ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المستقبل - الثلاثاء 12 كانون
الثاني 2010 العدد 3535 - رأي و فكر - صفحة 19 عبد الزهرة الركابي عاودت ايران عملية قضم الأراضي العراقية
الغنية بالنفط. عندما دخلت قوة
ايرانية مدعمة بالدبابات الى
العمق العراقي واحتلت حقل (الفكة)
شرقي مدينة العمارة بعدما انزلت
العلم العراقي ورفعت محله العلم
الايراني. وكانت شركات النفط الكبرى في العالم قد
حشدت امكاناتها الهائلة بغرض
الاستحواذ على نفط العراق، عبر
ما يسمى مزادات البيع العلني
التي بدأت في حزيران الماضي
الذي شهد أول مزاد علني لبيع
النفط العراقي من هذا النوع. لكن
هذا المزاد لم يتواصل في ذلك
الحين بعدما اعترضت الشركات
النفطية الأجنبية على البنود
المالية التي وضعتها حكومة
المالكي بزعم انها غير مناسبة. وبمناسبة مزادات البيع الأخيرة التي
أثارت الكثير من اللغط، فقد
عادت الى الواجهة بقوة عمليات
سرقة النفط التي ما عادت خافية
على القاصي والداني، ونحن هنا،
لا نريد ذكر الجهات او الجماعات
أو العصابات التي تقوم بهذه
السرقة، بعدما باتت مكشوفة
ومعروفة في آن، وعلى اعتبار ان
الفساد يضرب اطنابه بين
الجماعات المشاركة في العملية
السياسية التي يتبناها
الاحتلال. لكن ما نريد قوله، هو ان النفط العراقي
يتعرض الى عملية نهب منظمة وفي
وضح النهار، عبر أكبر من مزاد
علني للبيع، بعدما تم بيع أكب
حقول النفط العراقية للشركات
الأجنبية، تحت لافتة (ادارة
وتطوير) هذه الحقول، التي لم
يستفد الشعب العراقي من خيراتها
سواء في الحقبة الماضية أو في
الحقبة الراهنة، فما بالك في
حقبة المستقبل التي لا تشجع على
التفاؤل والاستبشار، ما دام
النفط العراقي ينهب من الداخل
والخارج على السواء؟. وهكذا تمكنت شركة شل الهولندية من
الاستحواذ على صفقة في مزاد
علني لما يسمى ادارة وتطوير
أكبر حقل للنفط في العراق، هو
حقل مجنون الذي ذاعت شهرته ابان
الحرب العراقية الايرانية
عندما احتلته القوات
الايرانية، ثم استعادته القوات
العراقية بعد ذلك. ونستطيع القول، ان ائتلافين عالميين
بقيادة كل من شركة (شل)
الهولندية والشركة الوطنية
الصينية للبترول (سي.ان.بي.سي)،
فازا باستخدام حقلين نفطيين
عملاقين في العراق في جولة
التراخيص الثانية (المراد
العلني الثاني) التي جرت في
الحادي عشر من كانون الأول
ديسمبر، وقد حضر ممثلو 44 شركة
نفطية حيث جرى استدراج العروض
بعشرة حقول نفطية في بادئ الامر
وقد بيعت خمسة حقول كما بيعت
الحقول الباقية في اليوم
التالي، اذ حصل ائتلاف نفطي
مكون من شركتي (لوك أويل)
الروسية و(سنات اويل هايدرو)
النروجية على صفقة استخدام حقل
القرنة 3 النفطي الضخم في جنوب
العراق، خلال جولة التراخيص
التي جرت في اليوم الثاني عشر من
الشهر الجاري. ويأتي حصول
ائتلاف شركتي (لوك أويل ستات
اويل) على عقد استخدام حقل
القرنة3 بعد تقديمه عرضاً
لانتاج البرميل بسعر 1,15 دولاراً
و"الارتفاع بمعدل الانتاج
الى 1,8 مليون برميل يومياً،
وتشارك لوك ايول في هذا
الائتلاف بنسبة 85% فيما تبلغ حصة
الشركة النروجية 15%. ويقدر مخزون
حقل القرنة3 بنحو 12,876 مليار
برميل من النفط، وهو الأضخم على
الاطلاق بين الحقول النفطية
العشرة التي عرضت خلال جولة
التراخيص الثانية. وتأكيداً، ان ائتلاف شركتي شل الانكليزية
الهولندية وبتروناس الماليزية
فاز بعقد استخدام حقل مجنون
النفطي الضخم جنوب العراق. والواضح من حمى التسابق بين الشركات
النفطية العالمية، ان هذه
الشركات تتنافس على الشريحة
الأكبر من ثروات نفط العراق
التي تعرض في مزاد كبير لأول مرة
بعد عقود من تأميم النفط، وعلى
حد وصف محللين نفطيين
استراتيجيين، فإن 15 حقلا من
حقول العراق الأكثر أهمية،
والتي تمثل ثلث احتياطيات نفط
العراق، جاهزة لمن (ينتزعها)،
وأوضحوا ان عقود السنوات
العشرين، سوف تعطى لشركات النفط
العالمية، التي تتألف من كبريات
الشركات الغربية الى الشركات
العملاقة المملوكة لدول الهند
والصين، وهذه الشركات تعمل على
الاستحواذ على احتياطات نفوط
الشرق الأوسط الرخيصة. مما تقدم، ومن خلال صفقات البيع هذه،
أصبحت أكبر حقول النفط العراقية
تستخدم وتدار من قبل الشركات
النفطية العالمية الكبرى، من
خلال عقود طويلة الأجل، واضافة
الى الحقول الآنفة، فإن الحقول
الأخرى باتت على هذا المنوال،
وهي حقول: الحلقاية، الرميلة،
الزبير، غرب القرنة، بينما
تنتظر حقول كركوك والناصرية
والموصل وشرق بغداد، دورها في
المزادات القادمة. =============================== المستقبل - الثلاثاء 12 كانون
الثاني 2010 العدد 3535 - رأي و فكر - صفحة 19 يوسي بيلين ثمة جملة من العناصر الجديدة تميز
الموضوع النووي الإيراني مع
بداية العام 2010: السلطة ضعفت،
المعارضة تشكل تهديداً حقيقياً
وتبدل السلطة لا يبدو أمراً
مستحيلاً. لقد وضعت الإدارة
الأميركية فترة زمنية تحذيرية
أمام إيران، وهذا التحذير انتهى
نهاية العام الماضي. فمحاولة
الحوار فشلت، وهو يُخلي مكانه،
أي الحوار، للمسعى المبذول
لتحقيق اتفاق حول فرض العقوبات.
ويبدو أن ثمة تقارباً بين
الولايات المتحدة وروسيا في
الموضوع الإيراني. كما أن الكشف
عن المنشأة النووية في مدينة
قم، والتغيير الذي طرأ على موقف
الوكالة الدولية للطاقة
النووية، خلقا أجواء دولية أكثر
تشدداً إزاء نوايا إيران. يترأس حكومة إسرائيل رجل يكرر الادعاء
بأن الأمر يتعلق ببرلين وأن
السنة هي سنة 1939. مغزى هذا
الادعاء هو أننا إذا لم نتصرف في
الوقت المناسب، فستقع كارثة.
وبالفعل، يملك سلاح الجو وسائل
تثير الانبهار. كما أن حقيقة
إمكانية القيام بعملية عسكرية
معينة، وإجراء تدريبات مختلفة
عليها، تخلق الرغبة كما توجد
ضغطاً معيناً للانتقال إلى
المرحلة العملية. لا شك في أن الأمر يتعلق بخطر حقيقي. يتعلق
الأمر بنظام متطرف، برئيس
مجنون، بدولة عضو في الأمم
المتحدة وتهدد دولة أخرى هي عضو
أيضاً في الأمم المتحدة،
بالإبادة. هذا الأمر كان ينبغي
أن يدفع لإخراج إيران من الأمم
المتحدة. ولا شك في أن إيران
خدعت العالم، وأنها تخصب
اليورانيوم بهدف الوصول إلى
حافة القنبلة النووية. خلافاً لنتنياهو، الذي يعتقد أنه إذا
حصلت إيران على سلاح نووي
فستستخدمه، لا أعتقد ذلك. حتى
وإن كان ثمة خطر كهذا من جانب
أحمدي نجاد، إلا أنه ليس الوحيد
في السلطة، ولا يتعلق الأمر
بمجموعة مجانين. فقادة الحكم
هناك يدركون جيداً ما من شأنه أن
يحصل لإيران إذا فكرت في
استخدام سلاح كهذا. في جميع الأحوال، إسرائيل ليست عرضة لخطر
الإبادة، لا سمح الله. لكن من
الواضح بأن مجرد حصول إيران على
سلاح نووي أو على امكانية
امتلاك السلاح النووي، هو أمر
إشكالي جداً. مثل هذا الأمر
سيخلق وضعاً جديداً يتم فيه منح
مظلة للجهات الأكثر تطرفاً في
الشرق الأوسط، بينما لن يكون في
وسع البراغماتيين الحصول على
إسناد للتسويات السياسية.
فإيران النووية ستخلق في شرق
أوسط خطير جداً، ولذلك يجب بذل
كل جهد ممكن لمنعها من ذلك، بما
في ذلك ترك الخيار العنيف
مطروحاً على الطاولة، بشرط أن
لا تكون إسرائيل هي من يلجأ إليه.
صحيح أن العالم العربي موحد في معارضته
لتطوير سلاح نووي في إيران،
ويرى فيه خطراً أمنياً أكبر من
خطر إسرائيل. لكن إذا قامت
إسرائيل بالعمل، لا سمح الله،
فسيكون العالم العربي موحد في
معارضته لنا. يمكننا أن نقول ألف
مرة إن هذا نفاق، وأن نقتبس ألفي
مرة ما قاله لنا هذا الزعيم
العربي أو ذاك في الموضوع، لكن
لن تكون لذلك أي مغزى: الشارع
العربي والإسلامي لن يقبل عملية
عسكرية دراماتيكية ضد دولة
إسلامية. المعرفة العلمية ستبقى في إيران. حتى في
أحسن الأحول التي يتم فيها
تدمير كل وسائل بناء القنبلة
النووية (وهذا بالطبع غير مؤكد)
فستؤدي العملية العسكرية إلى
تأجيل تصنيع القنبلة، لأن الذي
يعرف صنع ذلك سيحاول صنعها من
جديد. يجدر بنا الإصغاء في هذا الموضوع إلى من
كان رئيساً للجنة الطاقة
النووية، عوزي عيلام، وإلى رئيس
الموساد السابق، إفرايم هليفي.
إيران لن تجلس مكتوفة اليدين.
وقد نُقل عن ضباط كبار في الجيش
الإسرائيلي، الذين عرضوا في
الآونة الأخيرة القدرات مقابل
إيران، قولهم إن آلاف الصواريخ
ستسقط على إسرائيل بعد الهجوم
على إيران. "حزب الله" و"حماس"
سيعملان أيضاً. هذا من دون
الحديث عن العالم اليهودي، وعن
الثمن الذي من شأنه أن يدفعه في
أعقاب العملية الإسرائيلية. لكن الثمن الأكثر فداحة من شأنه أن يكون
الثمن السياسي. فإذا كان الحلم
الصهيوني رأى إسرائيل كدولة
ستصبح جزءاً لا يتجزأ من
المنطقة، فإن العمل الإسرائيلي
المباشر ضد دولة مسلمة سيسد
الطريق أمام اندماجنا في الشرق
الأوسط، أو سيبعد احتمال حصول
ذلك لسنوات طويلة. إن من يقود إسرائيل إلى مواجهة مباشرة
مقابل إيران لن يضطر لأن يثبت أن
هذه الخطوة محقة. بل سيضطر لأن
يثبت أنها خطوة حكيمة، تقلل من
مخاطر الدولة على المدى القصير،
ولا سيما على المدى الطويل. من
الأفضل أن نلقي على عاتقه
مسؤولية كهذه. =============================== عن الأنفاق والجدار
والمسكوت عليه من الأسرار السفير 12-1-2010 فهمي هويدي لا بأس من وقفة مع بعض مقولات «المصريين
الجدد»، الذين استنفرهم ما
كتبته عنهم في الأسبوع الماضي،
فاستبسلوا في تلبيس الحق
بالباطل، ولم تسعفهم أوراق
التوت التي استخدموها لستر ما
انكشف من عورات. 1 كنت قد تحدثت عن أولئك النفر من الناس
الذين أفرزتهم أجواء الانحسار
والانكسار التي سادت في السنوات
الأخيرة، فتشوه إدراكهم حتى
أصبحوا كارهين لمقومات
انتمائنا وتطلعات أحلامنا. ومن
ثم تبنوا منظومة قيم مناقضة لما
تعارفت عليه الجماعة الوطنية
المصرية وبلورة خطابها في
خمسينيات وستينيات القرن
الماضي، لم أخف أن ما كتبته كان
متأثرا بأصداء الهجوم على
الانتماء العربي بسبب أزمة
مباراة مصر والجزائر، والتجريح
الذي أصاب الملف الفلسطيني،
والمقاومة عموماً، الأمر الذي
سوّغ الاشتراك في حصار غزة ثم
السعي لإحكام ذلك الحصار من
خلال إقامة الجدار الفولاذي
العازل. ولأن سياق المقال كان
يتحدث عن أحداث العام المنصرم
وأجوائه، فإنني تطرقت إلى
منظومة القيم السلبية الأخرى
التي تجلت في خطاب أولئك «الجدد»،
متصوراً أن ذلك يسلط أضواء
إضافية من زاوية مغايرة على
صورة العام وحصيلته. الذين على رأسهم «بطحة» تطوعوا بالرد.
ولأن موضوع الجدار الفولاذي هو
حديث الساعة في مصر على الأقل،
فإنهم اتخذوا منه قاعدة ليس فقط
لهدم الفكرة التي عرضتها، ولكن
أيضا لهدم من قال بها أو أيدها.
ولجأوا في ذلك إلى التخويف
والتكفير تارة، وإلى الكذب
والتدليس تارة أخرى، وإلى تغطية
ذلك بالعناوين الكبيرة، مثل
السيادة والكرامة الوطنية
والمصالح العليا والأمن
القومي، تارة ثالثة، ولأنهم لم
يلجأوا إلى الإسفاف والبذاءات
التي يستخدمها بعض البلطجية
الذين انتسبوا إلى مهنة
الصحافة، بل استخدموا خفة اليد
التي يلجأ إليها النشالون
الأذكياء والظرفاء، فإن ذلك
شجعني على الرد على أطروحاتهم
وأخذها على محمل الجد، تقديرا
لأدبهم وظرفهم. 2 قرأت لأحدهم كلاماً أعتبره دفاعاً عن
مصر، في مدخل لا يخلو من تدليس،
حيث افترض أن مصر هي السياسات
الراهنة وأن الاختلاف حول هذه
السياسات هو تجريح لمصر ونيل من
مقامها. ولأنه أحد الوكلاء «الحصريين»
لمصر الراهنة، فقد وجد أن «الواجب»
يفرض عليه أن ينبري للدفاع
عنها، وفي نص المرافعة التي
نشرت يوم السبت الماضي 9/1 ركز
صاحبنا على النقاط التالية: [ إن مشكلة مصر دائما لم تكن مع أعدائها «التي
كانت قادرة على التعامل معهم»،
بل كانت مع أصدقائها وأشقائها (العرب؟)،
الذين ظل التعامل معهم ملتبسا
دائما وقائما على «المناورة
والخداع»(!) [ إن الرئيس عبد الناصر أقدم بعد الغارة
الإسرائيلية على غزة في العام
1955 على اعتقال سياسيين ومفكرين
ومناضلين «حتى لا يستدرج أي
منهم مصر إلى معركة لم تخترها
ولم تحدد هي مكانها وتوقيتها»
في إشارة تفوح منها رائحة إما
التلويح أو التحريض أو التخويف
من إمكانية تكرار «السابقة» مع
الناقدين الحاليين. [ النقطة الثالثة والأهم في المرافعة أنها
لجأت إلى الطعن في ولاء
الناقدين وانتمائهم. فوصفتهم
تارة بأنهم لا يجدون بأساً في
التفريط بالمصالح المصرية،
وبأن «أيديولوجيات مختلفة
دفعتهم للتخلي عن مصر ومصالحها»
تارة أخرى. وفي موضع ثالث ذكر
أنهم «يضعون مصر في مؤخرة
اهتماماتهم، ويضعون كل ما عداها
في المقدمة، من طهران إلى غزة،
وهي أوصاف تخرج الناقدين لفكرة
الجدار من الملة الوطنية. عبّر
عن الفكرة ذاتها في برنامج
تلفزيوني أحد الجهابذة الذين
يستضافون كثيرا هذه الأيام،
ويقدم بحسبانه من الخبراء
الأمنيين، إذ سمعته يقول إن
الذين انتقدوا الجدار «ليسوا
مصريين»، الأمر الذي لا يشكك
فقط في وطنيتهم، ولكنه يعد أيضا
من قبيل التكفير السياسي
والإرهاب الفكري. [ بعد التبكيت والتخويف والتخوين أوردت
المرافعة سبعة انتقادات لمشروع
الجدار، كان الرد عليها طريفا
للغاية، ذلك أن الرد لم يتجاوز
حدود النفي، دون تقديم أي حجة
مقابلة أو معلومة تؤيد وجهة
النظر المضادة. ففي مواجهة
انتقادات رأت أن الجدار بمثابة
عقاب لحماس لرفضها الاستجابة
للطلبات المصرية، أو أنه يعبر
عن التجاوب مع السياسات
الإسرائيلية، أو أنه ضمان للأمن
الإسرائيلي أو تمهيد لضربة
إسرائيلية جديدة، أو أنه جزء من
صفقة توريث السلطة في مصر أو. أو
..إلخ، فإن هذه الادعاءات قوبلت
بمجرد الاستنكار الذي لا يقنع
أحداً، ويفتح الباب لاحتمال
تأييد الادعاء لا استبعاده. 3 الشيء المحدد الوحيد الذي جرى الإلحاح
عليه أكثر من مرة هو أن الأنفاق
مثلت اختراقا للحدود المصرية
واعتداء على سيادة البلد، وأنها
استخدمت في تهريب السلاح وأدوات
العنف، وتهريب وتدريب
الإرهابيين، وان إقامة الجدار
استهدفت تأمين الحدود المصرية
من التهديدات القادمة من غزة. من
ثم فهي مجرد إنشاءات حدودية
وتحصينات دفاعية وليست هجومية
ارتأتها مصر استناداً إلى حقها
المشروع في الدفاع عن سيادتها
وأمنها القومي. هذا الكلام يعد نموذجاً للتدليس
وابتذالاً للمعاني الكبيرة
المتمثلة في السيادة والأمن
القومي والمصالح العليا. ذلك أن
الأنفاق لم تظهر كقضية إلا بعد
فرض الحصار على غزة وارتفاع
نبرة شكوى الإسرائيليين
وانتقادهم، لسبب جوهري هو أنها
كانت أحد أسلحة المقاومة التي
ابتدعها الفلسطينيون وحفروها
بأظافرهم لتحدي الحصار وإفشاله.
لذلك فإنها كانت مشكلة لإسرائيل
لا لمصر. الكلام عن استخدام الأنفاق في تهريب
السلاح وأدوات العنف أو تهريب
الإرهابيين كذب وافتراء لا أساس
له من الصحة. هذا هو رأى الدكتور
صلاح البردويل رئيس الدائرة
الإعلامية في حركة حماس الذي
قال إن ما بين 30 و35٪ من
الاحتياجات المعيشية للقطاع
ظلت تأتي عبر الأنفاق. فمن
خلالها تدخل إلى القطاع بعض
مواد البناء التي تمنعها
إسرائيل مثل الزجاج والأخشاب
والألومنيوم. كما تتوافر
الأقمشة والمواد البلاستيكية
ومواد التنظيف، وكل مستلزمات
المدارس من كتب وكراريس وأدوات
مدرسية، كما أن كل ما يدخل
القطاع من بنزين وسولار يأتي من
مصر عبر الأنفاق. ذلك غير قطع
غيار السيارات والمواد
الغذائية التي تشمل المعلبات
والفواكه وحليب الأطفال. (للعلم:
قيمة البضائع التي تدخل سنويا
عبر الأنفاق تقدر بمليار دولار
تنعش أسواق رفح والعريش). إن سد الأنفاق يعني خنق القطاع وحرمانه من
كل ما سبق. إذ ستتوقف الدراسة
وحركة ترميم المباني وستصاب كل
سيارات القطاع بالشلل، ولن يجد
الناس احتياجاتهم من الألبسة
والأحذية أو حليب الأطفال... إلخ.
وهذا هو «الإرهاب» الذي يتحدث
البعض عن ضرورة إيقافه،
ويصورونه بحسبانه مصدرا لتهديد
الأمن القومي المصري. هل هذا يبرر اختراق الحدود وانتهاك
السيادة؟ قطعا لا، ولكنه من
الناحية الأخلاقية، يعد من
الضرورات التي تبيح المحظورات.
والتعامل الأمثل مع هذه الضرورة
يكون برفع الحصار لتوفير
احتياجات المحاصرين من خلال
معبر رفح، الذي ينبغي أن يعامل
كأي معبر آخر يخضع لإشراف مصر
ورقابتها، في السلوم أو نويبع. ولا محل للاحتجاج هنا باتفاقات لم تكن مصر
طرفا فيها، كما ينبغي ألا
يستخدم الحصار وسيلة للي ذراع
حماس وإخضاعها لرئاسة السلطة في
رام الله، لأن الشعب الفلسطيني
في القطاع لا ينبغي أن يرتهن لكي
يحل ذلك الخلاف المعقد بين
أنصار التسوية والتفريط ودعاة
الممانعة والمقاومة. وفي
القانون الدولي الإنساني
واتفاقية جنيف الرابعة التي
تحظر تجويع المدنيين، سند قوي
للحل الذي ندعو اليه، يعلو فوق
أي اتفاق آخر، وهو مما يدعم موقف
مصر إذا أرادت أن تحل مشكلة
الأنفاق من جذورها، بحيث تسمح
بتوفير احتياجات الناس بصورة
إنسانية عادية ومنتظمة. 4 إن المرء ليستغرب أن تبتذل فكرة أمن مصر
القومي، بحيث تعد الأنفاق
الفلسطينية تهديدا لذلك الأمن،
فيما لا تعد كذلك 200 رأس ذرية
تخزنها إسرائيل. كما يستغرب ذلك
الاحتجاج ضد الأنفاق بالسيادة
واختراق الحدود المصرية، بينما
يتم السكوت على الاعتداء شبه
المنظم على السيادة المصرية من
جانب إسرائيل، التي لا تتوقف
غاراتها على الحدود لتدمير
الأنفاق. وهي غارات تمثل أيضا
انتهاكاً لاتفاقية السلام التي
نصت على اعتبار منطقة الحدود
المشتركة منزوعة السلاح، فيما
حوّلها الإسرائيليون إلى مسرح
للعمليات العسكرية. إن «وطنية» المصريين الجدد الذين تبلغ
بهم الجرأة حد إعطائنا درساً في
الغيرة على مصر والحدب على
مصالحها العليا، لا ترى في
طموحات إسرائيل خطراً على أمن
البلد، ولا في جرائمها ما يستحق
التنويه، فضلا عن الاستنكار،
لكنها لا ترى التهديد أو الخطر
إلا في توفير كراريس المدارس
وعلب الحليب وغيرها من
الاحتياجات الأساسية إلى
المحاصرين في غزة. إن الصمت المريب عن كل اعتداءات إسرائيل
وانتهاكاتها للحدود المصرية لا
يعادله إلا التجاهل التام لقصة
الجدار والمعلومات المثيرة
التي تتناثر حوله، ومن
المفارقات أن هذا الموضوع الذي
يثير الآن صخباً وجدلا شديدين
في مصر، ظل سرا محاطا بالكتمان
لعدة أشهر، إلى أن فضحته صحيفة «هآرتس»
الإسرائيلية، حين تحدثت عن
الأعمال الجارية على الحدود،
وعن مواصفات ألواح الصلب التي
تصنع في أميركا لكي تدفن في
الأرض على عمق ثلاثين مترا،
وتشكل الحاجز الفولاذي المطلوب.
وعلى أهمية تلك المعلومات إلا
أنها لم تشر إلى التفاصيل التي
تسربت تباعا في وقت لاحق. من تلك
المعلومات أن إقامة الجدار قرار
أميركي إسرائيلي جاء تنفيذا
لاتفاق كان آخر ما وقعته في
نهاية العام الماضي وزيرتا
الخارجية في الولايات المتحدة
وإسرائيل (كوندليسا رايس وتسيبي
ليفني). وكان إنجاز ذلك الاتفاق
أحد الشروط التي أملتها إسرائيل
على واشنطن قبل انسحابها من
غزة، فيما وصف بأنه «تنظيف
للطاولة» قبل استلام الإدارة
الأميركية الجديدة، وقد أغضب
ذلك مصر وقتذاك، التي احتجت على
اتفاق الدولتين على إقامة السور
الفولاذي على أراضيها، الأمر
الذي يعد اعتداء صارخا على
سيادتها. ولكن «التفاهمات»
اللاحقة امتصت الغضب وأدت إلى
تنفيذ الاتفاق كما أرادته
اسرائيل واتفقت عليه الدولتان. من المعلومات التي تسربت أيضا أن مركز
الأبحاث الهندسية والتنموية
التابع للجيش الأميركي هو الذي
أعد جميع المواصفات الفنية
للمشروع، وقد تعاقد على تنفيذها
مع شركة في ولاية مسيسبي،
المتخصصة في صناعة الألواح
الفولاذية العازلة، وسبق لها أن
نفذت مشروعات مماثلة على الحدود
بين الولايات المتحدة والمكسيك.
ذلك كله مسكوت عليه وتجري تغطيته بالحيل
البلاغية والشعارات الرنانة
التي تردد الهتاف لسيادة مصر
ومصالحها العليا وأمنها
القومي، فيما تهدد الناقدين
وتطعن في وطنيتهم ومصريتهم. لقد عددت في ما كتبت قبلا ما تصورته
مواصفات «للمصريين الجدد»
وموقفهم إزاء القيم السياسية
للجماعة الوطنية في مصر، لكن
النموذج الذي بين أيدينا سلط
الضوء على موقفهم من القيم
الأخلاقية الذي بات يحتاج الى
دراسة مستقلة، لأن الجرأة على
الاحتيال والتدليس التي تكشفت
ليست في مقدور كل أحد. =============================== الإصلاح في تركيا بين
التقسيط والشمولية السفير 12-1-2010 محمد نور الدين على هامش الحوار المتلفز الذي أجرياه مع
الرئيس التركي عبد الله غول،
ينقل الصحافيان حسن جمال وجنكيز
تشاندار عن مسؤول تركي رفيع
قوله إن «الاتحاد السوفياتي
الذي بداخل تركيا ينهار». وكان غول قد قال إن تركيا تمر بمرحلة
تغيير جذرية صامتة. ولا شك أن
ذلك المسؤول الكبير يقصد ب«الاتحاد
السوفياتي الداخلي» تلك
المنظومة من المؤسسات التي شكلت
ما عرف ب«الدولة العميقة»
وتألفت تحديدا من المؤسسة
العسكرية والمحكمة الدستورية
ومجلس التعليم العالي
والمؤسسات القضائية الأخرى
وإمبراطوريات الإعلام وقوى
خفية أخرى. وهذه المؤسسات كلها
غير منتخبة بل معينة من جانب
الحكومة أو رئيس الجمهورية، أو
تعين نفسها بنفسها كما في
القوات المسلحة. وكان موقع رئيس الجمهورية حساسا جدا في
هذا الإطار، لأن الكثير من
أعضاء المؤسسات، مثل مجلس
التعليم العالي والقضاء
والمحكمة الدستورية والسفراء،
يعينهم رئيس الجمهورية. وغالبا
ما كان الرئيس ألعوبة بيد «الدولة
العميقة» لأنه منتخب من
البرلمان حيث يسهل التحكم
والضغط على الأحزاب السياسية
لانتخاب شخص ما لرئاسة
الجمهورية، خصوصا عندما تكون
خريطة البرلمان مشتتة أو عندما
يكون الحزب الأوحد الأقوى من
اليسار العلماني المتشدد، كما
مع حزب الشعب الجمهوري. لذا كان من الأهمية بمكان لحزب العدالة
والتنمية أن يسعى لكي ينتخب
شخصا منه لرئاسة الجمهورية في
العام 2007. وكان مرشح الحزب في
نيسان العام 2007 عبد الله غول.
لكن الجميع يتذكر ذلك «الإنذار
الالكتروني» الذي نشر ليل 27
نيسان على موقع رئاسة الأركان،
ومن دون توقيع يحذر فيه بصورة
غير مباشرة من انتخاب غول رئيسا.
وقبل فترة اعترف رئيس الأركان
حينها الجنرال ياشار بويوك انيت
انه كتب بنفسه ذلك الإنذار. وبعد أيام قليلة، وفي الأول من أيار كانت
المحكمة الدستورية تتحرك
بإشارة سرية من رئاسة الأركان
لتفرض نصاب ال367 نائبا لانتخاب
الرئيس، وهو ما كان ينقص حزب
العدالة والتنمية. وكان رد
الحزب على هذا الانقلاب
الدستوري الدعوة إلى إجراء
انتخابات نيابية عامة مبكرة نجح
فيها في تعزيز شعبيته إلى 47 في
المئة من الأصوات، وتمكن من
انتخاب غول رئيسا بعدما ساعده
في تأمين النصاب حزب الحركة
القومية. حينها كان حزب العدالة والتنمية يتقدم
بسرعة على طريق الإصلاح الذي
توقف خلال فترة الانتخابات
والتوتر الداخلي. وقد أعد الحزب
بالفعل دستورا جديدا نوقش بشكل
غير رسمي في الأوساط المدنية
وكان دستورا شاملا مدنيا يمحو
الدستور العسكري الذي لا يزال
معمولا به منذ العام 1982. وأكثر
من ذلك عرض الحزب على استفتاء
شعبي انتخاب الرئيس من قبل
الشعب وهو ما حصل. وكان هذا ربما
الانجاز الأكبر للحزب حتى الآن
إذ انه اخرج عملية انتخاب
الرئيس من عنق الوصاية العسكرية
على أحزاب البرلمان أو معظمها،
على أن يكون الانتخاب الشعبي
الأول للرئيس في صيف أو خريف
العام 2012، أي بمرور خمس سنوات
الولاية الجديدة للرئيس. غير أن الظروف عاكست حزب العدالة
والتنمية. فالدستور الجديد كان
يعني ذهاب السلطة أو الدولة
بمعظم مؤسساتها من يد مراكز
القوى وانهيارها. لذا عمدت
رئاسة الأركان إلى توتير الوضع
مع حزب العمال الكردستاني،
وتبين أن بعض العمليات التي
نسبت إلى حزب العمال الكردستاني
في صيف وخريف العام 2007 كانت من
تدبير فئات داخل القوات المسلحة
بهدف حرف البلاد عن طريق
الإصلاح وتوجيه الأنظار إلى «الخطر
الكردي» ومنع تمرير طرح الدستور
الجديد على استفتاء شعبي. كما بدأت تتحرك شائعات عن قرب فتح دعوى
لإغلاق حزب العدالة والتنمية
وما إلى ذلك. ثم جاء دخول الجيش
التركي للمرة الأولى منذ
الاحتلال الأميركي للعراق إلى
مناطق يتواجد فيها حزب العمال
الكردستاني شمال العراق. وفي
هذا الوقت (شباط العام 2008) كان
المدعي العام يرفع دعوى لإغلاق
«العدالة والتنمية»، وبذلك
توقف الإصلاح نهائيا والدستور
الجديد. وبدا الطريق إلى
الاتحاد الأوروبي مسدودا. قبل يومين أعلن رئيس الحكومة رجب طيب
اردوغان انه سيحتكم إلى الأمة،
ولن يطلب موافقة غير ممكنة من
حزبي «الشعب الجمهوري» و«الحركة
القومية». ومن خلال ما تسرب فإن
الحكومة تنوي طرح تعديلات
دستورية على البرلمان حول تعديل
بنية المحكمة الدستورية
وقوانين المحاكمات المدنية
والعسكرية والتشدد في طريقة حظر
الأحزاب ومواضيع تتصل بالأكراد
وما إلى ذلك. وهذا أمر جيد
بالتأكيد. وبما أن التعديلات
الدستورية تتطلب ثلثي أعضاء
البرلمان فإن حزب العدالة
والتنمية لن ينجح في تمرير هذه
التعديلات بمفرده، ولكن
التعديلات ستنال أصوات 330 نائبا
على الأقل وهي نسبة كافية
لإحالة التعديلات على استفتاء
شعبي. إذا نجح «العدالة والتنمية» في إحالة تلك
المشاريع إلى استفتاء شعبي
وإجراء هذا الاستفتاء يكون أنجز
خطوة تاريخية أساسها هدم بنية
المحكمة الدستورية، أي المؤسسة
التي لا تزال تشكل الذراع
الدستورية اليتيمة للمؤسسة
العسكرية للضغط على الأحزاب
والقادة السياسيين والحياة
السياسية عموما، ولن يبقى حينها
أمام الجيش سوى التغيير بالقوة
العسكرية وهو أمر يتعذر أكثر مع
كل يوم يمر. اليوم يبدو «العدالة والتنمية» أمام
مفترق طرق. إذ أن عملية الانفتاح
الديموقراطي على الأكراد أصيبت
بنكسة كبيرة مع إغلاق المحكمة
الدستورية لحزب المجتمع
الديموقراطي الكردي. وباتت مشاريع الإصلاح والتغيير محدودة أو
مسدودة، وهو ما يضعف من صورة
الحزب كقوة تعمل للتغيير. وقد
أحس الحزب بخطورة الموقف مع
تراجع شعبيته في الانتخابات
البلدية في الربيع الماضي عشر
نقاط مئوية. اليوم حسنا يفعل حزب العدالة والتنمية
بتحريك الحياة السياسية في
اتجاه استكمال التغيير
والاحتكام إلى الشعب. مع ذلك فإن
التعديلات الدستورية المتوقع
طرحها على البرلمان، وربما بعد
ذلك على استفتاء شعبي، تبقى على
تعددها جزئية، في حين كان يفترض
به أن يتقدم بدستور جديد شامل
يتناول كل شيء، ومن ذلك موضوع
الحريات الدينية وارتداء
الحجاب في الجامعات وربما في
غير الجامعات. قد يشعر حزب العدالة والتنمية أن الإصلاح
الشامل متعذر دفعة واحدة وهذا
صحيح، لكن التجربة دلت أيضا على
أن الإصلاح الجزئي لم يؤت
الكثير من ثماره ويهدر الوقت
بالسنوات، ولا بد من الاستفادة
من الزخم الشعبي لتسريع الإصلاح
وعدم تأخيره، وحزب العدالة
والتنمية لم يفعل ذلك عام
انتصاره الكبير عام 2007 وكان خطأ
كبيرا. وإذا ما أراد استكمال
الإصلاح فالمطلوب أن يكون أكثر
شجاعة. =============================== الرأي الاردنية 12-1-2010 ايزي ليبلار كلام جورج ميتشيل على امكان ان تشترط
الولايات المتحدة ضماناتها
لاسرائيل بالتقدم في المسيرة
السلمية يؤالف الاعتراف بأنه لا
يحل للهدوء الذي ساد علاقات
الولايات المتحدة باسرائيل
اخيرا ان يضللنا. ان اجراء تجميد
الاستيطان ربما نجح في منع
مواجهة مع الادارة، لكن
التوترات الخفية ما تزال على
حالها وليس من الممتنع ان تعود
لتطفو على السطح. يمكن ان نقول
في الجانب الايجابي ان الادارة
من المحقق انها تقدر الان ان
جهودها الاولية لاملاء مطالب
صعبة على اسرائيل على خلفية
الهشاشة للفلسطينيين كانت غير
مجدية بل انها أضرت باحتمالات
تفاوض حقيقي. لكن برغم ذلك، قل
الضغط على اسرائيل في ظاهر
الامر ولا سيما ان اوباما كان
مثقلا بعلاج أزمات اخرى. ان
المشاجرة في موضوع الاصلاح
الصحي، والمعضلات المتصلة
بعلاج افغانستان وانتقاد
سياسته لمد يده الى طغاة ايران
اضعفت مكانة اوباما عند مؤيدين
ليبراليين ايضا. يصعب تجاهل
اخفاق توجهه وبين يديه ردود
الايرانيين على جهود الادارة
لمصالحتهم. قد يمكن بعقب ذلك ان
يكون اوباما قد خطا بضع خطوات
الى الوراء كما بينت ذلك خطبته
قبيل حصوله على جائزة نوبل
للسلام، وهي خطبة تبنى فيها
الحاجة الى مكافحة الشر وواجب
استعمال القوة كما حدث في الحرب
مع النازيين. لكن لا يبدو للاسف
الشديد ان خطبته عبرت ايضا عن
تغيير النظرة الى حكومة اسرائيل
ومن يرأسها. ما زال لا يوجد ود
بين الطرفين. برغم ان الكونغرس
أجاز تأييده للدولة اليهودية،
فان ادارة اوباما ما زالت لم
تلمح بأي طريقة الى انها تميل عن
تصميمها الاولي على تفتير
العلاقات الخاصة المكشوفة
باسرائيل. في واقع الامر تستعمل
من وراء ستار ضغوط باهظة على
اسرائيل كي تتبنى المقترحات
السرية غير المصدقة التي قدمها
رئيس الحكومة السابق ايهود
باراك للفلسطينيين في أول
ولايته. أجل، تلك الصفقة التي
رفضها رئيس السلطة الفلسطينية
ابو مازن، اشتملت على تخل من
جميع المناطق التي احرزناها في
حرب الايام الستة، الى جانب
تبادل اراض للحفاظ على الكتل
الاستيطانية المركزية. لم يقترح
اولمرت نقل السيطرة على جبل
الهيكل الى جهة دولية تحت سيطرة
عربية. بادر اولمرت الى ذلك وهو
ضعيف من جهة سياسية وبغير
اعتبار لحكومته او للكنيست او
لاي جهة اخرى. وكانت حكومة
نتنياهو منذ البدء مصممة على
موقفها وفحواه ان المبادرات
الخاصة ليست ملزمة. صحيح الى
الان انه يبدو ان ابا مازن ما
زال على نيته ألا يفعل شيئا، وهو
يعتمد على الجماعة الدولية
لتستمر في الضغط على اسرائيل من
اجل تنازلات من طرف واحد. مع ذلك
اذا صحا من سكرته ووافق على
تجديد المباحثات مع اسرائيل،
فانه يصر على ان تقوم نقطة بدء
التفاوض في المستقبل على
المقترحات التي قدمها له اولمرت
برغم انه رفضها في الماضي. وهو
على ثقة كذلك من أنه من اجل
تعزيز مكانته ازاء حماس يجب على
الامريكيين ان يضغطوا على
اسرائيل للقيام بتنازلات اخرى.
يوجد الان من يزعمون انه يوجد
جدل داخلي داخل الادارة
الامريكية في سؤال أينبغي اعلان
صيغة امريكية تشبه الخطة
الاوروبية. ذكرت وزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون من قبل دولة
فلسطينية «تقوم على حدود 1967
وتبادل متفق عليه لمناطق». ومن
المعقول ان يجر هذا الموضوع الى
مواجهة كبيرة مع حكومة اسرائيل.
قد تقبل هذه الضغوط بموازاة
مبادارات جديدة تستغل تقرير
غولدستون من اجل الاستمرار على
تسويد وجه اسرائيل. اقترح
نتنياهو على الفلسطينيين دولة
مستقلة منزوعة السلاح وتجميد
الاستيطان - يتجاوز ما وافق
رابين عليه - لكن ذلك رفضه
الفلسطينيون واتهمته الجماعة
الدولية بأنه رافض للسلام في
حين يجلس الامريكيون على الجدار
في أحسن الحالات. تذكرون ان
اوباما بالغ عندما وصف حي جيلو
في القدس اليهودية على انه
منطقة مختلف فيها. يجب علينا في
الوضع الحالي ان نهيىء انفسنا
لنضال وان نؤيد جهود نتنياهو
لتوسيع الحكومة، الذي سيوحي
برسالة وحدة وقوة للحكومة
والعالم. ويجب علينا ان نواجه
ايضا حقيقة انه برغم دبلوماسية
نتنياهو الحكيمة فان الحكومة
تعوزها سياسة استراتيجية بعيدة
المدى وانها مشغولة في اخماد
الحرائق. يجب صياغة استراتيجية
قانونية لمواجهة تقرير
غولدستون، وان نعترف بأنه لما
كانت احتمالات انشاء دولة
فلسطينية منزوعة السلاح في
القريب منخفضة، فانه ينبغي
الاستثمار في التطوير
الاقتصادي للضفة الغربية. ان
جعل الحياة هناك اكثر احتمالا
سيمنحهم املا قد يقنعهم بأن
سبيل التخلي من العنف يمكنهم من
ضمان حياة مزهرة في دولة لهم. اسرائيل اليوم =============================== حسني عايش الرأي الاردنية 12-1-2010 لا يوفر التغير السريع بل المتسارع
اليوم، والنزعة الاستهلاكية
الشديدة التي يغذيها الإعلان
التجاري المثير والمولات
والأسواق البرّاقة، والموضات
الجذابة، وتمدْيُن القرى،
واتساع المدن،والعولمة...
للشباب، فرصة للالتقاط الأنفاس
أو فسحة للتأمل أو الحوار مع
الذات او المستقبل، على الرغم
من حاجتهم الملحة إليهما، أي
إلى التبصر في عواقب القرارات
المتسرعة التي يتخذون، والسلوك
الطائش الذي كثيراً منهم عنه
يصدرون . وحسب المفكر المستقبلي إدوارد كورنيش،
فقد حلّ العنف والفوضى
الأخلاقية وغياب الهدف، التي
تحاصر المجتمعات المعاصرة، محل
أي تعبئة لرؤية ذات بعد مستقبلي
عند الشباب، وصار الركض وراء
اللحظة الراهنة أو المتعة أو
اللذة ، أو النزعة الاستهلاكية،
هي الغالبة على عقولهم وسلوكهم. وينسب أحد المفكرين (بيل مويرن) ذلك إلى
عجز الشباب عن التفكير الواقعي
والتفكير المبدع، وعن النظر الى
المستقبل بتفاؤل وأمل، ومعاناة
كثير من الشباب مما يمكن تسميته
برهاب المستقبل (Future
Phobia) مما يجعلهم يقصرون تفكيرهم على اللحظة
الراهنة أو أحوالهم الآنية، (ويدخلون)
المستقبل دون استعداد له او
التفكير فيه ويوقعهم في مشكلات
جمة. يرى عدد غير قليل من علماء النفس وعلماء
الاجتماع أن السبب الكامن وراء
هذا العجز هو ضعف مهارة او فضيلة
الاستبصار أو التبصر بالعواقب (Foresight) عند الشباب أي الإقبال على
الفوائد العاجلة دون التفكير في
الكلفة أو في العواقب الآجلة أي
الاستخفاف بالآثار المستقبلية
الحتمية غير المرغوب فيها لما
يصدر عنهم من قرارات وسلوكات،
وأنه السبب الرئيس لجميع أشكال
الانحراف والجريمة والسلوك
الطائش عند الشباب، فعندما لا
يملكون ولو قليلاً من مهارة أو
فضيلة التبصر بالعواقب او لا
شيء منها على الإطلاق، فإنهم لا
يستطيعون التفكير بواقعية، أو
إبداعياً، او توجيه حياتهم نحو
نجاح طويل المدى. وبدورها تؤدي
هذه الحالة الى ممارسات وسلوكات
طائشة، وانحرافات قاتلة من مثل
السياقة المتهورة، أو تعاطي
المخدرات، أو اللعب بالسلاح، أو
ارتكاب الجرائم، وحتى قتل النفس.
وفي حالات أخرى قد لا يفكر
الشباب في العواقب لأنهم يعرفون
مسبقاً أنها غير ذات قيمة أو
أهمية كما في حال القتل بحجة
الدفاع عن الشرف او في حوادث
المرور الناتجة عن السرعة
الزائدة والطيش لأنها تُسّوى
باقل كلفة أو دون عقاب رادع. ويذكرنا كورنيش بالخطأ الشائع عند
الراشدين او البالغين (adults) الذين ينسبون طيش الشباب –
عادة – إلى المراهقة او الى
طبيعة النمو في هذه المرحلة، مع
أن شباب اليوم صاروا (يشبّون)
مبكراً. والحقيقة أن الشباب اليوم يعانون من
تلاشي قوة الآباء والأمهات
والمعلمين والمعلمات والأساتذة
والأستاذات والمرشدين في
المجتمع والمرشدات مما يجعلهم
يعانون من الغربة الدائمة او من
احتباس اجتماعي او سجن انفرادي
في قرى تتخذ طابع المدينة، وفي
مدن مزدحمة، لا يعرف الناس فيها
بعضهم بعضاً ولا يتفاعلون،
وبعكس ما كان عليه الحال في
الماضي عندما كان الناس يعيشون
في قرى ومدن صغيرة يعرفون فيها
بعضهم بعضاً، ويتفاعلون طلية
الوقت ويقدم الراشد او الكبير
القدوة او النصح للصغير او
الفتى والشاب. في القرى الحديثة (المتمدينة) والمدن
الكبيرة يضعف التواصل بين
الأجيال وحتى بين الوالدين
والأطفال، فيضل الشباب ويضيعون
قيمياً وسلوكياً لأنهم يتخذون
قراراتهم وحيدين في الوقت الذي
لا يملكون فيه الخبرة الكافية
أو الأدمغة المكتملة النمو التي
لا يكتمل نمو مصدر التبصر فيها
وهو الجزء الأمامي من الدماغ ،
حتى السنة الخامسة والعشرين من
العمر حسب ما يفيد بعض العلماء. وبما أن الأمر كذلك تقع على الأسرة
والمدرسة والجامعة والإعلام...
أعباء تكوين هذه المهارة او
الفضيلة (مهارة او فضيلة التبصر)
بتعليم وتعلّم عميقين لا
سطحيين، وقدوة صادقة وفاعلة.
هذا أو استمرار العنف والتدهور
الأخلاقي الشامل. =============================== أليس هذا هو واقع
جامعاتنا العربية؟ يوسف عبدالله محمود الدستور 12-1-2010 كثيرون منا العرب لا يحبون «النقد الذاتي».
يعتبرونه تطاولا وتجريحاً. لا
يقرأونه قراءة موضوعية ، بل
يكابرون فيسارعون الى دفع ما
يسمونه «تهمة» عنهم ، حاملين
على الناقد حملة شديدة ، وكأن
بينهم وبينه ثأراً، في نقد جريء لجامعاتنا الوطنية يقول
المفكر العربي صادق العظم في
كتابه الشهير «النقد الذاتي بعد
الهزيمة» 118ص ما يلي: «... كلنا
يعلم أن جامعاتنا الوطنية هي في
الحقيقة مؤسسات لامتحان الطلاب
في نهاية العام الدراسي وليست
مؤسسات لحفظ المعرفة الانسانية
ونقلها وتجديدها وتطويرها
وتخطيها ووضعها في خدمة الأمة
والشعب». لا أظن أحدا منصفاً منا يستطيع الاعتراض
على هذا القول سيما وانه يصدر عن
أكاديمي وباحث بارز عربياً
وعالمياً ، مارس التعليم
الجامعي سنين طويلة في عدة
بلدان عربية. هل جامعاتنا معنية
حقاً «بحفظ المعرفة الانسانية»
ومن ثم تطويرها أم انها - كما
وصفها هذا الأكاديمي مجرد
مؤسسات «لامتحان الطلاب في
نهاية العام الدراسي» ومن ثم
تسليمهم الشهادات؟ مؤسف أن
جامعاتنا ما زالت الى الآن
تتبنى نهجاً تقليدياً يعتمد
الحفظ والاستظهار وتسجيل ما
يمليه المحاضر والاستاذ دون
اتاحة الفرصة للتفكير النقدي
المفترض ان يمارسه الطلاب. جامعاتنا - مع احترامي لها - لا تحتفي «بالمعرفة
الانسانية» كما ينبغي ، بل أكاد
اقول انها غير معنية كثيراً
بهذا الجانب شأن الجامعات
الأجنبية الراقية. لا أظن أنني
أتجنى على هذه الجامعات ، بل
أزعم أن جامعات عربية عريقة كان
لها صيتها ووزنها باتت اليوم في
ظل «العولمة» أشبه بمؤسسات
تجارية - اذا صح التعبير ،
شهاداتها يمكن الحصول عليها
بسهولة بوسائل باتت معروفة، حتى
أساتذة هذه الجامعات - مع تقديري
لهم - في ضوء الظروف المعيشية
الصعبة التي يعيشونها والتي
تعجز مرتباتهم عن مجاراتها ،
بات الكثيرون منهم - ولا أقول
كلهم - لا يقومون بالمسؤولية
الملقاة على عاتقهم كما يجب ،
صرفتهم الهموم المعيشية أو صرفت
الكثيرين منهم عن واجبهم المقدس
، فلم يعد هذا الواجب يؤرقهم.
بالطبع فأنا هنا أستثني النوعية
الجادة من الاساتذة الذين رغم
قسوة ظروفهم المعيشية في ظل
التضخم غير المسبوق وارتفاع
الأسعار ، فانهم يؤدون الأمانة
على خير وجه ، لا يسعون وراء
المنافع الشخصية التي تسيء الى
قدسية الرسالة التي كُلّفوها. وهنا أود أن اقول ان جانباً من ترهل أداء
جامعاتنا تتحمله الدول
والحكومات ومالكو هذه الجامعات
الذين يعنيهم «الربح» أكثر من «حفظ
المعرفة الانسانية». وبودي ان أتساءل: لماذا تحتفي الجامعات
الأجنبية الراقية بهذه «المعرفة
الانسانية» ولا تساوم عليها؟ لماذا لا يحصل الطالب فيها على شهاداته
الجامعية الا بعد جهد جهيد ،
يخرج بعده الى الحياة العملية
عالماً بحق ، وباحثا بحق؟ لماذا لا نجد مثل هذا في جامعاتنا العربية
بصفة عامة؟ هل السبب نُدرة
الكفاءات الاكاديمية العالية؟.
لا أظن ذلك. ففي تصوري ان نظرتنا
العربية الى «العلم» ما زالت
نظرة دون المستوى. ننفق المال الكثير على الترف ولا ننفق
القليل منه على البحوث العلمية
التي تخدم «المعرفة الانسانية»
وتطورها. ننفق على بعض
الفضائيات التي تُسطح الوعي
بغير حساب في حين نقبض أيدينا عن
الانفاق على العلم والعلماء. لا
يكفي ان نغدق الجوائز التحفيزية
- كما نسميها - على هذه النخبة او
تلك من علمائنا ومثقفينا. لا
يكفي كل هذا ، بل لا بد من وضع
استراتيجية عربية متكاملة
تحتفي بالعلماء العرب على الارض
العربية. تجعلهم يسهمون في خدمة
أوطانهم بدلا من «تطفيشهم»، لماذا لا نقتدي بدول متقدمة كالصين
واليابان اللتين ما إن استقلتا
وظفرتا بالحرية حتى استدارتا
فوراً الى بناء المؤسسات
التعليمية وتأسيس الأكاديميات
العلمية. في كتابه السابق الذكر
يحدثنا صادق العظم عن جمهورية
الصين الشعبية التي قامت بعد
تأسيسها بشهر واحد فقط (1949)
بتأسيس الأكاديمية الصينية
للعلوم ، ثم وجهت نداء الى
العلماء الصينيين في المهجر ان
يعودوا لبناء نهضة الصين. وهذا
ما كان. وأين تقف الصين هذه
الأيام، ألم تعد متقدمة في اقتصادها على جميع
بلدان العالم؟ ألم تحرز وفي مدة وجيزة وبفضل علمائها
تفوقاً ملحوظاً في أبحاثها
النووية ساعدها في صنع قنبلتها
الهيدروجينية؟ واليابان التي ما أن تعافت من الدمار الذي
حصد عشرات الآلاف من أبنائها
حين ضُربت بقنبلتين ذريتين
امريكيتين ، حتى سارعت الى بناء
المؤسسة التربوية ايمانا منها
بأهمية التعليم في بناء النهضة
اليابانية. أين تقف اليابان
اليوم، أعود فأقول: ما لم تتغير النظرة العربية
الرسمية الى «العلم» فستبقى
جامعاتنا في هُمود. ستبقى «مؤسسات
لامتحان الطلاب في نهاية العام
الدراسي ، وليست مؤسسات لحفظ
المعرفة الانسانية». سيبقى مستواها دون المطلوب ، وسيبقى
مستوى خريجيها مدعاة للحزن
والرثاء، لست أتجنى على
جامعاتنا ، ولكنها الحقيقة التي
يجب ان تُقال. والله من وراء القصد. =============================== اسباب عجز الاحزاب عن
مساعدة مجتمعاتها ميشيل كيلو 12/01/2010 القدس العربي يعرف من كان مثلنا، عضوا في حزب شيوعي
عربي، هذه الجملة عن السلطة
ويحفظها عن ظهر قلب، ويؤمن
إيمانا لا تشوبه شائبة بصحتها.
إنها جملة تنسب إلى لينين،
اكتسبت مصداقية هائلة خلال فترة
طويلة تقارب القرن، دون أن يشكك
أحد في صحتها أو يطرحها
للمناقشة، مع أنها قيلت في لحظة
محددة وأسهمت في نقاش محدد، ولم
يطلقها صاحبها لتكون حكمة
سياسية خالدة لا يأتيها الباطل
من أمامها أو من خلفها أو من بين
يديها. قال لينين ليلة الثورة، قبل بدئها
بساعات، وخلال اجتماع عاصف
للجنة الحزب المركزية عقد
لمناقشة ما إذا كان يجب إسقاط
النظام بالثورة المسلحة: لو
قمنا بالانتفاضة البارحة لكنا
مستعجلين، وإذا قمنا بها غدا
سنكون متأخرين . الانتفاضة
الليلة أو لا انتفاضة، والسلطة
هي مسألة السياسة المركزية فلا
بد من أخذها بالانتفاضة المسلحة.
هذه الجملة، المرتبطة بوضع فائق التحديد
والتعين، هو الانتفاضة المسلحة
الهادفة إلى الاستيلاء على
السلطة في ليلة محددة وميزان
قوى ملائم ربما لساعات، تحولت
إلى قانون مطلق الصلاحية
والصحة، يغطي جميع حالات
السياسة وأوضاعها، منذ اليوم
السابق لتكون الحزب السياسي إلى
الزمن التالي لاستيلائه على
السلطة، يتطلب الإيمان بصحتها
تحول الثوري إلى درويش يذكر
نفسه لحظة بلحظة أن السلطة هي
مسألة السياسة المركزية، وأن
مهمته الوحيدة، الأولى
والأخيرة، هي الاستيلاء عليها .
هذا الفهم الغريب يدخل إلى رأس
لثوري فكرة خاطئة تزين له
الاعتقاد بأن أخذ السلطة ممكن
دائما وفي أي وقت، بغض النظر عن
وضعه الخاص ووضع حزبه، وموازين
القوى السياسية والاجتماعية
القائمة في وطنه، ونمط الوعي
السائد بين أفراد وطبقات
مجتمعه، وقوة السلطة القائمة أو
ضعفها؛ فإن تخلى عن الإيمان
بمركزية السلطة في السياسة،
وأحجم عن العمل اللحظي
للاستيلاء عليها، خان الثورة
وتخلى عن دوره فيها. لن أناقش هنا ما ترتب على هذه الفكرة من
هوس سلطوي وتشوه سياسي قاتل،
ومن اعوجاج في خط الأحزاب
العربية، التي ظلت تكرر مقولة
لينين، حتى رسخ في عقلها أن
لمسألة السلطة أولية مطلقة في
جميع الظروف والأحوال، وأن كل
شيء يجب أن يسخر لحسمها: من شكل
التنظيم، إلى نوع وسوية الوعي
المعرفي والأيديولوجي
والسياسي، إلى العلاقات
والتحالفات السياسية والطبقية،
إلى خطة الحزب الاستراتيجية
والتكتيكية، التي لن تكون، ولا
يجوز أن تكون، غير نسخ أمين لخطة
البلاشفة الروس، أو قراءة لا
تعرض نموذج الثورة السوفييتية،
الذي اعتبر الشكل الوحيد الممكن
لأي ثورة بإطلاق، لأي تعديل
محلي، ما دام التعديل، أي
تعديل، ومهما كان طفيفا
وبرانيا، يمس بنقائه ويشوهه.
هكذا، اخترقت مسألة طرحت في
لحظة محددة، كل زمان ومكان،
وغدت عابرة لجميع الأوضاع
ومستقلة عنها، واكتسبت قداسة
أيديولوجية أفقدتها عقلانيتها،
وحالت بين أنصارها وبين
مناقشتها أو الشك فيها، فصار
الحزبي عامة والشيوعي خاصة
درويش سلطة، مع أنه لم يبذل في
الواقع أي جهد لإقامة الشروط
الضرورية التي تؤسس للحظة تجعل
السلطة مسألة السياسة
المركزية، واكتفى بترديد هذه
المقولة في نقاشاته وسجالاته،
وباستخدامها للمزايدة على
الغير. والآن: هل كان لينين سيقول إن السلطة هي
مسألة السياسة المركزية،
وسيدعو إلى أخذها بانتفاضة
مسلحة، لو كان حزبه غير مسلح، أو
غير مؤهل للقيام بانتفاضة؟. وهل
كان من الممكن أن يقول عام 1897،
عندما أسس فريق عمل فكري ونضالي
ضم قبضة من الأشخاص شكلوا فيما
بعد نواة تنظيمية وفكرية للحزب
العمالي، إن مسألة السلطة هي
مسألة السياسة المركزية، فإن لم
نأخذها الليلة نكون متأخرين؟.
ألم يقل إن الوعي والعمل
النضالي والعلاقة بينهما هي
المسألة التي يتوقف عليها نوع
ومستقبل الحركة السياسية للحزب
العمالي وللطبقة العاملة،
وتاليا للثورة المنشودة؟. لماذا
لم يتحدث لسنوات طويلة، شملت
معظم الحقبة الأولى من نشاطه
السياسي والثوري، عن مركزية
مسألة السلطة في السياسة، مع
أنه كثيرا ما تحدث عن السلطة
وشرّحها وبين طابعها ودرس آليات
إعادة إنتاجها، وكتب كتبا مهمة
عن الثورة واحتمالاتها
ومراحلها ونمطها المحتمل أو
المرجح في المجتمع الروسي
المتأخر، والمجتمع الأوروبي
المتقدم، وفي بلدان 'الشرق'عموما؟.
هل كانت مركزية السلطة غائبة
عنه يومئذ، ثم اكتشفها قبل
الثورة المسلحة بساعات، فصرخ في
لجنة الحزب المركزية: مسألة
السلطة هي المسألة المركزية في
السياسة. لنتأمل الآن ما حدث. قال لينين قبل ساعات
من الثورة، ومن أجل إقناع رفاقه
المعترضين عليها في قيادة الحزب
(وهم معروفون بالأسماء وإن
كانوا أقلية في اللجنة المركزية):
الآن، قبل الثورة بساعات
معدودة، بل وفي هذه اللحظة
بالذات، مسألة السلطة هي
المسألة المركزية في السياسة،
فلا بد من حسمها الآن، في هذه
اللحظة. البارحة لم تكن مسألة
السلطة هي المسألة المركزية،
التي يتوقف مصير العمل الثوري
على حسمها، فلم نقل بحسمها أو
ندعو إليه. أما في اللحظة
الراهنة، فإنها لن تحسم أبدا
إذا لم تحسم الليلة. إنها في هذه
الليلة بالذات مسألة السياسة
المركزية، وستتحول، إن فوتنا
فرصة حسمها إلى مسألة من مسائل
السياسة المهمة دون شك، لكنها
لن تكون لفترة قادمة لا يعرف أحد
كم ستطول، مسألة السياسة
المركزية، مسألة الثورة
المباشرة؟!. في كل عمل سياسي: هناك لحظة تطول أو تقصر
تصير السلطة فيها مسألة السياسة
المركزية. وهناك أيضا لحظات
كثيرة لا تكون لها فيها
الأولية، بل تكون الأولية للعمل
الذي يتراكم حجرا فوق حجر ولبنة
فوق لبنة، جاعلا من السلطة، في
لحظة معينة، شديدة التحديد
وعابرة، مسألة السياسة
المركزية: هذه اللحظة هي لحظة
الاستيلاء عليها، وليست أية
لحظة أخرى. عندما يقول حزب في طور التأسيس: إن السلطة
هي مسألة السياسة المركزية،
يكون حزب دراويش بلهاء لا يرون
أولويات السياسة بصورة صائبة،
ولا يعرفون أن مسائل الوعي
والعمل والتنظيم تكون في هذه
المرحلة هي مسائل السياسة
المركزية والرئيسة، وأن مسألة
السلطة تظل ثانوية الأهمية قبل
تراكم نمط من التطور يفضي إلى
ميزان قوى محدد يجعل الاستيلاء
عليها ممكنا في لحظة بعينها،
تصبح خلالها بحق مسألة السياسة
المركزية. قبل اكتمال هذا
التطور التراكمي، تتنوع مسائل
السياسة المركزية بتنوع
الأوضاع الملموسة، ونمط الوعي
السائد، وشكل القطيعة الشعبية
مع الأيديولوجيات المهيمنة،
وأشكال التنظيم الحزبي
والجماهيري، وصور تفاعل
الأقلية الحزبية مع الأغلبية
الشعبية، واستعداد المجتمع
للتحرر من أحواله القائمة،
ومواقف القوى السياسية،
الرسمية والشعبية، من الحزب
الثوري وبرامجه، ومواقف
النقابات وهيئات المجتمع
المدني والأهلي من النظام
القائم واستعدادها للنضال في
سبيل بديل له هو أو يشبه - البديل
العمالي ... الخ . في سياق هذا
التطور التراكمي، تتعاظم أهمية
السلطة كمسألة مركزية في
السياسة، إلى أن تصبح مسألتها
المركزية بإطلاق، لحظة الثورة .
ومع أنها تبقى بعد الثورة لوقت
غير قصير مسألة مركزية في
السياسة، فإن مسائل أخرى تضاف
إليها وتصير بمرور الوقت وتراكم
التجربة مسائل مركزية بدورها،
يتوقف عليها نجاح وفشل الثورة،
منها نمط الدولة الجديدة، ونمط
البناء الاشتراكي، وأشكال
توزيع الدخل والثروة، ومشاركة
ودور القوى العاملة في الحياة
العامة والنظام السياسي،
وعلاقات البيروقراطية الحزبية
مع السلطة والمجتمع ... الخ، علما
بأن مركزية مسألة السلطة في
السياسة تتراجع بقدر ما يتقدم
البناء الاشتراكي، وتبرز أشكال
حكم غير سلطوية، مباشرة
وديمقراطية ولا مركزية، ترفع عن
الإنسان عبء التعين بأي شيء من
خارجه، وخاصة السلطة. ثمة خط تطور يبدأ بمسائل سياسية مركزية لا
تحتل مسألة السلطة أولية فيها .
ثم تتصاعد أهمية السلطة كمسألة
مركزية في السياسة بقدر ما
تتراكم خبرات وتنشأ وقائع تجعل
حسم مسألة السلطة أمرا قريبا أو
محتملا، بناء على تحليل دقيق
لموازين القوى القائمة. ثم، وفي
لحظة معينة هي لحظة الثورة
بالذات، تصير قضية السلطة مسألة
السياسة المركزية بامتياز،
لتبدأ بعد حسمها في التراجع،
بقدر ما يتراجع ويتلاشى دور
الدولة في الحياة العامة، ويبرز
دور المجتمع المدني، مجتمع
المواطنين الأحرار والمنتجين،
كبديل لها، وينضج المجتمع
الاشتراكي كمجتمع إنساني،
تشاركي، غير دولوي. ليست السلطة اليوم مسألة السياسة
المركزية في وطننا العربي.
المسألة المركزية هي الحريات،
التي يتمكن المواطن بواسطتها من
تغيير ظروفه في اتجاه يقربه من
لحظة ثورية تبدو اليوم جد
بعيدة، تصير السلطة فيها مسألة
السياسة المركزية. وما لم تقلع
الأحزاب والهيئات السياسية عن
اعتبار السلطة مسألة السياسة
المركزية بإطلاق، فإنها ستبقى
غارقة في الدروشة الثورية
والبؤس الأيديولوجي، وستظل
عاجزة عن مساعدة نفسها
ومجتمعاتها على إحراز أي قدر من
الحرية والفاعلية، وعن تلمس
الواقع وأوليات العمل العام
بالصورة الصحيحة، التي اعتبرها
شرط أية سياسة تستحق اسمها. ' كاتب وسياسي من سورية =============================== معاملة المسلمين في
المطارات الامريكية رأي القدس 12/01/2010 القدس العربي اتخذت الولايات المتحدة الامريكية
اجراءات امنية اكثر تشددا في
مطاراتها ومنافذها الحدودية
بعد اكتشاف محاولة فاشلة لتفجير
طائرة مدنية فوق ديترويت، اقدم
عليها شاب نيجيري قيل انه تدرب
في احد مراكز 'القاعدة' في اليمن. هذه الاجراءات تعتبر اجراء سياديا
امريكيا لا جدال حوله، ولكن ان
تستهدف هذه الاجراءات مواطنين
عربا ومسلمين على وجه الخصوص،
فهذا يعني ان تهمة 'الارهاب'
باتت محصورة في هؤلاء دون
غيرهم، مما يعكس تمييزا عنصريا
واضحا للعيان. الادارة الامريكية وضعت قائمة الدول
الارهابية تضم 14 دولة من بينها 13
دولة اسلامية، هي ايران
وافغانستان وليبيا والجزائر
والمملكة العربية السعودية
واليمن والسودان وسورية
وباكستان ونيجيريا والصومال
والعراق ولبنان، والدولة
الوحيدة غير العربية وغير
الاسلامية هي كوبا. استهداف العرب والمسلمين بالتفتيش
الدقيق في المطارات الامريكية
ليس بالامر الجديد، ولكن تشديده
بعد محاولة التفجير الفاشلة،
يعني المزيد من الاهانات
والاذلال والتحقيقات، والتفتيش
الجسدي، وفحص اجهزة الكمبيوتر
والهاتف المحمول، الامر الذي
يجعل من مسألة السفر الى امريكا
جحيما لا يطاق. حصول المواطن العربي او المسلم على جنسية
اوروبية لا يعني شيئا، ولا يعفي
هؤلاء من المرور عبر الاجراءات
نفسها لاي مواطن قادم من الدول
المدرجة على القوائم
الامريكية، باعتبار مواطنيها
الاكثر شبهة بالاقدام على اعمال
ارهابية. فالبريطانيون
والفرنسيون من اصول اسلامية
مجبرون على الحصول على تأشيرة
دخول الى الولايات المتحدة في
معظم الاحيان في تمييز واضح عن
زملائهم من ذوي الاصول
الاوروبية البيضاء. ومن المفارقة ان هذه المعاملة التمييزية
العنصرية تطبق على المواطنين
الامريكيين من الاصول العربية
والاسلامية، حيث غالبا ما 'يزين'
ضباط الهجرة والجمارك بطاقة
صعودهم الى الطائرة بعلامة
مميزة (xxxx) باللون الاحمر لاخضاعهم
للمزيد من التفتيش والتحقيق. قصص كثيرة يرددها المسافرون الى الولايات
المتحدة عن المعاملة 'الخشنة'
التي يتعرضون لها، مثل الانزال
من الطائرة، او المنع من صعودها
في الاساس لوجود الاسم على
قائمة الممنوعين، او المراقبين
(تضم حوالى مليون اسم)، فقد تعرض
السيد عبد الرحمن شلقم مندوب
ليبيا في الامم المتحدة الحالي
ووزير الخارجية السابق الى
معاملة مهينة في مطار نيويورك
قبل صعوده الى الطائرة، وقد
احتجت حكومته بشدة وقررت منع
دخول الامريكان الى اراضيها كرد
انتقامي، ولكن اعتذار الادارة
الامريكية ووزيرة خارجيتها عن
هذا العمل المخجل ادى الى تطويق
الازمة، وان بشكل مؤقت. ولعل اكثر الامثلة ايلاماً تلك التي
اعادت فيها الحكومة الامريكية
وزيراً فرنسياً من اصل جزائري
من مطار العاصمة واشنطن بعد
تفتيشه بشكل مهين، لأن لونه ليس
ابيض وعيونه ليست زرقاء. الحكومة الجزائرية كانت الوحيدة تقريبا
التي احتجت على القرار الامريكي
باخضاع رعاياها الى رقابة امنية
اضافية في المطارات باعتبارها
تمييزا ليس له ما يبرره، وقام
وزير الخارجية الجزائري
باستدعاء السفير الامريكي في
الجزائر لابلاغه باحتجاج
الحكومة الجزائرية. كنا نتمنى لو ان جميع الدول العربية
والاسلامية المدرجة على قوائم
الارهاب الامريكية قد احتجت
بشكل جماعي، واتفقت فيما بينها
على اتخاذ اجراءات تؤكد
المعاملة بالمثل للرعايا
الامريكيين في مطاراتها، مثل
التحقيق المطول، والتفتيش
الشرس، والتوقيف لساعات،
فالامريكيون يرتكبون اعمالا
ارهابية في العراق وافغانستان
ايضا. نحن مع حماية ارواح المواطنين الامريكيين
الابرياء، ولكننا ايضا مع حماية
المواطنين العرب والمسلمين من
الاهانات والاذلال في المطارات
والمنافذ الحدودية الامريكية
على ايدي محققين امريكيين
يحتقرون كل ما هو عربي ومسلم،
ويتعاملون معنا كارهابيين
مدانين وليس كرجال اعمال او
طلاب او دبلوماسيين او اعلاميين. =============================== مشاكل وزير الدفاع
البريطاني بوب اينسوورث الثلاثاء, 12 يناير 2010 سيريل تاونسند * الحياة أفترض أن معظم من سيقرأون هذا المقال لا
يعرفون من هو بوب اينسوورث أو
لماذا يستحق كتابة مقال عنه. كان
هذا الرجل البالغ سبعة وخمسين
سنة والفخور بشاربيه الرفيعين
والغريبين يعمل في جمع قطع
السيارات في مصنع «جاغوار» بين
عام 1971 وعام 1991 كما أنه كان
ممثَلاً لنقابة العمال في
المصنع لمعظم الوقت. لا أعرفه
شخصياً لكن يبدو أنه صادق ولطيف
إنما لا يتمتع بالمهارة الكافية
لمواجهة بعض الأوضاع. تكمن المشكلة في أن المملكة المتحدة،
التي أرسلت 10 آلاف جندي من رجال
ونساء للقتال في أفغانستان، قد
خسرت مئة منهم في ساحة القتال
خلال السنة الماضية لا سيما
بسبب أجهزة التفجير المفاجئة.
أما النزاع فراح يزداد سوءاً
على الصعيدين السياسي والعسكري.
وبوب اينسوورث هو وزير الدفاع
في المملكة المتحدة ونظير روبرت
غيتس الرجل القوي والذي يتمتع
بثقة عالية بالنفس في الولايات
المتحدة. يقوم رجال الدولة البريطانيون السابقون
من حين إلى آخر بالتعبير بجرأة
وحزم عمّا يدور في بال العديد من
السياسيين البريطانيين الذين
لا يجرأون على قوله. ففي شهر
تموز (يوليو) الماضي، تساءل
ديفيد أوين وهو وزير خارجية
أسبق ينتمي إلى حزب العمال
ويحظى برأيي باحترام متزايد،
إذا كان الوقت لم يحن بعد لتعيين
رجل سياسي قوي في منصب وزير
الدفاع. فقد رأى أن طريقة إدارة
النزاع في أفغانستان لم تكن
يوماً على هذه الدرجة من
الاهمية والعجز عن ادارتها في
الوقت ذاته. ويعتبر عادةً منصب وزير الدفاع بين
المناصب الأربعة الأولى في
الحكومة التي تأتي بعد منصب
رئيس الوزراء، وذلك بعد منصب
وزير الخارجية ووزير الخزانة
ووزير الداخلية. وعندما عيّن
غوردون براون بوب اينسوورث في
الصيف الماضي، صُنّف رسمياً في
المرتبة الحادية والعشرين في
الحكومة من أصل 23 وزيراً، كما
شكّك المنتقدون في قدرته على
جعل القوات المسلحة تحظى بالدعم
الذي تحتاج إليه في الحكومة وفي
البلد ككّل. ومن المؤسف وضع بوب اينسوورث إلى جانب بعض
كبار وزراء الدفاع الذين اذكرهم
والذين طبعوا المعترك السياسي.
وأفكّر على وجه الخصوص باللورد
دنيس هيلي الذي نفّذ سياسة
الانسحاب من شرق قناة السويس
واللورد كارينغتون الذي كان
وزير خارجية استثنائياً
واللورد هيزيلتاين الذي سعى إلى
قيادة حزب المحافظين بعد إرغام
مارغريت ثاتشر على الرحيل عن 10
داونينغ ستريت. كانت هذه
الشخصيات السياسية الثلاث تملك
الخبرة والقدرة ليصبح كل منها
رئيساً للوزراء. وتواجه أحياناً الحكومات التابعة لحزب
العمال مشاكل لإيجاد وزراء
مناسبين للدفاع. فعدد قليل من
نواب حزب العمال يملك معرفة أو
اهتماماً بالمسائل الدفاعية.
ويمكن إيجاد نواب يملكون خلفية
في الشؤون الدفاعية على مقاعد
المحافظين في مجلس العموم. لقد
خلف اينسوورث جون هاتون ونقلت
الصحف أنه كان «أقل الخيارات
سوءاً للمنصب». وبدا جون هاتون
كفوءاً علماً أنه نشر كتاباً
حول التاريخ العسكري. لكن بعد
فترة وجيزة على توليه منصبه
وعقب زواجه الثاني قدّم
استقالته. وكان هاتون قد خلف بدوره ديس براون وهو
صديق مقرّب من رئيس الوزراء
غوردن براون. ونشرت صحيفة «التايمز»
افتتاحية في 14 تموز (يوليو)
الماضي جاء فيها ما يأتي: «يدل تعيين ديس براون الذي ترافق بتعيينه
أيضاً وزير دولة لشؤون اسكتلندا
على استهزاء حزب العمال بهذا
المنصب، علماً أن هذه الخطوة لا
تهين القوات المسلحة فحسب بل
تعتبر قصيرة النظر في وقت تحاول
فيه بريطانيا القتال في حربين...
لم ينجح حزب العمال منذ زمن
دينيس هيلي في تعيين رجل من حزب
العمال يتمتع بإمكانات فكرية
عالية وقادر على الالتزام
بمنصبه وتأمين استمراريته». يجب أن ننتظر الآن حصول الانتخابات
العامة لخلط الأوراق وتعيين
وزير جديد للدفاع في المملكة
المتحدة. ومهما تكن هوية هذا
الشخص، ستكون المهمّات التي
عليه الاضطلاع بها هائلة. وفي
عام 2007، كتب مارشال الجو الأسبق
اللورد غاردن في صحيفة «إندبندنت»: «تشعر قواتنا المسلحة بالإحباط.
فالمهمّات لا تنتهي أبداً وبدأ
الجنود يشعرون بالتعب وأوشكت
المعدات على النفاد ... وبات عدد
أفراد الجيش البريطاني
والبحرية الملكية والقوات
الجوية الملكية أصغر من أي وقت
مضى في السنوات السبعين الماضية
... فهم يشعرون بأن الحكومة تستخف
بهم وبأن الشعب لا يقدّرهم». (25
شباط/فبراير 2007) يعتبر ذلك وصفاً دقيقاً للوضع علماً أن
المشاكل قد تفاقمت منذ ذلك
الحين وازدادت مخاوف الشعب.
ويستحيل على وزارة الدفاع التي
أصبحت وزارة متهوّرة وغير فاعلة
إخفاء المشاكل الجديّة على صعيد
المعدّات. ففي 31 كانون الأول (ديسمبر)
مثلاً، نقلت الصحف أن أكثر من
نصف الآليات المصفحة الجديدة
التي تمّ إرسالها إلى أفغانستان
خارجة عن الخدمة. بعد حصول الانتخابات العامة، سيتمّ إجراء
مراجعة مطوّلة لمسألة الدفاع
إضافة إلى تخفيض المصاريف
الدفاعية. ربما لن تتسلم
البحرية الملكية حاملتي
الطائرات الجديدتين أو قد تتخلى
بريطانيا عن قدرة الردع النووية.
لكن ينبغي على هذا البلد تقليص
التزاماته الدفاعية لا سيما في
هذا العقد الجديد. * سياسي بريطاني ونائب سابق =============================== الثلاثاء, 12 يناير 2010 ماجد كيالي * الحياة لم تتمكن إسرائيل خلال العام المنصرم من
مواجهة التحديات التي تعترضها،
أو حتى تجاوزها، ما يعني أن عبء
التعاطي مع هذه التحديات سيبقى
ماثلاً أمام حكومة نتانياهو
اليمينية المتطرفة، في عامها
الثاني. وكلنا يذكر أن إسرائيل ظلت مرتبكة إزاء
التهديد الذي تراه في إيران،
سواء بالنسبة الى تزايد نفوذها
في الشرق الأوسط (لا سيما في
العراق ولبنان وفلسطين)، أو في
سعيها لكسر الاحتكار النووي
الإسرائيلي في هذه المنطقة. واضح أن الأمر، هذه المرة، لا علاقة له
بحجم إيران أو قوتها، بقدر ما له
علاقة بانعدام قدرة إسرائيل على
التصرف وحدها، في منطقة الشرق
الأوسط، بعد التجارب غير
المحمودة للحلول العسكرية التي
اعتمدتها الولايات المتحدة
الأميركية، في عهد بوش الابن،
في العراق وفي أفغانستان،
وأيضاً بحكم تبين قدرة إيران
على فتح مجالات اشتباك جديدة لا
تقتصر على لبنان أو فلسطين (خذ
المجال اليمني كمثال). ومشكلة إسرائيل في هذا المجال باتت جد
صعبة ومعقدة، فهي غير قادرة على
التصرف وحدها إزاء إيران (على
غرار سابقة ضربها المفاعل
النووي العراقي 1981)، وهي في حال
أرادت استقطاب الدول الكبرى في
هذا الاتجاه، فهي تدرك أنها
مطالبة، بالمقابل، بتقديم
عوامل ترضية مناسبة، تبدأ
بتقديمها الاستحقاقات المطلوبة
منها في التسوية مع
الفلسطينيين، ولا تنتهي عند حد
الإقدام على دفع ثمن تسوية
إقليمية مع سورية أيضاً. على ذلك يبدو أن إسرائيل باتت محشورة في
زاوية، بين كلا الأمرين، أي في
مواجهة تحدي إيران وفي مواجهة
استحقاقات التسوية، بعد أن تبين
للقوى الدولية والإقليمية، على
ضوء الدروس السابقة، عقم فصل
أزمات المنطقة عن بعضها، كما
مركزية الصراع ضد إسرائيل في
ادراكات شعوب المنطقة. أما بالنسبة الى التحدي الثاني الذي
تواجهه إسرائيل، والمتعلق
بتفعيل عملية التسوية مع
الفلسطينيين، فإن الموقف
الإسرائيلي لايقل تعقيداً عن
الأول، فثمة هنا حكومة يمينية
متطرفة، لم تستطع بلع حتى مجرد
تجميد شكلي وموقت للاستيطان،
فما بالك ببقية عناصر القضية
الفلسطينية. في هذا المجال استطاع الفلسطينيون خلال
العام الماضي، على خلافاتهم
وانقساماتهم، أن يضعوا إسرائيل
في موقف حرج أمام المجتمع
الدولي، وبالأخص أمام القوى
الدولية والإقليمية المعنية
بعملية التسوية. وحجة
الفلسطينيين في ذلك أنهم أدوا
قسطهم من المرحلة الأولى من خطة
«خريطة الطريق»، واتجهوا نحو
التهدئة (في الضفة وفي غزة)، في
حين أن إسرائيل رفضت تنفيذ
قسطها من هذه الخطة، والمتعلق
بتجميد الاستيطان. وحتى أن
إسرائيل لم تستطع إنكار هذا
الواقع، فبحسب تقرير لجهاز
الأمن العام «الشاباك» فإن «العام
2009 هو الأهدأ منذ بدء الانتفاضة
الثانية. فقد قتل في هذا العام 15
إسرائيلياً كنتيجة للإرهاب،
تسعة منهم في حملة «رصاص مصبوب»
في قطاع غزة. خمسة آخرون قتلوا
في عمليات مصدرها الضفة الغربية.
ولغرض المقارنة ففي عام 2008 قتل 36
إسرائيلياً (13 إسرائيلياً عام
2007، و30 إسرائيلياً عام 2006، و56
إسرائيلياً عام 2005، و117 عام 2004،
و208 عام 2003، و452 عام 2002، و207 عام
2001، وفي الأشهر الثلاثة الأخيرة
من العام 2000 مع اندلاع
الانتفاضة قتل 44 كنتيجة لأعمال
الإرهاب.» (عاموس هارئيل، «هآرتس»،
31 كانون الأول/ديسمبر الماضي) ولا شك في أن هذا التحول الفلسطيني (ولو
الاضطراري) أحرج كثيراً رئيس
الحكومة الإسرائيلية بنيامين
نتانياهو، الذي كان في ولايته
الأولى يكثر الحديث عن شروط
إسرائيلية، وعن التبادلية
والأمن، وإذا به بات يتنازل عن
كل ذلك بحديثه الدائم عن
الاستعداد للانخراط في مفاوضات
مع الفلسطينيين من دون شروط
مسبقة (!)، بمعنى من دون شروط من
الفلسطينيين، ومن دون شرط
الالتزام بمرجعية عملية
المفاوضات، وضمنها خطة «خريطة
الطريق». التحدي الثالث الذي تواجهه إسرائيل في
المرحلة القادمة يتعلق بتآكل
شرعيتها وصدقيتها ومكانتها في
العالم، فقد باتت هذه الدولة
مكشوفة على حقيقتها، على الصعيد
الدولي (عند الحكومات
والمجتمعات) كدولة استعمارية
عنصرية ودينية وعدوانية. والمشكلة هنا أيضاً أن إسرائيل تعرف أن
المدخل لترميم مكانتها
وشرعيتها وتحسين صورتها على
الصعيد الدولي يفترض منها
التجاوب مع المساعي الأميركية
والأوروبية في شأن تحقيق عملية
التسوية مع الفلسطينيين، على
قاعدة إنفاذ حل الدولتين، وهو
ما تتهرب منه إسرائيل، أو تماطل
فيه، حتى الآن، أو تحاول
الالتفاف عليه بصيغة أو أخرى،
من مثل: دولة موقتة وحلول موقتة
واتفاق رف، واتفاق جزئي، وتسوية
حدودية..الخ، وكلها صيغ باتت
مكشوفة ومرفوضة من الطرف
الفلسطيني، وحتى من القوى
الدولية المعنية. لكن إشكال عملية التسوية لايتعلق فقط
بسياسة قطع حبل الصرة الذي يغذي
النفوذ الإقليمي لإيران، ولا
بتحسين مكانة إسرائيل الدولية،
ولا باستعادة العلاقة
الاستراتيجية مع الحليف
الإقليمي القوي تركيا، أيضاً،
وإنما هو يتعلق، فوق كل ما تقدم،
بكيفية مواجهة إسرائيل لما بات
يعرف بالخطر الديموغرافي، الذي
بات من أهم التحديات التي
تعترضها، في سعيها للحفاظ على
وضعها كدولة يهودية، وحؤولها
دون التحول الى دولة «ثنائية
القومية» (بحكم الواقع). ويستنتج
من ذلك أن إسرائيل في كل هذه
الأمور باتت مربكة ومحشورة، في
هذا الوضع المعقد والمتداخل. الآن ثمة تحركات دولية وإقليمية حثيثة
وجدية، لتسيير عجلة المفاوضات،
لدرجة أن جدعون ليفي اعتبر عام
2010 بمثابة «عام المفاوضات في
الشرق الأوسط»، في دلالة على
المكانة المركزية لهذه
المسألة، بالنسبة الى حل مختلف
أزمات المنطقة. السؤال الآن: هل ستتجاوب إسرائيل فعلياً
مع هذا الاستحقاق، الذي بات على
الأبواب، لا سيما في ظل الحديث
عن إنضاج خطة أميركية للتسوية،
بالتعاون مع دول أوروبية وتركيا
ومصر والسعودية؟ أم أنها ستواصل
نهجها بترحيل الأزمات
والتحديات، على رغم أن هذه
السياسة باتت جد خطيرة ومضرة
بالاستقرار في المنطقة، كما
بالنسبة الى المصالح الدولية
والإقليمية فيها؟ ثم ما هي
التداعيات التي ستتولد عن ذلك
في الرمال الشرق أوسطية
المتحركة؟ * كاتب فلسطيني =============================== قضية الأسبوع: الوضع في
اليمن بات مقلقا! الرأي الاردنية 12-1-2010 إعداد: د. حسن البراري ربما لا تريد واشنطن المجازفة في معالجة
الوضع اليمني بعد أن ثبت للكثير
من الإستراتيجيين والمحللين
السياسيين صعوبة الوضع في
أفغانستان إذ ما زالت الولايات
المتحدة تعاني الأمرين لا سيما
وسط الإخفاقات الإستخبارية كما
حدث مؤخرا في قاعدة خوست.
الإشارات التي ترد لصانع القرار
في البيت الأبيض تفيد أن اليمن
أصبحت منطقة يمكن لتنظيم
القاعدة فيها أن يخطط لشن هجمات
إرهابية ضد أهداف أميركية،
وبالتالي لا بد من التيقظ بعد أن
أدى ضعف الحكومة المركزية في
صنعاء إلى خلق بيئة خصبة لتغلغل
تنظيم القاعدة. ولهذا السبب
قامت واشنطن بإغلاق سفارتَها في
اليمن، بعد تلقيها معلوماتٍ
استخبارية تشير إلى أن تنظيمَ
القاعدة يخطط لشنِ عمليةٍ ضد
هدفٍ في صنعاء، وقالت إنها لا
تريد المخاطرة بأرواح موظفي
سفارتها في العاصمة اليمنية.
وفي هذا السياق أكدت واشنطن
حرصها الشديد على التعاون
الوثيق مع اليمن للتصدي للخطر
الذي يمثله تنظيم القاعدة هناك
على المصالح الأمريكية. وقال
جون برينان نائبُ مستشار الأمن
القومي الأمريكي وكبير مستشاري
الرئيس أوباما لمكافحةِ
الإرهاب في لقاءٍ مع شبكة Fox
نيوز: "لقد حاول تنظيمُ
القاعدة منذ أشهرٍ شن هجومٍ على
سفارتِنا، ونعلم أنه شن هجوما
في تشرين ثان عام 2008 عليها، ونحن
نواصل تعقب ما ينوي التنظيم
عمَلُه، وندرك أن هناك عددا من
أفرادِ التنظيم ممن يُصرون على
تنفيذِ عمليةٍ ما، ولن نسمح لهم
بذلك، حتى لو تطلب الأمر إغلاقَ
سفارِتنا". فبالنسبة
لواشنطن، فإن تورط تنظيم
القاعدة في العمليات التي تأتي
من اليمن هو أمر مؤكد. وفي هذا
السياق كتب علي صوفان مقالا
نشرته صحيفة نيويورك تايمز في
الثالث من الشهر الحالي بدأه
بالقول أن الدليل على تورط فرع
القاعدة في اليمن في المؤامرة
الفاشلة لتفجير طائرة ركاب
أمريكية يوم عيد الميلاد دفع
البعض إلى القول إن اليمن أصبح
الجبهة الجديدة في الحرب ضد
التنظيم الإرهابي. غير أن
المقال يكشف عن أن اليمن أصبحت
إحدى جبهات تلك الحرب بالفعل
منذ شهر تشرين أول من العام 2000
عندما قامت عناصر تابعة لتنظيم
القاعدة بتفجير المدمرة
الأمريكية كول في ميناء عدن مما
أسفر عن مصرع سبعة عشر بحاراً
أميركيا. ويكشف التقرير أنه في
ذلك الوقت تم شراء المتفجرات من
اليمن، وكان أغلب المتآمرين
وشركائهم يحملون الجنسية
اليمنية، بل إن البعض في معسكر
القاعدة في أفغانستان هتفوا
آنذاك بشعارات تقول "نحن
اليمنيون فجرنا كول". ويوضح
الكاتب أنه تولى بنفسه مسؤولية
التحقيق في تفجير المدمرة كول
في الفترة من 2000 إلى 2005، وأنه
أمضى وزملاؤه سنوات في اليمن
لتتبع المسؤولين عن الهجوم،
وأنهم استطاعوا كشف شبكة كاملة
تابعة للقاعدة هناك. ويضيف
الكاتب أن اليمن كان مرتبطاً
بحوادث إرهابية قبل تفجير
المدمرة كول، فقد سافر أغلب
المتورطين بحوادث تفجير
السفارات الأمريكية في إفريقيا
عام 1998 عبر اليمن أو كانوا
يحملون جوازات سفر يمنية مزورة.
وبعد عامين من حادث كول، قامت
عناصر من القاعدة في اليمن
بمهاجمة ناقلة النفط الفرنسية
ليمبورغ بالقرب من ساحل اليمن.
ويؤكد كاتب المقال أن مقاتلي
القاعدة في اليمن ساعدوا في
هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001،
ثم يعرج الكاتب إلى محاولة
اغتيال الأمير محمد بن نايف،
نائب وزير الداخلية السعودي في
شهر آب الماضي والتي تم التخطيط
لها في اليمن. بل إن المتفجرات
المستخدمة في الحادث كانت من
نفس النوع الذي حاول عمر
الفاروق عبد المطلب استخدامه
لتفجير الطائرة التي كان على
متنها، وفي كلتا الحالتين أخفى
الإرهابيان المتفجرات في
ملابسهما الداخلية. الكاتب يفسر
جاذبية اليمن بالنسبة للقاعدة،
والتي تعود إلى عدة أسباب،
فموقع اليمن في جنوب شبه
الجزيرة العربية يمكنه من
الوصول إلى مناطق اهتمام
القاعدة، وبينها السعودية
والصومال والعراق وأفغانستان،
كما أن الحدود ليست مؤمنة.
وعلاوة على ذلك، تسيطر القبائل
المتعاطفة مع تنظيم القاعدة على
العديد من المناطق مما يسهل على
الإرهابيين دخول البلاد
والخروج منها والتحرك حولها
بسهولة، هذا بالإضافة إلى توافر
الأسلحة والمتفجرات في سوق
السلاح اليمني. ويضيف الكاتب أن
بنية اليمن القبلية تجعله
مكاناً يسهل على القاعدة العمل
داخله، بالإضافة إلى ضعف
الحكومة المركزية مقارنة بقوة
القبائل الإقليمية التي تعمل
كحكومات مصغرة لا تخضع كثيرا
لسلطة الحكومة المركزية، في وقت
تحاول فيه الحكومة المركزية
احتواء حركة انفصالية في الجنوب
وحركة تمرد في الشمال. كما أن
انتشار الفقر والجهل يجعل من
السهل على القاعدة تأمين الدعم
الشعبي والسيطرة على اليمنيين
وإقناعهم بتصديق ما يقولون.
ويضيف الكاتب أن فرع القاعدة في
السعودية اندمج العام الماضي مع
فرع اليمن ليصبحا تنظيماً يشمل
شبه الجزيرة بأكملها مقره اليمن
ويرأسه يمني هو ناصر عبد الكريم
الوحشي، الذي كان أحد مساعدي
أسامة بن لادن. ثم يختتم الكاتب
المقال بقوله إن هزيمة القاعدة
في اليمن دون إرسال قوات
أمريكية ممكن، لاسيما وأن
السلطات اليمنية بدأت في مواجهة
القاعدة ومهاجمة معاقلها
واعتقال رجالها. وفي الوقت نفسه
ينبغي على المسؤولين اليمنيين
التأكد من عدم هروب أي من هؤلاء
الإرهابيين أو العفو عنهم مثلما
حدث من قبل. اليمنيون بدورهم
يعتبروا أن وصف الأميركيين
لليمن كملاذ لتنظيم القاعدة
وكتهديد للمصالح الأميركية لهو
أمر مبالغ فيه. وفي هذا السياق
نشرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز
تقريرا في الرابع من الشهر
الحالي استهلته بالقول إن
مسؤولي اليمن اعتبروا وصف
التهديد الذي يُشكله تنظيم
القاعدة في بلدهم بأنه "مبالغ
فيه"، مقللين احتمال تعاون
وثيق مع الولايات المتحدة من
أجل محاربة المتشددين
الإسلاميين، رغم أن الولايات
المتحدة وبريطانيا أغلقتا
مراكزهما الدبلوماسية في اليمن
مؤقتاً بسبب تهديدات القاعدة
غير المحددة. وقد جاءت
التصريحات التي أدلى بها كل من
وزير خارجية اليمن، ورئيس الأمن
الوطني بعد يوم واحد من تعهد
القائد العسكري الأمريكي
الأعلى في المنطقة بتكثيف الدعم
العسكري الأمريكي لشعب شبه
الجزيرة العربية المحاصر.
وبالفعل زار ديفيد بترايوس
اليمن يوم السبت قبل الماضي
وتعهد بأن يؤازر الرئيس اليمني
علي عبد الله صالح لتضييق
الخناق على تنظيم القاعدة. بيد
أنه وبالرغم من ذلك، يبدو أن
المسؤولين اليمنيين لا يؤيدون
فكرة التعاون الوثيق مع الغرب
خشية من أن يبدو الرئيس اليمني
ضعيفاً ومتحالفاً مع القوات
الغربية. وفي هذا السياق صرح
وزير الخارجية اليمني بأن بلاده
ترحب بفكرة تبادل المعلومات
الإستخبارية مع الغرب لكنها لم
تقدم أي التزام لشن عمليات
عسكرية ضد الإرهاب. كما أفادت
وكالة الأنباء اليمنية سبأ أن
وزير الخارجية اليمني صرح
لصحيفة بوليتيكس اليومية بأن
"اليمن لديه مخططات قصيرة
المدى وطويلة الأجل للتصدي
للإرهابيين في أي مكان في
الجمهورية، وأن ذلك يتطلب
تعاوناً وتنسيقاً للمعلومات مع
البلدان الأخرى". وهنا مخاوف
أميركية حقيقية من تعاظم قوة
تنظيم القاعدة في اليمن وانعكاس
ذلك على قدرة النظام اليمني في
البقاء. إيلي لايك أعد تقرير
نشرته واشنطن تايمز في الرابع
من الشهر الحالي يقول فيه إن
وكالات الاستخبارات الأمريكية
مصابة بحالة من القلق من أن يسعى
فرع تنظيم القاعدة في اليمن إلى
الإطاحة بالحكومة اليمنية أو
اغتيال رئيسها علي عبد الله
صالح، انتقاماً لتورط الولايات
المتحدة في الغارات الأخيرة
التي استهدفت تنظيم القاعدة في
البلاد. وبالفعل تصاعدت تلك
المخاوف إثر محاولة التفجير
الفاشلة التي شهدتها طائرة ركاب
أمريكية مؤخراً أثناء هبوطها
إلى مطار ديترويت. ومن جهتهم،
صرح مسؤولو الإستخبارت
الأمريكية لصحيفة واشنطن تايمز
بأن ثمة تقارير مختلفة بحوزتهم
مصدرها تنظيم القاعدة، تُفيد أن
القاعدة ستشن هجوماً على هدف ذي
أهمية بالغة. ويرصد الأميركان
مسألة أن القاعدة ألّبت القبائل
على الرئيس اليمني، وأن الهجوم
الوشيك قد يستهدف الرئيس أو
سفارة غربية أو بعض الأهداف
الأخرى في اليمن. كما أوضح
المسؤول أن هذه ليست المرة
الأولى التي يسمع فيها عن مثل
هذا التهديد، فقد هدد أسامة بن
لادن شخصياً قيادة اليمن علناً
في الماضي. ومن جهته، صرح جون
برينان، كبير مستشاري الرئيس
أوباما في مكافحة الإرهاب، يوم
الأحد لشبكة أخبار سي أن أن أنه
تلقى معلومات استخبارية تشير
إلى أن فرع تنظيم القاعدة يدبر
لتنفيذ هجمات في صنعاء قد
تستهدف السفارة الأمريكية أو
بعض المسؤولين الأمريكيين،
مُعرباً عن قلق الولايات
المتحدة من انتشار الإرهاب في
اليمن، حليف الولايات المتحدة
والمستفيد من المساعدات. البعض
في واشنطن غير مرتاح من الطريقة
التي يدير فيها الرئيس اليمني
علي عبدالله صالح الأمور مؤخرا،
وبهذا الخصوص أعد ستيفن
إيرلانغر تقريراً نشرته صحيفة
نيويورك تايمز في الخامس من
الشهر الجاري تايمز يقول فيه إن
واشنطن تزيد مساعداتها إلى
اليمن الذي يمثل جبهة جديدة في
المواجهة مع تنظيم القاعدة. غير
أن التقرير يشير إلى أن أحد أصعب
المهام التي ستواجهها الولايات
المتحدة ستكون التعامل مع
الرئيس اليمني علي عبد الله
صالح، والذي يقول مسؤولون
يمنيون ومحللون ودبلوماسيون
غربيون إنه عيّن العديد من
أقاربه في مناصب وزارية ويريد
التأكد من أن يخلفه ابنه أحمد في
رئاسة اليمن. ويوضح التقرير أن
الرئيس صالح يتمتع بالمكر
والدهاء، ولكن المحللين يرون
أنه أولى خلال العامين الماضيين
جُل اهتمامه لتعزيز سلطة أقاربه
في الحكومة بدلاً من الاهتمام
بالمشاكل القبلية في اليمن
الضعيف والهش. ويضيف التقرير
أنه مع تناقص مخزون النفط، قلت
الموارد المتاحة للرئيس وأصبحت
سيطرة الحكومة المركزية شبه
قاصرة على العاصمة. ويشير
التقرير إلى أن الرئيس صالح
يمثل تحدياً مألوفاً لإدارة
أوباما لا يختلف عن وضع
أفغانستان وباكستان، فهو مستعد
لقبول المساعدات الأميركية،
ولكن رغبته في محاربة القاعدة
مشكوك فيها لأنه لا يراها عدوه
الأساسي. ومن الجدير بالذكر أن
أنحاء كثيرة في اليمن تعاني من
الاضطرابات،ويشهد الشمال جولة
جديدة من التمرد، بينما يتزايد
نشاط الحركة الانفصالية في
الجنوب. ويوضح التقرير أن قوات
الشرطة والحكومة تظل في ثكناتها
في المناطق الغنية بالنفط أو
التي تسيطر عليها القاعدة في
شبه الجزيرة العربية، أو تكتفي
بالسيطرة على المدن الرئيسية.
أما خارج تلك المدن، فيتولى
زعماء القبائل مسؤولية الحفاظ
على الأمن والنظام رغم
انتماءاتهم المتناقضة، في
الوقت الذي تفتقر فيه العديد من
المناطق إلى الكهرباء والمياه
النقية وإلى اهتمام المسؤولين.
ويشير التقرير إلى أن المساعدات
الأمريكية كانت محدودة حتى
العام الماضي، ويقول
دبلوماسيون إن الرئيس علي
عبدالله صالح لم يهتم بتهديدات
القاعدة إلا حينما أكدت له
الاستخبارات الأمريكية استهداف
القاعدة لأفراد عائلته. هذا
وتتوقف كيفية مواجهة اليمن لهذه
التهديدات على أسرة الرئيس صالح
في المقام الأول، إذ يتولى ابنه
أحمد رئاسة الحرس الجمهوري
والقوات الخاصة، أما أبناء
شقيقه الراحل فيتولى أحدهم (عمار)منصب
نائب مدير الأمن القومي، ويتولى
(يحيى) قوات الأمن المركزية،
ويرأس (طارق) الحرس الرئاسي، أما
أخو الرئيس غير الشقيق فيرأس
القوات الجوية. ويقول مراد
زفير، المحلل السياسي اليمني،
إن الشعور بأن اليمن يحكمه أسرة
أثرت من خيراته يمثل جزءاً من
المشكلة. في الوقت نفسه، فإن
رغبة الرئيس صالح في أن يخلفه
ابنه أحمد دفعته إلى تعزيز
السلطة داخل أسرته، ولكن سيطرته
على المناطق القبلية تراجعت.
ويضيف التقرير أن ندرة الموارد
في اليمن وتراجع عائدات النفط
دفعت الرئيس صالح إلى اللجوء
إلى حلفاء خارجيين لمساعدته في
تمويل حربه مع حركة التمرد
الحوثية في الشمال، حيث قدمت
السعودية 2 مليار دولار العام
الماضي لتغطية العجز في
الميزانية. ويفسر أحمد القبسي،
أستاذ العلوم السياسية بجامعة
صنعاء، الموقف السعودي بقوله إن
"السعوديين يدركون أن بلادهم
هي هدف القاعدة الأكبر وأن
اليمن مجرد وسيلة إلى ذلك".
البعض في واشنطن بدأ بإجراء
مقارنات بين اليمن وأفغانستان
وهو أمر ينذر بالخطر وربما
يتسبب في عدم استقرار في شبه
جزيرة العرب لفترة طويلة.
افتتاحية واشنطن تايمز ليوم
الثلاثاء المنصرم تقول إن
الأنظار بدأت تتوجه مؤخراً إلى
اليمن التي باتت تظهر وكأنها
أفغانستان القادمة، بعدما
أصبحت ملاذاً آمناً لمتطرفي
القاعدة، الأمر الذي دفع وزيرة
الخارجية الأمريكية هيلاري
كلينتون إلى أن تعلن يوم أمس أن
اضطراب اليمن أصبح يُشكل "تهديداً
دولياً". بدورها، تشن
الولايات المتحدة في الوقت
الراهن عدداً من الضربات الجوية
التي تستهدف "المسلحين
المجاهدين". وقد أظهر آخر
استطلاع للرأي قامت به شبكة
فوكس نيوز أن 60% من المشاركين في
الاستطلاع يرون أن الولايات
المتحدة ينبغي أن تنظم هجوماً
على اليمن رداً على تهديد
القاعدة المتنامي هناك. وتُشير
الصحيفة إلى أن التعزيزات في
طريقها من الولايات المتحدة
الأمريكية إلى اليمن. غير أن
صحيفة واشنطن تايمز ترى آسفةً
أن تلك التعزيزات هي تعزيزات
إرهابية، موضحةً أن جون برينان
كشف النقاب خلال عطلة نهاية
الأسبوع عن عزم إدارة أوباما
مواصلة إرسال معتقلي
غوانتانامو إلى اليمن، فحوالي
ثلث المعتقلين المتبقين في
المعتقل العسكري الأمريكي في
خليج غوانتانامو بكوبا من اليمن.
ففي شهر كانون أول الماضي، عاد 6
معتقلين إلى اليمن. وفي هذا
الصدد يقول برينان: "العديد
من أولئك المعتقلين اعتقلتهم
السلطات اليمنية على الفور".
إلا أن تقريراً عن اليمن صدر عن
هيئة الإذاعة البريطانية، خلص
إلى أن أولئك المعتقلين "وصلوا
إلى اليمن من أجل الترتيب
لإجراءات الإفراج والتحقيق
معهم وحملهم على التوقيع على
التعهدات المطلوبة بعدم عودتهم
للانخراط مجدداً في صفوف
القاعدة بعد الإفراج عنهم".
وتتطرق الصحيفة إلى تقرير أفاد
أن من بين ال 530 معتقلاً المُفرج
عنهم في وقت سابق، عاد 74 منهم
مرةً أُخرى لممارسة النشاط
المتطرف التي كان يمارسه قبل
اعتقاله. وترى الافتتاحية أن
معدل النكوص قد يزيد بين
المعتقلين المحتجزين حالياً.
وكانت صحيفة نيويورك تايمز قد
نشرت في الحادي والثلاثين من
شهر كانون أول الماضي تقريراً
عن بعض مسؤولي الإدارة
الأمريكية أعربوا فيه عن
تساؤلهم عما إذا كان الوقت
الحالي هو الوقت المناسب لإرسال
مزيد من المعتقلين إلى اليمن.
وفي النهاية ترى الصحيفة أن
إجابة هذا التساؤل تتجلى بوضوح
مع إغلاق السفارة الأمريكية،
وتقديم العون للقوات اليمنية
للحيلولة دون تكرار ما حدث في
بيروت عام 1983، حين تم تفجير
السفارة الأمريكية هناك. لكن
هذا لا يعني أن هناك إجماعاً على
التسرع، فهذه صحيفة كريستيان
ساينس مونتور توصي في
افتتاحيتها التي حملت عنوان:
"ينبغي على أوباما أن يتحرك
بحرص في اليمن"، رأت فيها أن
المحاولة الفاشلة لتفجير طائرة
نورث ويست دفعت الرئيس أوباما
إلى تقديم التزام أمريكي قوي
تجاه اليمن، البلد الإسلامي
الذي تدرب فيه مفجر الطائرة
المزعوم، حيث ضاعفت الولايات
المتحدة مساعداتها العسكرية
إلى اليمن، فضلاً عن احتمال منح
الحكومة اليمنية ملايين
الدولارات من أجل الإصلاحات
الحكومية وتنمية اقتصادها
الفقير. كما ترى الصحيفة في
افتتاحيتها أنه في أعقاب ما حدث
في العراق وأفغانستان
وباكستان، ينبغي أن يدور بأذهان
الكونغرس والشعب الأمريكي
تساؤل واحد: هل يفتقر اليمن حقاً
إلى مثل هذا النوع من جهود بناء
الأمة التي من شأنها أن يساهم في
إخماد التطرف الإسلامي؟ وتُشير
الصحيفة إلى أنه في أعقاب هجمات
الحادي عشر من سبتمبر تعلمت
واشنطن درساً هاماً: إن العمل
العسكري والمساعدات الأمنية
هما أمران لن يتمكنا من إرغام أي
دولة إسلامية على التصرف بجرأة
ومجابهة المسلحين. كما أن
استخدام القوة المفرطة من
الممكن أن يُسبب أضراراً تفوق
مما قد يُسببه من نفع. لذا فإن
وضع أي إستراتيجية لمكافحة
التطرف ينبغي أن يراعي السمات
المميزة لكل دولة. فضلاً عن ذلك،
فإن تأييد الرأي العام لمثل تلك
الإستراتيجية هو أمر ضروري،
وإلا فلن يستمر المشرعون في دعم
مساعي طويلة الأمد لمكافحة
التطرف. وتستطرد الصحيفة مشيرةً
إلى أن الولايات المتحدة أغلقت
هذا الأسبوع سفارتها في العاصمة
اليمنية، في أعقاب تهديد
القاعدة بتفجير المنشأة
الدبلوماسية، مما يُسلط الضوء
على ذلك الصراع المعقد الذي
يلوح في الأفق القريب. ثم تثني
الصحيفة على بريطانيا التي دعت
إلى عقد مؤتمر دولي لتحديد
إستراتيجية جماعية تجاه اليمن،
سوف يشمل بعض الدول الغربية
وعدداً قليلاً من الدول العربية
مثل المملكة العربية السعودية.
ومن المزمع أن يتم إجراء مثل ذلك
الاجتماع الدولي في لندن في
الثامن والعشرين من الشهر
الجاري. وتخلص الصحيفة إلى أن
حكومة الرئيس اليمني علي عبد
الله صالح تفتقر إلى دعم
القبائل القوية التي تسمح
لنشطاء القاعدة بالعمل في
المناطق الريفية الشاسعة.
وتختتم الصحيفة افتتاحيتها بأن
كسب تأييد تلك القبائل ينبغي أن
يكون شغل الولايات المتحدة
الشاغل، ومن ثم فإن أي عمل عسكري
تقوم به القوات اليمنية بمساعدة
أمريكية ينبغي ألا يُسفر عن
وقوع أي ضحايا مدنيين، فتلك
الخسائر المدنية تدفع القبائل
إلى مناهضة الحكومة وتأييد
القاعدة. بمعنى أن على الولايات
المتحدة أن تساهم في أن لا يكون
هناك شقاق بين الحكومة المركزية
في صنعاء والقبائل القوية
مستفيدة من تجربتها في العراق
والتي عرفت بالصحوات العشائرية.
وبهذا الشأن، أعد سودارسان
راغافان تقريراً نشرته صحيفة
واشنطن بوست في السابع من الشهر
الحالي تحت عنوان "الشقاق
اليمني الداخلي يعقد جهود
الولايات المتحدة ضد القاعدة"،
نقل فيه ما قاله مسؤولون
ومحللون يمنيون وغربيون بأن
كراهية الحكومة في جنوب اليمن
تعقد الجهود التي تدعمها
الولايات المتحدة لكبح طموح
القاعدة في المنطقة. ويوضح
التقرير أن هذه المخاوف تشير
إلى مدى تعاون واشنطن مع
الحكومة في صنعاء التي تواجه
شقاقاً داخلياً قد يكون أكثر
تعقيداً عما هو الحال في العراق
وأفغانستان وباكستان. وكان
الرئيس أوباما قد صرح في خطاب له
يوم الخميس بأن الولايات
المتحدة عملت عن كثب مع
حلفائها، وبينهم اليمن، لتوجيه
"ضربات موجعة للقاعدة". غير
أن الخبراء يتوقعون أن تستغل
القاعدة الشقاق الداخلي في
تجنيد مقاتلين جدد وكسب تعاطف
قبائل الجنوب القوية. وفي هذا
الصدد يقول نجيب غلاب، أستاذ
العلوم السياسية بجامعة صنعاء،
إن "القاعدة تحلم بالانشقاق،
إذ تريد تحويل الجنوب إلى أرض
خصبة للإرهاب الدولي".
فالتاريخ القريب يشير إلى أن
اليمن كان دولتين قبل توحيدهما
عام 1990. وقد إندلعت حرب أهلية
قصيرة في اليمن عام 1994، وحينها
أرسل الرئيس علي عبد الله صالح
آلاف السلفيين المتزمتين
والمجاهدين اليمنيين الذين
قاتلوا في أفغانستان لمحاربة
الجنوبيين. ومنذ ذلك الحين
تزايد التوتر في تلك المنطقة
التي لا تهتم بها الحكومة،
بالإضافة إلى حركة التمرد
الشيعية التي تواجهها الحكومة
في الشمال. ويوضح التقرير بعض
أسباب تذمر الجنوبيين من حكومة
الشمال، ومنها الإدعاء بأن
الحكومة حرمتهم من نصيبهم في
عائد مبيعات النفط، وأنها فصلت
العديد من أبناء الجنوب من
مناصبهم في الجيش والحكومة.
وعلى هذه الخلفية، بدأت موجة من
الاحتجاجات تجوب الجنوب وتطالب
بالانفصال، وهو المطلب الذي
تؤيده القاعدة في شبه الجزيرة
العربية. ويشير التقرير إلى أن
جنوب اليمن يقع في منطقة
إستراتيجية هامة لأنه يسيطر على
مضيق باب المندب، أحد أهم ممرات
شحن النفط في العالم، كما يواجه
الصومال التي توجد صلة بين حركة
متمردي الشباب بها وتنظيم
القاعدة. ويضيف التقرير أن
مقاتلي القاعدة ازدهروا في جنوب
اليمن بسبب التحالفات بينهم
وبين شيوخ القبائل الجنوبية
المحافظة، والتي ترفض التدخل
الخارجي حتى من قبل الحكومة. ومن
ثم، فقد جمعت الكراهية المشتركة
للحكومة المركزية والسياسات
الأمريكية في الشرق الأوسط
قبائل الجنوب والقاعدة وعززت
الصلة بينهما. ويضيف التقرير
أنه مع زيادة القمع الحكومي
للجنوب، تسود مخاوف من تزايد
العنف، لاسيما في ظل وجود الحرب
التي تدعمها الولايات المتحدة
ضد القاعدة في الجنوب. ولهذه
الأسباب السالفة الذكر، تنادي
صحيفة بوسطن غلوب في عددها
الصادر في السابع من الشهر
الجاري بأن تتوخى الولايات
المتحدة الحذر في مقاربتها
لليمن. ففي افتتاحيتها، ترى
الصحيفة انه يتعين على الولايات
المتحدة أن تتحرى الدقة في
خطواتها، وأن تحتوي الخطر
الناجم عن هذا البلد الفقير دون
المبالغة في رد فعلها. فتنظيم
القاعدة، حسبما ذهبت
الافتتاحية، يستغل صراعه مع
الولايات المتحدة باعتباره
عنصراً رئيسياً في جهوده لتجنيد
المتطرفين. باختصار شديد، يرى
الكثيرون في واشنطن أن اليمن
مرشحة لتكون جبهة أخرى من جبهات
الحرب على الإرهاب وهو أمر يقلق
الاستراتيجيين الأميركيين
الذين يحاولون جهدهم العمل على
تنظيم انسحاب أميركا من
أفغانستان دون أن يكون ذلك
تعبيرا عن هزيمة للإستراتيجية
الأميركية في المنطقة. النقطة
التي يحذر منها الكثيرون في
واشنطن تتعلق بالتحدي في إيجاد
معادلة لمساعدة اليمن للانتصار
على القاعدة دون أن تتورط
الولايات المتحدة بنفسها في مثل
هذا العمل. فتجربة واشنطن لغاية
الآن في هذا المجال غير مشجعة
وهو أمر يصعب من عملية اتخاذ
القرارات بشأن اليمن. =============================== عوفر شيلح 12/01/2010 القدس العربي في الجيش الاسرائيلي يحرصون على الحفاظ
على مستوى متواضع في تفسير
الاحداث الاخيرة في غزة. وكدليل
على ان حماس لا تقصد التصعيد أو
حتى تسمح بحرية زائدة للجهاد
الاسلامي والتنظيمات الاخرى،
يشيرون الى أن الاغلبية الساحقة
من قذائف الهاون التي اطلقت في
نهاية الاسبوع سقطت في اراضي
القطاع. فلو كانت حماس تريد حقا
السماح بالنار، كما قال ضباط
كبار أمس، لسقطت في اراضينا
اعداد أكبر بكثير من القذائف.
وحين يتم كل شيء على عجل وفي
محاولة للتملص من الحاكم في
القطاع (ومن وسائل الاحباط لدى
الجيش الاسرائيلي)، تكون
المسافات اطول ولا تكون النار
دقيقة. هذا التفسير مهم ليس فقط لانه منطقي، بل
لانه يشير ايضا الى المزاج في
اسرائيل والى السياسة التي توجه
رد الفعل. حتى الان يعنى الجيش
الاسرائيلي باحباط النار برد
فعل موضعي ومقنون، يبقي سياسة 'لن
نجلس بصمت' التي تقررت بعد 'رصاص
مصبوب' ولكنها تحاول عدم توفير
وقود لدائرة متجددة من النار
ورد الفعل عليها. بعد سنة من 'رصاص مصبوب' فان المصلحة
الواضحة لدى الطرفين هي رؤية ان
قواعد اللعب الجديدة محفوظة. في
الجيش الاسرائيلي اجملوا لتوهم
برضى سنة هدوء شبه تام وتباهوا
بأن الحملة خلقت ردعا حقيقيا.
ولا يسارع احد الى الانجرار الى
تصعيد يعرض هذه الاقوال كفارغة
من المضمون. اضافة الى ذلك، رغم
الخطاب العالي عن أن تقرير
غولدستون لم يضع قيودا على
طبيعة العمل الاسرائيلية،
والتصريحات عن يد أقوى في
الجولة القادمة، واضح جدا
لاصحاب القرار والقادة
العسكريين بان هناك قيوداً على
استخدام القوة. وحتى من يعتقد
بان لا مفر من مواجهة اضافية (او
حتى يؤمن بان لها حاجة)، يفهم
بان ليس لديه أي شرعية داخلية
وخارجية في هذه اللحظة. في الطرف
الفلسطيني، على الاقل حسب
التفسير الاسرائيلي، يوجد غير
قليل من الضغط. بعضه يتعلق بصفقة
شليط التي ترفض ان تبرم (رغم أنه
توجد لدينا مصادر تدعي بان
الصفقة اقل أزمة مما تبدو).
أساسه ينبع بالذات من جوانب
عربية وعلى رأسها الحائط
الحديدي المصري الذي يقلق جدا
حكم حماس في أنه يهدد مسارب
التهريب الحيوية في الانفاق.
ويضاف الى ذلك الوضع الحساس في
المثلث القدس رام الله غزة.
القطاع هو الفتى المضروب الدائم
في النزاع، وبالتأكيد منذ سيطرة
حماس في 2007: في كل مرة يتضعضع
فيها شيء ما أو ينشأ توتر بين
حكومة اسرائيل وابو مازن، فان
الولد الشرير من غزة هو أول من
يتلقى الضربات، إذ أن الجميع
يطيب لهم الا يحبوه بالذات. في الشمال تعلمت اسرائيل وحزب الله جيدا
كيف يمكن الا ترى حين لا تريد.
اكثر من مرة سقط صاروخ في
اراضينا والرد الفوري كان ان
هذه منظمة عاقة او غير معروفة
الامر الذي يسهل على الطرفين
الامتناع عن تصعيد غير مرغوب
فيه. في غزة لا يوجد حاليا تجلد، ولكن طبيعة
الاعمال والاقوال من الساحة تدل
على الرغبة في تخفيض مستوى
اللهيب. غير أن في منطقتنا حيث
أن كل طرف يحرص جدا على صورته
الداخلية والخارجية، وفكرة
الردع (غير المثبتة) تسيطر فان
هذه الامور تتغير بسرعة: في
منتصف تشرين الثاني (نوفمبر) 2008
قالت المحافل الاعلى مستوى ان
ليس لحماس مصلحة في التدهور،
ونحن ايضا لن ندفع الامور الى
مواجهة كبرى. كلنا نذكر ماذا حصل
بعد شهر من ذلك. معاريف 11/1/2010 =============================== ساركوزي و"البراغماتية"
الفرنسية آخر تحديث:الثلاثاء ,12/01/2010 الخليج الحسين الزاوي دأبت الدبلوماسية الفرنسية وتحديداً منذ
اعتلاء ساركوزي سدة الرئاسة،
على ممارسة الكثير من السلوكيات
السياسية التي أقل ما يمكن أن
يقال عنها أنها لا تليق بسمعة
وتراث دولة كبيرة ومتحضرة . فقد
أخذت السياسة الخارجية
الفرنسية منحى جعلها تدخل في
مقايضة مكشوفة من أجل حماية
مصالحها من دون الأخذ في
الاعتبار الأعراف الدولية
المتعارف عليها، وسمحت لنفسها
بممارسة السمسرة السياسية،
خصوصاً فيما يتعلق بالصراع
العربي “الإسرائيلي”، وتخلت
بجرة قلم عن نهجها السياسي
اتجاه العالم العربي الذي أرسى
دعائمه مؤسس الجمهورية الخامسة
شارل ديغول . ذلك لأن فرنسا سعت
جاهدة تحت قيادة ساركوزي إلى
تقديم خدمات مجانية ل”إسرائيل”،
ودخلت أحياناً في تنافس صبياني
مع أمريكا من أجل نيل رضا
ومباركة الأوساط اليهودية
النافذة في أوروبا والولايات
المتحدة، وأدى كل ذلك الحراك
المحموم إلى تحول باريس إلى
قبلة بالنسبة للقادة الصهاينة،
فقد زارتها تسيبي ليفني في أكثر
من مناسبة، وولى نتنياهو وجهه
شطرها وأكد أن “إسرائيل” تفضل
أن تجري مفاوضاتها غير المباشرة
مع سوريا بوساطة فرنسية لكونها
تمثل بديلاً ملائماً وأكثر
مصداقية من منظورها الخاص،
مقارنة بالوساطة الحالية التي
ترعاها القيادة التركية . كما لعبت فرنسا أدواراً دبلوماسية غير
مشرفة من أجل حماية “إسرائيل”
من لوائح ومشاريع الإدانة
الدولية التي حاصرتها في أكثر
من محفل دولي، وكان لافتاً أن
الموقف البريطاني الداعم ل”إسرائيل”
بشكل تقليدي، قد تميز خلال
المرحلة الأخيرة بشيء من
التوازن قياساً بالموقف
الفرنسي، حيث انتقدت الكثير من
الأوساط السياسية البريطانية
جرائم الحرب الصهيونية في غزة
وسارعت المحاكم الإنجليزية إلى
الدعوة إلى محاكمة القادة “الإسرائيليين”،
في الوقت الذي التزمت فيه باريس
الصمت والانتهازية السياسية
أولاً من خلال محاولة تدعيم
علاقاتها مع الدول العربية،
خصوصاً الخليجية من أجل
الاستفادة من عوائدها
البترولية الضخمة لإعادة تنشيط
اقتصادها الذي يعرف نمواً
متواضعاً منذ فترة طويلة . وحاولت من جهة ثانية أن تزايد على الدور
البريطاني في دعمها للمواقف
الأمريكية في القارة
الأوروبية، ومحاولة استقطاب
النفوذ اليهودي بعدما وصل هذا
النفوذ إلى أقصى درجاته
المتدنية منذ نهاية الحرب
العالمية الثانية وقيام دولة “إسرائيل”
. ويبدو أن الحكومة الفرنسية الحالية قد
غفرت، ل”إسرائيل” كل إساءاتها
السابقة التي اقترفتها في حق
الدولة الفرنسية ورموزها، كما
غفرت لها التهميش الذي مارسته
ضدها خلال عقود متتالية، خصوصاً
منذ نهاية مرحلة الستينات من
القرن الماضي التي تزامنت مع
تراجع الدعم الفرنسي ل”إسرائيل”
. وعليه فإن فرنسا تحاول أن
تستقطب لصالحها، في المرحلة
الحالية على الأقل، أكبر نسبة
من الدعم الذي يمكن أن تقدمه
النخب اليهودية في العالم، وهو
الدعم ذاته الذي تسهر على
توزيعه نخب الشتات وفقا لنسب
تتلاءم مع حجم المساندة المادية
والسياسية الذي تقدمه الدول
الغربية الكبرى ل”إسرائيل”،
كأن فرنسا تحاول بذلك أن تستقطب
من جهة عوائد المال العربي وأن
تستفيد من جهة أخرى من مزايا
النفوذ اليهودي العالمي . حيث إنه وبالرغم من كل التحفظات السياسية
التي تضعها فرنسا على الممارسة
السياسية لليبيا إلا أنها
استقبلت مباشرة بعد وصول
ساركوزي لقصر الإليزيه، العقيد
معمر القذافي وسط ضجيج إعلامي
كبير من الإعلام والمعارضة
السياسية في فرنسا، التي تريد
أن تزايد على الآخرين في مجال
الديمقراطية وحقوق الإنسان،
وحرصت أيضاً على إبرام العديد
من العقود التجارية مع ليبيا
قُدّر ثمنها بمليارات
الدولارات، كما سعت القيادة
الفرنسية إلى الترويج
لتكنولوجيتها النووية التي
تقول إنها معدة خصيصا للأغراض
السلمية، وقد يكون ذلك راجعاً
تحديداً إلى كونها تُبقي، في
تعاملاتها الاقتصادية، على
وضعية التبعية التكنولوجية . وإذا كانت التقاليد البراغماتية
الإنجلوسكسونية تتميز برسوخها
وباحترافيتها التي تجعلها
تدافع عن مصالحها بكثير من
الشفافية والموضوعية، وبعيداً
عن المراوغة واللف والدوران،
فإن برغماتية ساركوزي اتسمت حتى
الآن بكثير من الإسفاف
والسطحية، وبالتالي فهي لا
تتماشى تماماً مع تقاليد
الممارسة السياسية في فرنسا ولا
مع قيم وروح الممارسة القانونية
التي نظّر لها مونتيسكيو . ولا غرابة في كل ذلك بالنسبة لساركوزي
الذي نسي أنه فرنسي ينحدر من
أصول مجرية، ويقود حالياً
نقاشاً بدأ يأخذ منحى عنصرياً،
حول أسس وطبيعة الهوية الفرنسية
. وهو نقاش يهدف بشكل أساسي إلى
التساؤل عن مدى التزام
الفرنسيين من أصول مهاجرة
بمبادئ الجمهورية الفرنسية،
غير أن المسكوت عنه في كل هذا
النقاش المثير للجدل هو التشكيك
في ولاء الفرنسيين من أصول
عربية وإسلامية لقيم الدولة
الفرنسية . لأن لا أحد يشكك حتى
الآن، في انتماء الفرنسيين من
أصول أرمينية أو برتغالية أو
حتى إيطالية لمبادئ الدولة
الجمهورية التي يدافع عنها
الرئيس الفرنسي، الذي يسابق
الزمن من أجل فتح أكبر عدد ممكن
من الملفات الساخنة وذات الطابع
الخلافي ليبقي، بكثير من
الحذلقة، على بريقه الإعلامي
لأطول مدة زمنية ممكنة . =============================== آخر تحديث:الثلاثاء ,12/01/2010 الخليج ديمتري ترينين في أغلب الأحوال يرى أهل الغرب السياسة
الروسية من منظور الصراع العالي
المستوى بين الليبراليين
والمحافظين: ليجاتشيف
وياكوفليف في عهد جورباتشوف،
والإصلاحيين والقوميين في عهد
يلتسين، والأجهزة الأمنية
والليبراليين الاقتصاديين في
عهد بوتين . كما يرون روسيا من
منظور تقليد يعمل كل قيصر جديد
بمقتضاه على التنصل جزئياً من
تَرِكة سلفه، الأمر الذي يقود
دوماً إلى فترة من التميع
السياسي مع بداية كل عهد جديد .
ومن أبرز الأمثلة على ذلك ما
فعله خروشوف بتَرِكة ستالين . كما استخدم المحللون الغربيون كلاً من
النظرتين لوصف العلاقة بين
بوتين وميدفيديف، ولفهم
طبيعتها وديناميكيتها، وما
تحمله من بشائر أو نُذر بالنسبة
لروسيا . ولكن الحيرة تظل ممسكة
بتلابيب المراقبين . فالنظر إلى ميدفيديف بوصفه مجرد دمية بين
يدي بوتن، أو جسراً دستورياً
بين فترة ولاية بوتين الثانية
وفترة ولايته الثالثة، قد يكون
مجحفاً وبعيداً عن الصواب في
الوقت نفسه . ذلك أن ثالث رؤساء
روسيا يلعب دوراً أعرض ويؤدي
وظيفة متميزة . وفي المقابل سنجد
أن تصوير بوتين بوصفه “رجلاً من
الماضي”، وميدفيديف باعتباره
“الأمل في المستقبل”، يُعَد
مبالغة في تقدير الفوارق بين
الرجلين ويحذف العوامل الأكثر
أهمية التي توحد بينهما .
والواقع أن الأمر يتطلب نموذجاً
تحليلياً أفضل . فعلى الرغم من عذوبة ونضارة تصريحات
ميدفيديف الأخيرة، بما في ذلك
مقالته الشهيرة “تقدمي يا
روسيا!” التي تبدو وكأنها دعوة
واضحة صريحة إلى التحديث
والليبرالية إلا أنه يقتبس
كثيراً من المفردات التي
استخدمها بوتين في عام ،2000 وهذا
يشير إلى أن مسألة التحديث،
والتي ظلت في سبات عميق طيلة
سنوات ارتفاع أسعار النفط
السخية، عادت الآن إلى أجندة
الكرملين . في عام 2008 تم تثبيت ميدفيديف في الكرملين
باعتباره جزءاً من “خطة بوتين”،
التي عُرِف الجزء الجوهري
الملموس منها باستراتيجية ،2020
والتي شكلت مخططاً للنمو
الاقتصادي المستمر والتنويع .
أما الأزمة الطارئة فلم تحمل
الكرملين إلا على تعديل خطته
وشحذها . ويُعَد ميدفيديف
عاملاً رئيسياً في تنفيذها . كان بوتين دقيقاً في اختيار ميدفيديف،
ولا يرجع ذلك فقط إلى ولائه الذي
لا يرقى إليه الشك، والذي يشكل
أهمية كبرى في حد ذاته . ذلك لأن
بوتين يتصف بالقومية المولعة
بالقتال، من بين سمات أخرى، وهو
يريد لروسيا أن تنجح في عالم
تتقاسمه قوى متنافسة . وهو محافظ
بلا أدنى شك، ولكنه يصف نفسه
أيضاً بأنه مُجَدِد . وعلى هذا النحو، فقد يكون بوسعنا تشبيهه
برئيس وزراء محافظ آخر، وهو
بيوتر ستوليبين، الذي طلب عشرين
عاماً من السلام والهدوء من
الليبراليين والثوريين غالباً
حتى يتمكن من تحويل روسيا . ولكن
ستوليبين لم يحظ بالفرصة قط فقد
اغتاله أحد الثوريين في عام 1911
وأيضاً لم تحظ بالفرصة روسيا
التي انزلقت إلى أتون الحرب
العالمية الأولى، والتي أدت
مباشرة إلى انهيار النظام
الملكي واندلاع الثورة
البلشفية . ولكن بوتين يريد إتمام المهمة، وهناك
الكثير من العوامل التي تخدمه .
فهو القيصر، وهو يملك المال
ميزانية الحكومة وثروات القِلة
الحاكمة والسلطة القسرية
للدولة التي يقبض عليها بيد من
حديد . وهو المُحَكم على القمة
وخبير حل الأزمات الاجتماعية
عند القاعدة . وأثمن مورد يتمتع
به هو شعبيته المعطرة بنكهة
الرضا عن نظامه السلطوي المستبد
. ولكن كل هذا لا يكفي . ذلك لأن ال 75% من
الروس الذين يشكلون أغلبية
بوتين سلبيون في الأساس، ولا
يسعون إلا إلى الحفاظ على دولة
يحكمها نظام أبوي . ويستطيع
بوتين أن يعتمد على دعمهم،
ولكنه لا يستطيع أن يتقدم إلى
الأمام بفضله، وذلك لأن الأفضل
والأكثر تألقاً ليسوا بين أفراد
هذه الأغلبية . والآن فلنستعرض ميدفيديف . إن صورته كرجل
مرهف الحس يتصفح الإنترنت ويتسم
بالليبرالية عموماً تساعد على
تجنيد جمهور انتخابي رئيسي من
مؤيدي خطة بوتين، رغم أنهم أبعد
من متناول بوتين ذاته . ولكن
نجاح الخطة أو عدم نجاحها أمر
آخر . إن التحديث المحافظ أشبه بالمقامرة .
فلتحديث روسيا لابد أولاً من
كسر قبضة الفساد الخانقة،
وإرساء مبدأ المساءلة، وتحرير
وسائل الإعلام . وعند نقطة ما
سوف يكون لزاماً على بوتين
وميدفيديف أن يتخذا القرار،
فإما أن يعطيا الأولوية لبقاء
النظام الحالي ويتقبلا التهميش
المطرد لدور روسيا، وإما أن
يبدآ بفتح النظام فيعرضا بذلك
بقاءه للخطر . ونظراً لثِقَل
العوامل الجغرافية السياسية
المحيطة بمسألة صنع القرار في
روسيا، فمن الصعب أن نتنبأ
بالمسار الذي سوف يقع عليه
اختيارهما . إن بوتين ليس الملك لير . فهو يجيد التعامل
مع أدوات الزعامة والسيطرة، وهو
لا يخطط للتقاعد . ولكن
ميدفيديف، الذي يشكل الواجهة
الإدارية الرئيسية اليوم، أقرب
إلى شريك صغير منه إلى رجل
مبيعات بسيط . وقد ينمو نفوذه
ومكانته، ثم يرث المتجر في
نهاية المطاف . ولكن هناك أمر
واحد واضح: ألا وهو أنه لا يحب
اللحم النيئ ومذاق الدم . وعلى هذا، فإن تحالف الحكم الذي أسسه
بوتين مع ميدفيديف من المرجح أن
يظل قائماً . فكل من الطرفين
يحتاج إلى الآخر . وهذا يعني أن
القضية الحقيقية ليست ما إذا
كان الضجيج الذي يحدثه بوتين
وميدفيديف يوحي بوجود انقسام
حقيقي واحتمال اندلاع منافسة
فيما بينهما، بل ما إذا كان هذا
التحالف قد يأخذ بيد روسيا في
نهاية المطاف إلى ضوء النهار .
أو بعبارة أخرى، ما إذا كان
اختيارهما سوف يقع على التحديث
أو التهميش . مدير مركز كارنيجي في موسكو،
والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت
سنديكيت” =============================== هل يغيّر نتنياهو
سريعاً واقع القدس ؟ سركيس نعوم sarkis.naoum@annahar.com.lb النهار 12-1-2010 -23- عن سؤال القيادي البارز جداً في احد ابرز
تجمّع للمنظمات اليهودية في
اميركا: هل يصل سلاح من سوريا
الى "حزب الله" في لبنان.
اجبت: لا اعرف. حتى لو اقفلت
سوريا "معبر" الاسلحة له
فان ما في حوزته منه وخصوصاً من
الصواريخ كافٍ لايذاء اسرائيل
اكثر مما يتصور الكثيرون. سأل:
"هل تعتقد انه ينوي مهاجمة
اسرائيل؟" اجبت: وفقاً لمواقف
قادته ولا سيما منها الاخيرة
وابرزهم امينه العام حسن
نصرالله لا يبدو انه ينوي
الهجوم عليها. الا طبعاً اذا
استهدفته او استهدفت لبنان. سأل:
"هل هناك اسلحة كيمائية في
الجنوب"؟ اجبت: لا اعرف.
وعندما استرسل في الاسئلة
الدقيقة والتفصيلية عن الاسلحة
ومخازنها قلت: لا تسأل اذا كانوا
يدخلون اسلحة واين يضعونها وما
الى ذلك. فأنا لا اعرف الجواب.
ربما يدخلون اسلحة. ربما لا. لكن
لا تنقصهم اسلحة، عندهم الاسلحة
التي يحتاجون اليها في مقاومتهم.
والناس في الجنوب معهم. والجيش
اما يكون معهم او يكون عاجزاً عن
القيام بأي شيء. وقوات الامم
المتحدة (اليونيفيل) لا تنفذ ال1701
او لا تقوم بنصيبها من تنفيذه
لانها تخاف على نفسها ولان "حكوماتها"
او غالبية هذه الحكومات توصلت
وإن على نحو غير مباشر الى
تفاهمات مع الحزب تثبّت الهدوء
في الجنوب والأمر الواقع وسلامة
القوات الدولية في آن واحد. بعد ذلك انتقل القيادي اليهودي الاميركي
البارز الى الكلام عن اميركا،
قال: "سألت صحافياً في البيت
الابيض: متى عقد اوباما اول "مجلس
وزراء" لمعاونيه في البيت
الابيض؟ فأجاب انه لا يعرف.
سألته: كيف لا تعرف؟ اجاب: لا
اعرف بكل بساطة. قلت هل تعرف ان
جورج بوش (الرئيس السابق) لم
يجمع "معاونيه" كما فعل
اوباما الا بعد 300 يوم من تسلمه
السلطة (Inauguration)؟ اوباما جمعهم بعد 100 يوم.
فعلّق الصحافي انه حكم الPolit
bureau اي المكتب السياسي. فقلت له، كيف ذلك؟
لكنه لم يُجب". تابع القيادي
اليهودي الاميركي البارز جداً
نفسه: "يتدخل اوباما في كل شيء
وفي مشكلات كثيرة. ادى ذلك الى
امتناع من سلمهم مسؤوليات كبيرة
عن الإقدام والى انتظارهم
تعليماته في استمرار. ان طريقته
في العمل هذه تبقيه مشغولاً
ومُستنزفاً. في المدة الاخيرة
مثلاً شغلته قضايا باكستان
وافغانستان ومشكلاتهما. كما
شغلته ولا تزال تشغله مشكلات
الداخل ومن ابرزها الضمان الصحي.
هل ينجح الموفد الرئاسي الى الشرق الاوسط
جورج ميتشل في مهمته وهي احياء
عملية السلام بين الفلسطينيين
واستطراداً العرب واسرائيل"؟.
سأل. اجبت: لا اعتقد. على اي حال
ليس في ايامنا. علّق: "ربط
اوباما نفسه بمواقف ووعود لم
يستطع تنفيذها. هيلاري كلينتون
فعلت الشيء نفسه رغم انها عادت
عن بعض المواقف جزئياً. والامر
نفسه فعله ميتشل. كل هؤلاء ومنهم
بايدن نائب الرئيس ليسوا قادة
ولا يعرفون ما يفعلون. بنيامين
نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل قال
لا لرئيس اميركا لانه منقاد
لاستطلاعات الرأي ولأن نتائجها
تظهر ان غالبية شعب اسرائيل
ترفض مواقف اوباما ووعوده
وخصوصاً في موضوع القدس. ان
اصرار اوباما على مواقفه
والوعود سيدفع نتنياهو او يجره
الى تغيير الواقع الميداني
والديموغرافي في القدس بأقصى
سرعة. فهل هذا ما يريده الرئيس
ومعاونوه؟ الإلتزام الذي قدمه
نتنياهو قبل ايام بتجميد
الإستيطان عشرة اشهر في الضفة
الغربية باستثناء القدس
الشرقية "زعّل" منه
اوساطاً شعبية عدة داخل بلاده
لانها ترفض هذا الامر وايضاً
لأن محمود عباس رفضه وبدأ يطالب
دول اوروبا باتخاذ قرار في شأن
القدس. هذا الامر سيدفع، كما
قلت، المسؤولين في اسرائيل الى
تغيير سريع للواقع في القدس".
هل يستمر ميتشل في مهمته؟ سألت.
اجاب: سنة واحدة يستقيل بعدها اذ
يكون بلغ عندها الخامسة
والسبعين من العمر. الا طبعاً
اذا حصل تقدّم في مهمته يفرض
عليه متابعته. لكنني لا أرى ذلك.
مشكلة اوباما انه فوّض بضعة
اناس حل مشكلات كثيرة. ورّط نفسه.
عنده ادارة طويلة عريضة. لكنه لا
يستعملها". قلت: الاميركيون
يعرفون الماضي جيداً في العالم
ويعرفون الحاضر. لكنهم لا
يعرفون تحليل الحاضر لاستشراف
المستقبل. علّق: "انت محق". ماذا عن تركيا في واشنطن؟ تركيا التي
بواسطتها انهت سوريا جزءاً
مهماً من العزلة الاقليمية
حولها والتي لا تنظر ايران
بارتياح الى علاقتها الوثيقة
بسوريا رغم متانة علاقتها بها
والتي تقلق الاوروبيين جراء
اصرارها على دخول "اتحادهم
المُغلَق"، والتي ينظر اليها
عرب الاعتدال وغالبيتهم من
السنّة بأمل لأنها قادرة بحجمها
ومواردها وقوتها وسنّتها على
إبعاد شبح التهديد الإيراني
الشيعي عنهم، وبقلق لأنها قادرة
على انتزاع دور القيادة منهم في
عالمهم العربي وربما في العالم
الاسلامي. وماذا عن الداخل
التركي في ضوء الصراع او
بالأحرى التنافس بين جناحي
الدولة التركية اي الحكومة
الاسلامية الحاكمة والجيش حامي
العلمانية؟ وكيف ستكون نتائج
هذين التنافس او الصراع؟ وهل
ترى الولايات المتحدة في تركيا
الحالية الاسلامية خطراً على
مصالحها او نموذجاً معتدلاً
يمكن تعميمه في العالم الاسلامي
والعربي للنجاح في محاربة
الاسلام الاصولي المتطرف؟ =============================== أميركا وعلاقاتها مع
الصين واليابان بقلم :إيان بريمر البيان 12-1-2010 يبدو أن فكرة الثنائيين الكبيرين التي
تشير إلى الولايات المتحدة
والصين، قد أجهضت نتيجة لعدم
رغبة بكين في تحمل المسؤولية،
على الرغم من أن الرئيس
الأميركي باراك أوباما ضغط
بشدة، في القمة الثنائية التي
جمعته مع الرئيس الصيني هو
جينتاو في نوفمبر الماضي، من
أجل ولادة هذا الإطار. وسنعتبر أن القمة، لدى مراجعتها مستقبلا،
تمثل ذروة العلاقات الحسنة بين
الجانبين، ولكن سنرى تدهورا
مؤثرا في تلك العلاقات في السنة
المقبلة. ولا تكمن المشكلة في أوباما أو جينتاو،
فكلاهما يريد تجنب أية مشكلات،
لكن هناك كثيراً من الضغوط
القوية لاستمرار تلك المشكلات.
وتحاول الولايات المتحدة
العثور على زعامات صينية أكثر
تحملا للمسؤولية، ويتواصل
اعتبار المصالح العامة هي
التعويذة الواقية في الدوائر
السياسية. ولكن كما ظهر في قمة كوبنهاغن، فإن
الصينيين لا يهتمون كثيرا
بالقيام بدور رئيسي. وسنرى في
العام الحالي العزف على هذا
الوتر الحساس في مسألة الانتشار
النووي، وإصلاح القوانين
المتعلقة بالتجارة العالمية،
والأمن الإلكتروني، والأمن في
أفغانستان والعراق وما يلي ذلك. ولا تروق لبكين كثيرا الشراكة الاقتصادية
مع الولايات المتحدة، مقارنة
بما كان عليه الوضع قبل عامين،
غير أن القيادة العليا الصينية
تدرك أنه لا توجد لديها خيارات
كثيرة على المدى القريب، وعوضا
عن ذلك تبذل كل الجهود الممكنة
للحفاظ على حصتها في أسواق
التصدير العالمية. وهذا يعني
استمرار الحوافز المحلية
للاقتصاد، وتحكّما أكبر في سعر
صرف اليوان الصيني. كما يعني دورا متناميا للدولة كممثل
رئيسي ومحكم للاقتصاد الصيني،
ودعما متزايدا للبطل القومي
المتمثل في الشركات الصينية،
سواء على الصعيد الداخلي أو
الخارجي. ومع ارتفاع مستوى الحماية الداخلية من
عمليات التصدير (الفولاذ،
التعرفة الجمركية للإطارات)،
بدأنا نرى ردود فعل أميركية
عنيفة على موقف بكين. ومن خلال
هذا المنطق لا تبدو الصين مجرد
راكب حر في النظام الدولي، بل
تبدو مؤثرة بطريقة مباشرة
وبدرجة كبيرة على الاقتصاد
الأميركي. لذلك فإن خططها المتعلقة بمستقبلها
الاقتصادي، على المدى القريب،
لا تتوافق مطلقا مع الرؤية
الأميركية بشأن إعادة التوازن
العالمي، والتي وضع حجر الأساس
لها لاري سومرز وغيره من
المسؤولين في إدارة أوباما. هذا هو جوهر التوتر في العلاقات
الأميركية الصينية، ومن خلال
سياسة الحماية وإبطاء المصاريف
الاستهلاكية، ترفض الولايات
المتحدة هذا النموذج من التطور
الصيني. وفي العام الحالي، وهو العام الذي ستجري
فيه الانتخابات النصفية
الأميركية، وسط نسبة عالية من
البطالة، ستدفع العمالة وحتى
بعض المجموعات الصناعية، إدارة
أوباما لتوجيه رسالة إلى
الصينيين، تخبرهم فيها بأن
سياستهم الاقتصادية لا يمكن أن
تستمر على هذا المنوال، وأنها
ستلقي بقفاز التحدي من خلال فرض
مزيد من التعرفة الجمركية على
الصادرات الصينية. وإذا ظهرت أية فضيحة جديدة تتعلق بسلامة
السلع الصينية في خضم هذه
التوترات، فسنرى الأميركي
العادي يشن حملة على كل السلع
التي تحمل شعار «صنع في الصين». وقد أشار استطلاع نشر مؤخرا إلى أن 44% من
الأميركيين يعتقدون أن الصين
أصبحت الآن القوة الاقتصادية
الرئيسية في العالم. ولا يشير
الاستطلاع للولايات المتحدة
على أنها القوة الرئيسية، إلا
بالنسبة ل27 من الأميركيين. وفي
عام 2008 شاهدنا كيف أظهرت
الانتخابات الرئاسية الأميركية
الأخيرة، مدى جهل الأغلبية
الساحقة من الأميركيين، أو عدم
مبالاتهم بموقف المرشحين من
الصين. ولم يبدأ التغيير إلا في
هذا العام. وعلى صعيد آخر، ترى ماذا يحدث إذا فقد
الحزب الحاكم السلطة في دولة
تتألف من حزب واحد؟ حتما ستصبح
الدولة خالية من الأحزاب. هذا هو
ما حدث بصورة فعلية في اليابان،
ومن الصعب الاستهانة بأهمية
التغير السياسي الكاسح الذي حصل
هناك، وهو بالطبع حادث غير
مسبوق في ديمقراطية صناعية
رئيسية. وقد أدت جهود الحزب الديمقراطي الجديد في
اليابان لتقليص نفوذ
البيروقراطيين وأرباب الصناعة،
إلى توليد مخاطر سياسية أكبر،
خصوصا بعد انتخابات مجلس الشيوخ
المقررة في الصيف المقبل. ويفرض رئيس الوزراء الياباني يوكيو
هاتوياما قيودا انتخابية على
هذا الائتلاف بجدوله الانتخابي
المفترض، غير أن الدلائل تشير
إلى أن الحزب الديمقراطي سيتمسك
بتفويضه الانتخابي، ولن يواصل
موقفه السياسي الحالي الذي يبدو
أكثر حذرا، في حال حصوله على
الأغلبية في مجلس الشيوخ. ونظرا للقيود المالية غير العادية التي
تواجهها اليابان، خصوصا في حال
تهميش كبار التكنوقراطيين،
فسيكون من الصعوبة بمكان إعادة
بعث الأهداف السياسية للحزب
الديمقراطي من جديد. لذلك، وبغض النظر عن مناقب الخليفة
الحقيقي لرئيس الوزراء
الياباني، سيبدو الحزب الحاكم
مجرد استمرار لما بعد عهد
كويزومي من سلسلة الحكومات
الضعيفة المتتالية، ولكن في هذه
المرة دون مزية وجود بيروقراطية
موحدة وقوية تقدم إرشاداتها في
السياسة المتبعة، وتشعر بقلق
أكبر على الوضع الاقتصادي. في غضون ذلك، من المرجح أن تتضرر اليابان
من الشكوك بشأن الكيفية التي
ستسير عليها سياسة الحزب
الديمقراطي الياباني العام
الحالي، وكيف سيكون تصرفه فيه
تجاه مجتمع الأعمال، وهل سيفتقر
للثقة المالية ويعمق الأزمات
الاقتصادية.. ويشعر بعض المحللين بالقلق من أن تكرر
الولايات المتحدة عقد اليابان
المفقود، وبالنسبة لعام 2010 فإن
الخطر الأكبر يكمن في أن
اليابان قد تبدأ عقدا جديدا على
الوتيرة نفسها. رئيس مجموعة يوراشيا
للاستشارات السياسية =============================== السياسة الخارجية
التركية بحلتها الجديدة سمير صالحة الشرق الاوسط 12-1-2010 وقف وزير خارجية تركيا الأكاديمي أحمد
داوود أوغلو الأسبوع المنصرم
أمام أكثر من 200 سفير يمثلون
بلادهم في أرض الله الواسعة،
ليناقشهم مطولا في الخيارات
والبدائل الجديدة للسياسة
الخارجية التركية الواجب
التعامل معها بسرعة وجدية خلال
ال13 عاما المقبلة. فعام 2023 هو
موعد الذكرى المئوية لإعلان
الجمهورية الحديثة التي وضع
أتاتورك أسسها واختار لها أنظمة
وقوانين كان للغرب حصة الأسد
فيها، وهي التي أبعدت تركيا عن
الشرق ومحيطها الإسلامي لعقود
طويلة. في كلمته التي أرادها داوود أوغلو أن تكون
على شكل محاضرة يناقش خلالها
أولويات استراتيجيات السياسة
الخارجية التركية الجديدة مع
خبراء وصناع القرار الخارجي
التركي، وهو الجامعي الذي حصل
على لقب سفير فوق العادة وتسلم
دفة القيادة حتى دون أن يكون
نائبا في البرلمان وعضوا في حزب
العدالة والتنمية فكتبه
ومؤلفاته وأفكاره كانت كلها
بطاقة تزكيته لتسلم مثل هذا
المنصب الحساس الذي يثير شهية
الكثيرين ويسيل اللعاب، حاول أن
يقول باختصار إن العدالة
والتنمية ومنذ أكثر من 7 سنوات
تحديدا تريد أن تضع نهاية لهذا
الخلل التاريخي والجغرافي
والثقافي، وتصحيح الصورة
المقلوبة، وإعادة القطار إلى
خطه الأصلي الذي خرج عنه مرجحا
الغرب على حساب الشرق. داوود أوغلو رسم باحتراف صورة الوضع
القائم اليوم والتحولات التي
شهدتها السياسة الخارجية
التركية في السنوات الأخيرة
والتي وضعت في مركز الثقل
المصارحة والمصالحة مع الجوار
الإقليمي الذي مكن أنقرة من أخذ
مكانها بين الدول الاقتصادية
الكبرى أولا وإثبات قدرتها على
الجلوس أمام طاولة الدول الخمس
أو الست الكبرى بعدما أظهرت
خبرة دبلوماسية واسعة في إدارة
الأزمات أو التوسط فيها أو رفع
شعار تبريدها بانتظار توافر
الظروف والشروط الملائمة
للمعالجة. هو توقف مطولا أيضا عند المشاكل
والمتطلبات الواجب التعامل
معها بجدية في المرحلة المقبلة،
مؤكدا أن تطلعات تركيا الخارجية
والهيكلية التنظيمية التي تحدد
هذه السياسات تحتاجان معا إلى
مراجعة شاملة في التخطيط وطرح
الأولويات وإعادة ترتيب
الهيكلية التنظيمية لوزارة
الخارجية. داوود أوغلو أشاد
مثلا بافتتاح 12 ممثلية وبعثة
دبلوماسية خلال العام المنصرم
وفي أكثر من منطقة أهملتها
تركيا لسنوات طويلة، لكنه أصر
على أن تكون خطوة العام الحالي
تدشين 26 ممثلية جديدة إذا ما
كانت تركيا تبحث فعلا عن مكان
لها تحت شمس أكثر من جغرافيا
ودولة. هو طالب أيضا برفع عدد العاملين في السلك
الدبلوماسي وبأسرع ما يمكن إذا
ما كانت الخارجية التركية مصرة
على مواصلة تحركها وانفتاحها
الدبلوماسي الواسع على العالم.
ففرنسا مثلا تفاخر بأن هناك
أكثر من 5800 دبلوماسي يقودون
سياساتها الخارجية، بينما تضم
الخارجية البريطانية 5700
دبلوماسي، وإسبانيا 2500، فيما لا
يزيد عدد الطاقم الدبلوماسي
التركي على 1500 شخص. هذا دون أن
يهمل دعوته لتوظيف
الدبلوماسيين الجدد الذين لا
يكتفون بتعلم الإنجليزية
والفرنسية، بل يعرفون أيضا لغة
سكان المنطقة وشعوبها كالروسية
والفارسية والأرمينية والعربية
إذا ما كانت تركيا تريد فعلا
الاستمرار في سياسة الانفتاح
والانتشار الخارجي هذا. داوود أوغلو كان حاسما عندما طالب بأن
تتمحور الأفكار والسياسات
والأساليب حول 5 نقاط أساسية:
الثقة بالنفس، قول ما هو صحيح
وواقعي، التحليل المركز
المصحوب برؤية واسعة للمسائل
وتفاصيلها، التمتع بقابلية
المرونة وسرعة الحركة في اتخاذ
القرارات، وأخيرا استمداد قوة
الانطلاق في السياسة الخارجية
من قوة الداخل بجوانبها
التاريخية والاجتماعية
والاقتصادية بالدرجة الأولى. نصحنا داوود أوغلو كدبلوماسيين وخبراء
أتراك بأن تظل راداراتنا لناحية
الرصد والمتابعة تعمل على مدار
الساعة في منطقة لا بد لنا من
استيعاب وهضم موقعها وأهميتها
ودورها في رسم وتحديد سياسات
العالم، وأن نستعد ابتداء من
هذا العام لترجمة الجوانب
النظرية الكثيرة التي رددتها
ورفعتها أنقرة كشعارات ومسلمات
في سياستها الإقليمية إلى برامج
ومشاريع عملية تكاملية
ائتلافية واسعة بعيدا عن
الاستبعاد والاستعداء والتهميش.
هو استعان بقول شهير لأتاتورك أطلقه في
مطلع العشرينات خلال حرب
الاستقلال والتحرير «لا لمقولة
خط المدافعة بل نعم لاستراتيجية
سطح المدافعة الذي يصل إلى أبعد
نقطة في أرض الوطن»، ليقلب
المعادلة هو الآخر قائلا «لا
لمقولة الخط الدبلوماسي، بل نعم
لاستراتيجية السطح الدبلوماسي
الذي يشمل خارطة العالم بأكملها
وإلى أبعد الأماكن». قبل أيام لم يتمالك أحمد داوود أوغلو نفسه
وهو يتفقد جرحى أحد التفجيرات
في العراق الذين استضافتهم
أنقرة للمعالجة. فهو كان يداعب
الطفل العراقي الذي جهش بالبكاء
أمامه مطالبا بأن تكون والدته
إلى جانبه، فقال إنه سيكون له ما
أراد «فأحمد هو ابننا أيضا»،
فكان جواب الصغير المفاجئ «أحمد
هو في مقام والدي أيضا». هذا هو
المفتاح الحقيقي والسحري
للدبلوماسية التركية وما تبقى
كله مجرد تفاصيل وتفرعات لا
أكثر. =========================== محاولة التفجير الفاشلة
قد تغير برنامج أوباما ديفيد برودر الشرق الاوسط 12-1-2010 هل كان نداء التحذير في أعياد الميلاد
لعام 2009 بالنسبة لباراك أوباما
هو نفسه الذي تلقاه جورج دبليو
بوش في يوم 11 سبتمبر (أيلول) عام
2001؟ يبدو أن محاولة التفجير الفاشلة، من جانب
أحد الركاب على متن طائرة
أميركية كانت متجهة إلى
ديترويت، أحدثت صدمة للرئيس
الحالي مثل الصدمة التي أحدثتها
الهجمات على مركز التجارة
العالمي والبنتاغون للرئيس
السابق. كلا الرئيسين تلقى كثيرا من التحذيرات في
شكل تهديدات أو حتى أحداث، لكن
الاثنين أخذا على حين غرة؛ كان
بوش يقرأ أمام أحد فصول الأطفال
الصغار، أما أوباما فكان يقضي
إجازة مع أسرته في هاواي. وكان رد فعل بوش غاضبا، متوعدا بمعاقبة
هؤلاء الأشخاص الذين تسببوا في
هذه الأضرار والفوضى. أما
أوباما فقد شعر بالغضب الشديد،
وصب جانبا كبيرا من هذا الغضب
على أعضاء جهاز المخابرات الذين
قال إنهم أخطأوا الكثير من
الأدلة وعجزوا عن التنبؤ بهذا
الهجوم. وعلى غرار سلفه، تعهد
أوباما بأن تشهد الدولة
الأجنبية التي ولدت فيها هذه
المؤامرة عواقب هذا العمل. كانت
هذه الدولة أفغانستان قبل
ثمانية أعوام، أما الآن فهي
اليمن. في الوقت الحالي، نخوض حربا بالوكالة في
اليمن، بيد أن ذلك قد يتغير. يجب
أن يعلم مقدمو الدعم لعناصر «القاعدة»
من السكان المحليين أن هناك
ثمنا ينبغي دفعه عندما يتعرض
العم سام لهجوم من قواعدهم. والسؤال الأكثر أهمية الآن هو كيف يؤثر
ذلك على طريقة الرئيس الجديد في
التفكير وعلى أولوياته على
المدى البعيد. فقبل 11 سبتمبر كان
برنامج العمل الخاص بالرئيس بوش
يضم على نحو كبير مجموعة من
التخفيضات الضريبية وبرنامجا
تعليميا طموحا (وهو قانون «عدم
حرمان أي طفل من التعليم»)، وكلا
الإجراءين كان على وشك التمرير
بسهولة في الكونغرس. على الجانب الآخر، قدمت أعياد الميلاد
على أوباما وأمامه برنامج متخم
بمجموعة من المهام التي فرضها
بنفسه. فكان ينهي الحرب التي
ورثها عن سلفه في العراق ويتوسع
في حرب أخرى في أفغانستان. وكان
يعيد التفاوض بشأن علاقاتنا مع
القوى الأخرى في العالم ويحاول
الحصول على مساعدتهم في مواجهة
الأنظمة الخارجة عن القانون في
إيران وكوريا الشمالية.
وبالتزامن، كان يواجه في الداخل
بعض المشكلات التي تتمثل في
الضغط من أجل إنقاذ الاقتصاد
الذي تأثر تأثرا سيئا، فيما كان
يحاول إقناع الكونغرس المتردد
بتمرير تعديلات مثيرة للجدل،
لكنها طموحة، على قانون الرعاية
الصحية، وتشريع بشأن المناخ،
وبعض القوانين المالية. سيكون وضع أولوية جديدة بالنسبة لأوباما
أكثر صعوبة على نحو بين،
بالمقارنة بما بدا عليه الحال
مع بوش. وستكون هذه الأولوية
الجديدة أمرا شاقا بدرجة أكبر
بالنسبة لأوباما عند مقارنتها
بالخيار الذي اتخذه بوش لشن حرب
على الإرهاب. مع ذلك، فإن الأحداث لها منطقها الخاص.
يبدو أن مؤامرة أعياد الميلاد
قد هزت أوباما أكثر من أي شيء
آخر قد يكون حدث له خلال عامه
الأول في الحكم. فعندما سمح
للبيت الأبيض أن ينقل تحذيره
إلى بقية الأعضاء في الحكومة
بأنه لا يمكن التسامح مع أي «تقصير»
كهذا، بدا وكأنه يشير إلى أن
أسلوبه الهادئ في القيادة قد
بلغ ذروته. ويتطلع كثيرون إلى تغير مماثل للهجة في
تعاملاته مع الحكام المستبدين
في إيران وكوريا الشمالية وحتى
في تسامحه مع المناورات
السياسية المعتادة التي يقوم
بها كثير من الجمهوريين وبعض
الديمقراطيين في الكونغرس. إننا لا نعرف بعد تأثيرات هذا الحدث على
أوباما وحكومته، بيد أنني لن
أفاجأ إذا كانت هذه التأثيرات
كبيرة للغاية. * خدمة «واشنطن بوست». خاص ب«الشرق الأوسط». ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |