ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 30/01/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


العودة الصاخبة الى الحرب على الإرهاب

الخميس, 28 يناير 2010

عمرو حمزاوي *

الحياة

مقيتة هي تلك العودة الصاخبة للحرب على الإرهاب وساحاتها وقضاياها ورموزها ومفرداتها الخطابية الى واجهة الرأي العام والنقاش الإعلامي العالمي بعد انزواء نسبي تميز به جل العام المنصرم.

فعلى رغم أن كثافة المواجهات العسكرية بين القوات الغربية العاملة في أفغانستان وحركة «طالبان» لم تتراجع شأنها هنا شأن وتيرة الصراع الدموي في باكستان بين مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية المدعومة أميركياً و «طالبان» وحليفها تنظيم «القاعدة» وكذلك هجمات هذا التنظيم في العراق، إلا أن عام 2009 شهد إرهاصات تحولات مهمة على صعد ثلاثة بدت معها منظومة العلاقات بين الدول والشعوب وكأنها أوشكت على التخلص من الإرث الكارثي لهجمات الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001 وعقلنة التعاطي مع ظاهرة الإرهاب.

فبعض الإجراءات التنفيذية والقرارات الرئاسية لإدارة أوباما، كالإعلان عن إغلاق معتقل غوانتانامو وإعادة شيء من ولاية أنظمة التقاضي الطبيعية للمعتقلين هناك وعموم الموقوفين بتهمة الإرهاب وإلزام الأجهزة الأمنية والاستخبارية احترام حقوق الإنسان والامتناع عن الممارسات التعذيبية، رتبت على صعيد أول ترشيداً طال انتظاره للفعل الأميركي الرسمي. على صعيد ثان، تجاوب الكثير من الحكومات وقطاع عالمي واسع من المنظمات غير الحكومية مع استبعاد أوباما للخطاب والسياسات البوشية في شأن الحرب على الإرهاب، بخلطها البنيوي بين الإرهاب والإسلام واختزالها إستراتيجيات المكافحة في توظيف مستمر للأدوات العسكرية والأمنية لا يتوقف عند مقتضيات الشرعية الدولية أو حقوق الإنسان. ثم ترك التجاوب هذا بصماته على الرأي العام الغربي والعالمي بجعله أكثر قابلية للاهتمام بطروحات تستند إلى وجوب تضمين العامل الاقتصادي-الاجتماعي والسياسي في مكافحة الإرهاب، إن في أفغانستان وباكستان أو العراق والصومال، والتعويل عليه للتخلص من العسكرة التي فرضتها ممارسات إدارة بوش.

على صعيد ثالث، أثمر حديث أوباما المتواتر والجذاب عن أولوية الديبلوماسية كأداة لإدارة العلاقات الدولية على أساس التوافق والاحترام المتبادل وحتمية البحث التفاوضي عن حلول سلمية للصراعات في الشرق الأوسط، وكذلك إعلانه التزام الولايات المتحدة الانسحاب من العراق ورغبتها في الخروج من أفغانستان، أثمر أجواء إيجابية تفاءلت في العالمين العربي والإسلامي بقرب تجاوز العلاقة مع القوة العظمى لوضعية الأزمة المستمرة منذ 2001، واستبشرت غربياً بتراجع شبح الحروب والمواجهات العسكرية إلى الحد الذي منح معه أوباما (أو بعبارة أدق نياته) جائزة نوبل للسلام في خواتيم العام المنصرم.

بيد أن الانزواء النسبي للحرب على الإرهاب عن واجهة الرأي العام والنقاش الإعلامي العالمي في 2009 لم يصمد طويلاً وسرعان ما تبعته خلال الأسابيع القليلة الماضية عودة صاخبة ارتبطت على نحو مباشر بالمحاولة الفاشلة لتفجير طائرة ركاب أميركية وبتحول اليمن إلى ساحة جديدة من ساحات الصراع المفتوح بين الولايات المتحدة وتنظيم «القاعدة»، وإن لم تقتصر عليهما. فالإجراءات الاحترازية والأمنية المشددة التي شرعت السلطات الأميركية والغربية في تطبيقها في المطارات والموانئ بعد «غزوة عمر الفاروق» لا تختلف كثيراً عن مجمل ما أعقب هجمات الحادي عشر من ايلول 2001، إن لجهة المقولات الرسمية الموظفة لتبرير الإجراءات المتخذة وما تتضمنه من تعسف واضح ضد المسافرين من بعض الدول العربية والمسلمة أو في ما خص الاسترجاع الغربي لبارانويا الخوف المغلّبة في سياق مكافحة الإرهاب للمكوّن الأمني على حساب المكوّن الحقوقي.

كذلك تتسم مفردات او مرتكزات خطاب إدارة أوباما والحكومات الغربية، بخاصة البريطانية، في شأن الصراع مع تنظيم «القاعدة» في اليمن وإستراتيجيات مواجهة إرهابه بتطابق شبه كامل مع ما دأبت إدارة بوش على ترديده حول أفغانستان (بعد إسقاط حكم «طالبان») والعراق (بعد احتلاله) وباكستان (مع تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية واستمرار وجود «القاعدة» في المناطق الحدودية مع أفغانستان). وعند النظر الى ذلك من جانب الغرب، يتماثل اليمن اليوم مع هذه البلدان الثلاثة في كونه يختزل اساساً إلى ساحة لنشاط تنظيم «القاعدة» تنبغي السيطرة عليها واحتواء خطرها من خلال تكثيف المساعدات العسكرية والأمنية والاستخبارية للحكومة اليمنية العاجزة بمفردها عن مواجهة «القاعدة». ثم يضاف الى هذا الاختزال شيء من الحديث الغربي المعهود عن أهمية النهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في اليمن وتنفيذ إستراتيجيات تنموية طموحة بهدف «تجفيف منابع الإرهاب»، وهو ما سيدور على الأرجح في السياقات ذاتها التي حددت مضامين اهتمام الغرب وسياساته في المجالات غير الأمنية تجاه أفغانستان والعراق وباكستان خلال الأعوام الماضية، وتلك لم تتعدَ في أفضل الأحوال تخصيص مساعدات اقتصادية ومالية محدودة وتشجيع المنظمات الدولية والغربية غير الحكومية على تنفيذ بعض المشاريع التنموية هناك، بينما توقفت في أسوئها عند عقد مؤتمرات دولية حاشدة ضعيفة الحصيلة الفعلية على رغم زخمها الديبلوماسي وتكرار علني للالتزام الغربي بدفع هذه البلدان المأزومة نحو التنمية افتقد الترجمة العملية.

على أن عودة الحرب على الإرهاب إلى الواجهة عبر بوابتي محاولة تفجير الطائرة الأميركية والأوضاع اليمنية، ما كان لها أن تثير كل هذا الصخب خلال الأسابيع الماضية لولا براعة التوظيف السياسي والإعلامي الذي تمارسه القوتان الرئيستان المستفيدتان من العودة المقيتة هذه: اليمين الأميركي المحافظ وتنظيم «القاعدة». فمن جهة وبعد أن استفاد من تعثر السياسات الداخلية لإدارة أوباما ومحدودية المردود الفعلي لأجندتها التغييرية في السياسة الخارجية لاستعادة بعض ما فقده من قبول شعبي وحيوية خطابية قبل وأثناء وفي أعقاب الانتخابات الرئاسية عام 2008، يجدد اليمين المحافظ باقتدار صناعة صورته الذاتية كالمدافع الأول عن أمن المجتمع الأميركي وسلامة مواطنيه من خلال مطالبة أوباما تارة بتشديد الإجراءات الاحترازية والأمنية في الداخل وتصعيد المواجهة العالمية مع «القاعدة»، وتارة أخرى بالتشكيك في قدرته على الاضطلاع بمسؤوليات الحرب على الإرهاب وهو الرئيس المشغول بمعسول الخطاب عن واقع السياسة والمعني بالالتزامات المعنوية المترتبة على جائزة نوبل للسلام أكثر من مقتضيات الأمن القومي. سيل من الاتهامات لأوباما بالتخاذل والضعف وللديموقراطيين بالنظرة المثالية الخائفة دوماً من توظيف الأدوات العسكرية تجري به أقلام اليمين المحافظ في الصحافة الأميركية وتتعالى أصداؤه في الإعلام المرئي والمسموع ليرتب تورط رئيس أضحى خائفاً من النظرة الشعبية السلبية وإدارة مترددة تتراجع معدلات قبولها لدى المواطنين في استخدام متصاعد وغير محسوب لسابق خطاب وسياسات بوش الداخلية والخارجية في ما خص الحرب على الإرهاب.

أما «القاعدة»، فقد تحينت منذ دخول أوباما البيت الأبيض اللحظة المناسبة للهجوم السياسي والإعلامي على رئيس أميركي تحدث في اسطنبول والقاهرة عن احترام الإسلام والمسلمين وأسقط بداية مفردات الحرب على الإرهاب من قاموس الخطاب الرسمي ووعد بالعمل على حل قضايا الصراع العربي - الإسرائيلي من طريق التفاوض في أطر تضمن الحقوق العربية والتزم الانسحاب من العراق وإغلاق غوانتانامو. والحقيقة أن تنظيم «القاعدة» ورموزه لم يكونوا يتمنون أفضل من التواكب الحاصل اليوم بين غياب الإنجاز عن جل وعود السياسة الخارجية التي أطلقها أوباما باتجاه العالم العربي والإسلامي وبين تجديد إدارته لتورط الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب كسياق للهجوم عليه، يتم توظيفه في خطوة تالية لإعادة إنتاج الخطاب الذي يشرّع القتل والعنف كسبيل وحيد للتعامل مع «غطرسة» الأميركيين و «تكبرهم». والحال أن أسامة بن لادن نجح في الاضطلاع بالمهمة هذه إلى حد بعيد، بتبنيه في شريطه العلني الأخير «غزوة عمر الفاروق» وتعليلها بانحياز الولايات المتحدة المستمر لإسرائيل، ومن ثم مسؤوليتها المباشرة عن عذابات الفلسطينيين في قطاع غزة وأوضاعهم المأسوية. وفي الاتجاه ذاته ذهب أيضاً تذكير بن لادن العرب والمسلمين بالربط التقليدي في خطاب «القاعدة» بين حرمة الدم الفلسطيني الغائبة بفعل الانحياز الأميركي لإسرائيل وبين رغبته التي يراها مشروعة في الانتقام باستباحة دماء الأميركيين.

* أكاديمي مصري.

============================

التهديد النووي في أوروبا

بقلم : د. إينا ميخائيلوفنا

البيان

28-1-2010

تبدو الولايات المتحدة الأميركية وكأنها الدولة التي تقود الحملة ضد انتشار الأسلحة النووية في العالم، وتسعى بجدية لعقد اتفاق جديد مع روسيا حول الحد من هذه الأسلحة، ولكن واقع الأمر أن واشنطن ترفع الشعار باليمين وتفعل العكس باليسار.

 

صحيفة «التايمز» البريطانية نشرت مؤخرا تقريرا لخبراء عسكريين أميركيين، يقول إنه «في قواعد جوية في خمس دول أوروبية هي ألمانيا وإيطاليا وهولندا وبلجيكا وتركيا، يوجد نحو مائتي رأس نووية أميركية من النوع الذي يلقى من الجو».

 

هذه الرؤوس النووية يسمونها في واشنطن «المظلة النووية الأوروبية»، والخبراء الأميركيون في تقريرهم يحذرون بشدة من استمرار الاحتفاظ بهذه الرؤوس النووية في أراضي هذه الدول الخمس التي لا تنتج سلاحا نوويا ولا تفكر في إنتاجه، ويقول الخبراء إن هذه الرؤوس النووية تشكل خطرا محدقا على أوروبا نفسها.

 

هذه الرؤوس النووية من إنتاج الولايات المتحدة، وهي التي تملكها وهي المسؤولة عن حمايتها وصيانتها في أوروبا، ويمكن في حالة اندلاع أية حرب قريبة من أوروبا أو في أوروبا نفسها، أن تصبح هذه القنابل جاهزة للاستخدام بأوامر من قيادة حلف الناتو.

 

ومن يتصور أن هذا أمر مستبعد يكون مخطئاً، لأن الأوضاع على الساحة الدولية الآن أصبحت تقبل كافة الاحتمالات، في ظل تهديدات مبهمة من جهات غامضة لا نعرف عنها شيئا، لكننا نسمع عنها كل يوم وكأنها تعيش معنا.

 

المادة الخامسة من اتفاق واشنطن حول تأسيس حلف شمال ألأطلسي، تنص على أنه «في إطار التعاون المشترك وتقديم المساعدات العسكرية بين الدول أعضاء الحلف، فإن قيادة الحلف تستطيع إلزام أية دولة عضو في الحلف بقبول السلاح النووي على أراضيها، بهدف دعم الأمن».

 

الآن بعد عشرين عاما على انهيار جدار برلين وانتهاء الحرب الباردة وانهيار المعسكر الاشتراكي، تريد واشنطن من هذه الدول الأوروبية الخمس أن تكون مستعدة لأي حرب نووية، وتلزمها بتخزين هذه الرؤوس النووية على أراضيها والإنفاق على حمايتها وصيانتها، وأيضا ملزمة بقبول الخبراء والعسكريين الأميركيين على أراضيها، ليدربوا جيوشها على استخدام هذا السلاح المدمر للبشرية، كما أنها ملزمة باقتناء الطائرات الأميركية المعدة لحمل هذه الرؤوس وإلقائها من الجو.

 

واشنطن التي تقود حملة هجومية على إيران وكوريا الشمالية بسبب السلاح النووي، وتدعي عدم التزامهما بالمعاهدات الدولية، تخالف هي نفسها وبشكل صريح نصوص المعاهدات الدولية حول الحد من انتشار السلاح النووي، هذه المعاهدات التي تحرم على الدول التي تملك السلاح النووي أن تنشره في أراضي الدول الأخرى التي لا تملكه، كما تحرم على هذه الدول قبول هذا السلاح على أراضيها.

 

الدول الخمس المذكورة كانت قد قبلت بوجود هذه الرؤوس النووية على أراضيها، بدافع إحساسها بالنقص وسط الدول التي تملك هذا السلاح، لكن هذه الدول الآن تستشعر الخطر من استمرار وجود هذه الرؤوس النووية على أراضيها، وواشنطن تمارس عليها ضغوطا مختلفة للقبول باستمرار الوضع على ما هو عليه.

 

وقد طرحت هذه القضية بشكل حاد للنقاش في إطار الاتحاد الأوروبي، بعد أن ظهرت تقارير لخبراء أميركيين، تقول إن أوضاع تخزين وصيانة هذه الرؤوس النووية الآن غير صحيحة وغير مطابقة للمواصفات، الأمر الذي يشكل خطرا نوويا محتملا في أي وقت في القارة الأوروبية، ولكن قيادة حلف الناتو مصممة على بقاء هذه الرؤوس النووية في أراضي تلك الدول.

 

لا شك أن روسيا التي تولي اهتماما خاصا للأمن الأوروبي الذي تتعامل معه كجزء لا يتجزأ من أمنها، لن تقبل استمرار هذه الأوضاع، وربما تكون قضية هذه الرؤوس النووية في أوروبا إحدى المشاكل غير المعلنة، التي تواجه توقيع اتفاق الحد من انتشار الأسلحة النووية بين موسكو وواشنطن.

============================

اميركا تحتاج إلى رزمة تحفيز ثانية

بقلم :جوزيف ستيغليتز

البيان

28-1-2010

في ما يتعلق بفرص الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة، يمكن القول إننا ابتعدنا قليلاً عن شفير الهاوية، لكن الوضع الحالي لا يمكن أن يوصف بأنه انتعاش قوي. وربما يكون الركود قد انتهى بحسب توصيف الاقتصاديين، لكنه لم ينته ولا يوشك على الانتهاء، بحسب توصيف الأميركيين العاطلين عن العمل أو الذين لا يجدون من يشتري البضائع التي ينتجونها.

 

ربما يكون معدل البطالة الرسمي 10%، لكن عندما نأخذ في الاعتبار أولئك الذين توقفوا عن البحث عن وظائف، بسبب استمرار الركود لكل هذه الفترة الطويلة، تصبح الصورة قاتمة حقاً. وبما أن مكتب إحصاءات العمل يجمع البيانات حول أولئك الذين يئسوا من البحث عن وظائف أو قبلوا العمل بدوام جزئي، يتبين لنا عند أخذ تلك البيانات في الحسبان أن مستوى البطالة الحقيقي في الولايات المتحدة تجاوز 19%.

 

وهذا يعني أن واحداً من بين كل خمسة أميركيين يبحثون عن عمل، لن يستطيع الحصول على وظيفة الآن. و4 من بين كل عشرة أميركيين لا يجدون عملاً، فقدوا أعمالهم منذ ما لا يقل عن ستة أشهر، وهذا يعني أن كل مدخراتهم قد نفدت على الأغلب، في حين تتضاءل فرص العثور على وظيفة جديدة، وهذا وضع خطر. وتبدو الصورة أشد قتامة بالنسبة لمن هم فوق سن الخمسين، وحتى أشد قتامة بالنسبة للشباب السود الذين بلغت نسبة البطالة بينهم 50%.

 

ومن الشائع القول بأن نمو الوظائف يأتي عادة متأخراً بعد بداية الانتعاش، لكن الحقيقة هي أن الانتعاش لم يكن قوياً بما يكفي، لتوليد ما يكفي من الوظائف للداخلين الجدد إلى سوق العمل، ناهيك عن خفض معدلات البطالة من 10 إلى 5%. ولكي يحدث هذا في الولايات المتحدة، لابد من توفر معدلات نمو لا تقل عن 3%. وأنا شخصياً لا أتوقع أن يتجاوز النمو ذلك المستوى في 2010 و2011.

 

والمشكلة الجوهرية داخلياً وعالمياً هي أن ما ساعد على استدامة مستويات النمو المرتفعة في سنوات ما قبل الأزمة، هو الفقاعة الاقتصادية التي أتاحت للناس العيش بمستوى يفوق إمكانياتهم، عن طريق الاقتراض. ففي سنة واحدة، استدان الأميركيون 950 مليار دولار، عن طريق إعادة تمويل قروضهم العقارية. وخلال تلك الفترة انخفض معدل الادخار في الولايات المتحدة إلى صفر. والتحليل هو أن هذا النمط غير المستدام ما كان له أن يدوم.

 

والوجه الآخر للفقاعة المنفجرة، هو تراجع الاستهلاك. وهذا أمر جيد على المدى الطويل، لكنه يمثل مشكلة على المدى القصير. وفي هذا السياق فإن التوسل للزبون حتى يعود إلى الاستهلاك، يبدو أمراً مضحكاً. فمن ناحية، لا ينبغي لنا تحت أي ظرف أن نعود إلى عهدنا السابق في العيش، فوق حدود إمكانياتنا الحقيقية في الولايات المتحدة، خاصة وأن هذا هو سبب الأزمة في المقام الأول. ومن ناحية أخرى، فإننا في الوقت الراهن عاجزون عن فعل ذلك، حتى ولو أردنا.

 

وهذا يعني أن من غير المحتمل أن نشهد انتعاشا قويا عما قريب، لأن غياب الاستهلاك القوي، يعني غياب الاستثمارات القوية.

 

وفي أزمة 97-1998، عندما مرت كوريا، على سبيل المثال، بأزمة مشابهة، استطاعت أن تشق طريقها إلى الانتعاش، عن طريق تصدير ما تصنعه إلى الولايات المتحدة وغيرها من البلدان القادرة على استهلاك منتجاتها. لكن الآن في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في كل من أوروبا والولايات المتحدة، لا يمكننا أن نتلمس مخرجنا من الأزمة عن طريق التصدير، إلا إذا وجدنا طريقة للتصدير إلى المريخ مثلاً.

 

هناك جزء من العالم بدأ يشق طريقه إلى الانتعاش، وهو آسيا. لكن برغم ديناميكية هذه القارة، فإن الطلب الإجمالي فيها لا يزال أقل من أن يتيح للولايات المتحدة الخروج من الركود عن طريق الصادرات.

 

وهذا يلقي بمسؤولية سد هذه الفجوة على الحكومة. وفي هذا الإطار، كان لرزمة الحوافز الأميركية أثر إيجابي، ولولاها لوصلت معدلات البطالة الرسمية الآن إلى 11 أو 12%. لكنها لم تكن كبيرة بما يكفي، أو مصممة بشكل جيد بما يكفي لإعادة معدلات التوظيف إلى المستويات الطبيعية.

 

ومن الأخطاء الأساسية في تصميم رزمة الحوافز، أنها لم تأخذ في الحسبان المشكلات المالية التي سيسببها الركود الاقتصادي للحكومات المحلية، على مستوى المدن والولايات.

 

وعندما ينخفض دخل الضرائب بسبب تراجع النشاط الاقتصادي، لابد من خفض الميزانيات. ولقد انخفضت العوائد على مستوى المدن والولايات بواقع 200 مليار دولار هذه السنة، مما اضطر الحكومات المحلية إلى تقليص إنفاقها، في الوقت الذي اتجهت فيه الحكومة الفدرالية لزيادة إنفاقها. وهذا الوضع سيتفاقم أكثر مع نهاية رزمة التحفيز في 2011.

 

لكن ما العمل؟ على الكونغرس أن يمرر رزمة تحفيز ثانية، وعليه أيضاً أن يحكم السيطرة على أزمة قروض الرهن العقاري، والتي كانت الشرارة التي أشعلت فتيل الانهيار المالي. فهذه السنة وحدها يتوقع أن تشهد السوق 5,2 إلى 3 ملايين دعوى استحواذ على عقارات مرهونة، بسبب التخلف عن سداد الأقساط.

 

وأخيراً، على البنوك أن تستأنف عمليات الإقراض، خاصة إلى الأعمال التجارية الصغيرة ومتوسطة الحجم، والتي تستطيع توليد فرص عمل جديدة. ولا يجب أن ننسى أنه من أجل هذا الهدف بالتحديد، أقدمت الحكومة أصلاً على إنقاذ البنوك، لكن الفكرة لم تنجح حتى الآن.

 

ليست هناك إلى الآن أية ضوابط حقيقية على عمل المصارف، فهي تحصل على تسهيلات ائتمانية بفائدة 0% من البنك المركزي، لكن ما الذي تفعله في المقابل؟ إنها تبحث في أنحاء العالم عن فرص للاستثمار في الاقتصادات القوية، ليس في الولايات المتحدة، بل في الأسواق الناشئة مثل البرازيل والصين. والآن بدأت هذه الممارسة بالتسبب في مشكلة هناك أيضاً، لأن أموال مضاربة بدأت تخلق فقاعات في تلك الأسواق.

ولحسن الحظ فإن تلك البلدان مرت بهذه الأزمة من قبل، ولديها لوائح وأنظمة مصرفية وسياسات نقدية أفضل من تلك المطبقة في الولايات المتحدة.

خبير اقتصادي أميركي حائز على جائزة نوبل

============================

أميركا وإيران تشتريان الوقت... لأسباب متناقضة

-37-

سركيس نعوم

النهار

28-1-2010

بدأ المسؤول الرفيع في "الدائرة" البارزة الاخرى داخل الادارة الاميركية اللقاء بالحديث عن ايران، قال: "اثناء زيارتك السابقة لواشنطن تحدثنا عن ايران، واشرتُ الى وجود استعداد عند الادارة (الجديدة في حينه) لفتح صفحة جديدة مع ايران انطلاقاً من ملفها النووي وابتداء به. لكنني قلت ان ذلك لا يعني اننا ذاهبون الى الحوار معها (Engagement) مغمضي العينين. نيتنا الحوارية (اي اميركا) كانت صادقة، وعلى الايرانيين ان تكون نيتهم صادقة لأن ذلك وحده يُنجح الحوار. نحن نشتري الوقت للتوصل الى تفاهم مع ايران. وايران تشتري الوقت لعدم التوصل الى تسوية معنا. وهناك فارق بين الموقفين الايراني والاميركي. الأسبوع الماضي اجتمعت مجموعة ال5+1 ولم تشارك فيه لأننا لم ندعها اليه نظراً الى عدم وفائها بوعودها. لم تنفذ ما اتفقت عليه المجموعة بل ما اتفقت المجموعة وهي عليه والذي كان اقتراحاً قدمه الدكتور محمد البرادعي المسؤول الأول في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. علماً ان البرادعي متهم من جهات دولية واقليمية كثيرة بأنه اقرب الى ايران منه الى المجتمع الدولي في موقفه من ملفها النووي وتالياً بأنه يراعيها. ونحن (اي 5+1) لن نجتمع ثانية مع ايران بسبب ذلك اذا استمر موقفها على حاله.

ان الايرانيين يريدون الحوار مع اميركا والمجتمع الدولي ولا يزالون يسعون الى بدئه. لكن ما هو هدفهم من ذلك؟ ولماذا يريدون الحوار؟ لتقطيع الوقت، ثم الا يخشون التوصل الى نتيجة سلبية بسبب مناوراتهم؟ وفي رأيي - اضاف المسؤول الاميركي الرفيع نفسه - "هناك ثلاثة التزامات اخذتها ايران على نفسها مبدئيا في اجتماع مجموعة ال5+1 في جنيف. منها ارسال الاورانيوم الذي في حوزتها الى الخارج لتخصيبه بنسبة 20 في المئة ثم اعادته وقودا يستخدم في انتاج الطاقة الكهربائية. ومنها ايضا السماح للمنظمة الدولية للطاقة الذرية بزيارة منشأة قم النووية التي لم تعلن ايران عن وجودها في السابق ولم تعلم الوكالة المذكورة بها وقد اكتشفت بواسطة استخبارات دولية. لم تنفذ ايران الا التزاماً واحدا من الثلاثة، وكان السماح لمفتشي الوكالة الدولية بزيارة منشأة قم النووية. الا ان هذه الزيارة "الاستكشافية" لم تكن جدية. ذلك ان المفتشين لم يدخلوا المنشأة بل تلقوا مستندات عنها من الايرانيين. في اختصار لا حوار اميركياً مع ايران من دون مقابل. ولذلك فإن عليها ان تتخذ قرارا نهائيا في هذا الشأن".

علّقت: يقول ايرانيون ان قيادتهم تشتري وقتا ولن تذهب الى تسوية مع ال5+1 لأنها واثقة من قدرتها على تعطيل موقف دولي ضدها سواء كان عسكريا او عقابياً (اي فرض عقوبات عليها) نظرا الى علاقاتها الجيدة بإثنتين من الدول الخمس التي تتمتع بحق النقض او "الفيتو" داخل مجلس الامن. ردّ: "حسن. لكن نحن حققنا تقدماً مع الروس وحتى مع الصين. عندما تيأس الادارة الاميركية او تتأكد ان ايران غير جدية في موضوع الحوار وتاليا التسوية حول ملفها النووي فانها ستذهب الى العقوبات. اي ستسعى مع مجموعة ال5+1 ومجلس الامن الى فرض عقوبات شديدة وقاسية على ايران. على كل حال عُقد اخيراً اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية حضرته الدول الخمس ذات العضوية الدائمة في مجلس الامن بحث في فرض عقوبات جديدة على ايران. ويمكن التأكيد ان ايران لم تلتزم حتى الآن أي حوار جدي حول ملفها النووي. لكن لا يمكن انكار انها قامت بخطوات غير متوقعة من كثيرين ربما. منها اجتماعها مع مجموعة ال5+1. ومنها مناقشة مشروع التسوية الذي قدمه الدكتور محمد البرادعي وقبوله من الناحية المبدئية. ومنها مبادرة القيادة الايرانية الى البحث في هذا المشروع المبدئي فور عودة الوفد الايراني من اجتماع ال5+1 في جنيف. طبعا لم يقبل الايرانيون المشروع حتى الآن، لكنهم لم يرفضوه بعد اي خطياً. وتركوا الباب مفتوحاً للبحث والحوار والمناقشة، ونحن كذلك. لكن اعيننا مفتوحة ولن نترك الايرانيين يستغفلوننا او يخدعوننا.

دعني اسألك عن سوريا - اضاف المسؤول الاميركي الرفيع نفسه، - لأن وقتي ضيق وعليّ ان اغادر بعد قليل للاشتراك في اجتماع مهم. ارسلت سوريا اشارات ايجابية عدة اخيرا منها استعدادها لاستئناف المفاوضات مع اسرائيل، عبر تركيا، وللتوصل الى تسوية سلمية موقتة. ومنها عدم وجود شروط مسبقة عندها لأي حوار او تفاوض مع اسرائيل. وقد ارسل بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل اشارات مماثلة الى سوريا. ما هو رأيك في الموقف السوري؟ اجبت: ابدأ بنتنياهو لأشير الى امرين: الاول، ان اشارته الايجابية الى سوريا قد يكون الهدف منها تبديد الغضب العربي وربما الدولي على موقفه من الموضوع الفلسطيني. وهذا يعني ان نتنياهو قد لا يكون جدياً. اما الامر الثاني، فأعبّر عنه بالسؤال الآتي: هل لا تزال شروط السلام مع سوريا وظروفه عند اسرائيل على حالها ام تغيّرت؟ اي هل لا تزال كما كانت ايام الرئيس الراحل حافظ الاسد؟ اعتقد أن الظروف والشروط المذكورة قد تغيّرت عند اسرائيل. اذ لم يعد مبدأ "الارض في مقابل السلام" كافياً ولا القراران الدوليان 244 و338. اسرائيل اليوم تخاف ايران وتخاف "حزب الله" ابنها. وتريد من سوريا امورا جديدة تزيل اخطار ايران عليها وحلفائها في المنطقة اي تريد الفصل بين سوريا وايران وبينها وبين "حزب الله" وحركة "حماس".

علّق المسؤول الاميركي الرفيع نفسه: "هذا الكلام صحيح. اسرائيل اياً يكن رئيس وزرائها تريد اعادة اصطفاف سورية استراتيجية كي تخوض حوار سلام معها (Realignement). السؤال هو هل تستطيع سوريا الانفكاك عن ايران "الحزب" و"حماس"؟ او هل تريد مفاوضات جدية مع اسرائيل توصلهما معا الى السلام؟" اجبت: رأيي انها لا تريد وانها لا تستطيع إن ارادت. وشرحت اسباب هذا الرأي بالتفصيل. ولن اسردها هنا لأنني تطرقت اليها في "حلقات" سابقة عن زيارتي الاستطلاعية او الاستكشافية في اميركا. انهى المسؤول الاميركي الرفيع بالتأكيد ان "الرئيس اوباما لديه مشكلات عدة ضخمة داخلية وخارجية وانه يحاول حلها او على الاقل تحقيق تقدم على طريق حلها" وبالتأكيد ايضاً "ان اميركا اعطت ايران تأكيدات (Assurances) ان الاورانيوم الذي سيخصّب خارجها سيعاد اليها بعد تخصيبه".

ماذا عن لبنان ومشكلاته ومنها قواه الاجنبية والعسكرية وتسليحها في جعبة عامل نشط في "دائرة" ثالثة بارزة داخل الادارة الاميركية؟

============================

استحقاقات وتحديات

آخر تحديث:الخميس ,28/01/2010

الخليج

عبد الزهرة الركابي

العام الجديد لن يكون في حال أفضل من سابقه، بل إن الاستحقاقات التي تعذر حصولها في العام المنصرم، بات أمر حصولها في هذا العام كبيراً، بيد أن التحديات التي تواجه هذا العام، المتوقعة أو التي ستستجد، ستشكل ثقلاً وخطورة على أكثر من منطقة في العالم، وهذه التحديات تتمحور في جوانب بيئية وطبيعية واقتصادية وسياسية وعسكرية، وقد تحفل الأحداث بنواتج ربما تفوق ما كان مستطلعاً في هامش أسوأ الاحتمالات .

 

وإذا كانت الأزمة المالية التي اندلعت في خريف عام 2008 أثر انهيار مصرف (ليمان براذرز) وأحدثت ما يشبه الزلزال الذي لم تنته هزّاته الارتدادية بعد، قد شغلت اهتمام ومخاوف المعنيين والسياسيين في العام الفائت، فإن هناك أملاً في تحسن النمو الاقتصادي بشكل جزئي في العام الجديد، وحسب خبراء المال والاقتصاد، ستظل الأزمة المالية والاقتصادية تشكل معاناة للعالم، وستظل ذيولها جاثمة على الأسواق، وربما ستطول إلى عامين آخرين على الرغم من التغلب على أسوأ مراحلها، الأمر الذي يتطلب من الدول الأكثر تضرراً من هذه الأزمة، أن تواصل حماية اقتصادياتها بعمليات وإجراءات فاعلة، تعيد الإنعاش والطمأنينة والاستقرار إلى مؤسساتها المالية الاقتصادية التي طالها الضرر والتدهور .

 

وفي الجوانب الأمنية والسياسية والعسكرية، تظل الحرب في أفغانستان وامتداداتها في باكستان في أتون الاشتعال المتزايد، وربما كانت في العام الماضي تشكل حرباً كونية بحجم مصغر إذا صحت التسمية، نظراً لمشاركة أكثر من دولة فيها، وبعدما وصلت الى ذروة عالية من الخطورة، فإن أغلب توقعات المحللين والمراقبين تؤكد، أن في العام الحالي ستشهد هذه الحرب اشتعالاً وضراوة أعلى، وأكثر ما يلفت الانتباه في هذه الحرب، هو أن المأزق الفيتنامي لأمريكا إذا ما تم استحضاره في هذا العام، سيكون أهون شراً بالنسبة إليها من المأزق الأفغاني، خصوصاً وأن إدارة أوباما استعادت نهج إدارة بوش في هذه الحرب عبر المكابرة والإصرار، وبالتالي فهي ليست في وارد الانسحاب أو التراجع، حيث ستظل أمريكا تلعق بجراحها ضمن جبهة ما يسمى (الحرب على الإرهاب) .

 

ومن أخطر المستحقات والتحديات في آن، هو الملف النووي الإيراني الذي يُعتبر من أهم الملفات ليس في المنطقة وحسب وإنما في العالم، حيث أصرت إيران على المضي قدماً في طريق طموحها النووي، وعلى الأرجح ان العام الجديد سيضع إيران أمام فرض عقوبات جديدة عليها تكون أشد وطأة، وأن تلقى منشآتها النووية ضربات متعددة المصادر، ربما تكون “إسرائيل” أحد هذه المصادر .وتبقى حرب العراق في هذا العام تتأرجح انعكاساً متهالكاً على السلطة الشكلية بين الجماعات السياسية التي ارتضت ممارسة العملية السياسية البائسة في ظل الاحتلال، خصوصاً أن تدهور الأمن على النحو الذي حدث في العام ،2009 يؤشر إلى واقع مريب، وهو الذي يتعلق بموعد الانسحاب الأمريكي في العام ،2011 اعتماداً على حقائق لا يختلف عليها اثنان، وهي احتفاظ أمريكا بوجود عسكري كبير في الأراضي العراقية تحت مسميات وذرائع عدة، وهو ما أكدته الاتفاقية الأمنية التي وقعتها واشنطن مع حكومة المالكي مثلما هو معروف .

 

وأكثر التحديات تعقيداً، تقف في المنطقة العربية التي تئن بأحداث الصومال، هذا البلد الذي تعم فيه الفوضى والحرب الأهلية وتداخل الغزو الإثيوبي، وهو الواقع الذي نتج عنه، شيوع القرصنة الصومالية التي فشلت أساطيل القوى الكبرى في وضع حد لها في العام الذي ودعناه، ومن المتوقع أن تستمر هذه القرصنة على نحو يهدد المنافذ البحرية العربية والدولية، في موقع جغرافي تتصاعد فيه الحرب في أكثر من جبهة، مثلما هو السائد في اليمن، هذا البلد العربي الذي أضافت أحداثه خطراً انفصالياً يسلط تهديده على أكثر من بلد عربي .

 

في حين أن السودان يحاول معالجة أحداثه على نحو حاسم في العام الجديد، لاسيما أن الأمر يظل متوقفاً على الانتخابات العامة القادمة، وكذلك على إجراء استفتاء وحدة الجنوب والشمال، أو انفصالهما في العام 2011 .

 

ويستمر التحدي المركزي للعرب في هذا العام، متمثلاً في القضية الفلسطينية كسابق الأعوام المنصرمة، ولا يعتقد المحللون في هذا الجانب، أن حظوظ السلام على المحور الفلسطيني - “الإسرائيلي” ستصل إلى مبتغاها، لاسيما مع وجود حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة، وتقاعس إدارة أوباما عن الضغط الجدي على الدولة العبرية كي تتوقف عن عمليات الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، من أجل إيجاد الأرضية المناسبة لاستئناف المفاوضات بين السلطة الفلسطينية والكيان .

============================

هل ينسحب أوباما أمام بيبي؟!

المستقبل - الخميس 28 كانون الثاني 2010

العدد 3551 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

يمتحن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الادارة الاميركية منذ اشهر عدة. لما وجدها ضعيفة ومترددة، انقض عليها بهدوء منتزعا منها ما يسعى اليه وهو استبعاد الدور الفعال لواشنطن في الشرق الاوسط عموما وفي كل ما له علاقة بعملية السلام على وجه التحديد. يدرك نتانياهو ان لا امل بتسوية من دون دور اميركي. لذلك يرى ان من الضروري تحييد واشنطن وجعلها ترضخ للارادة الاسرائيلية. ما يؤمن به رئيس الوزراء الاسرائيلي هو مبدا التفاوض من اجل التفاوض الذي يسمح له، مع مرور الوقت، بخلق وقائع جديدة على الارض. تسمي اسرائيل هذه الوقائع امرا واقعا لا بدّ من اخذه في الاعتبار في اي تسوية يمكن التوصل اليها يوما ما. بكلام اوضح، ان حدود الدولة الفلسطينية تحددها حدود المستوطنات الاسرائيلية التي تشكل تكريسا للاحتلال. لم تنسحب اسرائيل من جانب واحد من قطاع غزة صيف العام 2005 الا من اجل تكريس احتلالها لجزء من الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. مثل هذا الامر ليس ممكنا في حال كان هناك دور اميركي فعال. يتوجب، من وجهة النظر الاسرائيلية، الغاء هذا الدور. هل ترضخ ادارة اوباما، ام لا تزال قادرة على الوقوف في وجه رئيس الوزراء الاسرائيلي؟ هل انتصر بيبي على اوباما بالضربة القاضية؟ لا بد من الانتظار للحصول على الجواب الشافي، علما انه لا يمكن الاستخفاف بالادارة الاميركية الحالية التي لا تزال تمتلك اوراق ضغط على اسرائيل. من بين هذه الاوراق وجود سياسيين نافذين في الدولة العبرية يؤمنون بان لا مستقبل لاسرائيل في غياب علاقات جيدة بينها وبين الولايات المتحدة وان هذه العلاقة يجب ان تكون في سلّم الاولويات الاسرائيلية... ولكن ماذا اذا استطاع نتانياهو الاستفادة من ضعف باراك اوباما وأقام علاقات متميزة مع واشنطن من دون الاضطرار الى اي مراعاة للرغبات الاميركية؟

استطاع بيبي، اقلّه حتى الان، تسجيل نقاط في المرمى الاميركي. انتهى الامر بانه بات على الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس (ابو مازن) الذهاب الى المفاوضات في غياب مرجعية واضحة من جهة واستمرار توسيع المستوطنات من جهة اخرى. ظاهرا، انتصر نتانياهو على باراك اوباما الذي اعترف بهزيمته بعد سنة اولى امضاها في البيت الابيض. اكتشف اوباما انه لا يعرف شيئا عن الشرق الاوسط وتعقيداته وان عليه ان يأخذ دروسا خصوصية في هذا الحقل المزروع بالالغام، كل انواع الالغام. اكتشف الرئيس الاميركي انه استخف بالصعوبات التي ستواجهه في سياق المحاولات التي يبذلها من اجل اطلاق المفاوضات الفلسطينية- الاسرائيلية. كان الاعتراف الصادر عن الرئيس الاميركي فعل شجاعة. هل يساعده ذلك في اعادة تقويم سياسته اخذا في الاعتبار ان اسرائيل مصدر العقبات وان الفلسطينيين فعلوا كل ما في استطاعتهم من اجل نجاح وساطته... ام سيسعى الى البحث عن توازنات غير موجودة نظرا الى ان لا مجال للمزج بين الماء والزيت، اي بين قيام دولة فلسطينية مستقلة "قابلة للحياة" من جهة واستمرار الاحتلال من جهة اخرى؟ في الواقع، لا مجال لاي تردد في هذا المجال. على اوباما ان يختار بين مفاوضات ذات مرجعية واضحة هي خطوط العام 1967 استنادا الى قرارات الشرعية الدولية من جهة وبين مفاوضات مرجعيتها حدود المستوطنات، او على الاصح، المستعمرات الاسرائيلية.

لعلّ افضل نصيحة قدِمت لاوباما هي تلك التي صدرت عن الملك عبدالله الثاني لدى استقباله المبعوث الرئاسي الاميركي جورج ميتشيل قبل ايام. دعاه العاهل الاردني الى متابعة جهوده من اجل تحقيق تسوية. لا بدّ من متابعة هذه الجهود ولا بدّ من ان تستهدف هذه الجهود اقناع نتانياهو بان الاحتلال لا يمكن ان يستمر وان الشعب الفلسطيني لا يستطيع العيش تحت الوصاية الاسرائيلية. المفاوضات لا يمكن ان تكون هدفا بحد ذاته. من يريد التفاوض من اجل التفاوض انما يقع في الفخ الذي ينصبه نتانياهو للفلسطينيين.

لا شك ان ادارة اوباما في وضع لا تحسد عليه. يخسر الرئيس الاميركي ثقة المواطنين بشكل يومي. هذا ما كشفته نتائج الانتخابات الفرعية التي جرت في ولاية مساتشوستس. للمرة الاولى منذ العام 1953، ينتصر الرشح الجمهوري على المرشح الديموقراطي في المنافسة على احد المقعدين المخصصين للولاية في مجلس الشيوخ. كشقت نتيجة الانتخابات لملء المقعد الذي شغر بوفاة السناتور تيد كينيدي مدى خيبة الاميركيين من ادارة اوباما ومن مشروع الرعاية الصحية الذي تطرحه وتصر عليه. تبين ان تراجعا حادا طرا على شعبية الرئيس الاميركي. هذا ما فهمه نتانياهو جيدا ويسعى الى الاستفادة منه الى ابعد حدود. السؤال كيف سيواجه الفلسطينيون هذا الوضع الجديد. الجواب انه حتى لو تراجعت ادارة اوباما امام حكومة نتانياهو، ليس امامهم سوى الصمود ومتابعة عملية ترتيب وضعهم الداخلي، اي البيت الفلسطيني.

هل ينسحب اوباما من المواجهة مع بيبي؟ في كل الاحوال، ليس ما يشير الى ان الرئيس الاميركي مستعد للاستسلام بدليل جولة ميتشيل في المنطقة. الذين يعرفون اوباما يقولون انه اصلب بكثير مما يعتقد وانه قادر على استعادة المبادرة. الواضح ان رئيس الوزراء الاسرائيلي يراهن على العكس وعلى ان اوباما صار "بطة عرجاء"... حسب التعبير الاميركي!

============================

مؤتمرات .. لا تدويل

الافتتاحية

الخميس 28-1-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

لاترد الملاحظات على المؤتمرات الدولية لمعالجة مواقع التسخين والمواجهة في العالم، من قبيل النقد أو الرفض لهذا الاهتمام.. لكن.. في مخزون ذاكرة النضال الشعبي للبشرية وجهود التحرر وصون الأوطان واستقلالها وسيادتها، ما لا يترك فرصة للثقة بالتدويل..

على العكس من ذلك هناك ذاكرة حية دامية عن التدخلات الدولية التي تصل إلى حدود الكوارث البشرية.. كما كان نشاط التحالف الدولي في غزو العراق.‏

إذاَ من ناحية المبدأ ليس الموقف من تدويل أو محاولات تدويل قضايا تشابكت خيوطها.. هو من باب رفض الجهد الدولي.. بل من باب احتمالات أن يكون للجهد الدولي هدف غير ما كانت الدعوة بشأنه.. والخطورة هنا.. أنه إذا كان ثمة من يستطيع أن يحوّل تشابك القضايا الإقليمية والحروب الأهلية أو شبه الأهلية إلى بؤرة استثمار قذر يعبر منه.. فقد يشجع مثل هذه التشابكات ويزيد في تعقيدها وتوتيرها.‏

بالأمس شهدت لندن مؤتمراً .. واليوم تشهد آخر.‏

بالأمس كانت اليمن.. واليوم أفغانستان.‏

وعلى المؤتمرين ظهرت ملاحظات كثيرة تشير بوضوح إلى اختلال الثقة «الكاملة» بهما.‏

عن المؤتمر الدولي الذي حددوا هدفه بحشد الدعم الدولي لمساعدة اليمن يقول أبو بكر القربي وزير خارجية اليمن في تصريح له:‏

إن بلاده تأمل في نجاح المؤتمر..‏

ويلاحظ مع حكومة اليمن أن التدخل الأجنبي في شؤون اليمن سيزيد من الدعم الداخلي لتنظيم القاعدة في المنطقة..‏

ويوضحون أنهم لا يريدون قوات أو قواعد أو جيوشاً أجنبية تقاتل في اليمن.. هم يريدون الدعم، وهم كفيلون بحل مشكلاتهم.‏

سمع مؤتمر لندن الصوت.. وعد بالدعم.. وخلّف سؤالين:‏

1- هل سيقتصر التدخل على الدعم؟!‏

2- متى سيأتي هذا الدعم.. وكيف؟ .. وما شكله.. ومن الذي يخطط له.. هل سيأتي كما يطلبه اليمنيون، أم كما قد يحاولون فرضه عليهم؟!.‏

الأشقاء في اليمن متفهمون للأمر.. وهم أصحاب القرار والتوجه ولاسيما أن أخباراً ترد عن نفحات العقل ترد عواصف الهيجان.‏

المؤتمر الدولي الثاني تشهده لندن اليوم عن أفغانستان.. ليس على جدول أعماله مناقشة ومحاسبة الذين بسياساتهم البغيضة الحربية العسكرية أوصلوا هذا البلد الفقير إلى هنا!!..‏

ليس على جدول أعماله أي رؤية واضحة.. إلا أن ثمة من يخشى الفشل الذريع المعلن، ويحاول أن يتمسح مسبقاً بالجهد الدولي!.‏

على هذا المؤتمر كان هناك أيضاً ردّ.‏

ردّ جاء من قمة استنبول.. قمة أفغانستان والدول المجاورة لها.. بصورة رئيسية باكستان وتركيا وحضرته دول عديدة في مقدمتها إيران والصين وروسيا..‏

والوارد من قمة استنبول أنهم يريدون أن يكونوا في مؤتمر لندن بصوت واحد..‏

هو ذا الصوت الذي يمكن أن يرشد مؤتمر لندن، وأن يفعل ما لا يستطيعه غيره، إن تلقى الدعم الصادق من مؤتمر لندن والدول التي تتمثل فيه.‏

دول المنطقة هي التي تحل المشكلة.‏

تحتاج إلى الدعم اللوجستي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً لكنها لا تحتاج إلى قوات غازية تقاتل عنها.‏

أعلم أن الوضع معقد جداً في هذا الجزء من العالم.. وليس من السهل على دوله حلّ ما تواجهه من مشكلات.. لكن الطريق طويل وهو الطريق.. ولا طريق آخر..! مهما طالت الحروب.. لا انتصار في أفغانستان ولا بثلاثين ألفاً ولا بأكثر من ذلك بكثير..‏

فلنكف عن التفكير بالحل العسكري.. أو بحلول التدويل.‏

============================

«هيئة تمزيق العراق»

صالح القلاب

الرأي الاردنية

28-1-2010

ليس لأن الجنرال ديفيد بترايوس قال هذا قبل أيام بل لأن ما قاله هو واقع الحال ف « هيئة المساءلة والعدالة «، التي تشكلت بعد غزو العراق مباشرة وفي ظروف غير هذه الظروف، أكدت بما يصل حتى حدود الأدلة الدامغة وكأنها أحد أذرع « فيلق القدس « التابع لحراس الثورة الإيرانية والذي لم تعد تحتمل تدخلاته في الشؤون العراقية الداخلية حتى بعض الإتجاهات والتنظيمات التي تعتبر نفسها ويعتبرها الآخرون ملتزمة بكل ما يريده الولي الفقيه في طهران.

 

لقد تصرفت هذه الهيئة، التي أُختير أحمد الجلبي رئيساً لها تحقيقاً لرغبة طهران وانسجاماً مع تطلعاتها في العراق، ومنذ البداية على أساس طائفي ومن منطلقٍ ثأري ليس ضد مخلفات النظام السابق وضد حزب البعث وإنما ضد السنة العرب الذين لا يزال هناك من يحمِّلهم وزر خمسة وثلاثين عاماً من حكم حُسب عليهم مع أن ما طالهم على صعيد القيادات وعلى صعيد القواعد يتجاوز ما طال الآخرين بمئات المرات.

 

كان الشيعة العرب يشكلون من قواعد حزب البعث وقياداته ما نسبته نحو ستة وسبعين في المائة، وهذه مسألة إيجابية حتى بمقاسات هذه المرحلة المستجدة عراقياً وعربياً لكن ومع ذلك فإن « هيئة المساءلة والعدالة « التي لا يزال يرأسها أحمد الجلبي لم تستهدف إلا العرب السنة وهذا لا يمكن فهمه إلا على أنه انسجام مع دور فيلق القدس التابع لحراس الثورة الإيرانية في العراق وتلاؤم مع رغبة إيران في تمزيق هذا البلد العربي والذي لا يمكن أن يكون إلاَّ عربياً على أسس مذهبية وطائفية.

 

وهنا فإن ما يؤكد أن هذا الاستنتاج ليس تجنياً ولا افتعالاً لمشكلة وتحاملاً على « هيئة « أحمد الجلبي أن المفوضية العليا « المستقلة « في العراق قد بادرت بينما غدت الانتخابات المقررة على الأبواب إلى إلغاء تسعة كيانات سياسية بناء ليس على توصية بل على أوامر من هذه الهيئة جميعها من لون طائفي واحد من بينها الجبهة الوطنية للحوار الوطني التي يقودها النائب في البرلمان الحالي صالح المطلق.

 

إنها ليست مصادفة وليست بلا أهداف ولا إنحيازات طائفية أن تقتصر وجبة الإقصاءات الجديدة على لون طائفي واحد يتمثل بالإضافة إلى الجبهة الوطنية للحوار الوطني التي يتزعمها صالح المطلق بحزب العدالة الكردستاني و» كتلة كل العراق « والحركة الوطنية للإصلاح والتنمية وتجمع السواعد العراقية والتجمع الجمهوري العراقي والمجلس الوطني لتجمع عشائر العراق وتجمع الوحدة الوطنية العراقي.. وكيان سعدي فيصل الجبوري.

إن هذا فرز طائفي واضح وأنه يعود بالأذهان إلى البدايات حيث أسس أحمد الجلبي ما يسمى ب «البيت الشيعي» وهذا يؤكد أن هناك إصراراً على تقسيم العراق على أسس طائفية خدمة لأهداف إيران وتطلعاتها المصرح بها رسمياً من قبل كبار المسؤولين الإيرانيين في هذه المنطقة.

============================

أين المناخ الانساني من المناخ السياسي ؟

رفيق خوري

الانوار اللبنانية

الرأي الاردنية

28-1-2010

ليس أهم من المناخ الانساني الذي استعاده لبنان وهو يواجه كارثة الطائرة الاثيوبية سوى أن يستمر هذا المناخ في مرحلة ما بعد الصدمة.

ولا أرقى من المشاركة في الحزن النبيل على الضحايا سوى خلق مناخ سياسي واجتماعي يشعر من خلاله اللبنانيون وأهالي الضحايا الذين فقدوا أحباءهم أنهم استعادوا وطناً لشعب واحد. فاللبناني الحي يستحق أن يُعامَل كإنسان ومواطن كما يُعامَل اللبناني الميت الذي يصير بلا طائفة حين يسقط في البحر ضحية كارثة.

و(هدنة) الكارثة التي أوقفت السجال بين السياسيين دفاعاً عن مصالحهم والحصص يمكن، بقليل من الوطنية والالتفات الى هموم الناس، أن تصبح القاعدة لا الاستثناء في الحياة العامة في مرحلة ما بعد الكارثة ومن دون حاجة الى كارثة جديدة.

ذلك أن (الكوارث معلّم) كما تقول الحكمة التقليدية. وليس من المعقول ألا نتعلم أي درس من الكوارث التي مرّت بنا قبل الحرب وخلالها وبعدها.

ولا من المقبول أن نتعلم الدرس لأيام ثم ننساه ونعود الى الشغل كالمعتاد.

وهو بالطبع الاشتغال بالناس بدل الشغل لهم والانشغال بقضاياهم الملحة. والاندفاع في السجال السياسي من مواقع طائفية ومذهبية، بحيث يستحيل أن نحل مشاكل الأرض حين نتقاتل على السماء. حتى الحوار، فإنه موسمي يتحول مناظرات لتسجيل الأهداف في مباريات لا نهاية لها. وأين? على سطح أزمة بنيوية عميقة في النظام جعلت الوطن مجرد جغرافيا و(ساحة)، والدولة سلطات متنازعة تحت سقوف متفاوتة. فالحل الجذري للأزمة ممنوع بقوة حراس الأزمة، ولو على طريق طويل وصعب، لكنه الطريق الوحيد الصحيح.

والتسويات الجزئية تولَد بالأزمات والحروب وتقود الى أزمات وحروب جديدة. و كل كلام على الاصلاح السياسي والاقتصادي والاداري ينتهي عملياً بالمحاصصة وتنظيم الاهتراء أو بما يسمى (ابقاء القديم على قدمه). ومتى? حين تغلي المنطقة بالاضطرابات وتضربها العواصف والتحولات ويكبر الحظر على لبنان. وعندما تبدو أثقال الدين العام أبدية من دون أمل في الخلاص منها، ويصبح الحكم بالإجماع بوليصة تأمين للشلل العام في مواجهة القرارات المطلوبة في الأمور الكبيرة والصغيرة. والآن نتذكر، عن حق، مشكلة المهاجرين واللقمة المغمسة بالدم بعد عقود من المفاخرة بأسطورة الهجرة كأن العجز عن ضمان فرص العمل للعقول اللبنانية الخبيرة والمدربة هو قدر وليس سوء سياسة. واذا كانت الهجرة على مر العصور قدر لبنان، فإن سوء السياسة خيار وليس قدراً.

والسؤال هو: هل يفتح التوحد أمام الكارثة فرصة البدء بورشة لبناء مشروع الدولة أم نبقى ضحايا الكارثة السياسية الأكبر ونعود الى السجال بعد دفن الضحايا?

============================

أبو راتب في قبضة أوباما!!

ياسر الزعاترة

الدستور

28-1-2010

قبل أيام أقدمت السلطات الأمريكية على اعتقال المنشد الإسلامي المعروف محمد مصطفى مسفقة (أبو راتب) ، وذلك على خلفية قضية مؤسسة الأرض المقدسة المتهمة بدعم وتمويل حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

 

أبو راتب هو أحد الأصوات العذبة والمميزة في عالم النشيد الإسلامي ، وهو فنان حقيقي ينشد ويلحن ، بل ويكتب في بعض الأحيان ، وهو في واقع الحال من الآباء المؤسسين لهذا الفن ، وإن جاء بعد جيل سوري سبقه إلى هذا المضمار.

 

على يد (أبو راتب) ازدهر النشيد الإسلامي ، وكانت له مساهمته الحقيقية في صناعة الصحوة الإسلامية التي اختطفها بعد ذلك متطفلون حرّموا النشيد واعتبروه من المنكرات ، غير مفرقين بينه وبين الغناء الهابط.

 

على هذه الخلفية يمكن القول إن (أبو راتب) يُعد مطلوبا في الولايات المتحدة ، وعندما يمنع أمثال البريطاني يوسف إسلام من دخول الولايات المتحدة ، فمن الطبيعي أن يستهدف أمثال صاحبنا.

 

مشكلة (أبو راتب) أنه وَثق بالديمقراطية الأمريكية ، أقله في الممارسة ، إذ كان عليه أن يغادر إلى غير رجعة بعدما رأى بعينيه ما وقع لرموز الحالة الإسلامية في الولايات المتحدة ، لا سيما أولئك الذين لهم صلة ما بالقضية الفلسطينية ، ولعل صاحبنا قد ركن إلى أنه سوري وليس فلسطيني ، حتى لو كان يُنشد (في كثير من إبداعه) لفلسطين التي كانت ولا تزال الجرح الإسلامي الأكبر ، والقضية التي تثير مشاعر المسلمين أينما حلوا وارتحلوا.

 

والحق أن (أبو راتب) قد أنشد لفلسطين أجمل الأناشيد ، لقدسها وأقصاها ، لبطولاتها ومعاناتها ، ولكنه لم يعتقد أن ذلك سيشكل جريمة من النوع الذي يستحق الاعتقال ، وأين؟ في الولايات المتحدة التي تتشدق باحترام الحريات ونشر الديمقراطية.

 

قصة مؤسسة الأرض المقدسة مثيرة للحزن والأسى ، وعلى خلفية قضيتها يقبع في السجون الأمريكية سرب من أجمل الرجال الذي أحبوا وطنهم وأمتهم ودينهم ، ولم يسيئوا لأمن الولايات المتحدة ، لكن التبعية الأمريكية للهواجس الصهيونية ما لبثت أن ألقت بهم وراء الشمس دون ذنب اقترفوه (شكري أبو بكر ، محمد المزين ، مفيد عبدالقادر ، غسان العشي ، عبدالرحمن عودة).

 

قبل أوباما كان عدد من الرجال يأخذون حكما بالبراءة ، وكان مأمولا أن ينتصر "الرئيس الأسود" للمظلومين ، فتنتهي القضية إلى الإفراج عن الرجال ، لكن المفاجأة أن الموقف جاء معاكسا ، إذا ثبتت الأحكام ، بل وزاد بعضها أيضا ، وها هي المطاردة تطال رجلا لا صلة له بتلك المؤسسة ، اللهم سوى الإنشاد في بعض الاحتفالات التي تقيمها من أجل جمع التبرعات ، وهي احتفالات مرخصة تقيمها مؤسسة مرخصة لم يكن بوسع (أبو راتب) أن يرفض المشاركة فيها.

 

ليس لصاحبنا أية علاقة أخرى بالمؤسسة ، وإذا قيل إنه تلقى أموالا منها ، فالأمر طبيعي ، لأنه يعمل في سلك النشيد ويعتبره مهنته التي يعيش منها ، وكان من الطبيعي أن يتقاضى أجرا على الإنشاد في الاحتفالات التي لم يكن ليشارك فيها لو لم تكن مرخصة. وما نرجحه هو أن يكونوا قد ضغطوا عليه من أجل الشهادة بحق أناس آخرين ، ولما رفض قرروا استهدافه كما وقع لكثيرين سواه خلال السنوات الأخيرة.

 

(أبو راتب) اليوم أسير الديمقراطية الأمريكية ، وفوبيا الإرهاب التي عاد أوباما لكي ينشرها بين الأمريكيين ، لكي يبرر فشله وخيبته ، ولكي يرضي دوائر الصهيونية واليمين في الولايات المتحدة.

ليس أمام (أبو راتب) غير التمسك ببراءته وعدالة قضيته ، وليس أمامنا سوى إعلان التضامن معه كفنان مسلم يستحق أن يقف الجميع معه ، داعين الله أن يفرج كربه ، وكرب سائر المظلومين على وجه هذه الأرض.

قبل أيام وصلتني قصيدة مغناة من كتابة وإنشاد (مدير المؤسسة) شكري أبو بكر المحكوم بالسجن 65 عاما ، ولا نعرف إن كان سيتواصل مع (أبو راتب) الذي يمكنه تلحينها وإنشادها بطريقة أفضل بكثير ، أم ستكون لكل منهم زنزانته الخاصة.

============================

مستقبل الإمبراطورية الأمريكية : «1» مفهوم الهيمنة

د. محمد عبد العزيز ربيع

الدستور

28-1-2010

تقول نظرية الهيمنة ، تظهر بين الحين والآخر دولة عظيمة أو إمبراطورية كبيرة ذات نفوذ عالمي واسع تحاول ، ويكون من واجبها أن تحاول أخذ زمام المبادرة وقيادة المجموعة الدولية لإقامة نظام عالمي جديد تجلس على قمته وتقوم بإدارته ، وذلك من أجل تنظيم العلاقات الدولية ، وضمان استتباب الأمن والاستقرار العالمي ، وتنشيط المبادلات التجارية بين مختلف الدول والشعوب. وتشير كتب التاريخ إلى أن أوروبا استطاعت بدءا من القرن الخامس عشر مد نفوذها إلى مناطق مختلفة من العالم ، إلا أنها لم تستطع السيطرة على كل البلاد التي كانت تتطلع للسيطرة عليها ، وذلك لأن دولها الرئيسة لم تملك الادوات العسكرية أو التكنولوجية المطلوبة لتحقيق أهدافها. لكن قبل أن ينتهي ذلك القرن كان البحارة الأوروبيون والرحالة الأوائل قد زاروا معظم بقاع العالم ، وتعرفوا على ثقافات شعوبها ، ورصدوا خيراتها القابلة للاستغلال. أما الإمبراطورية ، فهي عبارة عن دولة كبيرة ذات طموحات واسعة النطاق ، وتوجهات للهيمنة على الغير من شعوب ودول ، وذلك بهدف حماية "مصالحها الوطنية" ، وفرض "نظام عالمي" يعكس رؤيتها للعلاقات الدولية ، ويحقق الأمن والاستقرار في العالم بوجه عام ، وفي المناطق التي تهيمن عليها وبين الشعوب التي تخضع لسيطرتها بشكل خاص.

 

اتجهت دول أوروبا الغربية مع بدء حملاتها الاستعمارية إلى الإدعاء بأن هدفها الأساسي هو تحضير الشعوب المتخلفة ونشر المسيحية فيها. إلا أن مجرد اعتبار شعوب البلاد المُستَعمرة شعوبا متخلفة كان في حد ذاته حُكما أوروبيا بأن تلك الشعوب لا تستحق من الحرية ما تستحقه الشعوب الأوروبية ، ولا تملك من العقلانية والرشد ما تملكه الشعوب المسيحية. وبينما ركزت اسبانيا على نشر الديانة الكاثوليكية ونهب مناجم الذهب والفضة التي اكتشفتها في أمريكا اللاتينية ، ركزت البرتغال على السيطرة على طرق الملاحة البحرية والتكتم على أسرار طرق وتكنولوجيا الابحار عبر المحيطات. أما هولنده ، فقد ركزت على التجارة ، خاصة تجارة التوابل ، واقامة شركات استثمارية وتجارية عملاقة وتأسيس بيوت مال كبيرة لتمويل النشاطات الاستثمارية والتبادلات التجارية بين وأوروبا وما تسيطر عليه من مستعمرات. لذلك شهد القرنين السادس عشر والسابع عشر ، خاصة بعد استكشاف معالم العالم الجديد والتعرف على شعوبه وخيراته ، صراعا حادا بين دول أوروبا الرئيسية ، شمل النواحي التجارية والعسكرية ، وهو صراع اشتد كثيرا بعد دخول بريطانيا وفرنسة حلبة التنافس. ولما كان الهدف الأول للنزاع هو السيطرة على البحار وطرق التجارة وتجارة التوابل ومصادر الذهب والفضة ، فإن التحالفات العسكرية والصفقات التجارية كانت تتم دوما على حساب الشعوب المُستعمرة. وهذا يعني أن الإمبراطورية تضع مصالحها دوما فوق مصالح الغير من الشعوب والدول ، وأنها تعتبر فلسفة حياتها المرجع الأهم ، إن لم يكن المرجع الوحيد لتشكيل نظام عالمي يتمتع بقدرة على إدارة الشؤون الدولية. لذلك نلاحظ أن كل دولة مارست الاستعمار وكان لها تطلعات إمبراطورية اتجهت إلى التقليل من شأن الشعوب الأخرى ، وعدم احترام ثقافاتهم ومصالحهم الوطنية ، والتصرف بعقلية استعلائية استعمارية اتصفت بالعنجهية ، وأحيانا بالجهل أيضا ، نتج عنها الاستهانة بعقلانية الآخرين ، والاستهزاء بتاريخهم وتراثهم ، والاعتداء على حقوقهم.

 

بالرغم من أن القوة العسكرية وتكنولوجيا الملاحة كانت أهم أدوات الهيمنة في بداية عصر النهضة ، إلا أن أوروبا اتجهت إلى ملئ الكثير من المناطق المستعمرة غير المأهولة بالسكان وقليلة السكان باعداد كبيرة من المستوطين ، خاصة في أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأستراليا ، مما جعل المستوطنين الأوروبيون يصبحون امتدادا طبيعيا لشعوب وثقافات البلاد التي هاجروا منها ، وأدوات من ادوات الهيمنة على الغير واستغلالهم. وفي أعقاب قيام هولنده ببناء ميناء امستردام الجديد أصبح في مقدورها احتكار معظم التجارة القادمة من المستعمرات الأوروبية في آسيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية إلى أوروبا ، ومكنها على الرغم من صغر حجم سكانها من تأسيس أول نظام عالمي والسيطرة عليه وتسخيره لخدمة مآربها ، وهو نظام قام أساسا على التجارة والمال ومن اجلهما. ولذا تعتبر هولندة أول دولة نجحت في التحول إلى قوة مهيمنة وقامت بتشييد نظام عالمي سخرته لخدمة أهدافها الوطنية ، حيث تم ذلك في القرن الثامن عشر. إلا أن الهيمنة الهولندية لم تدم طويلا ولم تكن هيمنة كاملة أو شاملة ، وذلك لأن هولندة لم تملك القوة العسكرية أو البوارج البحرية الكافية لحماية مصالحها والدفاع عن مستعمراتها ، ولأن البرتغال وإسبانيا اتجهتا إلى التنافس معها.

 

اتجهت بريطانيا بعد دخول ساحة التنافس الاستعمارية إلى التعاون أولا مع هولندة على أمل الحصول على حصة الأسد من التجارة الدولية ، إلا أنها فشلت في تحقيق ذلك الهدف ، مما دفعها لشن حرب على هولنده. ومع بدء تلك الحرب ، بدأت بريطنيا أيضا بتأسيس شركات استثمارية وتجارية كبيرة ، وإقامة بيوت مالية ومؤسسات ائتمانية على درحة عالية من الكفاءة ، كما قامت ببناء اكبر اسطول عسكري وتجاري في العالم. ولقد تسبب ذلك في تراجع مكانة هولنده الدولية بدءا من منتصف القرن الثامن عشر ، مما ساعد بريطانيا على أخذ مكانتها وتأسيس امبراطورية شاسعة الاطراف دامت حوالي 150 عاما. ومن أجل السيطرة على الشعوب التي استعمرتها وعملت على استغلالها ونهب ثرواتها ، قامت الإمبراطورية البريطانية باتباع سياسة "فرق تسد" لتجزئة الشعوب المُستعمرة وزرع الخلافات في صفوفها ، كما قامت بالعمل على تكريس التخلف الاقتصادي والعلمي والثقافي والتجزئة السياسية على كل المناطق التي استعمرتها مستفيدة مما كان لديها من تكنولوجا سلاح متطورة وما ملكته من حنكة سياسية وارادة قوية. وفي سعيها لتحقيق أهدافها التجارية والسياسية ، لم تتورع بريطانيا عن استخدام كل الوسائل المتاحة ، بغض النظر عن شرعيتها وأخلاقيتها. ومن الأمثلة التي يمكن ذكرها في هذا المجال ، قيام بريطانيا بنشر تعاطي الافيون في الصين على أكبر نطاق ممكن ، والعمل على تدمير صناعة القطن في الهند من اجل احتكار شركاتها لتلك الصناعة ، وتطوير زراعة القطن في مصر حين اصبح من الصعب التحكم في عمليات انتاجه وتصديره من أمريكا. ومن خلال السيطرة على جزء كبير من العالم لم تكن الشمس تغيب عنه كليا ، استطاعت بريطنيا اقامة نظام عالمي جديد جلست على قمته وسخرته لخدمة أهدافها وحماية مصالحها وإلحاق أضرار بالغة بكل الشعوب والبلاد التي استعمرتها ، كان من بينها تفتيت شعوب مسالمة وتحويلها إلى قبائل متحاربة ، وتجزئة بلاد وأمم إلى دويلات صغيرة متناحرة ، وخلق كيانات سياسية بحاجة لحماية خارجية دائمة.

 

لكن الامبراطورية البريطانية بدأت تتراجع تدريجيا في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر ، وانتهت مع نهاية الحرب العالمية الأولى وبروز الولايات المتحدة الأمريكية كلاعب عالمي رئيسي ذا قوة عسكرية واقتصادية كبيرة متنامية. وفي ضوء سقوط الإمبراطورية العثمانية والهنجارية المنساوية وتراجع قوة ونقود كل من بريطنيا وفرنسة ، ظنت أمريكا أن من واجبها أخذ زمام المبادرة والعمل على إقامة نظام عالمي جديد يخضع لهيمنتها ويخدم مصالحها. ولذا اتجهت الولايات المتحدة الأمريكية إلى التصرف كإمبراطورية بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مباشرة ، والتوسع اقتصاديا وسياسيا على حساب الغير من دول وشعوب. إلا أن النخبة السياسية والاقتصادية والثقافية الحاكمة لم تعترف بأن أمريكا تتصرف كإمبراطورية إلا بعد أن تسلم الرئيس بوش الإبن مقاليد الحكم في عام ,2001 وتقول نظرية الهيمنة إن تراجع مكانة وهيبة الدولة المهيمنة يبدأ بعد أن تتوسع وتمد نفوذها لمناطق عدة من العالم ، وذلك لأن التوسع يتسبب في زيادة التزاماتها المالية والعسكرية ، ويقود إلى تضعضع اقتصادها ، وتقلص إرادة الغزو والهيمنة لدى النخبة المسيطرة على الحكم فيها. وهذا من شأنه أن يضعف ثقة الغير في قدراتها على القيادة وشن الحروب وكسبها ، وبالتالي احترامه لها وخوفه منها. فهل دخلت الامبراطورية الأمريكية مرحلة التراجع؟ وما هي أهم الأسباب التي ساهمت أو تساهم في ذلك؟ وكيف يمكن أن يكون عليه الحال من بعدها؟ ثلاثة أسئلة هامة ومصيرية بالنسبة للعالم ، سنحاول الإجابة عليها تباعا في المقالات التالية.

============================

لا تعقدوا "قمة ثقافية" من دون برنامج عمل واستعداد لتنفيذه

آخر تحديث:الخميس ,28/01/2010

الخليج

محمد جابر الأنصاري

لا خلاف على أن الثقافة، في الوضع العربي المتعثر الراهن، تمثل المحور الأساسي للعمل العربي المشترك . ومنذ سنين والكتابات الثقافية العربية تنبّه إلى أن مؤشر الأحداث المتتابعة والمتراكمة يتجه نحو هذا المحور .

 

وكان كاتب هذه السطور قد حاول في مناسبات عدة منذ ذلك الوقت الإشارة إلى أن الثقافة أصبحت بمثابة خندق الدفاع الأخير عن الوجود العربي المهدد من كل جانب .

 

كل هذا صحيح، من الناحية المبدئية والنظرية وقد تزايدت الدعوات مؤخراً إلى عقد مؤتمر قمة ثقافية عربية لتدارك هذا الأمر كان من آخرها وأقواها في تقديري المقالة القيّمة للدكتور مصطفى الفقي (19/1/2010م) بل أن من أصحاب القرار العربي الجادين والمتابعين من يذهب إلى أن توجهات الأحداث والتيارات العالمية الجديدة في المنطقة والعالم تدفع بأن تتحول جامعة الدول العربية برمتها، وأن تعاد هيكلتها إن شئنا الحفاظ عليها، بحيث تصبح “يونسكو عربية” تهتم بما يربط بين العرب أساساً من تراث وثقافة ولغة وروابط حضارية مشتركة، بعد أن توزعت السياسة والاقتصاد “أيدي سبأ” بين تجاذبات ما سمي بمشروع “الشرق الأوسط الكبير” بوجود إيران وتركيا “وإسرائيل” وظهور التكتلات الإقليمية العربية المتعددة - المنجذبة إلى ما يجاورها من كتل عالمية ضخمة كأوروبا في حالة الاتحاد المغاربي وإفريقيا في حالة المستجدات الليبية وآسيا الشرقية في حالة التعاون الخليجي .

 

وكنت، ومازلت، قوي الاعتقاد أن مصر كبلد قيادي رائد، عربياً، قد لا تستطيع منافسة دول آسيا الشرقية بمنتوجها الصناعي في الأسواق العربية، ولكن أياً من تلك الدول، لا تستطيع، بالقطع، منافسة مصر ثقافياً في وطنها العربي .

 

وبلا ريب، فهذه دعوة جذرية ذات توجّه نوعي وتحتاج إلى تمعن متحفظ قد لا يسمح به ضغط الأحداث المتسارعة في المنطقة العربية التي تستوجب العمل السياسي المشترك، وكلنا في هذا الموضع نريد أن نتوقف للنظر آنياً في دعوات إلى “قمة ثقافية” عربية، كالقمة الاقتصادية العربية المتخصصة التي عقدت قبل عام بدولة الكويت والتي كان مقرراً أن تعقد بعد عامين بمصر والتي، بالمناسبة لم يتم الوفاء بالالتزامات المقررة لمشروعاتها الاستثمارية المدروسة، فهل القمة الثقافية العربية يمكن أن تكون مجدية، وما هي السبل المؤدية إلى تحقيق جدواها، إن كانت مجدية؟

 

وبأمانة وصراحة، فإذا كانت قمة ثقافية عربية ستعقد استجابة فقط لضغط المطالبات وستصدر من القرارات الرنانة في الهواء ما يثلج صدور المثقفين والمتأثرين بهم من “الجماهير”، ثم ستبقى كغيرها من بيانات القمم العربية بدءاً من الدفاع المشترك، وانتهاءً بالسوق الاقتصادية العربية حبراً على ورق، فالأفضل والأكرم للقادة العرب أنفسهم، وللعرب جميعاً، ولمثقفيهم خاصة، ألا تعقد، لأن عقدها، ثم الاكتفاء بالكلام الفارغ، سيمثل “إهانة واستخفافاً” بكل المشاركين فيها، وبمن تتوجه إليهم بالخطاب وهم يُقدّرون بمئات الملايين، وستولد من الحسرات أكثر مما ستحقق من الانجازات . . هذا إن حققت .

 

وفي تقديري المتواضع، فإن التركيز على هدف محدد واحد، والعمل على تحقيقه، أجدى من التصدي لكبريات الأمور التي ضيع العرب أعمارهم من أجلها فلم يحققوا منها شيئاً، فعادوا اليوم بخفي حنين .

 

وكمثال محدد، فإن اللغة العربية التي هي أساس الثقافة العربية والوجدان القومي العربي، والعامل الجامع بين العرب، والفاصل بينهم وبين غيرهم، تعاني اليوم كلغة أم إهمالاً على ألسنة الناطقين بها، يصل إلى درجة الانتحار الجماعي . فماذا نحن فاعلون بهذا الشأن المصيري؟ وهل لدى القمة الثقافية العربية من الاستعداد الجدي للنظر في هذا الأمر الخطير؟

 

ماذا لدى القادة العرب، ونحن واثقون من صدق نواياهم الطيبة، لنجدة لغتهم الأم، اللغة العربية، وهم يسمعون أبناءهم وأحفادهم، بتأثير المربيات الأجنبيات، يتحدثون بلغات أخرى، ولا يعرفون من العربية شيئاً، إن لم يحتقروها؟! وماذا ستكون لغتهم وثقافتهم عندما يكبرون؟

 

ولسنا ضد تعلم أية لغة، بل ندعو إلى ذلك، ولكن تعلّم أية لغة أخرى له وقته من عمر الطفل وأسلوبه المناسب وشروطه التربوية اللازمة .

 

ولكن أن يفقد أطفالنا لغتهم الأم في سن الطفولة المبكرة ويرطنوا بلغات أخرى غريبة، فإلى أين نتجه؟ وماذا ننوي عمله، وكيف يمكن أن تنجدنا وتنقذنا “قمة ثقافية عربية”؟

 

إن هذا الأمر، فقدان الأطفال العرب للغتهم الأم، لا يقتصر على أبناء وأحفاد القادة العرب وحدهم . بل إن نخباً عربية عدة، تملأ الهواء بالحديث عن “العروبة” ونسلها يفقد لغته العربية الأم، والآلاف من شباب وشابات العرب يتخرجون من الجامعات بأرقى الشهادات في أحدث العلوم وهم لا يحسنون كتابة رسالة قصيرة بالعربية التي علينا أن نعترف، بأننا أيضاً لم نحسن تعليمهم إياها .

 

وللإنصاف، فإن المرء يندهش كيف أن بلداناً لا يزيد عديدها على ملايين قليلة قررت ونفذت تعليم الطب والعلوم في جامعاتها بلغاتها القومية، بينما يصر بعض الأساتذة العرب على تدريس هذه المواد بلغات أجنبية، ويقاومون “التعريب” رغم القرار السياسي في بلدانهم بذلك، الأمر الذي يدل على أن التقصير هو مسؤوليتنا أيضاً وليس مسؤولية القادة العرب، وحدهم .

 

إنني أرى، على سبيل المثال، أن مشروعات دعم اللغة العربية التي يمولها الأمير سلطان بن عبدالعزيز، ولي العهد السعودي، كالمعهد الدبلوماسي بموسكو، وفي اليونسكو بباريس، وقبلهما دعمه لإصدار الموسوعة العربية العالمية، في حوالي ثلاثين جزءاً، والتي عجز العرب مجتمعين عن إصدار مثلها، من المبادرات التي تفيد اللغة العربية، أكثر من الحديث عنها، فهل في جدول أعمال أية قمة ثقافية مثل ذلك؟

 

لن تنجح أية قمة ثقافية عربية إذا ظلت في مجال التعميم الثقافي وعلى صعيد “كبريات المسائل” .

 

بل لابد من الاهتمام بقضايا محددة كإنقاذ اللغة العربية أو عمل شيء عملي مفيد نحو ذلك .

 

ولابد من تكليف المؤسسات الثقافية العربية المختصة التي أمضى خبراؤها السنوات وهم يبحثون في محاذير الوضع الثقافي العربي، إن كانت النية منعقدة نحو “قمة ثقافية عربية”، ولابد من توجيه هذه المؤسسات الثقافية العربية من أعلى المستويات لتتعاون فيما بينها، إعداداً عملياً نافعاً للقمة المرتقبة، بدل التنافس المميت فيما بينها ومحاولة الإيهام بأن الثقافة العربية لم تبدأ إلا بها .

 

ولدينا في الوطن العربي من المؤسسات الثقافية القديرة التي يمكن الاعتماد عليها في الإعداد والتحضير للقمة العتيدة ما يمكن أن يساعد على نجاح هذه القمة . فمؤسسة الفكر العربي، مثلاً برئاسة الأمير النشط خالد الفيصل وقد أيدت عقد قمة ثقافية تقوم بجهود لافتة ومقدّرة لدراسة الوضع الثقافي العربي موضوعياً .

ولابد من إدراك آليات النهوض الثقافي الطبيعي، بعيداً عن القمم . إن الوعي السياسي القومي العربي لم يشتد عوده في الخمسينيات إلا بعد أن شهد الوطن العربي نهضة ثقافية ساهم فيها مثقفون كبار لم يكن أكثرهم محسوباً على الاتجاه القومي، مثل طه حسين والعقاد والحكيم وأحمد أمين وساطع الحصري والزهاوي والرصافي وإبراهيم العرّيض وجبران ونعيمة وأمين الريحاني، إذا شئنا الاقتصار على بعضهم، وكذلك مجلات رائدة كالرسالة التي كانت تصدر في القاهرة وتُقرأ في بيروت ودمشق وبغداد والبحرين وجدة والكويت برئاسة محررها الفذ أحمد حسن الزيات . . بين تفاعلات ثقافية عربية أخرى لا يقلل من شأنها عدم ذكرنا إياها .

وختاماً فإن النوايا الطيبة وحدها لا تفيد في أي شيء، ولابد من الشروع في العمل، وكما

يقول المثل فإن النوايا الطيبة أقرب طريق إلى جهنم . . وأظن أن أحداً منا غير متعجل للذهاب إلى هناك .

مفكر من البحرين

============================

أقلوية الأغلبية!

ميشيل كيلو

السفير

28-1-2010

لا تتصرف الأغلبية دائما كما يليق بأغلبية أن تتصرف. ولا تفكر الأغلبية دوما كما يجب على أغلبية أن تفكر. ولا تتسامح الأغلبية في حالات كثيرة كما يحسن بها أن تتسامح. هناك حالات تكون الأغلبية فيها أقلية في تصرفاتها وتفكيرها ومواقفها، وهنا الطامة الكبرى.

في المجتمعات التي تتسم بتنوع إتني ومذهبي، وتتكون من أغلبية ذات طابع أو لون واحد، من المفهوم، وإن كان من غير المبرر غالبا، أن تنغلق الأقليات على ذاتها وتتصرف تصرف من يشعر بالخطر، وأن تبالغ في حذرها من الراهن والمقبل، ويتسم سلوكها بالخوف والتردد، وتكون آراؤها متناقضة ومتضاربة، وتتصف إسهاماتها في الحياة العامة بجانبين متعارضين، فهي راضخة/ خائفة من جهة، ومتذمرة/ رافضة من جهة أخرى، بينما تكون حساباتها وهمية غالب الأحيان، تجعل من السهل التلاعب فيها وإقناعها بوجود خطر داهم عليها، وأنها لولا حماتها من أهل النظام، لكانت في فم الضبع، كما يقال.

من المفهوم، ومن غير المقبول أن تفكر الأقلية على هذا النحو. لكنه من غير المفهوم وغير المقبول أن تكون هذه هي طريقة الأغلبية في التفكير، ذلك أن الأغلبية التي تفكر وتتصرف كأقلية تحكم على نفسها بالموت كأغلبية، وعلى مجتمعها بالتمزق والضعف والعبودية. إنها تنغلق عندئذ على ذاتها، وتتخذ موقفا عدائيا من بيئتها الوطنية والاجتماعية، وتضع نفسها في مواجهات لا لزوم ولا مسوغ لها مع الأقليات، التي تجد في سلوكها ما يعزز مخاوفها ويقوي شكوكها، فتزداد انغلاقا على ذاتها ورفضا للحوار وللتواصل المجتمعي والمدني مع غيرها، فتصير الأغلبية جزيرة كبيرة محاطة بجزر صغيرة معادية هي الأقليات، تدفع خلافاتها وصراعاتها مع الأقليات، المجتمع إلى طور تفكك عنيف لا ينفع معه حوار أو تعايش، لأن اللغة تكون قد فقدت فاعليتها خلال الانقسام، المتعمق بلا انقطاع.

بهذا المستوى من تدهور علاقات التكوينات المنضوية في المجتمع، تتحول السلطة إما إلى أداة لإدارة صراعاتها، فتقصر عملها على متابعة تناقضاتها وتأجيجها وحقنها بأشكال جديدة من التمزق والعداء، أو تتدخل دون فاعلية لوقف ما يتفاعل في المجتمع عموما من عداء وتناحر وإقصاء، يبطل وجوده الفعلي كمجتمع منسجم متحد، وإن أبقى على وحدته الشكلية/ البرانية. لا يترك تفاقم الصراع وعجز السلطة عن وقفه أي بديل غير تنافس قوى مجتمعية وسلطوية على استغلاله وشحنه بالمقومات الضرورية لاستمراره. عندئذ، يبلغ وضع الدولة درجة من التدهور لا تسمح بوقوف أي طرف جانبا، ويصل المجتمع إلى طريق مسدود، ينفتح على احتمال واحد هو حال الانهيار العام، الذي يتفاعل ويتعمق، وإن بقي كل شيء سويا في المظاهر والأشكال.

ليس انغلاق الأقليات على ذاتها بالأمر الممكن أو الخطير، إذا كانت الأغلبية منفتحة ومتسامحة ومحاورة. ولا تكون الأقليات قادرة على التقوقع على الذات، إن هي وجدت أرضية تفهم وتفاهم وحوار ومصالح مشتركة تقف عليها مع الأغلبية، تضمن لها حداً مقبولاً من الاحترام والمساواة، وتجعل آراءها مسموعة ومصالحها مقبولة، بما هي جزء من مصالح المجتمع العامة. بالمقابل، تقع الكارثة عندما تتقوقع الأغلبية على ذاتها، وترى في الأقليات خطرا داخليا أو اختراقا خارجيا، فتعمل على إقصائها أو قهرها أو الانتقاص من مكانتها ودورها أو إنكار شرعية مطالبها ومصالحها. في هذه الحالة، لا يعود ينفع دواء لداء الأغلبية العضال، التي تتصرف وتفكر كما تتصرف وتفكر أقلية في نزاع مع أقليات أخرى، معادية لها، وتتقوقع على ذاتها، وتنشب مخالبها في غيرها، في الأقليات، التي لا تستطيع العيش بأمان دون تفهمها وتسامحها وتعاطفها، فينقلب المجتمع إلى أقليات متنازعة، تنتصر في الصراع الذي يعيشه مرغما الأقلية ذات الأغلبية العددية، وتتفوق على الأقليات القليلة العدد في القدرة على الإيذاء والبطش والفتك والقتل، فإن كانت هذه الأقلية/ الأغلبية حاكمة، مثلت خطرا حقيقيا على وجود المجتمع والدولة وليس فقط على وجود الأقليات. أما إذا كانت معارضة، فإنها تعمل بمبدأ «علي وعلى أعدائي»، جاعلة من انهيار الهيئة المجتمعية العامة والدولة أحد أهدافها المباشرة.

لا يمكن أن يوجد ويدوم مجتمع، إن رفضت أغلبيته التسامح كطريقة تعايش بين مكوناته. ولا يمكن أن يوجد مجتمع تتحول أغلبيته إلى أقلية، أو تشعر أنها أقلية، وأن عليها استعادة مكانتها كأغلبية عبر نفي الأقليات الحقيقية، التي غالبا ما تكون أضعف منها بكثير، وتتعرض لمزيد من الضعف، إن قررت الأغلبية تحجيمها وتفتيتها. إن التحول، الذي يجعل من الأغلبية أقلية، هو أحد أهم الأخطار التي تواجه أمتنا اليوم، ليس فقط لأنه يبطل التعايش في المجتمع ويقيد دور الدولة، بل كذلك وهذا هو الأخطر لأنه يجعل المجتمع العربي ساحة تمزق وصراع واقتتال لا نهاية له، مشحونة بنزاعات من طبيعة مذهبية أو إتنية يستحيل أكثر فأكثر إدارتها أو الحد منها بالحوار والتواصل السلمي. ولعله من الملاحظ أن توجه الأغلبية إلى التصرف والتفكير والعمل كأقلية قد غدا سمة بارزة من سمات حياتنا الحديثة، مع أنها (الأغلبية) مناط الأمل في حمل راية الحرية الفردية والشخصية والمساواة القانونية والفعلية بين المواطنين، فهي ليست أخوية مغلقة، بل الضامن الحقيقي لحريات ووجود الأفراد والتكوينات المجتمعية المختلفة، التي لا تستطيع الاستمرار والتقدم دون تسامحها ورغبتها في التعايش والمساواة.

تجنح أغلبيات الوطن العربي أكثر فأكثر إلى التصرف والتفكير وكأنها أقليات، ويتعاظم ميلها هذا بسرعة تحمل في طياتها أخطارا تهدد وجود كل بلد وحياة كل مواطن عربي، بما في ذلك من ينتمي إليها. هذا المرض القاتل، الذي تتعدى مفاعيله الأغلبية، يحول المجتمعات العربية إلى حواضن أقليات سياسية وإتنية ومذهبية وجهوية متنازعة متصارعة، بينما الأصل أن تكون الأغلبية ضامن غيرها وكافل وحدة مجتمعها، وأن تزيل شعور الأقلية بالغبن أو بالإقصاء والاستبعاد، عبر تبني مواقف تحترم سيادة القانون والمساواة الفعلية بين مواطنين ينضوون على المستوى الشخصي في تكوينات مجتمعية جزئية، متفاوتة الحجم، لكنهم يبقون مواطنين ينتمون سياسيا وقانونيا إلى دولة ترى فيهم مواطنين أحرارا، ليسوا مجرد أفراد في أقلية أو أغلبية.

لا يحق للأغلبية الشعور بالدونية، أو اكتساب وعي أقلوي، أو الخوف من الحرية، وخاصة منها حرية الأقلية، أو التصرف كأقلية بين أقليات، تنافس غيرها أو تزاحمه على شأن عام يلغي موقفها الأقلوي مشتركاته الجامعة. إذا حدث هذا، وهو يحدث بطريقة متزايدة في بلداننا، كانت الطامة الكبرى، ووقع ما لا يمكن إصلاحه سلميا أو حواريا. نحن بحاجة إلى أمرين:

 شعور الأغلبية بأنها ليست مهددة من أية أقلية، وإدراكها أن الأقليات الممسكة بالسلطة، سياسية كانت أم غير سياسية، تراهن على دفعها إلى التفكير والتصرف كأقلية، وأن الوطنية تفرض عليها تحصين نفسها ضد هذا الشعور، المنافي والنافي لطبيعتها.

 ضمان الأغلبية حقوق الأقلية عبر ممارسات تتسم بالتسامح وتعزيز المساواة، في الواقع وأمام القانون، تعتبر الفرد، إلى أية جهة أو أي تكوين جزئي انتمى، مواطنا يتساوى في حريته مع غيره من المواطنين، وليس فردا ينتسب إلى هذا التكوين الجزئي أو ذاك.

إذا كانت الأقلية خوافة، في المجتمعات القليلة الاندماج، فإن الأغلبية يجب أن تكون شجاعة، مطمئنة، وواثقة من نفسها. والويل كل الويل للمجتمعات التي فقدت أغلبيتها هذه الصفات، وصارت أقلية فقدت رشدها!

============================

الغارسون في ابتهاج

عكيفا الدار

28/01/2010

القدس العربي

 أمس صباحا، عندما كان جورج ميتشل متوجها الى البيت من رحلة أخرى ضئيلة العناوين، لم يبد الدكتور صائب عريقات كئيبا. بل العكس، زعم رئيس قسم التفاوض عند الفلسطينيين بحزم أن الزيارة الاخيرة للمبعوث الرئاسي قربت ساعة الحسم في البيت الابيض. قال مستشار محمود عباس القديم ان مناورة بنيامين نتنياهو الحبيبة وهي رمي الكرة على باب الفلسطينيين لم تعد تجوز على الامريكيين.

وقال انهم ينتظرون بصبر جواب رئيس الحكومة على سؤالين: الاول، هل أنت مستعد لأن يجدد التفاوض من المكان الذي وقف عنده في أواخر ولاية حكومة ايهود اولمرت. والثاني، هل أنت تقبل المبدأ القائل أن المساحة التي ستنقل الى الدولة الفلسطينية ستكون مساوية للاراضي التي احتلتها اسرائيل في الضفة وفي غزة في حرب 1967. ولخص عريقات قائلا ان صبر الجماعة الدولية أخذ ينفد.

الدلالة على أن عريقات لا ينظر في خواطره يمكن أن نجدها في تصريح الأمين العام للأمم المتحدة نهاية الأسبوع الماضي. فقد أشار بان كي مون الى اسرائيل لا كمسؤولة عن جمود المسيرة السياسية فقط، بل كمسؤولة عن اجازة البناء في المستوطنات ايضاً.

بعد انقضاء شهرين منذ قرار الحكومة في 26 تشرين الثاني على تجميد البناء في المستوطنات مدة 10 أشهر، يجب ان تكون أعمى أو أحمق أو عضوا في مجلس يشع، كي تستعمل مصطلح 'التجميد' لوصف الواقع العقاري في أرض المستوطنين.

عندما غرس رئيس الحكومة أول من أمس شجرة في غوش عتصيون وعد بأن يغرس أشجارا أخرى في 'كتلة أريئيل' ايضا على مبعدة عشرين كيلومترا من الخطر الاخضر. في حالة اريئيل، وفى نتنياهو قبل ان يعد؛ فقد كانت الجرافات الصفراء وهو يتكلم تعد بجد أرضا جديدة من أجل المنطقة الصناعية في أريئيل.

صدقوا في الادارة المدنية أن تجميد البناء ينطبق ايضا على مناطق صناعية وتجارية وأنه في الجولات التي تمت في الاسبوع الماضي في منطقة أريئيل تم العثور على عدد من الاخلالات بأمر التجميد، بل وزع أمر بوقف العمل. فليكن ذلك. كما قيل آنفا، وثقت صحيفة 'هآرتس' أول من أمس في ذلك المكان (وفي المنطقة الصناعية بركان ايضا) عمل الجرافات.

يبين متحدث الادارة ان 'أعمال فرض القانون وتسليم الاوامر تتم بحسب جملة الاعتبارات وترتيبات الاوليات في الموضوع'. يبدو ان تجميد البناء لمصانع جديدة في منطقة التفضيل الوطني للحكومة في قلب الضفة ليس في رأس سلم اولويات وزير الدفاع. لقد كان مشغولا كما يبدو بتطوير مكانة معهد أريئيل. وسيبين رفيقه نتنياهو للامريكيين، أن المصانع عند المستوطنين ذات زيادة طبيعية ايضا.

 

اليسار صامت

يوجد لوزير التربية، جدعون ساعر، من الليكود الذي طار له صيت سياسي معتدل (بل انه دعي ليخطب في مسيرة الذكرى الاخيرة لاسحاق رابين) ترتيب اوليات. في الغد من نشر كلام مدير المدرسة الثانوية البلدية أ في تل ابيب رام كوهين، الذي قال انه يجب على الجيش الحفاظ على الحدود لا على 'الاحتلال اللعين'، هاجم ساعر بشدة، في الكنست وفي سائل الاعلام، 'كلام المدير الوعظي'. وأمرت مديرة اللواء، دليت شتاوبر باستدعاء المخالف لمساءلة شديدة.

قبل اسبوعين نشرت في هذا العمود مقتبسات واسعة من مقالة نشرها الحاخام اسرائيل روزان في صحيفة 'شفات بشباتو' التي تؤيدها وزارة التربية وتوزع على مئات الكنس. كتب الحاخام روزان يقول انه 'حان وقت اعلان حرب على عرب اسرائيل غير المخلصين للدولة وتعريفهم على أنهم أعداء'. ودعا الى ابعادهم عن شرايين النقل العام وسلبهم الحق في أن ينتخبوا وينتخبوا للكنيست. كذلك حظي 'اخوته' في اليسار اليهودي وبعض قضاة محكمة العدل العليا الذين يشايعونهم بصفة 'أعداء'.

في الغد من نشر ذلك سألت وزارة التربية، هل سيظل دافعو الضرائب وفيهم مواطنو اسرائيل من العرب و'الاخوة الاعداء' يمولون طبع الصحيفة التي تحرض عليهم. وقد أتى جواب متحدثة وزارة التربية حجيت كوهين أمس.

قالت كوهين انه على أثر توجه صحيفة 'هآرتس' توجه المدير العام لوزارة التربية الى الحاخام روزان وطلب اليه توضيحات. بين الحاخام روزان في رسالة الى المدير العام انه يجل اسهام عرب اسرائيل المخلصين للدولة، ولا سيما اولئك منهم الذين يتطوعون للخدمة العسكرية والوطنية.

وزاد الحاخام أنه كان يجب صياغة كلامه على نحو أنسب وأنه 'كمن ربي في التيار المركزي للصهيونية المتدينة، معاذ الله أن أعيب على نحو عام على أساس قومي أو عنصري'. قضي الأمر.

يمكن ان نقول في الدفاع عن وزير التربية، انه في حين أحدث أعضاء الكنيست من اليمين ضجيجا عاما حول كلام المدير كوهين، فانه في حالة الحاخام روزان، لم يقلق أعضاء حزب العمل وميرتس راحة الوزير.

شالوم غير مسؤول

بين فحص أساسي عن قضية تعيين السفير في الأمم المتحدة، أنه برغم أن لسلفان شالوم حسابا مع ألون بنكاس منذ كانا في مكتب وزير الخارجية، لا تتصل عريضة أعضاء الليكود المعارضة للتعيين بنذر شالوم أن يطارد من كان القنصل في نيويورك.

يمكن أن نقول أن عمل شالوم قد قام به آخرون؛ ان رئيس الحكومة عنده سبب معقول لمعارضة مرشح وزير الخارجية افيغدور ليبرمان. وهو لا يتصل بعلاقات نتنياهو برجل الاعمال شيلدون ادلسون وصحيفته المجانية 'اسرائيل اليوم'.

ازاء الاهانة المحرجة للسفير التركي، يمكن ان نأسف لأن أحدا لم يف بنذر شالوم القديم ان يقف السفير في واشنطن داني ايالون.

============================

السبيل أمام أوباما لإثناء إيران عن مسارها الراهن الخطير

روبرت كاغان

الشرق الاوسط

28-1-2010

يحظى الرئيس الأميركي باراك أوباما حاليا وعلى امتداد الأشهر القليلة المقبلة بفرصة لجعل هذا العالم أكثر أمنا لا يجود بها الزمان سوى مرة واحدة كل جيل. ولا تتمثل هذه الفرصة في التفاوض مع الروس حول اتفاق بشأن الحد من الأسلحة، أو تعزيز معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، أو إقرار اتفاق للتصدي للتغييرات المناخية مع الصين، رغم أهمية مثل هذه المبادرات السابقة. وإنما تكمن الفرصة الراهنة في مساعدة الشعب الإيراني على تحقيق نمط جديد من الحكم. بالنظر إلى الدور الذي اضطلعت به المؤسسة الدينية الإسلامية الحاكمة في طهران في قيادة ورعاية التعصب المناهض للديمقراطية ولليبرالية وللغرب على مدار العقود الثلاثة الماضية، فإن إسقاط أو حتى إقرار إصلاح كبير في ذلك النظام سيأتي في مرتبة فائقة الأهمية لا يتجاوزها سوى انهيار الاتحاد السوفياتي من حيث تداعياتها الآيديولوجية والجيوسياسية.

وعليكم أن تتخيلوا إيران المتميزة بشعب متعلم ومبتكر وعلى درجة كبيرة من الثقافة وقد واتتها فرصة الازدهار والاندماج الكامل في الاقتصاد والمجتمع الدوليين. وتخيلوا معي التأثير الذي سيخلفه صعود إيران حديثة مزدهرة تعقد انتخابات بانتظام، انتخابات حرة ونزيهة بوجه عام. لقد كان أولئك الذين دعوا منذ فترة بعيدة لعقد «صفقة كبرى» مع إيران على صواب في حديثهم عن الفوائد العالمية الهائلة التي ستترتب على دمج إيران في النظام الدولي. بيد أن خطأهم الأكبر تركز في الاعتقاد بأن مثل هذه الصفقة يمكن إبرامها مع قيادات جاهلة تكن عداء شديدا للغرب.

في الواقع، إن تغيير النظام يحمل أهمية أكبر من أي اتفاق يمكن لإدارة أوباما التوصل إليه مع الحكومة الإيرانية الحالية بشأن برنامجها النووي، فحتى إذا قبلت طهران العرض الذي قدم إليها العام الماضي بتصدير بعض من اليورانيوم منخفض التخصيب الخاص بها، فإن هذا لن يعدو كونه خطوة متواضعة على طريق طويل تحفه الشكوك. ولا يستحق مثل هذا التنازل الصغير التخلي عن فكرة الضغط من أجل تحقيق تغيير النظام في إيران.

أيضا، سيكون من المأساوي أن تدمر إسرائيل احتمالية تحقيق تغيير النظام عبر شن ضربة جوية ضد المنشآت النووية الإيرانية خلال العام القادم، حيث إن ذلك من شأنه توفير دفعة هائلة للنظام الإيراني في ذات اللحظة التي يواجه فيها مصاعب جمة.. ولماذا تقدم إسرائيل على هذا؟ من أجل إمكانية مشكوك فيها تدور حول إعاقة البرنامج النووي الإيراني وتعطيله لعامين؟

في الحقيقة، يشكل تغيير النظام في طهران السياسة المثلى لوقف الانتشار النووي. حتى إذا رفضت الحكومة الإيرانية التالية التخلي عن برنامج الأسلحة النووية، فإن حاجتها إلى المساعدات الاقتصادية الغربية ورغبتها في إعادة الاندماج في الاقتصاد والنظام العالميين سيجبرها على الأقل على الإبطاء من وتيرة السعي المحموم الراهن للانتهاء من صنع أسلحة نووية، وستبدي انفتاحا أكبر على النقاش السياسي. وربما تقدم الحكومة الجديدة على تجميد العمل في البرنامج لبعض الوقت، أو التخلي عنه كلية، وهو أمر سبق وأن أقدمت عليه دول أخرى. في كل الأحوال، يبقى وجود إيران لا تخضع لإدارة عناصر راديكالية يتبعون رؤى عالمية كبرى سيناريو أقل إثارة للخوف من تلك القائمة حاليا، حتى وإن امتلكت إيران الجديدة سلاحا نوويا. ويدور هذا الرأي حول وجهة نظر براغماتية. والتساؤل المطروح الآن: ما هو الاحتمال الأكبر؛ أن توافق القيادة الإيرانية الراهنة على التخلي عن برنامجها النووي أم أن تتم الإطاحة بهذه القيادة؟ منذ عام مضى، كانت الإجابة واضحة، حيث لم تكن هناك مؤشرات توحي بأن الشعب الإيراني سينهض قط ويطالب بالتغيير، بغض النظر عما تفعله الولايات المتحدة ودول ديمقراطية أخرى لمساعدته. وإذا بدت احتمالات التوصل إلى اتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني ضئيلة وقتذاك، فإن احتمالات تغيير النظام كانت أقل. بيد أن مثل هذه الاحتمالات تبدلت منذ 12 يونيو (حزيران). والآن، تبدو احتمالات تغيير النظام أكبر من إمكانات موافقة النظام الراهن على التخلي عن برنامجه النووي. مع وجود عقوبات أشد وتوافر تأييد معلن من جانب أوباما وقادة غربيين آخرين وبرامج لتوفير معلومات واتصالات أفضل بالإصلاحيين، قد تكون احتمالات تغيير النظام الإيراني أفضل من أي وقت آخر.

ومثلما أشار ريتشارد هاس مؤخرا، فإنه «حتى أصحاب الفكر الواقعي عليهم الاعتراف بأن هذه فرصة لا ينبغي إهدارها». لكن هل يعي أوباما توافر هذه الفرصة؟ حتى الآن، اتسمت الإدارة بالبطء في إحداث تحول في نمط استجابتها للأحداث داخل إيران، حيث مضت الإدارة قدما وكأن التوترات السياسية الجارية في إيران لا تتسم سوى بأهمية هامشية. ولا تزال الإدارة تعتبر أن الجائزة الكبرى تكمن في التوصل إلى اتفاق ما مع طهران. في الحقيقة، اهتمام الرئيس بالتزام الحرص لدرجة مفرطة، حتى في الوقت الذي تطلب منه القيادات الإيرانية المعارضة الوقوف إلى جانبها، ويدعو خبراء إيرانيون أمثال كريم سادجابور وراي تكية إلى بذل جهود أكثر نشاطا لصالح الإصلاحيين الإيرانيين، لم يقل أوباما ولم يفعل سوى القليل للغاية. وعليه، فإن الرئيس بحاجة لإدراك أن ما نشهده حاليا لحظة حاسمة تدعو للتحرك، وأنها لن تدوم طويلا. إن القادة الإيرانيين يسارعون للحصول على سلاح نووي لأسباب بينها اعتقادهم بأن امتلاكه سيعزز موقفهم على الصعيدين الداخلي والخارجي. وربما هم على صواب في هذا الاعتقاد. إلى جانب ذلك، فإن صبر إسرائيل ليس بلا حدود. وإذا مر وقت طويل للغاية من دون تغيير في إيران، ربما تشعر إسرائيل بأنها مضطرة إلى شن هجوم، بغض النظر عن احتمالات نجاح الضربة وحجم تداعياتها.

أما إذا سقط النظام الإيراني ولعب الرئيس أوباما دورا واضحا في ذلك، فإنه سيضمن بذلك مكانا له في التاريخ كقائد أحدث تحولا هائلا. منذ ثلاثين عاما، انتصرت الثورة الإسلامية الإيرانية بفضل انعدام فاعلية مسؤولي إدارة كارتر، الذين لا يزال يدعو بعضهم حتى اليوم إلى تطبيع العلاقات مع خلفاء آية الله الخميني الوحشيين. واليوم، أمام أوباما فرصة للتغلب على فشلهم الاستراتيجي والآيديولوجي. لكن لا يمكنه الانتظار طويلا قبل الشروع في ذلك.

المرأة العربية واقع جديد... تنظيم ودور جديد

========================

المرأة العربية واقع جديـد.. تنظيم ودور جديـد       

نافذة- الرابطة الأهلية لنساء سورية – أمهات بلا حدود

الخميس, 28 يناير 2010

لا شك أن إدارة البيت، وتربية الأولاد، والقيام بأعبائهما، مع المقتضيات الطبيعية لدور الأمومة في ظروفها، تستغرق من المرأة وقتاً وجهداً غير قليلين. ونعتقد مؤمنات أن الوقت الذي تنفقه المرأة على إدارة بيتها، أو تربية أولادها، أو التفرغ لدورات حملها وولادتها وإرضاعها، هو وقت مقدس. تؤدي فيه المرأة واجباً أساسياً من الواجبات الفردية والاجتماعية ينبغي أن ننظر إليه دائماً بإجلال وإكبار.

ولكننا نعتقد مع ذلك أن الحياة العصرية بما وفرت للمرأة من تسهيلات ووسائل وتقنيات جعلت الوقت، الذي هو نعمة أولية من الله الخالق المدبر، يتسع لنشاطات أكثر وأكبر من تلك الأنشطة التي كانت تستغرق أوقات جداتنا وأمهاتنا إلى حد كبير. نحن الآن نستعمل الماء المسكوب، والخبز المخبوز، والغسيل المغسول، نطهو ونكنس ونغسل الصحون ونرتب غرف البيت، التي بدأت تضيق، وأسرّته التي بدأ تقل، بعُشر الوقت الذي كان تحتاجه نساء عقود خلت. وهذا بالتالي يضعنا أمام استحقاقات جديدة تفرض علينا أن نشغل أوقاتنا بالمفيد النافع لأنفسنا ولأسرتنا ولمجتمعنا بشكل عام.

 

هذا واقع جديد يخيم على حياة المرأة العربية يجعل منها، إن لم تبادر إلى عملية تنظيم منهجية لحياتها ودورها، تعيش حياة بطالة وفراغ وعبث، لم يرضها الإسلام أصلاً لأبنائه وبناته.

إن (فضل الوقت) الذي وفرته الحياة المعاصرة، وبتقنياتها المتعددة، والتي ملأت بيوت الناس، وإن على درجات متفاوتة، يؤكد أن المطلوب من المرأة المعاصرة في حياتنا العربية أن تعيد تنظيم وقتها للاستفادة من فائض الوقت، الذي يمكن أن تصنف عملية قتله، في الخفق في الأسواق، أو التسمر وراء شاشات التلفاز، أو في لوك الأحاديث مع الصديقات والجارات، أو في تقليب صفحات الانترنت من غير ما هدف ولا هدى؛ تحت عنوان الحرام الاجتماعي إن لم نكن قادرات على الحديث عن الحرام الشرعي.

وإعادة تنظيم الوقت، أو تنظيم الحياة بالنسبة للمرأة ربة البيت، أو العاملة، مثقفة كانت أو متعلمة ينبغي أن يتركز في توزيع هذا الوقت على محاور ثلاثة..

المحور الأول الحياة الشخصية:

ذاتكِ، ووجكِ، وأولادكِ وما يستحقون من اهتمام ورعاية. وعندما نقول (ذاتك) و(زوجك) نكاد نقصد (شخصية واحدة). إن هذا التنظيم يؤكد على ضرورة تجنب حالة المرأة (المنهَكَة المنهمِكَة) في شأن العمل أو البيت أو الأولاد، والتي تنسى نفسها وتنسى زوجها، حيث تنتظره في المساء لتبثه المزيد من عبارات الشكوى والأنين، وهو الذي كان طوال اليوم خارج البيت، في معترك الصراع مع الحياة، بما فيها من محبطات ومثيرات..

ومن معاني الحياة الشخصية على محور (ذاتك) ألا تنسي لحظة، رغم كل ما يسرد بعدُ في هذا المقال أنك أنثى، عليك أن تراعي معطيات أنوثتك واستحقاقاتها، بالقدر نفسه الذي تراعي فيه واجبات أمومتك واستحقاقاتها، بنفس القدر الذي تراعي فيه واجبات دورك الاجتماعي واستحقاقاته..

والمحور الثاني الذي يجب أن توازنيه في حياتك: بيتك..

إدارة متفوقة منظمة معتدلة. بين الإهمال واللامبالاة وبين وساوس النظاقة القهرية بون كبير. بيت نظيف مرتب، لقمة هنية تصنعينها بيديك. عودي أولادك وزوجك أن الوجبة السريعة المستحضرة من السوق هي الوجبة (الاضطرارية)، وأن اللقمة الأطيب والأمتع هي اللقمة التي تقومين بتحضيرها، والطبق الذي تتخايلين في إعداده.

الصحة البدنية، والدفء العائلي إنما يكونان في هذا الطبق المشترك وفي الاجتماع عليه، وفي التشاور في اختياره. تركيزنا دائماً في هذا الموقع على أن لنا اختياراتنا الحضارية الخاصة ينبغي ألا يسقط..

ولنترك للأطباء وللعلماء أن يرسموا لنا جميعاً الطريق الأفضل لمائدة عصرية، ولقمة أكثر نفعا. ولنتوقف عن الإصغاء لشركات الوجبات السريعة، والمشروبات الغازية التي تطالعنا كل لحظة على المحطات الفضائية. ولنتسامى عن (التظاهر) أمام الجيران والصديقات أننا نستخدم أو نستهلك ما ينصح به الإعلام الذي يصم آذاننا بالدعاية الأجمل ليس للسلعة الأفضل وإنما للشركة الأغنى والأقدر..

والمحور الثالث محور العمل المنتج:

محور مطلوب من الجميع أن يتوقفن عنده، وهو المحور الغائب تماماً عن حياة ربات البيوت المتفرغات لبيوتهن بشكل خاص. أو حياة الصبايا اللواتي ينتظرن بعد التخرج (ابن الحلال).

جغرافيا شاسعة من الجبال والسهول والغابات والأحراش ومن البحار والأنهار، يمكن لكل واحدة فينا أن تختار منها مربعا تعمل فيه. تتعرف عليه، تتعمق، تأخذ بأطرافه ثم تنزل إلى الواقع في مشروعات فردية أو شبة جماعية أو جماعية. لا يمكن للمثل أن يحيط بالمقترح هنا. ولكن الذي نريد أن نؤكد عليه أن اختزان المعرفة، مهما كانت سليمة، وإن كان مرحلة ضرورية، فهو ليس هدفاً يطلب لذاته.

نعرف كثيراً من المثقفات يجتمعن أسبوعياً على مناقشة كتاب تقرؤه إحداهن، وتلخصه، ولكن إلى متى وما هي الغاية؟! لا بد من الانتقال إلى مرحلة أخرى من العمل والإنجاز. ليكن حاضراً في أذهاننا قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (الخلق كلهم عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله..)

كيف ننفع الناس؟  الجواب هو المقصود في توظيف الجهد والوقت..

وإعادة الاعتبار لمثلث: الحياة الشخصية، وإدارة البيت، والاشتغال بالإنجاز. هو واجب العصر الذي يدخل المرأة العربية الجادة من بوابات العصر العريضة. نعم هذا هو وليس لون الثوب أو كثافة طبقة المكياج.

===================

حقوق الإنسان :

أوروبا تضاعف عمليات طرد اللاجئين والمهاجرين

بقلم ديفيد كرونين/وكالة انتر بريس سيرفس

بروكسل, يناير (آي بي إس)

إرتفع عدد طالبي اللجوء والمهاجرين الذين طردتهم حكومات الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي بالتنسيق فيما بينها، بنسبة ثلاثة أضعاف في الأعوام الثلاثة الأخيرة، وفقا لبيانات حصلت عليها وكالة "آي بي اس" ولم تنشر بعد.

وتفيد هذه البيانات بأن عدد اللاجئين والمهاجرين الذين طردتهم الحكومات الأوروبية من أراضيها قد تجاوز 1,570 فردا أثناء الفترة من أول يناير ومنتصف ديسمبر العام الماضي، تم ترحيلهم في 31 رحلة جوية نسقتها وكالة الحدود الخارجية التابعة للإتحاد الأوروبي "فرونتيكس".

هذا العدد يعادل ثلاثة أضعاف طالبي اللجوء والمهاجرين الذين طردتهم دول الإتحاد الأوروبي منذ عام 2007، حين بلغ 428، ليقفز إلي الضعف بأكثر من 800 في سنة 2008، ثم للضعف مرة أخري في العام الماضي.

وتبين هذا البيانات -التي لم تنشر بعد- أن وكالة "فرونتيكس" قد صعدت معدل أنشطتها في هذا المجال منذ تأسيسها منذ أربعة أعوام ونصف عام، وأن دورها في طرد المهاجرين الذين ترفض الحكومات الأوروبية طلباتهم للجوء سوف ينمو في المستقبل.

فمن الجدير بالذكر أن الزعماء الأوروبيين قد إعتمدوا في قمتهم في بروكسل في أواخر أكتوبر الماضي، خطة لتكثيف أنشطة وكالة "فرونتيكس"، كما كلفوا المفوضية الأوروبية بإعداد مقترحات جديدة لتعزيز سلطات الوكالة.

وتنص الخطة الجديدة المعتمدة في القمة علي أن تتولي وكالة "فرونتيكس" تمويل المزيد من الرحلات الجوية لترحيل المهاجرين وتوثيق التعاون مع الحكومات الأوروبية.

 

هذا ولقد أعربت المنظمات المعنية الناشطة في مساعدة طالبي اللجوء عن قلقها العميق من تنامي موارد "فرونتيكس" المالية وتعزيز إختصاصاتها، دون مطالبتها بمراعاة الحقوق الإنسانية الأساسية.

ويذكر أن منظمة الحقوقية العالمية "هيومان رايتس ووتش" قد لفتت الإنتباه إلي دور الوكالة في مساعدة السلطات الإيطالية في يونيو الماضي في طرد نحو 75 مهاجرا إلي ليبيا بعد إعتراضهم في مياهها، دون إتاحة المجال لهم لممارسة حقهم في طلب اللجوء بموجب إعلان حقوق الإنسان العالمي الساري منذ 61 عاما.

وذكر بجارتي فاندفيك، مدير المجلس الأوروبي لشئون المهاجرين واللاجئين المعني بالدفاع عن حقوق طالبي اللجوء، بحتمية العمل بمبدأ "عدم الإعادة القسرية" لدي طرد الأفراد من أوروبا.

هذا المبدأ يعتبر بمثابة ركيزة أساسية لقانون اللاجئين الدولي، ويقضي بعدم جواز إرسال فرد ما إلي دولة يخاطر فيها بالوقع ضحية الإضطهاد.

وأضاف "من غير الواضح كيف ستنفذ وكالة فرونتيكس، كجهاز تابع للإتحاد الأوروبي، إجراءات إعادة اللاجئين بصورة تضمن تطبيق مبدأ "عدم الإعادة القسرية" هذا، وبحيث يمكن رصدها بإستقلالية، ومراقبة مراعاتها للكرامة والإنسانية".

 

وحذر من أن صلاحيات الوكالة وميزانيتها في توسع سريع، ولكن دون تطوير أساليب تنفيذها الإلتزامات القانونية الدولية والأوروبية.

أما وكالة "فرونتيكس" فقد صرح متحدث بإسمها بأن مهمتها ليست رصد إحترام حقوق الإنسان "وإنما يقتصر علي التنسيق".

وقال أن "القواعد (القانونية) التي تنطبق علي رحلات الطائرات (لترحيل المطرودين) هي من إختصاص الدول (الإعضاء في الإتحاد الأوروبي) التي تتبعها هذه الطائرات. فمثلا تشترط النمسا وجود مراقب لحقوق الإنسان علي متنها".

وبدوره صرح فيليب امارال، المسئول بالخدمة اليسوعية للاجئين في بركسل، أن "مصدر قلقنا الأساسي تجاه وكالة "فرونتيكس" يكمن في غموض أنشطتها... ولذا فنطالب بقوة بالمزيد من إشراف البرلمان الأوروبي عليها، خاصة الآن بعد أن تقرر توسيع نطاق أنشطتها".

 

وأخيرا يشار إلي أن وكالة "فرونتيكس" سبق وأن أثارت ثائرة الناشطين الحقوقيين في عام 2008، حين علموا أن مسدسات وجهت مباشرة نحو مهاجرين نزلوا بالأراضي الإيطالية أثناء عملية شاركت الوكالة في تنفيذها.(آي بي إس / 2010)

===================

أفغانستان: لماذا تستعجل واشنطن ولندن التفاهم مع طالبان؟

بقلم ساناندا ساهوو و جيم لوب

وكالة انتر بريس سيرفس

واشنطن, يناير (آي بي إس)

نوه عدد من كبار المسئولين الأمريكيين والبريطانيين، عشية إنعقاد المؤتمر العالمي حول أفغانستان في لندن في 28 الجاري، إلي المزيد من الإنفتاح نحو التوصل إلي تسوية سياسية مع بعض عناصر طالبان أكثر من أي وقت مضي منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بحكم طالبان منذ تسع سنوات.

والسؤال المطروح هو ما إذا كان هذا التنويه نابعا عن إلتزام أمريكي بريطاني حقيقي بالتوصل إلي مثل هذه التسوية، أو عن حاجتهما لإظهار مرونة جديدة بغية ضمان المزيد من الإلتزام من جانب حلفاء واشنطن في حلف شمال الأطلسي أثناء مؤتمر لندن.

 

هذا المؤتمر الذي يعقد برئاسة الرئيس الأفغاني حميد كرزاي ورئيس الوزراء البريطاني غوردون براوان، ويشارك فيه مسئولون رفيعون من الدول المشاركة في قوة مساعدة الأمن الدولية (إيساف)، والبلدان المجاورة لأفغانستان، والجهات المانحة والأمم المتحدة، سوف يتداول حول حزمة من القضايا منها الأمن والحكم الرشيد والتنمية والعلاقات الإقليمية.

وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند قد صرح في جلسة للجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي في واشنطن في 21 يناير الجاري أن أكبر نتيجة مأمولة لهذا المؤتمر هي أن يتفهم 70 وزير خارجية، والرأي العام، طابع التماسك والوضوح الذي تتسم به خطة مستقبل أفغانستان.

 

وكان المبعوث الخاص الأمريكي لباكستان وأفغانستان ريتشارد هولبروك قد رافقه في هذه الجلسة، حيث سعي إلي طمأنة الشيوخ القلقين إلي أن واشنطن وحلفاؤها يحققون تقدما ثابتا نحو وقف زحف طالبان في الأعوام الأخيرة بل وعكسه.

وقال هولبروك أن "الطفرة المدنية" التي صاحبت التصعيد العسكري الأمريكي في الشهور العشرة الأخيرة، هي جزء من خطة واشنطن، التي زادات عدد خبراء المساعدة المدنيين الأمريكيين في أفغانستان بمعدل ثلاثة أضعاف حتي الآن. هؤلاء الخبراء يعملون مع الوحدات العسكرية في محافظة هلمند الحنوبية حيث تحرك المتمردون بحرية في الأشهر اأخيرة حسب قوله.

جاء هذه التصريحات وسط آمال بأن يبدي زعماء الدول الأعضاء في حزب شمال الأطلسي إستعدادهم لتقديم المزيد من الموارد العسكرية والمدنية للخطة الأمريكية في أفغانستان.

 

ويذكر أن ال 43 دولة المشاركة في قوات "إيساف" قد حشدت 85,000 جنديا في أفغانستان حتي الآن، منهم 70,000 من الولايات المتحدة وحدها، لتليها بريطانيا بنحو 10,000 جندي.

يضاف إلي ذلك قرار الرئيس باراك أوباما برفع عدد القوات الأمريكية في أفغانستان إلي 100,000 جندي بحلول منتصف العام القادم. كما تعمل واشنطن وحلفاؤها علي بناء جيش وطني وقوات شرطة وطنية في أفغانستان بما يبلغ 134,000 جندي 82,000 ضابط بحلول سنة 2011، مع تكثيف عمليات التنمية.

هذا وتأمل واشنطن ولندن أن تشجع هذه الخطط كبار المانحين، خاصة المترددين في إرسال قوات، علي زيادة إلتزامهم بتمويل المساعدات المدنية في أفغانستان، خاصة وأن الخطة، بعنصريها العسكري والمدني، تهدف في المقام الأول إلي عكس الإحساس السائد -والواضح علي ضوء الإرتفاع غير المسبوق في عدد ضحايا القوات الغربية في العام الماضي- بأن طالبان تكسب حرب أفغانستان.

 

في هذا الشأن، قال مسئولون أمريكيون رفيعون أنه لو تم إقناع قادة طالبان بعدم إمكانهم كسب هذه الحرب، فمن المقدر أن يقبلوا بالدخول في محادثات سلام جادة مع حكومة كرزاي. وشددوا علي أن الغاية هي التركيز علي محادثات السلام والتوصل إلي تسوية سياسية تشمل طالبان.

وبدوره أقر وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتس في زيارة الأخيرة لباكستان بعدم إمكان هزم طالبان عسكريا لكونهم جزء من "النسيج السياسي" الأفغاني.

وصرح غيتس لوسائل الإعلام الباكستانية "السؤال هو ما إذا كان طالبان في مرحلة ما علي إستعداد للمساعدة في بناء أفغانستان القرن الواحد وعشرين، أم أنهم ما زلوا يريدون قتل الناس". وأضاف "المصالحة السياسية يجب أن تشكل جزء من تسوية النزاع".

وردد القائد الأمريكي في أفغانستان الجنرال ستانلي ماكريستال أقوالا مشابهة في هذه الإتجاه، في مقابلة مع جريدة فاينانشيال تايمز.

 

وبدوره أعرب رئيس الأركان الأمريكي الجنرال ديفيد بتريوس عن رضائه عن غاية التوصل إلي تسوية سياسية مع عناصر من طالبان، وذلك في مقابلة مع صحيفة "لندن تايمز مونداي" في 25 الجاري.

 

كما صرح وزير الخارجية البريطاني في مقابلة مع "بي بي سي" في 24 الجاري أنه يؤيد محادثات بين الحكومة الأفغانية وعلي الأقل بعض العناصر في قيادة طالبان.

 

وأخيرا، تتزامن كل هذه التصريحات التوافقية مع نداء رئيس بعثة الأمم المتحدة في كابول كاي اييد في 24 الجاري، بحذف بعض قادة طالبان مع قائمة الإرهابيين في الأمم المتحدة، ما يمهد السبيل لمحادثات سلام معهم.(آي بي إس / 2010)

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ