ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
أميركا بين الفشل
العسكري والانهيار الاجتماعي الأحد, 28 فبراير 2010 السيد يسين * الحياة صدقت نبوءة المفكر الاستراتيجي
البريطاني بول كيندي في كتابه
الشهير «صعود وسقوط القوى
العظمى» الذي نشر منذ أكثر من
ثلاثة عقود، حين صاغ – بناء على
استقرار تاريخ الإمبراطوريات
في العالم عبر قرون – قانوناً
عاماً مبناه «إذا زادت التزامات
الإمبراطورية الاستراتيجية عن
إمكانياتها الاقتصادية فإنها
تسقط». وبناء على هذا القانون تنبأ بأن الولايات
المتحدة الأميركية ستسقط في
القريب بالمعنى التاريخي
للكلمة، وذلك لأن الإمبراطورية
التي أقامتها مدت خطوطها
العسكرية إلى مختلف أنحاء
العالم، تحت تأثير وهم
استراتيجي أنها يمكن أن تهيمن
عسكرياً على كل بقاع الأرض في
الوقت نفسه، ووسعت من دوائر
مصالحها القومية كما تدركها
النخب السياسية الأميركية
الحاكمة، لتشمل ضبط المناخ
العالمي وحماية النفط وضمان
تدفقه بسعر مناسب، ومواجهة صعود
الصين في النظام الدولي،
والمنافسة الاقتصادية لكل
الدول المتقدمة بما فيها
الاتحاد الأوروبي ومحاربة
الإرهاب في كل مكان في العالم! وهذه الشبكة المعقدة من المصالح القومية
الأميركية الحقيقية أو
المتوهمة تحتاج إلى موازنات
ضخمة للغاية، من شأنها أن تسقط
أي اقتصاد في العالم حتى لو كان
اقتصاداً عملاقاً كالاقتصاد
الأميركي. وهكذا صدقت نبوءة بول
كيندي، وها نحن نشهد عصر غروب
الإمبراطورية العظمى. وهذا
الغروب الطويل يتجلى في الفشل
العسكري من ناحية، والانهيار
الاجتماعي من ناحية ثانية. والفشل العسكري الأميركي يتمثل أولاً في
الانسحاب المقدر للقوات
المسلحة الأميركية من العراق
بعد نجاحها نجاحاً ساحقاً في
تمزيق نسيج المجتمع العراقي،
وإثارة النعرات الطائفية فيه،
ونشر الإرهاب ليصبح أسلوباً
للحياة، مع أن الولايات المتحدة
الأميركية قد غزت العراق بزعم
تحريره من ديكتاتورية صدام حسين
وتحويل نظامه السياسي ليصبح
نظاماً ديموقراطياً نموذجياً،
تحتذيه بقية البلاد العربية! ويتجلى الفشل العسكري في سقوط آلاف
الضباط والجنود الأميركيين
قتلى وجرحى على يد جماعات
المقاومة العراقية والعصابات
الإرهابية في الوقت نفسه،
واضطرار القوات المسلحة
الأميركية إلى الانسحاب من
المدن والمكوث في قلاع عسكرية
بعيدة تحاشياً للهجمات المدمرة.
غير أن الفشل العسكري الأعظم أصبح واضحاً
فعلاً الآن في أفغانستان، التي
لم تستطع القوات المسلحة
الأميركية بعد تسع سنوات من
غزوها وإسقاطها لنظام «طالبان»
أن تهيمن عليها عسكرياً.
والأخطر من كل ذلك أنه على رغم
أن القائد العسكري الأميركي
هناك وهو الجنرال ماكريستال قد
حاول أن يبتز الرئيس أوباما
وطلب منه زيادة القوات العسكرية
لتحقيق النصر على «طالبان»، فإن
أوباما بعد تفكير دام ثلاثة
شهور كاملة وهو يوازن بين
المكاسب والخسائر المتوقعة،
قرر إضافة 30 ألف مقاتل فقط الى
القوات الأميركية الموجودة
هناك ليصبح عددها الإجمالي مئة
ألف. وبناء على هذا المدد تم التخطيط للقيام
بأكبر حملة عسكرية ضد «طالبان»،
وتقدمت القوات الأميركية
مصحوبة بقوات حلف الأطلسي إلى
إقليم هلمند للسيطرة عليه،
ففوجئت بعدم وجود مقاتلي «طالبان»
لأنهم انسحبوا إلى الجبال التي
يعرفون تضاريسها جيداً حتى
ينقضوا من جديد على القوات
الأميركية المهاجمة. ولم يهنأ
الأميركيون طويلاً بتوغلهم في
الإقليم بلا خسائر تذكر إذ
سرعان ما ظهر قناصة «طالبان»
لكي يوقعوا ضحايا كثيرين في
صفوف القوات الأميركية
والأطلسية. ويلفت النظر بشدة أن الكاتب المعروف
روبرت فيسك وصف هذه الحملة
العسكرية التي روجت لها أبواق
الدعاية الأميركية بأنها أشبه
بسهم في الظلام! وذلك لأن القوات
الأميركية تتوغل في إقليم
أفغاني لا تعرف تضاريسه جيداً،
لتحقيق أهداف غير محددة بدقة،
وبصورة عشوائية حقاً! وبالتالي تنتظر القوات المسلحة
الأميركية هزيمة ساحقة على يد
مقاتلي «طالبان»، الذين أصبحوا
يسيطرون على معظم الأراضي
الأفغانية، في حين عجز نظام
كارزاي العميل بفساده، والقوات
الأميركية بأسلحتها، عن وقف
المد الطالباني الذي يتوقع أن
يهيمن في القريب على كل
الأقاليم الأفغانية. وبالتالي سيتجلى الفشل العسكري الأميركي
الذريع، خصوصاً أن الرئيس
أوباما اعترف به ضمناً حين قرر
سحب القوات الأميركية نهائياً
في شهر تموز (يوليو) 2011. وهذه
الهزيمة شبيهة تماماً بهزيمة
أميركا في حرب فيتنام، ولذلك لم
يكن غريباً أن يقرر بعض الكتاب
الأميركيين أن أشباح فيتنام
تلوح في أفق أفغانستان! غير أن الفشل العسكري للإمبراطورية
الأميركية لا يعادله سوى
إمكانية فشل المجتمع الأميركي
ذاته. وهذا الفشل الاجتماعي –
كما عبر عن ذلك كاتب آسيوي مرموق
هو كيشور مبهوباني في مجلة «ويلسون»
الفصلية – يطلق عليه بحسب
مصطلحات علم الاجتماع الانهيار
الاجتماعي. ويعني ذلك على وجه
الدقة انحدار القيم الثقافية
وسقوط المؤسسات الاجتماعية بكل
أنواعها. وهذه المقالة المهمة
عنوانها المثير هو «هل المجتمع
الأميركي مهدد بالفشل؟»، وقد
عرض الأستاذ محمود عبده موجزاً
ممتازاً لها على شبكة الإنترنت.
ويحدد هذا الباحث الآسيوي
المرموق ستة أسباب تشير إلى
احتمال فشل المجتمع الأميركي أو
انهياره. السبب الأول يتمثل في عيوب جسيمة أصابت «التفكير
الجمعي الأميركي»، والدليل على
ذلك وقوع الأزمة المالية الكبرى
والتي نجمت – في أحد جوانبها –
عن قبول المجتمع الأميركي
بالافتراضات الخاطئة من قبل
خبراء الاقتصاد الأميركي بأن
الأسواق المالية غير الخاضعة
للتنظيم والتي لا تتدخل الدولة
في ضبطها، من شأنها تحقيق النمو
الاقتصادي وخدمة الصالح العام.
وقد ثبت زيف هذه المقولة، لأن
هدف خبراء الاقتصاد ورجال
الأعمال المضاربين كان في
الواقع زيادة ثرواتهم الشخصية
على حساب الصالح العام. والسبب الثاني للانهيار هو تآكل قيمة
المسؤولية الفردية، مع أن هذه
القيمة هي من بين القيم
الرئيسية التي قام عليها نسق
القيم الأميركي. والدليل على
ذلك استمرار العجز المزمن في
الموازنة الاتحادية، وعدم
استعداد أي إدارة أميركية
للاعتراف بالمسؤولية عن هذا
العجز، بالإضافة إلى خوف الساسة
الأميركيين من مسألة زيادة
الضرائب مع أنها أصبحت أساسية
لأي مجتمع حديث. ويؤكد تآكل قيمة
المسؤولية الفردية شيوع ثقافة
اللامبالاة الفردية وغياب
المسؤولية. والسبب الثالث للانهيار هو سوء استخدام
القوة الأميركية، سواء القوة
العسكرية أو السياسية. لقد
تحدثنا من قبل عن سوء استخدام
الإمبراطورية العظمى لقوتها
العسكرية سواء في العراق أو
أفغانستان، ومن ناحية أخرى طيش
حملاتها ضد الإرهاب في العالم،
خصوصاً ضد تنظيم «القاعدة»
بقيادة أسامة بن لادن، مع أنها
هي التي صنعته أيام الغزو
السوفياتي لأفغانستان. وإذا أضفنا إلى ذلك سوء استخدام القوة
السياسية الأميركية والذي
يتمثل في الانحياز الفاضح
للسياسات الإسرائيلية
العدوانية ضد الشعب الفلسطيني،
مما أجج مشاعر الملايين من
المسلمين من ناحية، وانسحاب
أميركا من معاهدة «كيوتو» من
ناحية أخرى، مما أعاق سياسات
مكافحة الاحتباس الحراري على
مستوى العالم، لأدركنا أن سوء
استخدام القوة الأميركية هو أحد
أسباب انهيارها في الوقت نفسه! ونصل إلى السبب الرابع من أسباب الانهيار
وهو أنه خلف الواجهة البراقة
للنظام السياسي الديموقراطي
الأميركي يقبع أكثر النظم
السياسية فساداً في العالم!
وذلك لأن الفساد الأميركي له
بنية عضوية متماسكة، حيث تتساند
جماعات المصالح في المؤسسة
العسكرية وأقطاب الصناعة
ومديرو البنوك والشركات
المالية، حتى يمارسوا الفساد
الواسع المدى بالاستناد إلى
القانون، بعد تحريف نصوصه
والانحراف في تفسير قواعده! غير أن أخطر أسباب الانهيار هو سقوط «العقد
الاجتماعي» الذي قام على أساسه
المجتمع، والذي مبناه أنه يبقى
قوياً ومتماسكاً ما دام أن كل
مواطن لديه فرصة متساوية للنجاح.
ومما يؤكد انهيار العقد الأميركي الذي
كان يعطي المواطنين عموماً
الأمل في الصعود إلى قمة السلم
الاجتماعي عبر آلية الحراك
الاجتماعي، هو هبوط معدلات
الحراك الاجتماعي إذا ما قورنت
بمعدلات الحراك الاجتماعي في
أوروبا الغربية على سبيل المثال.
ونصل أخيراً إلى المظهر الأخير من مظاهر
فشل المجتمع الأميركي وهو يتمثل
في نمط الاستجابات الأميركية
للعولمة، والذي يكشف عن فشل
هيكلي للمجتمع الأميركي. فقد ظن
الأميركيون أنهم الأقدر في مجال
المنافسة العالمية، غير أنه
تبين لهم أن الهنود والصينيين
أصبحوا أكثر تنافسية منهم في
مجال المهارات العمالية
والفنية. ومن هنا أصبحت هناك
حاجة ماسة لإعادة هيكلة
الاقتصاد الأميركي، وخصوصاً
بعد الأزمة الاقتصادية الكبرى
والتي أثبتت أن هناك خللاً
عميقاً في العلاقة بين الدولة
والسوق. هل هناك حل لوقف الانهيار؟ لقد أصبح النظام السياسي الأميركي رهينة
للمصالح الخاصة، ولذلك ليس هناك
حل إلا إذا ضحّى أصحاب المصالح
وجماعات الضغط بجزء من أرباحهم
الخرافية وتراكماتهم
الرأسمالية الهائلة. ترى هل
يفعلون ذلك أم سيسير التيار في
اتجاه الانهيار الحتمي؟ تشهد سجلات التاريخ على أن انهيار
الإمبراطوريات العظمى نتيجة
تفاعلات الضعف المعقدة يمكن أن
تحدث ولو بعد حين! * كاتب مصري ============================= بقلم :ديدييه بيليون البيان 28-2-2010 إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي
احتفلت قبل فترة وجيزة بالذكرى
الثلاثين لقيامها، تعرف أحد
أكثر اللحظات دقّة في تاريخها.
ولا أحد يعرف كيف ستخرج من الوضع
الذي تمرّ فيه. ولنتذكّر أن حركة
الاحتجاج التي برزت منذ
الانتخابات الرئاسية الأخيرة
في شهر يونيو
حزيران من العام الماضي 2009،
تندرج في سياق استمرارية سلسلة
من أشكال التعبئة بدأت قبل 15 سنة.
وتجلّت في مظاهرات بمناسبات مباريات كرة
القدم واحتجاجات طلاّبية
وإضرابات عديدة قامت بها فئات
اجتماعية مختلفة، واستخدام
الانتخابات لتمرير رسائل
سياسية قويّة وحملة «المليون
توقيع» ضد التمييز الذي تعاني
منه النساء. هذا يبيّن بوضوح أن عمليات التعبئة
المتكررة ليست مرتبطة بمير
موسوي أو مهدي كرّوبي، وحتى لو
كانت قد برزت مؤخراً في سياق
ترشيحهما لخوض الانتخابات
الرئاسية. ووجدت مبررها في
القول إن تلك الانتخابات لم تكن
شفافة ما يكفي. وبوجه عام يمكن
القول إننا أمام وضع فيه الكثير
من التناقض بحيث يجد أغلبية
المراقبين صعوبة في تحليله. أوّلًا يبدو أن موسوي قد تجاوزته هو نفسه
حركة الاحتجاج عبر استمرارها
بحيث أنه في موقع من يواكبها
أكثر مما هو في موقع من يقودها.
وهذا ما كان قد عبّر عنه صراحة
عندما قال لأنصاره: «أنتم الذين
أعطيتموني القوّة ولا أفعل سوى
متابعة مسيرتكم». ثم من الخطأ
الفادح اعتبار أن العمل السياسي
لموسوي يندرج خارج إطار النظام. والرسالة التي كان قد وجهها يوم 31 ديسمبر
الماضي، تبرهن على ذلك بوضوح.
لقد طالب فيها باحترام الحريّات
العامّة وإطلاق سراح السجناء
ومحاسبة الحكومة ولكن دون وضع
نفسه في مواجهة النظام.
وباستثناء بعض المتطرفين من
حركته ليس فيها من يرفع شعار
الإطاحة بالنظام وإنّما بتوسيع
هوامش الديمقراطية بحيث يمكن
لمختلف مكونات السلطة التعبير
عن رأيها بحريّة. ثمّ إن حركة الاحتجاج منقسمة جداً حول
الأهداف وسبل العمل. وهناك
مسألة مطروحة للنقاش بقوّة وتخص
مستقبل مكانة مرشد الثورة الذي
يجسّده اليوم علي خامنئي. وهل
ينبغي المحافظة على المنصب أو
الاستعاضة عنه بهيئة جماعية
كالتي كان قد جرى الحديث عنها
عند وفاة الإمام الخميني والتي
ذكرها قبل فترة قريبة علي أكبر
رفسنجاني، الذي لايزال يحتفظ
بنفوذ مهم، ولكن متحفظ، في مجرى
الأحداث الراهنة. بكل الحالات
يحاول موسوي الوصول إلى مصالحة
حول العديد من المسائل مع
النواة الصلبة للسلطة القائمة،
لكن لا شيء يدلّ على أنه سينجح
في ذلك. بالمقابل ما يبدو واضحاً هو تأكيد تعددية
المجتمع الإيراني والذي تشكل «الحركة
الخضراء» أنصار
موسوي أحد
أشكال تعبيره وتشير إلى رغبة
تجاوز خصومات الفترة الثورية.
وفي ما هو أبعد مما توحي به
الأحداث اليومية، يسود في
السياق الحالي الميل إلى
المصالحة أكثر مما هو الميل إلى
زيادة حدّة الخلافات. وغالبية
الإيرانيين يأمل تحسين أحوالهم
ورفاهيتهم وحتى لو كان قادة كل
معسكر لا يستخلصون النتائج من
هذه الحقيقة. كذلك من الخطأ
الكبير التقليل من قيمة الدعم
الشعبي الذي لايزال أحمدي نجاد
يحظى به. كل ما سبق لا ينبغي أن يدفع إلى نسيان أن
أزمة أخرى تواكب الوضع في إيران
وتخص الملف النووي. وهناك
بالتأكيد روابط بين هذا الملف
والوضع الذي تمر فيه البلاد. ذلك أن سياسة اليد الممدودة التي قال بها
الرئيس أوباما ساهمت جزئياً في
هزّ قواعد اللعبة السياسية التي
سادت خلال الحقبة السابقة أثناء
إدارتي بوش. هكذا عندما جرى
اقتراح تخصيب اليورانيوم
الإيراني في الخارج
في روسيا وفرنسا
أعرب موسوي صراحة عن قلقه
وقال إن «جميع جهود العلماء
ستذهب أدراج الرياح» إذا تمّ
قبول اقتراح الوكالة الدولية
للطاقة الذريّة؛ أي ما كان يعني
ضمناً التشكيك بإمكانية أن
يفرّط الرئيس أحمدي نجاد
باستقلال البلاد. لا شكّ أن موسوي كان يريد أن يتميز عن
أحمدي نجاد. لكن ذلك كان يعني
أيضاً أنه، وعلى عكس ما قال به
العديد من المعلّقين الغربيين،
لن يكون بالضرورة محاوراً أكثر
مرونة إذا وصل إلى الحكم. وهذا
يعني كذلك أن القادة الإيرانيين
وأغلبية الشعب الإيراني، وفي ما
هو أبعد من المواقف المتباينة
التكتيكية، يدعمون مواقف
الحكومة حول الملف النووي. هذه الملاحظات كلّها وكثير غيرها تدل على
أنه ينبغي عند تحليل الوضع
الإيراني تجنّب إصدار الأحكام
القاطعة السهلة، كما هو شائع في
السياق الراهن. ذلك أنه لا يوجد
في جهة نظام معزول تماماً، وفي
الجهة الأخرى حركة احتجاجية
تتعاظم قوّتها وستصل حتماً إلى
السلطة. كلاّ، النظام لايزال
يحظى بقاعدة شعبية حقيقية
والمعارضة ليست اليوم بحالة
تجعل منها بديلًا. وفي مثل هذا
السياق سيؤدي فرض عقوبات جديدة
ضد إيران إلى تدعيم السلطة
أكثر، هذا في الوقت الذي تريد
فيه أغلبية القوى الغربية
الإطاحة بها. المدير المساعد لمركز العلاقات
الدولية والإستراتيجية
باريس ============================= أبعاد التوتر في الثنائي
الأميركي الصيني بقلم :ناصيف حتي البيان 28-2-2010 ماذا يجري في إطار ما يعرف بالثنائية
القطبية الناشئة، الثنائية
التي تجمع بين الولايات المتحدة
الأميركية والصين الشعبية، بين
أكبر دائن وأكبر مدين، بين ما
سماه زبغنيو بريجنسكي مستشار
الأمن القومي للرئيس جيمي كارتر
بمجموعة الاثنين التي يمكن أن
تغير العالم. ثلاث أزمات متتالية انفجرت على الخط بين
واشنطن وبيكين: أولًا، صفقة
الأسلحة الأميركية لتايوان وهو
ما تعتبره بكين مسّاً بمصالحها
الاستراتيجية الحيوية فالتعامل
مع تايوان خط أحمر واستفزاز
مباشر لبكين، وتجارب الماضي تدل
على ذلك، فما بالك إذا كان يقوم
على الدعم العسكري. ثانياً، استقبال الرئيس الأميركي للزعيم
الروحي للتيبت الدالاي لاما
الذي تعتبره الصين تدخلًا في
شؤونها الداخلية، وهو يثير
حساسية صينية كبرى. وثالثاً، ما
يمكن وصفه «بحرب الغوغل» التي
تعكس أكثر مما هو ظاهر في لعبة
القط والفأر بين الطرفين. الولايات المتحدة تدفع لحدوث انكشاف واسع
ومفتوح عبر الشبكة المعلوماتية
في الصين مقابل تمسك الصين
بشعار السيادة المعلوماتية
والاقتصادية والتجارية. إنها معركة بين مفهومين وفلسفتين للدولة
وللمجتمع وللاقتصاد. ويعترف
المستشار الاقتصادي للبيت
الأبيض لورانس سامرز بأن هنالك
اعتبارات اقتصادية مهمة، وليس
فقط قانونية وأخلاقية في هذه
المعركة. إثارة هذه الأزمات من طرف واشنطن وراءه من
جهة غضب أميركي من الموقف
الصيني من مسألة النووي
الإيراني، وكذلك من عدم تجاوب
الصين الشعبية مع الكثير من
المطالب الأميركية التي اعتبرت
واشنطن أنه يكفي حصول سياسة
اليد الممدودة تجاه الصين حتى
تتجاوب الصين مع المواقف
الأميركية، عنصر أميركي آخر
يدخل في سياسة هذه الأزمات
ويتعلق بحسابات أميركية داخلية
ورغبة أوباما بأن لا يظهر في
مظهر المتردد والضعيف وغير
المعني بقضايا حقوق الإنسان. وعلى صعيد آخر تدرج فصلية «فورين بوليسي»
ما تعتبره لائحة الخلافات الست
بين واشنطن وبكين وهي تضم مسألة
التغيير المناخي والاحتباس
الحراري، وقد شهدنا اتفاق
اللحظة الأخيرة في كوبنهاغن بين
الطرفين، والتيبت، وتايوان،
وما تسميه واشنطن «علاقة الصين
الشعبية بالدول المارقة» مثل
كوريا الشمالية وإيران، ثم
التنافس العسكري وسباق التسلح
بين الطرفين مع ثورة التحديث
الثانية التي أطلقتها الصين
الشعبية في ما يتعلق بقواتها
المسلحة إلى جانب بالطبع
الخلافات الاقتصادية العديدة. لكن الموضوع أكبر من خلافات حول ملفات
معينة أياً كانت أهمية هذه
الملفات وحيويتها، بالنسبة
لهذا الطرف أو ذاك فالقوة
الأعظم الأميركية في تراجع في
قدرتها على الهيمنة وحيدة أو
شبه وحيدة في مختلف المسائل
العالمية الرئيسة، ولو اختلف
المراقبون حول حجم هذا التراجع
أو سرعته في حين أن القوة
الصينية صاعدة وفي تمدد وبشكل
خاص عبر الدبلوماسية
الاقتصادية. بعض الأرقام تدل على وضع القوة العظمى
الثانية في العالم: فالصين
الشعبية استثمرت خارج القطاع
المالي نحو 3 ,43 مليار دولار في
العالم وخاصة في استخراج المواد
الأولية الضرورية لنمو الصناعة
الصينية، والصين تمثل حالياً
المحرك الاقتصادي الأساسي في
العالم. وقد صارت المصدر الأول
قبل ألمانيا وستحتل قريباً مركز
القوة الاقتصادية الثانية في
العالم بعد الولايات المتحدة
ومكان اليابان. وتمتلك الصين 755 مليار دولار من سندات
الخزينة الأميركية قد يرى البعض
في هذه العلاقة انكشافاً
أميركياً على الصين أو اعتماداً
صينياً على الاقتصاد الأميركي
والرأيان صحيحان، ويقدمان
جزءاً من الصورة التي تعكس في
حقيقة الأمر علاقة اعتماد
متبادل شديدة الكثافة والأبعاد
بين الطرفين. فالصين التي كان
هنالك اعتراض على دخولها مجموعة
الثمانية صارت اليوم عضواً في
مجموعة الاثنين. وتتطلع الصين لعالم متعدد القطبية ولو
أنها تتطلع لأن يكون هذا العالم
أحادي القطبية أو صيني القيادة
في المسرح الآسيوي. وتبقى
الدبلوماسية الاقتصادية
وانتشارها في أقاليم مختلفة في
العالم ورقة أساسية في بناء
القوة والنفوذ والهيبة الصينية.
ولكن مقابل ذلك تبقى هنالك
العديد من الأسئلة والتساؤلات
حول الدور الصيني في صياغة عالم
الغد وكذلك حول الأجندة الصينية
على الصعيد العالمي. وللتذكير فرغم هذه النجاحات مازالت تعتبر
الصين الشعبية تعتبر دولة
نامية، إذ لا يتجاوز نسبة الدخل
الفردي 3600 دولار في حين انه يصل
إلى حدود 500 ,46 دولار في الولايات
المتحدة ولا تمثل الصين أكثر من
7% من الناتج الداخلي الخام
العالمي. وتدرك الصين أن إنجازاتها تحمل في الوقت
ذاته توترات مع الجيران الكبار
في آسيا مثل الهند واليابان ومع
المنافس التاريخي، روسيا
الاتحادية، كما أنها تخلق
مزيداً من التوترات الاقتصادية
والاجتماعية في الداخل مع
ازدياد الشروخ الطبقية، هذه هي
بعض نقاط الانكشاف الصيني. لكن يبقى السؤال قائماً أيضاً حول منظومة
القيم الدولية التي ستحاول أن
تدفع بها الصين الشعبية فهل
ستنتمي كلياً إلى المنظومة «الغربية
الرأسمالية الديمقراطية» أم
ستحاول أن تدفع بمنظومة بديلة
تعبر بشكل أفضل عن الخاصية
التاريخية والحضارية الصينية
وتكون أكثر قبولًا وجاذبية في
الدول النامية وفي العالم غير
الغربي. هل ستكون الصين الشعبية
قاطرة تغيير اللعبة الدولية
مستقبلًا وقواعدها أم ستكون قطب
الممانعة أمام محاولات ترسيخ
قواعد النظام الغربي على الصعيد
العالمي. كلها أسئلة لا توجد لها أجوبة في اللحظة
الحالية. لكن حقيقة الأمر أن
النظام الاقتصادي العالمي الذي
يتبلور وباختصار النظام
العالمي الذي سيتبلور يعتمد
بشكل خاص على الخيارات
الاستراتيجية والقيمية الصينية
وعلى طبيعة العلاقات التي
ستستقر بين بيكين وواشنطن فهل ستكون علاقات شراكة استراتيجية تتحمل
الخلافات في بعض القضايا أياً
كانت أهمية هذه القضايا أم تكون
علاقات تنافس وصدام استراتيجي.
هذه أسئلة لرسم المستقبل غير
البعيد تتعلق الإجابة عليها
بالصين بشكل خاص لكن نتائجها
ستكون على المستوى العالمي. ============================= آخر تحديث:الأحد ,28/02/2010 الخليج خيري منصور ما يلفت النظر في الاغتيالات التي تقوم
بها الدوائر الصهيونية
للفلسطينيين والعرب إضافة إلى
الجرائم ذاتها، هو الافراط في
العدد والعُدة، واستخدام ما
يكفي لقتل عشرين شخصاً من أجل
اغتيال رجل واحد، إن هذا ما
سيقوله الشهيدان محمود المبحوح
وغسان كنفاني إذا قدر لهما أن
يلتقيا في العالم الآخر، فهما
على طرفي نقيض ايديولوجياً،
أحدهما اسلامي من حركة حماس ومن
قادتها أيضاً، والآخر كان
يسارياً من الجبهة الشعبية ومن
أبرز كوادرها، فقد استخدم
لاغتيال غسان كنفاني قدر من
الديناميت حَول الشهيد وابنة
شقيقته لميس التي كانت بجواره
في السيارة إلى أشلاء عثر على
بعضها فوق أسطح العمارات
المجاورة . ولاغتيال المبحوح، جاء ستة وعشرون رجلاً
وامرأة من ست عواصم أوروبية
وغير أوروبية لخنق الرجل الذي
كان بمفرده وهو عائد للتو إلى
غرفته في أحد فنادق دبي، وما أعد
لاغتيال خليل الوزير على الشاطئ
التونسي شاركت فيه طائرات ورجال
ونساء مدربون على هذه العمليات
القذرة، ولم يكن بحوزة الرجل
غير مسدسه الذي ما أن شهره في
وجوههم حتى تلقت يده سبعين
رصاصة، ويتذكر العالم ان لم يصب
بالزهايمر الوبائي المعولم عدد
الذين اغتالوا القادة الثلاث في
شارع فردان بيروت، الذين قال
عنهم الراحل نزار قباني، بشارع
فردان كانت تموت الخيول
الجميلة، لكن أحداً لم يسمع
الصهيل النازف في مدينة اغتالوا
كهرباءها وقمرها ونجومها قبل أن
يشرعوا في اغتيال هؤلاء الرجال
الثلاثة، كمال ناصر وأبو يوسف
النجار وكمال عدوان . لا أحد يتساءل عن هذا الافراط في الاغتيال
بحيث يبدو الرجل الواحد كهدف
للقتلة كما لو أنه كتيبة أو فريق
من الرجال، وما من تفسير لهذا
الافراط والمبالغة غير أن
القتلة مسكونون بالهلع،
فالمقاومة العربية على اختلاف
وهجها فوق التضاريس المحتلة
وشبه المحتلة أفسدت المعادلة
الصهيونية، لأن جنرالات الدولة
الصهيونية صدقوا أنفسهم وما
كذبوا به على اليهود وهو أن خمسة
ملايين يهودي يطاردون ربع مليار
عربي، بحيث تكون حصة الصهيوني
الواحد خمسين عربياً، ما أفسدته
المقاومة من هذه المعادلة هو
أنها عكستها تماماً فأصبح
المقاوم الواحد يقابل ولا نقول
يعادل خمسين صهيونياً مدججاً
بكل أدوات القتل والذبح، لهذا
يفرطون في الاغتيالات، وكأنهم
يريدون التأكد تماماً من أن
الهدف قد أصيب في مقتل، لأنه لو
بقي منه أصبع واحد فقط لضغط على
الزناد كما حدث في قلعة الشقيف
التي تحولت إلى فوبيا فدائية في
الذاكرة المرعوبة . وإذا كان عدد المشاركين في خنق المبحوح
كما كشفت عن ذلك شرطة دبي بمهارة
فائقة وسرعة قياسية هو ستة
وعشرون حتى الآن فإن الرقم كما
أعلنت شرطة دبي قابل للزيادة
وقد يصل إلى الأربعين أو
الخمسين، وحبذا لو يصل إلى هذا
الرقم كي يتأكد العالم بأن
المعادلة انقلبت، وأن عربياً
واحداً يطارد خمسين قاتلاً
مأجوراً حتى وهو في باطن الأرض . ولم يكن الافراط الصهيوني وقفاً على
الاغتيالات، فالحروب التي
شنتها الدولة الصهيونية وآخرها
الحربان الشاملتان على لبنان
وغزة لا تشهد لها بالقوة أو فائض
الانتصار بقدر ما تفتضح فائض
الهشاشة والخوف، وكأن هذه
الحروب تستهدف المستقبل أيضاً،
لهذا يتلذذ القتلة الساديون
بذبح الأطفال حتى لو كانوا أجنة
في الأرحام، لأنهم قادمون من
المستقبل غير المحتل، والواعد
بقلب الموائد كلها بما حولها
وما عليها . هكذا ينقلب السحر الأسود على السحرة من
مختلف الألوان، ويقرأ العالم
هذا الافراط في القتل والذبح
على أنه هلع مزمن . ============================= آخر تحديث:الأحد ,28/02/2010 الخليج خليل حسين لم تكن “إسرائيل” يوما في مأزق كالذي فيه
اليوم، كثير من المتغيرات حصلت،
وفعلت فعلها في أسس الكيان التي
ظلت ولفترات طويلة تمسك بها
وتحاول تعظيم قدراتها، بهدف
تكريس تفوقها الاستراتيجي
وبالتالي امتلاكها لميزان قوي
غير قابل للكسر، عسكرياً
واستخبارياً وسياسياً
واقتصادياً، في منطقة تمتلك
دولها كل هذه المقومات لكن من
دون الاستفادة منها في أطر
المواجهة . في الجانب السياسي، وإن تمكنت “إسرائيل”
في فترة التسعينات من القرن
الماضي الخروج علناً من حالة
الحصار والانكماش الدبلوماسي
الإقليمي عبر مشاريع التسوية
التي استفاقت عليها، وأعطتها
فرصاً للانفتاح الإضافي على بعض
الدول العربية وكذلك الإقليمية
كتركيا مثلاً، باتت اليوم في
مأزق كبير، ما يستدعي إعادة
صياغة لمجمل آليات عمل السياسة
الخارجية . فكثيراً من الدول
العربية التي انفتحت تجارياً
عليها، أعادت النظر بخطواتها .
وإذا كانت الاتفاقيات
الاستراتيحية مع تركيا قد
أعطتها أرجحية إقليمية، باتت
اليوم في المقلب الآخر بعد
سلسلة الحماقات الدبلوماسية
التي ارتكبتها مع أنقرة، علاوة
على عدم قدرتها على هضم بعض
المتغيرات الناشئة في المنطقة
نتيجة سياساتها مع الفلسطينيين
خاصة والعرب عامة بما يتعلق
بمشاريع السلام التي كانت تطرح
من هنا أو هناك . وبمعنى آخر إن
سياسات المحافظين الجدد الشرق
أوسطية، كانت بمثابة العصا “الإسرائيلية”
الغليظة في المنطقة، والتي
تسببت لها في نهاية الأمر
بمشكلات بنيوية في تظهير سياسات
إقليمية قابلة للهضم السياسي من
حانب العرب وغيرهم في المنطقة . في الجانب العسكري، ظلت “إسرائيل” ولنصف
قرن تقريباً صاحبة لقب الجيش
الذي لا يقهر، وإن تمكنت من
ترسيخ هذا المفهوم في الذاكرة
الجماعية للعرب، بفعل التفوق
الاستراتيجي العسكري النوعي،
فإن يقظة حركات المقاومة في بعض
دول الطوق أعطت نموذجاً آخر
لهذه العبر، فمن أصل أربع حروب
عربية “إسرائيلية” كلاسيكية،
تمكّن العرب في واحدة منها من
تحقيق نصر مجتزئ، سرعان ما
تمكنت “إسرائيل” من هضمه
وتحويله نصراً في الدبلوماسية
والسياسة عبر كامب ديفيد مع مصر
. بينما تمكّنت حركات المقاومة
من تسجيل انتصارات موثقة كنموذج
لبنان عام 2000 و،2006 وغزة عام 2009 .
وبصرف النظر عن حجم الانتصارات
وامكانيات استثماراتها
العملية، فثمة سوابق يمكن
البناء عليها في إطار توصيف
آليات الصراع ونتائجها
المحتملة . وفي مطلق الأحوال إن
التخبط الذي تمر به “إسرائيل”
حالياً حول احتمالات الحرب في
المدى المنظور هو شكل من أشكال
الشعور “الإسرائيلي” بعدم
الثقة، وفقدانها على الأقل
أدوات الردع النفسية تجاه
أعدائها . فخطاب الأمين العام
لحزب الله الأخير كان كافياً
لإعادة النظر بالكثير من
المواقف التي أطلقتها القيادات
السياسية والعسكرية “الإسرائيلية”
تجاه دمشق ولبنان مثلاً . طبعاً
لا تزال “إسرائيل” تمتلك
تفوقاً استراتيجياً عسكرياً
ظاهراً، لكنها في الوقت نفسه لم
تعد تمتلك الوسائل والأدوات
التي تمكنها من تحويل هذه القوة
إلى قدرة، قابلة للصرف السياسي
والعسكري والنفسي في المنطقة
للعديد من الاعتبارات غير
القابلة للتحكم بها “إسرائيلياً”
. في الجانب الأمني الاستخباري، ظل الموساد
والشاباك وغيرهما من الأجهزة
التي تفاخر تل أبيب بها، والتي
أخذت حيزاً مهماً من الهيبة
الإقليمية والدولية بفعل
العمليات الناجحة التي تمكّنت
من تحقيقها داخلياً وخارجياً .
إلا أن أمراً آخر بات يظهر هذه
الأيام، هو سلسلة فضائح
وانكشافات استخبارية وقعت
فيها، من انكشاف واسع لشبكاتها
التجسسية في لبنان، مروراً
بالإخفاقات الموصوفة لعدم
تمكنها من إنجاز ملفات كثيرة
تخص المقاومة في لبنان وغزة،
علاوة على فضيحة اغتيال أحد
قيادي حركة حماس في دبي مؤخراً .
لقد اعتمدت “إسرائيل” عقيدة
الاغتيالات والخطف للتخلص من
رموز سجلوا أعمالاً لا يستهان
بها ضدها، صحيح أنها تمكّنت من
اغتيال عماد مغنية مثلاً، لكن
كلفتها لا تزال تُدفع يومياً
للقيادة “الإسرائيلية”
السياسة والعسكرية بانتظار
الرد الذي سيأتي يوماً من حزب
الله، لكن متى وأين وكيف؟ تلك هي
الأحجية التي عجزت عنها
الاستخبارات “الإسرائيلية” في
كافة أجهزتها وفروعها، وربما
ستظل هذه الأحجية سنوات طويلة
بمثابة السيف النفسي المسلط على
“إسرائيل” . لقد خاضت “إسرائيل”
والمقاومة حروبا استخبارية من
الطراز الأول، تكبدت فيها “إسرائيل”
خسائر بشرية ومعنوية باهظة
الثمن، ويُقال إن سر انتصارات
المقاومة في العام 2006 هو الجانب
الاستخباري لدى حزب الله عن
بنوك المعلومات “الإسرائيلية”
وليس العكس . وربما ثمة فضائح
كبيرة ستقع فيها “إسرائيل” إذا
كُشف المستور عن بعض الحروب
الاستخبارية السرية التي مورست
ضدها . وإن يكن الاقتصاد “الإسرائيلي” من
الناحية المبدئية، لا يعاني
عملياً من اختلالات بنيوية،
وبالتالي قدرته على التكيّف مع
بعض المستجدّات المالية
والاقتصادية الدولية، إلا أن
هذه القدرة مكتسبة من المساعدات
الأمريكية المباشرة، علاوة على
شبكات الاستثمارات الدولية
التي تتأثر بدورها بأي وضع مؤثر
وبخاصة الأمني منه، وبالتالي إن
هذه القوة والقدرة مرهونة أولاً
وأخيراً بمتغيّرات غير قابلة
للضبط وفقاً للرغبة “الإسرائيلية”،
من هنا الخشية “الإسرائيلية”
الدائمة هي أمنية وليست
اقتصادية بفعل تأثير الأول في
الثاني؟ لقد حطّم العرب الأرقام القياسية في
البحث عن المفردات السياسية
التي تغطي سلسلة من الهزائم
العسكرية، فمن النكبة إلى
النكسة، ومن الحروب التحريرية
إلى التحريكية، ومن اللاءات
الثلاث “لا تفاوض لا صلح لا
اعتراف”، إلى التسوية العادلة
والشاملة والكاملة، فهل أتى
الدور على “إسرائيل” هذه
الأيام، أو أنها ستتعلم
العِبَرَ من العرب؟ أو أن
الخناق بدأ يشتد عليها؟ إن سر
بقاء الأمم والشعوب واستمرارها
مرهون بالقراءة الصحيحة
والدقيقة للتاريخ، فهل سيقرأ
العرب جيداً في كتبهم ليبقى بعض
من جغرافيتهم يشدون بها الخناق
على “إسرائيل”؟ إنها فرصة
سانحة للمواجهة المعنوية بداية
من باب مواجهة ضم “إسرائيل”
للحرم الإبراهيمي، عل البرد
والسلام ينزل هذه المرة على
العرب والمسلمين بعدما اكتووا
ببرد السلام الموعود قبل نار
الحروب . ============================= اختزال الدولة
اللبنانية بين القمة السورية -
الإيرانية والتهديدات
الاسرائيلية لبنان مهدّد بالاستباحة
ومسؤولوه يبحثون عن "تحرك
وقائي" لحمايته روزانا بومنصف النهار 28-2-2010 حمل مشهد القمة السورية الايرانية في
دمشق ابعادا خطيرة حيال لبنان،
الى جانب تساؤلات اخرى برسم
الخارج حيال سوريا في شكل خاص.
فهذه القمة تزامنت مع زيارة
رئيس الجمهورية ميشال سليمان
لروسيا التي دعاها الى "تحرك
دولي وقائي ورادع لوقف
التهديدات الاسرائيلية عبر
مجلس الامن"، في حين كان
الرئيس الايراني محمود احمدي
نجاد يوجه رسالة الى الغرب
والمجتمع الدولي حول تجميع
اوراقه اقليميا ابتداء من سوريا
وصولاً الى "حزب الله" رداً
على مسعى فرض العقوبات ضد بلاده
في موضوع الملف النووي
الايراني، فأدرج لبنان في غياب
رئيس جمهوريته وأي من مسؤوليه
الرسميين في استراتيجيته في
مواجهة اسرائيل في المؤتمر
الصحافي الذي عقده مع نظيره
السوري. ولاحقاً اختصر لبنان
كله ب"حزب الله"
واستراتيجيته من دون اي اعتبار
لأي من مسؤوليه. وكان الأمر
بمثابة مشهد درامي سوريالي
بامتياز، اذ ان رئيس الجمهورية
اللبنانية يحض المجتمع الدولي
على حماية لبنان، فيما أحد
رؤساء الدول في قمة في دولة
مجاورة يدرج لبنان في
استراتيجية بلاده لمواجهة
الخارج الى جانب اسرائيل. وفي
هذا الوقت، لم تقتصر جهود العمل
دوليا لتجنيب لبنان أي حرب
اسرائيلية على رئيس الجمهورية،
بل شمل هذا الجهد ايضاً رئيس
مجلس النواب نبيه بري الذي طالب
رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار
لارشيه خلال الغداء الذي اقامه
له بالعمل على ردع اسرائيل عن اي
عمل ضد لبنان وكذلك الأمر
بالنسبة الى جهود رئيس الحكومة
سعد الحريري خلال زياراته
الاخيرة للخارج، علماً أن اياً
من هؤلاء لا يسقط دور "حزب
الله" واستعداداته لمواجهة
اسرائيل في حال تعرض لبنان لاي
اعتداء. وتاليا، يكتسب خطورة
كبيرة اخذ نجاد لبنان من ضمن
محوره، وهو ذكر لبنان وليس "حزب
الله" تحديداً، متجاهلاً كل
مؤسساته الرسمية وشعبه ايضاً.
والصورة التي جمعت الرئيسين
السوري والايراني مع الامين
العام ل"حزب الله" السيد
حسن نصرالله ليست جديدة في
معناها السياسي باعتبار ان هذا
الحلف ليس طارئاً في المشهد
السياسي العام في المنطقة ولا
بالنسبة الى اللبنانيين، ولو ان
تجديده في هذا التوقيت يكتسب
ابعادا اضافية، بل تكتسب هذه
الصورة خطورة من حيث اختصارها
لبنان وكيانه كدولة ومؤسسات
وشعب بحيث تضع لبنان اما تحت
سيطرة هذا التحالف واما تهدد
بأن تمزقه حرب اهلية اذا كان
خارجه. وثمة الزام قسري ومعنوي
مارسه ويمارسه "حزب الله"
من حيث مسؤوليته كطرف لبناني في
الاضطلاع بهذا الدور في وجه كل
الطوائف والمؤسسات والاحزاب
والشعب في لبنان بمن فيهم
حلفاؤه المسيحيون بنوع خاص ومدى
استعدادهم للدفع من ثمن ابنائهم
ومصالح بلدهم لمواجهة ينوي ان
يقودها الرئيس الايراني ضد
اسرائيل لمصالح بلاده ما دام
الملف النووي الايراني على
المحك راهناً. والخطورة في هذا
الاطار تجرؤ وزير الدفاع
الاسرائيلي ايهود باراك على
تهديد لبنان من واشنطن نتيجة
المشهد السوري الايراني في
دمشق، في حين لم يوجه تهديداً
مماثلاً لا الى سوريا ولا الى
ايران، أي أنه يستبيح لبنان
كساحة ايضا. وهناك جانب من
كلام نجاد يثير التساؤلات من
زاوية تحذيره اسرائيل من تكرار
اخطاء الماضي، كما قال، لئلا
تتعرض للزوال، اذ لا يفهم في
المنطق البديهي للأمور لماذا لا
يترك اسرائيل ترتكب الاخطاء من
اجل ان تتولى بلاده ازالتها، في
حين أنه يحذرها على نحو مسبق.
كما لا يفهم ايضا لماذا لا
يقتلعها من جذورها كما يهدد
بدلا من انتظار اسرائيل ارتكاب
"اخطاء الماضي" في حين ان
اخطاء الحاضر اكثر فداحة في ما
يحصل على الصعيد الفلسطيني، وهي
استكمال اخطاء الماضي. اما بالنسبة الى التساؤلات التي اثارها
الموقف السوري فلا تتعلق في
الدرجة الاولى بتكرار الرئيس
السوري "ان دعم المقاومة واجب
اخلاقي ووطني في كل وطن وواجب
شرعي" بما يعني صراحة استمرار
المواجهة بدماء اللبنانيين
والفلسطينيين دون سواهم من
الشعوب العربية، ولو ان لدى
سوريا ارضاً محتلة على رغم
خطورة ذلك، بل تتصل بابعاد
الكلام السوري ومقدار ما هو
موجه منه الى الداخل العربي
ولطمأنة الحليف الايراني القلق
عبر قوله "اتمنى على الاخرين
الا يعطوا دروساً عن منطقتنا
وتاريخنا، ونحن نحدد كيف تذهب
الامور، وما يتصل منه بتوجيه
الرسائل حول امكان توظيف سوريا
علاقاتها من أجل تليين موقف هذا
الحليف". فالمشهد الايراني
السوري، اذا صح انه مشهد تحالف
مواجهة، فهذه الرسالة موجهة من
سوريا ليس الى اسرائيل بمقدار
ما هي موجهة الى الاميركيين،
واكثر الى الاوروبيين. فحتى الان، نقطة القوة الوحيدة التي
يفاخر بها الرئيس الفرنسي
نيكولا ساركوزي هي فتح المجال
أمام فك العزلة عن سوريا
واعادتها الى الاضطلاع بدور
اقليمي جدير بطموحاتها على
قاعدة أن مقاربة الحوار معها
أفضل من مقاطعتها من أجل
إبعادها عن التحالف مع ايران
وتقديم البدائل الموضوعية لها.
وهذا المنطق الفرنسي كان وحيدا
لمدة قصيرة وموضع انتقاد اميركي
حتى تغيرت الادارة الاميركية
التي ارتأت تجربة الحوار لابعاد
سوريا عن ايران والانفتاح خطوة
بعد أخرى. فكيف سيكون الرد
الفرنسي والاوروبي عموما،
وتالياً الاميركي على هذا
المشهد، علما أن الانفتاح على
سوريا لم تكتمل فصوله بعد ولم
تكد تمر سوى ايام قليلة على
زيارة رئيس الحكومة الفرنسية
فرنسوا فيون لدمشق لحضها على
أداء دور تليين مواقف طهران
وليس الوقوف معها في خندق واحد؟
وهل تعتبر فرنسا مثلا انها
اخطأت في شأن الرئيس السوري
ورهانها عليه عندئذ، وتحرج
نفسها نتيجة حماستها الزائدة
ازاء سوريا في المرحلة الماضية
امام الولايات المتحدة، أم انها
ستحاول ان تقرأ تفسيرات مختلفة
للمشهد السوري الايراني على وقع
رسائل مضمرة وليست استعراضية
تكتيكية في هذا المشهد، هي
ضرورة من ضرورات المعركة
الاعلامية والسياسية؟ اسئلة لم تتوافر الاجابة عنها بالنسبة
الى مصادر ديبلوماسية عدة. لكن
يعتقد انها ستكون محرجة جدا
للغرب وحتى لبعض العرب، اذا كان
المشهد السوري الايراني صحيحا
في كل ما عناه شكلاً ومضموناً. ============================= تركيا.. بين انقلاب الجيش
والانشغال بالداخل محمود ابراهيم الحويان الدستور 28-2-2010 المتابع للوضع الداخلي التركي ، يعرف ان
هذه المحاولة الانقلابية
الاخيرة ، التي قام بها الجيش ،
ليست الاولى ، وربما لن تكون
الاخيرة ، وقد حدث ان تدخل الجيش
حتى بدون انقلابات ، بان فرض
رايه على الحكومة ، قبل فترة من
الزمن. ولكن المهم في المحاولة الاخيرة ، التي
تورط فيها جنرالات كبار وضباط ،
كانوا يخدمون في مواقع حساسة ،
تعني اكثر من بعد ، سواء على
الصعيد الداخلي التركي ، ام
الخارجي. الحكومة التركية برئاسة رجب طيب اردوغان
، ذلك الرجل الذي لا يبدو ابدا ،
كرئيس للوزراء ، بقدر ما هو قائد
صارم حازم ، وهذا ما بدر منه في
اكثر من مناسبة ، حين فرض وزن
تركيا على العالم الغربي ،
وخاصة الولايات المتحدة
الامريكية. ولقد اعترف المسؤولون الاتراك ، انهم
بالغوا كثيرا باللهاث خلف
اوروبا ، من اجل ان تضمهم تحت
جناحها ، ليصبحوا عضوا في
الاتحاد الاوروبي ، وهم يملكون
الكثير من المزايا ، وتنطبق
عليهم الكثير من الشروط. لكنهم - أي الاتراك - ، كانوا يصرّحون
بانهم يلهثون خلف سراب ، لدرجة
ان احدهم قال يوما (كنا اول
المسلمين ولا نقبل ان نكون اخر
الاوروبيين) لان الدول
الاوروبية ، تدرك ان تركيا
القوية ، ليس من السهولة
استيعابها ، لسبب واحد ، انها
مسلمة. ولقد برزت احداث على مستوى دول الجوار ،
فرأينا ان كل الاتفاقيات ،
والعلاقات الدبلوماسية التي
تربطها مع اسرائيل ، لم تمنعها
من الوقوف في وجهها ، بل انها
قامت باهانة رموز الدولة
العبرية ، وعلى الفضاء. هذا بالاضافة الى ذلك الموقف الصريح
والقوي ، الذي عبّرت عن انقرة ،
في احداث غزة ، والهجوم المدمر
على القطاع ، ليخرج الشارع
التركي عن بكرة ابيه ، رافضا
ومنددا ولاعنا لاسرائيل ، ومن
وراء اسرائيل. حتى ان السينما التركية ، قامت بانتاج
فيلم يصور القتل الاسرائيلي ،
والغطرسة والهمجية والاثخان
وما يمارسه جنود الاحتلال
الاسرائيلي ، ضد الامنين
والعزّل والاطفال في القطاع ،
مما حدا باسرائيل ، الى ان تحتج
لدى انقرة ، وتعنف سفيرها. لقد كان الموقف التركي الرسمي والشعبي ،
يتناغمان بصورة واضحة ، وهذا
اثر في اسرائيل ، لانها تعرف حجم
تركيا ونفوذها ، وكونها قوة
ضاغطة مؤثرة ، على الصعيد
الاقليمي. وبنفس الوقت كانت انقرة تسارع للتقارب مع
عمان ودمشق فكانت الزيارات
الحميمة والاتفاقيات والتعاون
على مختلف الصعد ، يزيد من قلق
اسرائيل ، وهي ترى ان الدول
العربية ، كسبت ود دولة كبرى
كتركيا. ولم يكتف الاتراك بذلك ، بل انهم حضروا
جميع المؤتمرات العربية ، وكان
حضورهم يشد من عضد العرب ، وتم
الترحيب به على اعلى المستويات
، لكن وللاسف الشديد ، انهم لم
يحسنوا استغلاله بشكل كبير ،
حتى هذه اللحظة. ما جرى قبل ايام ، عن الكشف عن خلية كبيرة
في الجيش التركي ، فيها رتب
عالية ومواقع حسساسة ،
والمحاولة للانقلاب على حكومة
اردوغان الشرعية ، التي جاء بها
الشعب التركي ، من خلال صناديق
الاقتراع ، يضع اسئلة كثيرة. اولها حساسية التوقيت ، فما الذي يريده
هؤلاء الضباط ، وهم يعرفون
شرعية الحكومة ؟ وما الذي لم
يعجبهم من تصرفات رئيسها في
الفترة السابقة ؟ بمعنى ان
المقصود هو رأس اردوغان ؟ومن
وراء هذه المحاولة ؟ ولماذا
الان ؟. تركيا تقترب بقوة من كل دول المنطقة ، فهي
مقبولة من كل دور الجوار ، بما
فيهم ايران ، التي تغرد خارج
السرب (على راي الامريكان) ، بل
انها حاولت اكثر من مرة ، ان
تقنع طهران بمزيد من التعاون ،
والبعد عن التسخين ، المؤدي الى
الحرب. الان الاعتقال تم ، وكل المتهمين سيمثلون
امام القضاء العسكري ، والحكومة
تقول انها تريد تطبيق القانون
بحذافيره عليهم ، فهي في موقع
المدافع عن مصلحة الامة التركية
، وهي تمثل حوالي سبعين مليون
تركي. وبالتالي ما الذي سيكشفه التحقيق؟ وهل
سنتفاجأ بان ايدي اليهود خلفه ؟
وانها حرّكته ونمّته ودعمته ،
وربطت توقيته ليكون الان ،
لحساسية الموقف التركي ، ورغبته
بعدم تاييد ضربة جوية لايران؟. هل فعلها الموساد وانشأ الخلية ؟ هناك
اكثر من ثلاثين الف تركي يهودي
في تركيا كمواطنين ، وبالرغم من
قلة عددهم ، الا ان لهم نفوذا
كبيرا في المؤسسات والمراكز ،
وقد ابدوا انزعاجهم قبل فترة ،
من التوتر بين انقرة وتل ابيب. ان الذي خطط للانقلاب ، واشغل تركيا
واردوغانها ، بهذا الموضوع
الحساس والخطير ، اراد شيئا
واحدا فقط ، وهو ابعادها عن
الساحتين العربية والايرانية ،
لفترة من الوقت ، قد تمتد لاشهر. وهي فترة كافية ، لتنفيذ مأرب له ، سواء
على صعيد الانقضاض على حزب الله
في جنوب لبنان ، ام باعادة
احتلال مدن الضفة الغربية من
جديد ، ام بتوجيه ضربة جوية
ساحقة ، لبوشهر. اردوغان لن يرحم المتورطين وبالقانون ،
لكن الى أي مدى ستتصدع تركيا من
الداخل؟ وتتطور الامور؟ لكن
مهما حصل هناك ، فان العرب
وقضيتهم ، سيكون لهم النصيب
الاكبر من الخسارة. الموساد اخطبوط ، والسي اي ايه ايضا له
مصلحة ، الم تبد واشنطن اكثر من
مرة ، انزعاجها من انقرة ، فيما
يتعلق بالقضايا العربية ، وخاصة
الملف الفلسطيني؟ من الان الى
تموز القادم ، اشهر ثقيلة ، فمن
يدري ، ربما تتكشف عن تداعيات
خطيرة على صعيد المنطقة ، نتمنى
جميعا ان لا تحدث. ============================= نتنياهو وميلوسيفيتش
الجريمة والإغضاء!! عاصم العابد الرأي الاردنية 28-2-2010 لقد بلغت القلوب الحناجر وبلغت السيول
الزبى، ولم تعد اسرائيل تضع اي
ساتر، حتى ولو ورقة التوت امام
العالم وشرعيته المهانة
المداسة اسرائيليا، فمن تقويض
اركان المسجد الاقصى المبارك
الى سرقة الحرم الابراهيمي
الشريف ومسجد بلال بن رباح الى
تهويد القدس وتشريد اهلها الى
بناء عشرات المستوطنات على
امتداد الضفة الغربية الى ملء
المعتقلات بالاحرار والمدافعين
عن الحرية والاستقلال الى جدار
الفصل العنصري الى تدمير لبنان
وغزة واغتيال اهلها الى فرق
الموت المتنقلة في الضفة
الغربية المحتلة الى اغتيالات
في شوارع وفنادق الدول المستقلة
اعضاء الامم المتحدة في دمشق
وطهران ودبي. ولو ان دولة تقارف البشاعات والجرائم
والارهاب الرسمي على مستوى
الدولة، الذي تقارفه اسرائيل
جهارا نهارا وتمارس اوضح درجات
احتقار الشرعية الدولية ،
لتنادت دول العالم الحر ولشكلت
قوات اممية مدججة ولضربتها
الطائرات والصواريخ المجنحة
ومدفعية البوارج الاممية، كما
ضربت قوات حلف شمال الاطلسي -
الناتو - المكونة من 18 دولة،
صربيا، في شهر آذار عام 1999 لمدة
11 اسبوعا والحقت بها خسائر تقدر
ب 100 مليار دولار في عملية «ملاك
الرحمة» التي اوقعت نحو 10000 قتيل
وجريح. ولو قارنا الفظاعات والجرائم الوحشية
والابادة الجماعية ،التي
اقترفها الرئيس الصربي الهالك
سلوبودان ميلوسيفيتش،
بالفظاعات وجرائم الابادة
الجماعية التي ارتكبها كل قادة
اسرائيل دون استثناء، بدءا من
دافيد بن غوريون الى شاريت الى
اشكول الى غولدا مائير الى
رابين الى بيغن الى شامير الى
بيريز الى باراك الى شارون الى
اولمرت الى نتنياهو، لوجدنا
ميلوسيفيتش حملا وديعا بالنسبة
لقادة اسرائيل السفاحين مرتكبي
المذابح والجرائم والابادة
الجماعية بحق الشعب الفلسطيني
وكل شعوب الجوار. ويحزننا ان وزراء خارجية اوروبا لم
يجرؤوا على ذكر اسرائيل في
بيانهم المتعلق باستخدام
اسرائيل جوازات سفر اوروبية في
تنفيذ جريمة ارهابية هي جريمة
اغتيال الشهيد المبحوح،على
الرغم من ان الصحافة
الاسرائيلية لم تعد تتحدث عمن
ارتكب تلك الجريمة ، فمرتكبها
هو الموساد وليس غيره على
الاطلاق حسب تلك الصحافة، بل
تتحدث الصحافة الاسرائيلية عن
الاخطاء والخطايا المهنية التي
شابت تنفيذ تلك الجريمة والاذى
الذي سيلحق بصورة اسرائيل في
اوروبا والعالم، بسبب عدم
اكتفائها بشن الحروب دوريا على
جيرانها، بل هي تطارد
الفلسطينيين وتغتالهم دون
محاكمات او قانون، سوى قانون
الغاب. ان إسرائيل ترتكب كل انواع الجرائم، في
الزمان والمكان الذي تختاره،
ولا تتوقف عن ذلك ولا تخشى
عقابا، لأنها مطمئنة الى ان «ملاك
الرحمة» لن يزورها، ولأن ظهرها
مستند الى اكبر جدار في العالم
هو جدار حليفها الاسترتيجي
المطلق اميركا.ولأن احدا في
العالم لا يجرؤ على مجرد ذكر
اسمها في بيان ادانة جريمة يجمع
العالم – سرا – على انها هي
مرتكبتها. لا يوجد رادع للوحش المنفلت من عقاله،
فالفلسطينيون في اسوأ احوالهم،
يتصارعون على حطام كرسي والاقصى
ينهار والحرم الابراهيمي يهوّد
والقلنسوة اليهودية توشك ان
تغطي وجه كنيسة القيامة
والمستوطنات تشق عنان السماء،
وقد حققت القيادات الفلسطينية
الحكيمة، ذات الافق
الاستراتيجي والتضحية من اجل
الوطن، حققت لشعبها، بالسلاح
والبارود والدم، القطيعة
والدمار والفرقة التي ستستمر
على اقل تقدير 20 سنة. والعرب في
اعمق سبات، وضغائنهم والاحقاد
بينهم مماثلة للضغائن والاحقاد
التي تتفشى بين فتح وحماس،
والعالم الحر المتمدن والقوى
السوبر!! تعمل بالقطعة
وبالمصلحة الفاقعة وتحسب
مواقفها وتأييدها على «الكلكوليتر
الرقمي»، تحترم القوي وتتعامل
معه وتدخل معه في شراكة
استرتيجية طويلة الامد، وتزدري
الضعيف وتستغله وتمتصه
وتستبدله بغيره، وتسلف موقفا في
هذه الهيئة الدولية او تلك لمن
يتاجر معها!! لا يوجد ادنى
اعتبار اذن للقيم والمباديء
والحق والعدل. المصالح فوق
القانون وفوق العدل وفوق الضمير. «ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما
بأنفسهم» صدق الله العظيم. ============================= عملية اغتيال المبحوح ...
نجحت ولكنها أسقطت هالة
الموساد ترجمة الأحد 28-2-2010م إعداد وترجمة :أحمد أبوهدبة الثورة لاتزال قضية اغتيال القيادي في حماس «محمود
المبحوح» في دبي تتفاعل في
الساحة السياسية الإسرائيلية, فيما لاتزال القضية ذاتها، الشغل الشاغل
للصحافة الإسرائيلية ولاسيما
بعد نجاح شرطة دبي في كشف المزيد
من التفاصيل حول القضية والتي
لم يسبق لأي قضية أن حظيت بمثل
هذا الاهتمام في الصحافة
الإسرائيلية منذ فضيحة الموساد
في مصر المعروفة بفضيحة «لافون»
في الخمسينيات. عملية هواة فاشلة فشعور الجمهور والزعامة السياسية في
إسرائيل بالرضا، وكيل المديح
لجهاز الموساد ومن يقف على
رأسه، سرعان ما تلاشى ليحل محله
شعور من الإحباط والفشل، لتسقط
الهالة الكبيرة التي يحاول
زعماء إسرائيل إضفاءها على
الموساد وقادته، خاصة بعد
المؤتمر الصحفي الذي عقده قائد
شرطة دبي ونشرت خلاله صوراً
وأشرطة فيديو مصورة لأفراد
مجموعة الاغتيال، ما حول
العملية إلى عملية «هواة فاشلة»
بحسب معاريف، وبالتالي وضع
الموساد وحتى المؤسسة السياسية
الإسرائيلية في مرمى سهام النقد
القاسية، إذ لم تتورع الصحف
الإسرائيلية عن وصف العملية
بأقسى وأشد أوصاف الفشل
والخذلان وكذلك الشارع
الإسرائيلي الذي لم يعتد انكشاف
خلايا الموساد بشخصياتهم
وصورهم كما حدث في دبي. من هو البطل الحقيقي؟! وتلقفت الصحف الإسرائيلية كافة الصور
التي وزعتها شرطة دبي، التي
أدهشت الإسرائيليين بقدرتها
على الربط بين كافة خيوط
الجريمة ورسم صورة مسرحها
واكتشاف القتلة وفضح صورهم
وطريقة تزييف جوازات السفر
لدرجة جعلت الإسرائيليين الذين
ادعوا أن عملاء الموساد انتحلوا
شخصياتهم دون معرفتهم، حبيسي
منازلهم، وشعور الخوف لدرجة
أنهم لم يعودوا قادرين على
الذهاب إلى الدكان بحسب إيتان
هبار الذي نشر تعليقاً صغيراً
في صحيفة «يديعوت أحرونوت» تحت
عنوان: «حتى إلى الدكان لا
يمكنهم الذهاب». فيما أثنت معظم تحليلات الصحف
الإسرائيلية على شرطة دبي
وقدرتها على ربط خيوط المؤامرة
من أشرطة الفيديو إلى الصور
الفوتوغرافية وصولا إلى
تسجيلات المحادثات الهاتفية
لرسم الصورة الكاملة لتفاصيل
الجريمة، وكشف هوية المجرمين
دون أن يغفل مهاجمة الجهة التي
نفذت الجريمة ممتنعاً عن ذكر
الموساد بالاسم لاعتبارات
سياسية ورقابية أمنية. فقد كتب رونين برغمان في يديعوت أحرنوت
بهذا الخصوص: «أن شرطة دبي هي
البطل الحقيقي لعملية
الاغتيال، وأن من أرسل فريق
الاغتيال لم يتوقع تمتع شرطة
هذه الإمارة بالذكاء والقدرة
على كشف خيوط الجريمة، وإذا صح
هذا التقدير فإن الحديث يدور عن
فشل حقيقي واصفا الأيام الأخيرة
التي مرت على مجتمعات المخابرات
الدولية بالتاريخية والعاصفة
التي تركت خلفها سؤلاً كبيراً
كيف استطاعت شرطة دبي ربط كافة
الخيوط والخروج بالصورة
الكاملة التي شخصت ورصدت القتلة
خلال تنفيذهم للجريمة؟». نكتة ثقيلة ويضيف برغمان: «بكل بساطة يمكن القول: إن
عملية الاغتيال ورغم نجاحها في
تحقيق الهدف الرئيسي «تصفية
القائد الحمساوي» تحولت داخل
أروقة المخابرات ودهاليز
السياسة الإسرائيلية، وكذلك
على صفحات الصحف إلى نكتة ثقيلة
الدم على قلب مئير دغان وجهاز
الموساد عموماً، فبعد الاحتفال
المتسرع بالنصر النظيف جاء دور
شرح أسباب الفشل الاستخباري
الذي أدى إلى حرق فريق اغتيال
كبير مكون من أحد عشر عميلاً
خرجوا جميعا من دائرة الفعل
الميداني بسبب نشر صورهم
والتعرف على شخصياتهم، إضافة
إلى الضرر الكبير الذي لحق
بشبكات أخرى منتشرة في أوروبا
ودول عربية وقطاع». ويذهب صحفيون إسرائيليون آخرون لتحميل
الجهاز السياسي في إسرائيل،
وخاصة الحكومة ورئيسها مسؤولية
مايحصل الآن من تداعيات في
أعقاب عملية الاغتيال وعلى ضوء
استدعاء بعض الدول الأوروبية
لسفراء إسرائيل من أجل
الاستيضاح حول استخدام الموساد
لجوازات سفر خاصة برعايا هذه
الدول، إذ كتب يوئيل ماركوس في
هآرتس مقالا تحت عنوان «بيبي»:
أنه إذا كانت صحيحة الأنباء أن
إسرائيل ضالعة في (عملية اغتيال
المبحوح) في دبي، من الصعب أن
نفهم كيف أن بيبي (بنيامين
نتنياهو) الذي يأخذ جانب الحذر
الشديد إزاء الفشل والتورّط،
يمكنه أن يصادق على مثل هذه
العملية. أولا، بمجرد القرار
بتصفية المبحوح حين توقعت دول
مثل الولايات المتحدة
وبريطانيا هذا الأسلوب، في عالم
باتت فيه الرقابة متشددة،
الاستخبارات الإلكترونية
منتشرة، حتى تفاصيل التفاصيل
ومن الصعب عدم الانكشاف.
ثانياً، من ناحية الكلفة حيال
المنفعة، أولم يكن من المفضل
ملاحقة المبحوح الذي اشتغل في
مجال المشتريات لكشف مصادر
مشترياته ومساراتها، بدلاً من
تصفيته؟ ثالثاً، على فرض أن كل
مصفى يوجد بديل، هل تساوي
التصفية الثأر الذي هو أحياناً
كبير جداً؟ أنظروا العملية
الفتاكة في الأرجنتين كردٍّ على
تصفية زعيم حزب الله السابق
عباس الموسوي. وانتقد الكاتب
اختيار دبي المليئة بشبكة مكتظة
من الكاميرات كساحة للتنفيذ،
قائلاً: لا أدري من صادق على
العملية في أيام المشكلة
الأمنية الأساسية فيها هي
إيران؟ يمكن التخمين، أنه من
دون تصديق رئيس الوزراء ما كانت
لتنفذ. ومع مراعاة الحذر الشديد
الذي يتخذه كي لا يفشل، من
المفاجئ أن هذه المرة أدى دور
العميل بسبعة أخطاء. الخسارة أكبر من الانجاز بدوره تساءل بن كسبيت في معاريف كما في
اغتيال موسوي ومحاولة اغتيال
مشعل الفاشلة، بعد اغتيال
المبحوح، كيف ومن أجاز عملية
الاغتيال. ويقول: إن من الصحيح
أن المبحوح قد اغتيل، وأن
العملاء عادوا إلى قواعدهم
بسلام، لكنهم بالمقابل لا
يستطيعون الآن التجوال في
العالم، وإذا كانوا قد اقتطعوا
من وحدة التصفية في «الموساد»
التي تسمى «كيدون»، فإن الوحدة
قد فقدت جزءاً ذا شأن من قوتها.
كما أن بريطانيا وإيرلندا
ودولاً أخرى، التي صداقتها «لإسرائيل»
مهمة، انتابها الغضب، علاوة على
أن «إسرائيليين» غافلين تبين
لهم أن هوياتهم استعملت. وليس
هذا بسيطاً». ورغم أن الاتجاه السائد في إسرائيل هو
القول: إن الضجة القائمة في
العالم حول جوازات السفر سوف
تتلاشى بسرعة، عملاً بالقاعدة
المتبعة بين الموساد وكثير من
أجهزة الاستخبارات الغربية
بالموافقة الصامتة على عمليات
الموساد ضد حماس، فإن هناك من
يشدد على أن الخسارة كانت أكبر
بكثير من الإنجاز. وكما يقدر بعض
الخبراء في الشأن الأمني
الإسرائيلي أن الإنجاز
الإسرائيلي كان تكتيكياً، لكن
الإخفاق فعلياً كان
استراتيجياً. فيما ذهب بعض
المعلقين للقول: إن أداء
الموساد الفعلي كما تبدى بالصوت
والصورة، كان أقرب إلى فعل
الهواة منه إلى فعل المحترفين.
يوسي ميلمان المعلق المعروف للشؤون
الأمنية في صحيفة هارتس رأى أن:
«الأمر مسألة وقت وأموال إلى أن
تتمكن بيروت ودمشق وعمان من نصب
شارات ممنوع الدخول للنشاط
السري على أراضيها. فعندما
تتحول هذه إلى مدن ذكية، أي
عندما تنشر تكنولوجيا متقدمة
وتنشر شبكات من كاميرات الأمان،
فإن ما هو متوفر اليوم لن يبقى
كذلك. فرغم عداء الأنظمة
العربية فإن رجال الاستخبارات
الإسرائيليين، وخصوصا الموساد،
لم يتعذر عليهم في الأربعين
عاماً الأخيرة التغلغل في
عواصمهم. ويخلص ميلمان إلى أن
عهداً بكامله قد انتهى فعلياً
أو على وشك الانتهاء. أما عوفر شليح في معاريف فيعتقد أن
التقنيات الحديثة المستخدمة
اليوم تجعل من عمليات الموساد
أكثر تعقيداً وصعوبة، وخصوصاً
إذا ما عممت تجربة دبي في كثير
من العواصم الذي يرى الموساد
فيها ساحة رئيسية لعمليات
الاغتيال المشابهة: الأمر
المثير للاهتمام في قصة المبحوح
ليس الهوية الحقيقية للعميلين «كيفن»
أو «غيل» وإنما العالم الجديد
للمراقبة وتحليل المعلومات
الذي تبدى لنا. فشرطة دبي التي
لا تحظى بذرة من الهالة التي
تحيط بالموساد، أفلحت بصبر
وأناة وحكمة في أن تركب سوياً
صور كاميرات مختلفة في المطار
وفي الفندق، وشذرات من مكالمات
هاتفية على جهاز الهاتف الخلوي
ومعطيات نظام مراقبة الجوازات,
من أجل أن ترسم مسار القتلة. الأخ الأكبر.. يرى ويفهم أيضاً إن من أرسل هؤلاء أخذ بالحسبان أن هناك
كاميرات في الفندق، والدليل هو
القبعات والشوارب، لكن لم يخطر
بباله أنهم عندما يقولون: إن دبي
«مدينة آمنة» يقصدون فعلاً الأخ
الأكبر الذي لا يرى فقط، وإنما
يفهم أيضاً ما يرى. في الخلاصة، يجمع المحللون الإسرائيليون
وجميع كتاب الأعمدة في الصحف
الإسرائيلية على أن عملية
اغتيال المبحوح قد نقل العالم
دفعة واحدة إلى العصر الجديد
الذي لن يكون ممكنا فيه عمل أي
شيء سري دون تفوق تكنولوجي يسمح
بالتشويش و التحكم بمخازن
المعلومات والصور. في الوقت
الذي أكثر فيه معلقون
إسرائيليون على شاشات
التلفزيون من حني هاماتهم
احتراماً وتقديراً لشرطة دبي
وقائدها الفريق ضاحي خلفان.
وينبع هذا التقدير، على وجه
الخصوص، من نجاح شرطة هذه
الإمارة، وتحت الأضواء، في أن
تعرض على العالم بأسره، بالصوت
والصورة، حقيقة أسطورة يحاول
جهاز الموساد الإسرائيلي
بناءها في الظلمة، فالدقة
والسرعة التي أظهرت فيها شرطة
دبي قدرتها على استعادة رسم
صورة ما جرى أنتجت فيلماً
حقيقياً بحبكة درامية حول
الجريمة الإسرائيلية وبتركيز
على الوجوه والأسماء. حرب باردة في الشرق الأوسط وهناك من تناول عملية الاغتيال من زاوية
واسعة كما فعل ألوف بن في مقالة
تحت عنوان: حرب باردة في الشرق
الأوسط: قائلاً: «تصفية محمود
المبحوح في دبي، المنسوبة إلى
إسرائيل، كانت تعبيراً آخر عن
الحرب الباردة، التي تدور رحاها
بكل القوة بين إسرائيل وإيران.
القوتان الإقليميتان العظميان
تتصارعان على القوة والنفوذ في
الشرق الأوسط، تهددان بالإبادة
المتبادلة وتزعجان الواحدة
الأخرى في عمليات سرية.
المواجهة بينهما تدور حول ذلك
منذ سنوات عديدة، ولكن في الشهر
الأخير احتدمت التصريحات عن حرب
ساخنة من شأنها أن تندلع في «سنة
الحسم 2010» الادارة الأمريكية
تحاول الآن تهدئة الخواطر،
تلطيف الأمور، منع الانفجار.
هذا هو التحدي الإقليمي لباراك
أوباما . فيما اعتبرت سمدار بيري في يديعوت
أحرونوت أن تداعيات اغتيال
المبحوح قد وضعت قادة الأجهزة
الاستخبارية الإسرائيلية أمام
عهد جديد لايستطيعون خلاله
المحافظة على الغموض والهالة
التي يحرصون أن يحيطوا أنفسهم
بها: «يحبون في أروقة الموساد
الحديث عن داني يتوم، رئيس
المنظمة سابقاً، الذي كان يجب
عليه في أحد أسفاره إلى الخارج
أن يطمس على هويته وتنكر بجمة (باروكة)
على رأسه. في مطار بن غوريون
التقاه صديق خدم معه في الجيش
ولم يره منذ التسريح، أي منذ 20
سنة. جرى الصديق نحو يتوم
المتنكر والمغطى بأذرع مفتوحة.
«أهلا داني، ما الذي تفعله هنا
سأل وجهد في أن يضيف «لم تتغير
حقاً» إن جمة الشعر التي زيدت
على صلعة يتوم أعادت إليه شيئاً
من منظر شبابه، لكنها أحرقته في
لحظة. يقولون في الموساد: إنه من
حسن الحظ أن هذا حدث في مطار بن
غوريون لا في مطار أجنبي. في
دبي، في مقابل ذلك، لم يعرف أحد
حقاً المغتالين ال 11 أو ال 17 كما
تزعم «تايمز» اللندنية لمسؤول
حماس الكبير محمود المبحوح، لكن
عدسات تصوير الحراسة المنتشرة
في كل ركن التقطت تقريباً كل
حركة لهم منذ لحظة نزولهم، وإلى
تجوالهم في الفنادق وفي مراكز
الشراء، وإلى أن طرقوا باب غرفة
المبحوح. ============================= هل سوريا معرّضة للزوال
ما لم يكن حكمها استبدادياً؟ المستقبل - الاحد 28 شباط 2010 العدد 3580 - نوافذ - صفحة 10 ياسين الحاج صالح ليس واضحا إن كان الصديق حازم صاغية
مؤمّنا على ذلك "الدرس الغني"
الذي يُفترَض أن "الأسد الأب"
استخلصه من تاريخ سوريا بين
أربعينات القرن العشرين
وتسلِّمه زمام الحكم عام 1970: "إّما
أن تبقى سوريّا في ظلّ استبداد
عسكريّ وديكتاتوريّ وإمّا أن
تزول هي نفسها". (مقالته "صحيح
..ولكن غير كامل، تعليق على كلام
الأسد: لبنان ولاّدة حروب أهلية"
موقع "لبنان الآن"، 8 شباط
2010). هذا طرح حدّي ومقلق، يستبعد
جوهريا إمكانية بقاء سوريا
موحدة ومتماسكة في ظل نظام وطني
إصلاحي، كيلا نقول ديمقراطي.
وهو إذ يحصر خيارات السوريين
بين نظامهم الحالي وبين انهيار
بلدهم، فإنه يحكم على تطلّعات
طيف متنوع منهم بالإعدام، ويعزز
دعوى النظام الذي ما انفكّ
يماهي سوريا بذاته، مزاوجا أية
احتمالات لزواله بزوال البلد
ذاته. هذه الاعتبارات العملية
وحدها تكفي للتحفظ عن "الدرس
الغني". لكن هل سوريا معرّضة بالفعل للزوال ما لم
يحكمها "استبداد عسكري
وديكتاتوري"؟ حازم محق في الإشارة إلى أن "المجتمع
والروابط السابقة على الدولة
والوطن (طوائف، مناطق، عشائر
الخ)" بمثابة "ولادة للحروب
الأهلية" (العبارة التي نسبت
للرئيس بشار الأسد في حوار
أجراه معه سيمور هيرش ونشر مطلع
شباط الجاري) "حين لا يقترن
وجودها بثقافة تعايش وتسامح
وبتحكيم الشرعيّة الدستوريّة
في ما بينها". وسخطه مبرّر على
تخصيص لبنان وحده بهذه الصفة،
فيما هي "لازمت وتلازم العالم
ما بعد العثمانيّ برمّته، بما
في ذلك سوريّا نفسها". لكن
يبدو لي أن التركيز على "ثقافة
تعايش وتسامح" وعلى "شرعية
دستورية" تتحكم بالعلاقة بين
الروابط دون الوطنية يضع بين
قوسين الشيء الأساسي، أعني دور
نخبة الحكم والنخب السياسية
عموما في تطوير سياسات معززة
للتماسك الوطني أو مضعفة له. هذا
فوق أن الطرح نفسه لا يقول شيئا
عن سبل نشوء ثقافة التعايش
والتسامح تلك والشرعية
الدستورية المأمولة. طبعا لا
يمكن قول كل شيء في مقالة من 550
كلمة، لكن إذا أمكن قول شيء عن
احتمال زوال سوريا ما لم تحكم
باستبداد عسكري ديكتاتوري، فلا
ينبغي أن تكون مفرطةً المطالبةُ
بما كان من شأنه أن يكسر هذه
الحتمية المتصلّبة أو يعدِّلها. لا نركِّز على دور السياسة والفاعلين
السياسيين من باب التحفظ على
منح دور للثقافة نرى أنه مبالغ
فيه فقط، وإنما كذلك للقول إنه
ليس ثمة مجتمعات تتماسك من
تلقاء ذاتها، أو بفضل خصوصية ما
في ثقافتها. المجتمعات التي
تخسر الدور المنظم والدامج
والموحد للدولة ونخبة الحكم
معرضة للتفكك والانقسام على
نفسها. هذا صحيح في أميركا وفي
أوروبا بدرجة لا تقل عن صحته
لدينا. وهو لا يقتضي إنكار دور
الثقافة والنظم القانونية،
لكنه لا يُقرُّ لها بما يزيد على
دور مكمِّل وتثبيتي. مثل لبنان، سوريا تخسر قدرا كبيرا من دور
المركز السياسي والنخبة
السياسية في تشكل الأمة والدولة
فيها. كتبتُ قبل أشهر مقالا بدا
لي فيه أن سوريا ولبنان حلان
فاشلان على حدٍّ سواء لمسألة
بناء الأمة، وأن نموذج أي منهما
ليس بديلا صالحا عن الآخر. في
لبنان ينتقل منطق التعدد
والتنوع الخاص بالمجتمع الأهلي
إلى مقر السيادة الوطنية الواحد
الموحد الذي هو الدولة دون
تعديل تقريبا (ما يثبّت
الأهليَّ ويجعله "طبيعة"
لبنانية لا تزول بغير زوال
لبنان ذاته). أما في سوريا فينقل
منطق السيادة الواحد حتى إلى
المجتمع المدني المفترض (ما
يمنع تشكّله، وما يقف عند حدود
البنى الأهلية كافلا تطبيعها،
بل تجديدها). وبينما يضمن ذلك
"استقرارا واستمرارا"
سياسيين وأمنيين، فإنه يُجرِّد
الجمهور السوري العام من حرياته
ومن قدرته على الانتظام
والمبادرة المستقلين. بالمقابل
يضمن النظام اللبناني درجة
عالية من الحريات العامة، لكنه
مشتهر بتدني استقراره
وبحساسيته المفرطة حيال "الخارج".
ويتوحّد النظامان بهشاشة
داخليهما أو بتدني مستوى
تبنْيُنِهما الداخلي. في سوريا
لأن الداخل مغلق وممنوع من
التفاعل مع العالم حوله والتمرس
بتحدياته وصعابه، وفي لبنان
بفعل فرط انفتاحه والتدفق
الواسع وغير المنضبط للخارج
عليه. الثقافة السياسية التي
تسيِّس السيادة الوطنية ذاتها،
فلا ترى إلا بعدها الداخلي مرة
والخارجي مرة، ليست أرفع شأنا
من تلك التي تنظر إلى البلد
المحكوم كقلعة محاصرة يتهددها
عالم عدواني جوهريا. والثقافة
السياسية الكارهة للبنان سقيمة
جدا، لأنها في الغالب تكره أفضل
ما فيه: حريات سكانه وتنوعه
الاجتماعي وحيويته الثقافية.
لكن هناك بالفعل ما هو كريه
ومتعفِّن في لبنان: نظام سياسي
يحرس انعزال اللبنانيين عن
بعضهم ولا يكاد يعترف بهم إلا
منسوبين إلى طوائفهم، ولا يكف
عن تشويه فضائل لبنان الكبيرة
ذاتها. والقول إن "قوة لبنان
في ضعفه"، ومن المؤسف أن
مثقفا شجاعا لا يتهيب الخرافات
السياسية الكريمة كحازم صاغية
صادق على هذا الشعار في أحد نصوص
كتابه الأخير ("نانسي ليست
كارل ماركس")، لا يَفْضُل في
شيء رد قوة سوريا إلى عضلات
أجهزتها الأمنية. ومن جهتي، لا
أرى كيف يستقيم تطويب ضعف لبنان
قوةً مع مبدأ سيادة الدولة، بل
مع مفهوم الدولة ذاته. هذا كله ليس للقول إن سوريا لن تواجه
مشكلات كبيرة ربما تمس وحدتها
الوطنية وتماسك مجتمعها فيما لو
ارتخت القبضة المستبدة الممسكة
بها. ما من شيء يستند إليه المرء
لنفي هذا الاحتمال في الظروف
الحاضرة للأسف. لكن يبدو لنا أن
هذه الاحتمال أوثق صلة بتكوين
تلك القبضة ذاتها منها
بارتخائها المحتمل. التوكّل
الحصري على أدوات استبدادية في
الإمساك بالبلد هو جذر وضعية
المجتمع الممسوك الفاقد
لتماسكه الذاتي والذي "يفرط"
أو يتبعثر إن لم "تضبّه" من
خارجه يد الاستبداد. أريد القول
إن "الاستبداد العسكريّ
والديكتاتوريّ" و"زوال
سوريا نفسها" ليسا خيارين
متنافيين، بل هما وجهان لبنية
سياسية واحدة، لا تتيح للسوريين
تطوير انتظامات مستقلة أو
التدرب على "التعايش
والتسامح". كانت سوريا بلدا ضعيف الاستقرار السياسي
حقا بين استقلالها وعام 1970 على
ما أظهر حازم بيسر، لكن بعد 40
عاما من الاستقرار يُغرى المرء
بالتساؤل عما إذا لم يكن
الاستقرار السياسي إيديولوجية
تناسب "المستقرين" في
الحكم وتشكل "إفرازا طبيعيا"
لهياكل سلطتهم وعقيدة للفئات
الاجتماعية المنتفعة منها. لا
يكتسب "الاستقرار السياسي"
(و"الأمني"، حسب لازمة
سوريا "مستقرة") قيمة رفيعة
إلا إذا كان البديل الحتمي
الوحيد عنه هو الحرب الأهلية.
والحال إن هذه الحتمية هي
بالضبط لسان حال إيديولوجية
الاستقرار السوريا. وهو ما
تساهل حازم في الإحالة عليه دون
أن يوضح إن كان موافقا على هذه
الحتمية، أو يعتني بإظهار أنها
واقعة مصنوعة سياسيا وليست طبعا
سوريا قارا. إن وضعنا جانبا هذه الجبرية المصنوعة
التي تحب أن تحتجب خلف حتميات
ثقافية (الاستبداد نتاج الثقافة
العربية أو الدين الإسلامي) أو
اقتصادية (الخبز قبل الحريات) أو
جيوسياسية (نحن في حالة حرب)،
فهل ثمة ما يحول جوهريا دون صوغ
سياسة وطنية إصلاحية، تُرقّي
التفاهم الوطني وتوسِّع دائرة
الحريات العامة وتعمل على تطوير
تمرينات تعايش وتسامح عامة،
وتتجه في المحصلة نحو "شرعية
دستورية" تنحكم بالصراعات
الاجتماعية والسياسية
المحتملة؟ وهل إن ما يُرجَّح
وقوعه من صراعات سياسية
واجتماعية، قد تكون واسعة
النطاق إذا تداعت الهياكل
السياسية الراهنة، يعني زوال
سوريا وامتناع بناء وطني جديد
لها؟ لا يسعنا التنبؤ بالمستقبل.
نحاول فقط التشكيك في حتمية
قيامية بدا حازم متقبِّلا لها
ولنتائجها العملية الخطيرة دون
مسوغات مقنعة. نحاول أيضا إفساح
مساحة للفاعلة البشرية الصاحية
ضدا على بنى سياسية تثابر على
إلغائها، وعلى حتميات متشائمة
يُسلِس مثقفون سوريون قبل غيرهم
قياد تفكيرهم لها هذه الأيام. في النهاية، لا يحتمل أن تكون سوريا معرضة
للزوال بزوال "الاستبداد
العسكري والدكتاتوري" إلا
بقدر ما إن لبنان مهدد بالزوال
إن تغير نظامه الطائفي الحالي.
سوريا لا تستنفد في نظامها، رغم
اجتهاد هذا من أجل تفصيلها على
قياسه. وأفترض أن لبنان فائض على
نظامه أيضا. لذلك يمكن لشكليهما
السياسيين أن يزولا دون أن يزول
البلدان. بل لعل فرص نهوض
البلدين وتطورهما مرهونة بزوال
هذين الشكلين، وإن كان مرجحا أن
يتسبب لهما ذلك بمشكلات عسيرة
لبعض الوقت. ويقيني أننا، حازم وأنا، شريكان في
التطلع إلى تغير شكلي بلدينا،
بقدر ما نتوجس مما قد يترتب على
ذلك من مشكلات ومخاطر. ============================= ما هو أبعد من قضية
اغتيال المبحوح بلال الحسن الشرق الاوسط 28-2-2010 شغلت قضية محمود المبحوح في دبي الرأي
العام الفلسطيني والعربي
والدولي، وكانت ولا تزال خبرا
بارزا في الإعلام العالمي. وقد كان العنوان الأساسي لذلك كله حادث
الاغتيال نفسه، ولكن الحادث ما
لبث أن تجاوز ذلك إلى ما هو
أبعد، وأصبح في عملية التجاوز
هذه أمرا يخص أطرافا عربية
ودولية، كما أصبح أمرا ذا علاقة
بالقانون الدولي. نبدأ بالاغتيال كحادث اغتيال فرد. وهنا
نقول إنه منذ أن وجد العمل
الفدائي الفلسطيني، كانت هناك
عمليات اغتيال إسرائيلية
لأفراد فلسطينيين، وكانت هناك
عمليات اغتيال فلسطينية لأفراد
إسرائيليين، وكثيرا ما اعتبر
جميع المعنيين بذلك عمليات
الاغتيال كجزء من الحرب
المشتعلة على طريقتها الخاصة
بين الطرفين. ولكن ما لوحظ أخيرا، أن إسرائيل تجاوزت
عملية الاغتيال الفردي بكثير،
حتى إن إسرائيل اعتمدت الاغتيال
كجزء من عملية الصراع العربي -
الإسرائيلي. وحين خيم جو الحرب
على المنطقة كلها، بدت الأطراف
المعنية، وفي المقدمة منها
إسرائيل، حذرة تجاه عملية بدء
حرب ما. شعرت إسرائيل أنها
تستطيع أن تحارب وتستطيع أن
تدمر. ولكنها لا تستطيع أن
تنتصر، فأحجمت عن أن تكون الطرف
المبادر للحرب، لا عربيا ولا
إقليميا. وهنا كشفت بعض
التحليلات الإسرائيلية أن
إسرائيل التي كانت تفكر في ضرب
إيران قد غيرت قرارها بشن حرب
مخابرات ضد إيران. وقال
المحللون الإسرائيليون إن قائد
الموساد، الذي كان ينظر إليه
كعبقرية مخابراتية، وبدأ الهمس
الإسرائيلي يرشحه رئيسا قادما
للوزراء، قد تراجعت سمعته
المخابراتية من انكشاف عملية
المبحوح في دبي، وبدأ ينظر إليه
كمسؤول فاشل. ولكن الاستخلاص
المهم في هذا كله، هو أن تقدم
دولة ما، وهي هنا إسرائيل، على
اعتماد المخابرات وأعمالها ذات
الطبيعة الإجرامية كجزء أساسي
من الاستراتيجية السياسية. وهو
أمر قد لا ترحب به كثير من
الدول، ومن ضمنها دول حليفة
لإسرائيل. البند الثاني المهم هنا، أن إسرائيل وهي
تلجأ إلى أعمال المخابرات كجزء
أساسي من سياسة الدولة ومن
سياسة الحرب، تمادت، واستباحت
أراضي دولة أخرى (الإمارات) من
دون علم تلك الدولة، ومن دون
موافقتها. ويشكل هذا في العرف
السياسي الدولي عملا مستنكرا،
وهو يخلق دائما أزمات بين
الحلفاء، إذ لا يستسيغ أي سياسي
أن تستعمل أراضيه وتسهيلاته
لخدمة دولة أخرى أو لخدمة
مخططاتها العدوانية الخاصة
بها، وكثيرا ما يؤدي هذا
الاستغلال إلى أزمات بين الدول،
وحتى إلى أزمات بين الأجهزة
المتعاونة. والإساءة هنا ليست
إساءة معنوية، رغم أهمية ذلك،
بل هي أيضا إساءة إلى مصالح تلك
الدول. فانكشاف عمليات ضخمة، من
نوع العملية الإسرائيلية
الضخمة التي كشف عنها جهاز أمن
دبي، يوجد حالة قلق وانعدام
أمان، ويؤثر على إمارة دبي وعلى
دولة الإمارات، اللتين تتميزان
بأنهما إمارة ودولة استثمارات
أجنبية كبيرة، فإذا تراجعت هذه
الاستثمارات، أو شعر أصحابها
بالقلق أو بعدم الأمان، فإن
النتائج ستكون سلبية للغاية. البند الثالث المهم هنا، ما كشف عنه تحديد
أسماء ستة أشخاص جدد، من الإطار
المخابراتي الإسرائيلي نفسه،
وكيف أن بعضهم غادر دبي بحرا
باتجاه إيران. وهذا يعني أن
المخابرات الإسرائيلية تستعمل
أرض دبي سرا ضد دولة مجاورة لها.
وهو أمر من شأنه أن يخلق حالة
توتر بين البلدين لا يد لدبي
فيه، ولا يد لإيران فيه، بل
يتحمل هذه المسؤولية كاملة جهاز
الموساد الإسرائيلي. البند الرابع المهم هنا، يتعلق بالدول
التي استعملت إسرائيل
جوازاتها، وكلها دول أوروبية
صديقة لإسرائيل، في تنفيذ عمل
إجرامي أولا، وعلى أراضي دولة
أخرى، لها مع تلك الدول
الأوروبية علاقة صداقة معروفة. لقد شعرت تلك الدول الأوروبية كلها
بالإهانة، وهي تشهد استعمال
الغير لوثائقها الرسمية في
سياسة عدوانية لا تقرها. صحيح أن
ذلك أوجد أزمة دبلوماسية عالمية
لإسرائيل. ولكن من الصحيح أيضا
أن ذلك أوجد أزمة ثقة في تلك
الدول الأوروبية، وأزمة ثقة في
وثائقها على المستوى العالمي
كله. ولا يستبعد من الآن فصاعدا
أن يتعرض أي مسافر من هذا البلد
الأوروبي أو ذلك، إلى مساءلة
أمنية، في هذا المطار أو ذاك
لتدقيق ما إذا كان جواز سفره
بريطانيا مثلا أم إسرائيليا.
ولهذا كله نقول إن هناك ما هو
أبعد من اغتيال المبحوح في دبي.
وهي أمور قد تكون الآن قيد الدرس
في أكثر من عاصمة أوروبية أو
عربية، أو حتى إيرانية أو تركية. إن هذا الوضع يلقي على عاتق دبي مسؤولية
خاصة في الدفاع عن سمعتها
ومكانتها، وفي تأمين الظروف
لسلامة سير اقتصادها من أن
يتعرض للهزات بسبب أمور خارجة
عن إرادتها. لا بد أن نلحظ هنا، أن هذا الوضع سيؤثر على
مكانة إسرائيل في علاقاتها
الرسمية مع دول أوروبا. وإن كنا
نلحظ أن رد الفعل الأوروبي على
تعدي إسرائيل عليها، كان ردا
باهتا، وكثيرا ما تمت صياغته
بكلمات هادئة ومهذبة. واقتصر
الأمر على استنكار الاستخدام
للوثائق، من دون أي استنكار
للجريمة نفسها، وهو تقصير
أخلاقي وسياسي لا بد من تسجيله. نقول ذلك، ونحن نلحظ منذ سنوات تنامي
الاستنكار الشعبي الأوروبي
للسياسات الإسرائيلية، سواء في
نطاق الاستيطان، أو في تدمير
غزة، أو ضد بضائع المستوطنات،
أو على صعيد التعاون الأكاديمي.
ولا شك أن جريمة اغتيال المبحوح
سترفع من وتيرة الاستنفار
الشعبي الأوروبي، على غرار ما
حدث مع السفير الإسرائيلي في
أكسفورد. لقد تغيرت إسرائيل من الداخل، وانحازت
أكثر وأكثر نحو اليمينية ونحو
العنصرية. وتمادت أكثر وأكثر في
الخروج على أعراف عمل الدول. وكل
هذا لا بد أن تكون له نتائجه
وتداعياته في المستقبل. ويبقى الأمر الأهم، وهو أن يكون هناك موقف
عربي حازم ضد سياسات إسرائيل،
ومن أجل التكاتف مع دبي
وحمايتها. وهي التي أظهرت كفاءة
في عمل جهازها الأمني.. كفاءة
تسجل لها. =================== تأييد الهيئة
الفلسطينية للدفاع عن الثوابت عبد الستار قاسم كنعان 27/2/2010 أعلن فلسطينيون عن تشكيل هيئة للدفاع عن
الثوابت الفلسطينية في مواجهة
التفريط ونهج المفاوضات العبثي
الذي يستنزف الشعب الفلسطيني
معنويا ووطنيا وعاطفيا
واجتماعيا وأخلاقيا. لقد تدهورت
الأحوال الفلسطينية إلى درجة
الاستهتار ليس فقط بالحقوق
الوطنية الثابتة للشعب
الفلسطيني وإنما أيضا بأبسط
القيم الأخلاقية والأعراف
الحميدة، وإلى درجة الهجوم
الشرس على الوعي الفلسطيني
بخاصة وعي الأجيال الشابة التي
من المفترض أنها ستحمل الآلام
والأحزان الفلسطينية إلى خلاص
وحرية، وإلى درجة أن أعداء
الشعب والأمة هم الذين يقررون
للشعب الفلسطيني ويرتبون له
أوضاعه القيادية والسياسية
والاجتماعية والاقتصادية. لم
يعد الشعب الفلسطيني تحت وطأة
الاحتلال فقط أو معاناة
التشريد، وإنما يعاني أيضا من
جهل العديد من القادة وضيق
أفقهم وانغماسهم فيما تسود منه
الوجوه ويلطخ التاريخ ويقبح
الصورة. من المفروض أن يثور شعب فلسطين على أبناء
جلدته الذين يجرونه إلى مهاوي
التمزق والتفتيت والشرذمة
والتنازل والتفريط. لقد خرج
السيل عن كل مجاريه، والساحة
الفلسطينة داخل فلسطين وخارجها
تئن من سلوكيات أهل الجهالة
والزعرنة، ولا بد من عمل يعيد
عقارب الساعة إلى الوراء، أو
إلى تكاتها الصحيحة. خلفنا تراث
مقيت كان قد بدأ عام 1988 بقرارات
المجلس الوطني الفلسطيني التي
اعترفت بإسرائيل، وعلينا أن
نركله خارج التاريخ الفلسطيني. من المحتمل أن تساهم مبادرة الإخوة خارج
فلسطين بجهود إعادة بناء
المجتمع الفسطيني، وإعادة
الصلابة الأخلاقية والاجتماعية
إلى صفوفه، ومن المهم أن نقدم
لها الدعم لكي تنجح. الشكر موصول
للمبادرين، لكن من واجبنا الآن
أن نقف معهم ونساندهم ونقدم ما
بإمكاننا من أجل نجاحهم الذي
سيكون بالتأكيد نجاحا للشعب
الفلسطيني. إنما ندرك أن المهمة التي أخذها
المبادرون على عاتقهم تتطلب
الجهد والوقت والتعب والشجاعة
والتضحيات. نحن الآن في عالم يرى
خطرا في كل حركة فلسطينية تصر
على الثوابت الفلسطينية وتهاجم
اتفاق أوسلو وملحقاته، ولا نظن
أن أنظمة عربية وغربية وأجهزة
مخابرات فلسطينية وعربية
وغيرها ستكون رحيمة أو ستقدم
الدعم والتأييد. بالتأكيد يتوقع
المبادرون الملاحقة والعراقيل،
والإساءة والاعتقال والاتهام،
لكن الصبر والعمل الدؤوب سيؤتي
ثماره في النهاية. وأخال أن
المبادرين يعون تماما أن
الجواسيس والعملاء سيوجهون
إليهم اتهامات العمالة كعادتهم
في مواجهة كل من يقول الحق. لا نتوقع المعجزات من المبادرين، لكن
الزخم الشعبي وراءهم، وتأييد
قطاعات واسعة من الأمة العربية
والإسلامية لهم سيصنع بالتأكيد
ما نتطلع إليه. ========================= الرؤية الاستشراقية
للمسألة الشيعية* *تلخيص لأهم الأفكار الواردة في
كتاب: "الشيعة في المشرق
الإسلامي.. تثوير المذهب وتفكيك
الخريطة" للدكتور عاطف معتمد
عبد الحميد موقع مدارك / 16-02-2010 المستشرق جولدتسهيرارتباك .. تخليط .. تشتت
.. هذه هي السمات الرئيسة التي
تميز الدراسات الغربية في
الموروث الشيعي حيث يختلط النص
القرآني في الوعي الغربي
بالتأويلات، والأساطير
والمفاهيم الفلسفية والواجبات
الدينية ... إلخ وتحتل فكرة الإمامة مكانة هامة في هذه
الدراسات،حيث يبدوالإمام "رجلا
سماويا نورانيا" تتبلور حوله
فكرة الولاية الباطنة لنبوة
ظاهرة. وتصنع ثنائية موازية بين
النبوة والولاية، وبين الظاهر
والباطن، والتنزيل والتأويل. وتبحث مثل هذه الدراسات عن الأبعاد
المانوية ( الصراع الكوني بين
النور والظلمة و قوى الخير
والشر)التي يمثل فيها الإمام
ومريدوه النور بينما يمثل
أعداؤه الظلم والظلمات!! وعلى كل لم تكن تهمة المانوية لتلصق
بالشيعة وحدهم، ففي القرون
الأولى من ظهور الإسلام وجد
الأوربيون في المسلمين طاعونا
نزل على العالم المسيحي ناشرا
الخراب أينما حل، ولم يكن
المسلمون في نظرهم أكثر من شعوب
وثنية أرسلها الرب ليعاقب
المؤمنين، ويمتحنهم، ولم يجدوا
أية فروقات بين الهرطقة
المانوية وبين ديانة محمد!! ولأن المسيحيين يقدسون المسيح باعتباره
ابن الرب فقد كانت تصوراتهم عن
المسلمين بشكل عام تنطلق من هذا
الفهم ، إذ اعتبروا أن المسلمين
يقدسون محمدا وتوقعوا أنهم
جعلوا منه إلها وثنيا !!، وراجت
مفاهيم – وبصفة خاصة خلال فترة
السيطرة الإسلامية على إسبانيا
- مفادها أن محمدا ربما كان قسا
مسيحيا ارتد عن دينه، وربما كان
كاردينالا قادته رغبته المحبطة
في السلطة إلى السعي للانتقام
من الكنيسة بنشر تعاليمه
الخبيثة، وروجت هذه الكتابات
إلى أن موته كان مزريا حيث
افترسته الكلاب".!! وفي الوقت الذي يرفض فيه كثير من المسلمين
(سنة وشيعة) مناهج أغلب
المستشرقين الطاعنة في الدين
الإسلامي عقيدة وشريعة، يرفض
الشيعة على وجه خاص كثير من
الانتقادات التي وجهها
المستشرقون إلى المذهب الشيعي
بحجة أن اغلب هذه الانتقادات
جاءت من ترجمة المصادر السنية
حتى في أهم سند "شرعي"
يعتمدون عليه وهو القول بأن
الرسول صلى الله عليه وسلم قد نص
على أن خليفته في المسلمين هو
على بن أبي طالب في يوم غدير خم،
فقد استبعد مارجليوث في كتاب
"محمد وظهور الإسلام" (1905)
هذه التوصية المزعومة،
وبروكلمان في "تاريخ
المسلمين" (1939)، وكذلك
المستشرق ذائع الصيت جولدتسهير
الذي أورد رواية غدير خم بصيغة
التشكيك. بعيون صليبية يمكن اعتبار القرن الثاني عشر الميلادي
بداية المعرفة الغربية بالشيعة
كتنظيم سياسي مع الحملات
الصليبية زمن الدولة الفاطمية،
وتواتر الأخبار المشوقة عن فرقة
الحشاشين وبعض من الأخبار عن
شيعة سوريا وفلسطين، وهؤلاء لم
يمتلكوا تلك الرائحة المثيرة
التي امتلكها الحشاشون. وصاغ هؤلاء الكتاب المعلومات المحدودة
التي توفرت لهم عن الشيعة بكثير
من الخلط والتعميم، فقد نسب
وليم الصوري - أهم مؤرخي الحملات
الصليبية في القرن ال 12 - إلى
الشيعة الاعتقاد بأن عليا هو
نبي الإسلام الحقيقي، لولا أن
الملاك جبريل أخطأ وأوصل
الرسالة إلى محمد !!!. وسار على نهج الصوري يعقوب دي فيتري مطران
عكا فيما بين 1216 و1228م والذي روج
فيما كتب أن عليا كان نبيا
مرموقا تكلم إليه الله كتقدير
تمييزي عن النبي محمد !! وبالمثل روج المنصر الشهير ريكولدو
ديمونتو كروس أن الشيعة يعتقدون
بأن محمدا اغتصب حقوق علي.
واعتبر ريكولدو أن اتباع علي
يحتفظون بقدر من اللطف وانهم
"أقل شيطنة من الأغلبية
السنية" !! واعتبر بعض الدارسين الغربيين الأفكار
الشيعية (وبالأحرى الفرق
المهرطقة المحسوبة على الشيعة)
انتحالا للأفكار الوثنية
الإغريقية والفارسية القديمة،
بل اعتبروا أن المكانة المقدسة
للخمر لدى فرقة النصيرية (العلوية)
دليل على محاكاة المسيحية، وأن
عليا بن أبي طالب لديهم هو مسيح
الإسلام. كما كان احتفال النصيرية بالأعياد
المسيحية مثل عيد الميلاد وعيد
الغطاس والفصح وتقدير بعض
القديسين المسيحيين تأكيدا
لبعض المستشرقين والمنصرين بأن
الفرق الشيعية (أوالمحسوبة على
الشيعة) انتحلت أفكارا كثيرة من
المسيحية، أو أنها ليست أكثر من
طائفة مسيحية متنكرة بأقنعة
شيعية. ولم تكن لدى كثير من المستشرقين القدرة
على تصنيف بعض الفرق بشكل قاطع،
من ذلك ما ذكره أحد الرحالة في
العام 1697م بشأن فرقة النصيرية
حين سأله أحدهم: هل هؤلاء
مسلمون؟ فأجاب " إنه لسؤال
صعب، بوسعنا فقط أن ننفي
تشابههم مع بقية العقائد، إذ هم
ليسوا مسلمين، وليسوا مسيحيين،
وليسوا دروزا، وليسوا يهودا،
كما أنهم بالتأكيد ليسوا
زرادشة، وإذ قابل هؤلاء القوم
سنيا اقسموا له أنهم مسلمون
يصلون مثله ويصومون، وإذا دخلوا
مسجدا صلوا كما يصلي الناس،
وإذا خلوا إلى أنفسهم يتمتمون
بلعن أبي بكر وعمر، إنهم يقولون
إن الكتمان جهادنا" !! لقد كان علي بن أبي طالب-رضي الله عنه-
أكثر الشخصيات الرمزية التي
جذبت الدارسين الغربيين،
ونظروا إليه ليس فقط باعتباره
محور المذهب الشيعي، بل وكشخصية
حكيمة وسياسية وقائد بارز في
الإسلام، وانتشرت في عدة دول
أوربية في القرنين السابع عشر
والثامن عشر حكم ومقولات علي بن
أبى طالب وتأثر بها بعض الحكام
والأمراء في أوروبا. كما قدم جوزيف آرثر - الذي خدم دبلوماسيا
فرنسيا في طهران فيما بين 1855 و1858م
– معلومات جديدة للغرب ليس فقط
عن الانشقاق السني الشيعي بل عن
الاتجاهين الرئيسيين بين علماء
فارس: الإخباريين والمجتهدين (النقل
والعقل) وهي فروقات أرجعها
لأسباب اجتماعية قبل أن تكون
دينية. وأشار جوبينيو إلى أن
الملالي الفرس حاولوا من خلال
التشيع الاحتفاظ بدور القديسين
في الديانات الفارسية القديمة
حتى لا يفقدوا امتيازاتهم. وقد رأي جوبينيو في هؤلاء الملالي الورثة
الشرعيين لكهنة الزرادشتية،
وأن كافة المنظومة الشيعية ليست
سوى تلفيق جيد التنظيم لاستعادة
نفوذهم، وشكل من أشكال الاعتراض
المبطن على الغزو العربي
لأراضيهم. القومية والدين ؟ لم يكن جوبينو الوحيد الذي يقع في محظور
التعميم عن الإسلام الشيعي. فقد
كتب الفريد فون كريمر في عام 1868
عن "التعصب المفرط للشيعة
وعدم تحملهم لغيرهم من أتباع
الطائفة المحمدية". وعلى
النقيض كتب المستشرق الفرنسي
كارا دي فو بعد ثلاثين سنة من
ذلك التاريخ أن الشيعة "لديهم
تفكير ليبرالي حر" ويكافحون
في مواجهة العقلية السنية
المتحجرة ضيقة الأفق. وأن
العزلة التي يعيشها الشيعة تنبع
من خوفهم من الاحتكاك بالآخر
نتيجة نجاسته. وبالمثل اعتبر جولدتسهير – صاحب كتاب
العقيدة والشريعة الإسلامية-
حرص الشيعة على عدم الاحتكاك
بالآخر المختلف دينا وعقيدة
خوفا من نجاسته بمثابة استمرار
للتقاليد الزرادشتية واليهودية. ووضع الدبلوماسي البريطاني جيمس مورير
معلوماته عن فارس من خلال
مراقبته للمجتمع الفارسي إبان
فترة عمله وترك أثارا أدبية
مفيدة. وكانت أكثر أعماله
الأدبية أهمية رواية "حجي علي
بابا الأصفهاني" والتي نشرها
في عام 1824 وقدمت صورة "كاريكاتورية"
عن المجتمع الفارسي وعلماء قم
تهكم فيها مورير على الحالة
الدينية بقوله " في كل مكان
تمر فيه يقابلك رجل دين يدعي أنه
من نسل الرسول". وفي سبيل تدعيم مكانتها الاستعمارية في
الهند، قام رجال الإدارة
البريطانية في كلكتا بنشر كتاب
"شريعة محمد" في 1805. وجاء من
مصادر شهيرة للشيعة الإثنى
عشرية وأهم ما اعتمد عليه هذا
العمل كتاب "تحرير الأحكام
وإرشاد الأذهان" للقاضي
الشهير في القرن الرابع عشر
الميلادي بن المطهر الحلي، وقام
باختيار هذه النصوص الضابط
الإنجليزي جون بيلي الأستاذ في
الشريعة الإسلامية واللغة
العربية والفارسية، وقد سعى
بيلي إلى نشر عدد أوسع من الأسس
الشرعية للشيعة الإمامية. وفيما بعد نشرت دراسات مقارنة بين
الشريعة لدى المذهب الحنفي
والإثنى عشري. ولم يكن الأخير
سوى مختارات من كتاب "تحرير
الأحكام " المتعلقة بأمور
الزواج والطلاق والرق والهبات
والعطايا والوقف والميراث. كما
تمت ترجمة كتاب "حياة القلوب"
من الفارسية إلى الإنجليزية وهو
كتاب يعتني بسيرة الرسول ، كتبه
محمد باقر المجلسي. ومن أهم الكتب التي نقلت إلى الغرب في تلك
الفترة كتاب "بحار الأنوار"
وهو عمل شيعي تقليدي يعتبر أبرز
الأعمال الدينية التي أنتجت
خلال فترة الحكم الصفوي ومؤلف
من 16 جزءا. كما نقلت بعض
المعلومات عن كتب الشيعة
الفارسية وبصفة خاصة أعمال مثل
" معراج السعادة " و" قصص
الأنبياء ". لمس جولدتسهير قضية التقية لدى الشيعة من
خلال مقابلته مع جمال الدين
الأفغاني. كان الأفغاني لدى
جولدتسهير شيعيا إيرانيا أخفى
أصوله وادعى أنه أفغاني سني لكي
يؤثر على العالم الإسلامي
الأوسع، كان الأفغاني لدى
جولدتسهير محرضا وداعية محترفا. وبينما أعجب جولدتسهير بتقية الأفغاني
مدح المستشرق رينان في الأفغاني
تحرره من تحيزات الإسلام لأنه
ينتمي إلى تلك العروق الفارسية
ذات الروح الآرية الخلاّقة وإن
تدثرت بلباس إسلامي سطحي. وبالتالي فقد اعتبر رينان الأفغاني "
أفضل مثال يثبت تلك البديهية
العظيمة القائلة بأن قيمة الدين
تتحدد بقيمة الأعراق التي
تعتنقه . ومن ثم فإن الأفغاني هو
" أنقى حالة يمكن أن نستشهد
بها للاحتجاج الفارسي على الغزو
العربي". قراءة يسارية وتحليل ماركسي ماسينون..يمينا يقرأ، ويسارا بالزي
الأزهري وفي مطلع القرن العشرين اتجهت الدراسات
الاستشراقية الغربية نحو
التوجهات الفلسفية والروحية في
الفكر الشيعي وربط بعضهم – مثل
المستشرق لويس ماسينون - بين
السيدة مريم العذراء والسيدة
فاطمة الزهراء، وقابل بين صلب
المسيح واستشهاد الحسين. ومن هذه الزاوية نظر إلى طقوس عاشوراء
كامتداد لطقوس فارسية قديمة
كانت تتباكى على "سيافيتش"
الشهيد في الملحمة الفارسية
القديمة. وحظيت احتفالات
عاشوراء في العقد الأول من
القرن العشرين باهتمام ملحوظ.
وقدمت بعض الدراسات الألمانية
عن الشيعة الزيدية والإمامية. وتطورت الدراسات الغربية حول الشيعة بشكل
جيد التنظيم مع ستينات القرن
العشرين حين نشرت العديد من
الكتب الشيعية. وعلى الرغم من أن
التقدم كان بطيئا في العقد
التالي إلا أن الدراسات الخاصة
بالشيعة اكتسبت قوة دافعة مع
نشوب الثورة الإيرانية في نهاية
سبعينيات القرن العشرين. ونجحت ترجمة أعمال المفكر الإيراني علي
شريعتي في توضيح بعض الأفكار
المهمة والتعرف على المنهج
الساخر الذي اتبعه شريعتي
للهجوم على ركود الفكر الشيعي
في إيران الشاه، وبصفة خاصة في
كتابيه "دين ضد الدين" و"التشيع
العلوي والتشيع الصفوي". وقد حمل شريعتي للقراء في الغرب ( وكذا في
المشرق العربي) مفاهيم لم تكن
مطروقة على شاكلة "التشيع
الأحمر" مقابل "التشيع
الأسود" مفرقا بين "تشيع
علي" و "تشيع الدولة
الصفوية" وقد اكتسبت أفكار شريعتي أهميتها من
استشرافها للثورة الإسلامية في
إيران حينما عمل على ترويج
مفهوم "تغيير المجتمع لا
إصلاحه" بل يصنفه بعض
الدارسين أحد مفجرات هذه الثورة
وواحدا ممن أحسنوا تشخيص دور
الطليعة المثقفة وعلماء الدين
في إصلاح المجتمع بعد تشخيص
أمراضه . كانت كتابات شريعتي بالغة الأثر وافتتن
البعض فيها بأدبيات الاستشهاد
والتمرد التي بلورها شريعتي في
نصوصه الجميلة حول التجربة
الحسينية، وفي استخدامه البارع
لرموز التراث الشيعي في اتجاه
قراءة يسارية لما سماه بالتشيع
العلوي (تشيع الفقراء والثوار)
في مقابل التشيع الصفوي (تشيع
المستكبرين والمستبدين). ومن ثم
فقد ألهمت أفكار شريعتي قطاعا
واسعا من اليسار العربي، كما
ألهمت اليسار الإيراني نفسه. مدرسة برنارد لويس ومنذ منتصف القرن ال20 بدأ المفكر
البريطاني اليهودي الأصل
برنارد لويس دراساته الجادة عن
الفرق الشيعية وبصفة خاصة في
كتابيه "الإسماعيلية" و"الحشاشون".
وفي غضون عقدين من اشتغاله بهذه
المهمة انتقل لويس إلى زاوية
المراجعة النقدية للصورة
النمطية الموروثة عن الشيعة
والتشيع التي أرستها ترجمات
وملاحظات القرون الماضية. وينتقد لويس ما
يقوم به بعض الباحثين الغربيين
من استخدام مفهوم الأرثوذكس
والهيترودوكس (الهرطقة) على
الفرق الإسلامية، فثنائية
الأرثوذكية/ الهرطقة مفهوم
مسيحي لا علاقة له بتاريخ
الإسلام الذي لم يعرف كنائس أو
مجالس كنسية، كما يرفض لويس
مقارنة السنة والشيعة بمنظار
مسيحي ضمن ثنائية الكاثوليكي/
البروتستانتي، وذلك لأنه ليس في
قدرة أحد من الباحثين الغربيين
تحديد من الكاثوليكي ومن
البروتستانتي في الإسلام. ينتقد لويس ما قام به الدارسون الغربيون
في النصف الأول من القرن
العشرين(بمنهج أوربي قلق من
النزعات القومية والعرقية) من
رؤية الفرق بين الطائفتين
تمثيلا للسامية والآرية. فالسنة
وفق هذه الرؤية يمثلون سامية
الإسلام العربي، بينما يمثل
الشيعة آرية إيران الصاعدة
اعتراضا على الهيمنة. وفي العصر الذي كانت أوربا تنتابها هواجس
الصراع الطبقي والحرب
الأيديولوجية بين الطبقات، نظر
إلى الشيعة كممثلين للجماهير
المقهورة، بينما كان السنة
مثالا للمؤسسات البرجوازية.
ويقر لويس أن مثل هذه المقاربات
أقرب للخطأ منها للصواب فإسقاط
التجربة الماركسية على تاريخ
نشوء الفرق في الإسلام جد خاطئ.
ففي كل زمن كانت هناك أفكار
بالغة التباين يصعب معها إطلاق
التعميمات. ويسخر لويس من استشهاد بعض الدارسين
الغربيين بخطب الخميني ومنها
قوله " لقد عاش السنة طوال
تاريخهم خانعين خنوع التصوف
للسلطة أيا كانت طبيعتها
الشيطانية، بينما مثل الشيعة
المقاومة والاعتراض، سعيا وراء
التخلص من الحكم الطاغوتي
المخالف للشرع ". ويرى لويس في هذا تبسيطا مخلا للأشياء،
فالخانعون والثائرون كانوا على
كلا الجانبين. بل إن الشيعة
يضربون مثلا بليغا في الخضوع
والانصياع من خلال مبدأ التقية،
الذي يجعل المرء يدعي عقيدة غير
عقيدته طالما كان في ذلك مصلحة
لبقائه. وحينما هددت الشيوعية الغرب بالتوسع في
العالم الإسلامي وطُلب من لويس
البحث عن موقف الإسلام من
الشيوعية، وجد بينهما عوامل
مشتركة ( وإن اعتبرها عارضة).
فالشيوعية "المصمتة" تشبه
الإسلام "المصمت" والإسلام
كالشيوعية تجمعهما الكراهية
المتنامية للقوة والامتياز
الذي يتمتع به الغرب، كما
يجمعهما الفقر المذل الذي تعيشه
الجماهير. وعاد لويس إلى نصوص إسلامية من القرون
الوسطى تطلب من المسلمين "
الطاعة الكاملة والدائمة لولي
الأمر بمقتضى الشريعة المقدسة
" ومن ثم فقد اعتبر أن "
مجتمعا ربي علي هذه التعاليم لن
يصدمه الاستخفاف الشيوعي
بالحرية السياسية أو حقوق
الإنسان" بل ربما يجذبه نظام
يقدم قوة لا ترحم وفعالية في
خدمة القضية. كما وجد لويس عوامل تشابه بين مفكري
الشيوعية وعلماء الإسلام
فالطرفان "يدعوان لمذهب
شمولي له إجابة كاملة ونهائية
على كل الأسئلة في الدنيا
والآخرة، وكلاهما يقدم لأتباعه
إحساسا بالانتماء إلى رسالة،
فالإسلام مثل الشيوعية جماعي
بدوره". النتيجة المهمة أن
الإسلام يشجع على الخضوع للسلطة
بينما روح المقاومة للطغيان
والحكم الفاسد متأصلة في القيم
العميقة للحضارة الغربية". [ملاحظة
: برنارد لم يفهم شمولية الإسلام
التي تجعل الآخرة الهدف والدنيا
سبيلٌ مؤقت حين قارنها بشمولية
الشيوعية التي لا تؤمن بالآخرة
مطلقاً ] ولأن لويس يجمع بين الشيء ونقيضه في
تحليله من فترة لأخرى ، نجده في
موضع آخر يرى أن الإسلام كان في
حد ذاته ثورة. فقد قام ثائرا على
النظم القائمة بالفعل في مكة.
فأقام في زمن وجيز نظما
اجتماعية وسياسية جديدة . لقد بدأ الرسول محمد حياته في مكة كزعيم
معارض ومشارك لبعض الوقت في
كفاح مضاد لشعبه ونظم حكمهم.
وحين لم يتمكن من تنفيذ هدفه ترك
مسقط رأسه متجها إلى مكان جديد
ليشكل – يمضي لويس- ما نسميه
اليوم "حكومة المنفي". ومن
هناك استجمع القوى حتى تمكن من
العودة و"قلب" نظام الحكم
في مكة عنوة. ويرى لويس أن المسلمين ينظرون إلى الرسول
باعتباره القدوة والأسوة
الحسنة فإن نمط مقاومته صار
نموذجا يحتذى للحركات المعارضة
في العالم الإسلامي المتحدية
للنظام القائم وتسعى إلى
الانقلاب عليه. هكذا كان
العباسيون الذين ذهبوا شرقا إلى
خرسان ثم عادوا إلى المركز ،
والفاطميون الذين ذهبوا إلى
شمال إفريقيا وعادوا إلى
المركز، والخميني الذي أسس
خرسانيته في "نوفل لوتشاتى"
وعاد إلى قم. ويرى –أيضا- أن هناك حالات أخرى عديدة على
مدار قرون التاريخ الإسلامي،
وقد نجح البعض وفشل كثيرون. كما
أن الفتوحات الإسلامية ، بمفهوم
لويس ، ليست إلا قلبا لنظم الحكم
في البلاد التي غزاها المسلمون. الاستشراق الجديد من زاوية أخرى تركت المقاومة الفلسطينية
للاحتلال الصهيوني رائحتها في
بعض القراءات التي وصلت إلى
الغرب، حين حاولت بعض الأقلام
اللبنانية في الدوريات
الفرنسية إقناع القارئ أن
الفلسطيني هو "حسين" هذا
الزمان يلقى التعذيب والقتل على
يد "يزيد" الإسرائيلي الذي
"اغتصب" أرضه وأخضعه لحكمه
الظالم. ثم انتقلت الدراسات الغربية في الفترة
التي تلت الثورة الإيرانية من
نظريات التأصيل الفلسفي إلى
تطبيقات الجغرافيا السياسية
للأقليات الشيعية. وكان شيعة الأحساء والقطيف في السعودية
وشيعة البحرين والكويت وشيعة
لبنان النماذج الأكثر أهمية في
هذه الدراسات، ليس فقط لتفحص
إمكانية نجاح النموذج الثوري
الإيراني في هذه المناطق، بل
لجمع معلومات بالغة التفصيل عن
حياة المجتمع الشيعي، بدءا من
طموحات الحصول على فرص متكافئة
في العمل والمشاركة السياسية
وصولا إلى خبايا الدور السياسي
والديني للحسينيات وتوجهات
علماء الدين الشيعة وارتباطهم
الملتبس بالمرجعيات الإيرانية
والعراقية. وبعد سقوط بغداد أمام الغزو الأنجلو
أمريكي في أبريل 2003 احتل والي
نصر، الباحث الأميركي المهاجر
من إيران، مكانة كبيرة على
الساحة الإعلامية. وقد تمكن نصر
من تقديم سلسلة من الدراسات عن
الآثار الإقليمية لسقوط النظام
السني في العراق وأثر تحول
العراق إلى أول دولة شيعية في
العالم العربي المعاصر، وما
لذلك من إلهاب المشاعر السياسية
والمذهبية في دول الجوار. كرر نصر قبيل غزو العراق الإشارة إلى أن
الغرب قد اكتشف أن حركات
الإسلام السياسي الشيعية مثلت
الخطر الأكبر على الغرب لولا
الخدمة الجليلة التي قدمتها
أحداث سبتمبر2001 وصرفت الأنظار
نحو "الشياطين" الأكثر
خطرا من السلفيين. وبعد سقوط
بغداد توقع نصر اختلال خريطة
المنطقة بشكل درامي وهو ما لم
يتحقق، فلم يقم التحالف السني
المصري- السعودي -الأردني في
مواجهة التحالف الإيراني –العراقي
–السوري – اللبناني (حزب الله)
وإنما اتخذ أشكالا أقل أهمية
وأكثر تواضعا. واستمرت نفس النظرة الغربية التي رأت
الشيعة في القوس الممتد من
باكستان إلى لبنان ومن أهوار
جنوب العراق إلى الغيتوهات في
كاراتشي جماعات من المضطهدين
والمهمشين على يد الحكم السني
لولا الدور الذي لعبته طهران في
استقبال مواليد شيعة جدد مثل
حركة أمل وحزب الله في لبنان
وحزب الدعوة الإسلامية في
العراق وحزب الوحدة في
أفغانستان والحركة الجعفرية في
باكستان. وقد فتح الإنترنت مجالا إعلاميا لا ند له
في إطلال الشيعة على تغيير
الرؤية الموروثة عن موقف
المستشرقين منهم. وبوسعنا اليوم
أن نعثر على عشرات المواقع على
الإنترنت تنافح فيها عن "مذهب
أهل البيت" باعتباره المذهب
"الوحيد" الذي حفظ رابطة
الهداية بين الله والخلق ،
والمذهب "الوحيد" الذي آمن
بختم نبوة محمد (ص) وآمن في الوقت
نفسه بالولاية فحافظ على الدين
حيا إلى الأبد". وقد تبدو خريطة الاستشراق الاستعمارية
مسؤولة عن قناعات معينة لبعض
المفكرين الغرب تجاه التشيع.
فقد رأى فرانسو توبال في التشيع
نزعة رومانسية وميلا لليأس
والانتظار المهدوي الموعود. وأن
الفكر الشيعي أقرب إلى الشيوعية
العالمية. فالجماعات الشيعية
تقاتل من أجل خلاص العالم من
الظلم والاستبداد على نحو ما
تناضل حركة البروليتاريا
لتحرير البشرية جمعاء. ويرفض بعض الكتاب الشيعة هذه الرؤية
باعتبار أن الفكر الشيعي ما زال
مجهولاً في فرنسا، لأن الإسلام
الذي عرفته فرنسا من خلال
مستعمراتها هو الإسلام السني
الرائج في المغرب العربي والشرق
الأوسط، خلاف الإسلام الشيعي
الذي عرفته المستعمرات
الأنجلوساكسونية. ويتغاضى هذا
الرفض الشيعي عن تاريخ الخبرة
الفرنسية مع شيعة المشرق العربي
وبصفة خاصة في سوريا ولبنان. وفي العقود الأخيرة التي برز فيها
التركيز على الأقليات المذهبية
في العالم العربي ركزت بعض
الدراسات الغربية على الشيعة
كأقلية منسية. وقد حظيت هذه
الدراسات باهتمام خاص نظرا لأن
مقدميها شغلوا مناصب بالغة
الأهمية في الإدارة الأمريكية
مثل جرهام فوللر من وكالة CIA الذي
أكد أن الشيعة وقعوا ضحية
التمييز نتيجة سقوطهم في موقفين
متناقضين، فداخليا اضطهدهم
الحكام السنة وخارجيا نظر إليهم
الغرب كخاطفين وإرهابيين ،
قديما في صورة الحشاشين وحديثا
في صورة مقاتلي حزب الله والحرس
الثوري الإيراني. من زاوية أخرى التفت البعض إلى كيفية
التلاعب بحقوق الشيعة والتغاضي
عن إبادتهم طالما كان ذلك سيحقق
مصالح تكتيكية للغرب. فقد كان
بوسع الولايات المتحدة أن تقضي
على صدام بعد إخراجه من الكويت
كما كان بمقدورها تسليح الشيعة
بدلا من تركهم يلقون الموت
والتدمير على أيدي القوات
العراقية. وعبر بعض الكتاب بطريقة ساخرة عن موقف
الغرب تجاه المذابح التي قام
بها نظام صدام حسين في العراق
تجاه الكرد والشيعة. فالكرد على
نحو ما يصور تشومسكي " أصحاب
بشرة بيضاء وأصول آرية ومن ثم
لقوا التعاطف والتغطية
الإعلامية والوعود والمساعدات
المالية في مقابل إهمال متعمد
للشيعة ذوي البشرة الداكنة
والأصول العربية، وذلك حين كان
السكوت عن جرائم صدام ضد الشيعة
مفيدا آنذاك لأغراض جيوسياسية
حتى لا تتفكك العراق أمام إيران. لقد ساهم صعود الشيعة في العراق في ظهور
مصطلحات تلقفها المجتمع المسلم
بنفس درجة تلقف المجتمع الغربي
للمفاهيم الاستشراقية. فقد
ترسخت مصطلحات ترى في الشيعة
"صفويين جدد" و "طابورا
خامسا" لإيران في العالم
العربي. وكانت مثل هذه المصطلحات كفيلة بإظهار
الشيعة أقل عروبة وأضعف إسلاما،
رغم دفاع الشيعة عن أنفسهم
باعتبارهم ليسوا أقل وطنية من
بقية المسلمين. فقد حاربوا
ببسالة في العراق ضد الإيرانيين
الشيعة أمثالهم ، كما تصدوا في
الكويت للغزو العراقي. كما أن مواقف حزب الله في الجنوب اللبناني
في مواجهة إسرائيل وتحقيق نصر
تاريخي بإجبار إسرائيل على
الانسحاب تحت تهديد الصواريخ
على المستوطنات الإسرائيلية في
شمال فلسطين لا يحتاج إلى دليل
على الدور الشيعي في حماية
الأوطان. ============ تزايد
ثقافة الانتحار في صفوف الجيش
الامريكي – سلاح البر زيادة عدد المنتحرين من الجنود
الامريكين الى160 منتسبا في سلاح
البر الأمريكي عام 2009 عن 140 عام
2008 في القوات البرية المصدر : واشنطن الاثنين 22-2-2010 نقلاً عن مركز صقر للدراسات كشفت وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون)
عن ان 2009 كان "سنة قاسية"
سجل فيها رقم قياسي في حالات
الانتحار بين عناصر سلاح البر
الاميركي وصل الى 160 انتحارا.
ولم يتم نشر معلومات عن اعداد
المنتحرين في سلاح الجو
والبحرية والمارينز , وكان
مسؤولون في سلاح البر حذروا من
ان عدد عمليات الانتحار قد
يتخطى رقم العام 2008 الذي وصل الى
140، مشيرين الى ان اسباب هذه
الظاهرة تبقى غامضة. وقال الكولونيل كريستوفر فيلبريك العضو
في مجموعة عمل لمكافحة عمليات
الانتحار في صفوف الجيش "لا
شك ان 2009 كانت سنة قاسية بالنسبة
لسلاح البر على صعيد عمليات
الانتحار", اوضحت وزارة
الدفاع في بيان ان عدد العناصر
الذين انتحروا وصل الى 160 بعد
وقوع عشر عمليات انتحار في
كانون الاول/ديسمبر. يعيش الجنود وضعا صعبا نتيجة سنوات من
الحرب في العراق وافغانستان
ويشير الضباط الى مدة المناوبات
على الارض وضغط المعارك لتفسير
تزايد حالات الاحباط والانهيار
العصبي والمشكلات الزوجية التي
يعاني منها الجنود. ودعا مسؤولون كبار في الدفاع بينهم رئيس
هيئة اركان الجيوش الاميركية
الادميرال مايك مولن الضباط الى
عدم تعريض العسكريين الذين
يحتاجون الى مساعدة نفسية
للاستهزاء او لعقوبات في مسارهم
العسكري. وقام الجيش بعدة مبادرات في محاولة
لاحتواء المشكلة، فوظف مئات
الاختصاصيين في الصحة النفسية. وابدى مسؤولون مخاوفهم بشأن ظاهرة انتحار
المقاتلين القدامى ايضا. ==================== العروبة الرحبة في ربوع
المغرب العربي د. بثينة شعبان صحيفة تشرين - دمشق 22/2/2010 أول خبر سمعته في نشرة الأخبار المحلية
عند وصولي الرباط، هو تظاهر
الآلاف من أبناء المغرب في
الذكرى الثامنة والعشرين
للقرار الإسرائيلي بضم
الجولان، احتجاجاً على هذا
القرار، الذي يوجز جوهر
الصهيونية كحركة عنصرية
استيطانية. ومن المعروف أن دماء
جنود الجيش المغربي الزكيّة سقت
تراب الجولان عام 1973. وتنقّلت بين القنوات التلفزيونية
المغربية فسمعت الأخبار،
وشاهدت الدراما، وأنصتُّ
لقراءات من القرآن الكريم، فإذا
بلغة الضّاد تشعرني أني في داري
وبين أهلي. ويكتسب هذا الشعور
أهمية خاصة حين تقودك الرحلة
إلى مدينة تطوان المغربية، وهي
آخر مدينة على امتداد الأرض
العربية، وصولاً إلى المحيط
الأطلسي، التي خلّدها شاعر
العروبة فخري البارودي في نشيده
الذي كان يطرب آذاننا ونحن في
سنوات الدراسة الأولى: بلاد
العرب أوطاني من الشام لبغدان،
ومن نجد إلى يمن، إلى مصر فتطوان!
هذا النشيد الذي يعكس نبض
ومشاعر وإحساس نحو أربعمئة
مليون عربي يقطنون الرقعة
الجغرافية المقدسة ( الوطن
العربي الكبير) التي تمتد على
مساحة 14 مليون كم2، والتي هي مهد
الديانات الثلاث، ومنبت حضارات
إنسانية تعاقبت عبر آلاف السنين
لتقدم للعالم إسهامات يحقّ
لأبنائها أن يفخروا بها دوماً،
لأن الحضارة العربية توجّهت
للناس جميعاً، فاحترمت قدسيّة
حياتهم وحريّتهم وكرامتهم،
بغضّ النّظر عن اللون، أو
الجنس، أو العرق، ولذلك كانت
قادرة على تحقيق تحول نوعي في
حياة كل البشر، فحضارتنا
العربية الإسلامية ليست حضارة
إقصائية، أو عرقية، أو
استكبارية، أو عنصرية تمييزية،
ولذلك لم تعتمد أسلوب القضاء
على الآخر طريقاً وحيداً لإثبات
الذات، أو احتلال الأرض، وادعاء
الفوقية، كما تفعل الصهيونية
وغيرها من الحركات العنصرية
الغربية، بل تكاملت مع حضارات
الشعوب وتاريخها، فكانت
العروبة جامعة لا مفرّقة، وكان
غير العربي إما أخاً بالدّين
للعربي، أو أخاً بالبشريّة. عندما تحطّ الرّحال في نواكشوط، عاصمة
بلد المليون شاعر، موريتانيا،
يدهشك منظر الرجال الملثمين،
والنساء السافرات والمحجبات
على حد سواء، اللواتي يَقُدنَ
سياراتهن ويمارسن أعمال
التجارة، ويملأن الشوارع
والأسواق والبيوت نشاطاً
وحركةً، بل إن هناك سوقاً
تجارياً ملكيته وقف على النساء
فقط، وهذا لا يعني أنّ الرجال لا
يعملون لدى المالكات، أو
يستأجرون المحلات التجاريّة
منهن. ويبتسم المرء ساخراً من النظرة السطحية
جداً التي يروّج لها الغرب عن
المرأة المسلمة، والضجّة التي
يثيرونها حول المآذن أو الحجاب
أو النّقاب، متجاهلين واقع
الشعوب وتجاربها التاريخية. وحين تنتقل إلى الجزائر، البلد الذي قدّم
المليون ونصف المليون شهيد
ليؤكد عشق العربي المسلم
للحرية، والكرامة، يحدّثك أحد
عن تجربته في دمشق إبان حرب
التحرير عام 1973، حيث غادر هو
وزملاؤه من الأطباء ومكثوا في
دمشق طيلة فترة الحرب لمعالجة
المرضى من أبناء العروبة الذين
قدموا من أقطار عربية عدة
للدفاع عن عروبة هذه الأرض
والاستشهاد في سبيل الله من
أجلها. ويعود حديث الذاكرة إلى الحقبة
الاستعمارية التي عانت منها
الجزائر طويلاً، والتجارب
النووية الفرنسية التي أجريت في
الصحراء، وتجاربهم على الأسلحة
الكيماوية التي ألحقت بالغ
الضّرر بالإنسان والطبيعة،
فترى أن بلداننا كانت تستخدم
حقول تجارب لتحقيق المزيد من
الرخاء للمستعمرين في ديارهم
على حساب حقوقنا ومصالحنا. ويمرّ الحديث على مشروع قانون تقدم به مئة
برلماني جزائري يطالبون فرنسا
بتعويضات واعتذار عن مئة
وثلاثين سنة من الاستعمار
الاستيطاني المقيت للجزائر،
ويسأل أحدهم إن كنا شاهدنا
البرنامج على الجزيرة الذي يسأل
ما إذا كان الاستعمار أقسى أم
أرحم من الحكومات التي تعاقبت
على البلد بعد نيله استقلاله،
وقال إن من وضع هذا البرنامج لا
يعرف ماذا يعني الاستعمار،
لأنّه من الواضح أنه لم يذق
إذلال العيش تحت قمع الأجنبي،
ولا يعرف جرائم الاستعمار، وإلا
لما فكر بمثل هذا الموضوع. لقد
قضى مليون ونصف المليون شهيد
عربي مسلم من أجل أن ينعم شعبهم
بالحرية، وبلدهم بالاستقلال،
وكان أطفال العرب من البصرة إلى
تطوان ينشدون (قد عقدنا العزم أن
تحيا الجزائر), ولكن هذا لا يعني
أن تحديات الاختراق والهيمنة قد
انتهت فور الحصول على
الاستقلال، بل إن المعركة
مازالت مستمرة من أجل تحقيق
القرار العربي المستقل، الذي
يرفض كل أشكال التّدخل،
والوصاية، ويبعد الطّمع
الأجنبي بثرواتنا، والذي يترجم
إلى ضغوطات وسياسات تفرّق أبناء
هذه الأمة وتنشر الفتنة بينهم،
وتمنع التنسيق والتعاون
والتضامن بينهم، لأنّ التعاون
إذا ما تحقّق فسيعود على شعوبهم
رخاءً وازدهاراً وحرية وكرامة،
وعلى مكانتهم الإقليمية
والدولية قوةً وحضوراً في كافة
المحافل الدولية. وحين تصل إلى تونس يُحدّثك مضيفك أن
القميص الذي يلبسه الرّجل في
تونس اسمه (سوري), لأن تجاراً
سوريين اشتهروا هناك بتجارة
النسيج والألبسة التي أجادوا
عبر القرون صناعتها. أما الآن
فإن 75% من تجارة تونس مع الدول
الأوروبية، لأن التّجارة
البينية بين كل الدول العربية
تجارة متواضعة لا تليق بالتاريخ
والجغرافيا والمصالح المشتركة.
ولكن، مهما يكن الواقع التجاري،
وواقع الحدود، وواقع العلاقات
سبباً، فأنت ما إن تحلَّ في بلد
عربي، حتى تشعر أنك في دارك،
وبين أهلك، تتكلم لغتهم
وتشاركهم حضارتهم ويشاركونك
أفراحك وأتراحك، بعكس ما يحاول
الإعلام الغربي أن يوهم أبناء
العرب، بأن كل قطر عربي غارق في
ذاته، وبعيد عن هموم هذه الأمة،
وترى أن فلسطين الجامع الأكبر
بين العرب، ويبقى تهويد القدس
والحصار على غزة، الجرح الأعمق
الذي يهتز له ضمير العربي في كل
أقطاره، والذي يجمع بشكل عميق
وفعّال بين أبناء الضّاد، حتى
وإن لم تترجم هذه المشاعر بعد
إلى أعمال على الأرض تترك
بصماتها الإيجابية على مسيرة
هذا الصّراع بين قوى الحريّة
العربيّة، وبين قوى التحالف
الغربي المتحالفة مع الوحشية
الإسرائيلية. كل هذا الوطن العربي الجميل الرحب، الذي
يمتلك إمكانات هائلة لمستقبل
زاهر لأبناء العروبة جميعاً،
كان مغيّباً عن ضمير وثقافة
وأداء من استضافوا هيلاري
كلينتون، وزيرة الخارجية
الأميركية في برنامج (من واشنطن),
حيث تحدث لها معظم الطلاب
باللغة الانكليزية، علماً أن
الترجمة متوافرة للسيدة
الشقراء، التي مارست ساعة من
الاستهانة بعقول مشاهديها، حين
تحدثت عن (أن الولايات المتحدة
ستسهل للفلسطينيين
والإسرائيليين التفاوض), وكأنّ
الولايات المتحدة تأخذ موقفاً
حيادياً من هذا الصراع، وكأنها
لا تقف بالمرصاد لأي قرار دولي
يحاول من قريب أو بعيد، ملامسة
العدالة في فلسطين. وحين سئلتْ
سؤالاً خجولاً جداً عن استمرار
الحصار في غزة، أجابت بما يؤكد
دعمها العقاب الجماعي الذي
يفرضه حكام إسرائيل على
المدنيين العرب في غزة: (حين
نسرع في المفاوضات سنرى تقدماً
هناك، ولكن لا يمكن أن يكون ذلك
إلاّ إذا قرّرت حماس أن تكون
جزءاً من المستقبل), دون أن تشير
إلى مسؤولية الاحتلال وجرائمه
عن حرمان الفلسطينيين من
الحريّة والعدالة طوال أكثر من
ستين عاماً، واعتمدت نفسها
ناطقة رسمية باسم قادة المنطقة
الذين ( تخشى عليهم من الخطر
الإيراني), وعبّرت عن (حرصها
ألاّ تصل الأسلحة النووية إلى
الأيدي التي يجب ألا تصل إليها),
أمّا إسرائيل التي تمتلكها
وتحتل أراضي العرب، وتمارس
الإرهاب داخل فلسطين وخارجها،
فلم تأتِ السيدة الشقراء على
ذكرها. لم يسألها أحد عن المليون أرملة عراقية
التي هي حصيلة الغزو الأميركي
للعراق، ولم يسألها أحد عن ملايين الأطفال
اليتامى في العراق وفي فلسطين،
بفعل سياسة نشر الديمقراطية،
كما لم يسألها أحد عن أسباب
دعمها للاستيطان وهدم المنازل
والعنف الإسرائيلي المتواصل ضد
المدنيين في فلسطين. لقد كان غياب اللغة العربية، والشعور
الطبيعي بحق الدفاع عن العروبة
في تناقض صارخ للاعتزاز الذي
يشعر به المرء في حضور العروبة
واستحضار قيمها وتاريخها، فهل
يمكن إعادة النظر بالنظم
التعليمية في بلدان لغة الضّاد،
من أجل تسليح الأجيال العربية
بالاعتزاز بلغتهم، وحضارتهم،
وقيمهم، قبل الاعتزاز باللغات
الأجنبية التي لا يصعب على أحد
تعلّمها وإتقانها في أيّ عمر
وعند الحاجة. نقلاً عن مركز الحوار
العربي ===================== التعصُّب ... ذلك السوس
الذي ينخر عظام الحضارات عمار علي حسن * صحيفة الحياة – لندن - السبت, 20
فبراير 2010 لا يمكن لعاقلين أن يختلفا على أن التعصب
آفة، لأنه يأكل عقل الفرد
وروحه، ويشتت جهد الجماعة
الوطنية في معارك فرعية، بعضها
قد يتسع ويستفحل ليهدد مصير
الوطن. لهذا علينا أن نتعلم كيف
نتسامح مع الآخرين، وندرك أن
هذه فضيلة لا يمكن التفريط
فيها، وأنها كعادة كل الفضائل
تقع في منزلة بين المنزلتين، أي
في منتصف المسافة بين التعصب
واللامبالاة. إن التسامح هو صورة التكيف التي بمقتضاها
تميل الجماعات المتعارضة إلى
الانسجام المتبادل، وتحاشي
الصراع من أجل التوصل إلى حل
عملي، في ظل مبدأ عدم التدخل في
معتقدات وتصرفات الآخرين التي
لا يحبذها المرء، ولا تروق له.
ومن ثم فإن عبارة «عِش واترك
الآخرين يعيشون» تعتبر مثالاً
مبسطاً وجلياً على التسامح.
وتوجد درجات متنوعة لمبدأ عدم
التدخل، أولها أن يتجاهل المرء
الآراء والأفعال التي لا تُناسب
طبيعته، وثانيها أن يعبر عن عدم
تحبيذه لها، وثالثها أن يحاول
دحض الآراء والأفكار التي لا
يستسيغها. والتسامح، الذي كرس الديبلوماسي والكاتب
الإيطالي مايكل أنغلو
ياكوبوتشي كتابه «أعداء الحوار:
أسباب اللاتسامح ومظاهره»،
لمدحه وتعظيمه، هو من القيم
الأصيلة في ثقافة
الديموقراطية، إذ إن الحريات
الثلاث المرتبطة بالتفكير
والتعبير والتدبير، تنطوي على
تسامح مع المعارضة السياسية، أو
مع الآخر المختلف معنا في
الاتجاهات والتوجهات. ويوصم
بالتعصب والاستبداد كل من يحاول
أن يحرم المعارضين من التعبير
اللفظي والحركي عن أنفسهم، ما
دام قولهم وفعلهم لا يخالفان
القانون، ولا يشكلان اعتداء على
حريات ومصالح الآخرين. وكتاب ياكوبوتشي هو نتاج خبرته العريضة
التي استقاها من أعمال ومناصب
متعددة شغلها في مسيرته
الطويلة، فهو درس القانون
والعلوم السياسية، وعمل في مطلع
حياته ضابطاً في سلاح الجو
الإيطالي، ثم قنصلاً في ملبورن
وممثلاً دائماً لإيطاليا لدى
الوكالة الدوية للطاقة الذرية
في فيينا، ثم مستشاراً سياسياً
لسفارات إيطاليا في دبلن وبكين
وواشنطن، وسفيراً لبلاده في
الجزائر واليونان والبرازيل،
وبعدها متحدثاً رسمياً باسم
الرئيس الإيطالي الأسبق ساندرو
بريتني، فعضو المجلس التنفيذي ل
«يونيسكو»، ورئيساً للمجلس
التنفيذي للاتحاد اللاتيني. ولو عدنا إلى الوراء قليلاً، نجد أن جون
لوك وهو من كبار الفلاسفة
المدافعين عن التسامح الديني في
وجه تعصب الكنيسة وتجبرها، وضع
في كتابه الصغير المهم «رسالة
في التسامح»، مجموعة من
الضوابط، التي لا يمكن تعديها
حتى يصبح التسامح قيمة إيجابية،
ولا ينزلق إلى التساهل أو
اللامبالاة أو حتى ما هو دون ذلك
بكثير. ومن هذه الضوابط رفض
الترويج لمعتقدات وأصول تهدد
بتدمير المجتمع، وإشاعة
الإلحاد والفوضى، وتدمير بنية
الدولة وتعريض مصالحها الوطنية
للخطر، والتعدي على أموال
الآخرين وحرماتهم، وإبداء
الولاء لحكام أجانب، ما يعني
خيانة الوطن، والخيانة ليست
وجهة نظر، بل جريمة بشعة، لا يجب
التساهل أبداً في عقاب مقترفيها.
وأقر الإسلام في نصه ثقافة التسامح
بتأكيده على مبادئ الإخاء
الإنساني، والاعتراف بالآخر
واحترامه، والمساواة بين الناس
جميعاً، والعدل في التعامل مع
الناس بغض النظر عن انتماءاتهم
الدينية والعرقية واللسانية،
وإقرار الحرية المنظمة. وهناك
عشرات الآيات القرآنية التي
ترسخ هذه المبادئ. أما على مستوى
الفلسفة الإسلامية، فربما يكون
الكِندي من أكثر من أقروا ثقافة
التسامح حين دعا إلى خمسة
منطلقات هي: ضرورة البحث عن
الحقيقة لذاتها، وعدم إحاطة رجل
واحد بالحقيقة بل قد لا يحيط بها
الجميع، وتعرض الكل للخطأ، كما
أن الوصول إلى الحقيقة يتطلب
مشاركة الناس جميعاً، وأن
التسامح ضرورة من أجل تحصيل
التقدم. لكن كثيراً من
الممارسات التي قام بها أغلب
حكام المسلمين، ومن تحلق حولهم
من الولاة والأتباع، افتقدت إلى
روح التسامح، وخالفت الكثير مما
جاء في النص القرآني الكريم. واختلف مفهوم التسامح في الماضي عما هو
عليه الآن. فمن قبل اكتسى هذا
المفهوم بطابع أبوي، ولم يكن
ناجماً عن تطبيق مبدأ أو فكرة
عظيمة وعميقة إنما مجرد سلوك
فاضل، ما يعني أن هناك طرفاً
لديه اليد الطولى على طرف آخر،
وأنه يتسامح معه من قبيل العطف
والشفقة أو فعل الخير. من هنا
تبدو فكرة التسامح مرتبطة
بالتعالي والازدراء بل
والطغيان، إذ إننا حين نقول
لشخص إننا نتسامح مع ما يفكر
فيه، فهذا معناه أن تفكيره لا
قيمة له، لكننا سنغض الطرف عن
ذلك من قبيل المجاملة. أما اليوم
فتغيرت النظرة إلى المفهوم منذ
أن ارتبط بشعار «الحرية
والمساواة والإخاء» الذي رفعته
الثورة الفرنسية، حيث تخلى عن
الطابع الأبوي، وأصبح يقوم على
«الحق» الذي لا تفريط فيه،
ويرتبط بالمواطنة، التي تعني
عدم التمييز بين الناس على
خلفيات تتعلق بالدين والمذهب
والعرق واللغة والوضع الطبقي،
ولا يرتبط بالمزاج الشخصي ويجعل
منه أساساً لإقرار التسامح
وكفالته. وفي دورته الثامنة والعشرين التي
استضافتها باريس في تشرين
الثاني (نوفمبر) من عام 1995 اعتمد
المؤتمر العام لمنظمة ال «يونيسكو»
تعريفاً شاملاً للتسامح يرى فيه
ما يلي: 1 - التسامح هو الاحترام والقبول والتقدير
للتنوع الثري لثقافات عالمنا،
ولأشكال التعبير، وللصفات
الإنسانية لدينا. ويتعزز هذا
التسامح بالمعرفة والانفتاح
والاتصال، وحرية الفكر والضمير
والمعتقد. وإنه الوئام في سياق
الاختلاف، وهو ليس واجباً
أخلاقياً فحسب، إنما هو واجب
سياسي وقانوني أيضاً. والتسامح
هو الفضيلة التي تيسر قيام
السلام، يسهم في إحلال ثقافة
السلام محل ثقافة الحرب. 2 - لا يعني التسامح المساواة أو التنازل
أو التساهل، بل هو قبل كل شيء
اتخاذ موقف إيجابي فيه إقرار
بحق الآخرين في التمتع بحقوق
الإنسان وحرياته المعترف بها
عالمياً. ولا يجوز بأي حال
الاحتجاج بالتسامح لتبرير
القيام بهذه القيم الأساسية.
والتسامح هو ممارسة يجب أن يأخذ
بها الأفراد والجماعات والدول. 3 - إن التسامح مسؤولية تُشكل عماد حقوق
الإنسان والتعددية، بما في ذلك
التعددية الثقافية،
والديموقراطية وحكم القانون،
وهو ينطوي على نبذ الدوغماتية
والاستبدادية، ويثبت المعايير
التي تنص عليها الصكوك الدولية
الخاصة بحقوق الإنسان. 4 - لا تتعارض ممارسة التسامح مع احترام
حقوق الإنسان، ولذلك فهي لا
تعني تقبل الظلم الاجتماعي أو
تخلي الفرد عن معتقداته أو
التهاون بشأنها، بل تعني أن
المرء حرّ في التمسك بمعتقداته،
وأنه يقبل أن يتمسك الآخرون
بمعتقداتهم. والتسامح يعني
الإقرار بأن البشر المختلفين
بطبعهم وفي مظهرهم وأوضاعهم
ولغاتهم وسلوكهم وقيمهم، لهم
الحق في العيش بسلام، وفي أن
يطابق مظهرهم مخبرهم، وهو يعني
أيضاً أن آراء الفرد لا ينبغي أن
تفرض على الغير. وعلى رغم الإيجابية التي ينطوي عليها
مصطلح «التسامح» فإن الناقد
الإيطالي أمبرتو إيكو له فيه
رأي سلبي لافت حيث يقول في معرض
تقديمه لكتاب ياكوبوتشي: «هو
مصطلح مبهم، وهو بإيحاز، مصطلح
لا متسامح، حيث إنه يفترض
بالفعل، وفقاً لرافضيه، بأنه
يمكن لنا الاعتقاد بأن شخصاً ما
غير مقبول بشكل أساسي، أو أنه
أدنى منا مرتبة، ولذا فمن
الأفضل تحاشيه، بيد أننا نتسامح
معه من باب الأدب، أو إيثاراً
لمبدأ السلامة». لكن إيكو يمقت
العنصرية البدائية أو «اللاتسامح الحيواني» الذي
يُعزى إلى أسباب بيولوجية،
ويراه الأخطر بين ألوان التعصب
قاطبة. إذ يمكن مواجهة «العنصرية
العلمية» بإبداء الحجج العقلية
المقنعة. ويعود جانب كبير من اللاتسامح في رأي
ياكوبوتشي إلى غريزة العنف لدى
الإنسان، التي بدأت معه منذ بدء
الخليقة، وهو عنف ذو طابع فلسفي
وأخلاقي يتصل بالطبيعة
البشرية، وبقدر الإنسان على
الأرض، لكنه من الناحية العملية
يأتي في صيغة مأزق سياسي في
الغالب الأعم، وهو يتوزع على
أربعة اتجاهات، تتعلق
باللاتسامح الديني، المرتبط
باليقين المطلق في تصور حقيقة
تأتي من الله تعالى، واللاتسامح
الثقافي وهو اليقين المطلق
لحقيقة واحدة تنحدر من الآباء،
واللاتسامح السياسي وهو اليقين
المطلق لحقيقة واحدة تأتي من
عند الرئيس، وأخيراً اللاتسامح
الأيديولوجي وهو اليقين المطلق
أيضاً لكن لحقيقة تأتي من العقل.
وينطلق ياكوبوتشي من هذا ليتتبع استمرار
قيم اللاتسامح وأعراضه في
الأديان والمذاهب والفلسفات
والممارسات البشرية، في مشارق
الأرض ومغاربها. وهو بحث عريض
ومطول وعميق يصفه هو قائلاً: «بحثي
هذا لا يسعى وراء عرض صنائع
السوء، والنفس السوداء لهذا
الدين أو ذاك، أو لأيديولوجية
أو لأخرى، أو لعرق أو لآخر، أو
لحركة سياسية أو لأخرى، بل إنه
يسعى للتأكيد على أننا كلما
مددنا أعيننا في الزمان
والمكان، أدركنا أنه لا يوجد
بشر أو شعوب، فقط من حيث الجوهر،
أخيار أو أشرار، وأنه لا توجد
عقائد أو أيديولوجيات حسنة
تماماً أو سيئة تماماً، بل يوجد
فقط أناس على قناعة راسخة بأن
بعض الأفكار تمثل الخير المطلق،
والأفكار المعارضة تمثل الشر...». ويعود اللاتسامح الذي تنتجه الممارسات
الدينية المجافية لمقاصد
الأديان وغاياتها، في نظر
ياكوبوتشي إلى ثلاثة أسباب
رئيسة، أولها: تسييس الدين، وهو
بدأ في اتحاد مهام الحاكم
والكاهن في شخص واحد أو التحالف
بينهما، الذي استمر قروناً عانت
فيها شعوب الغرب من تبادل
المنافع بين السلطتين الكنسية
والزمنية، وتسخير مختلف
السلطات للدين بتحويله إلى
أيديولوجيا واستغلاله في كسب
الشرعية، والتلاعب بالجماهير،
ورفع الغطاء عن المعارضين
باتهامهم بالرفض أو الهرطقة أو
الردة. وثانيها: هو قيام بعض
رجال الدين في المسيحية
واليهودية، بالحيلولة دون
العلاقة المباشرة بين الإنسان
وربه، عبر الكهنوت. وقيام بعض
علماء الدين ورموزه في الإسلام
بمحاولة لعب الدور نفسه. أما
السبب الثالث، فهو قيام أتباع
كل دين برفض «الأغيار» أو أتباع
الديانات الأخرى، فاليهودية
رفضت المسيحية، والأخيرة ترفض
الإسلام، والأخير لا يرفض
الاثنين لكنه يعتمد مساراً
معيناً لهما، انطوى عليها
القرآن الكريم، الذي يقول: «لا
نفرق بين أحد من رسله». كما أن أتباع الديانات السماوية الثلاث
يرفضون الأديان والمذاهب
الوضعية، ويطلقون على أتباعها
اسم «الوثنيين». وقد بلغ هذا
الرفض ذروته في مصر القديمة،
حيث تم هدم معابد المعرفة
الكلاسيكية، وتحويلها عنوة إلى
كنائس، علاوة على قتل العلماء
والفلاسفة، وفي مقدمتهم
هياباتيا. وهنا يقول ياكوبوتشي:
«بداية من عام 609 م، ومع تكريس
البانثيون في روما أثناء بابوية
بونيفاتشو الرابع بدأ افتتاح
كنائس عديدة فوق المعابد، كنيسة
تلو أخرى». ثم يسرد موجات أخرى
من التعصب باسم المسيحية، مثل
الصراع بين المسيحيين أنفسهم
حول الثوابت العقدية، وموضوعات
الهرطقة الكبرى، ثم حرب الفرنجة
التي رفعت شعار «الصليب»،
وبعدها محاكم التفتيش في القرون
الوسطى، والتي تعد أكثر النقاط
سواداً في تاريخ الكنيسة
الكاثوليكية، وتلاها مطاردة
الساحرات، ثم ظهور
البروتسانتية التي أدت إلى أن
تصير أوروبا مسرحاً لحرب دينية
طويلة، أظهر فيها الطرفان أدلة
متساوية على البشاعة والغلظة،
لم تنته الفصل الأكثر دموية
فيها إلا مع صلح وستقاليا عام 1648
الذي أنشأ مجتمعاً دولياً
جديداً يقوم على أساس الدولة
القومية. لكن قيام الدولة القومية وانتشار التحديث
والحداثة لم يقضيا على الأصولية
المسيحية، التي ولدت في
الولايات المتحدة، وظلت تترعرع
فيها حتى أوصلت أحد رجالها وهو
جورج بوش إلى سدة السلطة، والذي
سعى إلى تنفيذ أكثر أطروحات
الإنجليين تعصباً، باحتلال
العراق وأفغانستان، لتعبيد
الطريق أمام الحرب الأخيرة التي
تشهد عودة المسيح، كما يعتقد
هؤلاء. وجاءت الأصولية
الإسلامية لتجنح بعيداً عن
تعاليم الإسلام التي تحض على
الرحمة، وتؤمن بحرية الاعتقاد،
وتمنع الواسطة بين الإنسان
وخالقه. وأخذت هذه الأصولية،
لاسيما في شقها السياسي، تنتج
خطاباً معادياً للآخر، سواء من
بين المسلمين الآخرين، الذين
يشكلون التيار العريض والعام من
بين شعوب العالم الإسلامي، أو
أتباع الجماعات والتنظيمات
الإسلامية الأخرى، دعوية كانت
أم مسيسة، أو أتباع الديانات
الأخرى. أما التعصب المبني على الثقافة، فيتعلق
بالإجابة على تساؤلات محورية من
قبيل: كيف يمكن قتل شخص ما لمجرد
أنه مختلف عنا؟ وما هو الشيء
الذي يعطي كلمة ثقافة القوة
نفسها التي يتصف بها التعصب
الديني؟ ويدور حول اتجاهين
رئيسيين أولها يطرحه عالم
الأنثربولوجيا جيمس لوفلوك
ويرى أن الإنسان سفاحاً بطبعه،
وأن غريزة الصراع ولدت معه وتظل
مدفونة في جيناته الوراثية.
وثانيها يبديه جان جاك روسو
الذي ينظر إلى الإنسان بوصفه «المفترس
الطيب» الذي صار عنيفاً
بالتدريج بسبب تأثير المجتمع. وينحصر اللاتسامح الثقافي في متقابلات
ومفاهيم وتصوات من قبيل الأنا
والآخر، والرغبات المتعاظمة في
إثبات الذات، والدفاع الأعمى عن
الهوية، والتمركز حول الجماعة،
والتخوف من الأيديولوجيات
المضادة، مثل الهواجس
المتبادلة التي كانت بين
الشيوعية والرأسمالية، والتي
طالما صبت مزيداً من الزيت على
نيران صراعات عديدة في العالم،
ثم فكرة صدام الحضارات التي
صاغها صمويل هنتنجتون ليبرر بها
سياسات المحافظين الجدد في
الولايات المتحدة الأميركية. وهناك أيضاً فكرة «خلق العدو» أو تفصيله
على المقاس، المتوارثة منذ قديم
الزمان. فالإغريق الأقدمون
تحدثوا عن التهديد الفارسي،
والرومان تكلموا عن خطر أهل
قرطاجنة، وتناول الأوروبيون في
زمن نهضتهم أحاديث مسهبة عن
العدو التركي، ثم شهدنا الخطر
الأصفر، ومن بعده الأحمر،
وأخيراً «الخطر الإسلامي»،
الذي لم يقتصر على تبشيع تنظيم
القاعدة وغيره من التنظيمات
السياسية المتطرفة ذات الإسناد
الإسلامي، بل امتد إلى غيرهم من
المسلمين. ويأتي اللاتسامح العرقي ليريق دماء غزيرة
في تاريخ الإنسانية، بدءاً بما
جرى للهنود الحمر لدى اكتشاف
أميركا في 1492 على أيدي الإنكليز
والفرنسيين والأسبان
والبرتغاليين، وانتهاء بما وقع
للمسلمين في البوسنة والهرسك
على أيدي الصرب، مروراً
بالصراعات العديدة في القارة
الأفريقية مثل ما جرى لليهود
على يد النازي، وما وقع بين
الهوتو والتوتسي في رواندا
وبورندي، وما تفعله إسرائيل
بالفلسطينيين. وإذا أمعنا النظر في الجانب الثالث
المتعلق باللاتسامح المستمد من
اليقين العقلي، فنجد أنه على
الرغم من أن العقل يبدو للوهلة
الأولى مناصراً للحوار
ومرادفاً للحكمة والاعتدال
والانفتاح ومؤمناً بالشك الذي
هو توأم التسامح، فإنه لا يخلو
من إنتاج التعصب. ويظهر هذا في
لا تسامح الأنظمة الشمولية
المستمدة من الإيديولوجيات مع
ادعاء العقلية أو حتى العلمية،
ولا تسامح العنصرية التي تتوهم
أن لون البشرة أو شكل الجمجمة هو
سر التميز أو الانحطاط، وتسعى
إلى البرهنة على ذلك بقياسات
علمية مزعومة، ترمي بها إلى
التحايل على مبدأ المساواة،
والاستمرار في عمليات التمييز
والقهر. وفي ظل هذا يقوم بعض
الأيديولوجيين والسياسيين
بالضغط على علماء لتوفير معطيات
حسب الطلب تخدم الرؤى والمسالك
التمييزية، وقد يحدث العكس حين
يشعر الأيديولوجيون والسياسيون
بالرعب من تبعات الاضطهاد
العنصري، ويلجؤون إلى العلماء
ليوفروا أدلة على المساواة بين
البشر. أما اللاتسامح السياسي فتنتجه الأنظمة
المستبدة والشمولية، التي يميز
بعضها بين المواطنين على أساس
النوع أو العرق أو الدين أو
اللغة أو الجهة أو اللون، ويقوم
بعضها بممارسة أقصى وأقسى درجات
التعصب ضد قطاعات من الجماهير
باستبعادها وتهميشها. ولا يبدو
أن هناك من سبيل لإنهاء
اللاتسامح السياسي سوى التعمق
في الديموقراطية، على مستوى
المفاهيم والتطبيقات، لأن
الديموقراطية، مثل التسامح، هي
وسيلة وحل وسط لتحقيق أقصى خير
ممكن لأكبر عدد ممكن من الناس،
من زاوية احترامها للمختلفين في
الرأي والموقف. وما ورد في الكتاب يجعلنا نقول بصراحة
ووضوح جليين إن ترسيخ قيمة «التسامح»
باتت ضرورة في العالم العربي،
الذي يواجه استراتيجيات «الفوضى
الخلاقة» وتتعرض بعض بلدانه
للتجزئة والتقسيم جراء التعصب
المذهبي والعرقي واللغوي،
ويستشري العنف الاجتماعي في بعض
أقطاره حتى صار مرضاً مزمناً.
كما أنه ضروري لنزع الأوهام
والحمولات الزائفة والافتراءات
التي لصقتها قوى معينة في الغرب
بالإسلام، إما لوقف تمدده في
القارة الأوروبية، أو لتبرير
الموجة الجديدة من الاستعمار.
لكن في المقابل فإن العرب بحجة
ماسة إلى التخلص من أي مسرب ولو
ضيق يودي بهم إلى الوقوع في «التساهل»،
الذي طالما أضاع حقوقهم ابتداء
من «سايكس بيكو» وحتى «أوسلو»،
ولا يبدو في الأفق طريق
لاستردادها إلا بالإيمان
القاطع والجازم بأن التفريط
بدعوى «التسامح» و «قبول
الآخر» فكراً وجسداً وقوة،
رذيلة يجب أن تدفن إلى الأبد،
وأن «التطبيع» مع العدو
الصهيوني هو أقصى درجات هذا
التفريط. * كاتب مصري ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |