثيرة لحالات اقتصادية، تتعارض فيها المصلحة الفردية مع مصلحة المجتمع. ففي حالات الاحتكار كثيراً ما تتعارض مصلحة المحتكر مع مصلحة المجتمع ككل:

المحتكر يفرض أسعاراً تتعارض مع مصلحة المستهلكين، ويدفع أجوراً أقل مما يستحقه العمال، بل ويحاول أحياناً أن يوجّه سياسة الدولة في اتجاهات تخدم هدفه في تحقيق أقصى الأرباح، ولو تعارض ذلك مع المصلحة العامة (كشن حرب مثلاً أو التهاون في تلويث البيئة... الخ).

لقد كان آدم سميث وأتباعه من الاقتصاديين، يفترضون وجود ما يسمى «المنافسة الحرة»، أي غياب الاحتكار. ولكن أين المنافسة الحرة الآن؟ في كل قطاعات الاقتصاد تختفي المنافسة شيئاً فشيئاً ليحل محلها الاحتكار، حتى الزراعة التي كانت الموطن الأساسي للمنافسة الحرة، أصبحت تخضع لشركات كبرى تنتج الجزء الأكبر من كثير من المحاصيل الزراعية، ولا تواجه في ما بينها منافسة حقيقية يمكن أن يستفيد منها مستهلكو هذه المحاصيل أو العاملون في زراعتها.

دأب المدافعون عن الرأسمالية على تجاهل هذه الاعتراضات، ولكنهم يضطرون إلى مواجهتها كلما وقعت أزمة من أزمات الرأسمالية، حيث يشتد عليها الهجوم، وتزداد المناداة بتدخل الدولة، والتذكير بأن مصلحة الرأسماليين كثيراً ما تتعارض مع مصلحة المجتمع.

حدث هذا، كما حدث عدة مرات من قبل، بمناسبة الأزمة المالية الاقتصادية الأخيرة التي واجهها العالم منذ خريف 2008، فاضطر المدافعون عن الرأسمالية إلى التصدي لهجوم جديد من أعدائها.

ولكنهم لجأوا هذه المرة إلى تغيير خطة الدفاع، فلم يكتفوا بالحجج الاقتصادية التقليدية، وأخذوا يقدمون حججاً بعضها جديد، وبعضها قديم يقدم في صورة جديدة، وكلها تتجاوز مجال الاقتصاد وتتعلق بمزايا «إنسانية»، دأب الاشتراكيون على اعتبارها من مزايا النظام الاشتراكي التي تتعارض مع جوهر النظام الرأسمالي. وهذا هو بالضبط ما تحاوله مقالة مجلة الايكونوميست التي أشرت إليها في بداية هذا المقال.

 

فبعكس المألوف في الحديث عن الرأسمالية من أنها تقوم على المنافسة وتقوي الميل إلى الصراع، يقول المقال إن الرأسمالية تنطوي على ممارسة فريدة لفضيلة التعاون (كُُِمْفُّيَُ).

 

فهي، أي الرأسمالية، تعتمد اعتماداً كبيراً على حثّ أعداد كبيرة من الناس (عمالاً وأرباب أعمال وحاملي أسهم وموردي مواد إنتاج) على العمل معاً لتحقيق هدف مشترك.

 

إن هذا العمل المشترك يتطلب من أفراد، هم في العادة غرباء عن بعضهم البعض، أن يثق كل منهم في الآخر، بل ويتطلب، أكثر فأكثر مع نمو العولمة الرأسمالية، أن تمتد هذه الثقة إلى خارج حدود الدولة، وإلى أفراد ينتمون إلى ثقافات مختلفة، ومغايرة للثقافة التي قام فيها المشروع الرأسمالي ابتداءً.

 

ويذكّر هذا المقال القراء بأن كلمة شركة (كٍُِفَ؟) هي كلمة مشتقة من كلمتين لاتينيتين هما (كٍِّ) و(ِفَم)، وهما يعنيان أن يشترك أكثر من شخص في «اقتسام قطعة من الخبز»!

 

يقول كاتب المقال أيضاً إنه ليس صحيحاً ما يزعمه خصوم الرأسمالية، من أن الشركات العملاقة تزداد قوتها شيئاً فشيئاً حتى لتكاد تلتهم الدولة التي تقوم الشركة على أراضيها أو تمارس فيها نشاطها.

 

ويدلل على ذلك بأن من بين أكبر 500 شركة في الولايات المتحدة سنة 1980، لم يبق على قيد الحياة بعد عشرين عاماً (أي عند نهاية القرن) إلا 202 شركة، أي أقل من نصفها. فبعكس الزعم بأن الشركات تزداد سطوتها على الحياة الاجتماعية والسياسية شيئاً فشيئاً، يجد الكثير من الشركات الكبيرة صعوبة في مجرد البقاء على قيد الحياة.

 

المقال يتضمن إضافة شيقة لمحاولات الدفاع عن النظام الرأسمالي، ولكن لا بد أن نلاحظ أن هذه الحجج الجديدة ليس من الصعب الرد عليها. لا شك أن النظام الرأسمالي يعرف صوراً كثيرة من «التعاون» و«منح الثقة».

 

ولكن السؤال هو: تعاون وثقة من أجل تحقيق أي هدف؟ لا شك أيضاً أن كثيراً من الشركات يجد صعوبة في البقاء على قيد الحياة، في منافستها مع الشركات الأكبر والأقوى منها، ولكن هل هذا يقلل من أثر هذه الشركات الأكبر والأقوى على الحياة الاجتماعية والسياسية، أم يطلق أيديها أكثر فأكثر في تشكيل هذه الحياة على هواها؟

كاتب ومفكر مصري

========================

2010 أخطر الأعوام على القدس والأقصى

 بقلم :نواف الزرو

البيان

11-1-2010

العنوان أعلاه ليس إعلاميا أو استهلاكيا أو إنشائيا، بل هو بمنتهى الجدية الموثقة. فمعطيات المشهد المقدسي تنذر الفلسطينيين والعرب والمسلمين، بأن العام الجديد 2010 قد يكون عام الانفجارات الدراماتيكية في مدينة القدس.

بل إن أهالي القدس والأوقاف والعلماء وفعاليات المدينة يتحسبون وفق تقرير فلسطيني من أن هذا العام الجديد فعلا سيكون عاما صعبا، لاسيما على المسجد الأقصى والقدس عموما.

حيث ان القوى الدينية الإسرائيلية المدعومة من قبل حكومة نتانياهو، تعد لانتقال نوعي للاعتداء على المسجد الأقصى وقبة الصخرة وساحات وعمائر ومرافق الحرم القدسي الشريف.

وليس ذلك بمبالغة، فالحملات التهويدية للقدس جارية على قدم وساق، وعلى مختلف الجبهات، إن على الأرض أو في الإعلام أو في المشاريع والمخططات، أو على المستوى الدولي، بل إن عملية التهويد وصلت حتى إلى الصين!

ف«تهويد القدس ولو في الصين»، عنوان زلزالي لتقرير نشرته «الجزيرة نت»، للذين يريدون رؤية حقيقة ما يجري على أرض المدينة المقدسة من انتهاكات وجرائم صهيونية لا تتوقف أبداً.. ف«معركة إسرائيل لتهويد مدينة القدس لم تقتصر على معاول الحفر والتهجير وهدم المنازل ومصادرة الأراضي، بل تعدت ذلك إلى السياحة التي باتت أداة أخرى لا تقل أهمية.

وتشهد وسائل الإعلام الصينية حملة إسرائيلية واسعة ومنظمة وعالية التمويل تهدف إلى تزوير التاريخ وخلق وقائع جغرافية جديدة في ذهن المواطن الصيني، هناك صور ترويجية مدفوعة الأجر لمسجد قبة الصخرة، تحتل مساحات واسعة على صفحات الصحف الصينية وعلى المواقع الإلكترونية لبعض وسائل الإعلام الرسمية، بهدف تشجيع السياحة إلى إسرائيل» (الجزيرة 20091230).

فالواضح أن الدولة الصهيونية لا تقوم فقط بحملات ماراثونية لا تتوقف على أرض القدس، من أجل تهويدها وفرض حقائق الأمر الواقع التي لا يمكن اجتثاثها عبر أي مفاوضات.

وإنما تشن حملات إعلامية تزييفية على المستوى الدولي وصولا حتى إلى الصين، بغية ترويج الرواية الأسطورية الصهيونية المتعلقة بالقدس العربية الإسلامية، بهدف قلب الحقائق وإقناع العالم بأن هذه القدس إنما هي قدس يهودية!

فهم يعملون من أجل اختلاق وصناعة قدس يهودية كما اختلقوا وصنعوا دولة إسرائيل، غير أن تلك الدولة من وجهة نظرهم لا تكتمل الا بتكريس «القدس يهودية عاصمة أبدية لهم».

ها هو جلعاد شارون نجل ملك إسرائيل المجلوط أرئيل شارون، يكتب في يديعوت أحرونوت: «البلدة القديمة كلها، ومساحتها أقل من كيلومتر مربع واحد، وجبل البيت ومساحته أقل من 150 دونما، هذا هو قلب الموضوع، وخلاصة القصة، اليهود ما كانوا ليأتون إلى البلاد والصهيونية ما كانت لتقوم دون صهيون، وكل ما حصل هنا ما كان ليحصل..».

وها هو نتانياهو يعتبر القدس تجسيدا للأبدية اليهودية: «الأبدية تتجسد في القدس، والآنية الحيوية تتجسد في تل أبيب...»، ويضيف سيلفان شالوم أحد أبرز الوجوه في الليكود: «إن المعركة بدأت لفرض السيادة الإسرائيلية على القدس، وبشكل خاص جبل الهيكل المسجد الأقصى».

والصحافة العبرية تتوقع هدم الأقصى أيضا، إذ ذكرت صحيفة هآرتز في تقرير لها أن «هناك نبوءة تعود لأحد حاخامات القرن ال18 يعرف باسم جاؤون فيلنا، حدد فيها موعد بداية بناء الهيكل الثالث بيوم 16 مارس 2010».

موضحة أن «النبوءة تضمنت إشارات إلى أن اليهود سيشرعون في بناء الهيكل الثالث مع تدشين معبد «حوربا» الكائن في الحي اليهودي في القدس». وعبر هذا التاريخ الممتد من ذلك القرن وذلك الحاخام التدميري، تتعاظم في هذه الأيام النوايا والمخططات التهديمية للأقصى..

الكاتب الإسرائيلي إسرائيل هرئيل، يكشف في هآرتز: «في آخر لحظة رجعت الحكومة عن نيتها هدم المساجد في جبل الهيكل، ولم تستغل الحج في عيد العرش لإقامة مراسم إرساء حجر الأساس للهيكل الثالث، وكذلك أجل إلى موعد أكثر مناسبة، خوف انتفاضة ثالثة، ترحيل عرب القدس وأم الفحم».

ولجنة حاخامات المستعمرات في الضفة الغربية، تدعو لإغلاق المسجد الأقصى في وجه العرب نهائيا، قائلة: «إن العرب يدنسون المكان الأكثر قداسة عند اليهود، ويحولونه إلى مركز للإرهاب وأعمال العنف، ما يستوجب إغلاقه أمامهم ومنعهم من الوصول إليه نهائيا».

أما «يهودا عتصيون» الذي تآمر لتفجير قبة الصخرة سابقا فيؤكد أن «تفجير قبة الصخرة لا بد سيأتي، إذا لم تتمكن الدولة من تفكيك المبنى ونقله إلى مكة كبادرة طيبة تجاه محمد».

وتكشف يديعوت أحرونوت النقاب عن أن «عشرات الجمعيات، بينها «محبو الهيكل» برئاسة البروفيسور هيلل فايس، و«حي قيوم» ليهودا عتصيون، و«جبل همور» برئاسة الحاخامين من يتسهار اسحق شبيرا ودودي دافيدكوفتش و«معهد الهيكل» برئاسة الحاخام يسرائيل هرئيل، تعمل حاليا لإعادة بناء أدوات الهيكل، وتحاول تنمية بقرة حمراء رمادها يطهر الكهنة من دنسهم، ويحيكون ملابس الكهنة.

ويعقدون اجتماعات لدراسة فقه الهيكل، ويدربون خَدَمة الهيكل، ويهيئون القلوب نحو اليوم الذي سيأتي في زمن قريب، إضافة إلى مدارس دينية في القدس يثير حاخاماتها مزاجا مسيحانيا، وجمعيات تشتري منازل وأراضي كي تدس مستوطنين يهودا في حلق العرب، إحداها أيضا تمول حفريات أثرية في مدينة سلوان «داود» والانفجار على الطريق».

ودولة الاحتلال بوزاراتها وبجيشها ومستعمريها ومنظماتها السرية والعلنية وإداراتها المختلفة، تترجم هذه النوايا والخطط على أرض القدس بسلسلة لا حصر من الحملات والهجمات، التي تستهدف تهويد المدينة بالكامل تحت السيادة الإسرائيلية!

لكل ذلك وغيره الكثير مما لا تسمح المساحة بعرضه، فإنه من المتوقع أن يكون عام 2010 الأصعب والأخطر على القدس والأقصى، جراء التهديدات الحقيقية التي تنذر بمحوه عن وجه الأرض، إذا لم يتحرك العرب والمسلمون والمجتمع الدولي لإحباط مخططات وحملات الاحتلال.

كاتب فلسطيني

========================

حرب المرجعيات تفجّر الخيارات الصعبة في إيران

آخر تحديث:الاثنين ,11/01/2010

الخليج

محمد السعيد ادريس

تطورت الأزمة في إيران بشكل خطير وغير مسبوق إثر صدامات دامية بين التيارات المعارضة الاصلاحية، وقوى النظام وأجهزته الأمنية مؤيدة بالتيارات المحافظة المتشددة على وجه الخصوص عبر ثلاث مواجهات مميزة، الأولى لمناسبة يوم الطالب الإيراني الذي يصادف يوم السابع من ديسمبر/كانون الأول من كل عام، والثانية لمناسبة وفاة آية الله العظمى حسين علي منتظري النائب السابق للأمام الخميني الذي يعتبر من منظور قطاعات ايرانية واسعة ضمير الثورة الإيرانية التي فجرت صدامات دامية هائلة بين أنصاره ومقلديه مدعومة بالمعارضة الاصلاحية وبين النظام وأجهزته ومؤيديه بسبب القيود التي فرضها النظام على جنازة وتأبين منتظري، وتعمد بعض رموز النظام إهانة منتظري والنيل من مكانته وفي مقدمة هؤلاء المرشد الأعلى السيد علي خامنئي .

 

أما المواجهة الثالثة والأشد عنفاً فكانت لمناسبة ذكرى يوم عاشوراء التي أرادتها المعارضة فرصة نادرة للتشهير بالنظام وفضح ممارساته، ما دفع النظام إلى حالة غير مسبوقة من الاستنفار بعد أن امتدت الانتقادات إلى الولي الفقيه شخصياً وإلى مبدأ ولاية الفقيه الذي يعتبر الركن الأهم في نظام الجمهورية الإسلامية .

 

استمرار المظاهرات واتساعها لتشمل العديد من المحافظات والمدن الإيرانية، وردود فعل النظام العنيفة ضد قادة المعارضة واتهامهم بالردة (الارتداد عن الدين) والمطالبة باعتقالهم وانزال أقصى العقوبات (الاعدام) بحقهم، ثم مشاركة مجلس الشورى (البرلمان) ورئيسه علي لاريجاني، في هذه المطالب من خلال جلسة علنية، يكشف مدى خطورة ما تشهده ايران من أحداث . فقد توجه لاريجاني في تلك الجلسة إلى المتظاهرين بالقول: “لقد وجهتم الإهانة إلى ولاية الفقيه، التراث الفكري للإمام الخميني، وثمرة مئات الآلاف من الشهداء، ودمرتم المؤسسات الحكومية وممتلكات الشعب” لكنه تميز عن غيره من زعماء المحافظين المتشددين بتأكيده على أن البرلمان “يميز بين الحركات السياسية التي تمثل اليسار في النظام وأعداء الثورة” .

 

عنف مظاهرات المعارضة تصعب مقارنته بعنف مظاهرات أنصار النظام وأجهزته، فقد خرجت مظاهرات وصفها الاعلام الحكومي بالمليونية في العديد من المحافظات خاصة في طهران وشيراز وآراك وقم إحتجاجاً على مظاهرات المعارضة التي اتهمت من جانب الحكومة بأنها “خادمة للعدو” حيث دعا المتظاهرون إلى اعدام زعماء المعارضة، وهتفوا ضد ميرحسين موسوي ومهدي كروبي مرددين شعارات “الموت لموسوي” و”الموت لكروبي” و”موسوي مسؤول عن المجزرة” و”نؤيد مرشدنا الأعلى (علي خامنئي)”، و”يجب اعدام المشاغبين المنافقين”، كما أحرق المتظاهرون اعلاماً أمريكية وبريطانية، في اشارة إلى تورط قادة المعارضة في علاقات مريبة مع الأمريكيين والبريطانيين، وأن احتجاجات المعارضة هي من وحي تعليمات وأوامر خارجية .

 

الأهم من هذا كله هو ذلك التصعيد الخطير في اتهامات قادة النظام ورموزه لزعماء المعارضة من ناحية، واتجاه البعض إلى الانحراف بالنظام نحو مسار جديد من المفاهيم التي تضع الولي الفقيه في موضع ينأى به عن أي نقد أو محاسبة، ما يعني تهميش دور الشعب باعتباره مصدر الحاكمية، وتركيز الشرعية في شخص الولي الفقيه، وتجعل الخروج عليه كفراً بالدين وتوجب اقامة الحد عليه .

 

فقد اعتبر رجل الدين المتشدد أحمد علم الدين أن “أعداء المرشد ينتمون إلى حزب الشيطان” وقال علم الدين، وهو عضو في “مجلس خبراء القيادة” المخول اختيار المرشد الأعلى ومحاسبته وتنحيته، خلال تظاهرة أنصار الحكومة في طهران مخاطباً من أسماهم ب “رؤوس الفتنة” ويقصد زعماء المعارضة الثلاثة، موسوي وكروبي وخاتمي،: “إذا لم تعلنوا التوبة، فأنتم محاربون لله ولرسوله، وسيتصدى لكم الشعب والنظام بناء على ذلك”، مشدداً على أن “حربنا في العالم هي حرب ضد معارضي المرشد”، معتبراً أن “معارضة ولاية الفقيه، هي بمثابة معارضة مبدأ الإمامة والقرآن والإسلام” .

 

ولا يقل خطورة عن حرب التصعيد هذه ضد زعماء المعارضة ما يحدث من انقسام بين المرجعيات الدينية، والتنكيل المتبادل بين المراجع العليا، والتي كانت بدايتها تصدي النظام لأنصار آية الله حسين علي منتظري، واصدار مجلس الأمن القومي الايراني الذي يترأسه الرئيس محمود نجاد قراراً بمنع مراسم تأبينه باستثناء مدينة قم ومسقط رأسه مدينة نجف آباد . التنكيل بمنتظري بدأ على يد المرشد الأعلى السيد علي خامنئي .

 

فإذا كان خامنئي قد نعى منتظري في بيان أثنى في بدايته على دوره في خدمة الإمام الخميني، ووصفه بأنه “فقيه متبحر” إلا أنه تعمد أن ينال من منتظري عندما ضمن بيانه القول بأن منتظري “تعرض في أواخر أيام الإمام الخميني لامتحان صعب وخطير”، لذلك طلب خامنئي من الله “أن يتغمد منتظري برحمته ومغفرته ويكفر عنه ابتلاءاته الدنيوية”، ويقصد بوقفة منتظري في وجه الإمام الخميني بسبب مبدأ “ولاية الفقيه” حيث طالب منتظري أن تكون هذه الولاية قاصرة على الأمور الدينية من دون السياسية، كما وجه رسالتين إلى الخميني تضمنت انتقادات لأساليب القمع التي استخدمت ضد المعارضين، في اشارة إلى حملة اعدامات قام بها النظام وأيدها خامنئي ورفسنجاني بحق العديد من معارضي ولاية الفقيه، وكان من بينهم منتظري الذي اكتفى الإمام الخميني بعزله من منصب نائب الإمام ووضعه قيد الاقامة الجبرية .

 

لم يكن تعمد النيل من منتظري مرجعه ذلك الخلاف التاريخي مع الإمام الخميني، بل استمرار تصديه لجور الحكم ورفضه لموقف المرشد الأعلى من دعم نتيجة الانتخابات الرئاسية وتأييده للمعارضة ومطالبها، لذلك كانت جنازته وتأبينه معركة من معارك المواجهة بين المعارضة التي اعتبرتها “استفتاء” على شرعية مطالبها والنظام الذي اعتبرها اختياراً لمكانته، ما دفع أنصار الحكومة إلى الخروج في مظاهرات تطالب بتخريب منزل منتظري ومكتبه والحسينية باعتبارها “مراكز فتنة”، ما أدى إلى خروج آلاف المحتجين في مواكب من أصفهان ونجف آباد متوجهين إلى قم لحماية مسجد منتظري، وكذلك منزل المرجع المعارض آية الله يوسف صانعي المقرب من منتظري بعد تعرضهما لاعتداءات من غلاة المتطرفين المحافظين، كما أعلن مكتب منتظري أن على مقلديه البقاء على مسارهم في تقليد “الأعلم” في وقت أعلن الاصلاحيون أن الاعلم هو يوسف صانعي، الذي اعتبر خليفة لمنتظري، والذي كان قد أصدر فتوى ضد أحمدي نجاد واعتبر انتخابه غير شرعي، وان محاكمات المحتجين على نتائج الانتخابات باطلة . وجاء الرد من رابطة مدرسي الحوزة العلمية في قم بسلب المرجعية عن صانعي، وأعلن محمد يزدي رئيس الجماعة المحافظة ان “آية الله يوسف صانعي لا يملك مواصفات تؤهله للتصدي للمرجعية الدينية”، وتزامن مع ذلك تعرض مكاتب صانعي في قم وعموم المدن للاعتداء ما رجح احتمال فرض الاقامة الجبرية عليه كما فُعل سابقاً مع منتظري في خطوة لتجريد المعارضة من الغطاء الديني بعد غياب آية الله منتظري الذي كان قد أفتى بوجوب التصدي ل “الحكومة الظالمة”، مؤكداً أنه “اذا فقد الحاكم، وبقية المسؤولين العدالة والأمانة، وقمع الأكثرية من الشعب، فإن ذلك يعني عزل الحاكم أو المسؤول تلقائياً” .

 

انقسام المرجعيات بعد انقسام الزعامات يعني ان أزمة ايران دخلت المرحلة الأخطر وأن النظام لم يعد أمامه من خيارات، بعد أن تحولت الأزمة من أزمة حكم إلى أزمة نظام نالت من ولاية الفقيه وهزت مرجعيته وشرعيته، وأي من الخيارين احلاهما شديد المرارة، فإما الرضوخ لمطالب المعارضة وإما الحسم العنيف وفي كلا الحالتين ستكون الخسائر فادحة والتداعيات أفدح .

========================

تراجع ظاهرة الإسلام فوبيا

موقع DISSIDENT VOICES

ترجمة

الأثنين 11-1-2010

ترجمة رنده القاسم

الثورة

ذكرت دراسة حديثة قامت بها جامعة «بيلفيلد الألمانية» أن الكره للمسلمين قد تناقص خلال السنة الماضية بينما ازداد الكره لليهود.

ولا بد أن الإسرائيليين معنيون بالأمر، فالانخفاض المفاجئ للإسلام فوبيا في أوروبا لا يتناسب مع الخطة العالمية الصهيونية الرامية لوضع المسلمين في الزاوية واعتبارهم رجعيين بينما تلقي إسرائيل القنابل باسم الديمقراطية والليبرالية.‏

و كتبت صحيفة «ينيت» الإسرائيلية الرائدة: (لقد انخفض مستوى الحقد على الكثير من الأقليات، وقلّ التمييز بين الجنسين بشكل ملحوظ وتراجع الإسلام فوبيا إلى حد ما، وبقي هناك استثناءان هما الفوبيا من الشذوذ الجنسي والعداء للسامية). ومن الملفت أن «ينيت» ذكرت بأن نسبة الأشخاص المؤمنين بوجود الكثير من المسلمين في بلدانهم تكون مرتفعة بشكل خاص في تلك الدول التي تضم في الواقع نسبة منخفضة من المسلمين, والتفسير المحتمل هو أنه في الدول الأوروبية المستفيدة من التعداد الكبير لسكانها المسلمين، يتبدد الخوف من الإسلام، وهو ليس بالأمر المفاجئ إذا أخذنا بعين الاعتبار حقيقة أن كلاً من الثقافتين الإسلامية والمسيحية تشتركان بقيم كونية ومبادئ أخلاقية متشابهة جداً.وخلافاً للإيديولوجية اليهودية، التي تحمل شيئاً من العنصرية والتفوق القبلي والثقافي والاجتماعي، فإن الجاليات المسلمة تندمج بشكل جماعي في الطبقات العاملة في أماكن العمل والتعليم والاقتصاد.‏

ووفقا للدراسة يدرك الكثير من الأوروبيين سيطرة اليهود ونفوذهم. فربع الأوربيين (24،5%) يعتقدون أن لليهود نفوذاً كبيراً جداً، وحوالي الثلث (31%) يتفقون على أن اليهود بشكل عام لا يهتمون بأي شيء سواهم. وإن تذكرنا الحقيقة المخجلة القائلة بأن (50%) من أعضاء البرلمان في حكومة الظل البريطانية هم أصدقاء محافظون لإسرائيل، عندها يمكننا الافتراض بأنه, وخلافاً للسياسيين، يغدو الناخبون أكثر وعيا لخطر التسلل الصهيوني.ولكن «ينيت» زفت أخباراً طيبة لليهود إذ قالت: (61،9%) يقولون إن اليهود أغنوا ثقافتهم وخاصة في هولندا وبريطانيا وألمانيا) وبالتأكيد من الصعوبة بمكان إنكار أن اليهود أغنوا الحياة الأوروبية، ولكن من بين أولئك اليهود الذين ساهموا في الحياة الثقافية الأوروبية قلة من ربط نفسه علنا بإسرائيل وجرائمها.‏

و بقدر ما تستخدم إسرائيل كل الوسائل الممكنة لجرنا جميعا تجاه حرب بلا نهاية ضد الإسلام، يصبح الأوروبيون أكثر إدراكاً للحقيقة الوحشية الصهيونية المجرمة.و(45،7%) من الأوروبيين، بطريقة أو بأخرى، يتفقون على أن إسرائيل تقود حرب إبادة ضد الفلسطينيين، وفي حال لم يدرك أحدهم معنى ذلك فإنني سأقولها صراحة: تقريباً حوالي نصف الأوربيين يقرون بأن إسرائيل تطبق تكتيكات الإبادة الجماعية. وهم بشكل أساسي يتفقون على أن الإسرائيليين هم نازيو زمننا. ووفقاً ل «ينيت» فإن حوالي (37.4%) يتفقون على العبارة التالية: «قياساً لسياسات إسرائيل، أستطيع أن أفهم لماذا لا يحب الناس اليهود».‏

وجدت الصهيونية لخلق يهود حضاريين محبوبين. ولم تفشل في ذلك فحسب، بسبب إسرائيل والصهيونية ذاتها، ولكن أيضاً يبدو الكره لليهود أكبر من أي وقت مضى. والمعنى من ذلك واضح، فإسرائيل ومجموعات اللوبي المساندة لها قد فشلت في استبطان المعنى الحقيقي الشامل للهولوكوست وهو أن تحب جارك. فعوضاً عن التطهير العرقي ورمي الفوسفور الأبيض يجب أن تعلم إسرائيل كيفية العيش وسط الآخرين.‏

وإذا كانت أوروبا ديمقراطية كما تدعي، فان هذا الحقد المتزايد بشكل واضح تجاه إسرائيل والصهيونية واللوبي الذي لا يلين يجب أن ينضج ليصبح نقلة سياسية.‏

هنا يجب التوضيح بأن العداء للسامية فكرة مضللة، فعندما يشير الناس للعداء للسامية فإن ما يعنونه بالواقع هو الشعور المعادي لليهود. ففكرة العداء للسامية وجدت لتعطي انطباعاً خاطئاً بأن اليهود مجموعة عرقية.وحقيقة الأمر واضحة، فاليهود ليسوا بالعرق وفي الواقع لا يحقد أحد على اليهود بسبب انتمائهم العرقي أو الاثني، فالمشاعر المعادية لليهود هي في أغلب الأحيان ردة فعل أخلاقية وسياسية على السياسات اليهودية القبلية، الصهيونية، إسرائيل، اللوبي الإسرائيلي، الإيديولوجية اليهودية، التفوق اليهودي، جرائم الحرب الإسرائيلية وهلم جرا.‏

الكاتب هو جيلاد آتزمون المولود في إسرائيل وقد خدم في جيش الاحتلال الإسرائيلي وحالياً يعيش في لندن.‏

========================

يهود ضد إسرائيل

المستقبل - الاثنين 11 كانون الثاني 2010

العدد 3534 - رأي و فكر - صفحة 19

محمد السمّاك

كان من المقرر ان تقوم تسيبي ليفني وزيرة خارجية إسرائيل السابقة بزيارة الى لندن في 13 كانون الأول الماضي. ولو انها وصلت الى العاصمة البريطانية لكانت اعتُقلت وأُحيلت الى المحكمة بتهمة المشاركة في ارتكاب جريمة ضد الانسانية. فقد أصدرت النيابة العامة البريطانية مذكرة توقيف بحقها على خلفية دورها في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

لم يعد مهماً الآن السؤال من سرّب الى إسرائيل وجود مذكرة الاعتقال، ولكن المهم هو السؤال من الذي كان وراء إصدار المذكرة في الأساس.

لم تتحرك النيابة العامة البريطانية تلقائياً، فهي ليست معنية مباشرة ولا هي مكلّفة بذلك. هناك محام يدعى دانيال ماشوفر هو الذي أعدّ ملف الاتهامات بحق ليفني ورفعه الى النيابة العامة مطالباً باعتقالها ومحاكمتها. وهذا المحامي هو يهودي ومن مواليد إسرائيل ايضاً. الا انه يقيم في لندن. وهو عضو مؤسس لجمعية أهلية تضمّ عدداً من المحامين أخذت على عاتقها مهمة الدفاع عن الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.

وقد جمع ماشوفر شخصياً وبمساعدة عدد من زملائه أعضاء الجمعية وثائق تدين شخصيات سياسية وعسكرية إسرائيلية على خلفية مشاركتها في الحرب على غزة في عام 2008.

وليست وزيرة خارجية إسرائيل السابقة وحدها التي استطاعت ان تنجو من الاعتقال في اللحظة الأخيرة. ففي عام 2005 وصل الى مطار لندن الجنرال الإسرائيلي دورون الموغ. ولم يكن يعرف بأن المحامي اليهودي ماشوفر كان قد أعدّ للنيابة العامة ملفاً يدينه بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، وان بانتظاره مذكرة توقيف. فاضطر الى البقاء في الطائرة الإسرائيلية التي أقلّته من تل أبيب، وعاد على متنها الى إسرائيل من دون ان تطأ قدماه أرض المطار حتى لا يلقى القبض عليه.

وقبل ذلك اضطر الجنرال شاؤول موفاز وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، كما اضطر الجنرال موشى يعالون رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، الى الغاء زيارتيهما الى بريطانيا بعد ان عرفا بوجود مذكرتي توقيف بحق كل منهما بتهمة ارتكاب جرائم ضد الانسانية.

وكان التقرير الذي أعدّه القاضي اليهودي ريتشارد غولدستون بتكليف من الأمم المتحدة حول الحرب الإسرائيلية على غزة والذي نشر في شهر ايلول الماضي، قد تضمن اتهامات صريحة ومباشرة لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية. وقد تعرّض غولدستون ولا يزال يتعرّض الى حملات التشهير في الاعلام الإسرائيلي، وفي الاعلام الصهيوني الدولي، كما يتعرض اليوم المحامي اليهودي دانيال ماشوفر الى حملات مماثلة.

وفي الواقع فان الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة وخاصة في غزة والقدس، والجرائم التي ارتكبتها في لبنان حتى بعد انسحابها منه في عام 2000 وقيامها بسلسلة اعتداءات واسعة النطاق عليه كان آخرها الحرب التدميرية في عام 2006، أثارت ردود فعل يهودية رافضة ومستهجنة. فقد قامت في واشنطن منظمة يهودية جديدة تحت اسم "جي ستريت" (الشارع ج) تعارض هذه السياسة الإسرائيلية على قاعدة ان هذه المعارضة تخدم مصالح يهود العالم، كما تنقذ إسرائيل من نفسها. وقد اصطدمت هذه المنظمة مع منظمة "ايباك" التي تضم مجموعة كبيرة من الجمعيات اليهودية الاميركية والتي تشكل اقوى قوة ضغط في عملية اتخاذ القرار السياسي الاميركي. وترى "ايباك" ان من واجب يهود الولايات المتحدة تأييد ودعم السياسة الإسرائيلية دون نقاش أو مراجعة، وذلك بحجة ان إسرائيل هي واحة يهود العالم، وان المسؤولين الإسرائيليين يعرفون ماذا يفعلون من أجل أن تبقى هذه الواحة آمنة مطمئنة. غير ان منظمة "جي ستريت" تنطلق في مواقفها من ان السلوك الإسرائيلي السياسي والعسكري يسيء الى اليهودية كعقيدة، كما يسيء الى سمعة اليهود ويشوّه صورة إسرائيل ذاتها أمام العالم كله.

وقد نشر الكاتب اليهودي الأميركي الشهير روجر كوهن دراسة قال فيها "ان يهود الدياسبورا يهربون اليوم من الجدران السابقة الى جدران جديدة، وأن بسيكولوجية الابادة لم تختفِ، ولكنها اتخذت شكلاً آخر"، مشيراً في ذلك الى ما يعانيه الفلسطينيون من اضطهاد وتنكيل تعيد الى الأذهان ما عاناه اليهود في بعض الدول الأوروبية. كذلك فان المؤرخ اليهودي ايلان اي، أعلن انه غادر إسرائيل نهائياً منذ عام 2007 لأنه كما قال يعتبر الصهيونية غير شرعية، ويصفها بأنها حركة عنصرية. وذهب ايلان الى أكثر من ذلك عندما دعا الى عودة جميع اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم.

وهناك مؤرخ إسرائيلي آخر هو آفي شلايم الذي نشر مؤخراً كتاباً عنوانه "إسرائيل وفلسطين"، انتقد فيه إسرائيل بصورة مباشرة وحادة وقال: "مع الهجوم على غزة اصبحت إسرائيل دولة مارقة، منتهكة للقانون الدولي، ومالكة لأسلحة دمار شامل، وممارسة للارهاب بمعنى استخدام العنف ضد المدنيين ومن أجل أهداف سياسية".

ولكن على الرغم من ذلك فان اللوبي الصهيوني الذي يتعامل مع إسرائيل على انها فوق الخطأ، وعلى انها أسمى من أن تُحاسَب أو حتى أن تُناقَش، لا يزال قادراً على تخويف دول كبرى مثل بريطانيا والولايات المتحدة.

فتحت ضغط هذا اللوبي تعهدت الحكومة البريطانية باعادة النظر في نظامها القضائي لتحول في المستقبل دون اصدار مذكرات اعتقال بحق شخصيات إسرائيلية سياسية وعسكرية كما حدث مراراً في السابق. ولكن نظراً لتراجع شعبية إسرائيل لدى الرأي العام البريطاني، فان حكومة الرئيس غوردون براون قرّرت تأجيل طرح هذا الموضوع الى ما بعد الانتخابات البرلمانية القادمة حتى لا ينعكس عدم رضا البريطانيين على مشروع التعديل تراجعاً في تأييد حزب العمال الحاكم.

وكانت بلجيكا قد سارعت الى تعديل نظامها القضائي بعد أن رفعت مجموعة من المحامين الدوليين دعوى على رئيس الحكومة الإسرائيلية الاسبق الجنرال ارئيل شارون (الذي ربما لا يزال في الكوما فاقد الوعي منذ عدة سنوات) على خلفية الجريمة الجماعية التي خطط لها وأشرف على تنفيذها في مخيمي صبرا وشاتيلا في بيروت في عام 1982.

وحذت اسبانيا حذو بلجيكا ايضاً وذلك بعد أن تقدمت مجموعة اخرى من المحامين بادعاء أمام القضاء لتوقيف جنرالات وعسكريين إسرائيليين شاركوا في الحرب على غزة. واستجابة للضغط الصهيوني القوي اصدرت الدول الأوروبية المختلفة تشريعات تعتبر مجرد التشكيك بجريمة الابادة الهولوكوست أو حتى بعدد ضحاياها جريمة يعاقب عليها القانون. فالصهيونية تقول بأن عدد الضحايا هو ستة ملايين. واذا تجرأ باحث أو كاتب على القول ان العدد هو خمسة ملايين وتسعماية وتسعة وتسعون ضحية، فمصيره المحاكمة بتهمة التشكيك!!.

أما في الولايات المتحدة فان الامر أكثر سوءاً. فالرئيس باراك أوباما انكفأ تحت ضغط اللوبي الصهيوني وتراجع بصمت سياسي مطبق عن مطالبة إسرائيل بتجميد (وليس بوقف) بناء المزيد من المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. واضطر للخضوع للأمر الواقع الذي تفرضه إسرائيل ببناء المستوطنات وخاصة في مدينة القدس المحتلة.

حتى الرئيس الاميركي الاسبق جيمي كارتر الذي كان اتهم في كتاباته سياسة الاستيطان الإسرائيلية، كما انتقد الدفاع الأعمى عن هذه السياسة الذي يتولاه اللوبي اليهودي الاميركي، ذهب في تراجعه الى حدّ طلب الصفح والغفران من إسرائيل على ما وصفه هو نفسه "الخطايا التي ارتكبتها بحق الشعب اليهودي". أما هذه الخطايا فهي انتقاد انتهاك الحقوق الانسانية للفلسطينيين، وانتهاك إسرائيل للقوانين الدولية ببناء المستوطنات فوق أرض محتلة.

أكثر من ذلك، فان الفاتيكان ذاته الذي قرر تكريم البابا الاسبق بيوس الثاني عشر تمهيداً لإعلانه قديساً من قدّيسي الكنيسة الكاثوليكية اضطر الى تبرير قراره لتجنّب رد الفعل اليهودي المعارض لتكريمه. فاليهود كما هو معروف يتهمون البابا الراحل بالتواطؤ مع النازية، أو على الأقل بعدم القيام بما كان قادراً عليه لمساعدة اليهود الذين كانوا يتعرضون للملاحقة على أيدي القوات النازية والفاشية في ايطاليا. وهم يطالبون اليوم بدلاً من تكريمه بإدانته باللاسامية او على الأقل بالتقصير المتعمد في حماية اليهود.

ويبدو انه في محاولة لاحتواء رد الفعل الصهيوني العالمي، أعلن المتحدث باسم الفاتيكان فريديريكو لومباردي في بيان رسمي ان قرار تكريم البابا بيوس الثاني عشر جاء تقديراً لشهادة الحياة المسيحية التي عاشها "وليس تقديراً للبعد التاريخي لجميع خياراته العملانية" (؟!).

ولكن هذا التوضيح لم يمتص النقمة الصهيونية، ولن يمتصها. فكما أسقط اللوبي اليهودي الأب بيار في فرنسا (وهو أحد الآباء الذين وقفوا حياتهم على خدمة الفقراء والمحتاجين وكان مثالاً للراهب المتنسك الزاهد بالدنيا وما فيها والمتألم لألم الانسان الفقير والمحروم) لأنه شكك بصحة بعض الروايات عن الهولوكوست، فانه يصرّ على ادانة البابا الراحل وعلى التشهير به.

اليس من المثير للاستغراب انه في الوقت الذي ترتفع فيه اصوات يهودية منتقدة إسرائيل بشدة، ترتفع أصوات اخرى غير يهودية تطالبها بالصفح والغفران؟!..

========================

خطورة السلاح غير الشرعي في لبنان...

خيرالله خيرالله

الرأي العام

11-1-2010

لماذا لا يحق للبنان أن يعمل من أجل حماية مصالحه ومصالح شعبه؟ لماذا عليه الادعاء أنه يؤدي الدور الذي لا يستطيع أحد غيره تأديته وهو دور الجبهة العربية الوحيدة المفتوحة مع إسرائيل، فضلاً عن أنه قاعدة انطلاق للمواجهة مع الإمبريالية العالمية؟ هل واجب لبنان أن يكون هانوي العرب في وقت صار طموح هانوي أن تتحول إلى سايغون (قبل تحريرها) أو ما هو شبيه بهونغ كونغ؟ ألا يحق للبنان الاكتفاء بالمطلوب منه عربياً بصفة كونه عضواً في جامعة الدول العربية عليه الحقوق والواجبات المترتبة على أي من أعضاء الجامعة... أم عليه التعويض عن التقصير العربي في المجالات كلها؟ ألا يكفي لبنان أربعون عاماً من العذابات ومن السلاح غير الشرعي الذي حوّله إلى مجرد «ساحة»، تستخدم لابتزاز العرب الآخرين، مثل مصر، أحياناً والقوى الغربية، على رأسها الولايات المتحدة وأوروبا، في أحيان أخرى؟

ليس طبيعياً أن يكون هناك في لبنان من يدافع عن السلاح غير الشرعي. نتيجة وجود هذا السلاح كان الاحتقان المذهبي الذي يحاول «حزب الله» تحويله إلى احتقان طائفي، ولكن من دون تحقيق الأهداف المرجوة. وهذا يفسر إلى حد كبير التركيز على مسيحيي الرابع عشر من آذار عموما في الخطب الأخيرة التي يطلقها هذا القيادي او ذاك في الحزب. انه تهديد مباشر يتخذ شكل نصائح إلى المسيحيين. ينسى «حزب الله» أو يتناسى أن مسيحيي لبنان ليسوا مسيحيي العراق وأن كل ما قيل ويقال عن أن مسيحيي لبنان طلبوا حماية السوري في العام 1976 ليس صحيحاً. ما في الأمر كله أن النظام السوري راهن منذ البداية، منذ ما قبل توقيع «اتفاق القاهرة» في العام 1969 على السلاح غير الشرعي وعلى أن هذا السلاح سيفجر لبنان من داخل وعلى أنه الوسيلة التي ستمكنه من وضع الوطن الصغير تحت الوصاية. ولابد من الاعتراف بأنه نجح في ذلك إلى حد كبير. وكانت ذروة نجاحه دخوله قصر بعبدا ووزارة الدفاع في تشرين الأول - اكتوبر من العام 1990 بعدما وفّر له العماد ميشال عون المبررات كلها التي تساعده في إتمام هذه الخطوة.

في ظل السلاح غير الشرعي، لا مجال للحديث عن أكثر من هدنة في لبنان. إن دعوة الأمين العام ل«حزب الله» في خطاب حديث له إلى هدنة، هي دعوة في مكانها. لكن السؤال هدنة من أجل ماذا؟ هل يستطيع اللبنانيون أن يتحاوروا خلال هذه الهدنة وأن يكون محور الحوار السلاح غير الشرعي لدى «حزب الله» وغير «حزب الله»، داخل المخيمات الفلسطينية وخارجها؟ في حال كان لدى «حزب الله» حساسية تجاه كلمة السلاح، بدليل الحملة غير المبررة التي يشنها على الرئيس أمين الجميّل، في الإمكان المباشرة بحوار في شأن كيفية التوفيق بين القرار 1701 الذي يؤكد لبنان كله تمسكه به، علماً أنه يستند إلى القرار 1559 والقرارات اللاحقة كلها بما فيها القرار 1680 الفائق الأهمية، من جهة وسلاح الحزب وغيره من جهة أخرى.

بعض المنطق ضروري، بل ضروري جداً. انتهت وظيفة سلاح «حزب الله» بمجرد قبوله بالقرار 1701 ومجرد مشاركته في حكومة يأتي البيان الوزاري الذي نالت على أساسه الثقة على ذكر هذا القرار. منطق اللامنطق يدعو إلى التمسك بالسلاح غير الشرعي. منطق اللامنطق هو الذي أدى إلى فرض السلاح الفلسطيني على اللبنانيين في العام 1969، منطق اللامنطق هو الذي أدى إلى استقواء الميليشيات الطائفية والمذهبية على الجيش اللبناني وإلى تدمير مؤسسات الدولة اللبنانية.

نقطة البداية لأي حوار هي سلاح «حزب الله» وكل سلاح آخر ليس في إمرة الشرعية اللبنانية. من حق لبنان أن يبحث عن مصلحته. تكمن مصلحة لبنان في العام 2010 في هدنة تخصص لكيفية التخلص من السلاح غير الشرعي في منطقة تبدو مقبلة على تطورات كبيرة. لن يحمي لبنان سوى القرار 1701. عليه احترام القرار بحذافيره، حتى لو كانت هناك استفزازات من جانب العدو الإسرائيلي.

بغض النظر عما اذا كانت خطوة «حزب الكتائب» التي قضت بعرض البند السادس من البيان الوزاري على المجلس الدستوري صائبة من الناحية القانونية أم لا، المهم أن يكون هناك دائماً صوت لبناني يؤكد أن السلاح غير الشرعي اسمه سلاح غير شرعي. مطلوب دائماً صوت يقول إن الوقت حان كي تتوقف لعبة التذاكي التي يمارسها بعضهم. في العام 1969، لم يتجرأ سوى العميد ريمون إده على قول الحقيقة إلى اللبنانيين فوقف وحيداً في وجه «اتفاق القاهرة» المشؤوم. إما هناك دولة لبنانية تعمل من أجل اللبنانيين ومستقبل أبنائهم... وإما هناك شبه دولة عليها أن تصرف جهدها في مراعاة السلاح ومداراة حملة السلاح.

في النهاية، ليس مطلوباً انتزاع سلاح «حزب الله» بالقوة. أكثر من ذلك، ليس هناك من هو قادر على ذلك. ما هو مطلوب كله أن يتعلم اللبنانيون شيئاً من دروس الماضي القريب بدلاً من استمرار بعضهم في ممارسة لعبة التذاكي. من يريد أن يتعلم شيئاً يستطيع أن يسأل نفسه: لماذا اضطر لبنان إلى قبول القرار 1701 صيف العام 2006 ولماذا سبق قبوله القرار موافقة «حزب الله» على النقاط السبع لحكومة بطل وطني اسمه الرئيس فؤاد السنيورة؟ هل من يريد أن يتعلم، أم أن هناك من يريد الاستمرار في لعبة السلاح التي لا تخدم سوى من يعتقد أن لبنان لا يصلح لأن يكون أكثر من «ساحة»؟ لعلّ آخر دليل على ذلك، الانفجار الذي تعرض إليه أخيراً مكتب ل«حماس» داخل المربع الأمني ل«حزب الله». ما الذي يبرر وجود هذا المكتب الفلسطيني في هذا المكان بالذات غير السلاح غير الشرعي الذي لا يقيم أي أهمية للبنان وسيادته ومصلحة أبنائه؟

كاتب وصحافي لبناني مقيم في لندن

========================

دولة في معاينة

جدعون ليفي

11/01/2010

القدس العربي

آخر صيحة في عالمنا الجنائي الثائر هي المعاينة، فمن حارس رئيس هيئة الاركان الى قتلة ابنائهم، الجميع يرسلون الى معاينة. حان وقت ان نرسل الدولة كعادة ما يحدث ها هنا الى معاينة. فهناك تخضع لمراقبة دائمة من خبراء، فلربما يوجد التشخيص المخلص.

حجج الطلب كثيرة. فهنالك طائفة كبيرة من الاعمال لا يوجد لها اي تفسير عقلاني، ولا يوجد لها في واقع الامر اي تفسير. اعمال تثير الارتياب في ان الحديث عن فقدان العلاقة بالواقع، وعدم السلامة العقلية المؤقت او الدائم، أعراض شعور بالمطاردة والخصام وجنون العظمة وفقدان الذاكرة وعدم القدرة على الحكم. يجب الفحص عن كل شيء والارسال للمعاينة.

فليتفضل الخبراء النفسانيون ويحاولوا ان يبينوا لنا كيف ما تزال دولة، يعلن قادتها انهم يتوجهون الى حل الدولتين، في تحويل ميزانيات ضخمة لبناء مستوطنات اخرى في المناطق التي ستخلى؟ اي تفسير يمكن ان يكون لتجميد عشرة أشهر سيجدد بعدها من الفور البناء اذا لم يكن ذلك من مجال الصحة النفسانية؟ وكيف تشق دولة تبخل عندما يكون الحديث عن السلة الصحية لمواطنيها، والتي يصبح فقراؤها اشد فقرا، وبعض شوارعها أحمر، شوارع اخرى في الضفة من لا مكان الى لا مكان؟

فليقولوا لنا كيف يحدث ان تعلن النيابة العامة للدولة انها تنوي مصادرة اراض فلسطينية خاصة اخرى في عوفرا التي هي 'البؤرة الاستيطانية الكبرى غير القانونية في المناطق'، كما يقول مستشار وزير الدفاع لشؤون الاستيطان، في حين التزم رئيس الحكومة بصراحة ألا يفعل ذلك في 'خطبة بار ايلان'، وتابعه على ذلك رئيس الدولة في لقائه لرئيس مصر؟ فليبينوا لنا ما الذي يقف وراء استقرار رأي الدولة على فحص امكان ضم الشارع 443 الى مساحتها من اجل ان تعوق قرار محكمة العدل العليا؟ كيف تجترىء دولة تمجد القانون على خداع محكمة بقوانين 'التفافية'؟ وكيف تفرض قلة لا يأبه لها من المستوطنين رهبتها وتنجح في ابتزازها سنين كثيرة؟

فليبين الخبراء النفسانيون كيف ترفض دولة تتلقى تقريرا كارثيا جدا عنها مثل تقرير غولدستون، بعناد بغل باستعمال منفذ الهرب على هيئة اقامة لجنة تحقيق يقترحه عليها. وكيف تعين دولة تحارب حربا شديدة عن صورتها ومكانتها الدوليتين المهتزتين، وهي متعلقة أشد التعلق بأفضال العالم، لمنصب دبلوماسيها الاولي شخصية أزعر عنيف مثل افيغدور ليبرمان. ان نصف العالم مغلق في وجه وزير الخارجية، وهو في شأنه ونحن في شأننا. كيف لم تفكر اسرائيل في أن تعرض ولو ان ذلك خدعة وجها أجمل على العالم بدل وجه ايفيت المهدد. وكيف لا تحاول دولة معزولة من كثيرين الى هذا الحد ألا تسأل نفسها ولو للحظة، ما هو نصيبها ومسؤوليتها عن العزلة وتهاجم بدل ذلك وتتهم منتقديها؟ كيف ما يزال مجتمع يعيش منذ عقدين مع احتلال قاس وترفض ساحتها الخلفية الاهتمام به، الشعور الجيد الى هذا الحد مع نفسها، وتتهرب من اي محاسبة للنفس بل من أدنى حد من الحيرة الاخلاقية؟

أي تفسير يمكن ان يعطى حقيقة أن دولة ذات كثرة علمانية بينة لا توجد فيها حافلات وقطارات في السبت ولا يوجد زواج مدني؟ كيف في دولة كهذه تلتزم بلديات غنية أن تحول من ميزانياتها الى مجالس دينية بدل احتياجات اخرى؟ كيف تفعل دولة يجب عليها ان تعالج أقلية عربية داخلها، تحافظ على الاخلاص لها منذ اكثر من ستين سنة على نحو مفاجىء، كيف تفعل كل شيء من أجل دفع هذه الاقلية واذلالها وسلبها واضطهادها وان تغرس فيها شعورا بالاحباط والكراهية؟

هل يمكن ان نفسر تفسيرا عقلانيا كيف ترفض دولة وضعت جميع الدول العربية على بابها اقتراح سلام تاريخيا حتى ان تبحث فيه؟ دولة يتوسل الرئيس السوري ذو الحلف البين مع ايران التي تهددها كيف يتوسل اليها للتوصل الى سلام معها، وكيف تصر على رفضها؟ يستطيع الخبراء النفسانيون فقط ان يبينوا ما هي الصلة بين استمرار احتلال الجولان واضاعة السلام وبين الامن او المنطق. وليحاولوا في الفرصة نفسها ان يبينوا ما العلاقة بين قداسة مواقع تاريخية وبين السيادة عليها؟ وليبينوا قبل كل شيء كيف يشارك مجتمع ذكي كثير المواهب الى هذا الحد في مسيرة الغباء هذه ولا يثور اي واحد؟ أجل، الحديث عن حالة يصعب تفسيرها؛ ومن أجل ذلك خاصة يحسن ارسالها للمعاينة النفسية.

هآرتس 10 / 1 / 2010

========================

عيون وآذان (هو ايليوت ابرامز)

الإثنين, 11 يناير 2010

جهاد الخازن

الحياة

ثمة مطالبة على جانبي المحيط الأطلسي بمحاكمة جورج دبليو بوش وتوني بلير كمجرمي حرب، وأنا أطالب بمحاكمتهما مع المطالبين، ثم أطالب بأن يحاكم الليكوديون الأميركيون فهم سهلوا ارتكاب الجريمة وحرضوا عليها ولا يزالون يحرضون. وقد أشرت أمس الى بعض رموزهم، وأتناول اليوم واحداً من أكثرهم تطرفاً وأقلهم إنسانية هو ايليوت ابرامز، فقد لاحظت أنه عاد وكأن شيئاً لم يكن ليدعو الى السياسات نفسها التي قتلت العرب والمسلمين مع ألوف من شباب أميركا، لذلك فالمحاكمة ليست لمجرد معاقبة أمثاله على ما ارتكبوا وإنما لمنعهم من تسهيل ارتكاب جرائم مماثلة في المستقبل.

في سنة 2005 صدر لي كتاب عن المحافظين الجدد والمسيحيين الصهيونيين خصصت ابرامز فيه بأربع صفحات كاملة، أو ما يزيد على غيره من العصابة، فهو متجذر في العصابة الليكودية، ولعل من القراء من يذكر دوره في تأييد جرائم دكتاتوريات أميركا الوسطى، ثم محاكمته في فضيحة ايران/كونترا عندما اعترف ودين، وكان يفترض أن يغيب عن الساحة السياسية لولا أن جورج بوش الأب عفا عنه سنة 1992، فعاد مع بوش الابن مرشحاً لمنصب يهتم بحقوق الإنسان التي داسها في أميركا الوسطى، ثم انتقل مساعداً لرئيس مجلس الأمن القومي مسؤولاً عن الشرق الأوسط، أي أن ليكودياً من أنصار ارييل شارون أعطي دوراً في العملية السلمية.

ابرامز نموذج على التطرف والوقاحة فهو دعا صراحة الى أن يبقى اليهود بمعزل عن بقية الناس في أي بلد يقيمون فيه، وهي دعوة عنصرية واضحة، ولعله يصدق خرافات التوراة وتاريخها الزائف. وهو في سنة 1997 صدر له كتاب بعنوان «الخوف والإيمان: كيف يحيا اليهود في أميركا مسيحية» هاجم فيه الكنائس المسيحية الأميركية لأنها لا تؤيد اسرائيل بما يكفي، وهاجم كنيسة المسيح المتحدة لأنها، وهي تؤيد دولة لليهود، تحدثت عن معاناة الفلسطينيين، كما عطف على الكنيستين اللوثرية والمشيخية، وقال إن الكنائس المسيحية لا تقدر مدى تعلق اليهود بإسرائيل، أي أنه يريد تأييد سرقة يهود أوروبا أراضي الفلسطينيين وقتلهم النساء والأطفال.

ولعل ابرامز أصيب بنوبة عصبية بعد ذلك وهو يقرأ قرار كنائس أميركية مقاطعة اسرائيل اقتصادياً بسبب اعتداءاتها على الفلسطينيين.

يفترض في رجل هذه خلفيته أن يغيب عن المشهد السياسي، إلا أنه لا يستحق اسمه ليكودياً متطرفاً إنْ لم يكن وقحاً حتى العظم، وهو عاد أخيراً بمقالات ونشاط في دور البحث اليمينية فيهاجم باراك أوباما حيناً، أو ينتصر لإسرائيل، أو الجريمة، في العملية السلمية.

أوباما يجتمع بدكتاتور فنزويلا، على حد قول ابرامز الذي لا يريد للرئيس الأميركي أن يقابل رؤساء الصين أو سورية أو مصر أو ميانمار أو إيران، من دون فرض شروط عليهم. وهو يخلط بين الدول كأنها واحدة. وينسى أنه كان جزءاً من إدارة قتلت مئات ألوف الناس وفشلت في ثلاث حروب على العراق وأفغانستان والإرهاب، ودمرت اقتصاد أميركا والعالم، ثم ينتقد رئيساً لمجرد أن يتحدث عن التعددية السياسية بدل الأحادية التي ثبت سقوطها وأرقام ضحاياها الدليل على نهايتها.

ابرامز كتب مقالاً طويلاً عن العملية السلمية مع مايكل سنغ تحت العنوان «المفسدون (المعطلون): نهاية عملية السلام» يبدأ بالاستشهاد بمارتن انديك الذي يقول إن ايهود باراك أعطى أبو عمار كل شيء، بما في ذلك جبل الهيكل (الحرم الشريف) إلاّ أن الرئيس الفلسطيني رفض.

ابرامز يستشهد بأنديك وهذا حتماً أفضل من ابرامز، إلا أنه كان من حاخامات إدارة كلينتون الذين مثّلوا اسرائيل في مفاوضات السلام.

المقال يفيض سمّاً وهو يوضح لماذا لم يتحقق السلام مع وجود أمثال ابرامز في دوائر الحكم الأميركية، فهو يرفض أي طلب للضغط الأميركي على اسرائيل ويفضل أن يُترك الإسرائيليون والفلسطينيون وحدهم لحل المشكلة، أي يترك الذئب الإسرائيلي بالسلاح الأميركي والمال لقتل الفلسطينيين، ثم يحذّر من الخطر الديموغرافي على اسرائيل، أي يرفض عودة اللاجئين، ان لم يكن يحرّض على تسفير الموجودين، ويهاجم إيران وسورية، ثم حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي ويتهمها بالإرهاب وتعطيل العملية السلمية.

أقول ما نعرف جميعاً أن هناك حركات تحرر وطني عربية في وجه الإرهاب الإسرائيلي، وأن ابرامز متواطئ مع دولة فاشستية محتلة، وأن هيكل سليمان غير موجود ولم يوجد يوماً، وأزيد أن المطلوب محاكمة الليكوديين أعداء السلام قبل أن يتسببوا في جرائم جديدة ضد الفلسطينيين والعرب والمسلمين في كل مكان.

========================

إحساس يعود إلى عام 1937

بول كروغمان

الشرق الاوسط

11-1-2010

فيما يلي ما سيأتي ضمن أخبار اقتصادية: ربما يظهر التقرير التالي عن التوظيف أن الاقتصاد ساعد على توفير وظائف جديدة للمرة الأولى خلال عامين. وربما يظهر التقرير التالي عن إجمالي الناتج المحلي نموا ملموسا في نهاية عام 2009. وستكون هناك كثير من التعليقات المتفائلة، وسوف تعلو دعوات نسمعها بالفعل من أجل إنهاء حزم التحفيز الاقتصادي وعكس الإجراءات التي اتخذتها الحكومة و«الاحتياطي الفيدرالي» (المصرف المركزي الأميركي) لدعم الاقتصاد.

ولكن إذا التفتنا إلى هذه الدعوات، فإننا نكرر بذلك الخطأ الأكبر الذي وقع عام 1937 عندما رأى «الاحتياطي الفيدرالي» ومعه إدارة الرئيس روزفلت آنذاك أن الركود الكبير ولّى وأن الوقت حان كي تتخلى المنظومة الاقتصادية عن دعامات تتكئ عليها. وبعد ذلك، تراجع الإنفاق، ووضعت قيود على السياسة النقدية، ولكن فجأة هوى الاقتصاد إلى أسفل سافلين.

ويجب ألا يحدث ذلك. ويعلم كل من بن برنانكي، رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، وكريستينا رومر، التي تترأس مجلس المستشارين الاقتصاديين التابع للرئيس باراك أوباما، الكثير والكثير عن الكساد الكبير. وقد حذرت رومر صراحة من تكرار ما حدث في عام 1937. ولكن مَن يتذكرون الماضي يكررونه بصورة أو بأخرى.

وعندما نقرأ في الأخبار الاقتصادية، سيكون من المهم أن نتذكر في بادئ الأمر أن التغيرات المؤقتة شيء شائع حتى عندما يعاني الاقتصاد من تراجع دائم. وفي مطلع عام 2002، على سبيل المثال، أظهرت النتائج الأولية أن الاقتصاد يرتفع بمعدل سنوي نسبته 5.8 في المائة. ولكن استمر معدل البطالة في الارتفاع لعام آخر. وفي مطلع عام 1996، أشارت التقارير الأولية إلى أن الاقتصاد الياباني يرتفع بمعدل سنوي نسبته تتجاوز 12 في المائة، وهو ما أدى إلى تصريحات تعبر عن حالة من الابتهاج جاء فيها أن «الاقتصاد دخل مؤخرا إلى مرحلة التعافي الذاتي». وفي الواقع، كانت اليابان في منتصف الطريق خلال عقدها الضائع.

وفي الأغلب تكون هذه التغيرات المؤقتة، في جزء منها، مجرد وهم إحصائي. ولكن، الأكثر أهمية هو أن هذه التغيرات تكون عادة نتيجة ل«استعادة المعدلات الطبيعية لإجمالي الناتج المحلي بعد حالة ركود». والواقع أنه عندما يتراجع الاقتصاد، تجد الشركات عادة نفسها لديها كمية كبيرة من البضائع غير المباعة. وللتخلص من الزيادة في المخزون لديها، تقوم الشركات بتقليل الإنتاج وبمجرد التخلص من الكمية الزائدة تقوم الشركات مرة أخرى بزيادة الإنتاج وهو ما يظهر نموا مفاجئا في إجمالي الناتج المحلي. ولسوء الحظ، فإن النمو الناتج عن «استعادة المعدلات الطبيعية لإجمالي الناتج المحلي بعد حالة ركود» عبارة عن حدث استثنائي ما لم تتحسن مصادر الطلب الأساسية، مثل إنفاق المستهلك والاستثمارات طويلة الأجل.

ويعيدنا ذلك إلى المسببات المقيتة التي أفرزت هذا الوضع الاقتصادي.

خلال الأعوام الجيدة في العقد الماضي، كان النمو الاقتصادي نتيجة للازدهار الذي شهده قطاع الإسكان والارتفاع في معدل إنفاق المستهلك. ولم يتكرر حاليا أي من الاثنين؛ فلا يمكن أن يحدث ازدهار جديد في قطاع الإسكان مع المنازل والشقق الشاغرة التي خلفتها الفورة السابقة. كما أن المستهلكين، الذين أصبحوا أكثر فقرا بمقدار 11 تريليون دولار مقارنة بما كانوا عليه قبل ازدهار قطاع الإسكان، غير مستعدين للعودة إلى عادات الحرص على الشراء مع عدم الاكتراث بالادخار.

وماذا يبقي؟ سيكون التحسن في الاستثمار التجاري شيئا مفيدا في الوقت الحالي، ولكن من الصعب أن نعرف المكان الذي يمكن أن يأتي منه هذا التحسن، فالصناعة غارقة في إنتاج أشياء زائدة، والإيجارات التجارية تقل أمام الفائض الكبير من المساحات المكتبية.

هل يمكن أن تنقذنا الصادرات؟ لبعض الوقت، ساعد العجز التجاري الأميركي المتراجع على تعزيز التراجع الاقتصادي. ولكن يزداد العجز التجاري من جديد، ويرجع ذلك بصورة جزئية إلى أن الصين وغيرها من دول الفائض ترفض أن تسمح بإعادة تقييم عملاتها.

ولذا، فإنه من المحتمل أن يكون أي خبر اقتصادي سار تسمعه خلال المستقبل القريب مجرد تغير مؤقت، وليس إشارة على أننا في طريقنا إلى التعافي الدائم. ولكن هل سيسيء صانعو السياسات فهم الأخبار ويكرروا أخطاء عام 1937؟ في الواقع، نجدهم يقومون بذلك بالفعل.

من المتوقع أن تبلغ خطة التحفيز المالي التي يطبقها أوباما ذروة تأثيرها على إجمالي الناتج المحلي والوظائف في وقت ما من منتصف العام الحالي، لتبدأ بعد ذلك في التراجع. ويعد ذلك وقتا مبكرا للغاية، ولذا لماذا نسحب الدعم على الرغم من استمرار البطالة على نطاق واسع؟

كان يتعين على الكونغرس أن يعتمد جولة ثانية من التحفيز الاقتصادي قبل أشهر، عندما أصبح واضحا أن التراجع سيكون أكبر وسيستمر لفترة أطول بالمقارنة بما كان متوقعا. ولكن لم يحدث شيء، والأرقام السارة الوهمية التي سوف نسمعها سوف تجبر على تغيير أي إجراء ممكن.

في هذه الأثناء، نجد أن جل الكلام داخل «الاحتياطي الفيدرالي» يدور حول الحاجة إلى «استراتيجية خروج» للجهود التي يبذلها من أجل دعم الاقتصاد. وقد بدأت بالفعل عملية إنهاء أحد هذه الجهود، وهو عمليات شراء الديون الحكومية الأميركية طويلة الأجل. ويتوقع على نطاق واسع إنهاء جهد آخر، وهو عملية شراء الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري، خلال أشهر قليلة. وترتقي هذه التصرفات إلى كونها عملية تشديد للسياسات النقدية، حتى لو لم يرفع «الاحتياطي الفيدرالي» معدلات الفائدة مباشرة. وتمارس كثير من الضغوط على برنانكي كي يقوم بذلك أيضا.

هل سوف يدرك «الاحتياطي الفيدرالي»، قبل أن يفوت الأوان، أن مهمة وقف التراجع لم تنته بعد؟ وهل سوف يدرك الكونغرس ذلك أيضا؟ وفي حال عدم إدراكهما ذلك، سيبدأ عام 2010 بآمال اقتصادية زائفة وينتهي بحالة من الأسى.

==============================

قراءة في كتاب.. أميركا العقلية المسلحة

دمشق

صحيفة تشرين

سياسة

الاثنين 11 كانون الثاني 2010

د.عبد الله أبو هيف

جمع الكاتب السعودي عبد الله محمد الناصر عشرات المقالات النقدية، السياسية، والثقافية، في كتابه «أميركا العقلية المسلحة» (2007)، ليدق ناقوس الخطر، وينبه إلى تفاقم هذه العقلية بعد أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، حيث استباحت أميركا والغرب وإسرائيل العديد من الدول، منها فلسطين وأفغانستان، والعراق، ولبنان، والسودان، وغيرها بذرائع مختلفة، ويحذر من أن المبادئ الأميركية باتت خاضعة لمنطق القوة والتسلح.

ضم الكتاب (78) مقالة، كتبها المؤلف بين أعوام (2002-2006) وهي الفترة التي تلت أحداث الحادي عشر من أيلول 2001، والإعلان عن حملة دولية لمحاربة الإرهاب (الإسلام) قادتها أميركا وشاركت فيها بعض الدول الموالية للسياسة الأميركية، ثم احتلال أفغانستان، ومن ثم العراق ضمن هذه ا لحملة، وقد جاءت معظم المقالات صوتاً عروبياً عالياً وصادقاً يعري الاحتلال وفظائعه، وما ارتكب في عصر القوة الأميركي والغربي من مذابح قام بها الكيان الصهيوني في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، والكتاب كما جاء في المقدمة «مشاركة لمرحلة اصبح فيها المرء شاهداً على موت نفسه وموت أمته عن طريق المشروع الصهيو أميركي» في المنطقة، فالتدخل الأميركي والمشروع الصهيوني متداخلان إلى حد الاندماج والتوحد.. فالاستراتيجية واحدة، والأهداف واحدة، والضحية واحدة، وهي هذا العالم العربي البائس الذي تحول إلى حقل تجارب للسلاح الأميركي، والعنف، والاستبداد، والظلم، والقهر، والاستعلاء» ص11. ‏

أوضح عبد الله محمد الناصر في مقدمة الكتاب أن نقد سياسة أميركا في المنطقة لا يعبر عن كراهية وحقد على أميركا كشعب وأمة «فالشعب الأميركي شعب فيه مفكرون ومثقفون وأصحاب مواقف إنسانية يحاربون الظلم والتسلط، وفيه مبدعون خلاقون شاركوا ويشاركون في بناء الحضارة الإنسانية، وحينما أتحدث فإنما أتحدث عن أميركا السياسية والعسكرية اليمينية المتطرفة، التي ألحقت الأذى ولا تزال تلحقه بالمنطقة العربية وشعوبها، لا عن الشعب الأميركي الذي هو ضحية من ضحايا البهرجة الإعلامية وخداع الألاعيب والتحالفات السياسية التي لا تزال تنطلي عليه» ص28. ‏

لقد تأذى العرب من السياسة الأميركية على نحو كبير، وحاربت أميركا بعض الدول العربية بالثقافة والمال والنفط والإعلام والعقيدة، وعمدت إلى تهميش الذات القومية العربية بتأثير التصهين الأميركي ضمن استراتيجية أميركية صهيونية واحدة، والضحية هي العالم العربي، حتى ليخيل للمرء أن هناك تواطؤاً أمميا على غزو العرب ومحاربتهم وإبادتهم وتدميرهم وبعثرتهم واستغلال ثرواتهم وأراضيهم، والمثال الصارخ هو ما حدث ويحدث في العراق منذ احتلاله عام 2003 وحتى الآن بحجة البحث عن أسلحة الدمار الشامل التي لم يتم العثور عليها حتى الآن. ‏

لقد كان إعلان الرئيس الأميركي السابق جورج بوش حربه الدينية الصليبية وغزو أفغانستان وتدمير العراق بمنزلة نموذج لتدمير شعوب بأكملها، فالعقلية الأميركية مسلحة بكل وسائل التدمير الفكري، والاقتصادي، والسياسي، والثقافي، وهي بتعبير الناصر: عقلية تسلط، وإيذاء، واستيلاء، واحتلال، واغتصاب وتحكم، والمعضلة هي أن كل ذلك يحدث تحت ذرائع الحرب على الإرهاب، بينما الهدف هو تقسيم المنطقة العربية إلى انقاض خمسين دولة، والتأسيس لصهيون الجديدة وفق العقيدة المسيحية الصهيونية. ‏

ينتقد الناصر في كتابه انسياق بعض الدول وراء الخطط والممارسات الأميركية، ومساعدتها في تنفيذ الأجندة الأميركية، وتغاضيها عن الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وتصنيف المقاومة الفلسطينية في خانة الإرهاب. ‏

إن المنطقة كلها ترزح تحت عاصفة من الارتجاج والتخبط والتبعثر: التبعثر السياسي، والتبعثر الثقافي، والتبعثر الفكري، نحو تحطيم الهوية العربية، والتدخل السافر في خصوصيات الأمة الثقافية والدينية، ووصل الأمر إلى حد التدخل الأميركي في المناهج التعليمية والأداء الإعلامي، وكأن المنطقة أصبحت تحت الوصاية الفكرية الأميركية، وذهب الناصر إلى أن ما يجري هو تمهيد مدروس لفرض أمركة ثقافة المنطقة بطريقة استلابية مهينة ولا مسوغ لها. وحلل العقلية الأميركية التي لا تثق بأحد، ولا تعطي يقينها لأحد، فأميركا في رأيه، هي دولة «براغماتية ميكيافيلية» تبحث عن مصالحها المؤقتة، وذهب إلى أن الحقيقة الثابتة هي أن الغرب وأميركا والعالم كله لا يحترم إلا شيئاً واحداً هو القوة مع هذه الأوضاع الضاغطة إزاء قهر الحضارة الإنسانية. ‏

يعري الناصر في مقالته «أميركا والعناية الإلهية» سياسة بوش في العراق ومنطقة الشرق الأوسط، وخروجه من الرئاسة الأميركية مخذولاً، وفي مقالة «الشيطان يستنكر» يدين العمالة للسياسة الأميركية في المنطقة والسكوت عن الإرهاب الذي مارسته إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني في غزة وبيت حانون وغيرها، وينتقد في مقاله «أميركا والبحث عن ملعون» حرب أميركا المفتوحة على الإرهاب، وخذلانها في مساعيها لتأسيس شرق أوسط جديد، وفي إيجاد عدو، أو ملعون، أو شيطان، ضمن مسارات الصراع القائمة من أجل مصالحها بالدرجة الأولى، ويرى في مقالته «الفتك والفاتيكان» أن تقسيم العالم اليوم إلى قسمين متصارعين هما: غربي مسيحي نوراني متفوق يملك المال والتقنية والجبروت، وإسلامي شرير يسبب الفوضى والتخبط ويملك الثروات، يدخل في باب توظيف الدين لمصلحة السياسات العدائية تجاه العرب والمسلمين من خلال تناغم إيقاع بابوي مع أطروحات وممارسات المحافظين الجدد في أميركا الذين قادوا العالم للحرب والدمار المادي والاقتصادي والاخلاقي والإنساني وانتهى حلمهم بأسوأ كارثة اقتصادية حلت بالعالم وفي المقدمة أميركا نفسها منذ العام 1939. ‏

تناول عبد الله محمد الناصر في مقالات أخرى ضمها الكتاب، عقيدة الذبح الإسرائيلية في فلسطين ولبنان والأراضي العربية المحتلة، والحروب ضد سورية ومصر منذ عام 1948، إلى العدوان الثلاثي عام 1956، إلى حربي 1967، و1973، وما حدث في الحرب على لبنان عام 2006 كنموذج لشراسة العدوان، ونموذج أيضاً لبسالة المقاومة وقدرتها على مواجهة آلة الحرب الإسرائيلية، وفي مقالته المعنونة «كل عيد إسرائيل وأنتم بخير» والتي تنضح بالمرارة والإحساس بالخذلان والفجيعة، يرصد الناصر الدعم الأمريكي لإسرائيل منذ خمسين عاماً وحتى الآن، وتعامي أمريكا عن التدمير والذبح والعذاب اليومي الذي تعرض ويتعرض له العرب في فلسطين والعراق ولبنان. ويتناول في مقالات أخرى قضايا مماثلة مثل احتلال العقلية الأمريكية المسلحة في الوجود العربي والقضايا الإنسانية، ونظرية المؤامرة، وعقلية الذبح، وخليج السياسة، والإرهاب الأمريكي وأباطرة الجحيم، وانتظار الإرهاب والمعجزة، وعناكب الكذب، وديمقراطية الموت، وعلم الغيب، وفضائل الاحتلال، وموت الأبطال، والامبراطورية الحمقاء، والديك الإرهابي، ومعسكر الحرب. ‏

يطلق الناصر دعوته الصريحة المباشرة لتخلي العرب عن طلب العون من أمريكا، ولتحطيم الصنم الأمريكي في دواخلهم ويقول: «إذا آمنوا بربهم وبقضيتهم، وعقدوا صداقة حقيقية مع البندقية تماماً كما فعل أهل جنوب لبنان، وكما يفعل الفلسطينيون في القدس، وغزة، وأريحا، وكما يفعل أهل الفلوجة.. لو فعلها العرب مرة واحدة وانتصروا على أنفسهم، فإنهم بكل ثقة وتأكيد سوف ينتصرون على إسرائيل وأمريكا» ص227. ‏

وبرغم كل البشاعات، وكل الجرائم المرتكبة بحق العرب والمسلمين في فلسطين والعراق وأفغانستان، وبرغم كل التدخل الأمريكي السافر في شؤون وشجون وقضايا المنطقة، فإن عبد الله محمد الناصر الذي أطلق تحذيراته، وعرى إسرائيل والحقبة البوشية، لا يفارقه الأمل، و«بقدر ما في هذا الكلام من مساحات التشاؤم الواسعة فإنه يظل في الأفق بريق وشعاع من أمل.. وهذا الأمل سوف يتحقق إذا وجدت الرغبة والتصميم على تحقيقه، والأيام تتجدد، والليالي تتجدد، والأجيال تتجدد، ومواسم الإجداب والقحط لا تدوم، وقد تنبثق من قلب الليل شمعة تتناسل منها شموع، فتبعث الضياء والضوء وتحارب وتهزم جحافل الظلام وجنوده» ص2. ‏

في هذه الحقبة الكالحة والمظلمة من تاريخ الأمة العربية، يرى المؤلف أن الإنسان العربي يُهمش على نحو حاد وصارخ، ولا يسمح له في أحسن الأحوال إلا أن يلتزم فضيلة الصمت والتفرج، وقد أصبحت هذه الفضيلة خيانة بحق الأمة المستباحة والمشرعة لكل ألوان التسلط والأذى، داعياً المخلصين لتحطيم أصنام الصمت والكفر بهذه الفضيلة. ‏

عبد الله محمد الناصر: أمريكا العقلية المسلحة، دار رياض الريس للكتب والنشر، بيروت، 2007 ‏

======================

ما وراء تأخير الإنترنت السريع في سورية

(دي برس)

11-1-2010

بشر وزير الاتصالات السوري عماد صابوني أثناء افتتاح معرض شام 2008، بحل سريع لبطء الإنترنت عبر اتفاق مع شركة «سيتا» القبرصية، وبعد تصديق العقد من قبل مجلس الوزراء وتأمين القطع الأجنبي، أعلنت الشركة القبرصية جهوزيتها لوصل سورية بهذه الحزمة العريضة، فما كان من المؤسسة والوزارة حسبما نقلت صحيفة تشرين المحلية إلا أن طلبتا منها تأجيل وصل الدارة من العام 2009 إلى العام 2010.. كل ذلك بصمت، وبعيدا عن الإعلام، وبعد أن عجزت المؤسسة عن تأجيل استجرار الحزمة لعام آخر، باشرت بالاستجرار المتدرج للحزمة، «STM-16» كل ربع عام، لتصل إلى STM-64 في أيلول القادم. ‏

وقالت الصحيفة إذا عدنا إلى واقع أن الربط الحلقي لشبكة «PDN» لا يتسع لأكثر من «STM-4»، فسنعلم بأنها غير قادرة على استيعاب لا الدارة المنتظرة ولا حتى ربع سعتها، وهذا في الحقيقة السبب الذي وقف وراء تأجيل استجرارها من العام 2009 إلى 2010، وصولا إلى اختراع «الاستدراج المتدرج في العام 2010». ‏

وبذلك حسب قول الصحيفة لا يبقى علينا سوى التحضر لاستقبال الحقيقة الصعبة التي سنستقبل معها هذه الحزمة الواسعة جدا 64، لكننا لن نأخذ منها سوى 4 فقط، ونرمي الباقي في «بردى»، إلا إن كانت المؤسسة تفكر بالتحول إلى سمسار يبيعها إلى الأردن أو لبنان بدلاً من الاستفادة منها، هذا إن رضي هؤلاء بأسعارها. ‏

هذه الحقائق ليست غائبة إطلاقا عن أذهان وزارة الاتصالات حسب الصحيفة، ففي اليوم نفسه الذي بشرنا فيه الوزير عن التعاقد مع قبرص لهذه الحزمة وفي العام 2008، قال مدير الإدارة الفنية للإعلام: بأن الحزمة لا يمكن أن تفيد إلا بتوسيع شبكة ال PDN، مشيرا إلى أن «الوصول بالانترنت إلى سرعة عالية محليا يحتاج أيضا إلى توسيع التجهيزات المحلية للاستفادة من السعة الكبيرة جدا التي سوف يوفرها الكابل الجديد». ‏

وخلصت الصحيفة إلى أنه لا يمكننا التنبؤ بالنوايا، إلا أن ثمة وقائع مستمرة لا تفسير لها في قطاع الاتصالات، وجميعها تؤشر إلى تعطيل ممنهج لأي خطوة في الطريق إلى إصلاح الانترنت، بدءاً بما حصل مع هدية «هواوي» التي وقع عليها وزير الاتصالات السابق ودفعها إلى أقصاها، قبل أن تدخل في دوامة التعطيل في العام 2008، وما رافق ذلك من قرار تعيين أصدره وزير الاتصالات ممن أفشلوا بتدخلهم الموثق مشروع «إصلاح الانترنت» في مناصب استشارية رفيعة، قبل تكليفهم بوضع دفاتر الشروط لإصلاحها.. وصولا إلى الفشل المتوقع في دفاتر الشروط الجديدة.. ‏ولأن الوقائع تسير وفق ما هي عليه حاليا، يجدر التساؤل حول القدرة الكبيرة التي يتمتع بها البعض إزاء تعطيل أي تطوير كان، أو يمكن أن يتحقق في قطاع الانترنت؟

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ