ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 06/02/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عندما تتدحرج الأولويات الإستراتيجية في الوطن العربي

بوفلجة غيات

04/02/2010

القدس العربي

إن الأمن الإستراتيجي لأي أمة وأي دولة محترمة، يرتكز على مواجهة المخاطر الداهمة والمحتملة في المستقبل المنظور والمستقبل المتوسط والبعيد. لقد أصبحت الأوضاع الدولية أكثر تعقيدا وخطورة، وأصبح من غير الممكن الحفاظ على الأمن الإستراتيجي القطري، دون تعاون وتنسيق وتكامل مع دول أخرى في إطار مجموعة من الدول المتقاربة حضاريا ومصلحيا، وهو ما نجده بين الدول العربية.

لقد كان للعرب في أواسط القرن العشرين، إستراتيجية أمنية سليمة. فكان التنسيق الأمني بين الدول العربية، وكانت المواجهة للدفاع عن مصالحهم، حيث كانت العلاقات الإستراتيجية قوية بين مصر والدول النامية عموما، في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية. وكان الدفاع عن القضايا العادلة في فلسطين والجزائر قبل استقلالها، ومع الفيتنام والدول المحتلة عموما.

نفس الشيء كان مع الجزائر في عهد الرئيس هواري بومدين والذي كانت تربطه علاقات تعاون مع الرئيس المصري جمال عبد الناصر. وقد كانت الجزائر تعرف ب"قلعة الثوار"، فكانت لها مكانة دولية مرموقة، بسبب وقوفها مع القضايا العادلة في العالم، ولها أهداف إستراتيجية في إفريقيا ودول عدم الإنحياز ومختلف الدول النامية.

وهكذا كان العرب في عهد جمال عبد الناصر وهواري بومدين والملك فيصل، رحمة الله عليهم جميعا، لا يخشون المواجهة، لا بأمريكا ولا إسرائيل، فكانوا أقوياء بشعوبهم وبما لهم من دعم دولي. وقد كانت لهم ولشعوبهم هبة، وكان أعداؤهم يحسبون لهم ألف حساب.

أما في السنوات الأخيرة، وبعد رحيل القادة العرب، تدحرجت الأولويات الإستراتيجية عند الحكام العرب، فتحولت مصر من دولة عدوّة إلى دولة صديقة لإسرائيل، بل أصبحت أكبر متنفس للكيان الصهيوني، خاصة بعد تدهور العلاقات الإسرائيلية التركية.

كما تراجع الدور المصري في قارة إفريقيا، وأصبحت إسرائيل تحاصرها وتربط علاقات قوية مع دول منبع النيل. وليس بغريب إن جففت إسرائيل نهر النيل من منابعه، من خلال تشجيعها لتلك الدول على استهلاك كميات أكبر مما يخفض من الكميات التي تصل القاهرة. وقد فرّطت مصر في علاقتها بالسودان وتركته عرضة للصراعات والحروب والإنقسامات، وقد يختار قسمه الجنوبي الإنفصال عن الخرطوم، والتي هي عمق إستراتيجي لمصر.

كما أن دورها العربي تراجع، وكثرت مشاكلها وخلافاتها مع كثير من الدول العربية، مع سوريا وقطر والجزائر، وقطاع غزة، في وقت تعززت فيه علاقاتها مع إسرائيل، وهو ما يؤثر بدرجة كبيرة على أمنها الإستراتيجي ويجعل مصالحها مهددة.

وهكذا فإن مصر، أكبر دولة عربية، نجدها قد اختزلت أمنها القومي في بناء جدار فولاذي بينها وبين قطاع غزة وساهمت في محاصرته. وهي ترى أنها بذلك تحمي أمنها الإستراتيجي وأنها قضية داخلية وسيادية. في وقت كان يجب أن تحرس أمنها الإستراتيجي بوقوفها ضد إسرائيل والتي هي عدوّة، وستبقى عدوّة رغم وجود علاقات حميمة على المستوى الرسمي، وستبقى هذه العلاقات سطحية ومؤقتة. ذلك أن العلاقات المصرية الإسرائيلية غير طبيعية، وحتى إن اعتقد حكام مصر في هذه العلاقات، فلن تنال ثقة الإسرائيليين ولا الشعب المصري، ولن يطبّع الشعب المصري مع الكيان اليهودي في إسرائيل رغم وجود علاقات دبلوماسية بين الدولتين.

وهكذا كانت العلاقات الإستراتيجية بين الدول العربية عموما، بكونها تجمعا سياسيا وثقافيا وحضاريا، يشكل أمة متكاملة ومتعاونة، لتحقيق أهدافها الإستراتيجية المشتركة. إلا أنها تحوّلت في السنوات الأخيرة إلى تجمعات مجزأة ومتنافرة يطلق على الأول منها المشرق العربي، وعلى الثاني الخليج العربي وعلى الثالث المغرب العربي. وقد تمكن أعداؤهم من تقسيمهم، وزرع العداوة بينهم لأتفه الأسباب.

كما بدأت الدول والشعوب العربية ترى في الجامعة العربية شيئا شكليا وثانويا، حيث أصبحت الدول العربية ترى مصالحها القطرية فوق مصالح التجمع العربي. فظهرت ثقافة الإستعلاء، حيث ترى دول عربية أنها أفضل من غيرها ويجب أن يقدّرها الآخرون ويحترمونها، وأنها هي التي تقود الآخرين. وبهذا كثرت الخلافات والإنقسامات وكثر النفاق السياسي في علاقات الدول العربية فيما بينها، وأصبحت كثير من الدول العربية لا تظهر ما تبطنه، وتطلب ودّ إسرائيل في الخفاء.

من هنا تراجعت مكانة العرب وتعاظمت قوة أعدائهم ونفوذها. وهنا استخف أعداؤهم بهم وتراجعت اهتماماتهم الإستراتيجية.

لقد كان العرب في مرحلة سابقة، ملتزمون بالدفاع عن مصالحهم الإستراتيجية، وعن الأمن القومي العربي. أما الآن فتآكلت أهدافهم الإستراتيجية، وانفرط عقدهم وأصبحوا موضوعا لأطماع غيرهم واستهزاء أعدائهم. وهكذا أصبحت أرضهم مجالا حيويا للغير، حيث تتدخل الولايات المتحدة الأمريكية والدول الإستعمارية من بريطانيا وفرنسا في مصالحهم، وأصبحت إسرائيل تساهم في اختيار وتحديد قادتهم. كما أن إيران حصلت على منافذ ومواقع في الوطن العربي، أصبحت تستغلها في خدمة مصالحها الإستراتيجية. وقد بدأت تركيا تتحرك بدورها على الساحة العربية لملء الفراغ الذي تركه العرب بسبب فشلهم وتراجع أهدافهم الإستراتيجية، وبسبب هزائمهم المتكررة وصعوباتهم الإقتصادية والأمنية، وتخليهم عن التفكير في أمنهم القومي المشترك.

كما توسع العنف والإرهاب في الدول العربية، وانتشرت مظاهر التبشير والتشيّع، وكثر عملاء عرب يخدمون أعداء الأمة، وزادت الأزمات ومشاكل الفقر والبطالة، والصعوبات الإجتماعية والإقتصادية والأمنية. كما أدى غياب الديمقراطية إلى انتشار الفساد بكل أنواعه واغتراب الحكام عن الرعية، وبالتالي إلى تفاقم المشاكل وتعقدها في الدول العربية.

وهكذا، فإن فشل الدول العربية في الدفاع عن مصالحها الإستراتيجية وعن أمنها القومي، أدى إلى تراجع مكانة العرب بين الشعوب والأمم. إذ أصبح يطلب من الإنسان العربي الذي يعتز بكرامته، رغم ثراه وأمواله، أن يمر تحت الضوء الكاشف على الحدود، لكي يظهر عاريا كيوم ولدته أمه، مع زوجته وبناته. وهي قمة الإهانة التي أوصلنا لها قادتنا وحكامنا، بسبب تفريطهم في أمننهم القومي، واهتمامهم بقضايا داخلية بسيطة.

إن إهمال العرب للبعد الإستراتيجي العام والشامل، وعجزهم عن المواجهة السياسية والعسكرية مع أعدائهم، وبحثهم عن السلام المذل، عوامل ألحقت بهم المذلة والمسكنة. كما أن المشاكل تراكمت عليهم، ولحقتهم الإهانات والإعتداءات إلى عقر دورهم. فمتى يستيقظ العرب من سباتهم وغفلتهم، ويعودون إلى رشدهم؟.

كاتب جزائري

===========================

اوباما.. عام صعب ووعود عطلتها التحديات

نصوح المجالي

الرأي الاردنية

4-2-2010

من الطبيعي ان لا تقوى أي ادارة سواء كانت معينة أو منتخبة, كما هو الحال في العالم الديمقراطي من تنفيذ جميع الوعود التي تقدمها عادة في بداية عهدها.

فاللغة السياسية تغري بالوعود والاماني العريضة التي لا ينقصها حسن النوايا, لكن الممارسة على ارض الواقع شيء آخر, له حساباته التي تحكم مسار السياسات.

والرئيس اوباما ليس استثناء ورغم محاولته الخروج من ارث الادارة السابقة وسلبياته, وتحسين صورة الولايات المتحدة وعلاقاتها بالعالم الا ان ادارته ورثت صراعات خارجية كان من السهل بدأها وثبت ان من الصعب حسمها, والاخطر أن هذه الصراعات قد ولدت صراعات اخرى جانبية ذات طابع عرقي ومذهبي, تحولت مع الزمن الى حقول الغام ادخلت قوات الاحتلال في متاهات لها ابعاد دينية وتاريخية, تستعصي احياناً على الحل, فالتحيز لطرف دون طرف ادخل الاحتلال في الصراعات الدامية والانقسامات وحملات الانتقام المتبادل بين الاطراف الداخلية المتصارعة, حتى وصل الغزاة الى قناعة بأن النصر الحقيقي يكمن في الخروج من هذه الدوامة بأسرع وقت وهذا ما حدث في العراق وما تشير الاحداث الى حدوثه مستقبلاً في افغانستان..

الرئيس اوباما وعد بالكثير, داخلياً وخارجياً, لكنه التزم بانهاء الحرب غير الضرورية في العراق, ونقل الاهتمام الى المواجهة الدائرة في افغانستان التي اعتبرها مصدر الشر على الولايات المتحدة..

 

لكن الوضع العراقي يزداد اضطراباً وتناقضاً في الداخل وعنفاً, نتيجة للاهمال المتعمد من جانب الاحتلال, ومن جانب ايران وانصارها في الداخل للمصالحة الوطنية في العراق..

فالعنف الحاصل لغة بديلة للغة الحوار المفقودة بين اطراف الحكم واطراف المعارضة, وما عملية استبعاد مئات السياسيين في الانتخابات القادمة وعزل البعثيين واستمرار مطاردة القوى المعارضة الا تعبير عن الروح الثأرية التي تمارس فيها السياسة في العراق..

فأهل الحكم الذين ادانوا سياسات الابعاد والعزل والتصفية في العهد السابق, تبنوا النهج الذي ادانوه وعززوه بالقمع, والانفراد والتسلط الامني والسياسي.

والوضع لا يختلف كثيراً في المحصلة في افغانستان فالسياسة الخارجية الحربية التي ورثتها ادارة اوباما كانت بمثابة حقل الغام, يعرض الولايات المتحدة للتورط والخسارة كيفما تحركت فيه حتى لو قررت الانسحاب..

نقطة ضعف السياسية الاميركية ان الادارات الاميركية لم تكن تعرف سوى القليل عن الصراعات والتناقضات التاريخية التي تحكم هذه الشعوب, وانها استندت الى القوة والعنف واهملت دبلوماسية التوفيق والمصالحة..

اما الوجه الاخر للاحباط الذي اصاب الرئيس اوباما فهو مبالغته في قدرة الولايات المتحدة على تحقيق السلام في الشرق الاوسط..

لقد كان اوباما جاداً في مساعيه لكن القضايا الاميركية الداخلية الاقتصادية والضغوط التي مارستها القوى المؤيدة لاسرائيل في الساحة الاميركية ابطأت قدرة الادارة الاميركية وتفاؤلها بالحل..

 

لكنها المرة الاولى التي يدرك فيها رئيس اميركي أن مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في الشرق الاوسط, مرتبطة بشكل مباشر بايجاد حل مقبول في الشرق الاوسط, مما يشير الى ان تجربة السنة الماضية لم تكن سوى استكشاف لنوايا الاطراف المعنية ومعرفة الحقائق على الارض, قبل الدخول في نشاط آخر مكثف, يأخذ شكل تحالف دولي نشط من اجل السلام..

 

نتنياهو يدرك أن ليّ يد الولايات المتحدة في النهاية له ثمن, وان حكومته غير قادرة على دفع هذا الثمن, وان الادارة الاميركية لن تتوقف عند العقبات التي افتعلتها اسرائيل, وان العالم بدأ يستفيق تدريجياً على خطورة السياسات الاسرائيلية في المنطقة, ولهذا بدأ نتنياهو يتحدث عن دولة فلسطينية بشروط اسرائيلية, اما الرئيس اوباما فلم ييأس من الحل وان كان قد أحبط, لكنه ادرك ان قضية الصراع العربي الاسرائيلي لن تحل بلمسة ساحر وان تعزيز الدور الاميركي في قضية السلام يتم بتحالف دولي يمهط الطريق لايجاد سلام مقبول ومتفق عليه في المنطقة, على اساس حل الدولتين وايجاد مناخ جديد في علاقات دول الاقليم بعد انهاء الاحتلال يسمح باقامة علاقات طبيعية كثمرة لانهاء الصراع بين دول المنطقة..

===========================

موضوعية أردوغان وانحياز برلسكوني

علي الصفدي

4-2-2010

الدستور

يتسم موقف رئيس وزراء تركيا إزاء إسرائيل بالموضوعية وينسجم تمام الانسجام مع معطيات القانون الدولي وقرارات الشرعية الأممية الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والهيئة العامة للأمم المتحدة التي تقر بالحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني في استعادة أراضيه المحتلة التي سلبتها إسرائيل منه دون وجه حق ، وإزالة الاحتلال الاستيطاني غير المشروع عنها ، وحقه في نيل حريته واستقلاله وإقامة دولته المستقلة على تراب وطنه وفق ما نصت عليه العديد من القرارات الدولية ، وما تضمنته خريطة الطريق والرؤية الأمريكية حول حل الدولتين والتي أقرتها وتعمل على أساسها اللجنة الرباعية الدولية ، والتزاماً من أردوغان بميثاق حقوق الإنسان فإنه يرفض أن تقف بلاده موقف المفترج تجاه قتل الأبرياء بلا رحمة ويعلن أنه لا يمكن السكوت على استخدام إسرائيل للقنابل الفسفورية وتدمير البنية التحتية لقطاع غزة وتحويله إلى سجن مفتوح مما يتعارض مع حقوق الإنسان ، ويحذر إسرائيل أنها ستخسر علاقتها بتركيا نتيجة لهذه الممارسات.

 

ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل قد اعترفت ولأول مرة يوم أمس الأول أنها استخدمت قذائف الفسفور الأبيض المحرمة دولياً خلال عدوانها العسكري الشرس على قطاع غزة العام الماضي ، وأنها - وذراً للرماد في العيون - قد اتخذت إجراءات تأديبية بحق اثنين من كبار ضباطها المسؤولين عن تنفيذ الهجوم الفسفوري على أحد المباني التابعة لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين في غزة.

 

فبينما يقف أردوغان إلى جانب الحق ويدين الانتهاكات الإسرائيلية فإن رئيس وزراء إيطاليا سيلفيو برلسكوني ينحاز كلياً إلى الباطل الإسرائيلي ويعبر في ارتياحه لأنه جعل إيطاليا الصديقة الأوروبية الأقرب إلى إسرائيل ، ويتطلع إلى عقد اجتماع مشترك بين حكومته وحكومة بنيامين نتنياهو سيتم عقده في القدس خلال زيارته لإسرائيل ، ويكرر إعلانه أنه كان دائماً إلى جانب إسرائيل ، فبالرغم من خروقاتها المتواصلة للقانون الدولي وتنكرها لقرارات الشرعية الدولية وممارساتها العدوانية المستمرة ضد الفلسطينيين ، وإمعانها في مواصلة الاستيلاء على أراضيهم عن طريق استعمارها وتوسيع نطاق احتلالها الاستيطاني الإقصائي لها في زمن أخذ فيه الاستعمار الاندحار والتلاشي في العديد من أنحاء العالم ، فإن بعض الساسة الأوروبيين أمثال برلسكوني ما يزالون يتغاضون عن الممارسات اللاإنسانية واللامشروعة التي تقوم بها إسرائيل ويعلنون التقرب منها والانحياز إلها ، مما يجعلها تصعّد من عدوانها وغطرستها ، وتواصل استهتارها بالمساعي الدولية الرامية إلى تحقيق التسوية السلمية النهائية في الشرق الأوسط ، فحلفاؤها كثيرون ويتمتعون بنفوذ سياسي دولي كبير يحول دون إدانتها ودون تحويلها إلى المحكمة الجنائية الدولية على ما ترتكبه من جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وما تقوم به من انتهاكات وممارسات.

===========================

الحرب القادمة

خليل قنديل

الدستور

4-2-2010

كل المؤشرات تدل على ان الحرب قادمة على هذه المنطقة وكل المؤشرات تقول: إن الاستعدادات اللوجستية لهذه الحرب قداستكملت شروطها. فأن يقف مسؤول ايراني وسط البرلمان الكويتي محذراً "الكويت طبعا" ودول الخليج من مغبة السماح للقوات الامريكية المتواجدة في الخليج بضرب المنشآت العسكرية الايرانية فهذا يعني ان الامور وصلت عسكرياً الى عنق الزجاجة الحربية الخانق. وان احتمال وقوع الحرب بات مسألة وقت فقط.

وأن تقوم الولايات المتحدة وبعد هذا التحذير مباشرة بنشر منظومة صواريخ في اربع دول خليجية هي الكويت وقطر والبحرين والامارات لمواجهة اي عدوان ايراني محتمل فهذا يعني ان المواجهة العسكرية بين ايران وامريكا وقوات الناتو عموماً قد اقتربت من ساعة الصفر.

وان تظل اسرائيل تتوعد وتهدد النمو الايراني المتصاعد فيما يخص التجارب النووية وتظل امريكا تطالب اسرائيل بضبط النفس وان لا تتخذ قرارها منفردة فهذا يعني ان الحمق الاسرائيلي الذي تكرر تاريخياً في اكثر من هجوم قادته ضد ارادة تحالفها مع امريكا يمكن ان يحدث اليوم قبل غد.

واول امس قام الجيش الاسرائيلي بعملية مناورات في صحراء النقب للتدرب على حرب حقيقية يمكن ان تحدث على الجبهة السورية الشمالية اشتملت على مشاركة لقوات اسرائيلية جوية وبرية واشتملت عملية المناورات هذه على تشكيل ديكورات مشابهة لقرى سورية على الحدود السورية الاسرائيلية وهذا يعود بالمشاهد الى تلك المخيمات التي اقامها الجيش الاسرائيلي في مناورة كانت سابقة لمحاولة هذا الجيش احتلال غزة.

والمناورة العسكرية الاسرائلية هذه تهدف - ايضاً - التدرب على ضرب قواعد حزب الله وكسر شوكته باعتماد التقدم في الاراضي اللبنانية بقوات اسرائيلية المحمية بالقوات الجوية الاسرائيلية.

هذا عداك عن المدمرات الامريكية التي تربض في الشواطئ الاسرائلية بانتظار ساعة الصفر والاعلان عن المعركة.

والغريب ان ما يقابل كل هذا الاستعداد العدواني الاسرائيلي عربياً هو الغياب العربي الكامل لمواجهة مثل هذه الاستعدادات. لا بل ان السياسة العربية لم تنهمك في النشاط السلمي طوال تاريخها مثلما هي منهمكة مثل هذه الفترة فالزيارات التي يقوم بها ميتشل مازالت قائمة على قدم وساق والمبادرات الدولية الخاصة بالسلام قائمة ايضاً وخريطة الطريق العرجاء مازالت قائمة ومبادرة السلام العربية مازالت قائمة ايضاً.

اسرائيل استكملت شروط المعركة القادمة ووزعت الكمامات الواقية على سكانها اما نحن فما زلنا نحلم بوهم السلام وبتلك الحمامة البيضاء المريضة وبغصن الزيتون المعوج

===========================

الضباب الإقليمي ينعكس انكفاء عن المواجهة

وذكرى الحريري ومغنية اختبار للهدنة والتسوية

هيام القصيفي

بدأت الاوضاع المتعثرة التي تعيشها المنطقة تتوضح منذ ان فشلت الاتصالات في ترتيب زيارة الرئيس المصري حسني مبارك للسعودية وعقد لقاء ثلاثي مع العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد في منتصف كانون الثاني الفائت، هو ما ادخل لبنان مجددا في مرحلة ضبابية.

ورغم محاولات البعض تصوير الامور كأن لبنان يعيش أفضل أيامه، فإن ثمة مؤشرات بدأت تظهر لتخفف الاندفاعة التي كانت انطلقت بها الاكثرية والمعارضة قبل تشكيل الحكومة وبعدها، لاعادة ترتيب البيت الداخلي وفق المفاعيل التي كرسها اتفاق الدوحة والتفاهم السوري السعودي لاحقا، الذي كرس مفاهيم لا علاقة لها بالطائف او الدستور .

وتلفت مصادر سياسية مطلعة الى جملة معطيات رسمت مشهدا مختلفا للوضع الداخلي عما كانت البلاد تعيشه، جعلت فريقي الحكم يتلطيان خلفها للتستر على كمّ المشاكل التي يتعايشان معها تحت وطأة الظروف الاقليمة المتوترة. وتشير الى انه ليس أمرا عابرا أن يغرق لبنان في مشاكل روتينية من مكونات أي حياة سياسية عادية، فيما تقرع طبول الحرب – اعلاميا – في تل ابيب وفي عدد من مراكز الابحاث وفي لندن وباريس وواشنطن، وترافقها تهديدات اسرائيلية متكررة في شكل تصاعدي، ونشر واشنطن درعا صاروخية في دول الخليج.

منذ تأليف الحكومة قبل ثلاثة أشهر، توالى فتح الملفات الداخلية، وما يفتح ملف حتى يقفل على زغل ومن دون التوصل الى خاتمة نهائية له، على غرار ما حصل في ملف التعيينات الادارية والامنية التي غرق في مياهها الكثيرون من دون طائل، الى الانتخابات البلدية وخفض سن الاقتراع وتقسيم بيروت. ولعل أفضل تعبير عن هشاشة فتح هذه الملفات رؤية وزيرين من الحكومة لما يجري داخلها، إذ يقول وزير من المعارضة المسيحية ان فريقه لن يقبل تحت سقف التهدئة امرار مشاريع واقتراحات ترتد سلبا عليها، في وقت ينكفىء وزراء المعارضة الشيعية عن خوض أي معاركة حادة ضد الاكثرية، في حين أن وزيرا من الاكثرية يعتبر ان النقاشات في المجلس لم تصل الى الحدة، كأن الجميع يعرفون انها تحصل تحت سقف مضبوط سياسيا بحيث يتفق الجميع على أن أي تطور سلبي محكوم بأن يؤجل حتى لا يؤدي الى ما لا يتحمل أحد عواقبه راهنا.

يشكل هذا التناقض في الرؤية دليلا واضحا على التغيرات التي حكمت عمل الحكومة منذ أن زار الرئيس سعد الحريري دمشق في النصف الثاني من كانون الاول الماضي. فالزيارة التي أشاعت أجواء لبنانية أوحت انها استعادة للدور السوري في لبنان، وسرعان ما تبددت بفعل التعثر الاقلمي في إدارة ازمة المنطقة. من هنا جاء توالي الاحداث ليعطي منحى مغايرا لكل ما دار من تكهنات حول تطور مسار الوضع اللبناني فبدل أن يزور رئيس الوزراء السوري ناجي العطري بيروت في كانون الثاني الفائت كما كان متوقعا، زارها أمين سر حركة "فتح –الانتفاضة" "ابو موسى" مطلقا سلسلة مواقف تصعيدية. وفي وقت كان الحريري يزور مصر، كانت عبوة معدة للتفجير تكتشف في جبل محسن، فيما يتهم النائب السابق علي عيد النظام المصري للمرة الثانية بتدبير التوتر في طرابلس.

وجاءت مشاركة الحريري في مؤتمر البريستول وردود المعارضة عليها، لتضاعف حجم انعكاس المشكلة الاقليمية على الساحة الداخلية، رغم أن الحريري هو المعني الاول والاخير بذكرى اغتيال والده، ومشاركته في مثل هذا اللقاء تأتي طبيعية وتلقائية. في حين ان الرد السوري كان استقبال أحد أبرز رموز المرحلة السورية السابقة الرئيس اميل لحود بعد اعادة تعويم دوره في اللقاء الذي جمعه مع العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجيه.

وبحسب المصادر السياسية نفسها، فإن قيادتي الاكثرية والمعارضة تدركان تماما أن عودة الكباش الاقليمي عاد ليحتل صدارة الحدث، فواشنطن لم تعين بعد سفيرها في دمشق، والتموضع التركي الجديد يقلق العرب السنة قبل غيرهم، والدور الفرنسي لم يتقدم الى الحد الذي يمكنه الحلول محل الديبلوماسية الاميركية لتحييد لبنان عن الصراع الذي تعيشه المنطقة.

من هنا، تبدو المراوحة والانصراف الى ملفات داخلية مداورة، وآخرها مشاركة لبنان في القمة العربية المقررة في ليبيا، جزءا من عدة الشغل للوقت الضائع. في حين أن أمام الفريقين استحقاقا مهما في 14 شباط في ذكرى اغتيال الحريري، وما يمكن ان يقوله "حزب الله" في ذكرى اغتيال القيادي عماد مغنيه قولا أو فعلا. ومن شأن المناسبتين ان ترسما آفاق المرحلة المقبلة، فإما العودة الى التوتير الداخلي واطاحة كل التعهدات والتطمينات، واما انعاش مرحلة التعايش بين الفريقين ووضع كل الخلافات مجددا في الجليد اللبناني، في انتظار انقشاع غيوم المنطقة التي تراوح بين عقوبات اقتصادية متزايدة على طهران وارتفاع منسوب احتمالات الحرب، فيما يغرق لبنان في رمال البلديات المتحركة.

===========================

أفغانستان وفيتنام هل يعيد التاريخ نفسه؟

بقلم :احمد عمرابي

البيان

4-2-2010

هل يمكن القول الآن إن الولايات المتحدة، بإجرائها اتصالات سياسية غير مباشرة مع قادة حركة طالبان الأفغانية، قد قررت وضع نهاية لحربها في أفغانستان، بما يمهد لإنشاء حكومة وحدة وطنية في كابول تكون الحركة شريكاً بارزاً فيها؟

تقول صحيفة «هيرالد تريبيون» الأميركية، إنه على مدى أسابيع تتردد أحاديث في العاصمة الأفغانية كابول، عن مناقشات بين حكومة حامد قرضاي الموالية لواشنطن، وما يطلق عليه «هيئة الشورى» الكائن في مدينة كويتا الباكستانية.. وهو مجلس يعتبر بمثابة مقر قيادة طالبان في الخارج.

 

وتدور هذه المناقشات، وفقاً للصحيفة، حول صفقة مفادها إشراك حركة طالبان في السلطة، على أن يبقى قرضاي محتفظاً بمنصب الرئاسة.

 

هذه الأحاديث لا يجوز تسفيهها بالمطلق، إذا أخذنا في الاعتبار أن مجريات الحرب الأميركية في الأراضي الأفغانية، تنتقل من سيئ إلى أسوأ، بما يفيد أن الولايات المتحدة تجد نفسها على طريق يفضي بها إلى هزيمة حاسمة، على غرار ما جرى للقوات الأميركية في حرب فيتنام خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن المنصرم. إضافة إلى ذلك، هناك مؤشرات تعزز هذا الاستخلاص.

تقول الهيرالد تريبيون إن المسؤولين الأميركيين والسياسيين الأفغان الموالين للولايات المتحدة، توصلوا معاً إلى قناعة نهائية بأن من المستحيل تحقيق انتصار حاسم ضد قوات طالبان، وبالتالي فإن المخرج الوحيد المتاح أمام واشنطن للانسحاب بشرف، هو التوصل إلى تسوية سياسية مع قيادة الحركة، وان هذه التسوية لا يمكن تحقيقها إلا بإشراك طالبان في السلطة.

حتى الآن، ظلت الإدارة الأميركية تتفاوض مع قيادة الحركة بصورة سرية وغير مباشرة. لكن هذه المفاوضات اصطدمت مع قضيتين. فمن ناحية كانت الولايات المتحدة تصر على ان أية تسوية يجب ان تتضمن موافقة قادة طالبان على إلقاء السلاح.. ومن ناحية أخرى أن تلغي الحركة تحالفها مع تنظيم «القاعدة».

في المقابل، كانت قيادة طالبان تصر على ان أية تسوية يجب ان تتضمن انسحاب القوات الأميركية من الأراضي الأفغانية، قبل ان تبدأ أي محادثات رسمية بين الجانبين.

لماذا إذن تغير موقف واشنطن بحيث انها أصبحت تدعو إلى إشراك طالبان في السلطة على أساس إنشاء حكومة وحدة وطنية؟

 

كما أفادت التجربة الفيتنامية، فإن الشروط من هذا الطرف أو ذاك، تقررها الأوضاع العسكرية الميدانية على أرض المعركة. وهذه الأوضاع تتطور الآن لصالح قوات الحركة الأفغانية.

في هذا الصدد تجمع الوسائل الإعلامية الأميركية، على أنه بينما أصبحت قوات طالبان تقاتل بصورة أكثر شراسة من أي وقت مضى، منذ ابتدرت الولايات المتحدة إشعال الحرب في عام 2001، فإن الجنود الأميركيين يتساقطون في الميدان بأعداد متصاعدة يومياً. وقد بلغ عدد القتلى الأميركيين في عام 2009 المنصرم، ضعف عدد من قتلوا في عام 2008.

وجاء في تقرير أعده رئيس الاستخبارات العسكرية الأميركية في أفغانستان، الجنرال مايكل فلين ونشرت مقتطفات منه في صحف أميركية، «ان فاعلية وتأثير حركة طالبان ازدادت». وحذر الجنرال فلين من أن «الوضع خطير»، مشيراً إلى ان «القدرات التنظيمية لحركة طالبان وقدراتها العملية، تعتبر ذات نوعية وذات انتشار جغرافي».

ومما يؤكد خطورة هذا التقرير، تصريح من الجنرال ستانلي مكريستال قائد القوات الأميركية في أفغانستان لصحيفة «فاينانشيال تايمز» اللندنية، أعلن فيه بصراحة: «يكفي ما حدث من قتال». وكان قبل أسابيع معدودة قد قال إن تيار القتال يتحول ضد طالبان.

 

على هذه الخلفية فإن السؤال الذي ينبغي أن يطرح هو: ما هو السيناريو المرسوم للانسحاب الأميركي النهائي من أفغانستان؟

بالطبع لا يصح أن نتوقع من إدارة الرئيس أوباما ان تقول للرأي العام الأميركي وللعالم، ان الولايات المتحدة قررت الانسحاب لكي تتفادى هزيمة حاسمة صارت وشيكة.. وإذن، لا بد من اختلاق مبرر أو مبررات «معقولة» تحفظ ماء الوجه، وتجعل في الوقت نفسه قرار الانسحاب يبدو حكيماً ومقنعاً.

هنا تبرز التجربة الأميركية في فيتنام.

 

عند بوابة عقد السبعينات، ابتدع الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون صيغة «فتنمة الحرب»، أي ترك الفيتناميين يقاتلون بعضهم البعض، بعد أن تصفي الولايات المتحدة وجودها العسكري هناك.

إلى جانب القوات الأميركية، كان يقاتل جيش حكومة فيتنام الجنوبية ضد عدو مشترك، هو قوات الثورة الفيتنامية. وكانت خطة الرئيس نيكسون تقضي بأن يتواكب مع انسحاب القوات الأميركية، تقديم دعماً عسكرياً للجيش الحكومي الفيتنامي، حتى يستطيع الصمود أمام قوات الثورة.

 

الآن نسمع شيئاً من هذا القبيل من كبار مسؤولي إدارة أوباما، بما يمكن إدراجه تحت عنوان «أفغنة الحرب»، أي تحويلها إلى حرب أفغانية أفغانية، ليواصل جيش حكومة قرضاي مقاتلة قوات طالبان بعد انسحاب أميركي كامل.

لكن، سواءً في الوضع الفيتنامي أو الوضع الأفغاني، فإن الظاهر لا ينطبق تماماً على الباطن.

في مشروع «الفتنمة»، كان الرئيس نيكسون يعلم علم اليقين أنه بمجرد استكمال الانسحاب الأميركي من فيتنام، فإن جيش الحكومة الفيتنامية العميلة سوف ينهار أمام قوات الثوار.

وأغلب الظن الآن أن الرئيس أوباما يدرك أن الجيش الحكومي في أفغانستان، سيلاقي نفس المصير على أيدي طالبان.

كاتب صحافي سوداني

===========================

الحرب الإلكترونية بين أمريكا والصين

آخر تحديث:الخميس ,04/02/2010

عبد الزهرة الركابي

الخليج

لم تكن معركة محرك البحث الأمريكي (غوغل) الأخيرة مع السلطات الصينية، حادثة عابرة أو مجرد تنافس تجاري في سوق المعلومات الإلكترونية أو الإنترنت وحسب، وإنما هي مؤشر ملموس على اشتداد الحرب الإلكترونية بين واشنطن وبكين، حيث جاءت هذه المعركة إثر قيام الصين بتعطيل محرك البحث الأمريكي العملاق (غوغل)، واستخدام محرك البحث الصيني (بايدو) بدلاً منه، والجدير بالذكر في هذا الجانب أن الصين التي هي أكثر دول العالم سكاناً، تملك أكبر عدد من مستخدمي الإنترنت في العالم، وهي في هذا الجانب تتفوق على أمريكا نفسها، كما أنها عملت في السنوات الأخيرة على تطوير وقدراتها القتالية الإلكترونية وتحسينها، ووفقاً لتقرير أصدرته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) في وقت سابق، يتعلق بالقدرات العسكرية للصين، فإن الجيش الصيني يحاول ضمان توفر المعدات والخبرات المدنية في الكمبيوتر لتساعده في تدريباته وعملياته، وهو لهذا يستعين بالأكاديميين ومعاهد وشركات تكنولوجيا المعلومات لدمجهم في وحدات دعم للجيش في العمليات العسكرية .

 

والشيء الذي يُحسب للصين، هو أنها تحسبت وتنبهت جيداً لأهمية الحرب الإلكترونية منذ حرب الخليج الثانية، عندما شل سلاح الجو الأمريكي في تلك الحرب، قدرات الأنظمة الدفاعية العراقية، بعدما دمر البنية الاتصالية التحتية للقيادة، ما أثار قلقاً واسعاً لدى بكين في ذلك الحين، الأمر الذي دفعها للبحث عن طرائق مبتكرة لمقاومة التفوق التكنولوجي الأمريكي في آسيا، وقد وجدت الصين ضالتها في اعتماد أمريكا تكنولوجيا المعلومات والأقمار الصناعية، فإذا تم تدمير أنظمتها الإلكترونية، فسوف تتمكن من الفوز بالحرب التكنولوجية في المستقبل .

 

ومن الواضح أن الصين قامت بتشكيل وحدات خاصة بحرب المعلومات أو الحرب الإلكترونية، وصل عددها إلى 33 وحدة في العام ،2008 تتوّزع على الجامعات ومراكز البحوث الحكومية وشركات المعلوماتية، وتتكون من عناصر شابة لا تتعدى ال 45 عاماً من العمر، لديها خبرات كبيرة في المعلوماتية اكتسبتها عبر عملها في شركات مدنية تعمل في التكنولوجيا الرقمية، وكذلك فإنها تعرف لغة أجنبية أو أكثر كي يسهل عليها جمع المعلومات، إضافة إلى العناصر التي تأتي من المجال الأكاديمي .

 

وإذا كان الجانبان السياسي والعسكري من أهم جوانب الحرب الإلكترونية بصورة عامة، فإن هناك جوانب أخرى، تسهم في دينامية اشتعالها واتساعها، وهذه الجوانب تتعلق بالبنية التحتية لأسواق مالية ومعلومات عن الطيران وغيرها .

 

هذه الدوافع المختلفة للحروب الإلكترونية أدت إلى تزايد الهجمات الإلكترونية المعلن عنها عام 2007 لتعترف بخطرها وزارة الدفاع الأمريكية رسمياً، والتي قال متحدث باسمها، (لقد شهدنا محاولات من جانب دول ومنظمات خارجة عن حكم دولها للوصول إلى أنظمة معلومات وزارة الدفاع) .

 

وعلى كل حال، يخطىء من يظن أن الخلاف الإلكتروني الذي نشأ مؤخراً بين واشنطن وبكين، هو أول معركة بين الطرفين، من واقع أن واشنطن سبق لها أن أعلنت في السنوات الأخيرة، عن حدوث خروقات صينية في مواقعها الإلكترونية المهمة والاستراتيجية، بيد أن المعركة الأخيرة أجبرت الطرفين الأمريكي والصيني، على الاعتراف بحقيقة الحرب الإلكترونية القائمة بينهما منذ سنوات، وتأكيداً لهذه الحرب، فإن أمريكا في الأعوام الأخيرة وجهت إلى الصين اتهامات مباشرة أو غير مباشرة، بشأن عمليات الخرق التي تعرضت لها مواقع أمريكية مهمة مثل: إغلاق الشبكة الإلكترونية لكلية الحرب البحرية تماماً بفعل هجوم صيني، وقد حدد هدف الهجوم في مجموعة الدراسات الاستراتيجية التي كانت وقتها تطور مفاهيم الحرب الإلكترونية .

 

إصابة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بمكتب الصناعة والعلوم بوزارة التجارة بأعطال جعلتها لا تتصل بشبكة الانترنت لمدة شهر كامل، وهذا المكتب هو المسؤول عن الصادرات التكنولوجية المتقدمة .

 

تعطل أنظمة الاتصال (البريد الإلكتروني) بمكتب وزير الدفاع من دون أن يسمي البنتاغون مصدر الهجوم، وإن كانت تقارير إعلامية وجهت أصابع الاتهام إلى الصين .

عموماً، فإن العمليات الهجومية الإلكترونية تشترك فيها حوالي 120 دولة، ولذلك، فإن الخبراء يتوقعون، أنه في غضون عشرة إلى عشرين عاماً ستتسابق دول العالم إلى زعامة الحرب الإلكترونية .

===========================

أقتل ولا تدع أحداً يرى

نصري الصايغ

السفير

4-2-2010

نصح وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر (الحائز جائزة نوبل للسلام) صديقه رئيس وزراء العدو اسحق رابين (الحائز ايضا جائزة نوبل للسلام) بتكسير الكاميرا، ومنعها من تصوير المشاهد ونقلها إلى العالم إبان حملة تكسير عظام أطفال الحجارة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى.

المعادلة هي: اقتل، ولا تدع أحداً يرى كيف تقتل.. عندها يتحول القتل إلى فعل مجهول والقتيل إلى رقم.. وتتناقل وكالات الأنباء بعد ذلك، أخباراً إنشائية، لا إحساس فيها، لا لون فيها ولا وجع فيها، ولا دماء تلطخ أيدي القتلة.

الكاميرا حاضرة في زوايا الأرض، مثلها مثل أجهزة التنصت، مثل أجهزة الكشف عن بعد، ولكنها غائبة عن المذبحة اليومية، التي تحصل في بلدان عربية وبلدان آسيوية... الكاميرات الدولية مشغولة بأوشفيتز. تنقل على مدار الساعة وببث مباشر، الحضور الدولي استنكاراً لمذبحة وإبادة ارتكبتها النازية الأوروبية، بحق اليهود... وآخرين مكتومي الحضور في وسائل الإعلام.

تحضر الكاميرا، ومعها وسائل البث المباشر، لنقل وقائع الحرب الفرنسية على «البرقع»، وكأن هذا البرقع، القادم من مجاهل الجهل الديني، يهدد الهوية الفرنسية بالاجتياح والاحتلال... الكاميرا حاضرة وكذلك أدوات البث، لنقل وقائع النقاش حول البيئة في كوبنهاغن، وفي قمة دافوس المذهبة، وفي مؤتمر لندن «اليمني»... ولكنها غائبة عن الأزمة الاقتصادية العالمية وكوارثها الطاغية على فقراء المدن، في كل بقعة من بقاع العالم. ولولا بعض أقلام، لما عرفنا أن مدينة ديترويت الأميركية، تاج الحواضر الصناعية، بانية مجد السيارات الأميركية، تحولت إلى مدينة أشباح، ومن بقي فيها، يعيش على الكفاف. فكيف حال ضواحي المدن في العالم الثالث؟

الكاميرا حاضرة حيثما يفترض أسياد العالم والمال أن تكون موجودة، وممنوعة من الحضور في مناطق العار الدولي، إلا في المناسبات، والطريقة مجتزأة، حيث لا مفر من إثبات الوجود.

الكاميرا غائبة كليا عن صعدة في شمال اليمن.. الإعلام يصور جنوداً أنيقين، وطائرات من دون طيار، وضباطاً بلباس فاخر، ومسؤولين على مقاعد مذهبة... الكاميرا لم تنقل ما تتناقله وسائل إعلام بدائية عن مجازر يرتكبها القصف بحق أطفال ونساء وشيوخ ورجال، تقطعت أوصالهم، بترت أياديهم، لم يجدوا من يدفنهم، ومن بقي منهم على قيد، ما بين الحياة والموت، يتعثر بدموعه وآلامه، بحثاً عن مكان يلجأ اليه، قبل أن تدهمه غارة ثانية.

إنها غائبة عن مناطق القصف الجوي في أفغانستان، حيث طيران الإبادة يحلق عاليا ضارباً الرقم القياسي في قتل الأبرياء، بحجة مطاردة الإرهابيين... إنها غائبة عن مجاهل باكستان المتروكة في العراء، لقصف منهجي متتابع، لا حدود زمنية له... انها غائبة كليا عن الفضيحة وحاضرة حيث يكون أوباما المعسول، لتبارك نواياه، وتبرز طيبته، وتبرر عجزه..

الكاميرا غائبة عن الأنفاق في غزة، ومن يدفن حياً فيها، ومتغيبة عمداً، عن شعب، تعداده مليون ونصف مليون، يعيش في ما لا يوصف من فقر وحاجة ومذلة وركام في غزة... الكاميرا غائبة عن فظائع الجدار الفاصل بين فلسطين وفلسطين، وبين أحياء في بغداد، وبين العراق وسوريا.

الكاميرا غائبة، بقرار يومي، يمنع وسائل الإعلام المقبوض عليها، وهي بنسبة 95% من الإعلام العالمي، من نقل، مجرد نقل سطحي، لأي مشهد درامي، يسيء إلى صورة الأميركي، التي شاء العالم أن تكون اليوم، على صورة باراك أوباما... وصورته، لا يجوز تلطيخها بالدم. علماً بأن الوضع الدولي، وسفك الدماء، ازداد كثيراً، عما كان عليه، في زمن سلفه جورج دبليو بوش.

قد تكسب الكاميرا العمياء معركتها، إذا كان من يراقبها أعمى مثلها. ولدينا في العالم العربي، أعداد مليونية، قررت أن تسبل عيونها، وأن تحجب أنظارها، وأن تمتع أبصارها، بما لذ وطاب من كرنفال النفاق السياسي العالمي.. شعوب تحب قاتلها.

قد تكسب الكاميرا العربية الرسمية المعركة، فهي مشغولة دائماً، بتنظيف السلطة، وتبييض صفحتها، وتأهيل الورثة فيها، والتعتيم على سراديب الحل والسياسة والجنس والرخص والتفاهة. غير أن عيونا أخرى، لم تلوثها عوارض الزيف، ولا تزال قادرة، على تخيل ما يحدث، وإعادة تصويره في وعيها، ومتابعة الأحداث، وفق ما هو متجاهل من وسائل الإعلام العالمية، ووفق ما هو معلوم باليقظة والمعرفة والوعي.

لقد أسقطت وسائل الإعلام الغربية دولا وشعوباً من دون طلقة وهذا ما تمارسه في إيران.. فتحت دول وشعوب أبوابها وسياداتها وثقافاتها، لغزو ناعم، قادته وسائل إعلام بالغة النعومة، ودقيقة التصويب. لقد استطاعت أن تغير أراضيَ ودولا وثقافات ومعتقدات وأديانا، ولكنها، لم تستطع أن تجعل الاحتلال جميلاً. ولم تعرف كيف تحول طعم القتل ليصبح لذيذاً.

لذا، فحيث يكون الاحتلال، لست بحاجة إلى كاميرا، بل إلى سلاح. وحيث يكون قتل، لست بحاجة إلى دموع، بل إلى قبضات. الأمران متوافران، برغم الصعوبات.

لذا: زمن الكاميرا إلى حين.. وزمن القبضات، إلى كل حين. فهل لا تزال المعركة في أولها؟

على الأرجح، أنها كذلك.

===========================

نظام نهب الأموال العربية

السفير

4-2-2010

سلامة كيلة

منذ انفجار الأزمة المالية العالمية في أيلول عام 2008 والرقم المتكرر لخسارة الرأسماليين العربي تتمحور حول 2,5 تريليون دولار. هذا ما كرره الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية أحمد جويلي. وأظن أنه يكرر رقماً أشار إلى الخسارة مع وقوع الأزمة، أي قبل أكثر من عام، حيث صدرت تصريحات على لسان وزير كويتي تدعمت بدراسات متعددة أشارت إلى هذه الخسارة في فترة حدوث الأزمة. وبالتالي يجب ملاحظة الخسارات اللاحقة، بما في ذلك ما حدث لإمارة دبي.

والرقم مهول، وسيكون مهولاً أكثر حينما نعرف بأن الرأسمال الخليجي كان قد بلغ حوالى 3 تريليونات دولار قبيل بدء الأزمة، حسب ما أشار هنري كيسنجر في مقالة له على أبواب الأزمة (أي بداية شهر أيلول من عام 2008). بمعنى أن الخسارة هي خمسة أسداس المال الذي كان يملكه الأمراء، والدول الخليجية. وهو أمر يثير الألم أكثر مما يثير الرعب، لأن هذا الرقم كان يمكن أن يغيّر من مصير الوطن العربي كله.

هذا الوضع يطرح مسألة الفوائض النفطية للمناقشة، ويفرض أن نبحث في السياسات التي تصرّف فيها. لكن قبل ذلك لا بد من أن نشير إلى أن هذا الوضع يشير كذلك إلى آليات النهب التي تبقي التركز المالي منحصراً في المراكز، وفي الولايات المتحدة خصوصاً. وكيف أن حل الأزمة المالية، التي هي أساس في بنية النمط الرأسمالي، يتم على حساب «الأضعف»، وهو ما يعني أن دوام الأزمة سوف يفرض دوام النهب، وبالتالي خسارة تريليونات أخرى.

والمتابع لمسألة بيع النفط وصيرورة الفوائض الناتجة من ذلك يلحظ كيف وصلت الأمور إلى هذه النهاية، حيث يتركز التوظيف الخليجي في البلدان الرأسمالية ذاتها، أو يوظف في قطاعات هامشية في دول الخليج، أو في بعض البلدان العربية، وربما العالمثالثية الأخرى. فقد أوضحت دراسة وُضعت قبل عامين تقريباً بأن مداخيل البلدان الخليجية بلغت في السنوات بين 2002 و2006 ما يقرب ال 1,5 تريليون دولار من الصادرات النفطية، استهلكت الواردات السلعية والعسكرية من البلدان الرأسمالية ما قيمته تريليون دولار، بينما ذهب الفائض والبالغ نصف تريليون دولار في معظمه إلى البلدان الرأسمالية ذاتها، فحصلت الولايات المتحدة على حصة مقدارها 300 مليار دولار، وأوروبا على حصة مقدارها 100 مليار دولار، وذهب مبلغ 60 مليار دولار إلى شرق آسيا (اليابان بالأساس)، ووُظف الباقي في البلدان الخليجية ذاتها.

ولا شك في أن هذه المعادلة حكمت الفوائض النفطية الهائلة التي حصلت بعد ذلك ونتجت من المضاربات على النفط أعوام 2007 و2008 قبل أن يهوي إلى الحضيض. وربما هذا يفسر تضخم الكتلة المالية الخليجية لتصل إلى 3 تريليونات دولار في أيلول من العام 2008، فقد كانت التقديرات تشير إلى أن التوظيفات والأموال الخليجية بلغت ما يقارب 1,5 تريليون دولار. وبالتالي سنلمس أن الكتلة الأساسية من الفوائض النفطية توظف في البلدان الرأسمالية، ولقد حاولت البلدان الخليجية بعد الارتفاع الهائل في سعر النفط أن توظف جزءاً محدوداً من فوائضها في البلدان العربية، وبعض البلدان الأخرى، لكن تركز التوظيف في القطاع العقاري بالأساس، وفي السياحة، وتوقف بعد الأزمة.

إن الوضع الذي نشطت فيه هذه الأموال كان هشاً، حيث تركزت على التوظيف في العقارات، في البلدان الرأسمالية وفي المنطقة، كما في البنوك، وفي شركات تنشط في المضاربة. بمعنى أن جلّ توظيفاتها كانت خارج الاقتصاد الحقيقي أو على هامشه.

وإذا كانت دبي قد تأسست بعيداً عن توظيف الفوائض المالية، فإن التركيز على القطاع العقاري وفي سياق سياسة تنطلق من بناء «وضع فنتازي» يكون قاعدة لجذب الشركات العالمية ورجالاتها، فإن الأزمة قادت إلى مراكمة الديون دون مقدرة على سداد أقساطها نتيجة «هروب» الشركات تاركة ديوناً هائلة خلفها، وبالتالي انتهاء دور دبي، وتحوّل كل تلك العقارات المذهلة (في ضخامتها أو ارتفاعها، أو طابعها) إلى ركام سوف تصبح هناك حاجة للاقتراض من أجل إزالته. كما أن معظم المشاريع العقارية التي بُدئ ببنائها في البلدان العربية توقف بعد أن أهدر أموالاً طائلة. وبالتالي سوف يتحوّل إلى عبء من جديد لأن سداد الديون بعد توقف المشاريع سوف يستنزف مليارات أخرى.

لكن المسألة الأساس هنا هي السؤال عن طبيعة التوظيف الذي حكم أمراء النفط، والذي قاد إلى هذه الكارثة. فأولاً، سنلمس أن الكتلة الأساسية من الفوائض يذهب إلى المراكز الرأسمالية، وهي توظف هناك في هوامش الاقتصاد الرأسمالي، أو يبقى تحت سيطرة البنوك الرأسمالية. ربما كان التوظيف هناك يدرّ ربحاً أعلى، لكن النتيجة هي ما نرى اليوم، حيث تبخّر الربح والمال ذاته. وإذا كان الربح هو الذي يدفع هذا المال إلى «العودة» إلى البلدان الرأسمالية، إن ذلك غير بعيد عن انحكام تلك الإمارات للسيطرة الأميركية التي فرضت وجودها العسكري بعد سنة 1990، رغم أنها كانت تخطط لذلك منذ أن قررت السعودية وقف تصدير النفط خلال حرب أكتوبر، ومن ثم أصدرت «مبدأ كارتر» الذي جعل الخليج جزءاً من الأمن القومي الأميركي، وبالتالي لتكون سياسة النظام العراقي مدخلاً لفرض الوجود العسكري على الأرض.

وسنلمس هنا أن هذا الوجود، الذي استنزف فوائض طائلة سنوات 1990/1991 (حيث خسرت الكويت كل مدخراتها التي فاقت ال700 مليار دولار، وكذلك خسرت السعودية مليارات أخرى)، فرض معادلة جديدة تحكمت الولايات المتحدة بها، وقامت على ضبط حركة الرساميل النفطية وفق ما أظهرته التقارير اللاحقة. أي الاستيراد الضخم من الولايات المتحدة، وإعادة الفوائض إلى البنوك الأميركية. ولهذا بات تعامل تلك الدول محكوماً بالموافقة الأميركية.

===========================

صفقة السلاح التايوانية - الاميركية... غادرة

الاربعاء, 03 فبراير 2010

«تشاينا دايلي» *

الحياة

على رغم تحذير بكين المتكرر واشنطن من تضرر العلاقات الاميركية – الصينية إذا مضت على تسليح تايوان، أبرمت واشنطن صفقة سلاح قيمتها 6,4 بليون دولار مع تايوان. ولم تتردد عن الغدر بالدولة التي تصف علاقتها بها ب «الشراكة البناءة». وتزويد العم سام تايوان نظام «باتريوت» المضاد للصواريخ، وطائرات «بلاك هوك»، وصواريخ «هاربون»، هو تعبير عن استياء واشنطن من صعود الصين، ورفضها ان يعيش أبناء البلد الواحد في سلام. وغطرسة واشنطن تظهر جانباً أليماً من الواقع هو الاستخفاف بمصالح دولة أخرى، وترك أخذها في الاعتبار.

والحق أن قضية تايوان ترتبط بسيادة الصين ووحدة أراضيها. وهي في اساس المصالح القومية الصينية وفي قلب مشاعر 1,3 بليون صيني. ولكن، بعد 20 عاماً على نهاية الحرب الباردة، لم تتراجع الولايات المتحدة عن نهج ادارج تايوان في استراتيجيتها الدفاعية بآسيا، ولم تتخل عن مشروع التوسل بالجزيرة هذه «حاملة طائرات لا تغرق»، لاحتواء الصين ونموها.

والصفقة تدعو الى تجاهل زعم رئيس الولايات المتحدة، باراك أوباما، أن دولته لا «تسعى الى احتواء الصين» في زيارته بكين، قبل شهرين. فصدق النوايا والكلام تمتحنه الأفعال وإلا بقيت الكلمات حبراً على ورق. وفي 17 آب (اغسطس) 1982، اعلنت الولايات المتحدة في بيان مشترك أنها «لا تنتهج سياسة تسليح تايوان في الامد البعيد»، وتعهدت تقليص حجم مبيعات السلاح الى تايوان «تمهيداً لحل القضية التايوانية حلاً نهائياً». ولكن واشنطن أخلّت بوعودها، على ما سبق أن فعلت. فوعود أعظم قوة في العالم هي وعود غير صادقة، ولا تصح فيها صفة الوعد.

وصفقة السلاح الاخيرة هي تدخل في شؤون الصين الداخلية، ويؤدي الى تقويض أمن الصين القومي ويتهدد مساعي توحيدها، ويقوض العلاقات الصينية - الأميركية. ورد الصين على الخطوة هذه، وهو جاء عنيفاً، سائغ وفي محله. وقرار الولايات المتحدة الاخير يحول دون تحقيق حلم الصينيين بإرساء التعاون بين الشعب الواحد على ضفتي مضيق تايوان، ويُبرز ازدواج المعايير الاميركية والنفاق الاميركي، والاستخفاف بالمصالح الصينية.

ولا تزال الصين ضعيفة اقتصادياً وعسكرياً قياساً على قوة الولايات المتحدة الاقتصادية والعسكرية. ولن تحمل اجراءات الرد الصيني، ومنها الاحتجاج وتعليق التعاون العسكري ومعاقبة الشركات الاميركية الضالعة في صفقة السلاح، واشنطن على العدول عن الخطوة هذه، أو على تقويم السياسة الأميركية. وعلى رغم تواضع الرد الصيني، وجهت بكين رسالة واضحة الى الولايات المتحدة. فهي لن تتعاون مع الولايات المتحدة في حل قضايا اقليمية ودولية بارزة، في وقت تقوض واشنطن مصالح الصين.

عن افتتاحية الصحيفة الصينية، 1/2/2010، اعداد منال نحاس

===========================

الامتعاض الأميركيّ من سياسات أوباما

الخميس, 04 فبراير 2010

روجر أوين *

الحياة

أثناء الانتخابات الأخيرة لملء مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية ماساتشوستس، وهي الولاية التي أقطن فيها، حصل أمر بالغ الأهمية. غير أنّه لم يتضح كليّاً بعد بسبب الضجة الإعلاميّة الكثيفة التي أحاطت به.

ببساطة فاز الجمهوري سكوت براون بالمقعد الذي كان يشغله السناتور الراحل إدوارد كينيدي في ولاية يعتبرها الديموقراطيّون لهم. ويعتقد معظم المراقبين أنّ هذا الحدث وحده لن يثير التساؤلات حول نجاح مبادرة الرعاية الصحيّة التي أطلقها الرئيس أوباما فحسب، بل إنه سيفرض مزاجاً جديداً من الشك بالحكومة المركزية وبالإنفاق المبالغ فيه، لدرجة وضع معظم ما يتبقى من جدول الأعمال الداخلي للرئيس على المحك.

في ظل مثل هذه الادعاءات الواسعة والملحّة، من الحكمة بمكان محاولة معالجتها كلّها في وقت واحد. أولاً في ما يتعلّق بانتخابات ماساتشوستس بحد ذاتها، حيث أن نصف الناخبين فقط، أي 52 في المئة منهم، الذين تم تسجيل معظمهم بصفة مستقلين وليس كجمهوريين، اقترعوا لمصلحة براون. ثانياً، ينحدر جزء كبير من المقترعين لمصلحة براون من الطبقة الوسطى الغاضبة التي تعيش في المدن الريفيّة الغنيّة والتي تخشى أن تكون امتيازاتها بخطر، بشكل أو بآخر، وذلك بسبب الفورة الفريدة الاستثنائية للطاقة والحماسة التي كانت جليّة في اجتماعاته العامة الحاشدة كافّة خلال الأسابيع الأخيرة من حملته الانتخابية.

لقد استطاع براون، وهو الجندي السابق الأبيض الوسيم، أن يستفيد كثيراً من هذه الموجة العارمة من الاستياء الشعبي، وساعده أكثر على ذلك أن منافسته كانت سيدة، هي المحاميّة مارتا كوكلي. وكان يمكن التغاضي عن جنس كوكلي، حتى في ماساتشوستس الليبراليّة، لولا سلوكها البارد المتحفظ وحملتها التي لم يكن لها بريق خاص بها. والأهم من ذلك أنّه إلى جانب كوكلي، كانت هناك صورة الرئيس الأسود المثير للمخاوف، والذي تمّ وصفه ب «الشيطاني» من قبل الرجال البيض الذين اقترع معظمهم ضده في العام الماضي.

لقد تمّ توضيح الكثير من الأمور من خلال الصحافة ومن خلال استفتاءات الرأي العام في شأن انتخابات ماساتشوستس. وسأورد في ما يلي نظرتي الشخصية لما أظن أن ذلك يعنيه. بادئ ذي بدء، يبدو جليّاً أن الأزمات الاقتصادية العميقة أدت الى سيادة إحساسٍ عميق بالاستياء بين صفوف من فقدوا بيوتهم ووظائفهم من جهة، ومن جهةٍ ثانية بين هؤلاء الذين لا يزالون يعملون ويخشون أن يتم اقتطاع جزء مما يملكون، فهم يخشون على سبيل المثال أن يؤثّر نظام الضمان الصحي الوطني في شكل سلبي على المكاسب التي يستفيدون منها من خلال النظام الحديث الذي تمّ وضعه في الولاية. وتحتّم هذه المخاوف عليهم أيضاً المزيد من الحرص بغية الحد من الإنفاق العام، بدلاً من صرف المال على البرامج الجديدة، في وقتٍ بلغ فيه الدين العام مستويات لم يدركها منذ ثلاثين عاماً.

كما أن هناك خشية أيضاً من التهديد الذي تمثله المنظمات الإرهابيّة الأجنبيّة والذي يظهر من خلال المحاولات الجديدة لتفجير الطائرات ومن خلال إظهار أن بعض بقع العالم يحتوي ملاذات آمنة، ما يدل على أن الحاجة الى رد عسكري أميركي باتت أمراً ضرورياً. ويؤدي الخوف عينه أيضاً، الى التشديد على ضرورة الحزم مع المتهمين بالإرهاب وعلى ضرورة منع محاكمة سجناء غوانتانامو في المحاكم الأميركية الداخليّة ومنع احتجازهم في السجون الأميركيّة المحليّة. قد تشير بعض الانتقادات الى تحكم وسائل الإعلام اليمينيّة بهذه المخاوف، وهذا صحيح مؤكداً. غير أن ذلك لا يعني أنها غير موجودة على الإطلاق ولا يدل على أنه لا ينبغي تخصيص بعض الوقت بغية محاولة مواجهتها من خلال علاقات عامة أفضل من تلك التي يبدو أن إدارة أوباما أقامتها.

هناك حاجة الى مهارات سياسية كبيرة والى أعصاب قويّة كي يمكن التعاطي مع كل هذه الأمور الى أن يبدأ الاقتصاد بالتحسن فيولّد معه وظائف جديدة وشعوراً بأن الأمور بدأت تتحسن بالفعل. وعلى رغم أن النتيجة صدمت الديموقراطيين في ماساتشوستس إلا أن حزبهم ما زال يظهر قدرة على استقطاب عدد المقترعين عينه الذي يستقطبه منافسوه. ومن جانب آخر، فإن أي إشارة الى الذعر وأي نوع من الإذعان لناخبي اليمين سيحبطان الديموقراطيين الأوفياء وسيكونان غير مقنعين للجمهوريين المتشددين على حدٍ سواء.

يبدو من خلال رد فعل أوباما حتى الآن أنه يعي ذلك ويسعى الى وضع ثقته في إجراءات كشن حملة على المصارف الكبرى ومواجهة ما يطلق عليه «المصالح القوية» التي تهدد بحجب أصوات المواطنين الأميركيين. كما أنه يفكر في سبلٍ تتيح له الوصول إلى أعضاء مجلس الشيوخ والنواب الجمهوريين الأكثر اعتدالاً، والقلقين من الطريقة الذي يسيطر من خلالها المتعصبون على هذا الحزب، والذين يرغبون في تطبيق فحص صارم حول الإخلاص الكلي لهؤلاء الذين يشكل الرفض سياستهم الوحيدة لمواجهة أي أمر تقترحه حكومة واشنطن.

إنّ أميركا كما العديد من دول العالم الغربي دولة تملك معرفة صغيرة بتاريخها، فضلاً عن الطريقة التي يمكن أن تتغير بها الأوضاع بسرعة، وخصوصاً في عالم السياسة. وقد تبدو الأمور مختلفة بعد عامين عندما سيضطر براون الى الدفاع عن مقعده الجديد في مجلس الشيوخ عن ماساتشوستس في مواجهة خصم ديموقراطي أكثر إقناعاً منه. وقبل وقت طويل من حدوث ذلك، ستبلغ الاختلافات الأيديولوجية والتنظيميّة داخل الحزب الجمهوري حداً سيتم من خلاله عرض سياساته الناقصة والسلبية بأفضل طريقة ممكنة في البيت الأبيض وفي الكونغرس.

وفي الوقت الراهن، سيحاول الرئيس إعادة صقل نفسه حتى يصبح أكثر صلابة مع طموحٍ سياسي أقل، وكي يكون قائداً أكثر قدرة على الإقناع. هذا ما توجب على بيل كلينتون فعله بعد مضي عامين على وجوده في منصبه في العام 1994 في وجه الأكثرية الجمهورية في الكونغرس حيث كان يملك خيارات أقل بكثير من أوباما. كما ينبغي أن يبدأ الحظ بمحالفة أوباما لحل المشاكل الأساسية التي يواجهها منذ توليه الحكم، كالحروب والاحتلال العسكري المكلف في الخارج والأزمة الاقتصادية الداخليّة التي يبدو أنها بالغة السوء.

بالتأكيد، لا تحتاج أميركا الى الأمل وحسب بل تحتاج أيضاً الى مرحلة من الحوار الجدي ومن التحادث داخل كل من الأحزاب الأساسيّة وبين قادة هذه الأحزاب على حدٍ سواء. وإذا استطاع الرئيس أوباما إيجاد السبل لتشجيع مرحلة مماثلة سيكون بذلك قد قدّم معروفاً لا مثيل له لبلده.

* أكاديمي بريطاني - جامعة هارفارد

===========================

عندما يجتمع الاقتصاد مع السياسة

توماس فريدمان

الشرق الاوسط

4-2-2010

من المفاجآت القليلة السارة في عام 2009، قدرة الاقتصادات الأكبر في العالم على التركيز على معالجة نفسها من دون حروب كبرى أو اضطرابات جيوسياسية أو سياسية تهز العالم. ولكن، ما احتمالات أن يكون عام 2010 لطيفا على هذا النحو؟

أقول: هناك احتمالية ضعيفة لأن يحدث ذلك. لا شك أن الاقتصادات الكبرى في العالم تحتاج بشدة إلى أن يكون 2010 عاما هادئا أيضا على الصعيد السياسي والجيوسياسي، ولكن سيتطلب ذلك، على الأقل، إنهاء صراعات ثلاثة كبرى بتسويات تضمن لكافة الأطراف فيها مكاسب بدلا من أن يفوز طرف على حساب آخر. وهذه الصراعات الثلاثة هي: المصارف في مواجهة الرئيس أوباما؛ والصين في مواجهة غوغل وأصدقائها؛ والعالم في مواجهة إيران.

هيا بنا نلقي نظرة على هذه الصراعات. تشبه المصارف القلب الذي يضخ الدماء – الائتمان - في عضلات المؤسسات داخل بلادنا. وإذا عانى هذا القلب من قصور ما، فإن أي عملية للتعافي ستكون ضعيفة. وتعد جراحة القلب شيئا معقدا للغاية، ولا يقبل أحد أن يجري سباك أو سياسي له جراحة قلب. وعلى أية حال، قبل عام كان هناك صخب كبير حول تأميم بعض المصارف الكبرى، ولم تكن هذه فكرة صائبة. وعلاوة على ذلك، نتجت أزمتنا المالية عن تفسخ كبير في الأخلاق، بدءا من المقترضين مرورا بالمقرضين ووصولا إلى مؤسسات التقييم والمشرعين. ولا تحسب للحظة أن الإصلاح المصرفي وحده سيمثل علاجا لجميع الأسقام.

نحن في حاجة إلى نظام مصرفي جديد يقلل من التهور من دون إضعاف القدرة على مواجهة المخاطر، وهو ما يمثل عنصرا مهما في النظام الرأسمالي. ويعد ذلك أمرا معقدا. ولو كانت المصارف الكبرى تتسم بالذكاء، لأخذت المبادرة وعرضت أفكارا جديدة من بنات أفكارها. وقطعا، لا يمكنها القول بأن كل شيء على ما يرام على ضوء عدد الإخفاقات المصرفية. ولندع الإدارة والمصارف المركزية البارزة الأخرى تقدم أفكارها، وبعد ذلك نجرب شيئا ذكيا.

ولكن، شهد المواطنون مصرفيين جهلة يعطون أنفسهم مكافآت بعد إنقاذهم باستخدام أموال دافعي الضرائب، مع إعطاء تعليمات لعناصر الضغط والمشرعين لمعارضة أية إصلاحات جادة. وفي الوقت نفسه، نجد الرئيس أوباما يقدم مقترحه المصرفي، بعد فشل حزبه في ماساتشوستس، بطريقة بدت أقل اهتماما بالترويج لمناقشة ذكية وأشبه بمحاولة لاستخدام تقريع البنوك من أجل رفع شعبيته المتراجعة. ولم تقم الإدارة بإخطار المصارف المركزية الأخرى بخصوص أفكارها قبل عرضها. وقال لي مسؤول بارز في الخزانة البريطانية في دافوس: «حتى أميركا ليست كبيرة بالصورة التي تتيح لها حل مشاكلها.. هذه مشكلة عالمية.. ولكن تأكد من أنك تستوعب المشكلة قبل أن تعالجها».

ويجب إجراء الإصلاح المصرفي بحرص حتى ينتهي الأمر بوجود مصارف أقوى تقدم المزيد من القروض. وإذا كان المصرفيون يريدون العناد وتحول الأمر إلى حرب مع الرئيس أو إذا كان الرئيس يريد استخدام تقريع المصارف لاستعادة شعبيته، فيمكن أن أضمن حدوث بعض الأمور: مزيد من الضبابية وإقراض أقل وتعافٍ أبطأ وعدد أقل من الوظائف الجديدة.

وعلى الرغم من أن الصراع بين الصين وغوغل يبدو، في ظاهره، مرتبطا بحرية الإنترنت، لكن وراء ذلك مشكلة أكبر. وكما نشرت هذه الصحيفة الأسبوع الماضي، تعرضت 34 مؤسسة أميركية أخيرا لعمليات قرصنة تبين من تتبعها أنها جاءت من الصين. وقال مسؤول تنفيذي في إحدى شركات التقنية التي تعرضت للقرصنة، طالبا عدم ذكر اسمه لأنه لا يزال يدرس نشاطه داخل الصين، إنه في حالته تضمنت الهجمات محاولات لمسح شفرات المصدر وتصميمات وخطط تجارية وأي شيء يتمكنوا منه. وقال لي الرئيس التنفيذي إن عملية التجسس هذه انبثقت من الصين، و«كانت أسوأ عملية نواجهها على مدار 25 عاما». وعلى حد تعبير مسؤول أميركي: «كانت عملية الاختراق موسعة وتسببت في مشاكل كبيرة».

رسالة إلى الصين: أنتم تلعبون بالنار. بالطبع، لدى الولايات المتحدة قراصنة، ولكن لا تأتي عملية تجسس على هذا النطاق من الولايات المتحدة. وإذا استمر ذلك، سوف ترى الصين ما هو أكثر من سحب غوغل لبعض الحصص. وكم عدد الشركات الأميركية في المستقبل التي سترغب في شراء برمجيات ونظم كومبيوتر مصنوعة في الصين ويمكن أن تسهل على بكين اختراق أنشطتهم التجارية؟ قصة القرصنة هذه كبيرة، وإذا ما انفجرت في وقت تتزايد فيه التوترات بسبب مبيعات أسلحة أميركية لتايوان، فيجب عليكم أن تربطوا أحزمتكم.

وأخيرا، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها على وشك تكثيف الضغوط على إيران من خلال الكشف عن قرار جديد بفرض الأمم المتحدة لعقوبات اقتصادية تستهدف الحرس الثوري الإيراني وشبكة المؤسسات المالية الواسعة التي تهيمن داخل إيران. وإذا لم تتخذ الأمم المتحدة إجراء، تعتزم الولايات المتحدة وحلفاؤها فرض العقوبات بأنفسهم. حيث أصبح الحرس الثوري هو أداة النظام الرئيسية لقمع الانتفاضة الشعبية في إيران وحماية برنامج إيران النووي. وإذا لم تفلح تلك العقوبات في إجبار إيران على وقف برنامج التسلح النووي المشتبه فيه، فسوف تتزايد احتمالات شن الولايات المتحدة أو إسرائيل هجمة عسكرية على إيران قبل نهاية العام. وهنا في منطقة الخليج العربي، تسود حالة من التوتر غير المسبوق؛ حيث إن اقتصادات التعافي كانت دائما صعبة ولكن العوامل السياسية والجيوسياسية في 2010 تزيد من صعوبتها. ونحن نتمنى أن تصفو الأجواء

====================

بنات العرب في إسرائيل

موقع الشيخ علي الطنطاوي

نقلا عن الرابطة الأهلية لنساء سورية - أمهات بلا حدود 4/2/2010

هذه القصة واقعية ... بطلها رجل من فلسطين يحسن الإنجليزية كان له صديق من أعضاء اللجنة الدولية، سأله أن يأخذه إلى تل أبيب ليجدد عهداً ببلاده فأجابه إلى ما سأل وألبسه لباس أعضاء اللجنة حتى غدا كأنه واحد منهم .

ووصلوا إلى تل أبيب فأنزلهم اليهود في فندق عظيم وأولوهم أجمل العناية وأكبر الرعاية وأخبروهم أن إدارة الفندق ستبعث إلى غرفة كل واحد منهم فتاة بارعة الجمال لتكون رفيقة تلك الليلة .

قال :ولما أويت إلى غرفتي خيل إلي أني إن نلت امرأة من اليهود في غزوة غزوتها لليهود في عقر ديارهم! ... وجاء النادل (الجارسون ) يقدم لي الفتاة ، جرفتها ببصري في لمحة واحدة و ثبت النظر أخيراً في عينيها عندها أحسست بأن أعصابي المشدودة قد استرخت وأن دمي الفائر قد برد, وامتلأ قلبي عطفا وحنانا وكأن إمامي قطة صغيرة وديعة . هذا ما شعرت به , وأنا أعتذر من غرابة هذا الشعور . وتوهمتها من طهر عينيها زنبقة من زنابق الجبل , بيضاء كالثلج , نقية كالندى , لم يمسسها إلا نسيم الأصيل, ولم تبصرها إلا عين أمها . وعجبت أنا من نفسي, قبل أن يعجب القارئ مما أروي. كيف تكون لي هذه العاطفة على بغي! أوليست بغياً هذه التي يقدمها يهود طعاما إلى ضيوفهم كما يقدمون لحوم الخراف وشحوم الخنازير؟

ووقفت فوقفت , وساد الصمت والسكون فلا حركة ولا كلام .... وعجبت هي مني أكثر من عجبي من نفسي وكأنها ما تعودت من قبل إلا لقاء وحوش في ثياب بشر ,لا يرون فيها إلا ما يراه الذئب في جسم النعجة . وقفت متململة تحاول الابتسام فلا يلوح على شفتيها إلا بقايا ابتسامة ماتت من زمن طويل.وثقل الموقف ولم يفتح علي بكلمة فأرادت الخلاص فأشارت إشارة المحكوم عليه من الجلاد ليعجل عليه بالإنفاذ ويخلصه من الانتظار .

 

ودعوتها للجلوس فقعدت وبصرها تائه في الأفق البعيد, كأنها تتحرك وهي منومة. وكلمتها بالإنجليزية، فأجابت بها جواب غير متمكن منها، فكلمتها الكلمات القليلة التي أحفظها من العبرية، فعلت وجهها سحابة سوداء من الألم, ولم تجب. ففكرت: هل أخاطر وأكلمها بالعربية؟ وكنت أعلم ما في ذلك من ضرر بي, ولكني أقدمت وقلت لها هل أنت عربية؟

فطارت من الفرح الممزوج بالحزن والكآبة وأضاء ذلك الوجه الجميل الذي كان عليه نقابان : نقاب من التبذل الظاهر ونقاب من الألم الخفي,وأشرق بنور سماوي , وحدقت في بعينيها العجيبتين وفيهما لمعة الفرح وفيهما حملقة الذعر , وقالت هل أنت عربي؟

فترددت ما بين خوفي منها وعطفي عليها , خفت أن تكون يهودية فتشي وأشفقت أن تكون عربية تحتاج إلي .. ثم غلبت ثقتي بها فقلت لها: نعم.

قالت: وأنا عربية من أسرة "كذا" وبلدة "كذا" ومعي خمس وثمانون من بنات العرب!!!...

 

فأحسست وكأن خنجراً مسموماً قد أوقد عليه وغرز في قلبي, وكأن الأرض تدور بي, ولكني ثبت ولم أحب أن افجع المسكينة بهذا الحلم البهي الذي رأيت ظلاله على وجهاها.لقد حسبت أنها في يافا العربية , وأنها قد عادت لطفولتها المدللة وعادت لطهارة تلك الطفولة, وأنها لا تزال العذراء البكر تعيش بين أهليها وذويها في حمى الأبطال العرب الذين كانوا يحرسون ارض الوطن وعرض بنات الوطن, ولكن هذه الإشراقة ما لبثت أن بدت حتى اختفت . فلا يزال مكتوبا عليها إن تقاسي الذل آمادا أخرى...لا يزال في الكأس المريرة بقايا عليها أن تتجرعها.

وهتفت بي , وأنا أحس خفق قلبها : لن أعود إلى حمأة الرذيلة لن أعود. خذني معك , إلى الشام , إلى الأردن إلى الصحراء إلى أي بلد عربي ليس فيه حكم لليهود. خذني أكن خادمة لك , أكن امة , أو فأعني على الموت فإني لا أجرؤ وحدي عليه , حتى لا أهين بجسدي الملوث الأرض التي احتوت رفات الجدود.

 

وعادت تقول وهي مخفية وجهها خجلا : إن ترني اليوم ماشية في طريق الفجور فقد كنت يوما بعيدة عنه جاهلة به, وكان لي أبوان شريفان وكانت لي أخت, وكانت...وشهقت شهقة أليمة.

فهل يعلم احد أين أختي ؟ لقد أراد لي والداي الحياة الماجدة الكريمة فربياني على الدين والخلق, وعلماني حتى نلت الشهادة الابتدائية وتهيأت للمتوسطة , وأطلعني أبي على روائع الأدب وكنوز المعرفة , وكان يرجو لي مستقبلا فكان مستقبلي ...كان ...كان ... وشرقت بدمعها . لقد قتلوا أمي يوم الواقعة , فوقعت تتخبط بدمها . أما أبي فهرب بي وبأختي وانطلق يعدو حتى لحقوه , فجعلوا يضربونه بأعقاب البنادق وبأيديهم وبأرجلهم حتى سقط , واستاقونا ...ورحت أتلفت وأنا أكاد أجن من الذعر, أنادي أبي , أبي ....

فسمع أبي , وشدت روح الأبوة وسلائق العروبة من عزمه , فنهض يسعى لينقذني . وكلما ونى ذكر أن ابنته التي رباها بدمه وغذاها من روحه ورجا لها المستقبل البارع ستغدو امة لليهود , فتعاوده القوة , حتى استنفد آخر قطرة من قواه فسقط مرة ثانية قبل أن يدركنا .

 

تمر على الإنسان المصائب الثقال فينساها , يمرض حتى يتمنى الموت ثم يدركه الشفاء فينسى أيام المرض , ويموت أليفه حتى يعاف العيش ثم ينسى موت الحبيب, ولكن مصيبة الفتاة بعفافها لا تنسى حتى ترد ذكراها معها الموت.

لقد كانت هذه الساعة بداية آلامي التي سأحملها معي إلى القبر , فقدت الأب والأم , ثم فقدت العفاف وغدوت مثل البغايا، فأين عينا أبي ترياني ؟ أين أبي ؟ هل هو حي معذب مثلي أم قد مات واستراح؟ إني لأرجوا أن يكون قد مات . أفرأيت ابنة تتمنى الموت لأبيها ؟ نعم, حتى لا يرى ما حل ببنته فيجد ما هو اشد عليه من الموت .

ولما غدوت وحيدة في أيديهم وعرفت انه لا معين لي بعد أن فقدت أبي تنبهت القوة الكامنة في , وأمدني اليأس بالعزم , وشعرت أني كبرت فجأة حتى أصبحت بجنب أختي الصغيرة أما لها بعد أمها وأبا بعد أبيها , وأن علي أن احميها , وقلت لنفسي : إذا كانت الدجاجة تدفع عن فراخها النسر، والقطة- إن ضويقت واستيأست – تقاتل الذئب , فلم أعجز عن حماية هذه الطفلة ؟ وقد كانت طفلة حقا , كانت في الثالثة عشرة, تبكى بكاء ما رأيت مثله وترتجف كل عضلة من جسمها كما ترتجف كل ورقة في الشجرة هبت عليها رياح الخريف .

وتنمرت واستبسلت دونها , ولكنهم غلبوني وأخذوها مني , ثم وضعوني في سيارة جيب مع ثلاثة من جنود يهود .وطفقت أدافع بيدي ورجلي وأعض بأسناني حتى عجز عني , أنا البنت الضعيفة , ثلاثة الرجال . فلو أن كل عربي من أهل فلسطين وكل امرأة وكل ولد كان قاتل بسلاحه وقاتل بعصاه وبحجارة ارض الوطن وبيديه وأسنانه لما استطاع اليهود ...ولما ذكرت اليهود ارتجفت من الخوف وتلفتت حولها تخشى ان تسرق همسها آذان خفية في الجار فتنقله إلى جلاديها.

قالت : وصب في الخوف على أختي قوة لم أكن أتصور أنها تكون لأحد , فاغتنمت لحظة غفلة ممن معي ووثبت من السيارة فوقعت على ركبتي.

وكشفت عن ركبتيها وقالت : انظر . ثم عاودها حياء العذراء التي كانتها يوما والتي تقص قصتها وأسرعت فسترتها .

قالت : وجعلت أعدو حافية ( وقد سقط الحذاء من رجلي ) على التراب والشوك حتى لحقوا بي وأعادوني . ورجعت أدافع , فأحسست غرز إبرة في يدي, ثم لم اعد اشعر بشيء.

 

وسكتت لحظة وكادت من الحياء من الحياء يدخل بعضها ببعض , وصار وجهها بلون الجمرة , ثم تكلمت بصوت خافت كأنه آهات مكتومة لم أتبينها حتى دنوت منها ولفحت أنفاسها وجهي . قالت: ولما صحوت وجدتني متكشفة ملقاة على ارض السيارة .

وعادت تنشج ذلك النشيج الذي يفتت القلب .لقد أراقت دم عفافها، لأن رجال قومها لم يريقوا دم أجسادهم ، لقد خدروها بهذه الإبرة كما خدروا زعماء العرب بالوعود وبالخدع وبحطام من الدنيا قليل.

قالت :وصرنا ننتقل من يد إلى يد, أنا وبنات قومي العرب كالإماء في سوق الرقيق. لم تهدر كرامتنا وحدها ولم تضع أعراضنا فقط , بل لقد فقدنا صفات الإنسانية , غدونا "أشياء" تباع وتشترى ويساوم عليها , صارت لحومنا طعاما لضيوف اليهود.

 

إن البائس ليلقى في مغارات اللصوص وفي سراديب السحرة قلبا طيبا يحنو عليه ويخفف عنه , ولكنا لم نلق هنا رحمة من أحد . لقد قرأت مرة في قصة كان دفعها إلي أبي أنه كان من أحلى أماني الرقيق أن يباع معه قريبه وألا يفصل الرق الأم عن بنتها والولد عن أخيه , وكنت أعجب من تلك العصور وهوان الإنسانية فيها فأي حقيقة مروعة مرعبة رأيت ؟ بنات العرب صرن رقيقا لليهود , لا للعمل ولا للخدمة بل للخزي والفجور . وها أنا ذا مثل ذلك الرقيق , كل ما أتمناه أن يجمع الرق الأبيض بيني وبين أختي .

هذا ما تتمناه بنت الأسرة العربية الشريفة بعد نكبة فلسطين. أما حنان الأب , أما حب الأم , أما عزة العفاف وكرامة العروبة وتلك الأيام التي كانت ترتع فيها في روض الطفولة...فلم يبق من ذلك كله إلا صور باهتة في أعماق الذاكرة لا تجرؤ هي أن تحدق فيها . كلا , إنها لا تستطيع أن تسمو إلى بعث هذه الذكريات , إن الرأس الذي أحنته وصمة عار لا يقدر أن يرتفع بنظره إلى السماء. ولكن الوصمة يا أختي ... يا أختي على ما أنت عليه , الوصمة ليست على جبينك أنت , إنها على جبين كل عربي يرضى لك هذا الذي أنت عليه.

 

وكانت ليلة ليلاء ما عرفت فيها إلا لذع الآلام .. وانتهت الليلة. وجاء النادل في الصباح ليقدم الفطور , قوت الصباح , ويحمل الفتاة, قوت الليل. فاضطرمت في رأسي نار النخوة لما أبصرته, ولكنها كانت ( يا للعار...) نار القش تضطرم فلا تجد الحطب الجزل فتنطفئ. وودعتني بنظرة... بنظرة لا يمكن أن يعبر عن وصفها ومعناها لسان بشري.

 

وجاءت السيارات تحملنا لنعود من حيث أتينا، نعود ونترك بناتنا يفتك بأعراضهن اليهود ، ومررنا بيافا، ونظرت إلى هذه المنازل التي كانت بالأمس لنا فصارت لغيرنا، خرجنا منها في ساعة واحدة انحطت علينا فيها النكبة كما تنحط الصاعقة، الأثاث الذي نضدناه قعد عليه غيرنا، والطعام الذي طبخناه أكله غيرنا، والفراش الذي مهدناه... آه، هل أستطيع أن أنطق بالحقيقة المرعبة؟

ولكنها حقيقة، إن الفرش التي مهدناها، هتك اليهود عليها عفاف بناتنا... ويبقى على وجه الأرض عربي لا يقنع وجهه حياء، ولا يواري وجهه خجلاً، خجلاً من أمجاد الأجداد، خجلاً من سلائق العروبة، خجلاً من عزة الإسلام.

واختفت يافا وغابت وراء الأفق، وأنا لا أزال أرى تلك النظرة التي ودعتني بها، لن أنساها أبدا، ولن أنسى أني تركتهم يأخذونها وأنا حي، وأني كنت جباناً، وكنت نذلاً كالآخرين

=====================

آفاق السلم الاجتماعي

نافذة - الرابطة الأهلية لنساء سورية - أمهات بلا حدود 4/2/2010

الخميس, 04 فبراير 2010 01:35

يبدو أن مفهوم (السلم الاجتماعي) غائم أو عائم في أذهان الكثيرين. هو عائم بالتأكيد في أذهان أهل السياسة، لأنهم مهتمون أصلاً بما يدعونه (السلم) السياسي في الداخل والخارج. فالسلم مع الخارج هو سلم مع دول الجوار في الإقليم والسلم مع دول العالم، في عصر أصبحت فيه الحروب تدار، ولو لم تزحف الجيوش. ثم يتفرع الحديث عن حرب ساخنة هي المقصودة غالباً بالمصطلح، أو حرب باردة، سياسية أو ثقافية أو اقتصادية. وسلم سياسي داخلي يتعلق أصلاً باستقرار أوضاع السلطان الداخلي سواء قام هذا الاستقرار على رضى أو على إكراه.

السلم الاجتماعي هو نوع آخر من (السلم)، يشمل الفرد والأسرة والجماعة والمجتمع. ويبقى السلم الاجتماعي بآفاقه هو المؤشر الأول على استقرار الحياة العامة في أحضان الرضا السابغ والسعادة الغامرة، وهو المنطلق اللولوبي الصاعد في تخفف المجتمع من ميت التقاليد، وقدرته على التطوير الإيجابي للكثير من القواعد والمفاهيم.

ونعتقد أن العتبة الأولى للسلم الاجتماعي أن تمتلك النخبة المثقفة من أبناء المجتمع قاموسا مدنيا متحضرا لإدارة حواراتها: تأكيد اتفاقاتها وتضييق أو منهجة خلافاتها. فلا يخدم السلم الاجتماعي أن تكون لغة التنابذ والهمز واللمز والسخرية والتحقير هي اللغة السائدة، بين مثقفين يسعون إلى خدمة هدف أساسي هو تطوير مجتمعاتهم، إلى ما يظنه كل فريق منهم هو الأفضل. إن تسعير نار الحروب الكلامية لن يقود إلا إلى هدر الطاقات، وتضييع الأوقات، واستثارة العداوات، وتحفيز النفوس لرفض دعوة الإصلاح. تكتب إحداهن مثلا، تعليقا على خبر: الشرف الشرقي بأربعة دولارات تقصد شرف مجتمعاتنا بما فيه من جدات وأمهات وبنات!! هل تصنع هذه اللغة سلاما اجتماعيا؟ وأي باب للشر تفتح مثل هذه العبارة؟ وما هو حجم الشريحة المجتمعية المتمسكة بالعفة والطهر التي تسخر منها صاحبة هذه العبارة؟ وهل حقا هي تريد ما يستفاد مباشرة من عبارتها الدعوة إلى ما لا يُرضى وتزيينه وتسهيله؟ وهل تظن أنه من الصعب الرد عليها بعبارات أكثر إيلاما مما يجعلها تتوارى من القوم من سوء ما جرى على لسانها، ولكننا نمسك عن جوابها ترفعا، ولأننا نعتبر أن للسلم الاجتماعي لغته المتمدنة والأنيقة، التي لا يتحقق إلا من خلالها..

وفي أفقه الفردي النفسي يؤكد السلم الاجتماعي على ضرورة الوئام مع الخلق الأولي في صورة ( الذكر والأنثى)، إذ كثيرا ما نجد بعض النساء، غاضبات أو ناقمات على أنهن خلقن في صورة (الأنثى). وبعض الرجال يظنون أنه من فضل الله عليهم أن خلقهم (ذكوراً) فجعلهم في وضع المتفوق الأصلي أو المتفوق بالفطرة كما يظنون. حالتان من النقمة والغرور تهددان السلم الاجتماعي أيما تهديد.

حالة نفسية قلقة مدمَرة مدمِرة تحتاج بالتأكيد إلى إعادة تسويتها على أساس الدعوة الواعية إلى بناء السلم الاجتماعي. السلم القائم على الفهم العميق الدقيق. وأول الفهم أن تدرك هذه ويدرك ذاك، أن الذي (خلق الذكر والأنثى) فضل بعضهم على بعض بطريقة من التعبير والتفضيل تجعل أفراد التفضيل وأطرافه متداخلين. (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض)

(الرجال قوامون على النساء بما فضل الله به بعضهم على بعض)

وفي الآيتين يظل الفضل متداول بأطرافه أو بأفراده. و(القوامة) بمفهومها الشرعي لا تعني التفضيل المطلق للرجل، وإنما تعني تفضيلاً في طرف يقتضيها.

حتى الحديث الودود عن (ناقصات العقل) في سياقه الشرعي، والذي يتعلق به البعض، يسير في سياق غير ما يشتهيه من يسيء تفسيره. حين يقرر أن (الناقص) يمتلك القدرة على الذهاب (بالكامل)!! ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم. هل هذه نقطة فضل أو نقطة ضعف حين تمتلك المرأة الضعيفة أو المستضعفة كما يقولون القدرة على الذهاب بلب الرجل الحازم!! أليس من العدل والحكمة، أن ندعوها من موقع قدرتها تلك أن تتقي الله في ذلك المستضعف المسلوب العقل والإرادة معا..

إذاً أول السلم الاجتماعي الرضا عن الكينونة الجنسية. والاعتداد بها. والتوقف عن رؤية النقص فيما خلقن، نحن النساء فيه، ووضع حد لحالة اللهاث للحاق بما يقولون لنا بعقلهم الباطن ولا وعيهم الموروث: إنه الأفضل والأقوى. وأن علينا أن نخلع ثوب أنوثتنا لنلحق به..

وعنوان (بما فضل الله به بعضكم على بعض) يسعنا، ويغطينا في مقامات للفضل تكفينا، وهو عنوان مفتوح مازال قابلاً للمزيد من الشرح والحوار. ويكفي أن المرأة الأم، والأمومة هي الصيرورة الطبيعية لمقام الأنثى، قد أخذت ثلاثة أنصبة من الفضل تتقدم فيها على شقيقها الرجل.

ونعود إلى مفهوم السلم الاجتماعي، لنتحدث عن (السلم مع المنبت و البيئة)...

قصص وأفلام ومسرحيات وقصائد كثيرة، حاولت وماتزال تحاول أن تتصدى للأزمة الحادثة عن الفصام الحاد أو الحرب الساخنة التي يثيرها اجتماعياً المنبت الذي يحاول الإنسان الإنسلاخ منه أو تغييبه أو التنكر له..

الأم التي جاهدت عاملة تنظيف في مستشفى حتى تغطي نفقة دراسة ولدها الذي يجد نفسه بعد جهادها الذي يتقدم على جهاده، مدير المستشفى!!! نظن أن الدراما والمسلسلات العربية لم تقصر في رصد الحالة، وكيف انسلخ أو ينسلخ المنسلخون. والزوجة التي اختطفت الزوج من موقعه العلمي أو الاقتصادي أو الرسمي، وهي تستحي أمام زميلاتها (بنات الأكابر) من لباس أمه (الريفي)..

معارك حامية تدور في نفس الفرد أو في بنية المجتمع تحتاج إلى مزيد من الدراية والإدارة لإخراج أبناء المجتمع وبناته من انعكاسات عقدة النشأة التي تسبب الكثير من أشكال الاحتراب.

والسلم في إطار الأسرة الكبيرة أفق ثالث، ووقف حالة الاحتراب المصطنع بين الرجل والمرأة أو الذكر والأنثى. والتوقف عن استيراد معارك الآخرين إلى عالمنا مطلب أكثر إلحاحا. لقد أصبح مصطلح (ذكوري) سلاحاً شائعا ومشجبا تعلق عليه كل الأمراض الاجتماعية، لا تكادين تستمعين إلى واحدة من نساء (الشمع) على وسيلة من وسائل الإعلام، إلا وتجدينها ترددها بلهفة لترجع إليها علل الأولين والآخرين. وكل واحدة نواجهها بسؤال: هل تقصدين أباك أو أخاك؟. تظهر الضيق والحرج أو تضع يديها بينها وبين المرأة. نقدر أنه أصبح من العيب في نظرتنا إلى التكوين المجتمعي أن نستمر في السير على دروب الآخرين لأن الطاحون التي ستأخذنا إليها هذه الطاحون لا تطحن قمحنا.

نحن مجتمع آخر، ولمجتمعنا مشكلاته. وعلينا أن نحل مشكلات مجتمعنا بمعطيات هذا المجتمع، وليس باستيراد مشكلات الآخرين. وحين نتحدث عن السلم الاجتماعي في الأفق الأسري لا نقصد السلم بين طرفي (عقد) يمكن أن نتحكم به بين زوج وزوجها فقط. وإنما نقصد بالدرجة الأولى السلم بين أطراف علاقة وجودية، لا يمكن لأحد أن يحدد أطراف عقدها تختارين زوجك وتتعاقدين معه وقد تغيرينه مرة أو مرات؛ ولكنك لا تختارين أباك ولا أخاك..

السلم بين البنت وأبيها. بين الأخت وأخيها. بين الأم وبنيها. بين الأب وأبنائه. سلمٌ أصبحنا أشد حاجة إليه على ضوء ما يُدق من طبول الحرب التي تحرض كل صباح هذا على ذاك. سلمٌ بنيناه على حقيقة: الرحم معلقة بين السماء والأرض تقول: اللهم إني أعوذ بك فلا أقطع، وأمك ثم أمك ثم أمك، والجنة عند أقدام الأمهات، وليس على مقررات السيداو، ومواثيق الأمم المتحدة..

إذاً السلم الاجتماعي يبدأ من هناك، من اختيار لغة الحديث أن نتأنق عندما نكتب كما نتأنق عندما نلبس. والبحث عن اللغة الأرفع، والكلمة الألطف، حتى ونحن نقتضي حقاً أو ندافع عن مظلمة فنحن هنا نتحدث عن أب وأخ وزوج عن أسرة وعائلة وعشيرة ومجتمع وشركاء في الوطن. سلمٌ يستحق منا أن نبذل لنصونه المزيد من الجهد، وأن نقدم البدائل الإيجابية ونحن نناضل من أجل وضع العلاقة المجتمعية في الإطار الذي تستحق : السلم والرضا والحب والود والوصل..

ثم للسلم الاجتماعي محضن آخر، ففي مجتمعاتنا التي بُنيت أصلا على أشكال التعددية الدينية والقومية والمذهبية لدينا سلم آخر يجب أن يصان. التربية على قبول الآخر، بدون رضوخ. وتعلم البر إليه مهما كان حجم الاختلاف معه. التربية على أن للجار حق، وللشريك في الوطن حق، وللصاحب بالجنب حق. تعويد أبناء المجتمع على التوقف عن سياسات النبذ والتنابذ. توكيد مفهوم المواطنة الضامن للحقوق المؤكد للواجبات. مصادرة الشعور المرضي بالانتماء الأقلوي الناقم أو الأكثري المستعلي.

السلم الاجتماعي يقتضينا أن ننفي عن حياتنا فيما نسعى إليه كل مدخلات التطرف والإرهاب والقسوة والاستعلاء..

لنعلّم ـ ونحن الأمهات ـ أبناءنا لكي لا يكونوا من أدوات الإرهاب ولا من ضحاياه. حروبنا الاجتماعية يصنعنا أبناء خرجوا من حجورنا، فهل نحن المسئولات؟!

=======================

فلسطين.. أوباما.. وغياب الاختراق المطلوب

بقلم: كلوفيس مقصود

1 فبراير 2010 - القاهرة

لم يعد مقبولا أن يبقى تحديد موقف إدارة أوباما تجاه النزاع الفلسطينى الإسرائيلى بدون إجابة عربية بمنتهى الوضوح وإبلاغها بصراحة، كما أنه لم يعد كافيا اجترار المبادرة العربية التى تبنتها القمم العربية منذ عام 2002، كون إسرائيل فى أفضل ترجمة للمبادرة ترى أنه بالإمكان اعتبارها إحدى وثائق «ملف الحل» للنزاع العربى ــ الإسرائيلى، وليست كما أرادتها القمم العربية المتتالية صيغة الحل.

إن ما قاله الرئيس أوباما فى هذا الموضوع أثناء خطابه يوم الخميس الماضى فى فلوريدا انطوى على غبن حقيقى وتحيز مطلق عندما جاء وصفه لإسرائيل بـ«إحدى أقوى حلفائنا»، وإن على الفلسطينيين «التخلى عن العنف والاعتراف بإسرائيل».. لكن فى سبيل تلطيف وقع التحيز اعتبر الرئيس أوباما أن «للفلسطينيين شكاوى ومصالح مشروعة على إسرائيل الإقرار بها» وأن لكل من إسرائيل وفلسطين «مطامح مشروعة».

 

المعضلة التى تعيق قدرة أوباما هى دفع الطرفين العودة إلى طاولة «المفاوضات»، كما طرح أن نقطة ارتكاز السياسة الأمريكية هى أنه ــ أى الرئيس أوباما ــ يؤكد أن «إسرائيل من أقوى حلفائنا، وأنها حاسمة بالنسبة إلينا لذا لن نتردد عن تأمين أمن إسرائيل».. بمعنى آخر أن قاعدة الانطلاق هى صيغة العلاقة الإستراتيجية مع إسرائيل، فى حين أن «حالة» الفلسطينيين تستوجب «اهتمامنا كون ليس جيدا من أجل أمننا وأمن إسرائيل، إذا كان هنالك ملايين من فاقدى الأمل».

هذا التوصيف غير المتوازن وغير الدقيق وغير العادل ينطوى على معادلة شديدة الغبن، أن نعتبر أن على إسرائيل القيام «بتنازلات» وعلى الفلسطينيين تلقفها بحيث يتم تنفيس الاحتقان دون إنجاز الحقوق. لذا بإمكاننا التأكيد أن أنسنة غطاء التحيز وتغليفه بإعلان تفهم «لمظالم الفلسطينيين» يشكل بالنسبة لإدارة أوباما على ما يبدو البديل عن حق الشعب الفلسطينى تقرير مصيره. كما أن «التفهم» الذى يظهره الرئيس أوباما «لشكاوى» الفلسطينيين يبدو كأنه بديلا لصيرورة تطبيق القرارات الدولية، وما يمليه القانون الدولى فى إنجاز حقوق تحرير الأرض الفلسطينية من الاحتلال الإسرائيلى، وإجبارها ــ نعم إجبارها ــ على الانسحاب الكامل وتفكيك المستوطنات ــ لا تجميدها المؤقت ــ لأن الاستيطان التى تقوم به إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية تعبير عن ادعائها بحق الملكية، وليس أنها فى هذه الأراضى سلطة محتلة، لذا فإنه ليس واردا مطلقا أن يسعى الرئيس أوباما ومبعوثه الخاص السيناتور ميتشل إلى دفع الطرفين الإسرائيلى والفلسطينى للعودة إلى طاولة «المفاوضات» ما دامت المعادلة يسودها غموض مقصود فى الأساس القانونى.. وهو الذى يعبر عنه نتنياهو بأنه مستعد «أن يقدم تنازلات أليمة»، فى حين على الرئيس أوباما الرد أن التنازل هو عن ما تملك إسرائيل لا عن ما «تحتل».. لذلك فإن عدم استقامة المعادلة القائمة تحول دون أى عودة «للمفاوضات»، حتى ولو وصف الرئيس الأمريكى كما فعل فى خطابه فى فلوريدا أن (عباس يريد مخلصا السلام، لكن عليه التعامل مع حماس «الرافضة» الاعتراف بحق إسرائيل فى الوجود). الأهم أن إسرائيل منذ قيامها لا تعترف مطلقا بحق الفلسطينيين فى قيام دولتهم السيدة والمستقلة على أرضها منذ عام 1948 ومنذ 1967.

صحيح أن التوقعات من الرئيس فى معالجة النزاع الإسرائيلى ــ الفلسطينى تبدو أكثر من قدراته، بحيث ترتكز على اعتقاد أن كثافة ثروة ثقافته القانونية من شأنها كشف النقص القانونى فيما أورثته الإدارات السابقة، والتى بدورها عجزت عن إيجاد الصيغة المستندة على «حل الدولتين»، والتى تعمد تجاهل ضرورة تصحيح هذا النقص وبالتالى مكررا أسطوانة «حل الدولتين»، وكأنه يستغبى عقول العرب إجمالا. وكما أن عدم الإصرار على «عدم التفاوض» بدون معادلة مستقيمة يستولدها اعتراف إسرائيل بأنها سلطة محتلة بدون غموض أو التباس، كل هذا ساهم فى إنهاك السلطة الفلسطينية وجعلها عاجزة عن حسم موقفها، مما ساهم فى تعميق الانشطار فى الوحدة الوطنية الفلسطينية وترجيح مسوغات الانقسام على أولوية مجابهة ومقاومة التمدد الاستيطانى الإسرائيلى بدون توقف فى أراضى الوطن الفلسطينى.

أما أن يشكو الرئيس أوباما كما ورد فى مجلة التايم أن «الطرفين لم يقوما بإيماءات مطلوبة لدفع المسيرة قدما»، وتابع «لو أدركت الولايات المتحدة هذا لم نكن جعلنا التوقعات تصل إلى هذا الحد العالى».

غريب أمر هذا الرئيس المميز، هذا العالم القانونى المرموق، وهذا الخبير المميز وهذا المدمن تاريخيا على التزام حقوق الإنسان، هذا الناشط فى ثقافة التحرير، أجل عجيب أنه لم يسع إلى النفاذ إلى جذور وأسباب الفشل الذى لازم جميع محاولات الإدارات التى سبقته منذ اتفاقية أوسلو وخرائط الطريق وأنابوليس وأخيرا مكوكيات مبعوثه الخاص ميتشل، حتى يجىء الآن ويقول إن الطرفين لم يقوما «بإيحاءات كافية» بمعنى تنازلات كافية.

عن ماذا يريد الرئيس أوباما من الفلسطينيين أن يتنازلوا؟ ما المكاسب غير القانونية التى حققوها ظلما وعدوانا وبالتالى عليهم «التنازل» عنها؟ لماذا تغيب الحقائق التى أقامتها إسرائيل على الأراضى المحتلة؟ وماذا تعنى مطالبة الرئيس أوباما الاكتفاء بتجميد المستوطنات؟ وماذا فعلت إداراته عندما أمعن نتنياهو الاستمرار فى تهويد القدس وتكثيف المستوطنات القائمة؟

أما أن يقول الرئيس أوباما أن حكومة نتنياهو ذى الميول اليمينية تشمل أحزابا مؤيدة للاستيطان ترفض بشدة ترك الضفة الغربية من أجل قيام دولة للفلسطينيين! مرة أخرى عجيب أمر الرئيس أوباما، الذى يعتبر أن حكومة نتنياهو التى تشمل الليكود ــ أى الحزب الذى يقوده نتنياهو ¬ــ وكأنه ليس الشريك الرئيسى، وأن الاستيطان حق منبثق من أن إسرائيل مالكة وليست محتلة للأراضى الفلسطينية.

إن الإعجاب، كما المودة، الذى نكنه جميعا للرئيس أوباما، وإعجابنا بقدرته على استيعاب التعقيدات المتكاثرة وقدرته على تحمل مسئوليات إدارته ونفاذه إلى أسباب الإخفاقات التى عانت منها الولايات المتحدة فى العام المنصرم. أجل إن هذا الإعجاب كما شوهد على إثر خطابه المؤثر فى قاعة الكونجرس يوم الأربعاء الماضى جعل من تصريحه عن القضية الفلسطينية فى اليوم التالى فى فلوريدا وكأن الدقة فى التحليل الذى كان واضحا فى خطابه «حال الأمة» غابت عنه بشكل كامل عند تعامله مع فلسطين القضية! لأى درجة تستطيع إسرائيل ردع أى احتمال لاستقامة تعامل الولايات المتحدة مع فلسطين، أم أن الموضوعية المطلوبة تكاد تصير فى خانة المستحيلات؟

*المصدر: صحيفة "الشروق" - القاهرة

=====================

دراسة تفسر لماذا يشاهد الرجال "فتيات البكيني" مجرد "أشياء"

(CNN)

نقلا عن الرابطة الأهلية لنساء سورية - أمهات بلا حدود 4/2/2010

قد يكون من الواضح أن الرجال عندما يشاهدون النساء يرتدين ثياب السباحة "البكيني"، ينجذبون إليهن باعتبارهن مجرد "أشياء" مثيرة وملفتة للنظر، وليسوا أشخاصاً آخرين يمكن التفاعل معهم اجتماعياً، ولكن هذه التصرفات أصبح الآن لها ما يفسرها علمياً.

وأظهرت دراسة علمية حديثة أن مناطق معينة في المخ لدى الرجال، تنشط عند مشاهدة صور لفتيات يرتدين البكيني، هي نفس المناطق التي تنشط عند مشاهدة الأشياء، والتي تساعد على اتخاذ ردود أفعال معينة إزاء تلك الأشياء، في حين تبقى المناطق التي تنشط أثناء التفاعل الاجتماعي خامدة.

وقدمت أستاذة الصحة النفسية بجامعة "برينستون" الأمريكية، سوزان فيسك، نتائج هذه الدراسة خلال الاجتماع السنوي للرابطة الأمريكية للعلوم المتقدمة، الذي عقد الأسبوع الماضي.

روابط ذات علاقة

وقالت فيسك لـCNN: "هذه الدراسة هي الأولى التي تركز على فكرة أن الرجال في سن معينة، ينظرون إلى الجنس على أنه هدف لجذب الانتباه، وأنهم إذا ما قدمت لهم ذلك في شكل امرأة مثيرة، فإن رد فعلهم سيكون من منطلق هذا الهدف الأساسي."

وأضافت الباحثة الأمريكية أن الرجال لا يرون النساء المثيرات على أنهن "أشخاص"، وتابعت قائلة: "تتفاعل أدمغتهم مع صور النساء نصف العاريات، كما تتفاعل لدى مشاهدة الأشياء، وكأنهن لسن بشراً، إذ لا يراهم الدماغ ببعدهن الثلاثي."

اعتمدت الدراسة على 12 من طلبة الجامعات، من الجنسين، حيث تسلم كل منهم استمارة تتضمن عدداً من التساؤلات، حيث طلب منهم تحديد المشاعر التي يضمرونها إزاء أفكار تتعلق بالجنس الآخر، من بينها الاعتقاد بأن المرأة مكانها البيت، أو الاعتقاد بأن النساء تحاولن فرض سيطرتهن على الرجال.

ووجدت الدراسة أن الطلاب من الذكور، الذين جاءت معظم آراؤهم مؤيدة لفكرة وجود "عداء" بين الجنسين، لم لديهم تنشط الأجزاء الدماغية الخاصة بالتفاعل مع الآخرين، والتي تساعد في التعبير عن المشاعر وتحليل معتقدات الآخرين، أثناء مشاهدتهم صور لنساء ترتدين البكيني.

كما قالت فيسك إن الدراسة وجدت أيضاً أن الرجال يتذكرون أجساد النساء العاريات بشكل أفضل من النساء اللاتي ترتدين ملابسهن كاملة، مشيرة إلى أنه جرى عرض هذه الصور على المشاركين في الدراسة لمدة أقل من الثانية الواحدة.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ