ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
صالح القلاب الرأي الاردنية 19-1-2010 كان يجب التطرق لهذه المسألة منذ البداية
فبروز هذه الظاهرة الإسلامية
الباسمة وغير المتوترة في تركيا
بالإضافة إلى أنها جاءت استجابة
لتوجهات الرأي العام التركي بعد
غربة تواصلت لأكثر من ثمانين
عاماً واستجابة لتطلعات
المسلمين في كل مكان فإنها في
حقيقة الأمر جاءت إن ليس بقرار
فبتشجيع من الإدارة الأميركية
التي بعد كارثة الحادي عشر من
أيلول (سبتمبر) وجدت أنها
لمواجهة العنف والإرهاب الذي
يرتكب باسم هذا الدين الحنيف
غدت مضطرة لظهور حالة جديدة غير
الحركات والتنظيمات «الإسلاموية»
التي بعضها اخترع اختراعاً في
مرحلة الحرب الباردة وصراع
المعسكرات. بعد كارثة الحادي عشر من أيلول (سبتمبر)
بادرت الولايات المتحدة إلى
تجديد خيوطها القديمة مع
الإخوان المسلمين وأجرت
اتصالات سرية وعلنية معهم
والهدف كان التأكد من إمكانية
التعاون معهم، إن من خلال
بقائهم كمعارضة وإن من خلال
وصولهم إلى مواقع الحكم والسلطة
في بعض الدول العربية
والإسلامية، لمواجهة تطرف «القاعدة»
والتنظيمات الصغيرة التي تمارس
الإرهاب على مدى اتساع العالم
كله باسم المسلمين وباسم هذا
الدين الحنيف. وكان لدى الأميركيين الاستعداد لتسهيل
وصول «الإخوان» إلى السلطة أو
المشاركة فيها في دول عديدة من
بينها دول عربية بشرط أن يلونوا
مواقفهم ومنطلقاتهم بشيء من
الليبرالية وأن يتخلوا عن شيء
من شموليتهم وأن يقبلوا
بالآخرين كما يقبل الآخرون بهم
لكن ما أفشل هذه المحاولة
الأميركية هو أن هؤلاء، أي «الإخوان»،
لم يستطيعوا الخروج من المداميك
العقائدية القديمة التي كانوا
بنوها حول صوامعهم في مراحل
سابقة من المفترض أن تكون جزءاً
من الماضي الذي رحل برحيل صراع
المعسكرات والحرب الباردة. لكن أميركا في ضوء هذه الإتصالات وجدت أن
أصدقاءها القدماء الذين
تعاونوا معها وتعاونت معهم خلال
الحرب الباردة غير قادرين على
التطور حتى وإن هم كانوا راغبين
فيه وأنهم منغمسون في شموليتهم
حتى الرقاب وأنهم يقفون على
أرضية غير بعيدة عن الأرضية
التي تقف عليها «القاعدة» وحركة
«طالبان» ولذلك فإنها قد سارعت
للإتجاه نحو تركيا التي بدأ
يبرز فيها إسلام سياسي جديد
قادر على إنجاز متطلبات الشعب
التركي الاقتصادية والحضارية
والسياسية وفي الوقت نفسه يشكل
أنموذجاً لأهل هذه المنطقة
ومقبول من الغرب والعالم بأسره. وهكذا فقد سهلت الولايات المتحدة لهذه
الظاهرة الإسلامية الجديدة
الصاعدة كل طرق نجاحها بأن منعت
جنرالات الجيش من التعامل معها
بالإنقلابات العسكرية كما
كانوا تعاملوا مع محاولات سابقة
وأجهضوها بقوة السلاح فأميركا
التي بدأت تلمس تبلور فراغ في
الشرق الأوسط لا يوجد مرشح
لملئه سوى إيران الثورة
الخمينية كانت بحاجة إلى تركيا
جديدة غير تركيا السابقة لأن
تكون الرقم الرئيسي في معادلة
هذه المنطقة. ولذلك ولأنها تعرف أن الطريق إلى موقع
الريادة والقيادة في الشرق
الأوسط كله هو النظر إلى
إسرائيل بعين حمراء فقد تساهلت
أميركا تجاه « تحرش « تركيا
أردوغان وعبد الله غول
بالإسرائيليين واحتضان القضية
الفلسطينية لكن بشرط ألا يتجاوز
هذا الخطوط الحمراء وبشرط أن
تبقى هذه المناوشة ضمن السيطرة
وضمن أن كلا الدولتين تشكلان
الركائز الإستراتيجية للمصالح
الحيوية الأميركية في هذه
المنطقة وهذا هو الذي جعل
واشنطن تتحرك وبسرعة لضبط إيقاع
هذا الإشتباك الذي بدأ بحادثة «دافوس»
المعروفة والشهيرة.. إن هذه هي
الحقيقة وإنها حقيقة تسجل على
لائحة إيجابيات حزب العدالة
والتنمية التركي وليس على لائحة
سلبياته. ======================= الرأي الاردنية 19-1-2010 يرون لندن ايتمار بن آفي توجه الى فندق كمينتس. صاحب
الفندق، اليعيزر ليفمن كمينتس،
اشار الى ضابط تركي كان يجلس في
الرواق يحتسي العرق ونظر اليهما
بعينيه الخضراوين. «ضابط مهم
جدا»، همس كمينتس. هكذا، قبل نحو
مائة سنة، في القدس، التقى «الصبي
العبري الاول» مؤسس تركيا
الحديثة، مصطفى كمال، الذي
سيسمى لاحقا «اتاتورك»، كان في
حينه ضابطا برتبة متوسطة، وبن
آفي كان صحافيا ومفكرا سياسيا
جريئا. وناشد كمال محادثه ان
يشاركه احتساء كأس. ولاحقا
سيكتب بان الكحول قصرت عمر «ابو
الاتراك». في السيرة التي كتبها بن آفي قال ان كمال
تحدث معه «الفرنسية الدقيقة»
وأذهله بصراحته. فقد هاجم حكومة
«تركيا الفتاة» التي حكمت في
حينه بلاده وقال لمحادثه ان في
نيته العودة الى اسطنبول كي
يؤثر على ما يجري. وتباهى بكر
عائلة آفي في أن أبيه اليعيزر بن
يهودا، كان أول المتعثمنين -
أصحاب الجنسية الاجنبية الذين
طواعية اخذوا على أنفسهم
الجنسية العثمانية. وحاول ان
يقنع الضابط بان دولة يهودية
مستقلة فقط يمكنها أن تكون
صديقة للامبراطورية العثمانية. بعد بضعة ايام التقيا مرة اخرى. هذه المرة
اضيفت فناجين قهوة عديدة لكؤوس
العرق التي احتساها الضابط. وقد
حاضر على مسمع بن آفي عن مشكلة
شكل الكتابة: «لو كتبت كل شعوب
المنطقة بالحرف اللاتيني، لكان
بوسعها أن تتحدث بسهولة أكبر».
ووافقه بن آفي قائلا: «الحرف
اللاتيني هو من نسل الحرف
العبري القديم، وكتبة العبرية
ينبغي ان يتبنوه أيضا». «ليتون» الحرف العبري كان أحد الاشواق
الرائعة ل بن آفي. المتحدثون
بالعبرية لم يستجيبوا
لاقتراحه، فيما اطاع الاتراك
مصطفى كمال. في ختام الحرب
العالمية الاولى حين صعد الى
سدة الحكم في بلاده، استبدل
الحرف العربي بالحرف اللاتيني.
وشطبت من اللغة كلمات عربية
لتحل محلها كلمات من جذر تركي.
كان هذا احد السياقات التي
انقذت تركيا من تخلفها العنيد. تذكرت قصة اللقاء في فندق كمينتس في ظل
اللقاء في وزارة الخارجية، التي
تقع على مسافة بضعة أمتار من
هناك. أسفت لان تكون اللقاءات
بين الاتراك والاسرائيليين لا
تجري على مستوى أعلى من المستوى
الذي أنزلها اليه داني ايالون.
لنا وللاتراك مصالح عديدة
مشتركة، بل ووجه شبه يوجد بيننا.
وجه الشبه هو في ترددات الهوية.
الشعبان يعيشان عملية العثور
على ذاتيهما. هم ونحن نتردد بين
الغرب والشرق. هذا بدأ في نهاية القرن التاسع عشر، حين
اخترع بعض من المثقفين اليهود
من اوروبا الامة العبرية. وفي
نفس الوقت اخترع بعض المثقفين
الاتراك امتهم. وهذا يجب أن
نعرفه بانه حتى موعد قريب من
الحرب العالمية الاولى كانت ترن
كلمة «تركي» كتعبير شجب في آذان
سكان المدن في البلاد التي تسمى
الان تركيا. «الاتراك كانوا
فلاحين ورعاة جهلة، يعيشون في
الجبال النائية. اما الباقون
فقد كانوا «عثمانيين» من مواطني
الامبراطورية الهائلة التي
امتدت في ذروة امتدادها في
الشرق الاوسط افريقيا الشمالية
وثلث الاراضي الاوروبية تقريبا. عندما جردوا من امبراطوريتهم ركز الاتراك
على اعادة بناء قوميتهم الجريحة
التي تعود جذورها الى آسيا
الوسطى. وفي ظل ذلك حلوا بالسيف
مشكلة الاقليات الكبرى التي
كانت تعيش في بلادهم. فقد نفوا
اليونان، قتلوا الارمن ورفضوا
الاعتراف بتميز الاكراد. اما
نحن، الذين تلقينا من الامم
المتحدة قطعة ارض مقصوصة فيها
نسبة عالية من العرب، فقد
استغلينا حرب الانبعاث كي ننفي
الجماهير، ولكننا لا نعرف بعد
ما نفعل بمن تبقوا. ومثل الاتراك، نحن ايضا نتردد بين الصلة
بالغرب وبين الصلة بالشرق. شرقهم هو سهول طوران، صحارى آسيا الوسطى،
مكان أصل الشعوب التركية. شرقنا هو الهلال الخصيب. زيارته الى تركيا بدأها ايهود باراك
بزياة لقبر أتاتورك. التاريخ،
بقدر ما نرغب في التخلص من
اثقاله يوجد دوما في جذور
العلاقات بين الشعوب المجاورة. يديعوت ======================= هل القضية الفلسطينية
قضية العرب المركزية؟ ميشيل كيلو 19/01/2010 القدس العربي باستثناء قلة قليلة جدا، لا يوجد أحد في
الوطن العربي إلا ويعتقد أو
يقول إن قضية فلسطين هي قضية
العرب المركزية. لقد قيل هذا منذ
عقود كثيرة، وقاله كل من تناول
قلما ليكتب به، أو وصل إلى كرسي
الحكم، فقد قال الأول إن قضية
فلسطين هي أو يجب أن تكون قضية
العرب المركزية، ووعد الثاني
قبل الحكم بتحرير فلسطين من
البحر إلى النهر، وتنكر بعده
لوعوده، وإن ظل يقول بمركزية
قضية فلسطين، التي لم تعد تعني
شيئا ملموسا، رغم أن لها معنى
هائل الخطورة والدلالة، قلما
فكر فيه القائلون بمركزيتها، أو
كتبوا عنه وبحثوا فيه. ماذا يعني أن تكون قضية ما مركزية؟ إنه
يعني ببساطة رؤية كل شيء بدلالة
هذه القضية، ووضعه في خدمتها،
وطيه تحت جناحها، وجعلها أولية
لا تعلو عليها أو تدانيها أية
أولية أخرى، بما في ذلك السلطة
والكرسي ومغانمهما. بترجمة هذا
الكلام إلى واقع، تعني مركزية
قضية ما ربط وجود السلطة
والدولة بها، والتضحية بكل غال
ورخيص في سبيلها، والإقدام على
بذل كل ما تتطلبه من جهود، وعلى
تخصيص كل ما يلزم لها من موارد
بشرية ومادية وروحية، فلا تكون
عندئذ مجرد قضية بين قضايا، أو
قضية تابعة لأية قضية أخرى، أو
قضية للتجارة والمزايدة وبيع
الكلام والأوهام، فهي قضية
تتطلب أعلى أشكال الوحدة داخل
الدولة التي تؤمن بمركزيتها،
وتلزم بتكريس كل الطاقات لها،
لأن على حلها يتوقف مصير البلاد
والعباد، ويرتبط المستقبل
الشخصي للمواطنين، فلا سبيل إلى
اللعب فيها أو الاستهانة
بتأثيرها على كل شيء، من علاقات
السلطة مع شعبها، إلى علاقاتها
مع جوارها، إلى علاقاتها
الدولية، ومواقفها في المحافل
العالمية. هذا، باختصار شديد، معنى أن كون قضية ما
مركزية بالنسبة إلى بلد أو أمة.
فهل كانت قضية فلسطين حقا قضية
مركزية بالنسبة إلى السياسات
العربية خلال سنوات ما بعد
نكبتها، أم أن هذه السياسات
فعلت المستحيل كي لا تصير
القضية الفلسطينية مركزية. أما
السبب فيرجع إلى حقيقة جوهرية
هي أن الشعب العربي يراها بهذه
الطريقة أو بكيفية قريبة منها،
وأن مركزيتها بالنسبة له هي
عنصر يثوره ويدفعه إلى موقف
نقدي من أوضاعه وسياسات
حكوماته، فلا سبيل إلى منع هذا
النمط من التفاعل بينه وبين
القضية الفلسطينية غير الأخذ
بأحد أمرين أو بهما كليهما: منع
الشعب من التفاعل مع القضية
بالترهيب والقمع، أو تضليله
وتضييعه والمزايدة عليه، بحيث
يستكين إلى وجود من يقوم بواجبه
حيالها ويتخذ موقف المتفرج
منها، كما يحدث في أيامنا، ومنذ
وقت غير قصير. ليس هناك بلد عربي واحد تعامل مع القضية
الفلسطينية كقضية مركزية، أو
كقضية مقدسة، كما يزعم لسان
عربي سائد يستهتر بالحقيقة
ويستهين بعقول وذاكرة ووعي
المواطن العربي حين يكرر في كل
مناسبة، ومهما كانت تافهة: قضية
فلسطين هي قضية العرب المقدسة
أو المركزية أو الاثنين معا. لو
سألنا الآن عن تفاصيل هذا
الادعاء، وتابعنا الوقائع في
ملموسيتها، لوجدنا أنه ليس هناك
من أخضع مصالحه لأولية القضية
الفلسطينية أو من رآها بدلالتها.
وليس هناك من اعتبرها قضية تعلو
وتتقدم على أية قضية سواها،
تتفرع عنها ومنها - بين ما تتفرع
عنه ومنه - جملة مسائل وقضايا
السياسة والمجتمع في بلاده
ودولته، فلا ترجح عليها أو
تطبعها بطابعها، بل تتعين هي
بها وتحمل صبغتها. وليس هناك من
رسم سياساته الاقتصادية
والاجتماعية والتعليمية
والتربوية والثقافية والأمنية
على ضوئها، ومن أعد بلاده من
سائر الجوانب والنواحي لتلبية
متطلباتها، وأن سياسات العرب
أبقتها هامشية، وجعلتها قضية
برانية بالنسبة إلى الإنسان
العربي ومجتمعاته ودوله، كما
بالنسبة إليها هي نفسها، بل
وجعلت التعاطف والتفاعل معها
جريمة يعاقب عليها القانون،
بينما أشاع القائلون بمركزية
القضية وقدسيتها أجواء جعلت شعب
فلسطين مسؤولا عن ما أصابه من
تشريد وقتل وتشتيت، فهو باع
أرضه وجاء يبيع أرض الدول
العربية، التي تستضيفه، وهو لم
يقاوم العدو بل سلمه الأرض
والدار، وهو خطر على أمن وسلامة
العرب، يجب إبقاؤه تحت العين
ومنعه من التحرك بحرية، لأن
مقاومته تخز العدو بدبوس لا
يؤثر فيه، وتدفعه إلى الرد
علينا نحن العرب بصاروخ مهلك
يدمرنا. والغريب أن هذه اللهجة
التخوينية تسود البلدان الأكثر
كلاما حول مركزية القضية
وقدسيتها، والتي تريد
الاستئثار بها لتستخدمها ورقة
في صراعاتها مع غيرها من العرب،
وليس لاستعمالها ضد العدو
الصهيوني، الذي يسلم جميع طالبي
التسوية السلمية معه بأن أرض
فلسطين صارت له، ويعلن استعداده
العلني للاعتراف بهذا قانونيا
وواقعيا، وبضمانة أمريكية
ودولية، فهل يستقيم القول
بقدسية القضية ومركزيتها مع
الاستعداد للاعتراف بضياع
وطنها، وماذا يبقى منها أصلا
بعد اعتراف كهذا؟. ليست قضية فلسطين مركزية أو مقدسة
بالنسبة إلى أية حكومة أو مجتمع
عربي. عندما ستصير كذلك، سيفكر
الصهاينة بالأمر وسيحزم عدد
كبير منهم حقائبه ويبدأ بالرحيل
عنها، من حيث جاء، لأنه سيعلم،
أو سيشعر، أن وطن غيره ليس له،
وأن مركزيته وقدسيته بالنسبة
لأي بلد عربي ستكفي لقلب موازين
القوى لصالح فلسطين وشعبها، إن
لم يكن اليوم فغدا. تنوعت وتعددت الحلول، التي اقترحت خلال
القرن الماضي كعلاج لمشكلة
فلسطين. وقد فشلت جميعها لأن
العالم والعدو يعرفان عدم جدية
العرب في الموضوع، ويعيان أنهم
لا يعاملون القضية الفلسطينية
كقضية يرون كل شيء داخل بلدانهم
وخارجها بدلالتها. من هنا، يكثر
اللعب والتلاعب بفلسطين، رغم ما
قدمه شعبها من تضحيات عزيزة في
سبيل عروبتها. وسيستمر اللعب
والتلاعب بها، وسيبقى الفشل
مصير أي حل يقترح لمشكلاتها، ما
دامت قضية ثانوية في دنيا العرب
السياسية والمجتمعية. عندما
ستصير مركزية بالفعل لا القول،
سيسارع الأمريكيون والصهاينة
إلى عرض حلول منصفة، إنقاذا لما
يمكن إنقاذه من الكيان الغاصب.
إلى أن يحدث ذلك، ستبقى فلسطين
قضية ثانوية ومنسية ومهملة،
يغطي الكذبة الذين يفرطون فيها
مواقفهم بحديثهم الممجوج عن
مركزيتها وقدسيتها، بينما
يقضمها العدو مترا بعد متر
وشبرا بعد شبر!. لو كانت فلسطين
قضية العرب المركزية لما قامت
إسرائيل أصلا، ولما سادت ومادت
واحتلت وتوسعت وأذلت الأمة طيلة
نيف وقرن!. ' كاتب وسياسي من سورية ======================= حتمية المقاومة
العراقية ورهان الخاسرين د . عمر الكبيسي 19/01/2010 القدس العربي بلا شك أن مقاومة
وطنية فاعلة ومؤثرة لمجابهة غزو
غاشم وجيوش متحالفة محتلة
بقيادة أمريكا صاحبة أقوى وأحدث
الجيوش في العالم ؛فعل باهظ
الثمن في الأرواح والتكاليف
وليس بالهيٍّن بل مليء
بالتعقيدات والاختراقات
والهنًّات ؛ ولو استعرضنا تاريخ
صراع المقاومات الوطنية
المعاصرة مع قوى الاحتلال
والامبريالية و الدكتاتورية
لوجدناها مليئة بالإنجازات
والانتصارات الى جانب تعرضها
لإخفاقات واختراقات وخسائر
دامية . يبقى انتصار أية مقاومة تحريرمرهوناً
بعمق الفكر المقاوم الذي يتأصل
بشرعيته السماوية والوضعية
بوجود قضية سامية وهدف نبيل
وبهذا تكون المقاومة فكراً
استراتيجياً لا خيار عنه ولا
بديل لتحقيق الهدف المنشود؛
بهذا المعنى يختلف مفهوم
المعارضة عن مفهوم المقاومة
فالمعارضة السياسية قد تناور في
الأساليب وتغيير الأهداف
واستنباط التكتيكات المناسبة
لكل موقف ومناسبة بل وقد تتناقض
مع الإستراتيجية العامة
للتحرير- ظاهرياً أو حتى
حقيقياً أحياناً ؛ بل كثيرا ما
تفتقد إستراتيجيتها خلال
مسيرتها السياسية إذ من المعروف
إن التكتيك يجب أن يخدم
الإستراتيجية وإلا أضاع الهدف
العام ؛ ولكن من الثوابت أيضا أن
الإستراتيجية يجب ألا تخدم
التكتيك ولا تبرره على الدوام
حيث أن لكل منها أطره وآفاقه
وتحولاته كما كان حال ومصاب
ومرض قادة المعارضة العراقية
قبل الاحتلال حين برَّرت هذه
المعارضة المحبطة إصدار قانون
تحرير العراق وتنفيذه بغزو
استعماري كان جزءا من مشروع
تدميري فكانت النتيجة هي كل ما
حلَّ بالعراق من دمار وما
تواجهه أقطاب تلك المعارضة التي
جاءت معه مستبشرة من إحباط
وانهيار مخز في عراق اليوم لأن
جلّ ما استطاعت التعلق به هو دور
الوكيل للمحتل . وأسباب ذلك
تتعلق بالتأييد لكونها معارضة
تفتقد أبسط أسس وقواعد وحتى
مقومات 'معارضة وطنية تحررية'
والى انعدام وجود ناهيك عن
تحديد - هدف شعبي نبيل ؛أو دور
ولو صغير في المشروع الذي جندت
نفسها له . ومن العبث التساؤل عن
استقطاب تلك المعارضة المتطفلة
الهزيلة عن إستراتيجية فكرية
ملتزمة بطبيعة الهدف وقد اتضح
ذلك جليا حينما هوى المفهوم
الإسلامي واليساري والليبرالي
العلماني بكل نظرياتهم المسطحة
لتبرير الارتماء في أحضان
الغزاة والمحتلين .وكذلك إسهام
تلك القيادات الفاشل والخادع
بالتأسيس لعملية سياسية شكلية
ومدمرة وفاسدة لا همَّ لها سوى
شرعنة الاحتلال وقوانينه من اجل
مصالح ومفاسد شخصية وحزبية
تافهة وضيقة. بعد مرور ما سيقارب سبع سنوات على غزو
العراق وما ارتكبته الولايات
المتحدة من جرائم شنيعة ودمار
شامل بالأرواح والبنية والثروة
والبيئة إضافة الى استهداف كيان
ووجود الدولة العراقية وهويتها
وحقيقة ارتباطها بالامة
العربية وتعريضهما الى
اختراقات وتدخلات دولية
وإقليمية كاحتلال إيران لبئر
الفكة الرابع وأم الرصاص
ونفوذها الإستخباري والمسلح
الواسع داخل العمق العراقي
والقصف الحدودي المزدوج على
شمال العراق والتي لا تقل شأنا
وخطرا عن دور الغزو الأمريكي
الذي حدثت هذه التجاوزات تحت
رعايته تثبت بوضوح إن السلطة
القائمة لا تمثل بالفعل والواقع
كيان دولة ولا تتطلع لتأسيس
دولة عصرية بعيدة عن الطائفية
والمحاصصة وبناء جيش مهني وقوات
امن متخصصة بل أنها مجرد عصابة
حاكمة بطبيعة شخوصها وفعلها .
كما بات واضحاً إن كتلاً سياسية
مشاركة بالعملية السياسية
القائمة احتفظت بمشاركتها خلال
السنوات الأربع تصف نفسها
بالمعارضة وتجتهد بتقويم
العملية السياسية او تغييرها من
داخلها وبالرغم من موافقتها على
الدستور والاتفاقية الأمنية
والفدرالية ونداءات زعاماتها
بالأمس لنزع سلاح المقاومة
والحاقها بالعملية السياسية
نراها اليوم تخضع لتصفيات شركاء
الأمس من الاحزاب العرقية
والطائفية وتجتث من المشاركة
بالانتخابات القادمة بدعاوى
تافهة بعد تمكن هذه الاحزاب من
الهيمنة على السلطة واعتقادها
ان دور تصفية الشركاء المعارضين
قد حان فيما بقيت المقاومة
الوطنية رغم كل مخططات الاختراق
السياسي وفعل مجالس الصحوات
والإسناد والعشائر تنشط وتتطور
وتدك اسلحة فصائلها الغزاة في
قواعدهم ومطاراتهم وتتصدى
للعملاء في منطقتهم الخضراء
الواهنة بكل عزم وتصميم. كذلك فشلت خطابات ونداءات وسقطت شخصيات
سياسية كانت تحسب نفسها معارضه
في الخارج والداخل ويحسبها
البعض أنها ضمن القوى المناهضة
للاحتلال خارج العملية السياسة
حين ذهبت الى بغداد ولبت دعوة
المالكي لتبني عمليته السياسية
ورددت في خطابها بأن دور
المقاومة المسلحة قد انتهى وقد
آن الأوان للتحول الى بدء
النضال السياسي والمعارضة
البرلمانية وأن المرحلة
الحالية هي مرحلة سياسية لا
تجيز ولا تبرر حمل السلاح. نقول لهولاء وحقيقة دوافعهم وتجمعاتهم
ومشاريعهم وتحالفاتهم الجديدة
الحالمة والمدفوعة الثمن
والمتلبسة بالوطنية أو الدين أو
اليسار او العشيرة او الصحوة او
الإسناد أنكم لا تملكون من
مقومات النقد والتنظير والنضال
والتجريح إلا صفة الانتحال
والإجترار والاحتراف السياسي ؛
ولهدف تذكيرهم والرد على ما
صرحوا به أو كتبوا ونشروا حوله
ولثنيهم عن التساقط الذي اطاح
بهم في اعين المقاومين
والمناهضين و تذكيرهم بعمق
المستنقع الذي وقعوا فيه وحجم
الشطط الذي اقترفوه ولكي نكون
واضحين أمام جميع من يهمهم
المشروع العراقي المقاوم
أصدقاء وأعداء قوىً ومنظمات
وأحزابا وتيارات وحكومات
وأنظمة أريد أن أذكِّر بمرتكزات
هذا المشروع ضمن العناوين
التالية: أ . لقد أجمعت المقاومة المسلحة العراقية
بكل فصائلها وعناوينها على
شرعية جهادها ونضالها منذ
انطلاقتها ، وأن تهدف في
مشروعها إنجاز التحرير الكامل
للتراب العراقي من كل الغزاة
والمحتلين والعملاء ووكلاء
الاحتلال وموظفيه. وهي تحمل في
آن واحد فكر قوى المعارضين
والمناهضين السياسيين الذين
التفوا حولها وشاركوها بجميع
منطلقاتها لتحقيق هذا الهدف
السامي والنبيل. ب . الاحتلال والغزو الأجنبي مستمر بتدمير
البلاد والعباد بشكل مباشر
وبمساعدة سلطته وحكومته
المنصبة وأن العملية السياسية
والاتفاقية الأمنية ومسرحيات
الانتخابات والحكومات
المنَّصبة وأطروحة الجيش
البديل وكل ما سيعقبها من
تشريعات وإجراءات كلها نتاجات
فاسدة فاشلة تندرج بالجملة
والتفصيل تحت مضمون الاحتلال و
تنظيراته ؛ وان أي عمل تكتيكي
سياسي للفِّ أو الدوران
للمشاركة أو الإقرار بواقع
الاحتلال ومؤسساته وتحت أي مبرر
أو أسلوب أو مسمى يتقاطع
بالنظرية وبالتطبيق مع فكر
المقاومة ولا يخدم أو ينسجم مع
تحقيق هدف التحرير الشامل الذي
تنشده القوى الوطنية المناهضة
وبالتالي فان مجرد التقاطع مع
مناهج وفكر المقاومة بشرعية
الهدف النبيل يجرد كل القوى
والكتل والشخوص السياسية
والعشائرية من مضمون المناهضة
للاحتلال ومن أي دور وطني ويؤكد
في الوقت نفسه تبعيتها
وانضواءها وركوعها تحت مظلته. لم يعد واقع الساحة السياسية العراقية
يتحمل منطقة وسطى بين المقاومة
والاحتلال. وإذا كان هناك من
انجاز كبير حققته المقاومة
العراقية في مرحلة سنوات
الاحتلال يفوق بالمعاني ما
ألحقته بالمحتل من خسائر بشرية
ومادية كبيرة فان هذا الانجاز
بوضوح يكمن اليوم بأن المقاومة
تعدّ بكل المقاييس هي الحد
الفاصل بين الوطنية والعمالة
وبين التحرير والاستعمار. ج. أن الوعي العراقي المتنامي والمتصاعد
المناهض للاحتلال حقيقة باتت
جليَّة للعيان؛ ولم يعد من
السهل أن تتجاهلها مؤسسات
البحوث ومراكز الدراسات وأن
تصاعد هذا الوعي لم يعد حصراً
على مكون أو طائفة من مكونات
الشعب العراقي كما لا تحدَّه
منطقة جغرافية معينة ؛ فحالة
الاستنكار والمناهضة والتحدي
تتنامى وتتسع باضطراد كلما بانت
بوضوح أهداف ومخططات الغزاة
وتفاقمت ويلاته ونتائج همينته
ودماره وبالتالي تخبطه وهزيمته
واستسلامه المحتوم. أما حال المقاومة على الأرض فان تصاعد
فعلها أو انخفاضه ونجاح المحتل
وأعدائها باختراقها أو تفتيت
بعض أجنحتها أو فصائلها؛ أو
فشلهما وإنكار هذا النفر أو ذاك
لفعلها أو تمسكه بها وسواء حوصر
العمل المقاوم عسكرياً
واقتصاديا أو انتعش واستفحل ؛أو
انكمش فعلها في جانب واتسع في
جانب أخر؛ كل هذا لن يؤثر ولن
ينعكس على الهدف الأكبر ألا وهو:
التحرير الشامل ؛والذي يمثل رمز
بقائها وصمودها و انتصارها.
وبهذا النهج لن تكون هذه
المقاومة أداة لمساومة فئة
سياسية أو آلة ضغط لتنظيم معين
أو واجهة لفكر محدد أو لحزب معين
أو طائفة او عرق مشخَّص؛ كما لا
يمكن أن تكون أداة لتعبير موقف
ضاغط أو لتحقيق هدف واهن أو مقصد
آني يبتعد عن طبيعة فكر التحرير
الذي تنشده. د . وإذا كان الغزاة قد صمموا على الخروج
او الانسحاب اليوم أو غد؛ ببياض
أو سواد الوجه مع أزلامه
وأذنابه أو بعد الاستغناء عنهم
؛بطريقة منظمة أو بفوضى عارمة؛
بالتوافق مع إيران وقوى إقليمية
متنفذة أخرى أو بدون توافق؛
بدعم عربي أو بدونه؛ من خلال جهد
عالمي وأممي أو بدونه ؛فان
المقاومة ومشروعها التحرري
المناهض سيبقى هو الفعل الأقوى
والمهيمن في واقع الساحة
والأجدر بفرض منطقها
ومنطلقاتها وبالتالي بتحقيق
التحرير الأشمل والأنصع لقبول
الأمة والأكثر حظاً بالتحقيق
والنجاح والأمثل في التوفير
بالزمن والتكاليف والخسائر
والأمتن في ضمان الأمن القومي
والإقليمي والدولي المتوازن.
وان على النظام العربي
والإقليمي الحاكم اليوم أن يدرك
أن لا أمن له ولا استقرار في
حدوده الجغرافية أو أمنه
الاقتصادي وأمام ضراوة
المحتلين وزخم اندفاعهم وخبث
مشروعهم إلا بالتمسك والإسناد
الكامل لقوى المقاومة الوطنية
على امتداد أرض المواجهة مع
الغزاة. وكل ما تتكلم عنه وتطرحه واجهات السلطة
وعملائها والاحتلال والساسة
والهيئات والأحزاب والمعارضات
المتشرذمة الأخرى من حلول وأمن
وأمان وأمنيات وأعمار وبناء
بعيداً عن مضمون فكر المقاومة
في التحرير الشامل سيبقى مجرد
أوهام من نسج الخيال طالما أن
مشروع الاحتلال الذي لا يمكن أن
يحقق القبول الجماهيري في
العراق لا يمكن أن يثمر إلا عن
نظام فوضوي وفاسد كالذي يصمموه
اليوم. ه . يبقى أمل المقاومة المنشود يكمن بان
تتجمع على منهجية التحرير
الشامل كل القوى الوطنية
المناهضة للاحتلال بجبهة
سياسية وطنية ينصب جهدها
السياسي على التصويب في عملية
البناء لمستقبل عراق واحد مستقل
قوي وحكم مدني ديمقراطي عصري
متحضر في حين يبقى أمل الساسة
المناهضين أن ينعكس فكر التحرير
الشامل كثابت وطني تتجمع وتتوحد
عليه كل فصائل المقاومة المسلحة
وعناوينها يسَّهل عليها تعبويا
وعمليا مجابهة الخصم وانجاز
الحسم سواء قرب انتصارها أو طال
وعلى المقاومين أن يضعوا نصب
أعينهم أن النصر المنشود آت عن
قريب مع ضرورة التخطيط والتثقيف
لمقاومة الأمد الطويل إذا ما
سلك الغزاة والمحتلون سبلاً
لبقاء تواجدهم فترة أطول واهمين
بالمراهنة على الزمن مصداقا
لقوله تعالى 'من المؤمنين رجال
صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه ومنهم من
ينتظر وما بدلوا تبديلا'. كاتب عراقي ======================= عينات وايزمن 19/01/2010 القدس العربي نحن في ذروة
الانتفاضة الثالثة، وهي
انتفاضة لا يعلم أكثر
الاسرائيليين بوجودها. يصعب
تعريف الانتفاضة الثالثة لأول
نظرة، ولما كان يصعب تعرفها فان
قمعها ايضا صعب. هذه انتفاضة
تتنكر في زي المهرجان: ان
المظاهرات في الشيخ جراح، وفي
كل قرية اخرى ايضا تتم فيها
مظاهرات في أيام الجمعة، قد
تبدو أحيانا مثل احتفال ملون
فهنالك عشرات المتظاهرين
اليهود الفلسطينيين والدوليين
المسلحين بالصفارات والطبول
والاعلام. لا يمكن دائما
التمييز بينهم فكثير من
الدوليين واليهود مسلحون
بكوفيات وبأعلام فلسطين وبهذا
فان التجربة هي لجمع من الناس
ملون مع صيحات وخطب وقرع طبول
تصبح كتلة متجانسة واحدة
للمقاومة. كانت الانتفاضة الاولى مفاجئة. نشبت
مقاومة لم يكن الجيش الاسرائيلي
مستعدا لها بل لم يعلم اي
الوسائل يتخذ لمواجهتها. ان
جنود الجيش الاسرائيلي الذين
رأوا أنفسهم مشابهين لداود
دائما، ساروا فجأة ليصبحوا مثل
جالوت ووجدوا أنفسهم يطاردون
أولادا يرمون الحجارة. مع ذلك
كان تقسيم الادوار على الاقل
واضحا: فقد كان الفلسطينيون
دائما في مواجهتنا نحن
الاسرائيليين. أما الدوليون
فراقبونا من مكان وجودهم في
أوروبا، وفرقعوا بألسنتهم
وصفقوا براحات أيديهم. كانت الانتفاضة الثانية ارتفاع درجة
للمقاومة العنيفة وتميزت
بأعمال انتحارية وبإرهاب. وقد
كف جماحها بعنف شديد 'الاغتيالات
المركزة'، وعملية 'السور الواقي'
وبناء سوء الفصل. ان العطف
الدولي الذي حظي به الفلسطينيون
في الانتفاضة الاولى تصدع ازاء
صور التفجيرات التي نشرت. في
مقابلة هاتين الانتفاضتين، عمل
الاعلام الاسرائيلي في
الاستراتيجية الاهم وهي 'انتاج
الاخر' الفلسطيني كعدو أزعر
يهدد بالقضاء على الدولة
اليهودية. للانتفاضة الحالية وسائل اخرى: فهي
تستعمل وسائل مقاومة شرعية،
مظاهرات غير عنيفة، وأنباء الى
وسائل الاعلام والقطيعة. لكن
التهديد المركزي للدولة هو
الائتلافات الجديدة والقوية
التي تنسج بين اليهود
والفلسطينيين والدوليين. لم يعد
يوجد جواب واضح لسؤال من هو
العدو، وأين يمر الخط الذي يفصل
بين 'نحن' و 'هم'. لم ينجح سور
الفصل في تقسيم العداوة الى
مناطق جغرافية فالعدو اليوم في
الداخل والخارج وهو متملص وأشد
ثباتا. مع ذوبان العدو الواضح
البارز، لم تعد وسائل القمع
والحلول قاطعة، ويشهد بذلك نشاط
الدولة الحائر في مواجهة النضال.
فالمظاهرات تفرق باستعمال
وسائل مختلفة عجيبة، لانه منذ
انضم اليهود والدوليون لم يعد
من الممكن استعمال النار الحية.
ولذلك يجب الارتجال، فهنالك
الغاز المسيل للدموع، ورصاص
الملح، وبخاخ الفلفل، وأعمال
الدهن الليلية والاعتقال
الاداري، وتحقيقات الشاباك لا
مع الفلسطينيين فقط. في يوم
الجمعة الاخير اعتقل حجاي
العاد، المدير العام لرابطة
حقوق المواطن، ومعه 16 متظاهرا
اسرائيليا آخر. من كان في المكان
او رأى الافلام التي توثق
الاعتقالات في النيو تيوب فسوف
يرى ان الاعتقالات لم تأت ردا
على أعمال الشغب. بل العكس هو
الصحيح، فقد كان العنف الوحيد
الذي استعمل هو هجوم افراد
الشرطة وجنود حرس الحدود الذين
جعلوا هدفهم كما يبدو تخويف
وردع المتظاهرين المحتملين عن
المشاركة في أعمال من هذا النوع.
لان المعتقلين يهود، وخلافا لهم
يطلق سراح الفلسطينيين بعد بضع
ساعات. لكن المشروع المشترك قد انطلق في سيره. ان
التهديد الكبير هو الاعتراض على
مشروع الفصل الكبير للدولة،
الذي نجح في جعل أكثر
الاسرائيليين لا يلقون
فلسطينيا البتة، ولا علم لهم
كيف يبدو الاحتلال. الانتفاضة
الثالثة تحل عرى الاستقطاب، ولم
يعد واضحا التفريق بين
المشاركين: فاللجان الشعبية
فلسطينية، لكن متحدثها الرئيسي
يهودي، فمن ينتمي ولماذا وكيف
نواجههم؟ اسهام وسائل الاعلام
في مكافحة المقاومة هو الاسكات.
فاذا استثنينا تقارير صحافية
هنا وهناك عن المظاهرات، فان
وسائل الاعلام تدع عنف قوات
الأمن يُبتلع في روتين الاحتلال
وروتين العنف اليومي. ( ممثلة وتنهي في هذه الأيام اللقب الثاني
في الإعلام السياسي) معاريف 18/1/2010 ======================= خليل قنديل الدستور 19-1-2010 بعض القصص الاخبارية التي تنشر في الصحف
تستحق فعلاً التوقف والتأمل
العميقين. والقصة الاخبارية
التي نشرتها صحيفة الامارات يوم
امس عن الطفل الفلسطيني الشهيد
ابراهيم عواجة "تسع سنوات"
تستحق فعلاً منّا ان نحدق في
المشهد كي نقبض على العدائية
التي يكنها الاحتلال
الاسرائيلي للاطفال
الفلسطينيين ومحق براءتهم. ذلك
ان الطفل الشهيد كان يحلم ان
يقيم عيد ميلاده العاشر داخل
منزله في منطقة العطاطرة ويدعو
فيه جميع اصدقائه واحبته لكن
الاحتلال الاسرائيلي حرمه ذلك
الحلم في يوم ذكرى ميلاده. فقد
اعدمه وتلاعب بجثته على مرأى من
والديه وشقيقته. وذلك بعد ان هدم
منزلهم بساعات خلال اليوم الاول
من المرحلة الثانية لحربه على
القطاع. المفارقة التراجيدية في القصة الاخبارية
الفلسطينية هو ان يصر والد
الطفل على الاحتفال في عيد
ميلاد ابنه الشهيد حيث احيا
والده كمال عواجه داخل خيمة
باتت مأوى عائلته الوحيد ذكرى
ميلاده واستشهاده في يوم واحد
وهو الثالث من يناير ، وحقق
امنية طفله التي خطفها الاحتلال.
حيث دعا اصدقاءه ومدرسيه
واقاربه الى ذكرى ميلاده الحادي
عشر. ويستذكر والد الطفل الشهيد مشهد التنكيل
الصهيوني بطفله الشهيد قائلاً
:"سحب الجنود جسد ابراهيم الى
منطقة مرتفعة على ركام المنزل
المدمر ، وحولوه الى لوحة لمرمى
نيرانهم يتسابقون على قنصها وهم
يضحكون ، ومع كل رصاصة كانوا
يتمتمون بكلمات لم افهمها ،
وبعد ان مزقوا جسده ولم يعد له
اي ملامح. ابتعدوا عنه معتقدين
انهم حققوا انتصاراً. هذه القصة الاخبارية التي ترينا كيف تقوم
العائلة الفلسطينية التي يقتل
طفلها امامها بهذه القسوة
لتحوله الى طائر فينيق ينهض من
رماده الموتي كي يحقق احتفاله
بعيد ميلاده من جديد تستحق منّا
فعلاً ان نعمل على ارشفتها
وكتابتها بكل لغات الارض وتوزع
على اطفال العالم لتصبح درساً
يكشف وحشية هذا الاحتلال الذي
يتفنن في قتل الاطفال وتعذيبهم
حتى الموت. هذه القصة تحتاج منّا فعلاً ان ننهضها من
ذاكرتها الحبرية النائمة في قصة
اخبارية صحفية لنعمل على
تحويلها الى قصة نقرأها بصوت
عال على هذا العالم الذي يتشدق
ليل نهار بالديمقراطية وحق
الاطفال في حياة كريمة. ======================= فؤاد دبور الدستور 19-1-2010 سُلطت الاضواء مرة أخرى على تركيا بقيادة
حزب العدالة والتنمية ورئيس
الوزراء رجب طيب اردوغان بعد
الأزمة الأخيرة التي تتعلق
بإقدام حكومة الإرهابي نتنياهو
ممثلة بنائب وزير الخارجية
المدعو "داني ايالون" على
سلوك مشين خارج عن الاعراف
الدبلوماسية مع سفير تركيا في
الكيان الصهيوني وقد دل هذا
السلوك وبشكل قاطع على قذارة
الصهاينة ومسلكهم اللااخلاقي ،
وقد طالبت الحكومة التركية
حكومة نتنياهو بتقديم اعتذار
رسمي لتركيا على هذا السلوك
المشين وأعطت مهلة محددة لتقديم
الاعتذار وإلا فإنها سوف تقوم
باتخاذ إجراءات ضد الكيان
الصهيوني كعقاب على تصرفات
حكومته تجاه تركيا ، وجاء
الاعتذار الصهيوني في الوقت
المحدد واثبتت تركيا أنها أكثر
علوا وارتفاعا وكرامة من
الصهاينة. وكانت الاضواء سلطت قبل هذه الأزمة على
تركيا ورئيس الحكومة رجب طيب
اردوغان نظرا لمواقفه الشجاعة
من العدوان الصهيوني على قطاع
غزة حيث مارست حكومة العدوان
أبشع أنواع المجازر والإرهاب
والقتل والدمار ضد الشعب
الفلسطيني في القطاع ما دفع
اردوغان إلى إدانة العدو وحربه
العدوانية وجرائمه كما فضح
اردوغان هذه الجرائم أمام مؤتمر
دافوس وبحضور رئيس الكيان شمعون
بيرس وانسحب من المؤتمر بسبب
وجود هذا الإرهابي الذي اشتهر
بارتكابه المذابح ضد العرب
وخاصة مذبحة قانا الشهيرة اثر
عدوان حكومته على لبنان عام 1996م.
كما سبق للحكومة التركية أن
رفضت مشاركة سلاح الجو الصهيوني
في مناورات مشتركة مع
الأمريكيين. وقد واجه حزب
التنمية والعدالة الذي تولى
الحكم اثر حصوله على الأغلبية
في البرلمان عام م2002 بسبب
مواقفه السياسية وبخاصة التوجه
نحو إقامة علاقات حسن الجوار مع
العرب ، وانتقاداته للسلوك
الصهيوني ، مشاكل داخلية وقفت
وراءها الحركة الصهيونية بشكل
أساسي حيث جرت محاولة انقلاب
عسكري فاشل ، وكذلك تم رفع دعوى
على الحزب أمام المحكمة
الدستورية لحظر الحرب بذريعة
مواقفه من العلمانية التي ارسى
دعائمها كمال اتاتورك بسبب
موافقة من الصراع العربي -
الصهيوني الداعمة للحق العربي ،
ضد جرائم الصهاينة البشعة وكذلك
بسبب تحرك الحزب وسياساته
الثابتة المستندة إلى رؤية
واضحة ومحددة من ازمات المنطقة
، وقد تجسدت هذه المواقف
الثابتة في رفض تركيا السماح
للقوات الأمريكية باستخدام
أرضها وقواعدها العسكرية
للعدوان على العراق في شهر آذار
من عام ,2003 وإذا ما عدنا لقضية الاعتذار الصهيوني
لتركيا فإن رئيس الحكومة
التركية رغم تقديم الاعتذار فقد
بقي مصرا على انتهاج سياسة
الإدانة للجرائم الصهيونية
وأعلن انه لن يغير سياساته
ومواقفه تجاه جرائم الصهاينة ضد
الفلسطينيين وهذه مواقف لم يعتد
الصهاينة عليها في تعاملهم
ونهجهم من قادة الأقطار العربية
كما لم يعتد الصهاينة على مواقف
موحدة ضدهم تجمع عليها كل أطياف
ومنظمات وأحزاب الدولة كما حصل
في تركيا حيث وقفت جميع فئات
الشعب وراء الحكومة التركية وهي
تطالب بكل رجولة وشجاعة وحزم
واخلاق السفير الصهيوني في
أنقرة بنقل رسالة الحكومة
التركية طلب الاعتذار من حكومته
التي رضخت لهذا الطلب رغم
الاستياء الشديد من حزب العدالة
والتنمية الذي احدث تحولات مهمة
في سياسة تركيا تجاه العرب
تمثلت بإقامة أفضل العلاقات مع
الأقطار العربية والإسلامية
المجاورة وبخاصة مع سورية
وإيران وكذلك مع الأردن ولبنان
، وكذلك مع الأقطار العربية
الاخرى. ما يجعلنا نصف السياسة
التركية في ظل حكم حزب العدالة
والتنمية تجاه القضايا العربية
بالايجابية المتقدمة وهذا أمر
يخدم العرب وتركيا التي هي دولة
إقليمية مهمة ومؤثرة في المنطقة
والتي اكسبتها شعبية واسعة في
الوطن العربي ما يجعلنا نطالب
بأهمية وضرورة تطوير العلاقات
العربية - التركية بما يخدم
مصالح الطرفين ، أما الصهاينة
الذين اعتادوا على العدوان
والقتل والذين يعيشون حالة
مرضية بشعة لافتقادهم كل القيم
والاخلاق والذين تسكن صدورهم
الأحقاد السوداء ولا يتوقفون عن
ممارسة الجرائم ويبررون
أعمالهم بأكاذيب وأباطيل
وذرائع وقحة حيث يعلنون أمام
العالم اجمع عن استخفافهم
بالاخرين وبعجرفة وتعال غير
مسبوق ، والاتهام بالعداء
للسامية لمن يوجه لهم النقد
الجاهز دائما ، لكن إدمانهم على
العنف والقتل والإجرام وخاصة
مثل الجرائم التي ارتكبوها في
قطاع غزة قد كشف زيفهم وأظهرهم
على حقيقتهم أمام الرأي العام
العالمي حيث وصل الأمر
بالمنظمات الدولية لحقوق
الإنسان إدانتهم والمطالبة
بمعاقبتهم على هذه الجرائم بحق
الإنسان. لكن الصهاينة لا
يرتدعون ولا يتراجعون عن مسلكهم
الإجرامي لأنه يأتي انطلاقا من
تعاليم توراتية مزيفة وعقيدة
صهيونية متأصلة في نفوسهم تقضي
تعاليمها على بعث فكرة العنصرية
واحتقار باقي الأجناس الأخرى
والعمل على تنفيذ أوامر "الرب"
على حد زعمهم لتحقيق سيادتهم
على الأجناس الأخرى عبر القوة
والإبادة مثلما تقوم تعاليمهم
وعقيدتهم على تحطيم أخلاق
الشعوب غير اليهودية بجميع
الوسائل. وانه ونتيجة لوحشية
احتلالهم وهمجيتهم وعدوانيتهم
وعنصريتهم وإنكارهم التام
لحقوق الشعب الفلسطيني
المشروعة نتيجة لحروبهم
العدوانية الدموية البشعة ضد
هذا الشعب وكذلك ضد الشعب
اللبناني والمصري والسوري
وغيرهم ونظرا لحصارهم الظالم
على قطاع غزة حيث يمنع أهالي
القطاع من الحصول على ابسط
مقومات الحياة ، ونظرا
لممارساتهم ضد المقدسات
الإسلامية والمسيحية نتيجة هذه
الأعمال اللا إنسانية فقد خسرت
الحركة الصهيونية وكيانها
الغاصب العديد من شعوب العالم ،
وفي مقدمتها خسارتها المؤكدة
للشعب التركي والحكومة التركية
مثلما سوف تخسر الحركة
الصهيونية التي تعاني من المرض
العدائي الخطير للإنسان نفسها
حيث إنها ونظرا لارتكابها ابشع
أنواع العنصرية والحقد
والعنجهية فإنها تتجه نحو
النهاية المحتومة إضافة إلى ان
كيانها ووجود غريب غاصب وغير
طبيعي في المنطقة وقد يقول
البعض كيف ذلك والكيان الصهيوني
يمتلك جيشا مسلحا بأحدث الأسلحة
الأمريكية وأكثرها تطورا فتقول
إن لكل ظالم نهاية والحركة
الصهيونية وكيانها الغاصب
يمارسان الظلم والعدوان
والإجرام لا ضد شعب فلسطين
والعرب فقط بل ضد كل شعوب
المنطقة وهو يعرض امن المنطقة
وبالتالي العالم كله للخطر فهو
يهدد بشن حرب على إيران التي من
شأنها لو حدثت أن تشعل المنطقة
بأسرها ، كما يتعالى على تركيا
التي أجبرت حكامه على الرضوخ
وقبول الإذلال والاعتذار. ثم ماذا ينتظر العالم من فئة ضالة يقوم
إيمانها على "الأفعى"
رمزها المقدس التي تنفث سمومها
في الأمم المتحضرة؟ لقد لقنت الحكومة التركية قادة الكيان
الصهيوني درسا في السياسة
والأدب والأخلاق التي يفتقدها
الصهاينة ، فهل للعرب أن يكون
الموقف التركي درسا لهم وأن
يوحدوا مواقفهم وقواهم
وطاقاتهم ويدافعوا عن أرضهم
وكرامتهم وسيادتهم التي
يستهدفها الصهاينة أصحاب
المشروع الاستعماري التوسعي
والذي يأتي على حساب العرب كل
العرب؟ ======================= خيرالله خيرالله الرأي العام 19-1-2010 مع غياب «أبو سهيل»، يغيب جزء من فلسطين.
تغيب قطعة منها. كان حسيب الصباغ
وجهاً من الوجوه المشرقة التي
ترمز إلى فلسطين الحقيقية،
فلسطين التنوع والتسامح،
فلسطين التعليم والتطور
والارتباط بالعالم الحضاري. كان
باختصار رمزاً للفلسطيني
الشجاع والناجح الذي يناضل
سياسياً من أجل تحقيق حلم
الدولة الفلسطينية المستقلة.
كان «أبو سهيل» الجناح المدني
في حركة النضال الوطني
الفلسطيني. لم ينسَ حسيب الصباغ
يوماً أنه فلسطيني وأن عليه أن
يوظف نجاحاته في حقل البناء
والإعمار في سبيل فلسطين وفي
سبيل تحقيق بعض من الحلم الذي
يجول في بال كل فلسطيني. كان
حسيب الصباغ رجل الخير والعطاء...
من أجل فلسطين. لعب الدور
المطلوب منه. أدى واجبه. بات في
استطاعته الآن أن ينام الآن
مرتاحاً قرير العين. في
استطاعته أن يقول من حيث هو إنه
كان مخلصاً لفلسطين وإنه خدمها
حتى آخر رمق من حياته. لم يتردد
يوماً في تقديم كل ما في مقدوره
تقديمه من أجل انجاح المشروع
الوطني الفلسطيني، في حين كان
غيره من كبار الأغنياء يتهربون
من القضية مستسلمين أمام الجاه
والثروة. كان ذلك بالنسبة إلى
هؤلاء البخلاء بمثابة الحل
السهل. غالباً ما كان هؤلاء
الأغنياء يغطون تقصيرهم بإطلاق
الشعارات الكبيرة الرنانة التي
تغنيهم عن المشاركة في دعم
النضال الفلسطيني، أقله عن طريق
تعليم مجموعة من الطلاب أو بناء
مدرسة أو مستشفى. كان حسيب
الصباغ على العكس من هؤلاء. لم
يتردد يوماً في دعم النضال
الفلسطيني، خصوصاً في مجال
تعليم أكبر عدد من الفلسطينيين
أو مساعدة المحتاجين. تكمن أهمية حسيب الصباغ، الذي غاب قبل
أيام عن تسعة وثمانين عاماً، في
أنه كان دائم الوفاء لفلسطين
وشعبها. لم يتخلَ يوماً عن
واجباته تجاه الشعب الذي ينتمي
إليه. وقد خدم القضية
الفلسطينية أولاً عندما ساعد
فلسطينيون في نهضة لبنان في
مرحلة ما بعد النكبة. كان بين
تلك النخبة الفلسطينية التي
عملت على تطوير الاقتصاد
اللبناني وجعل بيروت تلعب دوراً
مميزاً على الصعيد الإقليمي.
كانت بيروت في الخمسينات
والستينات ومطلع السبعينات من
القرن الماضي مقراً للشركات
الكبيرة التي تعمل في مجال بناء
العالم العربي. كانت بيروت مصرف
العرب والمركز المالي الأهم في
المنطقة. وكانت المدرسة
والجامعة. ولا شك أن رجالاً مثل
حسيب الصباغ وشركته «سي.سي. سي»
لعبوا دوراً في بروز بيروت
ونهضتها في تلك المرحلة. كان
هناك عدد لا بأس به من
الفلسطينيين عرفوا باكراً
أهمية بيروت وقيمتها. بين هؤلاء
أيضاً رجل مثل يوسف بيدس الذي
أسس بنك «أنترا» وذهب في
الستينات ضحية الهجمة على بيروت
ودورها، وهي هجمة شاركت فيها
دوائر إسرائيلية. بقي حسيب
الصباغ وفياً للبنان مثلما كان
وفياً لفلسطين، هو الذي تخرج في
الجامعة الأميركية في بيروت،
إلى أن عاد إليها وووري في ثرى
لبنان. كيف خدم حسيب الصباغ فلسطين وقضيتها؟ لم
يخدمها بالمال فقط. خدمها بأن
وظف علاقاته العربية والدولية
كلها، التي استطاع بناءها بفضل
نجاحه في مجال الأعمال، من أجل
أن تصير فلسطين على الخريطة
السياسية للشرق الأوسط. لم يكن
حسيب الصباغ بعيداً عن كل ما من
شأنه جعل العالم يعترف بفلسطين
وبوجود شعب فلسطيني. لعب دوراً
رئيسياً في جعل الإدارة
الأميركية تتجاوز عقدة التعهد
الذي قطعه هنري كيسينجر
لإسرائيل والقاضي بالامتناع عن
فتح حوار بين واشنطن و«منظمة
التحرير الفلسطينية» في العام
1989. وقتذاك كان جورج شولتز
وزيراً للخارجية الأميركية،
ولم يكن الرجل بعيداً عن حسيب
الصباغ وعن «سي. سي. سي». كان «أبو
سهيل» من الفلسطينيين القلائل
الذين يعرفون كيف التأثير بشكل
إيجابي على الإدارة الأميركية،
أي إدارة أميركية، خصوصاً منذ
وصول الرئيس جيمي كارتر إلى
البيت الأبيض في العام 1977.
كثيرون ينسون أن كارتر كان أول
رئيس أميركي تحدث عن «وطن
للفلسطينيين»، وكان ذلك في
بداية عهده. في ما فعله كله حسيب الصباغ، كانت هناك
إرادة مواجهة إسرائيل ومشروعها
التوسعي عن طريق تأكيد وجود
الشعب الفلسطيني كشعب يستحق
الحياة وممارسة حقوقه المشروعة
على أرضه. ترافق كل ما فعله «أبو
سهيل» مع جهد ملموس يصب في رفع
المستوى التعليمي لدى الإنسان
الفلسطيني. كان العلم والنجاح
رأسمال حسيب الصباغ ورفاقه
الذين استطاعوا تقديم
الفلسطيني إلى العالم بشكل
حضاري بعيداً عن أي نوع من
التزمت. اشتد المرض على حسيب الصباغ في الأعوام
السبعة الأخيرة من حياته. وفر
ذلك عليه رؤية المشهد الفلسطيني
في ظل الانقسامات التي تسببت
بها حركات متطرفة تستخدم الدين
لتشويه صورة الشعب الفلسطيني
وقضيته وخدمة الاحتلال
الإسرائيلي. كان حسيب الصباغ
عملة نادرة. كانت فلسطين كل شيء
بالنسبة إليه. حاول دائماً
حماية الفلسطينيين من الانزلاق
إلى المشاكل الداخلية في هذه
الدولة العربية أو تلك، خصوصاً
لبنان والأردن. لم يستطع في
أحيان كثيرة سوى الحد من
الأضرار التي لحقت بالقضية وب«منظمة
التحرير الفلسطينية». لكن نجاحه
الأكبر يظل في مساهمته في جعل
الفلسطيني على الخريطة
السياسية للشرق الأوسط. رفض أن
تكون قضية فلسطين قضية لاجئين.
سعى إلى تأكيد أنهم شعب يؤمن
بثقافة الحياة والعلم
والانفتاح. اليوم، أكثر من أي
وقت، تفتقد فلسطين رجالاً مثل «أبو
سهيل»... إنها لا تزال في حاجة
إلى كثيرين من أمثاله الذين
انتموا إلى جيل انقرض أو يكاد. كاتب وصحافي لبناني مقيم في
لندن ======================= الثلاثاء, 19 يناير 2010 مصطفى الفقي * الحياة تلقيت دعوة من «مؤسسة الفكر العربي»
لحضور مؤتمر لها في العاصمة
اللبنانية بيروت، وفي الجلسة
الختامية لذلك المؤتمر المتميز
وبحضور رئيس المؤسسة الأمير
خالد الفيصل ووزير الثقافة
اللبناني حينذاك تمام سلام طلبت
الكلمة وقدمت اقتراحاً بأن
تتبنى «مؤسسة الفكر العربي»
الدعوة لعقد قمة ثقافية عربية
أسوةً بالقمة الاقتصادية
العربية التي عقدت في الكويت
عام 2009 ولقد لقي اقتراحي
ترحيباً واستحساناً من كل
الحاضرين وفي مقدمهم الأمير
والوزير وكان من بين الحاضرين
عدد كبير من الشخصيات المرموقة
في عالمي السياسة والثقافة
ومنهم رئيس اتحاد الكتاب العرب
والأمين العام لمؤسسة الفكر
العربي والكاتب الصحافي الكبير
جهاد الخازن وعدد آخر من
الأكاديميين العرب والمعنيين
بالشأن القومي من مختلف أقطار
الأمة، وبعد ذلك تواترت
الكتابات والأحاديث حول هذا
الموضوع كما تبنى الاتحاد العام
للكتاب العرب تلك الدعوة في
مؤتمره في الجماهيرية الليبية.
وواقع الأمر أنني انطلقت في
فكرتي هذه من قراءة موضوعية
للتحولات الجديدة في عالم اليوم
وما طرأ على المجتمع الدولي من
تغيرات برز معها العامل الثقافي
لكي يزاحم العامل الاقتصادي بل
ويقوده في عصر يموج بالإضطرابات
والأحداث الدامية والتطورات
غير المسبوقة. إنني أتطرق إلى هذا الموضوع الذي تشير كل
الدلائل إلى أهميته إيماناً مني
بأن الهوية القومية هي تعبير
ثقافي بالدرجة الأولى مثلما
كانت الحضارة أيضاً نسقاً
ثقافياً له أبعاده وآفاقه. من
هنا فإن الثقافة ليست فقط
سلوكاً بشرياً ولا هي أيضاً فقط
مجموعة القيم والتقاليد التي
تحكم العلاقة بين جماعات
مختلفة، إنما هي تتجاوز ذلك كله
لتصبح تعبيراً عن فكر الأمم
وعقلية الشعوب كما أصبحت أيضاً
مؤشراً مهماً في العلاقات
الدولية المعاصرة. ويهمني هنا
أن أطرح دوافع تبني هذا
الاقتراح من خلال استعراض
المحاور الآتية: أولاً: شهدت العقود الأخيرة من القرن
الماضي تطوراً مهماً في
العلاقات الدولية المعاصرة
مؤداه تقدم العامل الثقافي حتى
يكاد يصل إلى موقع الصدارة بين
العوامل المحركة للمجتمع
الدولي وعلاقاته المتشابكة
وتركيبته المعقدة، وعندما
انهار الاتحاد السوفياتي
السابق وسقطت المنظومة
الشيوعية أصبحنا أمام تزايد
تأثير العامل القومي وتراجع
العامل الأيديولوجي، وحيث إن
العامل القومي يستند أساساً إلى
البعد الثقافي فكان من الطبيعي
أن تشكل نظرية الهوية القومية
القائمة على منظومة ثقافية
محددة دوراً فاعلاً في تحديد
طبيعة الصراع الذي يدور بين
الأمم والنزاعات التي تطرأ على
العلاقات بين الشعوب. ثانياً: إذا تأملنا الظواهر الثلاث
الكبرى التي تطرح نفسها على
عالم اليوم ونقصد بها تحديداً «العولمة»
و «صراع الحضارات» و «الحرب على
الإرهاب» فسوف نكتشف أنها تتفق
جميعاً في أن البعد الثقافي يقف
بقوة وراء كل منها، ف «العولمة»
هي مفهوم ثقافي بالدرجة الأولى،
لأنها تعني سقوط الحواجز بين
الأمم والدول بحيث تمتزج
الثقافات وتتزاوج الحضارات حتى
تلتقي مؤسسات المجتمع المدني
لتصبح في مجملها تعبيراً
مشتركاً عن وحدة العالم المعاصر
وذوبان الهوية فيه. أما «صراع
الحضارات» فهو تعبير مباشر عن
المواجهة المحتملة بين
الثقافات المختلفة في عالم
اليوم والدليل على ذلك أن الغرب
قد استبدل عداء الشيوعية بخطر
آخر هو «الإسلام السياسي» وكأنه
استبدل بالخطر الأحمر الخطر
الأخضر الجديد. ومن يقرأ مذكرات
الرئيس الأميركي السابق
ريتشارد نيكسون يلمح بين
ثناياها محاولة التبشير
المبكرة بالعداء المحتمل
للإسلام بديلاً عن العداء
القائم وقتها مع الشيوعية على
رغم أن الإسلام والغرب خصوصاً
الولايات المتحدة الأميركية
كان بينهما تحالف ضد الحزام
الأحمر تجلى عملياً في مقاومة
الغزو السوفياتي لأفغانستان.
ولذلك نحن نظن أن صمويل
هنتنغتون عندما طرح نظريته عن «صراع
الحضارات» إنما كان يجمع عدداً
من الأفكار التي سبقته وحاول
أصحابها التبشير بها والإشارة
إليها. أما «الحرب على الإرهاب»
فهي مواجهة ثقافية كاملة، فلو
تأملنا المجموعات المنتشرة في
صحراء أفغانستان مقارنة بما هو
موجود على تلك الأرض من الجيش
الأميركي أو قوات حلف الاطلسي
فسوف نكتشف أن التفاوت في
أساليب المعيشة وأنماط الحياة
ونوعية المعتقدات يشكل في مجمله
جوهر الخلاف الثقافي بين هؤلاء
وأولئك، ونعود مرة ثانية
للتأكيد على أن هذه الأطروحات
الثلاث إنما تلتقي عند العامل
الثقافي قبل غيره. ثالثاً: إننا كأمة عربية ندرك قبل غيرنا
أن البعد الثقافي لدينا عميق
ومؤثر بل إنه من فرط مقومات
الوحدة العربية فإنها لا تتحقق،
بينما الأوروبيون الذين
يتحدثون بلغات عدة وينتمون إلى
عدد من القوميات استطاعوا أن
يفعلوا شيئًاً وأن يحققوا
اتحادهم البازغ، بل إن الهند
تلك الدولة الكبرى التي عشت
فيها سنوات أربع من مسيرتي
الديبلوماسية تقوم على اتحاد
بين ولايات تختلف لغاتها
وثقافات أهلها بل ديانات
أبنائها أيضاً، ولكن نظرية
الضرورة هي التي حكمت على كل
الأطراف بالانضواء تحت علم
الهند الدولة الواحدة. وأنا ممن
يعتقدون أن اللغة المشتركة
للعرب هي العنصر الحاسم في
البعد القومي الذي يسيطر على
أطرافها وإذا كان تعريف العربي
هو كل من كانت العربية لغته
الأولى فإن ذلك يؤكد أهمية
العامل الثقافي في قضية الوحدة
العربية عموماً وخدمة أهداف
الوطن العليا وصيانة مصالحه
التي يسعى إليها ويخطط من أجلها. رابعاً: إذا تأملنا ما حولنا سنكتشف أن
معظم النزاعات الإقليمية
والصراعات الدولية تستند في
مجملها إلى البعد الثقافي
بالدرجة الأولى، ذلك أن
الخلافات بين القوميات أحياناً
والدول أحياناً أخرى إنما تستند
في الغالب إلى نزاعات عرقية
ونوع من التعصب القومي خصوصاً
بين الدول المتجاورة أو التي
تنتمي إلى إقليم واحد، وهو ما
يعني أن مفتاح الحل لتلك
المشكلات يكمن في البعد الثقافي
قبل غيره لأن قضية الهوية
والتفتيش عنها والبحث فيها
أصبحت عاملاً فاعلاً في تشكيل
الأمم وتصنيف الشعوب فإذا
انطلقت بينها الصراعات أو بدأت
المشكلات فإن العامل الثقافي
يطفو على السطح في معظم الحالات.
خامساً: إن الذين يعرّفون الحضارة
بمفهومها الأدق باعتبارها
منظومة أخلاقية ونسباً متجانسة
من المشاعر والعواطف يعودون في
النهاية إلى البعد الثقافي من
جديد، حتى إننا نزعم أن أدق
تعبير عن الحضارة هو أنها نسق
ثقافي متميز. لذلك فإن العلاقة
بين الحضارات هي علاقة ثقافية
بالدرجة الأولى بل إنني أتذكر
من عملي سفيراً لبلادي في
النمسا أن الرسالة الثقافية
المصرية كانت هي القوة الضاربة
في اقتحام المجتمع النمسوي
والوصول إلى قلبه بالمعارض
الفرعونية والآثار الإسلامية
وتقديم التراث المصري في
الميادين كافة. وأظن أن غيري من
السفراء أصبحوا يدركون الآن
أكثر من أي وقت مضى أن السلعة
الثقافية هي رصيدهم الحقيقي
وأداتهم المؤثرة التي استطاعوا
بها أن يتجاوزوا في كثير من
الأحيان الخلافات السياسية
والصراعات التاريخية إذ أن
الثقافة رسول حضاري إنساني ولغة
مشتركة بين الأمم والشعوب،
فالموسيقى على سبيل المثال يطرب
لها البشر بغض النظر عن أعراقهم
وأجناسهم. إن متابعة النقاط الخمس السابقة تؤكد على
مفهوم واحد وهو أن العنصر
الثقافي أصبح لاعباً رئيساً في
عصرنا الحالي، وأصبحت المتاحف
والمعارض ودور الأوبرا بل
والجامعات ومراكز البحث العلمي
قوة مؤثرة لا تقل عن البرلمانات
والحكومات وحتى الجيوش في
تأثيرها على الطرف الآخر
وتذويبها للصراعات واقتحامها
للمشكلات. بل إنني أعتبر أن
الرياضة هي الأخرى اندفاع
إنساني يقع تحت مظلة الثقافة
أيضاً فالقوى الناعمة في عصرنا
الحديث هي الأدوات القادرة على
تحريك الأمم وتذويب الخلافات
وخدمة قضايا العدل والسلام. إن
مشروعاً مثل إنقاذ آثار النوبة
عند بناء السد العالي في أسوان
المصرية تمثل فيه جهد حضاري
مشترك لا يزال قابعاً في ذاكرة
الإنسانية كنموذج للتعاون
الثقافي الذي يطفو فوق كل
الحدود والجنسيات ليعبر عن
حضارة العصر الواحدة ومقاومتها
المشتركة، لذلك لم يكن غريباً
ذلك الاهتمام الدولي الذي طفا
على السطح عند الانتخابات
الأخيرة لليونسكو على نحو غير
مسبوق بحيث شد الانتباه ودفع
الجميع نحو الاهتمام المتزايد
بالجانب الحضاري وما يلحق به من
تأثير واضح للعنصر الثقافي في
العلاقات الدولية المعاصرة
والتركيبة الإقليمية القائمة. من هنا كان طبيعياً أن نلح في دعوتنا من
خلال «مؤسسة الفكر العربي»
ودورها الناهض لإبراز العامل
الثقافي العربي بالدعوة إلى قمة
ثقافية عربية تجمع شمل الأمة
وتؤكد الصحوة القومية وتدفعنا
إلى الأمام على رغم الجراح
والمعاناة والتحديات. * كاتب مصري ======================= الجابري: الإصلاح
السياسي بين التراث والحداثة المستقبل - الثلاثاء 19 كانون
الثاني 2010 العدد 3542 - رأي و فكر - صفحة 22 شمس الدين الكيلاني لاحظ الجابري، أن الفكر السياسي الإسلامي
الحديث يتمحور حول مسألة
الخلافة، وبالتالي كان دائماً
كلاماً في سياسة الماضي(الخلافة)..
فهو يلجأ إلى الماضي السياسي
يؤّوله بالكيفية التي تجعل
الحاضر شبيهاً له ونظيراً، حتى
يأتي قياسه عليه. لذا تعرض
بالنقد لأبحاث الإسلاميين في
الدولة، إذ رأى أن السلفيين
توصلوا إلى نتيجة مفادها، أن
الإسلام دين ودولة، والحكومة
الإسلامية هي التي يكون قانونها
شرع الإسلام. فاعتبر أن هذه هي
النتيجة الهزيلة التي خرجت بها
السلفية المعاصرة بمختلف
ألوانها، التي قرأت التاريخ في
الشرع، وقرأت الشرع في التاريخ.
غير أن الجابري يتنبأ للسلفي أن
يستيقظ يوماً ما ليعرف هزال تلك
النتيجة التي توصل إليها،
فيقتنع بالحقيقة التاريخية (المرّة
) التي تدل على أن الحاضر ليس
وحده الذي ابتعدت الدولة فيه عن
الإسلام، بل إنها كانت كذلك في
الماضي. كما استهدف بالنقد
المثقف الحداثي لاتخاذه نموذج
الدولة الأوروبية الحديثة
مرجعه الوحيد في بناء دولته. لذا يطرح الجابري منهجاً توفيقياً للخروج
من هذين الخيارين، وذلك
بالانتظام في التراث والدخول في
حوار نقدي مع الحداثة الغربية.
فينطلق من إعادة تأصيل الأصول
التي تؤسس النموذج الذي يمكن
استخلاصه من مرحلة الدعوة
المحمدية: (وأمرهم شورى بينهم)، (وشاورهم
في الأمر)، (أنتم أدرى بشؤون
دنياكم )، (كلكم راع وكلكم مسؤول
عن رعيته)، وإن إعادة تأصيل هذه
الأصول تتطلب كخطوة أولى إقرار
المبادئ الدستورية التي تضع
حداً للفراغ السياسي الدستوري
الذي برز واضحاً في أواخر عهد
عثمان، وتجسد في الثغرات الثلاث:
(عدم تحديد طريقة مضبوطة
لاختيار الخليفة، عدم تحديد مدة
ولايته، عدم تحديد اختصاصاته).
بعدها ينتقل إلى الضفة الأخرى ،
ليستفيد من التجربة السياسية
المعاصرة، فيرى أنه من الواجب
اختيار الانتخاب الديمقراطي
الحر طريقة لممارسة الشورى،
وتحديد مدة ولاية (رئيس الدولة)
في حال النظام الجمهوري، مع
إسناد مهام السلطة التنفيذية
لحكومة مسؤولة أمام البرلمان..
وإن تحديد اختصاصات كل من رئيس
الدولة والحكومة ومجلس الأمة
بصورة تجعل هذا الأخير هو وحده
مصدر السلطات، تلك ثلاثة مبادئ
لا يمكن ممارسة (الشورى) في
العصر الحاضر بدون إقرارها
والعمل على ضوئها". غير أن هذا التوجه لا يكفي، بنظر الجابري،
لإحداث التجديد، فلا بد أن
يرافق ذلك تجديد محددات العقل
السياسي العربي التي تؤسس (اللاشعورالسياسي
العربي)، فهو لا يعتقد أن إقرار
نظام دستوري ديمقراطي حديث كافٍ
لوحده لغرس الحداثة السياسية
وترسيخها، فالعقل السياسي
العربي لا يتحكم فيه شكل نظام
الحكم الدستوري وحسب، بل هو
محكوم بمحددات اجتماعية
واقتصادية وثقافية ثلاثة: (القبيلة،
والغنيمة، والعقيدة)، حكمت -
برأيه - العقل السياسي العربي في
الماضي وما زالت تحكمه بصورة أو
بأخرى في الحاضر، وبالتالي لا
يمكن أن يتحقق النفي التاريخي
لهذه المحددات إلاَّ بإحلال
البدائل التاريخية المعاصرة. ويرى الجابري أن هذه المحددات زادت
وطأتها على العقل السياسي في
الحاضر إثر الهزائم المتتالية
التي أصابت العرب، فبعد أن كان
الطموح النهضوي العربي يرمي إلى
تجاوز تلك المحددات الموروثة،
وإقرار محددات جديدة عصرية، إذ
بالنكسات والإحباطات التي
ترافقت مع تلك الهزائم تفتح
الباب على مصراعيه لعودة ما
يسميه الجابري (المكبوت)، أي
ظهور وطغيان مفعول المحددات
الثلاثة الموروثة. فعادت
العشائرية والطائفية والتطرف
الديني لتجعل : القبيلة محركاً
للسياسة، والريع جوهر
الاقتصاد، والعقيدة تبريرية أو
خارجية نسبة إلى الخوارج. لهذا
يصبح المطلوب لدى الجابري -
والحالة هذه: "أ - تحويل القبيلة في مجتمعنا إلى
لاقبيلة: إلى تنظيم مدني سياسي
اجتماعي: أحزاب، نقابات، جمعيات
حرة، مؤسسات دستورية.. وبعبارة
أخرى، بناء مجتمع فيه تمايز
واضح بين المجتمع السياسي(الدولة
وأجهزتها) والمجتمع المدني (التنظيمات
الاجتماعية المستقلة عن أجهزة
الدولة).... ب - تحويل (الغنيمة) إلى اقتصاد (ضريبة)،
وبعبارة أخرى، تحويل الاقتصاد
الريعي إلى اقتصاد انتاجي.. ج - تحويل (العقيدة) إلى مجرد رأي: فبدلاً
من التفكير المذهبي الطائفي
المتعصب الذي يدّعي امتلاك
الحقيقة، يجب فسح المجال لحرية
التفكير، لحرية المغايرة
والاختلاف. ولقد انتهى بتوفيقيته إلى استبعاد شعار
"العلمانية" من قاموس
الفكر العربي وتعويضه بشعاري
الديموقراطية والعقلانية
اللذين يعبّران، كما يقول،
تعبيراً مطابقاً عن حاجات
المجتمع العربي، زاعما أن شعار
العلمانية، إنما تبناه مفكرون
مسيحيون من الشام في ارتباط
عضوي مع شعار"الاستقلال عن
الترك"، وقيام دولة عربية في
المشرق غير خاضعة للسلطة
العثمانية، في وقت يرى البعض أن
شعاري الديموقراطية والعقلانية
التي يطرحهما الجابري، ربما
يحتاجان لدعم من العلمانية، لا
بمعنى علمنة الوعي الاجتماعي،
بل أن يقتصر دورها على تحييد
السياسي عن الديني، طالما أن
الديمقراطية تستند على مفهوم (المواطنة)
الذي يتعامل مع المواطنين خارج
دائرة انتمائهم المذهبي
والطوائفي، وبالتالي فإن مفهوم
المساواة المدنية والحرية
الكاملة ومركزية الإنسان في
الوجود السياسي والاجتماعي
ومفهوم المواطنة ذاته لا يتعارض
بأي حال مع مفهوم منفتح
للعلمانية. ======================= «وادي الذئاب» وأوكار «الموساد» الثلاثاء, 19 يناير 2010 مصطفى زين الحياة بدت الصور التي وزعتها إسرائيل للسفير
التركي لديها أوغوز تشيليك كول
كأنها مقتطعة من مسلسل عن
المافيا. أو من مسلسل «وادي
الذئاب» (الدبلجة السورية
ممتازة) الذي تأخذ عليه أنه يشوه
صورتها. وبدا نائب وزير
خارجيتها داني أيالون عراباً
يملي أوامره من كرسيه العالي
على «مافيوزو» صغير الحجم
والقيمة خالف التعليمات ويطلب
الصفح. هي صورة إسرائيل عن نفسها.
انها فوق الأعراف والقوانين.
كرسها وزير خارجيتها أفيغدور
ليبيرمان الذي عقد اجتماعاً
لسفراء الدولة العبرية، قبل
أيام من تصوير السفير التركي،
وحضهم على الاعتزاز بوطنيتهم
والتصرف مع العالم على هذا
الأساس. في أنقرة عرضت حلقة من «وادي الذئاب» تصور
عملية إنقاذ طفل فلسطيني من
القنصلية الإسرائيلية، فيما
غطت الدماء العلم الإسرائيلي.
الحلقة جاءت في سياقها الدرامي
المبرمج. لكنها بدت تحدياً
للدولة العبرية ، ورداً على
إهانة السفير. أكد هذا الانطباع
قول كاتب المسلسل بهادير
أوزدينير إنه يستعد لتصوير
مسلسل جديد بعنوان «وادي الذئاب
- فلسطين» و»لنر ماذا ستقول
إسرئيل». المسلسل يصور استهتار «الموساد» بمشاعر
الشعب التركي ومدى تغلغله في
مؤسسات الدولة والأحزاب والجيش
وقوى الأمن والصحافة. هو تعبير
عن نية الحكومة التركية وضع حد
لهذه العلاقة الشاذة بين دولة
راسخة تكتسب أهميتها من تاريخها
الطويل، بحسناته وسيئاته، ومن
تجذرها في المنطقة، وأخرى طارئة
لم يعرف الشرق الأوسط سوى
الحروب منذ نشوئها. لهجة التحدي في تركيا لم تقتصر على
تصريحات أوزدينير. الصحف كلها
احتفت بموقف الحكومة من الأزمة.
طالبتها بمزيد من التشدد. شجعها
على ذلك تراجع إسرائيل وتقديمها
اعتذاراً مكتوباً عن تصرف
أيالون الأخرق. أخرق لكنه تعبير
عن أزمة حقيقية تعيشها الدولة
العبرية، ليس في علاقاتها مع
أنقرة فحسب، بل مع أوروبا التي
لم يعد لتهمة العداء للسامية
وقعها القديم على رأيها العام،
بعد المجازر التي ارتكبها
ويرتكبها «جيش الدفاع». وهو
تعبير أيضاً عن فداحة الخسارة
الإستراتيجية إذا استمرت تركيا
في خياراتها الجديدة وفي
استعادة علاقاتها مع محيطها
العربي والإسلامي. خسارة لا
يعادلها شيء سوى خسارتها إيران
حليفاً، قبل ثلاثين عاماً.
الثورة الإسلامية أسقطت أحد أهم
حلفائها في المنطقة. و»انتفاضة
حزب العدالة» تستكمل تفكيك
الطوق عن العرب وتخفيف الضغط
على طهران. ولربما كان وزير
الخارجية التركي داود أوغلو
أفضل من عبر عن رفض الرؤية
الإستراتيجية المتعارضة مع
الطروحات الإسرائيلية. قال رداً
على سؤال عن علاقات أنقرة مع «التنظيمات
الإرهابية» مثل «حماس»:» نحن
نتعاون مع الجميع لأن هدفنا عدم
اندلاع حروب جديدة. ولسنا ممن
يؤمنون بأن الشرق الأوسط مقسم
بين معتدلين ومتشددين». الموقف التركي يضرب في العمق ما سعت إليه
إسرائيل طوال السنوات الماضية،
عندما حاولت جاهدة البناء على
تقسيم الشرق الأوسط بين معتدلين
ومتشددين، تحضيراً لهجوم أعدته
على إيران. فضلاً عن ذلك تربط
أنقرة بين الأسلحة النووية
الإسرائيلية وملف إيران ويكرر
رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان
موقفه من هذه المسألة. يقول:»نحن
ضد امتلاك إيران سلاحاً نووياً،
لكننا نؤيد حقها في امتلاك
الطاقة». ويتساءل: «بأي حق تتجرأ
دولة لديها سلاح نووي على
مطالبة دولة أخرى بعدم امتلاك
هذا السلاح؟». مسلسل «وادي الذئاب» مستمر. وتدهور
العلاقات بين إسرائيل وتركيا
إلى المزيد. والدولة العبرية
مستمرة في محاولة الاستعاضة عن
خسارتها بتصدير ذئابها إلى قلب
العالم العربي. ======================= آخر تحديث:الثلاثاء ,19/01/2010 الخليج علي محمد فخرو عمدت مختلف المؤسسات الدولية، وعلى الأخص
هيئة الأمم المتحدة ووكالاتها
ومنظماتها المتخصصة، على تسمية
يوم أو سنة باسم نشاط يراد
التركيز عليه، أو باسم مجموعة
يراد إعطاؤها اهتماماً خاصاً .
عامنا الحالي الذي بدأناه منذ
ثلاثة أسابيع تقريباً سمّته
الأمم المتحدة، بمبادرة من
جمهورية تونس “عام الشباب” .
منذ ثلاثة أيام عقد أول مؤتمر
دولي، برعاية الرئيس التونسي
لبحث موضوع الشباب العربي
والمستقبل . أعتقد أن هناك مجموعة من الجوانب يجدر
التنبيه لها أو أخذها بعين
الاعتبار، فأولاً هناك خطورة
الحديث عن المشكلات التي
يواجهها الشباب أو الدفع
بالشباب نحو أهداف مستقبلية
وردية، وذلك بمعزل عن حقيقة
الواقع المجتمعي الذي يعيش فيه
الشباب . عند ذلك فإننا نتحدث عن
أحلام أو عن قضايا متخيلة .
فمثلاً طالب بعض المتحدثين
بتشجيع الشباب لممارسة واجب
الانتخاب إبان الانتخابات
البلدية والبرلمانية العامة،
لكن هذا الطلب عبثي، إذ إن
الطالب يعرف، مثلما يعرف القاصي
والداني، أن الأغلبية الساحقة
من الانتخابات في بلاد العرب
إما مزورة أو مطبوخة من خلال
قوانين انتخابات فاسدة
ومنحازة، عند ذلك ألن يبدو
الطلب أو المقترح كنكتة سمجة؟ الأمر نفسه ينطبق على مناداة الشباب
العربي بالانخراط في الحياة
المدنية، بينما الطالب وغيره
يعرفون أن الدولة العربية قد
ابتلعت مجتمعاتها ومؤسساتها
المدنية من خلال الشراء أو
الاختراق من قبل قوى الأمن أو
التكبيل بواسطة هذا القانون أو
ذاك النظام . فمن هو الشاب
المعتوه الذي سيصدق جدية
وفاعلية هذا الاقتراح؟ والأمر ذاته يتعلق بحملات تشجيع الشباب
على الطموح والجد في التعلم
والانخراط في العمل الإنتاجي
والإبداعي في مجتمعات يرتبط
فيها الحصول على عمل بمدى ونوع
الواسطة التي يملكها الشباب أو
بالمذهب الديني الذي ينتمي إليه
. وعدم تساوي الفرص تلك سيواجهها
عند باب كل ترقية وعند شباك كل
تقييم لعمله . وهكذا تنسد أبواب النهوض المستقبلية في
وجه الشباب، ولن تنقذه ألف خطبة
جميلة يلقيها ذلك المسؤول، أو
ألف توصية تصدرها هيئة الأمم
المتحدة . ولذا فمثلما فعل النبي
محمد، صلى الله عليه وسلم،
عندما نادى بوحدانية الله، إذ
قرن ذلك النداء بتحطيم أصنام
الشرك المادية والمعنوية،
فهكذا بالنسبة لنا، إذا كنا
نريد للشباب العربي أن ينهض،
فعلينا أن نقرن ذلك بتحطيم
الأصنام العربية المتخلفة التي
تقوم في وجه نهضته وتقدمه . ثانياً، إن الأجيال العربية السابقة لا
يحق لها أن تلقي المواعظ أو
النصائح أو التوجيهات لجيل
المستقبل، إذ إنه يكفيه التركة
الثقيلة التي ستتركه مثقلاً بها
. فبدلاً من أمة قوية موحدة
ستترك له أمة مجزأة ضعيفة،
وبدلاً من مجتمع تسوده العدالة
في كل شيء سيرث مجتمعاً منقسماً
بين قلة تملك ثروات خيالية
وأكثرية تعيش حياة الفقر
والتهميش، وبدلاً من مجتمع أكثر
ديمقراطية سيعيش في مجتمعات
أكثر استبداداً وظلماً وقهراً .
إن أجيالاً تترك هكذا تركة لا
يحق لها أن تجلس فوق كراسي
المواعظ والهداية . ثالثاً، إن الحديث عن إعداد الشباب
للمساهمة في التنمية العربية
الإنسانية يحتاج إلى مؤسسات
إعداد رفيعة المستوى قادرة على
إحداث تغييرات جذرية في عقل
ووجدان وسلوك واتجاهات وقدرات
الشباب العربي، لكن حال
المؤسسات العربية المطلوب منها
أن تقوم بذلك هو في مستوى يرثى
له، وفي وضع تخلف فاجع مأساوي . وضع قاتم، نعم، فقبل أن يطلب من الشباب أن
ينتقل إلى نقيضه علينا أن نرجوه
أن يحطم أصنام هذا الوضع وأن
يطرد شياطينه، وإلا فإن عام
الشباب لن يكون أكثر من عام
حملات وثرثرات علاقات عامة . ======================= آخر تحديث:الثلاثاء ,19/01/2010 الخليج فهمي هويدي عمت البلوى، ولم يعد “المصريون الجدد”
وباء حل بمصر فقط، لكنه انتشر في
ربوع الأمة، التي صار في كل منها
نماذج لأولئك الجدد، الذين لا
يكرهون انتماءنا فحسب، وإنما
يبغضون أحلامنا أيضاً . 1 يروي عالم الاجتماع العراقي الراحل
الدكتور علي الوردي في مذكراته
أن الإنجليز بعدما احتلوا بغداد
في 11 مارس/ آذار عام 1917 فإن الناس
أطلقوا على تلك المرحلة “عهد
السقوط”، وصاروا يطلقون على
الذين ولدوا في ذلك العهد “أولاد
السقوط”، تذكرت كلام الدكتور
الوردي حين تلقيت تعليقات عدة
من أنحاء الوطن العربي على
مقالي، الذي نشر تحت عنوان “المصريون
الجدد” في الخامس من شهر يناير/
كانون الثاني الحالي، وكان أكثر
ما أثار انتباهي فيها إشارة
أصحابها إلى أن نماذج أولئك
الجدد موجودون في بعض الأقطار
العربية أيضاً، حيث برزت على
السطح ذات القشرة، التي تحدثت
عنها في مصر، التي أوغلت في
القطرية وضاقت بالعروبة ونفرت
من الإسلام، وباتت تستهجن
المقاومة وتتأفف من الحديث عن
فلسطين، ولم تعد تعرف من هو عدو
الأمة، ومن الذي يهدد حقاً
أمنها القومي، بل إن مفهوم
الأمة ذاته وحلمها في الوحدة
بدا غائماً وملتبساً، ومن ثم
محلاً للتندر والسخرية . حين تلاحقت الرسائل محملة بهذه المعاني
قفز إلى ذهني على الفور مصطلح “عهد
السقوط” وعنوان “أولاد السقوط”
. وقلت إن هذه النماذج نتاج زمن
الانكسار والانفراط وثقافة
التراجع والانبطاح . في الأسبوع الماضي وقعنا على عدة لقطات
لها دلالتها في هذا السياق . إذ
حين هزم فريق الجزائر في أولى
مباريات كأس الأمم الإفريقية
عبر بعض الإعلاميين في مصر عن
شماتتهم وارتياحهم لما حدث،
وحين فازت مصر على نيجيريا 3/،1
قال أحد المعلقين الرياضيين
المصريين إن النتيجة جلبت
انتصاراً أشاع الفرحة في العالم
العربي، فاعترض على ذلك معلق
تونسي قائلاً إن ذلك الشعور
ينسحب على الشعب المصري فقط،
لأن شعوب المغرب العربي كانت
تشجع الفريق النيجيري وتتمنى له
الفوز على المنتخب المصري . لا
أعرف مدى دقة هذه الشهادة،
لكنها إذا صحت فإنها تسلط الضوء
على أحد أوجه الانفراط والتشرذم
الحاصلة في “زمن السقوط” . 2 رياح التباغض هذه نجحت في تسميم الأجواء
العربية، ليس فقط على مستوى
الشعوب، لكن على مستوى القيادات
والرموز أيضاً، الذين أصبح
بعضهم يرحب بلقاء قيادات العدو
“الإسرائيلي” في حين يرفض
الاجتماع مع “الأشقاء” العرب،
وهو ما يعيد إلى الأذهان تجربة
ملوك الطوائف في الأندلس (400 484 ه
1009 1091م) . ذلك أنه بعد سقوط
الخلافة والدولة الأموية انفرط
عقد الأندلس، التي تحولت إلى
دويلات متنازعة، فاستقل كل أمير
بناحية، ونصب نفسه ملكاً عليها،
وتطلع كل واحد منهم لأن يبسط
سلطانه على الأندلس، وبسبب
التنافس بينهم فإن منهم من
تعارك مع جاره المسلم، ومنهم من
استعان بملك النصارى ألفونسو
السادس، الذي كان يحكم شمال
البلاد، وتسانده فرنسا
والباباوية في روما . ومن سخريات
الأقدار، أنه في حين انقسم
العرب في زماننا في التعامل مع
العدو “الإسرائيلي” المؤيد
بالأمريكيين إلى ثلاثة معسكرات
“معتدلون ومتطرفون وبين بين”،
فإن المراجع التاريخية تتحدث
أيضاً عن تعدد ملوك الطوائف
وانخراطهم في ثلاثة معسكرات .
واحد ضم ممالك أهل الأندلس،
الذين استقروا في البلاد منذ
قديم الزمان وانفصلوا عن أصلهم
العربي . والثاني ضم البربر
والمغاربة، الذين كانوا حديثي
العهد بالأندلس، والثالث معسكر
كبار الصقالية، الذين استقلوا
بشرقي الأندلس . جميعهم تنافسوا
وتصارعوا في ما بينهم، حتى قال
عنهم المؤرخ ابن عذارى المراكشي
إن “أمرهم صار في غاية الأخلوقة
“الأضحوكة” والفضيحة . أربعة
كلهم يتسمى بأمير المؤمنين في
رقعة من الأرض مقدارها ثلاثون
فرسخاً في مثلها” . النتيجة يعرفها الجميع، إذ ظل الملك
ألفونسو يضرب ملوك الطوائف
بعضهم ببعض، ويتقدم على الأرض
مسقطاً “الممالك” والثغور
واحدة تلو الأخرى حتى أخضع
الجميع وأذلهم . ولم تقم لدولة
الإسلام في الأندلس قائمة بعد
ذلك، إلا حين زحف إليها
المرابطون من المغرب بقيادة
يوسف بن تاشفين، الذي أسس دولة
المرابطين التي استمرت حتى
منتصف القرن الثاني عشر . لدينا في العصر الحديث تجربة أخرى فرضت
فيها الشرذمة بعد انهيار الدولة
العثمانية . ذلك أنه في الفترة
ما بين عامي 1830 (تاريخ الاحتلال
الفرنسي للجزائر) وعام 1920 (حين
أحكم الفرنسيون والبريطانيون
سيطرتهم على بقية أنحاء العالم
العربي) استطاع الغرب أن يصفي
تدريجياً ولأول مرة في التاريخ
الكيان العربي الإسلامي الموحد
بصفة نهائية، وأن يحكم أغلبية
أقطاره بصورة مباشرة . وكانت
اتفاقية سايكس بيكو التي عقدت
بين بريطانيا وفرنسا عام 1917 .
بعد الحرب العالمية الأولى
تجسيداً صريحاً لسياسة تفتيت
العالم العربي وتمزيقه . وكان من
بين نتائجها المباشرة إجهاض
حركة المد العربي، التي تشكلت
في مواجهة التتريك، الذي فرضته
السلطة العثمانية، وإحباط حملة
توحيد المملكة العربية بزعامة
الشريف حسين . وهذا الإصرار الذي
وصل إلى حد التآمر لضمان
استمرار تفتيت الأمة العربية
كشفه في وقت لاحق عدد من
الباحثين العرب، الذين أتيح لهم
الاطلاع على الوثائق الغربية
ذات الصلة . وقد أصدر “مركز
دراسات الوحدة العربية” في
بيروت أكثر من كتاب حول هذا
الموضوع، كان أحدها حول التجزئة
العربية وكيف تحققت تاريخياً،
لمؤلفه أحمد طربين، وقد استعرض
محاولات حول الهيمنة الغربية في
هذا الصدد، ثم خلص إلى أن بعض
الدول العربية، التي حصلت على
استقلالها بموجب معاهدات
الصداقة والتحالف التي أبرمتها
مع الأجنبي، فإن ذلك الأجنبي
بذل قصارى جهده لكي يحمل
الاستقلال معنى عكسياً، بحيث لا
يكون استقلالاً حقيقياً عن
الأجنبي، بل استقلالاً عن “الأخوة”
أساساً، بمعنى أن يكون لكل وطن
عربي مستقل ذاتية وخصوصية،
تميزانه عن الأوطان العربية
الأخرى . 3 ربما لاحظت أن الانفراط الذي حدث في
النموذجين السابقين ثم في
مرحلتين للسقوط، إحداهما في
أعقاب انهيار الخلافة الأموية،
والثانية بعد انهيار
الإمبراطورية العثمانية . في
الأولى تنازع ملوك الطوائف في
ما بينهم فانهزموا أمام العدو
المشترك، وفي الثانية تكالبت
قوى الهيمنة الغربية على جسد
الأمة فمزقته وبسطت سلطانها على
أطرافه، وكان الضعف المؤدي إلى
الانكسار قاسماً مشتركاً في
الحالتين . أزعم أننا في العالم العربي دخلنا في طور
ثالث لحالة الضعف والانكسار منذ
توقيع معاهدة كامب ديفيد في عام
1979 . ذلك أن المد القومي الذي
عاشته مصر والأمة العربية في
المرحلة الناصرية ظل مصدر قلق
دائم للولايات المتحدة و”إسرائيل”،
والأخيرة اعتبرت ذلك المد
تهديداً وجودياً لها . وكان
الإنجاز الذي حققته مصر بعبور
قواتها إلى سيناء في حرب 1973 من
دواعي تعزيز ذلك القلق، من حيث
إنه جاء دالاً على ما يمكن أن
تفعله مصر إذا استردت بعض
عافيتها، ولذلك أتصور أن العقل
الاستراتيجي المشترك بين
الأمريكيين و”الإسرائيليين”،
وقد تابع سلوك الإدارة المصرية
بعد طرد الخبراء السوفييت
وتوقيع اتفاق فض الاشتباك مع “إسرائيل”،
طرح السؤال التالي: كيف يمكن
اصطياد مصر والإيقاع بها، بعدما
غاب عنها عبدالناصر، وفي ظل
انتشاء السادات بما حققه في حرب
أكتوبر؟ ليس هذا السؤال افتراضياً، ولا هو من وحي
الخيال، لأن ما حدث بعد ذلك في
اتفاقية كامب ديفيد لم يكن سوى
إجابة وافية عليه كيف ولماذا؟ ردي أنه إذا كان بعض المحللين “الإسرائيليين”،
يعتبرون اتفاقية كامب ديفيد أهم
إنجاز حققته “إسرائيل” في
تاريخها بعد تأسيس الدولة، فإن
ذلك يسوّغ لنا أن نعتبرها أكبر
هزيمة سياسية لحقت بمصر في
تاريخها الحديث، لا تنافسها في
ذلك إلا معاهدة لندن، التي عقدت
في سنة 1840 . وهي التي أخرجت محمد
علي باشا من الشام وحصرت سلطاته
داخل حدود مصر، في حين أبقت مصر
والشام تحت الهيمنة الأوروبية،
التي انتهت باحتلال الإنجليز
لمصر في عام 1882 . صحيح أن مصر استعادت سيناء بشروط معينة
بمقتضى اتفاقية كامب ديفيد، إلا
أن الثمن الذي دفعته لقاء ذلك
كان فادحاً وباهظاً للغاية .
لأنها تصالحت بصورة منفردة مع
العدو، الذي يمثل وجوده التهديد
الحقيقي لأمن مصر والأمة
العربية، في حين لا يزال ذلك
العدو مصراً على الاستمرار في
الاحتلال والاستيطان والتهويد .
ليس ذلك فحسب، وإنما وقعت مصر في
هذه الاتفاقية على الاستقالة من
دورها الريادي في العالم
العربي، ذلك أن المادة السادسة
من الاتفاقية المذكورة تنص في
إحدى فقراتها على أنه إذا حدث
تعارض بين التزامات الطرفين
الواردة في المعاهدة وبين أي
التزامات لهما قررتها اتفاقات
أخرى، تقدم التزامات الطرفين
على ما عداها، وهو نص يعني
مباشرة خروج مصر من اتفاقية
الدفاع العربي المشترك . الأمر
الذي جعلها تقف متفرجة على غزو
لبنان وإزاء أي مغامرات أخرى
تقدم عليها “إسرائيل” في
العالم العربي . 4 في مناسبات مختلفة قلت إن مصر في العالم
العربي بمثابة العمود الأساسي،
الذي تعتمد عليه الخيمة
العربية، فإذا انكسر ذلك العمود
وقعت الخيمة كلها على الأرض،
وهذا ما حدث خلال السنوات
الثلاثين الأخيرة التي أعقبت
توقيع اتفاقية كامب ديفيد، ما
أدى إلى مقاطعة مصر لمدة عشر
سنوات وكما أدى إلى نقل مقر
الجامعة العربية منها إلى تونس،
مباشرة بعد توقيع الاتفاقية . إذ
خلال تلك السنوات ظل مقعد
القيادة في العالم العربي
شاغراً، وتقلص الدور المصري
حيناً بعد حين، واستمر النظام
العربي في الانهيار، وتغيرت
خرائط العالم العربي السياسية
والثقافية، حتى وصلنا إلى حالة
الانقسام، التي نعيش في ظلها
الآن، وأصبح أبومازن مواظباً
على اجتماعاته مع أولمرت وتسيبي
ليفني، ورافضاً مصافحة خالد
مشعل، وحقق التنسيق الأمني بين
السلطة الفلسطينية و”إسرائيل”
شوطاً بعيداً في التصدي
للمقاومة التي أصبحت “عدواً
مشتركاً” للاثنين . لا يتسع المجال لرصد مظاهر التردي الذي
وصلنا إليه بسبب غياب مصر
وتراجع دورها، ذلك أن تجليات
ذلك التردي لم تترك مجالاً في
حياتنا السياسية أو الثقافية
إلا وضربته، كما لم تترك قيمة
نبيلة تعلقنا بها، ولا ركيزة من
ركائز العزة والعافية عولنا
عليها، إلا وتنكرت لها . إذ
اختلط الحابل بالنابل، وصار
العدو الاستراتيجي حليفاً
استراتيجياً، كما ذكر طارق
البشري مندهشاً . وأصبحت
المقاومة إرهاباً،
والفلسطينيون في غزة تهديداً
للأمن القومي . وقال بعض “الخبراء”
إن خطر الفلسطينيين
والإيرانيين على مصر أشد من
الخطر “الإسرائيلي” . واستنكف
بعض المثقفين في مصر على
الانتماء العربي، قائلين إنهم
أرفع من ذلك شأناً، فهم مصريون
من سلالة الفراعنة “الذين هم”
أرقى سلالات الدنيا ومن أرفع
أعراق الأرض” . . إلخ . من رحم هذه البيئة الشائهة خرج “المصريون
الجدد”، وانتقلت العدوى إلى
خارج الحدود على النحو الذي وسع
من دائرة أبناء السقوط ======================= بقلم : د. إينا ميخائيلوفنا البيان 19-1-2010 العلاقات الثقافية القديمة بين العرب
والشعب الروسي، وضعت أسسا راسخة
لتواصل مستمر، توارثته الأجيال
من الشعبين العربي والروسي عبر
حقب مختلفة من الزمان، وتأثرت
هاتان الثقافتان ببعضهما من
خلال الرواد من المبدعين الكبار.
وكثيرون من عظماء الأدب الروسي يعترفون
ويفتخرون بتأثرهم بالثقافة
العربية والإسلامية، ويقول
الكاتب الروسي السوفيتي الثوري
ماكسيم غوركي «لقد قرأت وأنا في
عمر الثانية عشرة الأساطير
العربية، وأعترف شخصياً أنه كان
لها تأثير إيجابي تماماً على
نموي العقلي». ومن قبل غوركي، كان الكاتب الروسي العظيم
صاحب «الحرب والسلام» ليف
تولستوي، الذي لم يخف انبهاره
وإعجابه بالشرق وبالدين
الإسلامي، وبالقرآن الذي قال
تولستوي إنه قرأه أكثر من مرة،
وتعرف من خلاله على حياة العرب
قبل وبعد الإسلام. وقد وضع تولستوي الكثير من المؤلفات التي
عكست تأثره الشديد بالثقافة
العربية والإسلامية، مثل
روايته الشهيرة «حاجي مراد»
وكتابه عن نبي الإسلام محمد تحت
عنوان «نصائح النبي». وقبل تولستوي كان شاعر روسيا العظيم
ألكسندر بوشكين، قد تأثر بشكل
كبير بالدين الإسلامي وبنصوص
القرآن وبنبي الإسلام محمد
وسيرته، كما تأثر بوشكين بالأدب
العربي والشرقي عموما، وكتب
قصائد وروايات عديدة في هذا
المجال، مثل قصيدته الشهيرة «النبي»
التي قدم فيها إحدى سور القرآن
الكريم في قالب شعري جميل، أعجب
به الكثير من علماء الإسلام،
كما وضع مجموعة أخرى من القصائد
تحت عنوان «محاكاة القرآن». وغير بوشكين وتولستوي، هناك العديد من
المفكرين والكتاب الروس الذين
تأثروا بشكل واضح بالأدب العربي
والإسلامي، أمثال ليرمنتوف
وغوغول وغيرهما، ووصل مستوى
اهتمام بعض هؤلاء، أمثال
تولستوي وبوشكين وليرمنتوف،
بالدين الإسلامي إلى درجة ظهور
آراء حديثة في الأدب الروسي،
ترى أن هؤلاء الكتاب اعتنقوا
الدين الإسلامي، وإن كانت هذه
الآراء ما زالت محل جدل ونقاش. اهتمام مشاهير الأدب الروس، وفي مقدمتهم
بوشكين وتولستوي، بالأدب
العربي والإسلامي، شكل حالة
استثنائية في علاقة الشعب
الروسي بالشعوب العربية
والإسلامية، وأعطى دعامة قوية
للتقارب بين الحضارتين العربية
والروسية. وجاء بعد ذلك الأدباء والمستشرقون الروس
والسوفيت، الذين لعبوا دوراً
بارزاً في إحياء وبعث هذا الإرث
الثقافي بين العرب والروس،
وساعدت على ذلك حركة الترجمة
والطباعة من الروسية إلى
العربية والعكس، والتي نشطت
بشكل ملحوظ في العهد السوفيتي. وهو ما أسهم في خلق قاعدة واسعة من
التبادل والاستيعاب الثقافي،
الذي قاد إلى ظهور متخصصين
وعشاق جدد للتراث الثقافي
العربي، من المستشرقين الروس،
وظهور مبدعين من أدباء وفنانين
عرب تأثروا بعمالقة الأدب
الروسي. التأثير المتبادل بين الثقافتين العربية
والروسية، أوجد قاعدة كبيرة من
المصالح والعلاقات الإنسانية
عبر حقب التاريخ المختلفة، كما
أوجد أيضاً قائمة كبيرة من
الكتاب والمؤرخين والفنانين
والأدباء والباحثين، الذين
أغنوا المكتبتين العربية
والروسية خلال القرون الماضية،
وخاصة خلال القرن العشرين. غير أن هذا التراث الثقافي الثري، يحتاج
الآن إلى إحياء وتجديد، بغرض
تقديمه من جديد للأجيال من
الشباب العرب والروس، لتجسيد
التواصل الحضاري والمعرفي بين
شعوب البلدان العربية وشعوب
روسيا الاتحادية. هذا التواصل
تفرضه معطيات وضرورات تاريخية
وجغرافية، تشير إلى وجود امتداد
استراتيجي بين روسيا في الشمال
وبلدان العرب القريبة في الجنوب.
كما تفرضه طباع الشعب الروسي نفسه التي
تميل للشرق أكثر منها للغرب،
هذا إلى جانب عامل هام، وهو
السمعة الطيبة للإسلام
والمسلمين في روسيا، هذه السمعة
التي لم تتأثر، لا بالحملة
الغربية على الإسلام. ولا بأحداث الإرهاب التي يقوم بها البعض
داخل روسيا تحت شعارات الإسلام،
والإسلام منها بريء تماما. وهذا
ما قاله مرارا وتكرارا رئيس
روسيا الحالي ديمتري ميدفيديف،
وسلفه الرئيس السابق ورئيس
الحكومة الحالي فلاديمير بوتين.
رئيسة
المركز الروسي الحديث
لاستطلاعات الرأي ======================= العلاقات التركية
الإسرائيلية إلى أين؟ بقلم :خالد السرجاني البيان 19-1-2010 الأزمة الأخيرة التي واجهت العلاقات
التركية الإسرائيلية، على
خلفية إهانة السفير التركي في
تل أبيب، تطرح تساؤلات جدية حول
آفاق العلاقة بين البلدبن، في
ضوء معطيات متعددة، في مقدمتها
الانتقادات التي دأب كبار
المسؤولين الأتراك على توجيهها
إلى السياسة الإسرائيلية منذ
الحرب على غزة في ديسمبر 2008 وحتى
الآن، والتي انتهت بما وجهه
رئيس الوزراء التركي رجب طيب
أردوغان حول انتهاك إسرائيل
لقرارات مجلس الأمن الدولي. إضافة إلى نمو العلاقة بين تركيا والعديد
من الدول العربية التي تعتبرها
إسرائيل معادية لها، مثل سوريا،
وما ترصده تقارير إسرائيلية
متعددة حول نمو المزاج المعادي
لإسرائيل لدى الأوساط الشعبية
التركية. وهذه التقارير تصف هذا المزاج بأنه «معاد
للسامية»، وتستشهد في هذا الصدد
بعرض مسلسلات تلفزيونية في
تركيا، تفضح السياسات
الاسرائيلية أو توضخ العنف الذي
يكتنف الشخصية الاسرائيلية. وما يلفت نظر المؤسسات التي تصدر هذه
التقارير، ليس فقط عرض هذه
المسلسلات، وإنما تقبل الشعب
التركي لها وتفاعله معها.
والمسلسل الذي أثار حفيظة
إسرائيل مؤخرا والمسمى «وادي
الذئاب»، ليس أول مسلسل يعتبره
الإسرائيليون معاديا لهم. ويختلف المهتمون بالشأن التركي حول تقسير
تراجع العلاقات التركية
الاسرائيلية، من التحالف
الاستراتيجي إلى الفتور ثم
الأزمة، ويرجعه بعضهم إلى
السياسات التي تطبقها حكومة حزب
العدالة والتنمية، ذات الجذور
الإسلامية. ولكن هذا القول لا يستند إلى أي أساس
سليم، ذلك أن علاقة تركيا
باسرائيل في ظل حكومة حزب
العدالة والتنمية تميزت
بالتعقيد، خاصة في ظل رئاسة رجب
طيب أردوغان لها. فحسب مصادر إسرائيلية، فان لأردوغان
علاقات مركبة مع إسرائيل: فهو
يعارض بشدة نشاطاتها العسكرية
في الضفة الغربية، لكنه أقام
علاقات جيدة مع أرييل شارون
خلال فترة فك الارتباط عن غزة. وكذلك فعل مع إيهود أولمرت قبل عملية «الرصاص
المصبوب» في غزة، وهو يقاطع
نتنياهو بصورة واضحة، لكنه
يتعامل مع إيهود باراك وزير
الدفاع في حكومة نتنياهو. وعلى الجانب الآخر، هناك من يعطي لهذا
التحول أبعادا اخرى مختلفة، في
مقدمتها أن تركيا التي تسعى
للانضمام إلى الاتحاد
الاوروبي، وجدت أن هذا الأمر
ليس مشروطا بأن يمر عبر البوابة
الاسرائيلية، كما كانت
الحكومات التركية السابقة
تعتقد. بل يمكن القول إن الانتقادات التي يوجهها
المسؤولون الاتراك إلى
إسرائيل، تجد هوى لدى الدول
الأوروبية، لانها تتوافق إلى حد
كبير مع السياسات الاوروبية في
ما يتعلق بقضايا الشرق الاوسط. وبالطبع فان إسرائيل تمارس سياسة
اقليمية، تريد ان تكون بموجبها
هي الدولة المركزية في نظام
إقليمي شرق اوسطي جديد، في
الوقت الذي تنازعها تركيا هذا
الطموح، حيث لاحظ مراقب أنها
تتصرف باعتبارها دولة إقليمية
كبرى، تستند إلى تاريخها
وحاضرها، وتسعى لاستيعاب صغار
اللاعبين في المنطقة، ومن بينهم
إسرائيل. وقد أصبحت هناك قناعة لدى النخبة التركية
الحاكمة، بأن حاضر بلدهم
ومستقبله مرتبطان بمتانة
الاقتصاد، وبالعلاقات
الاقتصادية والسياسية الجيدة
مع المحيط المباشر، وليس
بالبوابات المصطنعة التي كانت
اسرائيل واحدة منها، وهم لذلك
انفتحوا على سوريا والعراق
وإيران ولبنان وأرمينيا. وهذا الانفتاح أعطى تركيا مكانة دولية قد
تقنع الاتحاد الأوروبي في
النهاية بقبولها عضوا فيه، لان
ذلك سيساهم في تمتين العلاقة
بينه وبين منطقة الشرق الاوسط
ودول العالم الاسلامي، خاصة
وأنه يمكنه أن يستفيد من
العلاقة التي تربط بين تركيا
ودول هذه الدوائر الإقليمية
المتعددة. وهذه المعطيات تؤكد أن علاقات تركيا
وإسرائيل ليست مرشحة للتحسن في
المرحلة المقبلة، لكنها تؤكد
ايضا أن اسرائيل أصبحت في موقف
إقليمي صعب، والدليل على ذلك هو
الاعتذار الذي قدمته لتركيا،
حيث أصدر نائب وزير الخارجية
الاسرائيلي داني أيالون
اعتذارين للسفير التركي،
استجابة لشروط أنقرة.. وجاء الاعتذار الثاني قبل نهاية المهلة
التي منحتها أنقرة لتل أبيب،
لتقديم الاعتذار وإلا ستسحب
تركيا سفيرها في إسرائيل، وذلك
في رسالة بعث بها أيالون إلى
السفير التركي، وبالتنسيق بين
رئيس الحكومة نتنياهو ووزير
خارجيته افيغدور ليبرمان. وأعرب نتنياهو عن أمله في أن تؤدي الرسالة
إلى نهاية الأزمة مع تركيا،
مجددا التعبير عن قلقه من
التباعد في العلاقات التركية
الاسرائيلية، واصدر تعليماته
للجهات الدبلوماسية والمهنية
في الحكومة، للبحث عن سبل
للحيلولة دون استمرار هذا الوضع.
والموقف الصعب الذي تواجهه اسرائيل،
يتمثل في أنها تواجه عزلة
اقليمية في ظل حكومة اليمين
الحالية، وخسارتها تركيا تعني
أنها أصبحت معزولة تماما عن
المحيط الإقليمي لها، وهو ما
يمكن ان يؤثر سلبا على علاقاتها
الدولية، ويجعلها عرضة لضغوط
متعددة من أجل تقديم تنازلات في
ملف العلاقة مع الفلسطينيين. والامر الخطير في ذلك، أن اسرائيل التي
كانت عادة ما تواجه هذا الامر
بتنشيط اللوبي الموالي لها في
واشنطن، من أجل الضغط على تركيا
عبر أساليب متعددة، تدرك أن
اللوبي الموالي لها المسمى «إيباك»،
تراجع نفوذه لدى اليهود
الاميركيين، لصالح مجموعة
يهودية أخرى تدعو إلى تسوية
الصراع العربي الإسرائيلي.
وكانت إسرائيل تساعد تركيا في
السابق عبر إيباك في حل مشكلات
تركية أميركية، وهو ما لم يعد
متاحا في الوقت الراهن. وبالتالي فإن ما نشهده حاليا من توتر في
العلاقة بين الجانبين، هو أمر
مرشح للتكرار، وليس إلى
الانتهاء، وفقا لمعطيات متعددة.
======================= الملتقى العربي الدولي
لدعم المقاومة": كلام
الستينات بصبغة اسلاموية رندى حيدر (البريستول - الكومودور (بيروت) النهار 19-1-2010 من يستمع الى تجارب المقاومة كما رواها
المشاركون في "الملتقى
العربي الدولي لدعم المقاومة"
في فندق البريستول، سيجد نفسه
فجأة في زمن فائت. فالكلام الذي
قيل اليوم في مطلع 2010 هو عينه
الذي نسمعه منذ الستينات، مع
فارق اساسي طغيان الصبغة
الإسلاموية على كل شيء، على
الحضور وعلى الخطاب السياسي
المستخدم. تعيدك روايات
المشاركين العرب الى أيام أدهم
خنجر، والمقاومة السورية في
العشرينات، والى تجارب السويس،
وحرب الإستنزاف. وليست الشهادات
الأجنبية أكثر حداثة. فالتجربة
الإيطالية للمقاومة هي عن
مقاومة النازية عام 1943. أما
الشهادة الفنزولية فهي عن 500 عام
من مقاومة الإمبريالية
الأميركية في أميركا الجنوبية. تشبه بعض الروايات أخبار البطولات في
الأدب الشفهي العربي، حيث تختلط
الأحداث التاريخية بالحماسة
والإنفعال، ويمتزج التاريخ
بشعر أحمد شوقي، وعمر أبو ريشة،
ونزار قباني، وأيضاً بالزجل
والشعر العاميين. لا يتغير المشهد كثيراً في حلقات النقاش
التي اتخذت لها موضوعات محددة
مثل المقاومة السياسية
والإعلامية القانونية، وموضوع
تهويد القدس والحصار على غزة.
فالمشاركون يتصرفون كأنهم بين
"ربعهم" وبين أهل "عشيرتهم"،
إنهم الممثلون عن "المقاومة
الإسلامية" في مجتمعاتهم.
ووجودهم معاً في بيروت، في نظر
أكثر من واحد ممن عبروا علناً عن
ذلك هو انتصار خيار "الإسلام
هو الحل". في المداخلات المختلفة اختلطت الأشياء
وامتزجت. اختلطت اللهجة
الدعاوية الإسلامية باللغة
العنصرية؛ مثل وصف أمير الجماعة
الإسلامية في كشمير خالد محمد
خان الإحتلال الهندي للإقليم ب"الإحتلال
الهندوسي عبدة الأوثان والبقرة".
كما يختلط الخطاب القومجي
بالخطاب الشوفيني مثل مطالبة
خان باكستان الدولة الإسلامية
باستخدام قنبلتها النووية لحل
مشكلة كشمير. وتساءل ممثل
موريتانيا عن سبب غياب المقاومة
الأفغانية، وأهمية وجود حركة
"طالبان". وربما في قرارة
نفسه كان يتساءل عن سبب غياب
ممثلين عن تنظيم "القاعدة"
و"الجهاد العالمي" طالما
أن الملتقى تحول فعلا تجمعاً
للحركات والتنظيمات الإسلامية.
وفاته أن المنظمين للملتقى
أرادوا جمع "الهيئات الشعبية"
الداعمة للمقاومة وليس
التنظيمات الجهادية الإسلامية. في المداخلات الكثيرة تسمع انتقادات
عنيفة وحادة للجدار الفولاذي
التي تبنيه مصر على حدودها مع
رفح أكثر مما تسمع من انتقادات
لجدار الفصل الذي تواصل إسرائيل
بناءه على طول الحدود مع الضفة
الغربية مصادرة أجزاء كبيرة من
اراضي البلدات والقرى
الفلسطينية. وتسمع الكثير من
الإتهامات الجارحة للزعامة
السياسية في مصر، دفعت أحياناً
المسؤول عن إدارة النقاش، مثلما
كانت حال مندوب حركة "حماس"
أسامة حمدان في حلقة نقاش مخصصة
لحصار غزة وتهويد القدس، الى
التذكير بأن العدو هو إسرائيل
وليس النظام المصري. والواضح الراهن أن حركات المقاومة
الإسلامية ما زالت تواجه السؤال
عينه الذي كان مطروحاً عليها
منذ مطلع الخمسينات: هل الأولية
في النضال يجب أن تُعطى لتغيير
الأنظمة العربية الفاسدة؟ أم
لمحاربة الحركة الصهيونية
والإحتلال الإسرائيلي؟ أما
الموضوع الملتهب والخطير لخطة
الحكومة الإسرائيلية الحالية
لتهويد القدس، وتغيير طابعها
العربي والسيطرة الإسرائيلية
على المقدسات الدينية للمدينة،
فجرى الكلام عنه بخطب حماسية
إنشائية ومقترحات دعم ساذجة (اقتراح
المندوبة السودانية جمع مبلغ
دولار من المسلمين لدعم صمود
غزة وسكان القدس العربية).
وسرعان ما تحولت مداخلة أحد
أبناء القدس من الأرثوذكس
للإهتمام بالوضع الإنساني
لسكان القدس العربية، ومطالبته
إضافة كلمة كنيسة القيامة في
خطر على شعار "الأقصى في خطر"
الى هجوم ضارٍ على "مجموعة
اليونانيين" التي تسيطر على
الكنيسة، مما أثار الإنطباع بأن
رجال الدين اليونانيين هم مصدر
الخطر على كنيسة القيامة وليس
إسرائيل. جميع المشاركين أعلنوا كفاحهم من أجل
استعادة فلسطين من "البحر الى
النهر". لم يقولوا لنا كيف؟ لم
يسألهم أحد عن كيفية تحقيق هذا
الحلم. جاؤوا ليحتفلوا بعددهم
الكبير، ليرووا بطولات الماضي
القديم والحاضر القريب،
ليقدموا اقتراحات ومطالب سبق أن
طرحت مئات ومئات المرات ولم
تؤدِّ الى تغيير شيء. الأكيد أن
أحداً لم يكن يريد أن يحاسب هذه
التجربة "الرائعة" في أن
تكون "مع المقاومة". ================== السفير 19-1-2010 علاء الاسواني منذ شهور، تم تعيين العالم الكبير
الدكتور أحمد زويل في وظيفة
مستشار علمي للرئيس الأميركي
باراك أوباما. وعندما ذهب
الدكتور زويل للقاء الرئيس
أوباما أعطاه المسؤولون في
البيت الأبيض تصريح دخول مسجلاً
فيه اسمه ووظيفته، لكنه لاحظ
أنهم كتبوا في أسفل التصريح
كلمة «مؤقت».. اندهش الدكتور
زويل من ذلك وذهب الى مسؤول كبير
في البيت الأبيض وسأله: لماذا كتبتم على
التصريح الخاص بي كلمة مؤقت؟ فابتسم المسؤول الأميركي وقال: دكتور زويل. أنت
تعمل مستشارا للرئيس أوباما،
أليس كذلك؟ نعم. الرئيس أوباما
نفسه مؤقت. حكى لي الدكتور زويل هذه الواقعة فوجدتها
تحمل معاني كثيرة: إن الرئيس
الأميركي، مثل أي رئيس في بلد
ديموقراطي، يشغل منصبه لأربع
سنوات، قد تمتد الى ثماني سنوات
لو أعيد انتخابه، بعد ذلك لا
يمكن أن يبقى في منصبه يوما
واحدا. وقد حصل الرئيس على منصبه
لأن الشعب اختاره بإرادته الحرة
وهو يخضع لرقابة صارمة في كل ما
يتعلق به وبأسرته... ولأن الرئيس
مدين للشعب بمنصبه وخاضع
لرقابته، فهو يبذل كل جهده لكي
يفي بوعوده التي اختاره
الناخبون على أساسها.. الأمر
الذي سيدفعه بالضرورة الى
الاستعانة بأفضل كفاءات في
البلد لكي يستفيد منها في خدمة
الناس. هكذا يحدث في الدول
الديموقراطية أما عندنا في مصر..
فإن الرئيس يظل قابضا على
السلطة حتى يوافيه الأجل
المحتوم، الأمر الذي يؤدي حتما
الى تداعيات خطيرة لا يمكن
تفاديها بغض النظر عن شخصية
الرئيس أو نواياه الطيبة. أولا: الرئيس في مصر لا يتولى السلطة بفضل
اختيار الناخبين بل بفضل قوة
أجهزة الأمن وقدرتها على قمع
المعارضين، وبالتالي فهو لا
يقيم وزنا كبيرا للرأي العام،
لأنه يعلم أن بقاءه في السلطة
ليس رهينا بمحبة الناس بل بقدرة
الأمن على حمايته من أي تمرد أو
انقلاب. أجهزة الأمن في مصر هي
صاحبة القول الفصل في كل مجال،
وكل شيء، بدءا من تعيين العمدة
في أصغر قرية، وتعيين عمداء
الكليات ورؤساء الجامعات، وحتى
السماح بإنشاء الأحزاب
السياسية، ومنح التراخيص للصحف
والقنوات الفضائية، وصولا الى
تعيين الوزراء واستبعادهم. كم
من شخص كفوء رُشّح للوزارة ثم
اعترضت عليه أجهزة الأمن
فاستُبعد فورا، وكم من شخص عاطل
من الكفاءة رُفّع الى المناصب
العليا بفضل دعم أجهزة الأمن.
مصر تنفرد بين بلاد العالم بوضع
شاذ: إذ تنفق الدولة على وزارة
الداخلية ما يقرب من تسعة
مليارات جنيه، وهذا المبلغ
يساوي ضعف ميزانية وزارة الصحة (أقل
من خمسة مليارات جنيه). أي ان
النظام المصري ينفق على إخضاع
المصريين واعتقالهم وقمعهم ضعف
ما ينفقه على علاجهم من الأمراض...
ثانيا: ليس هناك وسيلة مشروعة لمنافسة
الرئيس على منصبه، كما أن بقاء
الرئيس في السلطة هو الهدف
الأهم من أي هدف آخر. من هنا يضيق
النظام بظهور أية شخصية عامة
تتمتع بثقة الناس ويسعى الى
التخلص منها فورا. وقد أدى ذلك
دائما الى حرمان مصر من كفاءات
كبرى استُبعدت بسبب تمتعها
بصفات قد تؤهلها ولو في الخيال
لتولي منصب الرئاسة، وما حدث مع
الدكتور أحمد زويل نفسه خير
مثال على ذلك: فهذا العالم
الكبير بعد أن حصل على جائزة
نوبل في الكيمياء، عاد الى مصر
ليقدم مشروعا لجامعة
تكنولوجية، كانت كفيلة بنقل
بلادنا الى عصر العلم.. لكن بعض
الأقاويل والتقارير الأمنية
حذرت من شعبيته الطاغية وسط
الشباب الذين صرح كثير منهم
بأنهم يتمنون أن يروا أحمد زويل
رئيسا لمصر.. هنا كانت الطامة
الكبرى، فأغلق النظام كل الطرق
في وجه الدكتور زويل وتم
التضييق عليه وصرف النظر عن
مشروع الجامعة التي أراد بها أن
يفيد بلاده. بعد ذلك بشهور
قليلة، سارع الرئيس الأميركي
بتعيينه مستشارا علميا له
ليستفيد من علمه الغزير في
تطوير الولايات المتحدة .. هذا
نموذج واحد من آلاف النوابغ
المصريين الذين يمنعنا
الاستبداد من الاستفادة من
قدراتهم. ثالثا: الرئيس في مصر يتمتع بسلطات مطلقة،
فليس هناك جهة واحدة تستطيع أن
تحاسبه.. نحن لا نعرف أبدا ما
مقدار ثروة الرئيس مبارك، وكم
يبلغ رصيد نجليه جمال وعلاء في
البنوك..؟ كم تبلغ ميزانية رئاسة
الجمهورية وما هي بنود الإنفاق
فيها ..؟ وهل يجوز أن تنفق الدولة
ملايين الجنيهات من المال العام
على استراحات الرئيس وقصوره
بينما يعيش ملايين المصريين في
عشوائيات بائسة وهم محرومون من
الاحتياجات الإنسانية
الأساسية؟ إن تحصين الرئيس
الكامل ضد المحاسبة يمتد أيضا
الى كبار المسؤولين، فالأجهزة
الرقابية في مصر تلاحق صغار
الموظفين وتحاسبهم على أقل
هفوة، وكثيرا ما تؤدي بهم الى
العزل والسجن، لكنها أمام كبار
المسؤولين تضعف سلطتها فتكتفي
بتقديم مخالفاتهم الى الرئيس
والأمر له وحده، اذا شاء حاسبهم
واذا شاء غض الطرف عن تجاوزاتهم..
وهكذا يقتصر تطبيق القانون على
الصغار الضعفاء والكبار
المغضوب عليهم. إن محاربة الفساد بطريقة انتقائية، فضلا
عن كونها بلا معنى أو تأثير،
تشكل في حد ذاتها نوعا من الفساد.
رابعا: الرئيس في مصر، وحده هو الذي يملك
تعيين الوزراء وعزلهم. وهو لا
يعتبر نفسه مسؤولا عن تفسير
قراراته أمام المصريين الذين لا
يعرفون أبدا لماذا تم تعيين
الوزراء ولماذا أقيلوا .. كما أن
الكفاءة ليست العامل الأول في
اختيار الوزراء، بل الأهم هو
الولاء للرئيس. وقد رأينا
الأسبوع الماضي كيف تم تعيين
أحمد زكي بدر وزيرا للتعليم،
بالرغم من أنه لم يسجل أي إنجاز،
وليست لديه أية خبرة في تطوير
التعليم، لكن الإنجاز الفريد
الذي قام به عندما كان رئيسا
لجامعة عين شمس يتلخص في أنه،
لأول مرة في تاريخ الجامعات
المصرية، استدعى مجموعات من
البلطجية، مسلحين بالسنك
والسكاكين وزجاجات المولوتوف،
وسمح لهم بالدخول الى حرم
الجامعة والاعتداء على الطلاب
المتظاهرين. هذا التصرف المشين
الذي كان كفيلا بإبعاد رئيس
الجامعة ومحاكمته فورا في أي
بلد ديموقراطي، كان هو ذاته
الدافع، فيما يبدو، لتعيين أحمد
زكي بدر وزيرا للتعليم. أضف الى
ذلك أن اختيار الوزراء
واستبدالهم يتم غالبا بطريقة
غير موضوعية لا يفهمها أحد.
فرئيس الوزراء، أكبر منصب سياسي
بعد الرئيس، يشغله شخص لم يمارس
السياسة في حياته قط، ووزير
التضامن الاجتماعي كان مسؤولا
أساسا عن هيئة البريد، ووزير
الإعلام كان في الأساس متخصصا
في بيع الموسوعات العلمية،
ووزير الإسكان السابق محمد
إبراهيم سليمان صدر قرار جمهوري
بتوليه رئاسة شركة بترول. وهكذا
يبدو الأمر وكأن الرئيس يحب بعض
المسؤولين ويثق في ولائهم
وبالتالي فهو يوزع عليهم
المناصب الكبرى بدون التوقف
كثيرا أمام صلاحيتهم أو خبراتهم.
إن النظام يستبعد كفاءات كبرى لأنه يشك في
ولائها أو يخاف من شعبيتها،
بينما يمنح المناصب الى أتباع
النظام حتى وان كانوا بلا كفاءة.
ولأن معظم أعضاء مجلس الشعب
ينتمون الى الحزب الحاكم وقد
حصلوا على مقاعدهم عن طريق
تزوير الانتخابات، فإنهم
ينفذون تعليمات الحكومة بدلا من
أن يمارسوا دورهم في محاسبتها.
إن الوزير في مصر لا يعتبر نفسه
مسؤولا أمام الشعب وهو يعلم
جيدا أن بقاءه في منصبه ليس
رهيناً بإنجازه بل برضى الرئيس
عنه.. من هنا نفهم لماذا يتسابق
الوزراء في مديح الرئيس
والإشادة بحكمته والتغني
بقراراته التاريخية الرائعة،
حتى أن وزيرة القوى العاملة
عائشة عبد الهادي لم تجد أدنى
حرج في أن تنحني، على الملأ
وأمام وسائل الإعلام، وتقبل يد
السيدة سوزان مبارك. ... لهذه الأسباب جميعا نتخلف كل يوم بينما
يتقدم العالم حولنا. إن مصر غنية
بملايين المتعلمين وآلاف
الكفاءات النادرة المخلصة التي
لو منحت فرصة، قادرة تماما على
إحداث نهضة كبرى في سنوات
قليلة، لكن الاستبداد هو السبب
الأصيل لتخلف مصر والمصريين. الديموقراطية هي الحل.. ينشر بالتزامن مع «الشروق»
المصرية ======================= امين قمورية النهار 19-1-2010 العلاقة التركية - الاسرائيلية منذ
اعتراف انقرة بتل ابيب عام 1949
محكومة بعقدة فلسطين. ففي عام 1967
اثار احتلال القدس والضفة وغزة
غضب تركيا الشديد، وفي 1980 انزلت
انقرة علم الممثلية
الديبلوماسية الاسرائيلية
لديها ردا على قرار ضم المدينة
المقدسة، كذلك كان غضبها عارما
اثناء اجتياح لبنان عام 1982،
وبعد مجزرة جنين عام 2002 خرج رئيس
الوزراء التركي انذاك بولنت
اجاويد عن طوره واصفا حملة "السور
الواقي" الاسرائيلية بانها
ابادة للشعب الفلسطيني. وفي طبيعة الحال ليس شرطا ان يكون المرء
ناشطا في "حماس" او اي من
الحركات الثورية العربية (ان
وجدت) حتى يدرك ان ما ترتكبه
اسرائيل في غزة منذ سنوات هو
تنكيل وليس سياسة، وتاليا ليس
مستغربا ان يفجر اردوغان غضبه
على الاسرائيليين مرة في وجه
بيريس ومرة في وجه اولمرت ومرات
في وجه نتنياهو ووزير خارجيته.
المستغرب ان يرتفع في الوقت
عينه علم اسرائيل في ابو ظبي
وينحدر السور الواطي المصري في
بطن رفح لملاحقة حليب اطفالها! في الكباش
التركي - الاسرائيلي الذي فجره
"وادي الذئاب" وعلى خلفية
مايجري في فلسطين، سجلت انقرة
نقطة لمصلحتها على حساب اسرائيل
عندما اجبرتها على الاعتذار بعد
اهانة "المقعد المخفوض"
التي تعرض لها السفير التركي في
تل ابيب. وهذا الاعتذار النادر
لدولة اعتادت تحدي العالم ومن
جملته الولايات المتحدة، جعل
اردوغان بطلا في الشارع العربي
الذي "فش خلقه" بقوة غيره
عملا بالمثل القائل "صلعاء
وبتشوف حالها بشعر بنت خالها". هذه "الخبطة"
الديبلوماسية التركية القوية،
وان كان مردها غطرسة اسرائيلية
غبية، فانها اثلجت صدور غلاة
المتحمسين للقضية الفلسطينية
الذين راحوا يراهنون على طلاق
نهائي بين انقرة وتل ابيب من
شأنه ان يضع اسرائيل في الزاوية
الصعبة، حتى ان بعضهم قال ان "اسرائيل
لاتفهم سوى التركية". بيد ان هذا الانغماس التركي المستجد في
شؤون المنطقة وارتفاع حرارة
التوتر بين انقرة وتل ابيب نظر
اليه آخرون من زوايا مختلفة.
البعض فسر الحماسة التركية
لفلسطين بانها استثمار جيد
للورقة الفلسطينية في البازار
التركي- الاسرائيلي وستار يخفي
خلافا امنيا مستجدا بين اسرائيل
وتركيا احد اوجهه مماطلة
اسرائيل في تسليم صفقة الطائرات
من دون طيار المتطورة التي
يحتاج اليها الجيش التركي
لملاحقة المسلحين الاكراد،
وعندما يطوى هذا الخلاف تعود
المياه الى مجاريها. البعض
الاخر سأل عن موقف واشنطن "الصامت
الاكبر" ازاء ما يجري وعما
اذا كان اردوغان ينطق بعلمها
وخبرها بما لاتريد الولايات
المتحدة ان تنطق به حيال تعنت
اسرائيل ومواقفها الرافضة
للسلام. والبعض الثالث كان اكثر
تحفظا اذ اعتبر ان ما يحدث بين
الجانبين في الاونة الاخيرة ليس
سوى سحابة صيف لن تؤثر على
الروابط والمصالح المعقدة
والمترابطة بين الجانبين وان ما
يجري ما هو إلا صراع لتحديد
الاوزان والاحجام لا كسرها قبل
تحضير المنطقة لمرحلة جديدة
يجري الاعداد لها على نار حامية.
في اي حال، ان
تركيا تتغير وتفرض نفسها لاعبا
اقليميا، ولو كان ثمة مشروع
استراتيجي عربي موحد لكان موقف
انقرة اليوم المنقلب من متحالف
رئيسي مع اسرائيل الى مشروع ند
بارز لها، بمثابة اكبر سند له.
لكن في غياب مشروع، كهذا، فان
النبض التركي الجديد ليس من
شأنه ان يجعل اسرائيل تحسب الف
حساب لهوجها المتمادي والمتفلت
من كل قيد فحسب، بل من شانه ايضا
ان يعقلن الاندفاعة الايرانية
في المنطقة ويحفزها على التعاون
بدل المواجهة ومراعاة
الحساسيات القائمة. ولعله كذلك
يعلّم الدول العربية الكبرى
درسا في المواقف التي سحبتها من
التداول! ======================= حسين شبكشي الشرق الاوسط 19-1-2010 أعود مجددا لموضوع مهم جدا، وهو الدور
الجديد والمؤثر لتركيا، ليس فقط
على المستوى الإقليمي، ولكنه
بات واضحا على المستوى العالمي
أيضا. أولا لا بد من سرد بعض
الحقائق والبيانات لتبيان
الوضع التركي على حقيقته. تركيا
يبلغ عدد سكانها 73 مليون نسمة
تحديدا، بحسب آخر إحصاء معتمد،
ويبلغ معدل دخل الفرد فيها عشرة
آلاف دولار أميركي، ولكن بقوة
شرائية فعلية تبلغ 13 ألف دولار.
لديها اقتصاد متنوع يعتمد على
الصناعة العالية الجودة لكونها
تصدر إلى السوق الأوروبية بشكل
أساسي، مع عدم إغفال أهميتها في
الصناعات الثقيلة مثل الحديد
والإسمنت والسيارات. لديها
اليوم ثاني أهم قوة عسكرية (نعم
ثاني أهم قوة عسكرية) في حلف
الأطلسي بعد الولايات المتحدة
الأميركية نفسها، لديها نظام
ديمقراطي فعال وبرلمان نشيط
وصحافة حرة مؤثرة وقضاء يتطور
ومستويات مبشرة في قطاعات
التعليم والصحة (أهم طبيب مشهور
اليوم بالولايات المتحدة
الأميركية هو فهمت أوز، وهو من
أصل تركي)، إضافة إلى انتشار
الكثير من الفنون التركية حول
العالم. كتب الروائي التركي
الحائز نوبل للآداب، أورهان
باموك، تمت ترجمتها لعشرات
اللغات وتحقق نسبة مبيعات
قياسية، وكذلك القول بالنسبة
للمطربين الأتراك والموسيقيين
أمثال: تاركان وعمر فاروق
تكبيلك. تركيا الحالية تبنت
موقفا اقتصاديا مغايرا، فبدلا
من تركيزها المضني على الانضمام
للسوق الأوروبية (وهو ما يلقى
معارضة هائلة من فرنسا وألمانيا
تحديدا، وموافقة من بريطانيا)
قررت أن تعزز موقعها الاقتصادي
عالميا وليس قاريا، فالأزمة
العالمية المالية الحالية عززت
من موقع تركيا في مجموعة
العشرين بشكل واضح كسوق ناشئة
قوية وموقع صناعي متنام،
وبالتدريج أصبح الاقتصاد
التركي يقارن مع البرازيل
وكوريا والمكسيك والصين وروسيا
والهند. ومعدلات النمو الاقتصادي في تركيا خير
مؤيد على كل ذلك، واليوم تركيا
تقوم بإبرام معاهدات واتفاقيات
فعالة وفي غاية الأهمية مع أكثر
من دولة عربية مثل العراق
والأردن وسورية ولبنان، وهي
تجاوزت بذكاء وحكمة المشكلات
الخاصة التي كانت موجودة في
العلاقات بينها وبين العراق،
فيما يخص الملف الكردي المعقد،
وكذلك بالنسبة لملف العلويين
ومنطقة لواء إسكندورن مع سورية.
كل هذه الاتفاقيات مع هذه الدول
العربية مرشحة لأن يزداد نفوذها
مع نية تركيا إنشاء منطقة
اقتصادية حرة متكاملة تضمها مع
هذه الدول العربية كلها ككتلة
اقتصادية موحدة، وتشمل هذه
الاتفاقيات حرية الحراك وذلك
بإلغاء التأشيرات وحرية انتقال
المال والإعفاء الضريبي وأسعار
تشجيعية للطاقة وحوافز لأسعار
النقل البري والجوي والبحري بين
البلدان المشاركة. تركيا لها
تجارب ناجحة مع جمهوريات آسيا
الوسطى التي استقلت عن الاتحاد
السوفياتي، والتي باتت هي
رافدها الاقتصادي الأساسي،
معتمدة في ذلك على الإرث
الثقافي القديم الذي يربط هذه
الدول بتركيا، حيث إن غالبية
السكان يتحدرون من أصول تركية،
وبالتالي لا يشعرون بالحرج ولا
بالخوف من التعاون مع تركيا
والانفتاح عليها بالمشاركة
والاستثمار الكبير. المنطقة
العربية لديها الآن مثالان
للمقارنة بينهما في محيطها،
وهما إيران وتركيا؛ فإيران دولة
عقدت وأزمت من أوضاعها
بالانقلاب على أصدقائها
ومعاداتهم، والآن تنقلب على
نفسها وتبدأ في معاداة ذاتها،
وبالتالي هدر الموارد والنفوس
على معارك واهية، والنموذج
التركي ينضم للنموذج الماليزي
ليقدم مثالا حيا وراقيا وجادا
على العمل والعلم والسوية
الاجتماعية ونفع الناس، وهو
مثال، العالم الإسلامي،
والعربي منه تحديدا، بأمس
الحاجة لأن يراه ويتمعن فيه حتى
يفرق بين الشعارات وبين النتائج
الحقيقية. ======================= شهادات الICDL مفقودة في سورية..
المعاهد تُحمل الجمعية العلمية
السورية مسؤولية التقصير..
والجمعية تتهم المعاهد
بالإتجار (دي برس - تحقيق: رؤى ربيع ) 19-1-2010 كان قرار رئاسة مجلس الوزراء بداية العام
2009 المشترط للخاضعين للتعيين
والمتقدمين لأي مسابقة، حمل
وثيقة اجتياز اختبار مهارات
الحاسوب سبباً لخضوع الشباب
لدورات "icdl
" التي يتم تنظيمها من قبل
الجمعية العلمية السورية
للمعلوماتية أو أحد فروعها
باعتبارها المشرف الوحيد
والحصري الذي يمنح في سورية
شهادة قيادة الحاسوب الدولية
الصادرة عن منظمة اليونسكو، الحصول على الشهادة ذاتها كان مربط الفرس
فصعوبة الحصول عليها جعل قبول
صورة عن بطاقة الامتحان أحد
الحلول المقترحة ، مع العلم
أنها تفقد صلاحيتها متى اجتاز
حاملها حدود سورية ، فأين
الشهادة!! نبتدي منين الحكاية.. من يرغب بالحصول على شهادة قيادة الحاسبicdl يتقدم إلى أحد المراكز أو
المعاهد المعتمدة من قبل
الجمعية العلمية السورية
للمعلوماتية، ويقوم المعهد
بإرسال الطلب إلى الجمعية التي
تقوم بدورها بإرسال البطاقات
الامتحانية "بطاقات المهارة"skill
cards ،
وبعد خضوع الطالب لامتحان
الشهادة المؤلف من سبع مراحل
تحت إشراف الجمعية، تعاد
البطاقة إلى الجمعية التي
ترسلها إلى مكتب اليونسكو
المعتمد في القاهرة لاستصدار
الشهادة ثم إرسالها إلى الجمعية
لتمنحها للطالب. المسألة ليست
معقدة إذا علمنا أن الجمعية
العلمية السورية للمعلوماتية
هي المسؤول الوحيد عن اعتماد
المراكز وتقديم البطاقات
الامتحانية واستصدار الشهادات. تقول المسؤولة عن امتحانات ال icdl في أحد المراكز المعروفة في دمشق: نعاني
مشاكل عدة آخرها التقنية التي
تظهر أثناء الامتحانات فلا تمر
جلسة أو جلستين إلا ويتعطل
امتحان طالب أو طالبين بسبب خلل
ما في برنامج الامتحان وتتعهد
الجمعية بتعويض هذا الضرر، ولكن
هناك امتحانات معطلة لم تعوضها
الجمعية لبعض المراكز حتى الآن
عل حد تعبيرها، وبالإضافة إلى
ما سبق ذكره تبر ز مشكلة أخرى
وفقا للمصدر ذاته فمعظم المعاهد
تدرس برامج ميكروسوفت أوفيس وفق
الاصدار 2003 أو 2007 وتأتي
الامتحانات من الجمعية في بعض
المراكز وفق الاصدار 2000 وفي
أخرى بالاصدار اكس بي XP وهذا ما يحدث إرباك للطالب
ولنا، أما المشكلة الأكبر والتي
نواجهها منذ عام 2007 فهي الحصول
على الشهادات، فالطالب بعد أن
يدفع الرسوم كاملة ويخضع للدورة
ويتقدم للامتحانات يطالب
بالشهادة ولا سيما بعد أن
اعتمدت الدولة شهادة icdl أو
ما يعادلها في كل مسابقاتها
وتعييناتها حيث ازداد الطلب
والضغط على المراكز بشكل كبير. "صحيح أن المشكلة حلت بقبول صورة عن
البطاقة الامتحانية لكن
المشكلة بقيت قائمة مع الطالب
لأن الشهادة من حقه والشهادة
غير موجودة، وعندما نسأل
الجمعية يقولون التأخير من مكتب
اليونسكو، حتى البطاقات
الامتحانية لم نحصل عليها من
بداية الصيف، ولدينا 250 طالب
بانتظارها بعد أن أنهوا دوراتهم
وبعد الإلحاح أرسلوا لنا 100 رقم
بطاقة بدون البطاقة الأساسية.
فهل يعقل أن جمعية مسؤولة عن
مسألة هامة لا يوجد لديها
احتياطات، وما الإثبات هنا أن
الطالب تقدم للامتحان. يؤكد "أحمد محمود ابراهيم" مدير معهد
الكندي في الرقة الأمر: "
نعاني من تأخر الشهادات بشكل
كبير ونحن نقع في مشكلة مع
الطلاب الذين لا تعنيهم
تبريراتنا، وعندما نتحدث مع
الجمعية لا نسمع سوى التسويف
أما بقية الأمور فهي تسير بشكل
جيد". "أراس" مسؤولة في معهد "أكاد" في
حلب تقول: " لم يحصل طلابنا
على الشهادات من عام 2007، وحتى لو
كانت البطاقة الامتحانية
المصدقة من الجمعية مقبولة داخل
سورية لكنها لا تفيد الشخص في
بلد آخر فكثير من طلابنا مازالو
يراسلوننا ويتصلون بنا يطالبون
بالشهادة لأن البطاقة لم
يستفيدوا منها ونحن لا إجابة
لدينا وبنظر الطالب المسؤولية
تقع على المعهد، وعندما نسأل
الجمعية يقولون التأخير من
اليونسكو، فلماذا لا يكون هناك
مكتب معتمد لليونسكو في سورية
إذا كان في هذا حلاً للمشكلة!! معهد آخر في دمشق يقول المسؤول فيه: "نعم
هناك تأخير لكن لا نعلم أين
العطل، نحن نقوم بواجباتنا
ونعمل بتنظيم وترتيب ونفتح
مركزنا حتى في أيام العطل
ونمتحن الطلاب كما يجب ونتبع
المعايير المطلوبة ولدينا
اختبارات واضحة ودقيقة
ومراقبة، فما سبب هذا التأخير
وإذا كانت الجمعية تتعذر بالضغط
فلماذا إذاً رخصت لكل هذه
المعاهد مادامت لا تستطيع
استيعاب كل هذه الأعداد" ما ذنبنا الطلاب اتبعوا دوراتهم وتقدموا
للامتحانات من كان منهم ذو حظ
سعيد جداً حصل على الشهادة ومن
بقي مازال ينتظر الفرج ، فهناك
طلاب أنهوا امتحاناتهم منذ عام
2007 ومع حلول عام 2010 لم يحصلوا
على ما يثبت أنهم خضعوا لهذه
الدورة. "أشرف اسكندراني" يقول: " أنهيت
امتحاناتي في الشهر العاشر من
عام 2007 وكنت بحاجة للشهادة من
أجل السفر لكن لليوم لم أرها، في
البداية راجعت المعهد كثيراً
دون جدوى، فأنا حتى الآن ليس لدي
إثبات أنني خضعت لهذه الدورة."
"ديانا مؤيد" لم يكن حظها أوفر: "
نحن طلاب معهد "دريم" ظلمنا
أكثر من بقية الطلاب فقبل أن
ننهي امتحاناتنا أُغلق المعهد
بالشمع الأحمر وبعد معاناة
ومطالبة من الجمعية أرسلونا إلى
معهد "الخوارزمي" ومع أننا
كنا قد استكملنا الرسوم، إلا
أننا عدنا ودفعنا للامتحانات
المتبقية، وحتى الآن لم نحصل
على الشهادة. نحن دفعنا وعملنا
ما علينا والشهادات من حقنا
فأين هي". "رنا القرا" أنهت امتحاناتها في
بداية عام 2008 وأيضاً لم تحصل على
شهادتها تقول: " بعد أن مللت
من متابعة المعهد والجمعية قمت
بالاتصال بمكتب اليونسكو بمصر
وهذا الكلام من عام 2008 ووعدوني
بأن يتابعوا الأمر ولكن حتى
الآن لم يحدث جديد، المعهد يقول
شوفوا الجمعية، والجمعية تقول
راجعوا المعهد، ونحن ما ذنبنا!"
"أشرف العطار" أيضاً يؤكد ما قاله
زملاءه: " أنهيت امتحاناتي
بالضبط في 13/1/2009 وحتى اليوم لم
أعلم شيء عن الشهادة، أعطوني في
المعهد صورة عن بطاقة المهارةskill
card لكن الشهادة تلزمني أكثر في حال أردت
السفر، الأمر مزعج ولكن ليس
باليد حيلة والمعهد يتذمر من
الطلاب لأننا نطالب باستمرار."
الجمعية..لا ناقة لنا الدكتور "رند قوتلي" مدير مشروع ال icdl والمهندسة "داليا الأيتوني"
مديرة المشروع السابقة برروا ما
سبق بالقول : " نحن بكل الدول
العربية تابعين لمكتب اليونسكو
بالقاهرة وبالتالي هناك ضغط
هائل للعمل يقع على عاتق المكتب
فيتأخر قليلاً باستصدار
الشهادات، فنحن نرسل لهم بطاقات
الطلاب الممتحنين الناجحين وهم
بدورهم بعد التأكد يستصدرون
الشهادة ويرسلوها إلينا، نحن في
سورية وجدنا حل لهذا التأخير
فبعد أن ينتهي الطالب من
امتحاناته توقع له الجمعية على
بطاقة المهارة skill
card الخاصة به، وصدر تعميم من رئاسة مجلس
الوزراء تم تعميمه على جميع
الوزارات باعتماد هذه البطاقة
ريثما تصدر الشهادة وتعتبر
بمثابة المصدقة، حتى من يريد أن
يسافر نرفق مع بطاقته كتاب موجه
من الجمعية يقول أننا الجهة
الوحيدة في سورية المعتمدة لهذه
الشهادة وأننا نشهد بأن هذا
الطالب أنهى جميع امتحانات ال icdl
وهو بانتظار أن تصدر الشهادة من
مكتب اليونسكو وهذا الكتاب
تصادق عليه الخارجية. بالنسبة للشهادات بالفعل لم تصل أي شهادة
خلال عام 2009 لكن ما قبل كلها
وصلت ومن لم يأخذها فبسبب
تقصيره وعدم متابعته للموضوع؛
المشكلة التي تواجهنا هي
الأعداد الكبيرة المتقدمة
للامتحان التي تفوق 25000 طالب
وهذا عدد كبير جداً والمراكز
أصبحت كثيرة، كما أن المعاهد
همها الإتجار ففي عام 2009 هناك
25000 بطاقة امتحانية وزعت على
المراكز وهذا دليل أن التأهيل
لا يتم بشكل جيد، فالمعهد الذي
يطلب 100 بطاقة بالأسبوع هل حقاً
يستطيع تدريب 100 طالب خلال هذه
المدة؟ لذلك سنقوم بخطوة جديدة
وهي تغيير أسئلة الامتحان بشكل
دائم." ويؤكد كلاً من قوتلي والأيتوني: " أن
الجمعية تصرف على مشروع ال icdl أكثر مما تربح فشعارها نشر
المعلوماتية في أي مكان تستطيع
الوصول إليه، وهي لا تسعى للربح
لكن بالنسبة للمراكز المسألة
مسألة ربح وتجارة. إجراءات قريبة تعهد د. رند بأن المرحلة المقبلة ستشهد
إلغاء تراخيص لمجموعة من
المعاهد التجارية، "عندما
يتقدم 25000 طالب للامتحان ولا
ينجح سوى 3000 طالب فهذا دليل على
عدم منهجية المعهد ولا سيما
اجتياز امتحان it، وسيكون المعيار لإلغاء
الترخيص عدد المرات التي يعيد
فيها الطالب الامتحان فإذا كان
عدد المرات كثير فالمعهد لا
يعمل بجد، وإذا كان النجاح من
الامتحان الأول فالمعهد يدرس
بشكل صحيح ونحن الآن نعمل على
تغيير الأسئلة وعلى منهجية
جديدة وإصدارات جديدة. وأضافت المهندسة داليا أن الجمعية أرسلت
تعميم إلى كل المراكز للتوجه
إلى مؤسسة الاتصالات لفتح
بوابات جديدة وتوسيع الخطوط لكن
لم يستجب أي مركز. الكثيرين ممن تخوفوا من التقدم
للامتحانات بعد علمهم بصعوبة
الحصول على الشهادة تساءلوا ما
هو البديل... فيما تساءل المتضررين بكثير من الحذر هل
هي خلافات بين القائمين على
الجمعية وبين مكتب اليونسكو في
القاهرة؟؟ هل هي خلافات عمولات أو تضارب مصالح؟؟ والأهم من كل هذا وذاك، هل الجمعية
مستثناة من رقابة ومتابعة وزارة
الشؤون الاجتماعية والعمل؟؟ ======================= د. مرزوق: المشكلة ليست
سكانية بل تنموية النمو السكاني متهم وبريء..
التضخم وطبيعة النمو هما الجناة
الحقيقيون! وسيم الدهان الاقتصادية 19-1-2010 شهدت الشهور الأخيرة الماضية تسليط
المزيد من الضوء على مسألة
النمو السكاني على أنها شريك
أساسي في احتدام المشكلات
الاقتصادية في البلد، ويرى
البعض أن هذه المسألة تزداد
تعقيداً عاماً تلو آخر، ولكن
ارتفاع معدلات النمو السكاني في
علم الاقتصاد إما أن يكون نعمةً
وإما نقمةً تبعاً للظروف
المرافقة لها وللمدرسة الفكرية
التي ينطلق منها المرء حين
النظر إلى مفهوم السكان بمعناه
الاقتصادي التنموي تحديداً،
فالسكان نواة الدول، لأن قوة
عملهم هي وقود البناء الحضاري
اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً،
وغالباً ما كانت الحضارات
الإنسانية ترى في تعاظم عددهم
تعاظماً لقوة الدولة ولكن
بالطبع دون إغفال مواردها من
ماء وكلأ ومساحة جغرافية وثروات
زراعية ومعدنية.. الخ، وصولاً
إلى الموقع على خريطة المناخ
وخريطة التأثير والتأثر
بالمحيط. وبالنسبة لسورية تشير الإحصاءات إلى أن
نسبة النمو السكاني بلغت خلال
السنوات الأخيرة نحو 2.5% ولكنها
في حقيقة الأمر تراجعت عما كانت
عليه خلال عقد التسعينيات حيث
قاربت ال4%، وإذا كانت الأصوات
التي تعلو اليوم مطالبةً بإعادة
النظر بالسياسات السكانية
تنطلق في دعوتها من «محدودية»
الموارد الطبيعية في البلاد،
فإن هدفها الأكبر هو لفت
الانتباه إلى أن «النمو السكاني
يلتهم معدلات النمو الاقتصادي»،
ولكن مع تمحيص سريع في المسألة
يتبين أن معدل النمو السكاني
عملياً أصغر من معدل النمو
الاقتصادي البالغ حسب آخر
الأرقام الرسمية 4.8% فما حقيقة
الأمر؟ وهل يمثل النمو السكاني
تحدياً كبيراً للنمو الاقتصادي
في البلد، أم إن للمسألة أوجهاً
أخرى؟!. «الاقتصادية» حاورت بعض
الاقتصاديين لتوضيح الأمر. وجهات نظر مختلفة إن علاقة النمو السكاني بالنمو الاقتصادي
علاقة متعددة الأوجه ومعقدة إلى
حد كبير، وفي هذا الصدد يميز
الباحث الاقتصادي د.غسان
إبراهيم بين عدد من وجهات النظر
ويوضح ل«الاقتصادية» أن «كثيراً
من الاقتصاديين يبنون آراءهم في
هذه المسألة استناداً إلى
النظرية المالتوسية التي ترى أن
النمو السكاني أكبر بما لا يقاس
من نمو الموارد الاقتصادية
والنمو الاقتصادي بطبيعة
الحال، وبالتالي فإنهم يرون
مشكلةً في هذا الأمر تتعلق
بمستوى المعيشة وتتعلق بأن
النمو السكاني يلتهم دائماً كل
نمو اقتصادي وهذا سيؤثر سلباً
على مستوى المعيشة»، وتابع د.إبراهيم:
«بالنسبة لي فإن النظرية
المالتوسية- التي تعتبر من
النظريات التقليدية المتجددة-
هي نظرية صحيحة رياضياً وعملياً
إلى حد ما ولكنها ليست صحيحةً
نظرياً ومنطقياً، فأكثرية دول
الجنوب الفقير لديها معدل نمو
سكاني مرتفع جداً بالمقارنة مع
بلدان الشمال»، ويستدرك موضحاً
وجهة النظر الأخرى المستندة إلى
علم الاقتصاد السياسي والتي
تعتبر أن «معدل النمو السكاني
هو أساس ثروة أي مجتمع من
المجتمعات على الإطلاق، أي
بمعنى آخر العمل البشري أو
المشتغلين من السكان، أي قوة
العمل، وهذا الأمر صحيح نظرياً
ومنطقياً، إذ لا يمكن لقوة
العمل أو للسكان أن يشكلوا
عقبةً أمام النمو الاقتصادي
وإنما على النقيض من ذلك،
والمسألة هنا تتعلق بكيفية
إعادة توزيع الدخل بشكل عام، أي
العدالة الاجتماعية أو
السياسات الاقتصادية المتبعة
التي تجعل من النمو السكاني
مصدر قلق عبر تصويره على أنه
عقبة في وجه النمو الاقتصادي». وزيادةً في توضيح الأمر يشدد د.إبراهيم
على أن اقتصاديات العالم
الحديثة كلها تؤكد اليوم «دور
رأس المال البشري- قوة العمل-
ودور رأس المال الاجتماعي
ممثلاً بعناصر الثقة والعوامل
الأخلاقية من روح التعاون
وغيرها في تحقيق النمو
الاقتصادي، وهذا يعني- حسب
الباحث- أن المدارس الاقتصادية
العالمية عادت من حيث لا تدري
إلى التركيز على النمو السكاني
كحل اقتصادي، ولكن ليس أي نمو
سكاني وإنما النمو السكاني
النوعي، بمعنى قوة العمل
المؤهلة والمنظمة التي تسهم
بشكل مباشر سواء في رفع
الإنتاجية أو في رفع القدرات
التنافسية لأي بلد من البلدان»،
وكلام د.إبراهيم يشير بشكل أو
بآخر إلى أن مشكلة السكان في
سورية ليست مرعبةً إلى الحد
الذي يراه البعض أو يسوق له،
فالنمو السكاني لا يزال ميالاً
إلى تجسيد «النعمة» أكثر من
تجسيد «النقمة» على الاقتصاد
السوري، وهذه النقطة أثارتها «الاقتصادية»
مع الباحث الاقتصادي د.نبيل
مرزوق أيضاً فرأى أن «المشكلة
في سورية ليست مشكلة سكانية أو
ديمغرافية بالدرجة الأولى،
وإنما هي مشكلة تنموية لها
علاقة بخطط التنمية وقدرة
البلاد على تحقيق معدلات نمو
مناسبة لتحسين المستوى المعيشي
وتطوير الاقتصاد الوطني بشكل
عام وزيادة الفرص المتاحة
للداخلين الجدد إلى سوق العمل
على حد سواء». معدلات النمو السكاني تراجعت! ومن جهة أخرى تشير الدراسات إلى أن النصف
الثاني من القرن المنصرم شكل
طفرة سكانيةً في البلد، وأن ما
يسمى «الانفجار السكاني» حصل
تحديداً بين عامي 1960 و1981 حيث
ازداد عدد السوريين ستة أضعاف
ما كان عليه في 1905، وتعزو
الدراسات ذلك لارتفاع معدل
الزيادة السكانية في سورية
حينها إلى 3.3%، وتاريخياً ارتفع
عدد السوريين من 1.4 مليون في 1905
إلى 19.1 مليوناً في 2007، ثم ارتفع
حسبما أعلن المكتب المركزي
للإحصاء خلال 2009 إلى أكثر من 23
مليون نسمة- ولكن بمعدل تزايد
2.45% حسب أرقام الإحصاء نفسها-،
أي إن هناك تراجعاً في معدلات
النمو السكاني كمنطلق أول، وهنا
يلاحظ د.مرزوق وجود تراجع
وتباطؤ في معدل النمو السكاني
في سورية منذ أوائل التسعينيات،
وهذا التراجع حسب قوله: «عائد
إلى عدد كبير من الأسباب ومنها
تحسن مستوى المعيشة وتحسن
التعليم بشكل عام وتعليم المرأة
بشكل أساسي، إضافة إلى انتشار
وسائل منع الحمل وازدياد الوعي
بالصحة الإنجابية.. الخ»، ولكن
يوضح د.مرزوق أن «هناك أموراً
أخرى اقتصادية- اجتماعية جرت
خلال الفترة السابقة نفسها
وأثرت في الموضوع، ومنها
الارتفاع الشديد في سن الزواج
نتيجة عوامل اقتصادية بحيث أصبح
سن الزواج الأول للإناث هو 27 سنة
وبالنسبة للذكور نحو 30 سنة
وأكثر أحياناً، وهذا يعني
تراجعاً في الإقبال على الزواج
أدى إلى انخفاض في الخصوبة
الزواجية وانخفاض الخصوبة بشكل
عام، يضاف إلى ذلك- حسب د.مرزوق-
عامل آخر لاحظه المكتب المركزي
للإحصاء في بياناته وهو تعاظم
الهجرة خارج البلاد خلال
السنوات الأخيرة، حيث ازدادت
أعداد المهاجرين ممن هم في سن
العمل إلى جهات وبلدان أخرى غير
بلدهم سورية، وهذا في الواقع
عامل سلبي- كان البعض ينظر إليه
على أنه عامل إيجابي لأنه يخفف
الضغط عن سوق العمل- وهو عامل
سلبي لأنه يحرم البلاد من
الطاقات الإنتاجية والمتعلمة
على وجه الخصوص». النمو الاقتصادي أكبر من السكاني يقول البعض: إن النمو السكاني «الكبير»
يهدد بابتلاع النمو الاقتصادي
المحقق، ولكن أليس على النمو
السكاني أن يكون أكبر من قرينه
الاقتصادي أولاً للخروج بهذا
الاستنتاج؟ فمن المعلوم أن معدل
النمو وحسب أدنى رقم أطلقته
الجهات الرسمية بلغ خلال العام
الماضي فقط 4.8% على حين تشير أحدث
الإحصاءات إلى أن النمو السكاني
لا يتعدى 2.5% ناهيك عن أن الهجرة
ابتلعت قسماً كبيراً منه ما لم
تكن ابتلعته كله، فما العلاقة
إذا بين النموين وما حقيقة
الأمر؟ يرى د.مرزوق أن «النمو الذي حصل خلال
الفترة المؤخرة وبحسب كل
الدراسات التقييمية التي
أجرتها الجهات المختلفة لم يكن
نمواً محابياً للعمل، أي لم
يخلق فرص عمل جديدة، وهذه هي
المشكلة الرئيسية في سورية،
وأساسها هو أن النمو حصل في
قطاعات غير منتجة لفرص العمل
وتركز في قطاعات المال
والعقارات والسياحة.. الخ، إذا
الخشية ليست من السكان وإنما من
النمو الاقتصادي وطبيعة هذا
النمو الاقتصادي». وبالعودة إلى د.إبراهيم فإنه يرى أن
المسألة في سورية وفي أي اقتصاد
آخر «تتعلق ليس بمقارنة النمو
السكاني بالنمو الاقتصادي فقط،
وإنما بمؤشرات أخرى تظهر مدى
ارتفاع أو انخفاض أو حتى مدى
كفاية النمو الاقتصادي نفسه،
فعندما نقول إن معدل النمو
الاقتصادي هو 4.8 أو 6 أو حتى 15%
فهذا الرقم بحد ذاته لا دلالة له
إلا بعد مقارنته برقمين أو
معدلين أساسيين هما: معدل النمو
السكاني ومعدل التضخم، فإذا كان
معدل النمو الاقتصادي أكبر من
هذين المعدلين مجتمعين فإنه
يكون معدل نمو اقتصادي حقيقي،
أما إذا كان معدل النمو
الاقتصادي أصغر من هذين
المعدلين مجتمعين فإنه يكون غير
حقيقي أو سلبي، أي إن الزيادة
السكانية مع معدل التضخم
يلتهمان النمو الاقتصادي»، وفي
سورية على وجه التحديد يوضح د.إبراهيم
أن «مجموع معدل النمو السكاني-
وهو من المعدلات المرتفعة على
الصعيد العالمي- مضافاً إلى
معدل التضخم المتراكم على مدى
سنوات هما أكبر من معدل النمو
الاقتصادي ولذلك فإن الناس لا
يشعرون بالنمو الاقتصادي
المحقق في سورية رغم أنه نمو
ممتاز، وبكلمات أخرى إذا قارنا
النمو الاقتصادي بمعدل النمو
السكاني وحده فسيظهر أن النمو
الاقتصادي إيجابي ولكن إذا
أضفنا معدل نمو التضخم إلى معدل
النمو السكاني فسيظهر أن النمو
الاقتصادي في سورية سلبي وغير
حقيقي». ويتابع د.إبراهيم
موضحاً: إن السبب في عدم شعور
السوريين بالنمو الاقتصادي
الحاصل في البلاد هو «كيفية
حساب معدل النمو الاقتصادي، فهي
تعكس ارتفاع معدلات النمو في
القطاعات الريعية في الاقتصاد
السوري على حين تعكس انخفاض
معدلات النمو في قطاعات
الاقتصاد الحقيقي من زراعة
وصناعة، وبمعنى آخر ليس هناك
استثمارات في القطاعات
الإنتاجية الحقيقية التي تخلق
فرص عمل، ولذلك فإن المواطنين
لا يشعرون على الإطلاق بأثر هذا
النمو الاقتصادي المرتفع، فلو
كان هذا النمو في الصناعة
والزراعة فكان لابد أنه سيخلق
فرص عمل، ولكنه للأسف في قطاعات
يُعدّ ما تخلقه من فرص عمل
منخفضاً، فهذه الاستثمارات في
القطاعات غير الإنتاجية لا
تعتمد على كثافة العمل وهذا ما
يبدد آثار النمو الاقتصادي
الحاصل في سورية»، ولتفادي ذلك
يرى د.إبراهيم أنه من الضروري «أن
تميل السياسات الاقتصادية في
إجراءاتها الإصلاحية إلى
الاقتصاد الإنتاجي الإنمائي
والمعرفي على حساب الاقتصاد
الريعي». السكان والموارد والأقاليم أما عن علاقة النمو الاقتصادي بالموارد
ونموها بشكل عام، فيبين د.إبراهيم
أن هذا «يدخل في إطار التنمية
الإقليمية أو التخطيط الإقليمي
الذي يبدو أن سورية لم تصل إلى
مرحلة متقدمة فيما يتعلق به أو
بتوزيع النشاط الصناعي حسب
الموارد في المحافظات، وكانت
نتيجة ذلك تمركز كبير جداً
للسكان في أكبر محافظتين: دمشق
وحلب، والسبب في ذلك كما هو واضح
وجود الخدمات أو البنية التحتية
الضرورية للصناعة وكثرة
المنشآت وبالتالي تم هذا الحراك
الاجتماعي المتمثل بالهجرة من
الريف إلى المدينة»، ويتابع د.إبراهيم:
«لو تم اعتماد سياسات اقتصادية
وإستراتيجيات تخطيط إقليمي
أكثر مرونة فإنه يمكن الحد من
ظاهرة تجمع قوة العمل في هاتين
المدينتين وهو ما يجري الآن
بصدد المناطق الشمالية الشرقية
في البلاد، أي بمعنى آخر لو يتم
توزيع المنشآت الاقتصادية
وخاصةً الصناعية حسب وجود
الموارد- سواء أكانت اقتصادية
طبيعية أم موارد بشرية أو مالية-
فإنه من الممكن حينها دعم هذه
المناطق لمنع الهجرة منها إلى
المدن الكبرى، وبغير ذلك سيبقى
هناك تفاوت اقتصادي وتفاوت في
مستوى المعيشة بين المحافظات
والأقاليم». وكلام د.إبراهيم
يظهر بوضوح أنه ما من داع للقلق
على الموارد في حال تم إجراء
تخطيط إقليمي جيد للمحافظات
السورية، ورغم ذلك يتابع: «إن
القصة كلها تتعلق بما يسميه علم
الاقتصاد التخصيص الأمثل، وليس
هناك قلق إذا ما تمت إعادة تصويب
السياسات الاقتصادية أو
الإستراتيجيات بما يمنع أو يخفف
قدر الإمكان من عملية الحراك
الاجتماعي التي تعانيها بعض
المحافظات السورية». ما التحدي الأكبر حقيقةً؟! تجدر الإشارة إلى أن عرض مسألة السكان على
أنها التحدي الأكبر والتهويل من
تأثيراتها على الاقتصاد الوطني
أمر مبالغ فيه إلى حد ما، ولكن
على الرغم من ذلك لابد من توضيح
أن النمو السكاني في سورية هو من
أعلى معدلات النمو السكاني في
العالم، وهو أمر لا يثير القلق
بقدر ما يدعو إلى تبني سياسات
سكانية كفيلة بزيادة معدلات
الوعي بين السكان، وطبعاً بتبني
سياسات اقتصادية- اجتماعية
كفيلة بتحسين مستوى معيشة
الأفراد، ومن المعروف أن
السياسات السكانية تقوم دائماً
على الترغيب والإقناع، ويقول
الاقتصاديون- كما تؤكد الأرقام-:
إن معدلات التزايد السكاني في
سورية آخذة بالتناقص نتيجةً
لتحسن الكثير من المؤشرات
الاجتماعية، وبحسب د.إبراهيم
فإن تجربة الدول الصناعية
المتقدمة تؤكد أنه «كلما تحسن
مستوى المعيشة للأفراد، انخفض
معدل النمو السكاني، وهذه
النتيجة معاكسة لما يشاع بأن
تحسن المعيشة يرفع معدلات النمو
السكاني»، وتبرير ذلك حسب د.إبراهيم
بسيط «فالفرد يميل حين تحسن
مستوى معيشته إلى التفكير أكثر
بحرية الفضاء الشخصي، وكلما
ارتفع دخل الفرد فإنه يميل إلى
التخفيف من عدد أفراد أسرته
ليزيد استمتاعه بالحياة، فمن
لديه طفل أو طفلان ليس كمن لديه
سبعة أو تسعة!». وعلى هذا يمكن الجزم بأن رفع مستوى
المعيشة سيخفف من الآثار
السلبية للنمو السكاني، وخاصةً
أن معدلات النمو الاقتصادي في
سورية أعلى من معدلات النمو
السكاني، ولكن هناك عنصراً
غائباً في المعادلة أشار إليه د.إبراهيم
في بداية حديثه ل«الاقتصادية»
وهو معدل التضخم، فهل يمكن
قراءة الضرب على وتر النمو
السكاني كخطر يهدد النمو
الاقتصادي الوطني، على أنه
إبعاد لمسألة معدل التضخم عن
الواجهة؟!.. وهذا السؤال يزداد
مشروعيةً إذا ما أخذت المؤشرات
الكثيرة الدالة على تزايد هجرة
السوريين إلى خارج البلاد
بالحساب، فالهجرة كما هو معروف
تؤدي إلى امتصاص معدل النمو
السكاني نفسه، أي بتعبير آخر
إلى تخفيف الضغط عن سوق العمل
عبر تخفيض معدل البطالة بين
السكان بسبب هجرة نسبة معينة
منهم، وهذا يدفع إلى القول: إن
هناك عنصرين غائبين عن الواجهة
حين الحديث حول النمو السكاني
وآثاره على النمو الاقتصادي من
جهة وعلى الموارد من جهة أخرى
وهما: معدل التضخم ومعدل هجرة
السوريين، وسبب غيابهما ناجم
على ما يبدو عن أن إظهارهما
سيظهر الحقيقة التالية: إن
تأثير معدل النمو السكاني على
النمو الاقتصادي في سورية ضعيف
جداً، ولا خوف منه اقتصادياً
وإنما الخوف والقلق يتجسدان في
معدلات التضخم من جهة وفي طبيعة
النمو الاقتصادي الحاصل في
البلاد من جهة أخرى!. الحافلة السورية إذاً، يجب أن تتضافر عدة عوامل لتجعل من
النمو السكاني عنصر شغب في
الساحة الاقتصادية، وعملياً
ليست هذه العوامل متضافرةً في
سورية، فغياب معدل التضخم عن
الحسبة يجعله المتهم الأول
بابتلاع معدلات النمو
الاقتصادي، أما إذا كانت معدلات
التضخم قد انخفضت بتأثير الركود
الذي يصيب العالم منذ نهاية 2008،
وإذا كانت معدلات هجرة السوريين
مستقرة نسبياً خلال السنوات
الماضية- 4.3 بالألف خلال العقد
الأول من القرن الحادي والعشرين-،
فإن دائرة الشك تضيق حول معدل
النمو الاقتصادي وطبيعته نفسها
لتصب المشكلة في خانة توزيع
الدخل الوطني الناجم عن النمو
المحقق، ومدى تطابقه مع الحاجات
الاجتماعية في البلد. ويمكن فهم الحاجات المختبئة خلف المسألة
ببساطة عبر تخيل سورية حافلةً
كبيرة تتسع ل50 شخصاً وتستعد
لنقل 23 شخصاً من واقع اقتصادي
إلى آخر (وليكن الشخص المفترض
هنا ممثلاً لمليون شخص في
الواقع)، وعند تخيل هذا سيتضح أن
معظم الأفراد يرغبون في الصعود
في المقاعد الأمامية (دمشق وحلب)
التي لا تتسع لأكثر من 10 أشخاص
عملياً، ورغبتهم هذه ليس مردّها
التمتع بالمناظر التي تظهرها
النافذة الأمامية، وإنما لكون
المقاعد الخلفية إما شديدة
الضيق وإما مهترئةً وإما غير
مريحة للجلوس، ولذلك فإن على من
يتولى الإشراف على الحافلة
المباشرة فوراً بتهيئة مقاعد
حافلته «الإشكالية» لترغيب
الأفراد فيها بدل تعاركهم على
حجز مقعد أمامي (في دمشق أو حلب)،
وذلك يخدم هدفين أساسيين أولهما:
عدم إتلاف المقاعد الأمامية
بسرعة؛ والآخر: تأمين توازن
الحافلة في مسيرها نحو الهدف
المنشود، وبغير هذا فإن مسألة
السكان قد تتحول لدى الأجيال
القادمة إلى مشكلة مستعصية الحل
حقاً، إلا أنها اليوم وبكل
تأكيد لم تصل إلى هذه المرحلة،
والخلل في أمر آخر. ================= الإعـلام
الاجتماعـي -1- البعد الاقتصادي نافذة الثلاثاء,
19 يناير 2010 الرابطة
الأهلية لنساء سورية – أمهات
بلا حدود يظن
البعض أن الإعلام الاجتماعي
بأبعاده أقل خطراً من الإعلام
السياسي. وقد ارتبط الحديث عن (الإعلام)
بالحديث عن السياسة. بحيث اعتبر
الإعلاميّ: حامل الميكروفون
للسياسي، والمسوّق أو الممهد
لقراراته أو المفسر والشارح لها.
على الحقيقة يعتبر الإعلام
الاجتماعي بأبعاده المتعددة،
وبتنوع الشرائح المجتمعية التي
يتوجه إليها، وبوسائله
المباشرة وغير المباشرة،
الإعلامَ الأخطر على النمط
الحضاري والحياتي اليومي لدى
المجتمعات الإنسانية كافة.. ويمكن
أن نجمل سياق الإعلام الاجتماعي
في ثلاثة أبعاد رئيسية ما يتعلق
منه بالاقتصاد وما يتعلق بأنماط
السلوك وأخيرا ما يتعلق
بالثقافة الكونية والقومية. في
الحديث عن البعد الاقتصادي لهذا
الإعلام، من حقنا أن نتسائل ما
هو الهدف الأساسي لهذا الإعلام؟..
في ظل واقع تنموي عالمي يشكو
دائماً من ضيق الموارد، وشحها،
وعجز (المسكونة) عن الوفاء
باستحقاقات السكان الأساسية.
فتنطلق من هذا الاعتبار كل
الدعوات المنظَّمة إلى تحديد
النسل، والسيطرة على ما يسمونه
الانفجار السكاني لأن موارد
الأرض على ما يقررون غير كافية
لسكانها.. توصيف
الواقع على هذا النحو يقتضي أن
تكون عناوين الإعلام الاقتصادي
العالمي من نوعية التوصيات التي
تنهى عن الإسراف والتبذير
والانهماك في الاستهلاك. وعلى
العكس من ذلك نجد أن التشجيع على
الاستهلاك بكل أشكاله هو الهدف
الأساسي للإعلام الاقتصادي.
اشتر، استهلك، جدد، غيّر.. وهي
نداءات تتكرر كل يوم وعلى جميع
شاشات الفضائيات، وعلى صفحات
المجلات والجرائد.. ومن
منظور آخر يمر الإعلام
الاجتماعي في بعده الاقتصادي،
من وجهة نظرنا، على جملة من
البرامج والمسلسلات التي تُقدم
من خلال بيئة مصبوغة بألوان
الاستهلاك، في الدول النامية أو
الأكثر فقراً.. فإذا
تابعنا البرامج التي تتحدث عن
المطبخ المنزلي مثلاً، نجد أن
الوجبات التي يتم تقديمها أو
توصيفها هي وجبات بعيدة كل
البعد عن متناول الشريحة
المتوسطة من الطبقات
الاجتماعية: أحضري: أوقية
لحم - وملعقة زبدة - و50 غرام من
اللوز المقشور وثلاث
بيضات منزوعة الصفار.. إن
قراءة عملية لإيحاءات الكثير من
/الوجبات/ التي تقدم على أجهزة
التلفاز العالمية والمحلية
تؤكد لك أن هذه الوجبات إنما
تقدم لشريحة خاصة من أسر
المجتمع من حيث القدرة والعدد.. وإذا
تابعنا القراءة فلا بد أن نلحظ
أن المطبخ الذي تقدمه هذه
البرامج، في
تجهيزه، وترتيبه وأدوات الطبخ
كل ذلك يوحي بمستوى من الترف أو (الفنتازية)
التي ليست دائماً في متناول
الشريحة الأكبر من أبناء
المجتمعات..!! خطورة
مثل هذا الإعلام بإيحاءاته
الخفية حين يبني بشكل غير مباشر
(تطلعات) أو (خيالات) الفتاة في
مطبخ المستقبل التي تبدأ بالحلم
به، ثم يفرض عليها الواقع بعد
ذلك أن تقبل بأقل منه مما يخلق
في الذات الفردية المجتمعية
حالة انكسار مباشرة. بل لعل هذه
الصور لمطبخ أكثر حداثة في
التجهيز والترتيب، تكون
بالمقارنة المباشرة مع واقع
أقل، سببا
للكثير من (النكد) الاجتماعي بين
الزوجين مما يتسبب في تحطيم
الأسرة أو يكدر سعادة زوجين!! إن كل
الصور (المصبوغة) التي يباشر
الإعلام الاقتصادي الاستهلاكي
تقديمها هي سبب مباشر أو غير
مباشر لكثير من النقمة التي
تنبعث في نفوس الغريرات أو
المغرورات.. وفي
الإطار نفسه يمكننا أن نصنف
سلوك مقدمات البرامج، ومذيعات
الأخبار على تلفزيوناتنا
المحلية. إن مقدمة البرنامج أو
قارئة الأخبار ما هي في حقيقة
الأمر إلا عاملة مدنية تقوم
بمهمة ذات أبعاد ثقافية
وسياسية، ولكنهن بالتأكيد: لسن
عارضات أزياء. إنه مما يثير
العجب والاستهجان أن يتحول
تقديم نشرة الأخبار إلى مسرح
لعرض الأزياء في تسريحة الشعر
وفي طراز الملابس وفي لون
الأظافر.. حالة من التعدد
والبهرجة، تخّلف هي الأخرى
أثراً غير محمود على نفوس
الشابات والمراهقات بشكل عام.. ولا
يمكن أن نغفل عن التداعيات
الاقتصادية غير الحميدة لأجواء
المسلسلات التلفزيونية التي
تتجاوز الواقع الاقتصادي
والاجتماعي، لتقدم للناس
انموذجا من الحياة لا ينتمون
إليه. نعتقد
أن التشخيص السلبي للواقع لا
يغني أبداً عن تقديم البدائل،
ونعتقد أنه قد أصبح من الضروري
أن توضع استراتيجية وطنية
لإعلام اجتماعي هادف يخدم
هويتنا وينطلق من واقعنا.
وسيكون السؤال وأين سيقع هذا
الخطاب من إعلام مفتوحة أسقفة
على العولمة التي تجتاح كل شيء ..
اعتراض لا يلغي حقنا في التأسيس
لاستراتيجية مجتمعية اقتصادية
تقوم على (القناعة والرضا)، ليس
بمعنى التقاعس عن العمل
والإنجاز، وإنما بمعنى رؤية
النعمة بما يتيسر وإسقاط مزدوجة
(الحاجة والإشباع) التي تضع
أفراد المجتمع في حياة اللهفة
ودوامة الشكوى واللهاث.. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |