ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الدوائر الثلاث لسياسة
ليبرمان تجاه تركيا المستقبل - الخميس 14 كانون
الثاني 2010 العدد 3537 - رأي و فكر - صفحة 20 ألوف بن أظهر وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان،
مجددا سياسة "الرد العدواني"
على مظاهر التشهير ضد إسرائيل
في وسائل الإعلام الخارجية. فهو
أراد اتخاذ خطوات ديبلوماسية
متشددة ضد تركيا. وفيما قرر رئيس
الحكومة بنيامين نتنياهو، أنه
يكفي إجراء حديث توبيخ مع
السفير التركي، قرر ليبرمان
ونائبه داني أيالون استنفاد
التوبيخ حتى النهاية: استُدعي
السفير إلى مكتب أيالون في
الكنيست، ودُعي معه طاقما
التصوير في القناتين الثانية
والعاشرة. وأوضح ايالون أمام
عدسات التصوير أوامر الإخراج:
السفير، الذي ابتسم بحرج، أُجلس
على كنبة منخفضة، وجلس مقابله
على مقاعد مرتفعة ثلاثة
إسرائيليين متجهمي الوجه، مع
علم واحد. هكذا يتم تنفيذ أوامر
ليبرمان بالحفاظ على الكرامة
القومية. نتنياهو، مثل ليبرمان، يؤمن بأنه يتعين
على إسرائيل الرد بشدة على
الدعاية المعادية للسامية
ولإسرائيل في الخارج. لكن ثمة شك
في أن يكون رئيس الحكومة توقع
هذه الإهانة المصورة للسفير
التركي والتي عُرضت في مطلع
النشرات الإخبارية. لقد أظهر
ليبرمان أنه حتى وإن كان ضيفا
غير مرغوب به في الخارج، إلا أن
في قدرته فرض وقائع في السياسة
الخارجية. يمكن النظر إلى هذه القضية من ثلاث دوائر.
الدائرة الإسرائيلية الداخلية،
حيث حاول ليبرمان إظهار أنه
يحافظ على الكرامة القومية،
وإظهار وزير الدفاع إيهود
باراك، الذي سيسافر إلى أنقرة
يوم الأحد القادم في محاولة
لإنقاذ العلاقات بين البلدين،
كخرقة بالية ينبطح أمام الأتراك
الأشرار. فليبرمان غاضب على
باراك الذي يحول دون منح المركز
الجامعي في أريئيل صلاحية
الجامعة، وهو أعلن قيل يومين أن
حزب إسرائيل بيتنا سيصوت ضد كل
مشاريع القوانين التي يتقدم بها
حزب العمل. دائرة العلاقات الخارجية، لا سيما
العلاقات بين إسرائيل وتركيا
التي كانت في السابق نموذجا
للتعاون والتي تعاني الآن من
أزمة خطيرة. فرئيس الحكومة
التركية، رجب طيب اردوغان، هاجم
بشدة إسرائيل منذ حملة رصاص
مصهور، وفي كل مناسبة. وكرر
اردوغان اتهاماته، وإلى جانبه
رئيس الحكومة اللبنانية، سعد
الحريري، حيث هاجم إسرائيل
واتهمها بالاستخدام المفرط
للقوة وسرقة المياه ودعا إلى
معاملة المفاعل النووي في
ديمونا كما يتم التعامل مع
المشروع النووي الإيراني. ثمة لأردوغان علاقات مركبة مع إسرائيل:
فهو يعارض بشدة نشاطاتها
العسكرية في الضفة الغربية،
لكنه أقام علاقات جيدة مع أرييل
شارون خلال فترة فك الارتباط عن
غزة، وكذلك مع إيهود أولمرت قبل
" رصاص مصهور"، وهو يقاطع
نتنياهو. في الدائرة الثالثة، الاستراتيجية، تحتل
تركيا مكانا متقدما في قائمة
اخفاقات الرئيس الأميركي باراك
أوباما. فحملة المصالحة التي
قام بها أوباما مع العالم
الاسلامي بدأت من أنقرة، لكن
الأتراك لم يستجيبوا لدعواته
وفضلوا " التوجه شرقا"،
بحسب تعريف نتنياهو، باتجاه
طهران ودمشق. الإدارة الديمقراطية السابقة، أيام بيل
كلينتون، نجحت في ربط تركيا
وإسرائيل بتحالف استراتيجي
يخدم المصالح الأميركية في
المنطقة. لكن التدهور في
العلاقات بدأ أيام جورج بوش، ثم
تفكك كل شيء في السنة الأولى من
ولاية أوباما. ينبغي على
الأميركيين أن يسألوا أنفسهم
كيف حصل هذا، وهل تمت خسارة
تركيا. هذا موضوع للمحادثات
التي سيجريها مستشار الأمن
القومي الأميركي جيمس جونز،
الذي يقوم بزيارة إلى إسرائيل،
السلطة الفلسطينية والسعودية. ========================= الافتتاحية الخميس 14-1-2010م الثورة بقلم رئيس التحرير أسعد عبود لم نتصدَ للعبء القومي انتماء فقط.. هي
رؤية تحدد مصلحة.. منذ كنا،
ربطنا بين مصلحتينا الوطنية
والقومية.. وتأتي الأيام حلوها
ومرها.. باللقاءات عبرها.. لنزداد قناعة أن علاج واقعنا بين أيدينا،
وعندنا، وليس عند أحد غيرنا..
واقع بلدنا وأمتنا ومنطقتنا
الموعودة دائماً بالأمن
والاستقرار. على ذلك حددنا عقيدتنا بأسس منها: - الوحدة العربية.. التضامن.. العمل
المشترك مع دول المنطقة لتحقيق
أمنها واستقرارها بقواها
الذاتية. - فلسطين هي القضية العربية المركزية،
ولاصوت يعلو على صوت المعركة مع
إسرائيل. في ضوء ذلك تتشكل مصلحتنا المبنية على
انتمائنا العروبي.. بأن نجاهد..
نكافح.. نقاتل.. ضد أي انقسام
عربي.. ولمصلحة الوحدة
والمصالحة في أي بلد عربي. في لبنان.. في فلسطين.. في العراق.. في اليمن..
في السودان وعلى امتداد ساحة
الوطن العربي.. وأيضاً دول
المنطقة صاحبة الشراكة
التاريخية والجغرافية.. تركيا..
وإيران.. وغيرهما. لامصلحة لنا في أي تقسيم.. ونحن مع كل مصالحة أو توافق.. هذا ماأكدته الأيام في كل مواقع الخلافات
داخل الأقطار العربية. موقفنا هذا لايرتدي لباس السلبية، أي
القناعة وفقط.. بل نحن نعمل من
أجله.. نجتهد من أجله.. ومن أجله
نلتقي مع النيات الخيرة للتصدي
للعبء القومي مع أي دولة شقيقة،
وكذلك مع الجهود الطيبة من دول
المنطقة. إسرائيل هي العدو.. الدول العربية هي نحن.. تركيا وإيران.. دولتان شقيقتان لهما الدور
الكبير في أمن واستقرار المنطقة.
على هذا الأساس لانقبل التدخل الخارجي..
على هذا الأساس كان موقفنا من كل
ماجرى في وطننا.. بدءاً من غزو
العراق، مروراً بماشهده لبنان،
وانتهاء بالواقع المشوب
بالاحتمالات في اليمن.. وطبعاً
في مقدمتها الواقع الفلسطيني..
المصالحة الفلسطينية بالنسبة
لنا حاجة بنيوية في حركة مقاومة
الاحتلال وسياسة العدوان
الإسرائيلية.. هذه هي الأسس التي
تجمعنا مع الدول الشقيقة.. وعلى هذا الأساس تتتالى اللقاءات السورية
السعودية على مستوى القمة
وغيره، طالما أن البلدين
يتصديان للهموم والأعباء
القومية. هكذا تشخص أنظار الآمة إلى زيارة السيد
الرئيس بشار الأسد للرياض،
ولقائه خادم الحرمين الشريفين.
هو لقاء لابد أن يثمر مزيداً من المرونة
والحيوية في العلاقات البينية
العربية عموماً. ========================= 2010 عام الحسم بالنسبة
لأميركا بقلم :فيكتور
دافيز هانسون البيان 14-1-2010 أحيانا تتصادم المشاكل المتأزمة منذ زمن،
وتتفجر في سنة واحدة، فيبقى
تاريخها محفوراً في الذاكرة.
وفي هذا السياق يمكننا
الاستشهاد بأمثلة من التاريخ
تعود حتى القرن الخامس قبل
الميلاد، لنشهد هذه الظاهرة، أو
ربما نشهدها بشكل مباشر مجدداً
في 2010. في عام 480 قبل الميلاد، بلغ التوتر في
منطقة حوض بحر إيجه أوجه
بانطلاق الغزو الفارسي لليونان.
وبدا أنه ما كان لشيء أن يوقف
زحف الملك زيركسيس خلال اختراقه
لمعبر ثيرموبيلاي، إلى أن احتشد
الإغريق تحت قيادة ثيميستوكليس
في معركة «سلاميس» البحرية
وأنقذوا الغرب. والآن دعونا نسرع الشريط إلى الأمام
وصولاً إلى العصر الحديث، حين
أدت نهضة الفاشية إلى نشوب حرب
عالمية في 1939. في تلك السنة
أيضاً، انتصر القوميون
الفرانكونيون في الحرب الأهلية
في إسبانيا، والاتحاد
السوفييتي اقتتل مع اليابان في
حرب حدودية ووقع خلالها معاهدة
مولتوف ريبتروب لعدم الاعتداء
مع ألمانيا النازية. وبعد ذلك بأسابيع، جاء الغزو النازي
لبولندا معلناً عن بداية الحرب
العالمية الثانية. والأحداث
التي وقعت في سنة 1939 لا تتحمل
وحدها مسؤولية إطلاق شرارة
الصراع العالمي، فلقد انبثقت هي
نفسها كحصيلة لسنين من الأفكار
الرديئة، مثل المحاولات
المتعاقبة لاسترضاء هتلر، شبه
نزع سلاح الديمقراطيات
الغربية، ومغازلة الحركات
المعارضة للحروب بشتى أشكالها. ولقد أوصل هذا السلوك دون قصد رسالة إلى
العالم، مفادها أن بريطانيا
وفرنسا والولايات المتحدة كانت
غير راغبة وغير قادرة على
النهوض في وجه تحدي الأنظمة
الشمولية. وهكذا نهض الحكام
المستبدون لاستعراض قوتهم في 1939
وبدأوا بالتحرك. ثم في عهد أقرب إلى وقتنا الحاضر، كانت
سنة 1979 حافلة بالأحداث الكبيرة
أيضاً. فلقد أدت الخطب الوعظية
الطنانة التي ألقاها جيمي كارتر
في السنوات السابقة عن العادات
الأميركية السيئة، إلى إقناع
اللاعبين السيئين في العالم بأن
الوقت قد حان للمضي قدماً في دفع
أجنداتهم الإقليمية، دون الخوف
من ردة فعل أميركية. وحالما انطلقت الأعمال العدوانية على
مسرح الأحداث، لم يكن بالإمكان
فعل شيء لإيقافها. وحتى خطاب
كارتر المدوي عن «أزمة الثقة»،
الذي اعترف فيه بحالة توعك
أميركي جماعي، لم يزد الأمور
إلا سوءاً. وكم كانت أحداث تلك السنة حاسمة! فأعضاء
الجبهة الساندينية بقيادة
دانييل أورتيغا سيطروا على
نيكاراجوا. الثورة الإيرانية
تسببت بموجة هلع في أسواق
النفط، تبعتها أزمة طاقة عالمية.
المتشددون احتجزوا رهائن
أميركيين في السفارة الأميركية
في طهران. وبعد ذلك بنحو سبعة
أسابيع، دخل الجيش الأحمر
أفغانتسان. وكانت الصين قد غزت
فيتنام في وقت سابق من السنة
نفسها. وبطريقة مشابهة، ربما تكون 2010 سنة مصيرية.
ففي 2009، أعطت الولايات المتحدة
إيران ما لا يقل عن أربع مهل
أخيرة لإيقاف برنامجها النووي،
قوبلت كلها بالتجاهل من الجانب
الإيراني. هل يعتقد إذن النظام
الثيوقراطي المتجاسر في إيران،
أن سنتنا هذه هي السنة المناسبة
ليمتلك قوة نووية ويغير شكل
الخارطة الاستراتيجية في الشرق
الأوسط؟ لقد تنازلنا عن مفاهيمنا السابقة ل«الحرب
على الإرهاب»، وأعدنا على مسامع
العالم مراراً وتكراراً أن حرب
العراق كانت خطأ، واعتذرنا
للعالم الإسلامي للخطايا
الأميركية المقترفة في حقهم،
بينما قمنا بتضخيم إنجازات
المسلمين. وبعد أشهر طويلة من التردد، أعلنّا عن
إرسال المزيد من الجنود إلى
أفغانستان، ووعدنا في الوقت
نفسه بالبدء قريباً بسحبهم إلى
أرض الوطن، ومددنا أيدينا
للتواصل مع روسيا البوتينية،
على حساب حلفائنا الديمقراطيين
في أوروبا الشرقية. ولم يغب مغزى هذا كله عن الإسلاميين.
فالقاعدة، عموماً، تفسر
مساعينا الحميدة تلك على أنها
إشارة على ضعف معنوي. والدليل أن
ثلث الحوادث المتصلة بالإرهاب
التي وقعت على الأراضي
الأميركية منذ 11 سبتمبر إلى
الآن، حدثت في سنة 2009 وحدها. في هذه الأثناء لم يقف الصينيون المتخمون
بالسيولة مكتوفي الأيدي. وهم
سيواصلون هذه السنة استخدام
فوائضهم الهائلة في الميزانية
لزيادة حجم قواتهم المسلحة،
بينما تجبرنا ديوننا الفلكية
المتوقعة في السنوات المقبلة
على تقليص الإنفاق على قواتنا
المسلحة. وفي ظل الوضع الراهن حيث تنغمس أميركا في
حربين وتغرق في ديون بقيمة
ترليونات الدولارات، بدأ
حلفاؤنا الآسيويون بإعادة حساب
مواقفهم تجاه كل من الرئيس
أوباما والكادر الشيوعي في بكين.
وعلينا أن نتوقع من حلفائنا التقليديين،
مثل اليابان، الفلبين، كوريا
الجنوبية وتايوان، أن يبدأوا
بإعادة ضبط علاقاتهم الإقليمية
باتجاه مزيد من التقارب مع
الصين، نائين بأنفسهم بعيدا عن
الولايات المتحدة المتعثرة
المرتبكة. في 2010، سنة القرارات
الحاسمة بالنسبة لنا، قد تتصاعد
الأحداث إلى ذروة حاسمة تنسف
النظام العالمي الحالي الذي
تقوده أميركا، ما لم تتمكن
إدارة أوباما من استثارة
الحلفاء الغربيين، للنهوض في
وجه هذا الخطر المتعاظم. أستاذ الدراسات الكلاسيكية
والتاريخية في جامعة ستانفورد ========================= الخميس, 14 يناير 2010 حسان حيدر الحياة تبدو اسرائيل عاجزة عن فهم التحول في
تركيا، او انها بالأحرى فهمته
وفقدت اعصابها لأنها ترفض تصديق
انها في طريقها الى خسارة حليف
أساسي في المنطقة في غمضة عين.
وتبدو تركيا واثقة تخطو بثبات
على المسار الجديد لسياستها
الخارجية من دون ضجيج ولا مواقف
خرقاء على المثال الايراني، بل
تتصرف باعتبارها دولة اقليمية
كبرى تستند الى تاريخها
وحاضرها، وتسعى لاستيعاب صغار
اللاعبين في المنطقة، ومن بينهم
اسرائيل. لا يتعلق الامر برد فعل انتقامي من
استمرار اقفال ابواب الاتحاد
الاوروبي في وجه انقرة، بل
باكتشاف هذه انها لم تعد مضطرة
الى المرور عبر البوابة
الاسرائيلية للحفاظ على
العلاقات الطبيعية مع اوروبا
وأميركا. ثمة قناعة لدى الزعماء
الاتراك بأن حاضر بلدهم
ومستقبله مرتبطان بمتانة
الاقتصاد وبالعلاقات
الاقتصادية والسياسية الجيدة
مع المحيط المباشر، وليس
بالبوابات المصطنعة. وهم لذلك
انفتحوا على سورية والعراق
وايران ولبنان وارمينيا،
وقرروا خيار «صفر من المشاكل». وهم يعرفون ايضاً ان مزاج الغرب يتغير
ازاء تصرفات «طفله المدلل»
بعدما كان، منذ قيام الدولة
الدخيل قبل اكثر من ستين سنة،
يعتمد الاحتضان والتملق سبيلاً
لتعويض فظاعات الحرب العالمية
الثانية بحق اليهود ولإسكات
تأنيب الضمير تجاههم، فضلاً عن
دور اسرائيل الاستراتيجي في زمن
المحاور الدولية واعتبارها
أداة «تأديب» متقدمة للعرب
الميالين الى موسكو. نجحت اسرائيل كل هذا الوقت في لعب دور
الضحية المحاصرة بالأعداء من كل
جانب، وجعلها ذلك تنجو من
الإدانة في كل مرة استخدمت فيها
آلتها العسكرية الضخمة وخصوصاً
ضد المدنيين، لكن همجيتها التي
تبدت في صورها الأكثر بشاعة في
حرب غزة، صارت اليوم موضع
استنكار وتأنيب، مثلما أشار الى
ذلك تقرير غولدستون، وبات
الاميركيون المصرون على حل
الدولتين الذي تعرقله اسرائيل
يتحدثون ولو تلميحاً عن احتمال
تخطي الضغط الديبلوماسي الى
العقوبات المادية. ربما يرى البعض ان الاميركيين يستفيدون
من الموقف التركي وقد يستخدمونه
ايضاً وسيلة ضغط غير مباشر على
اسرائيل. وهذا يعني في المقابل
ان التصرف العنصري لمساعد وزير
الخارجية الاسرائيلي تجاه
السفير التركي كان ايضاً رسالة
غير مباشرة الى الاميركيين
خصوصاً، والغرب عموماً، بأن
اسرائيل لن ترضى بأقل من
التأييد الكامل الذي اعتادت
عليه. والموقف التركي مؤذٍ كثيراً لاسرائيل
لأنه في هدوئه ورصانته لا
يستثير التعاطف الغربي معها،
ولأنه لا يعتمد في ادانة سلوكها
اساليب الإثارة الايرانية.
فأنقرة لم تنف المحرقة ولم تهدد
بإبادة «الكيان الغاصب» ولا
اعتبرت ان اسرائيل في طريقها
الى الزوال، ولا قالت ان
صواريخها تستطيع الوصول الى
المواقع الاسرائيلية
الاستراتيجية او انها حتى موجهة
اليها. كل ما تريده هو ان تضبط
الدولة العبرية تصرفاتها
وتتحول الى دولة «عادية» في
المنطقة، لا تفرض نفسها
ومصالحها بقوة السلاح بل
بالتزام سلام حقيقي يعطي
الفلسطينيين والعرب ايضاً
ارضهم وحقوقهم. وقادة تركيا يعرفون كيف يغيظون
الاسرائيليين. اردوغان تحدث عن
القوة النووية الاسرائيلية
التي اعتبر انها تشكل خطراً على
المنطقة، وهو ما لم يجرؤ اي زعيم
غربي على قوله في العلن، ذلك انه
يعرف ان الغرب المستنفر ضد
البرنامج النووي الايراني لا
يمكنه الاحتجاج على كلام عن
الترسانة الاسرائيلية. وعلى رغم كل ذلك فإن تمنيات بعض العرب لن
تتحقق بالتأكيد. فتركيا تقارع
اسرائيل وفق حدود ومعايير
تدركها جيداً، واحتجاجها يهدف
الى لجم مواقفها السياسية
والعسكرية ولن يصل يوماً الى
مرحلة العداء لوجود اسرائيل
ذاته. ========================= أوباما بين الكلام
الجميل... والصدمات خيرالله خيرالله الرأي العام 14-1-2010 مضى عام على دخول الرئيس باراك أوباما
البيت الأبيض ومباشرة ممارسة
مهماته. كان ذلك العام كافياً
ليتأكد الرئيس الأميركي من أن
الكلام الجميل والحديث عن سياسة
أميركية جديدة، تأخذ في
الاعتبار ضرورة الحوار مع الآخر
من أجل الوصول إلى عالم أكثر
عدلاً شيء، فيما الواقع شيء آخر.
بدأ الرئيس الأميركي يصطدم
بالواقع. بدأ يكتشف أن عليه أن
يتغير في حال كان يريد بالفعل
تغيير العالم... تلقى باراك أوباما في أقل من عام سلسلة من
الصدمات. اكتشف أخيراً أن
الأجهزة الأمنية الأميركية
تمتلك قدرات كبيرة من الناحية
التكنولوجية، ولكن تنقصها
المعلومات المباشرة والقدرة
على تحليل هذه المعلومات، فضلاً
عن التنسيق في ما بينها. إنها
بالفعل كارثة كبيرة أن يتمكن
شاب نيجيري، جندته «القاعدة» في
لندن أو غيرها، كما زار اليمن
أخيراً حيث التقى إرهابيين هم
في حرب مع السلطة المركزية في
صنعاء، من ركوب طائرة في رحلة
عادية إلى مدينة أميركية. أكثر
من ذلك، استطاع هذا الشاب، الذي
وشى به والده إلى الأميركيين
شاكياً من أفكاره المتطرفة
وتصرفاته الغريبة، أن يستقل
الطائرة من مطار أوروبي حاملاً
كمية من المتفجرات كان يمكن أن
تفجر الطائرة بركابها وأفراد
طاقمها. بكلام أوضح، وجد أوباما أن أداء الأجهزة
الأمنية الأميركية لم يتغير منذ
الحادي عشر من سبتمبر 2001. لا
يزال الأداء ضعيفاً رغم الأموال
كلها التي صرفت من أجل تحصين
الولايات المتحدة في وجه
الإرهاب. ما تغير كله هو عذابات
المسافرين في المطارات
الأميركية والأوروبية. هؤلاء
يدفعون حقاً ثمن الحرب
الأميركية على الإرهاب. بعد
أعوام ثمانية على كارثة الحادي
عشر من سبتمبر، يجد باراك
أوباما أن الجهود كلها التي
بذلتها الولايات المتحدة من أجل
كسب هذه الحرب ذهبت هباء. شاب في
الثالثة والعشرين عاماً من
العمر كان يمكنه أن يفجر طائرة
ركاب في رحلة من أمستردام إلى
ديترويت رغم توافر المعلومات
اللازمة كلها في شأن توجهاته
ومدى خطورته. كان الأميركيون
يمتلكون الأسباب كلها لمنعه من
الصعود إلى الطائرة. لكنهم لم
يفعلوا شيئاً. بقية القصة صارت
معروفة. ما يمكن وصفه بعمل إرهابي ضخم أجهضته
الصدفة، أكد لأوباما أن عليه
الانطلاق من نقطة الصفر. عليه
بكل بساطة أن يخوض حرباً خاصة به
إذا كان يريد الانتصار على
الإرهاب. ما فعلته كله إدارة بوش
الابن منذ الحادي عشر من سبتمبر
2001 ساهم في تعزيز الإرهاب
وتمكينه من إيجاد مواطئ قدم
جديدة له في مناطق مختلفة من
العالم. لم تستطع الولايات
المتحدة الانتهاء من «القاعدة»
أو «طالبان» في أفغانستان
وباكستان. يتبين كل يوم أن
باكستان معضلة حقيقية، وأن
أفغانستان خارجة عن سيطرة
الأميركيين وحلفائهم في حلف
شمال الأطلسي. صار العالم أكثر
خطورة مما كان عليه قبل الحادي
عشر من سبتمبر 2001. كان الخطأ
القاتل الذي ارتكبه بوش الابن
الذهاب إلى العراق قبل الانتهاء
من أفغانستان والسعي إلى معالجة
الوضع في باكستان. لا يمكن في أي
شكل فصل باكستان عن أفغانستان.
كان طبيعياً التركيز على هذين
البلدين في لحظة انهيار البرجين
في نيويورك في ذلك اليوم
المشؤوم. على أوباما أن يدفع
غالياً ثمن القرار الذي اتخذه
بوش الابن والقاضي بالذهاب إلى
العراق. لم تعد «القاعدة» في
باكستان وافغانستان. صارت في
العراق أيضاً. صارت في
إندونيسيا، وهي تعزز مواقعها في
الصومال مع مرور الأيام. من حق إدارة أوباما الآن أن تشكو من وجود «القاعدة»
في اليمن. هذا ليس سراً عسكرياً،
خصوصاً أن «القاعدة» وجهت ضربة
قوية إلى المدمرة الأميركية «كول»
في ميناء عدن في أكتوبر من العام
2000 بناء على أوامر خطية واضحة
وجهها أسامة بن لادن إلى مجموعة
تابعة له. ولكن من حق أي عربي يقف
في وجه الإرهاب ويسعى بالفعل
إلى محاربته أن يتساءل ما الذي
ساعد «القاعدة» على الانتشار في
اليمن؟ هل مشكلة «القاعدة» في
اليمن يمكن فصلها عن مشاكل أخرى
يعاني منها هذا البلد المهم ذو
الموقع الاستراتيجي الحساس؟ لا شك أن ادارة أوباما في وضع لا تُحسد
عليه، ذلك أنه كلما مرّ يوم
يتبين كم تركة بوش الابن ثقيلة.
ما يتبين أيضاً أن المشكلة لا
تكمن فقط في تركة بوش الابن
وحدها والحربين اللتين انهكتا
الجيش الأميركي وحدتا من قدراته
على التدخل في أنحاء مختلفة من
العالم. المشكلة تكمن خصوصاً في
غياب القدرة لدى الأجهزة
الأمنية الأميركية على فهم ما
يدور في العالم. ربما اليمن أحدث
مثال على ذلك... عندما يتعلق الأمر باليمن، لا يمكن في أي
شكل التركيز على «القاعدة»
وحدها. «القاعدة» مشكلة حقيقية
لأسباب كثيرة. ولكن ما الذي مكن
«القاعدة» من أن يكون لها وجود
قوي في هذا البلد؟ أليست حرب
صعدة المستمرة منذ ما يزيد على
أعوام خمسة جزءاً من المشكلة
التي ساعدت «القاعدة» في النمو
والانتشار بعدما كان وجودها
محدوداً؟ أليست الأزمة
الاقتصادية التي تفاقمت في
الأعوام الأخيرة عاملاً
مساعداً يخدم «القاعدة» التي
تستفيد من البؤس والجهل قبل أي
شيء آخر؟ هناك حاجة إلى متابعة
الحرب على الإرهاب. لكن إدارة
أوباما ستكون في مأزق كبير إذا
لم تجرِ مراجعة للسياسات
الأميركية، خصوصاً تلك التي
اتبعت منذ العام 2001. الحرب على
الإرهاب تحتاج إلى ذكاء إنساني
أولاً وإلى أفق واسع ثانياً
وأخيراً. الحرب على الإرهاب لا
تُخاض بأجهزة أمنية لا تنسيق في
ما بينها، أجهزة لا تدرك أنه من
السهل تحوّل اليمن إلى صومال
آخر أو أفغانستان أخرى في غياب
المقاربة الشاملة لمشكلة اسمها
وجود «القاعدة» في اليمن. كاتب وصحافي لبناني مقيم في
لندن ========================= أوباما ينهي عامه الأول
بانتصار كبير آخر تحديث:الخميس ,14/01/2010 الخليج غسان العزي يقع إصلاح القطاع الصحي موقع حجر الزاوية
في برنامج أوباما الإصلاحي .
وكان الإخفاق في هذا الملف يضمر
حكماً بالفشل على ما تبقى من
ولايته وهي بعد في سنتها
الأولى، والنجاح يعني فتح
الطريق نحو تنفيذ رزمة كبيرة من
الإصلاحات التي وعدت بها حملته
الانتخابية الطويلة . وقد اضطر
إلى خوض معركة شرسة لتمرير
مشروعه في الكونجرس على الرغم
من امتلاك الديمقراطيين
لغالبية مقاعده . لماذا؟ لا ننسى أن أوباما نجح بفضل 52 في المائة من
أصوات الأمريكيين ما يعني أن
أقل من نصفهم بقليل صوت ضده . ثم
إن 85 في المائة من هؤلاء
الأمريكيين يمتلكون بوليصة
تأمين لدى شركات خاصة، والفقراء
تغطيهم “ميديكير Medicare”، ولكن ما بين الاثنين هناك 46
مليون أمريكي لا يمتلكون أي
تغطية صحية . ما أراده أوباما هو
أن يتمكن القطاع العام من عرض
بواليص تأمين تنافس القطاع
الخاص فتجبره على تخفيض
الأسعار، الأمر الذي يسمح
للمزيد من الأمريكيين، وربما
كلهم، بالاستحواذ على تغطية
صحية . عارض الجمهوريون بشراسة هذا المشروع الذي
انقسم حوله الديمقراطيون،
فاليساريون والليبراليون من
هؤلاء أيدوه، ورفضه من يطلق
عليهم “الكلاب الزرق”
الناطقون باسم الناخبين
الديمقراطيين المحافظين عموما
الذين يأبون أن يدفع الميسورون
تكلفة ضمان الفقراء . واضطر
أوباما بداية أن يفاوض الرافضين
ويناقش معهم تعديلات على
القانون المقدم إلى الكونجرس
قبل أن يعود ويصر على مشروعه
الذي ارتبط بكل مصداقيته
السياسية وقدرته على المكوث في
البيت الأبيض بحسب مستشاريه
والمحللين المقربين منه . وفي
التاسع من سبتمبر/ أيلول 2009 أعلن
أمام الكونجرس بأنه ليس الرئيس
الأول الذي يتعرض لمثل هذه
المسألة الشائكة لكنه مصر على
أن يكون الأخير بمعنى أنه لن
يتراجع قيد أنملة . وقال
المحللون إنه إذا نجح أوباما في
فرض إصلاح للنظام الصحي تقوم من
خلاله الدولة الفيدرالية ببيع
بواليص تأمين صحي قادرة على
منافسة تلك التي تعرضها الشركات
الخاصة فتجبرها على تخفيض
أسعارها فإنه بذلك يضع عهده على
الطريق القويم، أما إذا فشل كما
فعل بيل كلينتون الذي كسر
أسنانه في مواجهة هذا الملف
الحساس فإنه يحكم على نفسه
مسبقاً بالهزيمة: عودة
الجمهوريين بقوة إلى الكونجرس
في خريف العام 2010 . لقد كان على أوباما أن يقنع الديمقراطيين
قبل غيرهم، فهم أصحاب القرار
التشريعي وفشله كان يعني أنه لا
يحظى بتأييد حزبه وهذا يعني
نهاية الحكم الديمقراطي قبل أن
يبدأ . أما الجمهوريون فقد
استنفروا الإعلام ضد ما وصفوه
بالتعرض لحرية اختيار المواطن
الأمريكي وهي من الحريات
المقدسة ونظموا التظاهرات التي
هتفت ضد “ما وتسي تونغ الأمريكي”
الجديد . لكن الضغوط التي مارسها أوباما في كل
الاتجاهات مكنته في النهاية من
تمرير مشروعه الصحي . ففي مساء
السابع من نوفمبر/ تشرين الثاني
2009 وبعد نقاش حاد استمر اثنتي
عشرة ساعة صوت مجلس النواب
بغالبية بسيطة على المشروع الذي
يقع في 1990 صفحة وتصل قيمته إلى
أكثر من تريليون دولار خلال
السنين العشر المقبلة ويفترض أن
يوفر التغطية الصحية لجميع
المواطنين الأمريكيين تقريباً
والذي ستمس مواده بحياة
المواطنين الأمريكيين بطريقة
مماثلة لنظام الضمان الاجتماعي
الذي أقر خلال ولاية فرانكلين
روزفلت في العام 1935 . بعد مجلس النواب كان على مجلس الشيوخ أن
يصوت بدوره لصالح المشروع وهذا
ما فعله أخيراً بعد أخذ ورد في
نهاية العام المنصرم فكان ذلك
بمثابة هدية أعياد الميلاد ورأس
السنة للرئيس الذي أنهى عامه
الأول في الحكم بانتصار كبير .
صحيح أن هذا المشروع ليس أكثر من
أمر عادي جداً في كل الدول
الأوروبية لكنه في الولايات
المتحدة يمثل منعطفاً
تاريخياً، ونجاح الإدارة
الحالية في إحداث مثل هذا
المنعطف سوف يساعدها على
استرداد شعبيتها التي بدأت
بالتلاشي، ما يمكنها من خوض
معركة الانتخابات النصفية
للكونجرس في نوفمبر/ تشرين
الثاني المقبل بتفاؤل كبير، كما
سيشجعها على خوض معركة جديدة في
الكونجرس نفسه، في فبراير/شباط
المقبل، من أجل تبني مشروع
الإصلاح الاقتصادي وفي الوقت
نفسه مشروع القانون الهادف إلى
تخفيض انبعاثات غازات الدفيئة
كما تم الاتفاق عليه في مؤتمر
كوبنهاغن في ديسمبر/ كانون
الأول الماضي . وكانت مصداقية
الإدارة الأمريكية قد تعرضت
لضربة موجعة عندما لم يتقدم
رئيسها باقتراح “ثوري”
إنقاذاً للمناخ كما كان ينتظر
منه كثير ممن وضعوا عليه
الآمال، فصدر عن مؤتمر كوبنهاغن
مجرد إعلان سياسي غير ملزم . لم
يكن أوباما قادراً على خوض
معركتين في الكونجرس في الوقت
نفسه . أما وقد انتهت معركة
الإصلاح الصحي بانتصاره فقد بات
قادراً على فتح المزيد من
الجبهات . وهكذا بعد
الجرعة المعنوية التي تلقاها من
لجنة نوبل فإن أوباما يستحوذ
على رأسمال سياسي جديد يمكن له
استثماره في الساحة الداخلية
كما في الخارجية على وجه
التأكيد . وكان فرنسيس فوكوياما
قد كتب متساءلاً: نحو أي من
الرؤساء الديمقراطيين الثلاثة
الذين سبقوه سوف تتجه خطوات
أوباما؟ نحو جيمي كارتر الذي
فشل في الساحتين الداخلية
والخارجية، أم ليندون جونسون
الذي نجح في الداخل وفشل في
الخارج، أم فرانكلين روزفلت
الذي حقق إنجازات مهمة في
الساحتين الداخلية والخارجية
على حد سواء؟ وأجاب فوكوياما
بالقول إن أوباما إذا نجح في فرض
مشروعه الصحي على الكونجرس يكون
قد أصبح في مرتبة جونسون على
الأقل . وما بعد ذلك يتوقف على
قدرته على استثمار شرعيته
الداخلية في مواجهة التحديات
الدولية . ========================= طلال سلمان السفير 14-1-2010 لن ينهي الاعتذار الإسرائيلي الأزمة
المرشحة لمزيد من التعقيد
والتصعيد مع الحكومة التركية.
فالإهانة التي وُجّهت إلى تركيا
أخطر من أن يمسحها نفاق نتنياهو
المكشوف الذي جاء رداً على «إنذار»
أنقرة... فنائب وزير الخارجية
الإسرائيلية الذي تقصّد «تحقير»
السفير التركي، بالصوت
والصورة، وبالمضمون الناطق قبل
الشكل الفج، لم يكن يتصرف وفق
هواه، بل كان ينفذ قراراً
سيادياً بأسلوب فج ومسيء إلى
كرامة تركيا دولة وشعباً وحكومة
تحظى بمكانة دولية ممتازة،
فضلاً عن شعبيتها الكاسحة التي
أكدتها عبر مسلسل من المواجهات
المحتدمة، في الداخل، مع مؤسسة
الجيش، بكل عتوّها وهيمنتها على
الحياة العامة في تركيا لأجيال،
مصفّحة بالصورة المقدسة
لأتاتورك، والدعم الأميركي
المفتوح... ومن ضمنه تلك «العلاقة
المميزة مع إسرائيل»، وقد كانت
قاعدتها العداء المشترك للعرب (حين
كان لهم وزن...). تركيا أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية،
الإسلامي التوجه مع اعتدال
وعقلانية لافتة) هي الآن دولة
محورية في المنطقة، وقد استطاعت
أن تستعيد احترام العالم من دون
أن تتنازل عن كرامتها أو عن
مصالحها الوطنية... بل لعلها قد
عززت تلك المصالح بشهادة
الأرقام الفلكية لحجم الصادرات
التركية. أما مع العرب فإن حكومة أردوغان لم تنجح
في مسح حقبة العداء فحسب، بل هي
تجاوزتها إلى آفاق رحبة من
التعاون المثمر، كما أنها تحظى
الآن بالإعجاب والتقدير العالي..
ويجهر ملايين العرب بتشوقهم لأن
تقوم في بلادهم، ذات يوم، حكومة
على مثل هذا القدر من الكفاءة
والشجاعة الأدبية التي تأبى
عليها أن تموّه شعاراتها أو أن
تتخلى عن المبادئ التي قام
عليها حزبها وأوصلتها إلى سدة
السلطة. إنها حكومة إسلامية، في
الأساس كما في الشكل، ولا حياء
في الدين، ولا تقية أو تمويه ولا
انفصال عن برنامج حزبها الذي
أوصلها إلى السلطة بشعبيته
الجارفة، ثم تولت قيادته حماية
وجودها فيها بكفاءتها
ومبادراتها الشجاعة في تخطي
الحواجز وتجديد ارتباطها
بمنطقتها. ليس سراً الآن أن الجمهور العربي يغبط
الأتراك على حكومتهم الممتلئة
حيوية والتي لا تتوقف عن
المبادرات واقتحام ما كان صعباً
بل وفي حكم المحرّم، كمثل
الموقف من إسرائيل وحروبها
المفتوحة على الشعب الفلسطيني
وآخرها حرب المذابح التي جعلت
من غزة هاشم أرضاً محروقة. وليس سراً، الآن، أن رجب طيب أردوغان هو «بطل»
في نظر الأكثرية العربية، تقدر
فيه شجاعته وصدق مواقفه،
ومبادراته المتلاحقة التي يريد
بها توكيد الدور القيادي لتركيا
في هذه المنطقة التي يتناقص
فيها تأثير أهلها العرب حتى
ليكاد يندثر. وتتعاظم صورة أردوغان في العين العربية
وهذه الملايين من الرعايا
العرب، يفتقدون في النظام
العربي بمجمله انتسابه إليهم
والحكم باسمهم ولمصلحتهم
وحماية كرامة أوطانهم. من باب المقارنة الخاطفة، ليس إلا، يمكن
الإشارة إلى أن أحد كتبة
السلطان، في بلد عربي عظيم
كمصر، دبج بالأمس مقالاً مهيناً
لكرامة شعبه... إذ إن الكاتب الذي
يشغل أكثر من موقع رسمي (وشعبي!!
إذا ما تذكرنا أنه نائب) قال
بصراحة فجة إن الرئيس المقبل
لمصر، أي رئيس مقبل، لا بد أن
يحظى بموافقة الإدارة
الأميركية وإسرائيل! المصادفة هنا مذلّة: ففي الوقت التي كانت
تركيا تجبر نتنياهو، بكل جبروت
التطرف الصهيوني فيه، على تقديم
اعتذار علني، كان كاتب السلطان
المصري يتبرع لإسرائيل بحق
الفيتو على أي مرشح لرئاسة أكبر
دولة عربية وأعظمها رصيداً
بتاريخها وبدورها التنويري
وببسالة جيشها في مواجهة دولة
العدوان الإسرائيلي المفتوح
وبقدرة شعبها على اختراق
المستحيل، كما يشهد له تاريخه. لنعد إلى تركيا وحكومتها، بل قيادتها
الإسلامية المتميزة بحيوية
فائقة جعلتها «مركزاً» أساسياً
في المنطقة وأكسبتها رصيداً
دولياً محترماً... إن هذه القيادة المبادرة إنما تحقق في
مجال حركتها عربياً نجاحات
باهرة لتركيا: سياسياً
واقتصادياً... فالدول العربية
إجمالاً استثمار مجزٍ، ثم إنها
بغالبيتها أسواق، يمكن أن تبيع
لها كل شيء، من الماء والكهرباء
إلى الصناعات الاستهلاكية إلى
المواد الغذائية والملبوسات...
ثم إنها حصدت التزامات ونفذت
مشاريع بنى تحتية بالمليارات في
مصر وتونس وليبيا وقطر
والإمارات... وها هي تلغي
التأشيرات مع الدول العربية. ولعل مبادرة سوريا إلى تجاوز حساسيات
الماضي والتأسيس لعلاقة
استراتيجية مع هذا الجار
الكبير، هي بين عناوين النجاح
للحكومة التركية كما للقيادة
السورية التي نسجت ما يشبه «التحالف»
مع الجارة التي كانت خصماً، بل
لعلها في مراحل معينة قد تساوت
في العداء مع إسرائيل، في العين
العربية، قبل أن يجيئها الحكم
الذي أعاد إليها هويتها ودورها. على أن المواطن العربي المرحب بهذا
التحوّل الذي أعاد تركيا إلى
موقعها الطبيعي كجارة كبرى
صديقة ويجمعنا بها تاريخ طويل
وحافل، فيه الحلو والمر، لكن
الجغرافيا والمصالح تفرض أن
يكون طيباً، بل ممتازاً في ضوء
السياسات التي تعتمدها حكومة
أردوغان، يقبع تحت سيطرة النظام
العربي المهيمن الذي «يبيعه»
إسلاماً غير الإسلام كوسيلة
لإخراجه من العروبة، و«يبيعه»
التنازلات عن أرضه الوطنية باسم
«الواقعية السياسية»، و«يبيعه»
التردي الاقتصادي والاجتماعي
باسم مقتضيات العولمة والخضوع
لمنطق السوق الذي تتحكّم به
الهيمنة الأميركية... فإذا ما
اعترض أو عارض كان قمعه مدمراً،
وممهداً للاحتلال الأجنبي (كما
آلت إليه حال العراق) أو لتمدد
الاحتلال الإسرائيلي فوق كامل
الأرض الفلسطينية، كما يجري
أمام عيوننا في المقدسة فلسطين. ========================= أهم القصص الإخبارية
المحجوبة عن العالم باتر محمد علي وردم الدستور 14-1-2010 في كل عام يقوم مشروع Project
Censored بنشر كتاب يتضمن أهم 25 قصة وتحقيقا
إخباريا نشر في العام السابق في
وسائل إعلام محلية وعالمية
ولكنه لم يحظ بمتابعة دولية
كافية خاصة من قبل الإعلام
الأميركي السائد Mainstream الذي يمثل الصحف والقنوات الكبرى. يعطي هذا المشروع الذي يقوم به أكثر من 200
طالب جامعي تحت إشراف أساتذة
مختصين في الإعلام فكرة واضحة
عن المعايير التي تحكم الرقابة
والحجب والتهميش في سياسات
الإعلام الأميركي بالذات والتي
تمنع الرأي العام من الإطلاع
على العديد من الحقائق الأساسية
في العالم. على قمة لائحة العام
الحالي يقع تقرير نشرته بعض
الصحف الصغيرة في الولايات
المتحدة حول الأعطيات والأموال
التي تلقاها أعضاء الكونغرس
الأميركي المعنيون بمراقبة
واتخاذ قرارات ضخ الأموال في
البنوك والشركات المالية
الأميركية المنهارة في وول
ستريت حيث يظهر هذا التقرير
حقيقة واضحة مفادها أن الغالبية
العظمى من أعضاء اللجنة المالية
في الكونغرس يتلقون مساعدات
ومنحا وتبرعات مستمرة من أكثر
البنوك والشركات تعثرا والتي
حصلت على 700 بليون من الأموال
العامة للبقاء في ظل الأزمة
المالية ، حيث بلغت قيمة تلك
الأموال التي منحت لأعضاء
اللجان المختلفة 640 مليون دولار
منذ العام ,2001 من ضمن القصص الخمس والعشرين توجد أربع من
العالم العربي. في المركز
الثالث يقدم المشروع عدة
تحقيقات وأخبار محجوبة عن الرأي
العام العالمي توثق مدى
الانتهاكات التي قامت بها
اساطيل الصيد الأوروبية للمياه
الإقليمية في الصومال خلال
السنوات العشر الماضية والتي
أدت إلى استنزاف الثروة السمكية
للبلاد. ولكن الأخطر من ذلك هو
قيام مئات السفن الأميركية
والأوروبية وحتى الآسيوية
بإلقاء آلاف الأطنان من
المخلفات المشعة والخطرة في
الأراضي الإقليمية الصومالية
مستغلة عدم وجود قانون وحكومة
تحمي هذه المياه التي أصبحت
مشاعا لجرائم دولية بل أن بعض
هذه الشركات دفعت رشاوى
للمسؤولين الصوماليين من أجل
تحويل البحر إلى مكاب للنفايات
الخطرة. تجادل التقارير في أن
هذه الممارسات بالذات هي التي
استفزت جماعات مسلحة صومالية
تحولت من مهنة الصيد الخاسرة
إلى مهنة القرصنة للثأر من
ممارسات الأساطيل العالمية
والحكومات المحلية الفاسدة. في الموقع التاسع تأتي القصة التي تغطي
تقرير مؤسسة مراقبة حقوق
الإنسان حول استخدام الفوسفور
الأبيض من قبل إسرائيل في حربها
الإجرامية ضد سكان غزة ، وهي
القصة التي وثقتها عدة وسائل
إعلام ولكنها بقيت تقريبا
محجوبة بشكل كامل عن الرأي
العام الأميركي بالرغم من أنها
مسنودة بحقائق وأرقام توضح
مساهمة هذه الأسلحة الأميركية
الفتاكة الممنوعة دوليا في
مجموعة من أسوأ حالات جرائم
الحرب في غزة. في الموقع الحادي
عشر تنشر مؤسسة "نساء من أجل
السلام" الإسرائيلية تقارير
متتالية عن شركات المقاولات
والتجارة والبناء والهندسة
وغيرها التي تساهم في بناء جدار
الفصل العنصري والمستوطنات
الإسرائيلية على الأراضي
الفلسطينية وخاصة الشركات
الأميركية. المشروع يؤكد بأن
هناك حجبا دوليا متعدما لأسماء
هذه الشركات وممارساتها ولكن
المؤسسة الإسرائيلية وبالتنسيق
مع المؤسسات الفلسطينية تقوم
بنشر كافة هذه الأسماء حتى يتاح
للرأي العام الأوروبي المعرفة
الكافية لتسهيل اتخاذ اجراءات
المقاطعة الشخصية أو المنهجية
لهذه الشركات التي تساهم في
تقوية الاحتلال الإسرائيلي. في الموقع السابع عشر تنشر المؤسسة
تقارير مختلفة حول الصراع ما
بين الحكومة السودانية وشركات
النفط الأميركية وخاصة "شيفرون"
والتي تريد الحصول على حقوق
اكتشاف النفط في دارفور ، وكيف
أن الحكومة السودانية فضلت
الشراكة مع الصين مما أثار غضب
الشركات الأميركية والغربية
والتي ساهمت في إذكاء ودعم
الحملة الدولية ضد السودان بسبب
انتهاكات حقوق الإنسان في
دارفور والصراع بين جماعات
المزارعين والرعاة والتي تحولت
إلى حرب حقيقية ذات أبعاد دينية
وعرقية بدعم عالمي. من التقارير المثيرة الأخرى في المشروع
تحقيق يؤكد أن نظام التعليم
المدرسي في الولايات المتحدة
حاليا يؤدي إلى فصل ما بين البيض
وما بين السود واللاتينيين
بنسبة أكبر مما كان عليه في
الخمسينات لأسباب اقتصادية
واجتماعية ، كما يوثق تقرير آخر
مدى التهرب الضريبي من قبل
الشركات المالية المفلسة في وول
ستريت والتي أنقذتها أموال
دافعي الضرائب الأميركيين ،
ويوثق آخر مدى العنصرية في
اتخاذ قرارات الإنقاذ والتعامل
مع الناجين واستعادة ظروف
حياتهم بعد إعصار كاترينا
المدمر في الولايات المتحدة. الرقابة على الإعلام موجودة في كل مكان ،
وربما نكون بحاجة إلى مشروع
عربي مماثل لنشر وتوثيق
التقارير والقصص الإخبارية
التي تبقى محجوبة عن المواطن
العربي. ========================= المستقبل العلماني قاتم
في تركيا سركيس نعوم النهار 14-1-2010 -25- علّق الباحث
التركي "العلماني" النشِط
المشارك بفاعلية في مركز ابحاث
اميركي فاعل على ما قلته،
جواباً عن سؤال له، عن تطلّع
السنّة اللبنانيين او بعضهم الى
تركيا السنّية للتعويض عن "احباطات"
كثيرة اصابتهم، قال: "أحمد
داود اوغلو وزير الخارجية
التركي ذكي جداً وخطير جداً. درس
في جامعة اسلامية ماليزية
قرّبته من الوهابيين السعوديين
او ربما جعلته واحداً منهم. رئيس
وزرائه اردوغان "كاريزماتيك"
جداً. ثمانون في المئة من الشعب
التركي معه وخصوصاً بعدما صار
اسلامياً وبعدما مشى في موضوع
فلسطين ضد اسرائيل. اردوغان
وحزبه يمتلكان قدرة واسعة،
يسيطران على نصف الصحافة
والإعلام وعلى مجلس النواب وعلى
الحكومة وعلى رئاسة الجمهورية
وعلى القضاء. ويضغطان على
الاعلام الآخر المناهض لهما اي
العلماني بالاغراءات واذا لم
تفلح فبالإجراءات القانونية.
صارت تركيا دولة شبه بوليسية.
هناك تنصّت على الجميع. لا احد
يأخذ "التزاماً" اذا لم يكن
اسلامياً"، علّقت: لكنهما
اخذا كل هذه المواقع بطريقة
ديموقراطية اي بواسطة
الانتخابات. فلماذا الاعتراض؟
رد: "معك حق وكلامك صحيح. لكن
هناك سوء استعمال للنظام
وللسلطة وللديموقراطية لإحداث
تغيير جذري في النظام والسلطة
التركيين. هناك سوء معاملة
للعلمانيين. وهناك تخويف في
صورة مستمرة للجيش. أُبلغت مرة
ان أحمد داود اوغلو وزير
الخارجية منزعج من مقال لي وانه
يتمنى ان اكتب مقالاً إعتذارياً
اذا جاز التعبير على هذا النحو.
اجبته: انا مستعد لكتابة اعتذار
رسمي ونشره، اذا برهنتَ لي ان
موقفكم من موضوع غزة يخدم مصالح
تركيا. فكان تعليقه: لكن التأييد
الشعبي لنا في مصر كان كبيراً
جداً. هذا يُظهر ان لهؤلاء
الاسلاميين الحاكمين تركيا منذ
سنوات "اجندا" مخفية. على
كلٍّ تركيا حزب العدالة
والتنمية (A.K.P) لا تهتم بالمسلمين. تهتم ب"الاخوان
المسلمين". انه يكره مصر او
بالأحرى نظامها بسبب قمعه
للأخوان. في السودان لا يمانع في
إقدام حكامه وفي مقدمهم البشير
رئيس الجمهورية على قمع دارفور
في صورة نهائية لانه اسلامي
ومسلم ولأن غير المسلم في رأيه
حلال قتاله ومقاتلته. لا يهتم
هذا الحزب واسلاميوه لمسلمي
الشيشان وروسيا واذربيجان.
يكرهون الاذريين لأنهم
علمانيون كالروس المسلمين.
يعتبرون نظام بشار الاسد
علمانياً. لكن لهم مصالح معه وهو
يماشيهم لذلك يسكتون عنه
ويسايرونه". كيف ترى مستقبل الاسلاميين الاتراك؟ سألت.
اجاب: "صار لهم 12 سنة في
السلطة حتى الآن. هناك انتخابات
في ال2011. اذا فازوا فيها تتكرس
تركيا دولة اسلامية وتبدأ
التخلي عن العلمانية تدريجاً".
ماذا يفعل العلمانيون المدنيون
والعلمانيون العسكريون اي
الجيش الذي يُعتبر ومن زمان
حامي العلمانية؟ سألت. اجاب: "خذ
اسطنبول مثلاً، فيها خمسة
ملايين علماني. هؤلاء لن يشعروا
بالخطر وتالياً لن يتكتلوا
دفاعاً عن "نظامهم"
باعتبار ان شيئاً لم يتغير
عندهم حتى الآن في كل المجالات
بما في ذلك نمط الحياة الغربي.
لكن عندما تضيق الدائرة ويصبحون
مهددين يدركون ولكن ربما بعد
فوات الاوان ان الخطر صار جدياً.
هناك ثلاثون كيلومتراً بين
اسطنبول والقارة الآسيوية او
تركيا الآسيوية. اهلها هم
الاوروبيون. الآن بدأت الحلقة
حولهم تضيق. وبدأ رجال الاعمال
منهم يشعرون بالضغط الذي يمارسه
الاسلاميون عليهم. اذ انهم لا
يأخذون اعمالاً او لا ترسو
عليهم مناقصات مثلاً الا اذا
كانوا اسلاميين او اذا كانت
زوجاتهم محجبات. اما الجيش فإن
حزب العدالة والتنمية الاسلامي
الحاكم يستعمل التنصت لاستغلال
التحالفات الاجتماعية لقادته
وضباطه ومشكلاتهم وربما
الارتكابات بغية الضغط عليه
وتحديداً على ضباطه كبارهم
والصغار. كلما تكلم واحد منهم مع
آخر يُتَّهَم بالتخطيط لانقلاب
عسكري على الحكومة الاسلامية او
بالتعاون مع "الطغمة"
الماثلة امام القضاء منذ مدة
بتهمة التخطيط لانقلاب على
الاسلاميين. صحيح ان الجيش عنده
جنود ودبابات واسلحة متنوعة.
لكن ذلك لا يكفي لانقاذ نفسه
والنظام من الاسلاميين
الحاكمين بواسطة الحكومة ومجلس
النواب ورئاسة الجمهورية. اما
في الجانب المدني فهناك حزبان
علمانيان قوميان. واحد يميل الى
اليمين وآخر يميل الى اليسار.
لكنهما يفتقران الى قيادات "كاريزماتيكية"
اي لها طلة واحترام وهيبة وقدرة
على اجتذاب الجماهير. هذان
الحزبان لا يتقدمان شعبياً او
لن يتقدما شعبياً الا اذا
تراجعت شعبية الاسلاميين.
وسيبقون متأخرين اذا بقي
الاسلاميون متقدمين. اما اذا
ربح الحزبان العلمانيان
الانتخابات المقبلة في 2011
بالصدفة فسيجدان نفسيهما
مضطرين الى تشكيل حكومة
ائتلافية. وقد يؤدي ذلك الى
كارثة لأن كلا منهما يريد ان
يكون أوَّلَ. على كل حال هناك
اجتماعان عسكريان كل سنة يجري
خلالهما "تنظيف" الجيش من
الاسلاميين (Purge).
واحد في شباط واحياناً في كانون
الثاني وآخر في كانون الأول اي
بعد نحو احد عشر شهراً. اذا حالت
الحكومة الاسلامية التي
يترأسها أردوغان دون تسريح ضباط
اسلاميين من الجيش يكون قُضي
الامر اي يكون استتب الوضع
للاسلاميين. هناك منظمة اسلامية
اصلاحية تركية تتبع نهج الإمام
الاصلاحي الراحل محمد عبده حسب
قولها تقدم الدعم لحزب العدالة
والتنمية الحاكم. يتبعها ملايين
الاتراك. تريد اولا أسلمة الفرد
التركي ثم الشعب والمجتمع
واخيراً الدولة. تحاول هذه
المنظمة اختراق الجيش. واذا
امتنع الجيش في اجتماعيه
السنويين (هذه السنة) عن تسريح
ضباط اسلاميين يكون اختراقه
اسلامياً قد نُفّذ. لا يريد
الاسلاميون ان يكون الجيش على
الحياد. يريدونه معهم. يريدون ان
"يؤسلموه". الاوروبيون
يقولون للاتراك لستم اوروبيين،
وسيأتي يوم يقول العرب للاتراك
لستم عرباً". ماذا عن علاقات
تركيا واسرائيل القائمة منذ
عقود؟ وماذا عمّا يقال من ان
ثلاثياً مكوناً من ايران وتركيا
واسرائيل سيضبط المنطقة؟ سألت.
اجاب الباحث التركي "العلماني"
النشِط نفسه العامل في مركز
ابحاث اميركي فاعل: "هذا ممكن
وربما صحيح. طبعاً هناك علاقات
بين انقرة واسرائيل. لكن في
المستقبل واذا تعرضت غزة لضربة
عسكرية اسرائيلية جديدة او
اعتداء امني واسع فان حكومة حزب
العدالة والتنمية ستطرد سفير
اسرائيل في تركيا منها. هذا امر
طالب به اتراك قبل عامين، ولا بد
ان يحصل. المستقبل العلماني
قاتم في تركيا". كيف تنظر الادارة الاميركية الى تركيا
"الاسلامية"؟ ========================= تركيا سوريا إسرائيل
إيران وبينها لبنان [2] علي حماده - اسطنبول النهار 14-1-2010 أتى الرئيس سعد الحريري الى انقره، وقبل
مغادرته "اشتعلت" بين
تركيا واسرائيل نتيجة المواقف
المتشددة التي اطلقها رئيس
الوزراء رجب طيب اردوغان الذي
صار يعتمد خطابا لم تعهده تركيا
من قبل. فمنذ حرب غزة السنة
الماضية، والاشتباك السياسي -
الاعلامي بين اردوغان والرئيس
الاسرائيلي شمعون بيريس في "المنتدى
الاقتصادي العالمي" في منتجع
دافوس، والعلاقات اقله ظاهرا في
تراجع مطرد. اكتشفت تركيا "حزب
العدالة والتنمية" وصفة
ناجعة لدخول المشرق العربي من
خلال ديبلوماسية ناعمة تمثل
نقيض "الديبلوماسية"
الايرانية التي تقوم على اختراق
حاد للأزمات الكامنة في رحم
المجتمعات العربية المشرقية
بتأجيج النزاعات واستقطاب قوى
من خارج الشرعيات العربية. مع زيارة رئيس الوزراء اللبناني الى
انقره واسطنبول على رأس وفد
مثّل ربع الحكومة ومختلف
الاطياف السياسية فيها، ومع
توقيع جملة اتفاقات وبرتوكولات
تعاون بين البلدين، لفتني مراقب
تركي زارنا في الفندق في
اسطنبول الى ان الرئيس السوري
بشار الاسد سبق له ان زار تركيا
قبل نحو شهر على رأس وفد وزاري
كبير ووقع مع الطرف التركي على
اكثر من 50 اتفاقاً وبروتوكولاً
في مختلف المجالات، وفي مقدمها
كما حصل مع لبنان، اتفاق الغاء
تأشيرات الدخول بين البلدين بما
يفسح في المجال امام بدء العمل
الجدي على خلق سوق اقتصادية
تركية - سورية - اردنية - لبنانية
موحدة سماها رئيس الحكومة
التركية اردوغان مجازا "شامغين"
تيمنا بمجال "شينغين"
الاوروبي الذي يضم 27 دولة
اوروبية. وبحسب محدثي التركي
فإن تركيا وضعت نفسها من خلال
دفع العلاقات مع لبنان الى
الامام بالتزامن مع دفعها مع
سوريا في موقع ضامن لحسن سير
العلاقات اللبنانية - السورية
المستقبلية بعد انطلاق قطار
المصالحة بزيارة الرئيس
الحريري الى دمشق. ولعل
الاشتباك التركي المتعمد مع
اسرائيل لحظة زيارة رئيس
الحكومة اللبنانية هدف الى
ايصال رسالة الى اسرائيل مفادها
أن لبنان يتمتع بمظلة تركية،
وان اي عدوان بذريعة القضاء على
قوة "حزب الله" العسكرية
سيضع تركيا واسرائيل في موقعين
متقابلين. ومع هذا لا يغفل
الجانب التركي احتمالات انزلاق
لبنان نحو حرب مع اسرائيل لأكثر
من سبب. وهنا بات واضحا ان ثمة
شيئاً كبيراً يحصل في المنطقة
ويتسبب بقلق كبير، لا بل بصداع
للقيادة الايرانية: الحراك
التركي المتسارع الوتيرة في
اتجاه دمشق ولبنان وغزة،
المصالحات العربية المتسارعة
بين السعودية وسوريا ولاحقاً
مصر، والمصالحة اللبنانية -
السورية والمظلة السعودية –
السورية - التركية التي تظلل
الواقع اللبناني من غير ان تغطي
اي انزلاق محتمل في الجنوب
اللبناني. فهل هذا ما يفسر
مسارعة وزير الخارجية الايراني
منوشهر متكي الى زيارة دمشق
واستدعاء قادة من "حزب لله"
وعقد اجتماعات استيضاحية مع
القيادة السورية قبل ساعات من
زيارة الرئيس السوري الثانية
للرياض؟ ديبلوماسي عربي التقيناه في انقرة وصف
المشهدين التركي والايراني في
المنطقة كالآتي: كانت ايران
بالمعنى السياسي تحترف "خياطة
السجاد"، بمعنى انها كانت
تعتمد سياسات طويلة النَفَس،
صبورة ومتأنية، اما اليوم
وبعدما اصطدمت طهران بواقع
مغاير لاسلوب الرئيس محمود
احمدي نجاد، فيبدو ان تركيا
اردوغان استولت على مهنة "خياطة
السجاد" بدليل انه في الوقت
الذي تقفل امام طهران ابواب
كثيرة في المنطقة وخارجها، فإن
ابواب المشرق العربي تنفتح
واسعة امام العثماني الجديد
القادم على حصان الاقتصاد
والديبلوماسية الناعمة. ولبنان
اكثر من يستفيد لحماية استقلاله
من التوازن الذي يرسيه دخول
تركيا معادلة المصالحات
العربية التي بدأت سعودية –
سورية ولم تعد تحتاج سوى الى مصر
وارساء المصالحة الفلسطينية. ========================= تركيا وإيران والعراق:
هل تلتقي التناقضات؟ د. بشير موسى نافع 14/01/2010 القدس العربي أن تركيا تلعب دوراً نشطاً في محيطها
الإقليمي، هي حقيقة لم يعد
حولها من خلاف. يثير بعض هذا
الدور في المجال العربي إعجاباً
ويقابل بالترحيب؛ ويتسبب بعضه
الآخر في امتعاض خفي أو صريح،
ويجد معارضة. ولكن دائرة الدور التركي لا تقتصر على
المجال العربي، بل تتسع لتصل
إلى البلقان، وسط أسيا،
والقوقاز. هذه هي دائرة تركيا
الجغرافية، وهي دائرة تركيا
الثقافية والتاريخية كذلك. وإن
كانت حكومة العدالة والتنمية
عقدت العزم منذ وصولها للسلطة
في نهاية 2002 على تعزيز الدور
التركي في السياسة الخارجية،
فقد كان واضحاً لدى مهندسي هذه
السياسة أن الأولوية لابد أن
تعطى للمحيط التاريخي والثقافي
والجغرافي. الأقنوم الأول في
سياسة العدالة والتنمية
الجديدة هو تصفية المشاكل
العالقة في علاقات تركيا
بجوارها؛ أما الأقنوم الثاني
فيؤكد على ضرورة بناء الاستقرار
الإقليمي وتصدي أبناء الإقليم
أنفسهم للأزمات ومصادر التوتر،
ومحاولة وضع حد لتحويل المنطقة
إلى مسرح للتنافس بين القوى
الدولية وصفقاتها. في العلاقة
المثلثة بين تركيا وإيران
والعراق، تبرز محددات السياسة
التركية الجديدة في صورة واضحة،
وتبرز أيضاً بعض من أكبر
العقبات التي تواجهها، العقبات
التي تعود إلى ترسبات تاريخية
وثقافية وسياسية، لن يؤدي
تجاهلها إلا إلى عواقب باهظة
التكاليف. تقف تركيا في سياستها تجاه إيران مع حق
الجمهورية الإسلامية في امتلاك
التقنية النووية السلمية،
وتعارض انتشار السلاح النووي في
المنطقة. وقد أعرب المسؤولون
الأتراك مراراً عن معارضتهم
القاطعة لاندلاع أية حرب جديدة
في الجوار، سيما استخدام القوة
لحسم الخلاف الإيراني الغربي
حول الملف النووي. الموقف
التركي هذا يضع أنقرة في تناقض
واضح وصريح مع الدولة العبرية،
التي تسعى إلى دفع الولايات
المتحدة والقوى الغربية إلى
تدمير المنشآت الإيرانية
النووية؛ وهو الأمر الذي يعرفه
الأتراك تمام المعرفة. وفي وقت
تثير السياسة التركية جدلاً
واسعاً، داخل تركيا وخارجها،
حول ما إن كانت حكومة العدالة
والتنمية تأخذ تركيا بعيداً عن
تحالفاتها الغربية، تخاطر
أنقره باتخاذ موقف مبدئي من
إيران وملفها النووي. ولم يكن
غريباً، بالتالي، أن تحاول
دوائر غربية مناصرة للدولة
العبرية تصوير زيارة رئيس
الوزراء التركي، الطيب رجب
إردوغان، الأخيرة لطهران،
وكأنها تؤشر إلى ذهاب تركيا إلى
المعسكر الآخر، معسكر المعادين
للغرب وخصومه في المشرق. تلتقي العلاقات الإيرانية التركية في
موقع آخر، حيث يلعب البلدان
دوراً متزايداً، ومتبايناً بعض
الشيء: العراق. فمنذ بداية
الاحتلال، انتهجت الإدارة
الأمريكية في العراق سياسة
خرقاء، ارتكزت إلى إطاحة النظام
العراقي وإلى تقويض بنية الدولة
العراقية كلية، جيشاً وأجهزة
أمن ودوائر حكم ومؤسسات إدارة،
وإلى تولية قوى المعارضة
العراقية الخارجية، التي أيدت
الغزو والاحتلال، مقاليد الحكم
الجديد. وقد نجم عن السياسة
الأمريكية تطوران هامان: الأول،
كان أن تحول العراق إلى ساحة
مفرغة من القوة، وقوة الدولة
على وجه الخصوص. وباشتعال
المقاومة العراقية، لم يعد
بإمكان إدارة الاحتلال أن تحل
ولو جزئياً محل جهاز الدولة
العراقية. أما الثاني، فكان أن
تولت قوى وعناصر سياسية عراقية،
معارضة سابقة، تحتفظ بعلاقة
تحالفية مزدوجة مع إيران وإدارة
الاحتلال، الحكم والسيطرة على
مقدرات الدولة العراقية
الجديدة. فراغ القوة، من ناحية،
والتحالف مع إيران، من ناحية
أخرى، وفرا لجارة العراق الكبرى
فرصة سانحة، وغير مسبوقة،
لمشاركة الأمريكيين مشاركة
فعالة في التسلل إلى أغلب مرافق
العراق الجديد والتحكم
بمقاليده. ولكن النفوذ الإيراني
في العراق أصبح مشكلة في حد
ذاته؛ فبدلاً من أن تعمل إيران
على المساهمة في حل إشكاليات
العراق والمساعدة على تحرره
واستقلاله، أصبح الدور
الإيراني عامل تفاقم للأزمة
العراقية. منذ تكونها كقوة إقليمية في العهد
الصفوي، مستقلة عن جوارها
الإسلامي، ترتبط إيران بالعراق
بارتباطات ثقافية وتاريخية
متناقضة. يمثل العراق، من
ناحية، خاصرة إيران
الاستراتيجية، وباعتباره
موطناً للإسلام المبكر،
ولمواقع لا حصر لها ذات صلة
بتقاليد التشيع الإسلامي، أصبح
العراق مصدر إلهام للمسلمين
الشيعة، ومصدر شرعية للدول
الإيرانية المتعاقبة التي رأت
نفسها حارسة للإسلام الشيعي.
اهتمام إيران بالعراق، إذن، ليس
جديداً ولا مستغرباً. كان
العراق طوال قرون ساحة تدافع
وصراع بين السلطنة العثمانية
والدولة الصفوية؛ ومنذ ولد
العراق الحديث في نهاية الحرب
العالمية الأولى، وعلاقاته
بإيران يشوبها التوتر وفقدان
الثقة. وقد كان بإمكان إيران، في
لحظة الضعف والأزمة العراقية،
الناجمة عن الاحتلال وتقويض
الدولة المركزية، أن تؤسس
لعلاقة جديدة مع العراق
والعراقيين، أن تبني صلات
متوازنة ووثيقة بكافة الفئات
والقوى العراقية، وأن تمد يد
العون للجار المكلوم والمنهك من
أجل الخروج من محنته. ولكن إيران
لم تتصرف على هذا النحو. عززت طهران صلاتها بالقوى القومية
الكردية، التي تحكم إقليم
كردستان العراقي، وشجعت
طموحاتها في السعي لإضعاف
المركز العراقي، وبناء نظام
كونفدرالي هش. وقد لعب حلفاء إيران في جماعة الحكيم
الدور الرئيس في التحالف مع
القوى الكردية، وفي تحويل
طموحاتهم الكونفدرالية إلى نص
دستوري، لا يشرع لإقليم كردي
وحسب، بل ويؤسس لإقليم شيعي
مواز في المستقبل أيضاً. ومن جهة
أخرى، كانت بذور الصراع الطائفي
قد بذرت في البلاد منذ لحظات
الاحتلال الأولى. وبدلاً من أن تعمل طهران على محاصرة قوى
الانقسام الطائفي، دفعت باتجاه
تأجيجها، ليس بدعم الجماعات
والأحزاب الطائفية وحسب، بل
أيضاً بتعزيز الخطاب الطائفي في
البلاد، والترويج لأساطير
الأكثرية والأقلية، والدعوة
إلى سيطرة شيعية على جهاز الحكم
والدولة. وبالرغم من أن ليست ثمة
أدلة قاطعة، فقد تداول
العراقيون على نطاق واسع تقارير
تفيد بمشاركة إيرانية مباشرة في
العنف الطائفي الذي شهدته
البلاد، سيما العاصمة بغداد، في
2006 2008. تركيا أبدت هي الأخرى اهتماماً مبكراً
بالعراق، ليس لدوافع الجوار
وحسب، ولكن أيضاً لروابط
التاريخ والثقافة، والمحددات
الاستاتيجية المرتبطة بالمسألة
الكردية في البلدين. ولكن
الأمريكيين أرادوا لتركيا
دوراً أمنياً بحتاً، رديفاً
لقوات الاحتلال، وعندما تعسر
مثل هذا الدور، رفضت واشنطن أن
تسمح لأنقرة دوراً سياسياً
نشطاً. وليس حتى انهيار المشروع
الأمريكي، وأخذت واشنطن قرارها
بالانسحاب، أن غضت إدارة بوش
الابن النظر عن التحرك التركي
في العراق. أدركت تركيا من البداية أن استقرار
العراق مشروط بالحفاظ على وحدته
وبإعادة بناء كيانه ولحمته
الوطنية، وأن على العراقيين كبح
جماح قوى التشظي الإثني
والطائفي قبل أن تنجح في تقويض
بنية العراق والتمدد إلى جواره
العربي والإسلامي. رأى الأتراك،
باختصار، أن مصالحهم لا تختلف
عن مصالح العراقيين، وأن
استقرار العراق يسهم في استقرار
الإقليم ككل. ولذا، فقد سعى
المبعوثون الإيرانيون إلى بناء
علاقات وثيقة بكافة القوى
العراقية، الشيعية والسنية
والوطنية، العربية والتركمانية
والكردية، الإسلامية
والعلمانية. وفي إشارة واضحة
إلى حقيقة التوجهات التركية،
اتخذت حكومة العدالة والتنمية
قراراً بتأسيس قنصلية لها في
البصرة، إضافة إلى قنصليتها في
الموصل وسفارتها في بغداد. ولم تكن هناك مناسبة لتجلي الافتراق
التركي الإيراني في العراق كما
فترة الاستعدادات للانتخابات
العراقية البرلمانية القادمة.
فمنذ انطلاق الحراك السياسي
العراقي نحو الانتخابات، أعادت
إيران التوكيد على سياستها
الثابتة طوال سنوات في دعم قوى
التشيع السياسي، التي لم تسهم
في الحياة العراقية السياسة سوى
في تكريس الانقسام الطائفي.
دعمت طهران إعادة تشكيل
الإئتلاف الشيعي سيىء الصيت،
وعملت على انضمام التيار الصدري
إليه؛ ثم بذلت جهداً ملموساً
لدفع المالكي وكتلته
الانتخابية للانضواء تحت راية
الإئتلاف. في المقابل، دعمت
أنقرة الجهود العراقية العاملة
على تشكيل تحالف وطني واسع، يضم
فئات وقوى وشخصيات سياسية
عراقية، مختلفة في خلفياتها
الطائفية والإثنية، سنية
وشيعية، عربية وتركمانية
وكردية، إسلامية وعلمانية.
ويعتبر تآلف الكتلة الوطنية
العراقية، الذي يضم شخصيات مثل
طارق الهاشمي، إياد علاوي، رافع
عيساوي، صالح المطلق، أسامة
النجيفي، وعشرات من القوى
والشخصيات الأخرى، أكبر محاولة
منذ الاحتلال لإعادة بناء
الوطنية العراقية وأكثرها
طموحاً. ولكن أصدقاء طهران
وحلفاءها يبذلون جهداً مضاعفاً
في الآونة الأخيرة، مستخدمين
كافة الوسائل والطرق، القانوني
منها وغير القانوني، لمواجهة
التحالف الوطني، ومنع بعض من
أبرز قادته وقواه، من خوض
الانتخابات، كما هو الحال مع
صالح المطلق وقائمته، وأربعة
عشرة قائمة أخرى. الملاحظة الهامة أن كلا الدولتين باتت
تلعب دوراً رئيساً في تطورات
الساحة السياسية العراقية،
بينما تراقب الدول العربية
الرئيسية المشهد بدون أية
محاولة جادة للتدخل، أو حتى
للتواجد النشط. والأرجح أن
التباين بين مقاربة الدولتين
للشأن العراقي لن يؤثر سلبياً
على تطور العلاقات الثنائية
بينهما، ولا على الموقف التركي
من الملف النووي الإيراني؛ وهو
الأمر الذي أعاد إردوغان
التوكيد عليه خلال مؤتمره
الصحافي مع رئيس الوزراء
اللبناني سعد الحريري. ولكن هذا
التباين بين سياسة طائفية وأخرى
وطنية، سياسة تستبطن تقسيم
العراقيين وأخرى تعمل على إعادة
بناء لحمتهم الوطنية، سياسة
ستؤدي بالضرورة إلى التشظي
وإطالة عدم الاستقرار وأخرى
تستهدف الحفاظ على وحدة العراق
واستقراره، لابد أن تكون محل
تأمل في طهران والمنطقة ككل.
إيران جزء لا يتجزأ من المشرق
العربي الإسلامي، كانت هنا منذ
قرون وستبقى قروناً أخرى. وخلال
السنوات القليلة القادمة،
سيكون العراق الامتحان الأبرز،
أكثر من أي ملف آخر، للاختيار
بين المصالح الإيرانية الضيقة
وقصيرة المدى، ومصالح المشرق
ككل، واستقرار شعوبه وإدارة
شؤونه بيد أبنائه. ' كاتب وباحث عربي في التاريخ
الحديث ========================= تركيا.. استراتيجيتها
لها مكر الثعالب سوسن الأبطح الشرق الاوسط 14-1-2010 من المفارقات اللافتة أن تعلن إسرائيل عن
نيتها بناء جدار عازل على
حدودها مع مصر في اليوم نفسه
الذي أعلن فيه عن إلغاء تأشيرات
الدخول بين تركيا ولبنان. أكثر
من ذلك، فقد كشفت إسرائيل عن
نيتها بناء جدران عازلة تفصلها
عن كل الدول المحيطة بها، في
الوقت الذي صار فيه بمقدور
المواطنين التنقل بحرية ومن دون
تأشيرات بين لبنان وسورية
والأردن وتركيا، كمساحة مفتوحة
ومحررة من أوجاع «الفيزا».
والعراق لولا وضعه الأمني
المتردي كان مرشحا لينضم إلى
الدول الأربعة بسهولة، ويشكل
نقطة ارتكاز قوية لمحيطه. لكن
بانتظار الهدوء العراقي
المأمول ثمة، حقا، ما يستحق
الاحتفاء. فمنذ مدة والمواطنون
بين سورية ولبنان والأردن
مرتاحون من التأشيرات، بعد
سنوات أمنية عجاف، وتجارب قاسية
فصلت أقرباء عن بعضهم، وفرقت
أحباء. انضمام الأتراك إلى
المساحة العربية المعفاة من
التأشيرات، يأتي نتيجة ذكاء
تركي ورغبة في لعب دور ستظهر
آثاره قريبا، بعد أن أدار
الاتحاد الأوروبي ظهره لنداءات
أنقره واستجداءاتها بالانضمام
إلى جنته. أكثر من 100 اتفاقية
تعاون عقدت حتى الآن بين تركيا
ودول الجوار العربي في فترة
قياسية، وسيتزايد عددها - بحسب
المسؤولين الأتراك - فيما ألغت
أنقره التأشيرات مع دول عربية
ثلاث في غضون الأشهر الثلاثة
الأخيرة. السياح الأتراك يغزون
دمشق وربما قريبا بيروت وعمّان.
الحلقة الضعيفة حتى اللحظة هي
افتقاد وسائل النقل السريعة
والمريحة والطيران المتدني
الأسعار. ما أمنه طيران شركة «العربية»
من نقل منخفض السعر، سمح لبعض
اللبنانيين بالعمل في الإمارات
وزيارة عائلاتهم وزوجاتهم في
عطلة نهاية الأسبوع أو استدعاء
أهاليهم لقضاء بعض الوقت معهم،
نموذج مشجع يمكن أن تلجأ
لتطبيقه أنقره، بينها وبين دول
الجوار العربي، لتسهيل تنقل
السياح منها وإليها ما لم يسارع
العرب إلى ذلك. وزير السياحة
اللبناني يفرك كفيه من الآن،
حماسة، وهو يراهن على وصول
الأتراك بعد أن صارت السياحة
الأردنية في لبنان مفتوحة
للطبقة المتوسطة. العرب كلهم مستفيدون من الانفتاح
المستجد، سورية أطلقت 700 مشروع
سياحي للكويتيين بينها استثمار
بمئات ملايين الدولارات،
ولبنان الاستثمارات السياحية
الخليجية فيه كبيرة ومتنوعة.
الوضع المالي المتأزم في أميركا
وأوروبا لعب دورا في استبقاء
مزيد من الأموال في المنطقة
العربية. العودة إلى إهانة
المسافرين العرب في المطارات
الغربية، كتعريتهم إلكترونيا،
واستسهال تعريضهم للإشعاعات
الضوئية وإيذائهم صحيا بحجة
مكافحة الإرهاب، سيجعل
المستثمرين يفكرون بشكل متصاعد
في البقاء ضمن الحيز الجغرافي
المحيط بهم. مشروع «أوروبا جارتنا» الإعلامي
الإعلاني، كالمشاريع الكثيرة
المكلفة التي ينفق عليها
الاتحاد الأوروبي ملايين
الدولارات لإقناع العرب بحسن
الجوار، لن تكون كافية في
المستقبل لتشجيع أصحاب رؤوس
الأموال، على احتمال الضيم في
المطارات، والتنقل في سبيل بعض
الاستثمارات غير مأمونة
العواقب. العلاقة التي تحيكها تركيا مع عرب بلاد
الشام تتجاوز السياحي إلى
التقني والطبي والعسكري. حزب
العدالة والتنمية يضيف إلى هذا
كله ما يسميه «صلات القربى».
ويقول وزير الخارجية التركي
أحمد داود أوغلو على أحد
التلفزيونات اللبنانية مخاطبا
المواطنين، إن السياسة التركية
تنطلق من مبدأ «كل الناس في
المنطقة، أقرباء لنا وأشقاء
ولدينا ماض مشترك ومستقبل مشترك».
لكن الأهم من ذلك هو أن يوضح
الوزير بأن الهدف في النهاية هو
«إنشاء شرق أوسط مسالم ومستقر
ومزدهر». لم يستثن أوغلو
إسرائيل التي ترتبط معها بلاده
بعلاقات استراتيجية، تميل إلى
التوتر منذ حرب غزة وما
استتبعها من حروب تصريحات
ومسلسلات تلفزيونية واستدعاء
سفراء بين أنقره وتل أبيب. لكن
السؤال هو: ألا تستثني إسرائيل
نفسها من مشروع كانت هي صاحبته
ومبتكرة تسميته، في وقت بات فيه
فتح الحدود بين الدول حاجة
حياتية ملحة، كالماء والهواء؟ يحق لتركيا أن تعتبر فتح حدودها من دون
تأشيرات مع سورية «خطوة تاريخية»،
تدشنها بعيد شعبي بهيج، تحتفل
به القرى الحدودية بين البلدين.
ويحق لتركيا أيضا أن تعتبر
زيارة سعد الحريري إليها منذ
أيام، مع وفد وزاري رفيع،
لتوقيع اتفاقيات تعاون في
مجالات متعددة، أنها زيارة
تاريخية أيضا. فما يتم إنجازه
بين أنقره والدول العربية
المحيطة بها، من دون ضجيج كبير،
لن يكتشف العرب أبعاده إلا بعد
أن يلمسوا آثاره. فثمة جدران
فولاذية ترتفع في المنطقة،
ابتكرت فكرتها إسرائيل في
المكان الخاطئ والتوقيت الخاطئ.
والذاكرة العثمانية التي بنت
أمجادها ذات يوم على فكرة
المناطق المفتوحة والشعوب
المتثاقفة، هي الأقدر اليوم على
فهم غباء الجدران وخطورتها،
وإمكانية قلب سحرها على ساحرها. الاستراتيجية التركية المحنكة التي
ينحني العرب تباعا اليوم أمام
إغرائها ونعومة ملمسها، ستسهم
إلى حد كبير، في حال أمكن
استكمالها وتثميرها، ليس فقط في
تنمية المنطقة، ولكن - وهذا هو
الأهم - في جعل إسرائيل دولة
وحيدة ومنبوذة خلف جدرانها.
فالحيطان المتعالية ستعزل
إسرائيل، والحدود المفتوحة
حولها ستزيد من إحساسها
بالاختناق والهامشية. منطقة حرة
مزدهرة يتنقل فيها الناس بحرية
ويحترمون اختلافاتهم، بمحاذاة
غيتو يهودي عنصري عدواني، سيجعل
المشهد مذموما حتى من المتعامين
اليوم والدافنين رؤوسهم في رمل
آيديولوجيا «حماية إسرائيل»
وحفظ أمنها. قد يكون الحلم
التركي عصيا مع عرب تحكمهم
الأهواء والأمزجة المتحولة. لكن
ثمة أكثر من مشروع تعاني منه
إسرائيل اليوم. هناك المقاومة
الإسلامية المسلحة على حدودها
مع لبنان وغزة، وهناك مشروع
السلام الذي تصر عليه دول
الاعتدال العربي، وتركيا شريكة
فيه. لكن يوجد مشروع ثالث تسعى
له تركيا من دون تصريح وتوضيح،
وهو تشكيل منطقة تجارية مفتوحة
مع العرب أو بعضهم على الأقل.
وهذا قد يكون أكثر المشاريع
فتكا بإسرائيل. ========================= الرياض القاهرة دمشق..
هل يعود المثلث؟ طارق الحميد الشرق الاوسط 14-1-2010 وصل الرئيس السوري بشار الأسد إلى
العاصمة السعودية الرياض يوم
أمس، وهي الزيارة الثالثة
للرئيس السوري للسعودية في غضون
أشهر، وبالطبع فإن الزيارة مؤشر
على أن العلاقات بين البلدين في
تعافٍ مستمر. الجديد، والمهم، في هذه الزيارة هو
التوقعات التي أطلقها «دبلوماسيون
عرب» في دمشق بأن القمة
السعودية - السورية قد تتطور
وتصبح قمة ثلاثية تضم كلا من
السعودية ومصر وسورية، وفي حال
تم ذلك، فإنه سيكون أمراً
جيداً، بل وحدثاً سعيداً قد
يعني بداية عودة المثلث العربي
المهم، الرياض - القاهرة - دمشق. هناك من يرى أن مقياس تحسن العلاقات
السعودية - السورية هو الوضع
اللبناني، أو العلاقة مع إيران،
وهناك من يرى أن مقياس تحسن
العلاقات المصرية - السورية هو
إنجاز المصالحة الفلسطينية -
الفلسطينية، وقناعتي أن كل ذلك
غير مهم، مقابل أمر آخر يتهدد
الدول العربية الثلاث، حيث إن
هناك تحدياً آخر مسكوتاً عنه
يتهدد الدول العربية، عموماً،
والدول العربية الثلاث، موضع
المقال، بشكل خاص. وهذا التحدي
هو تهديد الجماعات لمفهوم،
وكيان، الدولة العربية، سواء
كانت جماعات دينية، أو إرهابية،
أو مسلحة؛ فهناك حزب الله في
لبنان، الذي بات يمثل قوة
عسكرية تفوق قوة الجيش
اللبناني، وبلغ فيه الغرور إلى
حد أن زعيم حزب الله بات يقول ما
على مصر أن تفعله، وما لا تفعله،
بل ووصل به الأمر إلى تحريك
خلاياه في مصر، التي تبذل جهداً
من أجل القضية الفلسطينية،
بينما تحاول حركة حماس، من
ناحية أخرى، التعريض بأمن مصر،
وابتزازها إعلامياً. بينما نجد أنه وفي الوقت الذي تواجه فيه
السعودية بكل اقتدار إرهاب
تنظيم القاعدة، وتسعى بكل
فاعلية للم الشمل العربي،
وتوحيد الصفوف، تفتح لها جبهة
من خلال حدودها الجنوبية مع
الحوثيين، بهدف إشغال الرياض،
وتأليب الداخل اليمني ضدها،
ناهيك عن المماحكات الإعلامية
التي تطلق من حكومة العراق ضد
السعودية من وقت لآخر. أما بالنسبة للسوريين، فأهل مكة أدرى
بشعابها، كما يقال؛ فالسوريون
شهدوا حالات اغتيال حساسة،
وعمليات إرهابية، في السنوات
الأخيرة، غير مسبوقة في دولة
يعد الأمن فيها الهاجس الأول،
وهذا أمر خطير، والسوريون أدرى
الناس بما دار، ويدور، في
أراضيهم، ومن يقف خلف ذلك، ولا
يعفى السوريون من كل ما حدث
لديهم، لكن ما يهمنا اليوم هو
سلامة دولنا العربية، أكثر من
اللوم، أو نبش الماضي، القريب
أو البعيد. ولذا، فبمقدار ما أن زيارة الرئيس الأسد
للرياض خبر سار، خصوصاً أن
زيارة العاهل السعودي الملك عبد
الله بن عبد العزيز إلى دمشق لم
يمض عليها وقت بعيد، فإن
تتويجها بقمة ثلاثية تجمع
المثلث العربي السعودي - السوري
- المصري سيكون الخبر الأكثر
أهمية، لأنه سيكون دليلا على أن
الدول العربية، المذكورة، تعي
خطورة ما يحاك ضدها من مخاطر،
وتعي أهمية تغليب المصالح على
كل أمر آخر. ============================= إياد الدليمي 2010-01-14 العرب شهدت منطقة الشرق الأوسط -بشقيها العربي
وغير العربي- خلال الأسبوعين
الماضيين، سلسلة من التحركات
التي تشي بانفجار قريب لهذه
المنطقة الحساسة في العالم. إيران، ربما هي قطب الرحى الذي دارت حوله
أغلب تلك التحركات والتي ربما
وحدت -إلى حد كبير- أضدادا
وأطرافا لم يسبق لها أن جلست
سوية منذ أكثر من عامين، ولعل
أبرزها على الإطلاق الزيارة
المفاجئة التي قام بها رئيس
المكتب السياسي خالد مشعل إلى
السعودية ولقاؤه مع وزير
خارجيتها الأمير سعود الفيصل،
وما أعقبه من زيارة أخرى على
الأثر، قام بها الفيصل إلى
العاصمة السورية دمشق، ومنها
طار إلى القاهرة، ومن ثم زيارة
وزير الخارجية الإيراني منو شهر
متكي إلى سوريا ولقاؤه الرئيس
بشار الأسد وعدد من قادة الجهاد
الإسلامي وأعضاء في حزب الله
اللبناني. ولعل قمة تلك الزيارات والتحركات، كانت
الزيارة التي قام بها الرئيس
الأسد إلى العاصمة السعودية
الرياض ولقاءه بخادم الحرمين
الشريفين الملك عبدالله بن
عبدالعزيز، والأنباء التي
تحدثت عن قمة سعودية سورية
مصرية مرتقبة. وبالتزامن مع تلك اللقاءات والزيارات،
جاءت تصريحات قائد القوات
الأميركية ديفيد بترايوس، بأن
بلاده تعد خطة لمواجهة أية
تداعيات يمكن أن تنتج عن عملية
عسكرية ضد المفاعلات النووية في
إيران، ثم عملية الاغتيال
الغريبة التي وقعت في طهران
لعالم في الفيزياء النووية،
يضاف إليها، ما طرأ من تغييرات
على المشهد العام في العراق،
تمثل أولا بإبعاد ساسة معروفين
بمناهضتهم لإيران عن الترشح
للانتخابات القادمة، والإشاعات
التي تسري في جسد الشارع
العراقي عن عملية انقلاب وشيكة
يمكن أن تطيح بحلفاء إيران في
بغداد. يضاف إلى كل هذا وذاك ما تواتر من أنباء عن
نية أميركية لضرب إيران في بحر
شهرين، وهو ما قد يجعل المنطقة
تعود مجددا إلى صفيحها الساخن
الذي يبدو أنه كان وسيكون قدرها. ما يهمنا في مجمل تلك التطورات هو طبيعة
الموقف العربي من كل تلك
التحركات، فمحور الاعتدال الذي
عرف سابقا، بدا أنه لم يغلق
الباب على نفسه، وصار هذه المرة
أكثر حيوية في استقبال أعضاء
جدد، كما أن محور الممانعة،
الذي عرف سابقا أيضا، لا يبدو
أنه قادر على مواجهة طبيعة
وظروف المرحلة المقبلة، فسوريا
التي تزعمت هذا التيار، واقعة
بطريقة أو بأخرى تحت ضغوطات
شتى، منها ما هو عربي، متمثل
بمصر والسعودية، ومنها ما هو
دولي متمثل بأميركا وفرنسا
وبريطانيا، في مساع مشتركة
لجرها بعيدا عن إيران. أما الحركات المسلحة التي يفترض أنها
تابعة لإيران بطريقة أو بأخرى،
فإنها أيضا باتت في موضع لا تحسد
عليه، فحماس –التي يحسبها
البعض على محور إيران، تعيش
واقعا مأساويا، فبعد الحصار
الإسرائيلي الذي تئن تحت وطأته،
جاء الجدار الفولاذي المصري
ليزيد هما آخر، أما حزب الله،
فإنه لا يبدو في حال أفضل من
حماس، فالتحركات التي قام بها
رئيس الحكومة اللبنانية سعد
الحريري، والمصالحات التي
عقدها الزعيم الدرزي وليد
جنبلاط مع خصوم الأمس ومن بينهم
حزب الله، ناهيك عن الرقابة
الشديدة المفروضة على تسليح حزب
الله، كل هذه أمور تجعل تحركاته
المقبلة في منطقة تواجده محفوفة
بالمخاطر. وفي العراق، تبدو أن قوة إيران المعتمدة
على حلفائها، ما زالت ضاربة،
وربما بات العراق هو الساحة
الوحيدة الذي توفر لإيران ورقة
ضغط حيال التهديدات الأميركية،
وإن كان هذا النفوذ تراجع قياسا
على ما كان عليه بين عامي 2007-2008،
نتيجة العمليات التي نفذت ضد
عدد من تلك الفرق والميلشيات
التي تأتمر بأوامر طهران، ولكن
مصادر عراقية مطلعة أشارت إلى
وجود نية لدى بعض من تلك
الميلشيات إلى استئناف عملها
ومحاولة لتفجير الوضع العراقي
قبيل الموعد المفترض لتوجيه
ضربة لمفاعل إيران. الوضع معقد وغاية في الحساسية، ومما يزيد
تعقيداته أن الوضع العربي هو
الآخر يعاني من تعقيدات واسعة،
ويحتاج ليس إلى ترميم وحسب
وإنما إلى إعادة بناء قد تطال
حتى أسسه، وبالتالي فإن أي
انفجار لبرميل البارود المنتظر
في هذه المنطقة قد يؤدي إلى مزيد
من التشرذم العربي والانقسام،
فحتى جولة المصالحات واللقاءات
التي جرت، لا يبدو أنها ستدوم
طويلا، فهي جرت في الأغلب ليس من
باب الإيمان بالعمل العربي
المشترك الذي أضحى ذكرى شعار
جميل، وإنما بدفع من ضغوط
مختلفة من هنا وهناك، فهل سيعي
العرب خطورة المقبل من الأحداث
ويسعون لإيجاد أرضية مصالح
مشتركة بعيدا عن هذا الطرف أو
ذاك؟ أم أن استمرار التمحور
سيعود مجددا وبشكل أكبر وأعقد
إذا ما أشعلت أميركا وإسرائيل
فتيل الأحداث؟ ============================== العلاقة السورية
الأميركية لزوم المعنى
الاستثنائي نزار سلّوم 2010-01-14 الوطن السورية تكتسب العلاقة بين سورية والولايات
المتحدة الأميركية موقعاً
خاصاً في التاريخ السياسي
عموماً، بالنظر إلى معانيها
ومضامينها المختلفة عن
العلاقات السياسية المحقبّة
كلاسيكياً بين حديّ الصداقة
والتعاون والتحالف من جهة
والخصومة والعداوة من جهة
مقابلة. فمنذ أقلّ من أربعين عاماً، بدأ مسار هذه
العلاقة ذات المعنى الخاص، ولم
يزل إلى اليوم محافظاً على
اتجاهه رغم تعرضه لأحداث كبرى،
وخصوصاً في العقد الأول من هذا
القرن، كان من المقدّر لها أن
تنسف هذا المعنى وتدفع بهذه
العلاقة إلى أحد الحدّين
الكلاسيكيين: التحالف أو
العداوة غير أن ذلك كله لم يحصل. من المؤكد أن الولايات المتحدة الأميركية
التي تنظر إلى نفسها قوة
استثنائية في التاريخ لا تتقبل
مبدأ «التكافؤ السياسي»
وخصوصاً مع دول لا يمكن مقارنة
قوتها العسكرية أو الاقتصادية
معها بأي شكل، فقد اعتادت «الإمبراطورية»
وفي مختلف مراحل عمرها
وتقلباتها، إقامة علاقات
سياسية مع دول أخرى، وخصوصاً
منها تلك المنضوية تحت اسم «العالم
الثالث»، بما يرسخ هيمنتها
عليها سياسياً واقتصادياً،
وبما يوضّع هذه الدول تحت مجال
السيطرة والتبعية، وإن كانت
الدبلوماسية تقتضي وصف هذه
العلاقة بأنها قائمة على مبدأ
الصداقة والتعاون والمصالح
المشتركة. في أكثر من حالة، يتم تعيير دول كبرى
كبريطانيا مثلاً بأنها تابعة
للولايات المتحدة، كما يتم
تعيير الاتحاد الأوروبي برمته
في حالات أخرى بأنه تابع لها،
فكيف يمكن ارتضاء علاقة متكافئة
مع دولة ك«سورية» تعتبر في
التصنيف السياسي الأكاديمي «صغرى»؟ ذلك، ربما، دفع وزير الخارجية الأميركية
الأسبق وارن كريستوفر إلى نعت
سورية بأنها تشكل تحدياً
استثنائياً وخاصاً، وهو الذي
حطت طائرته ذات يوم من نيسان عام
1996 في مطار دمشق ليبلغه المسؤول
السياسي السوري أن الرئيس ألغى
اللقاء معه لاعتبارات تتعلق
بارتكاب إسرائيل لمجزرة قانا
الأولى. وفق المنطق الأكاديمي الكلاسيكي، لا يمكن
للولايات المتحدة فهم كيف تقوم
دولة «صغرى» كسورية بمثل هذا
العمل الذي هو بالأصل من «ميزات»
الدول الكبرى؟ كما لم تفهم
لاحقاً كيف يمكن لسورية ألا
تقرّ للولايات المتحدة بحقها في
الهجوم العسكري على أفغانستان
رغم إدانتها لأحداث 11 أيلول 2001،
وعلى نحو خاص، كيف وقفت ضد
الاحتلال الأميركي للعراق عام
2003 واصفة إياه بأنه عملية سطو
مسلح رغم أن الجيش الأميركي
أصبح على حدودها، والرئيس
الأميركي السابق جورج بوش مع
كامل فريقه، من وزيرة الخارجية
كونداليزا رايس إلى وزير الدفاع
دونالد رامسفلد، يواصل تهديدها
على مدار الساعة، إلى الوقت
الذي تم فيه إصدار قرار بلائحة
عقوبات اقتصادية بحقها (أيار 2004)
إلى سحب السفيرة من دمشق (شباط
2005) إلى الاعتداء العسكري على
إحدى القرى الحدودية مع العراق (تشرين
الأول 2008) إلى إنشاء تحالفات
إقليمية متعددة بقصد حصارها؟ منذ قرابة العام على وجه التحديد، بدأت
الإدارة الأميركية الجديدة
برئاسة باراك أوباما ما تم
تسميته «عهداً جديداً» في
العلاقة مع سورية، حيث تقرر
إعادة السفير إلى دمشق، الذي لم
يصلها بعد، وفتح قنوات حوار
معها حول الشؤون الخلافية. بالفعل بدأت الوفود الأميركية تتوافد إلى
دمشق التي وضعها جورج ميتشل في
خريطة طريقه لإحياء عمليات
السلام، كما زارها مساعد وزيرة
الخارجية الأميركية جيفري
فيلتمان، العابر من عهد بوش،
ثلاث مرات، لمناقشة «خلافاتنا
العميقة... التي لم تحلّ وهي لن
تحلّ بين ليلة وضحاها» على حد
قوله. الآن، ثمة ركود واضح في عملية إعادة ضخ
الحياة في هذه «العلاقة الخاصة»،
ناتجة، برأينا، من عدم نضوج
رؤية أميركية جديدة بديلاً من «الرؤية
البوشية» المنقضية. منذ أكثر من عام مضى، بدأ الحديث عن «العودة
إلى دمشق»، دولياً وإقليمياً،
وقام بها الفرنسيون مبكراً،
وكان البعض يعزو ذلك، خطأ، إلى
تغيير في الرؤية الأميركية
والعلاقة معها. والواقع، أن المشروع الأميركي بخصوص دمشق
هزم، ولكن الإدارة الجديدة التي
تعيب على بوش سياسته وفشله لا
تقرّ لسورية بذلك، فما زالت «الرؤية
البوشية الإسرائيلية» بخصوص
علاقات سورية مع إيران، وربما
من الآن فصاعداً مع تركيا، وحزب
الله وحركة حماس، تشكل أحد
المصنفات التي يحملها
الدبلوماسيون الأميركيون معهم
إلى دمشق، فضلاً عن المصنف
المتعلق بالعراق، وهذا يعني
أنهم يطلبون من سورية تغيير
إستراتيجيتها، بالحوار في وقت
عجز فيه أسلافهم عن دفعها إلى
ذلك بغيره. إنّ العلاقة بين سورية والولايات المتحدة
لا يمكن تحقيبها أكاديمياً أو
دفترياً وفق منطق العلاقة
المفترضة بين دولة استثنائية في
قوتها ودولة «صغرى» بما يقود
إلى حالة تبعية أو عداوة، فما
بين الحدين تبدو الضرورات
الكبرى التي وحدها تمكّن
الولايات المتحدة من رؤية «الاستثناء
السوري» وتعيد العلاقة معه إلى
معناها الخاص. ========================= المهندس ياسين خولي
يسأل :هل ستستمر سورية
بالاعتماد على الاقتصاديات
القديمة المهمشة والمستنفذة في
النمو؟! ونضحي من أجلها
باقتصاديات العصر الصاعدة
والمهيمنة والمؤهلين للتفوق
بها بامتياز المهندس ياسين خولي يلاحظ أن سورية لم تعد منافسة بالإنتاج
التقليدي كالصناعة حتى في مجال
الصناعة النسيجية التي كانت
متقدمة جداً بها وأصبحت تعاني
من منافسة الإنتاج الصيني
الحادة لها بازدياد مستمر بدليل
المتاعب الفائقة التي تعاني
منها وزارة الصناعة السورية
لإنقاذ ما يمكن إنقاذه منها. كما
أن الزراعة لم تعد تشغل الموقع
الذي كانت تشغله في العالم
بالسابق، ولم يعد من الممكن
الاعتماد عليها للإسراع في
التنمية بدليل أن أكثر البلاد
إنتاجاً زراعياً في العالم هي
الدول الغنية المتقدمة رغم أن
حجم الإنتاج الزراعي لديها يشكل
نسبة واحد إلى خمسة بالمئة من
دخلها ما عدا قلة من هذه البلاد
تؤهلها طبيعتها للاختصاص بنوع
وفير معين من الإنتاج الزراعي
كالخشب من الغابات والمواشي
بالمراعي بينما لا تستطيع
البلاد التي يعمل بها معظم
شعبها بالزراعة إطعامه من
زراعتها ويعم بها الجوع
والمجاعات كما هو حادث في بلاد
كثيرة بإفريقيا. ويمكن التعميم
بأن أي بلد يزيد العاملين به
بالزراعة أو دخله منها عن عشرين
بالمئة بأنه لا يزال من الدول
النامية لم يرتقي إلى الدول
الغنية. وتتمتع سورية بمؤهلات فائقة في بعض
قطاعات الخدمات المتنامية
بسرعة كبيرة وأصبح حجمها
بالاقتصاد العالمي طاغياً
ومتزايداً وتستطيع التفوق بها
على دول العالم قاطبة بالنسبة
لحجمها وأهمها السياحة
بأنواعها العديدة التي حسب
تقدير هيئة السياحة العالمية
يشتغل بها وبالمهن المتفرعة
عنها 12 % من اليد العاملة
بالعالم بأجور عالية ويقدر
الدخل منها ب 3500 مليار دولار
تبلغ أكثر من ثلاثة أضعاف دخل
ملياري إنسان نصفهم دخل الفرد
منهم دولار واحد باليوم والباقي
دولارين باليوم وضمنهم معظم
المواطنين العرب غالبيتهم
يعيشون بالمناطق الزراعية. وقد
بدأ الاهتمام بسورية بقسم من
السياحة عائد للسياحة الثقافية
للأوروبيين والاصطياف للعرب
وبنسبة أقل بالسياحة الدينية
بينما لا تستفيد من نوعين هامين
جداً من السياحة الأول منهما
سياحة الاستجمام على البحر التي
تشكل أكبر حجم من السياحة
بالعالم والموجهة بشكل خاص
للسواح الأوربيين الذين يقدر
عددهم على السواحل المتوسطية
بمئات الملايين وقد أصبحوا
طوفاناً يغرقون هذه السواحل
ويغطونها بكثافة هائلة وازدياد
مستمر (انظر الصورة المرفقة)
ويشكلون أكبر مصدر للقطع
الأجنبي لجميع البلاد
المتوسطية ما عدا الدولتين
النفطيتين ليبيا والجزائر
إضافة لسورية ويحاول المسؤولون
السوريون تطوير هذه السياحة
ولكن العاملين بالسياحة يركزون
جهودهم لجذب السياح الأوربيين
للتمتع بالسياحة الثقافية
المحدودة الحجم التي تعتمد على
الجولات بالأماكن الأثرية التي
رغم أهميتها لا تشكل إلا جزء
بسيط جداً من سياحة الاستجمام
الساحلية على شواطئ البحر والتي
لا تستفيد منها سورية إلا
للسوريين لفترة قصيرة في الصيف
رغم الإمكانيات الواسعة
لاستقبال السواح الأوربيين على
مدار السنة على غرار معظم
المنشآت السياحية على الشواطئ
المتوسطية والخليج العربي
والبحر الأحمر والتي تبلغ نسبة
امتلاءها 70 إلى 90 % على مدار
السنة ويقيم بها السائح بأماكن
مبيت من مختلف المستويات وكثير
منها بسيطة جداً كأحد عشر قرية
سياحية كبيرة تعود لنادي البحر
الأبيض المتوسط الراقي الذي يعد
زبائنه من مستوى فوق الوسط
ومنشأة من قصب وقش بينما توجد
مجمعات شاليهات واسعة جداً على
الساحل السوري تقارب طاقة
استيعابها جميع الفنادق بسورية
من نجمة إلى 5 نجوم وتشغل هذه
الشاليهات قسم كبير من الساحل
السوري الصغير كمجمع الرمال
الذهبية شمال طرطوس الواسع جداً
والذي حصد ثمانية ميداليات
عالمية وكذلك مجمع شاليهات
النورس جنوب طرطوس الذي يماثله
اتساعاً وغيرها مجمعات كثيرة
منتشرة على طول الساحل كلفت
عشرات المليارات مستثمرة خلال
الصيف ومغلقة خلال فصول ثلاثة
من السنة ومعرضة للتلف والسرقة
يمكن بجهد بسيط وبتوظيفات قليلة
أن تصبح بمستوى لائق لاستقبال
أفواجاً كبيرة من السواح
الأوربيين الذين ينتشرون بمئات
الملايين على السواحل
المتوسطية ويمكن أن يقدم لهم
الإقامة والمعيشة بأسعار
منافسة جداً تقل كثيراً عن
البلاد السياحية الأخرى ويقدر
أن تلاقي إقبالاً كبيراً حالياً
بسبب الأزمة المالية العالمية
التي جعلت السواح يفتشون عن
البلاد السياحية الرخيصة لقضاء
عطلتهم ويمكن استقبالهم
بالشاليهات القائمة بالساحل
على مدار السنة بأرخص الأسعار
وبذلك يستفيد منها أصحاب
الشاليهات كثيراً بدل تركها
معطلة ومعرضة للتلف والسرقة
ويحافظ عليها جاهزة للاستخدام
عندما يرغب أصحابها بإشغالها
وبالسياح الأوروبيين باقي
الوقت. ويمكن توفير عناية فائقة
وإقامة ممتعة لا تنسى للسياح
خلال إقامتهم بهذه المجمعات لا
تتوفر بأماكن أخرى وخاصةً
الإطلاع على آثار معظم الحضارات
الإنسانية القديمة والأديان
السماوية المنتشرة في أنحاء
سورية وخاصة قرب الساحل والتي
جعلت كثير من خبراء السياحة
العالميين يصفونه بمتحف
بالهواء الطلق إضافة للتمتع
بأجواء جديدة متنوعة وبطقسها
المثالي للسياحة تستطع به الشمس
باعتدال 300 يوم بالسنة وبأمن
مطلق.كما أنه نتيجة لارتفاع
أسعار الوقود بالعالم تحدث
حالياً هجرة المتقاعدين
المرفهين في بلاد أوروبا
الشمالية خلال شتاءهم القارص
حيث يبلغ ارتفاع الثلوج على
أبواب منازلهم متراً أو أكثر
إلى السواحل المتوسطية الدافئة
فيمضون فصل الشتاء بها المماثل
للربيع والصيف لديهم بمتعة
فائقة يحسدهم عليها مواطنيهم
الذين يقتصدون طوال السنة
ليستطيعوا قضاء أسبوع أو عشرة
أيام بمكانهم. ويتكلفون لقاء
الإقامة شهرين أو ثلاثة مع
النقل جزء مما يتكبدونه للتدفئة
وحدها ببقائهم ببلدهم إضافة
للتوفير بنفقات المعيشة مما
يؤمن إشغال الشاليهات خلال فصل
الشتاء التي كانت تغلق خلاله
المنشآت السياحية على الساحل،
كما يجري حالياً إشغال المنشآت
السياحية على الشواطئ
المتوسطية المماثلة للشواطئ
السورية في جنوب وشرق البحر
المتوسط. ونتيجة تأمين إشغال
هذه الشاليهات صيفاً من
السوريين وشتاءً من المتقاعدين
الأوروبيين تصبح هذه المنشآت
معروفة من الشركات السياحية
الأوروبية فتعمل على إشغالها
بنسبة جيدة في فصلي الربيع
والخريف أيضاً 2. وللأسف تجري في البلد بنية حسنة من
مسؤولين عملية مدمرة من منطلق
الغيرة والمحافظة على الأراضي
الزراعية التي لم يجد حُماتها
من سبيل لتحقيق غايتهم سوى
القيام بحملة تجميد المشاريع
السياحية فأوقفت مئات المشاريع
منها في الفترة الأخيرة بانتظار
الحكم على معظمها بالإعدام من
لجنة يهيمن عليها جو الحفاظ على
الأراضي الزراعية مع أن البلد
تفتقر بشدة لهذه المشاريع فقد
أصبحت الفنادق القائمة عاجزة عن
استيعاب السواح لدرجة أن مكاتب
السياحة طلبت من وزير السياحة
التخفيف من حملة الدعاية
للسياحة السورية لعدم توفر
أماكن مبيت كافية بالفنادق
السورية لاستقبال السواح
وأصبحت أسعارها من أعلى الأسعار
بالعالم تصل إلى 400 دولار للغرفة
باليوم . كما أننا بأشد الحاجة
لتشغيل اليد العاملة العاطلة عن
العمل. و السياحة تعتبرأكبر
مشغل لليد العاملة بأجور مجزية
كما أن أكثرها مردوداً للأراضي
التي تشغلها إذ أن الاستثمار
بالزراعة لهكتار واحد من معظم
الأراضي الزراعية السورية لا
يشغل أكثر من فلاح واحد بمردود
ضعيف لا يكفي لإعالة عائلته
بشكل مقبول مما يدفعه في كثير من
الأحيان للتخلي عن زراعته
والهجرة للمدينة للانضمام إلى
صفوف العاطلين عن العمل بها
بينما يؤمن إشغال الهكتار من
الأرض بمشاريع سياحية مئات
الوظائف بأجور مجزية جداً إضافة
إلى أن تصدير إنتاج الهكتار
الزراعي ضعيف جداً بينما
استثماره سياحياً يجلب بالقطع
الأجنبي أضعاف إنتاجه الزراعي
إن لم يكن عشرات أضعافه لذلك
تعتبر السياحة أفضل أنواع
التصدير إذ أن مقوماتها بما فيه
المنتجات الزراعية تُستهلك من
قبل السواح محلياً مع قيمة
مضافة كبيرة بأفضل الأسعار وهي
أسهل أنواع التصدير لا تحتاج
لإجراءاته المعقدة بالمنتجات
الأخرى . ونشير إلى أن جميع المشاريع السياحية
بسورية لا تَشغل واحد بالألف من
الأراضي الزراعية المتوفرة بها
والتي تبلغ مساحة المروي منها
1.36مليون هكتار والبعلي أضعافها
وسيكون حظ سورية كبيراً إذا
شغلت السياحة عشرة أضعاف
المساحة التي تشغلها حالياً
وبلغت واحد بالمئة أو أكثر من
الأراضي الزراعية لأنها ستصبح
بلد سياحي بامتياز على غرار
البلاد السياحية المتوسطية
الرائجة التي أصبحت بلاداً
راقية جداً كقبرص وتركيا ودخل
الفرد بها أضعاف سورية بعد أن
كانت متفوقة عليها . ويلاحظ أن الخطر على الأراضي الزراعية
يأتي بالدرجة الأولى من
المخالفات العشوائية البشعة
التي أحاطت بالمدن السورية
وضاعفت مساحتها أكثر من مرة
ودمرت أخصب الأراضي ومنها غوطة
دمشق الخصبة جداً ذات الشهرة
التاريخية والتي لا يمكن
تعويضها. بينما تعتبر السياحة
أفضل محافظ على البيئة والطبيعة
الخضراء وفي غالب الأحيان تحول
أراضي جرداء بائرة وغير مشجرة
إلى حدائق غناء لأن نظام ترخيص
المنشآت السياحية خارج
المخططات التنظيمية للمدن لا
تسمح ببناء نسبة تزيد عن 25 % من
مساحة أرض المشروع المنظمة بعد
اقتطاع المرافق حولها ومعظم
الباقي يتحول إلى مسطحات خضراء
جميلة. لذلك من المستغرب التصريح الذي نشرته
جريدة الوطن في عددها بتاريخ 4/ 2/
2010 والصادر من وزارة الزراعة
يبشر( على حد قولها ) بأن عام 2025
سنستورد كل المنتجات الزراعية
وأننا ملزمون بالحفاظ على كامل
الرقعة الزراعية ولعل مصدر
التصريح يخشى أن تتحول سورية
إلى بلد كتايوان وسنغافورة
وهونغ كونغ ودول الخليج
البترولية وهي من البلاد
النادرة بالعالم بالوضع
المذكور وتستورد فعلاً كل
المنتجات الزراعية ولو حدث هذا
سيكون مدعاة للسرور فلن يضرنا
بعد أن أصبح العالم سوق واحدة
استيراد المنتجات الزراعية
بجزء بسيط من دخلنا كالدول
المذكورة كما يمكننا في هذه
الحالة الاستثمار بالزراعة لدى
إخواننا السودانيين بتوظيف
شركاتنا جزء بسيط من دخلنا حيث
تتوفر لديهم الأرض الخصبة
المروية ذات المردود العالي.
ويا ليت وزارة الزراعة تقتدي
بدول أوروبا الشمالية ذات
الرقعة الضيقة كالدانمارك
وهولندا والتي تصدر إنتاجها
الزراعي والحيواني بكميات
كبيرة لأن الوفرة بالإنتاج لا
يعتمد على أتساع الرقعة
الزراعية واستثمارها أفقياً
بقدر استثمارها شاقولياً . ويعترض البعض على تطوير السياحة بأن
البلد تفتقر للمياه الكافية
لاستقبال ملايين السواح وهذا
الإدعاء مغالطة كبيرة فاستهلاك
الزراعة من المياه يبلغ نحو ستة
وثمانون بالمئة من المياه
المستخدمة بسورية بهدر كبير
جداً دون الأخذ بعين الاعتبار
ما يذهب منها للبحر. وما نصدره
من الإنتاج الزراعي وخاصةً
القطن الخام يعتبر تصدير للمياه
بأبخس الأسعار حيث يحتاج إنتاج
كيلو غرام واحد من القطن نحو متر
مكعب من المياه يكفي لاستقبال
سائح في الفنادق الفخمة خمسة
أيام على الأقل يقدر الوارد
منها نحو أكثر من ألف دولار أي
مئات أضعاف مردود القطن لذلك
يكفينا ضمان الأمن الغذائي ولا
ضرورة لإنفاق المليارات لدعم
فائض زراعي نعاني كثيراً
لتسويقه وتصديره . أما النوع الثاني من السياحة الغير
مستثمر بسورية إضافة لسياحة
الاستجمام الساحلية فيخص
استثمار إمكانيات سورية
الكبيرة الاستفادة من السياحة
الطبية العلاجية التي أصبحت
تشكل أهم قطاع اقتصادي متنامي
بالعالم يستنفذ قسم ضخماً جداً
من إمكانيات البلاد الغربية
الغنية الهرمة والتي تتضخم
لديها هذه النفقات بسرعة هائلة
نظراً لهرم السكان المتسارع
ولقلة المواليد وتدني نسبة
الشباب العاملين بينهم
ولارتفاع نسبة المسنين
المتقاعدين الذين يعيشون
برفاهية بدون إنتاج على حساب
جهود وتعب الشباب العاملين
وتطول مدة تقاعدهم بازدياد
مستمر ويستهلكون أضعاف الشباب
العاملين وخاصةً في قطاع
الخدمات الصحية التي أصبحت
عبئاً ضخماً جداً وصل في
الولايات المتحدة إلى 2500 مليار
دولار بالسنة يقضم سدس دخلها
القومي ويحذر الرئيس أوباما
بأنه سيبلغ خمس دخلها في عام 2013
ويبلغ أكثر من عشرة أضعاف
إنتاجها الزراعي الضخم ويقرب من
عشرين ضعف ميزانية السعودية في
عام 2009 وتتصاعد هذه التكاليف
بشكل سريع ومستمر مع ارتفاع
وسطي الأعمار الذي يقدر أن يصل
خلال عقدين أو ثلاثة من نحو
ثمانين عام حالياً إلى مئة
وأكثر مما يزيد أعداد المرضى
المسنين ومدة مرضهم إضافة
لانتشار أمراض جديدة كثيرة منها
مزمن كالزهايمر والباركسون
والإيدز وأنفلونزا الطيور
والخنازير وغيرها مع اختراع
أجهزة طبية وأدوية عالية
التكاليف وخاصةً غلاء اليد
العاملة التي تصل لأكثر من عشرة
أضعافها في العالم النامي
وللتخفيف من هذه الأعباء بدأت
الخدمات الطبية بالانتقال تحت
مسمى السياحة الصحية أو
العلاجية إلى العالم النامي
الرخيص التكاليف كما حدث سابقاً
بالصناعة وسياحة الاستجمام
الساحلية وتذكر مجلة
الأيكونومست البريطانية في
عددها السنوي الأخير أنه بعد أن
كان الأغنياء في العالم النامي
ينتقلون إلى باريس ولندن
والولايات المتحدة لإجراء
عمليات جراحية أصبح الانتقال
إليها حالياً عكسياً بعد أن وجد
بالعالم النامي مستشفيات راقية
بإشراف جهاز طبي عالي تجري فيها
عمليات بنجاح تكلف خُمس إلى
عُشر كلفتها بأمريكا وتقدر
المجلة عدد الأمريكيين الذين
سيعالجون بالخارج سيزداد من أقل
من مليون عام 2007 ومليونين
حالياً إلى نحو خمسة عشر مليون
في عام 2017(انظر الشكل جانبه).
ويستفيد من هذه الموجة كثير من
البلاد النامية كتايلاند
والهند والبرازيل وبعض البلاد
العربية التي تعمل على
استقطابها كتونس التي أصبحت
ثاني بلد بالعالم بعد فرنسا في
مجال المعالجة الفيزيائية
بالمياه المعدنية والبحرية
إضافةً للاختصاصات الأخرى
ويقصدها أعداد كبيرة من الزبائن
الأوربيين وكذلك أحدث لبنان
برنامج سماه (لبنان الصحة)
لاستقدام المرضى من البلاد
العربية وتعاقد هو والأردن مع
مستشفيات عالمية شهيرة لإجراء
عمليات جراحية بإشرافهم عن بعد.
ولعل أهم برنامج طموح في هذا
المجال ما تقوم به دبي حيث تنشئ
حالياً مدينة طبية واسعة وراقية
جداً لخدمة الطبقة المرفهة في
بلاد سكانها يعدون 1800 مليون
نسمة من أوروبا إلى آسيا
فتقاطرت عليها مستشفيات شهيرة
بالعالم كهارفرد ومايوكلينك
الأمريكتين وغيرهما للعمل بها. وسورية مؤهلة للنجاح في هذا المجال أكثر
من أي بلد آخر بالعالم بالنسبة
لحجمها لتوفر أطباء سوريين
مقيمين وخاصةً مغتربين
اختصاصين على مستوى عالي بجميع
الاختصاصات هم صفوة الطبقة
المتعلمة بالبلد لعدم القبول في
كليات الطب بالجامعات السورية
الرسمية إلا الحاصلين على
علامات شبه كاملة في شهادة
الثانوية السورية ويذهب معظمهم
بعد تخرجهم للاختصاص بالخارج
ومعظمهم يبقون هناك ويشكلون
حالياً أكبر نسبة بين الجاليات
الأجنبية بالنسبة لحجم سورية في
أمريكا ويبلغ عددهم بها وحدها
أكثر من 3500 طبيب ويأتي عدد
الأطباء الاختصاصيين في فرنسا
بعد الفرنسيين مباشرة وعددهم
كبير في ألمانيا والنمسا وكثير
من البلاد الأوروبية والخليج
العربي ويتمتعون بمراكز وسمعة
عالية وكثير منهم يتوقون للعودة
لخدمة وطنهم وخاصةً الذين لديهم
أولاد بسن المراهقة ويخشون من
انسلاخهم عن وطنهم وضياعهم في
الاغتراب ومستعدين للعمل بجزء
من الراتب الذي يتقاضونه في
اغترابهم إذا تأمن لهم الظروف
اللائقة المهنية والمعيشية لأن
وضعهم المادي أصبح جيداً
ويعوضهم عن تدني دخلهم بسورية
إذا حدث بينما تتكبد دبي في
مدينتها الطبية أجور عالية جداً
للأطباء تبلغ عدة أضعافها
بسورية. وربما بعد الأزمة
المالية العالمية التي أحدثت
زلزالاً مالياً في أمريكا
وضاعفت البطالة لديها قد تزيل
بريقها وتدفع بالكثيرين للعودة
إلى بلدهم التي هي بأمس الحاجة
لهم . وجل ما يحتاجه
الاستفادة من هذا القطاع بسرعة
وعلى نطاق واسع دعمه بجزء بسيط
من الدعم الذي تلاقيه الصناعة
والزراعة الذي يكلف الدولة
عشرات المليارات سنوياً فهو
يمكن أن يدر أضعاف وربما عشرات
أضعاف ما يدره كل منها ويشغل
أعداد هائلة من المواطنين بأجور
مجزية. وإنشاء مدينة طبية يجب أن
يتم على غرار المدن الصناعية
والمناطق الحرة على مساحة بضع
مئات من الهكتارات من الأراضي
الشاسعة المستملكة من الدولة
جنوب غربي دمشق التي تبلغ آلاف
الهكتارات وتمتد على السفوح
الغربية من الجبال الجرداء
الممتدة من الأوتوتستراد
المحلق الجنوبي إلى مفرق قطنا
والمعرضة للتعديات المتواصلة
بالسكن العشوائي وتنظيمها بشكل
حديث وراقي جداً ويؤمن لها
المرافق والخدمات المتطورة
وتعرض للتملك للمستثمرين بشروط
سهلة لإنشاء مستشفيات راقية
تستقطب مرضى من مختلف الجنسيات
بما فيهم السوريين الذين
يتعالجون بالخارج ويصرفون
مبالغ ضخمة وتنفذ من مستثمرين
سوريين مقيمين ومغتربين وعرب
وأجانب وخاصةً الأطباء منهم
بالتعاون مع مؤسسات طبية أوربية
أبدت رغبتها بالمساهمة بإنشاء
مستشفيات بسورية مع أطباء
مغتربين واستعدادها لجلب مرضى
من أوربا للمعالجة بها بعد
إنشائها. ويمكن لوزارة
المغتربين أن تقوم بدور هام في
هذا المجال باتصالاتهم معهم.
ويجب لنجاح هذه المدينة
معاملتها كمنطقة حرة غير خاضعة
لروتين الدولة الخانق تتمتع
بكامل الصلاحيات بما فيها
الترخيص بالبناء أسوةً
بالمناطق الحرة والمناطق
الصناعية فهي صناعة المستقبل
ومردودها أضعاف الصناعات
الاستهلاكية التي لم تعد سورية
قادرة على منافسة بلاد جنوب
وشرق آسيا في مجالها 3. ختاماً للوصول إلى تنمية سريعة على غرار
كثير مما يجري في بلاد العالم
النامي يجب الأخذ بالاعتبار
تطور الاقتصاد العالمي المذهل
والسريع الذي يهمش كثير من
الاقتصاديات القديمة التي كانت
مسيطرة ويرفع اقتصاديات هامة
جديدة يجب التركيز على استثمار
المؤهلين للتفوق بها. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |