ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أهمية التعددية
والتنوّع في تحصين المجتمعات
العربية المستقبل - الاربعاء 24 شباط 2010 العدد 3577 - رأي و فكر - صفحة 19 مسعود ضاهر ثمة مؤشرات خطرة في أكثر من منطقة عربية
تشير إلى تصاعد حدة النزاعات
داخل المجتمعات التعددية
العربية، مما تسبب بصدامات
دموية أدت إلى ضمور بعض
الأقليات العرقية والدينية
بسبب الهجرة الكثيفة، والقسرية
في غالب الأحيان. وذلك يطرح علامات استفهام كبيرة حول
مستقبل المشروع النهضوي في
الوطن العربي: 1- فهل أن صيغة المجتمعات العربية المغلقة
على ذاتها هي الصيغة الملائمة
لعصر العولمة الذي يتسم
بالانفتاح التام بين الشعوب
والدول، والتفاعل الإيجابي بين
ثقافات عصر العولمة والثقافات
المحلية؟ 2- وهل أن موقف القوى العربية التي ترفض
التعددية، والتنوع السكاني
والديني والثقافي، واحترام
الرأي الآخر، لا يخدم المشروع
الصهيوني الذي يرفض كل ما هو غير
يهودي داخل إسرائيل؟. 3- وهل أن تعريض الإنجازات الكبيرة زمن
المد القومي العربي في القرن
العشرين، وبشكل خاص زمن الحقبة
الناصرية، لا يشكل نكسة كبيرة
تمنع تجدد المشروع النهضوي
العربي ؟ الأسئلة كثيرة في هذا المجال، لكن الدول
العربية أنجزت خطوات مهمة على
طريق التحديث، والتنمية
البشرية والاقتصادية، وقامت
بإصلاحات إدارية وتربوية
واجتماعية يصعب التراجع عنها.
كما أن التاريخ العربي حافل
بالمواقف التي تؤكد حرص قادة
العرب الكبار بصورة دائمة على
حماية التعددية الدينية
والعرقية والثقافية واللغوية .
إلا أن ضعف القيادة العربية في
المرحلة الراهنة، وكثرة الضغوط
الأجنبية من الخارج منعت قيام
مشروع عربي متكامل يمنح العرب
القدرة على مجابهة تحديات عصر
العولمة. فتجارب التحديث العربية تفتقر إلى
الديموقراطية السليمة التي
تثبت أصالتها كتجارب عربية
متميزة من حيث المقولات النظرية
التي هي نتاج المثقفين العرب
وليست اقتباسا سهلا عن الغرب.
ويعيش عرب اليوم مرحلة مصيرية
يواجهون فيها ضغوطا داخلية
وخارجية للقيام بإصلاحات جذرية
تتلاءم مع طبيعة عصر العولمة
ذات التعددية السكانية والتنوع
الثقافي، مما يفرض على الأنظمة
السياسية السائدة في العالم
العربي القيام بإصلاحات سريعة
لضمان السلم الأهلي في الداخل،
وبناء مؤسسات الدولة على أسس
عصرية، والحفاظ على استقلالية
القضاء، وإلغاء حالات الطوارئ،
وتمكين أجهزة الرقابة من معاقبة
الفاسدين والمفسدين،وإصلاح
الإدارة على قاعدة الكفاءة
والشفافية. وهنا تكمن أهمية نشر
ثقافة التعددية العرقي والتنوع
الثقافي في جميع الدول العربية. فالتشنج الداخلي بين القوميات،
والقبائل، والطوائف ومختلف
أشكال العصبيات الدينية يسهل
الانزلاق نحو النزاعات الدموية
التي باتت تهدد مصير العرب،
شعوبا وأنظمة، كما تهدد ثرواتهم
الطبيعية، ومدخراتهم المالية.
وغياب قيم التسامح، واحترام
الآخر، واعتماد الأساليب
القمعية من جانب السلطة ومن
جانب الأكثريات ضد الأقليات في
آن واحد هي مصدر كثير من العلل
التي تفقد المواطن العربي
الشعور بالاطمئنان على نفسه
وعياله، كما تفقده القدرة على
مواجهة التحديات، وحماية
التراث، والمشاركة الفاعلة في
بناء الحاضر والمستقبل على أسس
عقلانية. فالإنسان الحر في
مجتمع متعدد هو الأكثر قدرة على
ممارسة التغيير العقلاني ،
والارتقاء بالمجتمعات العربية
عبر العلوم العصرية
والتكنولوجيا المتطورة. ومن
طريق ممارسة الحرية المسؤولة
تزداد قدرة المجتمعات العربية
على التفاعل الإيجابي مع
متطلبات عصر العولمة، ومواجهة
تحديات الثقافة الكونية التي
تهدد الثقافات المحلية في عقر
دارها. ومع أن الساحة الثقافية العربية تشهد في
المرحلة الراهنة الكثير من
الندوات والمؤتمرات الثقافية
التي تؤكد حرص المثقفين العرب
على الحوار من أجل تقديم حلول
عقلانية للمشكلات العربية، فإن
الواقع المتردي يثير القلق
الشديد . 1- فالدولة العربية الضعيفة أو الرخوة
عاجزة عن القيام بإصلاحات جذرية
لضمان التعددية والتنوع في
داخلها ومنع القوى المحلية من
الانزلاق نحو الفتن الداخلية. 2- والدولة العربية القوية هي دولة تسلطية
تصادر الحريات العامة والخاصة،
وتستمد شرعيتها من قمع المجتمع
بجميع تكويناته في الوقت الذي
يظهر عجزها جليا عن حماية
سيادتها واستقلالها من
التدخلات الخارجية. 3- والمثقفون العرب عاجزون عن توحيد
جهودهم ضمن أنتلجنتسيا عربية
طليعية وفاعلة، وذات استقلالية
واضحة في صياغة مقولات علمية
سليمة، ورسم خطط عملية لتنفيذها.
ومن موقعها المستقل عن السلطة،
تستطيع النخب العربية دعوة
المتنورين العرب للاستفادة من
تعددية القوى البشرية، خاصة
الشابة منها، ومن الموارد
الاقتصادية الوفيرة، ومن تنوع
مصادر الثقافة لكي تلعب دورا
فاعلا في حماية عناصر القوة في
مجتمعاتها، وبشكل خاص التعددية
السكانية والتنوع الثقافي.
وبقدر ما تنجح تلك النخب في
حماية ثقافة التعددية والتنوع
بصورة موضوعية، تساهم في تقدم
الشعوب العربية وتطويرها على
قاعدة احترام الرأي والرأي
الآخر. 4- تعتبر مسألة الحرية والتعددية والتنوع
والحكم الصالح القضية الأكثر
حضورا في النقاش الدائر بين
أصحاب القرار السياسي والرؤى
الثقافية العربية، داخل الوطن
العربي وخارجه. إلا أن النقاش ما
زال عاجزا عن تقديم خطط علمية
تتبناها السلطة السياسية
ومؤسسات المجتمع المدني. وذلك
يتطلب فتح حوار مكثف مع
المتنورين العرب، في جميع مواقع
تواجدهم، لتشكيل جبهة عربية
تؤمن بالتنوع والتعددية. ختاما، ما زال الخطاب النظري العربي عن
أهمية التعددية والتنوع
الثقافي حتى الآن نتاج نخب
سياسية عربية مهمشة وعاجزة عن
تحويل خطابها الثقافي إلى إصلاح
شامل. وليس من شك في أن حماية
التنوع والتعددية على أرض
الواقع مؤشر أساسي على قيام
مشروع نهضوي جديد يتلاءم مع
طبيعة عصر العولمة وقادر على
مواجهة تحدياتها. وما لم تنجح
القوى العربية الفاعلة في تنظيم
صفوفها وتوحيد طاقاتها البشرية
الوافرة العدد ومواردها
الطبيعية الكبيرة، فإن جميع
الدول العربية ستشهد المزيد من
الهجرات السنوية لآلاف الأدمغة
العربية إلى الخارج، حيث تبوأ
بعضهم أعلى المراكز العلمية
وحصل على جوائز عالمية.
بالمقابل، تبقى المجتمعات
العربية معولمة بصورة سلبية
لأنها تعيش حالة من التفكك
الداخلي، والنزاعات الدموية
التي تجعل حوار العرب مع باقي
دول العالم متوترا ومتعثرا بسبب
غياب الندية، والافتقاد إلى
ثقافة التنوع والتعددية لتوسيع
أفق الحرية واحترام الرأي الآخر. =================================== بقلم :بدر عبدالملك البيان 24-2-2010 بعد جريمة اغتيال المبحوح على أراضيها
وانتهاك حرمة سيادتها، وتحويل
بلاد ثالثة كطرف لتصفية
الحسابات، قدمت شرطة دبي رسالة
واضحة مفادها أن ذلك أمر مرفوض.
وبنشر ذلك الشريط الفضائحي،
دفعت العالم لرفع قبعته تقديرا
لتلك الإمارة لكشفها عن تفاصيل
الجريمة ومرتكبيها في فترة
قياسية قصيرة. وإذا كان الشريط الذي نشرته شرطة دبي
كافيا لوضع مرتكبيه في خانة
الإدانة والعري الفاضح، فإن
شرطة دبي تؤكد أنها يقظة
وعيونها مفتوحة، مثلما حضنها
مفتوح للذين ينشدون السلام
والعيش والطمأنينة. ما بعثته شرطة دبي في رسالتها للعالم
وللجهات المعنية بتنفيذ
الجريمة، هو أن الشريط وحده
يروي لغته دون ضجيج، وأن
الطريقة الانتقامية من الأشخاص
لا ينبغي أن تتم بتلك الأساليب
المرفوضة دوليا. وبعد ذلك
الشريط الذي صار حديث العالم
كله، هل يجرؤ على العبث من
يدخلون الإمارة الهادئة . دبي والإمارات كلها، ليست ساحة مفتوحة
لمن يود العبث بأمنها بتلك
السهولة، فلدبي ليس عيونها
الساهرة وحسب، بل وقلوبها
الكثيرة التي تجد أمنها هو
أمنهم، فمن يعيشون ويزورن دبي
والإمارات يجدون كل تعاون ومحبة
وطبائع مفتوحة على الغرباء
والمقيمين. ولكن ليس كما يتوهم الحمقى أن الأبواب
السياحية المفتوحة، تتيح لهم
فعل وتجاوز القوانين
والإجراءات المتبعة لحماية
الأمن المجتمعي.رسالة الشريط
الفضائحي لمرتكبي جريمة اغتيال
المبحوح، تطرح أسئلة عدة وتفرز
نتائج كثيرة في ذات الوقت، فمن
نفذوا الجريمة في بيت ليس بيتهم
وفي مكان لا يحق لهم العبث فيه،
لا يعني أنهم فوق يد العدالة
الدولية ويد العدالة المحلية
للقضاء ولشرطة دبي نفسها. لقد وصلت رسالة دبي لمن يهمهم الأمر،
وعليهم أن يكتشفوا ويتعلموا
الدرس، بأن دبي ليست المكان
الذي تستباح فيه الدماء لأطراف
متنازعة. كما أن هناك مسألة أخرى
من وجه العملة ونتائجها، وهي
انكشاف مدى اختراق البيت
الفلسطيني، الذي ينبغي على أهله
أن يقرأوا الحدث بعقل بارد
وحقيقة ملموسة، بدلا من تبادل
الاتهامات والشتائم والتخوين. بل علينا تقبل الحقيقة، فمن يحجز بتاريخ 18
يناير غرفته في الفندق، ويغتال
خلال أربع وعشرين ساعة، يؤكد
مدى اختراق منفذي العملية
للجانب الفلسطيني، ومدى تواصل
حلقة الاتصالات ما بين مكانين،
هما مكان انطلاق الضحية عند
سفره ومكان وصوله. سرعة التنفيذ والتحرك وتوفير خطوط طيران
والمغادرة والتجول داخل
المدينة بهواتف نقالة، كلها تمت
بدماغ أمني رفيع، ولكن خانته
الكاميرات المدفونة في كل
الأمكنة العامة، ويقظة شرطة دبي
وحرفيتها العالية. فقد «نسي» مصمم ومهندس عملية الاغتيال،
أن في عصر التقنية والانترنت،
ما عاد مجديا تزوير الجواز
والاسم، بل وليس مجديا ارتداء
نظارات أو وضع باروكة، فالوجه
في النهاية كان نقطة الضعف في
الجريمة. إن اكتشاف الجزء المهم من الجريمة
ومواصلة التحقيق في تفاصيل
التفاصيل، كالمتابعة والملاحقة
وتسليم الجناة، هو الجزء
المتبقي من فضيحة الاغتيال.
وهنا يقف أمامنا سؤال مهم
كنتيجة لمثل تلك الجريمة؛ هل
بإمكاننا اعتبار اقتحام سيادة
بلد ليس طرفا مباشرا في
النزاعات، عملا إرهابيا؟ هل مواصلة سلسلة الاغتيالات في خارج
منطقة الصراع لعبة تجوز
مواصلتها سياسيا حسب الأعراف
الدولية أم توضع علامات
الاستفهام، بأن هناك عودة
للأساليب الموسادية القديمة
التي عرفتها القضية الفلسطينية
طوال صراعها مع إسرائيل؟! إن التهكم والسخرية الفاضحة التي
تناولتها الصحافة الإسرائيلية،
كافية للدلالة على الشعور العام
الاسرائيلي بالفضيحة ولسمعتهم
دوليا، بعد نشر شرطة دبي ذلك
الشريط «التاريخي في عالم
الجريمة والإعلام». ويؤكد لنا أن من سيصممون لهندسة جرائمهم
في المستقبل، عليهم أن يفكروا
بأساليب جديدة مختلفة، على
الأقل أذكى من تلك الطريقة،
وأقل من ذلك العدد الذي بدا جيشا
من الكوماندوز ذهب لاصطياد رجل
يبدو أنه لا يفهم خصومه جيدا ولا
يفهم بيته من الداخل. إن نقل الصراع وتصفية الحسابات بتلك
الطريقة القديمة من عالم
الاغتيالات، تذكرنا بزمن الحرب
الباردة والأفلام الجاسوسية
بين عواصم المدن، التي أمتعتنا
زمنا بلذة المشاهد الفنية
وحركات المطاردة البهلوانية،
غير أن شرطة دبي جعلتنا نشاهد
فيلما حيا مسليا ومضحكا لتلك
المجموعة، التي كانت تتحرك
كالدمى متوهمة أنها بلا عيون
تلاحقها كحقيقة فاضحة. الفيلم السينمائي الجديد للاغتيال في
مدينة تحتفي بمهرجان التسوق،
وأبطال الفيلم الحقيقيون وغير
المعروفين هم شرطة دبي الجديرون
بالتقدير والمهنية، والتي نالت
بإعجاب وسام أكبر إنجاز أمني
بكل المقاييس. أما الصغار الذين لعبوا لعبتهم، فإنهم
بالتأكيد يوارون سوأتهم ويضعون
أيديهم على وجوههم، وبذلك نشارك
صحيفة «معاريف» الاسرائيلية
التي تساءلت بتهكم «هل تعرفتم
عليهم؟»! =============================== كيسنغر.. و«كومة متفجرات»
الشرق الأوسط! بقلم :سيار الجميل البيان 24-2-2010 نشر هنري كيسنغر مقالته الأخيرة يوم
الأربعاء 3 فبراير 2010 في صحيفة
الواشنطن بوست، وهو يطالب
الرئيس اوباما بالتركيز على
السياسة بدل الانسحاب.وكيسنجر
كان ولم يزل خبيرا في الشؤون
الخارجية، ثم وزيرا للخارجية
الأميركية 1973- 1977 على عهد الرئيس
نيكسون. وقد تمّكن من معرفة دول منطقة الشرق
الأوسط كمهندس سياسات، وخبير
جيواستراتيجيات، وأستاذ تنظير
الرؤية المستقبلية لها.انه
اليوم ينتقد السياسة الأميركية
لأوباما بصدد الانسحاب العسكري
من العراق، ويعتبره لا يفقه
شيئا في الأهمية
الجيواستراتيجية للعراق، كونه
لم يقّدم شيئا قويا، كلاعب
رئيسي في المنطقة لما بعد
الانسحاب! وان خطابه الرسمي الطويل الممل على مدى 71
دقيقة، لم يحمل شيئا مهما عن
العراق الذي ذكره أكثر من مائة
مرة، وهو يعكس تراجع إدارته عن
شأن العراق، ومستقبلها معه
وطبيعة علاقتها به..ويستفهم
كيسنجر عن «استبعاد العراق عن
مناقشاتنا، فان حقيقته ما برحت
تقتحم وعينا»، كما يقول. قرع كيسنغراليوم ناقوسا كان قد قرعه من
قبله بعض المختصين المستقلين
الوطنيين العراقيين، فالانسحاب
الأميركي سوف لن يغّير من
جيواستراتيجية العراق حتى مع
تغيّر السياقات. ويستطرد بالقول إن العراق، وهو
ميزوبوتاميا، أي بلاد ما بين
النهرين، له موقع استراتيجي
مركزي لكل المنطقة منذ آلاف
السنين، وان مصادر ثرواته لها
تأثير بالغ على بلدان بعيدة.. ويضيف بأن التقسيم بين العالمين السّني
والشيعي يمر عبر العراق حسب
تعبيره وهو خط ليس مرسوما في
الهواء، وإنما موجود الآن حي
يرزق على الأرض، بل وان بغداد
اليوم تمّثل مركزية ثقله، بمعنى
أنها الفاصلة بين عالمين اثنين. أما المحافظات الكردية في شمال العراق
التي تنعم باستقرار نسبي، فان
اضطرابها هو انعكاس لوجودها بين
تركيا وإيران، وهما خصمان
لدودان يتنافسان منذ القدم على
العراق.وعليه. فان من الغباء إبقاء العراق في حالة فراغ
أمام عدة صراعات مصيرية!وينبه
كيسنغر إلى عدم احتمالية جعل
العراق ينعزل عن حقيقة الصراع
الذي يمتد بواسطة ما اسماه «جهاد
الثورة الدينية«! وفي رأيه، فإن الحسم سيكون في العراق،
وسيتأثر التوازن السايكلوجي في
الحرب المعلنة ضد الإسلام
الثوري حسب تعبيره خصوصا عندما
يسود الاعتقاد بأن الانسحاب
الأميركي من العراق. هو التراجع الأميركي عن كل المنطقة وعدم
تحمّل أعبائها! إن العراق
اليوم، لم يعد مادة حية
للنقاشات السياسية الأميركية،
وفي الوقت نفسه، هناك اهتمام
ميداني ببلدان أخرى تعيش ظروفا
حرجة باستثناء العراق. ويرى كيسنجر أن تطور العراق سوف يساعد في
تحديد علاقة أميركا بالتيارات
التي ستحكم المنطقة مستقبلا.وهنا،
ينبغي على إدارة أوباما أن تعيد
استكشاف طريقها، لجعل العراق
يستمر في لعب دور مهم في
الاستراتيجية الأميركية. ليس من الضروري قيام المسؤولين
الأميركيين الكبار بزيارات
قصيرة إليه، ولكنهم عمليا بحاجة
إلى مفهوم استراتيجي لكل
المنطقة، فهي مهمة جدا، ولكن
يهددها الشبح الإيراني بشكل
متزايد! يطرح كيسنغر حلوله، إذ يطالب ببناء «توازن
في العراق إزاء إيران، مؤكدا أن
إعادة حقائقه الجيوبولتيكية
تمّر من خلال توازنه الداخلي
بين أبناء مكوناته، من دون
هيمنة طرف على طرف آخر. إذ تلك الهيمنة خلقت اضطراب التوازن مع
إيران، وخصوصا من قبل أصحاب
العلاقة القديمة معها، وهم
يحكمون اليوم بديمقراطية
جزئية، على حد قوله!إن تراصفهم
مع طهران ضد الداخل، سينتج عنه
تحول جذري في ميزان المنطقة،
نكون نحن الأميركان وراء حصوله».
ويعتقد كيسنجر أن تلك الحصيلة التي ستحدث
في العراق، «ستؤثر عميقا على
منطقة الخليج..فضلا عن لبنان
الذي تعشش فيه دولة ممّولة
إيرانيا في داخل دولة»! هنا، يدعو كيسنغر الولايات المتحدة، أن
يكون لها دور مهم في إحداث تطوّر
معتدل، وخلق توازن سياسي محلي
وخارجي في العراق.. مشّددا على
إن إدارة أوباما مشلولة في
مسألة التفاوض مع إيران لاحتواء
انتشار الأسلحة النووية. كما يعالج كيسنجر هذه القضية بإيجاد حلول
لها، سواء بالدبلوماسية أو
بتطورات أخرى.إن استقرار
المنطقة، سوف يتأثر بشكل حاسم
من خلال القدرة على إحداث توازن
استراتيجي بين إيران والعراق. ومن دون هذا التدبير، فإن المنطقة تندفع
الآن نحو مخاطر غير محدّدة،
لأنها تقع فوق كومة متفجرات
يمكن أن تحولها إلى مصهر لإشعال
الحرائق.وأضاف قائلاً: إن
التعابير الرسمية الأساسية
للإدارة الأميركية. تتعلق تقريباً بالقلق النسبي من الانسحاب.
وقال إن «أميركا تحتاج إلى أن
تبقى لاعباً دبلوماسياً
فعالاً، وحضورها يجب أن يفهم
على أنه ذو غرض لما بعد الانسحاب».
ويختتم كيسنجر مقالته قائلا بأن «تعبير
الالتزام السياسي بشأن المنطقة
مطلوب. وفي تنفيذ استراتيجية
الخروج من العراق، يجب أن نتأكد
أن الاستراتيجية ستبقى مرتبطة
بالخروج»! وأخيراً أسأل كيسنغر هل باستطاعة أميركا
الانسحاب من العراق من دون
استراتيجية تبقي العراق مرتبطا
بها؟ ولكن السؤال: ما طبيعة تلك
«الاستراتيجية» عندما تتحفز
إيران لملء الفراغ؟ وما علاقة ذلك بالاستراتيجية الأميركية
في أفغانستان؟ ولماذا لم تحسن
خلق بدائل أخرى في كل من العراق
وأفغانستان وما بينهما
إيران؟صحيح أن المنطقة فوق كومة
من المتفجرات، ولكن من صنع ذلك
كله، يا كيسنجر، منذ أن كنت أحد
صناع الاستراتيجيات الأميركية
وواحدا من صناع القرار حتى
يومنا هذا؟! مؤرخ عراقي ================================= اريك ديامنت وديفيد زونشين -
"الغارديان" الدستور 24-2-2010 مطلع العام الحالي ، أحيت وسائل الإعلام
الاسرائيلية الذكرى الأولى
لعملية الرصاص المسكوب ، الحرب
على غزة ، وكأنها احتفال . في
إسرائيل ، هناك إقرار أن
العملية ، بالإجماع ، انتصار
عسكري ، نصر في معركة على أحد
أكثر أعداء إسرائيل فتكا: حماس. كجنود مقاتلين في قوات الدفاع
الاسرائيلية ، لدينا شكوك كبيرة
في هذا الاستنتاج ، في المقام
الأول لأنه لم يحدث أي قتال مع
حماس خلال العملية. فعندما بدأت
العملية ، اختفت حماس تحت الأرض. معظم الخسائر التي أوقعت بالفلسطينيين
كانت عبر الغارات الجوية ،
ونيران المدفعية والقناصة عن
بعد. نصر في المعركة؟ الأمر يشبه
إطلاق النار على سمكة داخل
برميل. كانت عملية الرصاص
المسكوب بشكل أساسي قصف أحد
أكثر الأماكن ازدحاما على وجه
الأرض ، ومهاجمة أهداف مدنية
كالمنازل والمدارس والمساجد ،
حيث خلفت وراءها في النهاية
أكثر من 1300 قتيل معظمهم من
المدنيين ، من بينهم أكثر من 300
طفل. كجنود احتياط في قوات
الدفاع الاسرائيلية ، نحن ننكس
رؤوسنا خجلا من هذا الهجوم
المشين على السكان المدنيين. بالنسبة للأهداف العملية ، فهي أيضا موضع
تساؤل ، يُزعم أن الهدف من عملية
الرصاص المسكوب كان منع حماس من
إطلاق الصواريخ. ولكن مشكلة
صاروخ القسام حُلت قبل بدء
العملية. إتفاق وقف إطلاق النار
بين حماس وإسرائيل الذي بدأ في 19
حزيران 2008 نتج عنه انخفاض كبير
في عدد الصواريخ التي أُطلقت من
غزة ، فقد انخفضت من بضع مئات في
الشهر الى حوالي العشرة خلال
خمسة أشهر. لقد كانت إسرائيل هي
التي لم تلتزم أبدا بالجانب
الذي يتعلق بها من الاتفاق
بإنهاء حصار غزة ، لقد خرقت وقف
إطلاق النار في تشرين الثاني 2008
بمهاجمة أهداف في القطاع ،
وتجاهلت بشكل كبير اقتراح حماس
تجديد وقف إطلاق النار ، وفي
النهاية بدأت عملية الرصاص
المسكوب بعد أسابيع قليلة. الهدف الحقيقي لهذه العملية كان مختلفا
عن ذلك الذي أعلنه المسؤولون
الاسرائيليون. الهدف الحقيقي لم
يكن وقف صواريخ القسام بل
الإطاحة بحكومة حماس. لقد فشلت
العملية بالمعنى الحقيقي للفشل.
حماس في غزة أقوى من أي وقت مضى. بعد عام على هذه الحرب الوحشية ، هناك
حاجة الى تغيير الاستراتيجية.
يجب على إسرائيل البدء بمحادثات
مباشرة وفورية مع حماس ،
والتفاوض ليس فقط على وقف إطلاق
النار بل أيضا على "القضايا
الجوهرية" لتكون جزءًا من
اتفاق لإنهاء الصراع. من الواضح
أن الحوار المفتوح مع حماس يصب
في مصلحة إسرائيل. أولا ، لأن حماس انتُخبت بشكل ديمقراطي في
غزة ، وحظيت بثقة واحترام جزء لا
يستهان به من الشعب الفلسطيني ،
أي شخص يأمل في حل هذا الصراع
سيكون مطلوبا منه في النهاية
إبرام اتفاق مع هذه الجماعة. ثانيا ، أثبتت حماس قدرتها على توفير
السلام والطمأنينة للمواطنين
في جنوب إسرائيل. وكما أوضحنا
سابقا ، حماس تسيطر بقوة على
جميع المنظمات العاملة في غزة
وبإمكانها فرض هدنة. ثالثا ، اتفاق لتبادل الأسرى هو فرصتنا
الوحيدة لاستعادة جندي قوات
الدفاع الاسرائيلية المختطَف ،
جلعاد شاليط. في المقابل ، ستطلق
إسرائيل سراح المئات من سجناء
حماس ، من بين ثمانية آلاف سجين
فلسطيني في السجون الاسرائيلية.
إتفاق كهذا سيكون له أثر في
تهدئة الرأي العام في إسرائيل
وفلسطين ويمكن أن يكون خطوة
هامة باتجاه التسوية بين
الشعبين. حاليا ، حماس هي عدو إسرائيل ، لكن السلام
يُصنع مع الأعداء وليس مع
الأصدقاء. حماس حركة قوية ونشطة
ومنظمة بشكل جيد ، ومن المحتمل
أن تكون شريكا مستقبليا يمكن
لإسرائيل أن تعقد معه اتفاقا.
عدم الرغبة في الاعتراف بحماس
باعتبارها الحزب الذي يمتلك
زمام الأمور في غزة هي
استراتيجية فشلت ويجب
استبدالها. الدولة التي تبحث
حقا عن السلام لا يجب أن تتجاهل
شركاءها. ہ
جنديان في الاحتياط في جيش
الدفاع الإسرائيلي ، قاما
بتأسيس حركة "شجاعة الرفض"
وهي حركة تتألف من جنود
الاحتياط الذين يرفضون الخدمة
في الأراضي المحتلة في الضفة
الغربية وغزة. في تشرين الأول من
العام الماضي قاما بإطلاق
مبادرة تدعو إسرائيل لفتح حوار
مع حماس. ============================== اغتيال المبحوح: 'اسرائيل'
هي الخطر على الامن الاقليمي د. سعيد الشهابي 2/24/2010 القدس العربي بعد مرور اكثر من اسبوعين على الجريمة
التي ارتكبتها الاستخبارات
الاسرائيلية باغتيال مناضل
فلسطيني في دبي، اتضحت الآن
اكثر خيوطها الفنية، ولكن بقيت
تساؤلات سياسية عديدة تتطلب
الاجابات من الجهات المعنية،
عربية وغربية. وبالاضافة لهذه الاستفسارات ثمة ثلاثة
جوانب ذات اهمية استراتيجية
يمكن سبر غورها لتجاوز الاسهاب
في الجوانب الفنية البحتة
والتغاضي عن الابعاد الاخرى.
هذه الجوانب تتمثل بما يلي: اولا
التبعات السيكولوجية والامنية
والعسكرية لعملية الاغتيال،
بلحاظ الجهات ذات الصلة بها:
الموساد الاسرائيلي ومدى نجاحه
او فشله، والجهات الفلسطينية
ومدى تواطؤ بعض افرادها في
التعاون الامني والاستخباراتي
مع ذلك الجهاز، ومدى الاختراق
الاسرائيلي لتلك الجهات
واجهزتها الامنية. ثانيا: مدى
التغلغل الاسرائيلي في منطقة
الخليج وانعكاسات ذلك ليس على
امنها فحسب، بل على مستقبلها
السياسي والعلاقات في ما بين
دولها. ثالثا: العلاقات
الاستراتيجية بين الدول
الغربية والكيان الاسرائيلي،
وبالتحديد مراجعة المقولة بان 'اسرائيل'
هي التي تحمي المصالح الغربية
في الشرق الاوسط. ان قراءة معمقة
لما جرى من شأنه مساعدة
المهتمين بالشأن الفلسطيني
والشأن العربي - الاسلامي في
خصوص مواقفه ازاء الاحتلال
الاسرائيلي، على اعادة
الحسابات وتحديد سياسات جديدة
إزاء الصراع، خصوصا في ظل حالة
الاستقطاب الناجمة عن بروز خطين
واضحين متضادين حول الموقف من
الاحتلال الاسرائيلي. كانت جريمة اغتيال الشهيد محمود المبحوح،
احد قادة الجناح العسكري
والامني بحركة 'حماس' مفاجئة
للكثيرين، وكشفت للرأي العام ان
المواجهات المسلحة العلنية
والتراشق الاعلامي لا يمثل الا
جانبا ظاهريا من المشكلة، خصوصا
انه يتراوح بين التسخين الذي
يصل الى مستوى الحرب، او
التبريد الذي يعلن عن نفسه
بالتحاور بين الفرقاء. وجاءت
الجريمة لتؤكد وجود حرب تجري في
الخفاء تظهر بعض مصاديقها تارة
وتختفي اغلب الاحيان. فقد فشلت 'اسرائيل'
في حربها العام الماضي ضد حركة
حماس وسكان غزة، ولم تستطع
القضاء على تلك الحركة التي
تمثل خيار المقاومة المسلحة ضد
الاحتلال، وسعت لمواصلة
العدوان من خلال التصفيات
الجسدية للعناصر الفاعلة في تلك
المقاومة. ومن خلال التحليلات
التي طرحت في الوسائل الاعلامية
بعد وقوع الجريمة، ثمة اجماع
على ان عملية الاغتيال كانت
فاشلة. صحيح انها حققت تصفية
عنصر فاعل في المقاومة، ولكنها
احدثت شروخا في العلاقات مع
الدول الغربية من جهة واثارت
حالة من الغضب في نفوس العرب
والمسلمين ازاء ما يعتقدونه من
تقصير أمني ناجم عن غياب ارادة
المواجهة السياسية مع 'اسرائيل'.
وبدا واضحا ان الثمن السياسي
للجريمة سيكون باهظا للكيان
الاسرائيلي نفسه خصوصا انها
جاءت في فترة بدأ الرأي العام
الغربي فيها يدرك ان 'اسرائيل'
اصبحت عبئا على الغرب وواحدا من
اهم اسباب تصاعد العنف والارهاب
والتطرف في العالم. فالحروب
التي خاضها الامريكيون
والبريطانيون في السنوات
الاخيرة تمتد اسبابها الى الدعم
الغربي ل 'اسرائيل' وليس الى
جذور عقائدية او دينية مباشرة.
وثمة ادراك بان رئيس جهاز
الموساد، مائير داجان، قد فشل
في اتقان اداء المهمة،
باستعماله جوازات سفر ملفقة:
بريطانية وفرنسية وألمانية
وايرلندية، الامر الذي احدث ضجة
سياسية في هذه البلدان. وتشعر
بريطانيا، بشكل خاص، بمرارة
كبيرة بسبب تزوير جوازات سفر
مواطنين بريطانيين يهود يعيشون
في الكيان الاسرائيلي، لتسهيل
مهمة فريق الاغتيال الذي تم
تكليفه باغتيال المبحوح. وكانت
بريطانيا قد حصلت في 1987 تعهدا
اسرائيليا بعدم تزوير الجوازات
البريطانية واستخدامها في
عمليات ارهابية. جاء ذلك بعد
العثور على ثمانية جوازات سفر
بريطانية في حقيبة بصندوق هاتف
عمومي في المانيا كانت معدة
للاستخدام من قبل عناصر الموساد.
وقد اعتذرت 'اسرائيل' آنذاك
وتعهدت بعدم تكرار ذلك. وبرغم
دعم رئيس الوزراء الصهيوني،
بنيامين نتنياهو لداجان هذه
المرة فان جريمته كبيرة جدا. وقد
طالب داهي لفان، رئيس شرطة دبي،
باصدار مذكرة اعتقال دولية بحق
داجان لدوره في الجريمة الاخيرة. الواضح ايضا ان جهاز الامن الاسرائيلي
فقد قدرا من هيبته التقليدية
كجهاز امني مهني وفاعل وشرس. فقد
انكشفت العملية هذه المرة بشكل
فاضح، فنشرت صور مرتكبيها في
وسائل الاعلام العالمية،
واكتشفت جوازات السفر التي
استعملوها، وعرفت كافة
تحركاتهم في دبي، منذ نزولهم من
المطار حتى وصولهم الفندق
وارتكاب الجريمة ثم التجول في
الاسواق. انها عملية مفضوحة
أحرجت ليس 'اسرائيل' فحسب، بل
حتى الدول الغربية الداعمة.
فماذا سيقول هؤلاء امام هذه
الحقائق؟ الدول الغربية نفسها
سقطت هي الاخرى في الامتحان
الاخلاقي الذي جسدته جريمة
اغتيال المبحوح. فما ان انكشفت
حتى بادر هؤلاء لتحويل الانظار
من الجريمة وضحيتها بشكل مباشر
الى قضية اخرى تتمثل بتزوير
جوازات السفر والتنقلات بين
العواصم المعنية لتنفيذ
الجريمة. اما ما تنطوي عليه
الجريمة من اجرام وارهاب
وانتهاك للقوانين الدولية
والمحلية، وغياب البعد
الانساني لدى مرتكبيها، كل ذلك
تجاهله الغربيون، وشغلوا
انفسهم والرأي العام بالتركيز
على جوانب فنية بحتة وتجاهلوا
جريمة القتل خارج القانون
والقضاء، التي لا تقرها مواثيق
حقوق الانسان الدولية ولا تسمح
بها القوانين المحلية. وتداعي
هيبة الموساد مرتبط هو الآخر
بتراجع هيبة 'الجيش الذي لا يقهر'،
ذلك الجيش الذي شن العدوان ضد
المدنيين في لبنان وغزة ولم
يحقق اهدافه، بل تشوهت سمعته
وخسر الهيبة التي كان قد غرسها
في نفوس الحكام العرب المهزومين.
ان نجاح العملية او فشلها له
مقاييس عديدة من بينها الوسائل
التي استخدمت لتحقيق الهدف
والثمن المادي والسياسي لها،
والبعد الاخلاقي والانساني
لنتائجها. والواضح ان الدول
الغربية لم تلتفت الى الجوانب
الانسانية والاخلاقية في تلك
الجريمة، بل ركزت على تزوير
جوازات سفرها، وربما لن ترفع
هذه الدول اصبعا ضد العملية لو
لم يحدث ذلك. ومن سمات الحضارة
الغربية مساومتها على المبادىء
التي تحمي ارواح الناس وحقوقهم
وعدم اكتراثها بالقيم
الاخلاقية والحقوقية الا في
الاعلام والدعاية. انها لا
تساوي بين المحتلين الصهاينة
وضحاياهم فحسب، بل تنحاز الى
جانب المعتدين بكل صلافة. ولذلك
كان رد فعل وزير الخارجية
الاسرائيلي، افيغدور ليبرمان،
حول احتمال ردة الفعل
البريطانية باردا، مؤكدا ان
البريطانيين يتفهمون موقفهم
ولن يتخذوا اجراءات تسيء الى
علاقاتهم مع حكومته. الامر
المقلق ان الموقف الغربي ازداد
تطرفا في دعم الصهاينة في
العقود الاخيرة. فمثلا كان
الموقف البريطاني في 1973 أقل
انحيازا. فعندما قام
الاسرائيليون باغتيال ثلاثة
قياديين فلسطينيين بعملية
انزال في بيروت بادر
البريطانيون لطرح مشروع قرار
بمجلس الامن الدولي يدين
العملية. وكان الاسرائيليون قد
استعملوا جوازات سفر بريطانية
لبعض عملائهم الذين وصلوا الى
بيروت قبل العملية بايام من اجل
الاستطلاع والاعداد. واستشهد في
تلك الجريمة كل من كمال ناصر
وكمال عدوان ويوسف النجار، و13
آخرين، كما قتل الاسرائيليون
مختار قرية الاوزاعي مع ابنه
وضيفيه السوريين. البعد الثاني للجريمة يرتبط بالتغلغل
الاسرائيلي في منطقة الخليج.
هذا التغلغل متيسر لعدد من
الامور: اولها هشاشة الموقف
الخليجي في ما يتعلق بمقاطعة 'اسرائيل'.
فقد تم غلق اغلب مكاتب المقاطعة
العربية لذلك الكيان، وفتحت
مكاتب سرية وعلنية اسرائيلية في
بعض الدول الخليجية. وقد بعث
الاسرائيليون مؤخرا زورقا
حربيا باسم 'القرش القاتل' الى
منطقة الخليج مع القطع البحرية
الامريكية. ويهدف ذلك لإقناع
الخليجيين بأن القوة العسكرية
الإسرائيلية، تعمل جنبا إلى جنب
مع القوة العسكرية الأمريكية
بدعوى حماية بلدان الخليج من 'الخطر
الإيراني'. وهناك اتصالات بين
بعض الحكومات الخليجية
والمسؤولين الاسرائيليين، ولم
تكن مصافحة تركي الفيصل مؤخرا
مع نائب وزير الخارجية
الاسرائيلي، داني ايالون، الا
آخر حلقات هذا التواصل. وعلى دول
الخليج ان تعلم انها الحلقة
الاضعف في اي تواصل مع
الاسرائيليين، وان فتح الابواب
امامهم سوف يسهل تغلغلهم في
المنطقة بشكل اوسع مما هو عليه
الآن. اما بالنسبة للبعد الدولي المتصل بعملية
اغتيال المبحوح فهو استمرار
للسجال حول المصالح الغربية في
الشرق الاوسط، وما يبنى على ذلك
من استراتيجيات وسياسات. الامر
الذي حققه الاسرائيليون انهم
استطاعوا ربط مصالحهم بالمصالح
الامريكية، فأصبح على واشنطن
حمايتهم، وبذلك تغير المبدأ
الذي تم على اساسه صياغة
الاستراتيجية الامريكية في
الشرق الاوسط. فبينما كانت 'اسرائيل'
هي التي تحمي تلك المصالح، اصبح
الامريكيون مسؤولين عن حماية
المصالح الاسرائيلية. هذا
التغير حدث بعد الحرب الانكلو
امريكية ضد العراق في 1991. كانت 'اسرائيل'
يومها تسعى لاثبات 'اهميتها'
لحماية المصالح الغربية ولكن
واشنطن طلبت منها عدم التدخل
المباشر لكي لا تثير الرأي
العام العربي والاسلامي ضد
الحرب بشكل أوسع. وثمة حقيقة
اخرى لا تقل اهمية، بل تعكس سياق
الصراع الاستراتيجي بين ايران
والولايات المتحدة و'اسرائيل'.
فبعد ان فشلت الحروب الامريكية
المتتالية في العراق
وافغانستان والصومال في القضاء
على الارهاب، واصبحت الدول
المشاركة في تلك الحروب، خصوصا
الولايات المتحدة وبريطانيا،
متورطة في الحرب وتبعاتها، وبعد
ان فشلت 'اسرائيل' في حربيها ضد
حزب الله في 2006 وغزة 2009، ادركت
تلك القوى انها لن تكسب الحرب ضد
ايران فيما لو قررت دخولها.
وتحولت الاستراتيجية الغربية
تجاه الجمهورية الاسلامية من
حرب عسكرية مكشوفة الى حرب سرية
تشارك فيها بشكل اساس كل من
الولايات المتحدة و'اسرائيل'.
وبعد اغتيال الشهيد محمود
المبحوح، في دبي، تكررت
التقارير التي تشير الى هذه
الاستراتيجية الجديدة، وتوقعت
تصاعد جرائم الاغتيال ضد
العناصر الناشطة ضد 'اسرائيل'.
وكان الامل ان يبدأ مشروع
التصفيات هذا على ارضية متينة
ودرجة عالية من الحرفية
والمهنية، باستهداف المبحوح.
ولكن الواضح ان البداية لم تكن
موفقة أبدا، وان من المتوقع،
فيما لو وجدت الرغبة لدى
المسؤولين الاماراتيين والعرب،
تحويل الجريمة الى ازمة للتحالف
الامريكي الاسرائيلي. فالموساد
لم يعد تلك القوة الضاربة التي
لا تقهر، خصوصا ان حالات فشلها
تكررت كثيرا، ومن اهمها اخفاقها
الكبير في 1997 عندما استهدفت
السيد خالد مشعل في العاصمة
الاردنية، ولم تنته الا باطلاق
الشهيد الشيخ احمد ياسين من
السجون الاسرائيلية. فانتهاك
سيادة دولة الامارات بهذا الشكل
الفاضح من شأنه التأثير السلبي
سياسيا واقتصاديا وامنيا على
الاوضاع الامنية في كافة بلدان
مجلس التعاون الخليجي، خصوصا ان
دبي تعتمد لجذب الاستثمارات
الاجنبية على اقناع الآخرين
باستتباب امنها وسلامها. الامريكيون شعروا بنشوة النصر عندما
اعتقل المسؤول العسكري لطالبان
في باكستان، واعتبروا ان تحويل
الحرب من المواجهات العسكرية
الباهظة الثمن الى حرب
استخباراتية سرية تستهدف
العناصر الفاعلة في الجهات
المناوئة، سيكون بديلا أيسر
وأقل تكلفة بشرية وسياسية
واقتصادية. ولكن فشل الموساد في
تنفيذ عملية الاغتيال بالشكل
المطلوب أضعف مصداقيته كجهاز
مرعب يخيف اعداءه، كما حدث
للجيش الاسرائيلي من قبله. أين تكمن المصلحة العربية هذه المرة؟ من
المتوقع ان هذه المصلحة تخضع في
الوقت الحاضر لتقييمات داخل
المؤسسات الاستخبارية العربية
التي توازن بين البدائل.
فالاصرار على متابعة مرتكبي
جريمة اغتيال المبحوح قد يحقق
مكسبا عربيا سياسيا، ولكنه في
الوقت نفسه يصب لصالح القوى
المناهضة للتطبيع مع
الاسرائيليين او التحالف مع
الامريكيين. وهذا من شأنه اضعاف
الصف 'المعتدل' الذي بدأ يلملم
نفسه على ارضية استهداف القوى
التي تقاوم 'اسرائيل' وامريكا
واضعافها. وظهر الانزعاج مجددا
في اوساط 'قوى الاعتدال' العربية
بسبب الفشل المتكرر للكيان
الاسرائيلي على الاصعدة
السياسية والامنية
والاستخباراتية. وبعيدا عن
الخلافات الداخلية الفلسطينية
والاتهامات المتبادلة بين 'فتح'
و'حماس' حول هوية بعض
الفلسطينيين المتورطين في
الجريمة الاخيرة، فالاجدى
بالشرفاء من ابناء الامة اعادة
تقييم الموقف في ضوء الفشل
المتكرر للقوى العدوانية
المتمثلة بالكيان الاسرائيلي
والولايات المتحدة. ويشمل ذلك
ايضا الاصرار على متابعة خيوط
الجريمة الاخيرة، بهدف محاصرة
الكيان الاسرائيلي سياسيا، بعد
ان انتهك سيادة الدول الصديقة
له بتزوير جوازاتها لممارسة
اعمال ارهاب وعنف تتنافى مع
المواثيق الدولية، وبعد ان اثبت
للمرة الألف، انه مصدر الاضطراب
الامني والسياسي في المنطقة.
ومن جهتها فان بريطانيا، على
وجه الخصوص، مطالبة بممارسة
ضغوط اكبر على 'اسرائيل' والسعي
لاستصدار قرار من مجلس الامن
يدين هذا الاعتداء كما فعلت بعد
العدوان الاسرائيلي على بيروت
ومقتل القياديين الفلسطينيين
الثلاثة. انه محك اخلاقي وسياسي
للقوى الغربية بين الالتزام
بالقدر الادنى من القيم
والمبادىء والمواثيق الدولية،
او التضحية بذلك كله بهدف
استرضاء الصهاينة وحمايتهم من
القضاء الدولي. والاجدر
ببريطانيا، وكذلك فرنسا ودولة
الامارات، ان تصر على استهداف
الجريمة الاسرائيلية بملاحقة
مرتكبيها بلا هوادة، وليترك
للقضاء الدولي ان يقول كلمته. ' كاتب وصحافي بحريني يقيم في
لندن =========================== بعض القضايا المؤجلة
للنهضة العربية الحديثة د.عبدالله تركماني 2/24/2010 القدس العربي يبدو أنّ قضية الحرية هي إحدى أهم هذه
القضايا المؤجلة، فالعرب اليوم
هم الأقل تمتعاً بالحرية بين
شعوب العالم، إذ لم تنشأ في
العالم العربي دولة الحق
والقانون التي من شأنها أن تشكل
ضمانة لحقوق الإنسان وحريته،
ولم تراعَ إرادة المواطنين في
تنصيب الأنظمة السياسية، فكان
العقد الاجتماعي اعتباطياً
ومفتقراً إلى الشرعية
الدستورية، حتى أنّ دول العالم
العربي اعتُبرت استثناء في عصر
الدمقرطة الراهنة. ولا تقل قضية التنمية إرباكاً وإحراجاً،
إذ بعد زهاء قرنين على تجربة
محمد علي النهضوية، لا يزال
العالم العربي، على رغم مساحته
الشاسعة وثرواته الكبرى
وكفاءاته المهاجرة، يعاني
أزمات حادة، وصّفها التقرير
الخامس للتنمية الإنسانية
الصادر في يوليو/تموز 2009 عن
برنامج الأمم المتحدة الإنمائي
تحت عنوان " التنمية
المستدامة وأمن الإنسان في
العالم العربي ". وفي موازاة قضية التنمية تبرز قضية مجتمع
المعرفة، إذ وفق تقرير المنظمة
العربية للتربية والثقافة
والعلوم " الأليكسو " وصل
عدد الأميين العرب إلى 70
مليوناً. أما إسهام العرب في
الابتكارات العلمية والثقافية
فيقرب من الصفر، في حين أنّ
إسرائيل حافظت، منذ عام 1967 إلى
اليوم، على تفوقها الكبير على
مجموع العالم العربي في الأبحاث
العلمية، على رغم وجود أكثر من
175 جامعة عربية، وأكثر من ألف
مركز للبحث والتطوير. إنّ الأكثر إثارة للدهشة هو تلك النوعية
المنخفضة من التعليم الذي يخلق
نوعيات من البشر جاهزة ك "
القطعان " للقيادات
الديماغوجية والشعبوية تقودها
إلى حيث تريد، وكل ذلك تولد عن
نظرة إلى التعليم والمعرفة بوجه
عام لا تضعه ضمن أولويات الدولة
العربية التي تغلبت عليها
أولويات أخرى. هذه الكارثة، سواء فيما تعلق بالأمية أو
بنوعية التعليم أو وضع المعرفة
والبحث العلمي، تم التركيز
عليها خلال الأعوام الأخيرة
ولكنّ كافة الأفكار التي
تناولتها وعملت على تجاوزها
واجهتها مقاومة عنيفة تتسلح مرة
ب " الخصوصية الثقافية "،
ومرة أخرى ب " مقاومة الغزو
الثقافي الأجنبي "، وفي كل
الأوقات تُشْهَرُ " الهوية
" سلاحاً لإبقاء الأوضاع
التعليمية على ما هي عليه. وضمن هذا السياق، ينبغي إعطاء الأولوية
الكبرى لقطاع التعليم والثقافة
لعلاقتهما الجدلية والوطيدة مع
التنمية بكل مظاهرها، وذلك من
خلال رصد اعتمادات مادية وتقنية
مهمة في هذا السياق، أسوة
بالعديد من البلدان الرائدة
والنموذجية في هذا المجال (إنفاق
العرب على البحث العلمي لا
يتجاوز 0.2 % من مجموع الناتج
القومي، مقابل 3 % في إسرائيل..). ولعل أكثر من عبّر عن حاجاتنا هو "
تقرير التنمية الإنسانية
العربية لعام 2003 "، إذ قدم
التقرير رؤية استراتيجية
لإقامة مجتمع المعرفة في
البلدان العربية تنتظم حول
أركان خمسة: إطلاق حريات الرأي
والتعبير والتنظيم وضمانها
بالحكم الصالح، والنشر الكامل
للتعليم الراقي النوعية مع
إيلاء عناية خاصة لطرفي المتصل
التعليمي وللتعلم المستمر مدى
الحياة، وتوطين العلم وبناء
قدرة ذاتية في البحث والتطوير
التقني في جميع النشاطات
المجتمعية، والتحول الحثيث نحو
نمط إنتاج المعرفة في البنية
الاجتماعية والاقتصادية
العربية، وتأسيس أنموذج معرفي
عربي عام وأصيل ومنفتح ومستنير. وفي ما يتعلق بالتعليم، فإذا أردنا - بعد
عشرين عاما على الأقل - أن يكون
لدينا جيل قادر على التفاعل مع
متطلبات التنمية فينبغي أن
نبدأ، منذ الآن، بإصلاح جدي
فعلي لمناهج تعليمنا. فكما أننا
بحاجة إلى فكر عربي تنموي عام
فإننا أكثر حاجة إلى وضع برامج
تعليمية تنموية قادرة على أن
تخلق، لدى أجيالنا العربية
الجديدة، العقلية التحليلية
والنقدية الجيدة والمعرفة
التقنية المناسبة. فربما يكون
تطوير التعليم هو المعركة الأهم
التي يجب أن تخوضها الأمة
العربية على الفور، فهذه معركة
حتمية وعاجلة ويتوقف عليها
مستقبل أجيال قادمة، للتعاطي
المجدي مع التحدي الحضاري الذي
نعيشه، والخروج من الهزائم
والانتكاسات التي لعب التأخر
العلمي والتكنولوجي، بالطبع
إضافة إلى ديمومة الاستبداد،
دوراً بارزاً فيها. أما قضية حقوق المرأة، الإنسانية
والسياسية والاجتماعية، فقد
دلت التقارير على أنه لا يزال
يسود معظم الأقطار العربية
اتجاه تقليدي ينزع إلى حرمان
المرأة من حقوقها المدنية
والعامة والأسرية، إذ لم تكتسب
بعد حقوقها المهنية، ولا يزال
نشاطها الاقتصادي الأدنى في
العالم. وتشير تقارير دولية
وإقليمية وعربية إلى تعرّض نسبة
عالية من النساء العربيات للضرب
والإيذاء الجسدي، وإلى حرمانهن
من حقوقهن في اختيار الزوج، وفي
المشاركة في الحياة السياسية. ومن أخطر القضايا التي مازالت مشرعة قضية
المواطنة والاندماج الوطني،
فبعد مرور ما يزيد عن القرن على
مناداة النهضويين العرب بحقوق
المواطنة، يظهر العالم العربي
على حال من التفتت والتشرذم
القبلي والطائفي والمذهبي
والعشائري، وكأنه عصيٌّ على
الاندماج الوطني والقومي،
مهددٌ على الدوام بالحرب
الأهلية والنزاعات ما قبل
الوطنية وما قبل القومية. لقد أخفقت نظم الحكم السلطوية في إنجاز
عقد اجتماعي طوعي بينها وبين
المواطنين، يحمي حقوق الإنسان،
ويضمن قدراً معقولاً من شروط
العيش الكريم. في حين أنّ
الفضيلة السياسية تتجلى، كما
ذكر الباحث جاد الكريم الجباعي،
في المواطنة التي قوامها الحرية
والمساواة والمشاركة
والمسؤولية وابتغاء الخير
العام. والمواطنة بهذا المعنى
وثيقة الصلة بالحداثة وبالدولة
الحديثة، بل هي من أهم المبادئ
التي تقوم عليها هذه الدولة
التي يستمد منها الوطن جميع
دلالاته السيادية والسياسية
والحقوقية والأخلاقية. لقد كف الوطن عن كونه مجرد رقعة جغرافية،
أو بيئة طبيعية، أو حتى مجرد
حدود سياسية معترف بها، بل غدا
علاقة إيجابية مثلثة الأطراف:
علاقة بين الإنسان والطبيعة (العمل)،
وعلاقة بين الإنسان والإنسان (التعامل)،
وبين الإنسان والدولة (المشاركة
السياسية)، وهي علاقة ذات محتوى
اجتماعي اقتصادي وثقافي وسياسي
وقانوني وأخلاقي، يمكن إجمالها
بكلمة واحدة هي المواطنة، بما
تنطوي عليه من عضوية الفرد
الفعلية في الدولة السياسية
ومشاركته الإيجابية في الحياة
العامة. ومن ثم فإنّ مفهوم الوطن
لا يقوم من دون مفهوم المواطن،
من دون مفهوم المواطنية
والمواطنة. وهكذا، لن نبالغ إن قلنا إننا دخلنا
بالفعل عصراً جديداً من
الصراعات والحروب الأهلية،
المبنية على أسس طائفية وخلافات
دينية وثقافية وتفاوتات
اجتماعية، بعد أن عجزت الحروب
والحملات العسكرية والغزوات
الاستعمارية عن تحقيق أهدافها
في شق ظهور المنطقة العربية حتى
النهاية وإخضاعها للغرب بشكل
مطلق. كاتب وباحث سوري مقيم في تونس =================================\ آخر تحديث:الأربعاء ,24/02/2010 ميشيل
كيلو الخليج قالت جريدة “الإندبندنت” البريطانية إن
إطاحة نظام صدام حسين تقررت قبل
الحادي عشر من أيلول/سبتمبر عام
،2001 وأضافت أن هذا يؤكد عدم وجود
علاقة بين قرار الإطاحة وصلات
مزعومة أقامها الرئيس العراقي
الراحل مع تنظيم القاعدة أو
غيره من تنظيمات الإرهاب، أو
بينه وبين أية أسلحة دمار شامل
قيل كذباً إنه كان يمتلكها،
وهما زعمان مفبركان بررت
السياسة البريطانية بواسطتهما
اندفاعها إلى الحرب ضد العراق . وكان قد قيل الكثير عن كذب أمريكا
وبريطانيا، قبل الحرب وبعدها .
وهكذا، فإن ما كشفته الجريدة
البريطانية ليس بالضرورة
جديداً، فالكذب ملح الرجال في
الغرب أيضاً، ووراء ساسة الغرب
ركام من الكذب لم يترك بلداً في
العالم أو بقعة من بقاعه إلا
وغطاها خلال القرون الأربعة
الماضية، حين احتلت بلدان الغرب
العالم أو تقاسمته أو استعمرته
أو حاربته أو سرقته . . الخ . ومع
ذلك، ورغم هذه المقدمة، فإن ما
يثير اهتمامي هنا ليس كذب
الغرب، فهو مؤكد ومثبت ويطال كل
شيء . موضوعي هو غفلتنا نحن العرب، غفلة
حكوماتنا، وفي حالتنا المحددة
هنا غفلة حكومة الرئيس الراحل
صدام حسين، التي لم تصدق عام 1991
أنها ستتعرض لحرب تخرجها من
الكويت، وتدمر قسماً كبيراً من
قوتها العسكرية . ورفضت أن تصدق
في الفترة الواقعة بين 1991 و2003 أن
أمريكا وبريطانيا ستشنان عليها
حرباً جديدة بهدف إسقاطها
والإتيان بحكومة تضع العراق تحت
سيطرتهما المباشرة، وتنسج
علاقات معه تبقيه تابعاً لهما،
حتى بعد انسحاب قواتهما منه (إن
حدث وانسحبت بالفعل!) موضوعي هو
تأخرنا في وعي الواقع، وغرقنا
في اقتناعات ذاتية نحلها محل
قرائنه ومجرياته، نصدقها هي
فتكون النتيجة نجاح خصمنا في
التحكم بالأحداث، وفي تسديد
الضربات التي يريدها لنا، والتي
تحدث تأثيراً رهيباً فينا، يدفع
بنا إلى إحساس مرضي بالندم،
وإلى ضرب من احتقار الذات، التي
نعترف بعد الهزيمة بقصورها في
فهم ما يحيط بنا، وعجزها عن
حمايتنا . ولو عدنا إلى حكومة
العراق، لوجدناها ترفض احتمال
وقوع الحرب، وتقصر في اتخاذ ما
هو ضروري من إجراءات وتدابير
وقائية يمكن أن تحصن بلدها، أو
أن تردع خصومها وأعداءها، وأنها
بقيت مصرة، ضد من ذكرّوها
بحقائق العصر، على أن العدو لن
يخاطر بشن حرب على العراق، وأن
حكومته، بما تملك من قوة وسيطرة
حديدية، تستطيع منفردة وفي أي
وقت صد الخطر وحماية وطنها . وقد حدث خلال زيارة تضامنية للعراق نظمها
وشارك فيها مثقفون وفنانون
سوريون قبل الحرب بأقل من
أسبوعين، أن تحدث هؤلاء مع عضو
القيادة القطرية سعد قاسم حمودي
عن ضرورة اتخاذ إجراءات فورية
تحسن العلاقة بين السلطة
والمجتمع، وتبعث الأمل لدى
المواطنين في بزوغ عهد جديد يلي
الحرب، يقوم على الحريات
العامة، وعلى آليات واضحة
ومحددة لانتقال البلد من حاله
السلطوي إلى حال أكثر تعبيرًا
عن روح الناس ومطالبهم وحقوقهم،
لكن محاورنا قال إن هذه
الإجراءات ستتخذ بمجرد إحراز
النصر وطرد الغزاة، وادعى أن
اتخاذها قبل ذلك يثير البلبلة
والفوضى ويخدم العدوان . قلنا:
لا نصر من دون الشعب والأمل
بالتغيير، فقال: “لا نصر من دون
المحافظة على الأمر القائم”
عندما ذكرّناه بحرب إخراج
العراق من الكويت وما عرفته من
إبادة وحدات عسكرية عراقية
كاملة وإذلال للجندي العراقي،
قال “إن الوضع تغير اليوم، وإن
الحرب إذا وقعت - لن تكون لمصلحة
أمريكا والصهيونية، بل ستكون
كارثة عليهما” . تمسكنا برأينا،
فتمسك برأيه . يوجد في وطننا العربي نظريتان: واحدة تقول
إن الخطر الخارجي يفرض التزام
عناصر ومكونات الدولة جميعها
بخط السلطة القائمة وبالدفاع
عنها والقتال تحت راياتها، مهما
كانت ظالمة وغشومة، فالتناقض مع
العدو والخارج يجب أن يرجح هنا
على التناقضات الداخلية . وأخرى
ترى أن الدفاع عن الوطن لن يكون
ممكناً وناجعاً بغير جمع وتوحيد
وتفعيل طاقاته الرسمية
والشعبية، السلطوية
والمجتمعية، وأن شرط نجاحه
توافق هذه القوى وقيام علاقاتها
على الحرية والالتزام الطوعي،
وانضواؤها تحت مشتركات وطنية
عامة تمثل إرادة الشعب العامة،
لا يجوز أن يقوم خلاف حولها، قبل
وقوع المخاطر أو بعده . ليست الوحدة في مواجهة العدو كافية
لإحراز النصر، وليست شرط
الانتصار، الذي لن يتحقق بغير
شرطين : أن تكون الوحدة هدف سياسات مديدة قائمة
على أسس وطنية بعيدة المدى، من
نمط يفعل طاقات الشعب والدولة
في إطار رشيد يجعل النظام
قائماً على مشاركة وطنية جامعة
تكفل الشروط الضرورية لحماية
الوطن والمواطن . توفر بيئة وطنية لحمتها وسداها الاقتناع
العام بفاعلية وصواب العلاقة
بين الحكم وبين المجتمع والدولة
؛ بيئة لا تكون وليدة الأزمات
ولا تدوم بدوامها، فهي خيار
وطني جامع وليست نتاج إكراه
يفرضه المجتمع على السلطة، أو
العكس، يتبدد مع انتهاء المعركة
فيعود الوضع إلى ما كان عليه
قبلها . إن تجميع طاقات الوطن في
اللحظة الأخيرة ووضعها وراء
السلطة لا يكفل تفعيلها بصورة
صحيحة، خاصة إن كانت قد قمعتها
وحجمتها ولاحقتها خلال فترة
طويلة . أخيرا، إن الوحدة
الوطنية ليست عملية تجميع تتم
في لحظة نخوة، إنها فعل سياسي/وطني
ينهض على أسس متوافق عليها
وجامعة . هل تأخرت السلطة العربية عن اتخاذ ما يلزم
لرد الأخطار ومفاجآتها؟ أعتقد
أنها لا تؤمن أصلاً بوجود
أخطار، كي تتخذ إجراءات ما
حيالها . وأرجح أنها تتذرع بوجود
أخطار خارجية، ليس كي تتفاهم مع
شعبها ومجتمعها، وإنما من أجل
ابتزاز خصومها ومعارضيها
الداخليين وإخضاعهم . ومن يراقب
آليات اشتغال السلطة، سيجد أنها
تثق بقدرتها على التفاهم مع
الخارج أكثر مما تثق بالداخل
وترغب في التفاهم معه . يحدث
هذا، بينما يتوالى سقوط وطننا
العربي وتمزقه، ويتعالى جدل حول
علاقة الداخل بالخارج يشبه جدل
بيزنطة حول الدجاجة والبيضة،
وأيهما سابق للآخر، الذي حجب عن
أعين حكامها ومواطنيها سقوطها
في أيدي أعدائها . ============================ الغطرسة الأميركية في ما
وراء البحار يجب أن تنتهي إيفان إيلاند - «أنتي وور» الدستور 24-2-2010 اعتقال عشرة من أعضاء الكنيسة حاولوا "إنقاذ"
33 طفلا من هاييتي في أعقاب كارثة
الزلزال ، بتهريبهم عبر الحدود
إلى جمهورية الدومينيكان ، أمر
له تأثير ضمني اوسع على السياسة
الخارجية الأميركية. قيام
المجموعة بتشويه سمعة الجهود
الإنسانية الأميركية الحقيقية
والجديرة بالثناء أمر يدعو
للأسف. لكن الغطرسة بالتجاهل
الواضح لحكم القانون في الدول
الأجنبية هو تقليد أميركي عريق
، تمارسه حكومة الولايات
المتحدة تماما كهؤلاء المبشرين.
يبدو أن قائد تلك المجموعة قد تجاهل بشكل
متعمد التحذيرات بشأن أخذ
الأطفال عبر الحدود دون اتباع
قوانين الدول المشاركة بالأمر.
أي نقاش بأن الوضع الإنساني
الرهيب يتطلب هذه الاستهانة
بالقانون ، يتعثر بحقيقة أن
أكثر من دار لرعاية الأيتام
رفضت تسليم الأطفال للمجموعة
لأنها اشتمت رائحة الاتجار
بالأطفال. أيضا ، كانت مصداقية
المجموعة قد تقوضت لأن قائدها
ادعى أن جميع الأطفال جاؤوا من
دور للأيتام وقد تم التنازل
عنهم ، بالرغم من أن العديد منهم
كان أحد والديه ، على الأقل ،
على قيد الحياة. حتى لو كانت نوايا المجموعة طيبة - من
الصعب تحديد ذلك لأن المرء قد
يشك بأن المجموعة أرادت محو
الممارسات الدينية التقليدية
لهايتي من القائمة الروحية
للأطفال بالإضافة إلى تزويدهم
باحتياجاتهم المادية فحسب - لقد
استخفت بالقانون بكل عجرفة ،
وحتى بعد أن حذرها مسؤول من عدم
القيام بذلك. إن تلك الغطرسة
باسم "مساعدة" الناس ، لها
تاريخ طويل في السياسة الخارجية
للولايات المتحدة. سياسة الولايات المتحدة الخارجية
الحالية بعسكرة الخدمة
الإجتماعية - التي بدأها وليم
ماك كينلي خلال الحرب الإسبانية
- الأميركية ، وهذبها وودرو
ويلسون في أميركا اللاتينية في
السنوات سبقت الحرب العالمية
الأولى ، وخلدها هاري ترومان
وخلفائه بعد الحرب العالمية
الثانية - هي في الواقع متأصلة
في التقليد التبشيري لتحويل
الشعوب الوثنية إلى المسيحية.
وأخيرا ، بدأ مثل هؤلاء
المبشرين بطلب الحماية
العسكرية. في النهاية ، تولت حكومة الولايات
المتحدة الأمر من المبشرين
واستبدلت تأسيس الديمقراطية ما
وراء البحار بالتحويل الديني.
لسوء الحظ ، الغطرسة والمظاهر
العسكرية للسياسة لم تتغير. الآن ، تنتهك حكومة الولايات المتحدة
بشكل روتيني قوانين الدول
الأخرى لتواصل سلوكها حيال
الإرهابيين المشتبه بهم (إيطاليا
مثلا) ، أو بناء الدولة بقوة
السلاح (كما في الصومال
والبوسنة) ، أو لشن هجوم (هجمات
طائرات بدون طيار على الباكستان)
أو إجتياح دول أخرى (العراق) في هذه الحوادث العرضية ، كما في حالة
تهريب الأطفال من قبل المبشرين
، حتى النوايا الحسنة لا تغير من
العجرفة وانتهاك حكم القانون.
ومثل هذا السلوك يدمر أي نية
حسنة اتجاه الولايات المتحدة. من الجيد بالنسبة للأميركيين أن يحاولوا
القيام بأعمال جيدة في ما وراء
البحار - إن لم تكن هناك دوافع
خفية (وهي كانت موجودة معظم
الأحيان) - لكن الغطرسة واحتقار
قوانين الدول الأخرى ، وثقافتها
، وعاداتها يجب أن تترك في الوطن.
=============================- بقلم د. محمد بن لطفي الصباغ الرائد - العدد 270 ربيع الاول 1431 ﻫ - شباط /
فبراير 2010م تسود العالم اليوم موجةٌ من الإقبال على
الدين؛ لأسباب عِدَّة - ليس
المجالُ مجالَ ذكرها - وفي
بلادنا الإسلامية يُقبِل
الشباب والشابَّات على الإسلام
- دراسةً، وحفظًا، وتعبُّدًا،
والتزامًا - على الرغم من قيام
بعض العوائق في بعض البلدان. وإن الأمل كبير
جدًّا في أن المستقبل للإسلام،
وهذا أمر سارٌّ ومبشِّرٌ،
والفضل في ذلك لله وحده. نعم ، هناك أمل
كبير، وهناك حاجة إلى توعية
وترشيد، وطريق ذلك هو العلم
والمعرفة؛ ولذا كان المطلوب من
هؤلاء الشباب والشابات هو
التعلُّمَ؛ يقول رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - : ((مَن يُرِد
الله به خيرًا يفقِّهْهُ في
الدين)). وفي الوقت ذاتِه
نرى كيد الكفار يتفاقم، وكلَّما
زاد كيدهم، زاد إقبال الناس على
الدين، ورُبَّ ضارَّة نافعة. وقد وعد الله -
تبارك وتعالى - الذين آمنوا
وعملوا الصالحات بالاستخلاف في
الأرض والتمكين لهم في الدين؛
قال - تعالى -: {وَعَدَ اللَّهُ
الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ
وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي
الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ
الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ
وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ
دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى
لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ
أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لاَ
يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا
وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ
فَأُولَئِكَ هُمُ
الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]، وقال
- تعالى -: {إِنَّا لَنَنْصُرُ
رُسُلَنَا وَالَّذِينَ
آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ
الْأَشْهَادُ} [غافر: 51]،
والأحاديث في ذلك كثيرة، منها
ما أورده ابن كثير في تفسير قوله
- تعالى -: {يُرِيدُونَ أَنْ
يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ
بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى
اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، قال
ابن كثير: "يقول الله - تعالى -:
يريد هؤلاء الكفار من المشركين
وأهل الكتاب أن يطفئوا نور
الله؛ أي: ما بعث به رسوله من
الهدى ودين الحقِّ، بمجرَّد
جدالهم وافترائهم، فمثَلهم في
ذلك كمَثَل مَن يريد أن يطفئ
شعاع الشمس أو نور القمر
بنفخِه، وهذا لا سبيل إليه،
فكذلك ما أرسل الله به رسوله لا
بُدَّ أن يتمَّ ويظهر؛ ولهذا
قال - تعالى - مقابلاً لهم فيما
راموه وأرادوه: {وَيَأْبَى
اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُتِمَّ
نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ
الْكَافِرُونَ} [التوبة: 32]، ثم
قال - تعالى -: {هُوَ الَّذِي
أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ} [التوبة: 33]؛
فالهدى: هو ما جاء به من
الإخبارات الصادقة، والإيمان
الصحيح، والعلم النافع - ودينُ
الحق: هي الأعمال الصحيحة
النافعة في الدنيا والآخرة؛ {لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} [التوبة:
33]؛ أي: على سائر الأديان؛ كما
ثبت في "الصحيح" عن رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - أنه
قال: ((إن الله زوى لي الأرض
مشارقها ومغاربها، وسيبلغ
مُلْكُ أمتي ما زوي لي منها))؛
رواه مسلم 2215، ويقول - صلى الله
عليه وسلم -: ((إنه سيفتح لكم
مشارق الأرض ومغاربها، وإن
عُمَّالها في النار، إلاَّ مَن
اتقى الله وأدَّى الأمانة))؛
رواه أحمد 5/366- 367. وعن تميم الداري
- رضي الله عنه - قال: سمعت رسول -
صلى الله عليه وسلم - يقول: ((ليبلغنَّ
هذا الأمر ما بلغ الليل
والنهار، ولا يترك الله بيت
مَدَر ولا وبَر إلاَّ أدخله هذا
الدين، بعزِّ عزيز، أو بذلِّ
ذليل؛ عزًّا يعزُّ الله به
الإسلام، وذلاًّ يذلُّ به الكفر))؛
رواه أحمد 4/103. فكان تميم
الداري يقول: ولقد عرفت ذلك في
أهل بيتي؛ لقد أصاب مَن أسلم
منهم الخير والشرف والعز، ولقد
أصاب مَن كان منهم كافرًا الذل
والصغار والجزية. وعن المقداد بن
الأسود - رضي الله عنه – قال:
سمعت رسول الله - صلى الله عليه
وسلم - يقول: ((لا يبقى على ظهر
الأرض بيت مَدَر ولا وَبَر إلا
أدخله الله كلمة الإسلام، بعز
عزيز، أو ذل ذليل؛ إمَّا يعزهم
الله فيجعلهم من أهلها، وإمَّا
يذلهم فيدنون لها))؛ رواه أحمد
(6/4). ذاك الأمل،
وأمَّا الواقع فأقول: إن نشراتِ
الأخبار التي أسمعها من المذياع
والتلفاز نشراتٌ عن مآسي
المسلمين ومذابحهم. ضحية هذه المآسي
هم المسلمون المدنيُّون
العُزَّل، المقيمون في بيوتهم؛
ألم يأتكم نبأ المآسي التي
يتعرَّض لها إخواننا في الصين -
تركستان الشرقية - من قتل وقمع
وعدوان يشيب لهوله الولدان، وما
يجري الآن في أفغانستان
وباكستان، ومن قبل ذلك المذابح
في غزة، التي يقشعرُّ لها جلد كل
إنسان له قلب حي؟! إنني أتمنى
ألاَّ أسمع شيئًا من ذلك؛
ولكنَّني لا أستطيع أن أمتنع عن
سماع الأخبار، ولا عن قراءة
الصحف، وإن كنت في كثير من
الأحيان لا أستطيع متابعة سماع
هذه الأخبار، فأطفئَ التلفاز،
وأغلقَ المذياع... إن وضع
المسلمين الحالي لا يجوز أن
يُسْكَت عليه. وماذا يستطيع أن
يفعل شيخٌ عجوز مثلي لا حول له
ولا طَول؟! إنه لا يملك إلا هذا
القلم الواني، الذي يحدِّث به
مَن يقرأ كلامه من المسلمين. إن هؤلاء
المعتدين السفَّاكين المجرمين
جاؤوا إلى بلادنا من وراء
البحار، وما نقموا منا إلا أننا
آمنَّا بالله الواحد، وبرسوله
محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -
مئاتُ الألوف جاؤوا بعَتَادٍ
ضخم وأسلحة متطوِّرة، يأسرون
ويقتلون ويهدمون البيوت،
ويجرفون المزارع، ويقتلون
النساء والشيوخ والأطفال،
جاؤوا وأقاموا دُوَيْلَةً في
قلب بلادنا، وأمدُّوها بالسلاح
الحديث، والتِّقْنِيَة
المتقدِّمة، وزوَّدوها بالسلاح
النوويِّ، في الوقت الذي
يحرِّمون على المسلمين أن
يفكِّروا في إيجاد هذا السلاح -
مجرَّد تفكير! وجعلوها دولة
قوية تتحدَّى بوقاحةٍ مشاعرَ
المسلمين، وتنكِّل بسُكَّان
الأرض المباركة، وهي الآن عاملة
على إخراجهم، ومنع مَن لجأ إلى
بلاد مجاورة، يوم أن خوَّفوهم
من العودة إلى ديار آبائهم. أيها القراء
الأعزَّاء: إن هناك مسؤوليةً
على الواعين من المسلمين، لنرفع
أصواتنا بأفكار هذا الواقع
المؤلم، ولنَضْرَع إلى الله
بالدعاء أن يردَّ المسلمين إلى
دينهم؛ لتعود لهم عزَّتُهم
وسيادتهم التي كتبها الله لهم. ومن الواقع
المرير: قيامُ بعض الباحثين
بالمشاركة في تمييع قضايا
إسلامية وتشويهها وتحريفها،
ومن المؤلم أن يقوم بها ناسٌ من
أبناء جلدتنا - نسأل الله لهم
الهداية. ومن الواقع المرير: الكيد للغة القرآن في
بعض البلاد العربية، إن هناك
خططًا تُرْسَم، ومؤامرات
تُعَدُّ للقضاء على هذه اللغة
الشريفة، وتحويلها إلى لغة ميتة
لا تحيا في عالم الواقع، وما
حاربوها إلا لمحاربة الدين؛ فلا
نعلم في دنيا اللغات لغة يُكَاد
لها وتُحَارَب كما يُكَاد للغة
العربية وتُحَارَب. وإن الغَيْرة
على الدين الحنيف، والصدق في
دعوى العروبة - ليحتِّمان على كل
مسلم وكل عربي أن يستمسك بهذه
اللغة، ويَصُدَّ عنها هجماتِ
الأعداء، سواء كان هؤلاء
الأعداء عربًا أم أجانبَ. إنهم يريدون أن
يقطعوا صِلَتَنَا بتراثنا
الكريم العالي، وأن يجعلونا
غرباءَ عن القرآن الكريم والسنة
المطهرة؛ حتى يسهل عليهم أن
يسيطروا على بلادنا وثرواتنا
والمواقع الإستراتيجية التي في
ربوعنا. هذا من جهة، ومن
جهة أخرى، يريدون لنا أن نزداد
فُرْقَةً، وأن تتأصَّل في أمتنا
روح الانقسام والتجزُّؤ؛ لأن من
أنجع الوسائل في هذا الصدد أن
تتعدَّد لغاتنا؛ فلا نعود نشعر
بروح الوحدة والاجتماع. إن اللغة الفصحى
هي من الروابط المهمة التي
تشعرنا بأننا مهما تناءت بنا
البلدان، فنحن أبناء أمة واحدة. إن الانتقال
باللغة العامية من لغة الخطاب
العادي إلى لغة الكتابة - كما
يصنع عددٌ من أصحاب الأقلام
الهدَّامين - وإلى لغة الإذاعة -
كما يصنع عددٌ من المخرِّبين -
إن هذا وذاك جريمة كبيرة تدعونا
إلى أن نضع أيدي القُرَّاء على
مكامن الخطر. إن رسالة الصالحين الواعين من هذه الأمة
هي رعاية هذه اللغة، وحمايتُها،
وخدمتها، وإحياؤها، بالاستعمال
في الحياة اليومية ما استطعنا
إلى ذلك سبيلاً، وبالله التوفيق. ومن الأمور
المؤلمة: أن هناك بلادًا عربية
أهلها مسلمون محافظون كرام،
ملتزمون معتزُّون بدينهم،
ويُفَاجَأ المرء بأمور لا
يُقِرُّها الإسلام ولا العروبة. من هذه الأمور: أن الجامعات تدرس أولاد
العرب المسلمين باللغة
الأجنبية؛ بل هناك بعض البلاد
يدرس الطلاب في المدارس
الثانوية والمتوسطة فيها
باللغة الأجنبية، ويا لها من
مصيبة! اتَّصلت مرةً
بأستاذ جامعي متديِّن في إحدى
تلك البلاد، فإذا هاتفه يجيبك
باللغة الإنكليزية، ويخبرك بها
أن الأستاذ غير موجود، قلت: إذا
كان هذا شأن المتديِّن، فماذا
نتوقع من الآخرين؟! ومن ذلك: أن
السيارات عليها أرقام يستعملها
الفرنجة، وأن المحلاتِ
التِّجاريةَ تضع العناوين
واللافتات باللغة الإنكليزية،
وفي هذه البلاد نسبة عالية من
الأميِّين لا يعرفون القراءة
والكتابة، لا بالعربية ولا
بالإنكليزية. ومن ذلك: أنك تدخل فنادق هذه البلاد
الإسلامية، فلا تجد فيها مَن
يتكلَّم العربية؛ إلا بعد بحثٍ
وتنقيبٍ، وهذا ما حصل معي، ولا
حول ولا قوة إلا بالله! وكذلك شأن المستشفيات؛ فماذا يصنع المريض
العربي إذا أُدخل إلى واحد
منها؟! ومن ذلك: أن
الناس في كثيرٍ من بلاد
المسلمين لا يعرفون تاريخهم -
وهو التاريخ الهجري - إلا في
رمضان. ومن ذلك: أن الناس في كثيرٍ من هذه البلاد
يُعيِّدون يوم السبت، وبعضهم
يُعَيِّد يوم الأحد، وهذان
اليومان ليسا بعيد عند
المسلمين، وقد تساءلت: هل تقبل
إنكلترا أو فرنسا أو أمريكا أن
يكون هذا الوضع في بلادها؟! إن الدول التي
تحترم نفسها ومُثُلَها لا تقبل
ذلك بحال من الأحوال؛ بل إن
رؤساء الدول لا يرضون أن
يتكلَّموا في المحافل الرسمية
إلا بلغتهم القومية. نسأل الله أن يَرُدَّ المسلمين إلى دينهم
ردًّا جميلاً، والحمد لله رب
العالمين. ======================= روجر كوهين مصدر المقال: الإنترناشيونال
هيرالد تريبيون 11 شباط/فبراير 2010 نيويورك – فشلت الصهيونية والقومية
العربية عبر أكثر من قرن من
الزمان في تحقيق تعايش في
الأراضي المقدسة. حاولت كلا
الحركتين ملء الفراغ الذي تركته
إمبراطورية تهاوت، وتُرِك
الأمر لشبه الإمبراطورية،
الولايات المتحدة، لمحاولة
إقناعهما بالتعايش السلمي.
المحاولة فشلت حتى الآن. تسلّم الرئيس باراك أوباما إدارة بلاده
منذ أكثر من سنة، ووعد بتفكير
جديد وبمدّ يد التعاون إلى
العالم المسلم، وبتركيز لا يلين
على قضية إسرائيل-فلسطين. إلا أن
الخطابات الجميلة أخلت الساحة
لتحتلها حالة جمود كئيبة. وقد
قيل لي أن العلاقة بين الرئيس
أوباما ورئيس الوزراء
الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
معدومة. تقيّد سياسة الولايات المتحدة الداخلية
التفكير الخلاق، بل وحتى النقاش
المفتوح، حول عملية لا نهاية
لها هي عملية البحث عن السلام.
وكما علّق آرون ديفيد ميللر
الذي طالما عمل بجد وتعب في
غياهب هذه العملية، بأن الأمر
ينتهي بالولايات المتحدة لتكون
"محامية عن إسرائيل" بدلاً
من وسيط صادق. كذلك لا توجد حالة
واحدة تثير التفاؤل لعضو في
الكونغرس يتحدث لصالح
الفلسطينيين. لا أعتقد أن هذه المعوقات ستتحول بشكل
كبير، ولكن الحاجة لأن يحقق
أوباما وعوده الانتخابية
مستمرة في التنامي. ينخر النزاع
بالأمن الأمريكي، وينهش بأي
احتمال باقٍ مهما كان بعيداً
لحل الدولتين، ويبعثر
الفلسطينيين ويطحن كل محاولة
لجسر الهوة بين الغرب والإسلام. إليكم ما أعتقده: أوجدت سنوات من الاضطهاد
انتهت بالمحرقة التزاماً
أخلاقياً بوطن يهودي، ومطالبة
من أمريكا بحماية الوطن الذي
يشهد عملية ولادته العسيرة. ولكن اضطهاد اليهود في السابق لا يمكن أن
يشكّل تصريحاً لإخضاع شعب آخر
هم الفلسطينيين. كذلك لا يمكن
للوعد الأمريكي الجاد بالوقوف
إلى جانب إسرائيل أن يشكل شيكاً
مفتوحاً للدولة اليهودية عندما
تُفشِل سياساتها الأهداف
الأمريكية المعلنة. يشكّل الاستيطان واحدة من هذه السياسات
التي لا تلين. قبل عقدين من
الزمان أعلن جيمس بيكر، الذي
كان يومها وزيراً للخارجية: "ابتعدوا
عن ضم المناطق المحتلة، أوقفوا
النشاطات الاستيطانية"، وبعد
عشرين سنة ننتقل إلى باراك
أوباما في القاهرة: "الولايات
المتحدة لا تقبل شرعية
المستوطنات الإسرائيلية
المستمرة". في هذه الأثناء
تضاعف عدد المستوطنين حوالي
أربع مرات، من 78,000 عام 1990 إلى
حوالي 300,000 السنة الماضية. ومنذ ألقى أوباما خطابه ونتنياهو يزرع
أشتال الأشجار في المستوطنات
ويعلنها جزءاً من دولة إسرائيل
"إلى الأبد"، رغم وعودة
بتجميد الاستيطان جزئياً. أعتقد
أنه في أية علاقة طبيعية بين
الحلفاء، كالتي يجب أن تتمتع
بها أمريكا وإسرائيل، تكون هناك
نتائج وخيمة لتحدٍ كهذا. إلا أنه
لا توجد نتائج كهذه في العلاقة
الخاصة بين الولايات المتحدة
وإسرائيل. هدف الولايات المتحدة هو سلام الدولتين.
إلا أن مساحة الدولة الثانية،
فلسطين، تتبخر يوماً بعد يوم
ومتراً مربعاً بعد متر مربع. هل
يمكن رؤية علبة السردين المسماة
غزة والمتاهة الممزقة المسماة
الضفة الغربية، أي شيء سوى
كاريكاتيراً بشعاً لدولة
مزعومة؟ لقد سمحت أمريكا لهذه
العملية ذاتية التدمير لأن
تتطور لتصل مرحلة تقترب من نقطة
اللاعودة. واقع الأمر أن أمريكا ساعدت على تمويل هذه
العملية. المستوطنات مكلفة،
وكذلك الجدار الأمني ("جدار
الفصل" الكريه عند
الفلسطينيين) الذي يُعتبر آلية
للضم. حسب تقرير صدر مؤخراً عن
خدمة البحوث في الكونغرس، بلغت
المساعدات الأمريكية لإسرائيل
28,9 مليار دولار خلال العقد
الماضي، وهو مبلغ يقزّم المعونة
لأي دولة أخرى ويبلغ أربعة
أضعاف الناتج المحلي الإجمالي
لهاييتي. من المنطقي أن تعمل أمريكا على ضمان أمن
إسرائيل. ولكن ليس من المنطقي أن
تدفع أمريكا كلفة السياسات
الإسرائيلية التي تعمل على
إفشال أهداف الولايات المتحدة
الإستراتيجية. هناك موضوع آخر حسب رأيي. ساهمت الفصائل
الفلسطينية من خلال العنف
والتحريض المعادي للسامية
والتهديدات بالإفناء، ساهمت
بقوة في تغييب السلام وجعلت من
الصعب على أمريكا أن تتبنى
التوازن المطلوب. إلا أن العمل
المثير للإعجاب الذي قام به
رئيس الوزراء سلام فياض في
الضفة الغربية يُظهِر أن
المسؤولية الفلسطينية ليست
تناقضاً منطقياً وتتطلب من
إسرائيل رداً أقل مذلّة من زحف
الاستيطان وضم الأراضي. وهناك موضوع آخر أيضاً. "التهديد
الوجودي" لإسرائيل مبالغ فيه.
ليس الأمر بديفيد الضعيف يواجه
جالوت الجبار العربي (أو العربي
الفارسي). فإسرائيل المسلّحة
بقوة نووية هائلة رادعة هي أقوى
دولة على الإطلاق في المنطقة.
هناك مساحة لأمريكا لأن تتراجع
وتضغط دون تعريض أمن إسرائيل
للخطر. وإليك الموضوع التالي أيضاً: يحتاج
أوباما لأن يعمل بجد أكثر في
التغلب على الخلافات
الفلسطينية، وهو متطلب مسبق
للسلام، بدلاً من لعب لعبة "لا
يوجد من يتمتع بالمصداقية
للحوار" الإسرائيلية. ميثاق
حماس ينقط سماً، ولكن معاهدات
أوسلو التي حققت اختراقاً جرت
عام 1993 أي قبل ثلاث سنوات من
قيام منظمة التحرير الفلسطينية
بشطب عبارات فناء إسرائيل من
ميثاقها. عندما صافح عرفات
رابين في حديقة البيت الأبيض
كان ميثاق "تدمير إسرائيل"
هذا موجوداً. تتغير الأمور عبر
المفاوضات وليس بالعكس. إذا
كانت هناك عناصر في طالبان
تستحق الإشراك، أفلا توجد عناصر
كهذه في الحركات الأوسع مثل
حماس وحزب الله؟ إذا لم تكن هناك دولتين بين النهر والبحر
فسرعان ما تكون هناك دولة واحدة
فيها من العرب الفلسطينيين أكثر
مما فيها من اليهود. ماذا سيحلّ
وقتها بالحلم الصهيوني؟ حان الوقت لأن يسأل أوباما أسئلة صعبة
كهذه علناً وأن يطالب إسرائيل
بأن تعمل فعلياً للتشارك في
الأرض بدلاً من تفريقها وحكمها. ____________ * يكتب روجر كوهين للنيويورك تايمز. تقوم
خدمة الأرضية المشتركة
الإخبارية بتوزيع هذا المقال
بإذن من الإنترناشيونال هيرالد
تريبيون. تم الحصول على حقوق نشر هذا المقال. =================== بقلم أ. عصام العطار الرائد - العدد 270 ربيع الاول 1431 ﻫ - شباط /
فبراير 2010م نعم ، إنني أدعو المسلمين حيثما كانوا من
شرقٍ أو غربٍ إلى التفوّق في
مختلف الاختصاصات ، والتقدّم في
مختلف مجالات الحياة ، ليكون
لهم وجودهم الفاعل الملموس ،
وأثرهم النافع المحمود ،
وصورتهم الحقيقية الجميلة ،
وليكونوا أقدر على خدمة أوطانهم
ومجتمعاتهم ، وخدمة الإنسانية
والإنسان حيثما كان ولكنني لا أُغفل أبداً دورَ المسلم
العاديّ البسيط ، ولا أنتقص من
قيمته وأثره ؛ بل ربما كان في
بعض الأحيان أبلغ أثراً من سواه
من الأدوار فالمسلم الذي يحسن المعاملة مع نفسه ، ومع
أسرته ، ومع مجتمعه ، يؤدّي
لإسلامه ، ويؤدّي لأسرته
ومجتمعه بالإسلام أجلَّ
الخدمات وليس الأمر في أصله وجوهره بالغ التعقيد ؛
وإن كان الكمال فيه وفي سواه ليس
له حَدّ ويكفي المسلمَ الصالحَ في الْبَدْء ، أن
يأخذ بتعاليم دينه الواضحة في
علاقاته المختلفة ، ليكون
ناصحاً نافعاً لنفسه وأهله
ولسائر الناس ، ولتكون صورتُه
وصورة الإسلام من خلاله أجملَ
الصور آيةٌ واحدةٌ في بعض الأحيان من القرآن
الكريم أو آيات وجُمْلَةٌ من القرآن الكريم أو جُمَلٌ
معدودات .. وإذا المسلم على أول
الطريق القويم في هذا المجال أو
ذاك المجال وكثيراً ما تذكرت وأنا أمر ببعض هذه
الآيات والجمل قول أحمد شوقي في
نهج البردة : ولْنَأْخذْ في الأمر الذي نحن بصدده –
على سبيل المثال – هذه الآية
الكريمة من كتاب الله عزَّ
وجلَّ : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ
وَلاَ تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا
وَبِالْوَالِدَيْنِ
إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى
وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ
ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ
الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ
بِالْجَنْبِ وَابْنِ
السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ
لاَ يُحِبُّ مَنْ كَانَ
مُخْتَالاً فَخُورًا ) [ النساء :
36 ] ولْنَكْتَفِ من هذه الآية
الكريمة بجزء صغير منها في هذا
الحديث ، حتى لا تتسع مجالات
الكلام ، وتتعدّد جوانبه
ومَناحيه ، مما يحتاج كتاباً
كاملاً ، لا مقالاً صغيراً
سريعاً ، يشير إشارةً ولا
يستقصي ، ويقتصر على جانب محدود
لمجرد المثال جاءَ النبيّونَ بالآياتِ فانْصَرَمَتْ آياتُه كلّما طالَ المَدى جُدُدٌ يكادُ في لَفْظَةٍ مِنه مُشَرَّفَةٍ
وجِئنَا بحكيمٍ غيرِ
مُنْصَرِمِ يَزينُهُنَّ جلالُ العِتْقِ والقِدَمِ يُوصِيكَ بالحقِّ والتقوى وبالرّحمِ لنكتف من الآية الكريمة بقول الله عزَّ
وجلَّ فيها : ( وَالْجَارِ ذِي
الْقُرْبَى وَالْجَارِ
الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ
بِالْجَنْبِ) أي بما أمر الله به
فيها من الإحسان إلى الجار ولكن من هو الجار ذو القربى والجار
الْجُنُبُ والصاحبُ بالجنب
المقصودين بالكلام ، والذين
يستوجبون ما أمر الله تعالى به
من الإحسان ؟ قال نوفٌ الشاميُّ(1) في تفسير :
وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى
وَالْجَارِ الْجُنُبِ الجار ذو القُربى : المسلم ، والجار
الجنبُ : اليهودي والنصراني . قال القُرْطُبيّ : - « وعلى هذا فالوَصَاةُ بالجار مأمورٌ
بها ، مندوبٌ إليها مسلماً كان
أو كافراً ، وهذا هو الصحيح » وقال في موضع آخر : - « قال العلماء : الأحاديث في إكرام الجار
جاءت مطلقةً غير مقيّدة فهي
تشمل حتى الكافر كما بَيّنّا » [تفسير
القرطبي 183:5] وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري : - « واسم الجار يشمل المسلمَ والكافر ،
والعابدَ والفاسق ، والصديق
والعدو ، والغريبَ والبلدي ،
والنافع والضار ، والقريب
والأجنبيّ ، والأقرب والأبعد ..
وله مراتب بعضُها أعلى من بعض ،
فأعلاها من اجتمعت فيه الصفاتُ
الأُوَلُ كلُّها ، ثم أكثرُها ،
وهَلُمَّ جرّاً إلى الواحد ،
وعكسُه من اجتمعت فيه الصفاتُ
الأُخرى كذلك ، فَيُعْطَى كلٌّ
حقَّه بحسب حاله . وقد وردت
الإشارةُ إلى ما ذكرته –ما يزال
الكلام هنا للحافظ ابن حجر– في
حديث مرفوع أخرجه الطّبَراني من
حديث جابر رَفَعَهُ : «
الْجِيرَانُ ثَلاَثَةٌ : جَارٌ
لَهُ حَقٌّ وَهُوَ المُشْرِكُ
لَهُ حَقُّ الْجِوَارِ ،
وَجَارٌ لَهُ حَقَّانِ ، وَهُوَ
الْمُسْلِمُ لَهُ حَقُّ
الْجِوَارِ وَحَقُّ
الإِسْلاَمِ ، وَجَارٌ لَهُ
ثَلاَثَةُ حُقُوقٍ : مُسْلِمٌ
لَهُ رَحِمٌ ، لَهُ حَقُّ
الْجِوَارِ وَالإِسْلاَمِ
وَالرَحِم » [فتح الباري ج10- ص241-242]
في شرح حديث : ما زال جبريل
يوصيني بالجار .. وكما أوصى الإسلام بإكرام الجار مؤمناً
كان أو كافراً ، مسلماً كان أو
غير مسلم ، نَهى أشدَّ النّهْيِ
، وقَبَّحَ أشدَّ التقبيح ،
وحذّر أشدَّ التحذير من إيذائه
، وبيّن مُنَافاة ذلك للإيمان ،
وأنذر عليه بالحرمان من الجنة روى البخاريّ ومسلم في صحيحهما عن أبي
هريرة رضي الله عنه أنّ النبيّ
صلى الله عليه وسلم قال : - « وَاللَّهِ لاَ يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ
لاَ يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لاَ
يُؤْمِنُ! » قِيلَ : مَنْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : - « الْذِي لاَ يَأْمَنُ جَارُهُ
بَوَائِقَهُ » أيْ لا يأمن كيده
وشرّه وأذاه وفي رواية لمسلم : - « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ لاَ
يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ
» قال القرطبي : - وهذا عام في كلّ جار والرسول صلى الله عليه وسلم يُكَرّرُ في
غير ما تقدّم من الحديث الصلة
الوثيقة بين الإيمان وإكرام
الجار ، وأن إكرام الجار من
مقتضيات الإيمان : روى البخاريُّ ومسلم في صحيحيهما عن أبي
هريرة رضي الله عنه : أنّ رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : - « مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ
فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ
لِيَصْمُتْ ، وَمَنْ كَانَ
يُؤْمِنُ بِاللَّهِ
وَالْيَوْمِ الآخِرِ
فَلْيُكْرِمْ جَارَهُ (2) ،
وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ
بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ » وقد بلغ من حرص الإسلام على رعاية الجار ،
ومن إلحاحه في ذلك ، ومبالغته
فيه ، ما يكشفه لنا حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم الذي
رواه البخاريُّ ومسلم في
صحيحيهما : - « مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي
بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ
أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ » أما ما هي حدود الجوار ؟ فقد تعدّدت في ذلك
الأقوال : قال القرطبي : - اختلف الناس في حدِّ الْجِيرة ؛ فكان
الإمام الأوزاعي يقول : أربعون
داراً من كل ناحية وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : « من
سمع النداء ( الأذان ) فهو جار » وقال آخرون : « من ساكن رجلاً في محلة أو
مدينة فهو جار » تفسير القرطبي
باختصار ومن حقوق الجار التي فصّلت لنا بعضَها
بعضُ الأحاديث والآثار .. حديث
مُعاذ بن جبل رضي الله عنه قال : - قلنا : يَا
رَسُولَ اللَّهِ ، مَا حَقُّ
الْجَارِ ؟ قال : - « إن استقرضك أقرضته ، وإن استعانك أعنته
، وإن احتاج أعطيته ، وإن مرض
عُدته ، وإن مات تبعت جنازته ،
وإن أصابه خيرٌ سرّك وهنيّته ،
وإن أصابته مصيبة ساءتك وعزيته
، ولا تؤذه بقُتار(3) قدرك إلاّ
أن تغرف له منها ، ولا
تَسْتَطِلْ عليه بالبناء لتشرف
عليه وتسدّ عليه الريح إلاّ
بإذنه ، وإن اشتريت فاكهةَ فأهد
له منها وإلاّ فأدخلها سرّاً لا
يخرج ولدُك بشيء منها يغيظون به
ولده فهل تفقهون ما أقول لكم ؟ لن يؤدِّيَ حقَّ الجار إلاّ القليل ممن
رحم الله » الجامع لأحكام
القرآن 5/188 وأما الصاحب بالجنب ، الذي أمر الله
بإحسان صحبته والإحسان إليه ،
فهو من يكون بجوارك وصحبتك في
مدرستك أو جامعتك إذا كنت
طالباً ، وفي معملك أو ورشتك إذا
كنت عاملاً ، وفي قطارك أو
طائرتك إن كنت مسافراً ، وفي أيّ
مكان أو نشاط جامع دائم كان ذلك
أو موقتٍ طارئ أو عابر وقولوا لي الآن أيها القراء الأعزاء : - لو أننا توجّهنا في هذا المجال بما
وجّهَنا به ديننا ، وأمرنا به أو
أوصانا به ربنا ورسولُنا ، أَلا
يكون لنا في المجتمعات التي
نعيش فيها ، أو نمرّ بها أجملُ
صورة وأكرمُ أثر ألا ينغرس لنا بذلك في قلوب من نجاورهم أو
نصاحبهم أو نلتقي لقاءً عابراً
بهم المحبة والاحترام إن الصورة القبيحة للمسلمين بأعمالهم أو
افتراءِ أعدائهم لا تنمحي بيوم
أو أيام وإن الصورة الجميلة لا تظهر وتثبت
وتَغْلِب بيومٍ أو أيام فلا بد من الصبر والثبات والعمل الدائب
المستمر لتنكشف للقريب والبعيد
حقيقة الإسلام ، وحقيقة المسلم
، ولِيَحِقَِّ الحقُّ
ويَزْهَقَ الباطل وعملُنا هذا الذي نعمله ، وصبرُنا هذا
الذي نصبره ، إنما هو ديننا الذي
نؤمن به ، وعبادةٌ لربنا بما
كلّفنا به وأمرنا ، بصرف النظر
عن الفوائد والنتائج المرتقبة في الغرب الآن ملايين وملايين من
المسلمين .. لو أنهم وفوا
لدينهم، وعملوا بإسلامهم ، كيف
كانت تكون حالهم ، وحال
مجتمعاتهم بهم ؟ هل تكون ثَمّةَ صورةٌ أجمل ، وتقدّمٌ أفضل
وخيرٌ أجزل أيها المسلمون استمعوا إلى نداء إسلامكم ، وتعاليم
دينكم ، وواجباتكم الخلقية
والاجتماعية والإنسانية ، ففي
ذلك خير الدنيا والآخرة ____________ (1) إمام أهل دمشق في عصره . توفّي نحو سنة 95ﻫ
، وقد ذكره البخاري في فضل من
مات ما بين التسعين إلى المائة . (2) وفي الرواية الأخرى – كما ذكر الإمام
النَّوويّ في شرحه لصحيح مسلم
20:2 – « فلا يُؤذي جاره » قال :
وروينا في غير مسلم : « فلا يؤذ »
بحذف الياء وهما صحيحان ،
فحذفها للنهي ، وإثباتها على
أنه خبر يراد به النهي فيكون
أبلغ . (3) القُتار : الدخان من المطبوخ ، وريح
اللحم المشوي ، وأمثال ذلك ====================== التسليح الأميركي في
حروب المستقبل بول كنيدي (جامعة
ييل الاميركية) تريبيون ميديا سيرفس والاتحاد
الاماراتية الرأي الاردنية 24-2-2010 ما الذي تفعله دولة ما عندما تواجه العديد
من التحديات الخارجية،
والتهديدات الوجودية، وعندما
يكون لديها مصالح، وعليها
التزامات تمتد في أركان العالم
الأربعة؟ هذه الدولة تحتاج إلى
أن تفكر أكثر، وأعمق، مما كانت
تفعل في السابق. وتحتاج لأن تأخذ نفساً عميقاً ثم تبتلعه
قبل أن تقوم باتخاذ بعض
القرارات المهمة، وأن تكون
قاسية نوعاً ما كي تحافظ على
مصالحها الحيوية، وقد - والدولة
التي أكتب عنها هي الولايات
المتحدة في عالم اليوم المضطرب -
تحتاج إلى إعادة تقييم وضعها
العالمي، ومستقبلها العالمي
أيضاً. منذ أيام قلائل، قدم «البنتاجون» مراجعته
الدفاعية التي يفوضه الكونجرس
بإجرائها كل أربع سنوات، وهي
عبارة عن عملية مسح شامل، يجريه
عدد من أذكى المخططين العسكريين
الأميركيين، حول التحديات
الأمنية الرئيسية، ويحدد
القرارات التي يتعين اتخاذها
بخصوص كل من الأولويات
الإقليمية، والإنفاق التسليحي. بقراءة هذه
الوثيقة، يتبين لنا أن البيت
الأبيض و»البنتاجون» لا يزالان
يتصارعان مع مشكلات قديمة،
وخصوصا تلك المتعلقة منها
بأولويات الإنفاق العسكري، وأن
هناك بعض القرارات بالغة
الأهمية يجري اتخاذها بخصوص بعض
منظومات التسليح، ومن أبرزها
طائرة القوات الجوية باهظة
السعر المقاتلة» إف.22 رابتور». من ناحية أخرى تقترح هذه الوثيقة رفع
ميزانية الدفاع السنوية
لتتجاوز 700 مليار دولار، كما
تقترح إرسال المزيد من القوات
لأفغانستان. ومؤيدو زيادة
ميزانية الدفاع، لديهم أسباب
عديدة يبررون بها هذا التوسع في
الميزانية، وتلك الزيادة في عدد
القوات. من هذه الأسباب، أن حرب أفغانستان ستصبح»
لفترة من الوقت كما يأملون»
أكثر تكلفة، وليس أقل، وأن
الشرق الأوسط لا يزال هشاً، و»القاعدة»
تتوسع عبر جنوب الجزيرة العربية
وفي أفريقيا، ونظام بوتين لا
يبدو أنه ينوي خيراً في تعامله
مع الدول المجاورة، وأسلحة
الدمار الشامل تزداد انتشاراً،
والدول المنهارة التي أطاح بها
الفقر، والعنف العرقي، تتحول
الآن لتصبح ملاذات للإرهابيين.
وهناك إلى جانب ذلك كله التهديد
الخاص بتنامي القدرات العسكرية
والاقتصادية للصين، والتحول في
الميزان الاستراتيجي في منطقة
آسيا - الباسيفيكي. وإذا أضفنا إلى ما سبق ذلك الفيض من
الأسئلة حول الاقتصاد الدولي
الهش، وبشكل أكثر تحديداً العجز
الفلكي في الميزانية
الأميركية، فإننا سنجد أنفسنا
حتما أمام سؤال يثير قلق
الأميركيين والعديدين من
مؤيدهم في الخارج وهو: هل تتوافر
لدى الولايات المتحدة
الإمكانيات، والقدرة على
تنفيذ، جميع الأشياء التي تبدو
عاقدة العزم على إنجازها سواء
ما تعلق منها باحتياجاتها
الداخلية أو متطلباتها
الخارجية؟ هذا كله يشكل السياق
الذي يجد فيه الآن أوباما،
ووزير دفاعه ورئيس أركان جيشه،
ومن سيأتي بعدهم، أنفسهم مضطرين
لبذل محاولات للتوصل إلى
استنتاجات صعبه حول الإنفاق
الدفاعي في المستقبل، وحول
الحصول على موافقة أغلبية أعضاء
الكونجرس، الذين يجأرون
بالشكوي دون توقف حول العجوزات
الفيدرالية غير القابلة
للاستدامة، ولكنهم يحاربون - مع
ذلك - حتى آخر رمق للحيلولة دون
إجراء أي خفض في إنتاج الأسلحة،
وفي عدد القواعد العسكرية
الموجودة داخل دوائرهم
الانتخابية. وبالنسبة للمراقب الخارجي، أو بمعنى آخر
بالنسبة لشخص ما ليس مضطرا
للمفاضلة بين تلك الخيارات
الصعبة، فإن إغراء الإشارة إلى
بعض الدروس من التاريخ العسكري
والبحري يعد إغراءً لا يقاوم. من
بين هذه الدروس: أن منظومات
الأسلحة وبنياتها، التي تمنح
صانعي القرار أكبر قدر ممكن من
المرونة تعتبر مفضلة على غيرها،
خصوصا في الأوقات الاقتصادية
العصيبة، مقارنة بتلك المخصصة
لعدد محدود من سيناريوهات الحرب. ففي الحرب العالمية الثانية على سبيل
المثال، كانت الطائرة الأكثر
فائدة على الإطلاق هي طائرة «موسكيتو»
متعددة الأغراض، والمزودة
بمحركين، والتي كانت قادرة على
الطيران على ارتفاع هائل دون أن
تتمكن الرادارات من رصدها،
والطيران أيضاً على ارتفاع
منخفض لشن الهجوم على دبابات
العدو ومدرعاته على الأرض وسفنه
الحربية في البحر، كما كان
يمكنها حمل كميات كبيرة من
القنابل، والعمل في أي منطقة في
العالم، أي أنها كانت مقاتلة،
وقاذفة، وطائرات استطلاع
واستكشاف مدمجة كلها في شيء
واحد. ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة
لحالة القوات المسلحة في عهد
أوباما اليوم؟ وما الذي يعنيه
بالنسبة لقدرات أميركا ذاتها
وقوتها؟ للإجابة على هذا
السؤال، يجب أن نعرف أولاً أن
بعض المنظومات تطغى عليها صفة
البعد الواحد أكثر من غيرها،
فعلى سبيل المثال نجد أن «دبابات
المعركة الرئيسية»، والمدفعية
الثقيلة، التي صممت من أجل
الاستعداد لاحتمال خوض حرب ضد
الجيش الأحمر السوفييتي، لا
تصلح للاستخدام في جبال
أفغانستان اليوم، تماما كما
أنها لم تكن تصلح للاستخدام في
حقول الأرز الشاسعة والمغمورة
بالمياه في فيتنام. القوات البرية شأنها في ذلك شأن «المارينز»،
والقوات الخاصة، يمكنهما العمل
بشكل جيد للغاية في كل مكان،
والمروحيات أيضا ًيمكن نشرها في
أي مكان إلا حيثما تسود ظروف
جوية رديئة، والغواصات البحرية
الهجومية موجودة في كل بحار
العالم ومحيطاته (لماذا لم نرسل
واحدة منها لإخافة القراصنة
الصوماليين؟» أما امتلاك دستة
حاملات طائرات، فيبدو شيئاً
زائداً عن الحد إذا أخذنا في
اعتبارنا التفوق الهائل
للبحرية الأميركية على ما عدها
من بحريات. آلان قد يسأل القارئ - عن حق:»من المؤكد أن
أول ما يتعين عمله في وضع كهذا
هو أن نحدد التهديدات، ومن هم
الأعداء الذين يتربصون بنا، ثم
نحدد بعد ذلك نوعيه الأسلحة
التي نحتاجها لمواجهتهم؟. سؤال جيد، لأنه يعني في الآن ذاته أن
القيادة الأميركية سوف تضطر -على
أقل تقدير - للمفاضلة بين
الأسلحة، وبُنى القوة التي تصلح
لمواجهة الأخطار المحددة، وتلك
التي لا تصلح. يعيدنا هذا مرة
أخرى إلى النقطة التي تناولناها
من قبل وهي: طالما أن البيت
الأبيض، والبنتاجون، ووزارة
الخارجية، والكونجرس لا يريدون
أن يقوموا بتلك المفاضلة بين
الخيارات، فإن هذا سيتركنا أمام
مجموعة قرارات من النسق الثاني،
مثل التخلص من عدد محدود من
المنظومات التسليحية التي يبدو
أنها لم تعد ملائمة للعمل، أو
التي تبين أنها مكلفة بصورة
مبالغ فيها. والمشكلة هي أن الشيء الذي يتعين عمله في
هذه الحالة - وهو إجراء عملية
تنظيم حقيقي للأولويات
الاستراتيجية، وإجراء خفض أكثر
أهمية لتشكيلتنا الواسعة من
منظومات الأسلحة - لن يتم عمله،
وسنستمر في توزيع» بيض»
المخصصات الدفاعية الأميركية،
على عدد كبير جدا من» السلال». هذا ليس بالحل الملائم للقوة الأولى في
العالم خصوصاً في هذا القرن
الذي يتسم بكثرة تهديداته
وتنوعها، ولكنه قد يكون المسار
الوحيد المتاح في الوقت الراهن.
وهنا يكون السؤال: حسنا ولكن إلى
متى يمكن أن يستمر ذلك؟. ===============================- تهويد الحرم الابراهيمي
كمقدمة لتهويد الاقصى رأي القدس 2/24/2010 القدس العربي تواصلت في اليومين الماضيين الصدامات
الدموية بين المواطنين
الغاضبين وقوات الاحتلال
الاسرائيلي في اكثر من مكان
بالضفة الغربية، ومدينة الخليل
على وجه الخصوص، نتيجة لقرار
الحكومة الاسرائيلية ضم الحرم
الابراهيمي الشريف ومحيط مسجد
بلال بن رباح للمواقع الاثرية
الاسرائيلية. الاسرائيليون سرقوا الارض والمياه،
والهواء والبحر والبسمة من شفاه
ملايين الاطفال، وهودوا القدس
المحتلة، وقوضوا اساسات المسجد
الاقصى بحفرياتهم، والآن
يسرقون التراث الفلسطيني
وينسبونه اليهم. انها عملية 'تطهير ثقافي' و'ابادة تراثية'،
وتشويه هوية وانتماء اماكن
اسلامية مقدسة لاكثر من مليار
ونصف المليار مسلم في العالم،
تتم كلها تحت سمع العالم وبصره،
وكأن هذه السرقة مباحة طالما ان
الذين يرتكبون جرمها يحملون
الجنسية الاسرائيلية. بنيامين نتنياهو يصادق على عملية التطهير
الثقافي والتراثي الاسلامي هذه
بعد ايام معدودة من مصادقته على
عملية اغتيال الشهيد محمود
المبحوح، احد مؤسسي كتائب عز
الدين القسام الجناح العسكري
لحركة المقاومة الاسلامية 'حماس'. الحرم الابراهيمي كان وسيظل مسجدا
اسلاميا فلسطينيا، ليس لليهود
اي علاقة به، سرقته اسرائيل
بالتقسيط، وعبر وسائل ارهابية
صرفة، ففي البداية اقدم احد
المستوطنين يدعى باروخ
غولدشتاين على اقتحام المسجد
فجرا، واطلاق النار على المصلين
الساجدين بغتة ليقتل ويصيب
العشرات منهم، وليموت ضربا
باحذية الناجين لاحقا، واستغلت
الحكومة الاسرائيلية هذه
الجريمة لتقسيم الحرم
الابراهيمي بين اليهود
والمسلمين بحجة الفصل بينهما،
والحيلولة دون تكرار المجزرة
السابقة. الخطوة الثالثة تتمثل في تهويد هذا
المسجد الاسلامي الذي يحمل اسم
سيدنا ابراهيم ابو الانبياء
بالكامل، مما يعني اسقاط هويته
الاسلامية والعربية، وحرمان
المصلين من دخوله في المستقبل
القريب. الحكومة الاسرائيلية تريد تحويل الصراع
من صراع عربي اسرائيلي، الى
صراع اسلامي يهودي، لانها حكومة
عنصرية، لا تفكر الا بطريقة
عنصرية خالصة، وهذا ليس غريباً
عليها، وهي تصر على حتمية
اعتراف العرب والفلسطينيين
منهم خاصة باسرائيل دولة دينية
يهودية. ومثل هذه الخطوات الاستفزازية تؤكد
مجدداً على النوايا
الاسرائيلية الحقيقية تجاه
السلام وفهمهم له، فالسلام
بالنسبة للمجموعة الحاكمة هو
التعاطي مع الفلسطينيين
كأغراب، ليس لهم اي حقوق في
الارض التي يقيمون عليها،
باعتبارها ارضاً يهودية صرفة. تهويد الحرم الابراهيمي هو مجرد 'بروفة'
لتهويد المسجد الاقصى وباحته،
تحت ذريعة وجود هيكل سليمان
تحته، وطالما ان عملية التهويد
الاولى مرت بسلام ولم تثر اي
ردود فعل في العالمين العربي
والاسلامي، فان الثانية باتت
وشيكة للغاية. الشبان الفلسطينيون هم الوحيدون الذين
يتحركون للدفاع عن المقدسات
الاسلامية، ويتصدون بالحجارة
وباجسادهم الطاهرة للدبابات
والمدرعات الاسرائيلية ورصاص
مدافعها. اما العالم الاسلامي
فيلوذ بالصمت، تماماً مثلما صمت
على جرائم الحرب والحصار في
قطاع غزة. لعل اعمال التطهير العرقي والتراثي
الاسرائيلية هذه تفجر انتفاضة
جديدة تزيل الكثير من العفن،
وتصحح اخطاء مفاوضات السلام
العبثية وكل افرازاتها، بما في
ذلك السلطة الوهمية، وقوات
الامن المدربة لقمع الشعب
ومقاومته، واعادة الامور الى
وضعها الطبيعي، اي سلطة احتلال
اسرائيلي وشعب مقاوم. ============================- ذكرى الوحدة العربية/
مصر وسوريا([) ما كان يجب أن تسقط منير شفيق السفير سأبدأ بنقد النقد الذي وُجّه ضد الوحدة
المصرية السورية، وأوجد
المسوغات للانفصال، واعتبره
الجواب الطبيعي لما أسماه أخطاء
الوحدة. لقد ارتكز أغلب ما وُجّه من نقد على: 1 اتهام الوحدة بالارتجال والاستعجال،
فيما كان يجب أن تتم بالتدرج
وتهيئة مجموعة شروط مسبقة، وفي
مقدمتها الشرط الاقتصادي، كما
المصلحة الاقتصادية الآنية. 2 اتهام نظام الوحدة بالاستبداد
والدكتاتورية، وعدم إقامتها
على أساس نظام ديموقراطي. 3 الإكثار من التركيز على أخطاء
البيروقراطية المصرية في
تعاملها مع النخب السياسية
والبيروقراطية السورية. فيشار
إلى العليائية والتمييز
والإهمال وعدم المشاركة في
القرار. 4 اعتبار الانفصال قد تم بإرادة شعبية
سورية وليس من خلال انقلاب
عسكري مشبوه قام ضد الإرادة
الشعبية السورية والمصرية
والعربية، وبدعم مباشر، وغير
مباشر، من أميركا والغرب وإيران
وتركيا وعدد من الدول العربية
الأخرى. بل حتى بدعم من الاتحاد
السوفياتي السابق كذلك. نظرة سريعة إلى هذا النقد وما شابهه، وما
يدخل في نطاقه لا علاقة له
بتجارب كل الوحدات التي قامت في
التاريخ الحديث. فالغالبية
الساحقة من الوحدات القومية
فرضت بالقوة المسلحة، وحمتها
القوة المسلحة، ثم كان التدرج
وتوفير الشروط الأخرى في ظلها.
بل ما يُشار إليه من اتهامات حول
الوحدة المصرية السورية، لو
صحّ، لا يُشكل عُشر معشار
أمثالها وقرائنها في الوحدات
الأخرى التي لم يكن مصيرها
الانفصال. إن من يتأمل بألوان النقد الذي وجه للوحدة
لا بد له من أن يخرج بأن قيامها
كان خطأ، وان الانفصال كان لا بد
منه، وهو الأفضل من استمرار
الوحدة على ما كانت عليه من
علاّت. أما النتيجة الثانية التي سيخرج بها، فهي
عدم الإقدام على وحدة، ما لم
تؤمن الشروط الديموقراطية
والاقتصادية والإدارية
والقانونية، والتدرجية، أي
مجموعة شروط تعجيزية لم تتوافر
لأية وحدة قومية من قبل. والنتيجة الثالثة إسقاط أهمية القرار
السياسي وإرادة الوحدة وميزان
القوى المناسب من الداخل ومن
الخارج العالمي والإقليمي. إن هذه النتائج الثلاث كانت، عن قصد أو من
دون قصد، في خدمة التجزئة
والبرنامج القطري الضيق. وها
نحن أولاء نعيش في أكثر حالات
القطرية والتجزئة جنوحاً. بل
أوصلت الدولة القطرية نفسها
الآن نتيجة الإيغال في القطرية
والابتعاد عن الوحدة وعن أي
مستوى من التضامن الوحدوي إلى
مرحلة تفكك الدولة القطرية وإلى
تعاظم التبعية، في أكثر
الحالات، إلى الخارج، وإلى
العجز أو التخاذل أمام المشروع
الصهيوني. ولولا ما انبثق من
مقاومات وممانعات متعددة لكان
الانهيار شبه كامل. أي لو ترك
الأمر للدول القطرية. وهنا يجب التأكيد على ما يلي: أولا: قامت الوحدة بقرار سياسي شجاع من
قيادتي مصر وسوريا. فكانت قيادة
مصر بقيادة عبد الناصر قيادة
وحدوية مقدامة حققت إنجازات على
طريق التحرير والاستقلال وصد
العدوان. وكانت القيادة السورية
مناضلة حققت إنجازات في الصمود
ضد مؤامرات حلف بغداد
والتهديدات الصهيونية. وكان ميزان القوى من حول مصر وسوريا
مؤاتياً، إذ اتسم بانهيار
الاستعمار القديم بريطانيا
وفرنسا، وبسعي أميركا للحلول
مكانه في مستعمراته السابقة،
وصعود الاتحاد السوفياتي قوة
عالمية، لا سيما بعد تفجيرها
للقنبلة الهيدوجينية وإنذارها
الحاسم ضد العدوان الثلاثي. هذه المعادلة سمحت، وضد القرار الدولي،
بالإقدام على وحدة مصر وسوريا
وبدعم شعبي مصري سوري عربي لم
يتوافر مثله لأية وحدة أخرى،
ولا في ظل أي استفتاء
ديموقراطي، لإقامة وحدة حتى على
طريقة الاتحاد الأوروبي
الحالية. علماً بأن الاتحاد
الأوروبي اتحاد أمم ودول وليس
وحدة أمة واحدة. إن وحدة مصر وسوريا يجب أن تقوم باعتبارها
إنجازاً استراتيجياً وتاريخياً
وكانت في مكانها ويجب أن تتكرر
عندما تسمح موازين القوى
وتتوافر القيادة الشعبية
الوحدوية. علماً بأن الإرادة
الشعبية الوحدوية العربية
متوافرة على الدوام، ولكنها
تحتاج أحيانا إلى نفض الغبار
عنها. كان يجب أن يُلعن الانفصال ويُدان إلى أبد
الدهر. فالوحدة ضُربت بانقلاب
عسكري من قِبل شرذمة ضعيفة
معزولة، وما كان له أن ينجح لولا
ما حدث من تغير في ميزان القوى
الدولي والإقليمي، ولولا ما
تلقى من حماية دولية أميركية
عسكرية، إذ تحرك الأسطول السادس
لمنع أي تحرك مصري، كما تلقى
حماية سياسية من الاتحاد
السوفياتي ودعم إقليمي وبعض
العربي المعادي للوحدة. وبالمناسبة كل الأسباب التي يُعزى لها
وقوع الانفصال ما كان لها، لو
توفر عكسها، ان تمنعه.
فالانقلاب العسكري لا يُمنع إلا
بقوة عسكرية. فالوحدة، للأسف،
لم تبنِ القوة الشعبية الوحدوية
المسلحة: «قوات حرس الوحدة»،
بموازاة الجيش لسحق الانقلاب إن
لم تتوافر شروط سحقه من قِبل
الجيش نفسه. هذه هي الملحوظة الوحيدة التي أعزو لها
سبب نجاح الانقلاب داخلياً.
فالانقلاب العسكري في تشيلي لم
تمنعه الديموقراطية في تشيلي،
ولا أية حالة تحررية في
إندونيسيا، أو عدد من بلدان
حركة عدم الانحياز. الانقلاب
العسكري لا تمنعه إلا قوة
عسكرية مثله أكانت شعبية أم
نظامية. وخلاصة: أولا: الموقف يجب أن يكون في منتهى
الإيجابية إلى جانب الوحدة
المصرية السورية، وبلا شروط ولا
تحفظات. ويجب أن يكون ضد
الانفصال ويدينه بإطلاق وبلا
تأتأة. ثانيا: إن دروس كل الوحدات ودروس تجربة
وحدة مصر وسوريا ودروس تكريس
التجزئة والدولة القطرية طوال
الخمسين سنة الماضية تعلم،
يقيناً، بأن الوحدة لا تقوم إلا
بالقرار السياسي المستند إلى
الإرادة الشعبية والقوة
العسكرية وضمن موازين قوى
مؤاتية، وليس موافقة، دولية
وإقليمية. أي حدوث فراغ في ميزان
القوى الدولي والإقليمي يسمح
بالاختراق الذي يجب أن يحدث في
لحظته بلا تردد أو تأخير. ويجب
أن يُحمى بالقوة الشعبية
المقاتلة ولا يعتمد على الجيش
فقط. ثالثا: ينبغي ألا توضع أية شروط على وحدة
محققة أو جاءت لحظة تحقيقها في
ما يتعلق بنوع النظام، أو بما
يجب أن يكون عليه الحال. فكل
تصحيح وإصلاح من مثل العدالة أو
المساواة أو الديموقراطية أو
توافر الشروط الاقتصادية
والإدارية والقانونية يناضل من
أجله في ظل الوحدة. ولا يكون
شرطا لها أو لتحقيقها. فالوحدة
قضية وجود الأمة أولا وقبل كل
شيء. وهي فوق السياسة ونظام
الحكم وغيره. رابعا: الوحدة أصبحت اليوم ضرورة حياة
وبقاء. وذلك بعد النهايات التي
أخذت تتجه إليها الدولة القطرية
العربية من عدم قدرة حتى في
الحفاظ على وحدة ترابها وشعبها،
كما عدم القدرة في أغلب الحالات
القائمة على حماية الاستقلال
وتحرير الإرادة من سطوة أميركا،
كما الفشل في مشاريع التنمية أو
الإصلاح ناهيك عن الفشل أمام
الاستبداد والفساد والانحطاط
المتعدد الأوجه. خامسا: الوحدة الآن أصبحت بأمس الحاجة إلى
أن تعود مناخا سائدا في الفكر
والسياسة والموقف والبرنامج
القطري على مستوى الأحزاب
والمنظمات الشعبية كما على
مستوى الموقف من السياسات
القطرية للأنظمة. نعم يجب أن
يعود المناخ الوحدوي وتحول
الوحدة إلى مطلب شعبي كاسح من
قِبل الرأي العام ومن بعد ذلك،
وفي ظله، وفي أثنائه ومعه،
يُجاب عن السؤال كيف وما هي
الوسائل والأساليب. لأن
الأولوية اليوم هي للرد على
اتجاه الإيغال في القطرية
المؤدي إلى دمار القطر نفسه،
كما إلى الدمار العام. ومن ثم
ضرورة إعادة الاعتبار لمبدأ
الوحدة العربية والتقدم باتجاه
مشروع وحدوي عربي. ([ ) محاضرة في ندوة «المنتدى
القومي العربي» ========================- القرار الأميركي الذي
يستطيع تغيير حاضر لبنان
وسوريا جهاد الزين النهار 24-2-2010 هناك "فكرة مسبقة" في العديد من
الأوساط الاسرائيلية والعربية (واللبنانية)
حول موقف الحكم في سوريا من
السلام (السوري) مع اسرائيل لا
تزال راسخة رغم التحولات
الجوهرية التي حصلت والتي
تجعلها - كفكرة مسبقة - منتهية
المفعول التحليلي الدقيق
وتحتاج الى إعادة نظر عميقة. تقوم هذه الفكرة التي عاد بعض المعلقين
الاسرائيليين الى استخدامها
مؤخراً - وبينهم شالوم يروشالمي
في صحيفة "معاريف" - على
تكرار ان "طبيعة" النظام
السوري لا تسمح له بالدخول في
سلام نهائي مع اسرائيل حتى لو
قبلت اسرائيل بإعادة الجولان،
لأن "اتفاق سلام كهذا سيضعضع
الحكم ويفكك جدول أعماله
التاريخي"... ولأن الحكم
السوري "يستند فقط الى نزعة
الكفاح ضد اسرائيل". ويريد
أصحاب هذا التحليل القول إن اي
سلام مع اسرائيل "سيفقده
شرعيته" تجاه المجتمع السوري. هذه واحدة من أكثر الافكار قدماً حول
النظام السياسي القائم منذ
أربعين عاماً في دمشق، والذي
يشكل امتداداً مباشراً لتحولات
الستينات من القرن العشرين التي
انطلق منعطفها التاريخي الحاسم
مع اعلان الوحدة السورية -
المصرية ثم اعلان الانفصال
السوري عنها. التوظيف السياسي الاسرائيلي الحالي لهذه
الفكرة القديمة واضح جداً: فحكومة اليمين الليكودي تستبعد أي تجديد
لمفاوضات سلام جدية مع سوريا من
ضمن خطها العام المستبعد لكل
سلام نهائي مع الفلسطينيين...
والعودة الى التبشير بفكرة "عدم
قدرة النظام السوري على تحمل
تسوية سلمية"، يخدم هذا
الاتجاه بشكل بديهي لأنه يرفع
المسؤولية في "البروباغندا"
عن التصلب الليكودي. واقع الامر ان هذه "الفكرة المسبقة"
لم تعد صحيحة وأول من يحتاج الى
التسليم بعدم صحتها هم
المسؤولون الاميركيون في زمن
إدارة الرئيس باراك أوباما. يستطيع الرئيس بشار الاسد - والنظام
بكامله - أن يدخل في سلام نهائي
مع اسرائيل على قاعدة التحرير
الكامل للجولان المحتل لسببين
رئيسيين: الاول: ان المجتمع السوري تغير في نظراته
الى السلام مع اسرائيل. الثاني: ان "جيل" بشار الاسد بات
حاملاً لعدد من التصورات
المختلفة فعلياً عن مرحلة "المؤسس"
حافظ الاسد. باختصار... يمكن ترجمة هذين السببين في
نقطة واحدة كبرى: لقد اتخذ النظام في سوريا بقيادة الرئيس
بشار الاسد قرار السلام مع
اسرائيل الذي لم تتح الظروف على
الارجح للرئيس حافظ الاسد أن
يحسم تجاهه. مرت القيادة السورية في أزمة مصيرية بين
العامين 2003 ومنتصف 2008 وبصورة
خاصة بين العامين 2004 (أواخره) و2007
عندما كان القرار الاميركي في
عهد إدارة الرئيس جورج بوش هو
السعي لاستكمال ارغامها على
الانسحاب العسكري من لبنان
بالسعي الفعلي لإسقاط النظام
داخل سوريا. كانت أزمة مصيرية فعلاً عليه، بحيث يمكن
القول ان "عهد" بشار الاسد
الفعلي بدأ عندما دخل عام 2004
للمرة الاولى منذ توليه الرئاسة
عام 2000، في قتال مباشر على جبهات
عديدة على رأسها الجبهة
العراقية ولبنان. وببساطة (... حيث لا ينفع التبسيط!) لقد ربح
الحرب. لقد قلت لديبلوماسي
اميركي زارني قبل فترة في مكتبي
في "النهار" وهو يعمل ضمن
طاقم السفارة في بيروت ومنتدب
لمهمة بحثية لفترة موقتة يعد
خلالها دراسة لوزارة الخارجية
حول الحرب الاهلية اللبنانية
بين 1975-1990... قلت له: إذا كان لديك
اتصال بالسفير جيفري فيلتمان،
المساعد الحالي لوزيرة
الخارجية هيلاري كلينتون،
فأرجوك ان تقول له ان احدى
صياغاته خلال شهادته مؤخراً
أمام "مؤسسة هدسون للابحاث"
حول العلاقات السورية -
الاميركية قد دخلت التاريخ
السياسي للمنطقة... فقبل بضعة اسابيع (19/1/2010) قال جيري
فيلتمان، السفير الذي "ادار"
من بيروت معظم فترة الصدام
السوري - الاميركي بين 2005 و2008:
"لقد حاولنا عزل سوريا فوجدنا
اننا نحن المعزولون وليس سوريا".
هذا كلام مهم جداً ليس فقط لأنه
يعترف بربح القيادة السورية ل"الحرب"
بل ايضاً لأنه يصدر عن ممثل دولة
عظمى... إذ يمكن فهم أن تفشل
سياسة عزل سوريا لكن ان تكون
دولة عظمى معزولة نتيجة ذلك
فهذا ليس مألوفاً!... وباعتراف من
ديبلوماسي اساسي في تلك المرحلة. إذن... ربحت سوريا "الحرب"... لكن
خلالها كانت التفاعلات
السياسية الاستراتيجية تتبلور:
علاقة جديدة نوعية مع تركيا لا
حاجة للتشديد الأكيد انها عبرت
عن تحولات داخل سوريا نفسها. لأن
أي عودة - لا مثيل لها على أي حال
منذ العشرينات - للانفتاح على
شمال سوريا، وعاصمته الكبرى حلب
"المنسية" طويلاً، يشكل
تطويراً في الرؤيتين الداخلية
والاقليمية للدولة السورية. لا شك ان الثابت الايراني في علاقات سوريا
يتخطى محض ضرورات الصراع السوري
- الاسرائيلي حتى لو كان يتحرك
في قلب هذا الصراع. إذن هو ثابت
تكويني في علاقات النظام... لكن
لا شك انه رغم تعقيد التوجهات
الايديولوجية والسياسية
الراديكالية، فإن انفتاح أو
انسداد آفاق الحل السوري -
الاسرائيلي يسمح، بل سمح بتعديل
أولويات حلف دمشق - طهران. ففي
عهد الرئيس حافظ الاسد كانت
أولويات الحلف في "بلاد الشام"
- ومن ضمنها جنوب لبنان - تقررها
الاستراتيجية السورية وتتكيف
معها الاهداف الايرانية،
لاحقاً، وعندما اصبح النظام في
سوريا موضع استهداف اميركي
لوجوده بدت ايران أكثر قدرة على
تقرير هذه الاولويات. غير ان الموقع الحيوي لسوريا، ناهيك عن
استعادة قيادتها لعناصر قوة
ذاتية داخلية وخارجية،
يُمكّنها من العودة الى "فرض"
أولوياتها في محيطها (المباشر)
دون مساس بجوهر التحالف مع
ايران. وقد يكون من المبكر جداً
اليوم في ظل الانغلاق
الاسرائيلي أمام التسوية مع
سوريا القول ان صانعي سياسة "الأمن
القومي الايراني" لن يترددوا
طويلاً في اعتبار سلامة النظام
في سوريا اي ديمومته، وقد حقق
مصلحته الوطنية العليا
باستعادة الجولان، تستحق
التراجع عن المشروع العسكري
الراهن في جنوب لبنان، كما
ارتسم عام 2000 عبر "حزب الله".
لكن هذه خيارات مؤجلة بل ليست
مطروحة حالياً طالما أفق السلام
مع اسرائيل مسدود اسرائيلياً
وليس سورياً. لقد اتخذت القيادة السورية قرار السلام،
هذا اختلاف استراتيجي عن مرحلة
الرئيس حافظ الاسد. ومرة أخرى: أول المعنيين بتبني هذا التحول
هم المسؤولون الاميركيون. فإذا
استطاعت واشنطن الخروج من فترة
الوقت الضائع المتمادية في
الشرق الاوسط، أي في الصراع
العربي - الاسرائيلي، واتخذت
قراراً استراتيجياً بدفع
اسرائيل نحو تسوية سلمية مع
سوريا باتت معالمها واضحة بل
مكتوبة منذ العام 2000، فإن وجهاً
جديداً للمنطقة سيبدأ
بالارتسام، وحتماً فإن حاضر
لبنان وسوريا ومستقبلهما
سيتغيران من وجوه عديدة. السلام السوري - الاسرائيلي هو بالنتيجة
في شقه التقني خلاف حدودي... إذا
توفرت الارادة السياسية
الاسرائيلية مقابل الارادة
السورية التي نزعم منذ عدة
مقالات سابقة انها متوافرة في
عهد بشار الاسد للأسباب التي
عرضناها. ولا نفهم - وإذا فهمنا من الصعب أن نقبل -
اسباب استمرار التلكؤ الاميركي
عن سلوك خط تسووي "اسهل"
نسبياً من البنية المعقدة
للصراع الفلسطيني - الاسرائيلي
على أرض فلسطين. ••• أما في ما يتعلق بلبنان، فقد يكون من
المفيد التكرار ان "الديبلوماسية
اللبنانية" يجب أن تعطي
توجيهاتها المباشرة لجميع
أجهزة سفاراتنا ليس فقط بإعلان
تأييد الجهود السورية للتسوية
السلمية، فهذا تحصيل حاصل، بل
التعامل مع هذه المسألة
باعتبارها مصلحة لبنانية عليا. نحن في لبنان أصحاب المصلحة الكبرى في
تحرير الجولان ضمن تسوية سلمية. (•) راجع مقال جهاد الزين: "ثلاث
اساطير حول النظام السوري" -
"قضايا النهار" 3/5/2008. ====================================- الاربعاء, 24 فبراير 2010 الياس حرفوش الحياة لا يختلف شباب لبنان، ممن بلغوا الثامنة
عشرة من عمرهم، عن آبائهم
واجدادهم من حيث كونهم ضحية
تقاسم الحصص الطائفية في بلدهم.
فهؤلاء الشباب الذين «فوجئوا»،
بعد جلسة المجلس النيابي اول من
امس، بأن التفاهم على القرارات
الدستورية والسياسية في لبنان
يخضع للاعتبارات المذهبية
والطائفية، كان عليهم أن
يتعلموا في المدارس والجامعات
ان كل التسويات التي تحققت بعد
الحروب التي اشتعلت في البلد
خلال عمره القصير، تمت على أسس
طائفية، ولم يكن ممكناً ان تكون
غير ذلك، طالما أن الحروب ذاتها
تم خوضها تحت شعارات وبأزياء
طائفية. خفض سن الاقتراع الى 18 سنة حق للشباب
اللبناني لا يمكن أن يجادل فيه
أحد، أسوة بما اكتسبه معظم
الشباب في البلدان المتقدمة من
العالم. لكن طبيعة التركيبة
اللبنانية جعلته يتحوّل من حق
سياسي ووطني الى «حق طائفي»،
واحتشد معارضو حصول الشباب على
هذا الحق تحت حجة أن السماح
لهؤلاء الذين بلغوا الثامنة
عشرة بالاقتراع سيزيد من اعداد
اتباع المذاهب الاسلامية، بحيث
يتغلبون عددياً على مواطنيهم من
الطوائف الاخرى. وهكذا بدأت
عملية «احصاء شباب» لا مثيل لها
في اي بلد يدعي الانتماء الى
العصر، خصوصاً عندما تتم على
هذه الأسس الطائفية ولأغراض
طائفية. فتبيّن أن عدد الناخبين
سيزيد 250 الف شاب اذا تم خفض سن
الاقتراع، بينهم 190 الف شاب مسلم
و60 الف مسيحي. ولم يساعد النواب
الذين أيدوا مشروع خفض السن على
التخفيف من هذا الاتهام
الطائفي، اذ أن لونهم الطائفي
المشترك كان طاغياً وواضحاً،
وذلك في مقابل الاحتشاد الطائفي
ذات اللون الآخر الذي امتنع عن
التصويت وحقق عملياً اسقاط حق
الشباب في المشاركة في عملية
الاقتراع ... الى امد غير منظور. وهكذا، فمثل طرح شعار الغاء الطائفية
السياسية، الذي ارتدى هو الآخر
زياً طائفياً، وأثار طرحه في
هذا الوقت حساسيات طائفية، على
رغم كونه شعاراً جذاباً يفترض
أن يشكل قاعدة للالتقاء الوطني
من حوله بامتياز، راح كذلك حق
الشباب في المشاركة في الحياة
السياسية ضحية اكتساب المطالبة
بهذا الحق لوناً طائفياً ايضاً. اذا كان من درس من كل هذا فهو ان الطائفيين
لا ينتجون بلداناً وانظمة غير
طائفية. وأن طرحهم، ولو بدا
وكأنه طرح وطني يتجاوز الطوائف،
لا بد ان تشتمّ منه الطوائف
الاخرى رائحة طائفية، فتلتقي
حول دفنه. ومثلما بدا خفض سن
الاقتراع وكأنه في مصلحة طرف
طائفي، هكذا ظهر الرد عليه
بالمطالبة بإتاحة المجال امام
المقيمين خارج لبنان للتصويت
واستعادة المغتربين الجنسية
اللبنانية، وكأنهما لمصلحة
الفريق المسيحي الذي اراد ان
يربط بين هذين المطلبين وبين
موافقته على خفض سن الاقتراع،
مع انهما ايضاً من حقوق
المواطنة المتعارف عليها في
الدول الراقية. مع سقوط حق الشباب في التصويت سقط ايضاً
وهْم آخر، هو وهْم التفاهمات
الوطنية التي تزعم انها عابرة
للطوائف، خصوصاً اذا كان
اطرافها قد بنوا زعاماتهم
وتنظيماتهم نفسها على قواعد
طائفية بل مذهبية متينة.
وامامنا مثال جلي عبّر عنه
انفكاك التفاهم بين «التيار
الوطني الحر» و «حزب الله»، عند
منعطف الامتحان في المجلس
النيابي للتصويت على تعديل
الدستور، فذهب نواب كل من
الفريقين الى حيث كان منطقياً
ان يذهبوا، أي كل الى «قطيعه».
وبدا النواب في تلك الجلسة اكثر
صدقاً مع حقيقة مشاعرهم
الطائفية ومع مشاعر ناخبيهم، من
كل التفاهمات التي كان هدفها ان
تزيّن للناس ان مشاعر اولئك
النواب هي في مكان آخر. ============================- المسلمون في الغرب: بين
الاندماج والتعارض باسم الجسر الشرق الاوسط 24-2-2010 مع سقوط غرناطة، انحسر الوجود الإسلامي
عن القسم الأكبر من أوروبا
الغربية. ولكن نشوء السلطنة
العثمانية وامتداد فتوحاتها
وحكمها غربا أقام في جنوبها
وشرقها وجودا بشريا ودينيا
إسلاميا ما زال قائما حتى
اليوم، في البوسنة وكوسوفو
وألبانيا، وغيرها. وفي القرن
التاسع عشر وإثر استعمار بعض
الدول الأوروبية، كفرنسا
وبريطانيا على الأخص، لدول
وشعوب عربية وإسلامية في
أفريقيا وآسيا، وإدخال أعداد
كبيرة من أبنائها في قواتها
المسلحة، من سنغاليين وهنود
مسلمين ومغاربة، راح عدد
المسلمين المقيمين في أوروبا
الغربية يتزايد، ولكن دون أن
يبلغ حجما ملحوظا. ويجب انتظار
النصف الثاني من القرن العشرين،
وافتقار الدول العربية
والإسلامية المستقلة إلى فرص
عمل، وحاجة الدول الأوروبية
الخارجة من الحرب إلى أيد
عاملة، لنرى هجرة واسعة من دول
المغرب خاصة وتركيا والدول
الإسلامية عموما إلى أوروبا،
وليصبح «الوجود الإسلامي» فيها
ملموسا. وعندما سمح للعمال
العرب والمسلمين المقيمين
باستحضار عائلاتهم والاستفادة
من كسب الجنسية لأولادهم الذين
يولدون على أرض أوروبية، تدفقت
موجات الهجرة من كافة أنحاء
العالمين العربي والإسلامي إلى
الغرب الأوروبي، وأصبحت
الجاليات الإسلامية تعد
بالملايين بعد أن كانت في مطلع
القرن العشرين تعد بعشرات
الآلاف. وكان من شأن ذلك نشوء مشاكل اجتماعية
جديدة على المجتمعات الأوروبية.
مشكلة سكنية عولجت بإقامة مساكن
شعبية لائقة نوعا ما للعمال في
ضواحي المدن. ومشكلة دينية
تتعلق بتمكين المسلمين
المقيمين من ممارسة فروضهم
الدينية. وفي الواقع لم تكن
القوانين الأوروبية، أو
علمانية الدولة، تقف في وجه
ممارسة المسلم لدينه. بل راحت
المساجد ترتفع في معظم الدول
الأوروبية. صحيح أن «الشكوى» من تحول ضواحي المدن
الفرنسية، مثلا، إلى أحياء
مغربية أو أفريقية أو تركية،
ومن بعض الممارسات التقليدية،
كذبح الخرفان في العيد، أو شغب
الأجيال الطالعة في هذه
الأحياء، بدأت تتردد منذ
السبعينات من القرن العشرين،
ولكنها كانت شكاوى محصورة ببعض
الساسة والأحزاب اليمينية.
وصحيح، أيضا، أن الشركات
والمؤسسات، في فرنسا أو غيرها،
كانت تتردد في توظيف مسلمين من
حاملي الجنسية الفرنسية، أو
تأجيرهم سكنا. ولكن القوانين
الفرنسية كانت تعاقب على
التمييز العنصري، إذا ثبتت
ممارسته، وأن قسما كبيرا من
الرأي العام الأوروبي كان يدافع
عن «حقوق الإنسان» المقيم على
أرض الوطن أيا كانت عقيدته أو
لون بشرته. غير أن الأمور راحت تتغير ابتداء من
الثمانينات، إثر قيام الثورة
الإيرانية وصعود الحركات
الأصولية الإسلامية، الدينية
منها والسياسية، وامتدادها في
أوساط الجاليات الإسلامية في
الدول الأوروبية، ووقوع عدد من
أعمال العنف والإرهاب فيها،
أقدمت عليها أنظمة أو جماعات
عربية وإسلامية، من قبيل «تصفية
حسابات» أو خلافات سياسية مع
هذه الدول. في البداية رحبت
السلطات في بعض الدول الأوروبية
بالدعوة والدعاة الإسلاميين
اعتقادا منها بأن «التدين» يصرف
الشباب المسلم العاطل عن العمل
أو المهمش عن الجنوح نحو
المخدرات والعنف. ولكن بعض
الدعاة شطوا في توجيهاتهم
وتحولوا إلى أصوليين أو «جهاديين»
محرضين على الغرب وثقافته.
وجاءت عملية 11 سبتمبر (أيلول)
وتفجيرات لندن ومدريد وباريس
وحوادث خطف الطائرات واغتيال
أشخاص على يد تنظيم القاعدة
وتنظيمات «جهادية» أخرى، لتولد
في نفوس قسم كبير من الشعوب
الأوروبية والغربية شعورا
بالخوف من الوجود البشري
والعقائدي الإسلامي في ديارها،
ولتضاعف من حساسية الرأي العام
إزاء مظاهر أو مميزات هذا
الوجود، كبناء المساجد أو رفع
المآذن أو لبس الحجاب في
المدارس وارتداء «البرقع»
الأفغاني في الأماكن العامة،
والثوب الرجالي الأبيض وإطلاق
اللحى. لقد دخلت قضية، أو بالأحرى مشاكل، الوجود
الإسلامي في الغرب، مؤخرا،
مرحلة جديدة. وما قضية «البرقع»
في فرنسا أو «المآذن» في سويسرا
و«الأحوال الشخصية» في
بريطانيا، إلا القسم الظاهر من
«جبل الثلج» الذي يهدد علاقات
الجاليات الإسلامية بالحكومات
والمجتمعات الأوروبية. التي
باتت موضوعا تتناوله وسائل
الإعلام الغربية يوميا. لا سيما
وأن الدول الغربية تخوض حربا
مكشوفة في أفغانستان وباكستان
والعراق والصومال واليمن على «الإرهاب
الإسلاموي»، يصورها
الإسلامويون بأنها حرب على
الإسلام والمسلمين ويتخذون
منها حجة أو ذريعة لتحريض
الجاليات المسلمة العائشة في
الغرب على «الصليبيين الجدد»،
أي أبناء الدول التي يعيشون
فيها. ولا ننسى نفخ وسائل
الإعلام الغربية، المتعاطفة مع
إسرائيل، على جمر التوجسات
الغربية. لا أحد يستطيع تبصر مآل أو موعد نهاية
الحرب على «الإرهاب الإسلاموي»
التي يخوضها الغرب. إلا أنه من
المرجح امتداد هذه المجابهة إلى
داخل أوروبا والغرب، ومن شأن
ذلك صب مزيد من الزيت على
التوترات المشتعلة اليوم. وليس
من مصلحة الدول الغربية ولا
المسلمين المقيمين فيها، تفاقم
العلاقات بينهما. وعلى الرغم من
الحوارات والمعالجات والخطوات
الإيجابية التي قام بها
الطرفان، فإن هذه العلاقات لم
تبلغ المستوى القانوني
والاجتماعي والنفسي، الذي
بلغته جاليات «أجنبية» أخرى،
نزحت من دول إلى دول أخرى،
واندمجت في مجتمعاتها. بل إنها
مرشحة لأزمات أو انفجارات في
المستقبل، إذا لم تعالج بحكمة
وبعد نظر، وبتعاون الجميع. هل المطلوب اندماج المسلمين المقيمين في
الغرب في مجتمعاته، أم تكتلهم
في «أقليات طائفية أو عرقية»
متميزة؟ وهل يمكن للإنسان
المسلم في الغرب التوفيق بين
الاندماج الوطني والاجتماعي
والثقافي في مجتمعاته، وبين
المحافظة على دينه وممارسة
شعائره وفروضه والمحافظة على
تقاليده الوطنية؟ وما هو دور
الحكومات الغربية والإسلامية
والمؤسسات والمرجعيات الدينية
الإسلامية في تسهيل هذا
التوفيق، أو منع انفجار
تناقضاته في المستقبل؟ ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |