ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
الموقف الأميركي .. ماذا
بعد..؟! الافتتاحية الإثنين 15-3-2010م بقلم رئيس التحرير: أسعد عبود الثورة ثلاثة مواقف إسرائيلية: 1-تمديد إغلاق الضفة الغربية. 2-اعتقال المناضل الفلسطيني ماهر عودة. 3-فتح تحقيق في ملابسات الإعلان عن بناء 1600
وحدة سكنية في القدس «أثناء
وجود نائب الرئيس الأميركي جو
بايدن في إسرائيل». الموقفان الأول والثاني يؤكدان أن
إسرائيل مستمرة في سياستها
العدوانية القمعية التي لا
يقرها قانون أو منطق.. وبالتالي..
لا أمل.. الذئب هو الذئب. الموقف الثالث فيه استجابة شكلية للرفض
الأميركي المعلن للاستيطان
الإسرائيلي.. لكنها استجابة
تحاول الابتعاد عن القضية
لتضعها في إطار ظرفي مؤقت..
فالمسألة بالنسبة لإسرائيل «نتنياهو»
ليست إعاقة مشروع السلام
بالاستيطان، بل «حيثيات
الإعلان عن بناء 1600 وحدة سكنية
أثناء وجود جو بايدن في إسرائيل».
يعني كان يمكن أن يعطوا كلاماً للولايات
المتحدة «بايدن أو غيره» حول
الاستيطان ثم يكذبوا ويعلنوا عن
نقضه بعد سفره..! إن في ذلك – برأينا – استخفافاً
بالولايات المتحدة ودورها في
عملية السلام، أشد وقعاً من
الإعلان عن خطة الاستيطان!! تريد
إسرائيل أن تحصر نتائج زيارات
المسؤولين الأميركيين للمنطقة
باللباقة وعدم الإزعاج.. وليس
أبداً بتسهيل المهمة. مع ذلك.. ورغم سذاجة قرار نتنياهو بتشكيل
لجنة للتحقيق في الإعلان عن 1600
مستوطنة أثناء زيارة بايدن.. فهو
يؤكد أن إسرائيل لا تستطيع رفض
الموقف الأميركي حين يرتدي
شيئاً من الجدية. وفي رأينا العالم كله غاضب من سياسة
إسرائيل ورافض لها، ويتحسب
للموقف الأميركي المؤيد دائماً
دون حسابات لإسرائيل.. وبالتالي
ما إن أطلقت الولايات المتحدة
عبارة التأفف الجدية حتى أسرع
العالم كله ومعه الأمم المتحدة
إلى التنديد بسياستها.. وهذا
يضاعف المسؤولية الأميركية في
تدوير عجلة سلام الشرق الأوسط.
المشكلة الآن أن يقف الموقف الأميركي عند
هذا الحد وفقط.. أو ربما هناك من
يفكر بالتخفيف منه.. هذا يعني
أنه لن يقدّم أي نتيجة تذكر. لقد تعلمت إسرائيل كيف تمضغ مثل هذه
المواقف وأشد منها، وكيف تتركها
تتآكل ذاتياً، مستندة إلى قوة
الضغط الصهيوني في العالم.. لقد
بكى العالم بأسره على ما حل بغزة..
وكان تقرير غولدستون.. فماذا
كانت النتيجة؟! غزة مدمرة.. محاصرة.. جائعة... وإسرائيل
ضيفة الشرف على أكثر من دولة من
كبريات دول العالم. الولايات المتحدة دائماً أمام فرصة
تاريخية للإقلاع الأكيد بعملية
السلام.. وهي اليوم كذلك..
والأخطر في المسألة أنها ما لم
تقدم على شيء آخر.. فسيتحول
الموقف الأميركي «الجريء» في
رفضه للموقف الإسرائيلي في قضية
الاستيطان.. من مبشّر «ربما» إلى
مثبط ومحبط. ويقيناً إن أعين العالم.. كل العالم.. بشكل
خاص منه القوى المحبة للسلام
وشعوب المنطقة، مفتوحة اليوم
باتساعها الكامل لتقرأ الموقف
الأميركي تحت عنوان.. ماذا بعد؟! ================================== حاييم آسا معاريف الاسرائيلية الرأي الاردنية 15-3-2010 بعد بضعة ايام من اغتيال اسحاق رابين، سأل
لاري كينغ في مقابلة صحفية هنري
كيسينجر اذا كان في اسرائيل
بديل عن رئيس الوزراء المغدور. كيسينجر لم يتردد. فأجاب على الفور: «لا». لا يوجد في اسرائيل سياسي يعرف الشرق
الاوسط مثل رابين، شرح كيسينجر،
في رد مباشر ومذهل. وبالفعل، فان
القاتل اياه كان يعرف ما يفعله. القاتل اياه، عدو اسرائيل، تركها دون
زعيم بوسعه حملها الى شاطىء
الامان. شاطىء الامان هذا لا يرتبط باسلو. فهو
يرتبط بسوريا. لو بقي رابين معنا
لكان اتفاق مع سوريا ولكان
الشرق الاوسط بدا اليوم مختلفا.
بدلا من ذلك بقينا مع حزب العمل
بقيادة أناس ذوي نزعات استمتاع
هزيلة لا يزالون يستمتعون
بانتصار رابين في انتخابات 1992. القاتل ترك اسرائيل مع زعامة تجري
التجارب على مصيرها، ينشغلون
ليل نهار في بقائهم السياسي دون
ان يكونوا يرغبون في أن يسمعوا
عن ساعة الرمل التي تعمل في
طالحها، عن المسيرة المتسارعة
لفقدان شرعيتها في العالم، عن
تخريب كل مساعي حاييم وايزمن
وبن غوريون لخلق شرعية كهذه في
العالم الواسع قبل قيامها، حيث
كانت في الخلفية كارثة فظيعة
للشعب اليهودي. في حينه ايضا كان
الامر مصيريا. نسينا هذا. قادة المعسكر الخصم لاسرائيل أعدوا لها
فخا. فخ يتعلمه متدربو الجودو:
استخدم قوة الاقوى منك كي تسقطه.
واسرائيل تسقط في الفخ. اذا
واصلنا هكذا سيكون من الصعب جدا
رفعها مجددا الى أسرة الشعوب
الشرعية، أسرة الدول
الديمقراطية وكل هذا بسبب جهل
لا يتوقف لزعمائها المزعومين
الذين قد يكونوا يرغبون الخير
ولكنهم يرفضون سماع كل الاصوات.
مريح لهم ان يسمعوا فقط اولئك
الذين يؤيدون رأيهم. رابين لم يعرف فقط الشرق الاوسط. فقد عرف
ايضا قيود السياسة. عرف انه دون
كتلة المركز اليسار من 61 مقعدا
لا يمكنه ان يتخذ اي خطوة. هذا
الدرس لم يتعلمه نتنياهو. فقد
خلق كتلة من 74 مقعدا، ولكنها
جميعها تقريبا من اليمين والقسم
القليل وغير ذي بال هم فقط من
المطاردين للكراسي ممن يحبون
المتع مثل وزراء العمل. ولكن في شيء واحد اخطأ رابين: لم يعقد في
الوقت المناسب الاتفاق مع سوريا. كان يفترض بهذا ان يكون الخطوة
الدراماتيكية، الخطوة
التأسيسية في الشرق الاوسط الذي
يفترض بها ان تبعدنا عن ايران عن
حزب الله وربما عن حماس ايضا. لو
لم يقتل رابين، لجعل الاتفاق
السياسي يتجه نحو التسوية مع
سوريا هذا هو تقديري وقد كنت
أعرف رابين جيدا. لا شك في نوايا نتنياهو الصهيونية وفي أن
صمود اسرائيل هو شمعة تضيء خطاه. ولكن عليه الان ان يبعد مجموعة الوزراء
اليمينيين الذين يغلفونه. أبعد يا سيد نتنياهو اسرائيل بيتنا، خذ
كاديما على محمل الجد، بتعاون
كامل، مع البقايا سوية العقل
التي ستبقى في الليكود (والعمل
سيكون دوما الى جانبك اذ هذه هي
عصبة من محبي المتع)، وستسير
باسرائيل الى مكان آمن حقا. انسى
الشعارات عن ايران وحرر نفسك من
المستشارين المزعومين كعوزي
اراد وأري شافيت. هذه الدولة ليست دولتك، بل وليست ايضا
دولة من يحيطون بك. معظمهم محدثي
فزع يضللونك. المسؤولية الوطنية
هي قبل كل شيء الاستقامة
الرسمية وتبني الواقع كما هو،
دون محاولة للطمس او للتزيين. لا تعمى عن حقيقة ان المجتمع الاسرائيلي
اصبح يمينيا. هذا ميل ينبع من
فقدان الطريق منذ اغتيال رابين.
المحاولات الفجة لباراك كرئيس
وزراء أدت الى انعدام ثقة
الجمهور الغفير باتفاقات
السلام. هذا رد فعل مفهوم ولكنه
غير صحيح. فك بينك وبين نفسك أين الحقيقة وأين
الواقع حقا. حرر نفسك من
الشعارات التي تجلب لك المقاعد
اذ ان هذه لن تنجيك في يوم الدين.
كن زعيما لاسرائيل، وليس لليمين.
التاريخ ايضا لن يخطىء في
محاكمتك. سوريا تلمح للغرب. تريد الخطوة. هي ضعيفة
عسكريا والاسد الشاب هو الحاكم
الاخير لسوريا العلمانية.
بالضبط مثل مبارك العجوز.
كلاهما - بعد اتفاق سلام مع
اسرائيل - يمكنهما ان يصدا معنا
الاصولية الايرانية التي لا
تقبل المساومة. ================================== تطوّر العلاقات التركية
- العراقية ديدييه بيليون الرأي الاردنية 15-3-2010 كان لرفض البرلمان التركي مرور 62000 جندي
أميركي عبر أراضيه في الأول من
مارس آذار 2003 لمهاجمة العراق من
الشمال وقع الصاعقة في سماء
العلاقات الأميركية التركية
التي كانت تبدو في غاية الصفاء.
هناك عدّة عوامل تسمح بفهم ذلك
الرفض. أوّلها أن سماح تركيا
بمرور الجنود الأميركيين كان
يعني عزلها إقليميا. وتشكل
مسألة الوضع في شمال العراق
عاملا أساسيا آخر، ذلك أن
العسكريين الأتراك واجهوا رفضا
صارما من واشنطن لتدخّلهم في
شمال العراق من أجل منع قيام
دولة كردية ستكون لها آثارها
على إحياء نزعة الاستقلال لدى
الأكراد في تركيا. ومع الإطاحة
بالنظام البعثي في العراق
تزايدت المخاوف التركية بسبب
الدور المتزايد للتنظيمات
الكردية. هذا رغم تأكيد القادة
الأكراد في العراق أنهم يريدون
المحافظة على وحدة البلاد لكن
فدراليا وحيث ما يُشاهد هو
استقلال ذاتي للأكراد في الواقع
العملي. ووجدت إدارة بوش السابقة أن التنظيمات
الكردية قد تكون مفيدة في تحقيق
مشاريع إعادة صياغة الشرق
الأوسط العزيزة على قلب
المحافظين الجدد. والورقة الكردية يمكن أن تُستخدم ضد
سوريا وإيران وحتى تركيا التي
قلقت في مرحلة أولى من انتخاب
جلال طالباني رئيسا للعراق ثم
حللت سريعا أن ذلك هو الضمان
الأفضل للمحافظة على الصيغة
التوحيدية للدولة العراقية
والتي تمثّل معيارا أساسيا
بالنسبة لتركيا. بالمقابل مثّل وجود قواعد حزب العمال
الكردستاني في شمال العراق وما
تتمتع فيه من حماية السلطات
المحلّية موضوع توتر مستمر.
وهكذا طلبت السلطات المدنية
والعسكرية التركية عدّة مرّات
من نظيراتها الأميركية التدخل
ضد قواعد حزب العمال
الكردستاني، لكن دون استجابة. في مثل ذلك السياق سمح البرلمان التركي
للحكومة القيام بعمليات عسكرية
ضد القواعد الكردية في شمال
العراق وبتعاون استخباراتي مع
إدارة بوش التي قبلت أخيرا أن
وجود مقاتلي حزب العمال
الكردستاني يساهم في هزّ
استقرار المنطقة الوحيدة
الواقعة تحت السيطرة الأميركية
حقيقة في البلاد. لقد أدانت السلطات الكردية في العراق
تدخل الجيش التركي، كما أخذت
مسافة من حزب العمال الكردستاني. وخلال عامي 2008 و2009 تعددت الاتصالات بين
مبعوثين أتراك ومسعود البرزاني.
وتشكلت في نوفمبر 2008 لجنة تركية
عراقية أميركية للحد من نشاطات
حزب العمال الكردستاني لتتوالى
بعدها الصلات بين السلطات
التركية والعراقية والكردية
العراقية. وفي مثل هذا السياق قام الرئيس التركي عبد
الله غل بزيارة بغداد في مارس 2009،
وكانت الزيارة الأولى لرئيس
تركي منذ 33 سنة. وزادت بالوقت نفسه المبادلات التجارية
بين تركيا والعراق بنسبة 5,37
بالمائة في عام 2008 قياسا بعام
2007. وتعددت مشاريع
التعاون في مختلف المجالات بحيث
يبدو أن تركيا تريد أن تكون
البوابة الأوروبية للعراق. تبقى منطقة الظل الوحيدة في لوحة
العلاقات التركية العراقية هي
التي تخصّ مسألة المياه. ولا شكّ أن تركيا
تمتلك في هذا المجال سلاحا
فعّالا في ظل الحالة المائية
المأزومة للعراق حيث يلوح شبح
الجفاف ورحيل أعداد كبيرة من
السكان عن مناطقهم. لقد زادت تركيا من تدفّق المياه على دفعات
اعتبارا من عام 2009 وصولا إلى 517
مترا مكعّبا في الثانية حسب
تصريحاتها. لكن العراق يطالب ب700
متر مكعّب في الثانية. وتريد
تركيا أيضا أن تؤكّد في العراق
دورا يتماشى مع التوجّه الذي
طوّرته حيال بلدان المنطقة
الأخرى. وينظر البلدان إلى
التطبيع المتدرّج لعلاقاتهما
إيجابيا حيث فهم كل طرف أن منافع
النضال ضد حزب العمال
الكردستاني أكبر من مضارّه
وكذلك الأمر بالنسبة لقيام
منظور جوار سياسي واقتصادي
مسالم. والاجتماع الوزاري الذي ضمّ في شهر
سبتمبر 2009 تسعة وزراء من كل بلد
ثم اجتماع مشترك لمجلسي الوزراء
في الشهر التالي يبرز ذلك
التوجّه. على ضوء هذه التطورات كلّها يمكن القول إن
هناك مسارا جديدا للعلاقات
التركية العراقية. وهو مسار
يندرج في سياق السياسة التركية
الحالية القائمة على مفهوم «صفر
من المشاكل مع الجيران» مع
تزايد المبادرات الدبلوماسية. ولم يتردد وزير الخارجية التركي في
التصريح أثناء زيارة قريبة إلى
شمال العراق أنه جاءت اللحظة
التي ينبغي فيها على «العرب
والأكراد والأتراك أن يعيدوا
معا بناء الشرق الأوسط». إن وصول أول قطار قادم من الموصل إلى بلدة
غازيانتيب التركية يوم 17 فبراير
الماضي له قيمة رمزية كبيرة،
خاصّة أن هذا الخط المعطّل منذ
حوالي 20 سنة يشكّل جزءًا من الخط
التاريخي بين اسطنبول وبغداد
والذي يشكّل بدوره جزءًا من خط
برلين بغداد. (المدير المساعد لمركز
العلاقات الدولية
والاستراتيجية باريس) البيان الاماراتية ================================== د. عايدة النجار الدستور 15-3-2010 الحقيقة المؤلمة أن ، جميع الأطراف
المعنية بالقضية الفلسطينية في
هذا الوقت تعرف أن عملية السلام
أصبحت أكثر تعقيدا من أي وقت آخر.
تعرف ذلك بسبب ما يجري على الأرض
وفي الواقع. إسرائيل وكما ثبت
للجميع ، ما زالت تراوغ وتحاول
الغش والخداع حتى مع حليفها
الكبير أمريكا المتحيّزة دوما
لها. لقد قبل العرب ، بمواصلة أو
بدء "مفاوضات غير مباشرة"
مع إسرائيل من أجل عملية السلام.
كما صدّقت أمريكا أو تظاهرت
بتصديق إسرائيل أنها ستحسن
سلوكها وأخلاقها في مدة الأربعة
أشهر القادمة التي وضعت للتفاهم
لبدء المفاوضات برعاية أمريكية. أوفد أوباما ، نائبه بايدن الى المنطقة
"لبدء إعداد البيئة"
لتسهيل العملية لزيارة مستشار
الرئيس المسؤول عن ملف
المفاوضات جورج ميتشيل القادمة.
ولكن إسرائيل "حبيبة أمريكا"
لم تخلص في حبها ، بل أحرجت
بايدن المعروف بحبه وتحيزه
لأسرائيل أثناء الزيارة. وكان
من المفروض أن تتوقف إسرائيل
لبناء المستوطنات كشرط من
الفلسطينيين. إلا انها أعلنت عن
خطة لبناء 1600 منزل جديد
للمستوطنين اليهود. "هكذا
عينك عينك" ودون أن يرمش
لنتنياهو رمش ، بالاضافة
لمواصلة بناء الاسوار التي توضح
الرسالة بشكل مدوْ أنها ضد
عملية السلام ، والمفروض أن
زيارة نائب الرئيس تأتي ،
لتعزيز رأي أوباما الذي عبّر
عنه في مناسبات عدة لاقامة دولة
فلسطينية. ومن عمق الاحراج من
الصفعة الاسرائيلية للمسؤول
الأمريكي ، فقد اضطر للتعبير عن
عدم رفض ذلك وشجبه. بعمله هذا ، لم تحافظ اسرائيل على
علاقاتها الجيّدة مع اميركا تحت
جميع الادارات السابقة. ولا شك
أنها عملية استفزازية واضحة..
ولعلها اليوم تحقق ما ظل
الفلسطينيون والعرب ترديده أن
إسرائيل لا تهدف للسلام وهي
تضيع الوقت لمواصلة تنفيذ
مخططاتها بما فيها الاحتفاظ
بالقدس الشرقية. بالاضافة فهي
لا تترك أية فرصة لتغيير معالم
المدينة ، بل وتعمل باجتهاد
لتفريغ القدس الشرقية من أهلها
، ولهدم الحرم الشريف لبناء
الهيكل المزعوم على أنقاضه. إن استفزاز نتنياهو لأمريكا قد يكون "ردة
فعل غاضب" جاءت على لسان
هيلاري كلنتون في تحذيرها الذي
وصف "بالقاسي" ، حيث يهدد
العلاقات الثنائية بين البلدين
للخطر ويضعف الثقة بين الطرفين.
ولم تأت كلمات وزيرة الخارجية
هذه من عبث ، وهي الأدرى بنوايا
إسرائيل المبطنة. وفي الوقت
نفسه فهي تدافع هذه المرة عن "كرامة"
نائب الرئيس الذي وجهت إسرائيل
له إهانة واضحة ، وتحمل رسائل
سلبية ، وتقوّض محاولة البدء
"بمفاوضات". ويأتي كلام
كلنتون "الغاضب" ، ربما
ليخفف من الغضب الفلسطيني
والعربي الذين ندموا للموافقة
عليه ولذلك تراجعت الجامعة
العربية وسحبت موافقتها ، على
بدء المفاوضات غير المباشرة بعد
أن ضربت إسرائيل المحاولة بعرض
الحائط ، باستمرارها ببناء
المستوطنات. أمريكا اليوم غاضبة لأنها فشلت من جديد ،
لمواصة المفاوضات لعملية
السلام ، وقد يكون هذا الغضب ردة
فعل ، ودفاعا عن دور أمريكا في
القضية الفلسطينية والتي حملت
"السلم بالطول والعرض"
لتظل الدولة الكبرى في العالم. إن العرب بحاجة "لغضب حقيقي" وجاد من
أمريكا والمجتمع الدولي ، غضب
عمليّ بأن يوقفوا تصرفات
إسرائيل الاستعمارية المستمرة
دون رادع أو احترام للقوانين
االشرعية ، غضب يؤدي الى اتخاذ
إجراءات عملية ، وليس أقوالا.
فإذا كانت أفعال إسرائيل
الاستفزازية هذه تعرض العلاقات
بينها وبين إسرائيل للخطر ،
فلماذا لا تقوم باستعمال هذه
الورقة ، وبدءا من العلاقات
الديبلوماسية القوية ، أو
الزيارات المتبادلة بين
البلدين ، أو بانقاص المساعدات
المالية التي تدفعها لبناء
المستوطنات بأموال الشعب
الأمريكي. لا يكفي الكلام ، ولا بد لوسيلة يمكن
لأمريكا من استعمالها لتغضب
إسرائيل التي لا تحسب حساب أحد
إلا صمود الشعب الفلسطيني
المصمم عن الدفاع عن بلده وبكل
الأشكال النضالية التي تقلقها
وتغضبها. ولننتظر نتيجة هذا الغضب الأمريكي،. ================================== صفعة إسرائيل..أزمة أم
لعبة سياسية؟ أسامة الشريف الدستور 15-3-2010 هل لنا ان نصدق ان أزمة ديبلوماسية حقيقية
قد تفجرت بين واشنطن وتل أبيب في
اعقاب "الاهانة" التي
وجهتها اسرائيل الى الولايات
المتحدة خلال زيارة نائب الرئيس
الاميركي جو بايدن الاخيرة؟ "ادانة
، توبيخ ، تعزير" هذه بعض
التوصيفات التي تداولها
الاعلام في اسرائيل واميركا
لوصف رد فعل الرئيس اوباما
ونائبه ووزيرة خارجيته هيلاري
كلينتون في اعقاب اعلان وزارة
الداخلية الاسرائيلية عن مخطط
لبناء 1600 وحدة استيطانية في
القدس الشرقية المحتلة اثناء
وجود بايدن وعشية توجهه الى رام
الله للقاء الرئيس الفلسطيني
والاعلان عن استئناف المفاوضات
غير المباشرة. وتقول صحيفة هآرتس ان اوباما سطر بنفسه
رسالة شديدة اللهجة تتضمن
تهديدات وشروطا تسلمها بنيامين
نتنياهو ولم تعلن تفاصيلها ،
جاءت بعد تلقيه مكالمة هاتفية
طويلة من كلينتون استغرقت 43
دقيقة لم يتكلم خلالها رئيس
الوزراء الاسرائيلي كثيرا. كما
استدعي سفير اسرائيل في واشنطن
الى وزارة الخارجية لتسليمه
رسالة احتجاج اميركية وصفت
بالقاسية. ويقول محللون ان رد
الفعل الاميركي صعق
الاسرائيليين ومؤيديهم في
الكونغرس من الحزبين. وكان
ابراهام فوكسمان ، رئيس احدى
اقوى لجان الضغط الصهيونية في
الولايات المتحدة ، اول من تحرك
لنصرة نتنياهو حيث صرح بان لهجة
البيت الابيض غير المسبوقة "اذلت"
رئيس الوزراء الاسرائيلي. حتى هذه اللحظة لم تتراجع حكومة اليمين عن
موقفها ، فالاستيطان الجائر
مستمر والعقوبات الجماعية ضد
الفلسطينيين شملت الضفة
الغربية ايضا. كل ما فعله
نتنياهو كان تشكيل لجنة تحقيق
في خلفيات توقيت الاعلان عن
المخطط الاستيطاني ، لكنه وبحسب
الصحف الاسرائيلية فانه لا
يستطيع تحمل ثمن التراجع عن
قرار حكومته ، لان ذلك سيعني
بالتأكيد انهيار الائتلاف
الحاكم بعد ان هدد اليمين
المتطرف بالانسحاب ، في الوقت
الذي حثه فيه اعضاء مرموقون في
حزب الليكود على الصمود وعدم
التفريط بمخطط الاستيطان في
القدس الشرقية. بكل المقاييس جاء الاعلان الاسرائيلي
بمثابة صفعة قوية من حليف
استراتيجي تلقاها بايدن الذي
صرف وقت زيارته متغنيا بحبه
لاسرائيل ومبديا اعجابه برئيس
وزرائها ومؤكدا للمرة الالف
ضمان واشنطن لأمنها وحمايتها من
تهديدات ايران. وكانت ايضا صفعة
قوية للرئيس عباس وللعرب الذين
منحوه فتوى سياسية للعودة الى
طاولة المفاوضات تحت ضغط اميركي
بعد ان فشلت محاولاته للحصول
على ضمانات بتجميد الاستيطان. اذن اجهضت اسرائيل مساعي واشنطن لاستئناف
محاثات السلام واحرجتها مع
حلفائها العرب وعرقلت مهمة
بايدن بتأليف حلف عربي -
اسرائيلي مناهض لايران ، وهو
السبب الاصيل لجولته في المنطقة.
واذا كان الرئيس اوباما قد خسر
جولة المواجهة الاولى مع
نتنياهو في صيف العام الماضي
عندما طلب من اسرائيل وقف
الاستيطان تمهيدا لاستئناف
المفاوضات ، «البقية ص» فانه اليوم يسعى الى كسب الجولة الثانية
بالضربة القاضية ، او هكذا يبدو.
فهناك من يقول بان واشنطن باتت
على قناعة بأن على نتنياهو دفع
ثمن سياسي باهظ ، دون ان يؤثر
ذلك على متانة العلاقات
الاميركية الاسرائيلية. لم يصعد رئيس اميركي موقفه من اسرائيل على
هذا النحو منذ ان تحدى الرئيس
بوش الاب حكومة شامير في قضية
ضمانات القروض المعروفة. وحينها
كسب بوش المعركة لكنه فشل في
الفوز بفترة رئاسية ثانية.
واليوم هناك من يعتقد بأن
اوباما سيكون رئيسا لفترة واحدة
ايضا ، ولاسباب مختلفة. والسؤال
الى أي مدى سيمضي اوباما في
تصعيده الاخير؟ ولا شك ان
كلينتون التي ترعى طموحها بأن
تكون أول سيدة تفوز بالبيت
الأبيض ، ربما في 2018 ، تعرف
تماما مفاتيح اللعبة السياسية
وكلفة المواجهة مع اسرائيل ،
وهي التي نجحت في الماضي في
التودد للوبي الصهيوني والحصول
على اصوات اليهود. تلقت اميركا صفعة من اسرائيل لكن الحديث
عن أزمة تعصف بالعلاقات الخاصة
بين البلدين لا يتفق والواقع
السياسي في الولايات المتحدة ،
التي يصف بعض السياسيين
الاميركيين عاصمتها بانها ارض
محتلة ايضا، لكن شرخا كبيرا في
علاقة واشنطن بنتياهو قد حصل
وهو ما ذكر بعض المحللين بهدية
"بيبي" التي تهشم زجاجها
قبل ان يسلمها لبايدن. ================================== الحريري أمام خيارين في
علاقته بسوريا سركيس نعوم النهار 15-3-2010 يجد رئيس الحكومة سعد الحريري نفسه هذه
الأيام أمام خيارين سياسيين
بالغي الصعوبة. الأول، هو
الاقتداء بالزعيم الدرزي
الأبرز وليد جنبلاط الذي قرر
بعد حوادث 7 أيار 2008 ومتغيراتها،
وحرصاً على سلامته وسلامة "شعبه"
ودوره في لبنان، شطب سنوات
الحرب الشعواء التي شنّها على
النظام السوري منذ أواخر 2004
لأسباب معروفة وربما مبررة
والعودة اليه عودة تقرب من "عودة
الابن الضال". أما الخيار
الثاني، فهو الذي اعتمده رئيس
الوزراء السابق فؤاد السنيورة
ولكن مع مرونة أكبر وحركة أوسع
ومناورات أعمق واستعدادات
لفظية شبه يومية لبناء علاقة
شخصية ودولتية مميزة ومتميزة مع
النظام السوري وقائده،
مستفيداً للنجاح في ذلك من دعم
"شعبه" له والذي لا يزال
كبيراً، ومن دعم عربي له (مصر
والسعودية) وإقليمي (تركيا) ودعم
دولي تمثل اميركا وفرنسا ودول
كبرى أخرى أبرز مقدميه.
والمرونة يفرضها تغيّر المرحلة
الحالية عن مرحلة "حكم"
السنيورة. فيومها كانت سوريا
محشورة و"مستهدَفة" من
داخل ومن خارج وكانت رافضة أي
تنازل ومصممة على "الثأر".
وعنى ذلك في حينه غياب أي
استعداد عندها للتفاهم مع
السنيورة. وعندما بدأت تنقلب
الظروف لمصلحتها تمسكت
بسلبيتها حياله فصار الرجل الذي
لا يمكن التوصل الى تسوية معه.
وعندما نجحت في قلب ميزان القوى
في الداخل اللبناني بفرض تأليف
حكومة توافق وطني لا تستطيع ان
تقرر شيئاً اذا رفض حلفاء سوريا
ذلك، اعطت اشارات الى استعدادها
لبدء مرحلة جديدة مع سعد
الحريري نجل الشهيد رفيق
الحريري ومع شعبه. أي خيار يعتمد الرئيس سعد الحريري؟ أو
بالأحرى هل اعتمد خياراً واضحاً
ومحدداً عندما زار سوريا واجتمع
مع رئيسها بشار الاسد تسع
ساعات؟ التسريبات الإعلامية المقصودة من سوريا
ومن حلفائها اللبنانيين خلال
المدة التي أعقبت الاجتماع
المشار اليه الى وسائل اعلامية
لبنانية وسورية اظهرت أكثر من
مرة وجود شكوك في دمشق في جدية
اعتماد الحريري خيار طي صفحة
السلبية معها، وطنياً وشخصياً.
أما الردود أو التعليقات التي
صدرت عنه (الحريري) مباشرة أو
عبر مستشاريه، وحتى عبر تسريبات
إعلامية مقصودة، فقد اظهرت -
شكلاً على الاقل - تمسكاً منه
"بالمصالحة" ومفاعيلها
وحرصاً على الاستمرار في العمل
لجعل العلاقة بين لبنان وسوريا
نموذجاً للعلاقة بين دولتين
شقيقتين وجارتين. والحقيقة التي يمكن استشفافها من
التسريبات والتعليقات السورية
واللبنانية تشير على نحو جدي
الى انه ربما يكون هناك شيء غير
"ظابط" حتى الآن في
العلاقة، وهذا أمر يمكن ان يفهم
لأن ما شابها من سوء كثير وكبير،
ولأن التوصل الى ازالته يلزمه
وقت طويل ونيات صادقة. واذا كان
الوقت متوافراً، فهل ان صدق
النيات متوافر؟ والجواب عن هذا
السؤال ليس ايجابياً. وكل من
يتابع تحرك سوريا وطبيعة "الضغوط"
التي تمارس عبر حلفائها
اللبنانيين على المراجع
والقيادات لكي يعودوا الى "جادة
الصواب" يدرك ان سوريا تريد
في لبنان ومنه أكثر مما تقول.
ومن يتابع طبيعة تحرك الحريري
وقاعدته الشعبية والسياسية
ومؤسساته يدرك انه لا يستطيع او
لا يريد الاستسلام لسوريا لا
شخصياً ولا وطنياً رغم عدم
ممانعته في التحالف معها اذا لم
يمس ذلك الثوابت اللبنانية... في اختصار، لا يستطيع سعد الحريري ان يكون
وليد جنبلاط الذي قد لا ينجح
خياره ولا يستطيع ان يلومه،
فتجربتاهما مختلفتان كما تجربة
والديهما اللذين ورثاهما في
السياسة كما في امور اخرى، رغم
ان نهاية الوالدين كانت متشابهة
بمأسويتها. ولا يستطيع احد ان
يقنع الحريري باعتماد واحد من
الخيارين المشار اليهما اعلاه.
لكن ما يستطيعه العقلاء في
البلاد، وهم كثر رغم ان عدد
المجانين أكبر وبكثير، هو نصح
رئيس الحكومة والزعيم سعد
الحريري أولاً بأن يعرف بدقة
ماهية العلاقة التي تربطه
بحلفاء الخارج. وهل هي صداقة ام
تحالف ام مبنية على المصالح. وهل
يدعمه هؤلاء الحلفاء ويحمونه أم
"يقطعون الحبل به في منتصف
البئر". وثانياً، بأن يكثر من
العلاقات والصداقات ويقلل في
الوقت نفسه من الالتزامات وإن
كان فيها شيء لمصلحة بلاده
وخصوصاً اذا كانت متناقضة.
وثالثاً، بأن يُعدّ شعبه
وجمهوره "للصلح" مع سوريا
اذا قرر ذلك أو للصمود في
مواجهتها اذا قرر ذلك، وطبعاً
بعد درس تكلفة كل من القرارين
وامكان تنفيذه، فلا يبقى كما هي
حاله اليوم عرضة للضغوط
والاغراءات وكذلك حلفاؤه.
ورابعاً، بأن يحاول معرفة حقيقة
ما تريده سوريا منه ومن لبنان
وبأن يصارحها في ما يستطيعه وما
لا يستطيعه وبأن يتمسك "بقراره"
فلا يتركه عرضة لتأثير هذه
الجهة أو تلك في الداخل أو في
الخارج. هل يفعل ذلك؟ لا أحد يعرف، لكن ما هو مؤكد
للجميع ان سوريا تعرف ما تريد
ولن تتراجع عنه وان التردد سواء
في عملية التسوية معها على حل
وسط أو في مواجهتها في حال فشل
الحل الوسط، مع الانقسام في
الداخل، قد يجعلان معركتها
رابحة وخصوصاً اذا استمر التقاء
المصالح الاقليمية والدولية و"العدوة"
مع مصالحها. ================================== نايلة تويني النهار 15-3-2010 للنائب وليد جنبلاط ملء الحرية في ما يقرر
ويفعل ويعتذر، رغم اني تمنيت لو
انه لم يفعل، بعد متابعتي ردود
الفعل السورية التي سعت الى
مزيد من النيل من كرامته عبر عدم
اكتفائها بالاعتذار العلني عبر
الشاشة الصغيرة، وكأنها تطلب
مزيداً لتلقين الآخرين دروسا،
وحَمْلهم على المزايدة في
الانسحاق وفي الارتهان لإرادة
ما انكفأت عن اذلال اللبنانيين،
وخصوصا السياسيين منهم. لوليد جنبلاط وغيره الحق في اختيار
المواقف التي تناسبهم في
السياسة. هكذا هي السياسة في
لبنان، انقلابات على الذات
وتحالفات مع اعداء الامس، لا
تعير الناس اي اعتبار او اهتمام
لرأيهم. ولكن من حقنا ان نبدي
رأينا في ما يحصل وان نسجل
اعتراضنا عليه. لقد زار رئيس الحكومة دمشق والتقى الرئيس
السوري لكنه لم يسلم من رسائل
عدم الرضى، وسيفعل النائب
جنبلاط مثله، وسيواجه حتما
محطات مقبلة تذكره بالحقبة
الماضية، اذا ما سمح السوري
بجعلها من الماضي. نحن مع الاعتذار اذا كان ناتجا من إساءة
شخصية ومسّ بالكرامات، لكننا
نسأل في المقابل عمن يعتذر من
الشعب اللبناني عن محطات مسيئة
له ولقياداته؟ من يعتذر من الرئيس فؤاد السنيورة الذي
وُصف بانه "عبد مأمور لعبد
مأمور"، أليس في هذا الكلام
مسّ بالكرامات؟ من يعتذر من البطريرك صفير الذي كلما تحدث
اطلقت ابواق سورية تهاجمه وقد
تناولته شخصيا وقللت شأنه مرات
عدة؟ من يعتذر من اللبنانيين عن اغتيال كمال
جنبلاط والعشرات غيره على ايدي
النظام السوري وقوى متواطئة
معه؟ من يعتذر من اللبنانيين على كل الممارسات
السورية المشينة بحق قياداتهم،
رغم ان الاخيرين او بعضهم،
ارتضوا في مراحل عدة الاذلال
لانفسهم؟ من يعتذر من اهالي شهداء الجيش اللبناني
الذين قتلهم السوريون في وزارة
الدفاع وفي محيط قصر بعبدا، قبل
ان يدخلوا الى قاعاته وغرفه
ليقضوا على من كانوا يناصرون
العماد ميشال عون ويوفرون له
الحماية آنذاك؟ من يعتذر من اللبنانيين جميعا لان جيشا
قصف قصرهم الرئاسي واجتاحه، كما
اجتاح وزارة الدفاع وأهان
ضباطها واخذ كل ملفاتها؟ من يعتذر من شباب لبنان الذين اعتقلوا
وسجنوا وعذبوا في 7 و9 آب
بالرعاية السورية التي توافرت
للاجهزة الامنية؟ من يعتذر من اللبنانيين عن القصف الذي دمر
احياءهم وبيوتهم ومصانعهم؟ وعن
الحواجز التي اذلتهم في وطنهم؟ من يعتذر من اللبنانيين ومن النواب عن
محاولات الغائهم عبر الاعلان،
مرة من القاهرة ومرة من دمشق، عن
التمديد والتجديد الذي حصل
بالاكراه؟ نعم لقد اخطأ اللبنانيون بحق سوريا
والسوريين، والرجوع عن الخطأ
فضيلة، ولكن الا يجب ان تشمل
الفضيلة الجميع، بمن فيهم
السوريون، وان يبادروا الى
الاعتذار من اللبنانيين، حتى
نطوي تلك الصفحة المؤلمة من
العلاقات فتصير حقا اخوية؟ ================================== أثر العولمةعلى الأزمة
الاقتصادية بقلم :د. جلال أمين البيان 15-3-2010 كانت أزمات الرأسمالية السابقة كلها تجري
في ظل الدولة القومية، إذ كانت
هناك حدود معروفة لآثار السياسة
الاقتصادية، وحدود معروفة
لنشاط الشركات ولاستثمار رؤوس
الأموال، بل وحدود معروفة
لانتشار القيم والعادات
الاستهلاكية. الآن أصبحت السياسات الاقتصادية للدولة
تتأثر بشدة، بما يحدث خارج
الدولة، وتؤثر بدورها في الدول
الأخرى. والشركات لا يكاد يعرف أصلها القومي،
ويمتد نشاطها إلى كل أركان
المعمورة. وقل مثل هذا عن حركات
رؤوس الأموال، وانتشار القيم
الاستهلاكية من بلد لآخر. كان لا بد لهذا التطور أن تكون له آثاره
على الأزمة العالمية، فيطبع هذه
الأزمة الجارية بسمات تختلف عن
الأزمات السابقة. وكالعادة،
هناك الآثار الخبيثة والآثار
الطيبة. فمن ناحية، تؤدي العولمة إلى سرعة انتشار
الأزمة من دولة إلى أخرى،
بالمقارنة بانتشارها في
الثلاثينات والأزمات السابقة
عليها، تماما كما يحدث
لانفلونزا الطيور أو الخنازير.
ولكن هناك من ناحية أخرى،
اشتراك العالم كله (أو المتقدم
اقتصاديا على الأقل) في البحث عن
حلول ووضعها موضع التنفيذ. فلننظر كيف هرع قادة أوروبا واليابان إلى
واشنطن بمجرد نشوء الأزمة،
لتبادل الرأي في كيفية
مواجهتها، وكأنهم يقولون
للولايات المتحدة: «لا يجب أن
تظني أن بإمكانك إيقاع العالم
كله في هذه الكارثة بسبب سياسات
خرقاء ارتكبتها، دون أن تسمعي
رأي العالم في ما يجب عليك صنعه».
وأظن أنه في هذه الحالة على
الأقل، لم يكن أمام الولايات
المتحدة إلا الاستجابة. بل وليس من الإفراط في الخيال أن تسفر
الأزمة الحالية عن تقدم ملحوظ
في التعاون الدولي، وعلى الأخص
في إدارة شؤون الاقتصاد الدولي،
أكثر من أي وقت مضى، سواء
بالمقارنة بعصبة الأمم، التي
تكونت في أعقاب الحرب العالمية
الأولى، أو منظمات الأمم
المتحدة التي تكونت في أعقاب
الحرب الثانية. لقد أصبح العالم أكثر استعدادا من أي وقت
سابق، لقبول نوع أو آخر من «الحكومة
العالمية». ولكن، لعل أهم ميزة لعصر العولمة، في ما
يتعلق بالأزمة الاقتصادية، أن
من المستبعد جداً أن تؤدي هذه
الأزمة الحالية إلى حرب عالمية. لقد ساهمت أزمة الربع الأخير من القرن
التاسع عشر في اندلاع الحرب
العالمية الأولى، وساهمت أزمة
الثلاثينات في اندلاع الحرب
العالمية الثانية. بل ويكاد
يجمع الاقتصاديون على أن الذي
قضى نهائيا على أزمة
الثلاثينات، لم يكن السياسات
الكينزية بقدر ما كان قيام
الحرب العالمية الثانية، أو
بعبارة أخرى، أن أهم تطبيق
للسياسة الكينزية كان الإنفاق
على الحرب. ولكن هذه الأزمات السابقة كانت تجري، كما
قلت، في ظل الدولة القومية، ومن
ثم كان من الممكن أن تشتبك
الدول، بعضها ببعض، في حروب
قومية، ولو كانت تسمى حينئذ ب«العالمية».
كان من الممكن أن تخاطب الحكومة
البريطانية شعبها بالقول إنهم،
بالتضحية من أجل الانتصار في
الحرب، يضحون من أجل وطنهم،
وهكذا كانت تقول الحكومات
الفرنسية والألمانية
والإيطالية واليابانية
والأميركية.. الخ. أما الآن فقد أصبح مثل هذا أقل قدرة على
الإقناع مما كان. فمن الصعب الآن
مثلا أن تعلن الولايات المتحدة
وأوروبا حربا عالمية ضد الصين،
باسم التضحية من أجل الوطن.
فالجميع يعرف الآن الغرض
الحقيقي من هذه الحروب، ولا عجب
أن ألف كثير من هذه الدول نظام
الخدمة العسكرية الإجبارية،
وأصبح الاشتراك في القتال
بالتطوع مقابل أجر مجز. ولكن هناك أسبابا أخرى لصعوبة تصور حرب
عالمية الآن، بالإضافة إلى فهم
الناس الآن لدوافعها أكثر من ذي
قبل، وهي أسباب تتعلق بالعولمة.
فالولايات المتحدة إذا أقدمت
على ضرب الصين بالقنابل، كيف
يمكنها أن تتأكد من أنها لن تضرب
مصنعا أميركيا؟ والصين إذا ضربت أميركا بالقنابل، كيف
يمكنها أن تتأكد من أنها لن تضعف
بشدة قيمة استثماراتها، ولن
تخفض من قيمة سندات الحكومة
الأميركية التي تملكها؟ نعم،
أصبح من الصعب أن نتصور أن يكون
حل الأزمة العالمية بقيام حرب
عالمية. ولكن ليس معنى هذا أنه لا يمكن المساهمة
في حلها بحروب صغيرة هنا وهناك،
في أفغانستان مثلا أو السودان.
بل من الممكن جداً النظر إلى ما
يجري في هذه البلاد، على أنه
بديل للحرب العالمية، ولتحقيق
أهداف مماثلة. ملاحظة أخيرة تتعلق بالعالم العربي
بالذات. إن العولمة كما تفرض على
الدول المتقدمة اقتصاديا
التعاون من أجل الخروج من
الأزمة، تفرض الشيء نفسه على
الدول الأقل دخلا. وينطبق هذا
على الدول العربية، كما ينطبق
على غيرها من دول العالم الثالث.
بل إن من الممكن القول بأن التقارب
الاقتصادي العربي، لم يكن قط
مرغوبا فيه مثل ما هو الآن، إذ
ما أكثر ما يمكن أن يحققه هذا
التقارب في سبيل تخفيف حدة
البطالة المنتشرة في البلاد
العربية، والتخفيف من آثار
انخفاض الاستثمارات الواردة من
الخارج، ومن انخفاض الطلب على
الصادرات العربية.. الخ. ولكن من المحزن أن التقارب الاقتصادي
العربي، شأنه شأن التقارب
السياسي العربي، يبدو أضعف
اليوم مما كان عليه في
الخمسينات والستينات من القرن
الماضي. إن أصدقاءنا الحقيقيين الذين يمكنهم
تقديم مساعدة حقيقية لنا، سواء
كانوا من البلاد العربية الأخرى
أو من بلاد العالم الثالث غير
العربية، تقوم بينهم وبيننا
حواجز ليست من صنعنا. ومن ثم
يبدو أنه لا مناص، للأسف، من أن
ننتظر حتى تنجح الدول الأكبر
منا في علاج الأزمة. كاتب ومفكر مصري ================================== صندوق النقد الأوروبي
شبيه الدولي أم نقيضه؟ بقلم :عبد الجليل النعيمي البيان 15-3-2010 في دراسة أجراها «معهد ما بعد الأزمة»
وشارك فيها 223 خبيراً من 51
بلداً، حاول اقتصاديون ومحللون
ماليون وصحافيون ورجال أعمال
وعلماء وسياسيون ومسؤولون
حكوميون، الإجابة على التساؤل
حول مستقبل الاقتصاد العالمي.
تناولت غالبيتهم الأزمة
الاقتصادية الراهنة على أنها
بداية لمرحلة طويلة من عدم
الاستقرار. والاستنتاج الرئيسي الذي توصلوا إليه، هو
أن العالم سيواجه أزمة جديدة لا
مفر منها خلال ال10 15 سنة
المقبلة، لكنها ستكون هذه المرة
أزمة جيوسياسية، ولن يمكن إصلاح
اختلال التوازن الاستثماري
والسياسي العالمي بالإجراءات
الاقتصادية وحدها. والتوازن الجديد يمكن أن ينشأ بنتيجة
إحدى حالتين: إما محادثات
كونية، وإما صدامات وحشية. وقد
أجمع الخبراء على حقيقة أن
الأزمة الاقتصادية الراهنة
ستتمحض عن قيام معمار مالي جديد.
المتغيرات الطبيعية بعد الأزمة، تبين أنه
سيتوجب على من يطمح للقيادة
العالمية، أن يقدم للعالم
أفكارا جديدة. فسوف تظهر بلدان
قيادية جديدة ونماذج جديدة
للتنمية، وربما حدود دولية
جديدة. فالسياسة المالية التي
اتبعتها الدول المتقدمة لم تبرر
نفسها، وغدت هناك حاجة لقادة
أقوياء جدد. وعليه رأى الخبراء أن مراكز مالية عالمية
جديدة سنتهض في مواجهة نيويورك
ولندن، وستحتل جمهورية الصين
الشعبية المكانة الأولى بلا
منازع، تليها بقية بلدان مجموعة
BRIC
التي تضم، إلى جانب الصين،
روسيا والهند والبرازيل، ثم
الاتحاد الأوروبي، أي أن مركز
ثقل القدرات المالية العالمية
سينحاز من الدول المتقدمة إلى
الدول النامية. جمهورية الصين الشعبية تتباهى اليوم محقة
بأفضلية نظامها المالي النقدي
على سواه في العالم، حيث جنبها
الأزمة المالية التي تتخبط فيها
الاقتصادات الكبرى وتوابعها.
أما الاتحاد الأوروبي فيتلمس
الطريق للخروج من ربقة النظام
المالي النقدي الذي تقوده
الولايات المتحدة. ويرجع كثير
من الاقتصاديين والسياسيين
أسباب أزمة اليونان، إلى
المضاربات على سنداتها في أسواق
المال الأميركية. وقد أزعج ذلك الأوروبيين كثيرا، ودفعهم
إلى التحرك من أجل تعزيز
الحماية ضد ألاعيب المضاربات
حول الديون السيادية. وقد طلبت
فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ
واليونان، من رئيس المفوضية
الأوروبية مانويل باروزو أن
يجري تحقيقا فوريا. في مدى تأثير تسويات «ديون عجز» على
المتاجرة بالسندات السيادية،
ولماذا أصبح الاقتراض مرتفع
السعر إلى هذا الحد؟ هل لنقص في
السوق ذاته أم بسبب المضاربات
الكبرى حول ديون الدول؟ وإذا
كان الأخير هو الصحيح، فإن من
الضروري اتخاذ إجراءات فورية
لتشديد الرقابة والتنظيم. من الجهة الأخرى، يبدو الاتحاد الأوروبي،
بسبب نظمه الحالية، عاجزا عن
تقديم مساعدات مالية مباشرة
للبلد العضو الذي يصبح على
مشارف الإفلاس، ويتعين على هذا
البلد البحث عن الإعانة من
مصادر خارج الاتحاد الأوروبي،
ما يعني مساسا بهيبة الاتحاد
ككل. والأسوأ من ذلك، الوقوع في
التبعية للدائن الخارجي الذي
يمكن أن يملي شروطه. هذا ما حدا بالمستشارة الألمانية أنغيلا
ميركل للقول «إن علينا أن نحصل
على إمكانية حل مشاكلنا
مستقبلا، دون الحاجة إلى صندوق
النقد الدولي». وقد أيدت
المفوضية الأوروبية في بروكسل
مبادرة ميركل، وأبدت استعدادها
للانخراط في عملية إنشاء صندوق
النقد الأوروبي، كبديل لدول
الاتحاد عن صندوق النقد الدولي. بالطبع لن يكون مخاض ولادة الصندوق سهلا،
غير أن الأمور تسير إلى أعمق من
ذلك. ففرنسا وألمانيا تدعمان
فكرة إنشاء حكومة موحدة للاتحاد
الأوروبي، كما صرحت بذلك
المستشارة ميركل بعد محادثاتها
مع رئيس الوزراء الفرنسي
فرانسوا فيون. وقد تصبح المقترحات حول تشكيل هذه
الحكومة ومهامها الرئيسية،
جاهزة مع بداية إبريل المقبل.
ويرى الجانبان أنه من أجل ذلك،
لا ضرورة لإدخال أية تعديلات
على الاتفاقيات المبرمة سابقا. وهكذا فإن الهرم المالي العالمي الواحد،
الذي يعتبر صندوق النقد الدولي
أهم أعمدته، لم يعد قابلا
للبقاء، وقد حان للنظم المالية
الإقليمية أن تطرح نفسها بديلا
موضوعيا عنه، ولو بعد حين. كاتب بحريني ================================== تجاهلوا دروس العراق..ووضعوا
إيران نصب أعينهم بقلم: سيوماس ميلن الغارديان ترجمة الأثنين 15-3-2010م ترجمة وإعداد: رنجس خزاعي الثورة يشكل التسلح العسكري الأميركي في الخليج
العربي وترويج بلير للحرب على
طهران تحذيراً من وقوع كارثة
أخرى، كان من المفترض بنا أن
نكون قد تعلمنا من دروس حرب
العراق، تلك الحرب التي تشكل المحور الذي أقيمت من
أجله لجنة تحقيق تشيلكوت، لكن
المؤشرات القادمة من الشرق
الأوسط تفيد أن الحرب من الممكن
أن تندلع ثانية، فالولايات
المتحدة الأميركية تصعد عمليات
التسلح العسكري في دول الخليج
العربي، هذا ماكشف عنه
المسؤولون هذا الأسبوع، لتعزيز
وجودها البحري وتزويد الدول
العربية الحليفة بأنظمة
الأسلحة المتطورة ماقيمته
عشرات البليونات من الدولارات.
لكن أميركا تصر على أن التسلح
المتزايد يبقى دفاعياً، الهدف
منه ردع إيران وتهدئة إسرائيل
وطمأنة حلفائها العرب. ومع ذلك يبدو التحول السياسي واضحاً بما
فيه الكفاية، فقد حذر باراك
أوباما إيران من مواجهتها «لعواقب
متنامية» نتيجة فشلها في إيقاف
برنامجها النووي بعد أن عمد إلى
ربطها مع كوريا الشمالية كما
فعل جورج بوش في خطابه عن «محور
الشر» عام 2002. وعندما جدد أحمدي نجاد موافقة إيران
السابقة على شحن معظم كميات
اليورانيوم المخصب إلى الخارج
لرفع درجة تخصيبه إلى 20٪ كانت
أميركا قد استبعدت ذلك. كما كانت يد أوباما الممدوة مترافقة على
الدوام بتهديد فرض العقوبات،
ويبدو أنها قد سحبت نهائياً في
حين أكد نائب الرئيس الأميركي
جوبايدن أن إصرار قادة إيران
على مواقفهم السلبية إنما «يزرعون
بذور دمارهم». وفي إسرائيل تتزايد التهديدات بشن حرب
على حلفاء إيران في لبنان
وفلسطين للقضاء على حزب الله
وحماس، وقد أقسمت على القيام
بأي عمل من شأنه أن يمنع إيران
من حيازة أسلحة نووية تهدد
كيانها، فقد صرح شمعون بيريز
مؤخراً «علينا أن نجند العالم
بأكمله لمحاربة أحمدي نجاد»
وهكذا فإن أصداء الهرولة لغزو
العراق غير قابلة للخطأ، تماماً
كما هي الحال عليه في عام 2002 و2003
يتم تبليغنا بوجود دولة شرق
أوسطية تعمل على تطوير أسلحة
دمار شامل بشكل سري، في تحد
لقرارات الأمم المتحدة، تعيق
المراقبين الدوليين من القيام
بعملهم، وتهدد دول الجوار وتدعم
الإرهاب، وكما هو الحال مع
العراق، لم يقدم لنا أي دليل
يدعم هذه الادعاءات بوجود أسلحة
دمار شامل، بالرغم من التسريبات
الكاذبة عن برامج سرية والتي
يعاد نشرها بشكل دوري في
الصحافة الرئيسية، في حين نقل
مسؤول سابق في الاستخبارات
الأميركية المركزية مؤخراً أن
الاستخبارات الأميركية اعتقدت
أن الوثائق التي نشرتها صحيفة
التايمز لتظهر أن إيران كانت
تخطط لتجربة «إطلاق النيوترون»
من أجل تصنيع سلاح ذري، كانت
مزيفة، تماماً كأطياف
المحاولات الزائفة باتهام
العراق بتخزينه لليورانيوم في
النيجر. وفي حال أفلتت المقارنات من أي شخص، فإن
طوني بلير قد أحضرها معه لدى
مثوله أمام لجنة التحقيق
البريطانية تشيلكوت في حرب
العراق الأسبوع الماضي وبعيداً
عن إظهار الندم حول سفك دماء
الشعب العراقي، فقد سمح لرئيس
الوزراء السابق طوني بلير
بتحويل ماكان ينبغي أن يكون
استجواباً بالغ الأهمية إلى
منبر يشن من خلاله الحرب على
إيران. وفي عرض متناسب مع المحافظة الجديدة
الحية والجيدة السائدة في لندن،
حاول بلير الاستفادة من حقيقة
أن العراق لم يكن لديه أسلحة
دمارشامل كجزء من قضية لاتخاذ
الموقف ذاته ضد إيران، فقد تبين
فيما بعد أن النية المدركة
والقدرة المحتملة كانتا
ذريعتين كافيتين لتبرير شن
الحرب على العراق، ومن خلال
ذكره لإيران أكثر من 58 مرة،أوضح
بلير أن الحاجة «للتعامل» مع
إيران طرحت «قضايا مشابهة
للقضايا التي نحن بصدد مناقشتها».
أما فيما يتعلق بخطاب أحمدي نجاد
ومايحمله من تهديدات خطابية فإن
أميركا وإسرائيل المسلحتين
نووياً هما الدولتان اللتان
تحتفظان بخيار مهاجمة إيران
وليس العكس، كما أن الوكالة
الدولية للطاقة الذرية لم تجد
أي دليل على محاولة إيران حيازة
أسلحة نووية حتى الآن في حين
أكدت تقييمات الاستخبارات
القومية الأميركية أن العمل
المشتبه به حول قيام برنامج
الأسلحة قد توقف منذ عام 2003م،
كما وأصرت القيادة الإسلامية في
إيران منذ أمد بعيد على عدم
رغبتها في اقتناء الأسلحة
النووية بالرغم من كل التشكيك
في محاولة إيران الوصول إلى
عتبة امتلاك القوة النووية
والقدرة على إنتاج الأسلحة فيما
لو تعرضت لأي تهديد خارجي، وفي
ضوء التاريخ الحديث للمنطقة، لن
يكون ذلك مستغرباً لكن المشكلة
الحقيقية بالنسبة لأميركا تكمن
في قوة إيران المستقلة في أكثر
مناطق العالم حساسية، والتي
تزايدت بعد غزو العراق،
فالمؤشرات القادمة من واشنطن
غامضة، فقد تضمن حديث رئيس
الاستخبارات القومي الأميركي
عدم قدرة أميركا على إيقاف
إيران في تطوير أسلحة نووية
فيما لو أرادت فعل ذلك. ================================== الغلو والتطرف أو نهاية
السياسة آخر تحديث:الاثنين ,15/03/2010 عبد الاله بلقزيز الخليج ضحايا حركات التطرف والغلو من الجماعات
الإسلامية كثيرون في البلاد
العربية والإسلامية: الدولة “العلمانية”
أو الآخذة ببعض التشريع الوضعي
في شؤون السياسة والاقتصاد
والتجارة والمال، المرأة
وحقوقها المدنية والسياسية،
الاستقرار الاجتماعي والسلم
الأهلي، بيئات الحداثة في
المجتمعين السياسي والثقافي،
الاستثمار الوطني والأجنبي،
صورة المجتمع والدولة في العالم
الخارجي وتبعاتها الكالحة،
صورة الإسلام في الداخل والخارج
. . الخ . لا عجب، إذن، إن التأم
جمع اعتراضي عرمرم ضد حركات
التطرف والغلو تلك في الداخل
العربي والإسلامي بين قوى لا
مجال للتشكيك في استقلالية
أفكارها وخياراتها عن السياسات
الأجنبية: جنباً إلى جنب - ومن
دون تحالف - مع قوى أخرى داخلية
لا يحرجها أن تتصل أسباب الصلة
بينها وبين تلك السياسات
الأجنبية . لعل حركات التطرف والغلو تلك لا تدري
مقدار ما ساهمت به في إحداث
استقطابات سياسية جديدة في
المجتمع العربي المعاصر ونظيره
من المجتمعات التي تدين شعوبها
بالإسلام . ولعل المجتمع إياه
كما نظائره الإسلامية كان في
غنى عن مثل هذه الاستقطابات
التي تحرفه عن تناقضاته وأزماته
الحقيقية . فلقد كان عليه منذ
عقود طويلة أن يتفرغ للنضال ضد
مواريث الحقبة الكولونيالية،
وضد التبعية، والاستغلال
الطبقي، والاحتلال الأجنبي،
والتجزئة الكيانية، والفقر
والتهميش والأمية، والفوارق
الطبقية الفاحشة والاستبداد،
وكان عليه في الأثناء ان يتميز
الأعداء من الخصوم من الأصدقاء،
وأن يتميز رئيسي التناقضات من
ثانوييها . ثم لم يلبث قيام
حركات التطرف والغلو وانتشارها
وانغماسها في أفعال العنف
الأعشى، وتطويحها بالسلم
المدني، وازهاقها أرواح
الأبرياء، وتخريبها الاقتصاد
وأرزاق الناس من طريق ضرب مرافق
السياحة واخافة الاستثمار
الخارجي، ومساهمتها العظيمة في
تقييد الحريات العامة وحقوق
الإنسان باسم قوانين مكافحة
الارهاب، وسعيها غير المشكور في
اخراج أجهزة الأمن من مخادعها،
إلى الحياة العامة ورفع منسوب
قيمتها في كيان السلطة، لم يلبث
ذلك كله ان فرض موضوعياً خريطة
تناقضات جديدة أعادت مطالب
مجتمعاتنا إلى الوراء بعقود، بل
إلى الحدود البدائية التي يخجل
أي واحد منا أن يصبح من حملتها . لو ألقينا نظرة سريعة على طيف المطالب
والمواقف الذي يرسم لوحة
السياسة اليوم، في أعقاب قيام
تلك الحركات، لتبينا إلى أي حد
من التردي والانحدار أوصلتنا
إليه أفعالها الخرقاء: الذين كانوا يترددون على السجون في
زيارات قسرية تنظمها لهم قوى
القمع في منتجعاتها” لترويض
عقولهم ونفوسهم وأجسادهم على
التبطل والخمول، والذين هم
كانوا يناضلون لافتكاك
مجتمعاتهم من الاستبداد، ومن
أجل توسعة نطاق الحقوق المدنية
والسياسية وفتح الطريق أمام
الانتقال الديمقراطي، باتوا
يشعرون تحت وطأة حماقات قوى
الفتنة المنفلتة أفعالا من كل
عقال بالحاجة إلى صون الأمن
الاجتماعي والسياسي من عبث قوى
الجهالة الجهلاء التي تأخذ
مجتمعاتها الى الانتحار
الجماعي من طريق إشعال فتنة
داخلية . لقد ألفوا أنفسهم
يتقاطعون من دون مشيئة منهم
وعلى شديد مضض مع الفكرة
الأمنية التي كانوا هم في جملة
أظهر ضحاياها من دون خلق الله
جميعاً . والذين ناضلوا لعقود مديدة من أجل الخبز
والعدالة الاجتماعية وصون حقوق
الكادحين والفقراء والمهمشين
ضد الاستغلال الطبقي الوحشي
لقوى الرأسمال، ما لبثوا أن
حملوا حملاً على إعادة وعي
موقعية مطالب الحقوق
الاجتماعية للناس (في وجه
الرأسمال والاستغلال وسوء
توزيع الثروة) داخل نطاق حق أعم (أفقي)
يجمع بين المالك والمحروم،
السيد والمملوك، الغني
والفقير، المستغل والمستغل، هو
الحق في الحياة: الحق الذي لم
تهبه فيالق الموت للناس حتى
تصادره منهم . لم يتخل المناضلون
أولاء عن برنامج نضالهم
الاجتماعي، لكنهم دفعوا دفعاً
إلى المطالبة بحقوق بدائية
وطبيعية يكافح من أجلها كل كائن
حي . والمرأة التي كافحت وكابدت
من أجل تحصيل حقوقها المدنية
والسياسية أسوة بالرجل في وطنها
أو بالمرأة في مجتمعات المواطنة
الكاملة، والتي ما وفرت مناسبة
للطعن في ذكورية القوانين
والتشريعات والقيم أو للاحتجاج
على دونية أوضاعها في المجتمع
والدولة . .، بات “يكفيها”
اليوم على مضض أن تدافع عن النزر
اليسير مما لديها من حقوق بعد أن
تهددته عاصفة اقتلاع باسم الدين
من جماعات لا ترى من حق للمرأة
سوى المرابطة في البيت والانجاب
وتربية الأولاد والانقطاع
للأهل والزوج . وبالجملة، ألفينا أنفسنا فجأة أمام جدول
أعمال جديد أخذنا إليه على حين
غرة . جدول أعمال مختلف عما
عهدناه منذ الحقبة
الكولونيالية، بل منذ عهد
الإصلاح الإسلامي في القرن
التاسع عشر . زوّره من دخل فجأة
على خط السياسة من دون استئهال
ومن غير علم بالسياسة ومفردات
السياسة . إن شئنا الدقة في وصف
حالنا اليوم مع هذا الثوران
المخيف من التطرف والغلو قلنا
بأمين اختصار في التعيين: خرجنا
من عصر السياسة بعد إذ قتلنا
السياسة وأعدمنا شروطها، ولا
حول ولا قوة إلا بالله . ================================== الإثنين, 15 مارس 2010 غسان شربل الحياة تأفف الرجل الباكستاني. طقس بريطانيا لا
يطاق. تلازمك الغيوم كظلك.
الشتاء طويل ومقيت. البرد لاسع.
الشمس دجالة. تعد بالإقامة ثم
تتوارى في ارتباك اللص. الضرائب
وحش لا يشبع. والغلاء يشبه
الضرائب. بلاد مضجرة فعلاً. تنشغل الشاشات بقصة طفل
غرق في النهر. بحكاية عجوز
انطفأت وحيدة. بإصرار المثليين
على انتزاع كامل حقوقهم. بدعوة
نائب زوجته الى غداء على حساب
دافع الضرائب. غياب قاتل للإثارة. لتلك الحيوية التي
تميز بلداننا. غياب للدم الحار
المتوثب. يذهبون الى الانتخابات
ويقبلون نتائجها. يهنئ الخاسر
الفائز ويتعهد بمحاسبته في
البرلمان. لا يتهم الخاسر
الرابح بالتزوير. لا يشكك
بشرعية النتائج. لا ينزل الى
الشارع ويقتلع بلاط الأرصفة
ونوافذ المؤسسات. يغادر رئيس
الوزراء منصبه ويستعد لكتابة
المذكرات. لا يجرؤ جنرال على
احتقار الشعب والادعاء انه
المنقذ. بلادنا مختلفة. مثيرة ومشوقة. يتناوب
العسكريون والمدنيون على
السلطة بالشراهة نفسها. هذا
يمتاز بالتسلط. وذاك بالفساد.
كثيرون يجمعون المجد من طرفيه.
بلاد تعدك دائماً بمفاجآت.
انقلاب عسكري. عصيان مدني. عودة
المدنيين. أزمات حكومية. أجهزة
كالأخطبوط. تبدل الرجل الأول
ولا تبدل مطامعها. فاسد عريق
يتعهد محاربة الفساد. يحاضر في
العفة وينهب بأصابع ذهبية.
وأحزاب منخورة بالمتعطشين
والمتسلقين. بالعصبيات
العائلية أو المذهبية أو
الجهوية. كل سنة يحزم حقائبه ويزعم انه سيغادر. تعب
من الغربة. يريد سماع لغته
الأصلية. رائحة التراب الأول.
الموسيقى التي تتسلل الى حناياه.
يريد بلاداً تشبهه. بثقافتها
وقيمها ومطبخها. يلوح بالمغادرة
ولا يغادر. يجلس أمام الشاشة. انتحاري انفجر هنا.
وانتحاري هناك. خطف ونسف. الجيش
يغير. وطالبان ترد. قنبلة في
السوق. وأخرى على موكب من مذهب
آخر. وثالثة على ثكنة للجيش.
يغضب. من أين يأتي نهر
الانتحاريين هذا؟ وهل وظيفة
المدارس تفخيخ التلاميذ؟ في
الفترة الأخيرة يشعر أن باكستان
تنزلق نحو الهاوية. رسمت هذه
البلاد حياتها وسياستها ضد عدو
اسمه الهند. وقعت اليوم في ما هو
أخطر. يتألم الرجل الباكستاني بصوت مرتفع. يقول
لمحاوره: هل تعرف ماذا يعني سقوط
باكستان في يد طالبان؟ المسألة
تعني ببساطة إعادة البلد الى
عهد ما قبل الكهرباء. سيعم
الظلام المدن والكتب. ستنكفئ
البلاد الى عصور سحيقة. سيهرب
المستثمرون وستبور المواسم. قال إن باكستان حائرة. تريد المظلة
الأميركية لخوفها من الهند.
تريد السلاح الأميركي لكنها
تريد طالبان في الوقت نفسه. تريد
ورقة داخل الأرض الأفغانية.
عادت الورقة الى الداخل وانفجرت.
لكن طالبان ليست المشكلة
الوحيدة. البلاد مريضة منذ
استقلالها. ضاع دمها بين شراهة
العسكريين وفساد المدنيين. الطقس سيء في بريطانيا. لكن علي أن أعترف.
إن هذه البلاد تعاملني أفضل مما
أعامل في بلدي. لا أحد يهددني
ولا أحد يحتقرني. حريتي مصانة.
وكرامتي يحرسها القانون. لا
يعنفني الشرطي بلا سبب. ولا يجرؤ
على تزوير إفادتي. لا أخاف على
أطفالي من حرب أهلية. ولا أرغم
على النزوح باستمرار بسبب
الانتفاضات المتواصلة. كلما حزمت حقائبي أعود وأغير رأيي. أشعر
أن وطني تحول مصيدة لأبنائه.
وأخاف أن أغامر بما تبقى من
العمر. وبالأولاد الذين اعتادوا
قبول الآخر واحترامه. أفكر
وأتمزق. نذهب الى الغربة وتذهب
بلداننا الى الهاوية. نلوح
بالعودة ولا نعود. أشعر أنني
مريض. أشعر أن بلادي مريضة. سمعت قصة الرجل الباكستاني وتأثرت. من حسن
الحظ أنني من بلد مستقر. القانون
فيه فوق الجميع. ولا تفوح فيه
رائحة الحروب الأهلية. ولا مكان
فيه للفاسدين والمتسلقين
والسائرين على جباههم.
الجنرالات عندنا لا يحبون قصر
الرئاسة. والمدنيون يؤتمنون على
أموال الناس ومصائرهم. ثم أن
الوراثة السياسية غير واردة. لا
أحد ينصب نجله عنوة. ولا أحد
يعاقب البلاد بصهره. الكفاءة هي
المعيار الوحيد. إنها بلاد
رائعة تستحق أن يحجز المرء
قبراً فيها. ================================== محمد صادق الحسيني 3/15/2010 القدس العربي المراقبون الأوروبيون لا يرون أن العراقَ
خارجٌ قريباً من أنفاق أزماته
التي يقدرها البعض أنها ترقى
إلى درجة كوارث مزمنة. معنى هذا
الموقف ينصبُّ مباشرة على الحدث
الآني، وهو الانتخابات، التي
كانت محط عناية ملحوظة يومياً
قبل وأثناء إجرائها، من قبل
الإعلام، ودوائر القرار في
العواصم الرئيسية. ليست هذه
الديمقراطية موضوعاً جدياً
للعارفين بالنوايا الأمريكية
من جهة، وبأشباح التدخلات من
ضواحي العراق في أخص شؤونه التي
تتخطى السياسة، إلى حدود
الأسئلة عن المصير الكياني لهذا
الثلاثي: الدولة والمجتمع
والوطن. لكن الانتخابات، كظاهرة تمتُّ إلى قاموس
الديمقراطية، لا يمكن اعتبارها
حدثاً عارضاً، وخاصة في علاقتها
الواضحة مع مرحلة الانتقال
المنتظرة من حال الاحتلال إلى
حال برمجة جلائه. كأنما أصبح
العراق حقاً سائراً على طريق
استعادته لحريته واستقلاله. وهو
الأمر الذي لا يحظى بصدقية
تامة، ولا حتى نسبية. ذلك أن
الجلاء العسكري الذي لا يفتأ
الرئيس أوباما يكرر تجديد الحسم
بشأنه، لا يحتِّم جلاءً سياسياً
أو اقتصادياً. فالاحتلال في عصر
العولمة الأمريكية، أصبحت له
وسائل وأجهزة متعددة شفافة، لا
تحققه الجيوش وحدها، وإن كان
لها تدخلها المادي في بعض حالات
الغزو الصريح المباشر. يعرف مهندسو الحروب الأمريكية أن
الاحتلال لن يجتاز قريباً حقبة
الغزو بكل مآزقها وفضائحها التي
تحَّملت الإدارة البوشية
أعباءها ومسؤوليتها. لكن العراق
اليوم هو في القبضة الأمريكية،
فلماذا التخلي عنه كلياً، بعد
التكاليف البشرية والمادية
الهائلة التي تكبدتها الدولة
والمجتمع معاً. وبعد أن تآلف
الرأي العام الدولي مع الوضع
الراهن. فالجلاء المنجز لا
يطالب به أحدٌ جدياً، سوى شرائح
معينة من بعض الشعب العراقي.
كذلك فالنظام العربي السائد
إقليمياً حول العراق عاجز عن
تشكيل أية وجهة نظر مختلفة عما
تراه إدارة الاحتلال، حسب
متغيرات مصالحها من حقبة إلى
أخرى. هكذا مثلاً يبدو الخليج
مطمئنا إلى سلامة كياناته
الدولانية بفضل انتشار القواعد
العسكرية الأمريكية في ربوعه،
بما يشبه احتلالاً موارباً. فلا
ضير إذن من تكرار هذا النموذج
الخليجي في العراق، لما بعد
إنجاز اتفاقية الجلاء للجيوش
الكبيرة عن مدنه. ضمن هذا الإطار الاستراتيجي ينبغي فهم
وتحليل تطورات (العملية
السياسية) المنطلقة منذ أيام
الغزو الأولى، فما سيكون عليه
العراق غداة الانتخابات لن يكون
مختلفاً في أساسياته، عما كان
عليه قبلها. وهي النتيجة
المعاكسة تماماً للشعار
الرئيسي المعطى لهمروجة
الانتخابات. إنها حلقة جديدة في
سياق تلك العملية السياسية،
التي لم يكن لها ثمة هدف، سوى
تأصيل الاحتلال العسكري
وترجمته مدنياً. فالعراق
المستقل بعيد المنال. وبالتالي
فكل نظام حاكم تسمح به القوة
المهيمنة لن يأتي إلا خادماً
مطيعاً لمنافعها، أميناً على
سلامتها، مشاركاً، افتراضياً
أو واقعياً، في هندسة التخريب
المنظم لموروثات الكينونة
العراقية، مترافقاً مع تنامي
عوامل الإحباط الاستباقي لأبسط
مقدماتِ أو بذورٍ لنهضة آتية. هذا لا يعني أن العراق بالمقابل لن ينتج
عمليته السياسية الوطنية
المعبرة عن مقاومته لمخططات
الاحتلال وتحولاته، وعن إمعانه
في تمزيق أقنعة المتعاملين مع
مؤسساته. فلقد عانى الاحتلال
طيلة سنواته السبع الماضية من
عزلة تامة في البداية، وشبه
مقاطعة فيما بعد، من معظم الكتل
الشعبية، بالرغم من خبث التفكيك
الطوائفي، وفبركةٍ لرموز
الأعوان، العاقدين لجسور تواصل
معه، موبوء بالفساد وأصناف
العمالة من كل ماركة إقليمية أو
دولية. فالعراق اليوم لا يرى له
وجهاً سياسياً قد يمثله كلياً،
أو قطاعياً، من بين جملة الوجوه
الحالكة، من الطبقة السياسية
الجديدة الصاعدة في ظلام
الاحتلال، وإن كان البعض يرى
فيها عناوين تصنيفاته الطائفية
المسيَّسة حديثاً واصطناعياً،
والهابطة عليه من أعلى، من رموز
تلك الطبقة الزعامية المستجدة،
والمستنبتة من رماد المقتلات
الدموية المتواصلة، المكشوفة
منها والمكتومة. جماهير العراق تواقة أولاً إلى استعادة
شخصيتها المفهومية الراسخة في
لا وعيها منذ عشرات القرون. تلك
هي جذور مقاومتها اللامنظورة
قبل أن تتجسد في تنظيمات حاملة
لشعارات مختلفة، ولكن يتعين على
أفضلها أن تتلاقى حول الثقة
الوجودية بقدرة العراق على
تجاوز الكارثة، قبل استفحال
أفخاخها الاجتماعية المتوالدة
من بعضها. ذلك هو التسويغ الطموح
لظاهرة الإقبال النسبي على
الانتخابات، بالرغم من فقدان
الثقة بنزاهتها، وتوقع
الاستمرارية بعدها لنظام
الاحتلال السياسي مع رموزه
الحاكمة بأمره سابقاً،
والباقية لاحقاً في معظمها؛ بما
يؤكد أنه لا يزال العراق
ممنوعاً عليه أن يحكم نفسه
بنفسه قريباً. إذ لن يكون في
صالح أسياده الجدد اشتغالُ
الديمقراطية بحسب الأقل من شروط
مشروعيتها، المتعارف عليها
دولياً وليس مثالياً أو فلسفياً.
العراق والاحتلال ثنائية متضادة، لا يمكن
لها الدوام إلا بتجذير مختلف
عوامل التدمير الذاتي والخارجي
معاً، لمكونات الكيان العراقي
الثلاثة، الدولة والمجتمع
والوطن. والقراءة الحيادية (لإنجازات)
السنوات السبع أو الثماني
العجاف من قصة التصاق أمريكا
العسكرية والسياسية ببلاد
الرافدين، تكشف عن مدى النجاح
المتحقق لمخطط تطويف المجتمع،
وتجويف الدولة من كادراتها
الخبيرة وبالتالي الإجهاز على
مقوماتها المؤسسية جملةً
وتفصيلاً، وتجريد الكتل
الجماهيرية من الانتماءات
الطبيعية لهوية الوطن الواحد،
وتقسيم أرضه إلى كانتونات
متنافسة متنابذة فيما بينها.
ذلك هو المردود الفعلي من محصلة
(العملية السياسية) التي ترى
فيها أمريكا ضمانة وجود
واستمرارية لعراق آخر مصاب بكل
العاهات البنيوية، المانعة
ذاتياً لعودة العراق القديم،
تحت أية شروط من استعادة شخصيته
المفهومية الموحِّدة لمشروعه
النهضوي بكل مقوماته المادية
والحضارية المعروفة عنه،
الصامدة بالرغم من عنف تقلباته
السياسية خلال عقود استقلاله ما
قبل الغزو. هكذا يتواصل حرمان العراق من دولته
الواحدة العصرية، ومن مجتمعه
العضوي المتطور، المقود بطلائع
مثقفيه وعلمائه ومبدعيه، ومن
ثروات أرض الوطن، ذات الدور
المصيري في استراتيجية
الاقتصادين العربي والعالمي.
هذا الحرمان البربري، الناشب
مخالبه القذرة في كل خلية حية
متبقية من كينونة عراقية، لا
تزال قادرة على استعادة قامتها
الشامخة، من تحت هشيم هذا
الحرمان وأدواته المتداعية؛
فما تخشاه أمريكا هو انقلاب هذه
(العملية السياسية) على أهدافها
المرسومة لها، كدينامية مغذية
وحامية لآليات تدمير العراق
القديم الأصيل، واستنبات عراق
الشقاق بكل أشكاله، وعلى أيدي
هذا النوع من أحزاب السلطة
العازمة على تقاسم الحكم
كإقطاعات مرموزة بأشخاصها
ومللها ونحلها. هل نقول مع بعض المتفائلين أن
الديمقراطية الزائفة يمكنها
كذلك أن تفجر، قسراً عنها،
بوادر ديمقراطية أخرى صحيحة، في
صميمها أو على هوامشها. فالحرية
المقننة قد تتمرد بعض قواها على
ضوابطها الفوقية، فتنتج بعض
النماذج المغايرة، والمضادة،
من الرجال المقاومين جهاراً
وليس سراً فحسب؛ ذلك أنه لا بد
للمقاومة المسلحة أن تفرز
معارضتها المدنية. فهي وإن كانت
تعتصم في مواقعها الأصلية من
مقاطعة العملية السياسية
المصطنعة، إلا أنه حان الوقت
لكي تنتج عمليتَها السياسية
الوطنية، المعبرة عن خصوصيتها،
التي هي في أصلها حاملةٌ
لعمومية العراق عربياً
وإنسانياً. لم يكن غزو العراق مجرد مغامرة عسكرية
عابرة ارتكبتها أمريكا في لحظة
جنون إمبراطوري أعمى؛ كما أن
العراق لم يشهد في تاريخه
اجتياحاً همجياً فاق في فظاعاته
التدميرية المطلقة وحشيةَ
الغزو المغولي، مثلما فعلته
نظرية الهيمنة الأمريكية على
العالم، انطلاقاً من العراق، و(الشرق
الأوسط) حسب مفهومه (البوشي)
البائد. كذلك لم يحدث للنهضة
العربية المعاصرة أن أُصيب
عمودُها الفقري استراتيجياً
فيما سبق من نكستها، بما يشبه
ضربة قاضية ناجمة عن فقدانها
لأحد أخصب ينابيعها الحيوية، مع
سقوط بغداد الثاني. أمريكا لم تعد في حاضرها ما بعد الغزو،
ولن تبقى في مستقبلها مثلما
كانت عليه قبل سقوطها
الإمبراطوري في بغداد. فليس ثمة
مراقب أو مفكر في الغرب لا يعتبر
أن الكارثة الأمريكية في العراق
سجلت المقدمات العسكرية
السياسية نحو انفجار الأزمة
الاقتصادية العالمية المستمرة
راهنياً. وأنها هي القاضية على
تميز أمريكا بسلطة أحادية
القطبية في الشأن العالمي منذ
اختفاء الاتحاد السوفييتي. أما العرب فقد أُصيبوا بتجويف جبهتهم
الشرقية مع عدوهم الوجودي،
الكيان العبري، عندما فاز الغزو
الأمريكي بنجاحه الاستراتيجي
الوحيد، مع استبدال العراق
العربي، بعراق الملل والنحل.
وهو ذلك النجاح اليتيم الذي
تحتكر منافعه إسرائيل وحدها. في
حين تغرق إدارة أوباما التي لم
تكن لتحلم باحتلال البيت الأبيض
لولا الكارثة العراقية في
مستنقع التناقضات من كل لون،
عبر هذه المرحلة الانتقالية ما
بين قرار الجلاء العسكري،
ووسائل تنفيذه، مع الاحتفاظ
بثمرات الغزو ما أمكن، والإمساك
ببعض المفاتيح السرية لتطورات
العراق حسب نموذجه المتفكك
المتهالك الحالي. إنها المهمة الحقيقية الموكولة إلى أقطاب
العملية السياسية أمور
ابتكارها وتمثيل أدوارها، وخوض
سيناريوهات أشباه المعارك
الديمقراطية. لكن معركة
الانتخابات الحالية قد تخرج عن
قواعد اللعبة المرسومة لها.
هناك منعطفات سياسية واجتماعية
تنتظر نتائجها وما بعدها، فيما
لا يمكن لغير الواثقين بحتمية
انتهاض العراق من تحت الركام،
أن يتنبؤوا بوقائعها، لأنها
ستكون من صنع إرادتهم وحدهم. هذا
مع جرعة كبيرة من الآمال
بانبثاق يقظة عربية شاملة قادمة
على العراق وأمته معاً. ' مفكر عربي مقيم في باريس ================================== جنبلاط عندما يعتذر...
وسورية عندما تتدلل رأي القدس 3/15/2010 القدس العربي الاعتذار كلمة نادرة في قواميس السياسة
والسياسيين العرب، لسبب بسيط
لانها تعني عمليا اعترافا
بارتكاب 'خطأ ما' في الممارسة
السياسية، او الفساد باشكاله
كافة، والحكومات، بل والافراد
ايضا، من المسؤولين كانوا او من
عامة الشعب، لا يعترفون بالخطأ
ويصرون على صواب رأيهم في معظم
الاحيان. السيد وليد جنبلاط زعيم الحزب التقدمي
الاشتراكي، وقطاع كبير من
الطائفة الدرزية اللبنانية،
ارتكب الكثير من الاخطاء، وتقلب
كثيرا في مواقفه، خاصة تجاه
سورية التي عاداها بشكل شرس في
اطار تحالف الرابع عشر من آذار،
وتطاول بشكل غير مسبوق على
قيادتها، وتآمر مع جهات خارجية
ضدها، اعتقادا منه، وبناء على
تأكيدات اقليمية ودولية على قرب
سقوط النظام السوري، ولكن
النظام لم يسقط، والتأكيدات
الخارجية والاقليمية ثبت عدم
مصداقيتها، الامر الذي دفع
الرجل لاعادة النظر في مواقفه
السابقة، والاقدام على عملية
نقد ذاتي، ادت في نهاية المطاف
الى عودته الى مواقفه السابقة
لمرحلة تأسيس تحالف الرابع عشر
من آذار، وهو صيغة فضفاضة لا
ترتكز على ارضية ايديولوجية
وتجمع بين تناقضات المشهد
السياسي اللبناني. لم يكن كافيا ان يعود السيد جنبلاط الى
خندق المقاومة مجددا، والدخول
في مصالحة مع زعيمها السيد حسن
نصر الله، والتأكيد على ضرورة
الوقوف مع الفلسطينيين في
مواجهة الاحتلال الاسرائيلي.
كان مطلوبا منه ان يعتذر من
القيادة السورية عن كل اخطائه
واساءاته السابقة، وها هو يعتذر
وعبر قناة 'الجزيرة' الفضائية
واسعة الانتشار، وتماهى كليا مع
السياسة السورية الراهنة دون
تردد. صحيح انه لم ينطق بكلمة 'الاعتذار' حرفيا،
ولكنه عبر عنها بمواقف واقوال
تدل عليها دون مواربة، فقد ايد
المقاومة العسكرية ضد الاحتلال
الاسرائيلي، وأقر بعبثية
التسوية ومفاوضاتها، ورفض حل
الدولتين وقال انه انتهى عمليا
ولا امل قريبا في قيام الدولة
الفلسطينية، واكد على عروبة
الطائفة الدرزية، وولاء
ابنائها بمن في ذلك من يقيمون في
فلسطين المحتلة وهضبة الجولان،
باستثناء قلة وصفها بالمنحرفة،
الى الامة العربية وقضاياها. مطالبة القيادة السورية للسيد جنبلاط
بالاعتذار قبل فتح صفحة جديدة
معه، مطالبة مشروعة دون شك،
والرجل اعترف بخطئه وخروجه عن
الاعراف والقيم الادبية في
السلوك، عندما قال انه كان في
حالة 'تخل' اي لم يكن مسؤولا عن
تصرفاته في فترة من الزمن، وانه
كان يقول بانه لن ينسى ولن
يسامح، والآن ينسى ويسامح في
الوقت نفسه. واعتذار السيد جنبلاط هذا يذكرنا باعتذار
قدمه العاهل الاردني الراحل
الحسين بن طلال على دعمه
للأخوان المسلمين في سورية من
أجل طي مرحلة سوداء ودامية في
العلاقات بين البلدين، ومثلما
قبلت سورية اعتذار العاهل
الاردني لا نرى اي سبب كان لرفض
اعتذار السيد جنبلاط. سورية هي أكثر من يفهم تاريخ لبنان جيداً
وطوائفه وعلاقاتها بالخارج،
كما انها عانت، وما زالت تعاني،
من استخدام لبنان من قبل جهات
خارجية لتصفية حسابات اقليمية،
ومن المفيد لها، ان يكون جنبلاط
في صفها، خاصة اذا كانت توبته
نصوحا، وهي كذلك على ما نعتقد. الجنرال ميشال عون كان اعتى خصوم سورية،
ليس فقط بقسوة معارضته وهجماته
وتهجماته عليها، وعدائه للرئيس
الراحل حافظ الاسد، بل
واستخدامه السلاح ضد الرئيس
السوري، وكلنا نعلم المعارك
الدموية التي دارت بين
الجانبين، وها هو الآن احد ابرز
حلفاء سورية في لبنان، والخصم
الشرس لتحالف الرابع عشر من
آذار، والبلدوزر الذي قدم
بديلاً مارونياً مسيحياً
وطنياً يقف بقوة في خندق
المقاومة. العماد عون لم يطالب بالاعتذار، وكذلك
السيد سعد الحريري رئيس
الوزراء، فكلاهما زارا سورية
ولقيا حفاوة غير عادية، مع
الفارق الكبير بين الرجلين،
فلماذا يطالب السيد جنبلاط
بالاعتذار، وعندما يعتذر لا يجد
من يقبل اعتذاره، وكأن بعض
الجهات لا تريد هذا الاعتذار
وانما اذلال صاحبه. ان المرحلة التي اعقبت اغتيال الحريري
كانت مرحلة يسودها التخبط
العربي قبل اللبناني، استطاعت
القيادة السورية تجاوزها بحكمة
من خلال الانحناء امام العاصفة
وتقليص الخسائر في حدودها
الدنيا. كانت عاصفة كبيرة تريد
اقتلاع النظام السوري من جذوره،
تزعمتها الولايات المتحدة
وشاركت فيها قوى اقليمية عظمى
مثل مصر والمملكة العربية
السعودية ودول خليجية اخرى،
ورغم ذلك تجاوزها النظام في
دمشق بحنكة ودهاء، وخرج منها
اكثر قوة وصلابة. السيد جنبلاط، ونحن لسنا من انصاره، رقم
صعب في المعادلة السياسية
اللبنانية، فهو الذي عزز وجود
تحالف الرابع عشر من آذار
وصلابته، وهو الذي ادى الى
تقويضه واضعافه عندما انسحب من
صفوفه وانضم الى تحالف المقاومة
بحيث اصبح ثلاثة ارباع الثقل
السياسي والطائفي اللبناني الى
جانب سورية، ويقف في خندقها مما
يعيد سورية الى لبنان، ولبنان
الى سورية، بشكل اقوى من السابق
بكثير، وبكلفة سياسية أقل. الدهاء السوري لا بد انه يدرك هذه
الحقيقة، وكنا نتوقع ان يكون
اسرع في الصفح عن ما تصفه ب'ابن
عاق' ضل الطريق مؤقتاً، وعاد الى
بيت ذويه طائعاً معتذراً. ونأمل
ان تكون توقعاتنا في مكانها. ================================== إيران وتركيا نهجان
وغايتان مختلفتان عطاء الله مهاجراني الشرق الاوسط 15-3-2010 كيف يمكن مقارنة الموقفين الإقليمي
والعالمي لكل من إيران وتركيا؟
وما هو معيار الحكم؟ سأحاول من
خلال هذا المقال أن أركز على
الدور الهام للقوة العسكرية في
كلتا الدولتين. فبداية، خضعت تركيا على مدى عقدين من
الزمن بصورة مباشرة وغير مباشرة
لحكم الجيش، الذي أصر على أنه
حامي العلمانية الأول، والمخلص
الحقيقي لأتاتورك مؤسس تركيا
الحديثة، واضطلع بمهمة تقييم
الموقف بالنسبة لعلمانية
الدولة. فإذا ما أدرك أن
العلمانية تواجه معضلة قام
بالتدخل عبر الانقلاب. ومنذ أن أسس مصطفى كمال أتاتورك جمهورية
تركيا العلمانية الحديثة عام 1923
أدرك الجيش موقعه كحام
للأتاتوركية، العقيدة الرسمية
للدولة. ولا تزال القوات
المسلحة التركية تحتفظ بقدر من
التأثير على السياسة التركية
وعملية اتخاذ القرار بشأن
القضايا المتعلقة بالأمن
القومي التركي. وليس بخاف على أحد تاريخ الجيش التركي
الطويل بالتدخل في السياسة.
وبالفعل فقد تولى السلطة لعدد
من الفترات في النصف الأخير من
القرن العشرين عندما قام بعدة
انقلابات في أعوام 1960 و1971 و1980،
ونجاحه في الإطاحة بحكومة رئيس
الوزراء نجم الدين أربكان ذات
التوجهات الإسلامية بعد
مناورات سياسية. وفي السابع والعشرين من أبريل (نيسان) عام
2007 قبل الانتخابات الرئاسية في
نوفمبر (تشرين الثاني)، وفي رد
فعل على سياسات عبد الله غل ذي
السجل السابق بالانخراط في
الحركات والأحزاب الإسلامية
المحظورة مثل حزب الرفاه
الاجتماعي، أصدر الجيش بيانا
قال فيه: «إن الجيش حام
للعلمانية، وإن الإسلامية
تناقض الطبيعة العلمانية
للجمهورية التركية، وإرث مصطفى
كمال أتاتورك»، وأنهي الجيش
بيانه بتحذير صريح بأن القوات
المسلحة التركية ستقف على أهبة
الاستعداد للتدخل إذا ما انتهكت
الطبيعة العلمانية للدستور
التركي قائلا: «إن القوات
المسلحة التركية لا تزال محافظة
على عزمها القوي على أداء
مهماتها النابعة من قوانين
حماية السمات الثابتة
للجمهورية التركية. وولاؤنا
لهذا المبدأ أمر ثابت». كان الجيش قد أنشئ في عهد أتاتورك كحام
للطابع العلماني لتركيا في
أعقاب إقرار الدستور الثاني عام
1920. وتبدو تركيا الآن ماضية على الطريق
الصحيح والجيش في المكان
المناسب كما هو الحال في الهند
أو الدول الأوروبية. وبعبارة
أخرى نحن نشهد ثورة كبيرة في
تركيا. فكما كتبت سابرينا
تافيرنز في «هيرالد تريبيون» 3
مارس (آذار) 2010 «تراجع الجيش
التركي الذي اعتبر على مدى حقبة
زمنية طويلة غير قابل للمساس به
من مكانته السياسية إلى نهاية
مروعة». ومن الممكن رؤية هذا الإنجاز بوضوح في
كثير من الإنجازات التي شهدتها
تركيا الحديثة. ففي مجال
الاقتصاد على سبيل المثال يعتبر
الاقتصاد التركي في الوقت
الحالي سابع اقتصاد في أوروبا
من حيث القوة. وأما على الصعيد
السياسي، فتعد تركيا لاعبا
أساسيا في المنطقة. وفي مجال
العلاقات الدولية والجيوسياسية
تحظى تركيا بثقل كبير. وحتى بين حماس وفتح يمكن لتركيا أن تلعب
دورا بارزا نظرا لموقفها
العقلاني وحيادتها تجاه
الطرفين. بيد أن إيران غير قادرة
على لعب الدور ذاته لأنها تقف
إلى جانب حماس، كما أن فتح لا
تؤمن بالدور البناء لإيران. من ناحية أخرى، يدخل الحرس الثوري
الإيراني مرحلة جديدة في
تاريخه، فبعد تلاعبه بنتائج
الانتخابات الرئاسية الأخيرة،
قامت قواته باعتقال كثير من
المفكرين والكتاب والصحافيين،
كما سيطرت قواته على قوات وزارة
الداخلية. وكان آية الله الخميني قد حض على عدم
تسييس القوات المسلحة. بيد أن
المادة 150 من الدستور تعرف الحرس
الثوري بأنه «حامي الثورة
ومنجزاتها» والتي هي على الأقل
مهمة سياسية. ومن ثم كانت أفكاره
محل نقاش كبير، ففي الوقت الذي
طالب فيه مؤيدو الباسيج
بتسييسه، عارض الإصلاحيون
والمعتدلون وحسن خميني الفكرة.
وقد فرض الرئيس الأسبق رفسنجاني
الأسلوب العسكري على الحرس
الثوري وقام بتطهيره من الأفكار
الراديكالية لوقف دوره
السياسي، لكن الحرس حافظ على
ولائه للمرشد الأعلى علي خامنئي
عندما شعر بأن الإصلاحيين
يهددونه. وقد ازدادت قوة الحرس
الثوري في ظل رئاسة نجاد، وتولى
السيطرة بصورة رسمية على قوات
الباسيج في بداية 2009. وقد قدم
الحرس الثوري دليلا قويا على
تبرير التدخل في السياسات
انطلاقا من المادة 150 من الدستور
الإيراني التي تنص على أن: «مؤسسة
الحرس الثوري، التي أنشئت منذ
الأيام الأولى لانتصار الثورة،
ستستمر في لعب دورها في حماية
الثورة ومنجزاتها. النظرة
لواجبات هذه المؤسسة ومناطق
مسؤوليتها فيما يتعلق بمناطق
مسؤولية القوات المسلحة الأخرى
يتم تحديدها من قبل القانون، مع
التأكيد على التعاون الأخوي
والتنسيق بينهما». ومن ثم ففي سياق «حماية الثورة ومنجزاتها»
يبرر الحرس الثوري قتل واعتقال
الجميع. وبعد نجاحه في الانتخابات الرئاسية
الأولى قال أحمدي نجاد خلال
جلسة سرية للبرلمان الإيراني:
إنه سيختار وزراء من الحرس
الثوري، أو سيتخذ قراراته بناء
على مشاورات مع الحرس. وخلال الأيام التي سبقت الانتخابات
الرئاسية العام الماضي حذر
الحرس الثوري من «ثورة مخملية»
وتعهد بسحق أي محاولة في الحال.
وفي أعقاب الإعلان عن نتائج
الانتخابات بثلاثة أسابيع أعلن
قائد الحرس الثوري الجنرال محمد
علي جعفري أنهم سيطروا على
القوات الأمنية خلال
الاضطرابات التي اندلعت في
أعقاب الانتخابات، ودعا ذلك
بعودة إحياء الثورة. فيما قال يد
الله جواني اللواء بالحرس
الثوري إنه لن تكون هناك أرضية
وسط في النزاع على نتائج
الانتخابات، لكن سيكون هناك
توجهان بين أولئك الذين يدافعون
عن الثورة ويدعمونها وأولئك
الذين يحاولون إسقاطها». وقد علقت الكثير من المصادر على ازدياد
نفوذ الحرس في أعقاب الانتخابات
قائلة: إن الجيش يتوقع أن يكون
أقوى ضامن في إيران حيث يعرب
كثير من الإيرانيين عن خشيتهم
من أن تكون الانتخابات مجرد
انقلاب صريح من قبل الحرس، وإن
إيران تحولت الآن إلى حكومة
أمنية عسكرية نظامية ذات واجهة
من النظام الديني الشيعي. وقبل شهرين من وفاته قال آية الله العظمى
منتظري: «ما نشهده في إيران
اليوم ولاية الجيش لا ولاية
الفقيه». ويبدو أن حكم ولاية
الفقيه تمهد الطريق تدريجيا
أمام الحرس الثوري لشغل كل
المناصب في كل المجالات.
وبعبارة أخرى فإن الجيش في
تركيا وحتى باكستان لعب دورا
سياسيا رئيسا خلال العقود
الأخيرة، لكن شيئا فشيئا بدأنا
نرى الجيش الآن يسير في اتجاهه
الصحيح. لكن العكس هو ما حدث في
إيران، فخلال العقد الأخير،
خاصة في أعقاب نجاح الإصلاحيين
في انتخابات 1997، شهدنا تحولا في
الدور الرئيس للحرس الثوري،
وشغل على عكس نصيحة الخميني كل
المناصب السياسية. وهو ما يبرز
على نحو واضح أن حكومة أحمدي
نجاد مثل الدمية في أيدي الحرس
الثوري. وهو توجه جديد وغاية
جديدة في إيران. ================================== توماس فريدمان الشرق الاوسط 15-3-2010 من بين جميع الصور التي رأيتها تتناول
الانتخابات العراقية نهاية
الأسبوع الماضي، نشرت الصورة
المفضلة لي على موقع «نيويورك
تايمز» الإلكتروني، وكانت
لامرأة عراقية مغتربة تدلي
بصوتها في ميشيغان وتمسك ابنها
لتساعده على إدخال ورقتها
الانتخابية في صندوق الاقتراع.
لقد أحببت هذه الصورة، فلا يزال
غير مألوف بالنسبة للعراقيين
وللمنطقة برمتها أن يتمكن الفرد
من الإدلاء بصوته لصالح المرشح
الذي يختار. وبدا لي أن تلك
المرأة تقول: عندما كنت طفلة، لم
أذهب يوما للإدلاء بصوتي، وأريد
العيش في عالم يستطيع فيه طفلي
الإدلاء بصوته دوما. باركها الرب، لقد كان ذلك يوما رائعا
بالنسبة للعراق. ولكن، من الواضح سيكون من الخطأ القول إن
بمجرد الإدلاء بالصوت
الانتخابي أو إجراء انتخاب أو
حتى حدوث الاثنين معا يتحول
العراق إلى قصة نجاح،
فالانتخابات لا تصنع نظاما
ديمقراطيا، ولا يزال يتعين على
الساسة العراقيين إثبات أنهم
قادرون على الحكم وبناء دولة
وتأسيس حكم القانون مع الالتزام
به. وتمثل هذه الانتخابات حدثا
هاما، حيث تمكن العراقيون،
بمساعدة الأمم المتحدة والجيش
الأميركي وفريق أوباما، لا سيما
نائب الرئيس، جو بايدن، من
التغلب على معوقين مهمين. لقد تمكنوا من التغلب على نزاعات طائفية
عدة مثلت باستمرار تهديدا
لعرقلة هذه الانتخابات. كما ذهب
الشيعة والسنة والأكراد
للإدلاء بأصواتهم، على الرغم من
القنابل التي فجرها تنظيم
القاعدة والبعثيون، الذين
أرادوا إعاقة نجاح المشروع
الديمقراطي في العراق. وتكتسب
هذه النقطة الأخيرة أهمية خاصة،
فالوسيلة الوحيدة لإلحاق هزيمة
حقيقية بتنظيم القاعدة
والبعثيين والمنحى الإسلامي
المتطرف، تأتي عندما يُظهر
العراقيون والمسلمون أنفسهم،
لا نحن، استعدادا للقتال والموت
من أجل مستقبل أكثر ديمقراطية
وتسامحا وتقدما. لقد أراد تنظيم
القاعدة الفشل للمشروع
الأميركي داخل العراق، ولكن
حافظ الشعب العراقي على ذلك
المشروع حيا باستمرار. وماذا عنك أيها الرئيس الإيراني محمود
أحمدي نجاد؟ بماذا تشعر الآن؟
نعم، أنا متأكد أنه يتبعك وكلاء
داخل العراق. ولكني متأكد أيضا
أنك تعرف ما يقوله بعض شعبك في
الخفاء: «كيف نقوم، نحن الشيعة
الفارسيين الإيرانيين الذين
ينظرون إلى أنفسهم دوما على
أنهم أسمى من الشيعة العرب
العراقيين، بالتصويت لمجموعة
من المرشحين فقط، ممن حظوا
بمباركة المرشد الأعلى، بينما
يقوم هؤلاء الشيعة العراقيون
الأقل منزلة والذين ظلوا في كنف
الأميركيين 7 أعوام بالإدلاء
بأصواتهم للشخص الذي يريدون؟».
وعلى عكس ما يحدث داخل طهران،
يقوم العراقيون فعلا بفرز
الأصوات. وسوف يعزز ذلك من حالة
عدم الرضا داخل إيران. بالطبع، لقد ساعدت إطاحة الولايات
المتحدة بصدام حسين إيران على
تعزيز نفوذها داخل العالم
العربي، فقد كانت الدولة
العراقية إبان حكم صدام حسين
حصنا محكوما بيد من حديد يقف ضد
التوسع الإيراني. ولكن لو كانت
ثمة نتيجة طيبة داخل العراق
وأصبح يتمتع بأغلبية شيعية
حقيقية وديمقراطية متعددة
الأعراق، إلى جوار النموذج
الإيراني الزائف، فإنه سيمثل
مصدر ضغط دائم على النظام
الحاكم داخل إيران. وستبقى في
الذاكرة دوما حقيقة أن «الديمقراطية
الإسلامية»، أي النظام الزائف
الذي أسسه الإيرانيون، شيء لا
معنى له. أما الديمقراطية
الإسلامية الحق فمثل أي
ديمقراطية أخرى، غير أن
المسلمين هم من يدلون بأصواتهم. كان رأي الرئيس السابق جورج دبليو بوش في
أن المنطقة تتوق وتحتاج إلى
الديمقراطية صحيحا على الدوام.
وكان يمكن السعي من أجل تحقيق
ذلك من خلال تخطيط وتنفيذ أفضل
بكثير. وقد كانت هذه الحرب مكلفة
ومؤلمة بصورة غير معتادة. ولكن،
ما كان للديمقراطية أن تظهر
يوما بصورة طبيعية في مكان مثل
العراق، الذي لم يعرف يوما شيئا
مثل ذلك. يقول البعض إنه لا يوجد
شيء يحدث داخل العراق يبرر هذه
التكلفة، وسوف ينظر المؤرخون في
ذلك. وبصورة شخصية، لا أهتم في
هذه المرحلة، سوى بشيء واحد
فقط، أن تكون النتيجة إيجابية
وتقدمية بصورة كافية ليرى هؤلاء
الذين دفعوا الثمن فعلا - في
صورة أحباب فقدوا أو جرحوا، أو
منازل تهدمت، أو حياة معيشية
تغيرت، سواء كانوا عراقيين أم
أميركيين أم بريطانيين - يرون
العراق يتحول إلى شيء يساعدهم
على القول إنه مهما كانت
التكلفة، فقد منحوا الحرية
وحكومة محترمة إلى شعب لم يكن
لديه أي منهما. ولكن، سوف يعتمد
ذلك على العراقيين وقياداتهم.
كان مشجعا كبيرا أن نرى الإقبال
الكبير من الناخبين (62%)، وأن
نعلم أن بعض النسب الأكبر في
التصويت كانت داخل مناطق مثل
محافظتي كركوك ونينوى،
المتنازع عليهما. ويعني ذلك أن
المواطنين مستعدون للاحتكام
إلى السياسة بدلا من السلاح لحل
الخلافات. وليس أمامنا سوى أن نأمل أن يحدث ذلك. لقد
تعامل الرئيس أوباما بمهارة مع
إرثه داخل العراق، وهو ملتزم
بجدول الانسحاب. وبذلك، سيقل
نفوذنا هناك مع كل يوم. ونحتاج
إلى أن تبرهن القيادات العراقية
لشعبها أنهم ليسوا مجرد نخبة
مرتشية تريد أن تفوز بغنائم
السلطة أكثر من أن تحوز تلك
الفرصة لإعادة بناء العراق.
ونحتاج إلى أشخاص يبنون مؤسسات
حقيقية، وأشخاص قادرين على وضع
منظومة اقتصادية ونظام قضائي
قابل للاستمرار. ونحتاج إلى
الحذر من أن الجيش الكبير بصورة
مبالغ فيها والكثير من النفط قد
يفسدان أي نظام حاكم. وسيقال إن الدولة العراقية جنت محصلة
جيدة، ليس بمجرد أن يتمكن الطفل
الصغير الذي ساعدته أمه على وضع
ورقتها الانتخابية داخل صندوق
الاقتراع على الذهاب للإدلاء
بصوته بنفسه، بل ستكون المحصلة
جيدة حقا إذا تحسنت فرصه في
الحياة بسبب العيش داخل دولة
تنعم بالأمن والخدمات
الأساسية، وفيها وظائف حقيقية
وحكومة جيدة. أتمنى لو كنت
أستطيع أن أقول إن ذلك أمر حتمي،
ولكنه ليس كذلك. ومع ذلك، فإنه
ليس شيئا يتعذر الوصول إليه،
وسأبقى أدعم ذلك حتى يحدث. ===================== عندما
تبهرك الخواتيم .. فتّش عن
المبادئ أ.رابحة
الزيرة جمعية
التجديد الثقافية - مملكة
البحرين 14/3/2010 في (العاشرة)
من عمرها كتبت قصيدة عن "الأطفال
الذين يتعذّبون في كل مكان"،
وكتبت أمنياتها التي تدعو فيها
إلى "زوال المجاعة بحلول عام
2000"، وكانت تكرّر في هذا
العمر الفتيّ "علينا أن نفهم
أنهم يحلمون أحلامنا ونحن نحلم
أحلامهم، وأننا هم .. وأنهم نحن"،
كلام يبدو فلسفياً لو صدر من
الكبار فكيف بطفلة في العاشرة؟
وفي الثانية عشر كتبت: "أعتقد
أني كبرت قليلا، وعلى كل حال
فإنّ الأشياء نسبية، وتسعة
أعوام قد تكون بطول أربعين
عاماً، وذلك يتوقّف على المدة
التي يعيشها المرء" .. وهذا
كلام أعقد من سابقه، وأدعى
للاستغراب أن يصدر من فتاة في
هذا العمر .. وفي سنوات المراهقة
بدأت تكتب عن "النار في بطني"،
وعن الحرية والأمن وعن عالم
وجدتْه "خاطئاً، قذراً،
متهالكاً"، وفي التاسعة عشر
كتبت إلى أمها تقول: "أعرف أني
أخيفكِ، ولكني أريد أن أكتب وأن
أرى، وما عساي أن أكتب إن بقيت
لا أبرح بيت الدمى ودنيا
الأزهار التي نشأت وترعرت فيها"!
وفي العشرين من عمرها انصرفت
إلى العمل التطوّعي بتنظيم
مسيرات داعية إلى السلام، ولكن
ذلك لم يشفِ غليلها فكتبت: "الناس
يعرضون أنفسهم كدروع بشرية في
فلسطين وأنا أمضي وقتي في صنع
الدمى الكبيرة"! وفي
الثالثة والعشرين من عمرها صغت
لنداء ضميرها الذي سلب راحتها
لشدّة ما كان يضرب عليها، لأنها
كانت تؤمن بأنّ نقيض الحب ليس
الكراهية وإنما هو "اللامبالاة"،
وكانت تعلم أنّ لديها امتيازات
إضافية، كونها أمريكية ذات بشرة
بيضاء ما يبعد عنها بطش
الإسرائيليين، فكتبت إلى أمّها
من رفح "الكثيرون هنا يرغبون
في إسماع أصواتهم فيما يقع
عليهم من ظلم، وأعتقد أنّ علينا
أن نستخدم بعضاً مما لدينا من
امتيازات كنشطاء دوليين حتى
يمكن لهذه الأصوات أن تُسمع
مباشرة في أمريكا لنخدم الشعب
المسلوب من كل امتيازاته بسبب
إسرائيل وحكومات غربية أخرى،
فامتيازاتنا الفائقة هذه نتيجة
مباشرة لسلبهم امتيازاتهم،
ونحن نتكسّب من معاناتهم، وهذا
الأمر لابد من وقفه تماماً". فغادرت
إلى رفح، وكتبت في رسالتها
الأولى لأمها: "أمي، مضى الآن
أسبوعان وساعة وأنا في فلسطين،
وما زلت لا أجد الكلمات لأصف ما
أشاهده، فلا أدري كم من الأطفال
هنا عاشوا في بيوت لا تمزّق
حوائطها شظايا القنابل" .. وفي
كل رسائلها كانت تنقل لأمها
وأبيها تفاصيل معاناة
الفلسطينيين من بناء جدار الفصل
العنصري، وإغلاق المعابر
وإذلالهم في نقاط التفتيش،
وحرمانهم من الذهاب إلى مدارسهم
وجامعاتهم وأعمالهم .. تخبرهم عن
مآسي الفلسطينيين بكلمات مفعمة
بالعاطفة والأسى والشعور
بالمسئولية لتحفّزهم على أن
يقوموا بما يستطيعون من جهتهم:
"إن مجرد سماعي عمّا تقومون
به من احتجاجات يخفف من شعوري
بالوحدة وبعدم جدوى ما أفعله،
وبأني لست كالخيال غير المرئي،
فلا الإعلام الدولي ولا حكومة
بلادنا ستقول أننا على حق فيما
نقوم به، ولن تصفنا بالشجعان
وأصحاب العقول والقيم، ولكن
علينا أن نقوم بذلك بحيث يرى
الجميع ما نقوم به، كما أعتقد
أنه من المهم بالنسبة للناس
هناك أن يدركوا أنّ المحرومين
هنا سيدافعون عن حقوقهم مهما
كان الأمر، فإما أن نعمل معهم
ويعلمون أننا نعمل معهم، أو أن
نتركهم أن يقوموا بالعمل
بأنفسهم ويلعنونا على تواطئنا
في قتلهم، والحقيقة أنني لم
أشعر هنا أنّ أحداً يلعنني". وكانت
تُثني كثيراً على حبّ
الفلسطينيين لها واهتمامهم
المفرط بها، فكتبت لأمها مرّة:
"لقد أصبت ببعض البرد فحصلت
على مشروبات لذيذة من الليمون
لعلاجي، كما أنّ المرأة التي
تحفظ مفتاح البئر لا تكف عن
سؤالي عنك، أشعر بالحيرة أمام
كل هذا الاهتمام الذي يحيطني من
أناس يواجهون الهلاك في كل
لحظة، إنّ هذه الطيبة الغامرة
مع كل ما يحيط بهم من أسباب
التدمير المتعمد لحياتهم
يدهشني .. لا أصدق كيف يمكن أن
يقع كل هذا الظلم دون أن تتصاعد
احتجاجات العالم، وأتألّم حين
أشهد كيف سمحنا للعالم بأن يكون
بهذه البشاعة!". أمّا
رسالتها الأخيرة فكانت لأبيها:
"تحياتي يا أبي، ستغادر إحدى
الناشطات من مجموعتنا غداً، وقد
أدركت كم سيكون ذلك صعباً،
فالناس هنا لا يستطيعون
المغادرة، وهم يتحدّثون ببساطة
عن عدم ثقتهم في بقائهم على قيد
الحياة حتى عودتنا مرّة أخرى ...
أنا لا أريد أن أعيش بشعور عميق
بالذنب تجاه هذا المكان، لأني
قادرة على الذهاب والإياب بكل
سهولة، وقادرة على عدم العودة
كذلك .. إنّ هذه الرحلة هي أحد
أفضل الأعمال التي قمت بها في
حياتي، فعندما أبدو وكأني
أتكلّم كالمجانين، أو إذا قامت
القوات الإسرائيلية بإلحاق أيّ
أذى بي، على عكس ميلها العنصري
بعدم إلحاق الأذى بأصحاب البشرة
البيضاء، فأرجو أن تعرفوا أنّ
السبب هو أنني أعيش في منطقة
يُرتكب فيها حرب إبادة، وإنّ
الحكومة التي تمثّلنا مسئولة
مباشرة عن ذلك، وإذا تُركت
فسأخطط لأعود ثانية إلى هنا
خلال سنة واحدة". لم
تمهلها الجرّافة الإسرائيلية
المصنوعة خصيصاً لهدم المنازل
فسحقت "راشيل كوري"،
أيقونة الدفاع عن المظلومين،
وهشّمت جمجمتها وكسرت عمودها
الفقري، فقضت (شهيدة) في السادس
عشر من مارس 2003، أيْ بعد ثلاثة
شهور فقط من ذهابها إلى فلسطين
المحتلّة. "راشيل"
أثبتت أنها شابّة ليست ككلّ
الشباب، حتى قال المخرج الذي
حوّل مذكّراتها ورسائلها إلى
فيلم يحمل اسمها: "كنت آمل أنْ
أعرف الشيء الذي جعل "راشيل"
مختلفة عن صنف الشباب
الاستهلاكي، لقد كانت منذ نعومة
أظفارها شديدة الاهتمام بما
يجري في العالم محاولة إيجاد
مكان لها فيه" .. ففعلت وأحسنت
وحفرت اسمها في ذاكرة الزمن. ========================= قصص
محزنة عن ضحايا الإبادة
الثقافية د.
ثائر دوري موقع
"كنعان" 14/3/2010 بالمصادفة
البحتة وفي أسبوع واحد استمعت
إلى المقابلة التي بثتها محطة
البي بي سي مع حمد عمار النائب
العربي (وليس الدرزي كما يُعرف
نفسه وتعرفه وسائل الإعلام) في
كنيست الكيان الصهيوني، وإلى
مصعب يوسف وهو يرطن بالإنكيزية
ويبرر خيانته من منفاه الأمريكي
الذي هاجر إليه بعد أن غير دينه
و وطنه ولو استطاع لغيّر لون
جلده كما فعل مايكل جاكسون
ليصير رجلاً أبيض يرطن
بالإنكليزية . ما يجمع
بين الشخصين رغم أنهما لا
يعرفان بعضهما أنهما ضحيتان من
ضحايا الإبادة الثقافية التي
تتعرض لها أمتنا بشكل منظم على
يد الغرب منذ قرن و نيف تقريباً .
فهما يتبنيان الرواية
الصهيونية كاملة، فالأول، حمد
عمار المنتمي إلى حزب ليبرمان
العنصري الذي يحتقر العرب بكافة
مذاهيهم وطوائفهم، يُصر على
انتمائه الدرزي ويعلن بشكل شبه
معلن أن لا علاقة له بما يسمى
الوسط العربي لأنه ممثل للدروز
فقط، وهذا تبن أعمى لما يحاول
الغرب منذ قرنين ترسيخه في عقول
أبناء الأمة وهو أن لا وجود لأمة
عربية بل مجرد طوئف واثنيات
ونجد ذلك واضحاً العملية
السياسية التي أقامها
الأمريكان في العراق على أسس
طائفية تقسم العراقيين إلى
سنة وشيعة لتُنكر وجود شيء
اسمه العرب . فحمد عمار يعرف
نفسه كدرزي فقط، كما أنه يكرر
كلاماً ببغائياً عن ديمقراطية
الكيان الصهيوني المزعومة، ولو
أكمل لقال نفس ما يقوله
الصهاينة عن أنفسهم عن "أنهم
واحة الديمقراطية والتقدم في
محيط دكتاتوري متخلف" وهو
بالمناسبة نفس منطوق ما يسمى
بوزير خارجية العراق عن
الديمقراطية التي جاءت مع
دبابات الاحتلال، وهو في
المحصلة النهائية
مجرد ضحية من ضحايا الإبادة
الثقافية التي يمارسها الغرب
على كل شعوب الرابطة الإسلامية
منذ قرنين وأكثر ونتج عنها
ايرانيون وأكراد يعتقدون أنهم
آريون، وأتراك يركضون وراء
أذيال الإتحاد الأوربي، وعرب
يحتقرون ذواتهم، والجميع يقلد
الغربي في مأكله وملبسه ومشربه
ويتمنى لو أن بشرته كانت بيضاء
حتى اللون الأحمر الاسكندنافي،
ولو أنه يرطن بالإنكليزية،
ويندب حظه مع الجغرافية التي
جعلته بعيداً عن سويسرا، كما
كان زعيم عربي راحل يشتم
الجغرافيا التي ظلمت بلده حين
جعلته في هذا المكان وليس في
أوربا . ولا
يختلف عن هذا التشخيص منطوق
مصعب يوسف الذي يعلن إدانته
للمقاومة، ويقول إن أيدي
المقاومين ملوثة بالدماء، وأنه
فعل ما فعل من خيانة لأمته وشعبه
وحتى لأسرته كي ينقذ دماء
الأبرياء . فهذه هي مقاربة
الكيان الصهيوني الغاصب للصراع
الذي يدور على أرض فلسطين
العربية حيث يصور هذا الكيان
الغاصب نفسه ضحية للمتوحشين
المحيطين به الذين يريدون
إبادته. كما يقوم بقلب حقائق
الصراع فيصبح الكيان الغاصب
المعتدي ضحية، ويصير الضحية
المعتدى عليه قاتلاً! الإبادة
الثقافية هي أن تتبنى نظرة
الآخر لك، فتسمي نفسك كما سماك،
و تحتقر عاداتك و تقاليدك،
وتخجل من أهلك، وتبدل ملابسك
بملابس عدوك . يضرب الباحث منير
العكش مثلاً على ذلك بقبيلة "سو"
من الهنود الحمر تتلخص القصة في
أن الغزاة الأوربيين أطلقوا على
هذه القبائل والشعوب الناطقة
بلغة أوجيبوا Ojibwa في سهول الشمال الأمريكي بين نهر
المسيسبي والجرودRocky
Mountains، أطلقوا عليها
اسم ((سو))، وهو اسم مشتق من
لغة الهنود أنفسهم من كلمة تعني
الأفاعي المخاتلة ((فقد
استعاروا الكلمة Nadouessioux من لغة الضحايا ثم اختصروها
إلى ((سو)) Sioux لتتناسب
مع أنظمتهم اللغوية....)) ولفرط ما
تعرضت له هذه الشعوب من إبادة
ثقافية تبنت الاسم الذي أطلقه
جلادوها، فهنود هذه القبائل
يسمون اليوم أنفسهم ((سو))، أي
الأفاعي المخاتلة، ويلقنون ذلك
لأبنائهم وأحفادهم!!! نقطة
الضوء الوحيدة في القصص السابقة
أنها قصص فردية وتكاد تنحصر في
أوساط المثقفين، ولو كانت غير
ذلك لما أفردت لها الصحف
ووكالات الأنباء مساحات واسعة .
فهي الاستثناء وليست القاعدة.
------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |