ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
ايران: صراع ايديولوجي
في فضاء سياسي د. سعيد الشهابي 17/02/2010 القدس العربي 'استقلال، أزادي (حرية)، جمهوري ايراني'،
كان هذا احد الشعارات التي رفعت
في التظاهرات المناوئة للنظام
الاسلامي في ايران في الشهور
الاخيرة، وهو يلخص، الى حد ما،
جوهر الاختلاف بين المشروعين
السياسيين المتصارعين في ايران. انه ليس شعارا جديدا في كل الفاظه، بل انه
'نسخة' جديدة من الشعار الاساسي
الذي رفعه المتظاهرون في 1979
لتحديد هوية الثورة ضد الشاه
آنذاك 'استقلال، آزادي، جمهوري
اسلامي'. فبعد ثلاثة عقود من
تأسيس هذه الجمهورية بدأت
محاولات ل 'اصلاح' الوضع
الايراني، وذلك بالغاء الهوية
الدينية للنظام السياسي
واستبدالها بالهوية القومية.
هذا الهدف يظهر بين الحين
والآخر، ولكن نظرا لحساسيته
وتأثيره السلبي على الرموز
الاساسية في المعسكر الاصلاحي،
فقد سعوا لعدم الافصاح به. وهذا
ما فعله الرئيس السابق، محمد
خاتمي الذي قال انه لا يوافق
عليه، وان الاصلاحيين ما يزالون
متمسكين بالشعار الاساسي. مع
ذلك فان عددا من المعطيات تشير
الى حدوث تغير في اولويات بعض
العناصر التي كانت مرتبطة ب 'المشروع
الثوري'، وهو تغير يعتبره
اصحابه تعبيرا عن 'نضج سياسي'
بعد ثلاثين عاما من التجربة،
بينما يعتبره مناوئوه من
الاصوليين 'انحرافا' عن خط
الامام الخميني رحمه الله الذي
تشبث بالهوية الدينية طوال عمره
السياسي الذي امتد اكثر من نصف
قرن قبل انتصار الثورة التي
قادها. وبالتالي فما حدث في
الفترة الا خيرة في الجمهورية
الاسلامية الايرانية كان
انعكاسا ل 'مراجعة داخلية' قام
بها البعض، دفعتهم لاستنتاجات
عديدة من بينها ما يلي: ان ايران
تدفع ثمنا باهظا لشعاراتها
الدينية الاممية، وهي في غنى عن
ذلك، ثانيا: ان التشبث
بالشعارات الاممية هي التي ورطت
ايران في الصراعات الاقليمية
الخطيرة خصوصا لبنان وفلسطين،
وبالتالي فقد حان الوقت لفك
الارتباط مع هذه الازمات. ثالثا:
ان النظام الاسلامي هو مصدر
المشاكل مع الغرب، وان الشعب
الايراني هو الذي يدفع الثمن،
وبالامكان تحاشي ذلك بالتخلي عن
الهوية الاممية والاقتصار على
هوية دينية قومية تحصر الممارسة
الدينية بالعبادات والمعاملات،
كما هو حال بقية البلدان
المسلمة. رابعا: ان الاستمرار في
التشبث بتلك الهوية هو الذي دفع
النظام لاتخاذ سياسات تثير
الدول الغربية خصوصا الولايات
المتحدة واوروبا و'اسرائيل'
ودفعته للعمل الدؤوب في مجال
التصنيع العسكري، الامر الذي
ضاعف استهداف ايران من قبل تلك
القوى. خامسا: حان الوقت لاقامة
نظام ديمقراطي ليس فيه سيادة
لرجال الدين تحت عباءة 'ولاية
الفقيه'، وبذلك يتم تحقيق رغبات
المواطنين أيا كانت، بعيدا عن
الوصاية الدينية او التوجيهات
الفوقية. قد تكون هذه الافكار ايحاءات مستمدة مما
يطرحه رموز التيار المناوىء
للنظام الاسلامي في ايران،
ولكنها تعبير مختصر عما
يطرحونه، في العلن احيانا، وفي
السر تارة. وكما هو واضح من
سياقها، تبدو هذه الشعارات
جذابة للكثيرين داخل ايران،
خصوصا ذوي المصالح الذين يرون
انفسهم اكثر الناس تضررا من
استمرار الوضع الراهن الذي
تتعرض ايران فيه للحصار
والاستهداف السياسي والاقتصادي
وربما العسكري. مع ذلك لا بد من
الاعتراف بعدم وجود اجماع بين
مناوئي النظام الاسلامي على هذه
المبادىء. بل ان من الصعب القول
بانها موضع اجماع حتى داخل الصف
الاول من رموز التيار. ومن جانبه
يرى تيار الحكم، برأسيه: آية
الله السيد علي خامنئي، والرئيس
احمدي نجاد، ان هناك استهدافا
ليس لشخصيهما فحسب، بل لما
يمثلانه من تجسيد لمبادىء
الثورة، وفق اطروحات مؤسسها
الاول، الامام الخميني، ومن
اعتبار الاسلام الهوية الاساس
لايران والثورة معا، وما ينجم
عن ذلك، في نظرهما، من ضرورة
الدفاع عن الشعارات الاساسية
التي لازمت الثورة والتزمت بها
الدولة طوال العقود الثلاثة
الماضية. يرى هؤلاء بان الصراع
الايديولوجي والسياسي بين
التيارين يمتد اكثر من عشرين
عاما، اي منذ رحيل الامام
الخميني، وان الخمسة عشر عاما
اللاحقة شهدت محاولات حثيثة
لاحداث تغيير تدريجي في هوية
النظام وسياساته. ويعتبرون ان
رئاستي الشيخ هاشمي رفسنجاني
ومحمد خاتمي، ساهمتا في بناء
تيار من التكنوقراط المنتفعين
من امكانات الدولة، الذين
يشعرون بانهم اكثر المتضررين من
استمرار الحصار الدولي على
ايران، بسبب مصالحهم التي توسعت
بفضل مناصبهم الرسمية وامتداد
ايديهم الى مفاصل الدولة. وكان
فوز احمدي نجاد بعد انتهاء
رئاسة محمد خاتمي، بداية جديدة
لفصل من المواجهات داخل اجهزة
الدولة، فما ان استلم مقاليد
الامور حتى بادر لاقصاء الطبقة
التكنوقراطية التي ترعرعت في ظل
السياسات الاقتصادية للرئيسين
السابقين، الامر الذي دفع
الامور الى حالة التصادم بشكل
تصاعدي لولبي ادى الى ما تشهده
ايران اليوم من صراع خرج من
الدوائر السرية المغلقة الى
الفضاء السياسي المفتوح. فلماذا لم تنجح كافة محاولات التقريب
والمصالحة؟ الواضح ان كلا من
الطرفين يعتقد ان التصالح يعني
انهاءه سياسيا وايديولوجيا.
فبرغم الوساطات التي قامت بها
شخصيات مرموقة مثل الشيخ مهدوي
كني وعسكر اولادي، ورفيق دوست
وعلي اكبر ولايتي، فانها لم
تستطع ردم الهوة المتوسعة بين
الجانبين. الحلقة الاخيرة من
مسلسل الازمة بدأت بالانتخابات
الرئاسية التي كان 'الاصلاحيون'
يأملون ان تؤدي الى فوز حسين
الموسوي فيها ليعطل سياسات نجاد
ويوقف مسلسل اقصاء الطبقة
المتغلغلة في الدوائر الرسمية.
وتعكس تصريحات رموز التيار ان
مشروع المواجهة المفتوحة كان
جاهزا. ومن تلك التصريحات ما
تكرر على ألسنة عدد منهم بان
الانتخابات ستكون مزورة اذا لم
يفز حسين الموسوي. واذا كانوا قد
تشبثوا بدعوى تزوير الانتخابات
في الاسابيع اللاحقة، فقد اصبح
واضحا ان ادعاء التزوير قد سقط
تماما، خصوصا بعد ان اعلن كل من
حسين موسوي ومهندي كروبي الشهر
الماضي إقرار رئاسة احمدي نجاد.
فلماذا لم تنته المشكلة اذن؟ من
خلال متابعة سياقات تسلسل
الازمة والشعارات التي
صاحبتها، يمكن ملاحظة وجود تدرج
في طرحها، حتى وصلت الى ما هي
عليه الآن. في البداية كان
استهداف احمدي نجاد الشعار
الاول في الصراع، ولكنه توسع
الآن، واصبحت الشعارات موجهة ضد
شخص المرشد نفسه بدعوى انه 'انحاز'
الى احمدي نجاد عندما اعلن
قبوله بنتائج الانتخابات وأقر
رئاسة نجاد. فهل كان يستطيع ان
لا يفعل ذلك؟ ولماذا استهداف
القائد نفسه؟ كان واضحا ان
الرئيس منصب مهم ولكنه ليس
ثابتا، بدليل ان جميع الرؤساء
جاؤوا ومضوا، بينما بقي المرشد
ثابتا. التيار الثوري يرى عددا
من الامور: الاول: ان وجود
المرشد ضمانة لاستمرار الثورة
وثباتها على مبادئها. بينما
اصبح التيار الآخر يستهدف منصب
القيادة وشخص القائد، الامر
كضرورة لاحداث التغيير المطلوب
في هوية الدولة. الثاني ان
الطبعة التي تدعم التيار الآخر
انما هم المنتفعون ماديا من
المناصب الادارية، وان غالبية
الشعب من الطبقة الفقيرة
استفادت من نمط الحكم الذي
مارسه احمدي نجاد، ولذلك فهذه
الغالبية هي ضمانة النظام في
مواجهة من يسعى لتغيير هوية
الثورة والنظام. الثالث: ان
المستهدف من قبل التيار
الليبرالي ليس شخص الرئيس بل
منصب ولاية الفقيه وشخصه،
وبالتالي فان اي تنازل في هذا
المجال سوف يكون بداية النهاية
للنظام السياسي الاسلامي. رابعا:
ان هناك قادة ظاهريين للتيار
الاصلاحي، يتمثلون بموسوي
وكروبي وخاتمي، وجهات خفية تدعم
الاضطراب السياسي من بينها
منظمة 'مجاهدي خلق' التي تضاعف
نشاطها في العواصم الاوروبية في
الشهور الاخيرة، ومنظمات ملكية
تدعو لعودة النظام الشاهنشاهي.
ولا يخفي التيار الحاكم في
ايران شعوره بوجود قوى داعمة
للتغيير الجوهرية في النظام
الحاكم في ايران، تتمثل اساسا
بالولايات المتحدة التي تخصص
سنويا اكثر من 70 مليون دولار
لدعم ذلك التغيير، و'اسرائيل'
التي كانت الخاسر الاكبر من
سقوط نظام الشاه وقيام نظام
الجمهورية الاسلامية، وبعض
الانظمة النفطية العربية. من هنا يشعر الطرفان بعدم امكان التوصل
لحلول وسط تحتوي الازمة وتقارب
ما بين رفاق الطريق. ولذلك خطط
الطرفان لاستعراض القوة في
الذكرى السنوية لانتصار الثورة.
ومن خلال ما شهدته طهران واغلب
المدن الايرانية فقد كانت
المظاهرات المليونية يوم
الخميس الماضي (الحادي عشر من
شباط/ فبراير) استفتاء حاسما
لصالح النظام. بينما لم يستطع
المناوئون منافسة ذلك بمظاهرات
مثيلة. ربما قام النظام بتعبئة
شاملة لاجهزة الامن وقوات
الشرطة والمؤسسات الدينية لحث
المواطنين على التظاهر لصالح
النظام، ولكن يصعب الاعتقال
بقدرة اي نظام على استغفال
الملايين وجرها للتظاهر ما لم
تكن مقتنعة بذلك. وثمة حقيقة
اخرى اصبحت اكثر وضوحا في
الفترة الاخيرة. فثمة دعم شعبي
للنظام في اوساط المسلمين خارج
ايران، باعتباره يتصدر
المواجهة مع الهيمنة الغربية و'اسرائيل'،
بينما يحظى مناوئوه بدعم الدول
الغربية خصوصا الولايات
المتحدة والدول الاوروبية. انها
حالة استقطاب شبيهة بالمواقف
ازاء قوى المقاومة في لبنان
وفلسطين. فبينما وقفت شعور
العالم بجانبها بشكل واضح، حظيت
'اسرائيل' بدعم الدول الغربية
وحدها. وكان بامكان المعارضة
الايرانية تحقيق شيء من التعاطف
الداخلي لو لم تمارس اعمالا
كرست تشكيك المواطنين في ما
تهدف اليه. فقد كان موقف هذا
التيار من مسيرة 'يوم القدس' في
شهر رمضان الماضي منعطفا في
الموقف الشعبي ازاء تلك
المعارضة، اذ بدا واضحا ان
لديها اجندة مختلفة تماما عما
ينطوي عليه الوجدان الشعبي من
دعم لفلسطين واهلها. خصوصا
عندما رفع شعار 'لا غزة، ولا
لبنان، انني افدي ايران'. ويمكن
القول ان ما حدث يوم عاشوراء من
اختراق لمواكب العزاء ورفع
شعارات توحي بالتخلي عن شعار
الجمهورية الاسلامية كان
منعطفا آخر احدث حالة استقطاب
في الشارع الايراني لغير صالح
التيار الاصلاحي. ان غياب
الانسجام في الخطاب المعارض
اضعفه كثيرا، خصوصا مع وجود
تيارات مرفوضة من قبل الشعب
الايراني. والسؤال هنا: هل ان ما يجري في ايران اليوم
محصور بحدودها؟ أهو صراع شخصي
من اجل السلطة ام صراع بين
مشاريع متضاربة؟ اهو خلاف حول
نتائج ا لانتخابات الرئاسية ام
استهداف للقيادة الدينية
المتمثلة بمنصب الولي الفقيه
وشخصه؟ وهل المطلوب اصلاح
النظام ام اسقاطه كهوية
وايديولوجية؟ أهو صراع داخلي
بحت ام مدفوع من قوى خارجية؟ هذه
التساؤلات قد لا تحظى باجابات
حاسمة وواضحة، ولكنها تعكس بعض
جوانب التشوش مما يجري في
ايران؟ وما طرح المشروع النووي
الايراني من قبل الغربيين
كعنوان لازمة مفتعلة بين
الغربيين وايران الا عامل آخر
للضغط على طهران. وقد وعى
الايرانيون لذلك، فأصروا على
سياسات التخصيب بكل صرامة، فهم
يشعرون في داخلهم بان اي تنازل
امام الضغوط الغربية سوف يؤدي
الى المزيد من الضغوط
والتنازلات، حتى يصل الامر الى
القضايا المحورية كقضية الموقف
من الاحتلال الاسرائيلي
لفلسطين، والهيمنة الغربية على
العالمين العربي والاسلامي
والاستحواذ على النفط واقامة
القواعد العسكرية في بلاد
المسلمين. الصراع تجاوز شخص
الرئيس ونتائج الانتخابات
ليتصل بقضايا استراتيجية اهمها
هوية النظام وانتماء ايران،
وطبيعة قيادتها الدينية.
الايرانيون يدركون تماما ان
الغربيين يشحذون سيوفهم
للانقضاض على نظامهم بدون رحمة
او هوادة، ويعرفون ايضا، بدوافع
الفطرة والتجربة، ان الذين
سمحوا لانفسهم بلعب دور هدم
البناء الثوري والاسلامي لن
يحققوا مبتغاهم حتى لو سقط
النظام. فالغربيون، فيما لو قدر
لهم تحقيق اختراق على صعيد
المشهد الايراني السياسي
والايديولوجي، لن يتهاون مع اي
شخص او جهة كان لها ارتباط
بالنظام وهويته وفلسفته، ولن
يسمح لرموز التيار المناوىء
للنظام الثوري باي منصب اداري
الا اذا تخلوا تماما عن
انتمائهم الديني والحضاري
والايديولوجي. العرب والمسلمون الحائرون امام المشهد
الايراني يبحثون عن الموقف
المسؤول. وحتى الآن ما يزال
الموقف مشوشا، ولكن يمكن القول،
بقدر من الاطمئنان، بان المشروع
السياسي الذي طرحه الامام
الخميني لايران خصوصا في
سياساته الخارجية وانتمائه
للامة الاسلامية ورفضه المشروع
الغربي وعدم الاعتراف
بالاحتلال الاسرائيلي لفلسطين (وقطع
العلاقات مع كيان الاحتلال ومع
النظام العنصري في جنوب أفريقيا
آنذاك)، ودعوته المتواصلة لوحدة
المسلمين والامة الاسلامية
والحفاظ على ثروات الامة من
التبذير، كل ذلك يجعل الخيار
المسؤول منحازا لمن يلتزم بتلك
المبادىء. وقد اثبتت تجربة
العقود الاخيرة ان المساومة على
الحقوق والمبادىء لم تؤد الى
خير، بل كرست التبعية والانقسام
داخل الامة، وساهمت في تهميشها
وضيعت الحقوق وعمقت الخلافات
والتخلف. لقد قطعت ايران شوطا
كبيرا في استقلال القرار
والاعتماد على الذات وسبر اغوار
العلم وغزو الفضاء، كل ذلك
نتيجة رفض الانصياع للاملاءات
الغربية او التواصل مع المحتلين
والمعتدين على حقوق الامة، وهذا
ما يأمل المخلصون ان يتواصل،
لكي ينتج ثماره وتتدلى قطوفه
وتنعم الامة كلها بفضله. ' كاتب وصحافي بحريني يقيم في
لندن ========================== العرب في الغرب .. هوامش
الحركة والتأثير د. خالد الحروب كامبردج الدستور 17-2-2010 في البلدان الغربية التي تعيش فيها
جاليات عربية ومسلمة ، ثمة
هوامش واسعة للحركة والتأثير في
صناعة القرار الغربي الخاص
بالقضايا العربية والاسلامية
ما زالت أرضا بورا. لكن هناك
بموازاة تلك الهوامش الامتداد
"الطبيعي" للشكوى الدائمة
من أن المواقف السياسية الغربية
مُنحازة لاسرائيل وهو أمر لا
خلاف عليه. في أحايين كثيرة تتعاظم الشكوى وتلعب
دورا سيكولوجيا مرضيا اذ تستبدل
العمل الفعال. بمعنى أن تكرار
التشاكي يخلق حالة واهمة من
الفعل تعوض عن الفعل الحقيقي.
ومن ناحية ثانية يقوم ذلك
التكرار على تدعيم المسوغ
الأكبر ، أو أم المسوغات ، وهو
أن ليس بالامكان عمل شيء في ظل
قوة وسيطرة اللوبيات اليهودية
المقربة من دوائر صنع القرار. هناك بطبيعة الحال أسباب كثيرة أخرى
وعوامل تصب في غياب تأثير
الجاليات العربية والمسلمة عن
آليات صنع القرار في البلدان
الغربية ، وعن آليات تشكل
تصورات الرأي العام في تلك
البلدان تجاه القضايا الرئيسية
الخاصة بتلك الجاليات سواء ما
يتعلق بها مباشرة ، او ما يرتبط
ببلدانها الأصلية. من أهم تلك
الأسباب عدم الاندماج في تلك
المجتمعات والعيش على هوامشها
في حالة متواصلة من "الغيتو"
الثقافي والاجتماعي والاعلامي
، على عكس الشرائح اليهودية
الفاعلة التي أصبحت جزءا عضويا
من تلك المجتمعات. تطرح اشكالية الاندماج أو عدمه والى أي حد
وبأية كيفية المعضلة الأكبر
التي تتأسس فيها جذور كثير من
المعضلات التي تواجهها
الجاليات العربية والمسلمة. وهي
ترتبط بهاجس أكبر وهو هاجس
الهوية والانتماء والدين وسوى
ذلك. ورغم أن الشكل الناظم
للمجتمعات الغربية سياسيا
واجتماعيا وثقافيا قام في جزئه
الاكبر على مفاهيم التعددية
الثقافية والدينية وضمان حقوق
الأقليات قانونيا وقضائيا بما
أتاح للمسلمين وغيرهم امكانيات
العيش وفق الطرق التي يرتأون ،
الا تلك المفاهيم تعرضت في
السنوات الأخيرة لمناقشات
عميقة وتساؤلات أفضت الى اضعاف
منطق "التعددية الثقافية".
فقد توضح أن ترك ذلك المنطق
يشتغل بحدود قصوى قاد الى خلق
جيوب جاليات انعزالية تماما في
تلك المجتمعات الغربية ، وفي
تلك الجيوب تتم المحافظة على
أنماط ثقافية واجتماعية ودينية
تخالف القانون تماماً ، مثل
استمرار ممارسة قتل الشرف
والزيجات المفروضة على الفتيات
الصغيرات. والأهم من ذلك أن تلك
الجيوب شكلت مرتعا خصبا لنمو كل
أفكار التطرف والراديكالية
ورفض الآخر ، ففيها نمت تنظيمات
تكفير المجتمعات الغربية وغير
الغربية أيضا ومنها طلع أفراد
مشوهو التفكير والرؤية كانوا
فريسة سهلة لمنظمي الارهاب داخل
تلك البلدان كتفجيرات القطارات
ومحاولات اسقاط الطائرات
المدنية وسوى ذلك. خلاصة ذلك كله
تخلقت حالة من الشلل الذاتي
محبطة وغير فاعلة والكل فيها
ينظر الى الكل ينتظر منه "الفعل"
فيما يقعد الكل على أرضية
الشكوى والتذمر.لا يعني ما سبق
احالة المسؤولية كاملة على كاهل
تلك الجاليات وليس القصد منه
الادانة ، بل فهم الصورة
ومحاولة تفكيكها واستكناه فرص
وامكانيات تغييرها. فجزء كبير
من مسؤولية الانحيازات الغربية
الرسمية والنخبوية والاهمال
واللامبالاة على مستوى الرأي
العام تتحمله وسائل اعلام كسولة
تركض وراء كل ما هو مثير ، وتعزز
بالتالي صور سالبة ومقيتة عن
العرب والمسلمين تتيح لصانع
السياسة أن يفلت بأي قرار توحشي
لا يمكنه الافلات به فيما لو كان
ضد جهات أو شعوب أخرى. لكن بالعودة الى مسألة الهامش المتاح
والتأثير الغائب من المهم القول
أنه بالرغم من كل العقبات التي
خلقتها الصورة المشوهة ، والجو
المتوتر الذي تولد خلال السنوات
الماضية وخاصة بعد ارهاب الحادي
عشر من سبتمبر 2001 ، فما زالت
هناك هوامش واسعة جدا تستدعي
الاستثمار وبالامكان توظيفها
والعمل فيها للضغط وتحقيق
انجازات وتحسينات على مستوى هذه
القضية أو تلك. هناك سقف لتلك
الهوامش لكن ما زالت هناك مساحة
كبيرة تفصل حالة العجز وعدم
الفعل الحالية عن الاصطدام به
والبدء بالشكوى والتذمر. عندما
يتم ملء تلك المساحة بالحركة
والفعل والضغط والانشغال
والحشد ويؤدي ذلك كله الى
الاصطدام بالسقف يمكن فهم
مبررات الشكوى ومشروعيتها. اما
قبل ذلك فان شكوى المقاعد
الوثيرة من دون أن يترافق مع ذلك
أي فعل فهي شكوى لا معنى لها
وتبرير للعجز ليس الا. المسألة الأخرى التي ترتبط جوهريا وعضويا
باستثمار الهوامش المُتاحة
مرتبطة بنوعية القضايا
المطروحة التي تستهلك تفكير
واهتمام الجاليات العربية
والمسلمة وجدول أولوياتها.
النقطة الأولى هنا هي عدم
التوافق على أولويات القضايا
وأهميتها وما الذي يأتي في
المقدمة منها. والنقطة الثانية
هي في الاختلاف الطبيعي ازاء
مجموعة من القضايا المتعلقة
بالأوطان الأصلية ، وهو اختلاف
ينفي أي افتراض مُتسرع بأن تلك
الجاليات على تنوعها الكبير
تلتقي ببساطة على جدول قضايا
واحد. من القضايا الكبرى مثل فلسطين والعراق
الى قضايا الحجاب والنقاب هناك
اختلافات وانقسامات تعكس
الاختلافات والانقسامات
الموجودة في البلدان العربية
والمسلمة نفسها ، وهو ما يعيق
بالتأكيد حشد الجهد باتجاه محدد
ومعروفة الأهداف التي يُراد
تحقيقها به منذ لحظة الانطلاق.
بيد أن جزءا كبيرا مما هو سائد
حاليا في الوسط العربي
والاسلامي في الغرب هو الانجرار
وراء القضايا الثانوية
والاعلاء منها وتقديمها على
أساس أنها "هوية" الجاليات
مثل النقاب والحجاب ومآذن
المساجد "مؤخرا". تُثار
موجات من الاعتراض عالي النبرة
من قبل الشرائح والفئات
المُنتسبة الى الحركات
الاسلامية ازاء هذه القضايا ،
وبسبب امتلاك هذه الحركات وسائل
اعلام وقنوات فضائية ومواقع
الكترونية ، أو بسبب تأثيرها
الكبير على تلك الوسائل ، فان ما
تراه تلك الحركات من اولويات
وأجندة قضايا للعرب والمسلمين
وفي الغرب يُفرض اعلاميا وفوقيا
على ملايينهم بكونه "قضاياهم"
الملحة والهامة. ليس صحيحا أن
قضية النقاب أو الحجاب مثلا هي
قضية ملايين العرب والمسلمين في
الغرب ، والغالبية الكاسحة
لفتياتهم لا يرتدينه أصلا. وليس
صحيحا أن قضايا بناء مآذن
المساجد هي أولوية وخاصة أن
غالبيتهم لا تصلي أصلا. هذه القضايا هي أولوية وأجندة الحركات
الاسلامية وليس عرب ومسلمي
أوروبا. ========================== سرائيل إذ ترفض تقديم
مبادرات للحل!! رشيد حسن الدستور 17-2-2010 لم يقم العدو الصهيوني ، وعلى امتداد
سنوات الصراع 62" عاما" ،
والذي لن ينتهي قريبا ، بتقديم
ولو مبادرة واحدة ، أو مشروع لحل
الصراع ، يلخص موقفه ، ورؤيته
الحقيقية المعلنة لحل الصراع
الفلسطيني - الإسرائيلي ،
واكتفى فقط بالتعامل مع
القرارات الدولية ، وكلها تصب
في صالح هذا الكيان ، بدءا من
قرار التقسيم 181 الصادر عام 1947 ،
وليس انتهاء بالقرار 242 ، الذي
صاغه اللورد كاردون المندوب
البريطاني في مجلس الأمن عام 1967
، وأسقط فيه "ال" التعريف ،
من النص الانجليزي ، وفق خطة
متفق عليها مع إسرائيل "انسحاب
من أراض محتلة ، وليس الأراضي
المحتلة" ما أعطى إلعدو هامشا
للمناورة ، والتملص من تنفيذ
القرار حتى الآن. وفي هذا الصدد ، فلا بد من الإشارة إلى أن
العدو تعامل مع هذه القرارات ،
بما يخدم مصالحه وخططه وأهدافه
، فرفض تنفيذ أي قرار يعتبره
مضرا بمصالحه ، وخاصة القرار 194
، الذي ينص على حق العودة
والتعويض معا ، والقرار 1516
الصادر أوائل العام الماضي ،
ويدعوها إلى فك الحصار عن غزة. ومن ناحية أخرى نجد أن العدو الصهيوني ،
وحلفاءه وأصدقاءه ونعني واشنطن
ولندن وباريس ، كانت ولا تزال
وراء مطالبة العرب ، والضغط
عليهم لتقديم مبادرات ومشاريع
للحل ، وخاصة بعد أحداث أيلول ،
وكان آخرها مبادرة السلام
العربية ، والتي تعاملت مع حق
العودة تعاملا ملتبسا ، وربطت
الانسحاب الشامل بالتطبيع ،
ورغم ذلك رفض العدو هذه
المبادرة ، واعتبرتها واشنطن
مجرد موقف عربي.،، يستدعي
التطوير ، وهذا ما طالبت به
إدارة أوباما ، حيث دعت الدول
العربية الى فتح أبواب التطبيع
مع العدو ، مقابل وقف الاستيطان
، ما يعني تعديل هذه المبادرة. ونسأل لماذا لم تقم واشنطن بالطلب من
حليفتها إسرائيل تقديم مبادرة
تتلخص مواقفها ورؤيتها من
قرارات الشرعية الدولية؟؟ ،
وخاصة من حل الدولتين ، ومن
إقامة الدولة الفلسطينية
المقترحة ، والقضايا النهائية
"اللاجئين ، القدس ،
المستوطنات ، المياه ، الأمن".
إن رفض العدو الكشف عن مواقفه وخططه ،
ينبع من استراتيجيته القائمة
على الغموض من حيث عدم الكشف عن
أهدافه ، والعمل على استغلال
المفاوضات لفرض الأمر الواقع ،
استيطانا وتهويدا هذا أولا. ثانيا لقد نجح العدو وبمساعدة واشنطن في
إقناع كثير من دول العالم بأنه
كيان مظلوم معتدى عليه ، وأن
العرب هم المعتدون ، وبالتالي
فعلى المعتدي الافصاح عن مواقفه
وخططه للتعامل مع هذا الكيان. باختصار...في ظل فشل المفاوضات نتيجة
للتعنت الإسرائيلي وإصرار
العدو على الاستيطان ، ومطالبة
واشنطن العرب تعديل المبادرة ،
ورفضها إعطاء السلطة تعهدات
تعترف بالمرجعيات الدولية ، فإن
المطلوب من الدول العربية إذا
أرادت أن تخرج من حالة ردة الفعل
إلى الفعل هو مطالبة إسرائيل
بتقديم مبادرة للسلام لمعرفة
موقفها ورؤيتها إزاء القضايا
المعلقة ، او بعبارة اخرى تغير
مجرى الرياح ولو مرة واحدة ،
وسوى ذلك هو مجرد تحطيب في حبال
العدو. ========================== التهوّر الإسرائيلي
وأبواب الجحيم عبد الزهرة الركابي الخليج 17-2-2010 في الفترة الأخيرة، تبادل وزير الدفاع
الإسرائيلي إيهود باراك ووزير
الخارجية السوري وليد المعلم،
عبارة (الحرب الشاملة) في
تصريحاتهما التي تتعلق بشأن
الحرب والسلام في المنطقة، حيث
حذر الوزير السوري اسرائيل من
زرع مناخ الحرب في المنطقة،
مشيرا إلى أن أي حرب ستندلع بين
سوريا وإسرائيل ستكون حرباً
شاملة. وكانت صحيفة هآرتس الإسرائيلية قد نقلت
عن الوزير الإسرائيلي في وقت
سابق قوله لكبار الضباط
الإسرائيليين، إنه في غياب أي
ترتيب مع سوريا، فإننا معرضون
للدخول في صدام مسلح معها، يمكن
أن يتحول إلى نقطة الحرب
الشاملة في المنطقة كلها. وفي خط هذه التصريحات دخل وزير الخارجية
الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان،
بعدما أطلق جملة من التهديدات
المباشرة باتجاه الرئيس
السوري، محذرا إياه من خسارة
الحرب والسلطة في وقت واحد، في
حال نشوب مواجهة مع إسرائيل
عندما قال في سياق كلمة ألقاها
مؤخرا في جامعة بار إيلان جنوب
فلسطين المحتلة، إن (إقدام
الرئيس السوري على مهاجمة
اسرائيل يعني أنه سيخسر الحرب
وسيخسر السلطة هو وعائلته). وقبل أن نلج إلى حصر الأمر بين سوريا
والجبهات المساندة لها من جهة
والدولة العبرية من جهة أخرى،
من المفيد أن نذكر معنى الحرب
الشاملة وفقا لتعريف هذا
المصطلح، فالحرب الشاملة هي
الحرب التي تطال جميع مرافق
الحياة في الدولة عسكرية كانت
أم مدنية ذات علاقة مباشرة أو
غير مباشرة أو ليس لها علاقة
بالمجهود الحربي للدولة، حيث
تسعى الدول المتنازعة إلى إيذاء
بعضها بعضاً في جميع مرافق
الحياة التي يمكن الوصول إليها
وضربها. إن افتراضية الحرب الشاملة بين سوريا
والكيان الصهيوني، ووفقا
لتحليلات العسكريين والمراقبين
في أي صدام بينهما، أصبحت
مطروحة في استراتيجية الطرفين،
وقد تلجأ سوريا اعتمادا على
تصريحات وزير الخارجية السوري (إذا
اندلعت الحرب بين سوريا
وإسرائيل ستكون شاملة، سواء
أصابت جنوب لبنان أو سوريا)، إلى
فتح أكثر من جبهة في هذه الحرب،
بهدف إشغال هذا الكيان في حرب
متوسطة المدى يتراوح أمدها بين
الشهر والشهرين، خصوصا أن
الدولة العبرية لا تمتلك العامل
البشري، الذي يتيح لجيشها
الاحتياطي البقاء طويلا في ساحة
الحرب. في حين ترتكز الخطة الإسرائيلية عموما
على التفوق التكنولوجي في جوانب
الحرب المختلفة، وهي بالتالي
تميل إلى شن هجوم شامل على أكثر
من جبهة وبأكبر زخم ناري يمتلكه
جيشها، بغرض إنهاء الحرب بسرعة
وإبعاد عنها شبح حرب الاستنزاف
إذا ما استمرت لأمد متوسط أو
طويل. لا شك بأن المقاومة اللبنانية وحسبما صرح
به مسؤولوها في أكثر من مناسبة
سابقة، أعدت للدولة العبرية
مفاجآت ستحدث تأثيرا سلبيا
عليها بالنسبة لمعادلات موازين
القوى وما ينتج منها من معطيات،
وافتراضا من أن الجبهة
اللبنانية ستكون جبهة رئيسة في
هذه الحرب، وهو ما يتيح لسوريا
تنفيذ صفحات من خطتها التي
تعتمد على استخدام القوات
الخاصة المزودة بالصواريخ
المتطورة في التصدي للدبابات
الإسرائيلية، فإن المعنيين في
المنطقة يعتقدون أن المقاومة
اللبنانية بمقدورها إشغال ربع
الجيش الإسرائيلي لفترة زمنية
تتجاوز الشهر، ومن هذه المفاجآت
هي التحول من الدفاع المتحرك
إلى الهجوم البري الخاطف بهدف
احتلال شمال إسرائيل والاحتفاظ
به لأطول فترة زمنية ممكنة. يذكر أن مصادر الدولة العبرية سبق لها أن
كشفت في مواقعها الإنترنتية،
وهي التي تستقي معلوماتها من
المخابرات الإسرائيلية،
احتمالات في شكل هذه المفاجآت
بما في ذلك استخدام صواريخ أرض
بحر على نحو واسع لإبعاد
البحرية الإسرائيلية عن ساحة
المعركة، كما ذكرت هذه المصادر
ومن ضمنها موقع (ديبكا)
الإسرائيلي، أن جبهة غزة ستشتعل
بهدف مشاغلة الجيش الإسرائيلي
لأسابيع عدة، وربما تكون جبهة
غزة تؤدي أكثر من دور الإلهاء
والإزعاج والمشاغلة. وعلى كل
حال، يعي الإسرائيليون جيداً
القدرات العسكرية الخاصة التي
امتلكتها سوريا في السنوات
الأخيرة، ولا سيما في مجال
الصواريخ البالستية مثل (سكاد
دي واسكندر إي) اللذين يتمتعان
بدقة الإصابة وكذلك القدرة على
التملص من الصاروخ الإسرائيلي
السهم (حتس) المضاد للصواريخ،
وهو ما يعني أن المدن
الإسرائيلية بما فيها تل أبيب
ستعيش تحت رعب الجحيم الأرضي. وأما في الجانب الميداني أو البري
تحديدا، ووفقا لاستشرافات
الخبراء الغربيين، فمن المتوقع
أن يستخدم السوريون في هذه
الحرب تكتيكا سبق أن استخدمته
المقاومة اللبنانية في حرب 2006
ولكن بأسلحة أكثر تطورا
وفاعلية، في مجال التصدي للدروع
الإسرائيلية من خلال صاروخ (كريزنتما)
الذي يصل مداه إلى ستة
كيلومترات، وهذا الصاروخ يتلقى
الأمر بشكل مزدوج عبر جهاز
رادار متطور جدا لا يملكه أي
صاروخ مضاد للدروع في العالم،
كما أن جهازه الليزري قادر على
تعمية أجهزة التصدي للصواريخ
وتشويشها، وهو بالتالي قادر على
اختراق تدريع كل أنواع الدبابات.
في الواقع أن السوريين يؤكدون أن الحرب
المقبلة في الجانب البري، لن
تكون حرب دبابات بل حرب عصابات،
وهم لذلك، أعدوا قوات خاصة (كوماندوس)
مجهزة بأسلحة مضادة للدروع،
ومهيأة ومجهزة لمواجهة تقدم
الدبابات الإسرائيلية أو
استدراجها إلى أماكن التدمير
والقتل. ========================== هل اقترب "الحرس" من
الحكم في ايران ؟ سركيس نعوم النهار 17-2-2010 في الدوحة عاصمة قطر قالت قبل يومين وزيرة
الخارجية الاميركية هيلاري
كلينتون: "نخطط لتوحيد موقف
المجتمع الدولي على ضرورة
ممارسة مزيد من الضغط على طهران
من خلال عقوبات تتبناها الامم
المتحدة وتستهدف المؤسسات التي
يسيطر عليها الحرس الثوري والتي
نعتبر انها تحل محل حكومة طهران".
واشارت الى ان "طهران تتحرك
في اتجاه التحول ديكتاتورية
عسكرية". وفي الطائرة التي
اقلتها من الدوحة الى الرياض
عاصمة المملكة العربية
السعودية قالت كلينتون عن
الموضوع نفسه: "الحرس الثوري
يمارس سيطرة متنامية على اقسام
مهمة من الاقتصاد" الايراني. وفي "رئيسية" الصفحة الثانية من
الزميلة "المستقبل" اشار
الزميل أسعد حيدر وهو من الاكثر
خبرة في ايران الاسلامية الى
"مفاوضات سرية ايرانية –
اميركية احد ابرز اطرافها صهر (الرئيس
الايراني محمود احمدي) نجاد
الذي رفض مجلس الشورى تعيينه
نائباً للرئيس" اي له. ما اهمية اقوال كلينتون و"كتابة"
حيدر المذكورة اعلاه؟ اهمية الاولى تكمن في الاشارة الى انطباع
عند اميركا بأن السلطة في ايران
على اهبة ان تصير في يد العسكر (اي
الحرس الثوري). وتكمن ايضاً في
اصرار اميركا، على الضغوط
والعقوبات وفي تمسكها
بالابتعاد عن الخيار العسكري
رغم استمراره على الطاولة. اما
اهمية الثانية فتكمن في الافصاح
عن مفاوضات سرية ايرانية –
اميركية وان من جهة غير ايرانية
وغير رسمية وان مطلعة. هل الاهميتان المشار اليهما اعلاه في
محلهما؟ المعلومات الواردة من واشنطن وتحديدا من
متابع دقيق للاوضاع في المنطقة
تعطي جواباً ايجابياً عن هذا
السؤال. ذلك ان هناك اقتناعاً
واسعاً في العاصمة الاميركية
ولا سيما في الدوائر المتعددة
داخل الادارة الاميركية بأن
رجال الدين الايرانيين اقتربوا
من مرحلة الخروج من دائرة الفعل
في السلطة بل ربما من دائرة
السلطة نفسها والحكم. اما
العوامل التي اوصلت الى
الاقتناع المذكور فكثيرة
ابرزها ثلاثة. الاول، الانقسام
الحقيقي والعميق داخل المؤسسة
الدينية الايرانية بعد وحدة
ميزتها منذ نحو احدى وثلاثين
سنة. ويمكن هنا الاشارة الى
انقسام داخل الحوزة الدينية في
قم وهي الاهم وداخل مؤسسات
النظام ولا سيما بين المرشد
خامنئي ورئيس مجلس الخبراء
ومجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي
رفسنجاني. والثاني، اقتناع جهات
عدة سياسية وشعبية ودينية داخل
ايران بضعف المؤهلات الدينية
للمرشد التي بدأ اخصامه يركزون
عليها بعد الانتخابات الرئاسية
الاخيرة وينطلقون منها
لانتقاده وذلك بعد تحوله طرفاً
في الانقسام الاهم داخل النظام
منذ تأسيسه في حين كان يفترض فيه
ان يبقى حكماً. اما العامل
الثالث، فهو الحلقة المحيطة
بالمرشد خامنئي والتي قد تكون
مصالحها دفعتها الى حضه على عدم
البحث عن تسوية مقبولة تحفظ
النظام وعلى الحسم بكسر اخصامه
او اخصامهم لا فرق. هذا الواقع
المشروح اعلاه، تفيد المعلومات
اياها، مكّن العسكر اي "الحرس
الثوري" من الامساك بالسلطة
والحكم فعلياً. ويتمتع هذا "الحرس"
بالشرعية الدينية والثورية. الا
ان المهم في هذا التحول هو ان
الرئيس نجاد هو رجل "الحرس"
داخل مؤسسات السلطة والحكم. وهو
يلعب وسيلعب دوراً مهماً جداً
في عملية الاستيلاء التدريجي ل"الحرس"
عليهما. وقد بدأ ذلك ببطء ولكن
بثبات. هل من مهمة ل"الحرس الثوري" الحاكم
في ايران او رسالة في رأي
الاميركيين؟ تشير معلومات المتابع الاميركي الدقيق
نفسه الى ان "الحرس" ارسل
رسالة مشوقة (Interesting)
تفيد ان ايران ستمتنع عن تصنيع
سلاح نووي بعد اكتسابها
التكنولوجيا النووية وانها
ستنخرط في محادثات مع اميركا.
ويعني ذلك بعبارات اخرى ان وصول
ايران الى عتبة امتلاك
التكنولوجيا النووية من شأنه
اشعار "الحرس" ورجال الدين
الواقفين معه بامتلاكه ورقة
مهمة تمكّنه من البحث مع
الاميركيين وتوفر له القدرة على
المقايضة وخصوصاً في ظل اقتناع
واشنطن بان ايران لن تجتاز "العتبة"
النووية المشار اليها واقتناع
طهران بأن اميركا لا تريد حرباً
معها. في اختصار، يعتقد قسم مهم من الاميركيين
اليوم ان "الحرس" بعسكرييه
وملاليه ومدنييه يعترف بأن
اميركا هي قوة عالمية عظمى ربما
الاقدر على ايذاء بلاده وبأنها
تفضّل الانفراج في العلاقة مع
ايران على الاشتباك او الحرب
معها. ويعتقدون ايضاً ان نوعاً
من العلاقة بين واشنطن وطهران
مشابهة لعلاقاتهما قبل الثورة
الاسلامية قد يكون ممكناً شرط
الانطلاق من اسس جديدة تأخذ في
الاعتبار المتغيرات الكثيرة
التي حصلت داخل ايران وفي
المنطقة منذ عام 1979. وبعلاقة
كهذه يمكن توفير الامن
والاستقرار في الخليج "العربي"
او "الفارسي" ويمكن
التعاون لمواجهة الارهاب
الاسلامي الاصولي السنّي
الخطير الذي يهدد العالم
الاسلامي كله بل العالم. ما مدى صحة الرسائل والاشارات الايرانية
المذكورة اعلاه؟ هناك انقسام واسع حيال هذا الامر داخل
اميركا بين مُصدّق لها وبين
مُعتقِد انها فقط لكسب الوقت
يجيب المتابع الاميركي نفسه.
الزمن وحده كفيل اظهار صحتها او
عدم صحتها. ========================== بقلم :ناثان غاردلز البيان 17-2-2010 يتعاون كل من غوغل ووكالة الأمن القومي
بالولايات المتحدة في تحقيق
مشترك، لتحديد هوية القراصنة
الصينيين الذين اخترقوا شبكات
غوغل الآمنة، وتجسسوا على
المراسلات الإلكترونية لعدد من
المنشقين الصينيين. وسيعمل
الطرفان معاً أيضاً لتطوير
دفاعات جديدة ضد الهجمات
الافتراضية، التي تشن على
البنية التحتية الرقمية
لأميركا. ومع أن نقاط الضعف في
الفضاء الافتراضي الأميركي
تثير قلق وكالات الاستخبارات
الأميركية منذ زمن، إلا أن
حادثة غوغل الأخيرة وضعت هذه
القضية في سلم أولويات الأمن
القومي. لا أحد يعرف عن مقدرات الصين في الحرب
الافتراضية أكثر من مايك
مكونيل، الذي شغل منصب مدير
الاستخبارات القومية، السلطة
العليا التي تضم تحت مظلتها
جميع أجهزة الاستخبارات
الأميركية، بين فبراير 2007
ويناير 2009، كما سبق له أن شغل
منصب مدير وكالة الأمن القومي
من 1992 إلى 1996. بعد الهجمات التي وقعت الربيع الماضي على
كل من البنتاغون وبورصة
نيويورك، جلست معه لمناقشة أمر
المشتبه فيه الرئيسي في هذه
الأعمال، والذي كان في حينها
أيضاً الصين، وأيضاً لإلقاء
نظرة على الأوضاع العامة في حقل
المعارك الرقمية. يقول بعض
محللي الدفاع إن 90% من عمليات
الاختراق والتجسس والمسح
الرقمي، التي تتعرض لها أنظمة
الدفاع الأميركية والشبكات
الحاسوبية التجارية في
الولايات المتحدة، تأتي من
الصين. سألت مكونيل عن رأيه في هذه التقديرات
فأجاب: «لا أدري ما إذا كانت
نسبة 90% دقيقة، لكن ما أعلمه
جيداً أن الصينيين مصممون على
أن يكونوا الأفضل. ربما تكون
أفضل قوة في العالم الآن في
الفضاء الرقمي هي، ثم أميركا
يليها الروس، والبريطانيون، ثم
الإسرائيليون والفرنسيون.
ويأتي الصينيون في المستوى
التالي». وتابع قائلاً: «الصينيون يستغلون أنظمة
المعلومات الخاصة بنا
لمصلحتهم، حيث يخترقون أنظمة
بيانات مقاولي وزارة الدفاع
للبحث عن خصائص سلاح معين، أو
ينبشون في الأبحاث الأكاديمية
للاطلاع على آخر مستجدات
تكنولوجيا البلازما، وليس من
أجل تدمير البيانات وإلحاق
الضرر بالشكبات الحاسوبية. وأعتقد أن ما يردعهم الآن عن الإقدام على
تدمير البيانات الأميركية، هو
الحاجة للتصدير إلى الولايات
المتحدة، والحاجة للحفاظ على
استقرار العملة واستقرر
الأسواق العالمية. «لكن ماذا
يحدث إذا نشبت حرب؟ إن إمكانيات
استغلال المعلومات بهذه
الطريقة الحساسة قد تستخدم
سريعاً لتدمير الأنظمة التي
تعتمد عليها الولايات المتحدة».
لكن الصين ليست القوة الوحيدة في العالم
التي تمارس مثل هذه الأنشطة
المشبوهة، وتبحث عن ثغرات أمنية
في الفضاء الحاسوبي الافتراضي
لدول أخرى، فماذا يقول مكونيل
في هذا؟ يقر مكونيل بأن كل دولة
في العالم تملك تكنولوجيا
متقدمة لابد أنها تستكشف
الخيارات المختلفة لبناء سياسة
وقواعد وآليات خاصة، لاستخدام
هذه المقدرات الجديدة في شن
الحروب. وهذا النشاط ليس حكراً
على الصين. ولقد كثر الحديث عن
الصين الآن بسبب هجوم غوغل. لكني
سألته، ماذا عن الخطر الإرهابي؟
يقول: «تعتبر مقدرات المجموعات الإرهابية
متدنية جداً في هذا المجال، حسب
التصنيفات الاستخباراتية
الحالية، لكن المنظمات
الإجرامية غالباً ما تكون أكثر
تطوراً. وهناك تسلسل هرمي في هذا
المضمار؛ من الدول القومية التي
يمكنها القيام بهجمات
إلكترونية مدمرة، إلى المجرمين
الذين يمكن أن يسرقوا الأشياء،
إلى القراصنة العاديين الذين
يمتلكون مهارات عالية. لكن يوماً ما سيتمكن الإرهابيون من تجنيد
خريج أو اثنين من إحدى أفضل
الجامعات العالمية في مجال
القدرات الرقمية. وعاجلاً أو
آجلاً، ستتمكن الجماعات
الإرهابية من التقدم في هذا
الميدان. الأمر يشبه انتشار
المعارف والتقنيات النووية،
لكنه أسهل بكثير. فحالما تتوفر لديك المعرفة، لا ينبغي
عليك ان تمضي سنوات في تخصيب
اليورانيوم واختبار الصواريخ
بعيدة المدى. ولا يستغرق الأمر
طويلاً لكي يمتلك أي طرف القدرة
على شن هجوم إلكتروني. وبخلاف
الدول القومية التي لديها مصلحة
في استقرار الأوضاع والأسواق
العالمية، فليس هناك ما يردع
الإرهابيين عن تدمير بياناتنا
لتحقيق أهدافهم». وهل تهدف الصين من وراء ذلك إلى تطوير
قدراتها الدفاعية أم الهجومية؟
«تفهم الصين أن من نقاط الضعف
الاسترايتجي للولايات المتحدة،
الثغرات الكثيرة في فضائها
الحاسوبي. ولذلك، فهي تسعى
للتفوق في هذا المجال لاستغلال
هذه النقطة. لقد تلقى الصينيون
صدمة كبيرة وهم يراقبون عملية
عاصفة الصحراء (خلال حرب العراق
الأولى)، حيث شاهدوا قوة
التكنولوجيا الأميركية التي
تربط بين الكمبيوترات
والأسلحة، لتحقيق أعلى مستوى
ممكن من الدقة. ففي الحرب العالمية الثانية كنا نلقي ألف
قنبلة للتأكد من تدمير الهدف.
وفي فيتنام أصبحنا نلقي مئات
القنابل. أما اليوم فلا نحتاج
لأكثر من قنبلة واحدة. هدف واحد،
قنبلة واحدة. هكذا آلت لنا
السيطرة على ميدان الحروب،
وامتلكنا القدرة على رصد وتحديد
مواقع الأهداف عبر صور الأقمار
الصناعية التي لا تتوفر
للآخرين، وأصبح بمقدورنا نسف أي
هدف مكشوف بقنبلة واحد ساعة
نشاء. وأعتقد أن النتيجة التي خلص بها الصينيون
من تجربة عاصفة الصحراء، هي
أنهم لكي يتحدوا سيطرة أميركا
على فضاء المعركة، عليهم أن
يبنوا قدرات لتعطيل الأقمار
الصناعية وغزو الشبكات
الحاسوبية. وتحت اسم الدفاع عن
الصين في هذا العالم الجديد،
يشعر الصينيون أن عليهم انتزاع
هذه الأفضلية من الولايات
المتحدة في حالة نشوب حرب». ويعتقد رجل الاستخبارات المخضرم، الذي
يتابع الملف الصيني عن كثب منذ
سنوات، أن مقدرات الحرب
الإلكترونية أصبحت الآن جزءاً
لا يتجزاً من قوة الصين
العسكرية المتنامية. ويقول: لقد
طور الصينيون القدرة على إسقاط
الأقمار الصناعية، وطوروا
قدرات رادارية ترصد الأهداف فوق
خط الأفق، ولديهم صواريخ يمكن
إعادة توجيهها وتغيير مسارها
خلال تحليقها في الجو. وليس لدى مكونيل اية شكوك في حجم التحدي
الذي تواجهه الولايات المتحدة
من جانب الصين، حيث يختم قائلاً:
«إنهم يرون مملكتهم الوسطى
باعتبارها مركز العالم، وهم
مصممون على أن يتركوا ما يصفونه
ب«قرن العار» وراء ظهورهم،
والمضي قدما لاستعادة أمجادهم
السالفة. وبطبيعة الحال فهم
حريصون على حماية أنفسهم من
الولايات المتحدة أو اي دولة
أخرى، ولذلك يريدون السيطرة على
فضاء المعلومات وتطوير القدرة
على مهاجمة شبكات الخصوم،
لحرمانهم من هذه الأفضلية في
وقت الحرب». ========================== مستقبل حقوق الإنسان في..
أميركا بقلم :د.منار الشوربجي البيان 17-2-2010 الجدل الدائر في أميركا اليوم، بشأن
الشاب النيجيري الذي حاول تفجير
طائرة دترويت، لا يجسد فقط
طبيعة الوضع السياسي الأميركي،
وإنما يكشف أيضا عن الكثير من
القيم الخطيرة التي صار يعتنقها
اليمين الأميركي بأغلب فصائله.
فمنذ أن قررت إدارة أوباما
إحالة عمر عبد المطلب إلى
المحاكم الجنائية الفيدرالية
ومنحته الحقوق المكفولة له
بموجب ذلك، قامت الدنيا ولم
تقعد، وراح اليمين الأميركي
يتهم إدارة أوباما بأنها لا
تدرك خطورة ما تتعرض له البلاد
من أخطار، وأنها بذلك تعرض
الأمن القومي الأميركي للخطر. والقصة باختصار أن مكتب التحقيقات
الفيدرالي الأميركي، كان قد
تحفظ على الشاب النيجيري فور
هبوط الطائرة بسلام، وقام
باستجوابه لمدة خمسين دقيقة، تم
بعدها علاجه من الحروق التي
أصابته وهو يستعد لتفجير
الطائرة. غير أن المحققين قاموا
قبل استئناف التحقيقات، بإخطار
الشاب بكافة حقوقه التي يكفلها
القانون الأميركي لمن تتم
محاكمتهم أمام المحاكم
الجنائية الفيدرالية، مثل حقه
في أن يلتزم الصمت لئلا يسيء
لموقفه القانوني، وحقه في تعيين
محام للدفاع عنه. هنا انطلقت حملة شنها الجمهوريون ضد
إدارة أوباما، اعتبرت أن عمر
عبد المطلب لا يستحق تلك الحقوق
التي منحتها له إدارة أوباما،
التي كان يتحتم عليها أن تعامله
«كمقاتل عدو« ومن ثم تحيله
للمحاكم العسكرية، بعد أن
تستجوبه للحصول منه على أكبر
قدر من المعلومات، دون أن تمنحه
أثناء التحقيق أية حقوق على
الإطلاق. ومن المهم هنا الإشارة إلى أن «المقاتل
العدو» تعبير كانت إدارة بوش قد
اخترعته بعد 11 سبتمبر، وكان
يعني عندها أن الرئيس الأميركي
يحق له أن يصدر قرارا بالقبض على
أي شخص في أي مكان في العالم، ثم
التحفظ عليه إلى أجل غير مسمى
دون أية حقوق، بما في ذلك الحق
في محام يدافع عنه أو الحق في
الإحالة للقضاء، بل وحتى الحق
في معرفة الاتهامات الموجهة
إليه. وكانت إدارة بوش قد اخترعت ذلك التعبير
لتزعم أنه يحق لها أن تفعل كل ما
تقدم، بحجة أن «المقاتل العدو»
لا تنطبق عليه الحقوق المكفولة
وفق اتفاقات جنيف، لأنه ينتمي
لمنظمة إرهابية هي «القاعدة»،
لا لجيش نظامي لدولة محاربة. وهو
في الحقيقة زعم لا أساس له من
الصحة، لأن اتفاقات جنيف تغطي
هؤلاء أيضا. اللافت للانتباه في الجدل الدائر في
أميركا الآن، هو أن المحافظين
الأميركيين لا يزالون يرددون
مزاعم إدارة بوش، وكأن المحكمة
العليا الأميركية لم تبت في
الأمر ثلاث مرات، لا مرة واحدة!
ففي قرارات ثلاثة متتالية، ما
بين 2004 و2006، أصدرت المحكمة
العليا الأميركية قرارات واضحة
في رفضها لمزاعم إدارة بوش. بل
إن القرار الذي صدر في 2006 قال
صراحة إن من تطلق عليهم إدارة
بوش «المقاتلين الأعداء«،
تنطبق عليهم اتفاقات جنيف، بل
ويتمتعون أيضا بالحماية التي
يكفلها الدستور الأميركي نفسه. أكثر من ذلك، فإن الاتهامات التي يكيلها
الجمهوريون لإدارة أوباما،
تجعل المرء يتصور أن قرار
أوباما بمحاكمة عبد المطلب أمام
المحاكم الفيدرالية، يمثل
تحولا راديكاليا عن السياسة
التي اتبعها سلفه، وهو أمر عار
من الصحة جملة وتفصيلا. فعبد المطلب تم القبض عليه على الأرض
الأميركية، وفي عهد بوش، فإن من
تم القبض عليهم على الأرض
الأميركية، أحيلوا للمحاكم
الفيدرالية لا العسكرية،
باستثناء حالتين فقط اضطرت
الإدارة اضطرارا، بعد مرحلة
طويلة من النزاعات القانونية
بشأن كل منهما، لأن تحيل
المتهمين للقضاء الفيدرالى،
بعد أن كانت أحالتهم للمحاكم
العسكرية. بعبارة أخرى، لا تصمد اتهامات الجمهوريين
لأوباما أمام أي تحليل موضوعي
يقوم على دراسة الوقائع
والسوابق، الأمر الذي يرجح أنها
اتهامات هدفها استثمار الموقف
لتحقيق مكاسب حزبية وسياسية
ضيقة، لا علاقة لها بحماية
الأمن القومي. غير أن الأخطر من هذا كله، هو نوعية القيم
التي يفصح عنها المحافظون
الأميركيون في ذلك الجدل. فحين
تستمع لما يقولون، تجد نفسك
أمام خطاب يقوم في جوهره على
تفعيل شديد الخطورة لفكرة
جوهرية في الثقافة السياسية
الأميركية، مؤداها أن أميركا
بلد استثنائي. والاستثنائية
عندهم معناها ألا تخضع بلادهم
للقانون الدولي مثل سائر الدول،
وأن بإمكانها أن تتخذ ما تشاء من
الإجراءات ضد من تشاء، ولا يحق
لأحد حسابها. الأخطر من ذلك، أنك تلمح في خطاب
المحافظين عنصرية لا تخطئها
العين. فتيموثى ماكفيي،
الأميركي الأبيض الذي فجر مبنى
أوكلاهوما منذ سنوات في حادث
بشع وقع ضحيته الكثير من
الأبرياء، لم يكن أقل إجراما
ولا إرهابا ممن يحاول تفجير
طائرة. لكن أحدا من المحافظين
الأميركيين لم يطلب محاكمة
ماكفيي أمام المحاكم العسكرية،
ولا حرمانه من الحقوق التي
يكفلها له القانون أثناء
التحقيق والمحاكمة. بعبارة أخرى، يبدو أن المحافظين
الأميركيين يؤمنون، ليس فقط بأن
أميركا استثنائية، وانما بأن
الأميركيين جنس فوق كل البشر،لا
بد أن يتمتعوا بحقوق من الطبيعي
أن يحرم منها غيرهم، حتى ولو
ارتكبوا نفس الجرم. والحقيقة أن
هذا المعنى تحديدا مخالف
للدستور الأميركي ذاته. فعظمة
ذلك الدستور في رأيي، أنه حين
كفل حقوقا، فإنه استخدم تعبير «شخص»،
ولم يستخدم تعبير «أميركي» ولا
حتى لفظ «مواطن». المشكلة في تلك الأفكار الأيديولوجية، هي
أنها كانت المسؤولة عن الأداء
الكارثي لإدارة بوش في مجال
حقوق الإنسان. السؤال المهم إذن
يتعلق بالمستقبل؛ فماذا لو عاد
الجمهوريون لمقاعد الأغلبية في
نوفمبر القادم؟ وماذا لو حدثت،
لا قدر الله، جريمة إرهابية
كبرى في أميركا في عهد أوباما؟
هل ينجح المحافظون عندئذ في
العودة بالعالم للسنوات
الكابوسية التي شهدت تطبيق تلك
الأفكار على أرض الواقع؟! ========================== آخر تحديث:الأربعاء ,17/02/2010 فيصل جلول الخليج يجمع علماء الديموغرافيا في الغرب على
استنتاج مختصره أن قاعدة الهرم
السكاني في اوروبا يحتلها
الشيوخ، وان نمو المجتمعات
الأوروبية بطيء في العديد من
البلدان ويعاني من نقص خطير في
الولادات في بلدان أخرى، في حين
تساهم الهجرة الاجنبية من بلدان
العالم الثالث في ترميم الفجوة
الديموغرافية في دول اوروبية
عديدة من بينها فرنسا . وتكاد علامات مؤشر العيش الأفضل في
العالم أن تقتصر بقسمها الأعظم
على البلدان الأوروبية وذلك
لجهة الأمن والسكن والتعليم
ورياض الأطفال ووسائل الترفيه
والعناية الصحية والدخول
المرتفعة وضمانات الشيخوخة .
ولعل هذه المؤشرات كانت ومازالت
تجذب فقراء ونخب الدول الفقيرة
للهجرة نحو القارة العجوز . بيد أن أزمة الأسواق العالمية تطرق اليوم
أبواب هذه القارة بإلحاح غير
مسبوق ليس فقط عبر التعرض لقلعة
اليورو والتسبب بإفلاس
اليونان، وإنما أيضاً للضمانات
الخاصة بالمتقاعدين، علماً أن
هذه الضمانات كانت هدفاً منذ
سنوات عديدة لاجراءات حكومية
هجومية لم تفلح دائما في النفاد
الى الحصون المنيعة لكبار السن
في بلدان الرفاهية . وتفيد الاجراءات الاوروبية الجديدة
لمواجهة الأزمة الاقتصادية أن
المتقاعدين باتوا هدفاً مفضلاً
لحكومات البلدان “المنكوبة”
شأن اليونان التي اعتمدت مشروعا
اصلاحيا لنظام التقاعد وتبعتها
اسبانيا وهما الى جانب ايرلندا
والبرتغال الاكثر تضرراً من
أزمة الأسواق العالمية . وتتركز
الاصلاحات على زيادة سن التقاعد
بفترة تتراوح بين ثلاث وسبع
سنوات بحسب البلد المعني وتعديل
نظام المساهمة في صناديق
التقاعد وتحويل قسم من هذا
النظام الى القطاع الخاص . ففي المانيا رفع سن التقاعد من 65 الى 67 سنة
وفي ايطاليا من 59 الى الى 65 سنة،
وتستعد فرنسا وبريطانيا لاتخاذ
اجراءات مماثلة . وتواجه هذه
الاجراءات صعوبات في بلدان أخرى
نظراً لقوة ونفوذ المتقاعدين
وذويهم، ذلك أن نظام التقاعد لا
يعني المتقاعدين حصراً وانما
سائر العاملين الذين يأملون
يوما ما بتقاعد هانئ في نهاية
خدمتهم . وليس من الصعب تفسير دوافع الحكومات
الأوروبية في التعرض لنظام
التقاعد في سياق معالجة الآثار
السلبية للأزمة الاقتصادية،
ففي ايطاليا تنفق الدولة 14 في
المائة من الناتج القومي على
المتقاعدين، وتنفق فرنسا اكثر
من 12 في المائة وفي البلدان
الليبرالية المطلقة تنخفض هذه
النسبة لكنها تظل مرتفعة
بالقياس الى منطق السوق الحر
الكلي القدرة كما هي حال
بريطانيا التي تنفق اكثر من 5 في
المائة من دخلها القومي على
متقاعديها . وإذا كان نظام التقاعد في اوروبا هدفا
لضغوطات الأزمة الاقتصادية
وبالتالي لمشاريع اصلاحية
مزعومة عرجنا على بعض عناوينها،
فإن المتقاعدين في القارة
العجوز يتعرضون أيضا لضغوطات
الحياة اليومية الناجمة عن
الأزمة وبالتالي يتطلعون إلى
زيادة مخصصاتهم التقاعدية
والراجح أن هذا الضغط المزدوج
الوارد من الحكومات ومن السوق
في الآن معاً من شأنه أن يزعزع
استقرار قاعدة الهرم الأوروبي
الشائخة، لكن أيضاً القادرة
بفعل تأثيرها الانتخابي في
زعزعة استقرار الكثير من
الحكومات بل ربما النظام
السياسي في العديد من البلدان
الأوروبية . والغالب أن الخوف الاكبر في اوروبا يكمن
في العجز عن تقدير حجم الازمة
الاقتصادية ومداها الأمر الذي
يحرم الأوروبيين من القدرة على
اعتماد سياسات استباقية
لمعالجة آثارها واضطرسارهم
لاتخاذ مبادرات ظرفية وموضعية
او التعرض لضمانات اجتماعية
انتزعها الناس بفضل نضالات
طويلة من اسواق بلادهم الطافحة
بالثراء . وإذ تعجز أوروبا عن
التحكم بالازمة وبآثارها
وتبادر الى حماية الاغنياء عبر
انتزاع ضمانات الفقراء فإنها
تسير على خطى لويس السادس عشر
آخر ملوك فرنسا في القرن الثامن
عشر عندما عالج ازمة بلاده
الاقتصادية باجراءات تحمي
الاغنياء الذين يتمتعون
بالسلطة الزمنية من خلال نفوذهم
الذي لايقهر في الدولة،
ويتمتعون بحماية رجال الدين من
الاكليروس، وحاول أن يلقي
بأعباء الأزمة كلها على عامة
الشعب، فكان ان انتفض الشعب
بدعم من البورجوازية الناهضة
والمظلومة واطاح بالنظام
الملكي ثم اقام الجمهورية في
العام 1792 . أغلب الظن ان اوروبا تعيش لحظة تاريخية
شبيهة بتلك التي سبقت الثورة
البورجوازية في فرنسا عام ،1789
فالأزمة الاقتصادية تفيض عن
سلطة الحكومات التي تتعرض لضغوط
الاغنياء من أجل حماية ثرواتهم،
ولضغوط الفقراء من اجل الدفاع
عن نمط حياتهم، وبالتالي ما
عادت هذه الحكومات قادرة على
اعتماد الوصفة التي اقترحها
فولتير بقوله”: “ان فن الحكم
يكمن في أن تأخذ اكبر قدر ممكن
من المال من شريحة من المواطنين
وتعطيه لشريحة أخرى” . فلكي تأخذ الحكومات “اكبر قدر ممكن من
المال” عليها ان تعرف حجم ومصير
هذا المال في ظل أزمة مالية
متحركة واذ لا تعرف فهي تخاطر
بالتعرض لمصالح هرمها
الاجتماعي الشائخ وبالتالي
تغامر باستقرارها السياسي
والاجتماعي الذي خاضت حروبا
خارجية لا تحصى من اجله . نعم
أوروبا على حافة الخطر وستبقى
حيث هي ما لم تتمكن من التراجع
خطوات الى الوراء . ========================== الثلاثاء, 16 فبراير 2010 علي بن طلال الجهني * الحياة لا خلاف على أن حرية الأسواق، والتي تشمل
حرية الترويج الصحيح في معظم
الأحيان والكاذب المخادع
أحياناً، هي عمود الوسط في خيمة
النظام الرأسمالي. ولولا حرية
الأسواق، أو حرية التبادل بين
كل بائعٍ ومشترٍ - بما في ذلك
العامل أو الباحث عن عمل
لخدماته البشرية أو رب العمل
المشتري لها-، لما حدثت الثورة
الصناعية. ومع أنه صحيح أن
الثورة الصناعية ما كانت ستحدث،
لولا الثورة العلمية التي
سبقتها أو اكتشِفتْ بعض عناصرها
أثناءها، فإن حرية التبادل (نظام
حرية الأسواق) وما نتج من ذلك من
ارتفاع تدريجي في مستوى الدخول،
هي من الأسباب الأهم التي سمحت
بالتطبيق الميداني لنظريات
الفيزياء والكيمياء وفي ما بعد
علوم الأحياء. إن النظام الرأسمالي أدى إلى نقلة نوعية
مادية رفعت متوسط مستوى المعيشة
بنسب متفاوتة (بالطبع)، لمعظم
سكان المعمورة، بما في ذلك
أكثرية مواطني بلدان ضخمة كثيرة
السكان كالصين والهند
والبرازيل، ودول أخرى كثيرة من
بلدان شرق آسيا وجنوب أميركا. أما المعرفة العلمية والهندسية، التي
طبقتها في ما بعد أنظمة سياسية
مستبدة، كالشيوعية والنازية،
بكفاءة جيدة، فلم ترفع مستوى
معيشة أحد، بل جلبت الحروب
والمعاناة والمصائب لسكان
المعمورة كافة. فالأنظمة
المستبدة التي تُكبل حرية الفكر
والبحث العلمي المجرد تتناقض مع
أهم أعمدة التقدم المادي ورفع
مستوى المعيشة. ولكن، هناك قطاعات اقتصادية معينة، تضر
المجتمع أكثر مما تنفعه في
المدى الطويل، تركتها تتفيأ تحت
مظلة أنظمة حرية الأسواق. وهذا ما يسميه الاقتصاديون حرفياً «فشل»
الأسواق في تحقيق ما يعتبر
تحقيقه مفيداً لجميع الأطراف.
وقد أتى الزميل الاقتصادي
الدكتور عبدالواحد الحميد (نائب
وزير العمل السعودي) بعبارة
أنيقة تصف ما يحدث حينما تفشل
الأسواق، وهي «تشويه» المعروض
أو المطلوب أو كليهما معاً، أو
اختصاراً «تشويه الأسواق». وهناك أمثلة كثيرة على فشل الأسواق،
بعضها قديم كصاحب المصنع الذي
يبث سموماً بيئية تضر الآخرين
ولا يسهل وجود آلية، من خلال
حرية الأسواق، ترغمه على دفع
مقابل لما يسببه من أضرار. ومنها
أسواق العمل في أكثر الدول
الخليجية، التي شوهها «الاستقدام».
بل لا توجد سوق عمل واحدة حرة
مفتوحة لجميع البشر في كل أجزاء
المعمورة، في أي مكان. وربما أن المثل الأهم في وقتنا الحاضر هو
الكارثة المالية التي اشتعل
فتيلها في صيف 2007، والتي «أم
أسبابها»، بحسب تعبير طاغية
العراق، إعطاء حرية الأسواق
المطلقة أو شبه المطلقة لقطاع،
يشوب التشويه المعروض منه أو
المطلوب أو كليهما، إذا غابت
الضوابط والتنظيم المحكم
والإشراف من جهات محايدة، حتى
ترافق الشفافية التامة تعاملات
معقدة بطبيعتها، يصعب فهم كل
مكوناتها. فبعد كارثة كساد 1929 صدرت تشريعات (قوانين)
تضع جداراً حديدياً بين
النشاطات المصرفية (البنوك
المعتادة) وبين نشاط الاستثمار،
للحفاظ على أموال الناس المودعة
في المصارف، من مغامرات
ومخاطرات إدارة المصارف. وتدريجاً نجح «لوبي» المصارف في إضعاف
الجدار الحديدي بين نشاط «الاستثمار»
ونشاط المنشآت المرخص لها لتكون
مستودعات آمنة يودع الناس فيها
أموالهم ومن خلالها يموّلون كل
نشاطاتهم الاقتصادية، بما في
ذلك الاستهلاكية التي تسيطر على
أغلب التداولات فيها أسواق
الائتمان. وحينما زال الفاصل
تماماً، صارت «البنوك» تقلد
منشآت بيوت خبرة الاستثمار في
تعاطي ما يسمى «التوريق». والمقصود ب «التوريق» هو شراء صكوك قروض
متباينة المنشأ وزمن القرض
وأغراضه، ثم «طبخها» في مرجل
واحد، وتوليد صكوك قروض أو
كمبيالات جديدة، باسم «الطباخ»
الذي اشترى وخلط وطبخ في مطبخه. ثم اكتشفت المنشآت المالية التي تتعاطى «التوريق»،
بأن أكبر قطاع للقروض التي يمكن
شراؤها وخلطها وطبخها ثم توليد
صكوك قروض أخرى وبيعها بربح، هو
قطاع العقار، والمشتري بدوره
يشتري من مولدين كثيرين، و «يشتق»
من خليطه «مشتقات». ثم يتم بيع
المشتقات وقد يتخذ منها مقرضون
آخرون جزءاً من قائمة ممتلكاتهم
الاحتياطية في مقابل ما أنشأوه
من قروض. وحينما وجد مانحو القروض العقارية أنهم
يستطيعون بيع هذه القروض بربح
لمن لا يسألهم على أي أساس
مُنحتْ هذه القروض، غابت
الدوافع، للتأكد بأن المقترض (مالك
العقار اسمياً) يفي بما التزم
بالوفاء به. وفجأة، ومن دون مقدمات، أدى هذا الوضع إلى
وجود فائض من الإسكان لأن سرعة
البيع (في مقابل قروض رديئة)
أغرت المقاولين والمطورين
ببناء مساكن إضافية، و «الفائض»
بدوره، أدى، كما يؤدي دائماً،
إلى انخفاض أسعار وحدات الإسكان.
وهذا كشف لمن اشتروا أو احتفظوا
ب «مشتقات» توريق صكوك العقار،
أن قيمتها قد تضاءلت. والأدهى ما
كان ممكناً أن يعلم أحد إلى أي
مستوى تدنت أو سوف تتدنى قيمة «المشتقات». وبقية القصة معروفة. جفت قنوات السيولة،
وجفافها أدى إلى توقف منح
القروض. فانهارت سوق الائتمان.
وانهيارها أدى إلى إفلاس منشآت
اقتصادية صناعية وزراعية
وتجارية ومالية، وإفلاس مئات
الآلاف من المستهلكين بسبب
ارتفاع نسب البطالة وانهيار سوق
الائتمان، وكانت النتيجة
الأخيرة التراجع الاقتصادي
الذي كاد يكون كساداً يماثل
كساد 1929. وخلاصة الموضوع، القطاع المالي قطاع
معقد، ليس من مصلحة أحد أن يُترك
تحت مظلة حرية الأسواق المطلقة.
فالأسواق، في الظروف المعتادة،
التي يعلم المتداولون من خلالها
بالتساوي كل ما يمكن أن يعلم عما
يباع ويشترى، ولا يصيب المعروض
أو المطلوب من خلالها تشويه
الغش أو نقص المعلومات، ففي مثل
هذه الأحوال، وفقط في مثل هذه
الأحوال، فإن حرية الأسواق
حتماً تكفي لتنظيمها وتحقيق
مصلحة جميع الأطراف. والله من وراء القصد. * أكاديمي سعودي ========================== الافتتاحية الأربعاء 17-2-2010م بقلم : رئيس التحرير - أسعد عبود الثورة قد لا يحصل ذلك اليوم أو غداً، لكنه المآل
النهائي لكل هذه الحركة وهذا
الصراع حول السلاح النووي في
المنطقة.. وفي العالم أيضاً. منطقة خالية منه، وأيضاً مناطق العالم
الأخرى، كما صرحت السيدة هيلاري
كلينتون وزيرة الخارجية
الأميركية في جولتها الخليجية.
لعله أهم ما صدر عن سياسة الإدارة
الأميركية الجديدة.. وإذا كانت السيدة كلينتون قد وضعت الأمر
في إطار المسعى الأميركي «بلادها
تسعى».. فإن النيات الحسنة
والجدية في الموقف تتيح فرصة
هامة للوصول إلى تحقيق هذا
الحلم.. حلم شعوب المنطقة.. أي..
شرق أوسط خال من السلاح النووي..
من سيعترض؟! بالنسبة لسورية هي صاحبة مبادرة قديمة
وجديدة في هذا المجال.. الرئيس
الراحل حافظ الأسد أظهر رغبته
في بحر أبيض متوسط لطيور النورس
وليس لأسلحة الدمار الشامل منذ
نحو ربع قرن.. ثم وبشكل عملي تقدمت سورية بطلب إلى مجلس
الأمن لإصدار قرار يتضمن إخلاء
المنطقة من السلاح النووي وصوّت
عليه، وحُفظ في المرحلة
الزرقاء، ربما كي تبعده سورية
عن فيتو الإدارة الأميركية في
حينه. إذاً لا اعتراض من جانب سورية بالتأكيد
وهي أصلاً لا تملك سلاحاً
نووياً ولا تسعى إليه. في الخليج ذكّر أكثر من مسؤول خليجي، كان
آخرهم وزير الخارجية السعودي
بالسلاح النووي الإسرائيلي على
هامش البحث في الملف النووي
الإيراني، ما يشير بوضوح إلى
رغبة في إخلاء المنطقة كلياً من
السلاح النووي.. وبالأصل دول
الخليج لا تسعى أبداً بهذا
الاتجاه ولا تؤيده.. وكذا مصر..
وغيرها.. بالنسبة لإيران.. إنما أعلنت مراراً
وتكراراً وما زالت تعلن أن ليس
في نيتها انتاج أسلحة نووية..
إنما طاقة نووية سلمية.. إذاً من الذي يمكن أن يعترض؟! إذا كانت النيات جدية تجاه هذا المسعى،
نقرأ الحقائق كما هي.. هي إسرائيل التي ترفض الإشارة لسلاحها
النووي حتى وهي تستجدي موقفاً
روسياً لمقاومة توجهات إيران
النووية ولو كانت سلمية!! ولا
تدخل في حوار أو محفل أو مؤتمر
أو لقاء يتحدث عن سلاحها النووي..
اسرائيل فقط، وعلى عين العالم، ترفض
منطقة خالية من السلاح النووي،
التي تسعى إليها الولايات
المتحدة، حسب تصريح السيدة
كلينتون. وفي المسعى الأميركي الذي يأخذ اليوم
اتجاهاً واحداً هو حرمان إيران
من حقها في إنتاج الطاقة
النووية نلاحظ مايلي: 1-ما أشرنا إليه من انعدام الحديث عن
السلاح النووي الإسرائيلي..
ماعدا هذا التلميح الهام للسيدة
كلينتون الذي سيكون له تأثير
آخر عندما يتحول إلى برنامج عمل
سياسي. 2-إن الولايات المتحدة والغرب عموماً..
يتحركون للتعامل مع النشاط
النووي الإيراني معتمدين على: أ-إملاءات على إيران أن تنفذها..!! ب-أو عقوبات اقتصادية يحشد لها..!! وبالتالي أين الفعل السياسي للتفاهم مع
إيران..؟! 3-في إطار الفعل السياسي يأتي دور دول
المنطقة التي اتجه الحراك
الغربي إليها, فقط كي تحشد
جهودها لوضع عقوبات على إيران!!
لماذا لا تسأل دول المنطقة – على الأقل –
عن رأيها إذا كانت العقوبات على
إيران ستدفعها لتنفيذ الشروط
الغربية؟!. بصراحة.. الحراك الغربي فيه كثير من
التعالي على إمكانيات دول
المنطقة.. ويوظف دورها كمنفذ لما
يراه الغرب فقط!! لماذا؟! إن معالجة الواقع النووي في المنطقة -
ضمناً الإنتاج النووي الإيراني
- يحتاج لرؤية سلام شاملة تعطي
دول المنطقة دورها عبر قراءة
رؤيتها السياسية وهي هامة جداً.
فإذا كانت الولايات المتحدة اليوم ترى أن
تسعى لإخلاء المنطقة من السلاح
النووي.. فهي أقرب إلى دول
المنطقة بكثير من إسرائيل.. أعتقد أن رؤية أميركية لحقيقة تعارض أو
تفاهم مواقفها مع مواقف دول
المنطقة دون التسليم المسبق بما
تريده إسرائيل هو مفتاح السلام
بكل ما يعنيه السلام، وفي إطاره
منطقة خالية من السلاح النووي.
========================== يوئيل ماركوس هآرتس الاسرائيلية الرأي الاردنية 17-2-2010 في آيار 2007 اختارت المجلة الاسبوعية
الامريكية «تايم» تسيبي لفني
واحدة من الاشخاص المئة الاكثر
تأثيرا في العالم. لكنها ما تزال
ليست واحدة من الاشخاص المائة
الاكثر تأثيرا في اسرائيل. جازت
لفني طريقا طويلا من توقعات
المجلة الاسبوعية العظيمة
التأثير ومن الآمال التي علقها
بها مواطنو اسرائيل الطامحون
الى السلام حتى مكانتها اليوم. كان مناحيم بيغن
سبع ولايات في المعارضة، واعتقد
الكثيرون انه لن يبلغ الحكم
ابدا. لكنه فضلا عن انه لم ييأس،
سمعوه في كل موضوع وفي
المظاهرات الجمعية وفي الكنيست.
كان بيغن حاضرا في حياتنا
السياسية برغم انه لم يكن لرئيس
المعارضة في ايامه مكانة رسمية.
وليس عرضا انه عندما تولى
السلطة آخر الامر قال فيه احد
قدماء مباي «الصديق يقع سبعا
وينهض». لم يرحم بيغن الحكومة اذ
كان زعيما بارزا في المعارضة.
عندما صدرت عن شمعون بيرس ذات
مرة صرخة في وسط خطبة بيغن في
الكنيست قاطعه بيغن قائلا: «اجلس!
سأقول لك متى تصرخ صرخة في الوسط». مضت أيام
العظماء، لكن الشوق الى قيادة
جديدة طرية، تقودنا الى السلام
والامن بقي على حاله. كاديما هو
الذي اعطانا هذا الامل، عندما
خفض الليكود الى اثني عشر نائبا
وعندما احدثت سلسلة من المآسي،
انصراف شارون وصرف اولمرت، وضعا
بلغت فيه لفني مكانة كانت
تستطيع فيها ان تكون رئيسة
حكومة بغير انتخابات. لكن خضوعها
لتسويف باراك واحجامها عن
الخضوع لابتزاز شاس هما اللذان
منحا بيبي الفرصة لرفع الليكود
من اثني عشر نائبا الى سبعة
وعشرين. من هنا فصاعدا جرت الى
سلسلة من الاخطاء، برغم انها
كانت تزيد على الليكود بنائب
واحد؛ في ضمن ذلك رفض اقتراح
بيبي اقامة حكومة وحدة، باشتراط
ان تكون هذه حكومة تناوب. لفني
مسؤولة عن الخطوات التي بدأت
بالرجل اليسرى، والنتيجة ان
افيغدور ليبرمان تبوء محلها
وزيرا للخارجية، وان التفاوض مع
الفلسطينيين انقطع تماما. ضعف
كاديما في المعارضة في حين يقوى
بيبي. في استطلاع البروفيسور اسحاق كاتس الاخير
يرتفع الليكود الى 32 نائبا
وينخفض كاديما الى 23 نائبا. أرى كمن أجللت
لفني جدا عندما دخلت المنافسة،
وتأثرت بقدرتها على التحليل
وبشجاعتها، أرى بأسى كيف دفعت
الى وضع لا تكاد تكون موجودة فيه
كرئيسة للمعارضة. حتى اننا لا
نسمع ردها ولا نراها تقدم
اقتراح حجب ثقة في اقتراح قانون
مشاركة المهاجرين من اسرائيل في
الانتخابات. ولا نسمع لفني في
قضية اغلاق بيت يونتان ومحاولة
ايلي يشاي احلال الحرام. يصعب
على المشاهد من الطرف ان يخمن ما
الذي تفكر فيه لفني، او انها
ربما لا تعلم ببساطة كيف تلي
عملها. يجب على رئيس
المعارضة خاصة ان يعرف كيف يؤدي
عمله. أعطى القانون رئيس
المعارضة مكانة رسمية، وأجرة
أعلى، ومكتبا أكبر وسيارة أكبر
وحراسا - لان هذا العمل جزء مهم
في جهاز السلطة الديمقراطي. ان
لفني، برغم قدرتها على التعبير،
لا تعرف كيف تحدث ضجيج زعيم بديل. من حسن حظ لفني،
قال مراقب سياسي انه لا يمكن
التعبير عن حجب ثقة عن رئيس
المعارضة. تبين، وكأنما فقدت
اتجاهها، لماذا ترفض الان
الاقتراح الحقيقي او المزيد
لبيبي ان تنضم الان الى حكومته.
اين تقف ازاء كتلة ليبرمان؟ وما
هي شروطها الاجتماعية
والاقتصادية للانضمام لحكومة
وحدة. لفني في وضع غير
عادي. ليس شاؤول موفاز وحده يهدد
ويضايقها، فالمشكلة الداخلية
في كاديما أشد مما نعتقد. توجد
هناك طائفة من الاشخاص تولوا
الوزارة في الماضي ولا يشتهون
تزجية حياتهم شاعرين بالمرارة
في مطعم الكنيست. يقول اصدقاؤها
انها تحافظ على برودة اعصابها.
لكن برودة الاعصاب وحدها لا
تبني سورا. يسهل على موفاز ان
يهددها، لكن لا يوجد يقين من انه
سيكون رابحا من قانون موفاز وان
الجمهور سيسامحه لمغادرته
الحزب. المشكلة هي ان
لفني بلغت نقطة لم تعد فيها تهدد
حكومة بيبي - ليبرمان ولا تعرض
على الجمهور بديلا في أي موضوع.
ان مزية تسيبي، في انها متزوجة
من نفتالي لا من سارة - ليست
قاعدة للوصول الى رئاسة الحكومة. ========================== البراغماتية الأمريكية
الجديدة: ومصير البشرية المبين؟
د.الطيب بيتي العلوي 17/02/2010 القدس العربي ما فتئ منظرو الحداثة في الغرب يتهافتون
على جمع المفاتيح بدون معرفة
فتح أي باب، مدفوعين بنزعة غلو 'الشكيةScepticisme الديكارتية'، يستمرون في اثارة
الجدل حول 'التصورات' دون محاولة
'التشكيك' في قيمها الجوهرية (الأخلاقية)
ولا في تبعاتها السلبية على
البشرية على المدى البعيد، ...ولذا،
فلم يثبت أن 'الغرب الحداثي' فتح
بابا وأحسن' رتاجه' يقوم 'بتصنيف'و'رص'
الأفكار على السطح...، ولا 'يحقق'
أيا منها في العمق.. مثل الطفل
الذي أصيب بحريق، ويريد اطفاء
النار بإصبعه المحروقة..'.. ص 13
فصل 'الأفكار والحضارة'
للفيلسوف السويسري 'Frithjof
Schuon.'من كتابه. Perspectives
Spirituelles et Faits Humaints مقدمة': عندما يتم الحديث عن الفلسفة
البراغماتية، أو (الذرائعية)
كرؤية معرفية'..، يعبرعنها في
الغالب كمذهب انتقائي اعلائي
بعيد عن التشوش، ..وكتصورعقلاني
موضوعي عملاتي ونفعي للحياة،
بعيد عن الطوباويات والمثاليات...،
يرشد شؤون الحياة،
باستبصاروروية وتجرد، فتغلغت
هذه الفلسفة في كل مناهج
التفكيرالأمريكية ورؤاه
المتنوعة الدينية والسياسية
والاقتصادية والثقافية والفنية
والتربوية، منذ أن تم وضعها
جماعيا في أواخر القرن التاسع
عشر على يد ثيولوجيين
بروتستنانتيين، ومؤرخين،
ومشرعين قانونين، وفلاسفة،
وتربويين، وعلماء نفس، فتحولت
الى عقيدة حياة، وربوبية كونية
لدى الأمريكيين، ولذا، فمن
التبيسط اختزالها الى: منهج تفكيرموضوعي نفعاني واقعاني أو نظرية (اقتصادية سياسية)، أو ديانة
دنيوية عملية أو رسالة أخلاقية (عقلانية بروتستانتية) أو وصفة سلوكية عالمية ناجعة في 'الأعمال
التجارية والادارية والمهنية'، وهذه الاختزالات كلها تنم عن سوء فهم
تعسفي للغرب بمجمله، وللخصوصية
الأمريكية في ذات الوقت .. فالبراغماتية، هي ثمرة حوصلة التساؤلات (الميتافيزيقية
الدينية الوجودية) لكل
الأمريكيين، منذ أن أبحر
كولومبوس بأسطوله الى مياه
العالم الجديد، وصارت أمريكا في
الأذهان صنواً ل'الفرصة'، وأصبح
بموجب ذلك مفهوم 'التوسع' أسلوبا
مفروضا على الأمريكيين بحكم 'ضرورة
الوجوب الديني والوجود الحضاري'
حسب المؤرخ والأنثروبولوجي
الأمريكي 'فريدريك جاكسون تيريز'
وبذا، فان 'التوسع' هو النمط
المنشود الذي حدد منذ البداية،
الاستثنائية الأمريكية، وسر
استمراريتها، وسيحدد بالتالي 'المصير
المبين' للأمريكيين على المدى
الأبعد، باعتبار أن
البراغماتية الأمريكية'أصبحت
عمليا: نظرية شمولية يمكن
تلخيصها بكل بساطة في هذه
المعادلة: 'خطاب التأسيس للرئيس واشنطن، ومبدأ
مونرو، ونقاط ولسون الأربع
عشرة، وميثاق الأطلنطي والأمم
المتحدة لفرانكلين روزفلت،
وخطة مارشال، والحرب الباردة،
وانهيارالاتحاد السوفياتي،
وحربا الخليج وافغانستان،
والحملة على الارهاب'..، بهدف
تقديم أمريكا للعالم بصورة أكثر
تعقلا من الملكيات الامبريالية
الأوروبية في القرن التاسع عشر،
أو ديكتاتوريات القرن العشرين،
أو الأنظمة الشرقية المارقة
القادمة (من الصين الى لبنان) في
القرن الواحد والعشرين التي
يطلق عليها في نظرية 'المصير
الواضح البراغماتية' ب'بلاد
العماء المبين' حسب تعبير
المؤرخ الأمريكي 'جون فيسك'
لتحقق أمريكا كما وصفها الرئيس
ابراهام لنكولن 'آخر أفضل أمل
للعالم'.. فهل هي كذلك. وهل تحول
العالم تحت الهيمنة الأمريكية
والغربية الى 'أفضل العوالم'....؟ مدخل للسيناريوهات البراغماتية الجديدة
القادمة: واذا قيل لهم لا تفسدوا
في الأرض قالوا اننا مصلحون. لا مشاحة في أن ما يحير أولئك المتتبعين
الجادين للشأن الانساني في هذا
العالم الضنين، والزمن
الأمريكي الصعب، وخاصة وان
العالم مقبل يقينا على عالم ما
بعد الأمركة هو ما يحدث من هول
ازدياد انحدارالسلوك الأخلاقي
البشري، واستشراء مظاهراعتلال
الحضارة الانسانية على كل
المستويات الاجتماعية
والثقافية والاقتصادية
والبيئية، وتفشي السلوكيات
البربرية التي تقترن من قريب
ومن بعيد بالنزعة 'الأبوسية'
الغربية التي طالت المعمورة منذ
ان استفرد الغرب 'بأنظومة القيم
الانسانية العليا' و'حصرية
العقلنة لترشيد البشرية' التي
أوصلت الغرب الى ذروة افلاسه
وانحطاطه مع اكتمال تغريب
العالم في شكل الادارة
الاستعمارية منذ عام 1914، ثم عاد
الغرب نفسه مزهوا الى الواجهة
من جديد بحلته الأمريكية
القشيبة، واستفراد هذا الوليد
الشرعي للافلاس الغربي نفسه
بالقطبية الأحادية ، قصد اخضاع
الأمم والشعوب والقارات، ووأد
ما تبقي من القيم الانسانية
الكبرى المشتركة والمتوارثة
لدى الشعوب والحضارات
والثقافات الانسانية المتنوعة
والثرية...، وبقمع قيام أوانبعاث
أية منظومة أخلاقية انسانية
منسجمة مع طبيعة الانسان
الأصيلة، وفطرة الكائن البشري..
خارجة عن الأنظومة الغربية
المركزية. اذ تحول هذا 'الوليدالحداثي' الى 'فرانكشتين'
و'دراكولا' الذي لا تزيده مآسي
البشرية الاتوحشا و'تغولا'
وهزءا وتعاليا، تحركه دوافع
عدوانية كمونية 'الهاموية'vampirisme
الدموية الثاوية فيه، تلهب
حميته 'باثولوجية' التعملق
المرضي المزمن المرافقة
لتكوينه، فضاقت عليه الأرض بما
رحبت، وعاد مثل ذلك 'الكلب الضخم
الذي حشر في غرفة صغيرة، وكلما
حرك ذيله توددا أو نفورا، الا
وحطم ما بالغرفة' على حد تعبير
المؤرخ البريطاني 'أرنولد
توينبي' فيجرف معه البشرية الى
أتون الحروب والتدمير والأزمات
المالية والمجاعات الكاسحة في
زمن شعارت 'العلم في خدمة
الانسانية' و'العقل نبراس
البشرية' وأضحت الانسانية نتيجة لفلسفات القرن
التاسع عشر الثلاثة المترابطة
فلسفيا والمتقاربة زمنيا:
النفعية الأنجلوساكسونية (هوبزمل،
هيوم، لوك) والصهيونية (هرتزل)
والبراغماتية (بيرس جيمس ديوي)
تعاني من التشوش والفوضى
واللايقين وأصبحنا نعيش بحق
اليوم بفضل الشعارات الزائفة
لهذيانات 'التحديث' والتقدم
والرفاه والأخوة الانسانية
الزائفة، والعدل بين
سائرالبشرعلى الهدي (لأمريكي
الاسرائيلي الأوروبي) ذلك
السيناريو الأكثر قتامة لما بعد
عالم ألكسيس كارلايل، وجوته،
ودانتي، ونتشه، واليوت،
ويونسكو، وجيني، وأرابال،
وأداموف، وبيكيت، وجلبر،
وجويس، وسارتر، وكامو، ...حيث
يبدوأن الغرب محاط ومدجج بالقوة
التى توصل اليها بنفسه...،
ولكنها فى الجوهر قوة تحمل فى
جنينها 'دودة الهدم الفتاكة'
الكامنة فيه بسبب هذه القوة
نفسها 'كما يرى 'جيلبر دوران'..
مدير المعهد الحر للدراسات
الانتروبولوجية بباريس. فلم يعرف التاريخ البشري عصرا تفككت فيه
كل المرجعيات والمنابع المنتجة
للمعنى، كما نشهده اليوم ، بحيث
ان ازدياد عدم اليقين أمام
تزأبق الرهانات الأساسية
للانسانية، وبسبب تفاقم وتسارع
التحولات المطردة، وتدفقاتها
الفجائية، التي تزايدت في
الألفية الثانية، أصبحت ترعب
المراقبين والمتخصصين في علوم
الأناسة في الغرب، لعجزهم عن
استيعابها ومعرفة تجلياتها
المستقبلية الحقيقية، حيث
بدأنا نشعر، وخاصة بعد هول
مظاهر 'ألغاز' استنباث الأزمات
المالية والاقتصادية الحالية
والاختلاق 'الهوليودي' المستمر
للهزات والكوارث الطبيعية،
أننا أمام مشارف عالم جديد
مرعب، أكثرحلكة وظلامية ولغزا
وضنكا من كل العصورالفائتة،
ونواجه حفنة مجنونة من البشر،
تسيرهذا العالم، لتطوح به في
مطاوح البشاعات والقذارات ،
بحيث لا يملك الباحثون سوى
انتظارالاستمرارفي استكشاف
المزيد من الفواجع الكونية
المحبوكة 'الهوليودية'
المقبلةالتي تروج لها كل وسائل
الاعلام الرسمية الغربية،
ووسائل الاتصال والشفوية
والمكتوبة والمرئية، بتفريخ
الأراجيف، والبهتان، والفوضى،
وتطوير نظريات 'الخداع'المستعملة
في لعبة 'البوكر' و'السيرك'فى كل
مجالات: علاقات شمال/جنوب، وشرق/غرب،
أو اسلام/غرب، .. حيث سيزج
بالبشرية في المزيد من الوهم
والايهام والآمال والخزعبلات
والتمويه والخداع، ولن يستطيع
أحدأن يدعي اليوم، أن هناك من
يمتلك مفاتيح استشراف كيفية
الخروج من اجتياح هذه اللوثات
الغربية الجديدة، التي استظلت
في الماضي القريب بأطروحات 'التأليه
العالمي للعلم والتقنية' أو 'النظام
الآلي الجهنمي' Machinerie
Infernal الذي تحول الى تلك الأداة الجبارة،
لاستعمارالعقول والأرواح
والأجساد، حيث أضاع البشر حثيثا
انسانيتهم وروحهم في سبيل البحث
المهوس عن 'الأداء' Performance،
لهثا وراء انجاز 'ربوبية السوق
الواحدة' و'النظام العالمي
الأوحد' و'الحكومة العالمية
الوحيدة' التي بشرنا بها ألكسيس
كارلايل منذ الثلاثينات،
وخرافة التنمية والرفاه على حد
تعبير الأنثربولوجي سيرج لاتوش
بعد التحضيرالعملي لاعادة
تفكيك مناطق، ومسح دول،
واجتتثات شعوب، ومحو حضارات،
ودك بلدان، وذلك بعد أن كان
العالم أثناء الحرب الباردة حتى
أواسط الثمانينات لا يزال على
مفترق الطرق، وكان مرتكزا على
نماذج وقواعد واضحة، تتجلى في
صراع القطبين الاشتراكي/
الرأسمالي.. وممارستهما للعبة
اقتسام الكعكعة.. في اطار
تجاذبات القوى والمصالح
المشتركة، غير أن الزمان قد
استكمل دورته، ولسخرية
القدرأيضا أطاح باحداهما التي
كانت الأقرب الى موقع العبرة،
وأخلى الميدان من باب الاستدراج
لهيمنة الأخرى، لتزهو بألوهية
القطبية الواحدية، لتتسلط على
الجهات المقهورة في المعمورة،..
والتي هي بدورها آيبة للسقوط
بعد اكتمال نصابها فلا بد من دفع
أقساطها المتراكمة. والنتيجة أن وطنت بعض الأطراف المستضعفة
نفسها على الانصياع الكلي
والخضوع القهري، .. وأطراف أخرى
بالاكتفاء بالانتظار الطويل
العدمي انتظار جودو في خرتيت
صمويل بيكيت ، عما سيفعله أرباب
العواصم الغربية الجدد، وعلى
رأسهم رب الأرباب 'زوس' الجديد 'أوباما'
بعد أن 'أدلجت' أمريكا العالم
كله بفرض 'المقولة الواحدة'،
والطرح الأوحد، والرؤية
الكونية الواحدية، وحشر
البشرية في بوتقة 'مصممة' أحادية
'من منطلق مادي نفعي'عضواني'. بينما قررت أطراف أخرى المقاومة والصمود،
مؤمنة بسنة التدافع الطبيعي على
الأرض بين قيم الخير والشر،
وتبدل الأمم، وتداول الأزمنة،
وتغيرات الفصول، وتعاقب الليل
والنهار. وستعيش البشرية يقينا في المستقبل القريب
حماقات جديدة، قد عودنا الغرب
على استنباثها في مساره
التاريخي الطويل منذ صليبيته و'نهضته'
وتنويره وحداثته وملحماته
الاستعمارية، باعادة تلفيق
المسوغات الماكيافيلية، باسم 'العقل'
و'الأنوار'، تلبية لنداء أمهاته
الأزلية الأولى (أثينا وروما
وأورشليم) لاكتساح ما تبقى من
هذا العالم الفسيح المتردي،
الذي ضحى بكل قيمه الأخلاقية
التقليدية ارضاء للأسياد
والأرباب الكونيين الجدد،
منجرفا الى مفاهيم 'صوماتية'
جديدة تحت الطلب 'الكوني
العولمي'، ونزولا عند طلبات
ومتطلبات 'حماقات' الحكومة
العالمية الخفية 'التي تحرك
البشرية من عليائها حسب مقاسات
انحرافاتها بعد أن ذهب الغرب
بعيدا في 'تقبير' الانسان،
والتاريخ، والثقافات،
والمجتمعات والقيم، والحكمة و'العرفان'
وكل ما يعنيه الحب الانساني، أو
البحث عن الخير الأسمى. وأمام هذاالوضع المتهاوي.. وباسم 'البراغماتية
الجديدة'، بعد معاناة البشرية
من البراغماتية الكلاسيكية غدت
انحرافات 'التأورب' والتغريب' و'التأسرل'
و'التأمرك' وتكلكلها على كواهل
البشرية هي 'نهاية الأمر من قبل
ومن بعد' والقدر اللازب الذي
مردله، في أعين المهزومين
والقاعدين والمرتعبين،
والمنبهرين والمتأملين 'الأرسطوطاليين'
الثالثيين، ولم يبق أمام شعوب
الجنوب بعيدا عن نرجسية حكامهم،
وخيانة نخبهم ومثقفيهم، سوى
وجوب تلمس طريقها الأمثل،
لمحاولة النفاذ لفهم مصيرها،
وترشيده الى التي هي أقوم بدل
الانتظار و'المعاناة السيزيفية'
و'التعذيب المازوشي' وترديد
التساؤلات السمجة، في ما اذا
كان 'أوباما مخلصا للبشرية' (فهو
اليوم قد بلغ الحضيض ولن يستطيع
أن يخلص حتى نفسه لضمان عيشه)
وترداد الكلام الأهبل للأعراب
المتفرجين، في من سيكون السباق
الى ضرب ايران وسورية ولبنان،
أاسرائيل أم أمريكا أم كليهما؟
ومن أي مكان؟ أمن جوف الأرض، أم
من عنان السماء أم عبر البحر؟،
بل أن هناك من يحذرنا حتى في
التفكير في الدفاع عن أنفسنا ما
دام أن هناك احتمال استعمال
اسرائيل للنووي، وكأنها أصبحت
مساحة وتعداد سكان، في حجم
الصين يقيها سورها العظيم.. والحل يكمن في وضع حد للخطاب الارهابي
التبشيري التوسعي الاسرائيلي
الغربي الأمريكي الجديد، الذي
تم تعميمه وتبريره وفرضه
ايديولوجيا وفلسفيا وثقافيا في
السابق تحت غطاء 'كونية الحضارة
الغربية' و'قيمها الانسانية
الأسمى' مما منحها ولا يزال في
نظر نخبنا المشوهة واجب استمرار
'عبء الرجل الأبيض' في استمرار
تحمل مسؤولياته التاريخية
الكبرى، ورسالته الحضارية
لانقاذنا من أمراضنا وتخلفنا
ورزايانا وأوبئتنا، وتحرير
نسائنا وأطفالنا ومجتمعاتنا من
وطأة ربقة تقاليدنا وعاداتنا
وثقافاتنا وتصوراتنا
الكوسمولوجية.. 'بتطوير'
ذهنياتنا 'وتمريغ كرامتنا في
الأوحال ومقاتلتنا الى أن نخضع
أو ننتهي، عبر اعادة استعمارنا
من جديد، كما بدأ الترويج لذلك
مؤخرا في الألفية الثانية بعد
حرب الخليج الثانية في مراكز
بحوث 'الرجل الأبيض' بدعوى أن 'السياسة
الاستعمارية منذ عهد الاغريق،
مرورا بالرومان، وصولا الى
الحملات الاستعمارية لأوروبا
في القرن التاسع عشر والعشرين،
كانت تحركها أهدف نبيلة، تتمثل
في نشر الاشعاع الحضاري لدى 'الشعوب
الهمجية وخاصة الشرقية' التي لم
تعرف التحضر، وان استقلالها
وتحررها أضاع كل تلك المنجزات
الانسانية...' حسب تعبير الحرفي
للمؤرخ والأنثربولوجي
البريطاني 'بول جونسون'...فهل
سيتحول العالم من جديد في زمن
اوباما وناتانياهو وساركوزي
وميركل وبراون الى 'الأرض
الخراب' من جديد، والى أسوأ
الأزمان'..! والى عصر الحماقة'! ..
والى عهد الشك'..! وموسم الظلام!
وشتاء اليأس؟ كما صرخ في بداية
القرن الماضي 'تشارلز ديكنز' في
قصة مدينتين؟ أم أن نصرخ كما صرخ سيد العارفين بالله 'رويم
البغدادي' في أزمنة قديمة على
الارض العراقية، يشكو فيها الى
ربه ظلم الناس للناس صائحا'.. فيا
سماء اغضبي وامطري، وأرعدي
وأبرقي، ويا بحار ثوري واهدري
وأزبدي، ويا أرض زلزلي وانشقي
وابلعي، فلم يبق على هذه الأرض
من مستريح. ========================== تشارلز كروثمر الشرق الاوسط 17-2-2010 يقول أناتولي بيرمنوف، رئيس وكالة الفضاء
الروسية، حول نقل رواد الفضاء
من البلدان الأخرى إلى مدار
الأرض المنخفض: «لدينا اتفاق
حتى عام 2012 يقضي بمسؤولية روسيا
عن ذلك. ولكن ماذا بعد ذلك؟
معذرة، يجب أن تكون الأسعار
مختلفة تماما في ذلك الحين!». ربما تكون علاقة الروس بالرأسمالية علاقة
حديثة، ولكنهم يدركون جيدا كيف
تسير الأمور، فعندما تكون
محتكرا، تحصل على الأسعار التي
يخولها لك الاحتكار. وسوف تحتكر
روسيا خلال أشهر رحلات الفضاء.
وبنهاية العام الحالي، لن يكون
لدينا مكوك فضائي، أو برنامج
أميركي لرحلات الفضاء
المأهولة، ولن يصبح لنا أي سبيل
للفضاء. ونحن لا نتحدث هنا حول
المريخ أو القمر، بل إننا نتحدث
حول مدار الأرض المنخفض، الذي
كانت تهيمن عليه الولايات
المتحدة لما يقرب من نصف قرن،
والذي تتخلى عنه الآن بطريقة
مخيبة للآمال. لقد كان يجب أن يدوم غيابنا عن مدار الأرض
المنخفض لعدة سنوات فقط، وهي
الفترة الانتقالية بين استبدال
المكوك الفضائي الضعيف ب«برنامج
الكوكبة» (سفينة نقل «آريز»،
ومركبة فضاء «أوريون»، ومركبا
الهبوط «ألتير») لإعادة رواد
الفضاء إلى الفضاء بطريقة أرخص
وأكثر أمنا. ولكن ميزانية أوباما لعام 2011 قضت على «برنامج
الكوكبة»، ولن يصبح لدينا أي
شيء. ولأول مرة منذ حلق جون غلين
في عام 1962، لن يكون للولايات
المتحدة القدرة على نقل البشر
إلى الفضاء، ولا أمل في أن تتمكن
من عمل ذلك في المستقبل القريب.
وبالطبع، تعرض الإدارة ذلك
التنازل باعتباره خطوة إلى
الأمام: نقل البشر سوف يتحول إلى
القطاع الخاص، وفي الوقت نفسه،
سيتم توجيه جهود «ناسا» إلى
الهبوط على سطح المريخ. وهذا
مجرد هراء. فعلى الرغم من أن
تولى القطاع الخاص لعمليات نقل
رواد الفضاء سيكون أمرا عظيما،
فإنهم لا يستطيع القيام بتلك
المهمة، لأن الأمر مكلف للغاية،
كما أنه ما زال تجريبيا.
بالإضافة إلى أن معايير الأمان
لنقل الناس على نحو آمن من وإلى
الفضاء عالية للغاية. ومما لا شك فيه، فإنه خلال عقود من الآن
ستشهد صناعة رحلات الفضاء
الخاصة نشاطا ملحوظا. ولكن ذلك
الزمن يعد زمنا طويلا، حيث إن
روسيا ثم الصين سوف تمتلكان
الفضاء في ذلك الوقت. لقد كان
الرئيس قوميا للغاية فيما يتعلق
بقضية تجاوز الصين أو الهند لنا
فيما يتعلق ب«الطاقة النظيفة»،
إلا أنه مستعد تماما للتخلي -
دون مبرر - عن ريادتنا
الاستثنائية في مجال استكشاف
الفضاء. وبالنسبة للمريخ، فإنه هراء كذلك. حيث إن
كوكب المريخ بعيد للغاية. ومن
جهة أخرى، كيف ستذهب إلى هناك من
دون المرور عبر «الآريز» و«الأوريون»؟
وإذا لم نكن نستطيع إنتاج سفينة
نقل «آريز» لنقلنا إلى المدار
وإلى القمر؟ وما هي المدة التي
نحتاج إليها لتطوير نظام تسيير
جديد متطور يستطيع أن ينقلنا
ليس فقط ربع مليون ميل ولكن
لمسافة 35 مليون ميل؟ ناهيك عن تأثيرات انعدام الجاذبية على
المدى البعيد، والتأثيرات
البعيدة المدى للتعرض إلى
الإشعاع الكوني، والمخاطر التي
يمكن أن يتعرض لها أمن رواد
الفضاء خلال الرحلات إلى
المريخ، حيث تستغرق الرحلة 6
أشهر من الحوادث غير المتوقعة
في مقابل 3 أيام للذهاب للقمر.
ومما لا شك فيه أن مشروع المريخ
كبديل لرحلات القمر ليس سوى
خدعة، حيث إنه يشبه العمليات
الخداعية التي رافقت مشروع
إنفاق الجيش المتعلق
بالتكنولوجيا المتطورة: القضاء
على الممكن في مقابل بديل يبدو
بعيدا وصعب المنال، الذي لم يتم
تنفيذه أبدا أو قضي عليه لاحقا
في مقابل بديل مستقبلي آخر، أو
حتى بديل أكثر تطورا في
المستقبل البعيد للغاية. ومن
الأمثلة المعروفة على ذلك هو «قاذفة
قنابل بي 1» التي تم إلغاؤها في
السبعينات لصالح «طائرة بي 2
سبيريت» ثم القضاء عليها في
التسعينات بعد إنتاج 21 طائرة
فقط بدلا من 132 التي كان من
المقرر إنتاجها في ظل تراخي ما
بعد الحرب الباردة. والأهم من ذلك، فإن هناك مسألة الجدية.
فعندما تعهد جون كينيدي بالذهاب
إلى القمر، كان جادا في ذلك، فقد
كان لديه التزام شخصي عميق تجاه
ذلك القطاع. كما أنه ألقى خطبا
ما زلنا نتذكرها حتى يومنا هذا.
بالإضافة إلى أنه خصص مبالغ
فلكية لتحقيق ذلك. وفي ذروة
برنامج أبوللو، كانت «ناسا»
تستهلك نحو 4% من الميزانية
الفيدرالية، التي كانت تعادل
نحو 150 مليار دولار في ميزانية
عام 2011. أما اليوم فإن برنامج
الفضاء للرحلات المأهولة سوف
يتوقف لأنه يحتاج إلى 3 مليارات
دولار سنويا، وهو ما يعادل 1/300
من قيمة خطة الإنقاذ المالية
بمشروعاتها اللا نهائية التي لن
تترك أثرا في وعينا القومي. وبالنسبة لالتزام الرئيس أوباما بفضاء ما
بعد القمر: فهل ألقى بخطبة
واحدة، أو تعهد بذرة من رأس
المال السياسي له؟ مما لا شك فيه أن ميزانية أوباما تعكس
بجدارة الفارق بين ليبرالية
كينيدي وأوباما، حيث إن
ليبرالية كينيدي كانت جريئة،
وبعيدة المدى وواسعة النطاق،
بينما تتسم ليبرالية أوباما
بأنها محدودة النطاق. لقد فتح كينيدي قبل خمسين عاما جبهة
جديدة، بينما أغلقها أوباما. * خدمة «واشنطن بوست» ===================== تحدي نماذج "الغرب ضد
الإسلام" الإعلامية بقلم غابرييل فيماو مصدر المقال: الجاكرتا بوست 1 شباط/فبراير 2010 بريستول، إنجلترا – بحث العديد من
المشاركين، بمن فيهم أنا، في
مؤتمر دولي حولي "الإسلام
والإعلام" نظمه مركز الإعلام
والدين والثقافة بجامعة
كولورادو في بولدر في شهر كانون
الثاني/يناير الماضي، بحثوا في
الوصمة السلبية التي يلصقها
الإعلام بالإسلام والمسلمين،
خاصة بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر
والمحاولات الإرهابية المختلفة
التي تمت باسم الإسلام من قبل
متطرفين ومتشددين يعملون على
تخوم المجتمع المسلم الأوسع في
التيار الرئيس. لفت المؤلف والمُنَظِّر الأدبي الراحل
إدوارد سعيد في كتابه واسع
التأثير "تغطية الإسلام"
الذي صدر عام 1981، لفت انتباه
الجمهور إلى الكيفية التي قام
الخبراء والإعلام من خلالها
بتحديد الأسلوب الذي نرى فيه
الإسلام. تجد في جوهر تحليل
إدوارد سعيد مفهوم أن التغطية
الإعلامية للإسلام ربطت عن كثب
بين المسلمين من جهة والتشدد
المسلّح والخطر والمشاعر
المعادية للغرب من جهة أخرى. وفي العام 1997 كررت مؤسسة رانيميد Runnymede Trust، وهي مؤسسة فكرية من المملكة
المتحدة تشجّع التعددية
العرقية في بريطانيا، نفس
الفكرة في "الرهاب الإسلامي:
تحدٍ يواجهنا جميعاً". وقد استُخدم توجّه مماثل في قراءة أحداث
الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001.
اعتقد عدد كبير من الجهابذة
والصحفيين والسياسيين من خلال
تحليل هذه الأحداث أن ما شهدناه
في هجمات الحادي عشر من أيلول/سبتمبر
هو "صدام الحضارات"، أي
معركة بين الحضارتين الغربية
والإسلامية، كما جرى توقعه
مسبقاً من جانب العالِم السياسي
صموئيل هنتنغتون. خلال العقود الثلاثة الماضية اعتمدت
دراسات علمية حول الإسلام
والمسلمين في الإعلام بشدة على
أطر مثل تحليلات إدوار سعيد
ونظرية "صدام الحضارات"
لهنتنغتون والرهاب الإسلامي أو
العنصرية الثقافية لتحليل
التساؤلات المتعلقة بتمثيل
الإسلام والمسلمين في الإعلام.
ما زال لهذه الأطر تأثير كبير
على الدراسات الحالية. والواقع
أن عدداً كبيراً من الدراسات
المقدمة أثناء المؤتمر الأخير
حول "الإسلام والإعلام"
اعتمدت على هذه الأطر. بالطبع يؤدي استخدام هذه الأطر، بما لا
يدع مجالاً للإنكار، إلى تشكيل
نتيجة مثل هذه الاستنتاجات
والتحليلات. إلا أن المشكلة هي
أنه هناك أسلوب ثنائي أو مزدوج
من التفكير، يضع الغرب في ناحية
والإسلام في الناحية الأخرى. لماذا يستحوذ هذا التوجه الثنائي على
الإعلام؟ برأيي أن الأسلوب
الثنائي في التفكير يثير قضيتين
اثنتين. الأولى أنه لا يوفر مساحة لفهم الناحية
الإنتاجية لالتقاء أناس من
خلفيات ثقافية ودينية مختلفة.
في مجتمع يتسم بالتعقيدات
المتزايدة لا يمكن ببساطة رسم
المجتمع بالأسود والأبيض.
فالمجتمع في نهاية المطاف ليس
جامداً لا يتحرك، إذ طالما كان
ديناميكياً دائم الحركة. ثانياً، تم تطوير التوجه الثنائي الذي
يضم فكرة "الغرب ضد الإسلام"
أو المتحضّر ضد المتخلّف، على
افتراض أن طرح الإعلام يملك
القوة للسيطرة على التمثيلات
الاجتماعية غير العادلة
للثقافات أو الديانات الأخرى.
ويفترض هذا أن الناس واقعون
أساساً في شرك، أو حتى سجناء في
مضمون ثابت من الصدام. نتيجة
لذلك يُعتبر التوجه الثنائي غير
مناسب للتحديات المعقدة التي
توجه المجتمع متعدد الثقافات. إلا أن الأخبار ليست سيئة لهذه الدرجة. مع
تقدمنا نحو عقد جديد، يقدّم
استكشاف للتمثيل الثقافي
والديني يرتكز على الحوار،
المزيد من الأمل لمواجهات الناس
من ثقافات وديانات مختلفة عما
يصفه الإعلام حالياً. من المؤكد أن الناس من ثقافات أو ديانات
مختلفة هم غرباء بشكل طبيعي عن
بعضهم بعضاً. لذا يجب اتخاذ
خطوات جريئة، حتى تحصل احتمالات
الاعتراف بالآخر واحترامه،
بحيث يتقدم أحد الأطراف من
خلالها نحو الآخر، ويسمح لما هو
غير شائع وغريب أن يتم استيعابه. بهذا الأسلوب، وكما ناقش زالي غوريفيتش،
أستاذ علوم السكان بالجامعة
العبرية بالقدس، يتم إدراك كم
هو المرء فريد، وتُقبَل
الخلافات دون عداء. وإذا تركت
دراسات التمثيلات الإعلامية
للثقافات والديانات المزيد من
المساحة للتحيل بناء على
التوجهات المتموحرة حول الحوار
في مجتمع اليوم متعدد الثقافات،
فسوف نتحرك قدماً بالمزيد من
الثقة والأمل. _____________ * غابرييل فيماو حائز على الدكتوراة وهو
باحث يركّز على تمثيل الإسلام
والمسلمين في الإعلام
البريطاني المسيحي، في دائرة
علم الاجماع بجامعة بريستول في
المملكة المتحدة. تقوم خدمة
الأرضية المشتركة الإخبارية
بتوزيع هذا المقال المختصر بإذن
من المؤلف. يمكن الحصول على النص
الكامل من الموقع www.thejakartapost.com تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |