ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الخميس, 18 فبراير 2010 زهير قصيباتي الحياة لا لغز ولا جديد في القول إن من مصلحة
إسرائيل وحدها تأليب لبنانيين
على لبنانيين، فهل باتوا موحدين
حول ما هو مصلحة لبلدهم؟ يخدم
إسرائيل أيضاً أن تؤلّب العرب
والعالم كله على إيران، ولكن هل
مصالحهم مضمونة مع طهران؟ بين لبنان وإيران الكثير، وكثيره ما زال
محور جدل وانقسام، وإن كان معظم
اللبنانيين لا يؤيد ضرب المنشآت
النووية الإيرانية، لأن حرباً
من هذا النوع تصعب السيطرة على
حرائقها، ولكن... بين نجاد «النووي» المتهم بخداع الغرب
والعالم، ونتانياهو الكاذب
الذي يدّعي أنه لا يخطط لأي حرب (خصوصاً
على المنشآت النووية الإيرانية)،
يكشف الرئيس الإسرائيلي شمعون
بيريز عن موهبة مسرحية تضاف الى
«إنجازاته» في السياسة
والمعارك التي خاضها. هو لا يفهم
قلق رئيس الوزراء اللبناني سعد
الحريري من احتمالات التصعيد
العسكري الإسرائيلي في
المنطقة، بل يتطوع لتطمينه، إذ
«ليس هناك أي نزاع بين إسرائيل
ولبنان» كأن مزارع شبعا
وكفرشوبا في كوكب آخر. ولا يخفي
بيريز وده «الحريص» على مصلحة
البلد الصغير، لذلك يعزو القلق
الوحيد الى «وجود جيشين
وسياستين» في لبنان. ويكمل رئيس الطاقم السياسي والأمني في
وزارة الدفاع الإسرائيلية
عاموس جلعاد، محاولة بيريز دق
إسفين جديد بين قسم كبير من
اللبنانيين و «حزب الله» الذي
يعتبره نتانياهو بمثابة
الحكومة، بالتالي تستحق الوعيد
والعقاب بتدمير كل البلد، إذا
تحرشت. ومرة أخرى، لا مناص من القول إن استهداف «الأضعف»
قد يغني عن قصفٍ في منطقة
الخليج، يتطلب شرعية دولية، لأن
إمدادات النفط خصوصاً ستكون في
مرمى البركان. والحال أن أي لبناني لا يستسيغ في المقابل
حديث جلعاد عن «دولة من ورق» بيع
جزؤها الجنوبي الى «حزب الله»،
مهما كانت الخلافات حول دور
الحزب وسلاح المقاومة. الثابت
أن الحرب البربرية في تموز (يوليو)
استهدفت جميع اللبنانيين، قبل
أن تكمل واشنطن دفاعاتها
اللفظية عن لبنان وسيادته، وعن
حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.
لذلك، وحتى مع إدارة الرئيس
باراك أوباما، لا يمكن الرهان
على أن «الغيرة» الأميركية على
البلد ستتبدل، في حال صدقت
توقعات نجاد بحرب في الربيع أو
الصيف. ما يرجح لبنان مجدداً ساحة لهذه «الجولة»،
أن إيران تدرك مغزى نقل المعركة
الى الخليج، وأن كل القوى
الغربية وروسيا ستكون موحدة في
تشكيل تحالف دولي لمحاصرة «المتمرد»
ولو بالقوة. فأمن الطاقة وشريان
النفط ما زالا أولوية دولية،
ومن هذا المنظار يمكن تلمس
القلق في تشديد وزير الخارجية
السعودي الأمير سعود الفيصل على
أن مجرد «التهديد» بالسيطرة على
مضيق هرمز يعتبر عملاً حربياً. وأما توقيت الربيع الذي تحدث عنه نجاد
موعداً للحرب الإسرائيلية، من
دون توقع ساحتها الأولى، فلعله
يثير مزيداً من القلق على
لبنان، إذ يوحي بأن طهران لن
تسكت حتى على القرار الدولي
المرجح لتشديد العقوبات عليها. أغلب الظن أن تخيّل انطلاق الشرارة
الأولى من لبنان، في مسعى
إيراني لإرغام الدول الكبرى على
الندم الذي يتمناه لها نجاد،
يتقاطع أيضاً مع إشارات
إسرائيلية وأميركية كثيرة،
تكررت على مدى الأشهر القليلة
الماضية، بعنوان وحيد هو إعادة
القرار 1701 الى غرفة العناية
الفائقة، بالتالي تحويله
سلاحاً جاهزاً لاستدراج لبنان
وتوريط «حزب الله». التوريط
ذاته سهل المنال على الأقل
إعلامياً ودولياً، بعد كل ما
كشِف عن الشبكات الإسرائيلية،
إذ يكفي إطلاق بضعة صواريخ في
ظروف ملتبسة، وتحميل الحزب
المسؤولية. 2010 ما زالت «سنة الامتحان» لدى
الإسرائيلي، والأكيد حتى الآن
أن «حزب الله» لا يسعى الى حرب
كما قال أمينه العام السيد حسن
نصرالله. والأرجح كذلك أنه لن
يعطي حكومة نتانياهو الذريعة،
لكنها قادرة على افتعالها... ولو
بعيداً من لبنان. لذلك كله، قد ينقسم اللبنانيون في
قراءتهم لخطاب السيد حسن
نصرالله في ذكرى قادة المقاومة
الشهداء، رغم الاقتناع بالدور
الإسرائيلي لافتعال ذريعة. وإذا
كان ذا أهمية قصوى أن «حزب الله»
لا يريد الحرب، يجدر التنبه
أيضاً الى عودة الدولة العبرية
الى اللعب على وتر تضخيم الدور
الإيراني، من قبيل الحديث عن
سعيه الى «تقسيم لبنان». بهذا
المعنى ما تريده حكومة نتانياهو
ومعها بيريز، هو نسف التهدئة في
البلد، الى الحد الذي يهيّء
الساحة لفقدان وحدتها قبل
المواجهة. والوحدة كما قبل تموز 2006، ستبقى أمضى سلاح
في الدفاع عن لبنان. ============================= طبول الحرب وهمسات
السلام في مثلث إسرائيل - سورية
- لبنان الخميس, 18 فبراير 2010 بول سالم * الحياة قرع طبول الحرب ينافس همسات استئناف
محادثات السلام عبر الحدود
الشمالية لإسرائيل. ففي الوقت
الذي عيّنت فيه الولايات
المتحدة سفيراً جديداً لها في
سورية، وتحدث مسؤولون عن احتمال
استئناف المحادثات غير
المباشرة بين إسرائيل وسورية في
موعد لاحق من هذا العام، صدرت
تصريحات نارية من جانب إسرائيل
وسورية ولبنان حول إمكانية
اندلاع حرب إقليمية. هذه التوترات تصاعدت في أعقاب المناورات
العسكرية الإسرائيلية في شمال
إسرائيل في أواخر كانون الثاني (يناير)
الماضي. وقد حفز هذا سورية على
استدعاء قوات الاحتياط، كما دفع
«حزب الله» إلى وضع قواته
ومسؤوليه في حالة تأهب قصوى. وقد حذّر وزير الخارجية الإسرائيلي
أفيغدور ليبرمان الرئيس السوري
بشار الأسد من أنه «سيخسر
السلطة» إذا عمدت سورية إلى
استفزاز إسرائيل، فيما قال وزير
الخارجية السوري وليد المعلم
للإسرائيليين «تعرفون أن الحرب
هذه المرة سوف تصل إلى مدنكم»،
وحذّر زعيم «حزب الله» حسن
نصرالله من أنه سيسحق إسرائيل،
وأن الحرب «سوف تغيّر وجه
المنطقة». وعلى رغم أن مسؤولين عسكريين إسرائيليين
أصروا على أن المناورات كانت
روتينية، إلا أن هذا لم يهدئ
المخاوف في بيروت وعواصم أخرى. التوتر قد يكون مرتبطاً أيضاً بالتقارير
التي نشرت أولاً في صحيفة «الرأي»
الكويتية، التي ذكرت أن سورية
تسمح لمقاتلي «حزب الله»
بالتدرّب على منظومات صواريخ “SA-2”
المضادة للطائرات في سورية،
الأمر الذي طرح تساؤلات حول
إمكانية سماح سورية بدخول مثل
هذه الصواريخ إلى لبنان. هذه
الصواريخ المضادة للطائرات
تعتبر «خطاً أحمر» بالنسبة إلى
إسرائيل، فقد كاد إدخال صواريخ
مماثلة إلى لبنان أن يؤدي إلى
الحرب في عام 1981، وتطلب الأمر
تدخلاً مباشراً من جانب المبعوث
الأميركي فيليب حبيب لتفادي حرب
واسعة النطاق. قضية الصواريخ قد تُفسّر جزئياً تكثيف
الطلعات الجوية على علو منخفض
من قِبَل الطائرات الإسرائيلية
فوق الأجواء اللبنانية،
لاختبار ما إذا تم جلب مثل هذه
الأنظمة. ومن شأن ذلك أيضاً أن
يُفسّر لماذا أطلقت إسرائيل مثل
هذه التحذيرات القوية إلى سورية
بهدف التوضيح بأن عمليات نقل
الصواريخ هذه ستكون بمثابة
تجاوز للخط الأحمر. إلى ذلك، ثمة مخاوف جدّية في أوساط
المسؤولين في الحكومة
اللبنانية من أن احتمال نشوب
حرب أخرى (من جانب إسرائيل على «حزب
الله» ولبنان)، هو خطر حقيقي. إذ
يمكن أن تندلع حرب بسبب هجمات
إسرائيلية على بطاريات صواريخ
مضادة للطائرات اذا وُجدت، أو
أنها يمكن أن تكون عملية جوية
وبرية واسعة النطاق على غرار
حرب عام 1982. يذكر هنا أن اجتياح عام 1982 كان الجولة
الثانية من حرب أولى اندلعت في
عام 1978 وفشلت إسرائيل خلالها في
تحقيق أهدافها المُتمثّلة
بإلحاق الهزيمة بمنظمة التحرير
الفلسطينية في لبنان. وقد شكّلت
هذه الجولة الثانية عام 1982 ضربة
شبه قاضية للوجود الفعلي
المُهيمن لمنظمة التحرير
الفلسطينية في لبنان، وكانت
عملية واسعة النطاق وصلت إلى
بيروت. والخوف الآن هو أنه بعد
أربع سنوات من حرب عام 2006، قد
تسعى إسرائيل إلى خوض جولة
ثانية ومُدمّرة ضد «حزب الله»،
في الوقت الذي تسير فيه الإدارة
الأميركية على غير هدى، وترتبط
سورية بعمليات تقارب مع المملكة
العربية السعودية وأوروبا
والولايات المتحدة. وتُنذر التكهنات بأن إسرائيل قد تهدف إلى
شل «حزب الله» لكونه يُشكّل
تهديداً حقيقياً على حدودها
الشمالية، وأيضاً إلى إضعاف
إيران في أي مواجهة مرتقبة في
شأن المسألة النووية. وهذا
السيناريو الأخير تم نشره في
عدد من الصحف العربية التي
ادّعت أن مثل هذه التحذيرات
نُقلت بواسطة مصادر
استخباراتية غربية مختلفة. ان أهالي الجنوب اللبناني يعربون عن
قلقهم البالغ إزاء نشوب حرب
جديدة، كما أن الحكومة
اللبنانية قلقة من احتمال أن
تستهدف أي حرب جديدة البنية
التحتية للدولة اللبنانية
والجيش، وأن من شأنها أن تخلّف
قتلاً ودماراً على نحو يفوق ما
حدث في حرب عام 2006. وفي حين أن العديد من المراقبين لا زالوا
يعتقدون أن احتمال نشوب حرب
وشيكة هو احتمال ضئيل، إلا أن
ثمة قلقاً شديداً في الأوساط
الديبلوماسية من احتمال تصعيد
التوتر. إذ عبّر وزير الخارجية
الفرنسي برنار كوشنير، مثلاً،
في اجتماع عقده أخيراً مع رئيس
الحكومة اللبنانية سعد
الحريري، عن قلقه من احتمال
نشوب حرب على الجبهة اللبنانية -
الإسرائيلية، وربطه بالتوتر
السائد بين إيران وسورية. حرب غزة التي اندلعت في كانون الأول (ديسمبر)
2008 أخذت المنطقة والعالم على
حين غرة، لذا، من المهم بالنسبة
إلى العواصم الإقليمية
والدولية، حتى لو بدا خطر نشوب
حرب فعلية ضئيلاً، أن تأخذ
مخاطر التصعيد الأخير على محمل
الجد، وتتأكد من نزع فتيل
الأسباب التي قد تكون وراءه
أياً كانت. أما إذا تمّت قراءة حرب البيانات الأخيرة
من منظور مختلف، فيمكن أن تكون
جزءاً من تموضع إسرائيل وسورية
قبل استئناف المحادثات غير
المباشرة بينهما. فقد عيّنت
الإدارة الأميركية سفيراً في
سورية بعد فترة انقطاع استمرت
خمس سنوات، وأشار المبعوث
الأميركي الخاص إلى الشرق
الأوسط جورج ميتشيل إلى أن
استئناف محادثات السلام
الإسرائيلية - السورية يُشكّل
أولوية هامة. كما أشار وزير
الخارجية التركي أحمد داود
أوغلو إلى استعداد تركيا
لاستئناف محادثات من هذا
القبيل، وأدلى الرئيس بشار
الأسد وبنيامين نتانياهو
بتصريحات مؤاتية لمثل هذه
المحادثات، على رغم أنهما
يختلفان حول شروطها. إن الاستئناف المُبكّر للمحادثات
الإسرائيلية - السورية، تحت
الرعاية التركية أو الأميركية،
سيكون تطوراً إيجابياً هاماً
اذا حدث. فمن شأن ذلك أن يساعد في
تهدئة التوترات المتصاعدة،
ويكون خطوة بارزة إلى الأمام في
عملية السلام المتوقفة. نأمل في أن يكون هذا هو الاتجاه الذي
ستسير فيه التطورات في مثلث
إسرائيل - سورية – لبنان، وليس
نحو حرب مدمّرة جديدة. * كاتب لبناني - مدير مركز
كارنيغي للشرق الأوسط - بيروت ============================= آخر تحديث:الخميس ,18/02/2010 خليل حسين بصرف النظر عن القدرة والإمكانية التي
توصّلت إليها التكنولوجيا
الإيرانية، لجهة التخصيب
ونسبته، وبالتالي وصولها إلى
الخطوط الحمر من وجهة النظر
الغربية، ثمة تساؤلات تطرح من
غير جهة ومن بينها، ما هي خلفيات
الإعلان في وقت تتصاعد فيها
لهجات القوة؟وما هي الرسائل
المتوخاة في هذا التوقيت بالذات
؟ وما هي قدرة الطرف الآخر على
التقاط هذه الإشارات والعمل
بموجبها أو على هديها؟ من الواضح أن إيران تمكّنت من بلع وهضم
كافة وسائل الضغط التي مورست
ضدها منذ قانون داماتو الأمريكي
في العام ،1996 مروراً بكافة
القرارات الدولية ذات الصلة
بالعقوبات الاقتصادية وغيرها،
وصولاً إلى التهديد بالخيارات
العسكرية، وهي إن تمكّنت من
تخطي جميع مفاصل العقوبات
الدولية عليها، كان بدافع
الوصول إلى المنتدى الدولي
النووي، وهي إن أعلنت ذلك في
الذكرى الواحدة والثلاثين
لانتصار ثورتها، هدفت من خلاله،
إطلاق رسائل متعددة الاتجاهات
في منطقة تعج بكافة أسباب
الانفجارات . ففي دائرة حماية الثورة من الداخل، كانت
طهران بحاجة إلى إعلان نوعي
يعيد بريق الثورة والنظام بعد
عثرات انتخابات الرئاسة
الأخيرة، وما تخللها من مظاهر
أعادت خلط الأوراق الداخلية،
ووضعت مجمل مكونات النظام على
محك الاستغلال الخارجي،
وبالإعلان النووي تمكّنت من
إعادة صياغة البنية الشرعية من
خلال الاحتفالات المليونية
التي طغى عليها طابع الاستفتاء
على مجمل السياسات الداخلية
والخارجية . وبالتالي إن
الرسالة الداخلية كانت شديدة
الوضوح والتي لا بد وأن تستثمر
أيضاً في مواجهة الضغوط
الخارجية التي ستتسارع وتيرتها
في المرحلة القادمة . وإذا كانت الرسالة الداخلية قد أدّت
قسطها عملياً، فإن الرسائل
الخارجية تبقى الأهم وهي التي
تحتاجها عملياً في إدارة
ملفاتها في مواجهة الضغوط التي
ستكون مختلفة عما سبقها . فبعدما
كانت مجموعة الدول الخمس الكبرى
إضافة إلى ألمانيا تنتظر الرد
على مجمل الحوافز المقدمة
لطهران في إطار مفاوضات الملف
النووي، أتى هذا الإعلان ليزيد
من شكوك الغرب بمدى جدية
التعاطي، وبالتالي إمكانية
التوصل إلى نتائج محددة، ما
يعني أن إطار الحوافز لم يعد
قادراً على استيعاب ما تتطلبه
شروط الطرفين المتبادلة،
وبالتالي ينبغي التفتيش عن أطر
مغايرة، إما مزيد من التنازلات
الغربية ما سيعزز وضع إيران في
كسب الوقت، وإما اللجوء إلى
خيارات تصعيدية ستكون مكلفة
الثمن على جميع أطرافها . ويبدو
من القراءة الدقيقة لمسارات
إيران التفاوضية السابقة، أنها
تمكّنت من الاستغلال الأمثل في
هذا الإطار، فمثلاً، لقد تخلت
إيران في العام 2000 عن الولوج في
برنامجها النووي من بيئة الإطار
العسكري إلى إطار الاستخدام
السلمي بعد أن دخلت في بيئة
الوكالة الدولية للطاقة الذرية
وآليات مراقبتها، وتمكّنت من
استدراج الغرب إلى القبول بهذا
الوضع عنوة، وتمكّنت أيضا من
الوصول إلى درجة الخمسة بالمائة
في تخصيب اليورانيوم، واليوم
أعلنت التوصل إلى إنتاج بدرجة
العشرين في المائة، ما يعني أن
رسالة إيران إلى الغرب في
المرحلة القادمة، أن المفاوضات
القادمة إذا انطلقت ستكون من
الناحية المبدئية قد تخطت هذه
النسبة وبالتالي إن رفع سقف
التفاوض الإيراني يبدو واضحا في
المرحلة القادمة . علاوة على رسائل التفاوض المشفرة إذا جاز
التعبير، ثمة رسائل إلى من
يعنيهم الأمر كروسيا على سبيل
المثال، ففي الوقت الذي تم
الكشف عن نسبة التخصيب، تم
الإعلان عن التوصّل إلى صواريخ
تضاهي “أس أس 300” الروسية
الصنع، التي لم تسلمها موسكو
إلى طهران حتى الآن، والتي تؤمن
البيئة المناسبة لحماية
المنشآت النووية الإيرانية، في
الوقت الذي تحاول موسكو تمييز
مواقفها عن بكين لجهة حماية
إيران من سيف العقوبات الدولية .
ففي الفترة الأخيرة ثمّة تراجع
ملحوظ في مستوى الغطاء الروسي
لإيران في مواجهة الغرب، يقابله
نوع من الاندفاع الصيني نحو
طهران، ويأتي هذا الانجاز
بمثابة الرسالة الشديدة الوضوح
لموسكو على عدم تسلم شبكة
الصواريخ الدفاعية . إن إعلان طهران عن وضع قدمها اليمنى على
درج المنتدى النووي، هو مؤشر
واضح على مستوى العزم الذي
ستتابعه في المرحلة القادمة،
ففي وقت تتزايد فيه التصريحات
الواضحة بإمكانية اللجوء إلى
الخيارات العسكرية لإيقاف
الاندفاع الإيراني، أتت
احتفالية إيران الواحدة
والثلاثين على مستوى التحدّي
ربما غير المتوقعة بهذا الحجم
ليضع الغرب أمام خيارات أحلاها
مر . فالخيارات العسكرية
متوازية مع الخيارات
الدبلوماسية، لكن المسألة تكمن
في النتائج المتوخاة لكلا
المسارين، في الأول نتائجه غير
محدّدة أو معروفة نهاياتها،
فيما الثاني لا يعدو كونه لعباً
في الوقت المستقطع من عمر أزمات
المنطقة . في الأول اندفاع “إسرائيلي”
واضح وسط تهيّبٌ غربي أوضح، في
الثاني رغبة إيرانية شديدة
وتحفظ غربي واضح، في كلا
الحالين الأطراف كلها تود
الوصول إلى ما تطمح إليه بأقل
الخسائر الممكنة، لكن في
الخيارين ثمة أثمان كبيرة ستدفع
. لقد تم الإعلان عن سلسلة من الإنجازات
الإيرانية النوعية، وبصرف
النظر عن دقة ما توصلت إليه
التكنولوجيا الإيرانية، ومدى
الإسهام في وضعها بين الدول
الإقليمية العظمى تبقى الرسالة
النووية الأشد وضوحاً لجهة
الرغبة الإيرانية في التوصل إلى
النادي النووي الذي يتيح لها في
النهاية اللعب في السياسات
الإقليمية والدولية في المربع
الذي تختاره هي، لا الذي يريده
غيرها لها . عُرِفَ الإيرانيون بطول الصبر والأناة في
حياكة السجاد ولو استمر الأمر
عقدا في واحدة منها، ويبدو أن
الإيرانيين تمكنوا من استنساخ
التجربة نفسها في حياكة السجاد
النووي، الذي يستلزم علاوة على
الصبر والأناة حنكة ودهاء
التفاوض الذي يبدو أنهم قطعوا
أشواطا كبيرة فيه، والتي بدأت
رسائلها تتناثر في غير اتجاه . أستاذ القانون الدولي في
الجامعة اللبنانية ============================= آخر تحديث:الخميس ,18/02/2010 إيان سينكلير أثارت محاولة عمر فاروق عبدالمطلب، تفجير
طائرة “نورث ويست” الأمريكية،
ضجة هائلة في الميديا الأمريكية
والبريطانية، ونشرت الصحف مئات
المقالات والأعمدة التي تتناول
هذه الحادثة، وامتلأت النشرات
والتقارير والبرامج الحوارية
التلفزيونية والإذاعية بأخبار
وتحليلات مستفيضة، ركزت كلها
على تساؤلات من، ماذا؟ متى؟
أين؟ وكيف؟ بيد أن الميديا
الأمريكية والبريطانية وبالرغم
من التغطية المكثفة للحادثة،
فشلت في طرح التساؤلات الأهم-
التساؤل الذي يجب طرحه قبل أي
تساؤل آخر والذي يفترض أن يبدأ ب”لماذا”؟ والناس الذين كانوا يأملون في أن يضيء
المسيح الجديد للولايات
المتحدة جهل العامة، كانوا
بالتأكيد محبطين عندما اكتفى
الرئيس الديمقراطي بهذه
العبارة: “أود أن أبعث برسالة
للمسلمين حول العالم . .
الولايات المتحدة تقف مع أولئك
الذين يسعون للعدل والتقدم” .
وبعد أن تفوه أوباما بهذه
الكلمات ترك منصة الخطابة
لمستشار مكافحة الإرهاب في
الإدارة الأمريكية جون برينان،
الذي قال: “القاعدة تنظيم مكرس
للقتل وذبح الأبرياء باستهتار”
. وقد يقول البعض “دعك من هؤلاء الأمريكيين
البلهاء”، لكن يبدو أن
البريطانيين أيضاً يشاركونهم
في هذه الرؤى والتفسيرات
الخرقاء للإرهاب، فبعد هجمات
يوليو/ تموز 2005 الإرهابية في
لندن، قال وزير الداخلية
البريطاني شارلز كلارك: “من
قاموا بهذه الهجمات يريدون
تدمير الديمقراطية” . وثمة وجهات نظر مناقضة للتفسيرات
الأمريكية والبريطانية الرسمية
للإرهاب، وعلى سبيل المثال
يجادل مايكل شوير، الذي كان
يترأس وحدة تعقب أسامة بن لادن
في “السي آي ايه” في التسعينات
بأن الهجمات التي ينفذها
إسلاميون متشددون على الولايات
المتحدة لا علاقة لها بحريتنا
وديمقراطيتنا، إنها تتعلق فقط
بالسياسات الأمريكية وأفعالنا
في العالم الإسلامي . من الصادق من هذين الفريقين؟ . . أو من
علينا أن نصدق؟ بالعودة لبريطانيا، وفي أواخر سبتمبر/
أيلول الفائت قالت صحيفة “إنتر
ناشونال هيرالد تريبيون” إن
المحلفين في محاكمة مؤامرة
تفجير عشر طائرات لخطوط “ترانس
أتلانتيك” في ،2006 عرضت عليهم
تسجيلات فيديو أعدها مجموعة من
مدبري المؤامرة، وذكرت الصحيفة
“أن التسجيلات تبين أن
المجموعة كانت تخطط للانتقام من
بريطانيا والولايات المتحدة
بسبب تدخلاتها في الدول
الإسلامية، وإشعالها الحروب في
العراق وأفغانستان” . ولكن ماذا عن شهادة الحكومة الأمريكية
نفسها؟ في 2004 قال مجلس الدفاع المعرفي الذي شكله
البنتاجون: “المسلمون لا
يمقتون حريتنا، بل يكرهون
سياساتنا، معظم المسلمين
يعارضون الدعم المنحاز ل”إسرائيل”
الذي يحول دون حقوق الفلسطينيين”
. روبرت .أ .بابي بروفسور العلوم السياسية
في جامعة شيكاغو، ومدير مشروع
شيكاغو لدراسة الإرهاب
الانتحاري، وضع كتاباً بحثياً
كاملاً حاول فيه إيجاد أجوبة،
وتوصل لنتيجة مفادها أن “الإرهاب
الانتحاري رد فعل للاحتلال
الأجنبي وليس ناتجاً من التطرف
الإسلامي” . والمشكلة هنا، تتلخص في البحث عن إجابات
وحصول تقنية لأمر يحتاج للحلول
السياسية بشدة، وفي الحقيقة
بتجاهل وإغفال التساؤل غير
المريح الذي يبدأ ب”لماذا”
تصبح احتمالات تعرض الولايات
المتحدة وبريطانيا لهجمات
إرهابية في المستقبل، هي
الاحتمالات الراجحة . وهذا لا يعني أن نقترح توجيه السياسة
الخارجية لبريطانيا وفقاً
لتصرفات مجموعة صغيرة من
المتطرفين، وعوضاً عن ذلك يجب
إحداث تغيير جوهري راديكالي على
السياسة الخارجية البريطانية،
لأنها سياسة غير أخلاقية
ومنافقة، وقد تسببت في ازهاق
أرواح مئات الآلاف من البشر،
غالبيتهم من العالم الإسلامي
وببساطة شديدة، يجب العمل على
قلب منظومة الدعم الأمريكي
والبريطاني ل”إسرائيل”
والانسحاب من العراق
وأفغانستان، وإنهاء تأييدنا
الميكيافيلي لبعض الأنظمة
العربية غير الديمقراطية، وذلك
هو الأمر الصحيح والأخلاقي الذي
ينبغي عمله، وتطبيق مثل هذه
السياسات والأعمال الإيجابية
من شأنه العمل على تقليص كراهية
الحكومات الأمريكية
والبريطانية في العالم
الإسلامي -وبالتالي تحجيم
التهديد الإرهابي بنسبة هائلة . ============================= العلاقة العربية
الإيرانية بين الأمس والغد بقلم :احمد عمرابي البيان 18-2-2010 مع سقوط نظام الشاه محمد بهلوي، الحليف
الأكبر لإسرائيل في المنطقة وفي
العالم الإسلامي، بعد انتصار
الثورة الخمينية أوائل عام 1979
بأجندتها الإسلامية
الراديكالية، كان المأمول أن
يؤدي انبثاق هذا الظرف التاريخي
النادر إلى تبلور تحالف عريض
بين الدول العربية وإيران، تحت
راية «تحرير القدس»، في مواجهة
الشراكة الإسرائيلية الأميركية.
لكن من المؤسف الآن أنه وعلى مدى
ثلاثة عقود زمنية، تبدد هذا
الظرف التاريخي تماماً. فماذا
جرى؟ في البدء، ومع استيلاء القيادة الثورية
على السلطة في طهران، جاء أول
تحرك إيجابي عربي تجاه النظام
الثوري الجديد من منظمة التحرير
الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات،
ولكن رويداً تعثرت المبادرة
الفلسطينية وانتهت إلى فشل، بعد
أن أساء عرفات استخدامها. يروي التاريخ القريب أنه في مساء يوم 31
يناير 1979، وقف عرفات في شرفة
منزله في بيروت، وأطلق طلقات في
الهواء من مسدسه الخاص تعبيراً
عن الابتهاج. ففي ذلك اليوم وطئت
قدما الإمام الخميني أرض بلاده
لأول مرة، بعد 14 عاماً من العيش
في المنفى الخارجي، ليتولى
قيادة الحكم بعد أن أطاحت
الثورة بنظام الشاه. كما هو معلوم، كان الخميني قادماً من
باريس حيث كان يقيم، بعد أن طرده
نظام «حزب البعث» في العراق.
ومما يروى أن عرفات عرض على
الزعيم الإيراني الإقامة في
لبنان، حين كان آنذاك مقراً
لمنظمة التحرير الفلسطينية
وقواتها القتالية. كان تحرك عرفات على ذلك النحو يترجم فورة
ابتهاج شعبي في المخيمات
الفلسطينية في لبنان، حيث نصبت
لافتات في شوارع بيروت مكتوب
علهيا «اليوم إيران.. وغداً
فلسطين».لكن شهر العسل هذا لم
يدم طويلاً، فقد نشأت حالة توتر
بين قيادة منظمة التحرير
والقيادة الثورية الإيرانية.
وكان السبب دخول الولايات
المتحدة على خط العلاقة بين
الطرفين، عبر المنظمة
الفلسطينية. في ذلك الحين، وقبل أقل من عام على انتصار
الثورة الإيرانية، خرجت
مظاهرات عارمة في طهران، انتهت
إلى قيام مجموعة من الشباب
الثوريين باحتلال السفارة
الأميركية واحتجاز 52
دبلوماسياً أميركياً. وبعد أن فشلت جهود الإدارة الأميركية مع
السلطات الإيرانية لإطلاق سراح
الدبلوماسيين، تلقى عرفات
بصورة غير مباشرة رسالة من وزير
الخارجية الأميركية، آنذاك،
سايروس فانس، طالباً منه التوسط
لدى الإيرانيين. كاد عرفات يطير من الفرح بهذا التكليف.
فقد تراءى له أنه فرصة لكي ترضى
عنه واشنطن، فتوافق على فتح
حوار مع منظمة التحرير، إذا
تمكن فعلاً من إحراز النجاح في
إطلاق الرهائن الأميركيين. كانت تلك رؤية تنم عن تفكير قصير النظر،
فقد استشاط القادة الإيرانيون
غضباً ورفضوا الوساطة
الفلسطينية، قائلين إن قيادة
المنظمة الفلسطينية تقوم بدور «قذر».
وهكذا خسر عرفات والمنظمة فرصة
تاريخية، بتفضيله مكسباً
تكتيكياً غير مضمون في كل
الأحوال، على علاقة دعم تحالفية
بعيدة المدى. لكن تدهور العلاقة بين أطراف عربية
وإيران، لم يتوقف عند هذا الحد.
فقد دعمت عدة دول عربية الحرب
التي ابتدرها عراق صدام ضد
إيران في عام 1980، وتواصلت لمدى
ثماني سنوات. ودخلت أميركا
أيضاً على خط الحرب لصالح
العراق، إذ كانت تمد قيادة
القوات العراقية بمعلومات
استخباراتية عن أهداف إيرانية.
وبدا الأمر وكأنه تحالف عربي
بإشراف أميركي.. وكأن الدول
العربية نسيت إسرائيل ومصير
الشعب الفلسطيني تماماً. ولذا
فإنه عندما تجاوزت الحرب عامها
السابع، وقع رد فعل فلسطيني
شعبي عارم، تمثل في اندلاع «انتفاضة
الحجارة» في الأراضي المحتلة
أواخر عام 1987. والآن لنتساءل: إلى أين ينبغي أن تتجه
العلاقة العربية الإيرانية؟ أمامنا ثلاثة محاور: فلسطين، ولبنان،
والبرنامج النووي الإيراني. نظرياً لا ينبغي أن يكون هناك خلاف عربي
إيراني تجاه الاحتلال
الإسرائيلي لأراض عربية،
وبالتالي تجاه المقاومة
الوطنية في كل من الأراضي
الفلسطينية ولبنان، أي «حماس» و«حزب
الله». لكن النظرية شيء والواقع
المرئي شيء آخر، ذلك أن غالبية
الدول العربية لا تختلف رؤيتها
نحو المقاومة المسلحة عن الرؤية
الأميركية الإسرائيلية. وحتى
قيادة السلطة الفلسطينية،
تجاهر علناً بمعارضتها نهج
المقاومة من حيث المبدأ.. بينما
تحظى منظمات المقاومة من ناحية
أخرى بدعم عملي إيراني. وإذا كان هذا الواقع المرئي موضع عجب، فإن
ما هو أعجب من ذلك أن نرى موقفاً
عربياً معارضاً للبرنامج
النووي الإيراني، اقتداءً
بالموقف الأميركي. بالطبع تقول القيادة الإيرانية إن
برنامجها النووي مصمم لخدمة
أغراض سلمية فقط. وبالطبع لا يصح
أخذ هذا الادعاء على ظاهره
وكأنه الحقيقة الكاملة، إذ ليس
من المستبعد أن يتطور البرنامج
مستقبلاً إلى مستوى إنتاج أسلحة
نووية. لكن ما يثير العجب حقاً،
هو السكوت العربي عن الترسانة
الإسرائيلية التي تحوي أكثر من
مئتي رأس نووي، علماً بأنها أمر
واقع، بينما تحول البرنامج
الإيراني إلى مستوى تصنيع أسلحة
أمر ينحصر في دائرة الاحتمال! فهل بعد هذا سيأتي يوم يقوم فيه تحالف
عربي إيراني تحت راية «تحرير
القدس»؟ الإجابة على هذا السؤال
تفرز تساؤلاً لاحقاً: متى تتحرر
الإرادة العربية من الارتهان
إلى الإرادة الأميركية؟ ============================= بقلم :د. محمد مخلوف البيان 18-2-2010 مئات المقالات والآراء والدراسات وعشرات
الندوات وعدّة كتب، عرفتها
فرنسا خلال الأشهر الأخيرة،
تدور كلّها حول موضوع واحد، هو «الهوية
الوطنية» الفرنسية كعنوان
عريض، و«مكانة الإسلام
والمسلمين» في النسيج
الاجتماعي والسياسي الفرنسي
كعنوان «فعلي». الموضوع ليس جديداً. إنه مطروح منذ سنوات
عديدة. يخبو أحياناً، ثم يبرز
فجأة على خلفية حدث أو واقعة، أو
حتى لمجرّد مأرب انتخابي! وبعد
قضية الطالبات «المحجبّات»
الثلاث في إحدى المدارس قبل
سنوات، وما رافقها من ضجّة على
صعيد فرنسا كلّها، ينفجر
الموضوع من جديد اليوم حول «النقاب»،
الذي ظهر فيه بضع مئات حوالي 2000
حسب بعض المصادر الصحافية من
النساء المسلمات في بعض المناطق
الفرنسية. وهذه المرّة هي
الأعنف والأطول، فإذا كانت قضية
«الحجاب» قد انتهت إلى حل وسط ب
«التراضي»، فإن النقاشات تدور
اليوم حول ما إذا كان ينبغي
إصدار، أو عدم إصدار، قانون
لمنع ارتداء النقاب؟ الآراء تختلف وتتباين وتتناقض، بين مؤيدي
إصدار القانون وبين معارضيه.
المرجعيات قد تكون واحدة، لكن
التفسيرات هي التي تختلف. وكما
كان الأمر في قضية الحجاب
سابقاً، تمزّق قضية النقاب
اليوم الطبقة السياسية
الفرنسية كلّها. تناقض في
اليمين، وتناقض في اليسار.
برلمانيون ورجال قانون ومثقفون
ومدافعون عن حقوق الإنسان
ومسلمون، الكل يبحث عن حجج في
هذا الاتجاه أو ذاك، ولكل منهم
في أغلب الأحيان مراميه. جرد الحجج المقدّمة في الاتجاهين، يحتاج
إلى صفحات. ولكن قد يمكن جمع
المؤيدة منها لإصدار قانون، في
عدّة عناوين عريضة هي؛ المحافظة
على النظام العام، واحترام
العلمانية، وصيانة كرامة
المرأة «ولو قسراً»، والوقوف في
وجه انحراف طائفي منافٍ للقيم
الجمهورية. أما الحجج المناهضة لصدور قانون، فمن
أبرزها القول إن القانون يمس
حتماً الحريّة الفرديّة،
ويتنافى مع مبدأ المساواة، هذا
فضلا عن أنه غير قابل للتطبيق،
وقد يثير اضطرابات دون استبعاد
شبح الإرهاب. الرئيس نيكولا ساركوزي كان واضحاً في
موقفه منذ البداية، عندما قال «النقاب
ليس فرنسا، وفرنسا لا تريد
النقاب»، لكنه كان أقل وضوحاً
في ما يخص إصدار قانون بمنعه.
إنه لم يقل «لا» لإصداره، ولكنه
قال ب«منعه في الأماكن العامّة».
مع ذلك لم تتردد المجموعة
البرلمانية لحزب «الاتحاد من
أجل حركة شعبية»، حزب الأغلبية
والرئيس، عن إعلان عزمها على
طرح مشروع قانون لمنع النقاب
بشكل كامل، وليس في الأماكن
العامّة فقط. ولم يتردد رئيس هذه المجموعة، جان
فرانسوا كوبيه، في الدخول بنوع
من النزاع المفتوح مع الرئيس
ساركوزي، أثناء اجتماع في قصر
الإليزيه لقادة الأغلبية،
عندما أكّد أنه «قد حان الوقت
لاتخاذ قرار حاسم. ينبغي إصدار
قانون، ولا يمكن ترك ظاهرة
النقاب تصبح أمراً عادياً»،
وأضاف: «هذه مشكلة في غاية
الخطورة، وأنا مع المنع الكامل
للنقاب». اختلطت الأوراق ودخلت الحسابات الشخصية «المنقّبة»،
في اتخاذ المواقف، كما يبدو.
فالكل يتحدث عن الطموحات
الرئاسية لجان فرانسوا كوبيه،
الذي قد يريد بتشدده أن يظهر
بموقف السياسي الحازم في ما
يتعلّق بالمبادئ، مما يجد صداه
لدى ناخبي اليمين، ويظهر بموقف
المدافع عن «حريّة المرأة»،
ليعزف للمجتمع الفرنسي عامّة
على النغم الذي يحبّه. أمام حمّى الانفعالات التي أثارتها
النقاشات، فقد حسمها الرئيس
ساركوزي بتأجيل مسألة تبنّي
قرار أو إصدار قانون، إلى ما بعد
الانتخابات الإقليمية التي
ستجري في مارس المقبل. ولكنه
حاول في الوقت نفسه «تأطير»
النقاشات، حيث تبنّت الحكومة
قبل أيام قرار تشكيل لجنة تضمّ
سياسيين ومؤرخين ورجال قانون،
وممثلين لجميع «الحساسيات»
السياسية والاجتماعية
الفرنسية، لتكون في موقع «الحَكَم»
الذي يمنع «الشطط»، في كل ما
يتعلّق بالنقاش حول الهوية
الوطنية الفرنسية. ويبقى السؤال: قانون أو لا قانون؟ المسلمون لهم وجودهم في فرنسا منذ عقود
طويلة، أمّا الظاهرة فجديدة
وهامشية، وهناك سبل عديدة
لاستيعابها، دون توظيف ما تثيره
من مشاعر الخوف «المفهومة» لدى
الفرنسيين من انتشار النقاب،
كما عبّرت الأغلبية منهم حسب
عدّة استطلاعات للرأي. ومجرّد
تعبئة البرلمان لنقاش الموضوع،
سيكون مثل من يصب الزيت على
النار. ذلك أن الربط سيحدث آلياً
بين الإسلام والنقاب لدى الرأي
العام، هذا فضلاً عمّا سيرافق
ذلك من إثارة لمشاعر المسلمين
في فرنسا.. وفي العالم. لكن إذا مرّ القانون مع ذلك في البرلمان،
فليس هناك ما يسمح بالتأكيد أنه
سيمرّ من رقابة المجلس
الدستوري، الذي سبق وكبح قوانين
أخرى كان من آخرها القانون
الخاص ب «ضريبة الكربون». وهناك
أيضاً عقبة المحكمة الأوروبية
لحقوق الإنسان. وفوق هذا كلّه،
قد يكون قانوناً غير قابل
للتطبيق، كما عبّر العديد من
رجال السياسة، ورجال الشرطة
أيضاً الذين حذّروا من أفق حدوث
اضطرابات. في كل الحالات، ليست قضيّة قانون النقاب
سوى الجزء الصغير البارز من
مسألة تحديد مكانة الإسلام
والمسلمين في النسيج الاجتماعي
والسياسي الفرنسي. لا شكّ أنها
مرحلة انتقالية، قبل أن ترسو
الحالة إلى قرار. ============================= ترومان - آيزنهاور
والشرق الأوسط هيرالد تريبيون ترجمة الخميس 18-2-2010م الثورة على أوباما أن يفكر بطريقة عالمية عندما
يتطرق لمحادثات السلام،
الإسرائيلية - الفلسطينية . استنتج الكثيرون الذين يعتقدون في
إمكانية تحقيق السلام بين
الفلسطينيين والإسرائيليين، أن ذلك لم يعد أملاً واقعياً، على الأقل
في الفترة الأولى من رئاسة
أوباما، وقد أصيبوا بإحباط شديد
نتيجة إصرار إسرائيل المتعجرف
على توسيع المستوطنات ، رغم
أنها تعلم جيداً أن ذلك يغضب
الفلسطينيين . كما أعابوا على
أوباما تركيزه على سياسة
الانتحار- الذاتي لإسرائيل- من
خلال تفضيلها لتوسيع
المستوطنات على تحقيق السلام.
وبهذا الفعل، فإن،
الإسرائيليين، يتجاهلون
التحولات الكبرى في الشرق
الأوسط. ومع ظهور إيران، من المتوقع أن ينظر إليها
كبديل يحل محل إسرائيل في كونها
القوة المهيمنة في الشرق الأوسط.
يوضح ذلك الإحساس، حتى وإن كان مبالغاً
فيه، المدى الذي وصلت إيران
إليه. ومع ذلك ، لايتعامل السيد
أوباما مع قضايا الشرق الأوسط
كونها تنضوي تحت لواء أزمة
الأمن الدولية، كما فعل
الرئيسان ، ترومان و آيزنهاور
. حيث أقدم كلا الرئيسين على تغيير سياسة
أميركا بشكل دراماتيكي بعد
الحرب العالمية الثانية
لمواجهة التحدي الأمني آنذاك:
اجتماع التهديد الشيوعي،
ونووية الاتحاد السوفييتي ،
وهكذا استنتج ترومان أن هذا
التحدي يتطلب من أمريكا تشجيع
خلق دولة يهودية في فلسطين
كتحصين ضد الاتحاد السوفييتي في
الشرق الأوسط. إذ كانت إسرائيل ستشكل حليفاً يمكن
الاعتماد عليه للمشاركة في
القيم الأمريكية والمصالح
الأمنية ودعم صدارة أمريكا في
النظام العالمي. فعندما شاركت فرنسا وبريطانيا إسرائيل في
الهجوم على مصر عام 1956، أدرك
آيزنهاور أن الموقف الأمريكي
الدولي ضد الاتحاد السوفييتي لا
يمكن الحفاظ عليه في حال أرغمت
قوى حليفة ثانوية عداوة عالم
عدم الانحياز ضد أمريكا . وقد شعر آيزنهاور حينذاك بالقوة في
اعتقاداته وقوته السياسية إلى
درجة تجاهل فيها ضغوط
الانتخابات من أن تصبح سلبية
بسبب «أزمة السويس» . وبدلاً من
ذلك، أرغم البريطانيين
والفرنسيين على التعرض للإرباك
والحرج في مجلس الأمن الدولي،
حيث وجه إنذاراً واضحاً ل بن
غوريون، رئيس وزراء إسرائيل
آنذاك، لمغادرة سيناء، أتى هذا
الإنذار أو كله بطريقة وبسرعة
يمكن للرئيس أوباما فقط أن يحلم
بهما. لماذا ينقص الرئيس أوباما القدرة التي
كان آيزنهاور يمتلكها على إجبار
إسرائيل على الانسحاب بشكل
حاسم؟ تكمن الإجابة على هذا
التساؤل في قرار بن غوريون على
وجه السرعة بتوجيه شمعون بيريز
بتأسيس قوة إسرائيل النووية
مباشرة بعد أزمة السويس. ذهب
بيريز إلى فرنسا ، الممول
الرئيسي لإسرائيل بالأسلحة
حينذاك ، ينشد مساعدتها في
إيجاد ردع إسرائيل النووي. وعليه، قامت استخبارات فرنسا السرية
بتزويد إسرائيل باليورانيوم
والمخططات المتطورة لمنشآتها
النووية. عاد بيريز بهذه
المخططات إلى إسرائيل، وتمكن
علماء الفيزياء النووية في
إسرائيل من تحويل ضعف بن غوريون
على وجه السرعة إلى مصدر أساسي
لقوتها . وهكذا ستصبح المواجهة بين ضعف بن غوريون
وقوة آيزنهاور، المفتاح السحري
لنجاح أوباما في التسبب بسياسة
إسرائيلية مختلفة، فإسرائيل
تشعر بالقلق حيال تطوير إيران
لقدرات صناعة أسلحة نووية، وعلى
السيد أوباما أن يخرج المفاوضات
الفلسطينية- الإسرائيلية من
سياقها الثنائي إلى مضمون دولي
بعدم انتشار الأسلحة النووية،
بما في ذلك ارتباط الأمر
بالمحادثات مع إيران، وبما أن
أوباما يعتبر عدم انتشار
الأسلحة النووية من أولى
أولوياته، فمن الأجدى به أن
يوضح لإسرائيل أن حماية أمريكا
«للغموض النووي» الإسرائيلي من
الصعب الإبقاء عليه مالم تقبل
إسرائيل على التوصل إلى السلام
مع دول المنطقة أثناء فترة حكمه.
لكن ما يبدو أولوية قصوى لأمن
إسرائيل : هو انتشار المستوطنات
أو أبدية «الغموض النووي»
لإسرائيل والتي بموجبها تتحاشى
التعرض لضغوط هائلة من المجتمع
الدولي للتطابق مع أنظمة عدم
انتشار الأسلحة النووية. وهذا
هو نوع التغيير الدراماتيكي
المطلوب كموقف من قبل السيد
أوباما . وكأسلافه، يتوجب على
أوباما أن يفكر بطريقة دولية
حيال إسرائيل لمنح أمريكا
وإسرائيل على حد سواء فرصة
لتحقيق السلام. وذلك سيغير
ميزان القوة في الشرق الأوسط
بالاتجاه المستهدف من قبل
ترومان: تحالف القوة بين أمريكا
وإسرائيل . ترجمة
وإعداد : رنجس خزاعي ستيفين . بي . كوهين: رئيس المعهد
المتخصص بسلام الشرق الأوسط
وإنمائه ومؤلف كتاب عجز أمريكا
عن الإمساك بالأمور: قرن من
الدبلوماسية الفاشلة في الشرق
الأوسط. ============================= الشركات تدير
الديمقراطية الأميركية موقع Le Grand Soir ترجمة الخميس 18-2-2010م ترجمة: منير الموسى الثورة سيدخل 21 كانون الثاني التاريخ يوماً أسود
على الديمقراطية وبداية
لانحدارها. فقد أصدرت المحكمة
العليا فيه قراراً نص على أن ليس
للحكومة الحق في منع الشركات من
الاستثمار مباشرة في الانتخابات، وبذلك يستطيع قادة
الشركات شراء الانتخابات
مباشرة، دون المرور عبر وسطاء،
ما يزيد من قوة أقلية ضئيلة من
السكان تسيطر على الاقتصاد، ومن
ثم سيؤثر عميقاً في سياسات
الحكومة داخلياً وخارجياً، لأن
هذا القرار يعلن تعزيز قبضة
الشركات على النظام السياسي
الأميركي. ورأت هيئة تحرير صحيفة نيويورك تايمز أن
هذا القرار شكل طعنة في قلب
الديمقراطية لأنه سيتيح
للشركات أن تخصص ميزانياتها
الضخمة لتعويم الحملات
الانتخابية وترهيب المرشحين
والمنتخبين من أجل تمثيل
مصالحها. ومعلوم أن المساهمات كانت تقدمها الشركات
قبل صدور القرار، ضمن أغلفة،
بطرق غير مباشرة تكون غالباً
معقدة، في العمليات
الانتخابية، وكانت قادرة على أن
تجري تحولات في الانتخابات وأن
تقرر السياسات العامة. وتأتي
المحكمة العليا أخيراً لتزيد من
قوة هذه الأقلية من السكان
الذين يهيمنون على الاقتصاد. ونظرية الاستثمار في السياسة التي طرحها
الاقتصادي توماس فيرغسون هي
أداة مناسبة للتنبؤ بسياسة
طويلة الأمد للحكومة، وهي تعتبر
أن الانتخابات فرص متاحة للقطاع
الخاص كي يعقد التحالفات
والاستثمار في الاستيلاء على
الدولة. وقرار الواحد والعشرين من كانون الثاني
جاء ليضيف الوسائل التي من
شأنها تقويض الديمقراطية، ونصه
يبوح بكل شيء: فقد اعترف القاضي
جون بول ستيفنز في عرضه للقرار:
«نحن نعترف منذ فترة طويلة أن
الشركات محمية بموجب التعديل
الأول» وهو المادة الدستورية
التي تضمن حرية التعبير والتي
تشمل تقديم الدعم للمرشحين إلى
الانتخابات. وفي بدايات القرن العشرين أيد الفقهاء
القرار 1886 الذي صدر وطبقته
المحاكم، و الذي يعدّ الشركات
أنها «تلك الكيانات الشرعية
الجمعيّة» التي تتمتع بحقوق
الأفراد نفسها. وهذا القرار
شكّل تحدياً لليبرالية
الكلاسيكية وأدانته آنذاك
الأوساط المحافظة المهددة
اليوم بالانقراض. وقد وصف
كريستوفر جيه تيدمان هذا المبدأ
بأنه تهديد للحريات الفردية
والاستقرار ويهدد الدولة
باعتبارها حكومة شعبية. وكتب مورون هورويتز في معرض تأريخه
للعدالة أن مفهوم شخصنة الشركات
قد تغير عندما انتقلت السلطة من
المساهمين إلى المديرين، ما أدى
في النهاية إلى المذهب القائل
بأن «صلاحيات مجلس الإدارة
متطابقة مع صلاحيات الشركة».
وبعد سنوات توسعت حقوق الشركات
لتتجاوز كلياً حقوق الأشخاص
ومصالحهم، بما في ذلك اتفاقات
التجارة الحرة السيئة الصيت.
ووفقاً لهذه الاتفاقات مثلاً
إذا كانت شركة جنرال موتورز
تقيم مصنعاً في المكسيك فإنها
تشترط أن تعامل مثل أي شركة
مكسيكية «معاملة وطنية»، على
عكس الشخص المكسيكي الطبيعي
الذي يسعى إلى «معاملة وطنية»
في نيويورك، أو إلى الحد الأدنى
من حقوق الإنسان، فليس له أن
يحصل عليها. ومنذ قرن من الزمان تحدث الأكاديمي دودرو
ويلسون عن أميركا: «فيها «مجموعة
صغيرة من الأغنياء وقادة
الأعمال، تمسك بزمام السلطة
للسيطرة على الوضع الاقتصادي
والصحي لبلدهم»، والذين
سيصبحون بذلك المنافسين
المباشرين للحكومة. وفي واقع
الأمر قد تصبح هذه المجموعة هي «المعلم»
الذي يملي على الحكومة ما يشاء
بسبب أحدث قرار أصدرته المحكمة
العليا وأتاح لها مزيداً من
الفرص». وجاء القرار بعد ثلاثة أيام على فوز آخر
للأغنياء والأقوياء وهو انتخاب
المرشح الجمهوري سكوت براون
خلفاً للسيناتور الراحل إدوارد
كينيدي الزعيم الليبرالي في
ولاية ماساتشوستس. وعلى حين وصف
البعض أن انتخاب براون «انتفاضة
شعبية» ضد النخب الليبرالية
التي تدير الحكومة، لكن قراءة
التصويت تروي قصة مختلفة
ولاسيما من خلال اقتراع للرأي
بيّن أن 55٪ من الناخبين
الجمهوريين قالوا إنهم مهتمون
جداً بالانتخابات، بينما نسبة
المهتمين بها من الديمقراطيين
كانت 38٪، وعليه فإن إقبال
الجمهوريين على الانتخابات
بشكل كبير مقابل ضعف المشاركة
في الأحياء التي يقطنها
الديمقراطيون شكّل انتفاضة على
سياسات أوباما لأنه وفقاً
للأغنياء لم يفعل ما يكفي
لزيادة ثرائهم، على حين أنه
وفقاً للفقراء لم يفعل الكثير
لرفع مستواهم، وهذا الغضب
الشعبي أمر مفهوم بالنظر إلى
المصارف التي راحت تزدهر بفضل
عمليات الإنقاذ، على حين أن
البطالة ارتفعت 10٪. وهذه
النسبة هي ذاتها التي حدثت خلال
فترة الكساد الكبير، فمن بين كل
ستة عمال فقد واحد منهم عمله،
وتبدو احتمالات استعادة
الوظائف منخفضة بسبب خفض
الإنتاج في الصناعة، والتمويل
المالي المتزايد الذي يقدم
للاقتصاد. وغدا براون الصوت
الواحد والأربعين ضد الضمان
الصحي، وصحيح أن برنامج أوباما
للتأمين الصحي كان عاملاً مهماً
في الانتخابات، ولكن استطلاعات
الرأي فسرت لماذا لم يؤثر فيها،
إذ إن أغلبية الناخبين وافقوا
على إدارة الصحة من قبل كل من
الجمهوريين والديمقراطيين.
ويعتقد 85٪ من المستطلعة
آراؤهم أن الحكومة ينبغي أن
يكون لديها الحق في التفاوض على
أسعار الدواء، ولكن أوباما طمأن
شركات الصيدلة بعدم اتخاذ هذا
الإجراء. علماً أن التكاليف
الصحية للفرد في أميركا تبلغ
ضعف ما هي عليه في البلدان
الصناعية الأخرى، مع أن نوعيتها
أقل من الحدود الدنيا. ولكن
الوفورات في التكاليف غير مجدية
وما دامت الشركات الصيدلانية
تستفيد من مثل هذا السخاء فقرار
21 كانون الثاني يضع عقبات جديدة
أمام الضمان الصحي وأمام سياسات
البيئة والطاقة. والفجوة تتعمق
بين الرأي العام والسياسة،
والضربة التي تلقتها
الديمقراطية لا يمكن تصورها. ============================= الافتتاحية الخميس 18-2-2010م بقلم رئيس التحرير أسعد عبود الثورة مشكلتنا مع الولايات المتحدة هي إسرائيل
والطيف الإسرائيلي في السياسة
الأميركية.. ليس هناك أي مشكلة
أخرى حقيقية بين البلدين..
والتاريخ أمامكم. الولايات
المتحدة لا تجهل هذه الحقيقة.. وتقدّر بالتأكيد حجم تأثير السياسة
الإسرائيلية المعادية للعرب
القائمة على الاحتلال والتوسع
والاستيطان في مشاعر أبناء
المنطقة تجاهها، لذلك كانت
معنية جداً بمشروع سلام الشرق
الأوسط.. وتكاد تكون مارست
نفوذها بصلابة لعقد مؤتمر مدريد
لسلام الشرق الأوسط 1991. وتدرك أميركا ولا ريب، أن إسرائيل هي التي
كتبت نهاية مؤتمر مدريد، وفرغته
من محتواه، لأنها ترفض السلام..
وأحد أسباب رفضها هو إبعاد
إمكانية علاقات متميزة
للولايات المتحدة مع شعوب
المنطقة. سورية دولة تواجه احتلال أراضيها منذ 1967
وحتى اليوم.. وقد لبت الدعوة
الأميركية لمبادلة الأرض
بالسلام وفق قرارات الشرعية
الدولية.. وعوّلت – وما زالت
تعوّل – على الدور الأميركي في
إقامة السلام وضمان مسيرته..
وباعتبار ما جرى حتى اليوم.. لها
كل الحق أن تشعر بالإحباط. لكن.. ورغم هذه الحقائق, دعت دائماً للحوار
وحل مشكلات العالم بعيداً عن
السلاح.. ولم تتنازل عن شبر من
أراضيها المحتلة أو حق مغتصب،
ولن تتنازل، ولا يمكنها أن تفعل..
لأن ذلك يُبقي الجرح مفتوحاً
ويخل بأساس عملية السلام. بعيداً عن الطيف الإسرائيلي في سياسة
الولايات المتحدة يكاد البلدان
لا يجدان ما يختلفان عليه في
إدارة علاقات ثنائية متميزة
وإقليمية ودولية قائمة على
الحوار والثقة المتبادلة. يد سورية الممدودة للحوار.. واستعدادها
للتفاهم لم يتراجع أي منهما في
أي يوم من الأيام.. حتى في ذروة
الاختلاف.. كما في غزو واحتلال
العراق الذي رفضته كلياً
وعارضته دون أي احتمالات أخرى.
ليست وحدها التي عارضته.. وستعارضه ولو
كانت وحدها.. وحتى أميركا اليوم
لم تعد تؤيده.. رغم ذلك استمر التعاون الأمني مع
الولايات المتحدة على قاعدة
مكافحة الإرهاب إلى أن أصرّت
الإدارة الأميركية السابقة على
العداء المصطنع.. والعقوبات غير
المبررة.. تنتظر سورية من الولايات المتحدة كما
تتفهم دورها في المنطقة، وهو ما
دأب المسؤولون الأميركيون على
التذكير به، أن تفهم معاناتها
الناجمة عن غياب السلام.. وطيف
السياسة الإسرائيلية في القرار
الأميركي .. والذي كان له الدور
الأكبر في العقوبات على سورية..
نحن نراهن على السلام والحوار والتعاون..
على ألا يستمر هدر الزمن.. مع
احترامنا لكل الخطوات
الأميركية الجيدة تجاه سورية..
ولا سيما إنهاء سياسة الإملاءات
والشروط والانتقال إلى الحوار
مهما كان صعباً بسبب العامل
الإسرائيلي. بين بلدين لا يجدان ما يختلفان عليه سوى
عامل مؤثر ناجم عن موقف طرف ثالث..
لا بد أننا ننتظر الأكثر..
والاقتراب من حقيقة أننا لا نجد
ما نختلف عليه في علاقات ثنائية
نسعى ألا تكون جيدة وحسب.. بل
متميزة. ============================= "زيّان" النهار 18-2-2010 عندما يستفسر زائر أو موفد دولي عن
الأسباب التي لا تزال تكبٍّل
الوضع اللبناني على رغم
الانفراجات والانفتاحات
والمصالحات، يأتيه الجواب من
حيث لم يكن ينتظر. إذ، كثيراً ما يُقال للسائل فتٍّش عن
المنطقة. أو فتٍّش عن اسرائيل.
أو فتش عن المفاعل النووي في
ايران. أو فتٍّش عن كل ما يحصل في
المنطقة وحولها وصولاً الى
أفغانستان وباكستان وكشميرستان
وعربستان، مروراً بالعراق
واليمن، وانعطافاً نحو القرن
الأفريقي، صعوداً الى السودان. ليس من باب المبالغة تعداد كل هذه
اللائحة، وايراد كل هذه العوامل
والأسباب، مع تلاوة فعل الإيمان
لدى تجميع عناصر جواب بهذا
التعقيد عن سؤال بسيط، قد يكون
استفهاميّاً، أو عرضيّاً، أو
عابراً. إنما للتدليل
على تشابك المداخلات
الاقليميَّة مع الوضع
اللبناني، ومدى تأثيرها على
عامل الاستقرار في الوطن
الصغير، ومدى تغلغلها في عناصر
الصيغة الطوائفيَّة الهشَّة
والسريعة العطب. كذلك، يجب التوضيح والتأكيد انه ليس من
باب رفع العتب، أو المجاملة،
يحرص كبار الزائرين والموفدين
الدوليّين الى المنطقة على
المرور بلبنان وتفقد أحواله
وحالات الزمان عليه، وعلى الأقل
فتح سيرته وملفه مع الملوك
والرؤساء وكبار المسؤولين. بل لان هذا البلد لا يزال يشكٍّل بنداً
رئيسيّاً في ملف المنطقة
وأزماتها، حتى ليكاد يكون بيضة
القبان في التوازنات
الاستراتيجية، والساحة
الأماميَّة أو الخلفيَّة أو
الوسطيّة لمختلف الأحداث
والمواجهات ذات الطابع
الاقليمي والدولي. من هنا القول دائماً إن للبنان في كل عرس
قرصاً. وفي كل حرب صغيرة أو
كبيرة، بعيدة أو قريبة، دوراً
أو حصَّة أو "هديّة" تشبه
تلك القشّة التي قصمت ظهر
البعير. وكثيراً ما يتحوَّل من ساحة لردود الفعل،
وكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظر،
الى جبهة جانبيَّة في أية
تطورات اقليميّة. وعندما يسألون ماذا يجري ويحصل في
المنطقة، خلال البحث عن الدوافع
التي تكمن خلف العرقلات
الداخلية المفتعلة في غالب
الأحيان، إنما يكون الهدف معرفة
حجم "الدور الخارجي" في هذه
العرقلات. والأغراض والغايات. خلال الساعات الاخيرة انتقل الوضع
اللبناني مع الوضع الاقليمي من
الطقس المعتدل الى الطقس
المنحرف في اتجاه العواصف. والى
التهديدات المباشرة التي لم
يسبق للبنان والمنطقة أن سمعا
مثلها. سواء بالنسبة الى الضغوط المتبادلة مع
اسرائيل، أو على مستوى الاشتباك
الكلامي المتواصل مع ايران. حتى لتبدو المنطقة كأنها تتحضَّر لارتداء
الدروع الواقية استعداداً
للانتقال الى ساحة النزال. هنا تحديداً، في هذه الدائرة الدائمة
الفوران، يقيم الوضع اللبناني
بكل تناقضاته. ============================= أمريكا والعالم
الإسلامي: حوار ومصالحة أم صراع
ومواجهة؟ د. ماهر الجعبري 18/02/2010 القدس العربي تحت شعار 'رسم ملامح المرحلة المقبلة في
العلاقات بين أمريكا والعالم
الإسلامي' انعقدت في الدوحة
الدورة السابعة لمنتدى أمريكا
والعالم الإسلامي، وسادت جلسات
المنتدى دعوات لرفض فكرة صراع
الحضارات، وضرورة مواجهة
التطرف، والحث على حوار الأديان
والثقافات، وعلى جسر الهوة بين
أمريكا والعالم الإسلامي، من
أجل إنهاء الصراع، على قاعدة:
أمريكا والعالم الإسلامي لا
يقصي أحدهما الآخر ولا يحتاجان
إلى التنافس. إن القراءة الموضوعية لمشهد العلاقة بين
أمريكا والأمة الإسلامية تبرز
أن أمريكا تعمل في الحقيقة على
إقصاء الإسلام السياسي ومشروعه
الحضاري لأنها لا تستطيع أن
تنافسه مبدئيا، وأن هنالك صراعا
مريرا يتجسد على صعد مختلفة: فهو
عسكري، كما يبرز اليوم بوضوح في
أفغانستان بعدما قرر أوباما
إرسال ثلاثين ألف جندي لقتل
المسلمين هناك، وهو سياسي في كل
مشروع تعمل أمريكا على تمريره
على المسلمين، وهو أيضا صراع
فكري في كل برنامج ثقافي تموّله
وكالات التنمية الأمريكية
وبرامجها الأخرى، التي تهدف إلى
حرف المسلمين عن ثقافتهم، وإلى
تحميلهم الرأسمالية ومقاييسها
كوجهة نظر في الحياة، في مواجهة
مشروع الأمة الحضاري الذي يهدف
إلى تغيير وجه الأرض نحو تحقيق
العدل. والذي ينكر هذا الصراع
على أشكاله المختلفة هو
كالنعامة التي تدفن رأسها
بالرمل لتجنّب الخطر الداهم،
ولذلك لا تجد سياسيا أو مفكرا
واعيا بغض النظر عن دينه
وثقافته ينكر هذا الصراع وحتمية
المواجهة. ورغم وضوح هذا الصدام الحضاري، تصدى رئيس
الوزراء التركي أردوغان (الذي
يرفع شعار الإسلام) للتحذير من
هذا الصراع في كلمته في
المنتدى، حيث اعتبر أن 'الصراعات
بين الثقافات والحضارات خطر
يهدد العالم' كما نقلت صحيفة
الشرق القطرية (14/2/2010). وفي هذا السياق، من اللافت أن مقالا
للمفكر المصري رفيق حبيب نشره
موقع أخبار العالم قبل ذلك
بيومين (12/2/2010) ينسف جلسات
المؤتمر من أساسها، حيث أجاد
حبيب في تصوير حالة النزال بين
المشروع الحضاري الإسلامي
ومشروع العولمة الرأسمالية في
مقاله بعنوان: 'الإسلام الجديد
... مشروع بلا خلافة'، يقول فيه 'في
قلب المعركة بين العولمة كمشروع
غربي، والمشروع الحضاري
الإسلامي، نجد مسألة الخلافة
الإسلامية في مرمى النيران. فهي
الحاضر الغائب في كل معارك
الغرب مع الحركة الإسلامية، وفي
كل معارك العلمانية مع المشروع
الإسلامي، وأيضا في معارك النخب
الحاكمة'. وبعيدا عن أجواء المنتدى الأمريكي، يحدد
حبيب ملامح العلاقة التي تريدها
أمريكا مع العالم الإسلامي في
قوله إن 'الغرب يبحث عن إسلام
يحمي الدولة القومية القطرية،
ويمنع قيام دولة الوحدة
الإسلامية، وهو إسلام مصنع'. ومن
ثم يتساءل: 'ولكن أي إسلام هذا!
إسلام بدون دولة إسلامية،
ومشروع إسلامي بدون خلافة
إسلامية، تلك هي المسألة، وجوهر
الصراع مع الحضارة الغربية
المهيمنة'. ومن اللافت أنه بينما يفشل من يدعي أنه
وريث العثمانيين في فهم الموقف
العالمي وأزمة الحضارات، ينجح
من تعرفه موسوعة ويكيبيديا على
أنه قبطي، ليؤكد ذلك أن مشروع
الإسلام السياسي هو مشروع ثقافي
للعالم وليس للمسلمين فقط. وأن
من نصارى الشرق من هم مسلمون
ثقافة، بينما من المسلمين من هم
غربيون ثقافة. وهنا تكمن مسألة
صراع حضاري بين الرأسمالية
والإسلام كمشروعين متناقضين،
وهي ليست بالضرورة صراعا بين
أتباع الديانات المختلفة (بالرغم
من وجود هذا الصراع أحيانا)، حيث
يصطف في المشروع الغربي من يحمل
الإسلام دينا، بينما يستشرف
المشروع الإسلامي من لا يحمل
الإسلام دينا، بل إن من نصارى
الشرق من يعتبر مشروع الخلافة
هو مشروعه الحضاري الذي سينقذ
العالم. إن هذه المقارنة تؤكد أن
التباحث حول العلاقة الصدامية
بين أمريكا والأمة الإسلامية،
وحول رسم ملامحها المستقبلية،
لا يمكن أن ينجح في جلسات
المنتدى الذي يضم السياسيين
الرسميين، الذين لا يمثلون
ثقافة الأمة الإسلامية،
وبالتالي فلا يمكن أن يعبّروا
عمّا يدور في عقولها وعمّا
يتحرك في صدورها. ومن هنا فإن
ذلك الشعار المرفوع للمنتدى هو
أكبر من المجتمعين، وممن خلفهم. ولقد عبّرت وزيرة الخارجية الأمريكية
هيلاري كلينتون عن طبيعة الصراع
وصرّحت حول تخوّف أمريكا من
نتائجه، عندما أعربت عن قلقها
من العمل للخلافة في باكستان،
وذلك على محطة جيو الباكستانية
في 8/12/2009، وهو كلام لا يناسب
جلسات المنتدى الذي خطبت فيه.
ولذلك فإن نائب الرئيس الأمريكي
جو بايدن أكّد (حسب ما نقل موقع
أخبار لبنان 12/2/2010) أنَّ أكثر ما
يقلقه 'ليس أفغانستان ولا
العراق ولا أزمة الملف النووي
الإيراني، بل باكستان'، مضيفاً:
'أعتقد أنَّه بلد كبير، ولديه
أسلحة نووية يمكن نشرها، وفيه
أقلية مهمة فعلاً من السكان
المتطرفين'. وهؤلاء الذين تعتبرهم أمريكا متطرفين،
والذين يحرّض المنتدى على
مواجهتهم، سبق أن عرفتهم أمريكا
على أنهم من يحملون ما سمته 'عقيدة
الكراهية'، ويرفضون
الديمقراطية كنظام حياة،
ويعملون لإقامة الخلافة. ومن هنا أدرك الصحافي الأمريكي البارز جو
شيا (Joe
Shea) حتمية المصالحة مع دولة
الخلافة، وذلك في مقال له قبل
شهر تقريبا بعنوان: 'الحرب ضدَّ
الخلافة'، 'The
War Against The Caliphate' ،
والذي نشرته مجلة التقرير
الأمريكي (American Reporter) بتاريخ 19/1/2010. قال فيه 'عليْنا
أن نعرِف أنَّه في الغد سيواجه
الغرب القوَّة الموحَّدة لدولة
الخلافة الخامسة'. ووجه شيا
رسالة مفتوحة ضمن مقاله للرئيس
الأمريكي قال فيها: 'إنَّ
المعركة بين الإسلام والغرْب
معركة حتميَّة لا يمكن
تجنُّبها، وهي ذاتُ تاريخ قديم،
ولا بدَّ أن نضعَ حدًّا لهذا
الصراع، وليس أمامنا إلاَّ أن
ندخل في مفاوضات سلام مع
الإسلام'. وطالبه بأن يعترف 'بأن
توحيد بلاد الإسلام تحت إمرة
قائد كارزمي أمر محتمل'. ووضح شيا تصوره للسيناريو الخاصّ بهذا
التغيير المرتبط بعودة الخلافة
حيث 'ستفقد الحكومات القوميَّة
في بلاد الشَّرق الأوسط
شرعيَّتها الضَّعيفة'،'ويقول 'ستطْلب
المجالس المنتخبة لدوْلة
الخلافة حديثًا الَّتي تسيطر
على معظم أنْحاء البلاد من كل
مسلم: أن يضطلِع بدوره في الجهاد
ضدَّنا، عندئذ تتغيَّر
أوْضاعنا من قوَّات كانت تحْظى
بشرف نسبي، إلى قوَّات أسيرة
شرَك كبير للغاية، ويضيق عليها
هذا الشرَك يومًا بعد يوم'.
ويضيف: 'الحقيقة الجليَّة هي
أنَّه لا يستطيع أي جيش في
العالم، ولا أيَّة قوَّة
عسكريَّة مهما بلغت درجة
تسليحها أن تهزم فكرة'. هذان نموذجان إعلاميان يمثلان رؤية
متقاربة حول طبيعة الصراع مع
أمريكا، والذي يدور حول مشروع
الخلافة كنقيض لمشروع العولمة
الرأسمالية: أحدهما من المفكر
المصري (القبطي)، والآخر من
الصحافي الأمريكي الشهير. وهما
يؤكدان أن ما يدور في ذلك
المنتدى هو أشبه بالخزعبلات
السياسية التي لا تمت بصلة
لمستقبل العلاقة بين أمريكا
والعالم الإسلامي في ظل الخلافة
الوشيكة. وأن الذي يحدد تلك
العلاقة هم أولئك الذين يستعدون
لإمساك زمام الأمور، وهم لا شك
لا يمكن أن يكونوا داخل قاعات
ذلك المنتدى. إن شيا يحاول أن يجنّب أمريكا مصيرها
المحتوم أمام جيوش الخلافة،
ولكنها محاولة لن تنجح، لأن
أمريكا قد تشربت منطق العربدة
منذ عقود، ولأن دولة الحلافة
القادمة تصنّف أمريكا على أنها
من 'الدول المحاربة فعلا'، وهي
التي لا يمكن لدولة الخلافة إلا
أن تتخذ تجاهها حالة العداء،
وخصوصا بعدما أراقت دماء
المسلمين وامتهنت كراماتهم في
سجونها 'الديمقراطية'. ولذلك حري بالكاتب شيا أن يفكر بمخرج آخر
إن استطاع. وحري بأولئك
المجتمعين في ذلك المنتدى أن
يتوقفوا عن العبث الفكري، فإن
الخلافة القادمة لن تمنح أيا
منهم فرصة لتدارك أمره. وحري
بالمثقفين والإعلاميين أن
يستعدوا لتلك اللحظة الفاصلة،
والكيّس منهم من سلّف خيرا في
دعم هذا المشروع ليكون في صفوف
المؤيدين له، لا في صفوف أعدائه.
' أكاديمي فلسطيني ============================= د. غسان إسماعيل عبدالخالق الدستور 18-2-2010 عنوان المحاضرة المثير واسم المفكر
المرموق تكفلا باستقطاب جمهور
سياسي وفكري كثيف ونوعي لم تكد
قاعة منتدى عبدالحميد شومان أن
تتسع له. فقد تصدى المفكر
الأردني والعربي الكبير
الدكتور فهمي جدعان للخوض في
إشكالية تمثل الآن مربط فرس كل
من الإسلاميين واللاإسلاميين
أو القائلين بضرورة تحكيم شرع
الله في كافة مناحي الدين
والدنيا والقائلين بأن الدين
لله لكن الناس أدرى بشؤون
دنياهم. لمقاربة هذه الإشكالية الخطرة فقد اتجه
الدكتور فهمي جدعان لمعاينة
التجربة التركية التي بدت له
ضرباً من التركيب الواقع بين
هيجل وجادامير أو بين العلمانية
الأتاتوركية المتطرفة
والثيوقراطية الأربكانية
الدينية والتي يمثل المشروع
الفكري لحزب العدالة والتنمية
التجسيد الواقعي لها على أرض
الواقع. وعلى الرغم من أن الدكتور فهمي جدعان لم
يقلل من حجم الترافع الذي يمكن
أن يوجد ظاهرياً في (العلمانية
الإسلامية) على اعتبار أنها
تركيب ينقض أوله ثانيه وينقض
ثانيه أوله ، إلا أنه بدا
متحمساً للمشروع الإسلامي
التركي الذي بات يسلم بضرورة
الأخذ بالديمقراطية الاجتماعية
وبوجه خاص الأخذ بقيم العدالة
والحرية والرفاهية والحق في
الاختلاف والتعدد والتنمية
والتضامن والتكافل الاجتماعي
والخير العام وجملة حقوق
الانسان. كما بدا متحمساً للدفع
بإمكانيات المنهج التأويلي إلى
أبعد حدوده الممكنة خاصة أن
كلاً من منهج الرأي الحنفي
ومنهج العقل المعتزلي يمكن أن
يمثلا شرعية نظرية وتاريخية
لتأويلية غادامير وفضل الرحمن
الذي يرى أن القرآن الكريم
يشتمل على حقائق وقيم ينبغي
استكشافها عبر التأويل الحقيقي
لها. الأستاذ والصديق المفكر الكبير الدكتور
فهمي جدعان ، بوصفه أحد أبرز
رموز العقلانية النقدية في
الوطن العربي ، شق لنفسه خطاً
مستقلاً في العقلانية النقدية
حينما ركز على التعيين التاريخي
والواقعي لكل ما درسه من أفكار
وتيارات وظواهر كبرى في التاريخ
العربي والإسلامي القديم
والحديث والمعاصر. ورغم أنه
واصل هذا التقليد (المشخّص) - كما
يروق له أن يقول دائماً - من خلال
اتجاهه إلى محاورة النموذج (الإسلامي
- العلماني - التركي) إلا أن
الإحجام عن التأشير على الكيفية
التي يمكن وفقها لحركة حماس في
فلسطين وحزب الله في لبنان أن
يتكيفا مع المحيط الوطني
والقومي والعالمي.. العلماني ،
مثّل مفاجأة لمن راهنوا على دور
هذا التأشير في إمكانية إطلاق
عملية مراجعة فكرية لدى
الفصيلين نظراً لما يتمتع به
الدكتور فهمي جدعان من تقدير
فكري وسياسي. على أن هذا الإحجام
لم يلغ حقيقة أن المفكر الكبير
ومن خلال الأضواء الكاشفة التي
سلّطها باتجاه تجربة حزب
العدالة والتنمية فقد كان يومئ
ويشير وينصب لكل الحركات
والأحزاب الإسلامية مثالاً
واقعياً لما يمكن أن يكون عليه
الإسلاميون الجدد في الحياة وفي
الفكر وفي الحكم ، مع ضرورة
الأخذ بعين الاعتبار الشديد أن
الإسلاميين لم يعودوا أحراراً
في إجراء المراجعات الفكرية
التي يحتاجونها جرّاء السطوة
الشديدة التي بات الرأي العام
يمارسها على هؤلاء الإسلاميين
الذين أصبحوا في نظر قطاع عريض
من الرأي العام مثالاً لا يجوز
أن يخدش. ولا ريب في أن هذه الرقابة الشديدة
المتبادلة بين الإسلاميين وبين
قطاع عريض من الرأي العام تمثل
أحد وجوه الضريبة التي ينبغي
للسياسيين أن يدفعوها عن طيب
خاطر ، وليس أدل على تحسس الرأي
العام جرّاء محاولة المزج بين
الإسلام والعلمانية من
المداخلات التي قدمت في أعقاب
المحاضرة والتي صب معظمها
باتجاه الرفض المطلق لأية
محاولة للتوفيق بين الإسلام
والعلمانية. ============================ ياسر الزعاترة الدستور 18-2-2010 كان أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله
في خطاب الثلاثاء مختلفا عنه في
خطابات أخرى ، ربما لأن
المناسبة تقتضي ذلك (الذكرى
السنوية لاغتيال قادة الحزب
ومرور عامين على اغتيال عماد
مغنية) ، وربما لأن نبرة
التهديدات الإسرائيلية قد
تصاعدت بشكل لافت خلال الأسابيع
الأخيرة ، وهي تهديدات بدت غير
مسبوقة بروحيتها السياسية التي
تنطوي على قدر كبير من الغطرسة
التي يجسدها وزير الخارجية
المتطرف ليبرمان. هل لنبرة نصرالله علاقة أيضا بتصاعد
التهديدات الإسرائيلية
الأمريكية لإيران ، وعودة الجدل
حول الخيار العسكري للجم الطموح
النووي الإيراني؟ لا يستبعد ذلك
، فالأمين العام للحزب لم يخف
إيمانه بالولي الفقيه ، ولا
طبيعة العلاقة الخاصة بينه وبين
إيران. قد تضاف هنا تلك التهديدات حيال سوريا
وقطاع غزة أيضا ، لكن عموم
الموقف هو أن هذا المستوى من
الغطرسة أو "الزعرنة"
الإسرائيلية لا بد له من خطاب
رادع ، إذا لم يكن بالإمكان ردعه
من خلال الفعل في ظل غياب
المقاومة في الداخل بفعل خيار
دايتون الذي يسيطر على الساحة ،
وصعوبة وضع حماس في قطاع غزة (دعك
من الحرب الشرسة عليها في الضفة). نصرالله كان على مستوى التحدي ، فقد واجه
خطاب ليبرمان وفريق اليمين
بخطاب لا يقل قوة وتحديا وثقة:
"إذا ضربتم مطار الشهيد رفيق
الحريري الدولي في بيروت ،
سنضرب مطار بن غوريون في تل أبيب
، وإذا ضربتم موانئنا سنضرب
موانئكم ، وإذا ضربتم مصافي
النفط عندنا ، سنضرب مصافي
النفط عندكم ، وإذا قصفتم
مصانعنا سنقصف مصانعكم ، وإذا
قصفتم محطات الكهرباء عندنا ،
سنقصف محطات الكهرباء عندكم". هكذا ردّ نصرالله بلغة لا تشير إلى التحدي
فحسب ، بل تؤكد أيضا أن حزب الله
قد رمم قوته وجعلها أفضل بكثير
مما كانت عليه قبل حرب تموز 2006 ،
ما يعني استعداده الكامل لرد
العدوان بطريقة تجعل من الحرب
المقبلة آخر حروب الدولة
العبرية العدوانية كما قال في
خطاب سابق. الذي لا يقل أهمية في خطاب نصر الله هو
الجزء المتعلق بالرد على اغتيال
القائد العسكري للحزب الشهيد
عماد مغنية ، ذلك أن مرور عامين
على اغتيال الرجل لم يوقف سيل
الأسئلة المتدفقة من جميع
الأطراف ، بما فيها جماهير
الحزب ، بشأن الرد على الجريمة. والحق أن الحزب في وضع حرج على هذا الصعيد
، فهو ابتداء لا بد له من الرد ،
ليس فقط من أجل ردع الطرف
الإسرائيلي عن مواصلة سياسة
الاغتيالات لقادة الحزب ، وهذه
المرة حماية لنصرالله نفسه الذي
لم تتوقف ملاحقته ، بل أيضا لأن
الحزب وأمينه العام قد قطعا
وعدا للجماهير بذلك ، ما يعني
ضرورة الوفاء حماية للسمعة. على أن الظروف المحلية والإقليمية
والدولية لا تبدو ملائمة للرد ،
لا في الخارج على شاكلة الرد على
اغتيال الموسوي (عملية بيونس
آيرس عام 94 التي تمت بمساعدة
إيرانية ، وربما بأيد إيرانية
أيضا) ، ولا في الداخل
الإسرائيلي ، بسبب إمكانية جر
لبنان إلى حرب جديدة تبعا لذلك. من هنا تبدو خيارات الحزب صعبة على هذا
الصعيد ، من دون أن يعني ذلك أن
الثأر لم يعد قائما ، وأن الرد
قد دخل مجاهل النسيان ، وها إن
حديث نصرالله الجديد يؤكد أن
الثأر لم ينسخ من أجندة الحزب. ربما كان مناسبا ترك العدو يتخبط في قراءة
احتمالات الرد ومكانه وزمانه ،
لكن الواقع أن المسار الوحيد
الذي يمكن للحزب الرد من خلاله
هو اندلاع انتفاضة جديدة في
الداخل الفلسطيني تمكّن الحزب
من المساهمة فيها على نحو يرد
الصاع صاعين للعدو. وهي انتفاضة
يعمل دايتون وبلير وفريق السلطة
على منع اندلاعها بكل وسيلة
ممكنة. ============================= الحاجة الى تطوير لوقف
النار في اليمن.. المستقبل - الخميس 18 شباط 2010 العدد 3571 - رأي و فكر - صفحة 19 خيرالله خيرالله هل يصمد وقف اطلاق النار بين الحكومة
اليمنية والمتمردين الحوثيين؟
يشكل صمود وقف النار بين
الجانبين خطوة اولى اساسية على
طريق عودة الوضع الى طبيعته في
محافظات عدة تقع في المناطق
الشمالية من اليمن. ابرز هذه
المحافظات صعدة وعمران وحجة
والجوف. المهم الان ان لا يكون
الاتفاق مجرد هدنة تسقط عند اول
خرق لها من هذا الطرف او ذاك او
من اطراف خارجية، على رأسها
ايران، متورطة بطريقة غير
مباشرة في الحرب الدائرة. هذه
الاطراف تضغط من اجل استمرار
الحرب واستنزاف اليمن والجيش
اليمني وتحويل منطقة الحدود
السعودية- اليمنية الى بؤرة
توتر تستخدم للضغط في هذا
الاتجاه او ذاك على هذه الدولة
او تلك... لا داعي الى الدخول في التفاصيل وتسمية
جميع المتدخلين من خارج في
الشؤون اليمنية. ولكن لا بدّ في
الوقت ذاته من امتلاك ما يكفي من
الشجاعة للقول ان المشكلة
المرتبطة بالتمرد الحوثي ذات
ابعاد اخرى لا سيَما داخلية. لم
يكن ممكنا ان تكون هناك تدخلات
خارجية في تلك المنطقة اليمنية
لولا ان الارض ومعها الاجواء
مهيأة لمثل هذه التدخلات. فما لا
يمكن تجاهله ان المشكلة معقدة
وذات ابعاد عدة. هناك الجانب
القبلي وهناك الجانب المذهبي
وهناك جانب سياسي مرتبط بان
المنطقة كانت معقلا للملكيين
الذين حاربوا الجمهورية... وهناك
جانب له علاقة بالاهمال الذي
تعرضت له صعدة والمحافظات
القريبة منها طوال فترة طويلة.
هنا ايضا، لا يمكن وضع اللوم كله
على الحكومة التي تعاني منذ
فترة طويلة من ضغوط هائلة حالت
دون التركيز على ازالة الاجحاف
اللاحق بصعدة وعمران والجوف
وحجة ومحافظات اخرى تعاني من
الحرمان والتخلف. من بين الضغوط
التي تعرضت لها الحكومة اليمنية
نزوح عشرات الاف اليمنيين من
دول الخليج نتيجة حرب الخليج
الثانية في العامين 1990 و1991 بعد
اتهام اليمن الرسمي بالوقوف مع
الغزو العراقي للكويت وهذا امر
غير دقيق، خصوصا في حال العودة
الى المواقف التي اتخذتها
السلطات الرسمية اليمنية خلال
فترة الاحتلال العراقي المشؤوم
للكويت والبيانات الرسمية التي
صدرت في هذا الشان. ترك نزوح عشرات الاف اليمنيين، بل مئات
الالاف منهم، انعكاسات مدمرة
على الاقتصاد اليمني الذي حرم
من مداخيل ضخمة كان يوفرها
العاملون في دول الخليج. صارت
الاف العائلات من دون معيل.
وجاءت حرب الانفصال في العام 1994
والتجاذبات السياسية التي
سبقتها، واستمرت نحو عامين،
وكانها استكمال لعملية استنزاف
اليمن ماليا واقتصاديا. يضاف
الى ذلك كله ان الفترة التي تلت
وضع حد لحرب الانفصال، وتخللها
احتلال اريتري لفترة قصيرة
لجزيرة حنيش وجزر اخرى في البحر
الاحمر، تميزت بمزيد من الضغوط
السياسية على اليمن وكان
المطلوب عزل البلد عن محيطه
وتحميله اعباء ليس في استطاعته
تحملها، بما في ذلك تدفق الاف
الصوماليين اللاجئين الى
اراضيه... هناك بالطبع جانب من المسؤولية تتحمله
السلطات اليمنية نفسها، خصوصا
الادارة الفاسدة التي التي لم
تاخذ علما بخطورة النمو السكاني
بوتيرة عالية وتأثير ذلك على
التنمية وغياب اي نظرة بناءة
الى اهمية التعليم وكيفية
تطويره اضافة الى خطورة انتشار
المدارس الدينية التي تخرج في
معظمها اشباه اميين. ولكن، هنا
ايضا، لا يمكن في اي شكل تجاهل
الامكانات المحدودة للحكومة
والادارة اليمنتين من جهة وغياب
المساعدات العربية والدولية
والخطط التنموية البعيدة المدى
من جهة اخرى. الان وقد قبل الحوثيون الشروط الستة
للحكومة اليمنية، وعلى الرغم من
ان وقف النار يبدو هشا، هناك
فرصة تسمح بالعمل من اجل تفادي
حرب سابعة في صعدة وجوارها.
البداية، كما يقول العقلاء تكون
بالعمل على احتواء الحوثيين عن
طريق الحؤول دون استفادتهم من
التركيبة القبلية في المنطقة.
ان اي انفتاح للحكومة اليمنية
على القبائل، كل القبائل، من
دون اي تمييز بينها سيساهم في
خلق اجواء جديدة في المحافظات
الاربع المعنية مباشرة بالحروب
الدائرة منذ العام 2004 مع
الحوثيين وعددها الى الان ستة
حروب. لا شك ان الانفتاح وحده
ليس كافيا، بل يفترض ان ترافقه
مشاريع كبيرة يظهر خلالها
المجتمع الدولي ودول مجلس
التعاون الخليجي للمواطن
اليمني العادي ان لديه مصلحة في
السلم والاستقرار وفي رفض كل
انواع التطرف، خصوصا ارهاب "القاعدة"
التي لا يقتصر انتشارها على
محافظات معينة في الشمال، بل هي
موجودة خصوصا في مأرب وشبوة
وابين ومناطق يمنية اخرى في طول
البلاد وعرضها. ثمة حاجة ماسة الى تثبيت وقف النار في
شمال اليمن وتطويره في اتجاه
تكريس السلم الاهلي. ثمة حاجة
الى تحويل السلم الاهلي الى
واقع عوض ان يحاول كل طرف التقاط
انفاسه واعادة النظر في حساباته
في انتظار جولة جديدة من القتال.
ما يحتاجه اليمن اليوم هو الى
تفكير في المستقبل وفي كيفية
التركيز على مشكلة الجنوب. نعم،
هناك مشكلة في الجنوب. انها
مشكلة كبيرة من الافضل عدم
الاستخفاف بها. هناك في الجنوب
من يريد بالفعل الانفصال غير
مدرك للمخاطر التي يمكن ان
تترتب على ذلك. وهناك في الشمال
من يعتقد ان الوسائل التي
استخدمت في الماضي للحؤول دون
الانفصال لا تزال ناجعة. مثل هذا
التفكير خاطئ. هناك مصلحة لجميع
اليمنيين باستمرار الوحدة ولكن
هناك في الوقت نفسه حاجة الى
طمانة الجميع الى ان الوحدة لا
يمكن ان تعني هيمنة اي طرف على
الاخر. والطمانة يمكن ان توفرها
لامركزية موسعة نادى بها الرئيس
علي عبدالله صالح منذ فترة
طويلة. هل من يريد ان يستكين ولو
قليلا وان ينصرف الى التفكير في
العمق في كيفية تفادي مزيد من
المشاكل في اليمن، مشاكل يمكن
ان تكون لها انعكاسات في غاية
الخطورة على الاستقرار في دول
شبه الجزيرة العربية كلها؟ ============================== كديما الى اليسار..موفاز
الى اليمين الرأي الاردنية عوزي برعام حزب كديما هو مخلوق جديد. في مقياس
تاريخي، الحزب ولد قبل لحظة.
صحيح أن الحزب اقيم حسب شخصية
ارئيل شارون، ولكن مواصلي دربه
صمدوا بعده واقاموا حزبا قويا
ذا تأييد في دوائر واسعة بين
السكان. ايهود اولمرت،
الحيروتي منذ الولادة، تسلم
المنصب فيما كان ظل القضايا
يلاحقه، ولكن في سنوات ولايته
غير مواقفه السياسية وفي «وصيته
السياسية»، التي «اورثها»
لبنيامين نتنياهو، طالبه بان
يغير موقفه وادعى بما عرفته
دوما: لا توجد خطة سياسية غير
صيغة كلينتون، وكلما سارعت
اسرائيل الى السير في هذه
الصيغة - يكون افضل. تسيبي لفني،
التي فازت برئاسة كديما بعد
اولمرت، لم تفز برئاسة الوزراء.
الكتلة اليمينية - الدينية في
الكنيست كانت اقوى ونتنياهو فاز
برئاسة الوزراء. لفني تلبثت في
الجلوس في المعارضة. وقد فعلت
ذلك لاعتبارات صحيحة. لا أتحدث
عن مطالبتها بالتناول، بل
بمطالبتها بالايضاح السياسي،
مطالبتها بان تعرف الى أين تسير
اسرائيل وما هو المسار السياسي
لنتنياهو كرئيس وزراء. وأخيرا
اختارت المعارضة. ومع قدومها
الى المعارضة لم تقدر كم صعب
قيادة المعارضة وابقاءها كاملة
مع الحد الادنى من الاحتكاكات
الجوهرية. لفني، كرئيسة حزب،
حاولت أن تعرض اختلافا سياسيا
واضحا بينها وبين الحكومة.
ولكنها فشلت في قدرتها على خلق
تراص لكتلة منفصلة ذات دوافع
شخصية، عديمة التكامل والماضي
السياسي. موفاز وصل الى
كديما ك «حادثة طرق سياسية» فقد
كان عظمة من عظام الليكود، ولكن
في اللحظة الاخيرة استمع لنصيحة
مستشاريه في أن «المستقبل في
كديما» وادار ظهره لليكود.
موفاز، ايضا كسياسي وكنائب، ليس
ذا سجل يبرر تطلعاته، ولكن
مشكلته الحقيقية هي انه لا يمثل
مقترعي كديما. صحيح، كديما هو
حزب وسط في التوصيف الاجتماعي -
السياسي، ولكن في الانتخابات
الاخيرة نالت تأييدا من جمهور
اراد بديلا قويا لنتنياهو وهجر
احزاب اليسار الصهيوني. موفاز
ليس زعيما بالنسبة لهم. وهو ليس
في مسار طريقهم. احتمال الانشقاق
لكديما قائم. على مقاعده يجلس
ركاب بالمجان من اليمين القديم
ومن اليسار القديم وهم كفيلون
بان يغادروا كديما ايضا بسبب
اغراءات نتنياهو، الذي اقر
قانونا في الكنيست للتسهيل على
خطى الانشقاق. الانشقاق، اذا ما
حصل، سيثقل على مكانة كديما في
الكنيست، حيث أنه الى جانب
الحزب سيكون «كديما جديد» مع
قائمة فارين لا بأس بها، ولكن
بالضبط هنا سيحل التعبير عن دور
لفني كزعيمة. اذا حاولت خلق
توازن زائف ووافقت على انتخابات
تمهيدية قريبة، فانها ستبدي
ضعفا في طابعها وخضوعا لمطلب
غير مبرر. في كل الاحزاب تجرى
الانتخابات لتحديد زعيم الحزب
في وقت قريب من الانتخابات. ولا
يوجد أي حزب مستعد لان يخوض
عملية انتحارية داخلية في فترة
نشاط عادي للكنيست. اذا ارادت ان
تخدم مؤيديها فان عليها ان تبدي
ذات الاستقامة التي ابدتها
عندما رفضت الانضمام الى
الحكومة ولهذا الغرض فان عليها
ان تخلي الطريق لعصبة المنسحبين.
مثل هذه الخطوة لن تضرها، بل
ستساعدها على بناء شخصيتها
العامة كزعيمة ذات طريق وثقافة
ادارية. ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |