ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
شراكة الحركات
الإسلامية المعتدلة مع الأنظمة
إلى أين؟ علاء أبو صالح 13/02/2010 القدس العربي يبدو المشهد السياسي في العالم الإسلامي
في ظل حكم الأنظمة الجاثمة على
صدر الأمة والموالية لأعدائها
مشهداً قاتماً، ويزيد من قتامته
تحالف بعض التيارات الإسلامية
مع هذه الأنظمة بصورة أو بأخرى. فقد سعت بعض التيارات إلى مشاركة هذه
الأنظمة عملها السياسي
التآمري، بلعب دور المعارضة وفق
الرؤية الغربية تارة، أو بولوج
هذه الأنظمة لتصبح مكوناً
رئيسياً منها. لكنها –وللأسف-
كانت من حيث أدركت ذلك أم جهلت
دعامة لهذه الأنظمة التي لن
يكون للأمة منفذ لسبيل عزتها
وعودتها خير أمة أخرجت للناس
سوى بإزالتها. فتجارب الحركات الإسلامية في بلدان عدّة
في الانخراط في العملية
السياسية أسفرت عن نتائج
كارثيّة، بل إن المتابع لتلك
التجارب يدرك أن هناك أصابع
خفية ساقت تلك التيارات
للانخراط في اللعبة التي تتحكم
القوى الغربية بخيوطها، ويدرك
كذلك أن تلك التيارات كانت
بمثابة حقل تجارب لمراكز
الأبحاث الغربية التي عكفت على
دراسة ظاهرة المد الإسلامي
المتنامي وكيفية التصدي له،
وخلصت أن لا سبيل أمام الساسة
الغربيين سوى استخدام ورقة ما
بات يعرف بالإسلام "المعتدل"
حتى يتم عرقلة مشروع الإسلام
النهضوي الذي يقضي بالإنعتاق من
التبعية السياسية والفكرية
للغرب بل ويدعو إلى حمل الإسلام
رسالة هدىً للعالمين. ونحن إذ نتناول هذا الموضوع نقف عليه من
زوايا ثلاث، الأولى ما هو موقف
الغرب من شراكة الأنظمة مع
التيارات الإسلامية "المعتدلة"،
والثانية ما مدى النجاح الذي
حققته هذه التيارات، ومن ثم
نعرج على آثار هذه التجارب على
مشروع الأمة النهضوي وما مدى
إسهام هذه التجارب في خدمة أو
عرقلة هذا المشروع. أما موقف الغرب من شراكة الأنظمة مع
التيارات الإسلامية "المعتدلة"
فقد شهد تقلبات متعددة، أولها
اعتماد سياسة ركوب الموجة في
التعامل مع التيارات الإسلامية
في سبعينات القرن الفائت وهي
مما أوصى به الرئيس الأمريكي
الأسبق نيكسون واستمرت تلك
السياسة لعقود، وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تبنت
أمريكا سياسة الحرب على الإسلام
تحت شعار الحرب على الإرهاب دون
أن تفرق بين التيارات الإسلامية
التي تصنفها "بالمعتدلة"
أو "الأصولية"، فوضعت جميع
التيارات الإسلامية في سلة
واحدة، لكن فشل سياستها وعدم قدرتها على تحقيق
إنجازات تذكر على صعيد الأزمات
التي فجرتها تحت مسمى الحرب على
الإرهاب دفعها لإعادة التفكير
في تلك السياسة مما دعاها إلى
العدول عن حربها الشعواء
الارتجالية الشمولية، فعمدت
إلى التفريق مرة أخرى بين تيار
حرصت عليه من قبل وغذته بأسباب
الحياة في سبيل وقوفه في وجه
تيارات "الأصولية" التي
تعادي الحكومات الغربية ولا
تسير ضمن مشاريعها، وللدلالة على ذلك فلقد أصدرت مؤسسة رند -وهي
إحدى مؤسسات Think
Tanks ذات التأثير الكبير على توجه
الطبقة السياسية الحاكمة في
أمريكا- تقريراً عام 2008 يدعو إلى
بناء شبكات إسلامية معتدلة لتقف
في وجه من صنفتهم بالأصوليين
والذين وصفهم الباحثون بأنهم
قويو الحجة والبرهان، ودعا
التقرير إلى " أن يكون بناء
شبكات إسلامية معتدلة هدفا
معلنا وصريحا في برنامج الحكومة
الأميركية" واعتبر "أن
بناء شبكات الاعتدال الإسلامي
يمكن أن يجري على ثلاثة وجوه
رئيسية: أولا: دعم مؤسسات هي أصلا موجودة. ثانيا: ضبط شبكات معينة ذات أولوية والعمل
على بعثها ورعايتها. ثالثا: المشاركة في إشاعة ثقافة التعدد
والتسامح، التي تعد شرطا لازما
لتطور مثل هذه المؤسسات. وللتأكيد على هذا التوجه وأهميته رأى
التقرير "أن الخطوة الأولى
التي يجب قطعها تتمثل في اتخاذ
قرار حاسم من طرف الإدارة
الأميركية وحلفائها ببناء شبكة
الاعتدال في العالم الإسلامي،
وربط تحقيق هذا الهدف الكبير
بصورة واضحة وصريحة
بالإستراتيجية، ومجمل البرامج
الأميركية"، كما نص التقرير
كذلك على "أن التنفيذ الجاد
والناجع لمثل هذه الإستراتجية
يتطلب وجود بنية هيكلية داخل
الحكومة تسهر على توجيه ودعم ثم
مراقبة ورصد الجهود المبذولة
على هذا الصعيد، وهذا الأمر
يتطلب بدوره صناعة الخبرات
والقدرات اللازمة. ولتحقيق هذه
الأهداف العامة فإننا نقترح ما
يلي: وضع ميزان تقييمي تتم بموجبه غربلة
المعتدلين الحقيقيين من
الانتهازيين والمتطرفين الذين
يتخفون خلف غلاف الاعتدال، فضلا
عن تمييز العلمانيين
الليبراليين عن العلمانيين
التسلطيين. بناء قاعدة معلومات دولية تضم الشركاء
المحتملين (تحتوي الأفراد
والمجموعات والمنظمات،
والمؤسسات والأحزاب). وضع آليات واضحة تسمح بمراقبة وتوجيه، ثم
تطوير البرامج والمشاريع
وتقييم القرارات المتخذة في هذا
المضمار. ومن هنا تتأتى أهمية
إيجاد عدسة رصد تسمح بدعم
وتحسين أداء الشركاء الذين هم
محل ثقة لدينا." انتهى
الاقتباس وتأكيداً على أهمية هذه السياسة وإعطائها
الأولوية اللازمة نص التقرير
على "إن مشروعنا البنائي
والمؤسسي يجب أن يعطي الأولوية
المطلقة لتلك المجموعات ذات
التوجهات الأيديولوجية
المقبولة لدينا، أي تلك التي
تلتزم فعلا بما تعلنه من
أطروحات الاعتدال. فهذه
المجموعات هي التي يمكن التعويل
عليها دون غيرها، باعتبارها
شريكا جادا. من هنا يتوجب تمحيص
التوجهات الأيديولوجية بشكل
جيد، وعند الاطمئنان إلى سلامة
التوجه يمكن أن تتاح للمجموعات
العاملة دائرة أوسع من
الاستقلالية والتسيير الذاتي،
وهذا الأمر يستوجب بدوره مراجعة
الإستراتيجية العامة المتبعة
إلى حد الآن مع العالم الإسلامي." ومن الشواهد على هذه السياسة تصريحات بعض
السياسيين الغربيين. فقد كشفت
وزيرةَ خارجيةِ أمريكا السابقة
"كونداليزا رايس" عن "اقتناع
الولايات المتحدة بأهميةِ
التحاورِ مع الإسلاميين في
المنطقة العربية، وأنها لا تخشى
من وصول تياراتٍ إسلاميةٍ إلى
السلطة"، واعتبر ريتشارد هاس
مدير إدارة التخطيط السياسي
بوزارة الخارجية الأمريكية "إن
الولاياتِ المتحدة لا تخشى
وصولَ تياراتٍ إسلاميةٍ إلى
السلطة لتحلَ محلَ الأنظمةِ
القمعيةِ العربية التي تتسبب
بتكميمها الأفواهَ في اندلاعِ
أعمالِ الإرهاب، شريطةَ أن تصلَ
عن طريقٍ ديمقراطي وأن تتبنى
الديمقراطيةَ كوسيلةٍ للحكم". من ذلك كله يتبين أن موقف الغرب ممثلاً
بموقف أمريكا وكذا دول الإتحاد
الأوروبي كان واضح اللهجة في
قبول هذه الشراكة بل داعماً لها
في كثير من الأحيان، وهو إن تبنى
خطاباً مغايراً لذلك مع تيارات
"الإسلام المعتدل" في بعض
الأحيان فقد كان يرمي من ذلك إلى
جر تلك التيارات لمزيد من
الاندماج السياسي مع هذه
الأنظمة، فهو يعتمد على نهج من
يهن يسهل الهوان عليه، وهو يدرك
أن قبول تلك التيارات
بالديمقراطية وبقواعده التي
يخطها لهذه اللعبة من شأنه أن
يهوي بها في واد سحيق. لذا نرى أن أمريكا حتى يومنا هذا تنتهج
نفس الأسلوب والمنهاج في
التعامل مع تلك التيارات،
فأمريكا دعمت ولازالت تدعم حزب
العدالة والتنمية في تركيا
باعتباره رأس حربة لها يقف في
وجه نفوذ الاستعمار القديم
ممثلاً بالمؤسسة العسكرية في
تركيا، وهي كذلك لم تمانع بل
دعمت دخول الحزب الإسلامي في
العراق الحكومة العراقية
العميلة لأمريكا، وهي كذلك
تحاول يائسة إسقاط تلك التجربة
على حركة طالبان وفق ما نتج عن
مؤتمر لندن الأخير والذي دعا
إلى استمالة "ما سماه الجهات
المعتدلة في طالبان" ودعوتها
للمشاركة في العملية السياسية
هناك. فأمريكا دعمت تيارات الإسلام "المعتدل"
علانية أو تحت جنح الظلام،
وتعدى دعمها هذا مجرد الوقوف في
وجه التيارات التي تصنفها "بالأصولية"
إلى الاستغلال السياسي الدنيء
الذي سخر تلك التيارات في بعض
الأحيان والبلدان لخدمة مشاريع
الغرب السياسية. أما عن مدى ما حققته هذه التجارب من نجاح
فهي لم تحقق نجاحاً يذكر على
صعيد وصفها بالتيارات
الإسلامية، ولنأخذ للدلالة على
ذلك أمثلة تركيا والسودان
والأردن ومصر. ففي تركيا لم تعدو تجربة حزب العدالة
والتنمية عن كونها مثالاً
صارخاً لمدى تسخير أمريكا لتيار
ظاهره إسلامي وهو في حقيقته
تيار علماني، فلطالما صرح قادته
بمحافظتهم على مبادئ الدولة
العلمانية الكمالية، فتجربة
حزب العدالة والتنمية ليست
مثالاً لنجاح التيارات
الإسلامية في استلام الحكم بل
هو مثال على نجاح أمريكا في
تسخير هذا التيار لتحقيق
أجنداتها في الاستيلاء على
النفوذ في تركيا والاستئثار به
دون الاستعمار القديم. ثم ما
معنى نجاح هذا التيار أو ذاك إذا
ترك الإسلام بنظمه الاقتصادية
والاجتماعية ونظام العقوبات بل
ودستوره الشامل خلف ظهره، وتمسك
بأفكار علمانية بالية، فكيف يصر
البعض على تسمية تجربة تركيا
بتجربة إسلامية وهي لا تعدو
تجربة علمانية صرفة؟! وما دار من
صراعات بين حزب العدالة والجيش
لم يكن سوى صراع بين النفوذ
الجديد والنفوذ القديم؟! وأما تجربة السودان فلنا في مآل هذه
التجربة من انقسام التيار
الإسلامي هناك على نفسه
وانخراطه في مشاريع تقسيم
السودان ومخططات أمريكا، مما
يدعو للقول أن صبغة ومسحة
الإسلام التي اكتساها تيار
البشير لم تكن سوى استغلال
لمشاعر المسلمين الجياشة
لتحقيق وتنفيذ تلك المخططات
الجهنمية التي أورثت السودان
البوار. وأما تجربة الأردن، فلقد بات واضحاً أن
انخراط "الإسلاميين" في
الحكم وشراكتهم مع النظام
الحاكم هناك لم يخرج عن كونه
دعامة يتقوى بها النظام كلما
ضعف بنيانه واهترأت شعبيته، وعن
هذه التجربة يقول الكاتب عبد
الجبار سعيد "وساهم الإخوان
مساهمة إيجابية في استقرار
المجتمع الأردني والنظام
الأردني، وأوضح ما كانت هذه
المساهمة عندما وقفوا إلى جانب
النظام عندما جرت محاولة
الانقلاب عليه، وهتفوا باسم
جلالة الملك حسين رحمه الله في
شوارع الزرقاء وعمان، وساهموا
في إحباط تلك المحاولة." وأما تجربة الإخوان في مصر فبرغم ما تقدمه
الحركة من عروض سخية بتأييد
ودعم النظام في حالة السماح لهم
بالانخراط الرسمي في العملية
السياسية إلا أن النظام السائر
في فلك المشاريع الغربية هذه
المرة هو من يرفض هذا التعايش مع
هذا التيار الإسلامي، مما يعكس
مدى الانحدار في النظرة للمشروع
الإسلامي بصورة عامة ومن خلوها
من أهم المرتكزات الإسلامية وهي
تطبيق الشريعة الإسلامية
تطبيقاً شاملاً. أما آثار هذه التجارب على مشروع الأمة
النهضوي فلقد كانت آثار سلبية،
وتختبأ في ثنايا هذه التجارب
وميض إيجابية غير مقصودة. فلا يخفى على المتابع لتجارب الحركات
الإسلامية في شراكتها مع
الأنظمة وما ترتب على ذلك من
آثار أن هذه التجارب أضرت
بمشروع الأمة النهضوي، فمن جهة
كشفت تلك التجارب أن التيارات
الإسلامية-صاحبة هذه التجارب
الفاشلة- هي تيارات واقعية
مثلها مثل التيارات الأخرى ودعا
ذلك الأمة إلى تعميم هذا الحكم
على جميع الحركات والتيارات
الإسلامية، ومن جهة أخرى أفرغت
تلك التيارات شعار تطبيق
الإسلام كشعار "الإسلام هو
الحل" من مضمونه مما جعل
الأمة تظن أن رفع أي شعار لتطبيق
الإسلام هو وسيلة وأداة لمجرد
الوصول إلى الحكم دون تطبيق
الإسلام بحق، ومن جهة ثالثة
فلقد كانت تلك التيارات في بعض
التجارب أداة للقوى الغربية
الاستعمارية مستغلة ما تلبس من
ثوب الدين. وأما الإيجابية الوحيدة فتمثلت في أن فشل
تلك التيارات عزز قناعة الأمة
بأن لا خلاص لها سوى بتطبيق
الإسلام تطبيقاً خالصاً من
الشوائب، وأنه لا يمكن تغيير
الواقع المأساوي الذي تعيشه
الأمة من خلال شراكة هذه
الأنظمة ومسايرتها وأن لا سبيل
للتغيير الحقيقي سوى باقتلاع
هذه الأنظمة من جذورها والتخلص
منها بصورة نهائية. إن التيارات الإسلامية التي انخرطت في
العملية السياسية وعمدت إلى
التعايش مع أنظمة تطبق شرعة
الطاغوت قد بعدت عن نهج الرسول
الكريم الذي خط لنا معالم
الولاء والبراء والمفاصلة،
وبين لنا أن العاملين للإسلام
لا يمكن أن يخضعوا للمساومة على
فكر واحد أو تطبيق حكم واحد، كما
بين لنا الرسول الأكرم أن مواقف
العاملين للتغيير لا بد أن تكون
مواقف مبدئية لا براغماتية
متقلبة فهو من قال لبني عامر بن
صعصعة أثناء سعيه السياسي لحشد
طاقات الأمة لتطبيق الإسلام عبر
دولة رافضاً اشتراطاتهم التي
تمس ما يحمل من أحكام ومنهاج (الأمر
لله يضعه حيث يشاء) وفي هذا
الموقف مثال صارخ لرفض الحياد
عن تطبيق حكم واحد فكيف بمشاركة
أنظمة تحكم بأنظمة كفر لا تمت
إلى الإسلام بصلة، فهل يعقل أن
يمتزج الإسلام بالكفر فينتجان
ديناً جديداً أو منهاج حياة
مبتكر؟!! إن قضية الأمة لا تحل بوصول الأشخاص لسدة
الحكم بل بوصول الإسلام كمبدأ
ومنهاج حياة لسدة الحكم ليعاد
صياغة الحياة والدولة والمجتمع
وفق أحكام الإسلام ليحيا
المسلمون حياتهم بطمأنينة
وحياة كريمة عزيزة فتعود لهم
الخلافة دولة النور حاملة مشعل
الهداية لتنير للبشرية ظلمتها
الحالكة. عضو المكتب الاعلامي تحزب
التحرير في فلسطين ========================== مازق اسرائيل
الاستراتيجي والارتباك العربي سمير جبور 13/02/2010 القدس العربي تحولت الساحة الشرق اوسطية مؤخرا الى
مسرح من الصراعات والتهديدات
المتبادلة، ترافقها دق طبول
الحرب او التهديد بها. وكأن
المنطقة اصبحت تقف على شفير
اندلاع حرب شاملة. الأسرائيليون
يتقاسمون الأدوارالتكتيكية في
خلق بلبلة للتغطية على مأزقهم
الأستراتيجي والسياسي بأفتعال
أجواء حرب . ليبرمان وزير خارجية
التهديد والوعيد (مرآة اليمين
الصهيوني) يهدد سورية والرئيس
الأسد بالذات بانه 'سيخسر هو
وعائلته الحكم' كما حذر ليبرمان
كلا من الرئيس الفلسطيني محمود
عباس، ورئيس وزرائه سلام فياض،
من القيام بأي خطوة من شأنها أن
تؤدي الى إقامة دولة فلسطينية
خلال عامين، موجها لهما تحذيرا
شديد اللهجة. ونقلت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن
ليبرمان قوله حول نية رئيس
الوزراء الفلسطيني سلام فياض
إقامة دولة فلسطينية في غضون
عامين، بالقول 'أقول لفياض
وعباس، أنه دون مفاوضات مباشرة
وفورية ليس فقط لن تكون لكما
دولة بعد سنتين، بل إنكما حتى
ستخسران الحكم في الضفة
الفلسطينية بالضبط مثلما
خسرتماه في غزة'. وشكك ليبرمان من فرضية إذا كان عباس شريكا
شرعيا في المفاوضات مع إسرائيل،
قائلا 'هو لا يسيطر في غزة، وأجل
الانتخابات في الضفة للمرة
الثالثة، وأنا أريد أن أكون
واثقا بأننا لن نوقع على تعهد مع
أحد ما، ثم يأتينا التالي في
الدور ليقول لنا أنا لا أعترف
بما اتفقتم عليه'. نتنياهو يتحدث عن توجه اسرائيل المزعوم
نحو السلام. ايهود باراك قال ان
البديل للسلام هو الأنزلاق نحو
الحرب مع سورية. ومصادر
اسرائيلية اخرى هددت - ردا على
تصريحات وليد المعلّم- بأنه في
حال اطلاق صواريخ سورية على تل
ابيب 'ستتحول دمشق الى ضاحية
جنوبية '.(في بيروت) والرئيس
الأسد يرد على التهديدات بقوله
ان 'اسلحتكم وطائراتكم لن
تحميكم'. وفي خضم هذه الأجواء المحمومة والسجال
الحربي تواصل اسرائيل تهويد
الأراضي الفلسطينية بتوسيع
بناء المستعمرات، وهي تعود الى
سياسة الأغتيالات ضد القادة
الفلسطينيين بأغتيال احد قادة
حماس، محمود المبحوح في ظروف
مشبوهة وغامضة في دبي . وهي
تواصل القمع ضد المواطنين
الفلسطينيين في الضفة الغربية
،وتواصل العمليات العسكرية ضد
غزة وتشدد الحصار على أهاليها
الذين لا يزال قسم كبير منهم
يعيش تحت ألأنقاض . ومصر مبارك
تساهم في هذه الأتجاه بواسطة
الجدار الفولاذي وكأن
الفلسطينيين لا يكفيهم الجدار
الاسمنتي. ومن جهة أخرى، اسرائيل لاتزال تتمع
بتأييد لا محدود - كما في السابق-
من قبل ادارة اوباما نفسها ومن
قبل الكونغرس والأعلام
والمجمّع الصناعي - العسكري .
وتنهال عليها ألأموال
الأمريكية من جميع ألأنواع رغم
الأزمة المالية العالمية
الطاحنة. وتتجلى قمة الدعم
السياسي بالدور الذي لعبته
ادارة اوباما بأخفاء تقرير
غولدسون الذي اصبح قابعا في
ملفات الأمم المتحدة. وأما البيئة الأستراتيجية التي تعيش فيها
اسرائيل حاليا مريحة .اذ
لايتهددها اي تهديد عسكري في ظل
التخاذل العربي وألأنقسام
الفلسطيني. بل هي التي تهدد
الجميع. وحتى وان زعمت ان ايران
تشكل تهديدا استراتيجيا لها
ولكن اسرائيل 'جيّرت' هذا
التهديد المزعوم للادارة
الأمريكية التي قبلته بسهولة.
مثلما ورطّت القوى الصهيونية
الأدارة الأمريكية في حربين
مستمرتين حتى الآن في العراق
وافغانستان. كما ان الجبهتين
اللبنانية والغزاوية لا تشكلان
اي تهديد لاسرائيل الا اذا
بادرت اسرائيل الى الحرب ضدهما
او ضد ايران. هل الحرب مخرج من المأزق؟ في ظل هذه الأوضاع التي لا تضغط بالضرورة
على اسرائيل يطرح الآن سؤالان: الأول هل تواجه اسرائيل حقا مأزقا
استراتيجيا وسياسيا؟ الثاني هل ستلجأ اسرائيل الى المبادرة
لحرب شاملة للخروج من مأزقها؟ للرد على السؤال الأول يمكن القول ان
اسرائيل تواجه حقا مأزقا على
هذين المستويين يتمثل
باستحقاقات التسوية السلمية.
فعلى الرغم من التأييد الذي
تحظى به من الحكومات الغربية،
الا ان ثمة رأي عام دولي اخذ
يتكون ضد ممارساتها واحتلالها
ولاسيما بعد الحرب على غزة .
والعالم لم ينس جرائم الحرب
التي ارتكبتها والتي اكدها
تقرير غولدستون، وما تركه من
آثار على الرأي العام رغم ' وفاة
'هذا التقرير. ونشاهد حاليا
اتساع حملات المقاطعة ضد
اسرائيل في اكثر من 40 مدينة. كما ان نتائج الحرب على غزة جعلت اسرائيل
اما ان تفقد 'تحالفاتها' مع بعض
الدول مثل تركيا، او برودة في
علاقاتها مع دول أخرى. ومن يوم
لآخر تزداد اسرائيل بالاعتماد
على الولايات المتحدة، كمصدر
يكاد يكون وحيدا، يوفر لها غطاء
لجميع اعمالها . اذ يتبين من حين
الى آخر انه لولا الدعم
الأمريكي غير المحدود - لن نقول
انها معرضة للزوال- بل سيكون
مآلها التقوقع والتخلي عن
اهدافها التوسعية
والأمبراطورية، ولعل هذا سيؤدي
الى ذوبانها. وفي الوقت الذي تتحدى فيه اسرائيل الرأي
العام، فانها عاجزة على تبرير
احتلالها للأرض العربية .وهي
تلاقي معارضة شديدة للمستعمرات
التي تقيمها ولا سيما في القدس.
وهي عاجزة عن اثبات ان هضبة
الجولان ليست ملكا لسورية.
وبمعنى آخر، اسرائيل لا تعرف
كيف تتخلص من نتائج حرب 1967 . فهي
لم تتمكن من تصفية القضية
الفلسطينية نهائيا.
فالفلسطينيون لم يستسلموا ولم
يرفعوا الرايات البيض امام
الآلة العسكرية الجبّارة رغم
حالة الأنقسام والتشرذم.
واسرائيل لم تستطع إجبار سورية
على التنازل عن هضبة الجولان
الذي سيبقى احتلالها مصدر خطر
لأندلاع الحروب وجرحا نازفا في
خاصرتها. ولكن هذا المأزق يختلف تماما عن المأزق
الذي واجهته اسرائيل عشية حرب
1967 اذ بلغ درجة الوجود او عدمه
بسبب ازمتها الأقتصادية
والمعنوية وبداية تخلي يهود
العالم عنها ونضوب الهجرة
اليهودية اليها ...الخ. وقد رأى
قادتها في ذلك الحين ان المخرج
الوحيد من أزمتهم الطاحنة هو شن
حرب توسعية على الدول العربية
المجاورة - بعد ان ضمنت نتائجها-
ولكنها لم تستطع تحقيق كل
اهدافها من تلك االحرب التي
اخرجتها من ازمتها مؤقتا
وورطتها في احتلال مستديم لا
تعرف كيف تتخلص من نتائجه. وأما بالنسبة للسؤال الثاني اذا كانت
اسرائيل تخطط لشن حرب؟ فيترتب
على هذا السؤال تساؤلات أخرى
مثلا ماذا ستحقق اسرائيل من
وراء شن حرب جديدة؟وضد من ستشن
الحرب؟ وهل تضمن ان نتائج الحرب
سيخرجها من مأزقها؟ وهل هي
قادرة على فتح جبهات عديدة ضد
ايران وسورية وحزب الله وحماس،
واحتمال نشوب انتفاضة جديدة.؟
وهل ستبقى الدول العربية مكتوفة
الأيدي ومنغمسة في حالة
ألأرتباك؟ من الصعب الأجابة على هذه التساؤلات
بالنفي او الأيجاب. فالمنطق
الجيوبولوتيكي يقضي بان الحروب
لن تجدي اسرائيل في تحقيق
أهدافها. ولكن العقل الصهيوني
المشبع بشهوة السيطرة والتوسع
والكراهية للعرب 'الذين لا
يفهمون سوى لغة القوة'، لا يخضع
للمنطق. ولا سيما ان اسرائيل شنت
منذ عدوان 1967 العديد من الحروب
والأجتياحات العسكرية ولم
تخرجها من أزمتها رغم انها
تواصل تثبيت احتلالها وقد عبّر عن هذه الحقيقة الكاتب عكيفا
الدار في صحيفة 'هآرتس'( 8/2/2010)
فكتب: 'عندما يعيد ميتشيل التفويض الى الرئيس
اوباما من اجل استئناف
المفاوضات مع الفلسطينيين، من
المفضل ان يعيد ايضا التفويض
لفتح القناة السورية. ثمة ثلاثة
وزراء، اسحاق رابين وشمعون بيرس
وايهود باراك حاولوا إغراء
الرئيس كلينتون لتجاوز ياسر
عرفات ويجرّب حظّه لدى حافظ
الأسد . ونتنياهو جرّب حظّه هو
ايضا . فماذا جرى لنا منذ ذلك
الحين؟ إنتفاضة في الضفة
الغربية وحرب أخرى في لبنان
وحرب أخرى في غزة .كم يوم سيصمد
ورثة عرفات في الحكم اذا خانهم
اوباما مع الأسد الأبن؟' وتابع
الدار: 'من الصعب الأعتقاد ان
السوريين أنفسهم مستعدون
للتعاون من اجل جولة أخرى من
المفاوضات على ظهر الفلسطينيين
...'. والصحافي تسفي بارئيل (هآرتس، 7/2/2010 )
يعتقد بان سورية تملك رصيدا
مهما، سواء اعترفت به اسرائيل
ام لا .اذ ان عقد' سلام معها يشمل
في طياته احتمال حدوث تغيير
استراتيجي في مكانة اسرائيل في
الشرق الأوسط والعالم. وسورية
هي دولة رئيسية في محور جديد
يتنامى في الشرق ألأوسط، والذي
يضم تركيا وايران والسعودية
والعراق. والعامود الفقري لهذا المحورهو تعاون
اقتصادي وأمني وسياسي، يتطلع
الى استبدال المحور القديم
المكون من مصر والأردن
والسعودية . وهذه مجموعة من
الدول اصبح لها منذ الآن نفوذ
يتجاوز الحدود الأقليمية لكل
دولة على انفراد'. ومهما كانت التقويمات بالنسبة الى الجبهة
العربية، يطرح السؤال: ماذا
سيكون ردود الأفعال العربية على
هذه العربدة الصهيونية؟ هل
ستتصدى الأنظمة العربية التي
ستجتمع في طرابلس يوم 27 الشهر
المقبل لهذه الأخطار الجديدة -
القديمة التي ستعود في النهاية
ضررا فادحا على الأمن القومي
الأستراتيجي العربي. أم ستواصل
هذه الأنظمة الهاءنا بالبيانات
والتصريحات الفضفاضة ومواصلة
الأنغماس في حالة الأرتباك؟ كاتب فلسطيني مقيم في كندا ========================== إيران تفتح قبضة يدها
لتصفعنا على الوجه وليم توبي - «بوسطن غلوب» الدستور 13-2-2010 الشهر الماضي ،
مر موعد نهائي مهم في المفاوضات
حول الأسلحة النووية مع إيران ،
جعل أساس سياسة إدارة أوباما
اتجاه إيران يتآكل: أن نهجا أكثر
لينا يمكن أن يكون مجديا ، وأن
فشله ، يمكن أن ينتج عنه عمل
عسكري من قبل روسيا والصين. كان الموعد النهائي لإيران لتظهر تقدما ،
لكن طهران رفضت ان تتحدث كثيرا
عن جميع القضايا النووية. كان
المفاوضون قد التقوا مرتين فقط
لمناقشة قضية جانبية ، اقتراح
بتبادل اليورانيوم لإعادة
تزويد مفاعل الأبحاث في طهران. وأثناء ذلك ، وطوال العام الماضي ، ضاعفت
إيران إنتاجها من اليورانيوم
المخصب ، وكُشف النقاب أنها
قامت ببناء موقع تخصيب سري في قم
، وهددت ببناء عشرة مصانع أخرى -
بالرغم من قرارات مجلس الأمن
التابع للأمم المتحدة التي
تطالب إيران بوقف نشاطات
التخصيب. ماذا عن الجهود الساعية لتعاون من قبل
روسيا والصين؟ ضغط أوباما على
"زر إعادة التشغيل" وألغى
اتفاقيات الدفاع الصاروخي مع
بولندا وجمهورية التشيك لإرضاء
موسكو. بالنسبة لبكين ، فقد أهان
الدالاي لاما ، الحائز على
جائزة نوبل ، وقلل من شأنه. في
المقابل ، توحدت موسكو وبكين
لمنع اتخاذ أي إجراء ضد إيران.
وحتى وقت قريب ، كانت روسيا
الأكثر عنادا. لكن كون الموعد
النهائي للجولات الرسمية قد
انتهى ، تسعى الولايات المتحدة
لحشد جهود موحدة ضد إيران ، وقد
أعاقت الصين أي إجراءات جديدة
وقد انتهت المحادثات بفوضى
وبصورة مشوشة. لا روسيا ولا الصين تريان أن إيران
المسلحة نوويا تشكل تهديدا. إذا
سارت كل الأمور كما هو متوقع ،
ربما فضلوا أن لا يسيطر آيات
الله في طهران على الأسلحة
النووية ، لكن كل الأمور الأخرى
لن تسير كما هو متوقع. تريد بكين
وسيلة للوصول إلى الغاز والنفظ.
وتريد موسكو أن تعيد بناء مركز
جيواستراتيجي في الشرق الأوسط ،
وبيع الأسلحة التقليدية
والمفاعلات النووية لإيران ،
وأن تشجع بناء قوة إقليمية
قادرة على مواجهة الولايات
المتحدة. إذا ثبت أن الافتراضات الرئيسية للإدارة
حول إيران ، كانت خاطئة ، ماذا
سيحدث الآن؟ أولا ، على أوباما
أن يشرك نظرائه الرئيسيين.
الرئيس الفرنسي ساركوزي غاضب
جدا من النتائج العكسية لاجتماع
مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة الذي عقد في شهر أيلول
الماضي وحضره رؤساء الدول حول
حظر انتشار الأسلحة النووية ،
والذي تجاهل إيران فعليا. إن لم
يشترك أوباما شخصيا بتلك
المسألة ، فإن قمة الأمن النووي
المقبل التي سيعقدها ومؤتمر
إعادة النظر في معاهدة حظر نشر
الأسلحة النووية ستكون مسكونة
بشبح إيران المسلحة نوويا ،
وفشل الدول القيادية في
مقاومتها. ثانيا ، يجب أن لا يعيقنا شيء عن محاولة
تطبيق "العقوبات المعلقة"
التي تعهدت بها وزيرة الخارجية
هيلاري كلينتون. صحيح ، قد يكون
من الأفضل أن يكون لدينا دعم
روسيا والصين ، لكن كما قال
أوباما "نحن لن نستمر في
المحادثات إلى الأبد". على
الصعيد المالي ، تلعب الولايات
المتحدة ، وأوروبا واليابان
دورا قياديا ، ويمكن أن تؤثر
بقسوة في حركة السفر والتجارة
والاستثمار في إيران. الضغط على
واردات إيران من البنزين يمكن
أن يعطينا مزيدا من القوة ، تفوق
قوة الحرس الجمهوري الإيراني.
وفي الوقت الذي يدعم فيه الحرس
الجمهوري الجهود النووية ، فإنه
يشكل هدفا صعبا ، ونحن بحاجة إلى
فرض تكاليف على جماعات جديدة
لها نفوذ داخل إيران ممن ستعارض
تطوير الأسلحة النووية بناء على
مصالح شخصية. ثالثا ، رفض طهران التفاوض يجب أن يحررنا
من المراقبة الذاتية على حقوق
الإنسان. لقد قررت الإدارة أن
أجندة حرة يمكن أن تعقد
المفاوضات النووية - التي حسبت
بدم بارد. لكن المفاوضات
النووية غير موجودة. لقد خشيت
الإدارة أيضا من تقويض المنشقين
بسبب دعم الولايات المتحدة ،
لكن تلك الحجة تضعف وتفقد
أهميتها أمام الحشود الإيرانية
وهي تهتف "أوباما هل أنت معنا
أم معهم؟". إضعاف آيات الله
الذين يمسكون بالسلطة ربما يكون
الطريقة الوحيدة لتراجع
البرنامج الإيراني للأسلحة
النووية. في حين أن هناك الآن
دعما واسعا داخل إيران
للتكنولوجيا النووية ، فإن قادة
جدد ممن يلتمسون التعاون من
الخارج يمكن على الأرجح أن
يعيدوا التفكير بمتابعة برنامج
الأسلحة. وعلى نحو مضاد ، على
المنشقين أن يعلموا أن نظام
طهران ، إذا حصل على الأسلحة
النووية ، فسوف يصبح أكثر تعنتا.
أخيرا ، سياسات الدفاع الصاروخي وحقوق
الإنسان يجب أن توضع لصالحهم.
لقد فشلت تنازلات الولايات
المتحدة في ضمان المساعدة من
موسكو وبكين. وعوضا عن ذلك ، فقد
أشارتا إلى أن القضية النووية
الإيرانية هي مصدر يزودهم
بالقوة للتفوق على واشنطن ،
وتستحق الإبقاء عليها لانتزاع
مزيد من التنازلات. قد تكون تلك الخطوات وحدها غير كافية لعكس
مسار إيران في متابعة انتاجها
للأسلحة النووية. ونظرا لإيمانه
المعلن بأن تطوير إيران للأسلحة
النووية غير مقبول ، قد يواجه
أوباما المزيد من الخيارات
الصعبة. لكن ، نهجنا الحالي
اتجاه إيران سوف يفشل بكل تأكيد.
لقد أرخت إيران قبصتها لتصفعنا على الوجه.
وقد حان الوقت لنستيقظ. ========================== حضرة الرئيس اوباما ...
توقف عن الكلام التافه آلان هارت - «انفورميشن كليرنج
هاوس» الدستور 13-2-2010 في قاعة اجتماعات البلدة في تامبا ،
فلوريدا ، في الثامن والعشرين
من شهر كانون الثاني ، شرح
الرئيس أوباما ما الذي يجب أن
يحدث برأيه حتى يمكن أن يصبح حل
الدولتين واقعا ، الحل الذي
يمكن أن يؤدي إلى رؤية إسرائيل
والفلسطينيين يعيشون جنبا إلى
جنب في أمن وسلام. قال ، "على
كلا الطرفين تقديم تنازلات". من وجهة نظري أن استمرار إسرائيل ببناء
المستعمرات في أراضي الضفة
الغربية المحتلة قد دمر إمكانية
حل إقامة الدولتين على أي أسس
يمكن أن يقبل بها الفلسطينيون.
لكن من أجل النقاش سوف أتظاهر
بأن هذا الأمر ليس كذلك
بالضرورة. لم يُطلب من إسرائيل أن تقدم تنازلات.
إنما طُلب منها أن تقبل وتنفذ
قرارات مجلس الأمن التابع للأمم
المتحدة التي تدعو إلى إنهاء
احتلالها ، وبشكل أكثر عمومية ،
أن تتوقف عن اعتبار نفسها
استثناء (بسبب معاناة اليهود في
الماضي) وتبعا لذلك أن تكون فوق
القانون الدولي. من جانبهم ، قدم الفلسطينيون التنازلات
الضرورية منذ زمن طويل. كانت هناك ثلاثة أسباب تتعلق بما جعل ياسر
عرفات ، وزملاءه من التيار
الرئيسي في قيادة منظمة التحرير
الفلسطينية ، يقررون أن عليهم
التوصل إلى تسوية مع إسرائيل
إذا كان الشعب الفلسطيني يريد
الحصول على الحد الأدنى المقبول
من العدالة. كان السبب الأول حقيقة وجود الدولة
الصهيونية المسلحة نوويا - ليس
وجودا شرعيا (كما تثبت القصة
الحقيقية لإنشائها) وإنما
كواحدة من حقائق الحياة. السبب الثاني كان إدراكهم بأن الأنظمة
العربية لن تقوم أبدا بمحاربة
إسرائيل من أجل تحرير فلسطين ،
بل ربما يحاولون منع منظمة
التحرير الفلسطينية من أن تصبح
حركة مقاومة فعالة فيما يتعلق
بنشاطات حرب العصابات. كان السبب الثالث التحقق من أن جميع القوى
الرئيسة في العالم كانت قد
التزمت بوجود إسرائيل داخل
حدودها كما كانت عشية حرب عام
,1967 لقد احتاج الرئيس عرفات البراغماتي إلى
ست سنوات طوال ، من عام 1973 إلى
عام 1979 ، للترويج لفكرة التوصل
إلى تسوية مع إسرائيل ، أولا
لزملائه من قيادة فتح ومن ثم إلى
المجلس الوطني الفلسطيني ، أعلى
هيئة لصنع القرار في الجانب
الفلسطيني. وقد كانت مهمة كان
عرفات يعرف من البداية أنها قد
تكلفه ثقة شعبه به ، وربما حياته
أيضا. لماذا؟ لأنه كان يطلب منهم
قبول ما كانت الغالبية منهم
تعتقد بأنه أمر "لا يمكن
التفكير به" - وهو الاعتراف
بوجود إسرائيل ، وتبعا لذلك
شرعنة وجود إسرائيل داخل حدود
ما قبل حرب عام 67 مقابل اثنين
وعشرين بالمئة فقط من كامل
الأراضي التي يطالب بها
الفلسطينيون. في الحقيقة أن مدى التنازلات التي اقنع
عرفات زملاءه من القيادة
بالقبول بها وأن يكونوا مستعدين
للقيام بها ذهب إلى مدى أبعد من
ذلك بكثير. ورغم أنه لم يكن
بإمكانهم قول هذا الأمر علنا ،
حتى يكون لديهم شيء صلب يستندون
عليه ليظهروه حول السياسات
والتسوية ، فقد قبلوا ، وجرى
تبليغ إسرائيل بأن حق
الفلسطينيين بالعودة سوف يكون
محددا بأرض الدولة الفلسطينية
الصغيرة في الضفة الغربية وقطاع
غزة ، وأن تكون القدس الشرقية
عاصمتها ، أو أن القدس بأكملها
مدينة مفتوحة غير مقسمة وتكون
عاصمة للدولتين. في نهاية عام 1979 ، بعد وقت قصير من إقناع
عرفات للمجلس الوطني الفلسطيني
بالمصادقة على سياساته
والتسوية مع إسرائيل ، كان أول
لقاء لي به. وكان تعليقه على
تصويت المجلس الوطني الفلسطيني
بمئتين وستة وتسعون صوتا مع
سياسته مقابل أربعة فقط ضدها
قائلا: "كم كان الشوط الذي
قطعناه طويلا في ست سنوات. لم
يعد هناك مزيد من الحديث السخيف
عن رمي اليهود في البحر. (عبارة
لم يكن لعرفات وزملائه من حركة
فتح أي دور في صياغتها). نحن الآن
مستعدون للعيش معهم جنبا إلى
جنب في دولة صغيرة خاصة بنا. هذه
معجزة". لقد كانت تلك معجزة قيادة عرفات. وما كان
بحاجة إليه بعد ذلك هو شريك
إسرائيلي للسلام. عند نقطة
معينة بدا أن رئيس الوزارء
الإسرائيلي رابين قد يكون
الشريك ، لكنه اغتيل على يد
صهيوني متعصب. لم يكن القاتل
مختلا عقليا. لقد كان يعلم تماما
ما يقوم به ، قتل عملية السلام
وسياسة عرفات والتسوية التي
بدأت بالتحرك. ليس هناك مزيد من التنازلات التي يمكن أن
يقدمها الفلسطينيون من أجل
السلام. وبيان الرئيس أوباما
بأن عليهم ذلك هو بيان سخيف وقذر.
من غير الواضح إن كان يتحدث بسبب
جهله بالتاريخ الحقيقي ، أم من
نص صهيوني. ========================== الرأي الاردنية 13-2-2010 وليد شقير الحياة اللندنية تحلّ الذكرى الخامسة لاغتيال الرئيس
الشهيد رفيق الحريري في ظل
تحولات سياسية كبيرة شهدتها
المنطقة ولبنان وفي ظل ثوابت
وحقائق يستحيل تغييرها.
فالتحولات ماثلة للأعين، بدءاً
من انطلاق قطار المصالحات
العربية خلال السنة الماضية،
مروراً بالتغييرات الحاصلة على
الصعيد الدولي منذ التغيير
الحاصل في الإدارة الأميركية،
وصولاً الى انعكاس كل ذلك
مصالحات في لبنان ومصالحة بين
القيادة السورية ووريث الرئيس
الراحل رئيس الحكومة اللبنانية
سعد الحريري خلال زيارته دمشق
قبل شهر ونصف الشهر. تشق التحولات ومفاعيلها طريقها تارة ببطء
وأخرى في سرعة، لتجعل من خلط
الأوراق مسألة دقيقة تحتاج الى
متابعة دؤوبة خصوصاً انها تشهد
تغييرات في التحالفات، من دون
ان تتضح معالم التحالفات
الجديدة أو ترسو على معادلة
واضحة. إنها مرحلة
انتقالية بين حقبة من الصراع
السياسي – الأمني المحلي
والإقليمي والدولي، وبين حقبة
أخرى يختلط فيها النزوع نحو
التسويات والحوارات التي
يشوبها عض الأصابع أحياناً
والتموضع الجديد أحياناً أخرى،
ومراجعة الحسابات وسلوك
المرحلة السابقة بأخطائها
وإصاباتها وإخفاقاتها
ونجاحاتها. إلا أن الذكرى نفسها، مثلما تستدعي
التوقف عند مشهد التحولات الذي
تتم في ظله، تفرض أيضاً الوقوف
عند ما هو ثابت فيها ومن حولها.
ومن الثابت ان الموجة
الجماهيرية الكبرى التي أطلقها
اغتيال الحريري في 14 شباط (فبراير)
2005 أصبحت قاعدة لتغييرات كبرى
حصلت بدءاً من الانسحاب السوري
من لبنان وصولاً الى تعديل في
السلطة السياسية في لبنان منذ
ذلك التاريخ. وبات الجمهور
العريض الذي صنع أحداثاً لا
تحصى على مدى السنوات الماضية،
ثابتاً، حتى إشعار آخر. وهو
سيبرهن عن ذلك يوم الأحد المقبل
بملئه الساحات مرة أخرى بناء
للدعوة الى التجمع الشعبي في
الذكرى. فهذا الجمهور على رغم
التغييرات في التحالفات، بقي
أكثرياً، مثلما برهن في كل سنة
في مثل هذا التاريخ، وفي
الانتخابات النيابية الأخيرة
ومناسبات عدة، وعلى رغم تخويفه
وترهيبه في حالات كثيرة
بالاغتيالات والتفجيرات
واستنفار الغرائز، التي أدت الى
ردود فعل عكسية جعلته يتجاوز
الخوف. ومع الحضور
الكثيف للموروث من الصراعات
الطائفية والمذهبية التقليدية
في صفوف هذا الجمهور، فإن
أهميته كثابتة في الحياة
السياسية اللبنانية خلال
السنوات الماضية تكمن في انه ظل
جمهوراً متنوعاً يعبّر عن التوق
الى العودة الى لبننة حقيقية
للسلطة اللبنانية بعدما خضعت
على مدى 3 عقود لإدارة سورية
مباشرة لها بتفويض إقليمي ودولي. وإلا ما الذي يدفع هذا الجمهور الى النزول
مجدداً الى الشارع بكثافة، على
رغم التحولات السياسية الحاصلة
وعلى رغم التسويات والمصالحات
وعلى رغم التغييرات في
التحالفات، على غموضها حتى
الآن؟ لقد صنع هذا الجمهور رمزية الحريري الأب
بعد الزلزال الذي أصاب لبنان
كنموذج لمحاولات كثيرة من اجل
إقامة الدولة في لبنان على أساس
التسويات بين مكوناتها
الداخلية، وكتجربة لما يمكن ان
يقود إليه الاعتدال في السعي
الى التوفيق بين تخلف النظام
الطائفي وبين الحاجة الى عصرنة
بنى المؤسسات، وكظاهرة توفق بين
الحاجة الى قدر من الاستقلالية
والسيادة وبين عروبة مستنيرة
ومصلحة البلد في التعاطي
الإيجابي مع محيطه الإقليمي. ومثلما صنع هذا الجمهور المتنوع رمزية
الحريري الأب، كان العامل
الرئيسي، الى عوامل أخرى، الذي
صنع زعامة الحريري الابن وقاده
الى رئاسة الحكومة مكان أبيه،
وحمله على اختزال خبرة سنوات
وعلى التحلي بصبر «أيوب» كما
كان يقول الأب، وعلى تغليب
الحكمة على الانفعال وتكرار
مغامرة حكم البلد المليء
بالتناقضات وعلى توسل الاعتدال
بحثاً عن التسويات... إنه جمهور
يدفعه الى الثقة بأن المراهنة
على قيام دولة ممكنة، إذا أراد
الاستناد الى قاعدة واسعة في
المجتمع. إذا كانت التحولات التي تحيط بالذكرى
تدفع بعض القوى المشاركة فيها
الى المزيد من المراجعة لبعض
المبالغات السابقة، فإن
الثوابت التي ترافقها يفترض ان
تدفع القوى التي خاصمت الأطراف
التي حملت الذكرى على أكتافها
خلال السنوات الخمس الماضية،
الى التجرؤ هي الأخرى على
مراجعة أخطائها ومبالغاتها،
وهو ما لم يحصل حتى الآن، على
رغم التحولات الكثيرة. ========================== تصريحات ليبرمان بين
الذاتي والموضوعي بقلم :حسين العودات البيان 13-2-2010 هدد أفيغدور ليبرمان الأسبوع الماضي
بالعدوان على سورية (وتلقينها
درساً جديداً) معلناً أن
إسرائيل لن تكتفي هذه المرة
بالعدوان عليها وهزيمتها
عسكرياً فقط كما كان الحال
دائماً (حسب رأيه) وإنما ستعمل
على إسقاط النظام السوري برمته،
ومن الواضح أن مثل هذه
التصريحات هي الأكثر وقاحة من
تصريحات أي سياسي إسرائيلي
متطرف منذ قيام الدولة
الصهيونية حتى اليوم، بمن في
ذلك إسحق شامير ومناحيم بيغن
وصولاً إلى بنيامين نتنياهو. لا يخفي أفيغدور ليبرمان آراءه وأفكاره
تجاه الصراع العربي
الإسرائيلي، وقد عبر عن مواقفه
خلال حملاته الانتخابية
وتصريحاته بعد أن أصبح وزيراً
في حكومة أولمرت قبل سنوات، ثم
جددها وأكدها بعد أن تولى منصب
وزير الخارجية في حكومة بنيامين
نتنياهو. وخلاصة آراء ليبرمان أنه يرفض حل
الدولتين، وأقصى ما يقبل به
بالنسبة للفلسطينيين هو إدارة
ذاتية لهم في الضفة وغزة على أن
يعترفوا بيهودية (دولة إسرائيل)،
وبالنسبة لسورية يرفض أي انسحاب
من الأراضي السورية المحتلة،
وبعد التساهل طرح بديلاً عن
الانسحاب من الجولان أسوأ من
الاحتلال وهو استئجارها لمدة
مئتي عام، وحتى قبوله
بالاستئجار هذا مشروط بطرد
قيادات المنظمات الفلسطينية من
دمشق. وتوقف سورية عن دعم حزب الله وفك علاقاتها
مع إيران وقبولها بالمفاوضات
المباشرة دون شرط أو التزام
مقابل من إسرائيل، ولم يكتف
ليبرمان بهذا الهذيان وفرض
الشروط، بل طاولت تصريحاته
وهذيانه مصر التي عقدت اتفاقية (سلام)
مع إسرائيل منذ أكثر من ثلاثين
عاماً، فقد هدد بل طالب بقصف
السد العالي، وهاجم الرئيس
مبارك بكلمات مقذعة بسبب رفضه
زيارة إسرائيل. ومن الواضح أن مواقف ليبرمان تعادي
الجميع وتنم عن صلف و(بلطجة) و(زعرنة)
لا شبهة فيها كما أطلق عليها بحق
بعض الساسة السوريين، وهي حسب
أي مقياس (سياسي أو دبلوماسي أو
براغماتي مصلحي) لاتصدر إلا عن
مهووس وجاهل وأحمق لايرى أبعد
من أنفه. ولكن هل يكفي الجهل والصلف والهوس
والحماقة والرغبات الذاتية
والأهواء الشخصية لتفسير هذه
المواقف التي لا تتعدى رؤى (حارس
شخصي في ملهى ليلي) كما كان يعمل
في مولدافيا بلده الأصلي قبل أن
يهاجر إلى إسرائيل، وهل رغبات
ليبرمان الشخصية وأهواؤه وحدها
هي التي حرضته على أن يعربد
ويهذي ويتحدى بمثل ما يفعله
الآن؟ أم أن هناك ظروفاً موضوعية قائمة في
المنطقة وفي طيات الصراع العربي
الإسرائيلي، شجعت
الإسرائيليين على انتخاب حكومة
متطرفة والتصويت لأحزاب همجية
كما هو حال حزب ليبرمان الذي
أصبح الحزب الرابع في إسرائيل،
وكاد يتغلب على حزب العمل الذي
أسس دولة إسرائيل وحكمها أكثر
من ربع قرن حكماً متواصلاً وربع
قرن آخر شريكاً في الحكم؟. رغم خروج تصريحات ليبرمان عن المألوف
واستخفافها بالقانون الدولي
واستفزازيتها، فإنها لم تجد
معارضة داخل إسرائيل تتناسب مع
حدتها وشدتها وشذوذها، فكان
بيان نتانياهو
ردا عليها
غامضاً حتى بدا وكأنه تأييد
ضمني لها، فلم يتعرض لشذوذ
تصريحات وزير خارجيته بل اهتم
بنفي وجود اتصالات سرية
لاستئناف المفاوضات بين سورية
وإسرائيل من وراء ظهر ليبرمان. وكأن المشكلة هي حل خلافات داخل الحكومة
الإسرائيلية (والمجلس الوزاري
السباعي المصغر) وليست في
التصريحات نفسها التي لا حدود
لتطرفها وصلفها، مما يعني أن
حكومة نتانياهو ترفض واقعياً أي
تسوية مع سورية إلا إذا كانت على
شكل اتفاقية إذعان، والملفت
للنظر أيضاً تصريحات إيهود
باراك التي أطلقها قبل يومين من
تصريحات ليبرمان والتي لا تختلف
عنها كثيراً، وسكوت القوى
السياسية الإسرائيلية الأخرى
على هذه التصريحات. باستثناء أصوات مبحوحة صدرت عن بعض
اليساريين، مما يؤكد إما
تأييدها من المجتمع الإسرائيلي
بعد أن انزاح إلى اليمين، أو عدم
المبالاة بمخاطرها بعد أن اطمأن
الإسرائيليون إلى أن ميزان
القوى لصالحهم، وأنهم كلما
ازدادوا تطرفاً كلما ربحوا أكثر
في أية تسوية محتملة. من خلال ظروف موضوعية تعتمد على الضعف
العربي والتفرقة والانقسام
وتخلي العرب عن دورهم الإقليمي
وإيكاله للآخرين، وعدم خشية
الإدارة الأمريكية والدول
الأوروبية من لوم عربي أو جفاء
أو غضب عربي، مما سهل على قادة
هذه الدول ومسؤوليها تملق
إسرائيل وطلب ودها، والتعبير عن
دعمهم لسياستها العدوانية
والاستفزازية وعدم احترامها
للقانون الدولي على حد سواء. إن الشرط الموضوعي إذن هو المحرض الرئيس
لليبرمان وباراك وأمثالهما على
إطلاق مثل هذه التصريحات وتبني
مواقف متطرفة وليس الشرط الذاتي
وحده، هو الذي شجع ليبرمان على
الهذيان. بقي القول، إن إطلاق السياسيين السوريين
على ليبرمان أوصافاً يستحقها (كالأزعر
والغبي والأحمق) لا يحل
المشكلة، رغم أنه يشفي الغليل،
وينبغي أخذ تصريحاته هذه
وتصريحات غيره من الساسة
والقادة العسكريين
الإسرائيليين مأخذ الجد، فمن
يمنع حكومة نتانياهو من استغلال
اختلال ميزان القوى العسكري
والسياسي وظروف السياسة
العالمية القائمة، للعدوان على
سورية (وغير سورية) وتوجيه ضربة
عسكرية يصعب إزالة آثارها
السياسية والعسكرية خلال سنوات
قليلة، وربما احتلال أراضٍ
عربية جديدة، خاصة وأن العدوان
الأمريكي العسكري على
أفغانستان وعلى العراق كادا
يجعلان من العدوان على الدول
الأخرى من طبيعة الأمور. كاتب سوري ========================== بقلم :عمر طهبوب البيان 13-2-2010 علم أم حلم، حلم أم علم !؟ تساؤلات رددها
سكان ديار بكر ذات الغالبية
الكردية بتركيا وهو يستمعون
للجوقة الموسيقية العسكرية
التابعة للفيلق الجوي الثاني
تعزف لحنا للمغني الكردي
المغترب بأوروبا منذ 35 عاما «شيفان
برفار» علامات استفهام، وتعجب،
علت وجوههم في ذهول مما يحدث
بإحدى الحدائق العامة، نعم،
إنها علم، وهي إحدى أوجه
مبادرات الانفتاح الديمقراطي
على أكراد تركيا. ورغم رمزيتها إلا أنها تعبير عن تحول كبير
في النظرة للأكراد،ولم تكن
لتحدث لولا جهود العدالة
والتنمية، ورؤى الرئيس التركي
عبد الله غل، وخطابات أردوغان
التي عبرت عن ضرورة إنهاء هذا
الجرح الغائر في جسد تركيا،
خطابات جعلت من عبرات نائبه
بلند أرينج تنهمر على خده وهو
يستمع إليه يقول: (أياً تكن
الأكلاف والأثمان، فلن نحيد عن
طريق حل القضية الكردية). لو أن تركيا، أرجأت مكافحتها للعصابات
وحالت دون ارتكاب جرائم
الاغتيال التي قيدت ضد فاعل
مجهول، ماذا كان حال تركيا
الآن؟. محالٌ أن يستطيع أحد قطع روح الأخوة بين
الأكراد والأتراك، أنه مشروع «نهضة
تركيا»، ثم أن تأتي هذه الخطوة
من الجيش التركي فهي إنجاز لم
يكن يحلم به الأكراد في ظل هيمنة
الجيش التركي سابقا، أو سيطرة
أحزاب قومية، وزعماء موتورين
مهووسين بالشوفينية وان تصدر
مؤسسة الإذاعة والتلفزيون
قرارا يفتح الطريق أمام عرض
إعلانات بغير اللغة التركية
تلفزيونيا . فهذا يعني ضمنا إمكانية عرض إعلانات
باللغة الكردية عبر قناة «شزش6»
الرسمية التي تبث برامجها على
مدار 24 ساعة منذ مطلع 2010، وهي
أيضا خطوة على درب الانفتاح
الإعلامي وعندما تعين مديرية
أمن ولاية «آدي يامان» جنوب شرق
الأناضول شرطيا يجيد التحدث
باللغة الكردية لنجدة الأكراد
على خط هاتف نجدة الشرطة (155) فهي
خطوة محمودة نالت استحسان ممن
لا يجيدون غير الكردية من سكان
القرى توفر الأمن للأكراد. وعندما تعلن «مؤسسة التعليم العالمي»
انفتاحها على اللغة الكردية
والاستجابة لطلب تقدمت به جامعة
«آرتوكلو» جنوبي تركيا لفتح قسم
للغة الكردية والأدب الكردي
فهذه خطوة على درب الاعتراف
باللغة الكردية. وعندما أمرت
الحكومة بإعادة الأسماء
الأصلية لقرى كردية طالها
التغيير ضمن حملة تتريك الاسماء
فهذا يعني إعادة الاعتبار
للهوية الكردية. وعندما يبحث وزير الداخلية بصير أتالاري
بامكانية القاء الخطب الدينية
باللغة الكردية فهذه خطوة على
طريق التسامح الديني تحسب
لحكومة أردوغان، وعندما تعلن
الحكومة نيتها الاستثمار في
المناطق «المحرومة والتي
أفقرتها المعارك والبطالة
القياسية فهي خطوة على طريق
تنمية المناطق الكردية التي
عانت من التهميش والحرمان زمن
الأحزاب القومية. وعندما يصدر 162 مثقفاً وأكاديمياً
وصحافياً تركياً بياناً يعلنون
فيه مساندتهم لمشروع أردوغان
لحل القضية الكردية فهذا تحول
كبير في الحياة التركية انتقل
فيه تأييد منح الأكراد حقوقهم
من الحكومة للنخبة
المثقفة،وعندما يعود ثمانية
ناشطين من حزب العمال
الكردستاني و26 مدنيا كرديا
لتركيا (اكتوبر2009) من مخيماتهم
شمالي العراق لوطنهم الأم تركيا
فهي خطوة في مجال التعبير
العلني عن حسن النوايا. خطوات رغم رمزيتها إلا أنها علامات على
درب الانفتاح الشامل ضمن خطة
حكومة أردوغان التي تواجه ثلاث
عوامل ضغط في مواجهة اية محاولة
لإعطاء الأكراد حقوقهم وتتمثل
في: الجيش، الأحزاب القومية،
وعائلات واسر الجنود الذين
سقطوا في المعارك مع حزب العمال
لكردستاني والذين اتهموا
أردوغان وحكومته - الذين اعدوا
مبادرة «عفو الأمر الواقع»
بأنهم يرتكبون خيانة ستحملهم
الأمة مسؤوليتها». حزمة من الخطوات على درب الانفتاح أطلقها
أردوغان قوبلت وللأسف من قبل
بعض زعماء الأكراد اما بالتهديد
كما ورد على لسان مراد قره إيلان
الذي تسلم مهام اوغلان في حوار
مع صحيفة «ميللييت» ( انه فقط
بالكفاح المسلح أمكن تحقيق بعض
المكاسب للأكراد) وقوله ( انه لو
لم تندلع الانتفاضة المسلحة عام
1984 لكان الأكراد اليوم قد
انتهوا)، أو بنزول عامتهم
للشارع وترديدهم شعار «الدم
بالدم، وسننتقم»، أو بإحراج
أردوغان عند عودة الناشطين من
حزب العمال في مهرجان تحول
لاستعراض عضلات على الحدود،أو
باللجوء لحائط المبكى الأوروبي
ورفع قضايا ضد الحكومة! استفزازات، ومراهقة سياسية، وإحراج
لحكومة أشاد رئيسها أردوغان
بتحالف الأكراد والأتراك ضد
الصفويين بمعركة تشالدران،
وذكر ببطولات صلاح الدين
الأيوبي محرر القدس، وتغنى
باغنية «حلبجة» للفنان التركي
شيفان، ورغم ذلك يصر بعض قادتهم
- على حد تعبير الأستاذ صالح
القلاب - ان يبقي «بندقية
للإيجار» في يد سماسرة الموت والدمار وامراء الحرب في العالم. كاتب وإعلامي فلسطيني ========================== إيران تناور وروسيا
تحاور وأمريكا تحاصر آخر تحديث:السبت ,13/02/2010 الخليج عصام نعمان انتهت مهلة السماح بين أمريكا وإيران،
وعاد الصراع المحموم إلى
المشهدين الدولي والإقليمي . كل
طرف يتهم الآخر بالخداع
والابتزاز . أمريكا تتهم إيران
بأنها تظاهرت بقبول تخصيب
اليورانيوم في الخارج من حيث
المبدأ لتستكمل بناء آلاف أجهزة
الطرد المركزي المعدة لترفيع
معالجة اليورانيوم المنخفض
التخصيب إلى 20 في المائة . إيران
تتهم الولايات المتحدة بأنها
تظاهرت بالموافقة على تخصيب
كميات اليورانيوم الإيرانية في
الخارج وإعادتها بعد ترفيع نسبة
تخصيبها، ولكن مع الإصرار على
عدم مبادلة الكميات المنخفضة
التخصيب بالتزامن مع الكميات
العالية التخصيب المطلوب
تسليمها إلى إيران . غير أن كلا الطرفين تجنّب سلوك طريق مسدود
. فلا إيران استبعدت إمكان
الاتفاق لاحقاً على تسوية حول
العرض الأول القاضي بمعالجة
اليورانيوم المنخفض التخصيب في
روسيا وفرنسا وإعادته إليها
بشكل وقود نووي صالح لتشغيل
مفاعل طهران للشؤون الطبية، ولا
أمريكا أغلقت باب المفاوضات مع
إيران، وإن كانت توجست من أقدام
إيران على معاودة عملية تخصيب
اليورانيوم بوتيرة عالية . لعل الشيء الجديد اللافت في مواقف الدول
الكبرى هو صدور أصوات روسية
متململة من تصرف طهران الأخير
والتلويح مجدداً بإمكان انحياز
موسكو إلى صف دول الغرب
المطالبة بتشديد العقوبات على
الجمهورية الاسلامية . ما طبيعة
العقوبات التي قد توافق عليها
روسيا؟ كانت موسكو أعلنت أنها لا توافق على فرض
عقوبات جديدة تمس الشعب
الإيراني في حياته اليومية .
حسناً، ما تصنيفها لمادة
البنزين ودورها في الحياة
اليومية؟ هل توافق على فرض حظر
في مجلس الأمن الدولي على توريد
هذه المادة الحيوية إلى إيران
في حين أن الصين تعارض ذلك ربما
إلى حد استعمال حق النقض “الفيتو”؟ ثمة من يعتقد أن موسكو تناور هي الأخرى من
أجل تلطيف تصلب إيران، وانه لا
يعقل أن تصل في تحفظها على تخصيب
اليورانيوم الإيراني ذاتياً
ومحلياً إلى حد خنق اقتصاد
إيران . يتردد أيضاً أن روسيا ترغب في ممارسة دور
الوسيط بين إيران ودول الغرب .
لكن يتعذر عليها ممارسته إذا
جارت أمريكا في فرض عقوبات
قاسية على إيران . لعلها ستتعاون
مع تركيا التي ترغب أيضاً بدور
الوسيط بين الطرفين المتصارعين
وذلك على أساس أن تكون أراضيها
موقعاً لتخزين اليورانيوم في
عملية تبادله للمعالجة بين
إيران والخارج . إلى ذلك، تخشى فرنسا ألاّ يكون في وسع دول
الغرب تجميع الأصوات اللازمة
لبناء أكثرية فاعلة في مجلس
الأمن (أقلها 9 من مجموع 15 عضواً)
من أجل إقرار العقوبات المتشددة
المطلوبة . فالصين والبرازيل
ولبنان ونيجيريا لن تؤيد إقرار
عقوبات شديدة بحق إيران، وقد
تنضم إليها روسيا إذا ما وجدت أن
العقوبات المقترحة تسيء إلى
الشعب الإيراني . لعل أقصى ما تستطيعه دول الغرب عموماً
والولايات المتحدة خصوصاً في
مجال تشديد العقوبات هو اللجوء
إلى ما يمكن تسميته “العزل
المصرفي” لإيران . إنه يعني منع
المصارف الأمريكية والأوروربية
من التعامل مع إيران ما قد يؤدي
إلى شل حركتها التجارية مع
العديد من دول العالم . ولكن،
ألا يؤذي العزل المصرفي هذه
الدول أيضاً؟ وهل تستمر طويلاً
في التزام العزل إذا ما لاحظت أن
إيران تمكّنت، بشكل أو بآخر، من
خرقه بالتعامل مع دول ومصارف
بديلة؟ يتردد أن إيران حسبت حساب العزل المصرفي
وأنها تدبرت أمر معالجته وخرقه
من خلال نهجين: الأول التعاون مع
المصارف الإسلامية في العالم .
الثاني التعاون مع مختلف الدول
الآسيوية التي لا تشارك دول
أوروبا وأمريكا في فرض معظم
تدابيرها العقابية، وفي مقدمها
العزل المصرفي . إذ يتواصل الحوار، ولو خجولاً، بين
أمريكا وإيران، فإن سؤالاً
ملحاحاً يطرح نفسه في غمرة
الصراع المتجدد بين الدولتين .
ماذا لو أخفقت الولايات المتحدة
في فرض عقوبات شديدة على إيران؟
هل تسلّم لطهران بانتصارها في
معركة تخصيب اليورانيوم أم تضطر
إلى التفكير جدياً باللجؤ إلى
القوة؟ الجواب في هذه الآونة صعب للغاية . ذلك أن
الولايات المتحدة ما زالت تعاني
من آثار الأزمة المالية
والاقتصادية ولم تخرج بعد من
دوامتها . كما أنها ما زالت
تعاني من تعثّر حروبها في
العراق وأفغانستان وباكستان،
بالإضافة إلى تعثر سياستها حيال
الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي”
. صحيح أن اوساط الجمهوريين اليمينيين في
الداخل، كما اللوبي الصهيوني و”إسرائيل”
تضغط أيضاً من أجل حمل باراك
اوباما على توجيه ضربة عسكرية
شديدة إلى إيران، لكن الرأي
العام الأمريكي كما الأوروبي
ناهيك بالعالمي لا يهضم فكرة
العودة إلى استعمال القوة
والانزلاق إلى مآسي الحرب . وفي هذه الأثناء، لن تكفّ طهران عن أن
تناور بحذق، وروسيا عن أن تحاور
الأطراف المعنيين بصبر،
وواشنطن عن أن تحاصر إيران بكل
الوسائل السلمية المتاحة قبل أن
تضطر إلى اعتماد خيار القوة غير
المأمون العواقب . ========================== الصين ومستقبل الاقتصاد
العالمي آخر تحديث:السبت ,13/02/2010 الخليج غسان العزي منذ أن تبوأت
الولايات المتحدة مركز القوة
الاقتصادية الأعظم بات مآل
الاقتصاد العالمي كله مرتبطاً
بتطور المؤشرات المتعلقة
بقطاعاتها الاقتصادية والمالية
. ومن المعروف أن الأزمة المالية
والاقتصادية التي ضربت العالم
في العام 2008 انطلقت من الولايات
المتحدة التي لا تزال صحة
الاقتصاد العالمي مرتبطة إلى حد
كبير بصحتها الاقتصادية . لكن
يبدو أن هذا الوضع يتجه نحو
التغير ليدخل العالم في مرحلة
انتقالية تمهد لحلول قوة أو قوى
اقتصادية جديدة تتحكم في مستقبل
الاقتصاد العالمي أو تمارس فيه
التأثير الأعظم على الأقل .
والصين هي من أقوى المرشحين في
هذا المجال . فقد اعتاد المراقبون الاقتصاديون
العالميون على الصعود الصيني
المستمر ونسبة النمو التي لا
تقل عن الثمانية في المائة
سنوياً على الأقل (وصلت إلى 12 و13
في المائة مرات عديدة) والأرقام
المتصاعدة للصادرات وأرباح
الشركات الصينية . لكن المفاجىء ان يستمر هذا الوضع رغم
الأزمة، العنيفة التي ضربت كافة
الاقتصادات الدولية مؤخراً .
فالأرقام تدل على أن الشركات
الصينية حققت 380 مليار دولار من
الارباح الصافية في العام
المنصرم الذي شهد افلاس شركات
أمريكية وغربية أكبر من كبرى،
وأرقاماً فلكية معلنة لخسائر
تكبدتها شركات معروفة عالمياً .
ليس فقط تمكنت الشركات الصينية
من الصمود في وجه رياح الأزمة
العاتية بل إن أرباحها زادت عما
كانت عليه قبل الازمة، أي بمعنى
آخر عرفت كيف تستفيد من هذه
الاخيرة . ومن المؤكد أن تستولي
الصين، في خلال العام الجاري،
على المركز الأول في لائحة
الدول المصدرة في العالم، وهو
المركز الذي انفردت به ألمانيا
طيلة العقد الفائت، وأن تمسي
الولايات المتحدة في المركز
الثالث بعد ألمانيا . لقد أثمرت الخطة التي وضعتها الحكومة
الصينية لمواجهة الأزمة عندما
قامت، العام الماضي، بضخ 1300
مليار دولار في الدورة
الاقتصادية وقدمت تسهيلات
جديدة في مجالات الاستثمار
والتسليفات، كما أبقت على
القيمة المنخفضة لعملتها رغم كل
الانتقادات الغربية والأمريكية
على وجه التحديد . وحتى اللحظة
يمكن القول إنها قدمت بذلك خدمة
كبرى ليس لاقتصادها وشعبها فحسب
بل للاقتصاد العالمي أيضا والذي
ليس بمقدوره تحمل أعباء انهيار
اقتصادي أو مالي صيني بعد الذي
جرى في الولايات المتحدة .
فالسوق الصيني الهائل لا يزال
يمثل فرصاً عظيمة للصناعيين
الغربيين، كما أن المصانع
الصينية تسمح لهم بإنتاج
بضائعهم بأسعار منخفضة، دون أن
ننسى أن الكم الهائل من العملات
الصعبة التي راكمتها الصين يسمح
لها بشراء سندات ستصدرها الدول
الصناعية الكبرى تباعاً في هذا
العام الجاري بغية تمويل ديونها
الناتجة عن الأزمة وخطط
مواجهتها . هذه الدول تحتاج إلى
الصين للخروج من أزمتها، كما أن
للصين مصلحة في مساعدتها على
تخطي هذه الأزمة في زمن العولمة
وارتباط اقتصادات الدول ببعضها
بعضاً . لكن للعملة وجه آخر ففي الاقتصاد لا تكون
الصور عادة على هذا القدر من
المثالية والزهو . فهذا المحرك
الاقتصادي الصيني العظيم يضع
العالم في نوع من التبعية
والارتباط الذي وإن كان ضرورياً
ومفيداً في المدى المنظور إلا
أنه يحمل مخاطر شتى على المدى
الطويل . فعلى سبيل المثال يعتبر
المراقبون الغربيون أن السعر
المنخفض للعملة الصينية، والذي
تستخدمه بكين كسلاح اقتصادي
قاطع، قد يؤدي إلى فوضى نقدية
وتجارية على المدى الأبعد . ثم
إن تضخيم حجم التسليفات
المصرفية في الصين يحمل مخاطر
ما يسمى بالفقاعة المالية على
غرار ما جرى في اليابان في العام
1990 والتي عجزت عن تخطي نتائجه
السلبية كل الحكومات اليابانية
المتعاقبة إلى اليوم . هؤلاء يطلبون من حكومة بكين أن تعمل بسرعة
على القيام بكل ما من شأنه منع
هذه الفقاعة المالية من التشكل
ثم الانفجار، وذلك عبر إجراءات
من أهمها رفع سعر العملة، الأمر
الذي ترفضه هذه الحكومة رغم كل
الضغوط . وسبب الرفض على الأرجح
هو أن المشكلة بالنسبة للصين هي
في كيفية القيام بمثل هذه
الاجراءات من دون إعاقة نموها
الذي ينبغي ألا يتراجع عن
الثمانية في الماية سنوياً،
علماً أن هذه النسبة أضحت
ضرورية أيضا للاقتصاد العالمي
نفسه . على السائق الصيني هو
جينتاو أن يتعلم كيف يتعاطى مع
الكابح والمسرع بتوازن ودقة كي
لا تجنح سيارته فيجنح معها
العالم بأسره . هذا ما يقوله
المحللون الغربيون الذين يبدو
أنهم باتوا مقتنعين بأن مستقبل
الاقتصاد العالمي سيقبع قريباً
في الصين بعدما سكن الولايات
المتحدة في القرن المنصرم . وهم يتكلمون منذ الآن عن الG2 (جماعة الاثنين) أي واشنطن وبكين،
ويراقبون باهتمام كبير لقاءات
أوباما مع جينتاو في المؤتمرات
الدولية الكبرى ويشعرون بالقلق
لدى أي تدهور ولو ظرفي للعلاقة
بين الجبارين بمناسبة بيع
واشنطن أسلحة لتايوان أو
استقبالها الدالاي لاما على
سبيل المثال أو رفض بكين إصدار
عقوبات ضد طهران في مجلس الأمن
الدولي . ========================== السبت, 13 فبراير 2010 عيد بن مسعود الجهني * الحياة الأمة بلا قوة أمة مهانة ذليلة محتقرة
مبذولة الكرامة، رخيصة الكلمة،
مهضومة الحقوق ويداس أنفها في
الرغام، صوتها خافت وحقها ضائع
ومكانها في آخر الصفوف، وهذه
حال امتنا اليوم للأسف، ولكن
عندما كانت أمتنا أمة قوية كانت
مهابة الجانب عزيزة مصانة
الكرامة مسموعة الكلمة لا
يستطيع ان يتجرأ عليها متجرئ
ولا يجرح كرامتها سفيه، بل كان
كل فرد فيها عزيزاً موفور
الكرامة فعندما نادت امرأة أساء
لها الروم (واإسلاماه) جرد
المعتصم جيشاً جراراً دك به
عروش الروم وفتح القسطنطينية
ورد للمرأة عزتها وكرامتها. تلك
كانت أيام القوة والإباء. واليوم تنادي القدس أولى القبلتين وثاني
الحرمين (واإسلاماه واإسلاماه)
حتى انشق حلقها ودميت حنجرتها
فلا تسمع الا الصدى! فكيف نجيبها
ونحن بهذا التشتت وهذا الضعف
وذلك الخنوع؟ كيف نجيبها وبعضنا
مشغول بالكيد لبعض حيث يقاتل
الأخ أخاه ويتآمر الجار على
جاره ويكيد أبناء الوطن الواحد
لبعضهم؟ نحن يا قدس لا نملك
القوة لنجيب نداءك بل لا نملك
حتى الإرادة (فابك يا بلدي
الحبيب) فلم يبق الا البكاء. نحن
يا قدس اتخذنا أسباب قوتنا
ظهرياً واشترينا بها ثمناً
قليلاً ونسينا أننا أمة أعزها
الله بالإسلام فإن طلبت العزة
في غيره أذلها الله وقد طلبنا
العزة في غيره فذللنا وضعت أنت
أيها البلد المقدس الحبيب. انهارت دولة بني أمية عام 132ه (750م) لتقوم
على أنقاضها الدولة العباسية،
ويبدو أننا أمة لا تفهم دروس
التاريخ، ولا تستفيد من عبر ما
يحدث للأمم وتجاربها، ذلك ان
الدولة العباسية التي أصبحت من
أقوى الدول وأكثرها تقدماً
وتمدناً، حتى قال الناس عنها
إنها جبل لا يهزه زلزال، هذه
الدولة ارتكبت الأخطاء نفسها
التي كانت سبباً في انهيار
الدولة الأموية وأصيبت
بالأمراض نفسها التي أدت إلى ان
تلقى تلك الدولة حتفها بل زادت
عليها فسدت أذنيها عن دروس
التاريخ وهو يلقيها بأفصح لغة
وأوضح بيان. فالدولة العباسية التي قامت عام 132ه على
أنقاض الدولة الأموية كانت في
عصرها الأول قوية متماسكة، إلا
أنه بعد تلك الفترة من التاريخ
اختار الحكام الراحة والترف
والإمعان في حياة البذخ فزادت
نفقات الدولة ونقصت إيراداتها،
فانخفض الصرف على جندها، فضعفت
شوكتها، كما أدى نقص الإيرادات
إلى زيادة الضرائب على
المواطنين فزادت شكواهم
وتذمرهم، وانتشر الفساد والظلم
وغاب تطبيق العدل والمساواة
وكثرت المؤامرات والفتن كما أن
بني العباس منذ بداية عهدهم على
نقيض الدولة الأموية جعلوا
المناصب الرئيسية لعناصر غير
عربية حتى قيل عن الدولة
العباسية أنها (فارسية الصبغة). وهنا بدأ ظهور الدويلات المستقلة منفصلة
عن جسم الدولة الأم فكانت دولة
الأدارسة في المغرب والدولة
الفاطمية التي امتدت من المحيط
الأطلسي إلى اليمن والحجاز،
ودولة بني بويه التي أصبحت لها
السيطرة على بغداد، ناهيك انه
مع اتساع رقعة الدولة العباسية
اختار الخلفاء العباسيون بعض
أعوانهم ليصبحوا حكاماً على
المناطق النائية، وما كان من
هؤلاء الأعوان إلا أن قلبوا ظهر
المجن على من ولاّهم فأعلنوا
استقلالهم بمناطقهم عن العاصمة
بغداد. واستمر اسم الخلافة العباسية مرتبطاً
ببغداد حتى عام 656ه (1258) عندما
أغار عليها هولاكو المغولي وقتل
المعتصم آخر خلفاء بني العباس
فيها ليسجل التاريخ نهاية
الدولة العباسية وزوالها كما
سجل من قبل سقوط الدولة الأموية
وزوالها. ولا يختلف سقوط الإمبراطورية العثمانية
في أسبابه عن الأسباب السابق
ذكرها، وبدأ طرد المسلمين من
أوروبا في ظل الاتحاديين وعشية
الحرب الكونية الأولى في حرب
البلقان وما سبقها وما تلاها من
معاهدات أخرجت تركيا نهائياً من
أوروبا باستثناء الشاطئ
الأوروبي لاسطنبول، وتلا ذلك
تقسيم الأقاليم العربية بين دول
الغرب المنتصر بما يشبه
المناقلات في البورصة. الدولة الأموية، الدولة العباسية،
الإمبراطورية العثمانية، كلها
دول إسلامية كانت في بداياتها
ولردح من الزمن غير قصير دولاً
قوية الأركان عالية البنيان
مهابة الجانب تبسط سطوتها
وقوتها على مساحات شاسعة من
الأرض، ثم تضعضع البنيان
وانهارت الأركان وزالت السطوة،
والمتدبر لسقوط تلك الدول يجد
ان الأسباب التي أدت الى سقوط
أولها هي نفسها التي أدت الى
سقوط آخرها، فلم يستفد خلف من
سلف. ما لنا نلوم الأمم السابقة من أهلنا ونعتب
عليها ونحن اشد منها غفلة،
وأسْمَكُ منها غشاوةً عن دروس
التاريخ العميقة، وعظاته
البليغة، فها نحن نقرأ أسفار
التاريخ ونسمعه يحدثنا عن أسباب
القوة والتمكين في سلفنا، ويبين
لنا أسباب الضعف والانهيار التي
أدت إلى زوال مجدهم، فلا نترك
تلك ولا نأخذ بهذه، وكأننا في
انتظار التاريخ، ليحكم علينا
بالزوال مثل كثير من الأمم التي
لم تستفد من تعاليم التاريخ
وعظاته فأصبحت (حضارات سادت ثم
بادت) ولم يبق منها الا ذكريات
باهتة وأطلال ساقطة. إن الأمة قد واجهت خلال القرنين الماضيين
مآسي الاحتلال وتكالب الدول
الاستعمارية على استغلالها
وتمزيق وحدتها، مما كان له أبلغ
الأثر على مسيرتها، وعلى رغم
خروج الاستعمار فإن جسد الأمة
لا يزال يعاني جراحات نازفة
وكدمات مؤلمة، ولا ريب في أن
استمرار الحال على هذا المنوال
ردحاً طويلاً من الزمن أصاب
الكثيرين بالإحباط واليأس
والقنوط، ولكننا يجب ان ندرك ان
اليأس مرض خطير يتسبب في
الاستسلام لأسباب الضعف وتفقد
الأمة إرادة النهوض فتظل قابعة
تنتظر مصيرها الأسود. ولذلك فإن على الأمة وهي في خطر أن تنفض
غبار الماضي وتسمو على جراحات
الحاضر لمواجهة التحديات
وتوثيق روابط الإخاء وتوحيد
الصفوف حتى لا يطويها الطوفان،
فالألم واحد والمعاناة واحدة
والمصير واحد. نحن نركب سفينة
واحدة في بحر شديد الغور عالي
الأمواج، إما أنْ تنجو هذه
السفينة وننجو جميعاً وإما أنْ
تغرق ونغرق جميعاً، وما أكثر
الحيتان التي تفغر أفواهها
تنتظر الغرقى. * رئيس مركز الخليج العربي
للطاقة والدراسات الاستراتيجية. ========================== لماذا قرر نتانياهو
اغتيال أحد قادة «حماس» في دبي؟ السبت, 13 فبراير 2010 سليم نصار * الحياة عندما اختير بنيامين نتانياهو لرئاسة
الحكومة الاسرائيلية مرة
ثانية، لمّحت الصحف الى احتمال
تجدد المواجهة مع خالد مشعل بعد
مرور 12 سنة على محاولة اغتياله
في عمان (25 ايلول – سبتمبر 1997). والمعروف ان جهاز «الموساد» لم ينجح
يومها في اغتيال رئيس المكتب
السياسي لحركة «حماس»… ولكنه
نجح في قتل القائد العسكري
للحركة محمود المبحوح اثناء
وجوده في دبي مطلع هذا الشهر. والاغتيال او «التصفية الجسدية»، بحسب
العقيدة الامنية الاسرائيلية،
يبقى جزءاً من مهمة وكالات
الاستخبارات مثل «الموساد» و «الشاباك»
و «امان». وقد انيطت بها هذه
المسؤولية عقب انشاء دولة
اسرائيل وإعلان تأسيس جيش موحد
من كتائب فرق العصابات
الصهيونية كالهاغانا والارغون
وشتيرن. وتقضي عملية الاغتيال بضرورة ابلاغ رؤساء
الوكالات بعد صدور القرار
السياسي خوفاً من تضارب
الصلاحيات اثناء التنفيذ. وكان
القرار السياسي يصدر عادة عن
لجنة وزراء ثلاثية سميت عام 1972 «لجنة
اكس». وفي عام 1977 ألغى مناحيم بيغن هذه اللجنة
واستبدلها بالمجلس الوزاري
المصغر الذي ينسق اعماله مع
رؤساء الوكالات الامنية. وهذا
ما فعله اسحق شامير اثناء بحث
الخطة التنفيذية لاغتيال
الامين العام السابق ل «حزب
الله» عباس موسوي. بل هذا ما
كرره رؤساء الوزراء الذين
صادقوا على تنفيذ عملية «ربيع
الصبا» التي قتل فيها بعض قادة «فتح»
وفي طليعتهم «ابو جهاد». اللافت ان قرار اغتيال خالد مشعل عام 1997
لم يستند الى قرينة واحدة تثبث
ضلوعه بالتفجيرات الانتحارية.
ولكن رئيس «الموساد» في حينه
داني ياتوم اختاره كهدف سهل
يمكن بواسطة اغتياله ردع
العناصر المتحمسة. ولكن فشل تلك العملية كاد يطيح رئيس
الوزراء نتانياهو مثلما اطاح
داني ياتوم، لو لم تتدارك
اسرائيل الازمة مع الملك حسين
وتطلق سراح الشيخ احمد ياسين،
المرشد الروحي ل «حماس». ويستدل من المعلومات التي صدرت عن بعض من
كتبوا سيرة العاهل الاردني
الراحل، ان الغاية الحقيقية من
وراء اغتيال خالد مشعل لم تكن
ردع الانتحاريين، كما زعم
نتانياهو، بل نسف مشروع الهدنة
مع «حماس». ولقد كشف البروفسور
افي شلايم عبر صحيفة معاريف
(13-12-2009) عن هذا الجانب عندما كتب
يقول ان عملية الاغتيال استهدفت
اقتراح الملك حسين المتعلق
بهدنة طويلة وافقت عليها «حماس».
وبما ان نتانياهو كان يرفض اي
مشروع يدخل «حماس» في خانة
الشريك الفلسطيني المفاوض،
لذلك امر «الموساد» باغتيال
خالد مشعل، تماماً مثلما امر «الموساد»
هذه المرة باغتيال القائد
العسكري في حركة «حماس» محمود
المبحوح بحجة انه يؤمّن تهريب
صواريخ ايرانية الى قطاع غزة. اما الهدف السياسي الخفي، كما تقول مصادر
الجامعة العربية، فهو العمل على
نسف مشروع المصالحة بين «حماس»
و «فتح»، الامر الذي جعلته مصر
مدخلاً لتسوية مسألة الانفاق
على حدودها مع غزة. والنتيجة ان
خالد مشعل هدد برد انتقامي
مزلزل من المتوقع ان يستخدمه
نتانياهو لرفض كل المحاولات
التي يجريها جورج ميتشل لإحياء
محادثات السلام. يبقى السؤال المتعلق بتوقيت العملية
واختيار مكانها. اعترف رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي
عوزي اراد، بأن ملاحقة المبحوح
بدأت منذ اتهامه بخطف جنديين
وقتلهما عام 1989. وقد اضيفت الى
سجله الخطر سلسلة عمليات قام
بها خلال العشرين سنة الماضية.
اهمها تهريب صورايخ ايرانية
الصنع الى غزة يصل مداها الى 60
كيلومتراً. اي ان «حماس» قادرة
على استخدامها لضرب تل ابيب.
وجاء في ملف المبحوح لدى جهاز «الموساد»
انه، بعد اغتيال الشيخ احمد
ياسين، ضاعف نشاطه للحصول على
المساعدات المالية والقتالية
من طهران. وكان يعمل من دمشق
ويتنقل باستمرار بين دول الخليج
وايران لتنظيم عمليات ارسال
المقاتلين وتدريبهم. وفي ملفه
ايضاً انه المسؤول عن قافلة
تهريب اسلحة قصفتها اسرائيل وهي
في طريقها الى سيناء المصرية.
اما وجوده في دبي فكان لإعداد
خطة جديدة تضمن وصول الاسلحة
الى غزة ضمن مسارات مختلفة. كتب المعلق العسكري الاسرائيلي يواف
ليمور حول هذه الحادثة يقول
انها لم تنفذ من اجل الثأر
للجنديين، كما تتصور «حماس»،
ولكنها نفذت من اجل تحقيق هدفين:
اظهار قوة الاستخبارات وذراعها
الطويلة من جهة، وإفشال عمليات
اخرى كان المبحوح يخطط لها، من
جهة ثانية. ومعنى هذا ان «حماس»
مضطرة الى مراجعة حساباتها ووقف
نشاطاتها في هذا الميدان الى
حين ايجاد بديل آخر يحل محله. وتقول مصادر فلسطينية مطلعة ان محمود
المبحوح تعرض قبل ستة اشهر
لمحاولة تسميم نجا منها بفضل
عناية الاطباء. كما تعرض
لمحاولة خطف اثناء وجوده في
دولة عربية. وهذا كان يقتضي منه
اخذ جانب الحذر بخلاف تصرفات
الاستخفاف والاهمال التي
مارسها داخل الفندق. الا اذا كان
واثقاً من ان التخلي عن حراسه
ومرافقيه يساعده على تضليل
الخصوم. وفي مطلق الاحوال ستبقى
تفاعلات هذه الحادثة تكبر وتتسع
خصوصاً اذا قررت شرطة دبي اصدار
مذكرة توقيف بحق نتانياهو
باعتباره يملك سلطة اصدار اوامر
الاغتيال. قبل الانتقال الى هذه المرحلة، لا بد من
مراجعة الدور الذي تقوم به دبي
على مستوى التجارة والمواصلات
في منطقة الخليج. يؤكد الصحافيون العاملون في دول مجلس
التعاون الخليجي ان نسبة
الرعايا الايرانيين في دبي قد
تضاعفت منذ وصول محمود احمدي
نجاد الى الحكم. وتقدر القنصلية
الايرانية أعدادهم في الإمارات
السبع بأكثر من اربعة ملايين
ومئة الف نسمة. كذلك تقدر غرفة
دبي التجارية حجم التبادل غير
النفطي مع ايران بحوالى 11 بليون
دولار سنوياً، اي بارتفاع نسبته
30 في المئة مقارنة مع حجم
التبادل عام 2004. كما يقدر رئيس
مجلس الاعمال الايراني حجم
الموجودات الايرانية في دولة
الامارات بأكثر من 300 بليون
دولار. لهذه الاسباب وسواها ظلت دبي تمثل الرباط
الحيوي السري لايران التي خصتها
بالطمأنينة والامن والهدوء،
مقابل توفير متنفس تجاري يخفف
عن طهران اثر المقاطعة. وفي رأي
خبراء الاقتصاد ان زيادة
العقوبات التي تهدد بها واشنطن،
ولو تحت مظلة مجلس الامن، لن
تعرقل اطراد العلاقات ونموها مع
ايران. هذا الاسبوع اعلنت الولايات المتحدة عن
استعدادها لمنح طهران فرصة
اخيرة قبل فرض العقوبات بسبب
انتاج اليورانيوم المخصب. وعملت
على تحييد موقف روسيا من طريق
تقديم رشوة مغرية دفعتها دول
خليجية ثمن اسلحة روسية لا
تحتاجها بمبلغ بليوني دولار.
ومع ان ايران تقيم علاقات طيبة
مع دول الخليج، فقد نشرت واشنطن
صواريخ «باتريوت – فك 3» على
السواحل المطلة على ايران
كبادرة تطمين ضد السلاح
الباليستي الايراني. كذلك نشرت
بوارجها الحربية المزودة
بصواريخ «اس اي – 3» القادرة على
اسقاط الاقمار الاصطناعية في
الفضاء. كما هددت بتنفيذ عقوبات
اقتصادية ضد قائمة طويلة من
اثرياء «الحرس الثوري». ويقول
وزير الدفاع الاميركي روبرت
غيتس، انه في حال سقط مشروع
العقوبات في مجلس الامن، فإن لا
مفر من فرض حصار بحري لتفتيش
السفن التجارية والعسكرية
المتوجهة الى ايران. في هذا الجو السياسي القاتم، نفذ جهاز «الموساد»
قرار نتانياهو بقتل محمود
المبحوح. ومع ان شرطة دبي حاولت
امتصاص التأثيرات السلبية لهذا
الحادث، الا ان الدول المطالبة
بمقاطعة ايران قد تستغله
لممارسة ضغوط قوية تحد من نشاط
طهران في الامارة الصغيرة. ويرى
عدد من المعلقين ان اختيار دبي
للانتقام من مسؤول في «حماس»
بعد مرور عشرين سنة من
المطاردة، لم يكن قراراً عادياً.
وانما كان قراراً هادفاً يراد
من ورائه تحقيق امور عدة: اولاً – اخضاع دبي والامارات السبع
للقرار الذي سيصدر عن مجلس
الامن حول العقوبات المتعلقة
بإيران. ثانياً – بما ان حرب لبنان 1975 – 1989 كانت
في بعض جوانبها جزءاً من التآمر
الاسرائيلي بهدف حرمانه من دوره
التجاري – السياحي، فإن قيام «هونغ
كونغ» عربية في دبي، يشكل
تحدياً للدور الذي رسمه شمعون
بيريز لاسرائيل. ثالثاً – نجحت تجربة دبي في تفكيك
روابطها القديمة مع بريطانيا
والولايات المتحدة، واتجهت في
علاقاتها صوب الهند والصين
وماليزيا وسنغافورة وكوريا
الجنوبية. ويكفي ان نتدكر ان حجم
التبادل التجاري بين دولة
الامارات والهند قد تجاوز ال 140
بليون دولار، كي نعرف خطورة هذا
التحول على الميزان التجاري لكل
الدول الغربية. باختصار، ان الحكومة الاسرائيلية تسعى
الى نسف مشروع السلام، الامر
الذي يفسر تهديدات الوزير
افيغدور ليبرمان للرئيس بشار
الاسد، وتوعد الجنرال لافي
مزراحي باحتلال دمشق. كما يفسر
توقيت اغتيال محمود المبحوح،
علماً ان جهاز «الموساد» كان
يرصد تحركاته السابقة كلما وصل
الى دبي. ولكن هذا السبب لا يلغي مخاوف اسرائيل من
احتمال نشوب حرب مفاجئة تفضل ان
تتخطاها اذا نجحت واشنطن في
الحصول على قرار دولي يفرض
عقوبات صارمة على طهران. وقبل ان
تصل الامور الى حافة الهاوية،
يصل وزير خارجية تركيا الاسبوع
المقبل الى ايران من اجل اقناع
الرئيس نجاد بالموافقة على
اقتراح تبادل الوقود النووي. ولكن العقوبات لا تكون نافذة ومؤثرة الا
اذا نجحت الاسرة الدولية في
اقفال كل منافذ التسلل التجاري
امام ايران، بما فيها عشرات
الشركات التي يملكها اعضاء «الحرس
الثوري» في إمارات الاتحاد. وفي ضوء حساباته الخاطئة، قرر نتانياهو
اغتيال محمود المبحوح في دبي
لاعتقاده بأن هذا الحادث سيؤثر
في دورها التجاري المريح
لإيران، ويربك نشاطها
الاقتصادي. وكل ما فعلته دبي في هذا السياق، هو
الاعلان بالارقام عن حركة
المسافرين في مطارها الدولي.
وذكرت ان عدد الذين استخدموا
المطار السنة الماضية بلغ 41
مليون راكب، وأن المؤشرات
الايجابية تتوقع زيادة نسبتها 14
في المئة لعام 2010. وكان هذا الاعلان بمثابة رد عملي على
محاولة التشويش والارباك وكل ما
يدفع دبي الى تغيير دورها… * كاتب وصحافي لبناني ========================== الجديد في الحرب
الأميركية على الارهاب المستقبل - الجمعة 12 شباط 2010 العدد 3565 - رأي و فكر - صفحة 21 محمد السمّاك من المآخذ الأساسية التي تلقى على عاتق
الادارة الأميركية بصورة عامة
هو انها لا تتخذ القرار السليم
الا بعد أن تجرب كل القرارات
الاخرى. ويبدو الآن انها بصدد اتخاذ القرار
السليم بالانسحاب من العراق في
نهاية شهر آب / أغسطس المقبل كما
أعلن الرئيس باراك أوباما في
خطابه الى الأمة أمام مجلس
الشيوخ الأميركي. ويبدو انها بصدد اتخاذ القرار السليم
أيضاً بعدم التدخل بصورة مباشرة
في اليمن في اطار مساعدة
الحكومة اليمنية ضد تنظيم
القاعدة. ويبدو انها بصدد اتخاذ القرار السليم
كذلك بحثّ الرئيس الأفغاني حميد
كرازي على فتح حوار مباشر مع
حركة طالبان لمشاركتها في الحكم
ولطيّ صفحة الصراع الدامي الذي
لم يؤدّ الا الى سفك الدماء من
غير طائل. فلو ان الادارة الأميركية بادرت منذ وقوع
العملية الارهابية في 11 ايلول
2001 في نيويورك وواشنطن الى
احتواء حركة طالبان، والى العمل
على فك الارتباط بين الحركة
وتنظيم القاعدة لتغيّر تاريخ
المنطقة، ولوفرت على الشعب
الأميركي وعلى الشعوب
الأوروبية الأخرى، وكذلك على
الشعبين الأفغاني والباكستاني
الكثير من المحن والمآسي
والكوارث التي حلّت بهم جميعاً.
ولكن الغطرسة العسكرية، وردّ
الفعل الفوري غير المنضبط والذي
كان يفتقر الى معرفة صحيحة
بطبيعة المجتمع الأفغاني
وبتكويناته القبلية، أدّت كلها
الى غرق الادارة الأميركية في
الوحول الأفغانية. ان دراسة
المجتمع الأفغاني تؤكد أن قتال
الأجنبي مكوّن أساسي من مكوّنات
ثقافته العامة. فقبل الاميركان
كان الروس. وقبل الروس كان
الانكليز. وقد خرج هؤلاء جميعاً
أو أُخرجوا بقوة المقاومة
المحلية رغم ما تفتقر اليه من
أعتدة وأسلحة. ولكن أحداً لم
يتعلّم من دروس ومحن سابقيه. حتى الأمس القريب كانت السياسة الأميركية
ومعها سياسة حلف شمال الأطلسي
تقوم على أساس اعتبار تنظيم
القاعدة وحركة طالبان وجهين
لحالة واحدة. وعلى أساس هذا
الاعتبار شنّت باكستان الحرب
على حركة طالبان الباكستانية في
اقليم وزيرستان بطلب وبدعم
أميركيين. ولكن لا قوات حلف
الأطلسي استطاعت أن تقضي على
طالبان الأفغانية، ولا قوات
الجيش الباكستاني مدعومة
بالأطلسي ايضاً استطاعت أن تقضي
على طالبان الباكستانية. وعندما وصلت العمليات الارهابية التي
تقوم بها عناصر انتحارية من
حركة طالبان الى قلب كابول،
والى قلب اسلام آباد، أدركت
الادارة الأميركية انها تخوض
حرباً خاسرة، وانه حان الوقت
لاتخاذ القرار الجريء بالتحوّل
من الحرب الى الاحتواء. فكانت
مبادرة الرئيس حميد كرزاي التي
أعلن عنها في مؤتمر لندن والتي
ما كانت لتكون أساساً لولا انها
تعكس ارادة اميركية في الدرجة
الأولى. وهكذا رفعت أسماء قادة طالبان من اللائحة
السوداء التي صدرت ليس فقط عن
الادارة الأميركية، بل وصدّرت
عن الأمم المتحدة ايضاً.
فالمطلوبون للعدالة الدولية
أصبحوا الآن مطلوبين لتحقيق
السلام في أفغانستان بما يمكّن
قوات حلف الأطلسي وعلى رأسها
القوات الأميركية من الانسحاب
مع حفظ ماء الوجه. لم يكن هناك اي قلق في ان تعترض أو حتى في
أن تتردد أي دولة من الدول
المشتركة في قوات حلف شمال
الأطلسي على هذه المبادرة "الشجاعة".
ذلك ان هذه الدول تواجه صعوبات
داخلية لإقناع الرأي العام
لديها بجدوى تعريض جنودها للموت
في المجاهل الأفغانية.. وعن جدوى
إنفاق المليارات من الدولارات
عبثاً رغم الضائقة الاقتصادية
التي تعانيها. ولذلك بادرت فوراً وبحماسة شديدة، الى
تأييد المبادرة وذهبت الى حد
إبداء الاستعداد السخي لتوفير
التمويل المالي اللازم لها،
وذلك على أساس أن التضحية
بالمال من خلال التعامل مع
ادارة أفغانية - متهمة بالفساد
هي أهون سبيلاً من التضحية
بالأرواح. لقد تعلّمت الولايات المتحدة الدرس بعد
أن دفعت ثمن ذلك باهظاً جداً من
الأرواح والاموال معاً. واتخذت
اخيراً القرار الصحيح الذي يقوم
على أساس أن الحرب ليست حلاً
صحيحاً ، بل ليست حلاً على
الاطلاق. من أجل ذلك وضعت خطة تقوم على أربع ركائز: وقف العمليات العسكرية تدريجياً. إعداد القوات الأفغانية لتحمّل
المسؤوليات الأمنية ونقل
المسؤوليات اليها تباعاً. تجريد قوات طالبان من الأسلحة. تحقيق مصالحة وطنية بين طالبان والسلطة
القائمة بدعم من الولايات
المتحدة ومن حلفائها الأطلسيين
بالمال وبالمساعدات الفنية. غير ان نقطة الضعف الأساسية في هذه الخطة
على ما يبدو تتعلق بسلاح حركة
طالبان. لقد كان السلاح على مدى
أجيال عديدة جزءاً من الشخصية
الأفغانية القبلية. فالأفغاني
يعتبر تجريده من سلاحه بمثابة
تجريد له من كرامته. هكذا هو
الأمر أيضاً في كل مجتمع قبلي
آخر كاليمن مثلاً حيث السلاح
"زينة الرجال" شعاراً
وواقعاً. من هنا فان اشتراط التسوية المقترحة
لأفغانستان بتخلي حركة طالبان
عن سلاحها يشكل نقطة الضعف التي
قد تطيح المبادرة كلها. هذا اذا
كان الشرط جدياً وليس شكلياً. وهناك عقبة اخرى لا تقلّ خطورة. وهي ان
المخابرات الأميركية عاثت
فساداً في المجتمع القبلي
الأفغاني، مما ادى الى انقسام
القبائل بعضها ضد بعض، والى
تقاتلها على قاعدة إما الولاء
لأميركا ولحكومة كرزاي، أو
الولاء للاسلام (؟) ومعارضة
حكومة كرزاي. من أجل ذلك يتحتم
تحقيق مصالحة بين القبائل أولاً
لتكون هذه المصالحة المدخل الى
التسوية. ومن هنا كانت دعوة
الرئيس كرزاي في مؤتمر لندن
خادم الحرمين الشريفين الملك
عبد الله بن عبد العزيز لبذل
مساعيه الحميدة. ومن هنا أيضاً
كان تعهده بالدعوة الى مؤتمر
قبلي جديد (يورغا جيرغا) لإقرار
مبدأ المصالحة وإعادة مدّ
الجسور التي تقطّعت بين القبائل
المختلفة. لقد استنفدت الولايات المتحدة منذ عام 2001
كل القرارات التي تخطر أو لا
تخطر على بال، منها قرار اعتبار
الاسلام والارهاب وجهين لعملة
واحدة. ومنها غزو العراق
واختلاق الأسباب الكاذبة لذلك.
ومنها تغيير قواعد المجتمع
الأميركي ذاته من مجتمع قائم
على أولويات الحرية الى مجتمع
قائم على أولويات الأمن. اما
الآن فيبدو انها بصدد اتخاذ
القرار السليم. ولذلك أوفدت الى
العراق نائب الرئيس بايدن
لإقناع حكومة الرئيس المالكي
بعدم جدوى اقصاء أي من
الفعاليات السياسية عن حقها في
المشاركة في العملية
الديموقراطية (الانتخابات
البرلمانية المقبلة). فمن خلال
تجربتها في أفغانستان أدركت
الولايات المتحدة معنى وخطورة
هذا الإقصاء الذي تتراجع عنه
اليوم مع حركة طالبان. كما ان الادارة الأميركية أكدت مراراً
وبصورة علنية وبكيفية ملفتة
انها لن تتدخل مباشرة في اليمن
ولكنها سوف تقدم للحكومة
اليمنية وعن بُعد - المساعدات
التي تمكّنها من مواجهة تنظيم
القاعدة الذي بات يشكل تهديداً
لا لدول الجزيرة العربية.. بل
والعالم. لقد باتت الولايات المتحدة تدرك اليوم
خطورة "صوملة" اليمن و"أفغنة"
العراق. ولذلك عمدت ولو متأخرة..
الى اتخاذ القرار السليم بعد أن
استنفدت كل القرارات الأخرى !!. ========================== الافتتاحية الجمعة 12-2-2010م بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود الثورة تصر اسرائيل على أن تذكر المجتمع الدولي
بين فترة وأخرى بعبثها بقراراته
وما يرسمه لمستقبل المنطقة
والسلام في العالم.. دائما تبحث عن فرصة لتتأكد من جدية الموقف
الدولي وصحوة المجتمع الدولي
تحديدا موقف الامم المتحدة من
سياستها الاحتلالية
الاستيطانية العدوانية. نوع من العبث الباحث عن فرصة للانتقال به
الى صورة مجسدة على الارض تخلق
معوقات لأي احتمال للسلام. العالم يقول: الشرعية الدولية...
وقراراتها. واسرائيل تقول: انها
مستعدة دائما لانتهاك هذه
القرارات. بالأمس لوّحت اسرائيل بتصويتها على مشروع
قانون بقراءة تمهيدية يعفي
المستوطنين الصهاينة في
الجولان العربي السوري من
الضرائب تشجيعاً لهم.. طبعاً هذا ليس أول تشجيع إسرائيلي
للاستيطان في الجولان. منذ احتلت اسرائيل الجولان في حزيران 1967
وهي تمارس جرائمها العدوانية
التي ترتكز على مخالفة أبسط
قواعد القانون الدولي في محاولة
ضم اراض محتلة او تغيير هويتها.
في منتصف كانون الاول 1981 كانت المحاولة
الأوضح إذ اعلنت تطبيق قوانينها
على الاراضي السورية المحتلة..
وهو ما واجهه المواطنون
السوريون في الجولان بالرفض
وقذف الهوية الاسرائيلية في وجه
سلطات الاحتلال. وعلى الفور وبناء على طلب الجمهورية
العربية السورية أصدر مجلس
الامن الدولي القرار «497» تاريخ
17/12/1981 - بعد قرار الضم بثلاثة
أيام - جاء فيه: يعتبر قرار
اسرائيل بفرض قوانينها
وسلطاتها وادارتها في مرتفعات
الجولان السورية المحتلة
مَلْغياً وباطلاً ومن دون اي
فاعلية على الصعيد الدولي. يطلب المجلس من اسرائيل «القوة المحتلة»
ان تلغي قرارها فوراً ويعلن أن
جميع احكام اتفاقية جنيف
المتعلقة بحماية المدنيين وقت
الحرب سارية المفعول على
الاراضي السورية المحتلة من قبل
اسرائيل في حزيران 1967. يرجو المجلس من الامين العام ان يقدم
تقريراً بشأن تطبيق هذا القرار
خلال اسبوعين، وقد صدر القرار
بإجماع اعضاء مجلس الامن، ومنذ
ذلك التاريخ صدر عن الشرعية
الدولية أكثر من 33 قراراً تؤكد
كلها سورية الجولان والطبيعة
الاحتلالية للوجود الصهيوني
فيه وضرورة تطبيق كافة
الاتفاقيات الدولية بشأنه التي
تمنع المس بحقوق السكان والارض
وتمنع الاستيطان او فرض
القوانين. وكل عام تجدد الجمعية العامة للامم
المتحدة اعتبار مرتفعات
الجولان ارضا عربية سورية محتلة
من قبل اسرائيل وان هذا
الاحتلال لاغ ولا شرعية له،
وتصوت على هذه القرارات في
الجمعية العامة أغلبية مطلقة لا
تقل عن 150 دولة، كما ترفض
الشرعية الدولية كل المحاولات
الاسرائيلية العبثية لتغيير
هوية الجولان او انتمائه السوري.
ونذكر هنا بقرار الجمعية المتخذ في 12/3/2009
حيث جددت الجمعية العامة بناء
على طلب سورية مطالبتها اسرائيل
بالانسحاب من الجولان وتطبيق
قرار مجلس الأمن رقم 497 الذي
اشرنا اليه وجميع القرارات ذات
الصلة. ان مجموعة الوثائق والقرارات الصادرة عن
الشرعية الدولية وفق القانون
الدولي لا تترك اي فرصة للعبث
الاسرائيلي ان يضيف جديدا على
الوضعية الشرعية القانونية
الحقوقية للجولان وتطالبه
بالانسحاب الكامل. لكن إسرائيل وعلى مرأى من العالم تستمر في
محاولاتها التي تؤكد حقيقة
واحدة هي رفضها للسلام. وتعلم اسرائيل ويعلم العالم ان النضال
السوري والعمل الدبلوماسي
الدائم والدؤوب لاسترجاع
الجولان فضلاً عن هذه المستندات
الشرعية الدولية هو جهد حقيقي
نحو السلام. لأن السلام يعني استعادة الجولان حتى
خطوط 4 حزيران 1967، هذا ما تعرفه
الأمم المتحدة والشرعية
الدولية والعالم كله، وتؤيدنا
فيه معظم دول العالم وهذا ما لا
تتراجع سورية ولا يتراجع الشعب
السوري عنه قيد أنملة، فالجولان
عائد طال الزمن أم قصر. ============================== ربما تستخدم القارة
الأوروبية حركة «حفل شاي» أيضا ديفيد إغناتيوس الشرق الاوسط 13-2-2010 اسمحوا لي بطرح هذا المقترح، حتى لو كان
معناه الدعوة إلى شيء يخالف
المألوف بدرجة كبيرة: يحتاج
الاقتصاد العالمي إلى حركة «حفل
شاي» داخل أوروبا من أجل الدفع
إلى تبني سياسة مالية محافظة
هناك (ظهرت حركة «حفل شاي» داخل
الولايات المتحدة مطلع 2009
احتجاجا على بعض السياسات
المالية). يسخر الكثير من محللي «الاتجاه السائد»
من مثيري هذا النوع من
الاحتجاج، ويقولون إنها حركة
يمينية متطرفة، وفي الكثير من
الأشياء نجد أن الحركة تستحق
هذا الوصف. وأنا لا أريد أن
يتولى هؤلاء إدارة وزارة
الخزانة أو المصرف الاحتياطي
الفيدرالي (المصرف المركزي
الأميركي). ولكن، يقوم هؤلاء المحافظون الشعبويون
بشيء جيد، إذ يصرفون الاهتمام
السياسي داخل أميركا إلى قضية
تحقيق مسؤولية مالية. ولهم وجهة
نظر جيدة على سبيل المثال في
قولهم بوجوب إضافة برنامج
مخصصات جديد كبير إلى الرعاية
الصحية حتى نتوصل إلى طريقة
ندفع من خلالها مقابل برنامج
المخصصات الموجود لدينا فعلا. وفي المقابل، تحتاج القارة الأوروبية هذا
التحرك المحافظ الفعال الذي
يهدف إلى الحد من الإنفاق
الحكومي. وعلى ضوء التجربة
الأوروبية خلال العقد الماضي
المرتبطة بالاتجاه الشعبوي
اليميني، يمكن فهم الحذر من
التطرف. ولكن، يعني ذلك أن
أوروبا في حاجة إلى صوت قوي من
أجل تقليل نفقات القطاع العام
والدين. وفي الكثير من النواحي نجد أن القارة
الأوروبية عبارة عن أرض
اقتصادية في منتهى الروعة،
فلديها مصرف مركزي لإدارة
سياسية مالية متناسقة، ولديها
عملة موحدة، ولكن بها عددا
كبيرا من وزراء المالية يسعى كل
منهم وراء تطبيق سياسة مالية
منفصلة ملخص الكثير منها:
الإنفاق ثم الإنفاق ثم الإنفاق.
وفي الاصطلاح المالي، تعد
أوروبا في الأغلب جواد من دون
فارس. ويقبل المستثمرون مثل هذه المؤسسات
المتزعزعة حتى تأتي لحظة يشعرون
فيها بالذعر ويرون أن الموقف لا
يمكن تحمله. وهذا ما حدث على
مدار الأسابيع القليلة
الماضية، حيث كانت الأسواق
المالية تطلق صيحة قلق جماعية
بسبب الدين الأوروبي والفوضى
المالية. وكان مصدر القلق الديون التي على مجموعة
من الدول، هي البرتغال وأيرلندا
واليونان وإسبانيا، ويضم بعض
الاقتصاديين إلى هذه المجموعة
دولة أخرى وهي إيطاليا. ولكن، لا
تتعدى الديون مجرد جزء من
المشكلة، فقد كانت مستويات
الديون كنسبة من الناتج المحلي
الإجمالي أعلى خلال العام
الماضي في دولة الهند (85 في
المائة)، وهذه مستويات أكثر مما
هي عليه داخل البرتغال (76 في
المائة) أو أيرلندا (61 في المائة)
أو إسبانيا (57 في المائة). ولكن،
تكمن المشكلة الأكبر في غياب
الإرادة السياسية داخل الدول
الأوروبية التي تنمو بسرعة أبطأ
لتحدي الإنفاق العام ووضع
السياسة المالية على مسار
مستدام. وجاءت أفضل التحليلات التي رأيتها تتناول
عدم الاتزان المالي العالمي من
ميرفين كينغ، حاكم بنك إنجلترا (البنك
المركزي في المملكة المتحدة).
وربما أكون متحيزا نوعا ما (حيث
إنه درَّس لي الاقتصاد في
الجامعة)، ولكني أعتقد أن كينغ
المسؤول الأكثر حكمة داخل
المصارف المركزية حولنا. وسوف
أثني خاصة على خطاب أدلى به في 19
يناير (كانون الثاني)، وموجود
على الموقع الإلكتروني لبنك
إنجلترا. لقد أظهر كينغ المشكلة الأساسية من خلال
لعبة صغيرة وصفها ب«سودوكو
الاقتصاديين»، وهي عبارة عن رسم
بياني بسيط من تسعة مربعات يلخص
التفاعل بين الدول ذات المدخرات
الكبيرة (الصين والكثير من
الدول الآسيوية الأخرى) والدول
ذات المدخرات القليلة (أميركا
وأوروبا). وفي توصيف كينغ نجد أن
الطلب الإجمالي (أو الناتج
المحلي الإجمالي) هو مجموع
الطلب الداخلي والتجارة
الصافية. ويكون لأرقام لعبة
السودوكو معنى إذا كانت الفوائض
الضخمة للدول ذات المدخرات
الكبيرة تتناسب مع عجز الدول
ذات المدخرات القليلة، ولكن كما
نرى فإن هذا مزيج غير مستدام.
ويعود النظام غير المتوازن إلى
انتكاسة في عامي 2008 و2009. ويقول كينغ إن الفوائض الآسيوية «أكبر من
أن تستمر» ولكنه يحذر «تظهر
لعبة السودوكو بالنسبة
للاقتصاديين أن هناك مشكلة فنية
وليست سياسية» ويجب على الدول
ذات المدخرات المنخفضة «تقليل
صافي الاقتراض من الخارج»
والتوقف عن لعب «دور مستهلك
الملاذ الأخير». وعليه، كيف
يمكن أن يحدث هذا التعديل
السياسي؟ يعيدنا ذلك إلى حركة «حفل
شاي». يعني نجاح محافظين ماليين
في السباقات السياسية الأخيرة
داخل فيرجينيا ونيوجيرسي
وماساشوستس أنه يجب على الساسة
الأميركيين صرف اهتمام أكبر
بقضايا العجز والديون من أجل
البقاء. ويبدو أن الرئيس
الأميركي باراك أوباما يعترف
بقوة هذه القضية بين الناخبين،
على ضوء تعهده بتشكيل لجنة
للتعامل مع مشكلات إنفاق
المخصصات على المدى الطويل. ولكني، لا أجد ضغطا سياسيا مشابها داخل
أوروبا، فالقادة الأوروبيون في
معظم الوقت يحاولون بجد تجنب
يوم حساب سياسي. ويبدو أن عددا
قليلا من الأوروبيين، سياسيين
أو محافظين، مستعدون للتخلي عن
نصيبهم في حزمة المخصصات التي
تعد جزءا من المركب الديمقراطي
الاجتماعي المعاصر. وفي الواقع، لا أتمنى حركة «حفل شاي» ضد
أي أحد، ولكن يمكن أن يستخدم
الأوروبيون جزءا من قوتها
الشعورية المرتبطة بالمسؤولية
المالية. وفي الوقت الذي ندرس
فيه أفكارا محافظة، ما هو حال
حركة «المستهلك البارع» داخل
الدول الآسيوية ذات المدخرات
الكبيرة من أجل الدفع لإنفاق
داخلي أكبر هناك؟ * خدمة «واشنطن بوست» خاص ب«الشرق
الأوسط» ======================= لماذا تريد أميركا نشر
الديمقراطية؟
غازي التوبة الجزيرة نت لقد اتجهت أوروبا إلى تطبيق الديمقراطية
بعد احتلالها بلدانا عربية
عديدة في القرن التاسع عشر
والقرن العشرين، وبالفعل
طبّقتها إنجلترا في أكبر بلدين
عربيين احتلتهما وهما: العراق
ومصر بعد الحرب العالمية
الأولى، وفشلت التجربتان بعد
الحرب العالمية الثانية، وأنهى
عبد الكريم قاسم الديمقراطية في
العراق بعد انقلابه عام 1958، كما
أنهى جمال عبد الناصر
الديمقراطية في مصر بعد انقلاب
عام 1952. ثم استلمت أميركا راية الاستعمار الحديث
بعد أن انتهى الاستعمار القديم،
واعتبرت نشر الديمقراطية أحد
أهدافها الرئيسية في فترة
الصراع مع الشيوعية بعد الحرب
العالمية الثانية، وارتفعت
وتيرة حديثها عن الديمقراطية
بعد سقوط الشيوعية عام 1990،
وادعى المسؤولون الأميركيون أن
احتلالهم للعراق في أبريل/نيسان
2003 جاء لاجتثاث دكتاتورية صدام
حسين، ولنشر الديمقراطية في
المنطقة، ولجعل العراق مثالا
للحرية في العالم العربي. وقد أرفق المسؤولون الأميركيون دعاويهم
تلك بمشاريع سياسية تعضدها، ومن
ذلك: مشروع شراكة أميركا مع
الشرق الأوسط من أجل نشر
الديمقراطية الذي دعا إليه كولن
باول في 12/12/2003، ومشروع الشرق
الأوسط الكبير الذي طرحه بوش،
ثم ناقشته الدول الصناعية
الكبرى الثماني في جزيرة بسلاند
من ولاية أتلانتا في يونيو/حزيران
2004، كما قدّمت كل من فرنسا
وألمانيا مشروعين مماثلين
لمشروع بوش عن الشرق الأوسط،
وكانت وزيرة الخارجية
الأميركية كوندوليزا رايس
تقدّم محاضرات في معظم زياراتها
لمصر عن الديمقراطية. كما تحدّث أوباما عن القِيَم الديمقراطية
في خطابه الذي وجّهه للعالم
الإسلامي من القاهرة في يونيو/حزيران
2009، فما الهدف من كل ذلك؟ وهل
صحيح أن أميركا مهتمّة بترسيخ
النظام الديمقراطي في عالمنا
العربي؟ وهل صحيح أن أميركا
أزالت دكتاتورية صدام من أجل
رفع الاستبداد عن الشعب العراقي
وجعله شعبا حرّا؟ ليس من شك في أن الوقائع تؤكّد أن كل هذا
الكلام غير صحيح، وأن أميركا
جاءت إلى العراق من أجل عدّة
أمور تتعلّق بمصالحها، وأهمّها:
السيطرة على البترول العراقي،
وتدعيم الكيان الإسرائيلي
بتقسيم العراق وحل الجيش
العراقي من أجل إنهاء الجبهة
الشرقية، وأن كلامها عن
الديمقراطية تقصد منه
استخدامها وسيلة منهجية لتفكيك
البُنى الثقافية والجماعية
للأمة من أجل تسهيل تغريبها
وأمركتها، وهذا يستدعي ثلاثة
أسئلة، هي: ما الديمقراطية؟
وكيف يمكن أن تحقّق أميركا
تفكيك البُنى الثقافية
والجماعية؟ وما هدف أميركا من
ذلك التفتيت؟ فبالنسبة للسؤال الأول وهو: ما
الديمقراطية؟ فهي نظام سياسي
يقوم على دعامتين: فلسفة،
وآليات، أما الفلسفة فجاءت
نتيجة عدّة تطوّرات تاريخية في
الغرب، وانتهت إلى القواعد
والقِيَم والمبادئ التالية: 1- مبدأ الفردية واعتبار الفرد هو الأصل في
الحياة والمجتمع والكون
والتقدّم، ويجب إعطاؤه حريته
الكاملة دون أيّة قيود في أي
مجال من المجالات الاقتصادية أو
الفكرية أو الاجتماعية أو
الثقافية.. إلخ، وإذا تعارضت
الفردية مع الجماعية في أي موقف
فيجب تقديم الفردية على
الجماعية. 2- مبدأ المادية، واعتبار المادة هي الأصل
في الحياة والكون، وكل الأحاديث
عن الغيوب والروح والجنة والنار
والوحي والملائكة والشياطين..
إلخ، خرافات وأوهام تنحسر
بانتشار العلم والمعرفة. 3- مبدأ استهداف اللذّة والمنفعة
والمصلحة، واعتبارها الأصل في
الفرد والمجتمع، ويجب تقديم هذه
الأشياء على أيّة قيمة أو خُلُق
إذا وقع التعارض أو التصادم
بينهما. 4- مبدأ نسبية الحقيقة، وذلك يعني أنه ليس
هناك حكم مطلق، أو قيمة ثابتة،
ويعني أن كل شيء خاضع للتغيير في
كل المجالات الأخلاقية
والدينية والسياسية والثقافية..
إلخ. أما الآليات التي تقوم عليها الديمقراطية
فهي كثيرة وتختلف من بلد إلى
بلد، ومن زمن لزمن، من مثل:
انتخاب الحاكم، ومحاسبته من
قِبَل مجالس منتخبة، ومحاسبته
بعد الحكم لمعرفة الذي اكتسبه
من غير وجه حق أثناء استلامه
الوظيفة، وإمكانية تغيير
الحاكم إن ثبت أن هناك تقصيرا أو
عجزاً أو ضعفا، ووضع أساليب
وطُرُق لتحقيق تداول السلطة،
وإعطاء حرية لإبداء الآراء.. إلخ. أما بالنسبة للسؤال الثاني، وهو: كيف يمكن
أن تحقّق أميركا تفكيك البُنى
الثقافية والجماعية للأمة من
خلال تطبيق الديمقراطية؟ فنقول:
عندما تطرح أميركا الديمقراطية
فهي تطرحها من أجل أن تنفذ
بفلسفتها وآلياتها، وعندما تصر
على تطبيقها وتدفع مجتماعاتنا
إليها دفعاً، فإن ذلك سيؤدّي
إلى خلخلة البُنية الثقافية
للأمة، وتفكيك روابطها
الاجتماعية، وتهديم بنائها
المعنوي. فإذا طبّقنا المبدأ الأول من مبادئ فلسفة
الديمقراطية وهو الفردية فإن
تطبيقها سيؤدّي إلى تفكيك
الروابط الجماعية، وبخاصة أن
أمّتنا بحاجة إلى إعلاء روح
التضحية وتغذية الروح الجماعية
وتقديمها على الأنانية الفردية
في هذه الظروف التي تتعرّض فيها
لتهديدات عسكرية تستهدف وجودها
ووحدتها وكيانها من مثل إسرائيل
وغيرها. وإذا أخذنا المبدأ الثاني وهو المادية،
واعتبرناها هي الأصل في الكون
والحياة والإنسان فإن ذلك
سيشكّل تهديما لبُنيتنا
الثقافية التي تحتل الآخرة فيها
مساحة معادلة لمساحة الدنيا،
ويزاوج الفرد فيها بين المادة
والروح، وتغلغل مفاهيم من مثل:
الإيمان بالله والملائكة
والشياطين والعبادة والطهارة
والشهادة.. إلخ، في كيان الفرد
والأمة، وسيؤدّي الأخذ بالمادة
إلى اضطراب وفوضى في المجالات
النفسية والفكرية والاجتماعية
والثقافية للفرد والمجتمع. وإذا غلّبنا المنفعة على الخُلُق،
وقدّمنا اللذّة على القيمة، فإن
ذلك سيطلق الشهوات في الأمة،
وسيؤدّي ذلك إلى الانحلال، في
الوقت الذي تحتاج فيه الأمّة
إلى إرواء الشهوات بالقدر
المناسب من أجل أن تكون هناك
فسحة من الطاقة والقدرة والوقت
من أجل البناء الحضاري الذي
يحتاج إلى لجم الشهوات بأكبر
قدر ممكن. وإذا اعتمدنا نسبية الحقيقة في شؤوننا
فإن ذلك سيؤدّي إلى زعزعة أحكام
ثابتة في وجود أمّتنا من مثل
أحكام العقيدة والعبادة
والأسرة.. إلخ، فبالنسبة لنا
وحدانية الله حقيقة ثابتة لقوله
تعالى: "قُلْ هُوَ اللَّهُ
أَحَدٌ" (الإخلاص/1)، وكذلك
الصلاة والزكاة لقوله تعالى:
"وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ
وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا
تُقَدِّمُوا لأَنفُسِكُم مِّنْ
خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ"
(البقرة/110)، وكذلك فإن العلاقة
بين الذكر والأنثى يجب أن تكون
من خلال عقد الزواج لقوله تعالى:
"وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ
وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ
إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ
مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً"
(النساء/21). وإنّ تلك الأحكام من
العقيدة وإقامة الصلاة وعقد
الزواج ثابتة إلى قيام الساعة
لأنها تستند إلى نصوص قطعية
الثبوت قطعية الدلالة، لذلك فإن
نسبية الحقيقة ستؤدّي إلى بلبلة
الأمة وتفكيك روابطها
الثقافية، وإلغاء التعامل مع
النصوص القطعية الثبوت القطعية
الدلالة التي أعطت للأمة
استمرارية وجودها وكيانها. أما بالنسبة للسؤال الثالث، وهو: ما هدف
أميركا من تفتيت البُنى
الثقافية والاجتماعية؟ فنقول:
إن الهدف هو خدمة إستراتيجية
إسرائيل التي قامت على أساس
تفكيك الأمة وتفتيت المنطقة إلى
دوائر عرقية وطائفية صغيرة، كما
ورد في الخطط التي أشارت إليها
مراجعهم في عدة مراحل تاريخية
بدءاً من بن غوريون أول رئيس
وزرائهم وانتهاء بنتنياهو آخر
رئيس وزراء عندهم. والسؤال الآن: كيف يمكن أن نتجنّب تفكيك
المنطقة ونفوّت على أميركا
أهدافها؟ كيف يمكن أن نتوصّل
إلى تحقيق العدل وإبعاد
الاستبداد؟ كيف يمكن أن نشيع
مناخ الحرية، ونجري العملية
الانتخابية؟ كيف يمكن أن نحقّق
تداول السلطة ونحاسب المسؤولين
ونغيّرهم بطريق سلمي؟ كيف يمكن
أن نحقّق كل ذلك؟ يمكن أن نحقّق كل ذلك بأن نأخذ بآليات
الديمقراطية وأن نترك فلسفتها،
وبخاصة أن كثيراً من آليات
الديمقراطية لها نظير ومشابه في
تراثنا وتاريخنا، فبخصوص
الانتخابات نجد أنّ لها أصلاً
في تاريخنا، وقد أخذ أبو بكر
الصديق رضي الله عنه أول خليفة
للمسلمين شرعيته في القيادة من
انتخاب المسلمين له في سقيفة
بني ساعدة، كما أن عبد الرحمن بن
عوف سأل جميع المسلمين في
المدنية حتى ذوات الخِدْر
والصبيان في بيوتهم عن تفضيلهم
عثمان أم عليّاً رضي الله
عنهما، فرجح عثمان عنده، كما قد
نص علماؤنا في كتب السياسة
الشرعية وأكّدوا في كتب الأحكام
السلطانية على أن شرعية الحاكم
المسلم تأتي من انتخاب الناس له
ومن رضا الناس عليه. ونجد أن محاسبة الحكام لها أصل في تاريخنا
في قاعدة من أين لك هذا؟ التي
أرساها عمر بن الخطاب رضي الله
عنه، فكان يحصي أموال الولاة في
بداية ولايتهم، ثم يحصيها في
نهايتها ويأخذ ما زاد، وقد فعل
هذا مع كبار قيادات الصحابة
ومنهم خالد بن الوليد رضي الله
عنه، ونجد لهذه القاعدة أصلا في
حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:
"أمّا بعد، فما بال العامل
نستعمله فيأتينا فيقول: هذا من
عملكم وهذا أهدي إليّ. أفلا قعد
في بيت أبيه وأمّه فينظر هل
يُهدى له أم لا؟" (صحيح الجامع
الصغير للألباني، رقم:2237). ونجد أن حرية الرأي وحرية انتقاد الحاكم
وحرية محاسبته تجسّدت في قول
أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه في
أول خطبة له بعد انتخابه: "إن
أحسنت فأعينوني، وإن أسأت
فقوّموني"، كما تجسّدت في
وقائع محاسبات كثيرة قام بها
جمهور المسلمين لكل من عمر
وعثمان وعلي رضي الله عنهم
دوّنتها كتب التاريخ، وهي أشهر
من أن نتحدّث عنها. في النهاية نقول: تريد أميركا من
الديمقراطية التي تروّج لها
وتنشرها بفلسفتها وآلياتها أن
تفتّت الكيان الثقافي وتفكّك
البناء الجماعي لأمّتنا، وذلك
من أجل جعل إسرائيل أكثر قوة
وسيطرة على منطقتنا وأمّتنا،
ونحن يمكن أن نفوّت على أميركا
أهدافها بأن نأخذ بآليات
الديمقراطية ونبتعد عن فلسفتها.
سيدي الشيخ اطمئن أمريكا لا
تريد نشر الديمقراطية في العالم
العربي .. زهير سالم ===================== امرأة فلسطينية تنخرط
في السياسة أسماء عصفور مصدر المقال: خدمة الأرضية
المشتركة الإخبارية 8 شباط/فبراير 2010 رام الله انتُخِبْتُ
في أيار/مايو 2005 كأول امرأة في
مجلس سنجل البلدي في منطقة رام
الله. كان قد صدر قانون جديد
يومها يضع حداً أدنى لتمثيل
النساء في المجالس المحلية،
وكان المفترض بهذا القانون أن
تشارك المرأة في عمليات صنع
القرار. لذا، ورغم حقيقة أن
الفكرة لم تكن مقبولة بعد على
نطاق واسع في العديد من
المجتمعات المحلية، وجدت
النساء من خلفيات اقتصادية
وثقافية متنوعة أنفسهن فجأة
يشاركن في الحياة السياسية. في العام 2005، لم تكن ست وعشرين امرأة مثلي
يعرفن شيئاً عن الحكم المحلي
رغم حصولهن على شهادات علمية
متقدمة. لم يخطر حتى ببالي أن
أرشّح نفسي إلى أن أعلن أن قانون
الكوتا الجديد انضمام اثنتين من
النساء إلى المجلس البلدي الذي
أنتمي إليه. اذكر أنني حملت
الحطة الفلسطينية ووضعتها حول
عنقي وقلت ممازحة من حولي من
زميلاتي في العمل: سأنزل مرشحة
مقابل محمود عباس. نظرت إليّ
زميلاتي نظرة غريبة وكأني قد
كسرت حاجزا كبيرا، وسألنني: هل
ستترشحين للانتخابات البلدية؟
كان بودي أن أقول نعم لكن جرأتي
خانتني. رغم ذلك قررت التغلّب
على مخاوفي لأنني كنت أعرف
المجلس، الذي كان في معظم
الحالات يضم أفراداً كباراً في
السن، اختيروا بسبب علاقاتهم
العائلية، ولم يعملوا على تحقيق
مطالب المرأة واحتياجاتها. نتج عن هذا الحوار مع زميلاتي أن كانت
عباراتي هذه كافية لجعل فريق من
الرجال يصلون بيتي ذلك المساء
لطرح فكرة انضمامي للمجلس في
قائمتهم التي كانت تحتوي على
عدة أطياف مختلفة من الانتماءات
الحزبية. لحسن الحظ أنني لم
أواجه أية معارضة من جانب
أسرتي، ولكن الكثيرين ممن حولي
تساءلوا حول ما إذا كان يجب أن
أقبل تلك المخاطرة. عرفْتُ أن دخول المرأة معترك الحياة
السياسية ليس سهلا، فأساس
اختيار المرأة كان انتماؤها
السياسي، وليس قدرتها على خدمة
مجتمعها. لم تكن مشاركة المرأة
في السياسة الرسمية إيجابية،
وكان من النادر أن تجد امرأة
تتقدّم لترشّح نفسها، وخاصة في
المناطق الريفية. وقد اكتشفت
أنه عندما ترشّح امرأة نفسها
لمنصب عام، يتم تقييمها مرتين:
الأولى كسياسية والثانية
كامرأة. لم يواجَه وجودي في المجلس بحماسة شديدة،
حيث واجه الرجال صعوبة بقبول
امرأة تبحث وتقترح بل وتناقش.
واقترح البعض حتى أن وجود أنثى
في الاجتماعات البلدية غير
ضروري وأن الوثائق ذات العلاقة
يمكن ببساطة إحضارها إلى المنزل.
ولكنني كنت أعمل جنباً إلى جنب
مع الرجال في المجال الأكاديمي،
وقررت، لماذا أمتنع عن العمل مع
الرجال من مجتمعي المحلّي. كانت
الاستراتيجية التي استخدمتها
للتعامل مع هذه الصعوبات هي
التغيير التدريجي. حاولت أثناء وجودي في المجلس الانخراط في
العديد من القضايا. رشّحت نفسي
عضوة في اللجنة المالية
للبلدية، وجادلت رئيس البلدية
بشكل مستمر عندما لم يطلب حضوري
الاجتماعات مع ممثلين من مجالس
أخرى لبحث صفقة أو اتفاقية. كنت
على ثقة بقدرتي على المبادرة
بمشاريع تحقق حدّاً أدنى من
الازدهار للنساء في منطقتي. إلا
أن الظروف السياسية التي رافقت
فوز حماس عام 2006 نتج عنها سحب
المانحين تمويلهم، وتم وضع
مبادراتي على الرف. بدأت الأمور تتغير بالطبع منذ إدخال نظام
الكوتا. ولّد وجود المرأة في
المجالس البلدية خلال السنوات
الخمس الماضية شعوراً في أوساط
بعض النساء بأن بإمكانهن
التقدّم والمشاركة في الحياة
العامة. سوف تكون للنساء
الفائزات في الانتخابات
المقبلة أثراً أعظم على الحياة
السياسية. لقد أدرك الناس الذين
اعتادوا أكثر على وجود المرأة
في السياسة أن إغلاق عيونهم على
قضايا النوع الاجتماعي ومشاركة
المرأة يضرّان بالمصالح العامة.
لقد حان الوقت لأن نفهم أن
مستقبل مجتمعنا يجب أن يُبنى
بأيدي كافة أعضائه. أفتخر كفلسطينية بليلى غنّام وجانيت
ميخائيل، اللتان تحتلان مناصب
رفيعة في مدينة رام الله. يمكن
للتغيير الحقيقي أن يحصل بوجود
رئيسة أنثى لفلسطين. وقتها يمكن
لنا نحن الفلسطينيين أن نصل إلى
التسوية الداخلية مع أنفسنا
كبشر يؤمنون بالمساواة
والديمقراطية. من المنطقي أن مجتمعاً فلسطينياً يتمتع
بدرجة أعظم من المساواة
الاجتماعية سوف يكون بموقف أفضل
للوصول إلى حل مستدام مع
إسرائيل وبناء دولة قويّة
مستقلة. لن يكون الطريق سهلاً،
ولكن بمشاركة المرأة
الفلسطينية التي بدأت تنخرط في
الحياة السياسية، نستطيع البدء
بتصوِّر أن مستقبلاً كهذا هو
أمر ممكن. ----------------- * أسماء عصفور هي عضو في مجلس سنجل البلدي
وناشطة في مجال قضايا المرأة.
كُتب هذا المقال لخدمة الأرضية
المشتركة . تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |