ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 20/03/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


كيف ننظر الى الضغط الامريكي؟

عوزي برعام

3/18/2010

القدس العربي

اعتقد بصدق ان المواقف التي أعرضها وأعبر عنها هي مواقف وطني اسرائيلي صهيوني يرى المساواة قيمة عليا. لكنني أشعر الان اكثر فأكثر بالمعضلات التي تحاصرني إذ أتقدم لترجمة هذه المواقف الى لغة الواقع.

ادافع أكثر من كل شيء عن رد الفعل الانعكاسي الموجود كثيرا عن اليسار. فنحن نستقبل كل ضغط امريكي بالمباركة. لكنني لا يهمني أن يكون الموقف الامريكي عدلا صادقا. حتى لو كنت أؤيد الاقتلاع وروحه فانني غير مستعد لتأييد الموقف الامريكي وتبنيه تبنيا قويا، لاننا في جهد للاقناع بعدلنا، ولا يوجد أسوأ من تأييد مواقف مستوردة ومحاولة جعلها أساطين للمجتمع الاسرائيلي.

يحظى بنيامين نتنياهو بنقد شديد لا لأنه يمثل خطأ لا يقبله العالم فقط وفي ضمنه العالم الغربي، بل لان العالم ينظر الى مواقف اسرائيل بعدم تسامح. كان العالم ينظر هذه النظرة الى رئيس حكومة اسرائيلي حتى لو كان حاييم اورون: فقد ضاق الجميع ذرعا بالوضع الراهن (اللعين).

لكنه يوجد لنتنياهو نصيب غير ضئيل ايضا من النقد الموجه اليه. فهو رئيس حكومة منذ سنة كاملة وما زال لم يفعل فعلا حقيقيا واحدا من أجل احراز تسوية. وما زال لم يعد الشعب لجوهر التسوية، وما زال لم يواجه متطرفي اليمين بالاخطار الكامنة في توجه 'أقعد ولا تفعل'. لا يستطيع نتنياهو توقع التسامح معه في حين يترك ليبرمان في الحكومة لاعتبارات ائتلافية فقط، ويجازيه ليبرمان على ذلك بأنه يضعف مكانة اسرائيل السياسية بجد وبموهبة.

لليسار الصهيوني رسالة ليست هي تكرار كلام كلينتون وبايدن وساركوزي وبراون ومبارك. الرسالة هي الاتيان بالمعضلة الاسرائيلية أمام الشعب بغير ما صلة بأي 'ضغط خارجي'. المعضلة هي كيف نضمن وجودنا للامد البعيد كدولة ديمقراطية وكمجتمع تعددي ذي أكثرية يهودية. لن أتظاهر على بنيامين نتنياهو في ظل توبيخ هيلاري كلينتون، ولن أهتف لرئيس البرازيل وهو يتجاوز عن قبر المتنبىء بالدولة لكنني سأركز الاشخاص والاصدقاء والمؤيدين في عمل دائم حقيقي من أجل اقامة دولتين بتفاوض مباشر عاجل (لان التسوية جاهزة تقريبا). يجب علينا ان نتذكر أننا اذا لم نتوصل الى تسوية كهذه فان الامر سيفضي الى اتفاق عربي على دولة واحدة من البحر الى الاردن مع كل ما يصحب ذلك من اخطار. قد تكون دولة كهذه ذات اكثرية يهودية صغيرة او اكثرية عربية صغيرة لكنها لن تكون دولة يهودية بل دولة كجميع الدول التي يحدد حكمها بانتخابات عامة. على هذا نشبت المعركة الحقيقية. لا على رمات شلومو والرد الامريكي، بل على لب لباب المصلحة الاسرائيلية. يجب على اليسار السليم العقل ان يتناول خوف الاسرائيليين من فرض تسوية وأن يقترح حلا أصح وأكثر امكانا.

اسرائيل اليوم 17/3/2010

===========================

جنبلاط في دمشق: مناورة وشطارة أم اعتراف وندم؟

د. فؤاد شربجي

3/18/2010

القدس العربي

إن رحلة وليد جنبلاط إلى دمشق، تحمل معاني كثيرة، ولها حكايات متداخلة، هذه الرحلة وإن بدأت وجهتها نحو سورية منذ 2آب (اغسطس)2009 يوم أعلن جنبلاط انسحابه من فريق 14 آذار.

إلا أن هذه الرحلة الجنبلاطية إلى الخيار السوري ما هي إلا عودة من ذاك المشوار الذي بدأه (الزعيم الدرزي) منذ القرار 1559 مروراً باغتيال الحريري والمطالبة بإسقاط النظام السوري وتعليق المشانق له...

وهكذا فإن البحث بين معاني رحلة جنبلاط إلى سورية وبين حكاياتها يبعث بضوء يضيء ما جرى في المنطقة ولبنان منذ بداية الرحلة (اغتيال الحريري) وحتى وصول جنبلاط إلى دمشق.

قبل كل شيء، تبلغ جنبلاط موافقة سورية على استقباله من قبل السيد نصر الله..وأعلن الأمر عبر بيان صادر عن حزب الله والرسالة واضحة (الطريق إلى دمشق يمر عبر المقاومة وحزب الله) ولتأكيد مرجعية المقاومة فإن وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وفي المؤتمر الصحافي مع مسؤولة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، رد على أحد الصحافيين عندما طلب منه التعليق على ما جاء في مقابلة جنبلاط، رد المعلم (إن البيان الذي صدر عن حزب الله دقيق جداً) ..أي أن المرجعية في هذا الأمر عند حزب الله والمقاومة.

وكان كثيرون ممن يحيطون بوليد جنبلاط، قد رددوا أنه سيقول الكلام الأخير لشعب وقيادة سورية في مقابلته مع غسان بن جدو على 'الجزيرة'، لكن الشعب السوري لم يرتح لهذه المقابلة، وشعر السوريون إن زعيم المختارة يلعب بالألفاظ، ويحاول أن يعامل سورية على أنه ند لها، وكثيرون في سورية شعروا أن وليد جنبلاط على شاشة 'الجزيرة' كان بارداً تجاه الاعتذار لسورية. بعكس ما كان يبديه من حرارة واندماج في الأسابيع الماضية. وهناك من يعتقد أن جهات عربية وأجنبية همست بأذن جنبلاط هذا الأسبوع ليرفع لهجته مع دمشق على أساس أن هناك متغيرات في المنطقة تتيح له أن يرفع مستوى خطابه، ويقوي من أوراقه وهو ذاهب لدمشق...وإن كان هذا الأمر صحيحاً، وإن كان صحيحاً أن جنبلاط حاول في مقابلة 'الجزيرة' أن يرفع صوته ويقوي من نبرته فإنه سيكون قد فوت حقائق كثيرة أهمها:

أن سورية اجتازت المرحلة الماضية، وخرجت قوية لأنها اعتمدت خيار المقاومة، وأي قراءات لما يجري في المنطقة تصب في مصلحة دمشق، لذلك يكون جنبلاط قد اشترى الوهم إن صدق أن في الأمر ما يضعف سورية، وأنه قادر على الاستفادة منه.

يردد السوريون أن بلدهم لم يرضخ لأمريكا 'بعظمتها' في السنوات الماضية فهل سيرضخ لجنبلاط؟ ثم ها هي أمريكا تأتي لتحاور دمشق وهذا ما يجب أن يتذكره ويفكر فيه جنبلاط لا ما يهمسه له بعض الهامسين.

سورية لا تنظر للدروز على أنهم 'أقلية ذات وضع خاص' بل ترى فيهم شريحة وطنية عروبية أصيلة في سورية ولبنان...وسوريةلا تقبل من أي زعيم أن يتاجر باحتكار الدروز على أنهم أقلية، ويبدو أن أهل الجبل يأتون مطمئنين إلى خيارات دمشق تجاههم كجزء أصيل من سورية ولبنان.

سورية تعتبر أن كمال جنبلاط أحد الرموز الوطنية، ولكن خلافها معه كان لأنه في لحظة من اللحظات لم ير الصورة الشاملة لمصلحة لبنان، وفكر في اللحظة التكتيكية ونسي المصلحة الإستراتيجية، ومن قال أن الشرفاء والمخلصين لا يخطئون...هذا عن الخلاف مع سورية...أما عن الاغتيال فالسوريون يقولون أن على جنبلاط أن يبحث عن قاتل أبيه وليسامحه بعيداً عن سورية.

خاصة وأن اتهام سوريةبالاغتيال تأكد بطلانه، وتأكد أنه كان حرباً سياسية رسمتها دوائر أمريكية إسرائيلية طبعاً باعتراف الكثيرين من جماعة جنبلاط.

لذلك فقد كان من الخطأ أن يصور جنبلاط أنه سينسى (بعد أن سامح) اغتيال والده، مقابل أن تفتح سورية معه صفحة جديدة...لأن السوريون يرون أنهم غير معنيين بأن ينسى جنبلاط أو يسامح، بالعكس هي معنية بأن يتأكد من خلفيات من ورط والده ببعض الأخطاء، وبمن قام باغتياله. وسورية معنية بأن يدرك جنبلاط أن المشاريع الأمريكية الإسرائيلية ولو لبست بعض الشعارات فهي تهدف لقتل الأمة ولا تسأل إن اغتالت الزعماء والمخلصين.

فهم السوريون ما شرحه جنبلاط عن (لحظة التخلي) حيث قال (في لحظة تخل خرجت فيها من العام إلى الخاص) أي أنه خرج من مصلحة الطائفة إلى مصلحته الشخصية هي ما أخذه للغلو في تبني المشروع الأمريكي الإسرائيلي ضد سورية وسلاح المقاومة..مع ذلك فإن السوريين استمعوا لشروحات حول لحظة التخلي تصب في مصلحة جنبلاط، فقد قال وئام وهاب أنها لحظة التخلي عن العقل عند الدروز، وهناك من قال أن لحظة التخلي تعني أن الله تخلى عن جنبلاط في هذه اللحظة..وسؤالنا أي عقل كان مع جنبلاط لحظتها وإذا تخلى الله عنه في تلك اللحظة فأي شيطان كان يقوده.

رغم كل ذلك ورغم احتمال أن يكون برود جنبلاط على شاشة 'الجزيرة' بتأثير من إقليمية وعربية وأجنبية...فإن سورية قرأت ما قام به جنبلاط منذ 2 آب(اغسطس) 2009 عندما أعلن خروجه من فريق 14 آذار، عائداً إلى خيار المقاومة والعروبة محذراً من الانعزال الذي ينجرف نحوه تيار 14 آذار...

وقرأت سورية لهجة جنبلاط الاعتذارية في أربع مرات سابقة على ظهوره على شاشة 'الجزيرة' حيث ظهر على 'المنار' و'LBC' و'الجديد' وعلى صفحات 'السفير'.

وفي القراءة السورية، فإن الوحدة الوطنية اللبنانية حول خيار المقاومة والعروبة والعلاقات المميزة مع سورية هو مصلحة لبنانية وسورية وعربية، خاصة وأن سورية تحاول ومنذ سنوات تحقيق مصالحة عربية إضافة لتحالفات إقليمية مع تركيا وإيران، من أجل خلق شرق أوسط مستقر يقوم على الحقوق العربية، وينهي الخلافات مع الأشقاء ويحصن الأمة والإقليم تجاه السياسات العدوانية الإسرائيلية.

هذه القراءة السورية، التي تركزت أولاً لتحقيق مصلحة المقاومة في لبنان، هي ما جعلت سورية تستجيب لوساطة حسن نصرالله وتتجاوز عن علات ولحظات تخل وليد جنبلاط، وهي ما جعلت دمشق تغض النظر عن الشطارات السياسة القائمة، على (وضع رجل باليمين ورجل باليسار).

ويقول السوريون أنهم حرصاً على مصلحة الأمة، ودفعاً للاستقرار في لبنان، وتقوية للمواجهة مع إسرائيل، واستكمالاً للمصالحة العربية، فقد استجابت سورية وقبلت استقبال جنبلاط.... المتمسك بالعروبة والمقاومة والعلاقات المميزة مع سورية.

السوريون يتذكرون أن جنبلاط عندما جاء إلى دمشق ليصالح الرئيس حافظ الأسد، بعد معارك بيروت وبعد قطيعة، يتذكر السوريون أن جنبلاط عندما وصل لقرب القصر الجمهوري نزل في ساحة المالكي وترك السيارة، وسار مشياً على الأقدام حتى وصل إلى القصر، وبمجرد أن رأى الرئيس حافظ الأسد يطل عليه، سارع كالطفل الشقي يعتذر له (غلطان وما عيدا...)

مع هذه الذكرى، ينتظر السوريون كيف سيسير جنبلاط إلى القصر الجمهوري وماذا سيقول للرئيس الأسد، وأي اعتذار يخبئه ليقول له مباشرة، وخاصة وأن هناك من يقول أن السيد حسن نصرالله يعرف ما هو هذا الإعتذار وكم هي حرارته الإعتذارية.

في كل الأحوال يتمنى السوريون أن يكون جنبلاط صادقاً وألا يكون مناوراً، والكل يدعو الله أن يحفظ جنبلاط من لحظات تخل، يتخلى فيها الله عنه، أو يتخلى هو عن عقله، والدعاء ليس فيه أي شيء شخصي بل هو دعاء للمصلحة العامة اللبنانية والعربية.

السوريون يرددون: إذا كان حافظ الأسد قد انتصر في حرب تشرين، فإن بشار الأسد انتصر على ما كان يحاك ضد سورية ولبنان منذ قرار 1559 واغتيال الحريري. وهناك من يرى أن انتصار بشار الأسد هذا يوازي إن لم يفوق انتصار تشرين.

بعض المتابعين للقضايا السياسية عن قرب يقولون:إن كان جنبلاط صادقاً فقد عاد ليكسب موقعه القومي أما إذا كان يناور ويلعب فإن الله سيتخلى عنه لا للحظة هذه المرة بل للأبد.

إن الفرصة الآن متاحة لجنبلاط ليكون شاهداً على السنوات الماضية، وخاصة وأنه كان في صلب المشروع الأمريكي الإسرائيلي، وظل مطلعاً على تفاصيله حتى الخيبة الأخيرة، والهزيمة النهائية. وأنا أدعو جنبلاط لوقفة يقرأ فيها على الأمة تجربة السنوات الماضية (2005- 2009) وأعتقد أن لدى جنبلاط من الشجاعة ما يدفعه لكشف كل شيء.

وهذا ما يجعل عودته مظفرة، وهذا ما يدفع مكانته في التاريخ في التاريخ ككاشف لحقيقة المشروع الذي كان يستهدف لبنان وسورية والشرق الأوسط والأمة العربية برمتها.

وربما يكشف هذه الأمور أولاً للرئيس بشار الأسد، ربما..

===========================

مراجعة أصول الديموقراطية

السيد يسين

 الدستور

18-3-2010

مما لاشك فيه أن العولمة منذ بروزها باعتبارها الظاهرة التى تملأ الدنيا وتشغل الناس ، تعد العامل الحاسم فى عملية إعادة اختراع العالم.

 

ولعل أبرز المشكلات السياسية التى أثارتها العولمة هى إعادة تعريف مفهوم سيادة الدول ، بحكم أن منظمة التجارة العالمية التى هى نتاج معاهدة وقعت عليها عشرات الدول فى نهاية مباحثات الجات ، وضعت نصوصاً ملزمة لصناع القرار السياسيين فى مختلف الدول بشأن حرية السوق الاقتصادية المطلقة ، ومنع تدخل الدولة فى الاقتصاد بشكل يخالف نصوص قانون المنظمة ، وإلا تعرضت الدولة المخالفة لعقوبات قاسية.

 

غير أنه بالإضافة إلى هذه المشكلات السياسية ، هناك مشكلات اقتصادية ، أهمها على الإطلاق إلزام الدول بفتح سوقها للتبادل الاقتصادي والتجاري بغير حدود ولا قيود. وذلك فى ضوء التعريف الإجرائي الذى وضعناه للعولمة باعتبارها "سرعة تدفق السلع والخدمات ورؤوس الأموال والأفكار والبشر بين الدول بغير حدود ولا قيود".

 

وإذا أضفنا إلى ذلك المشكلات الثقافية للعولمة ، وأهمها على الإطلاق محاولة فرض ثقافة كونية على كل الشعوب والدول ، مما قد يؤدي فى بعض الأحيان إلى تصادم مع الخصوصية الثقافية لبعض الشعوب ، لأدركنا أننا أمام ظاهرة متعددة الجوانب سيكون لتفاعلاتها آثار عميقة فى مجال رسم خريطة جديدة للعالم.

 

وهكذا يمكن القول إن العولمة انطلقت من عقالها مثيرة كثيراً من العواصف والمشكلات التى تم حل بعضها جزئياً ولم تحل باقي المشكلات بالرغم من أهميتها القصوى. لأن الدول الكبرى المهيمنة على العولمة لا ترغب فى مناقشتها ، لأن المناقشة - لو تمت بشكل ديموقراطي تتوافر فيه الندية بالنسبة لكل طرف - قد تؤدي إلى حلول تهدد مصالحها.

 

ومن بين أهم هذه المشكلات قضية الديموقراطية والعولمة. ونقصد على وجه التحديد أن العولمة الاقتصادية انطلقت كالفيضان العارم بغير ضوابط ديموقراطية ، تجعل من حق الدول المختلفة الحوار والمناقشة قبل اتخاذ القرارات الاستراتيجية الكبرى.

 

وقد أدى هذا الوضع إلى آثار بالغة الضرر بالنسبة لعديد من الدول ، وخصوصاً الدول النامية العاجزة عن الصراع مع الدول المتقدمة فى حلبة التنافس العالمي.

 

وفى ضوء هذه الممارسة السلبية حاول بعض المفكرين الاقتصاديين وعلى رأسهم "دانى رودريك" أستاذ الاقتصاد بجامعة هارفارد ، أن يقترح حلولاً إيجابية لحل أزمة الديموقراطية والعولمة ، وضمنها فى ورقة دعته مؤسسة "فريدرش إيبرت" الألمانية إلى إعدادها ، وعرضت آراءه على نخبة ممتازة من الخبراء الدوليين من مختلف بلاد العالم. وأثمرت تعليقاتهم على الورقة إضاءة حقيقية لمختلف أبعاد العلاقة المتشابكة بين الديموقراطية والعولمة.

 

وقد أعطى "رودريك" ورقته عنواناً له دلالة هو: "أربعة مبادئ بسيطة للحكم الديموقراطي للعولمة".

 

ويبدأ فى صدر الورقة بالتمهيد لمبادئه الأربعة بالتركيز على أن المعضلة الأساسية للاقتصاد العالمي ، أن الأسواق تنزع بقوة لكى تصبح معولمة (تمتد على نطاق العالم) ، فى الوقت الذى نجد فيه أن المؤسسات القانونية والاجتماعية والسياسية المفترض أن تحكمها وتضبط إيقاعها مؤسسات وطنية. وهذا الوضع يؤدي إلى نتائج سلبية لكل من الاقتصاد والسياسة. فالتكامل الاقتصادى يظل بالضرورة غير مكتمل فى ظل هذه الظروف ، مما يؤدي إلى تحديد المكاسب التى يمكن أن تجنى من التجارة المفتوحة وسياسات الاستثمار.

 

بعبارة أخرى هناك تناقض بين عولمة الأسواق ومحلية المؤسسات التى تصدر القرارات.

 

ومن ناحية أخرى فالانفتاح الاقتصادى يثير مشكلات العدالة والشرعية من جانب الجماعات التى تحس أنها همشت فى هذه العملية أو تم تجاهلها.

 

ويقرر "رودريك" أن المناقشات الخاصة بإصلاح النظام العالمى للتجارة غالباً ما تغوص فى مشكلات قانونية وفنية معقدة ، فى حين أننا نحتاج إلى صياغة مجموعة مترابطة من المبادئ البسيطة التى يمكن الحصول على إجماع حولها من ناحية ، وتكون أداة عملية للإصلاح من ناحية أخرى.

 

المبدأ الأول: الديموقراطية وليست الأسواق هى التى يمكن أن تقدم المبادئ التنظيمية لتوجيه السياسات العامة.

 

السؤال الأساسى هنا: من الذى يحاسب الحكومات على سلوكها فى مجال السياسات الاجتماعية والاقتصادية؟ هل الأسواق المالية؟ أم الناخبون وممثلوهم؟

 

لا شك فى أن قلة من الناس هم الذين يمكن أن يختاروا الإجابة بنعم عن السؤال الأول. غير أن الواقع يشهد أن الأسواق المالية تضغط حتى لا تكون سياساتها مجالاً للمناقشة الديموقراطية. والمؤسسات المالية الدولية تتحدث عن نظام السوق باعتباره المكون الأساسى لصنع السياسات ، وذلك لحساب التدفقات والتحركات الحرة لرءوس الأموال. وهذا المنظور من شأنه أن يقلل من أهمية وفوائد المناقشات الديموقراطية فى ترشيد السياسات. إن الديموقراطية هى الضمان الفعال للحكم الصالح سواء فى المجال الاقتصادى أو فى المجال السياسى. ومما لا شك فيه أن الحريات المدنية والحرية السياسية وإجراءات المشاركة هى أفضل الطرق لضمان معايير سليمة للعمالة ، وللاستدامة البيئية ، وللاستقرار الاقتصادي. والأداء فى النظم الديموقراطية فى هذه المجالات أثبت أنه أفضل من الممارسات فى النظم التى تقيد المشاركة السياسية ، ومن ثم يمكن القول إن النظام الديموقراطي ينبغى أن يعلو على نظام السوق ، وهذا المبدأ ينبغى الاعتراف والجهر به على أوسع نطاق.

 

المبدأ الثانى: الحكم الديموقراطى والمجتمعات السياسية ينتظمان أساساً داخل إطار الدول القومية. وهذا الوضع من المحتمل أن يبقى كما هو فى المستقبل القريب.

 

إذا كان فرض النظام على السياسات المحلية والدولية يمكن أن يقدم الديموقراطية ، فكيف يمكن للديموقراطية أن تكون عابرة للقوميات؟

 

فى النظرية يمكن لنا أن نتصور عالماً تحكمه "فيدرالية كونية" federalism global ، حيث نجد المؤسسات الديموقراطية ترتبط بالأسواق المعولمة. غير أن هذه النظرية التى تبدو بعيدة عن التحقق ، يمكن فى المستقبل البعيد أن تصبح واقعاً ، إلا أنه من الناحية العملية يمكن القول أن السيادة القومية مازالت لها الغلبة. وبالرغم من النمو الأقل فى المنظمات غير الحكومية على النطاق العالمي والتحالفات العابرة للحدود ، إلا أنه يمكن التأكيد على أن المجتمع المدنى والمؤسسات الديموقراطية ، مازالت حتى الآن ولدرجة كبيرة تعمل فى الإطار الوطني. وهذا الوضع لا يتوقع أن يتغير بسهولة من خلال جعل هذه المنظمات الدولية أكثر شفافية ، وذلك لسبب بسيط هو أن المنظمات غير الحكومية تعانى من مشكلة "الشرعية الديموقراطية" ، بمعنى أن لديها أزمة فى مجال محاسبتها أيا كان مجالها كحقوق الإنسان أو البيئة ، لأن المشرفين عليها لا يمارسون أعمالهم غالباً بالشفافية المطلوبة ، ومن هنا فهم يمارسون نفس الأفعال التى ينسبونها للأجهزة البيروقراطية الدولية. وربما كان الاتحاد الأوروبي هو الاستثناء الوحيد فى هذا المجال ، لأن نموذج التكامل الأوروبي صمم منذ البداية لكى يشمل المكونات الاقتصادية والسياسية والقانونية.

 

المبدأ الثالث: ليس هناك "طريق واحد": من المعروف أن المجتمعات الديموقراطية تختلف فيما يتعلق بتنظيماتها المؤسسية ، ويرد هذا الاختلاف إلى التاريخ الاجتماعي المتميز لكل بلد ، بالإضافة إلى التفضيلات السياسية التى يراها القادة السياسيون.

 

وهناك حاجة فى الواقع إلى التنوع المؤسسى وبخاصة فى الدول النامية ، ومن ثم لا ينبغى - فى ظل العولمة - فرض طريق واحد عليها تحت تأثير النزعة إلى التوحيد.

 

المبدأ الرابع: الغرض من التنظيمات الدولية الاقتصادية: ينبغى أن يكون الوصول إلى أعلى "كثافة" للتبادلات الاقتصادية (فى التجارة وفى تدفق رؤوس الأموال) متسقاً مع الحفاظ على فضاء للتنوع فى التنظيمات المؤسسية الوطنية.

 

هذه هى المبادئ الأربعة التى يقترح "دانى رودريك" الاتفاق عليها لتحديد العلاقة بين الديموقراطية والعولمة ، والتى سبق أن عرضناها من قبل ، وهذه المبادئ دارت حولها مناقشات مثمرة بواسطة مجموعة متنوعة من الخبراء. ويمكن القول إن هذه المناقشات انتهت إلى الاتفاق حول أهمية المبادئ التى صاغها "رودريك" ، وإن كانت لبعضهم آراء تفصيلية حول طريقة تطبيقها أخذاً فى الاعتبار الظروف المحلية لكل قطر.

 

ويمكن القول أن هناك اجتهادات متعددة فى مجال دراسة الديموقراطية والعولمة لعل أهمها دراسة بيتر ليبدا Peter Lebeda عنوانها "الديمقراطية والعولمة" يرصد فيها حالة الديموقراطية المعولمة وسياقاتها ويتحدث عن الحتمية الديموقراطية وحدودها والتحديات الرأسمالية للديموقراطية.

 

غير أن مناقشة العلاقة بين الديموقراطية والعولمة وإبراز الحاجة إلى صياغة نظرية جديدة تضبط العلاقة بينهما ، لم تقتصر فقط على المناقشات الأكاديمية المحدودة ، بل إنها تعدت ذلك إلى المجال السياسى ، حيث برزت حركات اجتماعية تدعو إلى مقاومة الطابع غير الديموقراطى للعولمة ، وقد عبرت عن هذه الحركات المظاهرات الكبرى التى نظمت فى "سياتل" و"دافوس" و"الدوحة" وغيرها من العواصم للمطالبة بعولمة ذات وجه إنسانى.

 

وقد نشر الأستاذ السويدي"لارس انجلستام" دراسة بعنوان "الديموقراطية والعولمة" ولها عنوان فرعى له دلالة وهو "نحو الحاجة إلى صياغة سياسات لمقاومة تجاوزات الرأسمالية العالمية".

 

وهكذا يمكن القول إننا - من وجهة النظر الأكاديمية - على أبواب مبحث علمى جديد يدور حول "الديموقراطية والعولمة" ، أشرنا فقط إلى نماذج بارزة من دراساته ، بالإضافة إلى تصاعد حركات الاحتجاج الجماهيرية ضد تجاوزات العولمة وسلبياتها البارزة ، سواء بالنسبة لداخل المجتمعات الرأسمالية المتقدمة ذاتها والتى تبدو فى استبعاد طبقات اجتماعية كاملة فى مجال التنمية الرأسمالية ، أو فى تهميش بلاد نامية بأكملها من دورة العولمة العالمية.

 

غير أنه إذا كانت المحاولات المتنوعة السابقة تدور فى إطار مراجعة الديموقراطية نظرياً وتطبيقيا ، إلا أنه فى غمار العملية الواسعة المدى لإعادة اختراع العالم ظهر "فضاء عام" جديد غير مسبوق فى تاريخ الحضارة الإنسانية وهو شبكة الإنترنت.

 

وهذه الشبكة تتدفق فيها كل لحظة بسرعة خاطفة ملايين المعلومات والأفكار التى تسبح فى الفضاء المعلوماتى Cyber Space ويلتقطها أى متصفح للشبكة ، أيا كانت جنسيته أو ثقافته أو لغته القومية وخصوصاً إذا ما كان يتقن الإنجليزية التى هى اللغة السائدة فى الشبكة ، وإن كانت قد ظهرت لغات أخرى بجانبها كالفرنسية واليابانية والعربية وإن كان بقدر محدود.

 

ومعنى ذلك أن العالم أصبح متصلاً ، مما أدى إلى الاشتباك والتفاعل الدائم بين الأفكار فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والفكرية والفنية والثقافية. وبرزت أشكال جديدة من التواصل الإنسانى أبرزها على الإطلاق "المدونات" Blogs التى يدونها من يطلق عليهم المدونون.

 

والمدونات أنواع مختلفة ، فمنها المدونات الأدبية ومنها المدونات الفكرية والمدونات السياسية التى أسهمت فى صنع صورة جديدة من صور الديموقراطية هى ديموقراطية "الفضاء المعلوماتي"،

ينشر بترتيب مع وكالة الأهرام للصحافة

===========================

ازمة العلاقات الاميركية الاسرائيلية.. خصام في البيت الواحد

نصوح المجالي

الرأي الادنية

18-3-2010

بالتأكيد لا تستطيع حكومة نتنياهو الدخول في عملية سلام جديدة سواء في مفاوضات مباشرة او غير مباشرة, عن قرب او بعد, اذا كان سيتخللها دور اميركي نشط ووسيط وتواجد باستمرار في المنطقة, وضغط دولي بدأ يشكل توجهاً دولياً عاماً بقبول مبدأ الدولة الفلسطينية المستقلة.

 

الحديث عن السلام لدى اسرائيل لا يعني الالتزام بالسلام وتذليل صعوباته, فالحكومات الاسرائيلية ظلت تطالب بالسلام والاعتراف بها منذ حرب 67 مستندة الى اللاءات العربية, ولما تغيّر الموقف العربي تغيرت لهجة السلام ووضعت اسرائيل للسلام شروطا تعجيزية بعدها تحولت للحديث عن المفاوضات وحديث المفاوضات يعني استغلال الزمن لفرض واقع يستحيل معه السلام ويعني جرجرة الفلسطينيين والعرب الى مفاوضات شاقة ومعقدة تتغير فيها الاولويات وتصبح فيها القضايا الجزئية والاجرائية ومتطلبات الامن أهم من القضايا الجوهرية المتنازع عليها.

 

اسحق شامير لخص موقف اسرائيل من المفاوضات عندما قال سنديم المفاوضات مئة عام اذا لزم الامر ولا نتراجع.

 

اما الجانب الآخر المظلم في المفاوضات هو ان اسرائيل قادرة على التنصل من نتائج المفاوضات والالتزامات التي تترتب عليها مهما كانت, بمجرد حصول تغيير حكومي فيها. فحكومة شارون شكلت انقلاباً واضحا على اتفاقات اوسلو, كانت نتيجته تدمير مؤسسات السلطة الفلسطينية ومحاصرة رئيسها ومقرها واعادة احتلال الاراضي التي خصصت للسلطة عام 2000.

 

وحكومة نتنياهو الاولى كانت انقلاباً على الخط السياسي السلمي الذي انتهجه اسحق رابين بعد مؤتمر مدريد وحكومة نتنياهو الثانية شكلت انقلاباً واضحاً على مبدأ مبادلة الارض بالسلام واحلت مكانه مبادلة السلام بحالة اقتصادية افضل.

 

لقد جاءت حكومة نتنياهو في وقت يتزامن مع تغيّر ملموس في موقف الادارة الاميركية الحالية من قضايا الشرق الاوسط وتبن معلن لسلام تفاوضي ينتهي بدولة فلسطينية.

 

وجاءت حكومة اليمين الاسرائيلي المتطرف، لتجعل من هذا الهدف امرا مستحيلا، وافضل آلية لذلك تكثيف الاستيطان في الاراضي المحتلة وخاصة حول القدس، وزيادة عدد المستوطنين، في القدس والضفة لخلق امر واقع، يمزق تواصل الاراضي المحتلة، المستهدفة لتكون دولة مستقلة للفلسطينيين.

 

لقد تعطلت المفاوضات بين الفلسطينيين والاسرائيليين لان الفلسطينيين اشترطوا وقف الاستيطان اولا، وناورت اسرائيل باعلان تجميد الاستيطان لستة اشهر لم يتوقف فيها الاستيطان لحظة واحدة، ووافق الفلسطينيون والعرب بضغط اميركي على استئناف المفاوضات لمدة اربعة اشهر، على ان تؤدي الى مفاوضات مباشرة، وجدول زمني، ونتائج واضحة وهذا ما ترفض اسرائيل الالتزام به عمليا ولهذا لجأت حكومة نتنياهو لتفعيل الاستيطان، بالتزامن مع زيارة نائب الرئيس الاميركي لاسرائيل ومع بدء مهمة ميتشل، حتى لا تضطر الى مواجهة ازمة داخلية مع الائتلاف اليميني المتطرف، اذا ما استمرت المفاوضات واستلزمت مواقف واضحة من حكومة اسرائيل بالاعتراف بالحقوق الفلسطينية، ولو في حدها الادنى.

 

ما وصف بانه الفرصة الاخيرة للابقاء على عملية السلام، رجحت عليه اسرائيل الفرصة المبكرة، للتمسك بالتحالف الاسرائيلي المتطرف الواهن في الحكم، حتى لو ادى ذلك الى ازمة سياسية مع الولايات المتحدة.

 

ردود الفعل الاميركية الغاضبة قد تعبر عن الغضب من الخداع والصلف الذي تمثله مواقف اسرائيل، لكنها لن تتعدى ذلك، لانها كانت مشفوعة بالالتزام المطلق بأمن اسرائيل، والتأكيد بان اسرائيل امتداد عضوي للاستراتيجية والمصالح الاميركية في المنطقة فما جرى هو خلاف في البيت الواحد.

 

أصوات عديدة سترتفع في واشنطن للدفاع عن اسرائيل والتصدي للهجة غير الودية التي ردت بها حكومة الرئيس اوباما على ما الحقته اسرائيل من اهانة لنائب الرئيس ومساعيه السلمية، وهي تمثل الحجم الهائل للنفوذ الاسرائيلي في الساحة الاميركية.

 

فما دام الاحتلال الاسرائيلي مجزيا لاسرائيل وغير مكلف سيستمر وما دامت الولايات المتحدة مستمرة في تقديم جميع اشكال الدعم العسكري والمادي والسياسي فالمعركة بين واشنطن وتل ابيب لن تتعدى الساحة الاعلامية، فهي ضجيج، حول مسألة لا تفسد للود قضية، وتوضيح سافر بان الوساطة الاميركية اصبحت تمثل عبئا ثقيلا على اسرائيل وليس خدمة لها، لانها تطلق آمالا لدى العرب والفلسطينيين والمجتمع الدولي لا تستطيع اسرائيل قبولها، فاهون على اسرائيل ان تواجه الغضب الاميركي وتتحمل كلفة تذليله من ان تدفع كلفة السلام، الذي قد يعني نسف حكومة اليمين الاسرائيلي، عند اول استحقاق يفرضه مسار السلام على اسرائيل.

===========================

الانتفاضة الجديدة.. لماذا؟

سلطان الحطاب

alhattabsultan@gmail.com

الرأي الاردنية

18-3-2010

لا اعتقد أن فلسطينياً واحداً يريد أن يموت او يجرح هكذا دون هدف، وليس لدى الشعب الفلسطيني ترف تقديم المزيد من السجناء والاسرى والشهداء والجرحى.. وانما هي المقاومة التي فرضت ومازالت تفرض عليه وقد جرب اشكالاً من النضال الوطني..

 

الان الشعب الفلسطيني لم يعد امامه خيارات الاّ الانتفاضة كشكل من اشكال مقاومتة بعد أن أغلقت اسرائيل بممارساتها العدوانية افق اي مفاوضات او تسويات سلمية وبعد ان استمرت في الاستيطان ومصادرة الارض وتهديد المقدسات وضمها ما العمل؟ هل يقدم الشعب الفلسطيني انتفاضة اخرى عفوية تأتي للتعبير عن غضبه ورفضه لسياسات الاحتلال وارهابه؟ وهل يكون مصيرها مصير ما سبقها من انتفاضات لم توظف بما يكفي سياسياً ولم تدعم بما يكفي عربيا وتركت تذوي و تنتهي لتنتقد من جديد؟ هل اصبح الفلسطينيون جاهزين لانتفاضة مدروسة متصاعدة ذات اهداف وطنية سياسية تقرّب نيل حقوقهم وتحاصر وتفضح عدوهم وتكسب الرأي العام العربي الدولي..؟ هل يمكن القول نعم والشعب الفلسطيني تنقسم قياداته على نفسها ولا تجمع على خيار المقاومة حتى اللحظة.. وهل استعجل نتنياهو ردة الفعل الفلسطينية في انتفاضة ضمن سياق انفعالي بعيد عن التوظيف لادراكه لظروفها وسقفها وكيفية محاصرتها؟ هذه اسئلة تقوم من الواقع وهي بحاجة للاجابة عنها.

 

حتى تنجح الانتفاضة الفلسطينية التي بدأت تطل من المعاناة واستغلاق افق عملية السلام فأنه لابد من وحدة وطنية فلسطينية فورية تنهي الانقسام وتصفيه وتعود بالشعب الفلسطيني الى اطار الوحدة وخيار الانتفاضة التي هي شكل من المقاومة يحق للفلسطينيين ان يمارسوه وان يختاروا له الشكل الذي يناسب المرحلة وقدراتهم وخصوصية نضالهم.

 

وحتى لا يجرنا الانقسام الى تخطئة العمل الوطني الذي ينهض به الشارع الفلسطيني فإن الانتفاضة التي تبدأ الان لترد على العدوان الاسرائيلي في القدس والمقدسات وفي رؤيتها ما يمارس الاحتلال البشع في الضفة الغربية وما مارسه في غزة من قتل وحصار حتى الان لا بد ان يكون لها سياق سياسي ونضالي متصل وواضح والا كانت هبة لا تلبث ان تخبو على يد العدو او حتى من طرف الذي لا يؤمنون بها وسيلة وهؤلاء موجودون في الصف الفلسطيني ومازالوا يعلقون آمالاً على التسوية وفرصة السلام و وعود دولية وعربية..

 

اختيار الانتفاضة كوسيلة للنضال خيار ليس سهلا انها معاناة وحصار ودم ودموع واعتقالات وبكاء ولذا فإنها ان بدأت لابد ان تحمي وتدرس ويتوفر لها السياق السياسي والتوظيفي الناجح فلسطينياً وعربياً ودولياً.

 

ميزة الشعب الفلسطيني في قدرته على تجديد كفاحه ونضاله وهذه الخصوبة لا يجوز ان تظل في مواقع التجريب والتشكيك وتوظيف قصير الاجل او حتى الاجهاض المستمر..

 

على القيادة الفلسطينية الان ان ترتقي في أداتها وشجاعتها الى المستوى الذي يختاره شعبها باحساسه الفطري في ضرورة الرد وتحويل العفوي فيه الى دروس وخطط. وعلى القيادة الفلسطينية ان تحسم خيارها والا تخلفت عن شعبها الذي ظل دائماً يمدها بأسباب الصمود والمنعة فلا تخذله بالمناقصة أو ترهقه بالمزايدة واعادة الزّج به في محرقة جديدة لا تمده بأسباب الوحدة الوطنية وتوظيف اشكال الكفاح الوطني..

 

الانتفاضة الجديدة الثالثة الان امام القادة العرب عشية قمة سرت العربية وهي فرصة لأن يطرح القادة البديل العملي لهذا اللهاث الفارغ وراء الادارات الاجنيبة منذ علّقوا الامل على الادارة الإنجليزية عام 1936 وهاهم يعلقون الامل على ادارة اوباما الان وهي ادارة تثبت عجزها حتى الان بالتواطؤ مع الادارة الاسرائيلية حيث اكتفت بالشجب كما يفعل العرب!!!

===========================

صعوبات تواجه الرئيس الأميركي

المستقبل - الخميس 18 آذار 2010

العدد 3598 - رأي و فكر - صفحة 20

مراجعة: ياسين رفاعية

تحاول هذه الدراسة، التي تحمل عنوان "دور مؤسسة الرئاسة في صنع الاستراتيجية الأميركية الشاملة بعد الحرب الباردة". تأليف الدكتور عامر هاشم جواد ان تقدم انموذجاًَ تحليلياً لدور هذه المؤسسة في صنع الاستراتيجية الاميركية. لتصل الى ان تتفاعل بين الرئاسة والكونغرس الذي لا يأخذ نمطاً خطياً ثابتاًُ في التأثير في مختلف المراحل الزمنية وفي مختلف الاقاليم وذلك في تحديد القوى والمتغيرات المؤثرة في صنع الاستراتيجية الاميركية. ومن ثم بيان العلاقات المتبادلة في ما بينهما. وصولاً الى تحديد القوى والمتغيرات المركزية المتحكمة في تحديد الاتجاهات العلمية لاستراتيجية الولايات المتحدة وتبين ان هناك قوى عديدة تؤدي ادواراً متباينة بحسب الزمان والاقليم ونوع القضية الموقف الظاهرة السياسية. في التأثير والاسهام في صنع استراتيجيات الولايات المتحدة الدولية المختلفة. بعضها داخلي وبعضها خارجي، وهي مؤسسة الرئاسة والسلطة التشريعية والسلطة القضائية والقوى الدولية المؤثرة.

ومن البديهي القول، إن القوى والمتغيرات. قد تفاعلت في ما بينها واثر كل منها في غيره وتأثر بغيرك وقد تباين نمط التأثير والتأثر من متغير الى آخر. وفي أحيان اخرى ايجاباً، لذلك، فان ما يحكم الموقف هو محصلة التأثير التبادل.

(ان الصراع على السلطات في الولايات المتحدة، هو أوضح ما يكون في مجالات السياسة الخارجية. فالرئيس، وان كان له ثلاث سلطات (كونه الرئيس التنفيذي والقائد العام للقوات المسلحة وكونه كبير الديبلوماسيين) الا ان الكونغرس ينازعه على هذه الاختصاصات. ومثالها اصداره قانون سلطان الحرب، بينما يحاول كل فرع من فروع الادارة ان يكون له مخططه الخاص بشأن الشؤون الدولية، فان الرئيس هو الذي يقرر في النهاية طبيعة السياسات والمبادرات ومداها. واذا ما حللنا دور الرئيس بوصفه مؤسسة لصنع الاستراتيجية. نلاحظ انه يتوقف عند درجة التعقيد الذي اصاب الشؤون الدولية. وما التغييرات في سلطة الرئاسة التي حدثت في فترة حكم كلينتون الا نتاج ضعف الادارة وليس ضعف الرئاسة بوصفها مؤسسة. وعموماً. فان هناك ثلاثة عوامل تتحكم في درجة توسع أو تقلص قدرة الرئيس على توسيع صلاحياته في رسم الاستراتيجيات هي الاغلبية في الكونغرس، وشخصية الرئيس والمناخ السياسي الدولي.

وفي ما خص هذا الأخير. فان تعقيدات الشأن الدولي اذا ما دعمت بوجود تهديد كان لها الاثر في زيادة سلطات الرئيس. وهذا ما برع به الرئيس بوش الابن عندما ربط ما بين العدو الخارجي والتهديد لأمن الشعب الاميركي.

كما ان التسليم بحقيقة الدستور قد راعى عدم اطلاق صلاحيات الرئيس. ينبغي الا يفضي الى قناعة مفادها ان الرئيس لا يمتلك القدرة على صنع الاستراتيجية. فالرئيس قادر على اتخاذ قرارات بيد ان كل قرار يكون عرضة للفحص والتدقيق من الكونغرس والمحكمة العليا والرأي العام وعلينا الادراك ابتداء ان الشخصية المركزية التي على اساس دورها يمكن فهم وتقدير العمليات الحكومية في الولايات المتحدة هي شخصية الرئيس هو القائد الاعلى للقوات المسلحة للرئيس حق استخدام القوات المسلحة خارج الحدود سلطة اعلان الحرب مقره دستورياً ضمن صلاحيات الكونغرس. اما في الاقتصاد فهناك قوى مؤثرة في صنع استراتيجية الولايات المتحدة هي لوبيات المصالح والشركات الصناعية العسكرية. والشركات النفطية والبيئة الدولية. وقد دأب الكونغرس منذ سبعينات القرن الماضي وبغية تسهيل امر التعامل مع المسألة الاقتصادية على منح الرئيس اجراءات تشريعية لتسهيل عقد وتطبيق الاتفاقات مع الدول الأخرى.

ومن جهة ثانية، فان اسلوب تعامل الادارة الاميركية مع طلب تفويض السلطات هو جزء من استراتيجية يتبعها صناع القرار في الولايات المتحدة. ففي حال الرئيس بوش الابن كانت الرؤى قد استقرت لدى الادارة على تبني الاسلوب الوقائي ليحل محل سياسة الردع والاحتواء. اذ تطبق هذه الاستراتيجية لتحقيق هدفين:

الأول: ظاهر يتمثل في الدفاع عن مصالح وامن الولايات المتحدة اينما وجد تهديد او شك في وجود تهديد لهذه المصالح وهذا الامن.

الثاني: هدف باطن يتمثل في توسيع هيمنة الولايات المتحدة على النظام الدولي بالوسائل المتاحة كافة، وابرزها الادوات العسكرية. وقد ساعدت احداث 11 أيلول 2001 على ظهور هذه الاستراتيجية الى العلن.

ان التاريخ السياسي للولايات المتحدة يشير الى ان مركز القوة السياسية فيها غير مستقر، يعتمد بالدرجة الاولى على قوة شخصية الرؤساء والزعماء والقادة السياسيين. وما الاحداث الا ظروف طارئة تمكن القيادات السياسية من اعتلاء النفوذ والقوة.

اما في ظل الرئيس اوباما فقد برزت ثلاثة عوامل بوصفها عوامل رئيسية وفاعلة في تحديد مستقبل التنافس في ظل رئاسته: شخصيته الازمة الاقتصادية التي ضربت الاقتصاد الاميركي والتحديات التي تواجه الرئيس نفسه.. وبنتيجة البحث تراجع دور مؤسسة للرئاسة فاذا كان عامل شخصية الرئيس سيصب في مصالح احتفاظ مؤسسة الرئاسة بهيمنتها وسطوتها.

الا ان الازمة المالية ستوحد وتوجب تعاوناً مكثفاً بين الرئاسة والكونغرس، كما ان التحديات التي تواجه الرئيس كثيرة. ولأجل مواجهتها سيعمد الرئيس الى التعاون مع الكونغرس في حل الكثير من القضايا لا سيما انه شخصياً يملك رغبة في التعاون مع الكونغرس على عكس الكثير من سابقيه.

[ الكتاب: دور مؤسسة الرئاسة الأميركية

[ الكاتب: عامر هاشم عواد

[ الناشر: مركز دراسات الوحدة العربية، 2009

===========================

"الحروب الأهلية" خيار اسرائيل الأول ثم الحرب !

سركيس نعوم

النهار

18-3-2010

اللبنانيون يستمرون في التساؤل اذا كانت بلادهم ستشهد حرباً اسرائيلية خلال الاشهر المقبلة. وينبع تساؤلهم هذا من التطورات المتصاعدة في المنطقة ومن تبادل التهديدات بين دولها ومحاورها. فمن جهة تستمر اسرائيل في عرقلة مساعي الرئيس الاميركي باراك اوباما لمعاودة المفاوضات بينها وبين السلطة الوطنية الفلسطينية. وقد تسبب ذلك في اطلاق موجة عنف فلسطيني وقمع اسرائيلي من شأنهما توفير ظروف انطلاق انتفاضة جديدة تقضي على ما تبقى من عملية السلام. ومن جهة اخرى تستمر الجمهورية الاسلامية الايرانية في اطلاق التهديدات ضد اسرائيل وفي تعزيز ترسانتها العسكرية والشعبية. كما تستمر في تعزيز تحالفها مع سوريا الاسد بقصد زيادة مناعته امام اي محاولة ضرب له. وفي هذا الاطار كان الاجتماع الرئاسي الثنائي في دمشق قبل اسابيع الذي تحوّل ثلاثياً بانضمام الامين العام ل"حزب الله" اليه.

في مواجهة كل ذلك تقف اميركا اوباما حائرة ومترددة وربما عاجزة. فهي ليست "مبسوطة" وعلانية من سياسات حليفتها اسرائيل. لكنها لا تبدو قادرة على فعل ما هو اكثر من ذلك. ولا احد يعرف اذا كان رئيسها سيذهب الى الآخر في المواجهة مع اسرائيل، مع تأكيده التزام بلاده مصالحها وأمنها. ذلك انه ليس الامر الناهي الوحيد رغم صلاحياته الواسعة. فهناك شركاء له وحدود له بعضها مؤسساتي (كونغرس) وبعضها الآخر اهلي او شعبي (منظمات وجمعيات وإعلام ومراكز ابحاث) وهناك لوبيات متنوعة اقواها اليهودي المؤيد لاسرائيل والمستعمل امكاناته لمصلحتهما. اما العرب والمسلمون في صورة عامة الذين كان يمكن ان "يقنعوا" اميركا بمراعاة حقوقهم تلافياً لتأثير ذلك سلباً على مصالحها فإنهم منشغلون بحماية انظمتهم ومواقعهم وبخوض مواجهات طائفية ومذهبية الامر الذي يجعلهم دائماً في موقع المحتاج الى الحماية.

طبعاً في ظل الواقع المفصّل اعلاه يسمع اللبنانيون من قادتهم ومسؤوليهم ومن مسؤولي الدول الكبرى كلاماً متناقضاً. قسم منه يتخوف من حرب اسرائيلية واضحة على لبنان، وقسم آخر يستبعدها، وقسم ثالث يستبعدها ولكنه يحذّر من توافر اسبابها وهو بذلك يحيِّر الناس.

هذا الواقع يثير سؤالاً مهماً هو: ما هي العوامل التي قد تدفع اسرائيل الى اتخاذ قرار الحرب ضد لبنان؟ كما انها تثير سؤالاً آخر مهماً بدوره هو: الا تستطيع اسرائيل ان تحقق اهدافها بوسائل اخرى غير الحرب؟

والجواب عن هذين السؤالين كما تقدمه جهات ديبلوماسية متنوعة يشير الى ان البديل الفعلي من الحرب على لبنان هو اشتعال الحروب المذهبية والطائفية والدينية والعرقية في المنطقة سواء بين دولها او داخل كل هذه الدول. فبحروب كهذه يستنزف العرب والمسلمون طاقاتهم وثرواتهم وامكاناتهم ويدمرون اوطانهم فتصبح اسرائيل الدولة الوحيدة القوية والقادرة والمهيمنة والموجهة هذه الحروب بحيث تخدم مصالحها. وبذور هذه الحروب موجودة في لبنان والعراق وفي غالبية الدول العربية الاخرى وفي دول اسلامية غير عربية. وبعض هذه الدول شهد حروباً اهلية سابقاً، لا شيء يمنع تجددها.

اما في حال تعذر الحروب الاهلية فان خيار الحرب يصبح وارداً. لكنه يبقى محصوراً في الساحة العربية لأن استهداف ايران بضربة عسكرية صعب نجاحه اولاً وممنوع اميركياً ثانياً. وفي الساحة العربية هذه فإنه سيبقى محصوراً بلبنان لأن اسرائيل لن تضرب سوريا عسكرياً اذا لم تشن عليها هذه حرباً مباشرة او اذا لم تشارك لبنان في مواجهة حرب اسرائيل. ولأن سوريا لن تغامر في عمل عسكري انعكاساته سلبية على النظام الحاكم فيها.

اما العوامل التي قد تدفع اسرائيل الى شن حرب على لبنان فأبرزها ثلاثة. الاول امتلاك "حزب الله" اسلحة استراتيجية قادرة على الحاق اذى كبير ومباشر باسرائيل كلها، مدناً ومرافق عامة ومطارات ومنشآت عسكرية حيوية واقتصادية. والثاني، حصول "حزب الله" على اسلحة قادرة على كسر احتكار الطيران الحربي الاسرائيلي للاجواء اللبنانية في ايام السلم وعلى إعاقة حروبها ضد لبنان اذا قررتها. اما العامل الثالث، فهو مبادرة "حزب الله" الى مهاجمة اسرائيل صاروخياً رداً على استهدافها ايران عسكرياً، وإما تنفيذه عملية عسكرية او امنية ترى اسرائيل في السكوت عليها ضرراً كبيراً لمعنوياتها وهيبتها.

===========================

ضياع أفغانستان من دون الحكم الأفضل

آخر تحديث:الخميس ,18/03/2010

جيمي ف. ميتزيل

الخليج

نجحت قوات الولايات المتحدة إلى جانب حلفائها من الأفغان وفي حلف شمال الأطلسي في إحراز تقدم لا لبس فيه في أفغانستان في هذا العام . والواقع أن حملة المرجة الجارية، واعتقال الملا عبد الغني بارادار واثنين من “أعضاء حكومة الظل” المنتمين إلى طالبان في باكستان، والضربة الأخيرة التي تم تنفيذها بطائرة من دون طيار والتي نجحت في ضرب عدد من كبار أعضاء شبكة حقاني التابعة لتنظيم القاعدة، كل هذا يشكل خطوات واضحة في الاتجاه الصحيح .

 

ولكن أياً كان حجم التقدم الذي تم إحرازه على مسارات أخرى، فإن أمريكا وحلفاءها لن يتسنى لهم إحراز النجاح في أفغانستان ما لم تنجح الحكومة الأفغانية، والواقع أن الحكومة تتحرك في الاتجاه الخطأ . وإلى أن يتغير هذا فإن كافة الجهود الأخرى سوف تكون بلا جدوى في النهاية، وسوف تصبح المستويات الحالية من المشاركة الدولية مع أفغانستان غير مبررة .

 

لقد حدَّد رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما أهداف أمريكا في أفغانستان بحرمان تنظيم القاعدة من أي ملاذ آمن، وعكس اتجاه الزخم الذي اكتسبته حركة طالبان، ومساعدة القوات الأمنية في البلاد والحكومة على “تحمل المسؤولية الرئيسية عن مستقبل أفغانستان” . ولتحقيق هذه الغايات فقد قرر أوباما زيادة عدد القوات في أفغانستان لمدة 18 شهراً، بدعمٍ من بلدان حلف شمال الأطلسي الأخرى، ثم يعقب ذلك البدء في سحب القوات .

 

ولتحقيق هذه الأهداف في مثل هذا الوقت القصير، يتعين على حلف شمال الأطلسي وشركائه الأفغان أن يتغلبوا على ثلاث عقبات ضخمة . أولاً، يتعين عليهم أن يخوضوا قتالاً أكثر نجاحاً ضد قوات حركة طالبان من أجل خلق الحيز اللازم لإعادة البناء والمفاوضات المحتملة . ثانياً، يتعين عليهم أن يقنعوا باكستان بالبدء في التصدي لطالبان الأفغانية بجدية وحرمان أفرادها من الملاذ الآمن والدعم الذي يجدونه حالياً في باكستان . ثالثاً، يتعين عليهم أن يدعموا تأسيس حكومة أفغانية شرعية، لا ينظر إليها المواطنون الأفغان باعتبارها حكومة فاسدة وعاجزة، كحال الحكومة الحالية . ولأن نجاح استراتيجية حلف شمال الأطلسي يتطلب إحراز تقدم ملموس على كل من هذه الجبهات، فإن حتى بوادر التقدم العسكري الأولية وتقدم العلاقات الباكستانية مع طالبان الأفغانية سوف تكون بلا قيمة إذا لم تتمكن حكومة أفغانستان من ترسيخ شرعيتها في الداخل . والواقع أن الجهود الأخيرة التي بذلتها إدارة الرئيس حامد قرضاي من أجل الحد من قدرة عامة الناس على مساءلتها توضح أن الحكومة الأفغانية في هيئتها الحالية تفتقر إلى القدرة على ترسيخ شرعيتها، أو حتى الرغبة في ترسيخها .

 

فقبل سنة على الأقل من انتخابات أغسطس/آب ،2009 كان المسؤولون في حلف شمال الأطلسي يدركون أن اشمئزاز المواطنين الأفغان العاديين من فساد حكومتهم كان من بين أهم الأدوات التي استعانت بها حركة طالبان في إعادة تجنيد هؤلاء المواطنين . وفي ذلك الوقت زعم هؤلاء المسؤولون أن الانتخابات من شأنها أن تمنح القادة الأفغان تفويضاً واضحاً للإصلاح . غير أن الانتخابات التي فقدت مصداقيتها إلى حد كبير كانت سبباً في إهدار تلك الآمال .

 

إن الخلل الأصلي في انتخابات 2009 كان خللاً بنيوياً . فهي لم تتم وفقاً لقوائم للناخبين، لذا فقد كان من المستحيل تقريباً الحيلولة دون العبث بصناديق الاقتراع . أما الهيئة التي تم تفويضها بإدارة التصويت، وهي اللجنة الانتخابية المستقلة، فكانت تحت إدارة مجموعة من الموظفين المعينين جميعاً بواسطة مرشح واحد، ألا وهو حامد قرضاي، الذي انحازوا له بطبيعة الحال .

 

كان العديد من المراقبين يأملون بعد الانتخابات أن يدرك قرضاي الحاجة إلى بناء حكومة أكثر خضوعاً للمساءلة للمساعدة في تأمين مستقبل أفغانستان ومستقبل الدعم الدولي العسكري والمالي . ففي خطابه الرفيع الذي ألقاه في لندن في يناير/كانون الثاني المنصرم، تعهد قرضاي بإحراز التقدم على مسار مكافحة الفساد وتعزيز المساءلة الحكومية . ولكن فيما يبدو أن العكس هو ما يحدث الآن .

 

فمنذ خطاب لندن، كان قرضاي يعارض بنشاط الجهود الرامية إلى مكافحة الفساد الرسمي، بل لقد سعى إلى تعيين بعض أمراء الحرب في حكومته، وفشل في تعزيز المجتمع المدني، وأضعف العملية التي تهدف إلى زيادة تمثيل النساء في البرلمان . ولكي يزيد الطين بلة، أصدر قرضاي في الثالث عشر من فبراير/شباط مرسوماً يسمح له بتعيين كل أعضاء لجنة الشكاوى الانتخابية، وهو الإجراء المصمم بوضوح بهدف تعزيز نظام المحسوبية وإضعاف التوقعات الخاصة بحركات المعارضة في الانتخابات المقبلة، والذي يبرهن بوضوح على أن هذه الإدارة ليست جادة بشأن بناء قدر أعظم من المساءلة الحكومية . يتعين على حلف شمال الأطلسي والمجتمع الدولي ألا يبخلا بأي جهد ممكن لتعزيز إنشاء حكومة خاضعة للمحاكمة على كافة المستويات في أفغانستان . ورغم أن الحكومة الأفغانية لا تحتاج إلى المركزية الكاملة، فإن أفغانستان لن يكتب لها النجاح في حالة فشل الحكومة المركزية . ولهذا السبب، فما لم تعمل حكومة قرضاي على تغيير مسارها فلا يوجد أي مبرر لحمل أعضاء حلف شمال الأطلسي على المخاطرة بأرواح الجنود وتخصيص المزيد من الموارد القيمة لمعالجة الصراع في أفغانستان إذا ما تسبب فساد الحكومة الأفغانية وافتقارها إلى الشرعية في تعريض التقدم الحالي للخطر والقضاء على كل احتمالات نجاح حلف شمال الأطلسي في تحقيق أهدافه في أفغانستان .

 

إن قرضاي حر في قيادة بلاده على النحو الذي يحلو له، ولكن لا ينبغي لأمريكا وحلفائها ولا يجوز لهم أن يحافظوا على المستويات الحالية من الالتزام ما لم تتمكن حكومته من ترسيخ نفسها باعتبارها شريكاً صالحاً . والوقت يمضي .

ــــــ

* خدم في مجلس الأمن القومي أثناء ولاية الرئيس الأمريكي بِل كلينتون، ويشغل الآن منصب نائب رئيس جمعية آسيا، كما عمل كمراقب لانتخابات أغسطس/آب 2009 في أفغانستان . والمقال ينشر بترتيب مع “بروجيكت سنديكيت”.

===========================

البلطجة الصهيونية من يوقفها؟

آخر تحديث:الخميس ,18/03/2010

فايز رشيد

الخليج

من تزوير جوازات السفر لدول حليفة وصديقة لها، مروراً بالقيام بالاغتيالات في وضح النهار، ووصولاً إلى سرقة الآثار الإسلامية المقدسة، مثل ضم الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح إلى ما يسمى ب”التراث اليهودي” . تتمادى “إسرائيل” في قرصنتها ومخططات تهويدها المبرمجة لمواقع عربية وإسلامية كثيرة، في خطوات متسارعة تبدأ بالترميم وتنتهي بالسرقة والضم، كما استباحة الأقصى في محاولة واضحة لإلحاقه بأسوار عكا، ومساجد المدن الفلسطينية الأخرى، والحرم الإبراهيمي، وقبة راحيل، وحائط البراق . . واقتحام جنود الاحتلال لساحات الأقصى وقبة الصخرة المشرفة، والقائمة طويلة .

 

إنه استهتار “إسرائيلي” بالعرب والمسلمين والمجتمع الدولي برمته وبالإنسانية وبالقانون الدولي والأمم المتحدة وكل المنظمات التابعة لها، وباتفاقيات جنيف وبحقوق الإنسان، في طابع من التحدي منقطع النظير، وفي إطار من الغطرسة وجنون القوة وهوس العظمة والعربدة، ليس على صعيد المنطقة فحسب، بل على الصعيد الدولي أيضاً .

 

بدايةً، ليس في فلسطين من وجود لآثار يهودية فيها، وقد حاول العلماء وخبراء الآثار في الكيان التنقيب في مختلف المناطق الفلسطينية عن أثرٍ ولو صغير يدلل على وجود اليهود في فلسطين بالمعنى التاريخي فلم يوفقوا في شيء، هذا ما لا نقوله نحن وإنما مؤرخون عالميون من بينهم: العالم ماك اليستر، الذي أشار إلى أن قرناً كاملاً من التنقيب في فلسطين لم يفض إلا إلى تفسيرات مضللة لآثار فلسطينية تجهد “إسرائيل” في تزييفها .

 

المؤرخة كاتلين كينون في كتابها “علم الآثار في الأرض المقدسة”، المؤرخ بيتر جميس في مؤلفه “قرون الظلام” . العالم توماس تومسون في كتابه “التاريخ المبكر للشعب “الإسرائيلي”” . أرنولد تويني وحقائقه الكثيرة في مختلف مؤلفاته، غوستاف لوبون في كتابه “الحضارات الأولى” .

 

كل هؤلاء وغيرهم كثيرون، ينفون وجود آثار يهودية في فلسطين، ويؤكدون على قيام “إسرائيل” بتزوير الآثار الفلسطينية (وهي عملية مكشوفة لعلماء الآثار والمنقبين) وإلصاقها قسراً بالتاريخ اليهودي .

 

عندما عجزت “إسرائيل” عن اكتشاف أية آثار يهودية في فلسطين، بدأت في الاعتداء على التراث الفلسطيني، فالزي الذي ترتديه المرأة الفلسطينية، والذي يختلف في تفاصيله وفقاً لاختلاف مناطق فلسطين الجغرافية، أصبح خلفية للأزياء التي ترتديها مضيفات شركة طيران “إل عال”، والتي تسميها (تراثاً يهودياً)، كما أصبحت الأكلات الشعبية اللبنانية والفلسطينية مثل: الفول والحمص والفلافل (تراثاً “إسرائيلياً”) .

 

أيضاً، يتم الاعتداء على الأنغام الشعبية الفلسطينية واللبنانية والعربية الممتدة عبر التاريخ، بتأليف معزوفات موسيقية “إسرائيلية” على شاكلتها، لتكون خلفية لأهازيج بالعبرية يتم تأليفها . هذا ما تفعله “إسرائيل” بوقاحة منقطعة النظير، وعلى مرآى ومسمع من كل العرب والمسلمين والمجتمع الدولي برمته .

 

باختصار وبوضوح كامل، ما تهدف إليه “إسرائيل” هو تهويد فلسطين كل فلسطين، تاريخاً ماضياً وحاضراً ومستقبلاً أيضاً، تريد محو ذاكرة وتاريخ وثقافة وتراث وآثار، واستبدالها جميعاً بأخرى جديدة، موائمة لأساطير التزييف والتضليل “الإسرائيلية”، تريد إبقاء اللاجئين الفلسطينيين في أماكنهم، والذين ترفض حق عودتهم إلى وطنهم وديارهم، وتريد إفراغ فلسطين من أهلها جميعهم وإجراء ترانسفير بحقهم، من أجل بناء دولتها اليهودية، التي تضم كافة اليهود في العالم .

 

لن تتوقف “إسرائيل” عن الاعتداء على الأماكن الدينية الإسلامية، وهي ماضية في تهويدها للقدس وفي هدمها المتدرج للمسجد الأقصى من أجل تدميره وبناء هيكلها السليماني على أنقاضه .

 

“إسرائيل” ستظل تقترف الموبقات في ظل غياب رادع القوة، الوسيلة الوحيدة القادرة على لجمها والحد من عدوانها وغطرستها واعتداءاتها، على كل ما هو فلسطيني وعربي ومسلم ومسيحي، بشراً كانوا أم آثاراً أم أرضاً .

 

القوة هي الأسلوب الوحيد التي تزعزع أسسها وتجبر سكانها على مغادرتها . القوة والمقاومة التعبيران السحريان اللذان يغنيان عن كل البيانات والاستنكارات والمناشدات، ولا عدالة في عالم اليوم من دون الاستناد إلى القوة . . وهي التي أثبتت فعاليتها وجبروتها في لجم العدوان الصهيوني في عام 2000 وفي عام 2006 في لبنان . . وفي مواقع كثيرة أخرى، فهل من يسمع؟!

===========================

كيف سيتصرف جنبلاط مع الأسد؟

مي ضاهر يعقوب

السفير

18-3-2010

كلما حصلت مصالحة بين سياسيين كانوا حتى الأمس القريب من ألد الأعداء يتساءل متابع أخبارهم على شاشات التلفزيون، تُرى هل ما يجري هو حقاً غسل قلوب أم أنه تمثيلٌ بتمثيل؟ كيف يعرف أن هؤلاء صادقون في تلاقيهم وأن العداوة الضارية التي جرّت آلاف الناس وراءهم لن تتكرر؟ وما الذي تغيّر حتى قرروا فتح صفحة جديدة وكتابة عبارات مختلفة تماماً عن كل الذي سبق وتفوهوا به في مرحلة من الجنون العاطفي والسياسي عقب الانفجار الكبير الذي أودى بحياة الرئيس رفيق الحريري ورفاقه في 14 شباط 2005؟

المصالحة بين رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس السوري بشار الأسد، وتلك التي تمت سابقاً بين النائب وليد جنبلاط والجنرال ميشال عون، وبين جنبلاط والوزير السابق وئام وهّاب، وأكثر المصالحات المنتظرة إثارة بين جنبلاط والرئيس السوري بشار الأسد، هل أقنعتنا، أو ستقنعنا بمشاعر المودة الظاهرة؟

الاختصاصية في الإيحاء ولغة الجسد الأستاذة في الصحافة ووسائل الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتورة سناء حمود، قرأت المصالحات الجارية على طريقتها وأوضحت أن صدق هذه المصالحات عبر اللقاءات والمصافحات والكلمات الإيجابية لا يمكنها أن تغطي وسائط التعبير الأخرى الموجودة في حركات الجسد. «إننا نتحاور باللغة، لكننا نعبّر بالصوت والحركة» على حد قولها، «فمشاعر الفرح أو الغضب أو الحزن أو غيرها، كلها مشاعر عاطفية نعبّر عنها بحركات الوجه واليدين والصدر وكافة أطراف الجسد».

وكما هو معروف، عندما يُحرج الطفل يختبئ وراء أمه أو يلتقط طرف ثوبها، «وعندما يكبر يصبح بحاجة إلى أشياء يختبئ وراءها. قد يمسك كرسياً وهو يتكلم، أو دفتراً، أو قلماً، أو غير ذلك»، تقول حمود موضحةً: «في العلاقات بين الناس تجانس أو تباعد، وهذا ما تعنيه العبارة بالإنكليزية عن وجود Chemistry (كيمياء) بين شخصين».

إذاً، كيف نقرأ صدق تقارب بين شخصين يُظهران مودة بعضهما لبعض ولا نعرف ماذا تخبئ مشاعرهما الحقيقية؟

تقول حمود: «إننا نعبّر في علاقاتنا مع الآخرين بواسطة الجسد. قد نصافح بعضنا بعضاً، أو نتعانق أو نتبادل القبل. بهذه الطريقة نقصّر المسافة بيننا ونلغي التباعد. لكن قراءة دقيقة لحركة الجسد في أثناء التلاقي توضح حقيقة مشاعرنا. ذلك أن الكلمات أحياناً تتناقض مع حركة الجسد. قد تقول إحداهن لأخرى بالصوت: تفضّلي، وتقول حركة حاجبها: لا تتفضلي!»

وقالت حمود إن الكلمات تشكل 7 في المئة فقط من عناصر التعبير، في حين تشكل حركات الجسد 55 في المئة، ونبرة الصوت 38 في المئة، «أي أننا نعبّر بالحركات والصوت 93 في المئة من مجموع عناصر التعبير، وتالياً تشكل الكلمات جزءاً يسيراً من حقيقة مشاعرنا». واضافت: «يمكن لأحدهم أن يخفي مشاعره بانتقاء الكلمات والسيطرة على تعابير وجهه، لكن جسده يفضح الحقيقة. من هنا تكشف دقة الملاحظة عبر دراسة نبرة الصوت والحركات في اللحظة الآنية، مثل الوقفة ونظرات العين وغيرها، المشاعر والمواقف إذا كانت تتناقض والمضمون».

تتوزع حركات الجسد وفق رأيها، على وضعية الرأس، وحركة العينين، الأنف، الأذنين والفم، وعلى الصدر والورك والأطراف (اليدين والقدمين). «وهذه الأجزاء تتلقى إشارات من الشخص الآخر وتبعث إشارات أيضاً»، مشيرةً إلى العبارة المعروفة «إن العين مرآة الروح»، فمثلاً: نظرة مرتفعة إلى اليمين تعني أن الشخص تذكّر شيئاً سبق ورآه. ونظرة إلى اليمين لكن إلى أسفل تعني أن الشخص تذكر أمراً فيه مشاعر. أما النظرة إلى أسفل لجهة اليسار فهذه تعني أن الشخص استرجع صورة فيها مشاعر، أما النظرة المرتفعة إلى اليسار فتعني أن صاحبها تبنى فكرة أو رسم تصوراً لأمر ما.

لقاء الأسد الحريري

كل هذه الأمور تمكن قراءتها في صور لقاء الأسد الحريري، «ففي حركات الجسم لحظة التلاقي ينحني الأسد قليلاً وهو بذلك يرسل إشارة الى ضيفه أنه ليس آمراً وناهياً، وهذه علامة التكريم. ويفتح يديه على نحوٍ كامل ليقول ما معناه: أنا صديقك وليس في يدي سلاح، كفّي بيضاء، ولا علاقة لي بالذي حصل. في الوقت نفسه كانت يد الحريري غير ممدوة كاملة، ما معناه: أنتَ تعال إلي واقترب أكثر نحو مساحتي الآمنة. ودل امتداد ذراعيه بعد ذلك إلى أسفل أنه غير خائف. وأظهرت ابتسامة الحريري النصفية أنه يجامل مضيفه على نحوٍ نصفي أي أنهما الآن في علاقة اجتماعية نصفية غير مكتملة، في حين كانت ابتسامة الأسد واسعة جداً ومعناها أنه يستقبل ضيفه بفرح وترحاب ويعطيه كل الأمان. وعندما جلس الحريري في البداية لم يسند ظهره وبدا مستنفراً وحاضراً للكلام، وفي المقابل أسند الأسد ظهره كاملاً ما معناه أنه حاضرٌ للاستماع».

جنبلاط غير مقروء؟

الآن ماذا نتوقع من حركات جنبلاط والرئيس الأسد إذا ما التقيا؟

قرأت حمود حركات جنبلاط التي اعتدنا عليها في مناسبات عدة كالتالي: لديه حركة يقوم بها أحياناً وهي التقاط خصلة خلفية من شعره. هذه تعني أنه يجلب أفكاراً مقروءة لديه، ونعرف عن رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي أنه قارئ نهم. وتعني حركة نظراته المتنقلة بين أعلى وأسفل أنه لا يريد من محدثه أن يعرف بماذا يفكر. وعموماً، لا يركز زعيم المختارة في النظر إلى عيني الشخص قبالته. ومعروف في هذا العلم أن الإنسان ينظر إلى عيني محدثه إما لإبهاره أو إرهابه أو احترامه في علاقة الند للند. ولا يجلس جنبلاط عادة في وضعية الوجه للوجه. وهو إذا وقف يلف ذراعيه حوله أو خلفه أو يضع يده في جيبه، وهذه وضعية الرجل المسيطر. وعندما يجلس يمد قدماً، اي أنه مرتاح وغير محرج. وإذا كان وضع رأسه مائلاً فهذا يعني أنه مرتاح لمحدثه أي «يعطيه أذنه»، وإذا كان في وضع مائل مرتفع فهذا يعني أنه مسيطر، وإذا أنزل رأسه إلى أسفل فيعني أنه يتساءل بينه وبين نفسه، وإذا كان رأسه جامداً فيعني أنه غير مهتم. وما دام يحك رأسه فهو يجلب أفكاره ويستخدمها في حديثه. وتخلو مصافحته من الحرارة، وليس فيها المصافحة المعروفة بمصافحة السياسيين أي باليدين. وهذه ممارسات الرجل الغامض، أو الذي يقصد أن يكون كذلك.

وهكذا، إذا استطعنا أن نقرأ حركات الجسد ونقارنها بالكلمات ونبرات الصوت، فلا يعود يخفى علينا الكثير من الممارسات والمواقف، أكانت لسياسيين أو لغيرهم.

===========================

تغيّر تحالفات الشرق الأوسط

الاربعاء, 17 مارس 2010

روبرت مالي وبيتر هارلينغ *

الحياة

يواجه الرئيس أوباما مصاعب كثيرة في التخفف من تركة أسلافه في الشرق الأوسط، أي حرب العراق وتعثر عملية السلام. وثمة جانب من الإرث هذا يتصل بالنظرة الى مشكلات المنطقة. والجانب هذا يعوق نجاح سياسات أوباما. فشأن الإدارات السابقة، تنظر الإدارة الأميركية الحالية الى الشرق الأوسط على أنه منقسم الى معسكري المعتدلين الموالين للولايات المتحدة و«المناضلين» المتطرفين، وايران على رأس المعسكر هذا. ولكن التقسيم يفترض أن ثمة حدوداً واضحة وفاصلة بين المعسكرين، وأن التقسيم راسخ وثابت، بينما التحالفات في المنطقة سائلة ومنقسمة ومتذررة. وقد تفوّت إدارة أوباما فرص الإسهام في اعادة تشكيل وجه الشرق الاوسط، إذا تمسكت بهذا النهج الجامد.

والتغيرات، في الاعوام الأخيرة، أسهمت في «تمييع» الخطوط الفاصلة بين المعسكرين. فقطر رعت إبرام اتفاق لبناني داخلي، في أيار (مايو) 2008، وباشرت تركيا وساطة بين اسرائيل وسورية. ولا تنتمي كلتا الدولتين الى المعسكرين المذكورين، وتربطهما علاقات بهما. واستؤنفت علاقات التعاون بين الرياض ودمشق، بعد أعوام من قطيعة مردها الى طعن المملكة السعودية وواشنطن في السياسات السورية. وأجمعت، أخيراً، الرياض ودمشق على ادانة التدخل الايراني في اليمن، ومعارضة رئيس الوزراء، نوري المالكي، على رغم أن واشنطن تؤيده (المالكي). ولم تنظر طهران بعين الرضا الى الموقف السوري من دورها في اليمن. واستأنفت الرياض العلاقات مع «حماس».

ويبدو أن سورية ضاقت بدوران الاهتمام على ايران وحدها. فبدأت تتقرب من قطر وفرنسا وتركيا. وتشترك دمشق وطهران في شن حرب بالوكالة في العراق من طريق استمالة عدد من الحلفاء ودعمهم، واستعداء آخرين. وفي لبنان، عينت دمشق سفيراً لها في بيروت. والانقسام بين اللبنانيين كان، الى وقت قريب، مرآة أمينة لانقسام الشرق الاوسط الى معسكري المعتدلين والمتطرفين. ولكن الانقسام بين المعسكرين السياسيين هذين لم يعد واضح المعالم.

ومواقف دول «محور الاعتدال»، وأبرزها مصر والمملكة السعودية والاردن، متباينة، ولا تجمع بينها أنظمة سياسية مشتركة أو موقف واحد من التشدد الديني والتعاون مع اسرائيل. وتواجه مصر تحديات كبيرة تضعف مكانتها، أبرزها تحول السودان الى دولة فاشلة، وتعاظم نفوذ المعارضة الاسلامية، والاستياء الشعبي من سياستها إزاء غزة، وفقدان عملية سلام صدقيتها، وغموض ملامح الخلافة الرئاسية. وأخفقت الولايات المتحدة في صوغ رؤية متماسكة لا تقوم قائمة لمعسكر الحلفاء من غيرها.

وليس التنافس اليوم في الشرق الاوسط بين محور يوالي إيران وآخر يؤيد اميركا، بل بين رؤيتين سياسيتين، ايرانية وتركية. فإيران ترفع لواء مقاومة اسرائيل والغرب والتعاون العسكري في منطقة يتوق ابناؤها الى استعادة كرامتهم. وعلى خلاف إيران، تنتهج تركيا نهجاً يولي المساعي الديبلوماسية الاولوية، ويبرز أهمية التعاون بين مختلف الاطراف والاندماج الاقتصادي. فإيران وتركيا هما قوتان اقليميتان بارزتان و «صاعدتان» في المنطقة تتوجهان الى شارع عربي غاضب من اسرائيل، وساخط على قادته.

ويعزز غياب بديل أميركي عن الوجهتين هاتين نفوذ الدولتين. فالمنطقة تترجح بين النهجين هذين، وتنظم نفسها، في ظل غياب نهج اميركي واضح.

ويبدو أن واشنطن تغفل أهمية التغيرات هذه، وقراراتها تستند الى نظرة فائتة الى العالم. فكيف يستقيم سعي الادارة الاميركية في هزيمة المتطرفين وتعزيز مكانة المعتدلين بالشرق الاوسط، في وقت تتقرب المملكة السعودية من دمشق، وتستأنف الحوار مع «حماس»؟ وما هو مقياس نجاح سياسة واشنطن في حمل سورية على «اعادة التموضع» استراتيجياً، في وقت بادر نظام دمشق الى خطوات متناقضة؟ فهو رفع وتيرة مد «حزب الله» بالسلاح، وطبّع العلاقات الديبلوماسية بلبنان، ويتباهى بحلفه طهران، ويدين التدخل الايراني في اليمن والعراق.

وإذا تمسكت واشنطن بالنظرة الفائتة الى الشرق الاوسط، ضعفت قدرتها على التأثير في سير الامور. فهي ارتضت أن تكون في موقع المتفرج من خطوات أقدمت عليها سورية وتركيا والمملكة السعودية.

ولن يكون في وسع واشنطن الحؤول دون وقوع مواجهات في المنطقة بين «حماس» واسرائيل في غزة، أو بين اسرائيل و «حزب الله» في لبنان، أو تجنب تعاظم النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين على القدس الشرقية. والرئيس أوباما مدعو الى أن يترك الاستكانة الى قناعات موروثة، وأن يتخفف من الرؤية الماضية الى أوضاع الشرق الاوسط. فالنجاح لن يكتب لسياسات تستند الى الرؤية هذه.

* تباعاً، مدير مشروع الشرق الاوسط في «انترناشينل كرايزس غروب»، ومدير المشروع في العراق وسورية ولبنان، عن «واشنطن بوست» الاميركية، 6/3/2010، اعداد منال نحاس

===========================

هيلاري حين تندم

الخميس, 18 مارس 2010

زهير قصيباتي

الحياة

ما تفعله إسرائيل لتسريع خطط تهويد القدس الشرقية وتهجير العرب منها، لا يحتاج الى البحث عن توصيف دقيق يراعي «اللغة الديبلوماسية». يصدق ذلك في العلاقة بين إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما، وحكومة بنيامين نتانياهو التي وجهت «إهانة» الى نائبه جو بايدن، ثم سارعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون الى إثبات «حسن النية»، فبدت كمن يعتذر ضمناً عن «الشِّدة» مع إسرائيل، نادمةً على مساءلتها في إحراج بايدن بإعلان مشروع استيطاني يواصل ابتلاع القدس...

«كنيس الخراب» على بعد عشرات الأمتار من المسجد الأقصى، يشعل فتيل صدام أبدي حتى الخراب. يدرك ذلك نتانياهو وجوقة المتطرفين من حوله، وهم جميعاً يصرون على أقصى الاستفزاز للفلسطينيين والعرب، مقتنعين بأن ردود الفعل لن تتجاوز فورات غضب.

ما حصل خلال الأيام العشرة الأخيرة، لا يكشف جديداً في الخطط والنيات الإسرائيلية، لكن مدلوله الأبرز هو نسف المساعي الأميركية لاستئناف التفاوض مع السلطة الفلسطينية، ولو في شكل غير مباشر... وإحباط قناة الاتصال التي كُلِّف بها الموفد الأميركي جورج ميتشل، في حين تزداد حاجة إدارة أوباما الى أي إنجاز في المنطقة، خلال سنة التجديد النصفي للكونغرس.

بعد كل ما حصل بين إعلان المشروع الاستيطاني وتدشين «كنيس الخراب»، يرد ديوان نتانياهو المشغول بنصب «خيمة السلام»، على إيماءة كلينتون لامتصاص التأزم الأميركي – الإسرائيلي: «أظهرنا التزامنا عملية السلام قولاً وعملاً»!

ولا حاجة بالتأكيد الى اللغة الديبلوماسية في وصف ما أعلنه الديوان، بوقاحة نصّاب يدعي النزاهة والطهارة. في الوقت ذاته كان مساعد الوزيرة كلينتون لشؤون الشرق الأدنى جيفري فيلتمان يعلن من ليبيا انه تشاور مع مسؤوليها في جدول أعمال القمة العربية المرتقبة في سرت، خصوصاً «عملية السلام»، ويتمنى «ان يتخذ القادة العرب في القمة، بالقول والفعل، ما يؤدي الى تقدم هذه العملية».

«تكفّر» هيلاري عن ذنب توبيخها نتانياهو، بالعودة الى «الضمان المطلق لأمن إسرائيل»، فيما مهمة جيفري في ليبيا توجه رسالة الى العرب عشية القمة، بأن المطلوب منهم خطوات لتشجيع ما يسمى عملية السلام. إذاً، تتحول الضغوط الأميركية إليهم، وتشدد عصابة المتطرفين في إسرائيل ضغوط سيف الاستيطان لسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وخنق السلطة التي يُفترض ان تفاوضها على حل الدولتين... على الحل الذي لا تتوقف حكومة نتانياهو عن قتله، بجعله مستحيلاً. فبافتراض استغرقت المفاوضات غير المباشرة أربعة أشهر ستكون لكل شهر خطته في بناء المزيد من المستوطنات، الى ان تتعثر المحادثات وتفشل، ولو نجح ميتشل في إطلاقها. بعدها يتواصل قضم الأراضي، الى المرحلة التي لا يجد الفلسطيني ما يفاوض عليه.

لقد أضفت وقائع الأيام الأخيرة خيبات كبيرة باحتمالات تحرك الإدارة «الديموقراطية» في واشنطن على الأقل لوقف تمدد سرطان الاستيطان الذي ستكون السلطة الفلسطينية بين ضحاياه، وسيشرّع مجدداً تقوية تيارات التطرف في المنطقة، بصرف النظر عن مقدار الحكمة في التحذير من حرب دينية.

وأبرز الوقائع التي لا يمكن دحضها، أن حكومة عتاة التطرف اليهودي تحدت كل الفصائل المقاومة، لا السلطة وحدها، أن تقوى على معاقبة إسرائيل، فيما هي تمعن في إذلال الجميع، وحشر الإدارة الأميركية في الزاوية. هل ما زال هناك مَن يتذكر خطاب أوباما الى العالم الإسلامي ووعوده؟

يؤجل ميتشل زيارته المنطقة، تستنجد واشنطن باللجنة الرباعية لعلها تعفيها من إحراج آخر مع الحكومة الإسرائيلية، فتغطي موقفها من الاستيطان ببيان للجنة. والسؤال الذي لا حاجة الى طرحه هو مدى تأثر إسرائيل ببيان لوقف استفزازاتها، واستكمال خطط تصفية قضية فلسطين.

الجنرال ديفيد بترايوس قائد القيادة المركزية الأميركية الوسطى، لا يكتشف جديداً حين يضع اصبعه على مشاعر عداء للولايات المتحدة تزداد بسبب «فكرة محاباة إسرائيل». أما الاكتشاف «الباهر» فهو للرمز الثاني للجمهوريين في مجلس النواب الأميركي إريك كانتور الذي استغل ورقة الأمن في العزف على مخاوف الأميركيين، محذراً من أن أمن بلادهم بات مهدداً لأنها «لا تدعم إسرائيل بمقدار كافٍ»!

... وإلى أن تدعمها «بما يكفي»، ماذا سيبقى من فلسطين؟

مرة أخرى، أليس انقسام الفلسطينيين أمضى أسلحة حكومة تهويد القدس؟

===========================

هل نكون عرباً؟!

الافتتاحية

الخميس 18-3-2010م

بقلم رئيس التحرير أسعد عبود

الثورة

سياسة العالم اليوم مختزلة إلى حد كبير في الولايات المتحدة.. ليس ثمة مشروع دولي أو عالمي لمواجهة هذه القطبية.. كلما انتخبوا زعيماً جديداً في دول العالم نراه يبادر فوراً إلى إعلان الطاعة للقطب الواحد..

شيء أنذر به يوماً الرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول في حوار دردشة مع وزير ثقافته وقال له: لم يبق في العالم عظماء.. أنا «ديغول» وماوتسي تونغ فقط.‏

فيما بعد عرفت دول من العالم زعماء حقيقيين، لكنها دول ليس سهلاً عليها أن تتقمص دوراً عالمياً كبيراً مؤثراً.. نيلسون منديلا مثلاً.. الإمام الخميني.. حافظ الأسد.. وآخرون.‏

الزعيم الفاعل القادر بقراره وإمكانات بلده وشعبه على الخروج من فرضية القطبية لم نره.. وهذا لا يعني بالضرورة التبعية.. هناك رؤساء وقادة مستقلو القرار تماماً.. إنما لأسباب «ربما موضوعية» يفضلون المسايرة.‏

الطبيعي أن البشرية توقعت قطباً آخر أو أكثر من أوروبا أو الصين أو روسيا.. لكن.. لم يحصل..‏

لذلك..مع الاحتمالات الغالبة لمأزق سياسي تعيشه الإدارة الأميركية الراهنة.. إدارة الرئيس أوباما، وهو الذي توقع كثيرون أن يكون إحدى شخصيات العالم الجديدة النادرة.. يعيش العالم حالة من التهدل السياسي الحقيقي.‏

دون أي مبالغة فإن الموقف من السياسة الإسرائيلية يقدم الصورة الحقيقية للعجز العالمي الناجم عن عجز الإدارة الأميركية تجاهها.. دون أن أنفي عن النيات الأميركية احتمال أن تكون ترغب بما يجري وتقف من خلفه.. وفي الحالتين تبدو إدارة ضعيفة وعاجزة.‏

عندما أصبحت أوروبا اتحاداً.. كان يفترض أنها المجال الأوسع لولادة قطب عالمي جديد.. لكن..‏

الغريب أنها ليست أوروبا التي تبحث بحرارة عن دور يناسب اتحادها فيما يشهده العالم.. وهو دور يمكنها أن ترسمه بحرية إن أرادت.. بل دول العالم الأخرى.. وفي مقدمتها منطقتنا في هذا الشرق المعذب، هي التي تتفقد وتفتقد الدور الأوروبي المأمول!!.‏

هذا سؤال مشرقي متكرر ومعلن:‏

-أين دور أوروبا؟!‏

هل يعقل أن ينتظر الاتحاد الأوروبي دائماً وأبداً ما الذي ستقوله الولايات المتحدة في أي شأن من الشؤون الدولية كي يتخذ موقفه.‏

بالنسبة لقضيتنا.. لا نستطيع أن نقول لأوروبا أكثر من ذلك.. لأن جوابها جاهز على شفتيها يقول:‏

عندما تكونون أنتم أصحاب القضية وراء قضيتكم بجدية وقوة سنكون معكم..!! أما أن نكون عرباً أكثر منكم فهذا لن يكون..!!‏

أذكركم هنا بما ورد على لسان المندوب الفرنسي في المجلس العالمي لحقوق الإنسان في مؤامرة تأجيل التصويت على تقرير غولدستون.. حيث قال:‏

- لا نستطيع أن نكون فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين.‏

اليوم على أبواب القمة العربية أواخر هذا الشهر.. الكل ينظر إلينا.. وينتظر منا.. الولايات المتحدة.. الاتحاد الأوروبي.. روسيا.. الصين... كل العالم..‏

وكله لن يكون عربياً أكثر من العرب.‏

فهل نكون عرباً.‏

===========================

إنها الحرب التي لن تقع..

المستقبل - الخميس 18 آذار 2010

العدد 3598 - رأي و فكر - صفحة 20

خيرالله خيرالله

إنها الحرب التي لن تقع. من يراهن على مواجهة أميركية - إسرائيلية إنما يراهن على سراب، أقله في المدى المنظور. لن ترد الإدارة الأميركية على التحدي الإسرائيلي بأفعال محددة. ستكتفي بكلام قاسٍ من النوع الذي صدر عن وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون... في انتظار اليوم الذي ستكون فيه إسرائيل في حاجة اليها لسبب إيراني أو غير إيراني. لم يقدم الإسرائيليون على ما أقدموا عليه لجهة التعاطي بوقاحة ليس بعدها وقاحة مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن خلال زيارته الأخيرة. سبق ذلك اختبار للإدارة الأميركية الجديدة منذ اليوم الأول لدخول باراك أوباما البيت الأبيض قبل أربعة عشر شهراً تقريباً. وجد الإسرائيليون للأسف الشديد أن الإدارة على استعداد للتراجع في كل مواجهة بينها وبين حكومة بنيامين نتنياهو. لماذ لا تستمر إذن الهجمة الإسرائيلية على الإدارة بشكل دؤوب...

قبل انتخابه رئيساً ردّد أوباما أمام الذين التقاهم، بمن فيهم رئيس السلطة الوطنية السيد محمود عبّاس، أنه لن ينتظر الأشهر الأخيرة من ولايته الثانية، كما فعل بوش الابن، كي يباشر الاهتمام بالنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي. شدد في الوقت ذاته على أن استمرار النشاط الاستيطاني غير مقبول وأن المطلوب وقفه كي تتهيأ الأجواء لمفاوضات بين الجانبين تفضي الى تسوية. جس الإسرائيليون نبض أوباما خلال الزيارة التي قام بها نتنياهو لواشنطن. ولما وجدوا أنه على استعداد لتقديم التنازل الأول، عن طريق استخدام عبارات مائعة في الحديث عن الاستيطان وضرورة وقفه، كرت السبحة. كانت زيارة بايدن لإسرائيل وما تخللها من مفاجآت، تتسم بمقدار كبير من الاستخفاف بالإدارة، خير دليل على أن حكومة بنيامين نتنياهو مستعدة لتجاوز كل حدود في فرض سياسات معينة على واشنطن غير آبهة بأي ردود فعل من أي نوع كان. تقبل بايدن الإهانة ظاهراً وتناسى على وجه السرعة أن وزارة الداخلية الإسرائيلية الداخلية اختارت لحظة وصوله الى إسرائيل لتعلن عن مشروع استيطاني جديد في القدس الشرقية يشمل ألف وستمئة وحدة سكنية، علماً أن القدس الشرقية أرض محتلة في العام 1967 باعتراف الإدارة الأميركية الحالية نفسها والإدارات السابقة، بما في ذلك إدارة بوش الابن الطيبة الذكر!

لم يسبق في تاريخ العلاقات الأميركية- الإسرائيلية أن بلغت درجة التحدي والاستخفاف بالرئيس الأميركي نفسه الحد الذي بلغته في هذه الأيام. الأكيد أن أوباما ليس دوايت ايزنهاور أو جورج بوش الأب... أو حتى بيل كلينتون. لكن الرسالة الإسرائيلية تبدو واضحة وفحواها أنها كشفت ضعف الرئيس الأميركي وغياب السياسات المتماسكة لدى إدارته. كشفت أنه عاجز عن خوض مواجهة معها وأنها قادرة على الذهاب الى أبعد الحدود في تحديه.

لم تكن تلك الرسالة الوحيدة التي صدرت عن إسرائيل. هناك رسائل أخرى لعلّ أهمها أن حكومة نتنياهو لا تريد مفاوضات، لا من النوع المباشر ولا من النوع غير المباشر، مع الجانب الفلسطيني. كل ما تريده فرض أمر واقع يتلخص بأن على الفلسطينيين أن ينسوا القدس وأن يقيموا دولتهم المستقلة، إذا شاؤوا ذلك، ضمن الحدود التي تسمح بها إسرائيل وهي حدود المستوطنات. ولعل السبب الحقيقي لصدور ذلك التحدي للإدارة الأميركية، خلال وجود بايدن في إسرائيل، تسليم الخارجية الأميركية عبر القنصل في القدس، السلطة الوطنية الفلسطينية موقفاً واضحاً يؤكد أن القدس الشرقية أرض محتلة، كذلك الضفة الغربية، وأن مرجعية المفاوضات خطوط العام 1967.

ما الذي في استطاعة الفلسطينيين عمله في هذه الحال؟ قبل كل شيء، يتبين أن الموقف العربي الذي أمّن غطاء للمفاوضات غير المباشرة كان موقفاً وطنياً بامتياز. تبين أن العرب والفلسطينيين ليسوا عقبة في طريق السلام. الأهم من ذلك كله أن الموقف العربي كشف لكل من يعنيه الأمر أن لا مجال لأي رهان، أقله في الوقت الراهن، على مواجهة أميركية- إسرائيلية من جهة، وأن لا رغبة إسرائيلية في السلام، ما دام بيبي نتنياهو في السلطة، من جهة أخرى. كل ما في الأمر أن على الفلسطينيين ترتيب البيت الداخلي ومتابعة العمل على بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية. وهذا ما تفعله السلطة الوطنية حالياً ممثلة بمؤسساتها الرئاسية وبحكومة الدكتور سلام فيّاض التي كسبت ثقة المجتمع الدولي ودعمه. عاجلاً أم آجلاً، سيتبين لأي إسرائيلي يمتلك حداً أدنى من المنطق أن خيار الدولتين الذي يشمل قيام دولة فلسطينية "قابلة للحياة" عاصمتها القدس الشرقية هو الحل الوحيد بالنسبة الى كل من يريد العيش بسلام في المنطقة. اللهم إلا إذا كان الإسرائيلي يتصور قيام دولة واحدة تضم كل أراضي الضفة الغربية تكون فيها أكثرية عربية بحلول السنة 2020 أو حتى قبل ذلك!

المهم أن يمارس الفلسطينيون ضبط النفس وأن لا ينجروا الى أي نوع من المزايدات بما في ذلك الكلام عن انتفاضة مسلحة جديدة لن تعود عليهم سوى بالويلات، تماماً كما حصل بين العامين 2001 و2006 في الضفة الغربية وفي أواخر السنة 2008 وأوائل السنة 2009 في قطاع غزة. العجز الأميركي ليس نهاية العالم. ستجد إسرائيل قريباً أنه، في حال كانت مهتمة بالفعل في مواجهة ما تسميه "الخطر الإيراني"، فلا غنى لها عن الإدارة الأميركية. صحيح أن الإدارة الحالية التي تعاني من مشاكل ضخمة في الداخل والخارج، ليست في وارد الذهاب الى أبعد من توجيه كلمات لوم الى حكومة نتنياهو، لكن الصحيح أيضاً أنها لن تسمح لها بجرها الى حرب مع إيران. لا تزال لدى الإدارة الأميركية ورقة قوية تتمثل في أن إسرائيل ليست قادرة على خوض معركة، أي معركة سياسية أو عسكرية، مع إيران من دون دعم أميركي. صار ثمن الدعم الأميركي معروفاً. مطلوب من إسرائيل أن تعيد النظر في موقفها من الاستيطان. هل لا تزال هناك بقايا منطق في إسرائيل... أم لم يعد فيها مكان سوى للتطرف والمتطرفين؟

===========================

دعونا نقاتل من أجل خطة كبرى

توماس فريدمان

الشرق الاوسط

18-3-2010

فيما وراء الخلاف الأخير بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن المستوطنات تكمن مشكلة حقيقة أعمق: هناك خمسة عناصر محورية في المعادلة الإسرائيلية - الفلسطينية اليوم، يملك اثنان منها - سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني وتحالف جماعتي حماس وحزب الله - استراتيجيات واضحة. ويتخذ هذان العنصران موقفين متعارضين، لكن واحدا منهما سيشكل العلاقات الإسرائيلية - الفلسطينية على مداد السنوات القادمة: في الواقع، يوما بعد آخر يقترب موعد اندلاع المواجهة بينهما. من جانبي، آمل أن يكون النصر حليف فياض. والمؤكد أن هذا الأمر سيعود بالنفع على إسرائيل وأميركا والدول العربية المعتدلة. إلا أن هذه الفرق الثلاثة بحاجة إلى صياغة استراتيجيات خاصة بها للمساعدة في تحقيق هذا الفوز.

بوجه عام، يمكن القول بأن فياض يعد أكثر القوى الجديدة إثارة للاهتمام على الساحة السياسية العربية. سبق لفياض العمل خبيرا اقتصاديا لدى البنك الدولي، ويسعى حاليا إلى تنفيذ استراتيجية تقع على النقيض تماما من استراتيجية ياسر عرفات، ففي الوقت الذي أقر الأخير استراتيجية تمزج بين العنف والسياسة، وتمثلت خطته في الفوز أولا بالاعتراف الدولي بدولة فلسطينية، ثم بناء مؤسساتها، يدعو فياض إلى عكس ذلك، حيث يؤيد النضال غير العنيف لبناء مؤسسات شفافة لا يشوبها الفساد ووحدات شرطة وقوات شبه عسكرية فاعلة، التي دفعت حتى الجيش الإسرائيلي للاعتراف بأنها تبلي بلاء حسنا. بعد ذلك، وبمجرد الانتهاء من بناء المؤسسات وضمان عملها بفاعلية، يرمي فياض إلى إعلان قيام دولة فلسطينية في الضفة الغربية بحلول عام 2011.

الواضح أن استراتيجية فياض - ورئيسه، الرئيس محمود عباس - تكتسب زخما وتدخل في «صراع مباشر مع شبكة المقاومة المؤلفة من إيران وحزب الله وحماس»، حسبما شرح غيدي غرينستاين، رئيس معهد «روت»، أحد أبرز المراكز البحثية الإسرائيلية المعنية بالسياسات.

وأوضح غرينستاين أن إيران تتبع استراتيجية بسيطة، تقوم على تدمير إسرائيل عبر مزيج من الحروب غير المتكافئة، مثل حرب حزب الله من جنوب لبنان وحماس من داخل قطاع غزة، ونزع الشرعية عن إسرائيل باتهامها باقتراف جرائم حرب عندما تدخل في قتال ضد حماس وحزب الله، اللذين يتعمدان خوض القتال مع المرابطة بين صفوف المدنيين، علاوة على «إضفاء طابع ديني» على الصراع بتحويله إلى صراع بين المسلمين واليهود، والتركيز على رموز مثل القدس، وأخيرا دفع إسرائيل إلى «الامتداد عبر رقعة إمبريالية مفرطة الاتساع»، بمعنى دفعها لإبقائها على احتلال الضفة الغربية بسكانها الفلسطينيين البالغ عددهم 2.5 مليون، انطلاقا من قناعة إيران وحلفائها بأن هذا الاحتلال سيسفر عن «انفجار داخلي» في إسرائيل.

وعليه، يتضح أن «النهج الفياضي»، الرامي إلى استبدال دولة فلسطينية مستقلة بالاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية، يشكل التهديد الأكبر للاستراتيجية الإيرانية. لذلك، فإن الإجراء الأمثل الآن أمام العناصر المحورية الثلاثة الأخرى صياغة استراتيجية واضحة لمساندة هذا النهج.

منذ احتلال إسرائيل الضفة الغربية عام 1967، واجهت إسرائيل معضلة: هل ترغب حقا في إقامة دولة يهودية ودولة ديمقراطية ودولة على جميع أراضي إسرائيل (بمعنى إسرائيل الحالية بجانب الضفة الغربية)؟ في ظل ظروف عالمنا الراهن، ليس بمقدور إسرائيل سوى تحقيق اثنين من هذه الأهداف الثلاثة، فإسرائيل بإمكانها بناء دولة يهودية وديمقراطية، لكن ذلك لن يتحقق حال تمسكها بالسيطرة على الضفة الغربية، لأن الفلسطينيين هناك، إضافة إلى عرب إسرائيل سيفوقون اليهود عددا. وباستطاعتها كذلك بناء دولة يهودية والاحتفاظ بالضفة الغربية، لكن لا يمكن أن تتميز هذه الدولة بالديمقراطية، لأن العرب سيشكلون أغلبية فيها. ويمكنها بناء دولة ديمقراطية مع الاحتفاظ بالضفة الغربية، لكنها لن تكون دولة يهودية.

إنني على ثقة من أن رئيس الوزراء بيبي نتنياهو يتفهم هذا الأمر، ولذلك قبل مبدأ التوصل إلى حل يقوم على دولتين. إلا أن حكومته تشكل مزيجا بالغ الصعوبة من حزب العمل المعتدل وعدد من الآيديولوجيين المتشددين دينيا ووطنيا ممن يؤمنون بأن إسرائيل ليست مضطرة لاختيار اثنين من الخيارات الثلاثة سالفة الذكر، وإنما في إمكانها نيل الثلاثة فقط إذا تمسكت بنهج صارم.

وعليه، ليس باستطاعة حكومة بيبي تجاهل الولايات المتحدة وفياض، لكنها عاجزة في الوقت ذاته عن التحرك بحسم أكبر لمساعدتهما. من جانبه، قارن الصحافي ناحوم بارنيا، الذي يكتب عمودا في صحيفة «يديعوت أحرونوت» اليومية الإسرائيلية، بين نتنياهو و«أحد السائقين الأكبر سنا الذين يعمدون إلى السير في منطقة وسطى بين حارتين على الطريق خشية ارتكاب خطأ، مما يثير غضب السائقين من خلفهم ويتسبب في وقوع حوادث. عندما يعطي مثل هذا السائق إشارة التحول يسارا، يتحول فعليا إلى اليمين. وعندما يعطي إشارة التحول إلى اليمين، يبقى مستمرا في خط مستقيم».

من ناحية أخرى، من الواضح أن غالبية الدولة العربية الموالية للولايات المتحدة تفتقر إلى رؤية واضحة وإلى الشجاعة، وعليه تصبح مهمة الترويج ل«النهج الفياضي» في يد فريق العمل المعاون لأوباما، ويعد هذا النهج فكرة عظيمة، لكنها تقابل تحديا هيكليا هائلا. عام 2006 - 2007، تفكك النظام السياسي الفلسطيني بين غزة الخاضعة لسيطرة حماس والضفة الغربية الخاضعة لفتح، بقيادة عباس وفياض.

لذا، ربما يفتقر البرلمان الفلسطيني اليوم إلى الوحدة أو الشرعية التي تمكنه من إقرار أي اتفاق مع إسرائيل. لذلك، يجب أن تتوصل واشنطن إلى سبيل لبناء دولة فلسطينية في الضفة الغربية بجانب إسرائيل في هذا الإطار. وسيتعين إنجاز هذا الأمر على مراحل، بحيث تتمثل الأولى منها في إقامة دولة فلسطينية ب«حدود مؤقتة» - بحيث تغطي جميع أرجاء الضفة الغربية فيما عدا الكتل الاستيطانية الإسرائيلية الراهنة - مع إرجاء تسوية قضايا اللاجئين والقدس والحدود النهائية إلى المرحلة الثانية.

في الحقيقة، كان الرئيس أوباما صائبا تماما في انتقاده إسرائيل بشأن توسعها الاستيطاني، الذي يقوض الفرص الكامنة في اللحظة الراهنة. لكنه أيضا بحاجة إلى استراتيجية واضحة لاستغلال هذه الفرص، الأمر الغائب عن فريقه المعني بالسياسة الخارجية حتى الآن. إذا كنا سنتقاتل مع إسرائيل - أو بالأحرى العمل معها - دعونا نقوم بذلك حول استراتيجية أميركية كبرى نرى أن بمقدورها تشكيل شرق أوسط أكثر استقرارا.

==================

مسيرة سلام ؟

بقلم: د. فوزي الأسمر

فوزي الأسمر

الأربعاء, 17 مارس 2010

صوت العرب

أغضبني سؤال وجه إليّ أثناء مشاركتي في برنامج تلفزيوني عربي . فقد طُلب مني أن أرد على السؤال التالي : هل الأزمة الحالية بين الولايات المتحدة وإسرائيل ستؤثر على مسيرة السلام الفلسطينية ــــ الإسرائيلية ؟

و كان ردي أن ليس هناك شيء يسمى " مسيرة سلام ", وأن هذا الاصطلاح الذي تبلور بعد اتفاقيات أوسلو, ليس إلا واجهة لتحقيق أهداف صهيونية تحت ستار العمل من أجل السلام, ويتمتع بغطاء دولي وتحرك عربي مسير.

ولا نستطيع أن نشير إلى أي تقدم سلمي منذ التوقيع على اتفاقيات أوسلو. العكس هو الصحيح . فمنذ تلك الإتفاقيات زادت إسرائيل توسعها الإستعماري على الأراضي الفلسطينية المحتلة عن طريق بناء مزيد من المستعمرات اليهودية الجديدة و توسيع المستعمرات القائمة .

واستولت قوات الاحتلال على أراض فلسطينية لتشق عليها طرقا توصل المستعمرات بعضها ببعض, ومنعت السكان الأصليين من استعمال هذه الطرق . كما زادت الحواجز العسكرية التي خنقت تحركات أصحاب الأرض . ثم كان هناك بناء الحائط العنصري الذي قسم المدن والقرى العربية وساعد على سرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية.كما زادت نسبة طرد العائلات العربية من بيوتها وتسليمها لعائلات يهودية.

وخلال هذه الفترة أيضا ضرب حصار على قطاع غزة وقطعت عن أهله المواد الغذائية والطبية, والكهرباء وبدأت إسرائيل القيام بعمليات اغتيال واسعة, ليس في قطاع غزة فقط, بل في الضفة الغربية أيضا.

وفي نفس الوقت فتحت بعض الدول العربية أبوابها أمام التطبيع مع إسرائيل عن طريق فتح مكاتب اتصالات ومكاتب أعمال , والسماح للإسرائيليين اليهود الدخول إليها والتجوال في أسواقها وأحيائها تحت حراسة من تلك الدول خوفا من أن يؤدي غضب شعوبها إلى الاعتداء على الإسرائيليين. هذا العمل من جانب هذه الدول شجع إسرائيل على التمادي في تصرفاتها معتبرة أن ما تقوم به عمل مقبول لدى الدول والأنظمة العربية.

وخلال هذه الفترة الزمنية أيضا قامت إسرائيل بشن حربين , حرب لبنان الثانية , وحرب مجرمة ضدّ غزة استعملت فيها الأسلحة المحرمة دوليا على غرار قنابل البوسفور الأبيض ضدّ المدنين. وقامت بتدمير البنية التحتية للقطاع , وتدمير مئات المنازل والمدارس والمستشفيات ودور العبادة, ومولدات الكهرباء, بالإضافة إلى حرق البيارات والمزارع .

كل هذا حدث والجميع, خصوصا الدول العربية, والسلطة الفلسطينية, يتحدثون عن مسيرة سلام. ويخافون من توقف هذه المسيرة .بل ذهبت السلطة الفلسطينية بتقديم المزيد من التنازلات خوفا من انهيار " المسيرة السلمية " .

واقتنع القادة العرب أن هناك " مسيرة سلمية " والتي يجب أن يحافظوا عليها, وتقديم كل الدعم لها عن طريق إظهار نوايا طيبة تقنع إسرائيل بأن العرب يتطلعون إلى سلام معها , رغم رفض تل ــ أبيب لكل المبادرات التي قدمت لإسرائيل ,بما في ذلك المبادرة العربية .

فتحت ضغط أمريكي وافقت الدول العربية, وسلطة رام الله الفلسطينية, قبول مشروع أمريكي يدعو إلى الدخول في مفاوضات غير مباشرة. وأنقذ الموقف بنيامين نتنياهو بتوجيه صفعة للإدارة الأمريكية ممثلة بنائب الرئيس الأمريكي, جو بايدن, حيث أعلنت إسرائيل أثر وصوله إلى تل ـــ أبيب أنها قررت بناء 1,600 وحدة سكنية في المستعمرات اليهودية في القدس العربية .

وبعد كل هذه المواقف الإسرائيلية لا يزال هناك بين العرب والفلسطينيين من يعتقد أن هناك " مسيرة سلام " ويتساءل عما إذا كانت هذه المسيرة ستتأثر بسبب التوتر الكلامي الدائر اليوم بين تل ــ أبيب وواشنطن.

فإذا كان هناك بين العرب من يزال يعتقد أن إسرائيل تريد الوصول إلى سلام وحل مقبول للقضية الفلسطينية فإن عليه أن يذهب لطبيب نفساني. وإذا كان هناك من يزال مؤمن بحل سلمي فعليه أن يفحص قواه العقلية.

فمنذ أسلو قدم العرب كل التنازلات الممكنة لإسرائيل وكان ردها مزيدا من الغطرسة والرفض والعبث بحياة الإنسان العربي.

لقد أصبح واضحا الآن, وبعد حربي 2006 في جنوب لبنان وحرب 2009 في غزة , أن الواقع على الأرض هو الذي يستطيع أن يغير الواقع في دهاليز السياسة الإسرائيلية , بعد أن يغير الأفكار الاستهتارية التي تحملها عن العرب, وبعد أن تبين أن ما يعرف بـ " الحسم العسكري الإسرائيلي السريع " قد إنتهى , وأن العمق الإسرائيلي مفتوحا أمام الصواريخ العربية , وأن ضرب العمق العربي والبنية التحتية العربية سيواجه بالمثل .

فلقد استطاعت إسرائيل تحويل مفهوم " مسيرة السلام " إلى" مسيرة حرب "

ومسيرة التقارب إلى مسيرة التباعد, ومسيرة بناء الثقة إلى مسيرة هدم الثقة, ولم يبق أمام القادة العرب سوى العمل على إقناع أنفسهم بذلك, ومن ثم محاولة إقناع العالم بوجهة نظرهم.

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ