ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أزمة اليورو وآفاقها: هل
تغادر العملة الأوروبية جبل
الأولمب؟! المستقبل - السبت 30 كانون
الثاني 2010 العدد 3553 - رأي و فكر - صفحة 19 عصام حداد() في 20/1/2010 ناقش في بروكسل وزراء مالية
الاتحاد الأوروبي الديون التي
تراكمت على الدولة اليونانية
العضو في الاتحاد ونادي اليورو.
السيدة "الينا سالجادو..
المفوضة المسؤولة عن النقد نفت
الأنباء التي تتردد حول احتمال
اعلان افلاس اليونان وأكدت
ثقتها ببرنامج اعادة الثبات
والتوازن الى ماليتها. برنامج
التقشف يهدف وحتى عام 2012 الى خفض
العجز في الموازنة من 12,7% الى 3%
السقف الذي تسمح به اتفاقية
انشاء النقد الأوروبي الموحد. رئيس وزراء اللكسمبورغ، وهو مجدداً رئيس
كتلة اليورو في الاتحاد
الأوروبي، السيد "جان كلود
يونغري" شكك بجدوى ومدى
فاعلية خطة حكومة اليونان
الجديدة للخروج من الأزمة
الخانقة التي تهدد عملة اليورو
ذاتها. وتوالت التعليقات والتحذيرات خاصة من
الدوائر التي عارضت قبل 11 عاما
انشاء النقد الموحد لدول السوق
الأوروبية، فالسيدة زيناته
اور، الخبيرة في مجال النقد في
جامعة جونتجن تقول "ان الوحدة
النقدية لا يمكن لها ان تنمو
وتترسخ الا في مجال نقدي ملائم"
وهو الامر الذي "يتطلب مرونة
واسعة لمستوى الأجور والأسعار
وقوى عاملة متحركة" كما يلحظ
السيد روبيرت مونديل (الحائز
جائزة نوبل للاقتصاد) ويضيف: "فقط
عندها يمكن للاقتصاد استيعاب
الأزمات ومواجهة الركود..."
وفي السنوات الماضية تعمق
التمايز الاقتصادي بين دول
النقد الموحد الأوروبي، ونمت
عبر ذلك مصالح، عكست نفسها في
سياسات اقتصادية اكثر، تنافرا
لحكومات دول الاتحاد النقدي. وفي معرض الرد على ما يسوقه بعض المحللين
عن تفاوت الأوضاع والتطور
الاقتصادي بين ولاية وأخرى في
ظل عملة واحدة "الدولار" في
الولايات المتحدة الأميركية،
يقول استاذ الاقتصاد في جامعة
برنستون الاميركية والحائز
جائزة نوبل للاقتصاد لعام 2009
بول كروغمان: ان الولايات
المتحدة الاميركية تتمتع
بسياسة نقدية واحدة وحرية
التنقل والحركة للقوى العاملة
وأوروبا تفتقد هذين العاملين....".
وان استنتج في الاخير بأن ادخال
العملة الموحدة الأوروبية كان
خطأ، الا ان "على اوروبا الآن
ايجاد الطريق لمعالجة المشكلات
المترتبة على ذلك" كما يقول
الأزمة التي تهدد النقد
الأوروبي "اليورو" فجرها
اعلان الحكومة اليونانية
الجديدة برئاسة جورج باباندريو
عن بلوغ المديونية للدولة نسبة
13% من الناتج القومي العام (BIP) الأمر الذي يتعارض بقوة مع قواعد
استقرار النقد التي ترسمها
الاتفاقات الملحقة باعلان
النقد الموحد "يورو" والتي
لا تسمح بعجز يفوق عن 3% من ال (BIP).
وان كان هذا الخرق يسبب فرضا
للعقوبات على البلد المعني، الا
ان الامر في اليونان تجاوز كل
هذه الحدود ويطرح مشكلة شبه
افلاس دولة عضو في نادي اليورو
بكل ما يعنيه هذا الافلاس دوليا
بالنسبة لليورو. ان ما يزيد الأزمة حدة كشفت عنه شهادات
وكالات الاستشارات المالية عن
تضخم العجز في موازنات كل من
اسبانيا والبرتغال: فبلغت في
الاول 11,2% وفي الثانية 8% وبات
الكلام واضحا عن التراجع
الاقتصادي الكبير في بلدان ال (PIGS) (اي البرتغال، ايطاليا،
اليونان واسبانيا). فارتفاع
الأجور في ظل النمو الضئيل
لانتاجية العمل ادى الى ارتفاع
سعر الكلفة للمنتوجات مما ادى
بدوره لخفض قدرتها على المنافسة
في الأسواق. وعندما يجري الحديث
عن ارتفاع سعر الكلفة بمقدار 30%
عما كانت عليه في عام 2000، تصبح
ابعاد الأزمة اكثر وضوحاً،
وتراجع صادراتها واختلال ميزان
المدفوعات في كل منها يعكس نفسه
في ارقام موازناتها التي تقرع
بسببها اجراس الانذار اليوم. وعلى النقيض من هذا كان التطور في المانيا
التي اثبتت قدرة منتوجاتها على
المنافسة وزادت من نمو
صادراتها، الأمر الذي انعكس في
ميزان المدفوعات الايجابي
ورفعها الى المركز الأول (حتى
هذا العام) في عالم المصدرين.
وجوهر هذا التطور في المانيا
كان وما زال السياسة المتشددة
ازاء نسبة ارتفاع الأجور، اي
سياسة توزيع الثروة المنتجة
اجتماعياً. الحلول المطروحة واحتمالاتها: ان ضعف اليونان والبرتغال في سوق
المنافسة يهدد كل منهما
بالنزيف، ولهذا تداعياته على
قدرة كل منهما على تحمل الأعباء
المالية اجتماعياً ولخدمة
قروضها وديونها المتراكمة. وهنا
يشير البعض من خبراء السوق الى
الشر الذي لا بد منه: خفض
التقديمات الاجتماعية وزيادة
الضرائب. الا ان لهذا التوجه
تبعاته الخطرة على النمو
الاقتصادي لهكذا بلدان، اذ ان
زيادة الضرائب سوف تدفع الى
المزيد من الهجرة لليد العاملة
المتخصصة، والتي يحتاجها النمو
الاقتصادي في هذه البلدان. واليوم يعيش 25% من اليونانيين خارج حدود
دولتهم وكذلك الأمر بالنسبة
للبرتغال حيث ثلث السكان ينتشر
ويعمل في كافة انحاء العالم.
وهذا يعني خسارة كبيرة في اليد
العاملة الخبيرة والمتقدمة
التي يحتاجها البلدان في
طموحهما للتنمية والتقدم. ولذلك
تطرح اليوم تجربة ايرلندة
مخرجاً من هذه الأزمة: فأمام
انكماش الناتج القومي العام
بنبة 103% وبلوغ العجز في ميزان
المدفوعات 11,5% اقرت حكومة
ايرلنده سياسة تقشف وتوفير في
ميزانيتها لهذا العام، والتي
اطرى عليها المفوض السابق لشؤون
النقد والاقتصاد في مفوضية
الاتحاد الأوروبي "يواكين
المونيا". الا ان ما يزكيه المفوض (السابق) وتؤيده
اغلبية المواطنين في ايرلنده
ترفضه الأغلبية الساحقة في
البرتغال واليونان وايطاليا
واسبانيا. والتقليد التاريخي في
هذه البلدان اعتمد دائماً على
خفض قيمة العمل في حال ارتفاع
الأجور بشكل كبير. أما اليوم فلم
يعد هذا ممكناً، فخفض قيمة
اليورو ليس بالممكن من خلال
قرار لأي بنك مركزي وبالتالي
حكومة اي بلد من بلدان اليورو
بمفردها. فكيف الخروج من هذا المأزق الذي يعني
لليونان، مثلاً، دفع 5,8% فائدة
على اي قرض تحتاجه (بزيادة 2,5
نقاط عن المانيا مثلا) مما يزيد
الأزمة حدة وخاصة وان الديون في
ازدياد وتفاقم؟؟ المفوضية
الأوروبية تهدد الحكومة
اليونانية بفرض العقوبات
القاسية في حال عدم التزامها
بتنفيذ سياسية التقشف التي تبشر
بها. الاحتمالات المتداولة
اليوم في الأوساط المسؤولية في
بروكسل: هي [ ان يقبل نادي اليورو تسديد العجز
اليوناني. وهذه ستكون سابقة
خطرة امام احتمالات الوضع في
البرتغال ايطاليا واسبانيا. [ ان يدفع باليونان خارج اطار الاتحاد
النقدي، على ما يعنيه من تدهور
كبير في قدرة الدولة على
الاستدانة والاقتراض، لتخوف
المستثمرين من احتمال لجوء
الدولة لخفض العملة وارتفاع
نسبة التضخم، بالاضافة
للمشكلات القانونية التي
تطرحها مسألة خروج دولة من نادي
اليورو. [ لجوء اليونان للاستدانة من صندوق النقد
الدولي، مع كل الشروط التي
سيفرضها بالنسبة لعملة اليورو
وهوالأمر الذي لن يقبل به البنك
المركزي الأوروبي. [ وأخيرا يحفز الكثيرون تقديم القروض
المباشرة من كل من دول عملة
اليورو الى اليونان، لدعم جهود
حكومتها في تخطي الأزمة الراهنة. وختاماً: تتجلى الأزمة المالية العالمية
في أوروبا عن هذه الأبعاد وتفرض
على دول نادي اليورو التصدي
لمستجدات قانونية وتنظيمية كما
مالية واقتصادية على امل ان
تستطيع ذلك وفي أسرع وقت لتوفر
على الاقتصاد العالمي هزات
عنيفة لا تحمد عقباها. ()كاتب لبناني مقيم في برلين ========================= يعقوب عميدرور 30/01/2010 القدس العربي الحدث المهين باشراف نائب وزير الخارجية
الذي قام بإجلاس سفير تركيا في
اسرائيل لمحادثة تأنيب، الحقت
الاذى قبل كل شيء بدولة اسرائيل
نفسها. ما هكذا تتصرف وزارة
خارجية دولة حضارية. حتى وان لم
يكن هناك مفر احيانا ومن الواجب
ان تكون فظا في ردك فليست هذه هي
الطريقة المناسبة. ومن هنا كان
من الجيد ان اسرائيل ونائب وزير
خارجيتها اعتذرا عن هذه الحادثة. سفر وزير الخارجية الى تركيا من المفترض
به اطلاق رسالة بأن ليس كل شيء
ضائعا وان هناك ما يمكن التحدث
عنه وان من المهم التأكيد على
القضايا المشتركة للدولتين
خصوصا التعاون العسكري والامني
ولكن ليس في هذه المجالات فقط.
ذلك لان وزير الدفاع التقى ايضا
مع وزير الخارجية التركي وتحدث
معه بطبيعة الحال حول امور
سياسية. المراسيم في أنقرة كانت مثيرة للانطباع
ولكنها جوهر المشكلة. من المحظور الوقوع في الاوهام. كلما كانت
الاهانة علنية كانت بلا داع
وضارة، والاعتقاد بأن من الممكن
اعادة تركيا الى طريق اتاتورك
والتوقع باقامة منظومة علاقات
جيدة مع اسرائيل هو وهم. تركيا
آخذة بالابتعاد عن تركة مؤسسها
الذي حلم بدولة علمانية قريبة
من الغرب بطرق التفكير
والمؤسسات. تركيا بداية القرن
الواحد والعشرين تسير في
الاتجاه المعاكس: هي تصبح اكثر
تدينا واكثر اسلامية وتدار على
هذا النحو داخليا وخارجيا بهذه
الطريقة. خطوة اتاتورك فشلت وفقا لما نراه في
الاجواء السائدة في تركيا اليوم.
الانتخابات التي اوصلت الحركة
الاسلامية الى الحكم وخطوات
اضعاف الجيش المفترض به وفقا
للدستور التركي ان يكون المحافظ
على الدولة كدولة علمانية تقود
الى استنتاج ليس مريحا بالنسبة
لدولة اسرائيل ولكنها الحقيقة
المرة. لا يتوجب تفضيل الاوهام
على الفظاظة فكلاهما ضار. المثال الوحيد الا ان التغير في تركيا ليس قائما بذاته
وهو جزء من انقلاب كبير يحدث في
الشرق الاوسط برمته حيث تزداد
قوة الاصوليين الاسلاميين
صعودا كموجة غامرة يصعب ايقافها.
جذور العملية تكمن بفشل الدولة
العلمانية في توفير الاستقرار
والديمقراطية والنجاح
الاقتصادي في كل ارجاء الشرق
الاوسط الاسلامي. ليست هناك
دولة واحدة من تلك الدول التي
اقيمت على انقاض الامبراطورية
التركية او الانكليزية او
الفرنسية تؤدي دورها بصورة تشبه
الدورة الديمقراطية الحديثة.
تركيا كانت النموذج الوحيد وهي
ايضا تضيع في التيار الاسلامي
الذي يغمر الشرق الاوسط كله. الفوارق بين الدول المختلفة في المنطقة
كبيرة جدا في مجالات كثيرة بما
في ذلك المجال الديني. ولكن
الامر المشترك لها جميعا هو
ازدياد شكيمة التيار الاسلامي
في السياسة الداخلية وفي
السياسة الخارجية وفي سلوك جموع
المواطنين من سكان المنطقة. كما ان حركة الاصلاح في ايران ركيزة امل
الكثيرين نحو التغيير المنشود
في طهران لا تخوض الصراع ضد
الفلسفة الاسلامية والنهج هناك
وانما تكافح فقط ضد التطبيق
العنيف والديكتاتوري لهذا
النهج كما انعكس ذلك بتجاهل
نتائج الانتخابات الاخيرة هناك.
تلك الانتخابات التي سمح
لمرشحين من المنتمين للثورة فقط
بترشيح انفسهم فيها. لم يكن لاي
ايراني علماني او ليبرالي
ديمقراطي ان يرشح نفسه في تلك
الانتخابات. كل الشرق الاوسط يتوجه الى مكة والى
التقاليد الدينية والقانون
الاسلامي. هناك دول ما زالت
تكافح ضد هذه المجريات وعلى
رأسها مصر والاردن حيث تتعزز
حركة الاخوان المسلمين (الحركة
الام لحماس). اتباع الحركة لا
يستطيعون ترشيح انفسهم
للانتخابات في مصر وفي الاردن
فرضت عليهم رقابة مشددة. هناك
دول تحاول هضم التطرف داخل
طريقة الحكم القائم والسعودية
على رأسها، وهناك من يخوض حربا
حقيقية في مواجهة القوى
المتطرفة التي تحاول تدمير
الحكم في المكان واليمن هو
نموذج اخير لذلك. ولكن كل هذه
الامور ما هي الا معارك الرمق
الاخير. ميل الشرق الاوسط نحو
الاسلام غير قابل للتغيير في
جيلنا. شعار الاخوان المسلمين: 'الاسلام
هو الحل' يترسخ في الافئدة سواء
لان الكثيرين يؤمنون بطريق
الدين فعلا او لان البديل في جزء
ملموس من الحالات لا ينجح في
توفير الرد المطلوب وهو فاسد
فيها كلها تقريبا. صحيح انه في الاماكن التي يسيطر فيها
متطرفو الاسلام مثل افغانستان
قبل الاحتلال الامريكي واجزاء
من باكستان وغزة وإيران ليس
هناك نجاح كبير والامور
المعروضة هي اخفاقات عميقة ومع
ذلك لم يزل بعد سحر الاسلام
كحركة سياسية وليست دينية فقط. الجيل الثاني يرفع رأسه ولكن من المهم ان تقال الحقيقة. الاسلام
كمشكلة يتجاوز حدود الشرق
الاوسط. اليوم تخوض المواجهة
معه دول اوروبية تكتشف فجأة ان
حشود المهاجرين بعضهم من مواطني
المناطق التي سيطرت عليها تلك
الدول في العهد الاستعماري
وبعضهم باحثون عن العمل من
الشرق لا يرغبون في الانصهار في
المجتمع. المهاجرون لا يتبنون
ثقافة المكان وقوانينه وفلسفته. ان كان الجيل الاول من المهاجرين قد صغر
قامته وحافظ على عاداته وأحجم
عن التخاصم مع القانون وحراسه
فان الجيل الثاني من الهجرة
يبدي الوقاحة والصلافة نحو
الدولة التي تستضيفه ويخالف
قوانينها بصورة صارخة ويعود
للاسلام وقلة من ابنائها تبدي
الاستعداد لتنفيذ الارهاب ضد
مستضيفيهم. الخلية التي فجرت في
2004 القطار الارضي في لندن كانت
من ابناء الجيل الثاني، مجموعة
ارهابيين يعملون بخدمة تنظيم
القاعدة ومواطنين بريطانيي
الجنسية بالولادة. بعد الكارثة النازية سنت دول ديمقراطية
كثيرة قوانين صارمة ضد كل نوع من
انواع التمييز والتفرقة على
خلفية عرقية او ثقافية. اليوم
أصبحت هذه القوانين سلاحا يشهر
في وجه اليهود والدول
الديمقراطية على حد سواء. اليهود يعانون من التصرف العنيف من قبل
المهاجرين المسلمين ومن قوتهم
السياسية الصاعدة ومن انهم
اصبحوا في ايامنا هذه قادة
حركات الاحتجاج بما فيها
الاحتجاج العنيف ضد اسرائيل
واليهود. كل هذا من دون اي
اكتراث لتقاليد المكان ومن خلال
استغلال حرية التعبير للتحريض
وعدم رغبة السلطات بمعالجتها
لانها تخشى من اندلاع اعمال
الشغب او اتهامها بالفاشية. الكثيرون من قادة اوروبا يدركون الخطورة
الكامنة بفقدان الهوية
الثقافية والسياسية لدولهم تحت
ضغط المهاجرين المسلمين ولكن
يعجزون عن توفير الخلاص خصوصا
اثر تقاعسهم وجبنهم في مواجهة
المشكلة. التهديد ليس فقط نتيجة
للتفرقة الاقتصادية وانما نابع
بالاساس من مشكلة ثقافية ومن
فشل القيادة السياسية للدول
المستضيفة والجمهور الاسلامي. من يرى المشكلة بشموليتها وانتشارها ليس
في ارجاء الشرق الاوسط وحده
وانما ايضا في اوساط المهاجرين
المسلمين في الدول الغربية،
يدرك الصعوبة التي تتربص بدولة
اسرائيل في الجيل القادم. تركيا
ما هي الا نموذج وعلامة للامور
القادمة. اسرائيل اليوم 29/1/2010 ========================= تنّين الفساد والرشوة في
الوطن العربي السبت, 30 يناير 2010 عيد بن مسعود الجهني * الحياة الفساد العظيم الإداري والمالي ضرب
أطنابه في بلاد العرب
والمسلمين، والنتيجة الحتمية
ما نراه متجسداً أمام أعيننا من
تخلف وانحطاط وفقر وبطالة وجهل
ومرض وتدنّ خلقي، بل وانفلات من
الدين، حتى أصبح الأمين وعفيف
اليد في بعض مجتمعاتنا العربية
والإسلامية في زماننا غريباً،
بل انه ربما ينال جزاء أمانته
وعفته قهراً وظلماً وتعسفاً
فتكف يده عن العمل او يحال إلى
التقاعد وفي أحسن الأحوال تجمد
ترقيته وينقل من وظيفة إلى أخرى
(مهمشاً). هذا، لأن الفساد أصبح متغلغلاً حتى
النخاع في أوطاننا، وأصبح عبيد
الفساد يدفعون بلدانهم إلى
مدارك سحيقة من التأخر والتخلف،
بل وتقويض الشرعية السياسية
وإيقاف عجلة التطور الاقتصادي
والتنموي، ومع هذا الهجوم الشرس
من المفسدين على المال العام
ونهب ثروات الشعوب على أيدي فئة
قليلة عاثت بالناس ظلماً
وفساداً، أصبح هؤلاء الفاسدون
الذين ضعف إيمانهم وخانوا
عهودهم وخربت ذممهم من كبار
الأثرياء، والأدهى أن هؤلاء
الفاسدين سارقي قوت الناس هم
وحدهم الذين امتلأت بطونهم
بالحرام وأصبحوا من الوجهاء
والأعيان في المجتمع. وإذا كان الفساد يُلحق الأذى الشديد
بالاقتصاد والتنمية ويزيد من
الفقر والعوز والمرض والجهل
والبطالة في الوطن العربي
الكبير الذي بلغ عدد الفقراء
فيه حوالى 140 مليون إنسان (أي
بنسبة أكثر من 40 في المئة من
سكان الدول العربية البالغ
عددهم 303 ملايين نسمة)، وهذا ما
يؤكده تقرير صدر أخيراً عن
جامعتنا العربية وبرنامج الأمم
المتحدة الإنمائي، والمحزن أن
تلك التقارير تُظهر أن نسبة
البطالة هي الأعلى عالمياً في
ديارنا، إذ كسرت حاجز 77 في
المئة، وهذا أمر مخزٍ يحدث في
دول تملك الثروات الهائلة من
النفط والغاز، وأطول الأنهار
تجري في بلداننا. وإذا كانت تلك أمثلة مبسطة لعواقب الفساد
والرشوة والمحسوبية فإن
الضرريتعداها إلى تقويض
الشرعية السياسية، فهو على
الجانب الآخر يعد معول هدم يحجب
تدفقات الاستثمارات إلى الدول
ويجعل بعض الشركات تُحجم عن
المشاركة في المناقصات التي
تعلنها الدول لتنفيذ مشاريع
كبرى او متوسطة بل حتى الصغيرة
منها بسبب الأتاوات التي يفرضها
المفسدون على المتنافسين، بل ان
الفساد المنظم يسهل انتشار
الجرائم الدولية ومنها الاتجار
بالمخدرات وغسل الأموال
والاتجار بالأسلحة، وفوق ذلك
فهو يعوق حركة التجارة الدولية. إن الفساد الذي انتشر انتشار النار في
الهشيم في ديارنا أدى إلى تعطيل
مصالح الناس وألحق بأصحاب
الحقوق ظلماً وضيماً من دون وجه
حق، فكثيرون من أصحاب المواهب
والقدرات العالية والأخلاق
السامية تحجب عنهم الوظائف
وتذهب إلى الأبناء والأقرباء
والأحباء وأبناء العشيرة
والقبيلة (والشلة) وهم صفر من كل
موهبة وتعوزهم القدرة والأمانة
والخلق القويم. وقس على ذلك معظم
الأمور والمصالح والحاجات، فلا
تكاد تقضي مصلحة أو أمراً إلا
إذا أدخلت يدك في جيبك، حتى
التعليم الذي يجب أن يكون أطهر
ميدان لم يسلم من الفساد
فالمعاهد والكليات والجامعات
يفوز بمقاعدها المقربون وتحبس
عن المستحقين على رغم أن
معدلاتهم أكبر بكثير ممن
التحقوا بالجامعات عن طريق
بوابة المحسوبية الواسعة. وعلى رغم أن الفساد استشرى حتى أزكمت
رائحته الأنوف وفضائحه أصبحت
على كل لسان يعرفها القاصي
والداني، وهي حديث المجتمعات
والمجالس والصالونات، إلا أن
رؤوس الفساد يسرحون ويمرحون في
أوطاننا من دون عقاب، فالذين
نهبوا الأموال العامة في أمن
وأمان، ما دامت قوانين العقاب
بعيدة عن تشريعاتنا وثقافتنا،
وإن وُجدت فهي لا تطبق إلا على
بعض صغار الموظفين الذين
استولوا على الفتات، حتى أصبح
القول الدارج في ديار العرب
العاربة والمستعربة: اذا أردت
أن تسرق من دون أن ينالك العقاب
لا تسرق ألفاً بل اسرق بليوناً
تأمن وتسلم. إن الصورة القائمة عن الفساد التي نتحدث
عنها للأسف تحدث في بلاد هي مهد
الرسالة النقية ومنبع الإسلام
تحتضن أشرف المقدسات دينها
الإسلام الذي يقرر ان من اخذ
شيئاً ليس له فيه حق حمله على
رقبته يوم القيامة، لكن هؤلاء
باعوا آخرتهم بدنياهم، وهم كثر
تمكنت الدنيا من قلوبهم وغلبت
الشهوات عليهم فنسوا آخرتهم. الفساد في الوطن العربي أصبح تنيناً
ضخماً لا تخطئه العين، ينفث
نيرانه التي تأكل الأخضر
واليابس، حتى إننا في التقارير
الدولية عن الفساد فزنا
بالأرقام المتقدمة من دون نقاش،
ولو كانت موسوعة غينيس تقبل
المتفوقين بالفساد لتبوأنا
الصدارة في صفحاتها. والمفسدون في بلادنا لا يجدون من يوقفهم
عند حدهم، كما أنهم لا يتوقفون
من أنفسهم، لأن ضمائرهم من ذوات
الدم الثقيل فهي لا تستيقظ
أبداً، إن لم نقل انها ميتة ولا
حياة فيها، ولم نرَ يوماً أن
أحدهم تنحى عن وظيفته طوعاً،
على رغم أنه امتلك ثروة (قارون). أما في بلاد غير إسلامية فكثيراً ما
تستيقظ ضمائر المفسدين
فيتوقفون عن فسادهم، بل إن
الفاسد يحاسب نفسه عقاباً لما
فعل، فأحد رؤساء كوريا الجنوبية
السابقين أقدم على الانتحار
بمجرد توجيه تهمة الفساد له
ولزوجته فاختار قمة جبل عالٍ
ليسقط من فوقها، حكم الرجل على
نفسه بمجرد اكتشاف أمر فساده
ليغسل هذا العار عنه وعن زوجته،
أليست هذه شجاعة؟ وعندنا يسرق
الفاسد الجمل بما حمل ويأخذ لقب
المحسن الكبير أو (الشيخ) بعد
عزله من منصبه، بل إنه بعد سنوات
استراحة نراه وقد عاد من جديد
ليتقلد منصباً جديداً ثواباً
لفساده. وفي بريطانيا العظمى عندما تحدثت تقارير
غير رسمية عن رائحة فساد تنبعث
موجهة لبعض أعضاء برلمان ذلك
البلد وبعض أعضاء الحكومة حول
مبالغ قيل إنها دُفعت من المال
العام سارع أحدهم إلى تقديم
استقالته. والمدير السابق
لصندوق النقد الدولي غادر
منصبه، لأنه خص صديقة له بترقية
بسيطة. وفي إسرائيل اتهم أولمرت
الجزار بقضايا فساد لا تتجاوز
قيمتها 200 ألف دولار ولم يشفع له
انه كان جزاراً للعرب تفنن في
قتلهم. هذه الأمثلة الرائعة وغيرها يقدمها لنا
الخواجات واليهود وهم يستولون
على بضعة آلاف أو يخصون
أقرباءهم بوظيفة صغيرة او
ترقية، أما عندنا نحن أهل (النخوة)
(والشهامة) يأكل الفاسد الأخضر
واليابس ويخرج المسؤول من
المنصب سالماً معافى وفي حسابه
مئات الملايين بل البلايين. هؤلاء المفسدون هم ممن وُثِق بهم لحمل
الأمانة، وبدلاً من خدمة
مجتمعاتهم التي ما جلسوا على
كرسي الوظائف إلا من اجل
خدمتها، نراهم وقد خانوا الله
قبل ان يخونوا ضميرهم وأوطانهم
وسخّروا سلطتهم من اجل تحقيق
منافعهم الشخصية التي في مقدمها
الاستيلاء على أموال الدول
والمجتمعات مع غياب المسؤولية
والرقابة والمتابعة وقوانين
الثواب والعقاب، فأدخلوا
اقتصاد دولنا في نفق الفساد
المظلم، مستغلين غياب قوانين
العقاب وضعف أجهزة الإدارة، وهو
ما جعل الفساد ينخر في معظم
أجهزة الدول العربية - إن لم نقل
كلها- من أعلى قمة الهرم الإداري
والمالي حتى القاعدة، ملحقاً
الضرر والأذى بالدول
والمجتمعات والأوطان
والمواطنين. وهكذا يظل المفسدون يعيثون فساداً
يستولون على المال العام
ويمتصون دماء الضعفاء ليزدادوا
غنى وبطراً ويزداد الفقراء
فقراً يقهرهم العوز وتقعدهم
الحاجة... أليس هذا عجب العجاب؟! * رئيس مركز الخليج العربي
للطاقة والدراسات الاستراتيجية ========================= دافوس: عودة إلى
الاقتصاد وانحسار السياسة الجمعة, 29 يناير 2010 راغدة درغام – دافوس الحياة قبيل الافتتاح الرسمي للمنتدى الاقتصادي
العالمي في دافوس، شارك حوالى
مئتين من نخبة رجال ونساء
الأعمال والسياسة والاقتصاد
والإعلام في ورشة تفكير جماعي
حول ما من شأنه ان يجعل العالم
في وضع أفضل وما هي الأولويات
والتحديات. حصيلة الورشة
بخطوطها العريضة كشفت عن اهتمام
واسع بالماء والمحيطات،
بالهواء، بحقوق الإنسان،
بالمعرفة، بحسن الإدارة والحكم
الرشيد، بالإنترنت والأمن. ما
غاب عن الأولويات هو مسائل شغلت
العالم مثل الإرهاب، والصراع
العربي - الإسرائيلي، وأزمات
افريقيا، والسلاح النووي بشقيه
الإيراني والكوري الشمالي،
والعراق وأفغانستان وغيرها. ذلك
لا يعني الانحسار التام
للاهتمام بهذه المسائل علماً
بأن المقترحات والتوصيات التي
قدمها بعض المشاركين في «الورشة»
صبت في خانة المطالبة بالحلول
للأزمات المستعصية بدلاً من
انماط «ادارة الأزمات» و»التفاوض
لمجرد التفاوض» ما يجعل عملية
التفاوض بحد ذاتها بدعة للتسويف
والتملص من الحلول صبت أيضاً في
خانة ايلاء «العدالة» و»إنهاء
الإفلات من العقاب» مكانتهما كي
يكون هناك حق حوكمة رشيدة. تناول
ضرورة «الجرأة» على التقدم
بجديد يتحدى هيمنة القديم مثل
حركة المنظمة اليهودية الجديدة J-street على تحدي اللوبي الإسرائيلي العريق في
ولائه بصورة عمياء للحكومة
الإسرائيلية «ايباك» الذي يفرض
على الرئيس الأميركي اجندة
يريدها مستخدماً وسائل عدة،
منها الكونغرس الأميركي. انما،
بصورة عامة، بقيت هذه المسائل
محصورة في اهتمام القليلين في
دافوس هذه السنة اذ ان المنتدى
الاقتصادي العالمي في الذكرى
الأربعين لتأسيسه بدا وكأنه عاد
الى التركيز على ما هي مهمته
الأساسية: الاقتصاد، وبالتالي،
انحسرت المسائل السياسية
بمختلف انواعها ومناطقها
باستثناء الوطأة السياسية على
القضايا الاقتصادية والمالية.
برز الاهتمام بمستقبل النمو
الاقتصادي وتحدياته والعراقيل
امامه وانعكاسه على العلاقة بين
الدول النامية والدول الصناعية.
دار الحديث حول «شيخوخة أوروبا»
وحول مستقبل رئاسة باراك أوباما
الغائب – الحاضر في دافوس. رجال
الأعمال ناقشوا ما حدث للصناديق
السيادية للدول الخليجية وكيف
نجت من تحمل وزر أخطاء الغرب في
سوء ادارة اقتصاده. وكان هناك من
ركّز على اهتماماته من منطلق
فهمه لتحديات الغد، وبالذات دور
الشباب في صوغ العالم الجديد
الذي دعا اليه المنتدى
الاقتصادي العالمي بصورة
التركيز على اولوية «القيم» من
أجل «تحسين وضع العالم» عبر «اعادة
التفكير وإعادة التصميم وإعادة
البناء». بالطبع كان في دافوس من اهتم بالشرق
الأوسط بل ان هناك من شعر بخطر
تراجع الاهتمام بالشرق الأوسط
ورأى ان تقليص قضية فلسطين من
سياسية الى قضية انسانية «خطير». الجلسات الجانبية تناولت ما يقوم به
المبعوث الأميركي السناتور
جورج ميتشل وآخر ما تقدم به من
افكار حول اجرائه «المحادثات
التقريبية» بين الفلسطينيين
والإسرائيليين على مستوى وزاري.
أحد المشاركين العرب مسؤول رفيع
المستوى قال إن مبدأ المحادثات
التقاربية ليس مرفوضاً طالما
انها تتم بعدم استبعاد القدس،
وفي اطار زمني محدود كي لا يكون
التفاوض للتفاوض فقط. ففي وسع
الطرف الفلسطيني أن يذهب الى
المفاوضات التقاربية بمواقفه
وطروحاته وبالمبادرة العربية
للسلام بصفتها العرض العربي
الشامل والكامل للتوصل الى سلام
عربي - اسرائيلي. الترغيب في
اجراءات بناء ثقة اسرائيلية على
نسق رفع بعض الحواجز وإطلاق
سراح بعض السجناء ليس كافياً
للترغيب اذا كانت شروط
المحادثات تعجيزية. فلقد تمكن
رئيس الوزراء الإسرائيلي
بنيامين نتانياهو من «تسجيل
نقاط» اعلامية وبهلوانية بزعمه
ان الطرف الفلسطيني يرفض
المفاوضات علماً أن العالم أجمع
يعرف ان سبب ذلك هو اصرار
نتانياهو على المضي ببناء
المستوطنات غير الشرعية ضارباً
بعرض الحائط واجبات اسرائيل
والتزاماتها بموجب مختلف
الاتفاقيات والقرارات الدولية. هذه النقاط تبقى سطحية طالما ان اسرائيل
غير قادرة على نفض صفة الدولة
القائمة بالاحتلال لأطول فترة
زمنية في عصرنا هذا وطالما أن
أمثال نتانياهو يختبئون وراء
أصبع وهم يتظاهرون بأن ما سجلوه
من نقاط هو انجاز. واقع الأمر ان اسرائيل في عزلة من الناحية
الشرعية ومن ناحية القيم ومن
الناحية الأخلاقية. فهي التي
تتحدى القانون الدولي والقانون
الإنساني الدولي وتتعمد
استهداف المدنيين وترتكب «جرائم
حرب وربما جرائم ضد الإنسانية»
شأنها شأن «حماس» كما جاء في
تقرير مجلس حقوق الإنسان الذي
ترأسه القاضي ريتشارد غولدستون.
مجرد اصدار اسرائيل «تقريراً»
عن «تحقيق» داخلي نفى التهمة
ليس سوى استثمار آخر في العزلة
الإسرائيلية. كل هذا لا يعني ان الأسلوب العربي أو
الأسلوب الفلسطيني في التعاطي
مع الأوضاع الراهنة مفيد. فليس
من المصلحة العربية ترك
الانطباع المدروس الذي يتبناه
نتانياهو بدعم من اللوبي
الإسرائيلي بأن الطرف
الفلسطيني هو الذي يرفض
التفاوض، ولا من المصلحة
العربية شتم الإدارة الأميركية
ورفض محاولاتها لأنها فشلت في
ايقاف الاستيطان الإسرائيلي.
رأي الأمين العام لجامعة الدول
العربية عمرو موسى، مثلاً، رداً
على ذلك هو «طالما الخسارة
خسارة، فلنخسر باحترام وكرامة
بدلاً من الظهور وكأننا نتسول.
طالما أن النهاية هي الخسارة،
فلنتجنب الظهور بأننا شخصية غير
محترمة». مثل هذا النقاش هو تماماً ما يحدث في
جلسات وأروقة وسهرات دافوس حيث
ان المشاركين يتبادلون الآراء
ليس فقط بتشخيص المشاكل وإنما
في سيناريوات التعاطي معها
وكيفية الوصول الى حلول،
باحترام لاختلاف وجهات النظر.
والكلام ليس فقط عن الشرق
الأوسط. الرئيس الأميركي باراك أوباما، مثلاً،
استحوذ على الكثير من احاديث
دافوس سيما وأنه كان يلقي خطابه
في واشنطن حول «حال الاتحاد».
الرئيس السابق بيل كلينتون وقف
ساعات يتحدث الى الوافدين الى
حفل استقبال له ويعطي رأيه
الذكي في مختلف الملفات، من
هايتي التي يركز عليها حالياً
بصفته مبعوث الأمين العام للأمم
المتحدة الى هايتي، مروراً
بالأزمة الاقتصادية ومستقبل
افريقيا وتحديات الشرق الأوسط،
وصولاً الى الوضع الذي يقع فيه
باراك اوباما اليوم. رأي كلينتون هو ان أوباما مؤهل ليكون
رئيساً افضل منه، وإن ما يجدر
بأوباما ان يفعله هو ان يثابر
انما بأسلوب مختلف حيث يتوقف عن
القاء الخطب ويبدأ بأحاديث تشرح
للأميركيين والعالم ماذا يفعل.
رأيه ان هناك مرحلة في حياة
الناس – بمن فيهم القادة – حين
يغلب التدريب الجديد غير
المباشر على التدريب القديم
الذي اسفر عن خبرة التصقت
بالشخص. فحوى الحديث ان التأقلم
حاجة يمكن الاستفادة منها بدلاً
من النظر اليه بأنه عبء ومرحلة
يجب تخطيها. العالم يراقب باراك أوباما، والكل في
دافوس تحدث عن 2010 كسنة فائقة
الأهمية في مستقبل أوباما الرجل
وأوباما الإدارة كما في مستقبل
علاقة العالم بأوباما
وبالولايات المتحدة. الكثيرون
تحدثوا عن القرارات التي لا بد
لأوباما من اتخاذها هذه السنة
لأنها حاسمة وخطيرة تمتد من
ايران الى افغانستان الى العراق
والشرق الأوسط، كما تلك التي
تتعلق بالاقتصاد الداخلي
والضمان الصحي وما اذا كان
باراك أوباما سيتخذ قرار التصرف
كرئيس للولايات المتحدة
الأميركية بدلاً من التصرف
كزعيم الحزب الديموقراطي.
فالاتجاه السائد هو الحكم على
أوباما بأنه فشل في السنة
الأولى في ترجمة الوعود الى
حقائق على الصعيد الداخلي وفي
السياسة الخارجية. البعض ينظر
الى هزيمة الحزب الديموقراطي في
ماساتشوستس وفرجينيا ونيوجرسي
على انها هزيمة لأوباما وهو
يراقب الانتخابات الفصلية
المقبلة ليحكم عبرها على ما اذا
كان أوباما سيدفع ثمنها أو
سيتمكن من ايلاء أميركا دوراً
قيادياً بارزاً يؤثر في العالم. أحاديث دافوس في هذا الصدد ليست عشوائية
وإنشائية وإنما تصب في تعمق
اصحاب الأموال والاستثمارات في
قراءة اتجاه البوصلة
الاقتصادية وكيفية انعكاس
العلاقة بين الدول النامية التي
فرضت نفسها على الاقتصاد
العالمي مثل الصين والهند
والبرازيل وبين الغرب – بما في
ذلك الولايات المتحدة وأوروبا
واليابان – لتقول لهم، بحسب
تعبير أحد الخبراء الاقتصاديين:
«أنتم من ورطنا». فأصحاب الأموال والاستثمارات يراقبون
طبيعة العلاقة هذه وكيفية
تطورها سيما ان بعضهم يرى أن «شيخوخة
اوروبا» افقدتها دورها
الاقتصادي والسياسي. والمقصود
بالشيخوخة هو ان أوروبا بدأت
تشيخ كدول وكمجموعة دول عبر
مؤسساتها وفقدان دورها هذا يؤثر
في النمو الاقتصادي للغرب. وهذا
يعني ضرورة مراقبة العلاقة بين
دول الغرب والشرق وكيفية انعكاس
ذلك، مثلاً، على كيفية التعاطي
مع ايران. ايران الغائبة عن برامج دافوس غابت ايضاً
في تواجد رجال اعمالها في
المنتدى الاقتصادي العالمي عكس
التواجد العربي لرجال ونساء
الأعمال الذين سعوا وراء
المساهمة الجدية في اجندة
المنتدى. باسم عوض الله، وزير
اقتصاد سابق في الأردن ومحرك
رئيس وراء انعقاد المنتدى
الاقتصادي الإقليمي في الشرق
الأوسط بدءاً بالبحر الميت ركز
على عنصر الشباب بصفته «الأداة
المهمة للتغيير في العالم
العربي والتي هي فرصة يجب الا
تُفوت». قال «ان 88 في المئة من
المشاركين في دافوس هم رجال
اكثريتهم الساحقة من الجيل
القديم فيما 75 في المئة من الناس
في العالم دون سن ال 27 وهم ليسوا
ممثلين في دافوس كما يجب». وبحسب
عوض الله ان الشباب العربي
بالذات يستخدم الإنترنت بنسبة
اعلى من نسبة الغرب في العالم،
وهذا يدل على ان هناك شباباً
عربياً يتطلع الى التواصل
والتقدم والتطور ويشعر انه جزء
من العالم الكبير وانه ليس
جزءاً من القيود المفروضة بل
سيفرض نفسه على القيود والأنظمة.
وبالتالي سيكون الشباب العربي
صاحب التأثير الأكبر. في رأيه بعدما كانت مسألة «الصناديق
السيادية» شغل احاديث دافوس في
السنتين الماضيتين وبعدما «خرجت
المنطقة العربية من عنق زجاجة
الأزمة المالية بأدنى التكاليف
بخاصة في ما يخص الصناديق
السيادية» فإن الوقت للتفكير
الى الأمام بالذات في التغيير
الديموغرافي الضخم الآتي بجيل
مختلف تماماً يسيّر ويدير
العالم عبر «الميديا» الجديدة.
جيل يستحق ورشة تفكير على نسق
تلك التي استخلصت ان عالم الغد
افضل اذا اهتم بالماء والهواء
والمعرفة والحوكمة الرشيدة. ========================= المسألة في مواجهة العرب
للنظام الدولي آخر تحديث:السبت ,30/01/2010 الخليج سليمان تقي الدين بعد قرن من الصراع المرير بين الشرق
والغرب يمكن القول: لا شيء اسمه
مسألة يهودية، لا شيء اسمه “إسرائيل”
. لم يتوقف الغرب الامبريالي عن
استهداف الجغرافيا، المكان
والهوية، للعرب وللمسلمين،
ولهذه المنطقة الأساسية من
العالم التي أطلق عليها “الشرق
الأوسط” . أنتج الغرب المسألة
اليهودية واستثمرها ولا يزال
كلغم خطير في مواجهة كل حركة
التحرر والتقدم في محيطها . كان
المشروع الصهيوني نقيض القومية
العربية قبل أن تولد من رحم
الامبراطورية العثمانية،
واجهها حتى الرمق الأخير . ها هو
الآن يواجه الهوية الإسلامية
التي يمكن لها أن تتآلف لخلق
فضاء إقليمي واسع قوي يستطيع ان
يثبت حضوره على المسرح الدولي . في هذا المسار الطويل دفع المسيحيون
ضريبة مشاركتهم في حضارة
المنطقة والمساهمة الفعالة في
عناصر نهضتها . هم أعداء
تقليديون لليهود لكنهم ذات يوم
أخذت فئات منهم أوهام التمايز
الاقلوي والرهان على تعزيز
دورهم بحكم اتصالهم الثقافي
بالغرب . لكن الغرب الامبريالي
ليست له هوية مسيحية . الثورات
الدينية وما سمي الحركات
المسيحية الإصلاحية ومن بعدها
الثورة الصناعية وقيمها
الرأسمالية أخضعت الدين
لمصالحها واحكامها . ثمة مفكرون
قالوا إن الكالفينية “هي ثقافة
الرأسمالية أو هي التي بلورت
قيمها” . المسيحيون في الشرق
أخضعوا في الحقبة الاستعمارية
لسياسة الانكفاء في الدفاع عن
هويتهم العربية التي طالما
ساهمت نخبتهم الثقافية في
تجديها . نكاد اليوم نفتش عن
الجسد المسيحي، ليس عن أحجار
الكنائس، بل عن الحضور الفعّال
في الدفاع عن أرض الرسالة نفسها
. يتفاقم هذا المشهد لمجرد أن
المسيحيين في أكثر من بلد عربي
لا يبذلون جهداً كافياً
للمشاركة في هواجس المنطقة . المسؤولية هنا مشتركة مع الآخرين من دون
أدنى شك ينحسر الإسلام المتسامح
على المستوى الشعبي جراء توتره
المتصاعد وانكماشه على ثقافة
فئوية لم يعرفها من قبل . لم يضعف
الاسلام مع الحركات القومية
المدنية شبه العلمانية بل ازدهر
كفئة رحبة منفتحة . سجال
المسلمين مع المستشرقين
الغربيين معروف وهو جزء من
مقولات ومقدمات النهضة العربية
. تطوير الأفكار الإسلامية مطلع
القرن الماضي كانت أكثر خصوبة
مما هي عليه اليوم . على أي حال ليس المسيحيون هم مشكلة العرب
ولن يكونوا يوماً ما، لا في مصر
والعراق وفلسطين وسوريا ولبنان
حيث لهم بعض المكانة المتبقية .
الأزمة الآن أزمة المسلمين مع
انفسهم بين صحوة تجسدت من قبل في
مواجهة الاستعمار وبين ذعر
واضطراب غير واثق من النفس في
مواجهة المشروع الامبريالي
الجديد . لا أحد ينكر أن العولمة
العسكرية الأمريكية تشكل
اعتداء سافراً على هوية شعوب
المنطقة وثقافتها ولكنها
تستهدف استتباعها وترويضها
للانخراط في نظام عالمي يقوم
على مركز قوي وأطراف . اللعب “بثقافة
المنطقة هو الوسيلة وليس الهدف”
. لا يهم الغرب أبداً أية هوية
ينتمي إليها العرب والمسلمون،
بل يهمه أن تخدم حال التبعية
والخضوع للعلاقات الإمبريالية .
يهم الغرب ان يحتوي الثقافة
التقليدية وليس تحديثها، يهمه
أن تتنازع فروع هذه الهوية
وروافدها ومكوناتها التاريخية .
لا نجد اليوم أثراً فعلياً
بارزاً لصراع الحضارات
والثقافات والأديان في العالم
إلا مع الإسلام والمسلمين وفي
ما بينهم . كأن هذه الفكرة
الجهنمية الوحشية التي اغتصبت
ثقافة النهضة الأوروبية مسخّرة
لتفجير “الشرق الأوسط” ولا شيء
سوى ذلك . صحيح أن أوروبا في مكان
أو آخر كفرنسا التي تسأل عن
هويتها الكاثوليكية أو سويسرا
التي تقلق من انتشار الجوامع
والمآذن أو سواها من الدول التي
يزعجها التراث أو الطقوس
الإسلامية، أو كثافة
المهاجرين، تتحسس المشكلات
الناجمة عن آثار العولمة على
المستوى الإنساني . كما أن بعض
المجتمعات التي قامت دولها على
القسر في إلغاء الهويات الاثنية
أو العرقية أو الدينية تشهد بعض
الاحتكاكات السلبية، لكن ما
يعاني منه العالم الإسلامي يكاد
يكون برنامجاً مدروساً
متكاملاً لتفجير انسجامه
الديني، من دون إنكار المواريث
التاريخية والأسباب الموضوعية
الاجتماعية والسياسية والفكرية
. لم يكن مسيحيو فلسطين والعراق
ومصر عنصراً سلبياً في الوحدة
الوطنية لهذه الدول . كما أن مسيحيي لبنان الذين اختبروا مخاطر
الارتباط بالمشاريع الغربية
وأحجموا عنها؟ الذين يتعرضون
للتحريض الغربي وتحاصرهم
السياسات الغربية . مرّة اخرى
هذا الغرب الامبريالي بإداراته
المنبثقة عن النزوع الاستعماري
هي التي تحرك خيوط تمزيق النسيج
الوطني الاجتماعي في أكثر من
مكان . بل هي التي تدير سياسات
الضغط على المجتمعات المتنوعة
لخلق التناقضات وتغذية
النزاعات المذهبية . المؤسسات الأمريكية الرسمية وغير
الرسمية هي التي أدارت مواجهة
السوفييت بالحركات الدينية وهي
التي نظمت مؤتمرات الدعوة إلى
ما تسميه حقوق الأقليات وهي
التي تتحدث في مراكز التخطيط عن
بناء التعددية كبديل من الوحدة
والديمقراطية، وهي التي تدعم
يهودية الدولة لكي تستدرج
المشاريع الدينية المقابلة .
حرب الغرب المفتوحة بلا حدود
جغرافية أو سياسية على ما يسميه
“الإرهاب” هي الاسم السري أو
الحركي لتأجيج الصراعات
المذهبية والدينية والضغط على
النظام العربي الرسمي والشعبي
لتحقيق هدف الاخضاع . طبعاً يعرف
كل عاقل ان الإرهاب الحقيقي
الهائل الذي تمارسه آلة الحرب
الأمريكية لا يمكن ان يقارن
بشبح “القاعدة” . لكن حيثما
يشير الأمريكيون لوجود “القاعدة”
يؤسسون حرباً جديدة وها هم الآن
يتحدثون عنها في جزيرة العرب . لكن المشكلة أن العرب بين سندان أزماتهم
الداخلية وخياراتهم أنظمة
وشعوباً والمطرقة الامبريالية .
لعلنا لن نبلغ في المدى المنظور
شاطئ الأمان . يتعثر المشروع
الأمريكي لكنه يزداد تصميماً
على اعتماد وسائل الحروب السرية
والبديلة ويسعى إلى استخدام
حالة القلق والغياب المتمادي
لمشروع عربي يتضافر على صد رياح
الاستعمار بالانفتاح على
تطلعات شعوب المنطقة وطموحاتها
الوطنية والاجتماعية في
الكرامة والحرية . ========================= هل للقادة العرب خطاب
مزدوج حيال إيران ؟ دافوس ( سويسرا) علي حماده النهار 30-1-2010 في منتدى دافوس لهذه السنة، نظمت قناة "العربية"
ندوة متلفزة يفترض ان تبث خلال
يومين، تناولت موازين القوى
الجديدة في منطقة الشرق الاوسط.
قدمت الحلقة الزميلة ريما مكتبي
التي شددت في القسم الاول
والاهم من الندوة على الموضوع
الايراني والموقف العربي من
البرنامج النووي، ومن تدخلات
طهران في المنطقة. كان المنتدون
الاساسيون كلاً من الامين العام
للجامعة العربية عمرو موسى،
رئيسي حكومتي الاردن وفلسطين
سمير الرفاعي وسلام فياض، ووزير
خارجية حكومة الظل المحافظة في
بريطانيا. وقد طرحت السؤال
الآتي على المشاركين العرب: ألا
ترون ان لديكم كمسؤولين عرب
خطابا مزدوجا حيال ايران؟ فأنتم
تعارضون علنا ضربة عسكرية ضدها،
وتتمنونها سرا؟ بالطبع تمسك كل
من رئيسي الحكومة الاردني
والفلسطيني بموقف معارض على
قاعدة ان ضربة لايران يمكن ان
توقع المنطقة في حلقة عنف يصعب
ضبطها. وقد شدد موسى على ان حل
النزاع العربي – الاسرائيلي
وحده كفيل بتغيير قواعد اللعبة
ونزع ذرائع كثيرة تستخدم في
لعبة تحديد الاحجام في المنطقة.
ولكن المشارك البريطاني اكد انه
خلف الكواليس وفي الغرف المغلقة
يسمع كلاما مختلفا من المسؤولين
العرب الذين يدعون المجتمع
الدولي الى القيام بعمل ما من
دون تحديد ماهية العمل عسكريا
كان ام اقتصاديا على شكل عقوبات.
بعد ظهر امس تحدث العاهل الاردني الملك
عبد الله الثاني مجيبا على
اسئلة رئيس تحرير مجلة "نيوزويك"
الاميركية فريد زكريا، فشدد على
ان ايران ليست المشكلة
الاساسية، بل ان كل طرق الحل
والاستقرار تمر بالقدس، اي بحل
النزاع العربي – الاسرائيلي
حلا نهائيا. وبدا الملك عبد الله
قلقا جدا، لا بل متشائما من تأخر
الحل، وعدم حصول اختراق حقيقي
في عملية السلام في عهد الرئيس
الاميركي باراك اوباما. وفي شأن
ايران لاحظ ان هذه الاخيرة
تعاني اليوم من مشاكل داخلية،
وانها على رغم تدخلاتها في
المنطقة فهي دولة كبيرة ومهمة
في المنطقة، وتتمتع بتاريخ عريق.
واوضح ان حل النزاع العربي –
الاسرائيلي يقفل الباب امام
التهديدات المتبادلة في
المنطقة. وسأل كيف تكون اسرائيل
في خطر وجودي إذا ما انتهى
الصراع مع العرب؟ فبأي ذريعة
يمكن أي قوة او دولة ان تتحصن
لتهديد اسرائيل؟ اما عن تحذيره قبل سنوات مما سماه آنذاك ب"خطر
الهلال الشيعي" فأوضح انه كان
يعبر عن قلقه من سياسات بعض
اعضاء السلطة في إيران في
المنطقة متخوفا ان تؤدي الى
صدام سني - شيعي، وخصوصا ان خط
التماس السني - الشيعي بحسب عبد
الله الثاني، يمتد من قلب بيروت
على شاطئ المتوسط الى قلب
مومباي في شبه القارة الهندية. لم اقتنع بالخطاب العربي الرسمي حيال
ايران. واتساءل عن الجهة التي
تشعر بالتهديد اكثر من البرنامج
النووي، العرب ام اسرائيل؟
الزميل جهاد الخازن قال:
اسرائيل تتذرع بالخطر النووي
الايراني للتهرب من مستلزمات
السلام، وهي تأمل في حرب
اقليمية تحجب عملية السلام
لسنوات قادمة ريثما تنتهي من
عملية تغيير معالم الضفة
الغربية بفرض حقائق جديدة على
الارض. ايا يكن من امر فإن الشأن الايراني سيبقى
شأن العرب الاساسي في المرحلة
المقبلة. وإذا كان العرب
يمارسون "التقية" في ما
يتعلق بايران، فإن ايران مطالبة
بمراجعة جذرية في سياساتها في
الاقليم، ولا سيما انها تكاد
تصير منبوذة ومحاصرة في الوقت
الذي تفتح فيه كل الابواب امام
القوة الاقليمية الاخرى تركيا. ========================= السفير 30-1-2010 كرم الحلو جاء في تقرير منظمة الفاو عن الجوع
وانعدام الأمن الغذائي في
العالم عام 2009 أن الأزمة
الغذائية والاقتصادية دفعت
بأعداد الجياع في أنحاء العالم
الى حدود قياسية حيث تجاوز
عددهم المليار. وعلّقت المديرة
التنفيذية لبرنامج الأغذية
العالمي على ذلك بالقول: «علينا
أن نتحرك بسرعة، فليس مقبولاً
في القرن الحادي والعشرين أن
يبقى واحد من كل ستة من سكان
العالم جائعاً». في المقابل، ورد في تقرير التنمية
الإنسانية العربية الخامس الذي
صدر نهاية العام الماضي أن 40 في
المئة من سكان المنطقة العربية
تحت خط الفقر، وأن هذا الرقم
قابل للارتفاع إذا جرت أقلمة
المؤشر، فيبلغ في مصر 41 في المئة
و60 في المئة في اليمن. ما يدل الى
استمرار ظاهرة الفقر الذي يصل
الى حد الجوع، في مقدمة
التحديات التي يواجهها العالم
العربي المعاصر. وكانت دراسات
وأبحاث متعددة قد أشارت الى
انهيار الطبقة الوسطى العربية
التي كانت في أواسط القرن
الماضي تمثل شريحة أساسية في
المجتمع العربي. ما أدى الى
تراكم الفقراء في أحزمة الفقر
الواسعة المحيطة بالمدن
العربية، والتي أصبحت تشكل أكثر
من 55 في المئة من العرب، وفق
تقرير التنمية البشرية لعامي
20072008، فضلاً عن ان أكثر البلدان
العربية ذات الثقل السكاني تقع
في مرتبة متأخرة من حيث التنمية
البشرية بين دول العالم ال177 مصر
112 المغرب 126 السودان 147 اليمن 153
الأمر الذي يضع إشكالية الجوع
في مقدمة الإشكاليات التي تنذر
بأفدح الأخطار على مستقبل الأمة
العربية وتجعل الحديث عن
التحديث السياسي والاجتماعي
والعلمي من دون جدوى، إذ لا
حداثة حقيقية في ظل الفقر
المدقع والجوع، على حد تعبير
تقرير التنمية البشرية لعام 2006
الذي نبّه الى ان «المستويات
المرتفعة لفقر الدخل تسهم في
انعدام الحريات الحقيقية في
العالم». ومجتمعاتنا العربية
باتت منذ أواسط القرن الماضي
الى الآن منتجة للجوع بامتياز،
إذ دأبت بسياساتها البيئية
والتنموية والاقتصادية
والاجتماعية على صناعة الجوع
وتفاقمه. فعلى المستوى البيئي ثمة استنزاف للبيئة
في البلدان العربية، ولا سيما
تلك المنخفضة الدخل، حيث جاء
ترتيب موريتانيا في دليل
الإنماء البيئي في المرتبة 146
واليمن 139 والعراق 135 والسودان 129
وسوريا 99 وعمان 91 والمغرب 82، ما
يظهر عدم اهتمام هذه البلدان
بالمتغيرات المؤدية الى
الاستنزاف البيئي وأثر ذلك على
الأمن الغذائي العربي. ويعاني العالم العربي من ضآلة الأراضي
الزراعية المروية والتي لا
تتجاوز 24,5 في المئة من إجمالي
الأراضي الزراعية المقدرة بنحو
67,4 مليون هكتار. ولا تسهم قوى
العمل الزراعي التي تتركز في
مصر والسودان والصومال
وجيبوتي، والتي تزيد على 55,8 من
مجمل القوى العربية العاملة،
إلا بما نسبته 31,5 في المئة من
مجمل الإنتاج الزراعي العربي،
نظراً لانخفاض إنتاجية العمل
الزراعي في هذه الأقطار. الأمر
الذي أسهم في اتساع الفجوة
الغذائية العربية، وترافق ذلك
مع ارتفاع في أسعار المواد
الغذائية عالميا بلغ 10 في المئة
نهاية القرن الماضي، ليفاقم
ظاهرة الجوع. فقد تصاعد العجز في الميزان التجاري
الغذائي العربي من 18813 مليون
دولار عام 1990 الى 23499 مليون
دولار عام 2000 الى 27436 مليون
دولار عام 2004، حتى ان واحداً من
رغيفي الخبز اللذين يتناولهما
الفرد العربي مستورد من حيث
مكوناته في العديد من سنوات
العقدين الماضيين. ومن العوامل المؤسسة لصناعة الجوع في
العالم العربي ضآلة الطبقة
العاملة العربية الأضأل في
العالم وحيث تصل نسبة الإعالة
الى 73 في المئة، بينما هي في
الدول النامية 61,7 والبلدان
المتقدمة 49,6، بالإضافة الى
هامشية موقع المرأة العربية في
الإنتاج، إذ لا يتعدى نشاطها
الاقتصادي قياساً الى الذكور ال34
في المئة وفق تقرير التنمية
البشرية لعام 2006، ولا تتجاوز
مشاركتها الإجمالية في قوة
العمل ال8 في المئة في غالبية
الأقطار العربية، بينما هي في
الدول المتقدمة أكثر من 20 في
المئة. فضلاً عن ذلك، المجتمع العربي هو مجتمع
استهلاكي يعتمد الاستيراد في
كثير من حاجاته، حيث تبلغ
وارداته 32,8 في المئة من ناتجه
الإجمالي، قياساً الى الدول
النامية 30,2 والعالم 23,2. ومن عوامل الجوع فداحة الهوة الطبقية بين
الفقراء والأغنياء، وإحجام
هؤلاء عن تحمل مسؤولياتهم في
إنماء مجتمعاتهم. فالعائدات
النفطية الكبيرة لم تحقق
التنمية المرتجاة، اذ وظفت في
المصارف الأجنبية، وقد قدّرت
خسائر العرب جراء الأزمة
الأخيرة بأكثر من ألفي مليار
دولار، فضلا عن التوسع في
الاستيراد والاستهلاك غير
المجدي الذي أزهق الجزء الأكبر
من الثروات العربية. ووفقاً لتقرير التنمية البشرية لعام 2006
بلغ نصيب ال10 في المئة الأفقر،
قياساً الى ال10 في المئة
الأغنى، 2,7 الى 30,6 في الاردن، 2,3
الى 31,5 في تونس، 2,8 الى 26,8 في
الجزائر، 3,7 الى 29,5 في مصر، 2,6
الى 30,9 في المغرب 3 الى 25,9 في
اليمن. وقد زادت هذه الهوة فداحة
في تقرير التنمية البشرية لعام
2009، اذ بلغت 2,7 الى 33,2 في المغرب،
2,9 الى 30,8 في اليمن، 2,8 الى 26,9 في
الجزائر. وللتزايد السكاني المتسارع دور أساسي في
تفاقم ظاهرة الجوع في العالم
العربي، حيث معدل النمو السكاني
هو الأعلى في العالم حتى
بالقياس الى الدول النامية 2,8
الى 2 في المئة. وللإنفاق العسكري دوره المقيت في صناعة
الجوع، فقد تجاوز آلاف مليارات
الدولارات منذ سبعينيات القرن
الماضي الى الآن. عام 1999 على
سبيل المثال، كان العالم العربي
الأكثر إنفاقاً على التسلّح في
العالم، حيث بلغت مشتريات
الأسلحة 60 مليار دولار. وخلال
ولاية جورج بوش اشترت ثلاث دول
عربية سلاحاً بأكثر من 50 مليار
دولار، ويصل الإنفاق العسكري في
بعض الدول العربية، مثل عمان
والإمارات وسوريا الى أكثر من
ثلث إنفاقها العام. وثمة علاقة قوية وثابتة بين ظاهرة الجوع
وفساد الأنظمة واستبدادها، اذ
ان فساد الأنظمة الاقتصادية
وتمركزها عند فئات محددة يقود
الى تهديد الأمن الغذائي وتنامي
الجوع، ويقلّل القدرة على
مواجهة الصدمات. وتؤكد التقارير الدولية أن الفساد قد ساد
معظم البلدان العربية، ووفقاً
لتقرير الشفافية الدولية للعام
2008 تقع ثلاث دول عربية بين الدول
الأكثر فساداً في العالم، وهي
الصومال التي تحتل المركز
الأخير، والعراق والسودان
ويحتلان المركزين 178 و173 من بين
180 دولة شملها التقرير. في ضوء هذه الحقائق ستبقى ظاهرة الجوع
تهدد العالم العربي سياسياً
واجتماعياً، وقد تؤول الى
تحولات انقلابية عنيفة في البنى
المجتمعية تهدّد مستقبل الأمة
العربية في الصميم. إن تجاوز هذه الإشكالات الكبرى التي تسهم
في صناعة الجوع وتفاقمه رهن ب: أ التوزيع العادل للثروة الوطنية وتضييق
الفجوة بين الأغنياء والفقراء،
وإسهام الأثرياء العرب في
ارتقاء الإنسان العربي معيشياً
وثقافياً، فدخل الفرد في فيتنام
550 دولاراً وفي سريلانكا 1033
دولاراً، بينما هو في الجزائر
2616 دولاراً وفي مصر 1085 دولاراً.
ومع ذلك فإن نسبة الأمية في مصر
39 في المئة وفي الجزائر 31 في
المئة، بينما هي أقل من 10 في
المئة في فيتنام وسريلانكا. ما
يدل على خلل كبير في استخدام
الثروات العربية واتجاهها في
غير مصلحة التنمية المجتمعية
الشاملة. ب تحول المجتمع العربي من الاستيراد
المبدّد للثروة الى مجتمع كفاية
ينتج حاجاته الغذائية ويستخدم
موارده الاقتصادية استخداماً
رشيداً. فواردات العالم العربي
تبلغ ثلث ناتجه الإجمالي، وهي
الأعلى حتى بالنسبة الى الدول
النامية. ج الحد من الانفجار السكاني، فقد تضاعف
عدد السكان العرب 8 مرات في خلال
القرن العشرين. ويتوقع وصول هذا
العدد الى 386 مليوناً عام 2015. د الحد من الإنفاق على التسلح وأجهزة أمن
الأنظمة. ه استصلاح الأراضي الزراعية واستخدام
التقنيات الحديثة في الزراعة
والعمل على منع التصحّر. و مكافحة البطالة وإقحام المرأة العربية
في الإنتاج. ط تقليص الهجرة من الريف الى المدينة
وتطوير مؤسسات المجتمع المدني
في الريف العربي. هذه مقدمات تؤسس في نظرنا لتقليص ظاهرة
الجوع في العالم العربي، قبل أن
تصحو على أزمة اجتماعية مستعصية
لا يمكن بعدها الأمل في أي إصلاح.
========================= تل أبيب: «هل فقدت تركيا
صوابها»؟ السفير 30-1-2010 نظام مارديني سيواجه رئيس الوزراء التركي رجب طيب
اردوغان في المرحلة المقبلة
بأسئلة تستفسر عما اذا كانت
تركيا، عضو حلف شمال الاطلسي،
تغير وجهتها بعيداً عن الغرب
وفي اتجاه سورية ولبنان وإيران.
وبحسب أيان ليسر من مركز أبحاث «مارشال
فاند» الالماني فإن إيران ستكون
«الاختبار الرئيسي بالنسبة
للعلاقات التركية الأميركية».
كما أن مثلث سوريا وفلسطين
المحتلة ولبنان، سيكون محل
اختبار العلاقات بين أنقرة وتل
أبيب. في هذه الأثناء ستبدو مقاربة التوجهات
التركية، بغير ما يريده المزاج
العربي المتأثر بالسلوك التركي
رسمياً وشعبياً، مسألة فيها
الكثير من المجازفة، وخاصة في
ظل دعوات عربية رسمية وأكاديمية
إلى تشجيع الدور التركي وعدم
التشكيك فيه ومساندته ما أمكن. ففي خضم قلق الولايات المتحدة التي تعتبر
أن علاقات تركيا المزدهرة مع
ايران ستخفف من عزلة طهران في
وقت تسعى فيه واشنطن للضغط على
الجمهورية الاسلامية كي تقبل
اتفاقاً يقنع الغرب بأنها لا
تخفي برنامجاً سرياً يحولها
لدولة تملك أسلحة نووية. تأتي
الازمة التي اندلعت مؤخراً بين
«اسرائيل» وتركيا لتطرح
تساؤلات حول توجهات انقرة
الجديدة، حيث يرى محللون انها
تميل نحو الشرق الإسلامي والعرب
فيما يعتبر آخرون انها تسعى الى
بناء مكانة لها في المنطقة. وفي معرض تقديم الاعتذارات الى السفير
التركي وحكومة أردوغان بعد ان
تعمّد نائب وزير الخارجية «الاسرائيلي»
اذلال السفير على خلفية مسلسل
تركي اعتبرته تل أبيب معادياً
للسامية، تسعى الأخيرة الى «إيجاد
الوسائل» الكفيلة بحل هذه
القضية. بعبارة اخرى، لا تريد «اسرائيل»
خسارة حليف مسلم يمثل وزنا في
المنطقة، لكنها تطرح تساؤلات
حيال الدبلوماسية التركية. ويعتبر الكاتب مراد يتكين في صحيفة
راديكال الليبرالية ان الازمة «الاسرائيلية»
التركية حول المسلسل
التلفزيوني «مؤشر على بدء حقبة
جديدة لن تتمكن «اسرائيل» فيها
من الحصول على كل ما ترغب، قد
تكون نهاية عصر ذهبي». ويذكر في هذا السياق أن اردوغان أثار
استياء حلفائه الغربيين عندما
وصف العقوبات المفروضة على
طهران بأنها «متغطرسة»، وقال
انه يتعين على الدول التي تعارض
أنشطة الجمهورية الاسلامية
النووية أن تتخلى أولاً عن
أسلحتها النووية. وقد سبق
لأوباما في أول زيارة شرق
أوسطية له عندما زار تركيا في
نيسان الماضي انه رأى أن بإمكان
أنقرة أن تلعب دوراً ايجابياً
في تهدئة النزاع مع ايران. وهو
الأمر الذي كشفه ليسر بالقول: «سترغب
ادارة أوباما في أن تتأكد من أن
أنقرة تستخدم نفوذها لتوصيل بعض
الرسائل القاسية لايران». ومن بين الامثلة الاخرى التي قال
دبلوماسي أوروبي في أنقرة إنها
«سلوك مقلق» لاردوغان توتر
العلاقات بين تركيا و«إسرائيل»،
يقول محللون إن تركيا لا تزال
رغم الخلافات حليفاً قيماً
للولايات المتحدة، حيث تحتاج
واشنطن لمساعدتها في التصدي
للتحديات في أفغانستان
وباكستان والعراق والشرق
الاوسط. ويطرح جنكيز شاندار،
المعلق في صحيفة راديكال
التركية، سؤالاً مهماً حول
الأولوية في ميزان أميركا في
الظروف الراهنة، أهي علاقتها ب«إسرائيل»
أم بتركيا؟ فعلاقات تركيا بدول آسيا الوسطى والقوقاز
والبلقان والشرق الأوسط وطيدة.
لذا، ترقى تركيا الى مصاف حليف
مهم للولايات المتحدة
الاميركية. والمنطقة هذه هي
بؤرة معظم مصالح واشنطن. و ليس
في وسع «إسرائيل» مضاهاة تركيا
في المنطقة وخدمة المصالح
الاميركية في مناطق نفوذ تركيا. كما وتشكل تركيا طريقاً مهماً لانسحاب
القوات والعتاد الاميركيين من
العراق في المستقبل ويمكن
لقاعدة انجرليك الجوية ان تقوم
بدور رئيسي بذلك. ويشير سميح
ايديز الكاتب في صحيفة ميليت
اليومية إلى ذلك من خلال القول
إنه «لا يوجد لدى الجانب
الأميركي فيما يبدو نية لإثارة
أي اضطراب في العلاقات مع تركيا
لان تركيا مهمة جداً». وهذا ما
يفسر عدم وجود أي تعليق من قبل
الإدارة الأميركية حتى الآن حول
«الاشتباك» الدبلوماسي القائم
بين أنقرة وتل أبيب. ويوضح المحلل السياسي جنكيز اكتار من
جامعة بهجيشهير (اسطنبول) «في
اطار الازمة مع «اسرائيل»،
تحاول الحكومة الابتعاد عن ارث
السياسات العسكرية (التركية)
المعتمدة منذ العام 1995». غير أن
زميله سيفي تشهان من جامعة
بيلكنت في انقرة رأى ان «تركيا
لا يسعها تناسي الغرب، ويخطئ من
يظن أنها تنأى عنه»، موضحاً «انها
تسعى فحسب الى الاستفادة من
موقعها الجغرافي السياسي». تل أبيب لا تزال تنتظر من اميركا ان تعيد
تركيا إلى صوابها، أي ان تحملها
على الإذعان للمصالح «الإسرائيلية».
وفي العقد الاخير، سعت تركيا
الى استمالة أميركا من طريق
التقرب من «إسرائيل». واليوم،
تحاول «إسرائيل» استمالة تركيا
من طريق وساطة واشنطن. ولكن «إسرائيل»
وواشنطن مدعوّتان الى إدراك أن
من يحاول التقرب من «إسرائيل»
لخطب ودّ واشنطن سيلقى مصير
محمود عباس، أي سيحكم على نفسه
بالإعدام. والحق أن شهر العسل في العلاقات التركية «الإسرائيلية»،
وهو كان قد بدأ في 1997 إثر إبرام
اتفاقات عسكرية، لم يكن ثمرة
توجّه الشعب التركي، بل ثمرة
اتفاق «إسرائيل» مع الجيش
التركي. ========================= تحليل اقتصادي : العاصفة
لم تنته .. والدمار ما زال
باقيا كتب المحرر الاقتصادي الدستور 30-1-2010 " تباهْ في غير محله"قال الرئيس
الامريكي باراك اوباما امام
جلسة مشتركة للكونجرس يوم
الاربعاء الماضي ان أسوأ ما في
العاصفة انتهى غير ان الدمار ما
يزال قائما ، في اشارة الى نجاعة
السياسات الاقتصادية لادارته
في انتشال الاقتصاد الامريكي من
اسوأ ركود منذ الكساد الكبير
للاعوام 1929 الى ,1933 مجموعة السياسات المالية والنقدية
والاقتصادية الأمريكية لادارة
الرئيس اوباما ركزت على عامل
حيوي منذ اليوم الاول لانتقاله
للاقامة في البيت الابيض وهو
توفير فرص عمل والمحافظة على
تشغيل الملايين من الامريكيين ،
وبرغم ذلك فان معدلات البطالة
ارتفعت لاعلى مستويات لها منذ
اكثر من ثلاثة عقود عندما
تجاوزت حاجز %10 ، وربما النسبة
قد تجاوزت ذلك بكثير لولا
سياسات الانفاق لادامة
المشاريع الكبرى والقطاعات
المكثفة للعمال ، الى جانب
مواصلة الانفاق على مشاريع
البنية التحتية التي تنعكس
بصورة مباشرة على التشغيل وكبح
جماح البطالة في اكبر اقتصاد في
العالم. نقديا اعتمد الفيدرالي الامريكي ( البنك
المركزي الامريكي ) سياسة نقدية
واضحة ومحددة لحماية ما يمكن
حمايته للمؤسسات المالية
والمصرفية ، والمساهمة في تنشيط
الطلب حيث تم تخفيض اسعار
الفائدة الى مستويات قريبة من
الصفر ، ومن المتوقع ان تستمر
السياسة النقدية الامريكية في
نفس الاتجاه خلال العام 2010 لدعم
الانشطة الاقتصادية وعدم تعريض
الاقتصاد لاية انتكاسات غير
محسوبة. ماليا يمكن لخصوم اوباما وادارته النيل
من سياساته المالية بعد ان سجلت
الادارة الامريكية اضخم عجز
مالي في الموازنة في وقت لايري
الديمقراطيون والجمهوريون أي
بوادر لمعالجة هذا العجز
القياسي في ظل خيارات شبه
معدومة في اقتصاد انتقلت
المبادرة الاقتصادية والمالية
والخدمات من يد القطاع الخاص
الى يد القطاع الحكومي. فالخيارات الصعبة امام الادارة
الامريكية تعتبر بمثابة قرارات
غير شعبية ستضع الرءئيس اوباما
وادارته في موقع المتنكر
لتعهداته وكمن حنث بما اعلن عن
سابقا وتحديدا لدى تسلمه السلة
لمدة اربع سنوات ، وهنا قد يؤدي
تجميد مشاريع راسمالية لثلاث
سنوات قادمة ( كما قال اوباما )
الى كبح العجز المالي ، الا انه
سيعرض عناصر المعالجة
الاقتصادية قد اضرت بشكل مباشر
الاستثمار والامريكيين الذين
يدفعون الى التعطل عن العمل
وابطاء الاقتصاد بشكل مباشر ،
وهذا يساهم في اعادة الاقتصاد
الامريكي الى المربع الاول في
معالجة الازمة المالية
وتداعياتها الاقتصادية
والاجتماعية. وفي محاولة للاعتماد على الشركاء
الاقتصاديين الخارجيين و
الأسواق التصديرية الرئيسة
منها أوروبا واسيا من خلال
العمل على زيادة الصادرات
الأمريكية بما يتطلب ذلك من دعم
واسع للمشاريع المتوسطة
والصغيرة والقطاع الزراعي بشكل
خاص ، كل ذلك في جهد حيوي لمنع
ارتفاع معدلات البطالة وتوفير
المزيد من فرص التشغيل أمام
الأمريكيين ، وهذه مهمة كبرى
وحيوية للإدارة الأمريكية التي
تعاني من الجمهوريين ومطالبات
الناخبين الديمقراطيين . معالجة النظام المالي الأمريكي ما زالت
غير ناجزة وعندما تحدث اوباما
مباشرة إلى هذا الأمر مطالبا
التزام البنوك والأسواق
المالية بالمعايير الآمنة
بعيدا عن المبالغة ، ردت
الاسواق المالية بالانخفاض
واتجهت اسعار السلع بخاصة النفط
إلى تراجع حاد ، ذلك في رد مباشر
على أي تحرك يؤثر على النظام
المصرفي الامريكي الحافل
بالترهل والتجاوزات وتحقيق
الثراء على حساب القطاعات
الاخرى. منذ اندلاع ازمة النظام المالي الامريكي
والعالمي وانعكاساتها على
الاقتصاد العالمي فان الحلول
العلاجية الامريكية بعد مرو عام
قد خالفت التوقعات فالبنوك
استمرت في التعثر والافلاس
وسحبت عشرات من الشركات الكبرى
والمتوسطة ، وان المديونية وعجز
الموازنة بلغت مستويات تضع
قيادة الاقتصاد الامريكي
للاقتصاد العالمي في محل شك
كبير وان السنوات القليلة
المقبلة ستؤكد ذلك بالاعتماد
الى معايير معروفة وحقائق جديدة
ستنتجها المعطيات المالية
والاقتصادية ، وان الابتعاد عن
جوهر الازمة بمعالجة النظام
المالي العالمي واعادة بناء
نظام مالي متعدد الاقطاب اكثر
عدالة وانصافا سيقوض النظام
المالي العالمي الحالي ، ويدفع
بمجموعة دول السبع الى الوراء ،
فالازمة المالية العالمية ما
زالت قائمة وان دمارها لم يتم
اكتشافه بعد . ========================= بمناسبة عامه الاول...
رسالة إلى الرئيس أوباما ميشيل كيلو 30/01/2010 القدس العربي الرئيس باراك أوباما، رئيس الولايات
المتحدة الأمريكية المحترم كاتب هذه الرسالة مواطن عربي، ولد في
مدينة اللاذقية السورية، يود
إخبارك ببعض ما يفكر فيه، أنت
الذي في الطرف الآخر من عالم
توحدنا مشكلاته، ولا بد أن
توحدنا طرق معالجتها، رغم أن
بلدانه المتطورة تتحمل مسؤولية
خاصة عن تخليص البشرية منها،
ليس فقط لأن لديها الموارد
والقدرات البشرية الضرورية
لذلك، بل كذلك لأن معظم مشكلات
عالمنا من صنعها، ولأن انتشارها
الكوني وسيطرتها العالمية
يلعبان دورا كبيرا في بقاء هذه
المشكلات، وفي اشتداد تأثيرها
السلبي، خاصة على العالم الضعيف
والفقير، الذي أنتمي إليه. بداية، أود إعلامك أنني استمعت بانتباه
إلى خطبك في القاهرة، وغانا،
وتركيا، وتابعت ما قلته في
محافل دولية متنوعة. وقد تكون
لدي انطباع بأنك تريد للبشرية
الخروج من حالها الراهن، المليء
بالأزمات والحروب والمجاعات
والأمراض والموت، والانتقال
إلى طور مختلف، تلعب بلادك
القوية فيه دور محاور مسالم
يسعى إلى مصالحه في إطار مغاير
للإطار، الذي اعتمدته في حقب
سابقة، وقام على تحقيق مآربها
بغض النظرعن فداحة التكلفة
بالنسبة إلى الآخرين. أنت، سيدي
الرئيس، تريد تحقيق مصالح بلادك
بوصفها جزءا من مصالح أكبر، ولا
ترغب في بلوغها بأي ثمن وعلى
حساب الغير حصرا، بل ستعمل على
بلوغها باعتبارها مصالح يشارك
الآخرون فيها، وإن كنت تريد
الحصة الأكبر منها. هذا تطور مهم
جدا شجعني على كتابة هذه
الرسالة لعرض أفكاري عليك، فأنا
مواطن عربي، لكنني، كأجدادي،
اعتبر الإنسان أعلى القيم وأثمن
ما في الوجود، وأرى أن من حقه
الانتماء إلى شعب محدد، وأن
يكون في الوقت نفسه مواطنا
عالميا يقلقه الحال الذي فيه
نعيش. وأنت، كما أود أن اعتقد،
مواطن عالمي مثلي، لذلك أسمح
لنفسي بتوجيه حديثي إليك، ليس
فقط بصفتك رئيس أقوى وأغنى دولة
في العالم، بل كذلك إنسانا
كونيا مهموما بعالم هو بيتنا
جميعا. سيدي الرئيس من الواضح أنك تواجه عبئا ثقيلا تركته
الإدارات السابقة، وخاصة منها
إدارة جورج بوش الابن، الذي وضع
أمريكا في مواجهة القسم الأكبر
من العالم، واستخدم وسائل فاشلة
في التعامل مع مشكلاته تدور حول
القوة العسكرية، وآمن، ككثير مم
سبقوك إلى كرسي الرئاسة، بحقه
في تقرير مصير الآخرين، حتى إن
كانوا غير راغبين في ذلك، فكانت
النتيجة تشوها هيكليا خطيرا
أصاب علاقات بلادك مع العالم،
عالجته باللجوء إلى المزيد من
العنف، والمزيد من المآزق التي
تحاول أنت إخراجها منها، لأنها
أضعفت أمريكا وأقنعت أقساما
واسعة من البشر بقابليتها
للهزيمة، بما في ذلك الهزيمة
العسكرية، وسببت لها أزمات
داخلية لم تعرف مثيلا لها منذ
زمن طويل، أهمها أولا الأزمة
المالية والاقتصادية المعقدة،
التي تحولت إلى أزمة عالمية،
وأضيفت إلى رصيدكم السلبي،
وثانيا أزمة القوة، التي بدت
عاجزة عن حل مشكلات أمريكا
الخارجية، لكن الإدارة لم تقلع
عن استخدامها وتشبثت بمنطقها في
كل مكان: من نيويورك وواشنطن إلى
فلسطين والعراق وأفغانستان
وباكستان و ... إذا أردت، سيدي
الرئيس، إصلاح وضع أمريكا
ومصالحتها مع قيمها ومع العالم،
سيكون عليك التخلي عن القوة
سبيلا إلى مصالح بلدك ،ونبذ
فكرة مجنونة تزعم أن باستطاعة
بلد واحد إدارة العالم، إن هو
نثر فيه كما كبيرا من الأزمات،
وضخم فارق النمو بينه وبين بقية
البشر، وامتلك اقتصادا مسيطرا
وجيشا قويا. كان السوفييت زمن
ستالين يؤمنون بالتفكير الكمي،
ويتباهون بالأرقام التي تبين
تقدمهم الكمي، فهل تريد أمريكا
اليوم تبني هذا النمط من
التفكير؟ وماذا أفادها التباهي
بأنها أعظم قوة عسكرية
واقتصادية في العالم، إذا كانت
قوتها قد عجزت عن قهر حركة
طالبان، وهي واحدة من أكثر
جماعات العالم تأخرا؟ ولم تتمكن
من تخفيف الضغط عليها في
العراق، إلا بعد أن انضم إليها
قسم من العراقيين الذين كانوا
يقاتلونها، أي بعد أن استخدمت
عقلها ومالها بدلا من سلاحها؟
فهل تقلع أمريكا بقيادتك عن
رؤية العالم من فوهة البندقية
والمدفع، وتتوقف عن استخدام
القوة العسكرية والاقتصادية
وسيلة لتنظيم العلاقات الدولية
بالطريقة التي تناسبها، مع أنها
قد لا تناسب غيرها؟ وهل تتخلى عن
تشطير العالم إلى مربعات ودوائر
ومناطق، لأن تشطيره يسهل
سيطرتها وهيمنتها، رغم ما فيه
من إساءة إلى القيم الإنسانية،
وتقويض للرغبة في إضفاء طابع
تواصلي على حياة الأفراد
والدول، وتخل عن الطريق الأفضل:
طريق الحوار الندي والصريح الذي
ينطلق من قيم مشتركة ومن أفكار
ووسائل تساعدنا جميعا على إيجاد
حلول عادلة لمشكلات تكونت خلال
تاريخ طويل ومؤسف، لن تزول بغير
جهود كونية تتخطى أية مصالح
جزئية، هي مصلحة كل فرد منا وكل
دولة من دولنا؟ أعتقد أنك تفهم
قصدي: أنا لا أدعو إلى قراءة
القيم الكونية في ضوء مصالح
الدول والأمم، المتفاوتة أشد
التفاوت، فذلك يفرغ هذه القيم
من معناها ويقوض وظائفها. إنا
أدعو إلى اعتماد القيم المشتركة
في تحديد مصالح الدول وإطلاق
تنمية كونية مستقلة عن قوة وضعف
أطرافها، تتصل بحقهم المشروع في
التقدم والحياة، ما دامت
التنمية المستندة إلى التفاوت
قد زجت العالم في مأساة ضمنت
اليسر لقلة من أبنائه، والعسر
لأغلبيتهم الساحقة، التي تعاني
الجوع والبؤس والحرمان والموت
والتشرد، وبلغ عدد الجياع منها
رقما فلكيا تجاوز مليار إنسان،
حسب إحصاءات حديثة نشرتها
مؤسسات دولية متخصصة. هناك جائع
من كل ستة أشخاص نراهم في شوارع
العالم، فهل هناك مأساة أعظم
وأكثر خطورة من هذه المأساة ؟
ألا نجد في هذه الكارثة أحد
مصادر عنف وشرور عالمنا، بما في
ذلك عنف الأصولية والعنف المضاد
الذي يمارسه أقوياء كبلدكم ؟
الناس جياع ويزداد جوعهم، فلا
خيار لديهم غير أحد أمرين: قبول
الأمر القائم وانتظار الموت
جوعا، أو انفجار غضبهم والسير
وراء أول عنيف ومتطرف يعدهم
بخلاص أرضي أو سماوي، وتدمير
أنفسهم وغيرهم. سيدي الرئيس لا يستطيع أحد إنكار حقيقة أن هناك أزمة
تلف العالم، تتخطى السياسة
والقوة والثقافة وتخترق حياة
الدول جميعها، وحياة البلدان
المتأخرة خاصة، وأنها أزمة
تنمية مفقودة، وعدالة مفقودة،
ومساواة مفقودة، وحرية مفقودة.
بما أنك قلت في القاهرة إن
العدالة والمساواة والحرية هي
قيم أمريكية، فإنني أجيز لنفسي
القول: إن هناك أزمة أمريكية في
العالم أو إن أزمة العالم
أمريكية، وإذن، عليك أنت بالذات
مواجهتها، ليس بالقوة العسكرية
وأوهام القطب الواحد، بل عبر
مشاركة بقية العالم جميعها في
التصدي لها، في حاضنة قيم كونية
مشتركة هي قيم الحرية والعدالة
والمساواة والسلام، التي قلت
مرات متكررة إنها قيم أمريكية،
لكن العالم لا يصدقك، حين ينظر
إلى واقعه الحقيقي، وإلى
سياساتكم تجاهه . أعتقد أنه لا محل لمشاركة كهذه دون أنسنة
العالم والإقلاع عن أمركته .
أقول أنسنة العالم، وأقصد إعادة
بنائه كعالم للإنسانية جمعاء
نصيب عادل فيه وحصة كافية منه،
وحقوق وواجبات واحدة ومتساوية،
على أن لا يغير من ذلك كونه عالم
منقسم إلى أقوياء وضعفاء. تعني
أنسنة العالم قيام الأقوياء
بإمداد الضعفاء بما يلزم
لتقدمهم، وإسهامهم في زيادة
ثروة وقوة شعوب ودول الأرض، بما
فيها الشعوب والدول القوية. إن
انخراط الضعفاء في التقدم
العالمي يمكّنهم من الدخول إلى
السوق الدولية وجعل ما يمتلكونه
متاحا فيها، بشروط عادلة. وتعني
أنسنة العالم تقريب أجزائه
بعضها من بعض، ورفع سوية من لا
سوية لهم، أو الذين هم في الدرك
الأسفل، وإخراجهم من بؤسهم،
لأنه مصلحة عالمية عامة تفيد
البلدان المتقدمة قدر ما تفيد
البلدان المتأخرة، فينفتح
العالم أكثر فأكثر بعضه على
بعض، وترتفع قيمة وعوائد العمل
البشري، ويتوسع الاقتصاد
الخدمي ويصبح الحصول على خيراته
ممكنا، وتزول الحواجز التي
تقيمها المصالح القومية
الضيقة، والأصولية المتطرفة،
ومركزية الدول الكبرى المنطوية
على ذاتها، والتي يعززها عجز
وضعف نخب لا تعرف كيف تخرج
بلدانها من مآزقها، فترى في
الاستبداد وسيلة لابتزاز
شعوبها والعالم، وفي الحروب
الأهلية أو غزو جيرانها طريقة
لاستدراج تدخلات خارجية قد
تخلصها مما في أوضاعها من رثاثة
وتهافت. والآن، سيدي الرئيس، إليك اقتراحا عمليا
يندرج في الإطار الذي حاولت
رسمه: من الضروري أن تقترح، أنت
بالذات، تأسيس صندوق دولي يسمى 'صندوق
تنمية العالم'، يكون رأسماله
السنوي خمسمائة مليار دولار
أمريكي، تساهم فيه جميع دول
العالم، خاصة منها الغنية
والمتوسطة الثراء، والشركات
ورجال الأعمال والصناعة
والتجار والكنائس والجامعات
والأثرياء من الأفراد، على أن
تديره هيئة تملك خرائط تفصيلية
عن أوضاع العالم الاقتصادية
والاجتماعية والتعليمية
والصحية والبشرية .. تظهر فيها
مناطقه المختلفة على حقيقتها،
دون تزويق أو تزوير أو تجميل،
على أن تكون مهمته تنمية
المناطق الفقيرة فالأقل فقرا،
وتجفيف المستنقعات، وتنظيم
مجاري الأنهار وبناء السدود
والقنوات، واستصلاح وري
الأراضي، وإشادة القرى والمدن
الصغيرة والمتوسطة في الأرياف
الزراعية ومناطق الثروات
الباطنية، ومد الطرق والسكك
الحديدية، وبناء المطارات
والمرافىء، واعتماد نظم
تعليمية حديثة تنفذها مدارس
وجامعات ومعاهد بحث تتصل
اختصاصاتها بواقع بلدانها وحال
شعوبها، ومكافحة الأمراض
والأوبئة، وتأمين فرص العمل
للمواطنين رجالا ونساء، وخاصة
للشباب منهم، والقضاء على
الأمية، وتمكين المرأة
وتحريرها من أعبائها والاعتراف
بحقوقها ككائن إنساني منتج
ومبدع، ورعاية الأطفال
والسهرعلى تغذيتهم وتعليمهم
وتربيتهم والإقرار بحقوقهم
ورفع الأذى عنهم ومنع تشغيلهم،
وتدريب كوادر الدولة على العمل
الإداري الحديث والنزيه،
وتأهيل مواطني البلدان الفقيرة
إداريا وسياسيا، ليختاروا
ممثليهم بحرية، ويتمكنوا من
إدارة شؤونهم المنطقية
والمحلية، وتنظيم أوضاع
الأقليات من خلال القانون
والمصالح المشتركة، وحمايتها
والاعتراف بما لها من حقوق
ديمقراطية وثقافية، والاعتناء
بالشيوخ ورعايتهم، وزيادة حصة
البلدان الفقيرة في التجارة
الدولية وتخصيص نسبة محددة من
الاستثمار والإقراض السنويين
لها، ومدها بالعون التقني
والإداري لتسريع تنميتها
الشاملة، وتزويد شعوبها بأنظمة
قضائية مستقلة، وأنظمة دوائية
تناسب أوضاعها الاجتماعية
وأحوالها المناخية والجغرافية،
وإدخال أنماط من التربية
المدنية والسياسية إلى برامجها
التعليمية ووسائل إعلامها
وأدواتها التثقيفية والتعليمية
ترتقي بمستوى مواطنيها السياسي
والإنساني والفكري، وتتفق مع
واقعهم وطموحاتهم، على أن يتم
هذا العمل كله، تخطيطا وتمويلا
وتنفيذا، بموافقة حكوماتها
وممثليها السياسيين، وتحت
إشراف هيئات دولية شرعية تحظى
بقبول العالم، وتكون بعيدة عن
تأثير دول بعينها، خاصة إن كانت
دولا عظمى كالولايات المتحدة
الأمريكية تغطي مصالحها مجمل
الرقعة الكونية، وتستطيع
ابتلاع مصالح الدول المحلية. من الضروري، لإنجاح برنامج تنمية دولي
شامل، حل المشكلات الدولية
القائمة اليوم، والتي تدفع
الشعوب ثمن استمرارها وتفاقمها
من دمها ومالها وازدهارها. لا
بد، من أجل تنمية البلدان
العربية والإسلامية، من إنهاء
الاحتلال الإسرائيلي للأراضي
العربية، وإيجاد حل سلمي للصراع
العربي / الإسرائيلي. ليس من
المعقول، سيدي الرئيس، أن ترى
أمريكا العرب بملايينهم
الثلاثمئة ورقعتهم الأرضية
الهائلة وثرواتهم البشرية
والطبيعية ودورهم التاريخي
الحضاري، من ثقب إسرائيل الضيق،
الذي يحجب عنها حقائق منطقتنا
ويجعل سياساتها معادية لنا. ولا
مفر من حل مشكلات الأقليات
القومية والدينية في البلدان
الفقيرة، بما في ذلك العربية
منها، وإطلاق تنمية سياسية تقوم
على الحرية والعدالة. يصدق
الشيء نفسه على مشكلات البلدان
الأخرى، بما فيها المتقدمة،
التي يجب أن تحل بدورها بتوافق
عام وبعيد المدى، تشارك البلدان
المعنية فيه فتكون تنميتها عبر
الصندوق مكافأة تنالها مقابل
إيجاد حلول لما يعطل حياتها من
معضلات قومية أو بين / قومية
وطنية، أو إثنية أو مذهبية. من أين ستأتي أموال صندوق التنمية الدولي
العتيد ؟ هذا السؤال هو أول ما
يتبادر إلى الذهن في ظل الأزمة
المالية العالمية الراهنة.
الجواب: من تقليص ميزانيات
الحروب ووزارات الحروب في
العالم، وأخذ قسم من مخصصاتها
يعطى للصندوق، ليكون دور السلام
والتنمية أكثر قدرة من دور
القوة على كبح نوازع الحرب
والعنف لدى البشر، ويصير
المحراث بديلا للسيف، وتغدو
المصالح بنت العقل لا بنت القوة.
من الضروري، أيضا، أن تخصص كل
دولة جزءا من موازنتها للصندوق
يتحدد حجمه بحاجتها إلى
التنمية، فإن كانت كبيرة وكان
بلدها شديد التأخر، وجب تكريس
جزء أكبر من رأسمال الصندوق
لتنميته . لا حاجة إلى القول : إن
إدارة الصندوق ستكون دولية
ومستقلة، ولن تكون كإدارة صندوق
النقد الدولي خاضعة لقوة بعينها
لها فيه إما أصوات مرجحة أو نفوذ
مقرر. طبيعي أن هيئات ومراكز
دراسات وبحوث واستقصاءات
ميدانية تابعة للصندوق ستنتشر
في أربع أقطار الأرض، لتشخص
واقعها وترسم الخطط اللازمة
لمعالجته وتشرف على تنفيذها،
تحت أعين الحكومات الوطنية ومن
تستعين به من مؤسسات وشركات . السلام بدل السلاح، التنمية بدل الحروب،
الشراكة بدل القطبية الواحدة،
الانخراط في حل مشكلات العالم
بدل إدامتها والعيش عليها،
الاحترام بدل التعالي،
المساواة بدل التفاوت وصراعاته
وظلمه ... العالم كوحدة واحدة
تتبادل العون والمساندة بدل
خضوعه لقوة واحدة تفقده صبره
وتدفعه دفعا إلى التمرد عليها،
فلا تعرف كيف تجبره على البقاء
خاضعا ولا تملك أدوات إخضاعه،
ولا خيار لها غير التخلي عن
أنانيتها وعنفها، والعزوف عن
الحروب والمغامرات الفاشلة،
الفادحة الثمن. لا يعني هذا أنه
ليس من حق بلادك امتلاك السلاح
للدفاع عن نفسها، علما بأن
حاجتها إلى السلاح ستتناقص في
ظل الوضع الذي اقترحه عليك، لأن
التهديد الموجه إليها سيتلاشى،
ولأنه لن يبقى مصلحة لأحد في
تهديدها، بما أنها تتبنى سياسة
تنمي العالم وتقيم شراكة
متكافئة ومتبادلة معه. إنه لا
يعني كذلك تخلي أمريكا عن دورها
العالمي، بل يعني تعزيز هذا
الدور، ولكن بالطريقة التي من
شأنها أن تجعل لها مكانة خاصة في
قلوب البشر في كل مكان، وتجعل
كلمتها مطلوبة وقوتها مقبولة
كقوة معنوية وناعمة، إنسانية
ومبدعة، ليست قوة إبادة وقتل
ودمار وكراهية لطالما أرقت
إدارة جورج بوش، وأقلقتك أنت
ودفعتك إلى تغيير خطاب بلادك
الموجه إلى بقية العالم وخاصة
منه عالمنا العربي / الإسلامي. نصح ميكيافيللي الأمير قائلا: من الأفضل
أن يخشاك الناس من أن يحبوك. لم
يعرف الفيلسوف الإيطالي الكبير
الإنسان وحقوقه والمواطنة
ومعانيها، ولم ير غير الدولة
بدلالة الأمير، أميرها. أنا،
كديمقراطي عربي وابن لأمتي
ولهذا العالم، أقول لك: من
الأفضل أن يحبك البشر من أن
يخافوك . وأذكرك، أخيرا، بحلم
كانط القديم في سلام أبدي لن
تقيمه الأسلحة، وإنما سيقيمه
البشر بتعاونهم وأخوتهم وقيمهم
المشتركة، لصالح الإنسانية وكل
فرد فيها، كائنا ما كانت جنسيته.
السلام هو حلم البشرية الأبدي،
وهو لا يقوم بالحرب، إلا إذا
فرضها من يكرهون السلام أو
خاضها من يريدون ردعهم. وظني أن
الإنسانية لا ترغب اليوم في شيء
رغبتها في لقمة شريفة وإرادة
حرة تعبر من خلالها عن نفسها، في
إطار سلام ينعم به العالم كله.
هذه أهداف نتطلع إليها جميعا،
لا يتطلب تحقيقها الحرب بل يفرض
حتمية السلام. سيدي الرئيس كتبت ذات يوم من عام 2003 رسالة إلى الرئيس
جورج بوش الابن جعلت عنوانها 'بلدكم
سيخسر الحرب'، طلبت إليه فيها أن
يقرأ شيئا عن تاريخ منطقتنا.
وبينت له أن أحدا لم يتمكن في
الماضي أو الحاضر من إنزال
هزيمة دائمة بها، وأنها هزمت في
نهاية المطاف كل من غزاها، أو
نجحت في احتوائه، من أيام
الإغريق إلى اليوم. واليوم أوجه
إليك رسالتي لأقول: 'بلدك يستطيع
كسب السلام، له وللبشرية، إن
اتفقت مصالحه الأساسية مع
ادعاءاته ومع مصالح الإنسانية.
نحن، سيدي، لا نريد أن نصير
أمريكيين، والأمريكيون لا
يستطيعون أن يصيروا العالم.
لكنه يمكنهم كسب احترامه، إن
رأى فيهم شريكا متفهما لا يريد
إجبارهم على حبه بالقوة أو
بالخديعة. بغير ذلك، سيخسر
بلدكم كل شيء، وسينحدر نحو قاع
التاريخ، إلى حيث سبقته دول
وامبرطوريات عظمى كثيرة. بغير
ذلك، سنكون جميعنا أمام هلاك
شامل لن يخرج أحد منه سالما، لأن
البشرية ستثبت، عندئذ، أنها لا
تعرف كيف تحل مشكلاتها، ولا
تصلح للبقاء. تقول في خطبك إنك رجل سلام، رجل بداية
جديدة، والبشر في غالبيتهم دعاة
سلام، وهم يطالبونك وسواك من
حكام العالم ببداية جديدة. هذا
ليس كثيرا على عالم أنت مواطن
فيه، وبشرية أنت فرد منها. وهو
قابل للتحقيق، بأيدينا جميعا،
كمخلوقات حرة تتساوى في نزوعها
إلى العدالة والكرامة. ' كاتب سوري ========================= بقلم :جانا بوريسوفنا البيان 30-1-2010 خلال الشهور الأخيرة تشهد منطقة الشرق
الأوسط تصاعدا في حالة التوتر،
تزيد من تعقيدات الصراع العربي
الإسرائيلي. وإذا كان من
المنطقي أن تجمد السلطة
الفلسطينية مشاركتها في
المفاوضات السلمية مع الحكومة
الإسرائيلية، الهادفة إلى
صياغة ملامح التسوية الشاملة،
فلأن إسرائيل تصر على مواصلة
نشاطها الاستيطاني. وهو سلوك لا يعبر فقط عن سوء النية، وإنما
يتعارض مع الاتفاقات التي توصل
إليها رباعي الوسطاء الدولي مع
الأطراف المعنية، ومع أسس «خارطة
الطريق» التي تمت المصادقة
عليها، كوثيقة أساسية في تسوية
النزاع الفلسطيني الإسرائيلي. وكما قال سيرغي لافروف وزير الخارجية
الروسي، فإن العقبة الرئيسية
على طريق استئناف مفاوضات
السلام بين الفلسطينيين
والإسرائيليين، تتمثل في
النشاط الاستيطاني الإسرائيلي،
وإن القرارات التي اتخذها رئيس
الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتانياهو (حول تجميد الاستيطان
لمدة 10 أشهر) تصب في الاتجاه
الصحيح، ولكنها غير كافية. والموقف الذي عبر عنه لافروف لا يعبر فقط
عن قناعة موسكو، وإنما هو موقف
أغلبية الوسطاء الدوليين، اذ
دعا بان كي مون أمام اجتماع
للجنة الأمم المتحدة لحقوق
الشعب الفلسطيني، إلى استئناف
المفاوضات الإسرائيلية
الفلسطينية. مشيرا إلى أن استمرار بناء المستوطنات في
القدس الشرقية والضفة الغربية،
يؤثر بشكل سلبي على الجهود
الدولية لاستئناف المفاوضات
السلمية بين أطراف النزاع، وأكد
أن بناء المستوطنات ينتهك
القانون الدولي، ويخالف خطة «خارطة
الطريق» التي تنص على تجميد
إسرائيل لكل الأنشطة
الاستيطانية، بما في ذلك ما
يسمى بالنمو الطبيعي. وذكر أن النشاط الاستيطاني يقوض الثقة
بين الطرفين، ويحكم بصورة مسبقة
على الوضع النهائي للمفاوضات،
ويعيق تحقيق حل الدولتين، معربا
عن قناعته بأن الثقة بين
الطرفين تراجعت في ظل غياب
المحادثات، ما أدى لازدياد
التوتر في القدس الشرقية، وأنه
إذا لم يتم تحريك العملية
السياسية فإن الوضع مهدد
بالتراجع إلى الوراء. المثير للدهشة أن إسرائيل اعترضت على
تصريحات بان كي مون، واعتبرت
أنها رضوخ لضغوط الدول العربية،
ما عكس تجاهلا فجاً لدور وجهود
الوسطاء الدوليين. في نفس الوقت تتحدث الأوساط الحاكمة في
إسرائيل عن حرب جديدة يمكن أن
يشتعل فتيلها في المنطقة،
وتوجهت أنظار المجتمع الدولي
نحو حزب الله، بحجة قيامه بنشر
صواريخ بعيدة المدى على مساحة
كبيرة في شمال لبنان ومنطقة
البقاع. ولا شك أن الحرب الإسرائيلية المتوقعة لن
تكون موجهة إلى حزب الله، وهو ما
أكده قائد المنطقة الشمالية في
إسرائيل الميجر جنرال غادي
ايزنكوت، قائلا إن التقارير
الأخيرة حول وجود توتر على
الحدود الإسرائيلية اللبنانية،
لا تعدو كونها افتراضا لا يمت
إلى الحقيقة بصلة. وهو ما يعني أن الحرب المحتملة، يمكن أن
تكون ضد قطاع غزة بهدف ضرب حركة
«حماس»، بعد أن وصلت مفاوضات
القاهرة إلى طريق مسدود، وأصبح
الوضع معقدا يصعب تحريكه دون
تفجير صدام عسكري. وقد يرى بعض السياسيين أن إعادة ترتيب
الأوراق السياسية يحتاج لمثل
هذه الخطوة، إلا أن الجريمة
تتمثل في أن الحرب السابقة،
والتي قيل إنها استهدفت تقليم
أظافر حركة «حماس»، لم تحقق هذا
الهدف، وإنما تركزت على تصفية
الفلسطينيين المدنيين العزل،
ما جعل منها جريمة حرب، كما جاء
في تقرير غولدستون، بل جريمة ضد
الإنسانية! فكيف يمكن التجاوب مع منطق السياسيين
المغامرين، بضرورة تحريك
العملية السياسية عبر حرب في
المنطقة؟ ولماذا لا يتم تحريك
هذه العملية عبر إلزام إسرائيل
بقرارات المجتمع الدولي، وقبول
الاتفاقات التي تم التوصل لها
سابقا؟ ولماذا يجب أن يتم قتل
المدنيين العزل حتى نعود لطاولة
المفاوضات، بدلا من إلزام أحد
أطراف النزاع باحترام جهود
وإرادة الوسطاء الدوليين الذين
اختارهم المجتمع الدولي لتسوية
الأزمة؟! في هذا السياق عبر سيرغى لافروف عن موقف
موسكو بوضوح، وأكد أن روسيا
تواصل اتصالاتها مع حماس، «لأن
وحدة الصف الفلسطيني هي السبيل
الوحيد لاستئناف المفاوضات
السلمية بين السلطة الفلسطينية
وإسرائيل». ودعا لاستئناف المفاوضات السلمية على
الأسس التي أقرها مجلس الأمن
ورباعي الوسطاء الدولي، ولعقد
اجتماع على مستوى الوزراء
لرباعي الوسطاء الدولي، لأنه
يتحمل مسؤولية الاتفاقات التي
تم التوصل إليها سابقا بين
الأطراف المعنية. خبيرة الطاقة الروسية ========================= بقلم :حسين
العودات البيان 30-1-2010 أجل مجلس وزراء
الإعلام العرب في اجتماعه
الأسبوع الماضي، البت في إنشاء
مفوضية للإعلام العربي إلى
الخريف المقبل، بعد أن تقوم
اللجنة الدائمة للإعلام بإعداد
مشروع قرار تضعه بين يدي مجلس
وزراء الإعلام. ومن تجاربنا نحن الإعلاميين مع المجالس
العربية، فإن هذا التأجيل يعني
من جهة أولى فشل المجلس في
الاتفاق على المشروع، ويعني من
جهة ثانية أن المشروع في طريقه
إلى الموت المبكر قبل أن يولد،
بسبب إحالته إلى لجنة، واللجان
مقبرة للمشاريع قلما ينجو منها
مشروع أحيل إليها. وعلى أية حال، ليست المسألة لا في التأجيل
ولا في الإحالة إلى لجنة، بل في
السياسات الإعلامية العربية،
سواء في كل بلد عربي أم تلك ذات
الطبيعة القومية، التي تسمى
غالباً السياسة الإعلامية
العربية المشتركة. أعتقد أن وزراء الإعلام العرب يجدون
صعوبات كبيرة أمام تنفيذ
المهمات الإعلامية الجسيمة في
بلدانهم، ولذلك يحاولون الهروب
إلى الأمام بتبني مثل هذا
المشروع، مع أنه مهم جداً، لكنه
غير مجد في الظروف العربية
السياسية والإعلامية الراهنة،
وغير قابل للتطبيق، أو قادر على
إصلاح السياسات الإعلامية
العربية التي لم تعد تستطيع
استيعاب متطلبات القضايا
القومية أو المحلية. أو مواجهة نتائج العولمة والنظام العالمي
الجديد، أو نظام ما بعد
الحداثة، الذي حمل معه الرغبة
الجامحة في اللذة ونمط الحياة
الاستهلاكي، والعنف والتحلل من
القيم، وفقدان الهوية والتفاخر
ب«الأمركة»، وإفراغ الثقافة من
أي ثوابت، وإلغاء
الأيديولوجيا، وجعل كل شيء
نسبيا، بما في ذلك الإيمان بأي
شيء. ولهذا كله أخذت وسائل الإعلام العربية
تجد نفسها جزءاً من منظومة
إعلامية وأخلاقية عالمية، لا
تستطيع الخروج منها، ولا سد
حاجات مجتمعاتها أو المحافظة
على خصوصية هذه المجتمعات (والملاحظ
أننا لا نتذكر هذه الخصوصية،
إلا إذا أردنا استخدامها سلاحاً
ومبرراً ضد الحرية
والديمقراطية والمساواة
والعدالة وتداول السلطة..
وغيرها). وبدلاً من أن يبحث السادة وزراء الإعلام
العرب مشكلات وسائل الإعلام
العربية، وضعف الخطاب الإعلامي
العربي، وسبل قيامه بمهماته في
كل بلد وعلى النطاق العربي
والدولي، ودراسة المخاطر التي
تحيط بوسائل الإعلام، وبثقافة
الأمة وقيمها.. بدلاً من كل هذا، هرب السادة الوزراء إلى
الأمام، واقترح بعضهم تأسيس
مفوضية للإعلام العربي، قيل إن
مهمتها «تحديث منطلقات الخطاب
الإعلامي العربي، واحترام
المبادئ المهنية الإعلامية حول
حرية الرأي والمصداقية
والشفافية، وحماية محتوى
المادة الإعلامية من التحريض
على العنف أو التمييز على أسس
دينية أو عرقية». والملاحظ أن مفاهيم هذه المهمات فضفاضة
وعامة وقابلة للتأويل، وربما
ستكون حصان طروادة لبعض وزارات
الإعلام العربية لتفسرها على
مزاجها. يعرف وزراء الإعلام العرب قبل أي أحد آخر،
الصعوبات التي يواجهها معظم
وسائل الإعلام العربية (ولا
أقول كلها)، وخاصة تلك المملوكة
للدولة، وأولها أن الحكومات
حولت تبعية هذه الوسائل من
تبعية للدولة إلى تبعية
للحكومة، وبالتالي تغيرت
مهماتها من خدمة أهل الدولة (الشعب
بجميع شرائحه، المجتمع بكل
فئاته، قضايا الثقافة القومية
والهوية والخصوصية، متطلبات
التنمية الشاملة، مراقبة
الحكومة وإداراتها ومؤسسات
الدولة... الخ). وتحولت إلى خدمة الحكومة والمسؤولين
الحكوميين والإشادة بمنجزات
الحكومات (الحقيقية والوهمية)،
وبالتالي لم تعد وسائل إعلام
تابعة للدولة تهتم بشؤونها
وشجونها، بل للحكومة ومصالح
متنفذيها. ولذلك عزف معظم وسائل الإعلام هذه عن
النقد، أو الحديث عن الحريات
والديمقراطية والمساواة وتداول
السلطة، وإتاحة الفرصة لكل من
لديه رأي لإبداء رأيه، وخلق
المناخ الذي يضمن حيوية الحوار،
وبالتالي المساهمة في تشكيل وعي
الفرد وإتاحة الفرصة له
للمساهمة في تنمية مجتمعه
وإحياء ثقافته، ومساعدته على
مواجهة الغزو الثقافي وتشويه
التاريخ ومسخ الشخصية الوطنية. والتدمير الأخلاقي والتخريب القيمي الذي
نلمسه لمس اليد، وعدم التماهي
مع معطيات العولمة وما بعد
الحداثة الأمريكية، لأنها
وسيلة خطيرة لإلغاء ماضي الأمم
وحاضرها ومستقبلها، وقيادتها
إلى الغرق في تقاليد الاستهلاك
واللذة ونسبية كل شيء، وتبني
جوانب «ومزايا الأمركة» الأخرى.
ومن ثم إبقاء صوت المواطن مخنوقاً من خلال
الرقابة القائمة في جميع
البلدان العربية.. وبالمناسبة
فهي رقابة غير مكتوبة وعائمة
وقابلة للاجتهاد وللتأويل، بل
وذات أهواء قادرة على وأد
الحوار والتحاور والإبداع. إن «تحديث منطلقات الخطاب الإعلامي
العربي، والمصداقية والشفافية،
وإلغاء التمييز والتحريض
والعنف» التي وردت في تبرير
إنشاء المفوضية، لا تتحقق في
الظروف العربية الراهنة من خلال
تأسيس مفوضية للإعلام العربي،
وإنما من خلال تلمس الصعوبات
التي أشرت إليها، ومحاولة
التغلب عليها، وإيجاد المناخ
المناسب لتخليص الإعلام العربي
من ثغراته. ولا شك أن جميع وزراء الإعلام العرب
يعرفون بدقة هذه الصعوبات
ويعرفون الحلول، ولكن الشروط
القائمة التي يعملون من خلالها،
لا تساعدهم على اتخاذ قرارات
نوعية عامة شاملة، قادرة على حل
المشكلة الإعلامية العربية
حلاً جذرياً. يخشى إعلاميون كثر أن تتحول هذه المفوضية
(إذا تم تأسيسها والاتفاق عليها)
إلى وسيلة جديدة، لكم الأفواه
ومحاصرة الحريات، وعرقلة
الوسيلة الإعلامية التي تسعى
لتأدية مهماتها في إطار مصالح
الأمة ومتطلبات العصر. لقد صرح الأمين العام لجامعة الدول
العربية، بأن لكل بلد عربي
الأخذ بمقررات المفوضية أو
رفضها ووضعها جانباً، فإن كان
الأمر كذلك، فما هي فائدة هذه
المفوضية إذن؟ أم أنه من
الضروري أن تولد من صلب النظام
العربي القائم منظمة جديدة تحمل
خصائصه وصفاته وجيناته؟! كاتب سوري ========================= أوباما لم يكتشف بعد
مدينته الفاضلة بقلم :فيكتور دافيز هانسون البيان 30-1-2010 في مجتمع أفلاطون المثالي والفاضل، يرعى
الملوك الفلاسفة والأوصياء
النخبة، رعاع الشعب لإجبارهم
على إطاعة الأوامر وتنفيذ
الأمور السليمة. ولمنع العامة
من ارتكاب أية أعمال سخيفة،
يضطر الأوصياء الذين يمتلكون كل
السلطة والحكمة، لاختلاق بعض «الأكاذيب
النبيلة». وبالطبع فإن وكلاء
السلطة هؤلاء يعفون أنفسهم من
أحكام معظم القوانين التي
يضعونها للآخرين. نرى في هذه الأيام مثل هذا التفكير
الأفلاطوني، في إدارة الرئيس
الأميركي باراك أوباما ولدى
مؤيديها. وتحاول حكومة
التكنوقراطيين المؤلفة من
المثقفين الأكاديميين، الذين
لا توجد لديهم خبرة عملية خارج
الحياة الأكاديمية والحكومة،
إصدار تشريعات يرفضها معظم
الناس، ومع ذلك قررت هذه
الحكومة أنها ملائمة لهم وتصب
في مصلحتهم. لو أخذنا اقتراح أوباما المتعلق بالرعاية
الصحية، فإن نسبة كبيرة من
الأميركيين لا يثقون بالذين
يديرون شبكة الخدمات البريدية،
ولا يريدونهم أن يشرفوا على
أوضاع ميزانية الرعاية الصحية،
التي تعادل سدس ميزانية
الاقتصاد الأميركي. وعلى أي حال، فإن الرئيس الأميركي الملك
الفيلسوف أوباما، يتحدث عن
مقاومتنا الشديدة لقانون
الرعاية الصحية، ويقول حرفياً:
«أدرك.. ما سيحدث عندما ننجز ذلك
القانون. وسيعلم الشعب الأميركي
فجأة أن هذا القانون سيحقق
أشياء تروق له». وبالنسبة لسياسة الطاقة، فعلى النقيض من
أوباما، يعتقد معظم الأميركيين
أنه يتعين استغلال الغاز والنفط
والمصادر النووية الأميركية
بالكامل، حتى لا نتعرض للهلاك
ونحن ننتظر نشوب ثورة الطاقة
الشمسية والرياح. وفي الواقع تظهر استطلاعات الرأي بشأن
عدد من المسائل الرئيسية، أن
معظم الأميركيين يختلفون مع
جدول أوباما، الذي يشمل في
البداية المزيد من الاستيلاء
الفيدرالي على الشركات الخاصة،
وعجزاً هائلاً في الإنفاق،
وإصلاحات شاملة في شؤون الهجرة. والسؤال المطروح هو: لماذا تثابر إدارة
أوباما إذن على التمسك بهذا
الجدول الذي لا يحظى بأية
شعبية؟ ومثل نخبة أفلاطون التي تعلم بكل شيء،
يبدو أن أوباما يشعر بأن كل
الجهلة الذين يعرفهم، سوف
يقدرون فجأة إرشاداته الخيرة
بمجرد أن يتم إقرار هذه
القوانين. وقد روج كاتب الافتتاحيات الليبرالي
توماس فرانك في وقت من الأوقات،
لافتراضات مشابهة في كتابه «ما
الذي أصاب كنساس؟». وجادل فرانك
بأن الناخبين الأميركيين
الجاهلين، لا يعرفون أين تكمن
مصالحهم. كما عكس كاتب الافتتاحيات في صحيفة «نيويورك
تايمز» توماس فريدمان، وهو مؤيد
آخر لأوباما، تفكير الملك
الفيلسوف في مقالة كتبها
مؤخراً، امتدح فيها دكتاتورية
الصين المستنيرة بصورة لا تصدق. وقال: «بعكس الفوضى السائدة في
الديمقراطية الأميركية، فإن
حفنة رجال أقوياء في الصين
يمكنهم نطح السياسات الضرورية
برؤوسهم، لكي يمضي المجتمع
الصيني قدماً إلى القرن الحادي
والعشرين». يبدو أن أوباما قد اقنع نفسه الآن بأن
وعده القديم بشأن الشفافية
الجديدة، على وشك أن يمنح الشعب
الأميركي ما يريده. لقد نظم الرئيس الأميركي حملة ضد جماعات
الضغط في الحكومة، لكن يبدو أن
هناك حاجة الآن لمثل هؤلاء،
لتسريع جدوله الذي يحمل عنوان «الأمل
التغيير». وقد سخّف أوباما في وقت من الأوقات، فكرة
جون ماكين بفرض الضرائب على ما
وصفه ب«خطط الكاديلاك الصحية
الفاخرة»، ووعد عوضاً عن ذلك
بعدم فرض ضرائب على الذين يقل
دخلهم السنوي عن 250 ألف دولار.
كما وبخ الرئيس السابق جورج بوش
على حماقته في دفع إصلاحات
الضمان الاجتماعي، في الوقت
الذي لم تتعد نسبة المؤيدين لها
35%. ولكن قرر الملك الفيلسوف الآن، انه يحتاج
في الواقع لفرض الضرائب على بعض
خطط الرعاية الصحية الرئيسية،
حتى لو كان ذلك يعني فرض أعباء
إضافية على الأميركيين الذين
يقل دخلهم عن 250 ألف دولار. وحتما
لم يبال بممارسة الضغوط لإقرار
التشريعات النبيلة، التي
يعارضها معظم الشعب الأميركي. وهناك تصريحات أخرى مشابهة في السابق،
كتعهده بإغلاق معتقل
غوانتانامو في غضون عام من بدء
فترة حكمه، أو إعطاء موعد نهائي
للإيرانيين لكي يوقفوا العمل في
برنامجهم النووي. وهذه تدخل ضمن
الأنواع النبيلة من الأكاذيب،
وهي تظهر لنا على الأقل، نوايا
الرئيس الأميركي الطيبة
واهتمامه برفاهيتنا، حتى لو كان
لا يستطيع متابعة ذلك. وثمة سمة أخرى لهذه الإدارة، مشابهة
لسمات ملوك المدينة الفاضلة
النبلاء. فلا بد أن رجال نخبتنا
الفاضلة، يمتلكون السلطة
الكافية التي تعفيهم من أحكام
قوانينهم. فالضرائب المرتفعة
يجب أن تفرض على عدد كبير من
الأميركيين، غير أن الوصي على
الخزانة الأميركي تيموثي غيثنر
يمكنه التدليس والغش قليلا بين
الفينة والأخرى. والأمر نفسه
ينطبق على رئيس لجنة الطرق
والوسائل، الجمهوري تشارلز
رانغل الذي يشرف على سنّ قانون
الضرائب. وثري «وول ستريت» هذا، يحقق أرباحاً
طائلة، ويتنقل بطائرة نفاثة
خاصة. ولكن يجوز لأوصيائنا
الحكماء جمع التبرعات لحملة «وول
ستريت» وركوب الطائرات الخاصة،
إذا اضطروا لوضع الخطط اللازمة
للأميركيين. لكن ثمة فارقاً بين تفكير أفلاطون وجدول
إدارة أوباما. فأفلاطون افترض
على الأقل أن الملوك الفلاسفة
كانوا من بنات أفكاره، وأن
مدينته الفاضلة غير قابلة
للتحقق. أما رئيسنا الموقر
وأوصياؤه العصريون على العرش
الأميركي، فعلى النقيض من ذلك،
لم يكتشفوا ذلك الأمر بعد.
ولكنهم ربما بدأوا يكتشفون
صحته، عقب انتخابات ماساتسوشتس
الأخيرة. أستاذ الدراسات الكلاسيكية
والتاريخية في جامعة ستانفورد ========================= الشراكات العسكرية ربما
تكون السبيل الأمثل نحو
السلام ديفيد إغناتيوس الشرق الاوسط 30-1-2010 عبر الجنرال ستانلي ماكريستال هذا
الأسبوع عن حقيقة يدركها القادة
العسكريون أكثر من أي شخص آخر،
مفادها أن «الحل السياسي لجميع
الصراعات يشكل نتيجة حتمية»،
وذلك حسبما صرح لصحيفة «فاينانشيال
تايمز». وتكمن المشكلة الرئيسية
في الوصول إلى هذه التسوية
السياسية على نحو يراه
المقاتلون مقبولا. وقد يستغرق
هذا الأمر سنوات، بل وربما
عقودا. الآن، تشهد الولايات المتحدة عامها
التاسع في قتال متطرفين مسلمين
بمختلف أرجاء العالم. وأحيانا
تراود التساؤلات كثيرين حول ما
إذا كانت واشنطن قد تعلمت أي
دروس مستفادة خلال هذه الفترة
المؤلمة، أم أنه كتب علينا
المضي قدما في خلق مصاعب أكبر في
طريقنا. المؤكد أننا لا نزال
نخلق مزيدا من المصاعب أمامنا
في أفغانستان، حيث يعتقد
ماكريستال، القائد الأميركي
هناك، أنه لن يكون من الممكن
التوصل إلى تسوية سياسية مرضية
إلا إذا مارسنا ضغوطا أكبر على «طالبان».
وأعتقد أنه على صواب في هذا
الاعتقاد. إلا أنني أشعر بأن هناك اعترافا متناميا،
خاصة في صفوف المؤسسة العسكرية
الأميركية، حول ضرورة تخلي
الولايات المتحدة عن سياسة
الدخول في حروب خارجية كلما
ظهرت نقطة صراع جديدة مع «القاعدة».
الواضح أن البنتاغون أقر
استراتيجية الحرب بالوكالة
والتي يقوم بمقتضاها بتدريب
قوات دول «صديقة» (أي تلك التي
تشاركنا عداء التطرف الإسلامي)
من شمال أفريقيا حتى الفلبين. حتى الآن، لم تعلن إدارة أوباما عن هذا
التوجه القائم على بناء «الشراكات»
كاستراتيجية رسمية، ولم تحظ
الاستراتيجية الجديدة بتغطية
إعلامية واسعة. لكن الأمر جدير
بإلقاء نظرة دقيقة، لأنه ربما
يحمل لنا السبيل الأمثل نحو
الدخول في عالم لا تضطلع فيه
الولايات المتحدة دوما بدور
شرطي العالم المكلف بمحاربة
الإرهاب. ويتمثل جوهر هذه الاستراتيجية في تدريب
دول أخرى على محاربة التطرف
الإسلامي الذي يهددها بقدر ما
يهددنا على الأقل. ومثلما ذكر
مسؤول عسكري بارز، فإنه «ليس
بإمكاننا التوجه إلى كل مكان
تنتشر فيه (القاعدة). وإنما
ينبغي العمل على بناء قدرات
المؤسسات العسكرية الأجنبية
بما يمكنها من التعامل مع هذه
المشكلات داخل حدودها». يشكل اليمن المثال الأوضح على كيف يمكن
لهذه «الشراكة» النجاح، وكيف
تختلف عن جهود القتال المباشر
التي تشنها الولايات المتحدة في
العراق وأفغانستان. على مدار
أكثر من عام، عملت واشنطن على
تدريب القوات الخاصة اليمنية
والعاملين بوكالات الاستخبارات
لديها كي يتعاملوا مع الوجود
المتزايد ل«القاعدة» داخل
البلاد. وتمدهم الولايات
المتحدة ببعض أكثر الأسلحة
والمعدات تطورا، بينما يضطلع
اليمنيون بالقتال. وشهدت هذه
الجهود نقطة تحول كبرى في يوليو
(تموز) الماضي، عندما قرر الرئيس
اليمني علي عبد الله صالح أن
نظامه يواجه تهديدا. وبذلك
تحولت المعركة إلى معركته هو
وليس معركتنا نحن. في هذا الصدد،
علق جنرال ديفيد بترايوس، قائد
القيادة المركزية الذي كان نقطة
الاتصال الرئيسة بين واشنطن
وصنعاء، بقوله «لقد حصلنا على
عناق في يوليو، بالمعنيين
الحرفي والرمزي». عندما كنت مسافرا برفقة بترايوس منذ عدة
شهور ماضية، عاينت دلائل على
هذا التوجه القائم على تدريب
قوات أجنبية في كل مكان توقفنا
به تقريبا. والواضح أن هناك
تعمدا للإبقاء على مثل هذه
البرامج بعيدا عن دائرة الضوء.
وأبدى بترايوس تردده حيال
مناقشة بعض هذه البرامج، لكن
مسؤولين عسكريين آخرين أوضحوا
الخطوط العريضة لهذا التوجه. دعونا نبدأ من آسيا الوسطى، حيث يتمثل
الهدف في منع انتشار عدوى «طالبان»
إلى الجمهوريات التي كانت تابعة
للاتحاد السوفياتي. وعليه، تعمل
واشنطن على تدريب قوات خاصة أو
وحدات أمنية أخرى في طاجكستان
وتركمنستان وأوزبكستان
وقرغيزستان. وسعيا للفوز بتأييد
روسيا، تخلى بترايوس عن الخطاب
القديم الدائر حول التنافس على
موارد الطاقة في آسيا الوسطى،
وعمد بدلا من ذلك إلى التأكيد
على وجود أعداء مشتركين بين
البلدين. من بين المهام التدريبية الأخرى التي
تضطلع بها واشنطن من دون تغطية
إعلامية واسعة مساعدتها الدول
شرق الآسيوية التي تضم أعدادا
كبيرة من المسلمين، مثل
إندونيسيا وماليزيا والفلبين.
ومع ذلك، تبقى ميادين القتال
الكبرى في أفغانستان وباكستان. يذكر أن البيت الأبيض أجرى أول مراجعة
لاستراتيجيته الجديدة في
أفغانستان في 15 يناير (كانون
الثاني). وصرح مسؤول بارز في
البيت الأبيض بأن أوباما أبدى «رضاءه»
حيال مستوى التقدم الذي يجري
إحرازه هناك. وعكف المسؤولون
خلال الاجتماع على تحليل نتائج
استطلاعات للرأي أظهرت افتقار «طالبان»
إلى الشعبية، وتحسن معدلات
التجنيد في الجيش الأفغاني،
وتحسن الأوضاع الأمنية في بعض
ضواحي ولايتي هلمند وقندهار،
واتخاذ خطوات لضمان وصول 905 على
الأقل من القوات الإضافية التي
قرر الرئيس أوباما إرسالها،
وتبلغ 30.000 جندي، بحلول أغسطس (آب).
يكمن الميدان الأكثر صعوبة في هذا الصرع
في باكستان. ويبدو الدور
الاستشاري الأميركي واضحا
هناك، حيث يتولى نحو 100 من جنود
القوات الخاصة الأميركية «تدريب
مدربي» فيالق الحدود
الباكستانية. إلا أن
الباكستانيين رفضوا الأسبوع
الماضي بناء شراكة أوثق، مشيرين
إلى أنهم سيرجئون المرحلة
القادمة من حملتهم ضد متطرفي «طالبان»
لستة أشهر. بوجه عام، يدور مفهوم الشراكة حول
المصالح المشتركة، ويوفر
القتال الأميركي ضد «طالبان»
لباكستان فرصة ذهبية لضمان
تأمين المناطق القبلية على
امتداد حدودها الغربية للمرة
الأولى في تاريخها - مع توافر
قوات أميركية ضخمة على الجانب
الآخر من الحدود يمكنها تقديم
العون. لن تبقى القوات الأميركية في أفغانستان
إلى الأبد، فكل حرب لها نهاية.
ولذلك، ربما يفوت الباكستانيون
على أنفسهم الفرصة الراهنة،
الأمر الذي سيكون بمثابة خطأ
تاريخي. لكن مثلما أدرك القادة
العسكريون الأميركيون أخيرا،
فإن هذه الحرب تبقى حربهم هم،
وليست حربنا. *خدمة «واشنطن بوست» ================== دول
مجلس الأمن تذعن لشركاتها أكثر
من قراراتها: الإستغلال والجشع، وراء 40 في المائة
من الحروب الأهلية بقلم
ثاليف ديينوكالة انتر بريس
سيرفس الأمم
المتحدة, يناير (آي بي إس) قدرت
الأمم المتحدة أن 40 في المائة
علي الأقل من الحروب الأهلية
التي إندلعت في الستين عاما
الأخيرة، قد أشعلت إما لإستغلال
موارد طبيعية كالماس والذهب
والأخشاب والكاكاو والنفط
والغاز، أو أججتها العائدات
المجنية من تجارة السلع
والمعادن الثمينة. ومع
ذلك، فقد أفادت منظمة "غلوبال
ويتنيس" (الشاهد العالمي)
للبحوث وحقوق الإنسان، ومقرها
لندن، أن الأمم المتحدة ودولها
الأعضاء "ضعيفة" و "غير
فعالة" في فرض العقوبات أو
تنفيذ القرارات ضد الدول
والجماعات المتمردة المتورطة
في مثل هذه النزاعات الأبدية
حول الموارد الطبيعية. كما
أفادت المنظمة، التي تواصل فضح
عمليات الإستغلال الفاسد
للموارد الطبيعية ونظام
التجارة الدولية الذي يغذي
العديد من الصفقات التجارية
المشبوهة، أفادت بأن الأهالي
المدنيين يقعون يوميا ضحية
القتل في إقليم شرق جمهورية
الكونغو الديمقراطية الممزق
بحروب أشعلتها التجارة
العالمية المربحة في المعادن
الثمينة. وعلي
الرغم من ذلك، فعندما يعتمد
مجلس الأمن، بإعتباره أقوي هيئة
في نظام الأمم المتحدة، عقوبات
ضد جمهورية الكونغو
الديمقراطية، فإن الدول
الأعضاء في المجلس ذاته وغيرها
تدأب علي رفض تنفيذها. كذلك
فتؤكد دراسة من 49 صفحة أصدرتها
المنظمة في 27 من هذا الشهر أن
هذا الإخفاق في مواقف الدول
يبلور إنعدام موقف متماسك
وإلتزام دولي بمعالجة هذه
النزاعات. وعلي
سؤال لوكالة انتر بريس سيرفس
عما إذا كان هذا الإخفاق من قبل
الدول الإعضاء يرجع إلي حمايتها
لمصالحها الخاصة في البلدان
المضطربة سياسيا، أجاب مايك
ديفيز من "غلوبال ويتنيس"
أن الأمر كذلك بالفعل. “هذا
صحيح، فعندما ترفض الدول
الأعضاء في الأمم المتحدة، بما
فيها أعضاء مجلس الأمن، تنفيذ
القرارات التي أصدرتها هي
ذاتها، لفرض عقوبات علي جمهورية
الكونغو الديمقراطية مثلا، فإن
هذا الرفض يرجع غالبا إلي مصالح
سياسية وإقتصادية خاصة بها". وأشار
إلي بريطانيا علي سبيل المثال،
التي تتردد في معاقبة شركاتها
أو عدم مراضاة حلفائها في منطقة
ما، كما حدث في رواندا، تعتبر
ممرا وقناة للنزاعات حول
الموارد الطبيعية وتستفيد
بصورة هائلة من هذه التجارة غير
المشروعة. وأضاف
ديفيز أن إنعدام الإلتزام من
قبل الدول الأعضاء في مجلس
الأمن وإنطلاقها من مفهوم أن
عدم وفائها بمسئولياتها سيمر
دون محاسبة، هو عنصر إضافي في
هذه المشكلة. وأكد
أن "محاسبة الشركات العالمية
التي تؤجج هذا النزاع يتطلب
جهدا ضئيلا نسبيا من القوي
العظمي، لكنه بما أن الأمر
يتعلق بجمهورية الكونغو
الديمقراطية فإن هذه القوي ليست
علي إستعداد لإتخاذ مثل هذه
الخطوة المتواضعة". هذا
وتذكر دراسة "غلوبال ويتنيس"
بأن نزاع جمهورية الكونغو
الديمقراطية، الذي يوصف بأنه
"حرب أفريقيا العالمية"،
ليس الأول من نوعه التي تلعب فيه
الموارد الطبيعية دورا مركزيا. ففي
التسعينات، فرض مجلس الأمن
عقوبات علي تجارة الأخشاب التي
كانت حكومة "الخمير الأحمر"
في كمبوديا تتحكم فيها، وكذلك
تجارة الماس التي كانت تخضع
للإتحاد الوطني لاستقلال
انغولا التام (يونيتا). كما نظر
مجلس الأمن في آواخر القرن
الماضي في التعامل مع الحروب
الدائرة حول الموارد الطبيعية
في دول كسييرا ليون، ليبريا،
وساحل العاج. أما
الأمم المتحدة فقد ذكرت أنه "علي
مدي العشرين سنة الأخيرة، عنت
واحدة فقط من عمليات حفظ السلام
في العالم، ونصفها في أفريقيا،
عنت بنزاعات تثيرها عائدات سلع
أساسية كالنفط والماس والمواد
المعدنية والأخشاب". وأضافت
دراسة "غلوبال ويتنيس" أن
نظام السلام والأمن الدولي "سيئ
التجهيز" لمواجهة التحديات
التي تفرضها هذه "الحروب
الممولة ذاتيا" في دول
كجمهورية الكونغو الديمقراطية،
أنغولا، كمبوديا، ليبريا،
سييرا ليون، وساحل العاج. كما
برهنت ال 15 دولة الأعضاء في مجلس
الأمن علي شللها أمام سلسلة من
النزاعات - بورما، زيمبابوي،
فلسطين- أساسا بسبب مصالح
سياسية وإقتصادية وعسكرية خاصة
بالخمس دول الأعضاء الدائمين في
المجلس والتي تمارس حق الإعتراض
(فيتو)، أي الولايات المتحدة،
بريطانيا، فرنسا، الصين،
وروسيا. وأخيرا،
نادت الدراسة الأمم المتحدة
بتأسيس لجنة رفيعة المستوي
لإعداد إستراتيجية شاملة
لمعالجة قضية "الحروب
الممولة ذاتيا". (آي
بي إس / 2010) ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |