ـ

ـ

ـ

مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

وقولوا للناس حسنا

اتصل بنا

اطبع الصفحة

أضف موقعنا لمفضلتك ابحث في الموقع الرئيسة المدير المسؤول : زهير سالم

السبت 10/04/2010


أرسل بريدك الإلكتروني ليصل إليك جديدنا

 

واحة اللقاء

 

التعريف

أرشيف الموقع حتى 31 - 05 - 2004

ابحث في الموقع

أرسل مشاركة


اردوغان والحملة الإسرائيلية ضده

رأي القدس

4/8/2010

القدس العربي

لم يجانب السيد رجب طيب اردوغان، رئيس وزراء تركيا، الصواب عندما أعلن في مستهل زيارة رسمية له الى باريس، ان اسرائيل تشكل حاليا الخطر الرئيسي على السلام في الشرق الأوسط، فهذه الدولة التي تم فرضها على المنطقة وعلى حساب اقتلاع شعب بأكمله من جذوره، باتت أحد المصادر الأبرز في حالة الحروب وعدم الاستقرار التي تسود العالم بأسره.

السيد اردوغان يتمتع بشجاعة يندر مثيلها في العالم الاسلامي حاليا، وهي شجاعة مسؤولة، تعكس ضميرا حيا، وموقفا انسانيا متجذرا، الأمر الذي جعله موضع احترام وتقدير حوالي مليار ونصف المليار مسلم.

فرئيس الوزراء التركي، هو الوحيد الذي يتحدث عن المجازر الاسرائيلية في قطاع غزة، واستخدام الجيش الاسرائيلي الفوسفور الابيض لحرق جثث الأطفال والمدنيين، وهو الوحيد الذي يدين صمت العالم على هذه المجازر، فقط لأن من أقدموا على ارتكابها هم من الاسرائيليين.

أحاديث اردوغان ومواقفه هذه التي عبر عنها في عشاء خاص، جمعه مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، المعروف بانحيازه الكامل الى اسرائيل، جاءت في وقت تشهد فيه العلاقات الامريكية الاسرائيلية بعض التأزم بسبب اصرار حكومة بنيامين نتنياهو على المضي قدما في بناء الوحدات الاستيطانية في مستوطنات القدس المحتلة، الامر الذي يعطيها أهمية خاصة.

ولم يكن مستغربا ان تثير مثل هذه المواقف المبدئية حملة اسرائيلية شرسة ضد السيد اردوغان، بدأها افيغدور ليبرمان، وزير الخارجية الاسرائيلي الذي شبهه بالزعيمين الليبي معمر القذافي والفنزويلي هوغو تشافيز، وأنهاها نتنياهو بالتعبير عن أسفه لما سمّاه بالهجمات التركية المتكررة على اسرائيل.

ان تشبيه اردوغان بالزعيمين الليبي والفنزويلي لا يسيء اليه، بل يكشف مرة أخرى عن خروج الوزير ليبرمان عن كل الاعراف الدبلوماسية والاخلاقية بالتطاول على زعماء عرب ومسلمين، الى جانب الرئيس تشافيز الذي انحاز الى الفقراء، وقرر مواجهة الهيمنة الأمريكية على دول أمريكا اللاتينية.

من المؤسف ان تصريحات اردوغان هذه حول جرائم الحرب الاسرائيلية في فلسطين المحتلة وخارجها لا نسمع مثلها مطلقا على ألسنة الزعماء العرب، بل ما نراه ونسمعه هو محاولات حثيثة للتطبيع مع اسرائيل واجراء اتصالات مع المسؤولين الكبار فيها.

ولا نعتقد ان الزعماء العرب، خاصة اولئك الذين تشدد حكوماتهم الحصار على قطاع غزة، يشعرون بالخجل وهم يسمعون مثل هذه المواقف من رئيس الوزراء التركي، فمعظم هؤلاء فقدوا الاحساس الوطني، واصبح كل همهم هو عدم اغضاب اسرائيل وقياداتها.

كان باستطاعة السيد اردوغان الذي كانت بلاده تقيم علاقات قوية مع اسرائيل، ان يتصرف مثل هؤلاء الزعماء، وان لا يصبح عربيا اكثر من العرب انفسهم، ولكنه يتصرف باخلاقه، وينطلق بمواقفه من قيم الاسلام العريقة، وتراث الشعب التركي الحافل بالتجارب المشرقة في الدفاع عن الامة الاسلامية وعقيدتها.

السيد اردوغان يبدو شجاعا، منتصرا للضعفاء، وقضايا العدل والانسانية لانه زعيم منتخب وصل الى سدة الحكم عبر صناديق الاقتراع، وعلى ارضية اقتصادية وديمقراطية قوية، بينما معظم الزعماء العرب وصلوا الى الحكم واستمروا فيه على ارضية الفساد والقمع ونهب المال العام.

===================

امريكا وروسيا واولويات السياسة الخارجية الامريكية

د. بشير موسى نافع

4/8/2010

القدس العربي

انتهت في كانون الاول (ديسمبر) الماضي صلاحية معاهدة ستارت - 1، المتعلقة بمراقبة وتقليص حجم أسلحة الصواريخ الهجومية الاستراتيجية النووية، الروسية والامريكية، والتي تم التوصل إليها في مطلع التسعينات. وكانت الاتفاقية الأولى قد أبرمت في عهد الاتحاد السوفييتي، ولكن سريان مفعولها بدأ في كانون الاول (ديسمبر) عام 1994.

وفق تلك المعاهدة، تعهدت موسكو وواشنطن بتقليص السلاح النووي الاحتياطي إلى 6 آلاف رأس نووي. وقد نصت الاتفاقية الثانية على تقليص إضافي للصواريخ النووية الاستراتيجية بين موسكو وواشنطن، واعتبرت مكملة للأولى. صدق الكونغرس على ستارت - 1 في تشرين الثاني (نوفمبر) 1996، أما روسيا فتأخر تصديقها على الاتفاقية حتى 2000، بسبب عدم كفاية التمويل اللازم وتوتر العلاقات الروسية - الامريكية إثر الحرب في البلقان وتدخل الناتو العسكري في المنطقة. في حزيران (يونيو) 2002، قررت إدارة بوش الابن الانسحاب من معاهدة الحد من منظومات الصواريخ المضادة للصواريخ، الموقعة عام 1972، بدون تفاوض مع روسيا، وهو ما أدى إلى عرقلة العمل بستارت 1.

اليوم، 8 نيسان (ابريل)، يلتقي الرئيسان الامريكي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف للتوقيع على الاتفاقية الثالثة، أو ستارت 2. وكان الوفدان المكلفان بالتفاوض من البلدين قد أسرعا وتيرة العمل للتوصل إلى الاتفاقية في وقت لا يتأخر كثيراً عن انتهاء العمل بسابقتها، التي اكتنف تطبيقها العقبات النابعة من سياسات إدارة بوش الانفرادية، واستهتارها البالغ بالمصالح الروسية. تقلص الاتفاقية الجديدة حجم الاحتياطي النووي لدى امريكا وروسيا إلى مستوى لم تعرفه العلاقات بينهما منذ بدأ سباق التسلح النووي كواحد من أبرز سمات الحرب الباردة. وسيثير التوقيع على الاتفاقية الكثير من التكهنات حول العلاقات الروسية - الامريكية، وما إن كانت مقدمة لتفاهمات أكبر وأوسع نطاقاً، سيما في الملفات العالقة ومحل الخلاف. ما تدل عليه المؤشرات حتى الآن أن اتفاقية ستارت هي شأن منفصل، فرضتها حاجة الدولتين للتعامل مع الاحتياطي النووي ومتطلبات خفض هذا الاحتياطي، بعد أن انتهت الحاجة لمثل هذا العدد الهائل من الأسلحة النووية. والأرجح أن هذه الاتفاقية لن تغير من طبيعة الخلافات الأخرى، التي تسم طبيعة العلاقات بين واشنطن وموسكو بسماتها، منذ بدأت مجموعة بوتين في إعادة التوكيد على دور ومصالح روسيا.

وربما يمكن اعتبار الزيارة التي قام بها بوتين إلى فينزويلا، في الأسبوع الماضي، وتوقيعه عدداً من الاتفاقيات الاستراتيجية، الاقتصادية والخاصة بالتسلح، مع حكومة شافيز، والاجتماع غير العادي الذي سيعقده الرئيس الامريكي على هامش الاحتفال بتوقيع ستارت 3، والذي سيضم قادة دول وسط أوروبا، دليلاً واضحاً على أن الاتفاقية لن تمثل بالضرورة منعطفاً جديداً في العلاقات الامريكية الروسية ككل، سيما في الساحة الأوروبية. المفترض أن يشهد اللقاء مع أوباما كل من رؤساء حكومات هنغاريا وبولندا، وقادة كل من رومانيا، والتشيك، وسلوفاكيا، وبلغاريا، وكرواتيا، ودول البلطيق الثلاث. كل هذه الدول كانت جزءاً من الكتلة الشيوعية، واختارت بعد الحرب الباردة أن تنحاز إلى الجانب الغربي، سواء كأعضاء في حلف الناتو، أو في حلف الناتو والاتحاد الأوروبي معاً. وثمة مؤشرات على أن قلقاً بات ينتاب هذه الدول، لأن الغرب، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، لم ترد بشكل كاف على حملة التأديب العسكرية الواسعة التي تعهدتها روسيا ضد جورجيا قبل عامين، وأن إدارة أوباما قامت بإعادة النظر في مشروع نشر رادارات وصواريخ مضادة للصواريخ في بولندا والتشيك.

بالرغم من نهاية الحرب الباردة، والتراجع الملموس في مقدرات روسيا وقدرتها على المناورة والانتشار على المسرح العالمي، كل دول الكتلة الشيوعية السابقة تعيش هاجس الهيمنة الروسية. وبتبني إدارة بوتين سياسة إعادة التوكيد على المصالح الروسية منذ 2005، تصاعد قلق هذه الدول وتكاثرت هواجسها. ويبدو لقاء أوباما بقادة هذه الدول محاولة لتجديد الالتزام الامريكي بأمنها واستقلالها، ورسالة للقادة الروس حول حدود المسموح وغير المسموح به في الساحة الأوروبية، في الوقت نفسه. منذ نهاية القرن الثامن عشر، وأوروبا هي ساحة الصراع الأساسية للقوة. وما تقوم به موسكو منذ سنوات قليلة هو السعي إلى استعادة مواقع روسيا الاستراتيجية الحيوية في القارة، التي خسرت أغلبها في سنوات التراجع التي أعقبت نهاية الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفياتي، أو ما يسمى 'الخارج القريب' في لغة الاستراتيجيا الروسية. وتنقسم هذه المواقع إلى ثلاث كتل: الأولى، شمال القوقاز، حيث تقع أذربيجان وأرمينيا وجورجيا؛ الثانية، أوكرانيا، حيث الممر السهلي الذي عبرته كل الغزوات الأوروبية لروسيا؛ والثالثة، دول البلطيق، حيث يتداخل القوس البري والبحري الغربي للاستراتيجية الروسية. في القوقاز، استردت روسيا كلاً من أرمينيا وأذربيجان، ولكن الوضع في جورجيا لم يزل يشكل صداعاً كبيراً لموسكو. وقد أعادت الانتخابات الأخيرة أوكرانيا إلى المظلة الروسية، ولم يعد لدى موسكو من خوف من توسع الناتو شرقاً إلى حدود روسيا المباشرة. وبالرغم من أن بيلاروسيا ظلت من البداية جزءاً من المظلة الروسية، فإن دول البلطيق الصغيرة الثلاث الأخرى، إضافة إلى بولندا، تقف موقفاً عدائياً من روسيا. ما يعنيه هذا، أن جورجيا ودول البلطيق ستكون هدف روسيا القادم. وهذا ما يشكل ملف الخلاف الروسي - الامريكي الرئيسي.

في آسيا، خطت روسيا خطوات واسعة نحو تأمين فضائها الاستراتيجي. ولعل الاتفاق الجمركي الأخير مع كازاخستان، أكبر دول الاتحاد السوفييتي السابق في آسيا، يؤشر إلى حد كبير إلى حجم الإنجاز الروسي في المنطقة. إيران، التي تمثل واحدة من أولويات السياسة الامريكية الخارجية في الشرق الأوسط، لارتباطها الوثيق بملفات أخرى، من فلسطين ولبنان والخليج إلى العلاقة الامريكية - الإسرائيلية، لا تحتل موقعاً بارزاً في الاستراتيجية الروسية. روسيا الحالية ليست الاتحاد السوفييتي، والقيادة الروسية تدرك أن ليس لديها لا الإمكانيات السياسية والاقتصادية ولا الأداة الإيديولوجية للانتشار العالمي. أهداف روسيا الحالية تتعلق بالمتطلبات الاستراتيجية الحيوية، بالخارج القريب، وليس بصناعة حلفاء وموالين بين دول العالم الثالث، اللهم إن لم تكن هناك من أعباء خاصة يستوجب على روسيا تحملها لقاء هذا التحالف. ولذا، فما تقوم به موسكو في الملف الإيراني أقرب إلى اللعبة السياسية مع واشنطن، بدون اكتراث كبير بما يمكن أن تكون العواقب بالنسبة للإيرانيين. عندما يشتد الضغط الأورو - أمريكي، تتراجع المعارضة الروسية لمشاريع العقوبات الغربية على إيران. وعندما تتاح أمام موسكو نافذة ما، أو تجد روسيا من الضروري الرد على تجاوز أمريكي ما على مصالحها في هذه الدائرة أو تلك، تعلن موافقتها على إكمال المفاعل النووي الإيراني في بوشهر، أو عن صفقة سلاح جديدة لإيران. في النهاية، ترى موسكو أن الأمور تسير لصالحها في إيران. إن قامت الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية للمواقع النووية الإيرانية، وقامت إيران بالرد، فإن تورط الامريكيين في إيران، مباشرة أو في شكل غير مباشر، سيزداد؛ وهذا ما سيلقي بأعباء جديدة على السياسة الخارجية الامريكية وموقع ودور امريكا العالمي. أما إن انتهت الأزمة الإيرانية سلماً، وارتضت واشنطن التعايش مع القدرات النووية الإيرانية، فستظل إيران مدينة لروسيا، ولخطواتها الإيجابية، مهما كانت محدودة، تجاهها طوال سنوات الأزمة.

الرغبة الروسية في أن تتعمق تورطات الولايات المتحدة في الأزمات المختلفة هي التي تجعل موسكو غير قلقة بالضرورة من توسع نطاق الوجود العسكري الامريكي في أفغانستان، التي بات ينظر إليها باعتبارها حرب إدارة أوباما. اختارت إدارة بوش غزو العراق كرافعة للتفوق الاستراتيجي الامريكي في العالم؛ ولكن احتلال العراق انتهى إلى كارثة كبرى على العراق نفسه وعلى الولايات المتحدة، عسكرياً وسياسياً ومالياً. ولذا، فما يراه الروس أن أفغانستان، مهما كانت نتيجة الحرب، ستكون حلقة أخرى في استنزاف الولايات المتحدة، واستهلاك جهدها السياسي والعسكري بعيداً عن الساحة الأوروبية، بالغة الحيوية لروسيا. أما إن تورط الامريكيون في إيران، فسيصبح الاستنزاف الامريكي مضاعفاً. وبالرغم من أن المنطقة العربية أكثر حسياسية وأهمية لتوازنات القوى الدولية، فإن السياسة الروسية بخصوص الصراع العربي الإسرائيلي والخليج لا تختلف كثيراً عن الموقف الروسي في إيران وأفغانستان. هنا أيضاً تدرك روسيا حدود المقدرات المتاحة، وبينما تحاول الحفاظ على الحضور باعتبارها واحدة من دول العالم الرئيسية، فلن تسعى إلى لعب دور شبيه بالدور السوفييتي؛ ولكنها في الآن نفسه ستنظر بسعادة إلى تراجع الدور والنفوذ الامريكيين، سواء لتعقد عملية السلام، أو لانهيار ثقة الشعوب والحكام بالإدارات الامريكية المتعاقبة.

روسيا وامريكا، باختصار، العلاقة بينهما متعددة الألوان والمستويات. ليست هذه بحرب باردة أخرى، ولن تتطور إلى حرب باردة؛ ليس فقط لأن التاريخ لا يعيد نفسه، ولكن أيضاً لأن روسيا ليست الاتحاد السوفييتي. ولعل عنصر القوة الأهم في السياسة الروسية الخارجية هو إدراك مجموعة بوتين لهذه الحقيقة. في الوقت نفسه، تبذل روسيا كل جهد ممكن للحفاظ على موقعها كعضو في نادي الكبار، لاستعادة مواقعها الاستراتيجية الحيوية في أوروبا، ودفع السياسة الدولية إلى النظام التعددي.

' كاتب وباحث عربي في التاريخ الحديث

===================

من الذي كبّر دور إيران؟

راكان المجالي

 الدستور

4/8/2010

كانت ايران اكثر دول المنطقة سعادة وترحيبا باحتلال امريكا لافغانستان في العام 2001 ، هذا الاحتلال الذي كفاها صراعا دمويا مع "طالبان" كاد يتحول الى حرب بعد تصاعد المواجهات السياسية والاحتكاكات الامنية. كما كانت ايران اكثر دول المنطقة اغتباطا باحتلال امريكا للعراق في العام ,2003 وليس سرا ان ايران قد قدمت خدمات لوجستية واشكالا مختلفة من الدعم للقوات الامريكية الغازية ، حيث تقاطعت مصالح النظام الايراني مع المصالح الامريكية لانهاء النظامين الجارين المقلقين لها.

 

وكان من الطبيعي ان تتطلع ايران الى مكافأة تتجسد في دور المنطقة ، لكن ذلك لم يكن واردا في حسابات امريكا ، ما عدا ما يمكن ان تحققه ايران من استقطاب للشيعة في مواجهة السنة التي تشكل في رأي امريكا الطابع العام للعالم الاسلامي والذي تختزل امريكا صورته بالتطرف الظلامي للقوى الاسلامية المتطرفة وفي المقدمة حركة طالبان وتنظيم القاعدة والجهاد الاسلامي.

 

ومن زاوية اخرى: فان التطورات والتداعيات في المنطقة خلقت توترات حادة في العلاقة الامريكية الايرانية اتسمت بالسلبية وشابها التوتر والتجاذبات السياسية ومظاهر الصراع المفتوحة على كل الاحتمالات بما في ذلك شن حرب على ايران.. الخ ، ومع ادراك بلدان المنطقة بان كارثة اي حرب جديدة ستكون لها اثارها المدمرة على الجميع كاقطار وطنية منفردة او كل مكونات هذه المنطقة محتملة.

 

لا احد غير اسرائيل يريد هذه الحرب ويحرّض عليها وهي بالتالي مصلحة للكيان الصهيوني ، لكن بلدان المنطقة وخاصة الوطن العربي وان كان لا يملك قوة تحول دون الحرب على ايران ، الا ان العرب بشكل خاص والى جانب تركيا ، يمكن ان يتحدوا وان يفعلوا ارادتهم ويتحدثوا مع امريكا بلغة المصالح واظهار ان خطر اي حرب لن يكون قاصرا على ايران.

 

ولا نقصد مما سلف التهويل من حدة الصراع الامريكي الايراني الذي قد يكون يخفي توافقات غير مباشرة حول بعض الملفات التي تتقاطع فيها مصالح الطرفين ، وعلى سبيل المثال فان ايران سعيدة جدا بالعدوانية العنصرية الصهيونية والانغلاق الاسرائيلي الذي يؤدي الى اقفال ابواب التسوية ولان ذلك تم ويتم برعاية امريكية وغربية: فان ايران تعتبر نفسها قد كسبت الرهان على عقم التسوية.

وذلك يفسح امامها المجال لرفع الشعارات التي تطرب لها الشعوب العربية والاسلامية وكذلك يراها كثيرون محقة في رهانها على افشال اسرائيل للتسوية وعجز امريكا كليا عن دفع التسوية للامام ، بل اكثر من ذلك عجز امريكا والغرب حتى عن الوقف المؤقت للاستيطان والسكوت عن تهديد القدس ، وكل ذلك يتم وتعتبره ايران يعزز سياساتها دون ان تبذل فيه جهدا وتعتبره هدية ، كما كان اسقاط العراق واحتلاله هدية وكذلك كل السياسات العدوانية التي كبرت دور ايران.

 

وصحيح ان شعوب المنطقة وصلت الى اليأس من تحقيق سلام في المنطقة وهم بذلك يلتقون مع ايران في هذه القناعة ، يضاف الى ذلك ان قلوب ابناء الامة الاسلامية والعربية تنطوي على امان بان تمتلك ايران وقبلها العراق فيما مضى اسلحة مدمرة وقوة متفوقة لردع غطرسة العدوان الصهيوني المتمادي ، ولذلك يصعب على الناس ان يقتنعوا بان يستنكروا اخطار امتلاك ايران سلاحا نوويا ما زال مجرد فكرة واحتمال وان يطغى ذلك على امتلاك اسرائيل قنابل نووية حقيقية وآلة حربية عسكرية لا تتوقف مجازرها ومحارقها.

 

جماع القول ، ان افشال اسرائيل وامريكا للتسوية يوفر مسوغات لايران للتدخل كما ان اسقاط خيار السلام يوجد تقبلا لطرح اي خيار اخر ، حتى لو كان دعائيا،.

===================

لبنان نموذجا للعراق

جيمس دينسلو - «الغارديان»

الدستور

4/8/2010

بعد الانتخابات العراقية بداية هذا الشهر ، أعلن وزير الخارجية ديفيد ميليباند أن "الشعب العراقي ، الذي يصوت بالملايين ، قال بوضوح أنه يريد حكومة فعالة ومسؤولة وشاملة".

 

حتى الآن ، اقتصرت التحليلات المبدئية للانتخابات على فكرتين متعارضتين مفرطتين في التبسيط ، الأولى الفشل (وهو رأي فواز غيرجيز) أو النجاح (وهو رأي رانج علاء الدين).

 

على أي حال ، هناك اتجاه آخر قد تتخذه السياسات العراقية - ولهذا يجب علينا أن ننظر إلى بيروت لفهم بغداد.

 

لبنان هي مثال مؤسساتي على تقاسم السلطة طائفيا ، حيث الحكومة الراهنة ، حكومة "الوحدة الوطنية" ، تضم وزارء من حزب الله المؤيد لسوريا ووزارء من 14 آذار المعادي لسوريا.

 

وضع جميع الأطراف تحت خيمة واحدة عملية تتطلب جهدا كبيرا. بعد الانتخابات الوطنية العراقية في شهر كانون الثاني عام 2005 استغرق تشكيل الحكومة 156 يوما ، والمدة ذاتها تقريبا بعد الانتخابات اللبنانية العام الماضي.

 

في لبنان ، قادت الانتخابات إلى دوامة سياسية اشترك فيها شتى اللاعبون الرئيسيون في جولات من لقاءات لا نهاية لها بين بعضهم البعض ، ومع الرعاة الخارجيين لكل طرف. بالنسبة للبنان ، تتعلق المسائل الرئيسية بتوازن السلطة في البلد وبشكل خاص توزيع الحقائب الوزارية داخل الحكومة نفسها.

 

في العراق ، بالرغم من رفض الدستور لنظام الكوتا الطائفية أو إضفاء الطابع المؤسسي على الوصول إلى السلطة على أساس الهوية ، فقد أوضح نديم شحادة من المعهد الملكي للشؤون الدولية أن "العراق يشبه النموذج اللبناني: تقاسم للسلطة بنكهة محلية".

 

الحديث عن لبنان باعتباره "نموذجا" لا يعني القول أنها فكرة إيجابية أو حتى مسألة خيار. واختبار هذا النموذج أيضا ليس مسألة علوم سياسية بحتة تبحث عن إطار عمل يناسب الجميع لفرضه على العراق. بدلا من ذلك ، فإن التاريخ وديناميكيات النظام السياسي اللبناني يجب أن يخدما كوسيلة اختبار لفهم الكيان السياسي الغض الذي ظهر في العراق.

 

كل من لبنان والعراق دولتان ضعيفتان خاضتا تجربة انهيار المؤسسات المركزية ولها تاريخ في النزاعات الداخلية والتدخلات البارزة للقوى الخارجية.

 

سوريا وإيران بشكل خاص ماهرتان جدا بالعمل داخل لبنان ، البلد التي يشار إليه بأنه "بيت بمنازل كثيرة" ، أو "جنة جرى تقسيمها". في العراق ، تستخدم سوريا قضية استضافتها لأكبر عدد من الجالية العراقية التي تعيش في المنفى (بما في ذلك عناصر النظام السابق والجماعات القبلية) للتأكيد على أن لها دورا مستمرا للتأثير على الأحداث. في الوقت ذاته ، كان لإيران دورا مباشرا في تشكيل العديد من الجماعات المبعدة سابقا التي تشكل الحكومة الآن.

 

هناك روابط معقدة كثيرا بين إيران والجماعات غير الحكومية في العراق. في الوقت الذي جرب فيه جيش المهدي نهج السلم والحرب للسيطرة على مدينة الصدر ، كما فعلت جماعة حزب الله في جنوب لبنان ، إرتأى المجلس الأعلى الإسلامي العراقي للمضي قدما وإيجاد منطقة شبه مستقلة تدمج جميع المقاطعات التسع الغنية بالنفط في الجنوب.

 

أكبر مليشيا عراقية غير حكومية هي البشمركة الكردية ، التي - بخلاف حزب الله - اندمجت مع قوات الأمن العراقية بشكل اعتباطي. ومع ذلك فإن تقريرا قدمته مؤسسة راند مؤخرا كان تذكيرا بأن البشمركة هي "جيش كفؤ بمقاييس إقليمية ، وممتلكاته من المعدات الثقيلة يمكن أن تزيد".

 

رغم ذلك ، فإن أهم مقارنة مع لبنان هي عدم قدرة السياسيين على القيام بما هو مناسب. فالاستثمار الضخم في المؤسسات الديمقراطية من العيار الثقيل في العراق ، التي ترتبط بنظام الدولة الضعيف الفيدرالي ، خلقت نخبة سياسية وليدة اللحظة يمكن اقتفاء روابطها الأصلية بالعودة إلى الروابط العرقية  الطائفية ، لكن مصالحها الحقيقية تكمن بشكل متزايد في مناوارات سياسيي البلاط للصيد في المياه العكرة.

 

في بلد يأتي فيه 90 بالمئة من دخل الحكومة من النفط ، أدى ذلك إلى أن يثبت "العراق الجديد" نفسه بسرعة على أسفل سلم قائمة الفساد التي تصدرها منظمة الشفافية الدولية. ظهور حركة غوران الكردية "التغيير" وانخفاض في معدل الاقتراع من 76 بالمئة في عام 2005 إلى 62 بالمئة هما مجرد علامتان من الاستياء المتزايد من أحزاب التيار الرئيسي.

 

جوست هيلترمان ، الخبير من مجموعة الأزمات الدولية في العراق ، كان قد أثبت كيف أنه بالرغم من المستويات الضخمة من التسييس حول قضية كركوك ، حيث تتحول كل عملية إنتخابية "إلى إحصاء رسمي للسكان أو شبه إستفتاء شعبي في آن واحد" ، لم يكن السياسيون العراقيون قادرين على إحراز تقدم بتأمين خدمات مهمة للمدينة. ويتابع هلترمان بتذكير الناس أنه في كركوك "هناك حاجات ملحة لإيجاد بنية تحتية حديثة ، بما في ذلك مدارس ، ومستشفيات ، وطرق ، ومصانع للطاقة ونظام اقتصادي مبني على الإصلاح".

 

تبعا لذلك ، السؤال الرئيسي هو إلى أي حد هذه البنية السياسية مناسبة للتعامل مع القضايا الكبيرة التي يواجهها العراق اليوم. التنوع الكبير في الصفقات في بناء التحالف المقبل قد يترك القليل من الإمكانية الفعلية للتماسك في الحكومة المستقبلية ، وهذا يعني أن التعامل بشكل فعال مع قضايا مثل قانون النفط ، والمصالحة الوطنية والقوى الفيدرالية قد يكون مستحيلا فعلا.

===================

الحرب المقبلة على لبنان أم على غزة؟

سركيس نعوم

النهار

4/8/2010

الجهات اللبنانية المتابعة بدقة لتطور المواقف الاسرائيلية والعربية (على تناقضها) والاقليمية والدولية تكاد تجمع على ان حرباً عربية – اسرائيلية محدودة ستقع خلال الاشهر الستة المقبلة، لكنها تختلف على جغرافيتها. ذلك ان بعضها يكاد يبدو واثقاً أن لبنان سيكون ساحة الحرب المذكورة، في حين ان بعضها الآخر يكاد يكون واثقاً أن قطاع غزة سيكون ساحتها.

أي من الفريقين اكثر قرباً من الحقيقة؟

الفريق الذي يصر على ان لبنان سيكون ساحة لحرب عدوانية اسرائيلية جديدة يعزو موقفه الى اعتبارات عدة. منها ان الحرب على قطاع غزة لن تكون حربا عسكرية. فحركة "حماس" المسيطرة عليه ليست جيشاً نظامياً قادراً على مواجهة حرب نظامية، وحرب اسرائيل على القطاع سواء كانت بالقصف المتنوع او باجتياح بري واسع ستكون في الحقيقة والواقع حرباً على الشعب الفلسطيني في غزة الاعزل من السلاح في معظمه. اي ستكون حربا غير متكافئة بل يمكن ان تكون قريبة من حرب الابادة. ونتائجها السياسية والاعلامية ستكون كارثية على اسرائيل. أولاً، لأن قضية فلسطين اليوم هي في صدارة اهتمامات العالم. وثانياً، لأن اسرائيل لا تحتاج الى سبب يزيد التأزم في علاقاتها مع اميركا، ويعطي رئيس الاخيرة باراك اوباما المبررات التي يحتاج اليها كي يضاعف من ضغوطه عليها، وخصوصا بعدما بدأ الرأي العام الاميركي مع استمرار تأييده اسرائيل يتذمر من تصلبها وتشددها اللذين عرّضا وسيعرّضان اكثر أمن اميركا ومصالحها الاستراتيجية للخطر الشديد. وثالثاً، لأن تقرير "غولدستون" عن الحرب على غزة عام 2008 لا تزال ذيوله تربك اسرائيل وستربكها اكثر اذا قرر الامين العام للأمم المتحدة عرضه على مجلس الامن او على الجمعية العمومية لهذه المنظمة الدولية. ورابعاً، لأن مآثر الموساد الاسرائيلي في العالم وآخرها كان في دبي الاماراتية بدأ يعبئ ضدها المجتمع الدولي الذي طالما أعطى كباره اسرائيل شيكا على بياض لتفعل ما تريد في المنطقة بل في العالم دونما خوف من عقاب. وهذه التعبئة بدأت ترجمتها باجراءات عقابية تقلص من مساحة الحرية التي كانت لاسرائيل على الساحات في العالم وخصوصاً أمنياً.

انطلاقاً من ذلك يرجح الفريق المذكور اعلاه من الجهات اللبنانية نفسها ان يكون لبنان ساحة الحرب او بالاحرى العدوان الاسرائيلي المقبل.

إلا ان الفريق الثاني من الجهات المشار اليها، ومع تقديره للعوامل التي استند اليها الفريق الاول لاستبعاد اي حرب اسرائيلية على قطاع غزة، يعتقد ان الاخير سيكون ساحة حرب لاعتبارات عدة ومتنوعة منها عدم التأكد من الفوز ومن تحقيق الأهداف بالحرب غير البرية وذلك نتيجة لاخفاق اسرائيل في حرب 2006، ومنها أيضاً عدم التأكد من النجاح في التخلص من حزب بات يختزل دولة ويملك قدرات عسكرية كبيرة ومتطورة وارادة قتال بالغة القوة وصار جزءا من محور اقليمي قوي يشكل بدوره تهديداً كبيراً لاسرائيل.

أي من الفريقين اقرب الى الحقيقة في توقعاته المتعلقة بساحة الحرب العدوانية الاسرائيلية المقبلة التي يكادان ان يجمعا على حصولها؟

الجواب الحاسم عن سؤال كهذا ليس سهلا على الاطلاق. فانعكاسات الحرب على غزة لا بد ان تكون سلبية جدا على اسرائيل رغم نتائجها المدمرة للبشر والحجر لأنها لا تستطيع ان تستثمرها سياسياً، فضلاً عن انها يمكن ان تكتل العالم ضدها. ولا احد يؤكد ان نتائج الحرب على لبنان ستكون افضل لها رغم ان المجتمع الدولي وفي مقدمه اميركا ومعها آخرون في المنطقة يعتبر هذا البلد او بالأحرى الحزب الذي يكاد ان يمسك به على نحو تام خطراً عليه وعلى المنطقة واسرائيل وغالبية العالم العربي، وتالياً يعتبر أن شن الحرب عليه صار ضرورياً لأمن الجميع ومصالحهم. ذلك ان الحرب غير البرية ستدمر لبنان من دون ادنى شك، لكنها لن تهزم "حزب الله" ولن تقضي على مقاتليه. وعلى العكس من ذلك، فإن الدمار والخسائر ستمكنه من "إدارة" البلاد في صورة نهائية. اما الحرب البرية الناجحة، رغم ان لا ضمان لنجاحها، فتحتاج الى ما يفوق مئة الف جندي، وذلك يعني توقع خسائر عسكرية بشرية بالآلاف بين قتلى وجرحى. فهل تحتمل اسرائيل ذلك؟ ويعني ايضاً ان "حزب الله" لا يزال تحت الارض وفوقها يقاوم.

في اختصار، لا يمكن القول إن حرب غزة اكيدة او ان حرب لبنان اكيدة. فالاثنتان في حسابات اسرائيل ومخططاتها، لكن الاسباب التي قد تشعل واحدة منهما قد تكون تطورات غير محسوبة حصلت نتيجة اخطاء في التقويم سواء من فلسطينيين في غزة او من مقاومين في لبنان او من مخططين في اسرائيل، وهذا ما حصل عام 2006 في لبنان. فاسرائيل كانت تعدّ طبعاً لضرب الحزب كما تفعل كل دولة تواجه عدواً مخيفاً، لكنها لم تكن استكملت استعداداتها في تموز في ذلك العام لكي تستغل عملية ل"حزب الله" داخل حدودها لبدء حربها، كما لم تكن هيأت نفسها لقرار الحرب الامر الذي جعل قيادتيها السياسية والعسكرية تتخبطان على النحو المعروف، وهذه حجة استعملت لاحقاً لتبرير "الخطأ" الذي حصل والدمار الذي تسبّبت به.

===================

لماذا يرفض نتنياهو التفاوض مع سوريا ؟

رندى حيدر

النهار

4/8/2010

يبدو أن كل المساعي التي قام بها الأميركيون والأوروبيون من أجل إقناع حكومة بنيامين نتنياهو باستئناف المفاوضات غير المباشرة مع سوريا قد باءت بالفشل، بسبب الاستبعاد الكامل من جانب الحكومة الاسرائيلية اليمينية الحالية القبول بالإنسحاب الكامل من الجولان كثمن للتسوية السلمية مع سوريا. وهكذا يبدو جلياً أن التغير الايجابي في الموقفين الأميركي والأوروبي من سوريا لم يستطع حتى الآن أن يُحدث تغيراً موازياً في الموقف الإسرائيلي منها.

شهدت العلاقات الأميركية -السورية تحسناً ملحوظاً منذ مجيء الرئيس باراك أوباما الى سدة الرئاسة، انعكس في عودة قنوات الحوار بين البلدين، وتعيين سفير أميركي جديد في دمشق. ومن بين الأسباب المباشرة لهذا التغير الرغبة الأميركية في تحييد سوريا قبل انسحابها المرتقب من العراق، بالإضافة الى الاقتناع الاميركي المتجدد بأن احتواء سوريا عبر التحاور معها، سيساهم في اخراجها من المحور الإيراني، مما سيشكل خطوة مهمة في المواجهة الدائرة ضد إيران. فالإدارة الحالية للرئيس باراك أوباما مقتنعة بأن التسوية السلمية للنزاع بين إسرائيل والفلسطينيين، وعودة المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وسوريا، ستمهدان الطريق للمواجهة المقبلة مع إيران. ويبدو أن الرئيس باراك أوباما بحث الموضوع السوري مع رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو خلال زيارته الأخيرة الى واشنطن، ولكن من دون التوصل الى نتيجة قاطعة.

من جهة اخرى قامت دول الإتحاد الأوروبي بأكثر من مسعى من اجل حمل حكومة نتنياهو على استئناف الحوار غير المباشر مع سوريا. لكن وبحسب تقرير فرنسي حديث نشرته الصحف الإسرائيلية ووضعه مستشارا الرئيس الفرنسي لشؤون الشرق الأوسط نيكولا غالا وباتريس باولي، بعد زيارة قاما بها الى إسرائيل منتصف الشهر الماضي والتقيا خلالها دان مريدور وزير الشؤون الاستخباراتية في الحكومة من حزب الليكود، وعوزي أراد رئيس مجلس الأمن القومي، لا يبدو أن إسرائيل مستعدة في الفترة الحالية لإستئناف المفاوضات مع سوريا لسببين الأول حالة الشك وعدم الثقة التي تسيطر على الجانبين؛ أما الثاني، فهو عدم استعداد إسرائيل للتنازل عن هضبة الجولان في الوقت الحاضر.

بإختصار، هناك فجوة واسعة تفصل بين المقاربة الإسرائيلية لموضوع المفاوضات مع سوريا والمقاربتين الأميركية والأوروبية. وعلى الرغم من الانقسام الإسرائيلي في الموقف من المفاوضات غير المباشرة مع سوريا بين وزارة الدفاع ورئاسة الأركان للجيش الإسرائيلي المؤيدتين لها؛ ورئاسة الحكومة ووزارة الخارجية الرافضتين؛ فثمة شبه إجماع إسرائيلي على رفض الموقف الأميركي الحالي الضاغط على إسرائيل في اتجاه التسوية السلمية مع الفلسطينيين ومع سوريا بذريعة اضعاف إيران. كما هناك شبه إجماع على رفض الربط الذي أقامه الأميركيون بين مشكلة السلاح النووي الإيراني والتسوية السلمية في الشرق الأوسط، وهم يرون في هذا المسعى محاولة أميركية للتهرب من المواجهة مع إيران على حسابهم.

وإذا كان الموقف الإسرائيلي من سوريا لم يتغير رغم التطورات التي طرأت على الموقف الدولي منها، ولاقتناع إسرائيل بأن العملية التفاوضية لن تغير شيئاً من التحالف الوثيق الذي يجمع بين سوريا وإيران و"حزب الله"؛ فإن الباعث الحقيقي لرفض حكومة نتنياهو أي بحث في عودة المفاوضات غير المباشرة مع سوريا لا يعود الى ذلك فقط، وإنما الى رفض البحث في الإنسحاب الشامل من الجولان واعتباره تنازلاً إسرائيلياً. فعلى سبيل المثال وعلى الرغم من اقتناع الوزير مريدور بضرورة التحاور مع السوريين من دون شروط مسبقة، وأن سوريا دولة تختلف عن "حماس" و"حزب الله"، وأن الاتفاق معها سيحدث "تغييراً تاريخياً كبيراً في الشرق الأوسط"، فإننا نجده من جهة أخرى يعارض الانسحاب من الهضبة ويعتبر ذلك"مطلباً إقليمياً صعباً جداً". أما عوزي أراد فيقترح بديلاً من ذلك هو تبادل أراض بين سوريا والأردن ولبنان وإسرائيل، من دون ان يوضح طبيعة هذا التبادل، ولكن الواضح رفضه فكرة الإنسحاب الشامل من الجولان مقابل السلام الشامل مع سوريا.

منذ أعلنت إسرائيل ضم الجولان نهاية عام 1981، وضعت الحكومات الإسرائيلية المتلاحقة قيوداً قانونية ثقيلة على أي قرار يتناول مستقبل الهضبة، وهذه ذريعة كافية لتبرير رفض الانسحاب من الهضبة وتالياً الحوار مع سوريا.

===================

مكافحة الإرهاب تبدأ بإنصاف المسلمين

الخميس, 08 أبريل 2010

محمد جابر الأنصاري *

الحياة

الانفجارات الأخيرة في أنحاء روسيا، وما أعلنت عنه قبلها وزارة الداخلية السعودية بشأن الكشف عن «خلايا» و «أسلحة»، وتجدد تفجيرات بغداد طرحت مجدداً هذه القضية. ولا يبدو لي أن ثمة أملاً في مكافحة «الإرهاب» واستئصال جذوره، من جانب القوى العالمية المعنية، إلا ب «إنصاف» المسلمين عموماً والعالم الإسلامي في أهم القضايا – ولكل حالة لبوسها - وفي مقدمها قضية فلسطين. فقد صبر العرب والمسلمون طويلاً بانتظار «الإنصاف» الذي يأتي ولا يأتي. ولم يصبح بعضهم «إرهابياً» إلا في السنين الأخيرة. وإذا كانت هناك جهات تستغل هذا الوضع وتصنع الإرهاب فهي تستثمر هذه الحالة لصالحها، كما يفعل أي طرف آخر حيال أي وضع. وما زلت على قناعة، وأعتقد أن الآخرين يمكن أن يصلوا معي إلى «كلمة سواء»، إذا تجردوا من رواسبهم وأحكامهم النمطية المسبقة، بأن أي إنسان لا يخرج من بطن أمه وهو يعتمر حزاماً ناسفاً أو يحمل عبوة متفجرة، بل أن الظروف المحيطة به هي التي تدفعه إلى ذلك، هذا مع عدم إغفال النوازع الشخصية التي تدفع البعض الى انتهازها. وتمثل تجربة الصين قبل حوالى مئة سنة تجربة مهمة للغاية، حيث أفرزت ظروفها التاريخية المذلة تنظيم «الملاكمين» The Boxers الذي كان تنظيماً «إرهابياً» بامتياز ولم يجلب للصين غير الاحتلال الأجنبي والكوارث الإنسانية وزاد من معاناتها إلى أن تجاوزته بحركات أسهمت، على المدى التاريخي، في تحويلها إلى ما هي عليه اليوم من منعةٍ وتقدم.

وكان كاتب هذه السطور قد تناول مراراً تلك الظاهرة التاريخية، والظواهر المماثلة في تجارب الأمم الأخرى، كان آخرها بتاريخ 10/9/2009 غير أن أهم الأدبيات والمراجع الجديدة عربياً بهذا الشأن هو الكتاب المترجم إلى العربية أخيراً والذي أصدره المفكر العربي السعودي الكبير الدكتور غازي القصيبي بعنوان «المؤمن الصادق» للمفكر الأميركي إريك هوفر الذي عالج باقتدار موضوعاً مماثلاً، وإن كان بعيداً كل البعد عن العالم الإسلامي، وهو تفسيره المقنع للتطرف الشيوعي والنازي، بحسب تقييم أيزنهاور الجنرال الغربي الذي قاتل القوات النازية وانتصر عليها في الحرب العالمية الثانية. وقد أحسن الأستاذ علي الجهني بتلخيصه فكرة هذا الكتاب المرجعي المهم الذي ترجمه إلى العربية الدكتور غازي القصيبي («الحياة» - 30/3/2010) .

وقد مرت على المسلمين عصور طويلة، بعضها لم يخل من هزائم وإذلال، وهم صابرون ينتظرون العدالة. وعلينا ألا ننسى آباءنا وأمهاتنا، بل وأجدادنا وجداتنا، الذين ربونا على الأمل والستر والكرامة، وهم تحت السطوة الاستعمارية وإذلالها، ولم تراودهم فكرة «الإرهاب» بأي شكل، ما يدل على أن إيمانهم لا يحمل هذه «الفكرة». لذلك فعلى القادة العالميين الذين يرسلون جيوشهم الى هنا وهناك في أنحاء العالم الإسلامي، ويهددون، إرضاءً للرأي «العام» في بلادهم، بسحق «القاعدة» ومحوها، أن «يتقبلوا» هذا الرأي أيضاً: وهو أن «القاعدة» والمنظمات الأخرى المماثلة التي يهددون بسحقها، لم تنشأ ولم تنتشر إلا في أجواء «الخيبة» لدى المسلمين، المغذية للتطرف واستمراره بلا أمل في الخلاص، إلا باللجوء إلى هذه الوسيلة البائسة واليائسة التي خلقت وتخلق الحالة الراهنة من الارتباك والحيرة في العالم الإسلامي وفي العالم. وكما أبانت الندوة الفكرية المهمة التي رعاها الأمير نايف بن عبدالعزيز بجامعة «المدينة المنورة»، فإنه «لا بد من حل النزاعات في العالم الإسلامي حلاً عادلاً، لأنها عامل أساسي تستغله الجماعات المتطرفة لتحقيق مآربها» كما أدانت «إرهاب» الدولة – كما في حالة إسرائيل – ضد المدنيين.

هذا مع تزايد الضحايا الأبرياء من بني البشر ومن الذين يفجرون أنفسهم وغيرهم في حوادث «الإرهاب» المتعاقبة من نيويورك إلى مومباي إلى موسكو مجدداً، مروراً ببعض البلاد الإسلامية ذاتها ... فمن المسؤول عن ذلك؟

لقد أشرنا إلى «مسؤولية» القوى العالمية المعنية. وطالما أننا نطالب بإنصاف المسلمين فلا بد أن نكون «منصفين»، قبل كل شيء في أحكامنا، ومن الإنصاف أن نشير إلى أن الرئيس الأميركي الجديد باراك أوباما قد بدت منه بوادر لا يجوز إنكارها. ولا بد من البناء عليها. صحيح أنها حتى الآن «أقوال» أكثر مما هي «أفعال»، لكن من النزق اللامسؤول أن نستسلم لغرائزنا وهي ضاغطة و «مشروعة» لطول فترة الظلم، بخاصة انتظار العدالة للفلسطينيين وسواهم من المجتمع الدولي، نقول ان من النزق اللامسؤول أن نفقد صبرنا الطويل الجميل – فنكفر بكل شيء، ونرفض جديد أوباما كأول رئيس أميركي نسمع منه مثل أقواله التي نلح عليه، كما عبرت قمة سرت العربية أيضاً، أن تتحول إلى «أفعال». فذلك هو المعوّل عليه في التحليل النهائي. ونحن نشارك الأستاذ عبدالعزيز التويجري مدير عام «ايسيسكو» رأيه في أن أوباما بدأ عهده بخطابه في جامعة القاهرة الذي على رغم البطء في الوفاء بالالتزامات الواردة فيه «فهو يمثل وثيقة سياسية تاريخية بالغة الأهمية ليعلن عن التوجه الجديد للإدارة الأميركية « («الحياة» - 30/3/2010).

كما أن من الإنصاف الذي ندعو إليه الإشارة مجدداً إلى مواقف الكتلة الأوروبية التي لا تتطابق مع رؤيتنا لكنها أفضل من السابق أيضاً، وتؤشر إلى تحول دولي غير منحاز حيال تطرف اليمين الإسرائيلي، الذي يستفزنا بدوره وينتظر منا أن نعطيه «المبرر» أمام العالم لتحسين صورته التي يساور الإسرائيليين القلق من انسحابها على إسرائيل كلها. حتى اليهود المعتدلون في الولايات المتحدة وأوروبا وغيرهما صاروا أقل حماساً لتهرب إسرائيل من استحقاقات السلام .

أما في ما يتعلق ب «مسؤولية» الأنظمة العربية، التي تواجه إسرائيل من ناحية، وتواجه جماهيرها المحبطة من ناحية أخرى، فإنها مطالبة قبل كل شيء بالسير قدماً في مشروعات لإصلاح الداخل. فالإصلاح هو «كلمة السر» في إصلاح ذات البين لتفادي أغراض من يريدون دق الإسفين بين الأنظمة العربية وجماهيرها. ويجب عدم التقليل من تأثيرهم. أما المطلب الحيوي الثاني، والذي لا يقل أهمية عن مطلب الإصلاح الجدي، فهو الحرص والعمل على تحقيق «اختراق» أو «انعطاف» في مسيرة حل القضية الفلسطينية باتجاه حل الدولتين، ومن ضمنه قيام الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والاستمرار وعاصمتها القدس الشرقية. إذا بقي الشعب الفلسطيني محروماً من حقوقه الوطنية الشرعية، كالسنوات الطويلة الماضية، فلن يحصد العرب، ولن تحصد الأنظمة العربية، إلا المزيد من التراجع والإحباط والخيبة. ومنذ عام 1948، والعرب يقلعون أعينهم بأيديهم من أجل «تحرير فلسطين» وإسرائيل تحت مظلة الغرب تنعم بالاستقرار والدعم العالمي ... إلى أن اتبعوا إستراتيجية السلام التي نعتقد مخلصين بضرورة ألا يتخلوا عنها، مهما بلغ الاستفزاز الإسرائيلي المتزايد والمقصود. وبلا شك فإن «البدائل» الأخرى ستبقى بيد الفلسطينيين والعرب، ولكن الواقع القائم حالياً لا يسمح لهم إلا بطرح إستراتيجية «السلام».

لا جدال ان جيوب «مقاومة» – ومقاومة صلبة ومشرفة – قد ظهرت لكنها لم تغير من موازين القوى بشكل حاسم. وإلى أن يتحقق هذا الشرط الجوهري للعرب، فلكل حادث حديث.

* كاتب من البحرين.

===================

قمة الأمن النووي وحظر الانتشار

الاربعاء, 07 أبريل 2010

ماسيمو كالابريزي *

الحياة

 تتهدد مقاومة ايران الضغوط الدولية التي تدعوها الى وقف مشروعها القمة الدولية للحد من انتشار السلاح النووي واللقاءات الدولية التي ينوي الرئيس باراك أوباما عقدها طوال شهر للحفاظ على الامن النووي، بالإخفاق والفشل، والقمة لن تفتتح عصراً جديداً من تعاون الحد من الانتشار النووي. فهي أقرب الى عالم المسرح وعروضه منها الى عالم الحكم وفنونه. ففي الاسبوع المقبل، يستقبل اوباما 40 رئيساً في واشنطن للبحث في سبل تعزيز الدول النووية اجراءات حماية اليورانيوم المخصب والبلوتونيوم، والحؤول دون وقوعها في أيدي الارهابيين.

وفي أيار (مايو) المقبل، يُعقد اجتماع الدول المصدقة على اتفاق الحد من انتشار السلاح النووي في نيويورك، وهو اجتماع دوري يعقد كل خمسة أعوام. وتسعى الدول النووية الكبرى، أي الولايات المتحدة وروسيا، الى تعديل الاتفاق تعديلاً يعزز فاعليته من طريق دعوة الدول النووية الى نزع سلاحها النووي، وإقناع غيرها بالعدول عن حيازة السلاح النووي.

ولم يحمل مد أوباما اليد الى ايران، منذ مطلع ولايته الرئاسية، طهران على التعاون، ولم يسهم في إقناع الصين وروسيا بتشديد العقوبات عليها. وزعمت، إدارة أوباما أن مساعي زيادة العقوبات على طهران تتقدم، وتشارف بلوغ مأربها. ولكن العقوبات الاممية الجديدة ليست جزائية، ولا تؤدي الى تحميل ايران عواقب انتهاكها.

فروسيا لم تغير موقفها من العقوبات، على رغم محاولات واشنطن استمالتها الى تأييد محاسبة ايران. وفي جولة مفاوضات العقوبات الاخيرة، أيّدت موسكو فرض عقوبات على شركات متورطة تورطاً مباشراً في الإخلال بحظر انتشار السلاح النووي.

وعارضت فرض اجراءات مالية واقتصادية «تخنق ايران»، على حد قول الناطق باسم الخارجية الروسية، أندريه نيستيرنكو. والثابت ان الاجراءات «الناعمة» أخفقت، الى اليوم، في بلوغ الغاية منها. وعليه، ترغب واشنطن في تشديد العقوبات الاقتصادية، وفي تعظيم خلل النظام الاقتصادي الايراني.

وطوال أسابيع، رفضت بكين البحث في موضوع فرض عقوبات جديدة على ايران رداً على صفقة السلاح الاميركية – التايوانية، واحتجاجاً على استقبال واشنطن الدالاي لاما. وعدلت الصين عن موقفها، في الايام الاخيرة، وأبدت الاستعداد للبحث في زيادة العقوبات على ايران زيادة متواضعة لا ترقى الى «العقوبات القاصمة»، التي لوّحت بها هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الاميركية. ولا يبقى امام ادارة أوباما سوى التعويل على اجماع دولي شكلي في القمة النووية لثني ايران عن متابعة مشروعها النووي. فالادارة تحسب أن الاجماع الدولي على الحد من الانتشار النووي قد يحمل ايران على العدول عن مخالفة الاجماع. ويؤيد صقور الجمهوريين الذين ينتقدون مهادنة أوباما ايران، عقد القمتين هاتين.

وعلى رغم الاجماع الدولي على الحد من الانتشار النووي، تخلف المخاوف من ايران نووية اثراً كبيراً في سياسات دول الشرق الاوسط. فبعض دول الخليج البارزة قد تبادر الى شراء تكنولوجيا نووية، أو بناء مفاعلات نووية، أو الحصول على أسلحة نووية من باكستان. وأعلنت مصر انها قد تنسحب من اتفاق الحد من الانتشار النووي. ولا يبدو أن سورية تخلت عن طموحها النووي. وترى تركيا أن لها الحق في تخصيب اليورانيوم. والقمة النووية الوشيكة خطوة تستبق حيازة ايران القنبلة النووية، والتداعيات المترتبة على طهران نووية. فحيازة ايران السلاح النووي يترك واشنطن أمام خيار الضربة العسكرية أو احتوائها الرادع. فكأن القمة هذه خطوة على طريق احتواء ايران نووية.

* محلل ،عن «تايم» البريطانية، 2/4/2010، إعداد منال نحاس

===================

 من يتحكم في الإعلام العربي؟

بقلم :د. صالح سليمان عبد العظيم

البيان

4/8/2010

الحديث عن الإعلام العربي حديث ذو شجون، ينكأ الكثير من الجروح ويثير الكثير من القضايا.

وعلى رأس هذه القضايا مسألة القوى المحركة للإعلام العربي، والتي تتحكم في عقول الملايين من العرب، وتعيد صياغة توجهاتهم. فالإعلام العربي توسع بدرجة غير مسبوقة إلى درجة أن مراقبة خريطته الآن أصبحت مسألة على قدر كبير من الصعوبة، وإن كان من الممكن تلمس بعض خطوطها العريضة في المنطقة.

 

ظهرت أول قوة إعلامية حقيقية في المنطقة بعد مرحلة الاستقلال، وظهور ما يعرف بالدولة الوطنية. ولعبت هذه القوة دورا كبيرا في تشكيل الخريطة الإعلامية، وامتلكت مساحة كبيرة من التأثير. واستطاعت هذه القوة تكوين كوادر عديدة في قطاع الإعلام مستغلة في ذلك صعود الخطاب العروبي في المنطقة، ومستفيدة من الزخم الشعبي الجماهيري.

 

ولا يمكن إنكار حسن نوايا الجماهير رغم غوغائيتها سواء بالتوافق مع إعلام تلك الفترة أو الخلاف معه. ورغم وجود إعلام حقيقي في المرحلة الليبرالية السابقة على الاستقلال إلا انه لم يمتلك ذلك النوع من التأثير الذي دعمته الدولة واستخدمته لإعلاء خطابها السياسي.

 

الغريب في الأمر أن الإعلام العربي في هذه الفترة لم يتطور بفعل التحولات المرتبطة بعملية الإعلام والآليات الخاصة بها، بقدر ما تطور بفعل المشروعات الأيديولوجية من ناحية وبفعل الصراع العربي الإسرائيلي، والعربي العربي من ناحية أخرى.

 

ورغم ذلك فإن الأمر لم يقف عند مستوى الأيديولوجيات فقط، فمما لا شك فيه أن البدايات، رغم الصعوبات المرتبطة بها، أنتجت كوادر جيدة مثلت مصدرا كبيرا لتواصل الإعلام وتدريب الأجيال الجديدة.

 

ويمكن القول بأن هذه المرحلة استحوذت على فترة الستينات على وجه الخصوص، قبل أن تواجه العديد من الصعوبات المرتبطة بالتغير النسبي للخريطة الإعلامية في السبعينات وما تلاها.

 

واتسم إعلام هذه المرحلة بأنه إعلام دول يستند إلى ميزانياتها ويدافع في الوقت نفسه عن أيديولوجياتها المختلفة. ورغم وجود بعض المحاولات الإعلامية المستقلة إلا أنها بشكل أو بآخر كانت تعتمد في تواصلها على تعاملاتها مع أنظمة بعينها.

 

وفي هذا السياق ارتمت العديد من وسائل الإعلام الخاصة في أحضان الأنظمة وانتقلت من هذا إلى ذاك بدون أي شعور بالخجل أو الامتهان.

 

ومع تحولات السبعينات المختلفة تفككت سلطة الدولة في العالم العربي مرورا بالثمانينات وما بعدها. وهو أمر وسع من دائرة الإعلام الخاص، على الرغم من استمرار تبعيته للعديد من الأنظمة العربية المختلفة.

 

ومما زاد من انتشار الإعلام في هذه الفترات بشكل كبير الصعود المالي النفطي، ومحاولة بعض الدول والجهات خلق إعلام منافس لإعلام الفترة السابقة. فلم يعد إعلام الستينات يستحوذ على المنطقة بقدر ما حاول الحفاظ على بعض من مكانته السابقة. وهي مسألة ما زال ينافس فيها من خلال كوادره البشرية الخاصة به، ومن خلال توجهاته الأيديولوجية أيضا.

 

ويمكن الحديث الآن عن نوعين من الإعلام في العالم العربي فيما يتعلق بالكوادر البشرية: أولهما يرتبط بالإعلام القديم وهو يمتلك الكوادر البشرية الخاصة به، ويستفيد منها ومن قدراتها رغم ضعف المصادر المادية المتاحة أمامه.

 

والآخر لا يمتلك كوادر بشرية تؤهله للعمل الإعلامي الحقيقي، لذلك فهو يصنع إعلام تسليم مفتاح، من خلال استدعاء الكوادر من كافة الدول العربية وبعض الدول الغربية، ويؤسس إعلاما يحركه بمعرفته ويوجهه وفقا لتوجهاته الخاصة به.

 

واللافت للنظر هنا أن الإعلام العربي لم يستقل عن سلطة الدولة منذ الستينات وحتى الآن. وحتى الإعلام الخاص الثري فإنه يفضل أن يتحرك في ركاب الدولة وألا يثير غضبها أو عداءها.

 

والمهم في هذا السياق أن التطورات الطفرية الحادثة في الإعلام العربي ارتبطت أيضا بالصراع العربي والعداء بين دوله. فبعض القنوات الفضائية نشأت من أجل مواجهة قنوات أخرى، كما أن بعض الصحف نشأت من أجل مواجهة صحف أخرى أيضا.

 

فما زالت لعنة الأيديولوجيات تطارد الإعلام العربي، وتقيده بدرجة كبيرة سواء من خلال تقييده بقيود الدولة، أو من خلال توجيهه من أجل صراعات قومية سخيفة لا طائل من وراءها سوى تشتيت عقول الشعوب العربية وإرباكها.

 

لم تعد هناك مشكلة مالية تواجه الإعلاميين العرب، سواء أكان المال حكوميا رسميا أو مالا خاصا يرتبط برجال الأعمال، لكن المشكلة الأساسية التي تواجه الإعلام العربي هي قدرته على الخروج من رحم الصراعات القطرية الضيقة، وتأسيس رؤى جديدة تصب في مجال التنوير والوعي والتحديث بعيدا عمن يمتلكون المال ويتحكمون في الإعلام.

===================

هل من رؤية أمريكية للسلام؟

آخر تحديث:الخميس ,08/04/2010

ناجي صادق شراب

الخليج

تعاني إدارة الرئيس الأمريكي أوباما من غياب سياسة ورؤية واضحة لكيفية إنهاء الصراع العربي “الإسرائيلي” وفي قلبه الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” فالطموح والوعود والرؤى المثالية غير كافية في صراع مركب ومعقد ومتشابك المتغيرات، وتتحكم فيه العديد من القوى الإقليمية والدولية، فالولايات المتحدة حتى الآن غير قادرة على الدفع في اتجاه المفاوضات، وحتى مع التسليم باستئناف المفاوضات، فليس هناك ما يضمن نجاحها من دون تدخل مؤثر وفاعل وضاغط في اتجاه تسوية سياسية واقعية ومتوازنة، فلقد بدأت الإدارة الأمريكية حكمها بالتزام انجاز تسوية هذا النزاع المركب وشديد التعقيد، وجاء هذا الالتزام في خطابيه التاريخيين في القاهرة وأنقرة مخاطباً فيهما العالم العربي والإسلامي وقضيتهم الرئيسة فلسطين، وكانت نتيجة هذين الخطابين رفع سلم التوقعات لدى المواطن في هذه البلدان، لكن سرعان ما تراجع سلم التوقعات وتهاوى إلى درجة كبيرة من عدم الثقة في قدرة هذه الادارة على تحقيق التسوية، ويبدو أن هذه الإدارة كانت متسرعة في وعودها والتزامها، فكان المطلوب أولاً قراءة وقائع الصراع على الأرض، وما فرضته “إسرائيل” من واقع يتعارض مع أي امكانية لتسوية سياسية مقبولة، وثانياً أن هذه الإدارة جاءت مع وصول اليمين المتشدد بزعامة نتنياهو للحكم، وهو صاحب أيديولوجية استيطانية متطرفة، وجاءت أيضاً في ظل تحولات في موازين القوى الإقليمية، واستمرار إيران في تطوير قدراتها النووية، وجاءت أيضاً في ظل حالة انقسام سياسي فلسطيني وزيادة دور حماس في المعادلة السياسية الفلسطينية .

 

وأيضاً جاءت في ظل انقسام وعدم قدرة عربية على إنهاء هذا الانقسام، حتى المبادرة العربية المطروحة غير قادرة على الصمود والبقاء أمام إصرار “إسرائيل” في مواصلة الاستيطان، وتهويد القدس ومصادرة المزيد من الأراضي الفلسطينية التي لم تبق أي إمكانية لقيام رؤية الدولتين، كل هذا جعل الدور الأمريكي أكثر صعوبة، وتعقيداً، وعليه فالخطوة الأولى أمام الادارة الأمريكية يجب أن تكون أكثر واقعية في التعامل مع قضايا هذا الصراع وأن تتبنى نهجاً مختلفاً عن الإدارات السابقة من دون أن تلغيه وتستفيد منه، وبمعايير النجاح والفشل يمكن القول بأن هذه الإدارة حتى الآن فشلت في استئناف العملية التفاوضية، لعدم قدرتها المباشرة على إجبار “إسرائيل” على وقف الاستيطان في القدس الشرقية . والزام “إسرائيل” بدفع استحقاقات أي عملية سلام تقوم أساساً على فكرة انسحابها من الأراضي العربية والفلسطينية التي تحتلها .

 

لم يعد حل النزاع قاصراً على إجراءات بناء ثقة، أو مجرد إطلاق سراح أسرى، أو رفع حواجز “إسرائيلية”، أو حتى رفع حصار، بل الحل يفترض حلولاً واقعية للقضايا التفاوضية كالقدس واللاجئين، والدولة الفلسطينية، وغيرها من القضايا الشائكة، فالمفاوضات الفلسطينية “الإسرائيلية” وصلت إلى ما يمكن تسميته بخط الحدود الدنيا لثوابت كل طرف، وهذا ما يفسر الحاجة إلى دور أمريكي مباشر، ووضع تصورات وحلول لهذه القضايا الشائكة . والأخد في الاعتبار المحددات التاريخية والدولية والقانونية التي تحكم النزاع، ويتطلب الدور الأمريكي أيضاً الاستعداد للعب دور دائم لمرحلة ما بعد إنجاز أي اتفاق سلام في حال نجحت الإدارة الأمريكية في ذلك . وهو أمر مستبعد في ظل التحديات والمعطيات التي تحكم الصراع .

 

أن الرؤية الأمريكية ينبغي أن تأخذ في اعتبارها كل المعطيات والمستجدات التي تتحكم في استمرارية الصراع، والسؤال ثانية هل تملك الإدارة الأمريكية هذه الرؤية الاستراتيجية لحل الصراع؟ قد يكون من الصعب الإجابة بالنفي، فهذه الإدارة هي امتداد لإدارات سابقة وخصوصاً إدارة الرئيس كلينتون التي قطعت شوطاً في المسار، إضافة إلى ذلك الاستفادة من كل الخبرات السابقة، ولا أعتقد أن الإدارة الأمريكية يمكن أن تنقصها هذه الرؤية، لكن التساؤلات المهمة، ما هي منطلقاتها؟ وما هي محدداتها؟ وما هي آلياتها المتوفرة؟ وكيف ترى الولايات المتحدة الحل؟ الإجابة عن هذه التساؤلات تحتاج إلى معرفة الموقف الأمريكي من العديد من القضايا مثل القدس والدولة الفلسطينية، ووضع المستوطنات، وموقفها من يهودية “إسرائيل”، ومطالبها في القدس، هذه القضايا شائكة تحتاج إلى حلول وخيارات تنظر للصراع بعينين اثنتين وليس بعين واحدة اعتادت أن تنظر دائماً للصراع من خلالها .

===================

مبدأ التسامح الديني ومناهضة العنف في الاتفاقيات الدولية

محمد المجذوب

السفير

4/8/2010

يعتبر التسامح من أعظم القيم والمبادئ التي يجب أن تقوم عليها المجتمعات البشرية في العصر الحديث، بعدما زالت الفواصل بين الشعوب، وتلاشت الأبعاد بين الأقطار، وتشابكت المصالح بين الدول، وامتزجت الحضارات والثقافات حتى غدت ملكاً للعالم بأسره ينهل من ينابيعها كل إنسان مريد.

1

ناضل الإنسان الأوروبي قرونا لتحرير نفسه وفكره من سيطرة الكنيسة وسطوة رجال الدين فنجح، منذ قرنين تقريباً، وبصورة متدرجة، ومع تبلور فكرة الدولة والمجتمع المدني، في فصل الدولة عن الكنيسة، والحصول على المشاركة في اتخاذ القرارات في الدولة، والأخذ بمفهوم التسامح الذي يدل على قدر من المغايرة المسموح بها، وعلى قدرة المجتمع على استيعاب المعارضة واحترام الاختلاف في الرأي والعقيدة. وبذلك خرج مفهوم التسامح، بمعناه الشامل، من نطاق السلوك الفردي أو الذاتي أو الاختياري الى نطاق السلوك الجماعي والدولي والإلزامي، وأصبح أساساً لكل تنظيم سياسي، في الغرب أولا، ثم في العالم.

وقد تجلى هذا التطور في الإقرار بانتفاء العصمة، واحترام حق الغير في الاختلاف، والاعتراف له بكامل الحقوق والواجبات والحريات التي يتمتع بها (أو يجب أن يتمتع بها) كل مواطن.

وجاءت النظريات الليبرالية والديموقراطية تدعم هذا الاتجاه وتدعو الى مشروعية الحكم وسيادة الإرادة العامة المنبثقة من الاقتراع العام. وأكد العديد من المفكرين الذين نادوا بالحرية الدينية أن التسامح لا يصبح فضيلة إلا اذا اقترن باحترام عقائد الآخرين.

وبدأت آنذاك ساحة التعصب، وهو نقيض التسامح، تتقلص، وبدأ الإنسان يشعر ويقتنع بمحاسن التسامح بين البشر. وهكذا نرى أن التسامح بدأ دينياً، وحظي بتأييد فلسفي، ثم اكتسب، بفعل تنامي ظاهرة التعصب، موقعاً قانونياً، وأصبح، في الأنظمة السياسية الديموقراطية، الدعامة الأساسية لتقدم مسيرة حقوق الإنسان والحريات الأساسية.

وليس للتسامح موقف سلبي يتمثل في تجاهل الغير واللامبالاة بما يحدث ويجري في المجتمع من مآس وظلم وقهر وتحيّز بسبب التعصب. إن الأخذ بمبدأ التسامح يقتضي رفض عدم التسامح والدفاع عن المبادئ والقيم والتشريعات التي تنادي بالتسامح.

والتسامح الديني ليس الجانب الأوحد أو الأهم من جوانب التسامح، فهناك أيضا جوانب أخرى عديدة تتمثل في التسامح السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي. وغياب هذه الأنواع من التسامح، وأحيانا غياب أحدها أو تغييبه، قد يكون سببا في اندلاع الاضطرابات أو المعارك والاتجاه نحو التعصب أو العنف الديني.

2

كان الفيلسوف البريطاني جون لوك John Locke (16321704) في (رسائله عن التسامح) التي نشرها في العام 1689، أول الفلاسفة المتنورين الذين اعتبروا أن التسامح هو الحل العقلاني الوحيد لوضع حد للصراعات والحروب الدينية التي استفحلت آنذاك في أوروبا، وان الحرية هي هدف المجتمع السياسي المتسامح.

وجاء بعده الأديب الفرنسي فولتير Voltaire (16941778) فقال في (قاموسه الفلسفي) الصادر في العام 1764: «كلنا ضعفاء وميالون الى الخطأ، فدعونا نتسامح بعضنا مع بعض... ذلك هو المبدأ الأول لقانون الطبيعية والمبدأ الأول لحقوق الإنسان كافة».

وجرت محاولات لإيجاد الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها التسامح، فتم الإجماع على اعتبار التسامح واجبا أخلاقيا وعنصراً مكونا لحرية الإنسان الذي لا يمكن إكراهه على أن يكون حراً، ولكن يمكن إكراهه على أن يدع الآخرين أحراراً.

3

ومع النظريات والتطورات الديموقراطية التي طرأت على المجتمع الدولي تحوّل التسامح من مجرد فضيلة فردية الى قيمة قانونية، وأصبح أهم ركيزة في كل تنظيم سياسي واجتماعي يحرص على توفير الحقوق والحريات لأفراده والدفاع عنها.

وهذه المكانة الرفيعة التي تبوأها التسامح، منذ القرن التاسع عشر على الصعيد الدولي، دفعت الدول الى عقد معاهدات لرعاية حقوق الإنسان والقضاء على كل أنواع التمييز بين البشر. وكانت الإرهاصات الأولى مع المعاهدات التي نصت على حظر تجارة الرقيق والقضاء على العبودية. ففي عهد عصبة الأمم تمّ، في العام 1926، إبرام اتفاقية خاصة بتحريم الرق الذي يعد حالة اجتماعية يكون فيها المرء ملكاً لشخص آخر، أو لطرف آخر، وسلعة تقتنى كالأثاث، وتباع.

وفي القرن العشرين صدرت تشريعات وطنية حرّمت العبودية. وأبرمت اتفاقيات دولية بعدها نصت على تحريمها، حتى أصبح حظر ممارسة العبودية من القواعد الآمرة في القانون الدولي العام، ومن ضمن الجرائم الدولية ضد الإنسانية التي تخضع للعقوبات أمام المحاكم الجنائية الدولية. وقد شكل ذلك حدثاً مهماً في تاريخ محاربة التعصب. وفي الذكرى الستين لتبني الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (في العام 2008) أطلقت منظمة اليونسكو حملة ضد الرقّ باعتباره آفة قضي عليها رسمياً مع حظر تجارة العبيد.

4

وميثاق الأمم المتحدة هو المرجع الأهم في الدفاع عن حقوق الإنسان وترسيخ أركان التسامح. ففي ديباجته أكدت الشعوب إيمانها بالحقوق الأساسية للإنسان، وبكرامة الكائن البشري وقيمته، وبحق المساواة بين الناس، وأعلنت عزمها على أن تسلك طريق التسامح وتعيش معا في سلام وحسن جوار. وفي الفقرة الثالثة من المادة الأولى ورد أن من مقاصد الأمم المتحدة «تعزيز احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية للناس جميعا وتشجيعها، بلا تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين». ونصت الفقرة الثالثة من المادة 55 على إشاعة الاحترام العالمي والفعال لحقوق الإنسان والحريات الأساسية للجميع، بلا تمييز بسبب العرق أو الجنس أو اللغة أو الدين».

وفي العام 1948، صدر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعتبر حدثاً تاريخياً وإنجازاً حضارياً متميزاً للمجتمع الإنساني، وخلاصة رفيعة لأنبل ما دعت إليه الكتب المقدسة والفلسفات والنظريات الإنسانية التي نشرت في القرون الماضية وعبّرت عن توق الإنسان الى الحرية والمساواة والتسامح.

وفرادة «الإعلان العالمي» تكمن في ميزات متعددة، أهمها:

1 الطابع الإنساني الشامل والشمولي الذي أكسب «الإعلان» بعداً إجماعياً كونياً لم تحظ أية وثيقة أخرى بمثله، وجعل منه وثيقة عالمية تعبّر عن تطلعات إنسانية تسمو على التمايزات والفروق بين البشر.

2 انطلاق مفهوم حقوق الإنسان في «الإعلان» من مسلّمة تعتبر هذه الحقوق نابعة من الكرامة الأصيلة والملازمة للإنسان. ومن هذه الكرامة تنبثق الحقوق الأساسية التي يملكها الإنسان، مثل الحق في الحياة والحرية والمساواة والأمن.

3 اعتبار «الإعلان» المرجعية العالمية لحقوق الإنسان، فصدوره بغالبية ساحقة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، والإشادة به في كل مناسبة في المحافل الدولية، وإعلان الالتزام به في كثير من الدساتير الوطنية، يضفي عليه صفة الإلزام.

4 الإقرار بمبدأ عالمية حقوق الإنسان. وهذا يعني أن الوصول الى هذه الحقوق كان ثمرة كفاح البشرية عبر التاريخ ضد كل أشكال الظلم والقهر والتمييز والتعصب، وحصيلة تلاقح الحضارات والثقافات وتفاعلها خلال قرون طويلة. وعالمية الحقوق تعني أيضا أنه لا يجوز استثناء أحد في أي نظام أو منطقة في العالم من التمتع الحر بتلك الحقوق.

5 الإقرار العالمي بأن «الإعلان» دشّن، في إطار الأمم المتحدة، قيام نظام مؤسسي لحماية حقوق الإنسان. وقد غدا «الإعلان» من أهم أعمدة ذلك النظام الذي يضم أركان ما يسمى بالشرعة الدولية لحقوق الإنسان، ومنها العهدان الدوليان المتعلقان بالحقوق المدنية والسياسية، والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والصادران في العام 1966. ومنها البروتوكولان الاختياريان للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. ومنها عشرات الاتفاقيات المتعلقة بمختلف حقوق الإنسان، مثل منع جريمة الإبادة الجماعية، ومكافحة جميع أشكال التمييز العنصري، وإلغاء الرق وتجارة الرقيق، وتحريم السخرة... ومنها عشرات الاتفاقيات المتعلقة بالآليات والمؤسسات الخاصة بمراقبة انتهاك حقوق الإنسان، وربط حماية هذه الحقوق بهدف حفظ السلام والأمن في العالم، وإنشاء محاكم جنائية دولية لمعاقبة مرتكبي الجرائم الدولية.

5

وكان (الإعلان العالمي) المحطة التاريخية الأولى في مسيرة تطور حقوق الإنسان. والمادة 18 منه حسمت بعض الإشكالات عندما أقرت بحق كل شخص «في حرية التفكير والضمير والدين»، واعتبرت أن هذا الحق يشمل «حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبّد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم بمفرده، أو مع جماعة، وأمام الملأ، أو على حدة».

وجاء العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يقر، في المادة 18، حق الإنسان في أن يدين بدين ما، وأن يعتنق أي دين أو معتقد يختاره.

وفي العام 1981، صدر الإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد، وسار في الاتجاه ذاته وكرّس حرية الدين، وعرّف مصطلح التعصب والتمييز، ومضمون عبارة الحرية الدينية.

وفي 14/6/1993، عقد في فيينا المؤتمر العالمي حول حقوق الإنسان، فطالب، في برنامج العمل الصادر عنه، جميع الحكومات باتخاذ جميع التدابير المناسبة لمواجهة أشكال التعصب والعنصرية وعدم التسامح.

ولم يقتصر أمر الاهتمام بمبدأ التسامح الديني على الأمم المتحدة وأجهزتها ومؤتمراتها، بل شمل كذلك المنظمات الإقليمية التي أتيح لها إصدار العديد من البيانات والقرارات لحماية الحرية الدينية.

ففي تموز 1992، أصدر مؤتمر لمنظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي اليوم) قراراً نبّه فيه الى خطورة استعمال الدين لغايات تقوم على التمييز العرقي، ودعا الى تعميق التشاور لتعزيز قيم التسامح والاعتدال والتضامن في العلاقات الأفريقية. وفي اجتماعه في تونس، في حزيران 1994، أقر مدوّنة قواعد السلوك ودعا الى ضرورة التصدي للتطرف والإرهاب.

وكان مؤتمر القمة لمنظمة المؤتمر الإسلامي قد أصدر، في كانون الأول 1991، قراراً أكد فيه «عدم السماح لأية حركة تستغل ديننا الحنيف للقيام بأي نشاط مناوئ لأي بلد عضو، ودعا الى التنسيق بين الدول الأعضاء لتطويق ظاهرة الإرهاب الفكري والمغالاة».

وفي حركة عدم الانحياز تعرّض رؤساء الدول والحكومات، في اجتماع جاكرتا في ايلول 1992، لمسألة الحرية الدينية، واعتبروا أن الإرهاب يشكل تهديداً خطيرا يحول دون التمتع بحقوق الإنسان، ومنها الحرية الدينية.

وهناك، على المستوى الأوروبي، وثائق عديدة في هذا الصدد، منها توصية صادرة عن المجلس الأوروبي، في شباط 1993، تدعو الديانات الى تأكيد القيم الأخلاقية المتصلة بالتسامح وحرية المعتقد.

6

وبعد صدور «الإعلان العالمي» توالى صدور الاتفاقية الدولية الداعمة والحامية لحقوق الإنسان ومبدأ التسامح، وازدادت الجهود الدولية الرامية الى إرساء مبادئ التسامح ومقاومة التعصب، ومنها:

 الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري (21/2/1965).

 الاتفاقية الدولية للقضاء على جريمة الفصل العنصري وقمعها (30/11/1973).

 الإعلان بشأن القضاء على جميع أشكال التعصب والتمييز القائمين على أساس الدين أو المعتقد (25/11/1981).

 اتخاذ لجنة حقوق الإنسان (التي حل محلها في العام 2006 مجلس حقوق الإنسان، المرتبط مباشرة بالجمعية العامة للأمم المتحدة) قراراً في العام 1986 قضى بتعيين مقرر لتقصي مظاهر التعصب ومتابعة الإجراءات الحكومية الهادفة الى القضاء على هذه الآفة.

 إعلان حقوق الأشخاص المنتمين الى أقليات قومية أو عرقية أو دينية أو لغوية (18/12/1992).

وفي 20/12/1993، صدر قرار الجمعية العامة باعتبار سنة 1995 السنة الدولية للتسامح، «اقتناعا منها بأن التسامح  الاعتراف بالآخرين وتقديرهم، والقدرة على العيش مع الآخرين والاستماع الى الآخرين  هو الأساس السليم لأي مجتمع مدني...». ونص القرار على أن تكون منظمة اليونسكو الرائدة في تنسيق أنشطة السنة الدولية للتسامح، وأهدافها:

1 السعي للحصول على الدعم النشط لكل فرد يؤيد التسامح كأسلوب للسلوك الشخصي.

2 زيادة الوعي بالمشاكل المتصلة بالتعصب والعنف في العالم.

7

وفي الخلاصة نبدي بعض الملاحظات والانطباعات:

أولا  رغم الجهود التي بذلت، منذ عدة عقود، في القانون الدولي لإرساء مبادئ التسامح بين الدول وداخل كل دولة، فإن التعصب الديني أو العرقي أو الفكري قد عاد، في الآونة الأخيرة، الى الظهور والانتشار في مختلف أنحاء العالم. ومن مظاهره اللجوء الى السلاح والقيام بالأعمال الإرهابية، واشتداد العداوات والأحقاد، واندلاع المنازعات بدعوى الدفاع عن المعتقدات. وكل ذلك يؤكد لنا أن التسامح يحتاج الى دعم وحماية على الصعيدين الوطني والدولي.

ثانيا  على المؤمنين بمبدأ التسامح الديني أن يتنبهوا الى أمر مهم يتلخص في أن الدين أو المذهب الديني يمكن أن يوظف لغايات سياسية، أو لغايات لا علاقة لها بالدين، مثل الصراع على الحكم بين فئات تنتمي الى دين واحد أو أديان مختلفة، أو التذرع بحجة تقرير المصير، أو الرغبة في التخلص من حاكم معين، أو التمهيد للسيطرة على بلد معين. ولهذا ينبغي لنا التمييز بين التسامح والمصالح لئلا ينقلب الدين الى مجرد ذريعة.

ثالثا  إن حماية مبدأ التسامح الديني أو الحرية الدينية تحتاج الى وقاية تتعهد دول العالم بتوفيرها، وتتمثل أولا في إعادة الاعتبار للدين ورفعه الى مستوى الثوابت العصية على المتغيرات، وثانيا في توجيه عناية فائقة الى طرق التربية (في المنزل والمدرسة والبرامج التربوية) التي تشكل أفضل وسيلة لإعداد أجيال تنبذ التعصب والتطرف والتمييز، وتناضل من أجل سيادة مبدأ التسامح، وثالثا في وضع برامج ودراسات، يمكن أن تنجزها منظمة اليونسكو وتعممها، تهدف الى إثبات العلاقة الجدلية بين التسامح الديني وتحقيق الأمن والسلام والاستقرار داخل كل دولة وبين الدول كافة.

رابعا  إن اللاتسامح أنواع، أهمها وأخطرها اللاتسامح السياسي الذي تنتجه الأنظمة الدكتاتورية والمستبدة والشمولية. وخطره يكمن في عملية التمييز بين المواطنين على أساس العرق أو الدين أو اللغة أو اللون. وهو يؤدي الى ممارسة أقسى درجات التعصب.

===================

الصحوة العثمانية والفراغ الإقليمي

المستقبل - الخميس 8 نيسان 2010

العدد 3617 - رأي و فكر - صفحة 19

مراجعة: ريتا فرج

حين اتخذ مصطفى كمال قراره بإلغاء الخلافة الإسلامية عام 1924، أصبح العرب والمسلمون على أرض بلا دولة، الى أن دخلوا في حقبة الإستقلالات وبدأوا بتشييد كيانات سياسية، ما برحت حتى اللحظة الراهنة تبحث عن أنموذج الدولة الحديثة؛ وعلى الضفة الأخرى نجح الأتراك في تعديل صيغة النظام عبر التماهي المفرط مع الغرب، وتخلوا عن مجالهم الجيو سياسي؛ وتخلي تركيا عن خاصرتها الشرقية واكبه سعيها الحثيث لدخول الإتحاد الأوروبي، دون أن تصل الى مبتغاها، وسط هواجس أعضائه، من تبعات انضمام أنقرة الى اتحاده، بفعل المؤثرات الدينية المحتملة، والتي من شأنها إضفاء المزيد من التوتر على علائق الإسلام بأوروبا. غير أن العثمانية الجديدة الباحثة عن دور إقليمي، بدأت تُظهر ملامحها المختلفة منذ بداية الثمانينات، فآثرت العودة الى حاضرتها التاريخية، بعد أن أرهقتها الحرب الباردة بين واشنطن وموسكو، وبعد أن تمّ توكيلها الوقوف أمام المدّ الشيوعي.

في دراسته "عودة تركيا الى الشرق"، يقدم ميشال نوفل قراءة سياسية للحضور التركي في الملفات الإقليمية الشرق أوسطية، محدداً أبرز العوامل المساهمة في إحداث هذا التحول، بدءاً من الانفتاح على الاقتصاد العالمي عام 1980، مروراً بصياغة التوليف التركي _ الإسلامي، وصولاً الى نجاح الإسلام السياسي التركي بنكهته الليبرالية؛ المؤثرات الداخلية لم تُبرز وحدها الصحوة العثمانية، إذ أسهمت المتغيرات الدولية التي أعقبت تفكك الاتحاد السوفياتي أوائل التسعينات في تصاعد الدور التركي، خصوصاً أن الغرب أدرك أهمية أنقرة بالنسبة لإمداداته النفطية ولأمنه من دون أن يتجه الى اعتماد سياسة التوكيل كما فعل مع إيران زمن الشاه.

حركة التوليف التركي _ الإسلامي لم تكن أقل جدوى من تداعيات نهاية الحرب الباردة، التي أجبرت أنقرة على الاحتكاك المباشر مع آسيا الوسطى بحكم البُعد الإثني، وفي هذا الاطار يؤرخ الكاتب للسياقات التاريخية التي مهدت لبروز هذا المتغير، محدداً ماهوية التوليف القائمة "على مقاربة تركية أيديولوجية للإسلام" أي محاولة المواءمة "بين الثقافة الوطنية التركية من جهة والإسلام من جهة أخرى"، ويستشهد نوفل بالخطوط العامة لهذه التخريجة التي حددها آلهان تيكيلي في مؤلفه "حول التوليف الإسلامي -التركي"، والقائمة على إحياء الثقافة الوطنية للأمة التركية دون التماهي الثقافي مع الغرب، مع أهمية الأخذ بتقدمه العلمي والتقني، ومحاكاة الإسلام عبر إدراك الأبعاد الجيو_ سياسية للإنتماء الديني والثقافي المشترك.

ما إن وصل حزب الرفاه بقيادة نجم الدين أربكان الى السلطة عام 1996، حتى برز المخاض الأول ل "العثمانية الجديدة"، فالحزب الإسلامي لم يهدف الى قطع علاقته مع العلمانية الكمالية، شديدة الحماية من قبل الطغمة العسكرية، بل على العكس آمن بأصول الديمقراطية البرلمانية. ويرى الكاتب أن التحولات التي واكبت السياسة الخارجية التركية رافقها حراك ديني جماهيري، تجلى هذه المرة بارتفاع معدل الهجرة الى المدن، مع كل ما تحمله جدلية النزوح الريفي من موروث ثقافي واجتماعي وديني" عزز تيار المؤسسة الدينية الرسمية والتيارات الإسلامية الشعبية". يلامس نوفل، إشكالية أساسية في دراسته تتمحور حول العلاقة بين الإسلام والعلمانية في تركيا، فصحيح أن الإصلاحية الكمالية أحدثت فصلاً حاداً مع الإسلام بسبب الأخذ من الثقافة الغربية فأنتج مقومات الدولة الحديثة، لكن هذه الاصلاحات مهدت لحالة من الاستلاب بين النظام وغالبية الشرائح المجتمعية.

تحت عنوان فرعي "التحديث وعودة الدين" يرصد الكاتب أبرز المسببات التي ساعدت على الصحوة الإسلامية التركية، على قاعدة التوازن بين الإسلام والحداثة، خصوصاً بعد أن عجزت الايديولوجية الكمالية عن الاجابة على المتطلبات الطارئة للمجتمع التركي، الذي تجاوزها؛ والمفارقة التاريخية التي يكشف عنها نوفل، أن الجنرالات واكبوا تبدل المنظومة الإجتماعية _ الدينية، فكرسوا الدروس الدينية الاجبارية في المدارس الابتدائية والثانوية، طبقاً للمادة 24 من دستور 1982. غير أن وصول حزب الرفاه الحكم، لم يدم طويلاً، وفي 11 حزيران 1997 أعلن أربكان إستقالة حكومته إثر ضغط المؤسسة العسكرية، المتوجسة من تنامي مقدرات الإسلام السياسي، وحُظر الحزب في 16 كانون الثاني 1998، الى أن وفد حزب العدالة والتنمية من داخله، متجهاً نحو نمط من "الديمقراطية المحافظة"، مخاطباً الجماهير المنهكة من البطالة وارتفاع التضخم بلسان حالها.

تبلور السياسة الخارجية التركية القائمة على إستراتيجيا "تصفير الخلافات" مع دول الجوار، لم يصل الى ذروته التأسيسية، كما يشير الكاتب، إلاّ حين اتخذت حكومة اردوغان قرارها بعدم تقديم الدعم للأميركيين خلال حرب الخليج الثالثة، أي عشية الغزو الاميركي للعراق، فتعلمت أنقرة من تجربتها السابقة التى كلفتها خسارة مالية تُقدر ب 35 مليار دولار كنتيجة لمشاركتها في عاصفة الصحراء. القوة الناعمة التي سلكتها تركيا تجاه العراق بُنيت على خمسة معايير، تبدأ بالحوار مع دول الجوار وتنتهي بتوطيد العلاقات بعدد من الشخصيات العراقية. لم تكتف أنقرة بذلك، بل طبعت علاقتها مع سورية، وركزت في خطابها على مركزية القضية الفلسطينية، وفضلت التعامل بديبلوماسية مع الملف النووي الايراني، وأدانت الهجمات الإسرائيلية على لبنان عام 2006، مما أعطاها حيزاً أوسع للتعامل مع القضايا العربية الشائكة وفقاً لنظرية العمق الاستراتيجي التي وضعها داوود أوغلو وزير الخارجية التركي.

عودة تركيا الى الشرق، لم تتفجر من صدفة تاريخية عابرة، فالعثمانية الجديدة كما يسميها نوفل، عززت رصيدها الاقليمي لأسباب داخلية وخارجية في آن، وقد شكل الفراغ الإقليمي الناتج عن الغياب السياسي المؤثر للعرب الكبار، أي السعودية والأردن ومصر، قوة دفع أخرى لها، وهي بعودتها تريد البرهنة على حضورها الإقليمي من جهة، وعلى إقناع الغرب بقدرتها على حلّ العديد من الملفات الشرق أوسطية المأزومة من جهة ثانية، علّها تكتسب رهانها المنشود بدخولها الاتحاد الأوروبي.

[ الكتاب: عودة تركيا الى الشرق

[ الكاتب: ميشال نوفل

[ الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت، 2010

======================

هودية وديمقراطية .. صف المعارضين

يديديا شتيرن

(نائب رئيس المعهد الاسرائيلي للديمقراطية وبروفيسور القانون في جامعة بار ايلان)

يديعوت الاسرائيلية

الرأي الاردنية

4/8/2010

أساس الرزنامة الاسرائيلية في احياء احداث وقعت قبل الاف السنين. استثنائي عن ذلك هو المقطع الزمني الذي امامنا. الانتباه سينتقل من خروج مصر وباقي علامات الطريق التاريخية في مسيرة تصميمنا كشعب، نحو أحداث الماضي القريب والحاضر – ايام الذكرى للكارثة وضحايا الجيش الاسرائيلي ويوم الاستقلال. الى جانب حنة وسبعة ابنائها سنتذكر الجدة استر من لودج التي ماتت في سبيل قداسة الرب. الى جانب يهودا المكابي سنفكر بيوسيف ترمبلدور واليراز بيرتس. الى جانب زعماء من أمثال الملك داود ومردخاي اليهودي سنضع دافيد بن غوريون ومناحيم بيغن. ها هي تأتي الايام الوطنية، ملونة بالازرق والابيض، تبرز على خلفية الثكل والاسى. هذه الايام التي تتداخل فيها يهوديتنا واسرائيليتنا الواحدة بالاخرى وتصبح واحدة.

القومية اليهودية – الاسرائيلية تتعرض للهجوم من ائتلاف اجتمع على عجل، غريب وشديد القوة.

 اولا، مؤيدو الحالة الطبيعية، الذين لن يرضوا الا اذا نزعنا عن وجودنا كل جانب مميز. باسم العولمة، حقوق الفرد والمفهوم الليبرالي المتزمت يلغون المشاعر الوطنية ويرفضون وجود أي هوية جماعية .

 ثانيا، الاصوليون الذين في نظرهم القومية هي بديل خطير للدين – «ليست امتنا أمة الا في توراتها» – وعليه يجب معارضتها.

 ثالثا، عرب اسرائيل، التي القومية الاسرائيلية هي تهديد عليهم، بكونها يهودية على نحو مسيء.

 المجموعات الثلاث التي تبلغ نسبتها اكثر من ثلث السكان، ترى في اليهودية دينا فقط، وليس قومية.

هذا الائتلاف غير المقدس يحظى مؤخرا بتعزيز كبير من جهة اخرى ومفاجئة – القوميين المتطرفين. هؤلاء يستخدمون المشاعر القومية كمبرر للتمييز ضد الاخر. من أجل المصلحة او الكرامة الوطنية يتوجهون احيانا الى العنصرية. باسم القيم القومية يستخفون بالقيم الانسانية – العالمية. وهم يخدمون اعداء القومية، بتمثيلهم للطاقة الكامنة المفسدة للقوة القومية. وبالفعل، الحماسة القومية من شأنها أن تسحب بساط الشرعية من تحت اقدام الصهيونية في القرن ال 21.

لشدة الالم، بين الثائرين على القومية الاسرائيلية هناك ايضا بعض من الجمهور الديني – القومي. الوباء لمن ينتشر بعد في معظمهم، ولكنه اصاب اقلية هامة، تعتبر نوعية لانها مستعدة لتضحية شخصية عالية. ينتشر في اوساطهم استخفاف في الاطار الديمقراطي نفسه وفي مؤسسات الحكم الاساسية – الكنيست، المحاكم بل والجيش. فمن اين اخذوا لانفسهم الاذن بالاستهتار في هذا الابداع اليهودي الهام منذ مئات السنين؟ كيف نسيت نتائج الفي سنة من انعدام السيادة؟ ماذا سيقولون لاولئك الذين سنتذكرهم في الايام القريبة القادمة، والذين بتضحيتهم الشخصية وفروا لنا الحياة القومية؟ يا لها من اضاعة للفرصة.

النار الغريبة التي تعتمل في المعسكر تضرمها القومية الدينية. الاخوة الضالون يسعون الى خلاص الامة من نفسها. وهم ذوو نوايا طيبة، نبيلة في عيونهم: هم مستعدون لرفض الاوامر في الجيش من أجل مناعة الامة. هم يسعون الى استبدال الهيئات القضائية من أجل «اعادة قضائك كما كان اولا». بعضهم يتطلعون الى ثورة عقائدية كي تؤدي الحاخامية «دورها التاريخي». ولكن التاريخ يروي عن نوعية المحطة النهائية لهذا الطريق. وهذه تسمى الحرب الاهلية، التي نهايتها الخراب.

المشروع القومي الصهيوني لم ينتهِ. ابناء جيل النهضة، الفتى والفتاة من الطبق الفضي، اعطوا القومية اطارا سياديا. ابناء جيلنا ملزمون بان يملأوه بالمضمون – قومي، وليس قوميا متطرفا. مطلوب توحيد لقوى الجمهور الصهيوني في اسرائيل: ذاك الذي لا يكتفي بدولة عادية، بل يتطلع لان يكون جزءا من اسرة الشعوب. هذا الذي غير مستعد لان يتخلى عن هويته المميزة، ولكنه يريد ان يعطي مكانا نزيها «للاخر» الاسرائيلي. هذا الذي يريد أن يكون يهوديا وديمقراطيا على حد سواء.

===================

مليارات الأفيون تتحكم في الحرب والسلام بأفغانستان

هدى الحسيني

الشرق الاوسط

4/8/2010

بعد التوتر والاتهامات المتبادلة بين الرئيس الأفغاني حميد كرزاي وإدارة الرئيس باراك أوباما وممثلي الأمم المتحدة، وجه الرئيس أوباما دعوة إلى كرزاي لزيارة واشنطن في شهر مايو (أيار) المقبل، وبحث كل القضايا التي تختلف عليها الدولتان، وهذه ضرورة أميركية نظرا إلى وجود مائة ألف جندي أميركي في أفغانستان.

بقدر صعوبة هضم أفغانستان أميركيا، هناك تنافس إقليمي على هذه الدولة الأفقر والأكثر تعقيدا.

الهند، انطلاقا من منافستها لباكستان، مهتمة بأفغانستان، تدافع عن شخص حميد كرزاي (المتهم دوليا بالفساد والضعف) وتعتبره الوحيد القادر على جمع الأضداد المتصارعين في مصالحة وطنية، تهدف إليها واشنطن كوسيلة لتحقيق استراتيجية الخروج.

الهند تشجع دورا لإيران في أفغانستان، وترى أن طهران تميل إلى مساعدة كرزاي لأنها لا تريد أن تصل طالبان إلى الحكم، وترى الهند أن بإمكان إيران أن تلعب دورا إيجابيا هناك، لأن لها علاقات جيدة مع زعماء الحرب الأفغان، من غير طالبان، وتستطيع أن تضغط عليهم للعمل مع كرزاي.

ثم هناك باكستان التي تعتبر أفغانستان «عمقها الاستراتيجي»، لكن كما يبدو، فإن استراتيجيتها لم تعد تركز على انتصار لطالبان، كما كانت تعمل أجهزة الأمن الباكستانية، لأنه لم يعد من معنى لهذه الاستراتيجية الباكستانية بدعم الإسلاميين المتطرفين وإيصالهم إلى السلطة، في وقت تواجه قواتها موجة من الإرهاب المتطرف في المدن الباكستانية (آخرها انفجارات يوم الاثنين الماضي).

صحيح أن طالبان يبقون عربة باكستان لفرض نفوذها على أفغانستان، لكنها لا تريدهم أن يديروا الأمور هناك، لهذا بدأت إسلام آباد بتفتح قنوات اتصال مع مجموعات من غير البشتون، وتحاول إقناع واشنطن، عبر العلاقة الجيدة بين قائد الجيش الجنرال اشفق برويز قياني والمندوب الأميركي إلى أفغانستان وباكستان السفير ريتشارد هولبروك، بأن توفر لها فرصة تدريب الجيش الأفغاني الذي يسيطر عليه الطاجيك. ترى باكستان أنه مع دور لها في الجيش الأفغاني، إضافة إلى علاقتها مع طالبان البشتون أكبر قوة سياسية وعسكرية في البلاد، تظل تتمتع بموقع الأقوى بين الدول الإقليمية المتنافسة، وحتى لو ظل الموقع الجديد أقل مما تمتعت به إثر الانسحاب السوفياتي. لكن، مشكلات التنافس وتقاطعاتها تتضاءل أمام المشكلة الأكبر وهي المخدرات. إن إدارة أوباما عالقة الآن في دورات لا نهاية لها من إنتاج المخدرات والقتل، ولا يبدو أن هناك مخرجا سهلا من ذلك.

أولى الحملات العسكرية للتخلص «نهائيا» من «القاعدة»، كما قالت الإدارة، كانت في شهر شباط (فبراير) الماضي، وركزت على مدينة «مرجا» في مقاطعة هلمند. تعتبر مرجا عاصمة الهيروين في العالم وتنتج حقول هلمند المحيطة بها، 40 % من حاجة العالم للأفيون، ومعظم تجارة هذا الإنتاج تجري في مرجا. ولا يمكن بالتالي ربح الحرب من دون القضاء على إنتاج المخدرات في هلمند.

في الطائرة التي أقلت الرئيس أوباما إلى كابل قبل أسبوعين، في زيارته الخاطفة، أكد مستشاره للأمن القومي جيمس جونز للصحافيين المرافقين، أن الرئيس الأميركي سيحاول «إقناع» كرزاي بأن تكون من أولوياته في محاربة الفساد، محاربة مهربي المخدرات. وقال جونز: «إن تجارة المخدرات هي العصب الاقتصادي للمتمردين كلهم».

إن تجار المخدرات الأفغان، ومنذ ثلاثين عاما، خربوا كل نظام حاول فرض سيطرته على البلاد.

في الثمانينات وخلال حرب وكالة ال«سي آي إي» السرية في أفغانستان، مولت تجارة الأفيون «المجاهدين» الذين كان الرئيس الأميركي رونالد ريغان يسميهم: «المقاتلين من أجل الحرية»، مع العلم أن ال«سي آي إي» دفعت للاستخبارات الباكستانية ما يفوق 3 مليارات دولار، نال الجزء الأكبر منها قلب الدين حكمتيار (حزبي إسلامي) الذي يحاول كرزاي اليوم كسبه كأول منشق عن طالبان، وبالتالي ليشد البقية.

في نهاية التسعينات عندما تسلمت طالبان السلطة في كابل بعد طرد قوات أحمد شاه مسعود، لم يهتموا بنيل الاعتراف الدولي بهم، بل حموا واستفادوا من زراعة الأفيون، ومن السخرية أنهم فقدوا السلطة بعد أشهر قليلة من تطبيقهم قرار منع زراعة الأفيون. لكن، منذ التدخل العسكري الأميركي عام 2001، لملاحقة «القاعدة» وأسامة بن لادن، عاد وبقوة إنتاج الأفيون والمتاجرة به إلى درجة إفساد حكومة كابل، وتقوية عودة طالبان في عدة مقاطعات. (عجز طالبان عن تمديد سيطرتهم إلى شمال أفغانستان حيث الطاجيك وإلى المدن التي لا أكثرية للبشتون فيها).

عام 1979، كانت أفغانستان تنتج فقط 250 طنا من الأفيون، وأنتجت عام 2007 أكثر من 2800 طن، وخلال السنوات الخمس الماضية مثل مدخول أفغانستان من الأفيون 50% من الناتج الإجمالي المحلي للبلاد، ووفر المكون الرئيسي لتسعين في المائة من حاجة العالم لمادة الهيروين. وفي السنوات الأخيرة، ساعدت زراعة الأفيون 500 ألف عائلة أفغانية، أي نحو 20% من تعداد السكان، كما مولت هجمات طالبان وتوسع نفوذهم.

إن زراعة هكتار واحد من بذور الخشخاش يحتاج إلى 9 أضعاف من العمال، لزراعة هكتار واحد من القمح، وعند حصاد الأفيون يتوفر عمل موسمي لمليون أفغاني، والتربة الأفغانية تنتج 3 إلى 5 أضعاف ما تنتجه التربة المنافسة لها في بورما. كما أن الأفيون يحتاج إلى نصف كمية المياه التي يحتاجها القمح لينمو. ويقول لي المحقق في هذا الحقل، الفرد ماكوي: «بعد أسابيع قليلة من انهيار نظام طالبان، لوحظ تدفق في زراعة الخشخاش في مقاطعتي هلمند ونغارهار». ما بين عامي 2003 و2007 صرفت واشنطن 22 مليار دولار على أفغانستان، لم يحصل القطاع الزراعي من هذا المبلغ إلا على 237 مليون دولار. وخلال السنة الأولى من الغزو الأميركي، أنتجت أفغانستان 3400 طن من الأفيون، وفي السنوات الخمس التالية، قدمت لها الدول المانحة من أجل إعادة البناء 8 مليارات دولار، بينما دخلها من تجارة الأفيون مبلغ 14 مليار دولار.

وفي تقرير للأمم المتحدة عام 2007، جاء «أن محصول الأفيون غطى 22 ألف هكتار في أفغانستان، أي أكبر من كل أراضي أميركا اللاتينية التي تُزرع فيها المخدرات، ومن إنتاج متواضع لا يتجاوز 185 طنا عام 2001، عندما أسقطت القوات الأميركية نظام طالبان، تنتج أفغانستان اليوم 8200 طن من الأفيون أي 93 % من حاجة العالم كله للهيروين». ولذلك يمكن تسمية أفغانستان «دولة المخدرات الأولى في العالم».

في مؤتمر حول المخدرات عقد في كابل الشهر الماضي، جاء في الورقة الروسية، أن قيمة محصول الأفيون الأفغاني الحالي تبلغ 65 مليار دولار، حصل المزارعون على 500 مليون دولار فقط، و400 مليون أخذتها طالبان، أما بقية المليارات فذهبت إلى «مافيا المخدرات» وأموال وفيرة لحكومة كرزاي التي، رسميا، مدخولها الإجمالي 10 مليارات دولار.

إن نفوذ الأفيون متفش لدى أغلب المسؤولين الأفغان، «ويستمتع» به زعماء القرى والقبائل، وقائد الشرطة، ووزير الدفاع، والأخ غير الشقيق للرئيس كرزاي، إضافة إلى زعماء طالبان. وقد اضطر مؤخرا الجنرال ستانلي ماكريستال إلى تحذير الرئيس الأفغاني، بأن أخاه صار هدفا أميركيا، بسبب تعاملاته المشبوهة، وتعاونه مع حركات التمرد. ويقول ماكلوي: «إن الأفغان المتورطين في تجارة الأفيون، مضطرون لتخصيص مبلغ 5.2 مليار دولار سنويا، لدفعه رشاوى».

الآن مع فصل الربيع، تذوب الثلوج، وتطل براعم بذور الأفيون، ويستعد مقاتلو طالبان وآخرون للتوجه إلى الحقول. والعام المقبل سيتكرر الأمر نفسه مع مجموعة جديدة من المراهقين الذين يصيرون في عمر الانضمام إلى طالبان. الحصاد سيبدأ بعد أشهر قليلة، وسيكون إنتاج أفغانستان من الأفيون أكثر من حاجة العالم هذا العام (5 آلاف طن)، ربما سيهبط سعر الأفيون لسنوات قليلة مقبلة، لكن أسعار القمح والحبوب الأخرى ستهبط بسرعة أكبر. وهكذا ستبقى زراعة الخشخاش الأكثر ربحا للمزارعين الأفغان، إلا إذا كان لدى الرئيس الأميركي مشروع آخر!

======================

من كندا: كتاب مفتوح إلى سيادة الدكتور بشار الأسد المحترم

د. سليم النجار- كندا

05/ 04/ 2010

كلنا شركاء

تحية وطنية عربية طيبة:

أرجو أن تكون دائما بخير أنت ومن تحب، راجيا أن يكون أمثالي ممن تحب، فأنا مواطن شريف، لا ينتمي الى أي حزب من الأحزاب، ولا الى المعارضة السورية، لكن احب بلدي بكل جوارحي. لم أكتب مقالا ضد الوضع القائم، ولم أشترك في مظاهرة أو اعلان او تجمع. ذنبي الوحيد كما هو ذنب ملايين السوريين في الخارج أنني تكلمت ببعض نقد في الفساد، والذي هو ظاهرة كونية أمام من وظف نفسه للوشاية بالمواطنين بغية نفع مادي.

ان نقد الشعوب او آراء الشعوب في أوضاعها السياسية حديث يومي، فليس هناك على وجه الأرض حكومات لا تنتقد من قبل شعوبها، والامر لا يتعدى في نهاية المطاف ان الشعوب تقول ما تريد والحكومات تفعل ما تريد، فلماذا هذه الحساسية المفرطة من قبل سلطات الأمن التي أخذت على عاتقها ملاحقة كل من تكلم بنقد او كل من خطر في باله الافصاح عن رأيه او همس في حقيقة. والغريب في الامر ان هذا الذي يقوله الناس يقدم على شاشات التلفزيونات العربية، ومنها القناة السورية، مثلا في مسلسلي 'بقعة ضوء' و'حكايا المرايا'. وانني لأقسم بالله ان الذي قلته امام المخبر وربما المخبرين لا يساوي ولا عشرة بالمئة مما يعرض في هذين المسلسلين تحديدا.

في مطار دمشق الدولي مغلف ينتظرني مكتوب عليه رقم'الفرع الذي يجب علي التوجه اليه - كما حدث للدكتور برهان غليون - وهو من تحدث بذلك على شاشة 'الجزيرة'، مستغربا بأن الغلاف الذي استلمه لم يكن مكتوبا عليه غير رقم، وعندما سأل بالحاح عن عنوان الفرع الذي وجب عليه التوجه اليه قيل له بأن سائقي التاكسي في دمشق يعرفون العناوين لكل فروع المخابرات من الرقم فقط.

يذكرني ذلك ببعض ما كان يجري في التاريخ عندما كان يزود الواحد من الناس'كتابا لا يجوز له أن يفتحه وأن يسلمه الى صاحب الشأن في بلد اخر، فاذا وصل ذلك الرجل الى ذلك البلد وفتح صاحب الشأن الكتاب وجد فيه: ان وصل اليك حامل كتابي هذا فاقطع رأسه.

هذا الجو التاريخي هو ما اكتنف رحلة الدكتور غليون الى الفرع حين ركب تاكسي، ولاحظ أن السائق كان يودعه كأنه ذاهب الى الموت، وأن السائق رفض أن يأخذ أجره لحزنه الشديد على الضحية التي أوصلها بنفسه الى حتفها؟

هل يُعقل أنني لم استطع زيارة الوطن لتشييع والدتي الى مقرها الاخير، خوفا من ان تداس كرامتي من قبل جهاز امن بلدي؟

انني أعاني من بعض الامراض، التي قد لا تمهلني كثيرا لو أحب الفرع الذي سأتوجه اليه حال زيارتي الوطن ان يحتفظ بي لمدة هو سيقدرها في قبو من أقبية المخابرات في دمشق؟

أنا أدرك حساسية الوضع في سورية، التي تقف بشموخ ضد اسرائيل وأمريكا، وموقفها الرائع المشرف في دعم المقاومة وحق ايران في رفضها الانصياع للجبارين في العالم، هذا الموقف الذي يقدره كل العرب ومعهم الاحرار في العالم كله.

أليس من الأجدر ان توجه جهود مراكز المخابرات لدعم الصمود والمقاومة ضد اعداء الأمة العربية وأن توفر جهدها ووقتها لحفظ كرامة المواطنين؟

إني أتصور أن الحل العملي لحل مشاكل المواطنين من النوع الذي تكلم بنقد أن يستطيع التوجه الى سفارة سورية في البلد الذي يقيم فيه وان يناقش وضعه بالتعهد او الاعتذار أو ما ترونه من صيغة مناسبة ليسمح لأمثال هؤلاء بزيارة الوطن، دون مقابلة جهاز الامن الذي أرجو له النجاح في التصدي لأعداء الوطن الحقيقيين.

د. سليم النجار- كندا

==========================

الإصلاح المجتمعي بين التقنين والتثقيف

الرابطة الأهلية لنساء سورية/نافذة

7/4/2010

يشتبه على الكثير من العاملين في الحقل العام أمر الإصلاح السياسي والإصلاح الاجتماعي. يدرك الجميع أن الإصلاح السياسي في تجليه الأبرز (علاقة السلطة بالفرد والمجتمع) يمكن إحداثه بمنظومة قوانين إصلاحية ترسم آفاقه وتفرض أبعاده ورسومه.

إن قياس الاجتماعي على السياسي بهذه الطريقة هو أول ملامح الخطأ في ارتياد عوالم الإصلاح الاجتماعي بأبعاده المختلفة. فكل المتابعين لمسيرة العمران البشري على ما يقول ابن خلدون يدرك أن التحولات الاجتماعية تحولات بطيئة مديدة يتداخل فيها العقائدي والثقافي بالحياتي واليومي.

بل إن كثيراً ما تؤدي التقنينات التي لم تنضج ظروفها بعد ردات فعل مدمرة تقطع الطريق على تطور مسيرة الإصلاح وارتقائها..

ولنضرب على ذلك مثلاً يكثر الضجيج والوضوضاء حوله في هذا العصر، حيث يحاول البعض أن يجعل منه أحد القضايا الرئيسية، ونقصد به موضوع زواج الصغيرات. والمعلوم أن للزواج عمراً بيولوجياً معروفاً وعمراً اجتماعياً وثقافياً يتعارف عليه أبناء المجتمع. وإذا كان العمر الأول تقرره الطبيعة البيولوجية لجسم الإنسان وهو ليس موضع نزاع بين أحد. فإن العمر الثاني هو العمر الذي تختلف عليه المجتمعات الإنسانية في مراحل تطورها المختلفة الزمانية والمكانية. فعمر الزواج في مجتمع رعوي أو زراعي لا يمكن أن يلحق بعمر الزواج في مجتمع مدني. تقول صديقتي، تزوجت جدتي وهي في الثالثة عشرة من عمرها وأنجبت أمي وهي في الخامسة عشرة. وتزوجت أمي وهي في السابعة عشرة، وتزوجت أنا وأنا في الرابعة والعشرين ولا أدري في أي سن ستتزوج ابنتي..

هذا التطور المجتمعي في عمر الزواج هو تطور تلقائي بل تطور ثقافي لم تحدثه قوانين السيداو ولا جهود الأجندات الدولية ولا قوانين مدونة الأحوال الشخصية.

وهذه الحالة التي تحدثت عنها صديقتي هي حالة شبه سائدة ومتقدمة مما يجعل الضوضاء التي تثار حول زواج الصغيرات ضوضاء مفتعلة. وتقديمها على أولوية أجندة الإصلاح الوطنية في الدول العربية والإسلامية إشغال للمجتمع بأمور (متنحية) كما يقول علماء الوراثة فالصفات الوراثية المتنحية المقهورة ليس من الحكمة تضييع الوقت بالانشغال بها.

نعتقد أن تثقيف المجتمع (بناته وأبنائه) بالقيم والأخلاق والعادات القويمة القائمة على المعطى الخيّر والإيجابي والعلمي العصري بمعناه الدقيق هو الطريق الأمثل لإصلاح المجتمع. إشاعة الخير بين الناس، وبث روح التعاون والتواصل والتواصي بالحق والعمل الصالح على ما عبر عنه القرآن الكريم.

وهذا يتطلب على الحقيقة جهداً غير قليل، بل هذا هو الجزء الصعب من المعادلة. وملابسة المجتمع والانغراس فيه والتماس مع قاعدته لنقل المفاهيم السليمة أصعب بكثير من عقد الندوات والورشات وكتابة المقالات وبث صوت النذير للشهرة أو التشهير.

وإنه حين تعلم داعيات الإصلاح ماذا يردن بالتحديد؟ وما هي أولويات مشروع الإصلاح ثم يحملن الرسالة إلى غمار الناس وجمهورهم تكون مسيرة الإصلاح قد أخذت سبيلها بكل تأكيد..

وقد تقول قائلة: هذا كلام جيد وموضوع اتفاق، ولكن ألا تظنين أن التقنين المناسب هو أحد طرق حمل الناس على الطريقة السوية. وفي رأينا أن التقنين إن لم يكن في وقته المناسب، الوقت الذي يجعل من الاستجابة حالة شبه سائدة فإنه غالباً ما يفوت المقصود منه. لقد تأخر في الإسلام تحريم شرب الخمر حتى نضجت ظروف الاستجابة في المجتمع المسلم..

وهذا هو الغرب يعظم العقوبة على العنف الأسري ضد المرأة، ويذهب في عقوبة جريمة الاغتصاب إلى مداها.. ولكن كل ذلك لم يفلح في اقتلاع هذا الخلق الذميم من رجال هناك مردوا عليه..

دور منظمات المجتمع المدني، والمرشدات الاجتماعيات المبادرة الدائمة إلى غرس المعرفة وتثبيت ركائز المعروف. أي علاقة أرادها الإسلام بين المعرفة والمعروف والمجتمع الآمر الناهي تلك هي بعض معطيات المعادلة.

================================

بشور: شعبية الرئيس البشير بعد ملاحقته دوليا باتت أقوى بكثير مما كانت عليه

بيروت - خدمة قدس برس

الخميس 8 نيسان (أبريل) 2010

أكد المنسق العام للروابط الشعبية معن بشور أن شعبية الرئيس السوداني عمر البشير أصبحت أقوى بكثير مما هي عليه بعد ملاحقته من المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية مورينو أوكامبو، ودعا المعارضة السودانية الوطنية إلى أن تتصرف وفق قاعدة أن الخلاف طبيعي وضروري في شؤون البلاد الداخلية وحتى في سياسات الحكومة الخارجية، ولكن حين يتهدد الوطن خطر خارجي، او يظهر تدخل اجنبي، فالخلاف يصبح حينها ضرراً، والتناحر مخالفاً للالتزام الوطني البسيط.

 

وأعرب بشور في تصريح صحفي مكتوب أرسل نسخة منه ل "قدس برس" عن خشيته من أن يكون ما أسماه ب "المغازلة" الأمريكية للسودان مجرد انحناء للعاصفة، وقال: "إن الإدارة الأمريكية "تغازل" اليوم، في المظهر، نظام الإنقاذ في السودان، فهي تعتمد هذه الأيام في السودان، كما في سورية، وفي بلدان وأقطار عديدة سياسة الانحناء أمام العاصفة خصوصاً أن "عواصفها" الدموية المتعددة في المنطقة قد ارتدت عليها كما نرى في العراق وافغانستان وباكستان مروراً "بعواصف" حليفها الصهيوني الدموية الفاشلة جنوب لبنان وغزة هاشم في فلسطين".

 

وأشار بشور إلى أن من حق المعارضين في السودان، أو في أي بلد عربي وإسلامي، أن يجاهروا بمعارضتهم وان يعلنوا اعتراضاتهم وان يسعوا لتحقيق مطالب مشروعة يرفعونها، لكنه قال: "من واجب هؤلاء المعارضين أيضا ألاّ يستخفوا بتقدير دور العامل الوطني المتصل بكرامة الشعوب واستقلالها في اذكاء عصبيات وطنية مضافة للقادة المستهدفين وقد باتوا رموزاً وطنية تمثل مشاعل تحدٍ لقوى تمادت في الازدراء والاستخفاف بشعوبنا وقضايانا وحقوقنا ومقدساتنا ومعالمنا".

 

ودعا إلى التمييز بين المطالبة بالحريات والمخاطر الخارجية التي تتهدد الوطن: "من حق أي معارض داخل السودان أو على مستوى الأمة أن يتمسك بالحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى ابعد الحدود ولكن من واجبه أيضاً أن يحّصن دعوته للديمقراطية بالسياج الوطني والقومي كي لا يستخدمها أعداء الوطن كحصان طروادة لاختراق السيادة الوطنية وتمزيق وحدة المجتمعات وتدمير البنى وسلب الخيرات، فالديمقراطية تتحصن بالوطنية وتحصّنها في آن، وأي خلل بالمعادلة يقود اقطارنا إلى ما قادت اليه بعض المعارضة العراقية بلدها حين رّوجت للاحتلال كطريق للديمقراطية فخسر العراقيون وطنهم على مذبح المحتل ولم يربحوا الديمقراطية وقد أصبحوا ممزقين بين اهل المحاصصة والفتنة الموزعين على امتداد بلادهم". وأشار بشور إلى أن ملاحقة المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية للرئيس البشير كانت عملا سياسيا بامتياز، وقال: "أيّاً تكن الملاحظات التي يسوقها المعارضون في السودان بحق الرئيس عمر البشير ونظامه، وبعضها صحيح دون شك يحتاج إلى معالجة، لكن شعبية الرئيس البشير بعد ملاحقته من اوكامبو، المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية باتت أيضاً دون شك أقوى بكثير مما كانت عليه قبل القرار الاتهامي في حقه. فالسوداني، كما العربي، الذي استمع إلى أنباء ملاحقة الرئيس البشير من البيت الأبيض ومن ادارة بوش بالذات، قبل سماعه من المحكمة الجنائية الدولية ذاتها، (رغم أن الولايات المتحدة ليست موقعة على اتفاقية روما المنشئة لهذه المحكمة) لا يمكن أن يتعامل مع هذه الملاحقة على أنها أمر قضائي خالص، بل يرى فيها قراراً سياسياً صارخاً اتخذته إدارة احترفت ملاحقة كل نظام أو رئيس أو حركة تخالف سياساتها فيما دعمت أنظمة ورؤساء وحركات تمارس بالفعل من الانتهاكات أضعاف ما توجهه تلك الإدارة من اتهامات لانظمة او قادة لا يذعنون لاملاءاتها".

 

وأضاف بشور "والسوداني، ومعه العربي، الذي يرى صمت القضاء الجنائي الدولي عن جرائم كبرى ارتكبتها واشنطن في العراق وأفغانستان، وارتكبتها تل أبيب في فلسطين ولبنان، لا يصدق أن هذا القضاء حريص على أهل دارفور إلى هذه الدرجة بقدر ما هو مسيّس من قبل طامعين بثروات دارفور وخيرات السودان واستقلاله"، على حد تعبيره.

=======================

الشيخ عزام : "معركة الأمعاء الخاوية " هي رسالة تحذير و نذير لتردى وضع أسرانا

قال عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين الشيخ نافذ عزام " أن الإضراب عن الطعام و "معركة الأمعاء الخاوية" التي بدأها أسرانا اليوم داخل السجون "الإسرائيلية "هي رسالة تحذير حول تردي أوضاعهم وحول الممارسات الوحشية لإدارات السجون ضدهم .

وأشار الشيخ عزام أن هذا الإضراب يأتي في الوقت الذي يستعد فيه الشعب الفلسطيني لإحياء "يوم الأسير" حيث يشهد شهر نيسان من كل عام الفعاليات المتضامنة مع الأسرى وقضيتهم, موضحاً في الوقت نفسه على أن قضية الأسرى كانت وستظل رمزاً مهماً في هذا الصراع ودليلاً صارخاً على مدى مظلومية شعبنا, وهي جزء من الثمن الباهظ الذي دفعه شعبنا الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والعدوان .

وأكد عضو المكتب السياسي للجهاد "أن قضية الأسرى ضمن أهم الأولويات بالنسبة إلينا فهؤلاء الأبطال دفعوا أعمارهم وافنوا زهرات شبابهم خلف القضبان من اجل ديننا ومقدساتنا وعزة شعبنا وامتنا, مشدداً على ضرورة أن تتكثف المساعي من اجل تحريرهم وإنهاء معاناة ذويهم الوفاء لهم .

وعبر الشيخ "عزام" عن استغرابه من موقف العالم وهو يغض الطرف عن معاناة أكثر من 11,000 أسير فلسطيني وعشرات الأسيرات الذين يموتون موتاً بطيئاً في السجون "الإسرائيلية", فيما "إسرائيل" تحرك الكثير من حكومات العالم من أجل الجندي الأسير لدى المقاومة بغزة "جلعاد شاليط".

وشدد الشيخ عزام على أن " يوم الأسير" ونحن نقترب منه, يجب أن يكون دافعاً لنا للوحدة واستعادة التضامن فقضية الأسرى هي قضية كل الفلسطينيين ولطالما كانت عامل توحيد للساحة الفلسطينية.

وطالب كل المنظمات والهيئات والمؤسسات الدولية أن تسعى بقوة لنقل صرخة الأسرى لفضح السياسة "الإسرائيلية" وما تقوم به ضد الأسرى وهذا الجانب من المأساة الفلسطينية .

------------------------

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها

 

أعلى الصفحةالسابق

 

الرئيسة

اطبع الصفحة

اتصل بنا

ابحث في الموقع

أضف موقعنا لمفضلتك

ـ

ـ

من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ