ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 06/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


عراق ما بعد الانتخابات.. هل من هوية؟

المستقبل - الخميس 4 آذار 2010

العدد 3584 - رأي و فكر - صفحة 19

خيرالله خيرالله

لماذا تعتبر الانتخابات العراقية التي ستجري في السابع من آذار- مارس الجاري مهمة؟ قبل كل شيء ان مجرد حصول انتخابات في بلد مثل العراق، كان الى الأمس القريب ديكتاتورية ذات طابع حزبي وعائلي يشكل في حدّ ذاته انجازا. لو كان هناك حد ادنى من الديموقراطية في العراق، ولو كان هناك برلمان منتخب من الشعب في اجواء تتسم بحد ادنى من الحرية، هل كان في استطاعة شخص مثل صدّام حسين اتخاذ قرار بشن الحرب على ايران في العام 1980 من دون استشارة خبير من الدرجة العاشرة في الشؤون الايرانية. ان اي شخص، عراقي او غير عراقي، يمتلك حدا ادنى من المعرفة في شؤون ايران كان سيقول لصدّام ان شن مثل تلك الحرب سيؤدي الى استفاقة الروح الوطنية عند الايرانيين. وهذا ما حصل بالفعل، كما ادى الى توحيد الايرانيين في ما بينهم، الى حد كبير، بما في ذلك المؤسسة العسكرية، وسيرهم خلف النظام الجديد الذي اسسه الامام آية الله الخميني.

ما ينطبق على موضوع الحرب العراقية- الايرانية، ينطبق ايضا على المغامرة المجنونة التي اقدم عليها النظام العراقي السابق في العام 1990 عندما غزا صدّام الكويت في الثاني من آب من تلك السنة. لم يجد صدّام وقتذاك، بسبب غياب الديموقراطية والبرلمان، من يقول له انه لن يجد كويتيا يقبل التعاون معه ومع ما يمثله، وان الشيخ فهد الأحمد الذي كان من اشد المتعاطفين مع العراق في مرحلة ما لأسباب وطنية اوّلا ذات علاقة بانتمائه العربي، سيكون في طليعة المتصدين للاحتلال وسيستشهد في المواجهة مع الغزاة... الذين هزمهم الكويتيون أوّلا، ألى ان تكفّل المجتمع الدولي باخراجهم من الأراضي الكويتية.

في الامكان اختصار المأساة العراقية في غياب المؤسسات. كان القرار العراقي في يد شخص واحد وحيد لا يتجرأ احد على مناقشته في اي موضوع كان. ولذلك، ترتدي الانتخابات العراقية اهمية خاصة. هل هي خطوة اولى على طريق بناء مؤسسات ديموقراطية ام انها ستثبت النظرية التي ينادي بها كثيرون داخل العالم العربي وخارجه فحواها ان العراق لا يمكن ان يحكم إلا بيد من حديد؟ هل تؤكد الانتخابات ان لا مجال لاعادة بناء المؤسسات العراقية على اسس حديثة بعدما قضى النظام السابق على النسيج الاجتماعي للبلد وبعدما لعب الأميركيون الدور الأساسي في اثارة النعرات والغرائز الطائفية والمذهبية والقومية والمناطقية، فلم يعد هناك مجال للحديث عن قيام عراق موحّد في يوم من الأيام؟

تطرح الانتخابات العراقية اسئلة عدة مرتبطة بمستقبل البلد وحتى بمستقبل المنطقة ككل. فما لا يمكن تجاهله ان العراق الذي عرفناه حتى العام 2003، تاريخ الاجتياح الأميركي للبلد كان ركنا من اركان الخريطة الجغرافية والسياسية للشرق الأوسط الحديث والنظام الاقليمي الذي نشأ بعد انهيار الدولة العثمانية في العشرينات من القرن الماضي. في مقدم الأسئلة التي تطرحها الانتخابات العراقية، هل تقوم سلطة جديدة في العراق تستند الى مؤسسات ديموقراطية؟ كيف ستكون عليه العلاقة بين السنة والشيعة، ثم بين العرب والأكراد؟ كيف ستوزع عائدات النفط على المواطنين؟ هل تكون هناك حكومة مركزية قوية في بغداد، ام ان الاتجاه الى فيديرالية رخوة تمهد لانفصال الأكراد والجنوب في مرحلة لاحقة، اي متى تنضج الظروف لذلك؟ وربما كان السؤال الأهم: ماذا سيكون عليه الدور الايراني في العراق، خصوصا انه يتبين، كلما مرّ يوم، ان الرابح الأول، وربما الوحيد في الحرب الأميركية على العراق كانت ايران التي كانت شريكا غير مباشر في الحرب الأميركية، بل شجعت على احتلال العراق بشكل مباشر وغير مباشر في الوقت ذاته...

قبل سقوط صدّام حسين ونظامه، كان السؤال المطروح مرتبطا بطبيعة النظام الجديد الذي سيلي رحيل صدّام ورجاله وافراد عائلته. الآن وبعد سبع سنوات من التخلص من النظام ومن صدّام، بات مطروحا قبل ايام من الانتخابات مستقبل العراق. ما على المحك مستقبل البلد، وحتى مستقبل المنطقة، وليس مستقبل النظام في غياب القدرة، اقله الى الآن، على اقامة نظام جديد. كل ما يمكن قوله للأسف الشديد، في ضوء الأحداث التي تخللت مرحلة ما قبل الانتخابات ان هناك احتقانا كبيرا على كل الصعد وان ليس ما يشير الى ان حدة التناحر خفت اكان ذلك بين الطوائف والمذاهب او القوميات. ما يحول حاليا دون عودة العنف بين الطوائف والمذاهب والحد من الرغبة في اجتثاث الآخر الوجود العسكري الأميركي. هذا الوجود لا يمكن ان يستمر الى ما لا نهاية في ضوء رغبة الرئيس باراك اوباما في التزام المواعيد التي سبق له وحددها في شأن الانسحاب. هناك قسم كبير من القوات سينسحب على مراحل هذه السنة ويفترض بالقسم الباقي الانسحاب السنة المقبلة بعد تموضع هذا القسم في قواعد خارج المدن بعيدا عن اي تدخل في الشؤون الداخلية.

ماذا سيفعل العراقيون عندما لا يعود هناك من يفصل بينهم، هل الانتخابات خطوة على طريق تأكيد انه بات في استطاعتهم الامساك بمقدراتهم ام ان كل ما يمكن توقعه انفلات للأمور بشكل حرب اهلية، علما ان هذه الحرب مستمرة، ولكن على نار خفيفة منذ العام 2003 ، عندما بدأ الأميركيون عن طريق ممثليهم في العراق التمييز بين المواطن والآخر بسبب طائفته او مذهبه او القومية التي ينتمي اليها.

تبدو الانتخابات العراقية مفصلية. سيتبين بعدها هل يقوم العراق مجددا، كدولة ذات هوية واضحة، ايا تكن هذه الهوية، ام كل ما في الأمر ان الهدوء النسبي الذي ساد في الأشهر القليلة الماضية والذي تخللته عمليات تفجير عدة، لم تحل دون اجراء الانتخابات، لم يكن سوى ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة...

==========================

مخطط صهيوني خطير ينفذ على مراحل

سمير جبور

3/4/2010

القدس العربي

إنشغلت الأدبيات العربية دائما وأبدا في استقراء الأهداف الصهيونية في المنطقة العربية محاولة إستنباط الهدف النهائي للصهيونية. ولم يكن هناك جزم قاطع بأن الحركة الصهيونية هي حركة واحدة ولها مخطط واحد وبرنامج واحد وآيديولوجية واحدة وأطماع واحدة غير محدودة. على الرغم من بروز تيارات وأحزاب ذات توجهات متباينة ظاهريا، فانها كلها تتمسك ببرنامج واحد كما أثبتت - ولا تزال - ممارساتها الفعلية على الأرض.

ومنذ قرن من الزمن والحركة الصهيونية تحاول خداع البشر بزعمها ان هناك 'تيار الحد الادنى' الذي يكتفي بالسيطرة على جزء من فلسطين التاريخية مثل 'مشروع آلون'، الذي وضعته الحركة العمالية في اعقاب عدوان 1967، والذي يقضي بضم المناطق غير المكتظة بالسكان الى اسرائيل، ولكنها لم تكن جادة ابدا في الانسحاب من أي جزء من تلك الأراضي. وحتى عندما وافق اسحاق رابين في اعقاب اوسلو على اقامة دولة فلسطينية، كان يعتبر ان هذا حلا مرحليا سينتهي في النهاية الى ترحيل العرب، واستكمال السيطرة الصهيونية على فلسطين بأسرها، إلاّ أن 'اليمين' الصهيوني لم يسمح له بممارسة هذه اللعبة ، فقرر اغتياله واستغلال نتائج اوسلو لضرب الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية وإحداث الانشقاق الرهيب في صفوفها، كما نشاهد اليوم، وما بدأه نتنياهو في سنة 1996 عندما ترأس الحكومة الأسرائيلية (حفريات المسجد الأقصى ومصادرة اراضي ابو غنيم التي اقيمت عليها مستعمرة ونشوب الأنتفاضة الثانية ) انما يستكمله الآن .

ثم ان ما يسمى 'تيارالحد ألأقصى ' الذي تمثله أحزاب اليمين بكل تناسخاتها الدينية و' القومية ' هي التي تعبر عن حقيقة المشروع الصهيوني في المنطقة العربية بصراحة . فالأحزاب التي تعبّر بالفعل عن الأهداف الصهيونية الحقيقية في المنطقة العربية هي احزاب اليمين. فهذه الاحزاب، الحاكمة الآن، رفعت شعارا تاريخيا: 'لنهر الاردن ضفتان'. أي إقامة اسرائيل الكبرى على أراضي فلسطين التاريخية وشرق الاردن. الا انها اخذت تتراجع عن هذا الهدف لتستبدله بإقامة دولة فلسطينية في الارد ن، واستكمال السيطرة الصهيونية الكاملة على اراضي فلسطين التاريخية .

ومنذ 'الانقلاب' اليميني بعد اندحار الأحزاب العمالية وفي سنة 1977، عندما ترأس مناحيم بيغن اول حكومة يمينية في تاريخ اسرائيل، واحزاب اليمين بتحالفاتها المختلفة تعمل على تحقيق هذا الهدف. وحتى عندما وقعت حكومة بيغن على معاهدة 'سلام' مع مصر، أراد إخراج مصر من دائرة النزاع لكي ينطلق الى السيطرة على فلسطين كلها، رافضا الأعتراف بالحقوق الفلسطينية اولا، وأغراق مصر في متاهات السلام المزيّف لاضعافها وربطها بالمشروع الاستعماري الامبراطوري ووضعها تحت رحمة المساعدات الامريكية التي يتحكم بها اللوبي الصهيوني ثانيا، كما يحدث الآن.

مخطط خطير يعكس ما يجري على الارض الآن

لقد لفت انتباهي مؤخرا وثيقة مهمة نشرت باللغة العبرية على موقع الأنترنيت* تحمل عنوان

' المخطط ألأقليمي للسلام'

'في اعقاب الحرب على العراق: فرصة تاريخية لحل إقليمي

للنزاع الأسرائيلي - الفلسطيني'

وضعها الحاخام بيني إيلون الذي ترأس حزب 'موليدت' (الوطن)، احد الاحزاب الشوفينية، وعمل وزيرا للسياحة ، ونشرها في العام 2003. وهي بمثابة مشروع متكامل وصريح. ولا يمكن القول ان إيلون هذا جلس وراء مكتبه ووضع هذا المخطط الذي تبلغ صفحاته 17 صفحة مدونا التفاصيل الدقيقة للمشروع، بل أخرجه من الارشيفات الصهيونية. وعلى الرغم من ان هذا المخطط وضع قبل سبعة أعوام واغفلته وسائل الأعلام العربية والاجنبية، ربما لانه يمثل 'حزبا صغيرا'. بيد ان الخوض في تفاصيل هذا المخطط ومراحله يؤدي الى استنتاج ان هذه الوثيقة هي البرنامج الصهيوني الحقيقي للسيطرة على فلسطين باسرها، واقامة دولة صرف يهودية بعد ترحيل السكان الفلسطينيين الأصليين سواء المقيمين في داخل اسرائيل او في المناطق المحتلة. كما يعلن الوزير العنصري أفيغدور ليبرمان وكما اعلنت في السابق تسيبي ليفني زعيمة حزب 'كاديما'. ومشاريع الترحيل موجودة في خزائن جميع الاحزاب الصهيونية بكل مشاربها.

ويقول إيلون في مقدّمة المخطط ان الحرب على العراق وفرت الفرصة لتحقيق المشروع الصهيوني مما يدل على ضلوع الحركة الصهيونية في شن الحرب على العراق للأنطلاق نحو تصفية القضية الفلسطينية، فكتب يقول :

'بعد الارتجاج الذي أحدثه الانتصار الأمريكي في العراق، نشأ التزام أمريكي بصهر قيم الديمقراطية في الشرق الاوسط، وإنشاء خريطة سياسية جديدة.. فهذه فرصة تاريخية لإشراك الدول العربية في حل المشكلة الفلسطينية وحشد الدعم والتمويل الدوليين لهذا الغرض'.

ويكشف ايلون النقاب عن تصميم اسرائيل على الحؤول دون قيام دولة فلسطينية :

'إن المخطط الاقليمي للسلام يقترح خريطة جديدة وبسيطة، حيث يكون نهر الاردن فيها فاصلا بين الدولة القومية اليهودية (من الغرب منه) وبين الدولة القومية الفلسطينية (من الشرق منه). وسوف يكون سكان يهودا والسامرة وقطاع غزة العرب مواطني الدولة الفلسطينية التي ستكون عاصمتها عمّان'.

ويعرض ايلون بعض عناصر الحل مستخدما عبارات تمويهية خادعة، ولكنها تعبر عن خطوات اكيدة لتثصفية القضية الفلسطينية:

'إزالة الخطر الذي يهدد وجود إسرائيل كدولة يهودية

منح تعبير قومي وحقوق كاملة لجميع الفلسطينيين

تأهيل كامل وشامل لللاجئين

تسوية دائمة وفورية لإنهاء النزاع'

وعرض المخطط ستة مراحل لتنفيذ هذه الأهداف الصهيونية :

'1- حل السلطة الفلسطينية،

2 - تصفية الارهاب،

3- تطوير الاردن كدولة قومية فلسطينية ،

4- بسط سيطرة اسرائيل على يهودا السامرة وغزة،

5- تأهيل اللاجئين وتبادل السكان كدولة قومية فلسطينية

6 - السلام والتطبيع'.

ومتى تتبعنا ممارسات الحكومة الأسرائيلية الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو وحتى الحكومات السابقة، نجد انها تطبق هذا المخطط بحذافيره. مثلا: يجري السعي الصهيوني الى حل السلطة على قدم وساق، إن بالتشكيك في شرعيتها وصلاحيتها للحكم، او باتهامها بانها تشجع 'الارهاب'. ولم يكن اغتيال المرحوم ياسرعرفات الا خطوة بارزة في هذا السبيل.

والقصد من عبارة 'تصفية الارهاب' هو القضاء على المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال بكل الوسائل السياسية والعسكرية وآخرها الحرب على غزة وعمليات الاجتياح وألأعتقالات في الضفة الغربية.

ثم أن تحويل شرق الاردن الى دولة فلسطينية لم ينزل عن جدول أعمال الحركة الصهيونية لأنها تعتبره الحل الوحيد للقضاء على اي احتمال لقيام اي نوع من السيادة الفلسطينية.

واما بالنسبة لبسط سيطرة اسرائيل على الاراضي المحتلة، فانها تطبق هذا الهدف بواسطة عمليات إلأستيطان والتهويد التي لم تتوقف على ألأطلاق.

و' تأهيل' اللاجئين يقصد منه القضاء على حق العودة وتوطينهم في الدول العربية بعد تفكيك المخيمات وهذا ما تدأب عليه اسرائيل دائما وابدا . فالاجتياحات والقصف الجوي والمدفعي للمخيمات ومحاولة القضاء على مؤسسة الأونروا تصب كلها في هذا الاتجاه.

ثم أن 'السلام والتطبيع' فالقصد منه فرض علاقات بشروط اسرائيلية على الدول العربية من اجل السيطرة على مواردها في المدى البعيد. علاوة على توثيق ربطها بالعجلة الصهيونية الغربية كما فعلوا مع مصر.

هذه هي الأهداف الحقيقية للمشروع الصهيوني، فاذا تجاهلها العرب، فانهم كمن يدفن رأسه في الرمال. واذا اراد القادة العرب وضع استراتيجية في مؤتمرهم المقبل في ليبيا، عليهم دراسة هذا المخطط بتفاصيله لكي يعرفوا اين هم سائرون.

' كاتب فلسطيني يقيم في كندا

======================

تركيا تشهد مواجهة بين القوى الديمقراطية والدولة المستترة

د. بشير موسى نافع

3/4/2010

القدس العربي

دعا الرئيس التركي عبد الله غول إلى لقاء غير مسبوق بين رئيس الوزراء التركي، الطيب رجب إردوغان، ورئيس أركان الجيش التركي الجنرال إلكر باشبوغ يوم 25 شباط/فبراير المنصرم.

الذي دفع غول إلى الدعوة لهذا اللقاء، الذي عقد برئاسته، كانت أجواء الأزمة الثقيلة التي خيمت على العاصمة التركية. بالرغم من حنكة غول، وحرصه الذي يفرضه عليه منصبه الرئاسي على الارتفاع فوق المعسكرات الحزبية والسياسية وتعهده دور الحكم والحارس لوحدة الدولة واستقرارها، فقد شاب اللقاء شيء من التوتر. توجه إردوغان بعد نهاية الاجتماع الثلاثي إلى مبنى البرلمان التركي، وفي تصريحات سريعة ومختصرة للصحافيين، أعرب عن سعادته للنتيجة التي تم التوصل إليها في الاجتماع، وأشار إلى أن قادة البلاد الثلاثة اتفقوا على معالجة الأزمة القائمة وآثارها ضمن الأطر الدستورية.

خلال الأيام القليلة السابقة، كانت تركيا قد أصبحت سوقاً رائجة للشائعات، التي دارت في جلها حول انقلاب عسكري وشيك؛ ولذا، فبالرغم من أن تصريحات إردوغان المقتضبة ساعدت في تخفيف حدة التشاؤم في البلاد، إلا أنها لم تكن كافية لإيضاح صورة ما شهده اللقاء الثلاثي بالفعل. وحتى أولئك الذين جزموا بأن تركيا لم تعد ميداناً للانقلابات العسكرية، توقعوا أن يكون رئيس الوزراء قد تراجع خطوة أو خطوتين أمام ردود الفعل القلقة للمؤسسة العسكرية، وأنه ربما تعهد لرئيس الأركان بإيجاد مخرج ما لتخليص الضباط الكبار المقبوض عليهم من الاتهام والمحاكمة. ولكن بيان إردوغان أمام البرلمان التركي في اليوم التالي جاء مفاجأة لكافة الدوائر. فقد أعلن رئيس الوزراء أمام نواب الشعب، بصراحة ووضوح غير مسبوقين، أن تركيا لن تسمح بعد اليوم بإفلات المتآمرين خلف الأبواب المغلقة من العقاب، وأن القانون سيطال كل من يمس المؤسسات الدستورية ويحاول تقويض إرادة الشعب. في الوقت نفسه، كانت السلطات العدلية تلقي القبض على عدد جديد من الضباط المتهمين بالتآمر والتخطيط لأعمال انقلابية، كما عرض ضباط آخرون أمام القضاء لتوجيه لوائح اتهام لهم. تعرف الأتراك منذ زمن على شجاعة رئيس وزرائهم، ولكن قلة منهم أدركت المدى الذي يمكن أن يذهب إليه في مواجهة القوى الخفية التي اعتادت منذ زهاء نصف القرن التحكم في مصير البلاد وقرارها، بلا حسيب ولا رقيب، بل وأن يمضي إرادته.

بالرغم من تصاعدها الملموس في الأسابيع القليلة الماضية، فإن القضية التي فاقمت أزمة العلاقة بين الجيش التركي ومؤسسات الحكم والعدل المدنية ليست جديدة. وربما تعود جذور هذه القضية إلى اكتشاف وكيل نيابة بمدينة اسطنبول، قبل أكثر من عامين، أثناء التحقيق في قضية قتل غامضة، لمخزن سلاح وذخائر في منزل يعود لضابط تركي في إحدى ضواحي المدينة. تصميم وكيل النيابة على كشف غوامض حادثة القتل ومخزن السلاح الغريب، أوصل الأمور إلى ما بات يعرف في تركيا بملف الأرغنكون، المنظمة السرية المشكلة من عناصر عسكرية عاملة وسابقة، وكتاب وصحافيين ورجال قضاء وأعمال، والتي تعود في أصولها إلى سنوات الحرب الباردة. المنظمة التي يفترض أنها كانت إحدى الكيانات السرية، التي شكلت لمواجهة خطر احتلال تركيا من قبل الاتحاد السوفياتي في حال نشوب حرب بين الكتلة الشيوعية وحلف الأطلسي، لم تحل بعد نهاية الحرب الباردة، بل تحولت إلى منظمة إجرامية، تتقاطع داخلها مجموعات قومية وعلمانية وانقلابية متطرفة، تستهدف الحفاظ على الوضع القائم في البلاد منذ انقلاب 1960، الذي وفر للمؤسسة العسكرية وحلفائها دوراً فاعلاً ومستتراً في بنية الدولة التركية. طبقاً للتحقيقات التي لا يتوقع لها أن تنتهي قريباً، فإن عناصر تنتمي إلى منظمة الإرغنكون تعهدت خلال العقدين الماضيين عدداً لم يحدد بعد من جرائم اغتيال شخصيات رأت المنظمة بأنها تهدد وحدة تركيا ونظامها القومي، كما لعبت دوراً إجرامياً في ملاحقة وقتل العشرات، وربما المئات، من النشطين الأتراك، أو المشتبه بدعمهم لحزب العمال الكردستاني.

قبل شهور قليلة، أوصلت التحقيقات في نشاطات الأرغنكون وكلاء النيابة العاملين في القضية إلى ضباط عاملين في الجيش وإلى قلب المؤسسة العسكرية. واستدعى استمرار التحقيقات أن يطلب رئيس الوزراء من رئيس الأركان، في اللقاء الأسبوعي لهما، السماح لوكلاء النيابة بدخول ما يعرف بالغرفة الكونية في قيادة أركان الجيش، الغرفة التي يحفظ فيها أكثر أسرار المؤسسة العسكرية حساسية، ولم يحدث أن دخلها مسؤول مدني قط من قبل. وقد حدث أن البحث الذي أجراه وكلاء النيابة في غرفة أسرار الجيش أوصلهم إلى خطة انقلاب عسكري، أعدها فريق من الضباط بعد فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات نهاية 2002. تضمنت الخطة بعضاً من الخطوات البشعة التي كان الضباط الانقلابيون سيتخذونها للتمهيد للانقلاب، بما في ذلك التسبب في اشتباكات عسكرية محدودة مع القوات اليونانية في منطقة بحر مرمرة، وتفجير عبوات في المصلين عقب صلاة الجمعة في بعض من أكبر مساجد اسطنبول وأكثرها اكتظاظاً. اكتشاف هذه الخطة الإجرامية للتآمر على حكومة منتخبة ولإجهاض الإرادة الشعبية، في مقر مركزي لقيادة الأركان، أدى إلى موجة جديدة من الاعتقالات، التي طالت بعضاً من أبرز الضباط السابقين، بما في ذلك قادة أسلحة الجو والبحرية والجيش التركي الأول، وبعضاً من الضباط العاملين. منذ انقلاب 1960، شهدت تركيا عدداً من الانقلابات العسكرية الصريحة أو غير الصريحة؛ ولم يحدث مطلقاً أن قدم أي من الضباط الانقلابيين للمحاكمة. أما أن يستدعى ضباط للقضاء بتهمة التخطيط للانقلاب، فلم يخطر ذلك على أكثر الخيالات جموحاً. وهذا بالتأكيد ما أثار ردود الفعل الحادة في أوساط أنصار الوضع الراهن، ومن استشعروا عزم حكومة العدالة والتنمية على إصلاح شأن الدولة التركية، مرة وإلى الأبد.

الجنرال باشبوغ، الذي تبوأ قبل إختياره رئاسة أركان الجيش موقع قائد القوات البرية، يتمتع بسجل عسكري لامع وشعبية كبيرة في أوساط الجيش؛ وعرف بأنه واحد من أكثر جنرالات الجيش تسييساً وقدرة على تقدير الموقف. ليس ثمة من دليل، مباشر أو غير مباشر، حتى الآن على الأقل، على أن للجنرال صلة ما بالدوائر الانقلابية أو التآمرية الخفية في أوساط الجيش. ويواجه الجنرال وضعاً بالغ التعقيد والحساسية، لم يسبق لقائد أركان تركي أن واجهه منذ قيام الجمهورية. فمن ناحية، وفر الاتساع المطرد في التحقيقات المتعلقة بملف الإرغنكون فرصة سانحة لبعض الدوائر الليبرالية والإسلامية المعادية لنفوذ الجيش السياسي وسجله الطويل في التحكم المستتر في شؤون الدولة والحكم، للهجوم على المؤسسة العسكرية، ومحاولة إعادتها إلى حدودها الدستورية في شكل قاطع ونهائي. ومن ناحية أخرى، يتطلب موقع رئاسة الأركان من الجنرال باشبوغ الدفاع عن كرامة الجيش والحفاظ على معنوياته، سيما وأن بعض المشتبه بهم هم من زملائه الذين عرفهم وخدم إلى جوارهم لسنين طويلة.

يدرك الجنرال، بالطبع، أن التحقيقات الجارية لا تمثل افتراءاً على الجيش، وأن الأدلة المتوفرة لدى المحققين تؤسس لشكوك واتهامات بالغة الخطورة. والأرجح أن رئيس الأركان، وأغلب قيادات الجيش الحالية، قد توصل إلى قناعة راسخة بأن تركيا قد تجاوزت عهد الانقلابات العسكرية، وأن محاولة للانقلاب على حكومة منتخبة، تستند إلى سجل هائل من الإنجازات الاقتصادية والسياسية والسياسية الخارجية، ستواجه معارضة واسعة النطاق من كافة دوائر الشعب التركي، وربما تنتهي بكارثة محققة على تركيا والدولة الجمهورية. في مثل هذا الوضع الحرج من القوى والتيارات المتدافعة، لم يعد أمام رئيس الأركان سوى القبول بعزم وتصميم رئيس الوزراء على إعادة بناء الدولة والحكم من جديد، والركون إلى مصداقية نواياه، سيما وأن ليس ثمة من دليل على تدخل حكومة إردوغان في الدوائر العدلية أو في مجرى التحقيقات، سوى ما تستدعيه حساسية القضية من ضرورة التدخل بين وقت وآخر لتأمين حماية وتسهيل عمل وكلاء النيابة المختصين.

من جهة أخرى، يشير المقربون من رئيس الوزراء إلى أن هذه القضية تسببت في هموم ثقيلة له طوال العامين الماضيين. يؤمن إردوغان أن الجيش التركي هو في النهاية جيش الشعب، وليس جيش حفنة من الجنرالات المتآمرين، الذين نصبوا أنفسهم أوصياء على الدولة والشعب، والمسكونين بأوهام السيطرة والمخاوف المضخمة على مصير الدولة والبلاد. ويؤمن بأن الدول القوية، الدول التي تطمح إلى تعهد دور كبير في إقليمها وعلى المسرح العالمي، تحتاج جيشاً قوياً. ولكنه يؤمن كذلك بأن قيام الجيش بالتدخل في الشأن السياسي طوال نصف القرن الماضي، جر على الجيش وعلى تركيا كوارث لا حد لها؛ وأن الوقت قد جاء لتعزيز الديمقراطية التركية، ووضع نهاية للتحكم المستتر وغير الشرعي في شؤون الحكم. ولم يعد خافياً أنه كلما اقتربت التحقيقات من مواقع ودوائر ومستويات أكثر حسياسية وإثارة للجدل، كلما ازداد عزم رئيس الوزراء على المضي بمشروعه الإصلاحي إلى نتائجه المنطقية.

الشائع في أوساط المراقبين للشأن التركي أن الجيش لم يكن يحتاج دائماً اللجوء إلى وسيلة الانقلاب العسكري لإسقاط حكومة ما وتنصيب أخرى. في بعض المناسبات، لم يكن على الجيش سوى أن يكلف أحد كولونيلات قيادة الأركان الاتصال هاتفياً بأحد الكتاب أو الصحافيين، ليطلب منه نشر مقال ما بلغة ما. مجرد ظهور مثل هذا المقال في صحف صباح اليوم التالي كان يؤدي إلى تقديم رئيس الوزراء استقالته قبل حلول المساء. مثل هذا العهد، على الأرجح، هو في طريقه الآن إلى الانتهاء.

' كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

====================

الباسدران قطب رحى نظام تتربص به الديكتاتورية

الاربعاء, 03 مارس 2010

ماري - كلود دوكان *

الحياة

في أثناء جولتها الخليجية الأخيرة أعربت هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأميركية، عن خشيتها من تحول إيران «ديكتاتورية عسكرية». والمسألة تشغل محللين كثراً منذ انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد الى ولاية ثانية قبل 8 أشهر، ورد النظام على التظاهرات السلمية بحملة قمع دامية. وفي ذكرى انقضاء 31 عاماً على الثورة الإسلامية، في 11 شباط (فبراير)، عمد الحكم الى نشر قوات عسكرية اختصر نشرها الاحتفال. وكانت السيدة كلينتون قالت: «إننا نرى ان الحرس (الثوري) يحلون محل الحكومة في إيران».

والحرس يتولون القمع من جهة، وهم سند استمرار النظام، من جهة أخرى. فقطاعات كاملة من الاقتصاد بيدهم، ومعظم البرنامج الصاروخي الباليستي والنووي كذلك. ويشرفون على الشطر الغالب من أجهزة الاستخبارات. وعلى هذا فهم مفتاح الإجابة عن حل الأزمة: هل يقمعون حركة الاحتجاج قمعاً دامياً أم يستولون على الحكم على الطريقة الباكستانية؟ أم يتولون التحكيم في النزاع بين كتل الحكم؟ فهذه المخارج كلها جائزة. غير ان سلك النخبة هذا ليس متجانساً، ولا واحداً، وتتنازعه الكتل والخلافات، وتحول دون تقرير السياسة التي قد ينتهجها على وجه جازم.

والحرس جيش إيديولوجي في خدمة مبادئ الثورة أنشأه آية الله خميني في 1979 حين استيلائه على الحكم. وارتقى الجيش هذا مكانته في اثناء حرب إيران - العراق (1980 - 1988) التي حصدت مليون قتيل، وخاضها المقاتلون في الرمال على حدود البلدين. وما ان وضعت الحرب أوزارها حتى أعلن أبطالها عزمهم على إبداء الرأي في شؤون الجمهورية التي حاموا عنها وحفظوها. وسرعان ما أثقلوا على مواطنيهم، على رغم نازع هؤلاء الى تمجيد الشهادة القومية. ولم يكتم «الباسدران» استياءهم من استيلاء العلماء المعممين على معظم مرافق الحكم في الجمهورية الإسلامية الفتية. وعمد الرئيس هاشمي رفسنجاني (1989 - 1997) الى اقتراح انخراطهم في الحياة الاقتصادية، جواباً عن تململهم. ودعاهم الى خوض معركة إعمار ايران بديلاً من الحرب العسكرية.

ويروي محسن سازغارا، احد قادة الحرس الثوري الأوائل، ورئيس معهد الدراسات الإيرانية المعاصرة بواشنطن اليوم، ان الخطوة الأولى مشاها الحرس في قاعدة خاتم أولانبيا الهندسية، في الجنوب الشرقي من ايران حيث تراكمت كمية كبيرة من مواد البناء. ولم يلبثوا ان تولوا خطط بناء وتجهيز متفرقة، وعمدوا الى توقيف منافسيهم على الالتزامات، وفرضوا العقود بالقوة، ولم يتورعوا عن التهريب وتعاطي السوق السوداء، وامبراطوريتهم الواسعة، اليوم، تبسط سيطرتهم على الغاز والسوق العقارية والنفط بينهما.

وفي أثناء ولايتيه (1997 - 2005) نأى الرئيس السابق محمد خاتمي بنفسه وحكومته عن الحرس. وحجته فقرة من وصية آية الله خميني تدعو الى تجنب «عسكرة» الجمهورية الإسلامية، وتنهى عن انخراط الشرطة و «الباسيج» (الميليشيا) وحرس الثورة وجنود القوات المسلحة في العمل الحزبي والسياسي والحق ان الوصية تغفل الموازين السياسية وتقلبات التحالفات. فلما انتخب محمد خاتمي الى الرئاسة، خشي المرشد، علي خامنئي، نتائج سياسة الانفتاح التي انتهجها الرئيس الجديد وتهديدها النظام الإسلامي الذي يتولى هو الولاية عليه وقيادته. ولم يحظ خامنئي بمساندة العلماء لمعارضته خاتمي وعرقلة إدارته وسياسته. فاستعاض عنهم بترفيع الباسدران وأعوانهم من الباسيج، وتقريبهم من دوائر النفوذ. وفي أواخر التسعينات، بادر عملاء الاستخبارات المؤتمرون بأوامر بعض متطرفي الأصوليين الى اغتيال بعض المثقفين والمعارضين الإيرانيين. وتذرع السيد خاتمي بالحادثة الى تطهر الأجهزة. فلجأ معظم المستبعدين الى قيادة أركان منسقيه «الباسيج» بطهران، في مركز «سار الله» («دم الله»).

فنشأت شبكة استخبارات موازية سراً. وبسطت سيطرتها على 40 سجناً ومعتقلاً. وحظيت الشبكة برعاية محمد حجازي، وهو عضو في قيادة «الباسدران» ووثيق الصلة ب «الباسيج»، ويتمتع بعطف مكتب المرشد الذي شمل العمل بملاحظته. ومحمود أحمدي نجاد هو أحد ناشطي هذا الوسط. وكان يتردد في هذه الأثناء على أصوليي الأجهزة المستبعدين و «المطهرين»، الحالمين بثورة لا تفتر ولا تهدأ. وانشغل أصوليو الأجهزة بعض الوقت بتعقب المعارضين في غرب أذربيجان قبل تقربهم من فيلق القدس في الحرس. ويضطلع الفيلق بتصدير الثورة الى لبنان وغيره من البلدان.

وبدأ الحرس الثوري هجومه السياسي في انتخابات 2004 الى مجلس الشورى (النواب). فانتخب 125 نائباً (من 290) من الحرس. وتوج هجومه بانتخاب أحمدي نجاد الى رئاسة الجمهورية في العام التالي. وكان دوره، الى دور «الباسيج»، حاسماً. وأتبعت شبكات الباسيج وقاعدة «سار الله» انتصارها بوضع حلفها تحت رعاية هاشمي ساماري، أحد أخصاء خامنئي ومكتبه حيث مجتبى، ابن المرشد، يحل ويعقد.

وخرجت حرب أجهزة الاستخبارات الى العلن مع افتضاح مسألة قمع المتظاهرين والخلاف عليه. فخسر غلام حسين محسني إجائي، وهو طعن في المحاكمات وفي «إقرار» المعارضين المزعوم واعترافاتهم في السجون، الجولة وأقيل من منصبه، ومعه مئات الموظفين من عملاء الأجهزة. وانفردت أجهزة الحرس الثوري بالسيطرة. وهي تدين بالولاء الى عالمين معممين، حسين تائب وأحمد سالك. وتقلب الاثنان في مناصب استخبارية وحرسية عالية، والثاني شارك في إنشاء فيلق القدس، ويعمل في مكتب المرشد.

وليس أحمدي نجاد إلا الجزء الظاهر والمرئي من جبل الثلج الخفي هذا، ومن تيار ينشط في سبيل الاستيلاء على قيادة الدولة ومرافقها. فهل يصدق القول ان جمع الحرس القوة العسكرية الى السلطة الاقتصادية والسلطة السياسية خوله إحكام الطوق على النظام كله؟ يغفل القول الجازم هذا ظهور تصدعات بين الكتل المتحالفة في مناسبة حوادث ماضية. ففي 1994، بقزوين، رفض بعض ضباط الحرس إطلاق النار على المتظاهرين. وآذن رفضهم بصدع قومي إثني. وظهر صدع «تكتيكي» في 1999، في اثناء قمع حركة الطلاب وميل مسؤولين في الحرس الى لجم القمع وكبحه. وظهر صدع «ديني». فعدد لا يستهان به من قادة الحرس وكبار ضباطه تركوا تقليد خامنئي، مرجع تقليدهم السابق. بعد أن خرج عن مهمة التحكيم في الخلافات وانحاز الى كتلة من الكتل المتنافسة. واختاروا مراجع تقليد آخرين. وأدى إثراء بعض قادة الحرس على رؤوس الأشهاد وإنكار مقاتلين مقيمين على مبادئ الزمن الأول، الى تبلور صدع «اجتماعي».

والى الصدوع هذه ينبغي ألا يُغفل اثر منازعات الحكم. فقبل أسابيع، نظر أحمدي نجاد في اقتراح الدول الغربية على طهران تخصيب اليورانيوم خارج ايران. ولكن فريقاً من القيادة رفض الاقتراح، وحمل أحمدي نجاد على مناقضة نفسه، والعودة عن قبوله. ويقول السيد سازغارا ان الضباط هؤلاء يحسبون ان امتلاك التكنولوجيا الصاروخية الباليستية وكمية من اليورانيوم المخصب تكفي صناعة سلاح ذري، قمينان بردع الأميركيين والاسرائيليين عن مهاجمة ايران.

فهل يطلق جيش الشعب النار على الشعب، إذا سارت الأمور على غير ما يشتهي النظام ويتوقع؟ وهل يبقى الجيش (الحرس) على مساندته المرشد وولائه له؟ وكان المرشد جعل «الباسيج»، قبل نحو عامين، في إمرة «الباسدران»، وسلّط «الباسيج» من هذا الطريق، على «الباسدران». وحمل هؤلاء على تدريب الميليشيا ورفع كفاءتهم المهنية والعسكرية، لقاء تذكير المتطوعين الميليشياويين الحرس الثوري وضباطه بفضائل الاستشهاد التي كانت مسوغ انشاء «الباسيج»، على قول أحمد سالامتيان. وجند اللواء نجدي، قائد «الباسيج»، في يوم عاشوراء المنصرم، في 27 كانون الأول (ديسمبر) 3 آلاف من حاملي الأكفان، وحمّلهم السكاكين وقضبان الحديد والعصي، وبعضهم من المجرمين المعروفين. فلماذا دُعوا الى الاضطلاع بهذا الدور لولا تعذر قبول الحرس الثوري القيام به وأداءه.

وخامنئي هو، نظرياً، القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولكن القيادة الفعلية تتنازعها ثلاث كتل، على رأس الأولى رئيس مجلس الشورى (علي لاريجاني) وهو حرسي سابق، وآخرون مثله يرون أن المرشد خسر مكانته جراء تأييده أحمدي نجاد، ويقتضي الخروج من المأزق إقالة أحمدي نجاد واستبقاء المرشد. والكتلة الثانية هي فريق الأصوليين المتطرفين، أي تائب ومجتبى (خامنئي) و (الجنرال) نجدي. وهؤلاء يريدون قمع المعارضة بالقوة والدم.

والفريق الثالث يتحلق حول خامنئي ومستشاريه. ونهج خامنئي هو التوسط: فإذا اقترح المتشددون اعتقال مير حسين موسوي ومهدي كروبي أشار هو بالإقامة الجبرية، وإذا اقترحوا قتل المتظاهرين نصح بضربهم. فلا يعلم أحد اذا كان المرشد يأمر أو يُدار من خلف المسرح.

* صحافية، عن «لوموند» الفرنسية، 17/2/2010، إعداد وضاح شرار

==========================

المسار السوري في أعمال مؤتمر هرتسليا

الخميس, 04 مارس 2010

علي بدوان *

الحياة

في سياق أعماله في دورته العاشرة، برزت عدة عناوين هامة أطلقها المشاركون في مؤتمر هرتسليا. ففي الموضوع المتعلق بالمفاوضات المستقبلية مع سورية وإمكان العودة إلى طاولة المفاوضات، تباينت تقويمات ومواقف أعضاء المؤتمر أثناء جلسات الأعمال الحوارية والبحثية المخصصة للعلاقة مع سورية، بين متحمس لعودة المفاوضات معها، باعتبارها تسهم في «إخماد النار، وتفكك ألغام خطيرة في المنطقة»، وتفتح الطريق أمام عبور إسرائيل الى العالم العربي من أوسع الأبواب، ومن يرى عدم جدوى المفاوضات معها، مفضلاً تحقيق إنجاز ملموس على المسار الفلسطيني، وبانتظار تحولات الملف النووي الإيراني باعتباره بات ملحقاً أساسياً في مسار الصراع في المنطقة، والتوجه بعد ذلك الى التفاوض مع سورية «بعد أن تكون قد أجهدت وتركت وحيدة»، على حد تعبير بعض المتحدثين من جنرالات وسياسيي إسرائيل.

مؤيدو وجهة النظر الأولى من بعض الاستراتيجيين والأمنيين الإسرائيليين، اعتبروا أن سلاماً بين إسرائيل وسورية سيمنع وحده صداماً بينهما، متوجهين بالتوصيات والنصح لرئيس الوزراء وصناع القرار في إسرائيل للالتفات إلى المسار التفاوضي مع السوريين باعتباره أكثر جذباً من المسار التفاوضي مع الفلسطينيين. فيما جنح رئيس «الموساد» الأسبق الجنرال داني ياتوم الى القول «إن الشرق الأوسط لن يكون مستقراً من دون سلام مع سورية». وفي هذا السياق، فإن الرئيس الحالي ل «الموساد» الجنرال مائير داغان ومعه رئيس الاستخبارات العسكرية (أمان) عاموس يدلين اعتبرا أن اتفاق سلام مع سورية «لن يزيل خطر اندلاع حرب معها فحسب، وإنما سيحدث أيضاً انشقاقاً بين دمشق وطهران»، منطلقين في الوقت نفسه من أن إسرائيل غير محصّنة ضد أي هجوم قد تشنّه سورية «بقدراتها من الأسلحة الكيماوية التي طوّرتها بمساعدة خبراء من كوريا الشمالية». وعليه فقد بات مؤيدو وجهة النظر هذه يدعون رئيس الوزراء القادم للاندفاع نحو إعادة إحياء المسار التفاوضي مع سورية كطريق أفضل لإحداث تقدّم سياسي مع الإدارة الأميركية.

أما مؤيدو وجهة النظر الثانية، فاعتبروا أنه من من دون التوصل إلى اتفاقيات أمنية واضحة مع الفلسطينيين أولاً، فإنه قد ينشأ وضع خطير في المنطقة، معتبرين أن أي تقدم في المفاوضات مع سورية من دون الفلسطينيين سيؤدي إلى اندلاع انتفاضة فلسطينية ثالثة، حيث سيكون الفلسطينيون في حالة إحباط من أن العملية السياسية معهم لم تصل إلى حل. وشكك أصحاب الرأي إياه بتنازل سورية عن علاقاتها بإيران و «حزب الله» واصفين المراهنة على ذلك بالوهم، حيث توجت العلاقات السورية الإيرانية والتقارب الكثيف باتفاقية تعاون استراتيجي عسكري بين الدولتين.

وذهب خبير الى أبعد من ذلك حين أشار الى أن سورية لن تتخلى عن حلفائها، وحدا الأمر به الى القول «يحاولون بيعنا وهماً ولا يوجد شخص واحد في العالم يعتقد أنه إذا عاشت سورية معنا بسلام فإنها ستوقف علاقاتها مع إيران، إنهم يذرون الرماد في العيون». فيما كرر موشيه يعالون وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي في خطابه في مؤتمر هرتسليا العاشر أمام شخصيات سياسية ومديري أبحاث استراتيجية دولية وإسرائيلية أن قدرة سورية وحلفائها تحمل مضاعفات عالمية وإقليمية من وجهة النظر الإسرائيلية ومصالحها. فهو يرى أن وجود إيران على عتبة التحول إلى قوة نووية وتحالفها مع سورية و «حزب الله» و «حماس» و «الجهاد الإسلامي» و «الجبهة الشعبية» سيولد أخطاراً على إسرائيل بشكل خاص، وطالب حلف الأطلسي والولايات المتحدة بدعم الموقف الإسرائيلي الذي يعلن عدم تحمل وجود إيران نووية ووجود قوى ممانعة تحظى بهذا القدر من القوة.

كما أن التقارب السوري التركي، والتركي الإيراني بات هو الآخر مثار قلق واضح، أبداه العديد من المشاركين في حلقات النقاش داخل أروقة المؤتمر، ومنهم جنرال إسرائيلي بارز تطرق الى العلاقات الإسرائيلية التركية، حيث قال انّ الدولتين تربطهما علاقات استراتيجية، ولكنّه اعترف في الوقت نفسه بأن هذه العلاقات لم تعد كما كانت عليه في السنوات السابقة، وبالتالي فقد أطلق صرخة تحذير عنوانها بروز بدايات تشكل محور تحالفات معادية لإسرائيل في المنطقة الشمالية، يضم تركيا إضافة الى إيران وسورية ولبنان والمعارضة الفلسطينية.

وزاد عدد من الخبراء والاستراتيجيين الإسرائيليين بالقول إن سورية استعادت شيئاً كبيراً من نفوذها في لبنان، وإنها وبطرق مختلفة «تمكنت من إعادة جذب وليد جنبلاط، وتليين مواقف رئيس الوزراء سعد الحريري»، بينما واصل «حزب الله» بناء قدراته ليصبح «القوة الضاربة في لبنان وبيديه أربعون الفاً من الصواريخ الموجهة الى إسرائيل» وهو ما يعطي سورية مساحة واسعة من المناورة للسيطرة على الموقف برمته وتجييّره لمصالحها، وبالتالي فإن هؤلاء الخبراء والاستراتيجيين الإسرائيليين نصحوا بعدم التهاون إزاء مثل هذا الوضع، لأن نتائجه برأيهم «ستكون وخيمة».

وفي الشكل العام، فإن نقاشات مؤتمر هرتسليا في دورته العاشرة بالنسبة الى موضوع المفاوضات المستقبلية مع سورية، أظهرت ارتباكاً واضحاً لدى صناع القرار في إسرائيل، وأظهرت تفاوتاً متسعاً في وجهات النظر حتى بين أصحاب الرأي الواحد. فالموقف الإسرائيلي في نهاية المطاف، وكما دلت نقاشات هذا المؤتمر، ما زال قاصراً وغير ناضج للعودة الى تحريك ودفع قاطرة التسوية المتوقفة فوق أوحال هضبة الجولان منذ انهيار مفاوضات شبيرزتاون المباشرة بين الطرفين السوري والإسرائيلي في عام 2000. وليس أدل على ذلك من أن الحكومة الإسرائيلية لا تملك حتى الآن مشروعاً للمبادرة باتجاه إعادة إحياء العملية التفاوضية مع سورية، خصوصاً أن رئيسها بنيامين نتانياهو وقف عاجزاً عن ابتلاع أو توضيح أو مُساءلة وزير الخارجية المتطرف أفيغدور ليبرمان عن تصريحاته العنترية الأخيرة ضد سورية.

* كاتب فلسطيني

==========================

السبيل إلى إنصاف المحرومين

بقلم :د.صالح سليمان عبدالعظيم

البيان

4-3-2010

جاء التقرير العالمي لرصد التعليم للجميع لعام 2010، تحت عنوان «السبيل إلى إنصاف المحرومين»، ليضع بين يدي القارئ حقائق هامة حول الخوف من تداعيات الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة، التي يمكن أن تقوض العديد من الإنجازات التعليمية التي تحققت خلال العقد الماضي. فالتقرير في محتواه العام يهدف لدق ناقوس الخطر.

 

ضد الأزمات التي سوف يواجهها العديد من الدول في مجال التنمية الاجتماعية، وعلى رأسها التعليم. وتلعب المؤشرات دورا كبيرا في هذا السياق، من أجل توضيح الأوضاع التي يواجهها الكثير من مناطق العالم منذ العام 2008 وحتى الآن، والتي تناولت العديد من الجوانب السلبية، بما في ذلك أزمة الغذاء العالمية.

 

يُقدر عدد الأشخاص الجدد الذين عانوا من سوء التغذية عام 2009 بنحو 125 مليون نسمة، كما أن عدد من سيصنفون في عداد الفقراء عام 2010، سوف يصل إلى 90 مليون نسمة.

 

ومما يساعد على استفحال التأثيرات السلبية للأزمة المالية الاقتصادية، أنها جاءت في أعقاب ارتفاع عالمي حاد في أسعار الأغذية خلال الفترة بين عامي 2003 وحتى 2008.

 

وهو أمر أضر بالبيئة الاقتصادية الحاضنة لعملية تحقيق الأهداف الإنمائية المرجوة بحلول عام 2015، بما فيها الأهداف التعليمية ذاتها، وأدى إلى تراجعها. ففي بنغلاديش على سبيل المثال، أفاد أحد الاستقصاءات أن ثلث الأسر الفقيرة تقريبا خفضت الإنفاق على التعليم، لتعويض النقص في الدخل الناجم عن ارتفاع أسعار الغذاء.

 

ومع تصاعد نسب الفقر وما يرتبط بها من بطالة وتناقص للمساعدات الاجتماعية المقدمة من قبل الدول الغنية، فإنه من المتوقع أن يتراجع إنفاق الأسر الفقيرة ومحدودة الدخل على تعليم أبنائها، وتتراجع قدرتها على الاستمرار في تعليمهم، الأمر الذي سوف يؤدي لا محالة لسحب الملايين من التلاميذ والتحاقهم بسوق العمل.

 

وتلفت النظر هنا الفروق التمويلية الهائلة، بين ما توفره الدول الغنية لقطاع التعليم، وبين عجز الدول الفقيرة عن توفير الميزانيات والدعم اللازم للتعليم. فعلى سبيل المثال، خصص قانون إنعاش الاقتصاد الأميركي وإعادة البناء، مبلغ 130 مليار دولار للتعليم والنفقات المتصلة به.

 

ويحدد التقرير ستة أهداف يرتبط تحقيقها بتوافر التمويل اللازم لها، وتكامل كافة الجهود الدولية والإقليمية والمحلية على السواء. يرتبط الهدف الأول بتوسيع وتحسين الرعاية والتربية الشاملتين في مرحلة الطفولة المبكرة، وبشكل خاص لصالح الأطفال الأكثر تأثرا وحرمانا.

 

ويركز هذا الهدف على رعاية الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، إضافة إلى الأمهات. فقد شهد عام 2008 وفاة 3,9 ملايين طفل، كما يُقدر أن يكون سوء التغذية ضمن الأسباب المباشرة لحالتين من كل ثلاث حالات وفيات للأطفال دون سن الخامسة في العالم.

 

وفي ضوء ذلك، فإنه من الضروري التركيز بدرجة كبيرة على الأطفال الضعفاء والمستبعدين حول العالم، والذين لا تصلهم أية خدمات صحية أو تعليمية.

 

ويتكامل مع الهدف الأول، الهدف الثاني الذي يتعلق بالعمل على تمكين جميع الأطفال بحلول عام 2015 من الحصول على تعليم ابتدائي جيد، مجاني أو إلزامي، والتركيز بوجه خاص على الفتيات والأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة، أو ينتمون لأقليات إثنية.

 

وبالإضافة إلى الهدفين السابقين، يضع التقرير أربعة أهداف أخرى، تتمثل في ضمان تلبية حاجات التعليم لكافة الصغار والراشدين، من خلال الانتفاع المتكافئ ببرامج ملائمة للتعلم واكتساب المهارات الحياتية، وتحقيق تحسن بنسبة 50% في مستويات محو أمية الكبار بحلول عام 2015.

 

لاسيما لصالح النساء، وتحقيق تكافؤ فرص التعليم الأساسي والتعليم المستمر لجميع الكبار، وأخيرا تحسين كافة الجوانب النوعية للتعليم وضمان الامتياز للجميع.

 

وميزة هذه الأهداف الستة، أنها تواجه مشكلات التعليم وتراجع تقدمه، من خلال نظرة شمولية تشمل كافة الشرائح الاجتماعية والأعمار المختلفة، وإن كانت تهدف بشكل أساسي لضمان وصول الخدمات التعليمية للمحرومين من الفقراء والإثنيات العرقية، إضافة إلى النساء.

 

يقدم التقرير صورة متشائمة لأوضاع التعليم في أعقاب الأزمة المالية الاقتصادية الراهنة، ورغم ذلك فهو لا يقف فقط عند حدود التوصيف للواقع التعليمي الكوني، لكنه يقدم في نهاية المطاف خطة من عشر نقاط، من أجل التغلب على مشكلة التهميش في مجال التعليم.

 

يمكن تلخيصها في الملامح التالية: تحديد أهداف تتحقق من خلالها العدالة الاجتماعية في مجال التعليم، وتتمثل في تقليص أوجه التباين بسبب الثروة والنوع واللغة ومحل الإقامة.

 

ويساعد على تحقيق ذلك، وجود قاعدة معلومات دقيقة يمكن من خلالها تعيين الفئات المحرومة في المجتمع، والأسباب المؤدية لتهميشها. وتعتمد الخطة أيضا على رؤية شمولية ترتبط بتخفيض تكاليف التعليم، والعدل في توزيع الخدمات المرتبطة به جغرافيا، وتطبيق شبكة قوانين ضد التمييز في مجال التعليم.

 

وتربط هذه الخطة بين الجهود المحلية للدول الفقيرة على وجه الخصوص في مجال تعبئة الموارد اللازمة من أجل الإنفاق على التعليم، وبين الجهود الدولية في مجال المعونات اللازمة وتحسين الاستفادة بها، وضمان وصولها لمستحقيها من الفقراء والمهمشين.

 

ويركز تقرير اليونسكو على الفئات المحرومة من التعليم، ويسعى من خلال تضافر الجهود المحلية والدولية، للنهوض بالتعليم عبر العالم.

 

ومن أجل ذلك، فإنه يربط تلك الخطة بمجموعة من الخطوات الإجرائية، تشمل عقد مؤتمر دولي رفيع المستوى عام 2010 بشأن تمويل التعليم، وتقديم معونات متواصلة تعوض نقصان الإيرادات في عامي 2008 و2009 للدول النامية، سواء أكانت من خلال الدول الغنية، أو المؤسسات الدولية وعلى رأسها البنك الدولي.

كاتب مصري

======================

تركيا تتغير

مازن حماد

 البيان

4-3-2010

الى أين تتجه تركيا الآن بعد ان رجحت كفة حزب العدالة والتنمية الحاكم على كفة العسكر في المعركة الفريدة الدائرة بين الحكومة والجيش؟ نقول ان المعركة فريدة لأن هذه هي المرة الاولى منذ خمسة وثمانين عاماً التي يتراجع فيها العسكر امام أي حكومة تركية.

 

لذلك ليس من الخطأ القول ان الغرب كله خائف على مستقبل تركيا التي تشهر تحولات دراماتيكية قد تأخذها اكثر نحو الاسلمة التي قضى الجيش العقود التسعة الماضية في مقاومتها ومنعها من التشكل في اطار سياسي واضح.

 

وليس من المستغرب أن يشعر الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة بالقلق العميق من التطورات التي تعيشها الجمهورية التركية على ايقاع ضعف العسكر واستسلامهم المفاجىء لاملاءات السلطات الامنية التابعة لحكومة رجب طيب اردوغان. وقد جاء اعتقال ضباط كبار على خلفية الاشتباه بتورطهم في محاولة انقلابية على الحكومة المدنية المنتخبة ، ليشكل حدثاً خطيراً ، ذلك ان احداً لم يتجرأ على المس بالجيش الذي يهتز موقعه بشدة هذه الايام.

 

وتدور اسئلة كثيرة حول مستقبل تركيا الحديثة التي مثل جناحها العسكري القوة الرئيسية في الحياة السياسية للبلاد منذ عام 1923 الذي يؤرخ لانتفاض مصطفى كمال اتاتورك على التركة العثمانية لانقرة ، ناقلا الدولة الى حضن العلمانية البعيدة عن الدين وجميع رموزه. وكان العسكر طيلة ذلك الوقت الحامي والضامن الوحيد للعقيدة العلمانية التي قادت سياسات تركيا ونظامها الحكومي والتعليمي والقضائي. لكن اظافر العسكر نزعت الآن فيما أظهر مسلك الجنرالات انهم عاجزون عن دخول صراع مع الحكومة رغم اعتقال ما يزيد على ستين ضابطاً كبيراً بينهم عدد من الجنرالات المتهيمن بالضلوع في مؤامرة انقلابية ضد اردوغان وحزبه عام ,2003

 

ويقول البروفيسور باسكين أوران استاذ العلاقات الدولية في جامعة انقرة لصحيفة (هيرالد تريبيون) ان الامر انتهى وان تركيا تخلع جلدها العسكري ، ولهذا السبب فهي تبدو عصبية خاصة وانها لا تعلم ، ما الذي سيحدث بعد ذلك ، ويقول استاذ آخر ان الايديولوجية القديمة قد أفلست فيما يجهل الاتراك ماذا سيكون لديهم بدلاً منها ولا يعرفون كيف سيرون انفسهم والعالم من حولهم.

 

والأهم من ذلك انه سيكون للطريقة التي تحل بها تركيا أزمة الهوية التي تواجهها ، أثر كبير خارج الحدود ، فهذه الدولة تملك ثاني اكبر جيش في حلف شمال الاطلسي بعد الولايات المتحدة وتقع استراتيجياً بين روسيا في الشمال والشرق الاوسط في الجنوب ومرشحة للانضمام الى الاتحاد الاوروبي فضلا عن ان عقوداً من النمو حولتها الى سابع اكبر اقتصاد في اوروبا.

 

وثمة اعتراف بين الخبراء والمحللين بأن الجيش تحول الى قوة مسالمة ولم يعد يحتل ذلك الموقع المتقدم على المسرح السياسي. ويمكن القول ان تركيا على أعتاب مرحلة تغيّر جوهري ، ولعلها تبحث عن هويتها الاسلامية التي ظن العلمانيون ان الزمن كفيل بازالتها.

=======================

مرجعية عربية لمفاوضات معروفة النتائج!!

ياسر الزعاترة

 الدستور

4-3-2010

منذ أسابيع يناضل رموز السلطة في رام الله من أجل الحصول على مرجعية عربية للعودة إلى المفاوضات ، أكانت مباشرة أم غير مباشرة ، ويطالبون بمساعدة عربية في مواجهة "الضغوط الهائلة" التي تمارس عليهم من قبل الطرفين الأمريكي والإسرائيلي (من بينها حرمان عدد من أعضاء اللجنة المركزية من بطاقات الأف آي بي التي يتحركون بها بين المدن الفلسطينية وبين الداخل والخارج) ، فضلا عن تهديدات أخرى تتعلق من دون شك بمتطلبات السلطة ومصالح القائمين عليها ، وكلها كما يعرف القاصي والداني بيد الطرف الإسرائيلي ، فضلا عن أشياء أخرى لا نعرفها ، ربما على شاكلة البضاعة التي أخرجها فهمي شبانة الذي لا يملك في واقع الحال سوى القليل مما يملكه الإسرائيليون.

 

وقد بدا الموقف أكثر صعوبة بالنسبة للسلطة العتيدة حين لم تجد سندا عربيا لموقفها الرافض للعودة إلى المفاوضات من دون تحقيق بعض الشروط الأولية ، وعلى رأسها "التجميد المؤقت" للاستيطان في الضفة الغربية والقدس. والسند العربي بالنسبة لقيادة السلطة لا يتمثل في مواقف من نادي الممانعة ، لأن أعضاء هذا النادي هم خصوم أو أعداء لا يصلح منهم دعم ، ولا تقبل منهم نصيحة ، بل لا بد من مواقف من أعضاء النادي الآخر ، وعلى رأسه الشقيقة الكبرى التي لا تجد فرصة لتقديم دعم من هذا النوع ، بل تجد نفسها "مضطرة" للضغط في الاتجاه المعاكس تبعا لحاجتها لذلك في مواجهة مطالب اللوبي الصهيوني الذي يملك مفاتيح البيت الأبيض والكونغرس ووسائل الإعلام ، وهذه جميعا يمكنها تعطيل التوريث ، كما يمكنها دعم ترشيح البرادعي ، في ذات الوقت الذي يمكنها فتح ملف الأقباط الذين يكتوون بنار التطرف الديني والاضطهاد السياسي ، بحسب الخطاب المتداول عندما تدعو الحاجة لممارسة الضغوط.

 

أيا يكن الأمر ، فها قد حصل القوم على مرجعية عربية ، وسيعودون إلى الطاولة من جديد بصيغة التفاوض غير المباشر ، وقد كانوا في حاجة إلى ذلك ، إذ تحت أية ذريعة يمكنهم المضي في برنامج السلطة القائمة ، وما ينطوي عليه من تنسيق أمني وسهر وانتباه يحول دون اندلاع انتفاضة شعبية جديدة يدركون أنها لن تلبث أن "تعسكر" ، بحسب مصطلحهم ، من جديد كما عسكرت سابقتها التي تقترب ذكرى مرور عقد كامل على اندلاعها ، ولذات السبب الذي يلوح في الأفق هذه الأيام ، أعني الاعتداء على المسجد الأقصى الذي يتحرش به الصهاينة ، هم الذين أصابوه مرارا خلال المرحلة الأخيرة ، بخاصة بعد ضمّ شقيقه الحرم الإبراهيمي في الخليل إلى قائمة التراث اليهودي أو الإسرائيلي.

 

هم (أعني قادة السلطة) يحتاجون إلى التفاوض أيضا لأن تلك مهنتهم في الأساس ، وهي مهنة "نضالية" بالطبع ، بحسب اعتقادهم ، بل لعلها أصعب بكثير من حمل السلاح وانتظار صواريخ الأباتشي أو الإف 16 ، أما الحديث الخافت عن خيار الدولة ثنائية القومية وحل السلطة ووقف التنسيق الأمني ، فهو مجرد حرد سياسي لا أكثر ، وما بني خلال سنوات لا يمكن التفريط به بهذه السهولة ، لا سيما أن خيارا كهذا لن يتطلب الاستعداد للمطاردة فقط ، بل يتطلب أيضا التضحية بما راكمه "الأحبة" من استثمارات خلال المرحلة الماضية.

 

لكن السؤال الأصعب في هذه الحكاية المثيرة للقهر والأسى هو ذلك المتعلق بنتائج المفاوضات في ضوء تجربة تقترب من نهاية عقدها الثاني (منذ مدريد )91 ، ودائما مع من همْ أقل تطرفا من نتنياهو الذي لا يخفي تفاصيل طرحه التفاوضي ، والذي لن يكون مقبولا مهما "اعتدل".

 

ما سيحدث برأينا هو المضي في برنامج "السلام الاقتصادي" و"الدولة المؤقتة" الذي يحظى بدعم واشنطن وقناعة معظم ساسة الدولة العبرية وعسكرييها وأمنييها ، والذي ترفضه السلطة من باب التسويق الشعبي ، بينما تكرسه على أرض الواقع عبر ثنائي دايتون - بلير وسائر سياسات سلام فياض التي تتحدث عن بناء مؤسسات دولة الأمر الواقع.

 

هل سيقبل الفلسطينيون بمسار كهذا يُستغل في مزيد من الاستيطان والتهويد مقابل منافع لفئات محدودة؟ لا نعتقد ذلك ، فعلى هذه الأرض شعب عظيم لن يلبث أن ينتفض ، حتى لو سكت بعض الوقت بسبب بؤس الأوضاع القامة.

===============================

تعريب المواجهة الأميركية – الإيرانية

كمال مضاعين

tamouz7@gmail.com

الرأي الاردنية

4-3-2010

عقدت الأسبوع الماضي قمة ثلاثية جمعت كلاً من الرئيس الإيراني احمدي نجاد والرئيس السوري بشار الأسد والامين العام لحزب الله حسن نصر الله في دمشق، وقد وصف بعض المعلقين السياسيين الإسرائيليين القمة بأنها قمة حرب، ويأتي انعقادها في وقت يجري فيه بعض قادة إسرائيل سلسلة من اللقاءات مع قادة عسكريين وسياسيين بالولايات المتحدة، يعتقد أنها تركزت بمجملها حول التنسيق السياسي والعسكري بين الجانبين فيما يتعلق بتطورات الموضوع الإيراني.

 

من البديهي أن تملك كل من إيران والولايات المتحدة إجابات واضحة حول المواجهة القائمة بينهما منذ سنوات يقوم على مصالح كل منهما، فهذا هو منطق الأشياء، أما أن يتحول العرب بشقيهم (الذين مع أو ضد إيران) إلى مجرد ساحات حرب طرفية بين المتحاربين، وفضاء مفتوح للترويج لسياسة هذا الطرف أو ذاك، فهذا ليس بديهيا رغم كل المحاولات لإظهاره كذلك، أما الادعاء بأن الحرب بشقيها السياسي والأيديولوجي ما هي إلا أحد محطات الصراع العربي الإسرائيلي، أو ضد الخطر الشيعي القادم من الشرق،فهذا استخفاف بالعقول لا يفسره إلا العجز العربي عن المبادرة.

 

لقد كان أحد أهداف زيارة الرئيس الإيراني لدمشق، ولقائه كلا من قادة حماس والجهاد الإسلامي، وحزب الله وبعض قادة الفصائل الفلسطينية الأخرى الموالية، هو بعث رسالة للعالم بأن إيران تعيد تجميع أوراقها الإقليمية رداً على المساعي الأمريكية لفرض سلسلة من العقوبات الجديدة عليها، والإيحاء بأن قوس نار الحرب سوف يمتد ليصل إلى جنوب وشمال إسرائيل.

 

فالمسألة ليست مسألة مقاومة العدو الصهيوني وتحرير الأراضي المحتلة، بل أنها مجرد توسيع لجبهة المواجهة، والبحث عن جبهات مواجهة بعيدة عن طهران (لملاقاة العدو الأمريكي – الصهيوني) على ارض عربية، ستدفع دول وشعوب المنطقة ثمنها من دمها وعمرانها، ومحاولات تعريب الحرب ما هي إلا ستار من دخان يوظف الأيديولوجيا بأشكال مختلفة، تتخذ من المقاومة موضوعا لها عندما يتعلق الأمر بفلسطين ولبنان، وأداة للتقسيم والمحاصصة عندما تتعلق المسألة بالعراق.

 

أما على الضفة الأخرى للصراع، فأن وزيرة الخارجية الأمريكية تريد أن تقنع دول الخليج العربي، بأن الصراع الذي تخوضه الولايات المتحدة ضد إيران هو بجوهرة دفاع عن أمن الخليج ودوله، وان الخطر الإيراني هو خطر على العرب بالدرجة الأولى، وعليه، فأن على العرب المشاركة بالجهد الأمريكي لحصار إيران، وبتقديم كل ما يلزم من الدعم اللوجستي إذا استدعت الحاجة اللجوء للعمل العسكري في حال لم تنجح العقوبات بثني طهران عن تطوير برنامجها النووي.

 

يلتقي طرفا الصراع الأمريكي – الإيراني عند نقطة تعريب الصراع، فإيران تلجا إلى خطاب مقاومة العدو الصهيوني الذي تعاونت معه بكل المجالات أبان الحرب مع العراق في الثمانينيات،وفتحت أجواءها للطائرات الأمريكية لقصف بغداد، والولايات المتحدة تدعي الحرص على أمن العرب وأمن إسرائيل بالوقت نفسه ؟، وهي التي تحالفت مع إيران بالمرحلة الأولى من احتلال العراق، وحامية العدوانية الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني دون تحفظ، وتريد أن تقنع البعض منا أنها المدافع الأول عن المصالح العربية قرب منابع النفط ؟، فالأمن يقفز إلى موقع الصدارة عندما يتعلق الأمر بالنفط.

=================================

بعدما تحولت طاولة الحوار طاولة شجار قبل أن تنعقد

هل يكون البديل منها قمة لبنانية - سورية ؟

اميل خوري

النهار

4-3-2010

اذا كانت طاولة الحوار بدأت بالخلاف على اختيار اسماء المدعوين اليها، فهل يمكن التوصل الى اتفاق على المواضيع المهمة التي ستطرح عليها وفي مقدمها "الاستراتيجية الدفاعية"؟

الواقع ان طاولة الحوار في ظل الوضع الراهن لن تكون طاولة لاتخاذ القرارات، بل لاجراء حوارات فحسب بعدما تأكد ان الحوار يكون في لبنان والقرار يكون في سوريا. والدليل على ذلك ان القرارات التي اتخذت بالاجماع على طاولة الحوار التي انعقدت عام 2006 برئاسة الرئيس نبيه بري ظلت حبرا على ورق ولم يتم التوصل الى تنفيذها لان سوريا، ولاسباب شتى، لم تساعد لبنان على ذلك.

لذلك، فان اللقاءات حول طاولة الحوار تبقى مفيدة لأنها تجمع المختلفين والمتخاصمين سياسيا او شخصيا لكنها قد لا تجعلهم يتفقون على اتخاذ قرارات ولا سيما في المواضيع الاساسية والمهمة، واذا اتفقوا على اتخاذها فانهم قد لا يتفقون على طريقة تنفيذها اذا كان لا مصلحة لسوريا في ذلك. وهذا من شأنه ان يحوّل لقاءات الحوار لقاءات تشاور بل "دردشة" و"حكي" والتقاط صور تجمع بين الاخصام وهم يتبادلون الابتسامات والمصافحات، وعندما تنتهي يعود كل الى موقفه وموقعه والى تبادل الاتهامات والانتقادات.

واذا كان البعد جفاء كما يقول المثل، فان اللقاءات حول طاولة الحوار مفيدة لترطيب الاجواء وتنقية القلوب من الاحقاد والضغائن إن امكن ذلك، لكنها لا تصلح لاتخاذ القرارات المهمة ولا للاتفاق على تنفيذها لانها لقاءات تجمع الاضداد كما تجمعهم حكومة "الوحدة الوطنية" التي تدور فيها حوارات تبادل التكاذب...

وما دامت طاولة الحوار مفيدة لترطيب الاجواء وتنقية المناخات السياسية، وليست صالحة لاتخاذ القرارات المهمة، فان اوساطا سياسية ترى ان "الاستراتيجية الدفاعية" ليست شأن لبنان وحده بل شأن الدول العربية مجتمعة التي عليها ان تدعو الى عقد قمة طارئة للبحث في كيفية مواجهة التهديدات الاسرائيلية، لا بل الاستمرار في قضم الاراضي الفلسطينية وجرف المنازل وبناء المستوطنات مكانها، وضم المواقع الدينية المسيحية والاسلامية الى لائحة الآثار اليهودية... وهذا الوضع الخطير لا تستطيع كل دولة عربية ان تواجهه بمفردها بل بوضع استراتيجية عربية مشتركة، واذا تعذر ذلك، فان على لبنان ان يعقد قمة بين الرئيس سليمان والرئيس الاسد، وهذه القمة تختصر طاولة الحوار بما تمثل ومن تمثل ويكون للقرارات التي تصدر عنها اهمية ما دامت سوريا تعتبر ان اي اعتداء اسرائيلي على لبنان هو اعتداء عليها واي اعتداء على سوريا هو اعتداء على لبنان.

والقمة السورية – اللبنانية هي التي تحدد طريقة الرد المشترك على اي عدوان اسرائيلي، او الدخول في مفاوضات سلام مشتركة تجنبا لحصول مثل هذا العدوان، لانه لم يعد مسموحا ولا مقبولا ان يظل لبنان هو الساحة الوحيدة المفتوحة في مواجهة اسرائيل، وهو ما حصل مدى سنوات طويلة تارة من اجل الدفاع عن القضية الفلسطينية وطورا من اجل تحرير الاراضي المحتلة.

وترى الاوساط نفسها انه ينبغي قبل البحث في استراتيجية دفاعية لبنانية او عربية مشتركة او لبنانية – سورية، السعي لدى الدول الشقيقة والصديقة لمنع اسرائيل من الاعتداء على لبنان قبل البحث في طريقة مواجهة هذا الاعتداء، وهي مواجهة تنتهي الى تدمير لبنان تدميراً لا يقوى على تحمل نتائجه. وليت اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم يتفقون على تجنيب لبنان الحرب كما اتفق السوريون عل تجنبها في حرب تموز 2006 وتجنبوا حتى الرد على ضربات اسرائيلية داخل الاراضي السورية.

لقد نجح الرئيس سليمان في جعل "حزب الله" لا يعطي اي ذريعة لاسرائيل تبرر قيامها بالاعتداء على لبنان، كما نجح في ان يتولى الجيش اللبناني وقوى الامن الداخلي الرد على اي عدوان اسرائيلي يتعرض له لبنان من دون مبرر، حتى اذا احتاج الجيش الى مساعدة، فان "حزب الله" والمقاومة وكل الشعب اللبناني يقفون وراءه دفاعا عن لبنان.

والرئيس سليمان يحقق للبنان خدمة جلّى وانجازا مهما اذا استطاع تحويله دولة مساندة كما كان في الماضي وليس دولة مواجهة كما اصبح في السنوات الاخيرة فتكبد من جراء ذلك خسائر بشرية ومادية فادحة. وبتحويله دولة مساندة بتأييد الدول العربية والاقليمية ولا سيما منها سوريا وايران، وتأييد الدول الصديقة وخصوصا الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا، كما كان كذلك في الماضي بتأييد مصر الرئيس عبد الناصر، فان لبنان يبقى حيا ويكون مفيدا لاشقائه العرب من جعله منهكا وفاقد المناعة اذا ظل مساحة مفتوحة لصراعات الآخرين. وعسى ان تكون جولات الرئيس سليمان الخارجية نجحت في تأمين حماية لبنان من الصراع الاسرائيلي – الايراني والسوري، من تهديدات اسرائيلية بتدميره، حتى اذا تحققت هذه الحماية تنتفي اسباب البحث في طريقة الرد عليها.

فلتكن اذاً طاولة الحوار للحوار، وهو الممكن، وليست للقرار لانه قد يكون غير ممكن، وليترك اتخاذ القرار في المواضيع المهمة مثل "الاستراتيجية الدفاعية" لقمة عربية او لقمة لبنانية – سورية كون هذه الاستراتيجية تدخل في اطار الدفاع المشترك على المستوى العربي او في اطار "معاهدة الاخوة والتعاون والتنسيق" بين لبنان وسوريا وفي اطار اتفاق الامن والدفاع المعقود بين البلدين. وهذه الاستراتيجية هي التي تحدد دور لبنان في حال وقوع اعتداء اسرائيلي عليه، او في حال اعتداء اسرائيلي على سوريا او ايران، على ان يكون دور المساند لا دور المواجهة.

==============================

التسوية المؤجلة

رندى حيدر

النهار

4-3-2010

منذ وصول بنيامين نتنياهو الى رئاسة الحكومة كان موضوع استئناف المفاوضات مع سوريا مطروحاً بجدية على جدول أعماله لا سيما بعد التوقف الدراماتيكي للوساطة التركية للمفاوضات غير المباشرة التي جرت في أنقرة خلال 2008 بين السوريين والإسرائيليين، والتي وفقاً لكلام اكثر من مسؤول إسرائيلي جرى خلالها التوصل الى حل الجزء الأكبر من النقاط الخلافية العالقة بين البلدين.

وهناك رواية إسرائيلية تقول أنه في آخر جولة نقاش أجراها رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت في تركيا، اتصل الوسطاء الأتراك هاتفياً بالرئيس السوري لإبلاغه استعداد أولمرت للإنسحاب الكامل من الجولان مقابل التطبيع الكامل في العلاقات، وأن الأسد طالب بعدد من الايضاحات تتعلق بنقاط محددة حول خطوط هذا الانسحاب. ولكن كل هذا تعثر وتوقف بعد قيام أولمرت عقب مغادرته تركيا بالاعلان عن البدء بالعملية العسكرية ضد "حماس" الأمر الذي أدى ليس فقط الى توقف الوساطة التركية، وانما الى خلق أكبر ازمة في العلاقات بين تركيا وإسرائيل.

ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها السلام بين إسرائيل وسوريا أمراً ممكناً. ففي المفاوضات التي جرت في شيبردزتاون في أواسط التسعينات أحرزت المفاوضات السورية-الإسرائيلية تقدماً مهماً جعل رئيس طاقم المفاوضات الإسرائيلي آنذاك إيتمار رابينوفيتش يقول في كتابه:"على حافة السلام" أنه شعر في لحظة معينة "بأجنحة السلام ترفرف في غرفة المفاوضات". لكن كل هذه الآمال تبخرت بعد اغتيال إسحق رابين والجدل الكبير الذي دار حول وديعة رابين التي تعهد فيها الانسحاب الشامل من الجولان مقابل السلام الشامل مع سوريا.

في أيام ولاية إيهود باراك لرئاسة الحكومة في مطلع عام 2000، كادت إسرائيل وسوريا تتوصلان الى تسوية بينهما. لكن فشل قمة جنيف التي جمعت الرئيس الراحل حافظ الأسد و الرئيس الأميركي بيل كلينتون، بسبب تردد باراك في اللحظة الأخيرة، وتراجعه عن تعهداته بالإنسحاب خوفاً من خسارة تأييد الرأي العام في إسرائيل، أديا الى تبخر كل الآمال من جديد.

وبغض النظر عن تبدل الاعتبارات الإسرائيلية المؤيدة للتسوية مع سوريا مع مرور الزمن، فثمة اقتناع إسرائيلي راسخ لدى الفريق الإسرائيلي المؤيد للتسوية مع سوريا يقوم على حقيقتين أساسيتين: الأولى ضروة تجنب المواجهة العسكرية الجبهوية مع سوريا، وابقاء الباب دائماً مفتوحاً على الحوار معها حتى في أحرج اللحظات، وأبرز دليل على ذلك ما قامت به إسرائيل لتحييد سوريا عن الحرب في تموز 2006، ورسائل التهدئة التي بعث بها المسؤولون الإسرائيليون في الفترة الأخيرة الى سوريا لإفهامها بأن الاعداد للحرب ليس موجهاً ضدها. أما الحقيقة الثانية: فهي الاقتناع الاسرائيلي أن بإمكان إسرائيل مقايضة السلام مع سوريا باخراجها من محور الشر.

إن متابع مواقف وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين تجاه سوريا لا بد أن يلمس أن شيئاً لم يتغير في جوهر الموقف من التسوية السلمية معها. وما زالت المصلحة الإسرائيلية تقضي باستبعاد المواجهة العسكرية مع سوريا رغم كل الكلام المخالف لذلك الذي قد يصدر من هنا وهناك. ولكن على ما يبدو فإن نتنياهو غير مقتنع بأن السلام مع سوريا قد يؤدي الى اخراجها مما يعتبره "محور الشر" ويغير تحالفاتها الإقليمية. من هنا من المستبعد أن تعود حكومة نتنياهو الى استئناف المفاوضات غير المباشرة مع سوريا حتى بهدف اخراجها من دائرة المواجهة المحتملة مع إيران، وتهدئة الحدود الشمالية.

أما السبب الآخر فيعود الى بنيامين نتنياهو نفسه، الذي لا يمكن أن يقدم على أي مبادرة من شأنها ان تثير عليه انتقادات وتحفظات اليمين الإسرائيلي وتزعزع مكانته السياسية. فأي حديث عن عودة المفاوضات معناه قبول ضمني من جانبه بالإنسحاب من هضبة الجولان الأمر الذي سيفسر بأنه تنازل أو علامة ضعف من جانبه. وهذا ما لا يقبل به نتنياهو حتى لو كان سيؤدي الى تغيير التوازنات في المنطقة بطريقة جذرية، واضعاف إيران ومحور الممانعة الذي تتزعمه سوريا، وتقوية محور الاعتدال العربي.

=================================

معركة مصيرية في تركيا

آخر تحديث:الخميس ,04/03/2010

الخليج

محمد السعيد ادريس

منذ وصول رجب طيب أردوغان وحزبه “العدالة والتنمية” إلى السلطة في تركيا عام 2002 ومعاركه لم تتوقف لا داخل تركيا فقط، بل أيضاً على المستويين الإقليمي والعالمي، استطاع أن يحقق في الكثير منها نتائج إيجابية مبهرة، وعجز في بعضها أن يتقدم بالشكل الذي كان يطمح إليه، وفي بعض الأحيان كانت تتداخل المعارك بين ما هو داخلي وما هو دولي أو إقليمي، وما هو إقليمي بما هو دولي، وفي كل الأحوال كانت الآثار والنتائج تمتد دائماً إلى الداخل حيث التنافس، بل والتربص من القوتين الكبريين المناوئتين: المعارضة السياسية والجيش، ومن دون تردد من أي منهما في استخدام ما لديه من أسلحة وأوراق تصلح لخوض المنازلة ضد أردوغان وحزبه ومشروعه السياسي .

 

خاض أردوغان بكفاءة عالية معارك التضخم والركود الاقتصادي وانهيار العملة واستطاع أن يحقق نتائج إيجابية، لكنه لم يستطع أن يحقق النتائج نفسها في معركة الحريات، وفي المقدمة منها “معركة الحجاب”، حيث ظلّ سيف العلمانية الأتاتوركية يطارده، وخاض معركة تحييد الجيش في الحياة السياسية لكنه لم يستطع أيضاً كسب المعركة التي كان يريد، لكنه استطاع أن يحقق قدراً لا بأس به من التوازن مع الجيش مرتكزاً على دعم أوروبي وأمريكي لمشروعه الديمقراطي الذي يؤهله للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي . وخاض على المستوى الإقليمي معركة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وإذا كان لم يحالفه الحظ حتى الآن بسبب عوائق، بعضها له علاقة بإسلامية تركيا ومسيحية أوروبا وبعضه الآخر له علاقة بالأزمات مع اليونان وقبرص، فإن كسب الكثير من المعارك على المستوى الإقليمي استطاع أن يجعل من تركيا فاعلاً مهماً وكبيراً في نظام الشرق الأوسط، جنباً إلى جنب مع “إسرائيل” وإيران، وأن يخوض المنافسة على النفوذ والمكانة في الشرق الأوسط باقتدار وقبول إقليمي، على العكس من النموذجين “الإسرائيلي” (المنبوذ) والإيراني المثير للمشاكل والتوترات وعباءته المذهبية . وقف أردوغان بقوة في وجه الهيمنة “الإسرائيلية” وعقد اتفاقات شراكة استراتيجية مع ثلاثة أطراف عربية مهمة (مجلس التعاون الخليجي والعراق وسوريا)، وأقام علاقات طيبة مع مصر ودول المغرب العربي، وحافظ على علاقات طيبة مع الولايات المتحدة وروسيا في أوج أزمة جورجيا، وجعل من تركيا قوة كبرى في حلف شمال الأطلسي .

 

نجاحات كثيرة وإخفاقات محدودة ومعارك هائلة خاضها رجب طيب أردوغان ورفيق عمره عبدالله جول، وغيرهما من قادة حزب العدالة والتنمية، لكن رغم ذلك يبدو أن المعركة الكبرى ظلت مؤجلة طيلة تلك السنوات الثماني، والآن ها هي بين خيارين، إما أن تهجم بسطوتها على أردوغان ومشروعه السياسي الكبير، وإما أن يباغتها هو، وربما يكون الأمر في حقيقته بين هذا وتلك .

 

فأردوغان، وإن كان قد اضطر أن يخوض معركة ضبط الجيش والحيلولة نهائياً بينه وبين الحياة السياسية بعدما تكشفت المؤامرة الانقلابية التي كان يعد لها بعض كبار جنرالات الجيش لإطاحة حزب العدالة والتنمية ضمن سيناريو محبوك أضحت تفاصيله معروفة، فإنه باغت منافسيه بفرض معركة تعديل الدستور لإعادة التوازن بين السلطات الثلاث من ناحية، وإنهاء دور السلطة القضائية في السيطرة على السلطة التنفيذية والحياة السياسية .

 

الربط بين تقديم الجنرالات الكبار للمحاكمة، ومعركة الحكومة من أجل تعديل الدستور هو الذي جعل الجنرال جيتين دوجان القائد السابق للجيش الأول التركي يصف ما يحدث بأنه “المعركة الكبرى”، لأن الدستور الحالي كان الجيش هو الذي أشرف على صياغته عقب انقلاب عسكري عام 1980 . هل يمكن أن يتحوّل الغضب المتصاعد داخل الجيش بسبب اعتقال جنرالاته إلى تحرك عسكري مدعوم من المعارضة السياسية، خصوصاً حزب الشعب الجمهوري بزعامة دنيز بايكال الرافض لاعتقالات قادة الجيش .

=====================

أزمة «تويوتا»: رقائق الكومبيوتر في مقابل العامل البشري

كينيشي أوهماي

الشرق الاوسط

4-3-2010

تمكنت «تويوتا» خلال العقود الماضية من تحقيق وجود قوي في الولايات المتحدة من خلال الخدمة الجيدة للعملاء، بالإضافة إلى تنفيذ ما تريده الولايات المتحدة الأميركية. ولكنها تعثرت بشدة في الوقت الراهن؛ لأن عامل قوتها - «طريقتها في مراكمة التحسينات الصغيرة» أو فلسفة «كايزن» - أصبح هو عامل ضعفها في عصر المحركات الإلكترونية المعقدة.

وهناك الكثير من الأسباب التي تجعلنا نعتقد أن «تويوتا» سوف تتغلب على مشكلاتها الفنية والإدارية. ولكن السؤال هو ما إذا كانت - تحت وطأة ذعرها من زخم الإعلام الأميركي المختلف عن الإعلام الياباني المحافظ وتسليط الأضواء عليها - سوف تجعل أزمتها أكثر عمقا من خلال خسارتها لسمعتها وثقة العملاء بها، التي استغرق بناؤها وقتا طويلا أم لا؟ وهو ما سيكون أمرا سيئا ل«تويوتا» ولأميركا على حد سواء.

لقد واجهت معظم شركات السيارات قبل ذلك، بما في ذلك «فورد» و«جي إم»، مشكلات دفعتها إلى سحب سياراتها مثلما فعلت «تويوتا». ويبدو أن الجميع حاول تجاهل الأدلة المبكرة، التي تشير إلى وجود عيوب بسياراتهم، حتى لو كانت تلك العيوب تتعلق بعوامل السلامة. وهو ما يذكرنا بالحملة التي شنها رالف نادر، أحد النشطاء في مجال الدفاع عن حقوق المستهلك الأميركي، تحت شعار «غير آمن عند جميع السرعات» في الولايات المتحدة في عام 1965، التي كانت تشتمل على سيارات شيفروليه كورفير التي تنتجها «جي إم».

ومع ذلك، فإن طبيعة الكثير من المشكلات التي ظهرت أخيرا في ظل البرمجة الإلكترونية للسيارات؛ مثل مشكلة نظام المكابح في سيارة بريوس، طبيعة مختلفة للغاية. حيث إن عملية سحب السيارات التي قامت بها «تويوتا» كانت بغرض التقييم الهندسي؛ ولو كان يمكن تعديل تلك العيوب في السيارات المسحوبة مباشرة، لتمكنت «تويوتا» من إصلاح ذلك في وقت قصير.

ولكن ما نراه يمكن أن يمثل مشكلة أساسية لها علاقة بوحدة التحكم في المحرك ككل. ففي سيارات «تويوتا» بصفة عامة، يوجد نحو 24 ألفا من المدخلات والمخرجات، بالإضافة إلى نحو 70 من رقائق الكومبيوتر لمعالجة المعلومات ثم إرسالها عبر شرائح أخرى إلى إدارة وحدات التحكم في المحرك، وهو نظام معقد للغاية.

وتمثل هذه الأنظمة المعقدة مشكلة هذه الأيام لجميع الشركات المنتجة للسيارات - سواء كانت ألمانية، أو أميركية أو يابانية - نظرا إلى أن نحو 60% من السيارات الحديثة تتكون من الإلكترونيات. ولكن «تويوتا» كانت العصفور الذي وقع في الفخ؛ لأنها تعد كبرى شركات السيارات في العالم، حيث لديها 50 مصنعا لتصنيع السيارات خارج اليابان. كما كانت تويوتا تتوسع بمعدلات متسارعة حتى إنه أصبح لديها سيارات على الطريق أكثر من أي شركة سيارات أخرى على وجه البسيطة.

وما نراه في حالة «تويوتا» على وجه الخصوص هو أن ذلك التعقيد التكنولوجي قد طغى على مفهوم «الكايزن» الشهير - «مراكمة التحسينات الصغيرة» - وهو ما ساعد «تويوتا» على أن تصبح شركة بمثل ذلك الحجم. حيث كانت هذه الشركات تنفذ ممارسات «الكايزن» منذ المراحل الأولية وصولا إلى مرحلة تجميع السيارة، حتى إنها لم تعد تملك الصورة الكاملة لكيفية عمل المحرك الإلكتروني، وبالتالي معالجة مفهوم السلامة. وبالتالي، فيعد ذلك تبسيطا لفلسفة «كايزن»، التي اعتمدت عليها اليابان لكي تصبح المركز الرئيسي لصناعة الجودة.

فإذا لم تعترف «تويوتا» بذلك واكتفت بإرجاع كل مشكلاتها إلى حصائر الأرضية التي تعلق بدواسة البنزين، أو اكتفت بإعادة ضبط حواسيبها، فإنها ستكون قد تجاهلت المشكلة الأساسية.

وذلك أن ما فشلت فيه «تويوتا» هو أنها بدلا من أن تجري مراجعة لنظام سلامة وحدة المحرك بأكمله فإنها ركزت على تحديد وظيفة الآلاف من أجزاء المحرك الإلكتروني، وما تفتقر إليه هذه الشركة هو العامل البشري؛ أي شخص واحد لديه رؤية شاملة لأجزاء المحرك وكيفية تفاعل بعضها مع بعض.

ففي الماضي، كان هناك مهندس رئيسي مسؤول عن تصميم كل شيء. وكان ذلك ينطبق على الشرائح والطائرات، بل حتى المفاعلات النووية. أما الآن، فقد تم تقسيم عمليات التصميم والإنتاج إلى نطاق واسع من العمليات الصغيرة حتى لم يعد هناك شخص في الجيل الجديد من المهندسين ب«تويوتا» يبدو على اطلاع بالصورة الكاملة. فربما يكون المهندس الذي يبلغ عمره 45 عاما في «تويوتا» حاليا قد قضى الخمسة وعشرين عاما الماضية من عمره في العمل على مراكمة التطورات الصغيرة.

مما يعني أنه على «تويوتا» أن تعتمد على نظرية تنظيمية أخرى بخلاف «كايزن» تمكنها من مراقبة الخصائص الأمنية بالغة الأهمية التي قد تضررت أثناء عمليات التطوير العديدة، والتي كانت تتم منذ سنوات بعيدة. وهي مشكلة لها علاقة بفلسفة الإدارة وليست مشكلة فنية. فيجب أن تتوصل الشركة إلى نظام جديد «يجمع بين الإنسان والآلة» لكي يتمم فلسفة «كايزن»، أو بمعنى آخر نظام يمكنه أن يتعامل مع الصورة الكاملة لنظام سلامة المحركات بدلا من النظر من منظور ضيق يقتصر على معالجة الأجزاء الصغيرة.

وأعتقد أن «تويوتا» يمكنها أن تواجه ذلك التحدي، ولكن التحدي الذي أخشى أن - ربما - تخفق فيه هو التحدي النفسي، حيث من الواضح أن قيادات الشركة تشعر بالارتباك إثر الهجوم السياسي والهجوم الإعلامي الذي يتعرضون له في الولايات المتحدة التي تعد أكبر أسواق الشركة.

ومن جهة أخرى، يعطي أكيو تويودا، الصموت والمتواضع، الذي يعرف قدرا ضئيلا من الإنجليزية حتى إنه يجد صعوبة في اختيار الكلمات الصحيحة، والذي أدلى بشهادته أمام الكونغرس الأميركي، انطباعا خاطئا، حيث يوجد صدام بين الثقافة الأميركية السياسية والإعلامية الحادة، ونظيراتها اليابانية المتحفظة.

ففي الوقت الذي تحاسب فيه أميركا شركة «تويوتا» بشأن السلامة، يجب عليها أن تضع الشركة في المكان الملائم لها. فقد كانت «تويوتا» دائما تفي باحتياجات السوق الأميركية والسياسيين الأميركيين من دون أن تقصر في الإنتاجية أو الجودة. وذلك أن كانت الولايات المتحدة قد طلبت من شركة «تويوتا» أن تنتج سياراتها داخل الولايات المتحدة بدلا من أن يكون على الولايات المتحدة استيرادها من اليابان كما طالبت «تويوتا» بأن تستخدم 50% من المكونات الأميركية المحلية.

وفي الوقت الراهن، يتم إنتاج 2.5 مليون سيارة سنويا في الولايات المتحدة داخل ما يزيد على عشرة مصانع، وهو ما يوفر فرص عمل. كما يبلغ إجمالي الإنفاق السنوي ل«تويوتا» على شراء المكونات، والبضائع، والخدمات من مئات الموردين الأميركيين أكثر من 22 مليار دولار.

كما انتقلت نحو 95 شركة معدات يابانية من اليابان لكي توفر لشركة «تويوتا» ما تحتاجه في إطار عملية التصنيع، التي تتم تحت شعار «في الوقت الملائم»، وتمثل تلك الشركات شبكة لتوريد المعدات إلى جوار وادي المسيسيبي لم تكن موجودة من قبل.

وتقف «تويوتا» على صفيح ساخن في الوقت الراهن، ولكن يجب على الجميع أن يدرك أن القضية تتعلق بمقايضة النظام الإلكتروني المعقد بالسلامة، في عصر تهيمن فيه الإلكترونيات والحواسيب على صناعة السيارات التي نستخدمها يوميا.

* القطب الإداري الياباني، أحد شركاء شركة «ماكينزي أند كومباني»، وأحد المساهمين في تأسيس شركة الاستشارات الاستراتيجية التابعة لها.. ومؤلف الكثير من الكتب بما فيها «عقل الاستراتيجي» و«عالم بلا حدود».

* خدمة «غلوبال فيوبوينت»

=====================

دعا من دمشق للاستثمار في سورية واشاد بقوانينها

رجل اعمال سعودي يطالب الاسد بحركة تصحيحية للقضاء على الفساد والروتين

4/3/2010

دمشق ـ 'القدس العربي' ـ من كامل صقر:

فيما كان الهدوء سيد المكان الذي انعقد فيه امس الاربعاء مؤتمر رجال الاعمال والمستثمرين العرب في سورية على الطريق المؤدي الى مطار دمشق الدولي بمشاركة اكثر من الف رجل اعمال ومستثمر عربي، اطلق الشيخ صالح كامل رئيس مجلس الغرف السعودية مفاجأة المؤتمر بكلمة له طالب فيها الرئيس السوري بشار الاسد بالبدء بحركة تصحيحية تماما كتلك التي قام بها والده حافظ الاسد للقضاء على البيروقراطية والفساد، وذلك على مسمع من رئيس الحكومة السورية ناجي العطري ونائبه الاقتصادي عبد الله الدردري.

وذهب رجل الاعمال السعودي الى الطلب من رئيس الحكومة السورية بان يوصل كلمته الى الاسد، ووجه انتقادات شديدة لاليات العمل في سورية، ورأى ان البيروقراطية والروتين أمران لا بد من القضاء عليهما سريعا اذا ما ارادت سورية ان تأخذ المكانة التي تليق بها وتعبر عن امكانياتها الاستثمارية الكبيرة.

وقال صالح كامل 'هناك حاجة لحركة تصحيحية تنهض بالاقتصاد السوري وتدق عنق البيروقراطية والروتين وتقضي على تعقيداته باتجاه اطلاق الاقتصاد السوري نحو ما يستحق ان يكون عليه'. واضاف: لابد من تعميم رؤى الرئيس الاسد في كافة وجهات العمل بدءا من القيادة الى الحكومة والمؤسسات وصولا الى القاعدة بما تحتويه من منفذين ومراقبين ومواطنين، مشيرا الى المزايا التي تتمتع بها سورية على كافة المستويات والتي يمكن ان تجعلها مركزا رئيسا لاستقطاب الاستثمارات والاعمال، واقسَم: 'ورب الكعبة لو ان اجهزة الدولة تمكنت من مواكبة رؤى الرئيس السوري لدخلت سورية التاريخ'.

شهبندر تجار السعودية لم يفوت المنبر الذي اتيح له في دمشق وامام الجميع للهجوم على جهاز الساحة السورية وقال: 'في لبنان تظهر الوفود السياحية بشكل لافت للنظر الامر الذي لا يبدو في سورية رغم انها ولبنان امتداد واحد لنسمة الهواء' مطالبا بـ 'تخليص العاملين في السياحة من الروتين الى صناع يجيدون الابتسام في وجه القادمين والسائحين من المطار لحظة القدوم الى المطار المختصة ولحظة المغادرة وما بينهما'، مؤكدا انه اختار الحديث بحرية وصراحة استنادا لمحبته الكبيرة لسورية ولرغبته في الاشارة الى المظاهر المسيئة التي 'لا تنقلها الاجهزة المختصة الى الرئيس السوري'.

المسؤول السعودي رأى ان قانون الاستثمار الذي تملكه سورية من افضل القوانين على الاطلاق ولكن العبرة في التطبيق، لان قانون الاستثمار مُعرقل ولابد من العمل على تسهيل الامور امام المستثمر العادي وفق قوله.

وناشد رجل الاعمال السعودي 'المستثمرين للاستثمار في سورية واخواتها بدلا من ان تضيع اموالهم في كان واخواتها'، منوها الى ان الكثير من المستثمرين خسروا جزءا من اموالهم في الغربة بعد الازمة دون ذنب سوى لاعتقادهم ان الاستثمار في الغرب اكثر امانا حسب قوله، وتوجه صالح كامل في حديثه الى المستثمرين العرب في سورية وخارجها للقدوم الى سورية والاستثمار فيها والاستفادة من الفرص الهائلة التي يوفرها الاقتصاد السوري، معتبرا ان الاستثمار في الدول العربية والاسلامية عبادة امرنا الله بها وان لم يتحقق الربح الوفير فان الله سيمنحنا الاجر الكبير على حد تعبيره.

في المقابل رد رئيس الحكومة السورية على قساوة كامل صالح بالقول: 'ان عملية التحول في سورية قائمة ومتواصلة وهناك اهداف كبيرة ولابد ان تعترضنا بعض المشاكل من هنا وهناك' وشكر له حرصه على سورية، مؤكدا ان الحكومة السورية لديها خطة لبذل كل الجهود لازالة الملاحظات والمشاكل، وبعد ذلك بدأ العطري كلمته التي تركزت على انجازات حكومته في مختلف المستويات.

وكان رئيس اللجنة المنظمة للمؤتمر بسام غراوي قال ان مستثمرين عربا يملكون محافظ استثمار بملايين الدولارات، لديهم شهية للاستثمار في سورية، يتوقع السوريون ان يُفضي المؤتمر عن مشاريع ضخمة في سورية تطال قطاعات البنى التحتية.

=====================

إشارات حرب؟

مأمون فندي

الشرق الاوسط

4-3-2010

السؤال المهيمن على المنطقة العربية اليوم هو: هل هناك حرب قادمة بين إيران وإسرائيل، أو إيران والولايات المتحدة بشأن قدرات إيران النووية؟ لا شك أن كل التصريحات الإسرائيلية وحطب السيد حسن نصر الله، واجتماع دمشق، والمناورات المشتركة بين القوات الأميركية والإسرائيلية، وزيادة التحركات السياسية والدبلوماسية في المنطقة، هي في مجملها إشارات حرب، ولكن هل هي مجرد إشارات بهدف التخويف أم أنها إشارات ودلالات حقيقية لحرب قادمة قريبا؟

بداية، الحرب مفيدة لكل الأطراف. إسرائيل تحتاج إلى الحرب بهدف إعادة الثقة بين الجيش والمجتمع الإسرائيلي التي اهتزت بعد حربها مع حزب الله عام 2006. كذلك وبعد تهديدات أحمدي نجاد بمحو إسرائيل من الخارطة، يحس الإسرائيليون بأن من واجبهم القضاء على قدرة إيران النووية المحتملة، وإلا فإن هذه القدرة ستوجه ضدهم، ومن هذا المنطلق قد تستخدم إسرائيل كل ما لديها من أدوات لكسر شوكة إيران. هي معركة وجود لا معركة حدود تلك التي ستدور رحاها بين إسرائيل وإيران، ومن هنا أقول إن هذه الحرب ستكون من أسوأ حروب المنطقة وربما أبشعها.

مهم أن نعرف أن إيران اليوم بعد إعلان التخصيب تختلف عن وضعها قبل التخصيب في ما يخص الرؤية الغربية لهذه الدولة. كما أن محركات النظام السياسي الإيراني تدفع الدولة في اتجاهات ربما لم تفكر فيها أو في تبعاتها من قبل من حيث تطوير القدرات النووية لإيران، كما أن إيران بعد الانتخابات الرئاسية المشكوك في نتائجها والتي شقت المجتمع الإيراني إلى نصفين، هي غير إيران ما قبل الانتخابات. القدرات النووية وحديث التخصيب كله يصب في مهمة رأب الصدع وتجسير الهوة الداخلية التي حدثت في إيران بعد الانتخابات الرئاسية المشبوهة.

الغرب أيضا قلق من تطور القدرات العسكرية الإيرانية بشقيها النووي والصاروخي، لذا مهما ادعى الأميركيون والأوروبيون بأنهم يفضلون حلا دبلوماسيا، فإن نتيجة التفاعلات الدولية بين بعضهم وبعض وبينهم وبين واشنطن قد تحرك عجلات الحرب (الضربات الجوية على الأقل) وتخرس الدبلوماسية.

التخصيب والقدرات النووية أساسية بالنسبة لإيران، فإيران لن تتراجع في مسألة تخصيب اليورانيوم ولن توافق على التخلي التام عن برنامجها النووي. وأسباب إيران كثيرة.

لقد أحس الإيرانيون بعد التخصيب بالفخر الوطني وبالاعتزاز بإنجازات علماء الثورة وقدرتهم على تركيب نظام تخصيب ناجح، هذا الفخر والاعتزاز تفتح في الوطنية الإيرانية ذات اللون الإسلامي، ويجعل حراس الثورة يحسون بالنشوة والزهو. وتخلي إيران عن التخضيب من المؤكد أنه سيؤدي إلى حالة إحباط داخلية وحالة انفصام بين النظام ومؤيديه في الداخل وحتى في المنطقة، خصوصا بعد ظهور معارضة حقيقية للنظام بعد الانتخابات الرئاسية المشبوهة.

المحركات الداخلية الإيرانية تدفع إلى مزيد من التصعيد مع الجيران بهدف الهيمنة على الخليج، وتدفع إلى التصعيد مع أميركا بهدف الندية. فعلى أميركا أن تحاور إيران حول العراق، وحول التخصيب، ومياه الخليج. إيران ببساطة تصبح القطب الرئيسي في الإقليم الذي تتحدث معه أوروبا أو أميركا في ما يخص أي ترتيبات سياسية أو أمنية في المنطقة. هذه هي الرؤية الإيرانية، فهل تقبل واشنطن بهذا الوضع؟

رغم تعدد الرؤى في واشنطن ولندن وتل أبيب، فإن هذه العواصم لا تقبل بإيران كقوة إقليمية نووية. الأميركيون اليوم يتعاطون مع المسألة الإيرانية بشكل قانوني بحت من أجل تجييش المجتمع الدولي ضد إيران كما فعلوا مع صدام حسين. إضافة إلى أن الجماعة الحاكمة في إسرائيل اليوم هي من مدرسة «من ليس معنا فهو مع الإرهاب»، فإن كان هذا هو المنظور المسيطر على بنيامين نتنياهو وجماعته، يكون النظر إلى الموضوع النووي الإيراني، والسياسة الناتجة عن هذا المنظور، هو تبني خيار ضرب المفاعلات النووية الإيرانية على الأقل من الجو، إن لم تكن هناك قوات كافية للمواجهة مع إيران. كل ما نراه اليوم في المنطقة من كل الأطراف هي إشارات حرب، ويبدو أن العجلة قد دارت.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ