ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
هل البطالة مؤشرٌ له معنى في
سورية؟ دمشق صحيفة تشرين اقتصاد الثلاثاء 9 شباط 2010 سمير العيطة شكلت محاضرتان كنت قد قدمتهما حول قضايا
اجتماعية واقتصادية (1) في سورية
فرصةً لفتح الحوار حول إشكاليات
تهم بناء الوطن ومستقبله. وقد
حاولت طرح العديد من هذه
الإشكاليات التي تستحق كل منها
أن تكون محوراً لنقاشٍ عام
حقيقي حول الأوضاع الراهنة
والسياسات الحكومية والرؤية
المستقبلية. وسأعود في مجموعة
من المقالات لإيضاح تحدياتها
بغية المساهمة في الحوار الوطني.
أولى هذه الإشكاليات هو معنى مؤشر
البطالة؛ الذي يظهر السجال حوله
في الصحافة وفي الأدبيات
الحكومية، كما في أدبيات البنك
الدولي وكأن سورية بلد لا يعاني
من مشكلات اجتماعية يسجل فيه
الباحثون عن عمل أنفسهم في
مكاتب تشغيل (2)، ويحصلون على
إرشادات للاتصال بالشركات
الناشطة لكي يجدوا عملاً يناسب
مؤهلاتهم، في حين تقدم لهم
معونة مالية لكي يسدوا احتياجات
عائلاتهم الأساسية. صحيحٌ أن
المكتب المركزي للإحصاء يجري
استقصاءات ربعية لقياس هذا
المؤشر على أساس التعريف
المعتمد دولياً من منظمة العمل
الدولية. ولكن الحالة (الخصوصية) السورية، حيث يشهد
المؤشر تغيرات سنوية كبيرة جداً
منذ أوائل الألفية الثالثة،
تخلق فرصةً لمناقشة هذا المؤشر
أكثر في العمق. فما هي البطالة؟ تعريفاً هي مؤشر لنسبة من
أجابوا في الاستقصاء المذكور
أنهم لم يعملوا ولو ساعة واحدة
في الأسبوع الذي سبق لحظة
سؤالهم، على مجمل الناشطين
اقتصادياً بين السكان. وفي
الحقيقة يطرح شقا هذه النسبة/الكسر
إشكاليات عديدة. فكثيراً ما تتم مناقشة بسط الكسر (الشق
الأعلى من النسبة) إذ ما معنى أن
يشتغل الإنسان ساعةً على الأقل
في الأسبوع؟ حيث إن هناك
موسميةً في العمل في سورية
لناحية العمل الزراعي، وتنخفض
نسبة البطالة في الربيع وأوائل
الصيف حيث يقوم مئات الآلاف من
العمال الزراعيين بأعمال
القطاف والحصاد، وكذلك في
السياحة مع زيادة ملحوظة في
البطالة في النشاط السياحي في
فصل الشتاء. من ناحية أخرى، حتى
فيما عدا الموسمية، لا يعني
العمل لساعة واحدة بتاتاً أن
هناك عملاً «لائقاً» (حسب
التعريف الجديد الذي أحدثته
منظمة العمل الدولية) وغير هش
يستطيع أن يحقق كرامة الإنسان
الذي يشتغل ويكسب قوته وهنا لا
تكمن المشكلة فقط في أن حصة
التشغيل في القطاع غير النظامي (وتعريف
هذا القطاع هو تعريف نشاط
اقتصادي غير رسمي، وليس طبيعة
عمل) تبقى كبيرة في سورية (حوالى
ثلث مجمل المشتغلين)، كما في
كثير من الدول النامية؛ بل إنها
تكمن أيضاً في طبيعة التشغيل في
القطاع المعرف نظامياً (أيضاً
حوالى ثلث آخر من التشغيل): إذ إن
أكثر من نصف المشتغلين في هذا
القطاع «يعملون لحسابهم الخاص»،
أي إن الأعداد الكبيرة منهم هم
أصحاب أعمال صغيرة (كسائق سيارة
أجرة مثلاً)، كما أن جزءاً
ملحوظاً منهم (خاصةً في حال
النساء) يعملون في مؤسسات
عائلية (أي مع أقاربهم دون أجر)،
حتى أن معظم العاملين بأجر في
القطاع النظامي ليست لهم عقود
عمل وليسوا مسجلين في التأمينات
الاجتماعية (التي لا تغطي في
أغلب الحالات سوى حوادث العمل
وليست تأميناً صحياً متكاملاً
ودفعات لنظام معاشات التقاعد).
معنى هذا أن أكثر من 80% من المشتغلين في
سورية (خارج القطاع الحكومي) هم
مشتغلون غير نظاميين (دون عقود
نظامية) فماذا سيحدث لهؤلاء
مثلاً إن لم يكن هناك خدمات صحية
مجانية في المستشفيات الحكومية
في سورية (والتي تتناقص حالياً
مع سياسات «التحرير الليبرالي»
في القطاع الصحي)؟ وكيف سيكسبون
عيشهم عندما سيصلون إلى سن
الشيخوخة دون التضامن العائلي؟
وعلى أي أساس يمكن إقامة نظام
تعويض بطالة لدرء آثار الأزمة
الاقتصادية أو سياسات إلغاء
الدعم الحكومية مع هذا العدد
المهيمن لغير النظاميين؟ من ناحية أخرى، لا بد من الإشارة أن بلد
العمل ليس واضحاً في
الاستقصاءات. فهناك أعداد
ملحوظة من السوريين يعملون في
لبنان (3)، موسمياً أو كهجرة
دائرية (أي أن يعمل هناك خلال
الأسبوع ويعود في العطلة إلى
قريته أو بلدته) دون حماية
اجتماعية حسب القانون اللبناني
باتفاقٍ تم توقيعه عام 1994 بين
البلدين الشقيقين. كما فتح
الاتفاق الجديد مع تركيا للعبور
دون سمات دخول مجالاً لهجرةٍ
دائريةٍ مماثلة مع هذا البلد.
فهل الذي أجاب في الاستقصاء
بأنه كان يعمل، قد عمل في سورية
أم في الخارج؟ هناك حاجة إذاً في بلدنا لإعادة تحديد
مفهوم «العمل» أو «الشغل»، أوسع
من مفهوم «العمل بأجر»، ما لم
تلحظه مسودة قانون العمل الحالي:
فالعامل هو (فقط) «كل شخصٍ طبيعي
يعمل لقاء أجر لدى صاحب عمل وتحت
سلطته وإشرافه» والمتعطل هو «كل
مواطن سوري قادر على العمل
ويرغب فيه ويبحث عنه ومتاح له،
إلا أنه لم يجد الفرصة لذلك» (4).
هكذا فإن المشتغلين لحسابهم الخاص (بمن
فيهم سائق سيارة الأجرى هذا)
ليسوا عاملين، ولا يمكن أن
يكونوا متعطلين (إذا خربت سيارة
الأجرة مثلاً)، وكذلك المشتغلون
لدى أسرهم. فهل يمكن الاستمرار
بربط مفهوم «العمل» في سورية
فقط بالعمل بأجر، في حين يغيب
الطابع المؤسساتي في أغلب
الأحيان عن منشآت العمل؟ وهل
العامل الزراعي «عامل أم فلاح»؟
وهل يعقل أن العامل هو «كل شخص
طبيعي» (دون تحديد الجنسية) في
حين أن المتعطل هو تحديداً «مواطنٌ
سوري»؟ ألا يتساوى جميع
المقيمين أمام القانون؟ إشكاليات أكبر يطرحها قاسم مؤشر البطالة (أي
شق الكسر الأسفل): أي قوة العمل
أو السكان الناشطون اقتصادياً
وهذه نادراً ما تتم مناقشتها.
فمن ناحية أولى، تعرف قوة العمل
انطلاقاً من مجمل السكان في سن
العمل وهذا لا يعني فقط
المواطنين السوريين المقيمين،
بل أيضاً يوجد عندنا اللاجئون
الفلسطينيين و«أجانب تركيا» (4)
ومؤخراً اللاجئون العراقيون. كل
هؤلاء يشاركون فعلياً (ويكفي
زيارة ضاحية جرمانا في دمشق
وإقليم الجزيرة) في سوق العمل،
وأعدادهم كبيرة (يتخطى بسهولة 10%
من المواطنين السوريين
المقيمين). فهل يتم احتسابهم
حقيقةً في قوة العمل، وكذلك في
استقصاءات المشتغلين
والمتعطلين، كما في الدول
الأخرى؟ وماذا عن احتساب
الخادمات (من جنسيات آسيوية
لأغلبيتهم) في المنازل في قوة
العمل والشغل؟ ألسنَ مقيمات
ويعملنَ نظامياً. هناك إذاً إشكالية في التعريف «السكاني»
لقوة العمل والمشتغلين. بل
الأمر أصعب من ذلك؛ حيث تشير
الاستقصاءات أن حجم قوة العمل
في سورية بقيت تقريباً ثابتة في
عددها بين 2002 و2008 (5)، فأين ذهب
الوافدون الجدد المتوقعون إلى
سوق العمل الذين يقدر عددهم بين
250 و300 ألف سنوياً (الإجمالي على
ست سنوات أكثر من 1.5 مليون نسمة)،
حسب التزايد الطبيعي للسكان
ووصول الفئة العمرية الخاصة بهم
إلى سن العمل؟ فهل يعقل أن هؤلاء
لا يرغبون بالعمل (وأن ينشطوا
اقتصادياً)؟ عند التحليل التفصيلي يتبين أن هناك
سببين لعدم ازدياد حجم قوة
العمل: الهجرة (شبه الدائمة) إلى
الخارج، حيث تشير معطيات وزارة
الداخلية أن المغادرين دون عودة
يعدون بمئات الآلاف في السنوات
الأخيرة؛ وكذلك تتسارع الهجرة
من الريف إلى المدينة (حيث فقدت
قوة العمل الزراعية أكثر من 40%
من قوامها منذ 2001) مع خروجٍ
كثيفٍ للنساء من المشاركة في
النشاط الاقتصادي لدى وصولهن
إلى المناطق غير النظامية في
المدن المكتظة بالباحثين عن عمل.
هكذا انخفضت مشاركة المرأة في
النشاط الاقتصادي إلى حدود ال14%،
بدل ال21% أوائل الألفية. وفي حين
يتم توجيه الأصابع دولياً إلى
الرقم الأخير، وهو متوسط الدول
العربية، على أنه الأدنى في
العالم، فما بالكم بانخفاضه
بمقدار الثلث؟ بانتظار التوضيحات اللازمة في مسوح قوة
العمل، والتعديلات القانونية
اللازمة لضمان حق التشغيل لجميع
السكان (المضمون بالدستور)، ما
يهم في بلدٍ كسورية ليس إذاً
مؤشر البطالة، خاصةً وأن أكثر
من 80% ممن يستقصون على أنهم
عاطلون عن العمل «لم يعملوا قط
في السابق»!. ما يهم في سورية هو
مساءلة الحكومة والسياسات عن
عدد فرص العمل الصافية التي
تخلق كل عام. وهنا الأرقام قاسية:
إذ لم يتم وسطياً خلق سوى 27 ألف
فرصة عمل كل عام بين 2001 و2008 (للرجال
زيادة 41 ألفاً سنوياً وللنساء
فقدان 14 ألفاً)؛ علماً أن عام 2008
وحده قد أدى إلى فقدان صاف لمئة
ألف فرصة عمل. فماذا يفعل الأكثر
من 250 ألف وافدٍ جديد إلى سوق
العمل... سوى الهجرة للحصول على
كرامة العمل والعيش. يجب إذاً
ألا تقوم المساءلة عن السياسات
الحالية على أساس أرقام البطالة
السنوية، بل عن مؤشرات أخرى. كم
ازدادت قوة العمل كل سنة وكيف
تقارن هذه الزيادة بعدد
الوافدين الجدد الديموغرافي؟
كم حجم الهجرة السنوية إلى خارج
البلاد، وما نوعية تأهيل
المهاجرين؟ كم حجم الهجرة
الداخلة إلى البلد وما وضعية
هذه الهجرة في سوق العمل؟ وما
حقوق العمال المهاجرين؟ كم فرصة
عمل تم خلقها كل عام ؟ وفي كل
قطاعٍ اقتصادي (خاصةً الصناعة)؟
كم فرصة عمل مع عقدٍ نظامي يتم
خلقها كل سنة، وما حقوق هؤلاء
فيما يتعلق بالتأمينات الصحية
وضمان التقاعد؟ وكم عدد
العاملين لحسابهم الخاص الذين
يتم تنظيمهم كل عام وإدراجهم في
أنظمة الحماية الاجتماعية؟ كم
عدد العاطلين منذ زمنٍ طويل
الذين يعاد ضمهم إلى سوق العمل
كل عام؟ الزيادة السنوية في قوة العمل مؤشر هام،
إذ إنه الوحيد عن الهجرة
الخارجية والداخلية في الفترة
ما بين المسوح السكانية الشاملة
(كل عشر سنين). فالبلد الذي يفقد
قوة عمله الشابة الوافدة... يفقد
بالتالي قدرته على بناء الغد. وللحديث صلة. • رئيس منتدى الاقتصاديين العرب- باريس
ــــــ 1- جمعية العلوم الاقتصادية 2009 و2010. 2- تم في 2001 استحداث مكاتب تشغيل في سورية،
وصل عدد الباحثين عن عمل
المسجلين فيها في 2008 إلى 1.7
مليون نسمة، أي 31% من قوة العمل
السورية، يزدادون 120 ألفاً كل
عام، أي أقل من عدد الوافدين
الجدد السنوي لسوق العمل.
وسطياً تم سنوياً توظيف 38 ألفاً
منهم في القطاع الحكومي (ومع ذلك
لن يزيد عدد المشتغلين في
القطاع الحكومي سوى بنسبة 1.3%
سنوياً مع خروج الكثيرين
للتقاعد) و375 في القطاع الخاص!.
3- تشير التقديرات أنهم بين 300 و700 ألف
مشتغل سوري في لبنان، أي بين 6 و14%
من قوة العمل السورية. 4- مشروع قانون العمل الجديد، نسخة 1/9/2008.
5- ويقصد هنا أكراداً يقطنون في سورية ولا
يحملون الجنسية السورية، راجع
مقال جمال باروت: كيف نشأت مشكلة
«أجانب تركيا» في سورية؟،
لوموند ديبلوماتيك النشرة
العربية، آب 2009. 6- بينت استقصاءات المكتب المركزي للإحصاء
أن قوة العمل في سورية كانت 5.5
ملايين نسمة في 2002 وأضحت 5.4
ملايين في 2008!. ================================== المستقبل - الثلاثاء 9 شباط 2010 العدد 3563 - رأي و فكر - صفحة 19 د. أسعد عبدالرحمن عام مر على العدوان الاسرائيلي على قطاع
غزة والذي ظن الاسرائيليون
أنهم، من خلاله، قادرون على
القضاء على المقاومة
الفلسطينية. غير انه سرعان ما
تبين، بحسب الخبراء العسكريين،
أنه كان - بجزء مهم منه - "نكسة"
لجيش "الدفاع" الاسرائيلي. ونحن إذ نتحدث عن "السقوط المدوي"
فلا نتحدث عن النتائج العسكرية
بقدر ما نشير إلى السقوط
السياسي/ الإعلامي/ الأخلاقي/
المدوي لإسرائيل في ذلك العدوان. وبعيدا عن مسألة المنتصر والمهزوم، لا
تصب كامل تداعيات العدوان/
المجزرة في مصلحة إسرائيل، ذلك
أن أولا: صورتها الدولية تشوهت
بل ودينت كدولة، وهو ما بينه
تقرير "غولدستون". ثانيا:
ظهور صوت مسموع، عالميا،
للحركات اليهودية المناوئة
للاحتلال الاسرائيلي، حيث
تحولت مواقف عدد متزايد من
اليهود تجاه إسرائيل، خصوصاً في
الولايات المتحدة واوروبا من
جراء المفارقات ضد مدنيين عزل.
ويكفي أن مجلة "ذي نايشن
الاميركية"، اليهودية،
اعتبرت حرب غزة "الكارثة
الأسوأ في العلاقات العامة في
تاريخ إسرائيل". ثالثا: بات
القادة الاسرائيليون يخافون
السفر إلى أي مكان (يطبق فيه
القانون) خوفا من محاكمتهم
بجرائم الحرب التي ارتكبوها في
القطاع، وحالة (تسيبي لفني) ليست
حالة يتيمة. يقول الكاتب الاسرائيلي المعروف (جدعون
ليفي) في مقال بعنوان "عام
الخزي الاسرائيلي": السنة
التي مرت كانت سنة عار
لاسرائيل، عارها الاكبر من كل
الاوقات. من المخجل ان يكون
الواحد اسرائيليا اليوم. في
ميزان تلك الحرب التي لم تكن
حربا وانما هجمة وحشية، سيسجل
الضرر الفادح الذي لحق بمكانة
اسرائيل، مع اللامبالاة والعمى
الشعبي ازاء ما حدث في غزة. حتى
اولئك الذين ما زالوا يعتقدون
بان الهجمة كانت مبررة وضرورة
وان وقف صواريخ القسام لم يكن
ليحدث من دون هجمة قوية -
لايمكنهم تجاهل الثمن السياسي
والاخلاقي الذي تدفعه اسرائيل
مقابل العنف الذي مارسته.
صورتها في نظر العالم وليس في
نظر مواطنيها اقبح بكثير مما
كانت قبل عام". ومن جهته، يقول
ناشط السلام والكاتب
الإسرائيلي (يوري أفنيري): حرب
غزة - بدءاً من القرار بإلقاء
الجيش في منطقة كثيفة السكان،
وحتى استخدام ذخائر الفسفور
الأبيض والذخائر الحارقة - نشرت
غيمة قاتمة فوق إسرائيل. مئات
الملايين من الناس شاهدت وسمعت،
وتغيرت نظرتهم إلى إسرائيل نحو
الأسوأ. لقد وجهت هذه الحرب ضربة
قاتلة لموقف إسرائيل في العالم".
لا يمكن قياس نتائج الحرب/ المجزرة من دون
وضع هذه الحقائق على الميزان.
والنتيجة هي أن الضرر الذي لحق
بسمعة إسرائيل، جراء العدوان،
كان كبيرا بحيث انها لربما تكون
قد غيرت قواعد التعامل بين حركة
حماس وإسرائيل. فالحرب على غزة
لم تنته كون القتل بالتجويع
والحصار هو نوع من استمرار "الحرب"
القاتلة. وفي ذلك تقول صحيفة "الأوبزيرفر"
البريطانية في مقال افتتاحي
بعنوان "الحرب اضرت بسمعة تل
ابيب الاخلاقية": "إن إخفاق
إسرائيل في طرد حماس من القطاع،
بعد مغامرتها اللبنانية لعام 2006،
قد يكون دليلا على وهن الجيش
الإسرائيلي. يصعب تقدير حجم
الضرر الذي لحق بسمعة إسرائيل
الأخلاقية. كذلك، بات العديد من
السياسيين الإسرائيليين
يحاولون تجنب عدد من البلدان
مخافة المتابعة القضائية بتهم
جرائم حرب". وتؤكد الصحيفة:
"من الآثار التي ينبغي عدم
تجاهلها، هي عودة (بنيامين
نتنياهو) إلى الحكم، وما يترتب
على هذه العودة من احتضار
لعملية السلام". مرة إضافية، يثبت ان العقلية العسكرية
الاستعمارية /"الاستيطانية"
الإسرائيلية قاصرة عن استيعاب
حقيقة بسيطة مفادها أن القوة
العسكرية لا تستطيع أن تحقق
الردع مع شعب عربي فلسطيني
أغلبيته من اللاجئين العزل
والمحاصرين، وبخاصة وانه شعب
ليس لديه ما يخسره بل هو يملك
القضية والكرامة والإرادة
للمقاومة. وبين الحين والآخر،
يعود الحديث إسرائيليا عن حقيقة
نتائج الحرب على قطاع غزة
متواكبا مع تصدع الرواية
الإسرائيلية عن تحقيق أهداف ذلك
العدوان. تلك النتائج التي لم
يصمد منها حتى الآن في "رواية"
المدافعين عن الحرب سوى موضوع
تحقيق "الردع الإسرائيلي"
في مواجهة حماس، حيث بموجبها
تسوق لجمهورهم "قدرة"
الجيش الإسرائيلي التي هي -
واقعا - قدرة على التدمير وقتل
المدنيين!! بعد عام على العدوان ضد القطاع، تكشفت
حقائق جديدة من ضمنها فشل
محاولة كسر روح المقاومة
والصمود لدى الشعب الفلسطيني.
ورغم أهمية هذه الحقيقة وغيرها
مما كشفت عنه الحرب الظالمة
تلك، إلا أن الأهم هو ما حدث
إسرائيليا، حيث باتت الدولة
الصهيونية أكبر دولة معاصرة
يطفو تاريخها الملطخ بالدماء
على السطح، وتتشوه صورتها في
العالم على نحو لا ترميم معه
لتلك الصورة، فيما أدركت قوى
سياسية مثقفة فيها بان سياسة
القتل واستهداف المدنيين
الفلسطينيين كوسيلة ضغط
للابتزاز السياسي لم تعد وسيلة
ناجحة. كما أن الذرائع
الاسرائيلية التي تمحورت حول
استهداف العدوان وقف صواريخ
المقاومة من القطاع أثبت عقمها
مع استمرار الإمكانية الأكيدة
لاطلاق الصواريخ. بل إن الهدف
الثاني المعلن عنه، إسرائيليا،
للعدوان والمتمثل بالافراج عن
الجندي (جلعاد شاليط) الأسير منذ
أكثر من ثلاث سنوات لدى فصائل
المقاومة الفلسطينية، لم ينجح.
كما كشفت بيانات رسمية
إسرائيلية عن الخسائر المالية
التي تكبدها الاقتصاد
الاسرائيلي، حيث اعترف (دفيد
آرتسي) رئيس "معهد الصادرات
الإسرائيلي" بأن الخسائر
التي لحقت بقطاع الصناعة
الاسرائيلي إبان العدوان تقدر
بأكثر من مليار دولار. ورغم
أهمية كل هذه الخسائر، فان
الخسارة الأكبر للدولة
الصهيونية تتجسد في ذلك السقوط
الإعلامي/ السياسي/ الأخلاقي
الذي كشف، من جديد وبقوة، عن
الوجه القبيح لإسرائيل، وهو
الأمر الذي لا تزال تداعياته
مستمرة! ============================= على أبواب المرحلة "الإسرائيلية" آخر تحديث:الثلاثاء ,09/02/2010 الخليج فهمي هويدي إذا صدقت
الإشارات التي تبثها وسائل
الإعلام المختلفة هذه الأيام،
فهي تعني أن منطقة الشرق الأوسط
تستدرج بشكل حثيث للدخول في
المرحلة “الإسرائيلية” . 1 التسخين الراهن الذي يلوح باحتمالات
اندلاع الحرب في المنطقة يبدو
مفاجئاً . ذلك أن حسابات بداية
العام كانت توحي بأن شبح الحرب
لن يلوح في الأفق قبل نهاية
العام الحالي . وانبنت تلك
الحسابات على أساس تقدير الموقف
الأمريكي بوجه أخص، ذلك أن ثمة
اتفاقاً بين الخبراء على أن أي
حرب تشنها “إسرائيل” في
المنطقة إذا لم تكن بمشاركة
أمريكية فلن تقع بغير موافقة
منها، بمعنى أن واشنطن ستكون في
كل الأحوال طرفاً فيها، سواء
بحكم تحالفها الاستراتيجي مع “إسرائيل”،
أو بحكم حساباتها ومصالحها
الاستراتيجية المفترضة في
المنطقة . التقدير الذي أشرت إليه وضع في الحسابات
العوامل التالية: أولوية الأزمة
الاقتصادية الداخلية في أجندة
الرئيس أوباما ومشروعاته التي
يريد تمريرها من الكونجرس،
تحسبه لانتخابات الكونجرس
النصفية في شهر نوفمبر/تشرين
الثاني المقبل خصوصاً في ظل
تراجع التأييد الشعبي له،
انتظاره لإتمام انسحاب القوات
الأمريكية من العراق الذي يفترض
أن يبدأ في شهر أغسطس/آب القادم،
ورطة القوات الأمريكية
والدولية في أفغانستان . كان الظن أن الإدارة الأمريكية لن تتحمس
لأي عمل عسكري جديد في المنطقة
ما دامت هذه العوامل قائمة .
خصوصاً أن احتمالات ردود
الأفعال المترتبة عليه واسعة
ومحفوفة بالمخاطر، إذ يفترض أن
يوجه العمل العسكري إما ضد
سوريا و لبنان أو ضد إيران أو ضد
الثلاثة في نفس الوقت، والأخيرة
هي الهدف الأساسي، لأن تقدم
طهران في مشروعها النووي يشكل
خطاً أحمر، باعتبار أن من شأن
ذلك ظهور قوة ردع حقيقية ل”إسرائيل”
تهدد انفرادها بصدارة القوة في
الشرق الأوسط . وفي الحسابات “الإسرائيلية”
أن توجيه الضربة العسكرية
لإيران يستلزم تأمين محور سوريا
- جنوب لبنان لتجنب احتمال صدور
أي قصف من هذه الجبهة، وخطوة من
ذلك القبيل ليست مهمة ل”إسرائيل”
فحسب، ولكنها مهمة للولايات
المتحدة أيضاً، إذ إن المحور
المتمثل في إيران وحزب الله
وسوريا، مضافاً إليه المقاومة
الفلسطينية التي تتصدرها حركة
حماس لا يزال يمثل الرباعي
المتمرد على السياسة الأمريكية
في المنطقة . 2 ليس سراً أن “إسرائيل” وأذرعها الممتدة
في الولايات المتحدة ما برحت
تلح على توجيه الضربة العسكرية
إلى إيران، ولم يكن هناك خلاف
بين الطرفين على المبدأ، وإنما
اختلفت التقديرات حول التوقيت
والتدابير الأخرى . لكن يبدو أن
كفة الحسابات “الإسرائيلية”،
أصبحت أرجح خلال الأسابيع
الأخيرة، التي شهدت تسخيناً في
التصريحات وتصعيداً في
الإجراءات المتخذة على الأرض .
وترتب على ذلك أن أصبح موضوع
الحرب عنواناً رئيساً في صحف
الأسبوعين الأخيرين . فتحدثت
صحيفة “الشروق” عن حرب “إسرائيلية”
متوقعة في عام ،2010 وذكر الرئيس
بشار الأسد أن “إسرائيل” تدفع
المنطقة إلى الحرب، ونشرت صحيفة
“الأهرام” أن مصر طالبت “إسرائيل”
بوقف التلويح بالحرب ضد أي دولة
عربية . وأضفت تصريحات التهديد
التي أطلقها وزيرا الدفاع
والخارجية “الإسرائيليان”
مزيداً من السخونة والتوتر على
الأجواء، في حين تناقلت الصحف
أخباراً عن حشود “إسرائيلية”
ومناورات عسكرية على الحدود مع
لبنان، وأخباراً أخرى عن
الاستنفار بين قوات حزب الله
واستدعاء سوريا لعناصر “الاحتياط
الرابع”، وبعضهم عمال يعيشون
في الأراضي اللبنانية . وخرجت
علينا صحيفة نيويورك تايمز في
(30/1) بتقرير ذكر أن الولايات
المتحدة بصدد نشر أنظمة صواريخ
مضادة للصواريخ في دول منطقة
الخليج، تحسباً لهجوم إيراني
محتمل (رداً على الضربة
العسكرية المفترضة)، ذكر
التقرير أيضا أن سفناً حربية
أمريكية بصدد الانتشار أمام
السواحل الإيرانية . وهذا الذي
تحدثت به الصحيفة الأمريكية
أيده وزير خارجية البحرين، الذي
أكد أن الولايات المتحدة نشرت
الأنظمة المذكورة، مضيفاً أن
وجودها يدخل في نطاق “الترتيبات
الدفاعية” . وإذ تزامن ذلك مع
الزيارات التي قام بها رئيس
المخابرات المركزية الأمريكية
لبعض عواصم المنطقة، فإن تلك
الشواهد توضح لنا مغزى تصريح
عمرو موسى الأمين العام لجامعة
الدول العربية في باريس الذي
قال فيه إن “المنطقة تسير على
صفيح ساخن بصورة غير مسبوقة” . حتى إذا كانت تلك حرب أعصاب، للتخويف قبل
الحرب الحقيقية فما يهمنا فيها
أن مجمل المسار يمثل استجابة
للاستراتيجية “الإسرائيلية”
التي لا ترى بديلاً عن إجهاض
المشروع النووي الإيراني
وتصفية قوى الممانعة في
المنطقة، بحيث لا يعلو فيها صوت
على صوت “إسرائيل” والولايات
المتحدة الأمريكية . وسط هذه الأجواء حدث تطوران مهمان في
الولايات المتحدة، الأول أن
مجلة “تايم” نشرت في 21/1 حواراً
مستفيضاً مع الرئيس أوباما
لمناسبة مرور سنة على توليه
السلطة، عبر فيه عن شعوره
بالإحباط إزاء الآمال التي كان
قد علقها على جهود إحياء عملية
السلام في المنطقة . وقال إنه
هون في بداية عهده من الصعوبات
التي تعترض تسوية الصراع العربي
- “الإسرائيلي”، وأنه لو أدرك
طبيعة تلك الصراعات مبكراً ما
كان له أن يرفع سقف توقعاته (كان
أوباما قد دعا إلى وقف
الاستيطان والتوسع النسبي في
تطبيع العلاقات مع “إسرائيل”،
لإطلاق مفاوضات تسوية القضية
ولكن “إسرائيل” رفضت وقف
الاستيطان) . الحدث الثاني كانت دلالته أعمق، ذلك أن
الرئيس الأمريكي وقف في 27/1 لكي
يلقي خطبة الاتحاد، التي تحدث
فيها عن أهم التحديات والقضايا
الداخلية والخارجية، وجاءت
الخطبة في 5700 كلمة، لم تذكر فيها
القضية الفلسطينية ولو بكلمة
واحدة . وكان ذلك انتصاراً آخر
للسياسة “الإسرائيلية” . 3 حين أسقط أوباما الملف الفلسطيني من
خطابه الأخير، فإنه أراد أن
يبعث بعدة رسائل إلى من يهمه
الأمر في بلادنا . أولى هذه
الرسائل أن أهمية القضية
تراجعت، وصارت هما إقليمياً
وليس شأناً دولياً . ثانيها أنه
ترك الباب مفتوحاً لما يمكن أن
يحققه مبعوثه إلى المنطقة
السناتور جورج ميتشل في جولاته
المكوكية بين العواصم العربية و”إسرائيل”
. الرسالة الثالثة أنه لم يرد أن
يضع أي قيد يحول دون تحقيق
التطلعات “الإسرائيلية” التي
أدرك أن السلطة الفلسطينية
والدول العربية “المعتدلة”
على الأقل يتعاملون معها بمرونة
مشهودة . كان واضحا أن رئيس الوزراء “الإسرائيلي”
بنيامين نتنياهو كسب جولته في
واشنطن، واستطاع أن يوقف الرئيس
أوباما عند الحدود التي أرادها
دون أن يدفع ثمناً لذلك، لا من
مشروعات التوسع والاستيطان ولا
من عملية التهويد المستمرة على
قدم وساق في القدس . كما أنه نجح
في إقناع الجميع بمن فيهم بعض
العرب بأن إيران هي المشكلة وهي
مكمن الخطر ومصدره . نتنياهو لم يهزم الرئيس الأمريكي فحسب
ولكنه ذهب إلى أبعد، حين نجح في
توظيف نفوذ الإدارة الأمريكية
في تكثيف الضغوط على العرب لكي
يقدموا مزيداً من التنازلات
المجانية ل”إسرائيل” . والهدف
من هذه التنازلات هو التراجع عن
مطلب وقف الاستيطان . والعودة
إلى طاولة المفاوضات “من دون
شروط مسبقة”، كما ذكر رئيس
الوزراء “الإسرائيلي” . وتدل
الشواهد المختلفة على أن هذا
الهدف تم الاتفاق عليه، والحاصل
الآن هو الإعداد لإخراجه بشكل
مقبول، ذلك أن مطلب وقف
الاستيطان تم التراجع عنه بصورة
تدريجية، أمام تمسك الحكومة “الإسرائيلية”
باستمراره رغم مخالفته الصريحة
والزاعقة لأحكام القانون
الدولي . من ثم جرى الحديث عن “تعليق
مؤقت” بحيث لا يشمل القدس أو
تصريحات البناء السابقة . (الأمر
الذي يعني إقراراً بشرعية ما
سبق بناؤه) . بعد ذلك جرى الحديث
عن “ضمانات” أمريكية، يمكن
تبيعنا كلاماً معسولاً، لكننا
نعرف مسبقاً إلى أي جانب ستنحاز
في نهاية المطاف . كلام نتنياهو عن رفض “الشروط المسبقة”،
الذي أيدته فيه وزيرة الخارجية
الأمريكية، لا يعني سوى أمرين،
أولهما التغاضي عن التوسع
الاستيطاني والتهويد وغير ذلك
من الوقائع التي تفرضها “إسرائيل”
على الأرض . وثانيهما تحويل
المفاوضات إلى هدف يؤدي إلى
تسكين أو تخدير الوضع الفلسطيني
والعربي، بدعوى أن جهود التسوية
مستمرة . وهذا التسكين يوفر
مناخاً مواتياً ل”إسرائيل”
لأن تعربد على الجبهات الأخرى
من سوريا إلى لبنان وصولا إلى
إيران، لتضمن تركيع المنطقة
بأسرها . 4 “إسرائيل” مطمئنة إلى أنه في ظل العجز
العربي الراهن، فإنها لن تصادف
عقبة في تحقيق مرادها . فأبو
مازن لم تعد لديه أية خيارات
أخرى بعدما أصبح يتباهى بأنه
قضى على المقاومة في الضفة
الغربية التزاماً منه ببنود
خريطة الطريق، وهو “الإنجاز”
الذي أسهم فيه التعاون الأمني
مع “الإسرائيليين”، أما بقية
الدول العربية وفي المقدمة منها
ما سمي بمعسكر “الاعتدال”
فإنها اكتفت بالمبادرة العربية
المفتوحة التي أبرأت ذمتها
بإعلانها . ويبدو أنها على
استعداد لمراجعة بعض بنودها
التي اعترضت عليها “إسرائيل”،
وعلى رأسها البند الخاص بحق
عودة اللاجئين إلى ديارهم . في
هذا الصدد لا بد أن يستوقفنا
تصريح وزير الخارجية المصري عقب
اجتماع الرئيس مبارك مع نتنياهو
الذي زار القاهرة في 29 ديسمبر/كانون
الأول ،2009 الذي قال فيه إن
اللقاء كان “إيجابياً للغاية”
. وهو ما يعني أن ثمة تفاهماً بين
الطرفين (للأسف!) حول العناوين
الرئيسة على الأقل . الخلاصة لا هي صعبة أو مستعصية . ذلك أنه
بعد استبعاد الخيارات الأخرى،
والالتزام بالمفاوضات فحسب،
وتسليم مفاتيح القضية للولايات
المتحدة الأمريكية التي كفت عن
مطالبة “إسرائيل” بشيء، فإن
نتائج المفاوضات المرتقبة
والتنازلات المرجوة منها تصبح
محسومة لصالح الطرف “الإسرائيلي”
. خصوصاً أنه ليست لدى الطرف
الفلسطيني أي أوراق يضغط بها أو
أية خيارات أخرى يلجأ إليها .
وهو ذاته الحاصل مع أغلب الدول
العربية . سيناريو الدخول في المرحلة “الإسرائيلية”
لا هو أكيد ولا هو مضمون مائة في
المائة، لكنه مرجح فحسب . وثمة
عوامل ثلاثة يمكن أن تحول دون
تحقيق مبتغاه، الأول أن يشعل
الرد الإيراني على العمل
العسكري “الإسرائيلي” حريقاً
يصعب السيطرة على حدوده أو
تداعياته . الثاني أن تتغير
توازنات الساحة الفلسطينية،
سواء بانتفاضة ثالثة في الداخل،
أو انتفاضة سياسية في الخارج
تعبر عن موقف الأغلبية الصامتة
الفلسطينية التي لا هي فتح ولا
هي حماس . أما العامل الثالث فهو
أن يتغير شيء في المعادلة
العربية يستنقذ الأمة من الوهن
الذي استسلمت له . وهذه عوامل
تختلط فيها التمنيات بالأحلام،
لكن ربك قادر على كل شيء، خصوصاً
إذا وجد من يستحقون النصرة . ============================= التخبط في الخروج من وضع
السقوط الحر آخر تحديث:الثلاثاء ,09/02/2010 الخليج جوزيف ستيجلتيز كانت الهزيمة في انتخابات مجلس الشيوخ في
ماساتشوستس سبباً في حرمان
الديمقراطيين الأمريكيين من
الأصوات الستين المطلوبة
لتمرير مشروع قانون إصلاح
الرعاية الصحية وغيره من
التشريعات، بل لقد أدت هذه
الهزيمة إلى تغير السياسة
الأمريكية في الوقت الراهن على
الأقل . ولكن تُرى بأي شيء
تنبئنا هذه النتيجة عن الناخبين
الأمريكيين والاقتصاد
الأمريكي؟ إن الأمر لا ينذر بتحول إلى اليمين كما
يقترح بعض الخبراء . بل إن
الرسالة في مجملها أشبه بتلك
التي أرسلها الناخبون إلى
الرئيس بِل كلينتون منذ سبعة
عشر عاماً: “المهم الآن هو
الاقتصاد يا غبي! والوظائف
الوظائف الوظائف” . والواقع أن
الناخبين في ولاية أوريجون، على
الجانب الآخر من الولايات
المتحدة نسبة إلى ماساتشوستس،
مرروا استفتاءً يؤيد زيادة
الضرائب . لقد أصبح الاقتصاد الأمريكي في حالة من
الفوضى حتى لو عاد النمو وعاد
المصرفيون إلى تلقي مكافآت
هائلة . ذلك أن أكثر من واحد من
كل ستة أمريكيين راغبين في
الحصول على وظيفة بدوام كامل
عاجزون عن الفوز بفرصة عمل؛
فضلاً عن ذلك فإن 40% من العاطلين
عن العمل خسروا وظائفهم منذ
أكثر من ستة أشهر . وكما أدركت أوروبا منذ زمن بعيد، فإن
المصاعب تتزايد كلما طالت مدة
البطالة، مع تدهور مهارات العمل
والآمال وزوال المدخرات . وسوف
يتجاوز عدد حالات حبس الرهن
العقاري المتوقعة في هذا العام
(2،5 مليون إلى 3،5 مليون حالة)
نظيره في عام ،2009 كما بدأ العام
الحالي بما نستطيع أن نعتبره
أول موجة من العديد من موجات
الإفلاس العقاري التجاري
الضخمة . حتى إن مكتب الميزانية
في الكونجرس لا يتوقع عودة
البطالة إلى مستويات أكثر
طبيعية قبل منتصف هذا العقد،
حيث تشهد أمريكا الآن نسخة خاصة
بها من “الوعكة اليابانية” . وكما أشرت في كتابي الجديد “السقوط الحر”،
فقد أقدم الرئيس باراك أوباما
على مقامرة ضخمة في بداية توليه
للسلطة . وبدلاً من التغير
الملموس الذي وعد به في حملته
الانتخابية، فقد استبقى العديد
من المسؤولين الرسميين أنفسهم
في مناصبهم وحافظ على نفس
استراتيجية “انتفاع الفقراء
تدريجياً من زيادة ثراء
الأغنياء” في مواجهة الأزمة
المالية . وبدا الأمر وكأن فريقه
يقول إن أفضل وسيلة لمساعدة
مالكي المساكن العاديين
والعمال تتلخص في تزويد البنوك
بالقدر الكافي من الأموال . كانت أمريكا حين أصلحت برامج الرعاية
الاجتماعية للفقراء أثناء عهد
كلينتون قد وضعت شروطاً لتحديد
المستفيدين: إذ كان عليهم أن
يبحثوا عن وظيفة أو يشاركوا في
برامج تدريبية . ولكن حين تلقت
البنوك فوائد الرعاية
الاجتماعية أثناء الأزمة
الأخيرة فإن الحكومة لم تفرض
عليها أية شروط . ولو كانت
المحاولة المتخبطة التي بذلها
أوباما للخروج من الأزمة قد
نجحت لكانت أمريكا قد تجنبت بعض
المعارك الفلسفية الكبرى . ولكن
النجاح لم يكن حليفها، والواقع
أننا لم نشهد مثل هذه الكراهية
الشعبية الشديدة للبنوك منذ زمن
بعيد . كان أوباما يريد رأب الصدوع التي أحدثها
جورج دبليو بوش بين الأمريكيين .
ولكن الانقسامات أصبحت الآن
أوسع . ومن غير المرجح أن تنجح
محاولاته لإرضاء الجميع، والتي
كانت واضحة للغاية في الأسابيع
القليلة الماضية، في تهدئة أحد . إن صقور العجز وخاصة بين المصرفيين الذين
ظلوا كامنين أثناء إنقاذ
الحكومة لمؤسساتهم، ولكنهم
الآن عادوا، تدفعهم رغبتهم في
الانتقام يستغلون المخاوف بشأن
العجز المتنامي لتبرير خفض
الإنفاق . ولكن وجهات النظر هذه
حول كيفية إدارة الاقتصاد ليست
أفضل من أساليب المصرفيين في
إدارة مؤسساتهم . إن خفض الإنفاق الآن سوف يضعف الاقتصاد .
وما دام الإنفاق يذهب إلى
استثمارات تدر عائداً منخفضاً
لا يتجاوز 6%، فسوف تنخفض الديون
في الأمد البعيد، حتى مع زيادة
العجز في الأمد القريب، وذلك
بفضل توليد عائدات ضريبية أعلى
بسبب ارتفاع الناتج في الأمد
القريب والنمو الأسرع في الأمد
البعيد . في محاولة لتحقيق المستحيل وإيجاد
التوازن بين الحاجة إلى تحفيز
الاقتصاد وإرضاء صقور العجز،
اقترح أوباما خطة لخفض العجز،
وهي الخطة التي أدت إلى تنفير
الديمقراطيين الليبراليين في
حين كانت أصغر من أن تكفي لإرضاء
الصقور . والواقع أن بعض
المحاولات الأخرى في مساعدة
أفراد الطبقة المتوسطة في
نضالهم قد تظهر لنا توجهات
أوباما العاطفية، ولكن حجم هذه
المحاولات أقل من أن يسمح لها
بإحداث فارق حقيقي . ولكن هناك ثلاثة أشياء قادرة على إحداث
هذا الفارق: الاستعانة بحزمة
تحفيز ثانية، ووقف موجة حبس
الرهن العقاري السكني من خلال
معالجة ما يقرب من 25% من قروض
الرهن العقاري، والتي أصبحت
قيمتها أعلى من قيمة المساكن،
وأخيراً إعادة صياغة نظامنا
المالي على النحو الذي يسمح له
بكبح جماح البنوك . لقد مرت لحظة منذ عامٍ مضى حين كان بوسع
أوباما، بفضل رأسماله السياسي
الهائل، أن ينفذ برنامجه
السياسي الطموح، ثم ينتقل إلى
التعامل مع المشاكل الأخرى التي
تواجهها أمريكا بالبناء على هذه
النجاحات . ولكن الغضب إزاء
عمليات الإنقاذ، والخلط بين
عمليات الإنقاذ (التي لم تنجح في
دعم الإقراض كما كنا ننتظر منها)
وبين الحوافز (التي حققت
المطلوب منها ولكنها كانت أصغر
مما ينبغي)، والإحباط بسبب
الخسائر المتصاعدة في الوظائف،
كل هذا أدى إلى تقييد الحيز
المتاح أمام أوباما للمناورة . بل لقد نشأت بعض الشكوك بشأن إذا ما كان
أوباما قادراً على الاستمرار في
جهوده المطلوبة التي طال
انتظارها لتقليص أحجام البنوك
الأضخم من أن يُسمَح لها
بالإفلاس والحد من ميلها إلى
خوض المجازفات الطائشة . ومن دون
أن يحدث ذلك فسوف يواجه
الاقتصاد أزمة أخرى في المستقبل
غير البعيد . بيد أن أغلب الأمريكيين يركزون على
الانحدار الحالي، وليس انحدار
الغد . والواقع أن النمو على مدى
العامين القادمين من المنتظر أن
يكون هزيلاً إلى الحد الذي قد
يمكنه بالكاد من خلق العدد
الكافي من الوظائف للداخلين
الجدد إلى قوة العمل، ناهيك عن
إعادة البطالة إلى مستويات
مقبولة . ربما كانت الأسواق غير المقيدة السبب
وراء هذه الكارثة، والأسواق
وحدها لن تتمكن من إخراجنا من
هذا المأزق، أو على الأقل ليس في
أي وقت قريب . وعلى هذا فإن
التحركات الحكومية القوية
مطلوبة، ولا شك أن هذه التحركات
سوف تتطلب قدراً كبيراً من
الزعامة السياسية الفعّالة
والقوية . حائز
على جائزة نوبل في الاقتصاد
لعام ،2001 وشغل منصب رئيس مجلس
المستشارين الاقتصاديين أثناء
الفترة 1995 1997 . ============================= أعلى مراحل ايديولوجيا «الزعران» الثلاثاء, 09 فبراير 2010 مصطفى زين الحياة كانت الاستراتيجية الأميركية لتغيير
الشرق الأوسط ذات حدين، أي ان
التغيير لم يكن في اتجاه واحد.
كان في وجهه الأول نجاحاً
للولايات المتحدة في حدود معينة.
تمثل في شرذمة العراق وإبعاده
عن محيطه العربي، ووقوعه فريسة
للخلافات بين واشنطن وطهران.
وفي وجهه الآخر لم يكن لمصلحة
التصور الديني الساذج لإدارة
بوش. لا العراق خرج من وسط
الخراب ديموقراطية مثالية
للشرق الأوسط. ولا بغداد تحولت
إلى منارة لهذه الديموقراطية،
ولا إلى قاعدة للشرق الأوسط
الجديد. بل تحولت إلى عبء على
واشنطن. عبء داخلي وخارجي. مالي
واجتماعي. يهدد الدول «الصديقة»،
قبل تهديده دول محور الشر. أما الرهان على فتنة شيعية - سنية
انطلاقاً من العراق، فتبين أنها
لن تبقي احداً بعيداً من الأتون.
خرج منها العراق بخسائر فادحة.
وقد يعيده الخلاف على الحصص إلى
المربع الأول. هذا في العراق، أما في لبنان، صاحب
التجربة الأقدم في النظم
الطائفية، فكان الرهان على هذه
الفتنة لتمتد إلى قلب سورية. هذا
كان هدف الحرب الإسرائيلية عام
2006. وما تبعها من شحن مذهبي
وطائفي وضع البلد على حافة تجدد
الحرب الأهلية. المحاولة الأخطر كانت في تقسيم العرب إلى
معتدلين ومتطرفين. كانت ذات وجه
سياسي «حضاري» لكنها في العمق
كانت مذهبية. ولم تكن الولايات
المتحدة ولا إسرائيل بعيدتين عن
هذا المسعى. ولم تخف أي منهما
الهدف: تشكيل جبهة عريضة في
مواجهة سورية، إما لإجبارها على
فك تحالفها مع إيران أو إسقاط
نظامها، من خلال تحريك الجبهة
اللبنانية ضدها. كل هذه المحاولات، بالنسبة إلى دمشق،
أصبحت من الماضي. بعد المصالحة
مع الرياض أمنت الجانب اللبناني.
وأبعدت شبح العزلة العربية.
وبعد القرار الأميركي بإعادة
العلاقات معها، أوقف الغربيون
حملتهم عليها. وبدأت مرحلة
جديدة من العمل السياسي، توجته
باتفاقات كثيرة مع تركيا،
معتبرة أنها عمقها الطبيعي في
الإقليم، سواء بقي تحالفها مع
إيران أو انتهى إذا تبدلت
الأوضاع الداخلية في هذا البلد. سورية أدركت كل هذه التحولات وتبني
عليها، في حين ما زالت إسرائيل،
بحكم طبيعتها الأيديولوجية،
متمسكة بسياساتها القديمة،
يدفعها إلى ذلك انتصارها على
إدارة أميركية يتضح ضعفها يوماً
بعد يوم. ويحدوها هذا الإنتصار
إلى توزيع التهديدات شمالاً
ويميناً، خصوصاً ان الرئيس
باراك أوباما يصر في كل
تصريحاته على العلاقات المميزة
بين البلدين، ويشدد على الشراكة
الأبدية بينهما، ما يزيد عنجهية
اسرائيل وتعاميها عن الوقائع
الجديدة، فتخرج من مؤتمر
هرتسيليا، سعيدة بدراسات
أكاديمية تؤكد تفوقها، خصوصاً
دراسة رئيس الوزراء الفلسطيني
سلام فياض المتوافقة تماماً مع
رؤية نتانياهو. ولأن الأمور
بالنسبة إليها تقاس بالقوة
العسكرية، لا يرى زعماؤها حرجاً
في التهديد بحرب شاملة، أي بجر
الولايات المتحدة إليها. الوقائع الجديدة جعلت وزير الخارجية
السوري وليد المعلم يرد على «الزعران»
بلهجة غير معهودة لدى
الديبلوماسية السورية، خصوصاً
ان التهديد جاء من وزير
الخارجية أفيغدور ليبرمان الذي
يمثل أعلى مراحل تطور الفكر
الصهيوني وأكثره بؤساً وعنصرية. ============================= حكم جيد أم ديمقراطية
استهلاكية؟ بقلم :ناثان غاردلز البيان 9-2-2010 من المؤكد أن الصين تتعامل مع الأمور
بطريقتها الخاصة. فهذا هو غوغل،
الذي يعتبر رمز ثورة المعلومات،
قد وجد نفسه أخيراً في مواجهة
مباشرة مع حكام البلد الشيوعيين
وقراصنتهم الحزبيين السريين.
والاختبار التجريبي لقطار
الصين السريع الجديد «هارموني
إكسبرس»، أسرع قطار في العالم،
حدث عملياً في نفس اليوم الذي
شهد محاكمة ناشط حقوق الإنسان
ليو سياوبو. وبينما كان «هارموني
إكسبرس» يشق طريقه كالبرق بين
مدينتي جانغزو ووان في أقل من
ثلاث ساعات، كان ليو يتلقى
حكماً بالسجن 11 عاماً. وأكثر أمر ملفت للنظر في اجتماعات دافوس
لهذه السنة، هو الإدراك العام
بين مختلف الأوساط بأن الصين،
ذلك البلد المزدهر، برغم أنها
محكومة بقسوة، لم تعد نجماً
صاعداً، بل نجماً قد صعد. ولعل
الكلام الكثير في دافوس حول هذا
الموضوع، يكون عامل تحفيز لمزيد
من التأمل الذاتي في الغرب، في
كل الأمور، وليس فقط حول موضوع
الأنظمة المصرفية، بدلاً من
مجرد الاكتفاء بجولة أخرى من
توبيخ الشرق. ربما حان الوقت لإعادة النظر في
الديمقراطية كما نعرفها الآن،
ليس فقط بسبب النجاح الاقتصادي
للصين في ظل نظامها السلطوي،
والذي يعتبر رمز الحداثة
اللاغربية، بل لأن الغرب نفسه
قد تغير. ففي أجزاء كبيرة من العالم اليوم، لا سيما
في الولايات المتحدة، لم نعد
نعيش في ديمقراطيات صناعية،
ناهيك عن الأرستقراطية القائمة
على الزراعة، والتي انبثق عنها
معظم أفكار الأنظمة السياسية
ومؤسساتها. فنحن نعيش اليوم
ديمقراطية استهلاكية. في الديمقراطية الاستهلاكية، تنحو
إشارات التغذية الرجعية من
السياسة والإعلام والسوق، كلها
إلى توجيه المجتمع نحو السعي
إلى إشباع الرغبات الشخصية بشكل
فوري، ويندر وجود قدرات سياسية
للتفكير طويل الأمد، والتخطيط
واستمرارية الحوكمة، على النسق
الذي استطاع إلى الآن أن يرفع من
شأن الصين ويدفعها إلى التقدم. وعندما تجتمع ندرة القدرات السياسية
والديمقراطية الاستهلاكية من
جهة، مع البراعة التكنولوجية
القوية من الجهة الأخرى، تتضخم
التأثيرات المجتمعية وتمتد
لتتجاوز اللحظة الراهنة
والبيئة المحلية. ويتطلب هذا الواقع الجديد تعزيز قدرات
الحكم وتصميم آليات «فلترة»
مؤسساتية أفضل بتطبيق المزيد من
الضوابط والرقابة ليس فقط ضد
الاستبداد قصير الأجل الذي
تمارسه الإرادة الحرة، نتيجة
لمفهوم «رجل واحد صوت واحد»، بل
أيضاً ضد أقرب فترة انتخابية
للحملة الدائمة، عملية الشراء
الاستهلاكي الوشيكة، التقرير
ربع السنوي وحتمية «شراء
الانتباه بالنقود» في عصر
الإعلام الجديد، عن طريق
استبدال المداولات الديمقراطية
بالبرمجة الحزبية وتلفزيون
الواقع. صحيح أنه ليس بمقدور أي نظام حكم البقاء
بدون رضا المحكومين. لكن، كما
أدرك كل الحكماء السياسيين من
كونفوشيوس إلى أفلاطون، فليس
بمقدوره أيضاً الديمومة إذا خضع
بشكل مفرط إلى حكم «شهوات»
الجماهير، بحسب تعبير أفلاطون. وكما يحدث على الأغلب، فإن التطرف يظهر
الجوهر. والجميع يرى الآن أن
تجربة الديمقراطية المباشرة في
كاليفورنيا، حيث يؤول الحكم
للمبادرات التي تحظى برضى
الجماهير، قد كانت لها نتائج
تدميرية. وتظهر أزمة كاليفورنيا
انحرافات حضارة ال«دايت كوك»،
التي تريد حلاوة بدون سعرات
حرارية، واستهلاكاً بدون
مدخرات، وبنية تحتية حديثة
ومدارس جيدة بدون ضرائب. وهذا
الخلل الوظيفي الذي أصاب
كاليفورينا، ليس إلا صدى عالياً
للسياسة الأميركية ككل. وحريّ بنا، في هذا السياق، أن نعيد النظر
في افتراضاتنا في الغرب، عن
طريق تفحص أفضل الممارسات في
الصين، حيث يحتفظ الحكام بقدرات
سياسية أكبر للحكم. وفي حين يتم
إطلاق العنان لطاقات الجماهير
في مجال تنظيم المشاريع
التجارية في السوق الحرة، فإن
يد الدولة الكونفوشيوسية
الجديدة تقيد كل تلك المصالح،
باسم التناغم الاجتماعي
والأهداف طويلة الأمد. وكما يدرك الآن غوغل وليو سياوباو جيداً،
فإن نظام الصين، ملطخ، بالطبع،
بصفات تعاكس توجهات الغرب، من
حيث غياب الحريات الشخصية وحرية
التعبير وضعف حكم القانون وضعف
مساءلة السلطات، إضافة إلى شهوة
تحول تلك اليد المسيطرة القوية
إلى قبضة قمع أو راحة مفتوحة
للفساد. وبينما يتفاعل هذان النظامان (الصيني
والأميركي)، اللذان يسميهما
المؤرخ نيال فيرغسون «صيميركا»،
مع بعضهما البعض عبر حوض
الأطلسي المركز الجديد
للجاذبية العالمية فسوف تتمخض
احتكاكاتهما وانصهاراتهما عن
فرصة مهمة لابتداع شيء جديد:
فلسفة حوكمة توازن بين مصلحة
الفرد والمصلحة العامة، وبين
المنفعة الفورية والمنافع
طويلة الأمد. نظام يكبح الرغبات
الجماهيرية غير المدروسة، بدون
أن يقتل ديناميكية الطموح
الشخصي. إذا كان العنوان الأبرز للقرن العشرين هو
المنافسة بين الديمقراطية
والشمولية السياسية، فإن عنوان
القرن الواحد والعشرين سيكون
المجابهة بين إفراط
الديمقراطية الاستهلاكية من
جانب، والحكم الذي يتمتع بقدر
من الرسوخ ولا يخضع لكثير من
المساءلة الديمقراطية، من
الجانب الآخر. محرر نشرة «نظرة عالمية شاملة»
وزميل في معهد نيكولاس بيرغروين
============================= سليمان تقي الدين السفير 9-2-2010 اعتدنا القول إن الشباب قوة تغيير في
المجتمع. ثمة من يبالغ في الرهان
على مشاركة الشباب في الحياة
السياسية، وثمة من يبالغ في
الحذر من هذه المشاركة. الأفكار
الحادة القصوية دائما عرضة
للخطأ. مفهوم الشباب أصلا مفهوم
متحرك غير ساكن. فئات الشباب
العمرية متعددة ومواقعهم
الاجتماعية مختلفة وخياراتهم
الفكرية والسياسية متعددة،
وانتماءاتهم الطائفية متنوعة.
غالباً ما نخلط بين قصد الشباب
في الحركات الطالبية، وبين
الحركات الشبابية التي تتجاوز
تلك المرحلة الى الانخراط في
هيئات المجتمع المدني، وخصوصاً
الأحزاب. الشباب قوة تغيير
لأنها أكثر استجابة لظاهرة
الأفكار الجديدة ورفض التقليد،
ولأنها في مراحل معينة غير
منتجة اقتصادياً وغير محددة
المصالح في شبكة العلاقات
الاجتماعية. لكن هذه المرحلة هي
الأقصر التي تليها مرحلة البحث
عن الانخراط في الحياة العملية
ومواجهة ضغوطها وشروطها. حجم
الاستقلال النسبي في خيارات
الشباب شأنه شأن مسألة المثقفين
إلى حد ما حين تبدأ تتكون لهذه
الفئات مصالح متباينة. التحولات
التي تحصل عند الشباب سريعة
وغير مرتكزة على موقع اقتصادي
حياتي واحد. في تجربتنا
اللبنانية المعاصرة خلال أربعة
عقود تحول قادة الحركة الطالبية
ورموزها من موقع إلى مواقع أخرى.
واحد من أسباب أزمة قوى التغيير
في لبنان، واليسار في مقدمتها،
أن الشباب الذي أحدث ذاك الدويّ
والصخب الفكري والسياسي وهو
الجمهور الأوسع، أعاد اندماجه
وانخراطه في الحياة السياسية
بصورة تبدو أحياناً غير متوقعة
وغير مفهومة. غير صحيح بالمطلق
أو غير دقيق أن هذه ظاهرة
لبنانية رغم شفافية الصورة في
لبنان وسرعة التقلبات في حياته
السياسية. الجميع عليه أن يتذكر
آثار اتفاقية كامب ديفيد
المصرية الإسرائيلية على
المشهد الثقافي والسياسي
المصري. لكن هناك نماذج أخرى عن
التحولات التي حصلت بعد ثورة
الجزائر وثورة اليمن، وخاصة
الجنوب اليساري، وكذلك السودان.
أما العراق فهناك الانكسار
الأكبر الذي دمج قطاعات من
المعارضة التاريخية على اختلاف
ألوانها، ومنها اليسار، في
المشروع الاحتلالي التدميري
الأميركي. فلسطين لها ظروفها
الخاصة، غير أن الشباب
الفلسطيني الثوروي واليسار
الفلسطيني بمروحته الواسعة
داخل حركة «فتح» والحركات
المنظمة خارجها دخل في مسارات
إما تسووية قصوى وما تعنيه من
تخل عن النضال، وإما في حركات
أصولية دينية. في العالم الغربي
نفسه كان ربيع أوروبا عام 1968
تاريخ القطيعة بين انتفاضة
الطلاب على القيم الاجتماعية
عامة وبين البحث عن مخارج
ومسالك إصلاحية. وفي أميركا
أنتجت بعض الظاهرات التغييرية
مع التحولات الكونية التحاقا
بظاهرة المحافظين الجدد وبعض
الجماعات الخلاصية الدينية.
أوروبا الشرقية ودول المعسكر
الاشتراكي والثقافة الأكثر
إنسانية أنتجت أجيالاً من
الشباب أكثر انبهاراً بالمشروع
الرأسمالي وقيمه الاستهلاكية. في الهم اللبناني، في البيت اللبناني،
شهدنا مرحلة من العداء للسياسة
والكره للأحزاب. في الثمانينيات
والتسعينيات رفض الشباب
الجامعي الاهتمامات السياسية
والوطنية والتغييرية. الجيل
المتقدم منهم تم احتواؤه في
سلطة ما بعد الطائف على نطاق
واسع أي في إطار التسوية
الطائفية. أحزاب التغيير نفسها
إما شاركت في السلطة أو انتظرت
تلك المشاركة. هناك نظام جديد
يتموضع حاملاً معه الكثير من
الأوهام والثقافة والاعلام
فتبدلت كل الأولويات وتبددت كل
مشاريع التغيير. فجأة انهارت
تجربة ما بعد الطائف سياسياً
واقتصادياً ووطنياً. جاء مناخ
دولي جديد يعصف بكل التركيبات
القائمة، خرج الشباب إلى
الشوارع بمئات الآلاف ولكن داخل
الأطر القائمة وتحت إدارة القوى
الطائفية القادرة الشرسة. لم نكن آنذاك في لحظة وهم من احتمالات
التغيير. لكن الشباب كان
مأخوذاً بالأوهام على ضفتي
البلد المنقسم. ما حرك الناس كان
فعلاً حلم الدولة القوية
العادلة كما تصورها الفريقان،
لكن شروط ذلك لم تكن متوافرة
موضوعياً وذاتياً. «كان الجمل
بنية والجمّال بنية أخرى». كان
الجمهور برؤية لكن قوى التغيير
كان في اللعبة الدولية. أعدنا
إنتاج الانقسامات اللبنانية
وانزلقنا في الرهانات على قوى
خارجية. دخلنا في «حروب الآخرين»
بإرادة حرّة واعية، أي بإرادة
النخب السياسية والثقافية
وأصحاب القرار. لم يعد الجمهور
قادراً على أن يصنع حدثاً
مستقلاً لانتفاء موقع الحدث
الوطني أصلاً. قرارات دولية
وحرب إسرائيلية واغتيالات ومال
سياسي يقود العصبيات ويبرمجها.
شباب هذا الزمن هو شباب هذه
الأزمة الوطنية وضحيتها. استخدم
الشباب كأي وسيلة أخرى في
اللعبة السياسية وحوصرت أحلامه
وطموحاته واقتيد إلى الزنزانات
الطائفية والمذهبية والحظائر
الزعاماتية دون أي اعتبار
أخلاقي أو إنساني. أنتجت الطبقة السياسية تسويتها وحلولها
لسلطتها وخرج الشباب من ميدان
الفعل بخفي حنين. ما تريده هذه
الطبقة السياسية الممثلة
للمصالح الاجتماعية القابضة
على روح البلد هو أن تعيد إنتاج
السلطة. ما تختلف حوله هو السلطة
وميزانها وما تتفق عليه هو
النظام وركائزه. يبدأ إنتاج
السلطة داخل الأحزاب والتيارات
ويمتد إلى جمهور الطوائف وينتقل
إلى النظام. اذا كان الشباب لا
يعرف كيف ينتظم في حزب
ديموقراطي أو يحاسب زعيمه أو
ينتخب قيادته أو يناقش برنامجه
ويراقب مسلكيته، فلن يكون الأمر
متاحاً في المدى الوطني. نحن في
بيئة سياسية فيها أحزاب شمولية
ودكتاتوريات لاغية للفكر
وللحرية والديموقراطية
والوطنية الجامعة والمصالح
الاجتماعية المشروعة. البحث عن
قوة التغيير تحتاج لأن نعرّف
اللبنانيين بأواليات معنى حق
الفرد الطبيعي وكيانه، معنى
الإنسان ودوره، معنى الوطن
والدولة ومعنى الحق بالاختيار
انطلاقاً من المعرفة وفهم
الأشياء في حقيقتها خارج
التزييف بكل أشكاله. ============================= حسني عايش الرأي الاردنية 9-2-2010 جون جالتنج أستاذ السّلام في جامعة هاواي
الأمريكية وهو معروف او مشهود
له بدفاعه الدائم عنه وضرورة
تمتع جميع العالم به. وكذلك عن
توسيعه لمفهوم العنف او الإرهاب
ليشمل أشكالاً أكثر، وأبعد
تأثيراً في كثير من الأحيان في
الأسرة والمجتمع والعالم من
الإرهاب الدموي الأعمى الذي
تمارسه عصابات القتل ضد
المدنيين المصادفين لأغراض
سياسية، والذي يعتقد معظم الناس
أنه الإرهاب الوحيد في العالم
الذي يجب أن يخشوه وأن يتصدوا له. حسب جون جالتنج فإن هذا العنف او الإرهاب
كان يقع في الماضي نتيجة بنى
وثقافات متشددة وعقيمة. أما
اليوم فإنه يقع لغياب البنية
والثقافة أي لسيطرة الفوضى
الاجتماعية. وهو عنده يأخذ
ثمانية أشكال (إرهابية): 1- العنف
او الإرهاب ضد الطبيعة او ما
يسميه جالتنج بالجرائم
الأيكولوجية، كجرائم التلوث
والأمطار الحمضية. وحسب هذا
المفهوم فإن كلاًً منا شريك فيه
بمقدار ما يلوث. إن أمريكا رائدة
هذا الإرهاب والمصرة على
مواصلته كما أفادت نتائج مؤتمر
كوبنهاجين الهزيلة الخاصة به. 2- العنف أو الإرهاب ضد الذات كالإدمان على
المخدرات والكحول والتدخين
والإنترنت. 3- العنف أو الإرهاب ضد الأسرة كالإساءة
إلى احد الزوجين او الأطفال
والعدوان الجسدي واللفظي عليهم. 4- العنف او الإرهاب ضد بقية الأفراد في
المجتمع بالسلب والنهب
والاعتداء والاغتصاب والقتل. 5- العنف أو الإرهاب ضد المؤسسات بالفساد
المالي والإداري وبعبارة أخرى :
إن الفساد المالي والاداري
إرهاب. ويضيف جالتنج: لقد أصبح
الناس كالضواري المتسلقة
لجدران مؤسسات الدولة
لاختراقها ثم الانسحاب
بالغنيمة دون عقاب.وأن كل فاسد
ومفسد (بفتح السين) يتصرف بدوافع
أنانية وعلى أساس مقارنة كلفة
الفساد (والإنفساد) نتيجة لهما
فإذا كانت النتيجة مغرية أقدما
عليهما (وربما تباهيا بهما). 6- العنف أو الإرهاب الأهلي المتمثل
بالعنف الطبقي والحروب الأهلية. 7- العنف أو الإرهاب الخارجي المتمثل
بالحروب بين الدول والشعوب.
وحسب هذا المفهوم تقع أمريكا
وإسرائيل في مقدمة الدول التي
تمارس هذا الشكل من الإرهاب (إرهاب
الدولة). 8- العنف او الإرهاب ضد الكواكب أو العوالم
الأخرى كما يتجليان في كتب
الخيال العلمي العنفي ومسلسلات
التلفزيون، وأفلام السينما
التي تدور حول غزو الكواكب
والعوالم والحروب بينها، وما
حرب النجوم الأمريكية (Star
Wars) الذي تبناه الرئيس ريغان إلا
دليل عليه. والقول عند جون جالتنج أنه إذا استمر حال
العالم على هذا المنوال فإن
المرء سيموت مرتين: مرة
اجتماعياً (Social
death) :في الشقة (أو في السيارة او في المكتب...(بسبب
العزلة...) وأخرى فعلاً بالموت
الطبيعي. ============================= نواف الزرو الدستور 9-2-2010 اعلان نتنياهو وباراك معا حول اهمية
المفاوضات والسلام مع سوريا ،
ومحاولتهما التخفيف من حدة
التصريح الحربي التهديدي الذي
اطلقه ليبرمان ضد سوريا ، ليست
سوى مناورة من مناوراتهم ،
فالطلقة الاسرائيلية الحقيقية
قد انطلقت وخرجت ، والوجه
الاسرائيلي الحقيقي ينكشف مرة
اخرى ، وكل المناورات
والتكتيكات لا تجدي نفعا امام
الحقيقة الصارخة المدعمة بكم
هائل من تراكمات المعطيات
والقرائن اليومية ، التي تجمع
كلها على ان "اسرائيل"
تتوجه نحو حرب اخرى في المنطقة
قد تكون اقليمية ، او محددة على
جبهة من الجبهات الفلسطينية او
السورية - اللبنانية او
الايرانية. ولا شك انها نوبة من نوبات هستيريا الحرب
والعدوان تتلبس "اسرائيل"
بحكومتها اليمينية المتشددة في
هذه الايام...؟، وهي في الآن ذاته
هروب اسرائيلي الى الامام من
استحقاقات عملية السلام -
المعلقة - ...؟، ولكنها بالاصل
نوايا وخطط واستعدادات
اسرائيلية حربية عدوانية
حقيقية مبيتة تعود الى العلن...؟،.
بل هي كل هذه الحسابات معا..؟. والا كيف يمكن ان نفسر هذا التصعيد الحربي
الابادي الاسرائيلي الموجه لكل
الجبهات عامة ، وللجبهة السورية
بل للنظام السياسي السوري بشخص
رئيسه بشار الاسد حصرا...؟. فحينما يهدد وزير الخارجية الاسرائيلي
افيغدور ليبرمان الرئيس السوري
بشار الاسد من انه "سيخسر
الحرب والسلطة" اذا ما شن
حربا على اسرائيل" ، مضيفا
خلال مؤتمر صحافي مخاطبا الاسد
"عندما تقع حرب جديدة ، لن
تخسرها فقط بل ستخسر السلطة
ايضا انت وعائلتك ا ف ب - الخميس 4
2 "2010 ، فان فحوى الرسالة تغدو
واضحة تماما ، اذ يطلق ليبرمان
هذه الرسالة ليس باسمه الشخصي ،
وانما باسم "اسرائيل"
والحكومة والمؤسسة الامنية
الاسرائيلية ، بل انه يفتح لنا
عمليا حقيقة الملف السوري على
الاجندة العدوانية الاسرائيلية. صحيح ان بعض نواب حزب كديما المعارض
اعلنوا "ان حكومة نتنياهو
تلعب بالنار" ، و"انها بدلا
من تهدئة الخواطر تعمل إسرائيل
الرسمية على تأجيج النار" ،
الا ان حقيقة الموقف الاسرائيلي
هنا هو كما وصفه وزير الخارجية
السوري وليد المعلم قائلا: "ان
اسرائيل تسرع مناخ الحرب في
المنطقة" ، محذرا"كفى لعبا
لدور الزعران في هذه المنطقة ،
مرة يهددون غزة وتارة جنوب
لبنان ثم ايران والان سوريا". اذن نحن امام حكومة زعران ، بل امام دولة
ارهاب وحروب تبيت العدوان على
سوريا وفلسطين ولبنان. وفي اطار النوايا والمخططات المتعلقة
باجندة العدوان على سوريا و
نوايا التغيير انظامها السياسي
، نقرأ اخطر واوضح التصريحات
الواردة على لسان ابرز اقطاب
المؤسسة الصهيونية بعبارات
مكثفة هنا وهي غيض من فيض هائل
من التصريحات والمواقف
الاسرائيلية في هذا السياق: -
فقد كان سلفان شالوم وزير
الخارجية الاسرائيلي في حينه
اعلن: "ان مصلحة العالم اجمع
في تغيير النظام السوري" ، ثم
تبعه الرئيس الاسرائيلي بيريز
مكشرا عن انيابه قائلا : "ان
ثمة حاجة لاجراء تغييرات في
سورية" ، كما دعا رئيس لجنة
الخارجية والامن في الكنيست
الاسرائيلي يوفال شطاينتس آنئذ
الى "تغيير النظام السوري"لان
"استبدال سلالة الاسد هو
مصلحة امريكية -اسرائيلية" . وكان رئيس الاستخبارات الاسرائيلية
سابقا الجنرال اهارون فركش قد
اعلن مبكرا في يديعوت احرونوت:
"ان كرسي الرئيس الاسد اخذ
يهتز وان النظام السوري بدا
يتفكك". وكان سلفان شالوم ايضا قد دعا المجتمع
الدولي الى عزل سوريا مبكرا
ايضا بعد احتلال العراق. وبينما كان الباحث المستشرق المعروف "غاي
بخور "قد استخلص -في رسالة
موجهة للادارتين الامريكية
والاسرائيلية "ان الرئيس
الاسد اصبح اليوم العامل الذي
يقوض استقرار الشرق الاوسط وان
سورية ضالعة في الارهاب السني
في العراق وتتدخل في العلاقة
الاسرائيلية -الفلسطينية"،
دعا الى "دراسة امكان استعمال
القوة لردع النظام السوري لانه
بهذه الطريقة يمكن تحقيق
الاستقرار في البؤر الثلاث التي
تنزف دما : العراق وفلسطين
ولبنان"، كان جنرال اسرائيلي
قد افصح في لقاء مع مجلة "ديفنز
نيوز" الامريكية عن"هدف
إسرائيل" العاجل مؤكدا :"ان
إسرائيل تدرس عملية اسقاط نظام
حكم الرئيس الأسد في سوريا ..
ونحن ندرس كيف يمكن تحقيق هذا
الهدف باستخدام الحد الأدنى من
القوة". لتتدحرج حملة التصعيد العدواني
الاسرائيلي ضد سوريا الى
الاعلان صراحة عن ان الحرب على
سوريا ...والتغيير السياسي فيها
مسألة وقت فقط...؟،،، . ولذلك غدت سورية هدفاً لحملة سيكولوجية
عنيفة وتهديدات صريحة من جانب
الادارة الامريكية البوشية
اولا ، لتواصلها "اسرائيل"
حتى اللحظة. الى ذلك - هناك في الوثائق الاسرائيلية ما
يطلق عليه"خريطة طريق خاصة
بسوريا" تهدف الى ضرب وتفكيك
سوريا ومعها لبنان ، والتفكيك
هنا يعني في الجوهر اعادة تشكيل
سوريا ولبنان وتطبيعهما وفق
الاجندة والمصلحة الاسرائيلية . ووفقاً ل "خريطة الطريق الخاصة بسوريا"
فان الادارة الامريكية واصدقاء
اسرائيل في واشنطن يخططون -منذ
زمن - لتنفيذ خريطة طريق وضعوا
بنودها باحكام لتضييق الخناق
على نظام الرئيس السوري بشار
الاسد ومحاصرته اقليميا ودوليا
وسياسيا واعلاميا واقتصادياً
وعسكريا وتكنولوجياً وصولاً
الى فرض الشروط الامريكية -الاسرائيلية
عليه ، وهي الخريطة التي فشلوا
في تحقيقها . اذن - فان استهداف سوريا مسألة قديمة -
جديدة متجددة ، موثقة وواضحة
وصريحة وسافرة. وحيث اننا امام حكومة اسرائيلية تتبنى
اللغة البيبرمانية وهي لغة
الحرب والعدوان والابادة
والتدمير والترانسفير العنصري
فقط....ولغة ان تكون"اسرائيل"
او لا تكون بالمضامين الحربية
الصهيونية المعروفة ، وامام
حكومة حروب واستيطان وتهويد في
الضفة الغربية والمدينة
المقدسة كما كنا كتبنا في مع
بداية عهد نتنياهو ، فنحن اذن
ربما نكون على اعتاب حرب تؤيدها
تطورات المشهد الاسرائيلي على
مختلف الجبهات...،. ما يستدعي من سوريا والفلسطينيين والعرب
معا اعادة ترتيب اولوياتهم
السياسية القومية من جديد بما
يتناسب مع اسرائيل الليبرمانية
.....؟،،. ولعله من الجدير في هذا السياق ايضا
العودة دائما الى قراءة الاجندة
الاسرائيلية الخفية الحقيقية
وراء هذا التصعيد الليبرماني
الحربي المحموم ضد سوريا...!. ============================= عبد الحميد صيام 09/02/2010 القدس العربي جرى العرف عند المحللين العرب وضيوف
البرامج الحوارية أن يقيموا
سياسة الرئيس الأمريكي من خلال
منظورهم لقضية الصراع العربي
الإسرائيلي وما تفرع عنها من
مسائل تتعلق بالعالمين العربي
والإسلامي دون التفاتة لمسائل
استراتيجية أخرى يوليها
المواطن الأمريكي أهمية كبرى.
ونحن بالتأكيد نتفهم هذا الموقف
ونصر عليه لانغراس القضية
الفلسطينية في قلوبنا معشر
الكتاب والصحافيين والمحللين
السياسيين وهيمنتها على
تفكيرنا واتفاقنا شبه الجماعي
على أنها البوصلة... و'بوصلة لا
تشير إلى القدس مشبوهة'، كما صرخ
مظفر النواب في إحدى قصائده.
لكننا نضيف قائلين إن الحكم
بالفشل والنجاح على السياسة
الخارجية لأي رئيس أمريكي يعتمد
على نظرة شاملة لمجموع
الاتجاهات والرؤى والمسلكيات
في العلاقات الخارجية والتي يجب
أن تؤخذ كرزمة متكاملة كي يكون
الحكم أقرب إلى الموضوعية. إن السياسة الخارجية لدولة عظمى
كالولايات المتحدة في غاية
التعقيد وذلك لسببين أساسيين:
طريقة صنع القرار وتشعب القوى
المشاركة فيه من جهة وتعدد
المصالح وتشابكها في بلد تلعب
السياسة الداخلية دورا كبيرا في
تحديد مسار السياسة الخارجية من
جهة أخرى. فالسياسة الخارجية الأمريكية على مر
السنين تنطلق من أربعة أهداف
استرايتجية لا تتغير مع تغير
الرؤساء لأنها تمثل المصالح
الاستراتيجية لبلد يعادل
اقتصاده ثلاثة أضعاف الاقتصاد
الياباني وضعفي الاقتصاد
الصيني. وهذه المصالح
الاستراتيجية هي: حماية الأمن
المادي/ الجسمي للمواطنين في
الولايات المتحدة من أي خطر
يهدده من الخارج أو من الداخل،
حماية الاقتصاد الأمريكي وخاصة
المواد الاستراتيجية القائم
عليها الاقتصاد كالنفط والمواد
الخام الأخرى، حماية حلفاء
الولايات المتحدة الأساسيين
انطلاقا من دول الجوار ووصولا
إلى كافة دول المنظومة الصناعية
الرأسمالية، وأخيرا تعميم ونشر
ما يسمونه هنا 'المبادئ
الأمريكية' كاقتصاد السوق ونظام
الديمقراطية واحترام حقوق
الإنسان وسيادة القانون وحق
التعبير والتجمع والمساواة بين
الرجال والنساء واستقلال
القضاء. والتاريخ القريب يؤكد هذه الحقائق بغض
النظر عمّن يجلس في البيت
الأبيض، فالرئيس جون كندي
الديمقراطي هدد باستخدام
السلاح النووي إذا لم يسحب
الاتحاد السوفييتي صواريخه
النووية من كوبا عام 1960،
والرئيس الجمهوري نيكسون أعلن
حالة الطوارئ بما فيها الأسلحة
النووية أول أيام حرب تشرين (أكتوبر)
عام 1973 عندما شعر في الأيام
الأولى للحرب أن إسرائيل قد
تتعرض لهزيمة ماحقة، وكارتر
الديمقراطي أنشأ قوات التدخل
السريع عام 1980 للاستعداد
لاحتلال منابع النفط بعد أزمة
1973 وقيام العرب بقطع الإمدادات
ولو مؤقتا ، وبوش الأب الجمهوري
حشد أكثر من 30 دولة لتحرير
الكويت من الاحتلال العراقي عام
1990 باعتبار أن الكويت بوابة قد
يدلف منها صدام حسين إلى منطقة
تحتوي على أكبر احتياطي للنفط
في العالم، وبوش الإبن أعلن
حربين على أفغانستان ثم العراق
تحت حجة حماية الأمن الأمريكي
من خطر أصاب البلاد في مقتل في
الحادي عشر من أيلول(سبتمبر) 2001. وأود في هذه المقالة أن أقوم بمراجعة
هادئة وسريعة لسياسة أوباما
الخارجية في سنته الأولى مؤكدا
منذ البداية أنها تختلف عن
سياسة بوش في كثير من القضايا
إلا فيما يتعلق بالنواحي
الاستراتيجية، ومؤكدا أنني
معني أولا بوضع الحقائق أمام
القارئ لا مدافعا أو مبررا أو
مؤيدا. التركة الكبرى عندما انتخب أوباما للرئاسة وبدأ ممارسة
مهامه في العشرين من شهر كانون
الثاني (يناير )2009، وجد بين
يديه، ودون ذنب من لدنه، أزمة
اقتصادية هي الأقسى والأخطر منذ
الانهيار الاقتصادي الكبير في
أوائل ثلاثينيات القرن العشرين.
كما وجد أن البلاد غارقة في
حربين في العراق وأفغانستان
وبوادر إجتياز الحرب الأفغانية
منطقة الحدود لتضم منطقة
القبائل الباكستانية إلى ميدان
الصراع. كما أن منطقة القرن
الأفريقي ملتهبة هي الأخرى بعد
فشل التدخل الإثيوبي في الصومال
لأكثر من سنتين. إذن، وكما يقول
المصطلح الشعبي ملخصا دور بوش
والحزب الجمهوري 'ولّعها (أو
أشعلها) وهرب'. وسرعان ما اكتشف
الشاب قليل الخبرة في السياسة
الخارجية أن التركة ثقيلة وأن
إطفاء الحرائق أصعب من إشعالها
وأن ترميم الخراب يستغرق دهرا
لا شهرا. لقد كان الاهتمام بالأوضاع الداخلية
مسألة لا تحتمل التأجيل وهو
يشاهد الشركات الكبرى والبنوك
والصناعات تنهار الواحدة بعد
الأخرى وأرقام العاطلين عن
العمل تصل إلى سبعة ملايين
ومؤشرات البورصة تتجه بسرعة نحو
الهاوية. فلم يكن هناك وقت
لإضاعته وبدأت القرارات توقع
تباعا من البيت الأبيض للخروج
من الأزمة الاقتصادية العميقة.
وبدأت الشعرات السوداء في
عارضيه تطقطق وتنقلب إلى اللون
الأبيض، فغزا الشيب مفارقه في
السنة الأولى فما بالك بحالته
بعد سنين ثلاث. لكن اهتمام أوباما بإصلاح الأوضاع
الاقتصادية وتقديم مقترح
متكامل حول التأمين الصحي
الشامل لعرضها على المجلسين لم
ينسه واجباته المتعلقة
بالسياسة الخارجية. فقد وضع على
قمة أولوياته ثلاث مسائل: أولا
الخروج من الحروب التي ورطت
إدارة بوش البلاد فيها، ثانيا،
التصالح مع العالمين العربي
والإسلامي، ثالثا اعتماد أسلوب
الحوار بدل قرع طبول الحرب مع
الخصوم. فهل كان أوباما وفيا
لتلك الرؤية أم أنه تراجع عنها
كراهية أو طوعا؟ مؤشرات السياسة الخارجية في السنة الأولى لقد حاول أوباما في سنته الأولى في البيت
الأبيض أن يميز نفسه عن سياسة
سلفه بوش بل وعن سياسة الجانب
المحافظ في الحزب الديمقراطي
والذي تبنى لغة 'الحرب على
الإرهاب' أيضا. ويمكن تلمس أهم
المحاور في سياسته الخارجية في
الميادين والأنشطة التالية: - التوجه السريع نحو حل القضية الفلسطينية
على أساس الدولتين، فعين في
أيامه الأولى جورج ميتشل
للتعامل مع هذا الملف الشائك؛ - اعتماد المفاوضات مع إيران حول أزمة
المنشآت النووية؛ - الالتزام بالانسحاب من العراق كما وعد
في حملته الانتخابية - الصراع في أفغانستان لا يمكن حله
بالأساليب العسكرية فقط. وزيادة
القوات يجب أن تتزامن مع بناء
المشاريع وتحديث البنى التحتية
وتدريب القوات الأفغانية
لتتحمل المسؤولية أسوة بما حدث
في العراق. - إلغاء مظلة الصواريخ في أوروبا والتقارب
أكثر مع الاتحاد الروسي؛ - التخفيف من الترسانة النووية بطريقة
متلازمة ومتزامنة مع خطوات
شبيهة من الجانب الروسي؛ - احترام خصوصية الثقافة والتاريخ
المميزين لأمريكا اللاتينية،
والابتعاد عن مهاجمة معارضي
السياسة الأمريكية الأشرس
الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيس
والرئيس الغواتيمالي إيفو
موراليس؛ - احترام الأمم المتحدة ودعمها والعمل من
خلالها على التحديات الكونية
كالأيدز والمناخ والإرهاب
والاتجار بالبشر ومحاربة الفقر
والجوع وإغاثات الطوارئ. لقد
شكل حضور أوباما مؤتمر المناخ
في كوبنهاغن في أوائل كانون
الأول (ديسمبر) 2009 علامة فارقة
بعد ثماني سنوات من سياسة إدراة
الظهر التي مثلها بوش لمثل هذه
التحديات الكونية. - الصين ليست شريكا تجاريا فحسب بل شريكا
في عالم اليوم وخاصة فيما تتمتع
به من مركز جيوسياسي. -احترام الحلفاء والعمل معهم وإنهاء
أسلوب التعالي والفوقية
والعنجهية. هذا غيض من فيض سياسة أوباما الخارجية في
سنته الأولى. ومراجعة سريعة
وموضوعية لإخفاقاته وإنجازته
في السنة الأولى تؤكد أن
التحديات الأكبر التي ستظل
تواجه أوباما في السنوات
االثلاث القادمة هي: القضية
الفلسطينية والحرب في
أفغانستان والتعامل مع ملف
إيران النووي. الصراع العربي الإسرائيلي يعترف أوباما في مقابلة مع مجلة التايم
بتاريخ 22 كانون الثاني (يناير)
2010 أنه أساء تقدير العقبات
والتعقيدات التي تعترض طريق
التسوية. كما يقر أنه لم يستطع
ليّ ذراع نتنياهو لتجميد
الاستيطان ولو مؤقتا. كما يقر
بأن توقعاته بكسر الجمود الذي
لحق بالعملية السياسة لم تكن
واقعية. إن هناك أسبابا ثلاثة حالت دون تحقيق أي
تقدم في هذا المضمار: أولا صعود
اليمين الإسرائيلي المتطرف إلى
السلطة، وقوة اللوبي المناصر
لإسرائيل وخاصة في الكونغرس، ثم
الفريق المحيط بأوباما والمعني
بالشؤون الخارجية والذي يؤثر
بشكل يومي على رؤية الرئيس.
فاهتمامات هيلاري كلنتون بعيدة
عن الشرق الأوسط ومشغولة
بالتحديات العالمية، ووزير
الدفاع روبرت غيتس جل اهتمامه
منصب على إيران وروسيا،
ومستشاراه الأقرب رام إمانيويل
وديفد أكسلرود ليسا معنيين
بالضغط على نتنياهو أو أية
حكومة إسرائيلية. لقد أضاع الرئيس فرصة ربما لن تتكرر عندما
وقف مخاطبا الجمعية العامة في
أيلول (سبتمبر). فبدل دعم
التوافق العالمي حول أسس حل
القضية الفلسطينية وبحزم
وتصميم حقيقيين راح يناشد
الأطراف المعنية للعودة إلى
المفاوضات بنوايا حسنة ويقتنص
صورة تجمعه مع كل من نتنياهو
وأبي مازن وذلك للاستهلاك
المحلي فحسب. إن حل الدولتين بدأ
يتبخر أمام التوسع الاستيطاني
الشرس الذي تمارسه إسرائيل
واستكمال بناء جدار الفصل
العنصري الذي سيلتهم جزءا هاما
من الأراضي الفلسطينية الخصبة.
فكيف لأوباما الآن أن يجيب عما
قاله بنفسه في القاهرة في شهر
حزيران (يونيو) بأن الهدف هو 'إقامة
دولة فلسطينية مستقلة وقابلة
للحياة ضمن اراض مترابطة والتي
ستعلن نهاية الاحتلال الذي بدأ
عام 1967'. لقد كان تجنب أوباما حتى ذكر قضية الصراع
العربي الإسرائيلي في خطاب
الاتحاد مؤشرا واضحا على فشل
سياسته في هذا الميدان. الصراع في أفغانستان- باكستان لم يعد خافيا على أحد أن الصراع في
أفغانستان قد بدأ يتسع ليشمل
رقعة أوسع من منطقة القبائل في
باكستان، كما أن حركة طالبان
بدأت توسع في عملياتها كما
ونوعا وصولا إلى القصر الجمهوري.
لقد ظهرت أصوات بعض الجنرالات
الذين يقولون إن الولايات
المتحدة غير قادرة على كسب
المعركة وأن ما حدث للسوفييت في
ثمانينيات القرن الماضي يتكرر
الآن ولكن بشكل أكثر دموية. لقد
تخلى أوباما عن فكرة سلفه بوش في
إقامة دولة ديمقراطية واصلا إلى
قناعة مفادها أن غالبية الشعبين
في أفغانستان وباكستان تفضل
دولة تقودها حركة طالبان على
إقامة دولة علمانية يصنعها
الغرب. إن توجه أوباما الآن
يتمحور حول تصعيد محدود للحرب
والعمل مع الحلفاء على إيجاد حل
سياسي مقبول. ويتوقع أوباما أن
تلعب الصين دورا أساسيا في هذا
المجال خاصة وأن لها علاقات
تاريخية مع جارتها باكستان. كما
أنه يحاذر ألاّ يزعج حلفاءه في
حلف الناتو خوفا من أن تبدأ حركة
التملل والتلكأ تتسع كما بدا
واضحا من مواقف كل من ألمانيا
وأيطاليا وفرنسا. إيران والأنشطة النووية صحيح أن أوباما في كل مرة يتعرض للموضوع
الإيراني يردد جملة 'كل
الخيارات مفتوحة' لكن هناك
إجماعا أن الخيار العسكري قد
تراجع فعلا لإعطاء الدبلوماسية
فرصة حقيقية للوصول إلى حل
سياسي للأزمة في ظل موقف إيران
المتشدد وإعلان الصين أنها ضد
توسيع العقوبات والموقف الروسي
المتذبذب. فإيران تعتبر تخصيب
اليورانيوم خارج أراضيها أمرا
مهينا وترفضه تماما. كما أن
اغتيال العالم النووي مسعود علي
محمدي في الثاني عشر من كانون
الثاني (يناير) قد دفع القيادة
الإيرانية إلى التشدد. أضف إلى
ذلك الاستمرار في وصف إيران
بأنها دولة راعية للإرهاب مما
يضعف قوى الإعتدال في إيران
ويخدم تيار المتشددين ويعزز من
رص الصفوف لأن الجميع يشعر أنه
مستهدف. كل هذه التطورات تضع
أوباما في موقع صعب.. هل يستمر
بالمفاوضات التي قد لا تؤدي إلى
أية نتائج أم يعود لامتشاق
السيف مثل سلفه بوش عندما أصر
على وجود أسلحة دمار شامل في
العراق لتبرير حربه التدميرية. هذه هي التحديات الأساسية الثلاث: السلام
في الشرق الأوسط والحرب
الأفغانية الباكستانية والنشاط
النووي الإيراني، هي التي ستقرر
مصير أوباما في السنوات الثلاث
القادمة وستحدد مصيره السياسي
ودور الولايات المتحدة في
العالم. فما دام الجرح
الفلسطيني مفتوحا ونزيف الدم لم
يتوقف وما دام الخضوع الأمريكي
لإملاءات السياسة الإسرائيلية
مستمرا فلن نتوقع أي تحسن في
صورة الولايات المتحدة في
العالمين العربي والإسلامي
وستدفع هذه السياسة الغبية إلى
تصاعد تيارات التطرف ليس فقط في
إيران وأفغانستان وباكستان بل
وقرب منابع النفط أيضا كما هو
الحال في الصومال واليمن. وغدا
ستصل النار المشتعلة للمناطق
الأكثر رضوخا وانصياعا للسياسة
الأمريكية في منطقة الخليج ومصر
والشمال الأفريقي وعندها سيأتي
رئيس أمريكي يلوم أوباما على
إضاعته الفرصة الذهبية في حل
الصراع العربي الإسرائيلي من
جميع جوانبه حلا عادلا يعيد
الحقوق ويرسخ العدالة ويردع
المعتدي. ' أستاذ جامعي وكاتب مقيم في
نيويورك ============================= د. محمد علي غوري 09/02/2010 القدس العربي بتاريخ 3/2/2010م صدر الحكم الأمريكي بإدانة
الدكتورة عافية. وكانت قد اتهمت
بسبعة اتهامات من بينها تهمة
إطلاق النار على ضابط أمريكي في
أفغانستان. بدأت قصتها بظهور اسمها في قائمة
المطلوبين لوكالة الاستخبارات
الأمريكية (FBI)، وبعدها بقليل اختفت الدكتورة
عافية صديقي في ظروف غامضة، وهي
تغادر منزل والدتها في كراتشي
مع أطفالها الثلاثة -أكبرهم في
الخامسة من عمره، وأصغرهم في
الشهر السادس فقط- متوجهة إلى
المطار لتستقل الطائرة
المتوجهة إلى إسلام أباد حيث
مقر عملها، ولكنها لم تصل
المطار. وهذه قصة واحدة من قصص كثيرة حدثت في عهد
برويز مشرف الحاكم العسكري
المخلوع، فقد بيع أناس كثيرون
مطلوبون لوكالة الاستخبارات
الأمريكية بثمن بخس دولارات
معدودة. هناك آلاف المفقودين في
باكستان الذين اختطفوا من بين
أسرهم في ظروف غامضة، التي
مازالت تنتظر رجوعهم حتى اليوم.
لا يعلمون بموتهم فيسلموا أمرهم
إلى الله، ولا يعلمون بأماكنهم
فيسعوا للبحث والسؤال عنهم. وقد
لوحظ ازدياد عدد المخطوفين في
البلاد بازدياد النفوذ
الأمريكي فيها. بعد اختفاء الدكتورة عافية صديقي عام 2003م
لم يعلم أحد عنها شيئاً إلا
عندما تحدث عنها معظم بيك أحد
المفرج عنهم من سجن بتجرام
الأمريكي الواقع في أفغانستان
–وهو أحد السجون الأمريكية
الثلاثة الكبيرة في العالم بعد
سجن جوانتنامو في كوبا وسجن أبي
غريب في العراق- عن امرأة مجهولة
الهوية في سجن الرجال، امرأة
عرفت برقم 650 أو السجينة رقم 650،
كان المسجونون يسمعون صرخاتها
في الليالي الحالكات في سجن
بتجرام في أفغانستان. أخذت
الصحفية البريطانية يون ردلي –والتي
أسلمت، وتسمت بمريم- الخيط من
كتاب ألفه معظم بيك واسمه Enemy
Combatant بعد خروجه من ذلك السجن، وكشفت
للعالم للشعب الباكستاني
السادر في نومه حقيقة تلك
المسجونة، وأنها ليست إلا
الدكتورة عافية صديق. قضت الدكتورة عافية صديقي زهرة حياتها في
أمريكا تتعلم في جامعة
ماساتشوستس للتكنلوجيا حتى
تخرجت طبيبة متخصصة في علم
الأعصاب –وهو تخصص نادر- ثم
عادت إلى وطنها باكستان لتخدم
أهل بلدها. تزوجت من الدكتور
أمجد ورزقت منه ثلاثة أولاد.
عاشت الدكتورة عافية بين أسرتها
وعملها عيشة هادئة، ولكن زواجها
لم يستمر، فقد طلقها زوجها وترك
الأولاد الثلاثة في رعايتها.
وفي صيف عام 2003م وبعد انتهاء
زيارتها لوالدتها في كراتشي
خرجت من بيت أمها تقلها سيارة
أجرة لتوصلها إلى المطار،
ولكنها لم تصل، ولم يعلم أحد
بمصيرها ومصير أولادها
الثلاثة، وحين حاولت الأم وهي
طبيبة أيضاً معرفة مكان ابنتها
اتصلت بها الاستخبارات
الباكستانية ومنعتها من السؤال
عنها، وبعد فترة حين ألحت الأم
على معرفة مصير ابنتها وأحفادها
اتصل بها وزير الداخلية آنذاك
وهو فيصل صالح حيات _وهو الآن
حاكم إقليم السند- ووعدها بعودة
ابنتها وأحفادها قريباً، ولكن
ذلك لم يحدث. وحين ثارت قضيتها
على صفحات الجرائد والمجلات
حاولت أمريكا أن تتدارك الأمر،
وبحثت عن تهم توجهها إليها،
فقامت باتهامها زوراً وبهتاناً
بمحاولة نسف مكتب الحاكم
الإقليمي في غزنة بأفغانستان،
وبمحاولة قتل ضباط أمريكيين
هناك. ادعت السلطات العسكرية
الأفغانية بإيعاز من السلطات
الأمريكية هناك بأنها عثرت على
الدكتورة عافية تحوم حول المبنى
الذي يضم مكتب الحاكم الإقليمي
لغزنة، وهي تحمل معها عبوات
ناسفة ومتفجرات وخرائط لمعالم
حساسة في الولايات الأمريكية
المتحدة، وكان أولادها معها،
وحين دخل ضباط أمريكيون تابعون
لوكالة الاستخبارات الأمريكية
الحجرة التي كانت محتجزة فيه لم
يجدوها، فوضع أحدهم سلاحه –وهو
من النوع الثقيل جداً- داخل
الحجرة، خطفته الدكتورة عافية
منه وكانت مختفية خلف الباب
وراء الستار، وأطلقت النار
عليه، ولكنها أخطأته، ولم تصبه،
فاستعاد السلاح منها، وأطلقه
منه عليها، فأصابها بطلقة في
بطنها. هذه هي التهم التي وجهت
إليها، وهي الآن تحاكم في
نيويورك عليها، وقبل يومين صدر
الحكم بإدانتها فيما اتهمت به. لم يستطع هذا الحكم الظالم أن يفت من عضد
عافية ولا عضد أمها وأختها، حيث
قالت د. عافية حين سمعت الحكم
بإدانتها: أعلم من أين جاء الحكم.
لم ترفع صوتها ولم تصرخ لأنها
تعلم أنه لا يوجد من يسمع صوتها
إذا صرخت سوى ربها الذي يسمع
السر وأخفى، علمت أن صرخاتها لن
تجد آذانا صاغية، فليس هناك
المعتصم بالله الذي فتح عمورية
أيام أن كان المسلمون أعزة من
أجل صرخة صرختها امرأة مسلمة
مظلومة واحدة. وقالت أمها عفت صديقي: كانوا يتوقعون
صراخاً وعويلاً وبكاء ولطماً،
ولكنهم سيجدون صبراً يفتت
الجبال، وصموداً يحيرهم، وأنا
أشكر الله على أن اختار ابنتي
لهذه التضحية، وأفوض أمري إلى
الله. وأما أختها فوزية صديقي فقد شكرت الله على
أن جعل من أختها ابنة للشعب
الباكستاني الذي منذ أن سمع
الحكم الظالم خرج إلى الشوارع
محتجاً. قامت الجماعة الإسلامية بمظاهرات صاخبة
في لاهور وكراتشي منددة بالحكم
غير العادل الذي أصدرته محكمة
أمريكية على ابنة الشعب
الباكستاني، وقد حدد أمير
الجماعة الإسلامية الشيخ منور
حسن يوم الأحد القادم الموافق
السابع من فبراير الحالي موعداً
لانطلاق مسيرات احتجاج في طول
البلاد وعرضها احتجاجاً على
الحكم ضد الدكتورة عافية صديقي.
وفي المقابل لم نر ولم نسمع عن
أي احتجاج يناسب الحدث من قبل
المسئولين في الحكومة
الباكستانية، حتى قال عرفان
صديقي الصحفي المشهور والذي
يكتب في جريدة جنك كبرى الجرائد
اليومية في باكستان: ربما كان
المقصود بتلك المظاهرات حكامنا
الصامتون، علها تحرك ساكناً
فيهم، ولكن لا حياة لمن تنادي. تدعي الحكومة أنها صرفت حتى الآن مليوني
دولار كنفقات للدفاع عن
الدكتورة عافية صديقي، الأمر
الذي نفاه محامو الدفاع عنها. لم تكن الحكومة الباكستانية أبداً جادة
في هذه القضية، ولا يهمها أمر
الدكتورة عافية، إن هي إلا
شعارات تطلقها للضحك على ذقون
الشعب الباكستاني ولتبرر ضعفها
أمام أمريكا، وإذا علمنا أن
الحكومة الحالية ليست إلا
امتداداً للحكومة العسكرية
السابقة يتأكد لنا عدم جدية
القائمين على الحكومة الحالية
في هذه القضية، وقد أكدت ذلك
أمها عفت حين صرحت بأنه لو كانت
الحكومة جادة في هذه القضية
لكان أفرج عن ابنتها منذ زمن
طويل. فقد حكامنا كل غيرة على
أبناء البلد، فلا غيرة وطنية
ولا دينية ولا إنسانية. وأمريكا
تعلم أن حكومتنا بحاجة إليها
ليستمر بقاءها، فبقاؤها ليس
مرهوناً بشعبيتها، وإنما برضا
أمريكا عنها، ومن أجل حفنة من
الدولارات تملأ بها حساباتها في
بنوك بريطانيا وبنوك الدول
الغربية. ثمة سؤال ملح يقوض بنيان هذه القضية من
أساسها، وهو: لم تحاكم الدكتورة
عافية في أمريكا، والجريمة كما
تدعي وكالة الاستخبارات
الأمريكية وقعت في أفغانستان من
قبل امرأة باكستانية؟ لم لا
تحاكم في باكستان؟ لو عكسنا
الأمر وافترضنا أن الجاني أو
المتهم كان من أمريكا، ووقعت
الجريمة في فرنسا أو بريطانيا
مثلاً، وكان المجني عليه
فرنسياً أو بريطانياً. أين كان
سيحاكم؟ هناك قانوناً دولياً
اسمه القانون الدولي الخاص ينظم
مثل هذه القضايا، أي يحدد
المحكمة المختصة بالنظر في
قضايا مماثلة، لم لم تلتزم به
أمريكا، أم أن هذه القوانين
وضعت لدول غير أمريكا؟ وهناك أسئلة أخرى كثيرة في هذه القضية لم
يكشف النقاب عنها حتى الآن،
أسئلة مهمة يمكن أن تقوض الحكم
الذي أصدرته المحكمة الأمريكية
من أساسه، مثل: من الذي خطف الدكتورة عافية وأولادها
الثلاثة وهي متجهة إلى مطار
كراتشي عام 2003م؟ أين كانت في الفترة من عام 2003م وحتى عام 2008م
العام الذي اكتشف أمرها في سجن
بتجرام؟ ما مصير أولادها؟ رجع أكبر أبنائها قبل
عامين وهو يعاني من حالة نفسية
سيئة جداً، ويعيش الآن مع جدته
في كراتشي، ويقال بأن ابنها
الآخر قتل أو مات، لا أحد يدري،
وأما ابنتها فيقال إنها في
أمريكا تستخدمها وكالة
الاستخبارات الأمريكية لتعذيب
الدكتورة عافية بها، وهذا أبشع
ما وصل إليه التفكير الأمريكي
القذر. هل يعقل أن تقوم امرأة مهيضة الجناح معها
أبناؤها الثلاثة أكبرهم في
السادسة وأصغرهم لم يتجاوز
الستة أشهر أن تقوم بما اتهمت
به، من ذلك مهاجمة ثلاثة ضباط
أمريكيين من المارينز، وخطف
السلاح من أحدهم وإطلاق النار
عليه، فأخطأته، فانتزع منها
السلاح وأصابها بطلقات في
بطنها؟! لم اختارت وكالة الاستخبارات الأمريكية
عام 2008م بالذات لترحيلها إلى
أمريكا مع أنها كانت في سجنهم
منذ عام 2003م؟ هل لأن أمرها قد
انكشف؟ وقد رأينا ملابسات
انكشاف أمرها على يد الصحفية
البريطانية. كانت وكالة الاستخبارات الأمريكية
متورطة في هذه القضية وقضايا
مماثلة لمخطوفين كانوا مطلوبين
لها، ولتعمية أبصار العالم عن
التصرفات المشينة لهذه الهيئة ،
وللتغطية على تجاوزاتها
للقوانين وانتهاكاتها لحقوق
الإنسان غير الأمريكي أصدرت
المحكمة الأمريكية حكمها
بإدانة الدكتورة عافية. أمور كثيرة تجعلنا نشك في نزاهة الحكم
الصادر ضد الدكتورة عافية صديقي
أهمها تلك التساؤلات الكثيرة
والظروف الغامضة التي أحاطت
القضية، منذ ظهور اسمها في
قائمة المطلوبين لدى وكالة
الاستخبارات الأمريكية وحتى
صدور الحكم المشؤوم، منها اتفاق
هيئة المحلفين المشكلة من أربعة
رجال وأربع نساء على الإدانة،
وكانوا قد تأخروا في إصدار
الحكم أكثر من المعتاد،
لاختلافهم ومراجعتهم المتهمة
والشهود عدة مرات، فكيف بعد ذلك
يتفقون على الحكم بالإدانة؟
يبدو ما قاله المحامي أحمد هلال
الصوفي المتابع للقضية من
بدايتها صحيح، حين ذكر بأنه
أثرت عوامل كثيرة على حكم
المحلفين، أهمها الضغط الحكومي
والضغط الشعبي المشحون ضد
الدكتورة عافية صديقي، وأضاف
بأن أمريكا دولة ديمقراطية ولكن
فقط حيال شعبها، وليس حيال
الآخرين. وكانت محامية الدفاع الدكتورة عافية
واسمها إيلين قد صرحت عام 2008م
عند بدء المحاكمة إنها لا تتوقع
أن تصدر المحكمة حكماً عادلاً
في هذه القضية، وأضافت بأنها
خجلة من انتمائها لأمريكا لما
رأت من ظلم وعدم العدل والسلوك
غير العادل أثناء المحاكمة. ومن أهم الطعون التي يمكن طعن الحكم بها
هو أن الدكتورة عافية ليس في
حالة عقلية تسمح بمحاكمتها. فقد
ذكرت أمها بأن تحدثت مع ابنتها
مرات معدودة عبر الهاتف، وكانت
تحس من خلال كلامها معها أنها
ليست على ما يرام، وأنها تعاني
من اضطراب في عقلها، نتيجة
التعذيب الذي عذبت به منذ
اختطافها عام 2003م وحتى الآن. ألا يكفي ما مرت به ليفرج عن هذه المسكينة
التي تتساءل حتماً ما فعلت حتى
أستحق كل هذا. كان على المحكمة
أن تكتفي بما تعرضت له، وتفرج
عنها، خاصة وأنها تعلم جيداً
بأنها بريئة مما اتهمت به، حيث
لا يوجد أي دليل على إدانتها، لا
بصمات على السلاح الذي اتهمت
بإطلاق النار منه على الضابط
الأمريكي ولا أدلة أخرى، ليس
إلا تبرير لتجاوزات صارخة قامت
بها وتقوم بها حتى الآن وكالة
الاستخبارات الأمريكية. إن قضية الدكتورة عافية صديقي لا يمكن
فهمها منفصلة عما حولها، فهي
حلقة ضمن سلسلة التدخل الأمريكي
الغاشم في المنطقة، فبعد أن
فشلت أمريكا في العراق
وأفغانستان تريد أن تنقل
المعركة إلى باكستان، وها هي قد
أعلنت عن إرسال ثلاثين ألف جندي
في الأيام القادمة، ترى لأي
غرض؟ تزامن اختطاف الدكتورة عافية صديقي عام
2003م –مع آخرين يتجاوز عددهم
الآلاف- مع بداية الهجوم الجوي
الأمريكي بالطائرات المسيرة،
الأمر الذي يدل على تحركها في
وقت واحد في عدة اتجاهات. قامت
أمريكا حتى الآن بمائة هجمة على
المناطق الشمالية الباكستانية،
راح ضحيتها قرابة ألف أكثرهم من
المدنيين الأبرياء من الأطفال
والعجزة والنساء الآمنين في
سربهم. اعترف أحد المسئولين
الأمريكيين بأن عدد قليل جداً
من هؤلاء كانوا ينتمون إلى
تنظيم القاعدة، أما أكثرهم فقد
كانوا من المدنيين الذين لا
علاقة لهم بالقاعدة . لا بد من إيقاف التدخل الأمريكي في شئون
البلاد بشكل فوري، ولا بد من
تهديد أمريكا بقطع العلاقات
ومنع أي نوع من التعاون معها في
حربها وليست حربنا مع الإرهاب
إذا لم توقف هجماتها الجوية على
المناطق الباكستانية الشمالية،
لا بد من وقفة مشرفة تليق بأمة
خير الأنبياء والرسل سيدنا محمد
صلى الله عليه وسلم، وقفة كوقفة
محمد بن القاسم الثقفي وكوقفة
المعتصم بالله حين استجاب كل
منهما لصرخة امرأة مسلمة مظلومة
واحدة، ولبى نداء الرجولة
والشهامة والواجب. فمن لك يا
عافية؟ لك لله يا عافية لك الله. كاتب اكاديمي الجامعة
الاسلامية العالمية اسلام اباد ================================= علي إبراهيم الشرق الاوسط 9-2-2010 أخطر ما في لعبة الشطرنج النووي الدائرة
منذ 2009 في ما يتعلق بملف تخصيب
اليورانيوم في إيران، هي
ارتباطها بسياسات وعوامل
داخلية سواء في طهران أو في
العواصم الغربية المشاركة في
مجموعة «5+1» وهي الدول الخمس
الكبرى دائمة العضوية في مجلس
الأمن إضافة إلى ألمانيا. ولعل ذلك ما يفسر الكثير من التناقضات
والألغاز التي تحيط بالمواقف في
هذا الملف، فالحكم الإيراني
لديه أزمة داخلية متصاعدة منذ
انتخابات الرئاسة في العام
الماضي التي شككت المعارضة في
شرعيتها واستطاعت أن تجذب معها
قطاعا لا يستهان به من الشارع
الإيراني نزل في مظاهرات
واحتجاجات غير مسبوقة منذ
الثورة في 1979. والمؤسسة الحاكمة في صراعها لتثبيت
شرعيتها أمام المعارضة التي
أصبح لها رموزها القوية، تستخدم
الملف النووي لتدعيم نفوذها
داخليا، والحفاظ على قاعدتها من
المحافظين والمتشددين داخل
المؤسسة الرسمية التي تظهر
عليها علامات انشقاق داخلي وعدم
ولاء للقيادة، فإذا قدمت عرضا
يبدو منه أنه يستجيب جزئيا
للضغوط التي تمارسها مجموعة «5+1»
فإنها لا تلبث أن تنقضه بعدها
كما حدث في الأيام الماضية من
سلسلة المواقف المتناقضة حول
الاقتراب أو عدم الاقتراب من حل
لقضية مبادلة اليورانيوم
المخصب. على الجانب الآخر فإن هناك مؤشرات قوية
أيضا على أن العواصم الغربية
وهي تنقل قطعها على لوحة
الشطرنج إزاء إيران في الملف
النووي تضع ضمن رهاناتها الوضع
الداخلي في إيران، وموجة التذمر
التي ظهرت هناك في الشارع تجاه
سياسات المؤسسة الحاكمة، فهي
عندما تبحث عن إجراءات للرد على
عدم الاستجابة الإيرانية
لعرضها بشأن التخصيب، لا تريد
أن تقوم بنقلة خاطئة تؤدي إلى
حالة اصطفاف إيرانية حول النظام
تجعل المعارضة هناك في موقف
صعب، إذا حدثت حالة اصطفاف
داخلي حول النظام نتيجة الشعور
بأن خطرا خارجيا يهدد الجميع. وهناك عوامل أخرى دخلت على الخط أيضا
لتجعل المسألة أكثر تعقيدا،
فالسياسة الداخلية في واشنطن
أصبحت أكثر تعقيدا مع موجة
الهجوم التي يشنها الجمهوريون
على إدارة الرئيس أوباما، أن
مبادرات حسن النية، وسياسة اليد
الممدودة إلى طهران التي استهل
بها عهده، لم تصل إلى شيء، وأنها
تعرّض الأمن القومي الأميركي
للخطر، وجاء تكثيف هجوم
الجمهوريين مع بداية هذا العام
الذي سيشهد انتخابات التجديد
النصفي للكونغرس بما يعني أن
القرارات الخارجية للإدارة
سيكون لها اعتباراتها الداخلية.
وعلى هامش ذلك هناك العلاقات
على رقعة الشطرنج الدولية بين
القوى الكبرى مثل الولايات
المتحدة والصين وروسيا
والأطراف الأوروبية التي
تتقاطع خلافاتها في قضايا مثل
اليوان والدولار والأسلحة
لتايوان والناتو وروسيا مع
المواقف تجاه الملف النووي
الإيراني. وخلال فترة السنة الماضية، كان يظهر أن
هناك حرصا من جميع اللاعبين على
المحافظة على رقعة الشطرنج،
بحيث لا يقلب أحد الطاولة فجأة
على الآخرين، لكن مع بداية
العام الحالي بدأت علامات نفاد
الصبر مع كثرة التقلبات،
والمواقف المتضاربة الإيرانية،
فقد اقترب الطريق من نهايته،
وكما هو واضح من تصريحات وزير
الدفاع الأميركي مع نظيره
الفرنسي في باريس أمس فإن
الخيار الآن هو المزيد من
العقوبات، ويبدو كذلك أن روسيا
تؤيد هذا الخيار. وإذا أخذنا الإعلان الإيراني الأخير عن
البدء في زيادة تخصيب
اليورانيوم إلى نسبة 20% على أنه
ابتزاز كما قال وزير الخارجية
الفرنسي لأنها لا تملك
الإمكانيات الفنية، فإن هذا
يعني أن طهران تقوم بنقلة أخيرة
في الشطرنج لتحسين أوراقها في
المساومة على اتفاق. خلاف ذلك
تبقى الأمور ضبابية ومفتوحة
أمام كل الاحتمالات بما فيها
غير العقلانية. ======================== المسلمون الأمريكيون
يلهمون الحضور في مسرح الأبوللو سارة جويد مصدر المقال: خدمة الأرضية
المشتركة الإخبارية 5 شباط/فبراير 2010 واشنطن
العاصمة – عندما نظرت من الطابق
الأوسط لمسرح أبوللو الشهير،
أيقنت أنني أشهد التاريخ يُصنَع.
طالما كانت قرية هارلم نبراس
إلهام للفنانين خلال القرن
العشرين، روائيين وشعراء
وموسيقيين وممثلين وجدوا فيها
ملاذاً للتعبير من خلال أشكال
فنية مختلفة كالموسيقى والمسرح.
في يوم 23 كانون الثاني/يناير،
وجَدَت ثقافة إسلامية أمريكية
مزدهرة صوتها أيضاً على خشبة
مسرح أبوللو التاريخي. قامت
شبكة العمل الإسلامي للمناطق
الفقيرة (إيمان) بتنظيم نسخة
خاصة من "مقهى المجتمع الصغير"،
الذي يُعقد عادة في شيكاغو،
المدينة التي تحتضن "إيمان".
قُصِد من هذا الحدث بقيادة
المسلمين توفير مساحة لمن هم
على وعي اجتماعي للاحتفال
والانخراط في أشكال فنية متنوعة
من التعبير. عرض مسلمون من كافة
أنحاء الطيف مواهبهم الساحرة
مخترقين حدوداً كانوا قد وضعوها
لأنفسهم، من العرق والنوع
الاجتماعي والطائفة والرؤية.
بيعت التذاكر جميعها إلى جمهور
هتف مشجّعاً مجالاً واسعاً من
الإبداع الدينامي للفنانين مثل
المغني والممثل موس ديف
والكوميدي عاصف ماندفي ومسرح
التقدم والموسيقي عامر سليمان
وفرقة ReMINDers. كانت
أهم ناحية للحدث وأكثرها إثارة
أثر الأداء على الحضور. امتد
التلاحم الاجتماعي الناتج عن
الحدث إلى ما وراء مسرح
الأبوللو، مرسلاً تموّجات عبر
المحيط الأمريكي مع عودة الحضور
إلى بيوتهم. شكّل الحفل، بوجود
أحداث هاييتي المحزنة تثقل على
قلوب الفنانين، شكل ليلة من
المسؤولية الاجتماعية والتشارك
الفني واستقطاب للرأي. لم يكن
لهذا الحدث أن يأتي في مفترق
أكثر مثالية في التجربة
الأمريكية المسلمة. تستمر
هويتنا بالتشكُّل من خلال
تنوعنا وردة فعلنا تجاه الأحداث
العالمية، وأحياناً التصوير
النمطي داخل مجتمعاتنا المحلية
وخارجها. رغم ذلك، يعمل
المسلمون الأمريكيون وبصورة
إيجابية على بناء هوياتهم
الفريدة من خلال المساهمة بشكل
له معنى في المجتمع من خلال
الانخراط في قضايا يهتمون بها
بصدق. هناك
امرأة، على سبيل المثال تستعد
للحصول على شهادة الدكتوراة في
علم النفس لتوجه الانتباه إلى
التشوهات العقلية التي يُنظر
إليها أحياناً على أنها غير
شرعية في العديد من مجتمعاتنا.
وهناك رجل يحطّم الرؤى الخاطئة
حول الرجولة من خلال التعامل مع
قضايا العنف الأسري. وهناك
فنانة تتبرع بريع إنتاجها الفني
لصالح هاييتي. هؤلاء
أناس عاديين، لا تُسلّط عليهم
أضواء الشهرة. ليست لديهم صفقات
كتب أو أفلام. يعيشون حياتهم
ويقومون بأعمال جيدة بصدق لأنهم
يؤمنون به. نعم، إنهم مسلمون،
وأكثر من ذلك بكثير. يُبرِز
الإعلام أحياناً أناساً على
الأطراف وكأنهم الوحيدون الذين
يواجهون تعابير فردية عن
الإسلام. أما هؤلاء في الوسط فلا
يلاحظهم أحد لأنهم ليسوا بنفس
الجمال أو ارتفاع الصوت أو
لأنهم لا يسعون لشد الانتباه.
ورغم أن التعابير الأولى هي جزء
من الكلّ الذي يشكل الطبيعة
الدينامية للجالية الأمريكية
المسلمة، يجب ألا يحصلوا على
كمية غير متناسبة من الاهتمام.
يجب أن يكون أملنا الجماعي
بالمجتمع على مستوى أعلى من
الوعي، ولن يحصل ذلك من خلال
التركيز فقط على هؤلاء على حواف
المجتمع، الذين تسهل رؤيتهم. يمكن أن
يقودنا التركيز على الناس
العاديين إلى شعور أقوى من
التماسك الاجتماعي. يوفر لنا
هؤلاء الأفراد شيئاً غير ملموس
ولكنه ثمين جداً. إنهم الهدوء
الثابت، والقلب الذي يستمر في
النبض حتى عندما لا ينتبه إليه
أحد. يساعد هؤلاء الأفراد على
بناء سرد أمريكي مسلم يرتكز على
وعي بالله تعالى من خلال
التأكيد على إيمانهم عن طريق
الأعمال الصالحة والانخراط
المجتمعي وهدف يذهب إلى ما وراء
وجودهم. أيقنت
وأنا جالسة هناك في مسرح أبوللو
استمع مأخوذة بصوت "سميّة"
الأوبرالي الجميل، وهي امرأة
أمريكية من أصول إفريقية يغطي
رأسها حجاب وردي اللون، وزيشان
الأمريكي من بنغلادش الذي يتمتع
بصوت يشبه صوت أندريا بوتشيللي،
أيقنت أنني في الوطن. كانوا
يتشاركون بجزء من روحهم معي،
بينما حطموا حاجزاً بعد الآخر. يأتي
الفن من أعماقنا، وهو مكان
يزدهر أحياناً بهدوء عقلي وحضور
ذهني. وعندما يتم التشارك بالفن
مع الآخر بأنه يملك القدرة على
الإلهام وبناء الجسور إلى أماكن
لا خرائط لها، وشفاء الجراح.
وبينما نستمر في تشكيل قصصنا،
لنتذكر جوهرنا وكيف نرتبط
جميعاً بأصدقاء من ديانات أخرى
وبالأرض والمجتمعات الصغيرة،
من موقع الكمال. ــــــــــــ * سارة جويد كاتبة وفنانة
وناشطة في مجال قضايا الإيمان
تعمل في شؤون تخطيط المدن في
واشنطن العاصمة. كُتب هذا
المقال لخدمة الأرضية المشتركة
الإخبارية. تم الحصول على حقوق نشر هذا
المقال. ======================== مثقفون للوطن أم ادوات
للأنجزة وأكاديميا الغرب متخارجون مثل...أم شهداء مثل
ليبنكخت والخواجا د. عادل سمارة نشرة كنعان الإلكترونية منذ
سبعينات القرن الماضي وخاصة بعد
هزيمة فيتنام بدأت الولايات
المتحدة، وفي اذيالها أوروبا
الغربية والشمالية سياسة بدت
للكثيرين جديدة وهي اعتماد
القوة الإعلامية والثقافية
لبسط هيمنتها كرديف للقوة
العسكرية المباشرة، وكلتيهما
كمقدمات ضرورية لعبور حقول
الألغام لتمهيد الطريق أمام
الجيش الحقيقي، راس المال. وهذه
السياسة التي أسميت سياسة
الإجماع في الداخل، والاحتواء
في الخارج ومن أدواتها نشر
الديمقراطية وحقوق الإنسان
والجندر وتشجيع منظمات المجتمع
المدني...الخ. ومن أجل
هذا لجأت الولايات المتحدة
وأذيالها لآليات عديدة نذكر
منها هنا ثلاثة: □
الأولى: تجنيد مثقفين من العالم
الثالث ليقدموا عن الولايات
المتحدة صورة وردية سواء عن نمط
الحياة ومستوى الحياة والثقافة
هناك. □
والثانية: توفير ميزانيات لهذا
المشروع جرى اختصار أكثرها من
ما كانت تقدمه على شكل مساعدات
للدول التي تدور في فلكها،
فحولت هذه الاقتطاعات لتمويل
المنظمات غير الحكومية
والمؤسسات الأكاديمية والأفراد
الذين يدورون في فلكها. لذا لا
غرابة أن تخفض أميركا ومختلف
بلدان المركز الكثير من
ميزانيات وزاراتها، لكنها لم
تخفض ميزانيات الأنجزة مثلا: لم
تخفض الولايات المتحدة وغرب
اوروبا وشمالها ميزانياتها
للأرض المحتلة، بل زادتها، رغم
أن البطالة طالت هذا العام 800
الف أميركي ووصل الرقم الرسمي
للبطالة في أميركا نفسها إلى 8
مليون شخص.[1] □
والثالثة: تجنيد دول محددة تجاه
الوطن العربي تحديداً، والتي
ليس لها تراثا استعماريا في
المنطقة، ولكنها جاهزة لتخدم
الاستراتيجية الأميركية في
المنطقة وخاصة هولندا (حاضنة
منظمة نوفيب، وهي صاحبة أكثر
منظمات غير حكومية لعبت دورا في
جنوب افريقيا قبل سقوط
الابرتايد، وبان أُكُلها في
إصلاحية المؤتمر الوطني
الإفريقي لاحقاً، والنرويج (أوسلو
وملاحقاتها) والدنمارك (جماعة
كوبنهاجن) والسويد. وهذه الدول
يجري استخدامها من قبل الولايات
المتحدة لتمهيد الطريق أمامها،
اي لتعويد شعوب المحيط على قبول
العلاقة بالأجنبي. لذا بدأت
بوجوه دول ليست عدوة تقليدية
لشعبنا وذلك إلى أن اصبح
التعيُّش من الأجنبي عادة
ومطلباً، فدخلت أميركا بوجهها.
ولكن ظل لهذه الدول دورها في
الاستراتيجيا الأميركية، ومن
هنا اسميتها في كتابي، التنمية
بالحماية الشعبية 1990 "الحكومات
غير الحكومية". أين نحن
من هذا؟ في سياق
حلقات"إعادة بناء البلد"،
وجدت أن حصر النضال بمختلف
اشكاله ضد الاحتلال، قد اسدل
غلالة سوداء حالت دون رؤية
احتلال آخر هو الاحتلال الغربي
الراسمالي لسلطة الحكم الذاتي
وخاصة لليسار والمثقفين
والجامعات المحلية. مما يؤكد ما
ذهبت إليه في مقالات عدة، بان
اضعف خاصرتين في الأرض المحتلة
واللتين ينفذ عادة العدو من
خلالهما هما: ·
النخبة السياسية ·
والنخبة المثقفة/الأكاديمية. لن
أتحدث هنا عن النخبة السياسية،
بل عن النخبة الثقافية
الأكاديمية. والسؤال الذي يمكن
البدء به: هل المثقفين طبقة؟ وإن
كانوا كذلك هل يمكن أن يكونوا أو
يصبحوا طبقة عالمية طالما هناك،
(وبحضور أعلى من المجاز) توجد
الطبقة العاملة العالمية
والطبقة الراسمالية العالمية...الخ،
وكل هذا في سياق السوق العالمي
وقانون القيمة وبالطبع عدوانية
هذه السوق. لا يتسع المجال هنا
للبحث النظري في تحديد او تعريف
الطبقة، ولكن يمكن وصف جماعة ما
بأنها طبقة حين تكون قادرة على
إعادة إنتاج نفسها بانعزال نسبي
عن الأخريات. طبعاً الطبقات
الرئيسية في المجمع هي التي
تشكل طرفي نمط الإنتاج، مثلا في
الاقطاع السادة والأقنان، في
الراسمالية البرجوازية والطبقة
العاملة. ليس المثقفون بهذا
المعنى طبقة رئيسية، والسؤال:
هل هي "طبقة" ثانوية؟ قد
يقول لنا بوالنتزاس، هذا يعتمد
على دورها السياسي، حتى تكون قد
انتقلت من طبقة في ذاتها إلى
طبقة لذاتها. هذا صحيح، ولكن
الدور السياسي يأتي بعد دورها
في العملية الإنتاجية وتقارب
شروط وظروف العمل، وهذا لا
ينطبق على المثقفين، اي شروط
الإنتاج المادي تحديداً. وعليه،
إذا حاولنا الانطلاق من الدور
في عملية الانتاج وفي السياسة
او التبلور السياسي، نجد أن
المثقفين، حتى على اعتبار أنهم
ينتجون فكرياً، ويلعبون دورا في
السياسة، لكنهم موزعين على
مختلف الطبقات. ومن هنا هم أقرب
إلى الشريحة وليس إلى الطبقة،
فهم شريحة تمتد وتتمدد على حواف
وفي أحضان وهوامش مختلف
الطبقات، ومن هنا كان طرح
غرامشي عن المثقفين العضويين
لكل طبقة، وطرح لينين/ليبنكخت
عن المثقف الثوري، وما نعتقده
عن المثقف العضوي/الثوري
المشتبك، وهنا اقصد نقيض المثقف
المساوم والرخو أو الذي يتنقل
من حضن إلى آخر، أحمر أو وردي أو
أبيض أو...صهيوني. ربما تساعدنا
في هذا الأمر الطبيعة التقلبية
للمثقفين لا سيما كأفراد، بينما
لا تتقلب الطبقات كما يتقلب
الأفراد. فلا ينتقل موقع طبقة
ماديا بأكملها، بل يتقلب موقع
فرد أو أفراد وربما شرائح. لو
أخذنا الأرض المحتلة مثالاً
لكان ثريا. مثلا بقي الفلاحون
كما هم طبقة محلية وطنية، وإن
تضائل دورها الانتاجي او
مساهمتها في الانتاج المحلي
الإجمالي سواء بسبب مصادرة
الارض من الاحتلال أو إغلاقها،
أو قيام منظمات الأنجزة
والمؤسسات الأجنبية الحكومية
مباشرة، والجهاز البيروقراطي
الهائل لسلطة الحكم الذاتي،
بتوفير وظائف خدماتية لقوة
العمل مما يبعدها عن العمل
المنتج ماديا. كما بقيت الطبقة
العاملة على حالها رغم ما
اعتورها من ضربات. أما المثقفون
فنراهم يتقلبون من اطراف منظمة
التحرير التي "تعهدت"
بتحرير فلسطين ليدخلوا معها في
اتفاقات اوسلو القائمة على غزة-أريحا
أولا، وربما اخيراً، ناهيك عن
الاعتراف بالكيان. والمفارقة أن
هؤلاء المثقفين وخاصة من أوساط
اليسار ينقدون أوسلو والتسوية
وحتى حركة فتح وكأنهم ليسوا هم
الذين أتوا مع أوسلو واستفادوا
منها، وتخلوا عن فكرهم، وكتبوا
مجلدات التنازل عن الفكر الذي
حملوه، ومؤخراً أخذوا يرفعون
شعارات ماركسية او يسارية!!! وهؤلاء
المثقفون أنفسهم الذين تقوم على
أكتافهم شبكة المنظمات غير
الحكومية الموجهة من الدول
الغربية والتي ربما اكبر مهامها
التطبيع مع الكيان الصهيوني
الإشكنازي. وهم انفسهم، أي
نفراً منهم الذين يتعيشون من
المؤسسات الأجنبية الرسمية
والثقافية، خيث يقومون بأبحاث
ودراسات تحددها الأطراف
المانحة[2]، وهي لا شك أطراف
تتلقى التمويل والتحويل
والتوجيه وأخيرا الأمر من
مخابرات بلدانها التي في
التحليل الأخير مرتبطة
بالمخابرات في المركز ولا سيما
الولايات المتحدة. بل إن هؤلاء
المثقفين يتخارجون بحيث يصبحون
جزءا من شريحة المثقفين
العالمية، المثقفون "مثقفون
معولمون"، وهي شريحة مبنية
على مراتبية مركز/محيط، أي
الشريحة المثقفة في المركز التي
تمارس تعميق الهيمنة
البرجوازية في بلدانها دفاعاً
عن السلطة ضمن ما يسمى المجتمع
المدني، وهي التي تقوم بتجنيد
شرائح المثقفين المتمكنين أو
المزيفين في المحيط[3] لخدمة
ثقافة وإيديولوجيا راس المال في
المركز. هذا معنى الثقافوية
المعولمة، التي تشكل شبكة
استكشاف وتنظيم أدوات ومخبرين
وعملاء وكتبة تحليلات ودراسات
لصالح جيوش المركز، بدءا
بالإعلام والإيديولوجيا وصولا
إلى الجيش المقاتل وإخيرا لصالح
جيش راس المال وهو السيد والأهم.
من هؤلاء من يدرك ومنهم من لا
يدرك. وبغض النظر عن كل هذا،
فالمركز هو الذي يجني. وعليه،
سواء اتفقنا على كون المثقفين
طبقة أم لا؟ يظل الأهم هو الدور،
الأداء، الانتماء للطبقات
الشعبية، تحمُّل العيش المتقشف
كي لا يسقط المرء في الخيانة
وعدم الوفاء للبلد ام الانزلاق
إلى لذة العيش والأكل المفرط
حتى التخمة والتمتع بذلك، وركوب
الطائرات إلى المركز. ولا شك أن
ركوب الطائرة مختلف عن أن يرسف
المرء في قيود وأغلال الاحتلال
ويُنقل في سيارات الزنازين من
مركز مخابرات إلى آخر. هكذا قُتل
كارل ليبنكخت، ومحمد الخواجا،
وبالعكس من ذلك تمتع لطفي
الخولي (وفريق كوبنهاجن، وتمتع
مثقفون/ات فلسطينيون في لقاءات
أوسلو المتكررة قبل اتفاق أوسلو
وبعده، ورفلوا بالحرير كما كتب
صحفي صهيوني، كان... كعارضة
الأزياء لم يناقش ولم يتفاعل). إذن
ليس، بالنسبة للمثقفين
تحديداً، ليس الأهم تسمية طبقة
أم شريحة، بل الدور، سلبي أم
إيجابي. مع التاريخ أم ضده، مع
التاريخي أم مع اليومي ومتعته؟ هذا
السؤال، مطروح برسم الإجابة على
كل مثقف/ة في الأرض المحتلة
خاصة، هل هو مطبِّع، هل هو على
صلة بالأنجزة، بالقنصليات،
بالسفارات، بالمراكز الثقافية
للدول الغربية. من يمكنه
التأكيد أن هذا الغرب يقدم هذه
الأموال عن روح أمه؟ من يمكنه
التأكيد أن ليست هناك اتفاقات
سرية، وتقارير سرية[4]، وأجندة
دائمة؟ إما بين يقوم بها المثقف
الفلسطيني، مثقف المحيط، أو لا
منحة! هؤلاء المثقفون متخارجون،
بطرق عدة، فهل إعادتهم إلى
المدار الوطني ممكنة؟ هذا متروك
للقارىء، كي يحكم، ومتروك
للحريصين وطنياً بأن يشكوا
ويتأكدوا ويحذروا. طالما
هدف هذه الحلقات هو إعادة بناء
البلد، فهذا الحديث موجه للجيل
الجديد، الذي لم يتم الفتك
بوعيه بعد. بكلمة أخرى، هذه
الحلقات موجهة إلى الأمام وليس
إلى الماضي. ======================== (إعتقال الإخوان) ثقافة
العنف ودلائل العجز دكتور محمد جمال حشمت موقع إنقاذ مصر – 9/2/2010 فى ظل
عجز سياسى وفشل وطنى فى تحقيق
انجاز واحد يخفف عن المصريين
أزماتهم التى تعايشوا معها
مكرهين أو يحقق لهم الأمن
والأمان بحيث يمنحهم حاضر يحقق
لهم الكفاية ومستقبل يحقق لهم
الأمل ، وفى ظل حالة الإحباط
التى تسود الشارع المصرى من أى
تغيير نحو الأفضل ، وفى ظل تغول
منهج الجباية الذى سيطر على
عقول المسئولين والسكرتارية
وقهر إرادة الشعب المصرى وفرض
هيبة الدولة بالقوة فى غير
محلها أحيانا كثيرة .... فى ظل كل
ذلك يبدو القبض على قيادات
الإخوان المسلمين هو دليل العجز
عن الحوار وتأكيد لخطورة نظام
يستشعر بصدق عدم شرعيته الشعبية
والقانونية بتكريسه لثقافة
العنف فى المجتمع تحقيقا لمصالح
فئوية تحسب على نظام الحكم
والمحيطين به والمستفيدين منه!! لم يعد
مقبولا فى بداية عام كان من
المفروض أن يكون عاما ديمقراطيا
وبداية لعرس الحرية التى تأخرت
عن مصر عشرات السنين حتى
تجاوزها الأصغر والأحدث ، كم لم
يعد مقبولا فى ظل أرتفاع بعض
الأصوات العاقلة فى الحزب
الحاكم بالقهر بل وطبقا لما
طالب به الكثيرين من القوى
السياسية فى مصر وما جاء فى
تقارير داخلية وخارجية تطالب
باستيعاب الإخوان فى منظومة
الحياة السياسية فى مصر ، نعم لم
يعد مقبولا تكرار سيناريو
الاعتقالات والتغييب وما يترتب
عليه من تضييق وألام وحزن
وحرمان فى صفوف أكبر جماعة
معارضة فى البلاد فقط لأن
النظام القائم قد فقد القدرة
على استيعابهم ضمن منظومة
ديمقراطية حقيقية تتسم بالحرية
المسئولة والالتزام بقواعد
الحرية والعدالة والديمقراطية !
ولأن النظام فقد قدرته على
اللعب النظيف لذلك لجأ الى
استعمال الكروت الصفراء
والحمراء حتى قبل المباريات
باعتباره الحاكم الآمر الناهى
!!! إن
تصدير الأمن وقواته وتوظيف
النيابة والتأثير على القضاء
للنيل من خصوم سياسيين بشكل
مستمر يسئ لمصر الدولة ويفضح
العجز التى يسيطر على عقلية
نظام سياسى لا يملك رؤية ناضجة
للتعامل مع أبناء الوطن بعيدا
عن رغبات وتوجهات المشروع
المعادى للأمة بأكملها ! حتى
القرارات والقوانين التى يتم
إقرارها هذه الأيام لا تحقق
مصلحة واحدة للمواطن المصرى
المطحون لكنها تصب فى مصلحة
نظام مأزوم تعتمد موارده على
الريع والجباية ! فى ظل
هذا المناخ القابض تأتى حملة
الإعتقالات بين صفوف الإخوان
لتؤكد على عدة حقائق : 1. أن
العمل السلمى الذى ينتهجه
الإخوان بشفافية وصلت الى إجراء
انتخابات مكتب الإرشاد والمرشد
تحت سمع وبصر الإعلام أمر لا
يحتمله نظام الحكم الذى افتضحت
عوراته وسوءاته عند مقارنته
بتجربة الإخوان ولم يعد يملك
إزاء ذلك سوى الحصار والمطاردة
والاعتقال وانتهاك حقوق
الانسان . 2. أن
النظام يعلن بعناده المعروف عنه
أنه لا حوار مجتمعى ولا أمل فى
تغيير سلمى حيث يكرس بهذه
الممارسات ثقافة العنف
والمواجهة الأمنية بدلا من
الحوار والعمل السياسى
والاجتماعى المعلن. 3. أن
النظام فقد القدرة السياسية
والإعلامية على إقناع الشعب
المصرى بالعقل والمنطق بما
يتخذه من قرارات ومواقف أهانت
مصر تاريخا وشعبا لذا لجأ الى ما
يجيده استعمال العصى وبعنف ضد
أبناء وطنه ! 4. أن
النظام مازال يصر على أن يحقق
لجماعة الإخوان تعاطفا داخليا
وخارجيا بممارساته الشاذة ضدهم
حتى بدا الإخوان أنهم وحدهم من
يقفون ضد فساده وظلمه واستبداده
ويدفعون ثمن مواقفهم السلمية
الشجاعة ضده ! وصحيح أنهم يمثلون
أغلبية المعارضة والقوة الأكثر
تنظيما لكنهم ليس وحدهم على
ساحة مواجهة النظام الفاشل ! 5. أن
النظام قد عقد العزم على تزوير
الانتخابات القادمة (شورى وشعب
ورئاسة ) باعتباره قد ورث مصر فى
غيبة أهلها ويظن أنه الأحق فى
البقاء وعلى الجميع الحذر من
الإقتراب – بجد – من هذه
المؤسسات السيادية ، وهذا
السلوك نذير شؤم بعد أن وصلت مصر
الى مرحلة غير مسبوقة من
الانهيار القيمى والمؤسسى ! 6. أن
النظام سيظل يلجأ للكذب
والتلفيق عند مطاردة خصومه
السياسيين وقد نال الإخوان
القسط الأوفر من الاتهامات مثل
تكوين ميليشيات عسكرية وجمع
سلاح وغسيل أموال وإثارة فتن
وتعطيل دستور وتهديد لأمن
البلاد وقد دخلت القيادة
السياسية على الخط ومعها
الوزراء حيث اتهمت الإخوان
بأنهم يهددون الأمن القومى لمصر!
ورغم فشل إثبات كل هذه التهم إلا
أن الأمر يحتاج لمراجعة و تحرير
لمصطلح الأمن القومى ! إن
الإسراف و سوء استعمال السلطة
من جانب النظام المصرى قد فكك
مصر لصالح فئات اقتربت منه ،
وضيع روح الانتماء لدى المصريين
وخنق الحريات وأسس لمنظومة
فاسدة تغللت فى كل جهات الدولة
فكدرت حياتنا وحاصرت أحلامنا
ولابد للفجر أن ينجلى ولابد
للقيد أن ينكسر والإخوان يدفعون
ثمن هذا التحرير لكن عطائهم
وحده لايكفى ولابد من وقفة لكل
المعنيين بحرية هذا الوطن تردع
هؤلاء الذين تغولوا بغير الحق
لصالح فئة غيبت مصالح الوطن
لمصالحها الشخصية وحسبنا الله
ونعم الوكيل ======================== الروس يقرءون الآن
رفاعة الطهطاوي بفضل فاليريا كيربتشنكو د. أحمد الخميسي. كاتب مصري نشرة كنعان 8/2/2010 قطع
رفاعة رافع الطهطاوي نحو مئة
وخمسة وسبعين عاما إلي اللغة
الروسية ليصبح كتابه " تخليص
الإبريز في تلخيص باريز " (1834)
مقروءا الآن في روسيا بعد أن
ترجمته أستاذة الأدب المستشرقة
عاشقة الثقافة المصرية
المعروفة د. فاليريا كيربتشنكو
التي نعتز بوجودها غاية
الاعتزاز، ثم تمكنت - في ظروف
يتعثر فيها النشر- من إصداره في
سلسلة " الذخائر الأدبية "
التي تطبعها أكاديمية العلوم
الروسية. وللقارئ أن يتخيل حجم
الصعوبات التي تواجه المترجم –
وهو يعلم مسبقا أنه يبذل جهده
مجانا تقريبا - حين يعكف على
كتاب ممتليء بكلمات وصياغات
بعضها صار مهجورا أو غير مفهوم! وقد
أضافت د. كيربتشنكو للكتاب
الأصلي ملحقا في نحو سبعين صفحة
تعرض فيه للقارئ الروسي حياة
وأهمية ودور الطهطاوي وتقول فيه
إن كتابه " تخليص الإبريز "
كان " الخطوة المصرية الأولى
لانفتاح مصر على أوروبا " في
ظل النهضة التي قام بها محمد علي
والتي تقارنها د. كيربتشنكو
بنهضة روسيا عهد بطرس الكبير،
كما تعرض لطبيعة ترجمة الكتاب
إلي اللغات الأخرى خاصة
الفرنسية، كما أضافت د.
كيربتشنكو صورا لبعض الوثائق
المتعلقة بحياة الطهطاوي إلي
الكتاب. والحق
إن فرحتي بصدور هذا الكتاب لا حد
لها، أولا لأنه كتاب رفاعه
الطهطاوي الذي خرجت من معطفه
الثقافة المصرية الحديثة،
وثانيا لأن د. كيربتشنكو ما زالت
قادرة على العطاء المثمر الجميل
وهي تحتفل بعيد ميلادها
الثمانين، أطال الله في عمرها
ومتعها بالصحة، وثالثا لأن هذا
الكتاب هو خير دفاع عن الثقافة
العربية ودورها واستنارتها في
الخارج. يقول
بهاء طاهر في كتابه ( أبناء
رفاعه) : "إن مصر تدين
للطهطاوي بأكبر فضل في التغيير
الثقافي الذي غير وجه الحياة إذ
أرسى مثل الحرية والمساواة
والأخوة الوطنية ". وقد كانت
رحلة رفاعة من طهطا إلي القاهرة
ومنها إلي باريس هي رحلة خروج
مصر من الظلام إلي النور معتمدة
فقط على حدسها وعزمها وذكاء
أبنائها واستشرافهم لكل مشهد
للعلم والتقدم. يعلم القاريء أن
رفاعة ولد في أكتوبر 1801 في طهطا
بمحافظة سوهاج. التحق بالأزهر
وهو في السادسة عشرة، وبعد ست
سنوات صار مدرسا في الأزهر. عام
1826 تم اختياره إماما للبعثة
المصرية العلمية إلي فرنسا،
وهناك بمبادرته الخاصة تعلم
الفرنسية، فضمته الحكومة
لبعثتها. عاد إلي مصر عام 1831
وتقدم باقتراح لمحمد علي لانشاء
مدرسة الألسن للترجمة التي خرجت
أولى دفعاتها عام 1839، وعلى يديه
ظهر أول قرار بتدريس العلوم
والمعارف باللغة العربية،
وأصدر جريدة الوقائع بالعربية
بدلا من التركية، وعندما تولى
عباس الأول الحكم أغلق المدرسة
ونفي رفاعة إلي السودان، وعاد
من منفاه عام 1854. أصدر مجلة "
الروضة " وترجم ما يزيد عن
خمسة وعشرين كتابا. ترك مؤلفات
عديدة منها مناهج الألباب
المصرية في مباهج الآداب
العصرية ـ المرشد الأمين في
تربية البنات والبنين ـ القول
السديد في الاجتهاد والتجديد
وغير ذلك. لكن القارئ لن يتعرف
إلي عظمة ذلك العالم الكادح
الذي خرجت من معطفه الثقافة
المصرية الحديثة ولن يتعرف إلي
مدى استنارته المذهلة إلا إذا
علم بما احتوته وثيقة زواجه
التي خطها بقلمه وسجل فيها : "
التزم كاتب هذه الأحرف رفاعه
بدوي رافع لبنت خاله المصونة
الحاجة نعيمة بنت العلامة الشيخ
محمد الفرغلي أنه يدخل بها
وحدها على الزوجية دون غيرها من
زوجة أخرى أو جارية.. فإذا تزوج
بزوجة أيا ما كانت، كانت بنت
خاله طالقة بالثلاثة وكذلك إذا
تمتع بجارية.. ولكن وعدها وعدا
صحيحا أنها ما دامت معه على
المحبة المعهودة.. لن يتزوج
بغيرها أصلا ولن يخرجها من
عصمته حتى يقضي الله لأحدهما
بقضاء "! هذا العقد سجله رفاعة
عام 1839 وختمه بختمه! تستحق د.
كيربتشنكو في مؤتمر الترجمة
القادم الذي يعقده المركز
القومي للترجمة تكريما خاصا
يحيي جهدها وعملها ويرسل لها
تحايا التقدير الحقيقي من
القاهرة إلي موسكو. ======================== وتمضي
الأونروا في اختراع قوانين
لتقليص خدماتها للاجئين
الفلسطينيين. فبعد «شهادة فقر
الحال»، صار على الفلسطينية
الحامل إبراز تقرير «فقر دم»
للحصول على «إعاشة تموينية» سوزان هاشم http://www.al-akhbar.com/ar/node/176427 «معِك
فقر دم»، بهذه العبارة تقابل
إحدى موظفات «الأونروا»، زهية
موعد، بعدما أنهكها الانتظار
وجنينها، أمام قسم الصحة التابع
للوكالة في عين الحلوة، لاستلام
كارت إعاشة يخولها الحصول على
حصة تموينية تحتوي على بعض
السكر والحليب والزيت والعدس.
لم تستوعب زهية كلام الموظفة،
وانبرت تستفسر «شو يعني بدّي
أضعف دمي كرمال أحصل على إعاشة؟»
سؤالٌ لا يبدو أن الموظفة نفسها
تمتلك جواباً شافياً عنه، والتي
بدت لزهية «مش مقتنعة بالقرار
بس ملزمة تنفذ»! هكذا آثرت هذه
الموظفة أن تلزم الصمت، في
محاولة للهرب من غضب زهية
وغيرها من النساء الحوامل
اللواتي خرجن متثاقلات بسبب
بطونهن وليس بسبب وزن إعاشة
الأونروا التي خرجن خاليات
الوفاض منها. إذ إن وكالة
الأونروا ابتدعت قاعدة جديدة،
في توزيع مساعدات الأمومة التي
كانت النساء الحوامل يحصلن على
حصصها مرتين خلال حملهن على حصة
تموينية، وأخرى بعد الولادة.
وجديد «الأونروا» هذه المرة حصر
تلك المساعدة بفئة الحوامل
اللواتي يعانين فقراً في الدم،
وهكذا بات ينبغي عليهن الخضوع
لفحص دم يجرى في قسم الصحة لدى
الأونروا لمعرفة إذا كانت تستحق
تلك الإعاشة. أما سبب تلك
السياسة فتشرحها مصادر من
الأونروا، رفضت الكشف عن اسمها،
فالأمر إنفاذ لقرار إدارة
الوكالة القاضي بأن يعملوا «قد
ما فيكن قوانين تقلص ميزانية
الخدمات»! إذاً، الهدف مالي
بامتياز، كما يشرح المصدر،
مردفاً أن «مساعدات الأمومة
وقبل عودة توزيعها إلى قسم
الصحة في الوكالة، كانت قد آلت
منذ سنة إلى قسم الإغاثة فيها،
بحيث اتبعت قاعدة ناجعة تقضي
بأن توزع تلك المساعدات وفق
معايير علمية تقوم على استمارة
تُعبّأ، بحيث إن الأسر الفقيرة
وحدها كانت تستفيد من مساعدة
الأمومة التي كانت تطال حصصها
أيضاً أفراد أسرة المرأة الحامل.
بيد أن قسم الإغاثة لم يقوَ على
الاستمرار في تقديم تلك
المساعدات، إذ إنه أصلاً مثقل
بالمسؤوليات العديدة، ويفتقر
إلى الجهاز البشري،
والإمكانيات المادية للقيام
بتلك المسؤولية». هكذا إذاً،
أعيد قسم مساعدات الأمومة إلى
دائرة الصحة، «ولأن سياسة
الأونروا تتجه نحو توفير
الأموال، كان ابتداع هذا القرار»،
يقول المصدر عينه. كما حصل
في موضوع المساعدات المالية،
التي لم تخل تصنيفات المستفيدين
منها من آثار «الواسطة»، هنا
أيضاً «هناك نساء يحصلن على
مساعدات بغض النظر عن قوة دمهن
أو ضعفه»، كما يعلّق أبو وائل
كلاب، عضو اللجنة اللبنانية
ــــ الفلسطينية للحوار
والتنمية، واصفاً هذا القرار «بالعنصرية
داخل الفئة الواحدة»، مشيراً
إلى أن هذا المعيار لا يمكن
اتباعه هنا في توزيع المساعدات
العينية، وخصوصاً أنها «لا تشمل
أدوية أو مواد غذائية تحتوي على
الحديد الذي من شأنه أن يحسن من
دم المريضة، وليس بالضرورة أن
تكون كل امرأة محتاجة تعاني
فقراً في الدم والعكس صحيح».
ويعتبر أبو وائل أن وكالة
الأونروا «دأبت على تقليص
خدماتها تجاه شعبنا، كيفما
اتفق، لذلك لم نعد نستهجن
لجوئها إلى قرارات كهذه». إلا أن
هذا القرار، كما غيره، بات يقلق
أبناء المخيم، الذين باتوا على
يقين بأن خدمات هذه الوكالة
التي نشأت من أجل عونهم في
الشتات، باتت تشح يوماً بعد
يوم، وهنا تعلّق سامية حسن بعد
حرمانها للتو من مساعدات
الأمومة، «خايفة على دور الولد
اللي جايي يبطل في أونروا أصلاً». ------------- عودة
إلى الخطأ نفسه؟ تتخوف
الناشطة الاجتماعية في مخيم عين
الحلوة، عبير أحمد، من «عودة
الإشكال بين الأونروا وأبناء
المخيمات إثر هذا القرار،
تماماً كما حصل منذ نحو شهر على
خلفية توزيع المساعدات المالية
لحالات العسر الشديد وتصنيفها
بين فقر مطلق وفقر مدقع». وتطالب
أحمد الأونروا بـ«وضع قوانين
واضحة في التعامل مع أبناء
شعبنا بعيداً عن سياسة التلاعب،
إذ لا يمكن اعتبار فقر الدم
معيار توزيع مساعدات الأمومة،
وخصوصاً أن تلك المساعدات لا
تحتوي على فيتامينات أو مواد
تقوي دم الأم!». ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |