ـ |
ـ |
|
|
||||||||||||||||||||
المستقبل - الثلاثاء 13 نيسان 2010 العدد 3622 - رأي و فكر - صفحة 19 محمد سيد رصاص كان العرب من أكبر الخاسرين نتيجة انتهاء
مرحلة الحرب الباردة بين عامي1989
و1991، ولم يفقهم في الخسارة سوى
الروس الذين لم يفقدوا فقط
النفوذ الدولي والاقليمي وإنما
أيضاً أراضي الامبراطورية التي
تجمعت لديهم في زمني القياصرة
والسوفيات، فيما استطاعت أمم أو
شعوب أخرى أن تُحصل أسهماً
مرتفعة في بورصة العلاقات
الدولية نتيجة الأوضاع الجديدة
الحاصلة في مرحلة (القطب الواحد
للعالم)، مثل الهند بالرغم من
كونها كانت حليفاً أساسياً
لموسكو في مرحلة الحرب الباردة. هنا، كانت القارة الافريقية السمراء موضع
اهتمام أميركي كبير خلال مرحلة
ما بعد الحرب الباردة، ويبدو أن
النظرة الأميركية إلى ثرواتها،
وما يرسم لهذه القارة من أدوار
في واشنطن، هما ما ينقلها إلى
وضع الاهتمام العالي غير
المسبوق عند الأميركيين، إلى
درجة أن الجهد الرئيسي الذي
بذلته واشنطن في عقد التسعينات،
إضافة إلى الشرق الأوسط
والبلقان، قد كان في القارة
الافريقية من أجل تحجيم ونزع
النفوذ الفرنسي في دول رواندا
وبوروندي وزائير وساحل العاج،
وهذه النظرة لافريقيا هي التي
جعلت العاصمة الأميركية تنسى
الماضي القريب وتقوم بتبني و"إعادة
تأهيل" حلفاء موسكو
السابقين، مثل (الحركة الشعبية)
الحاكمة في أنغولا الغنية
بالنفط، والتي بذلت واشنطن منذ
عام 1976 الكثير من الجهد في
محاربة سلطتها في لواندا حتى
انهيار راعيها السوفياتي الذي
كان يموِل ويسلح الجنود
الكوبيين هناك. من الطبيعي، في هذه الحالة، أن تظهر
العلاقات العربية الافريقية في
حالة اختلال التوازن لصالح
الأفارقة في العقدين الماضيين (مثلما
أدى "فراغ القوة العربي"
إلى تنامي قوة الجوارين
الإيراني والتركي) وهي حالة كان
عكسها قائماً في الستينات
والسبعينات لما كانت القاهرة في
زمن الرئيس عبد الناصر قبلة
سياسية لمعظم الدول الافريقية
حديثة الاستقلال، فيما رأينا
الدول الافريقية تتقاطر
بالعشرات، في أواخر عام 1973، بعد
قليل من حرب تشرين والحظر
النفطي العربي المرافق لها، من
أجل قطع العلاقات مع إسرائيل،
ثم كانت مصر والسودان والصومال
في وضع لا تستطيع واشنطن
الاستغناء فيه عنهم من أجل
مجابهة الحليف الإثيوبي الجديد
لموسكو في عام 1977. كان أكبر مفاعيل هذا المشهد الافريقي
العربي الجديد متجسداً في
السودان، حيث أصبحت إثيوبية
الموالية لواشنطن، منذ بداية
حكم ميليس زيناوي في شهر أيار1991،
ظهيراً أساسياً لحركة العقيد
جون غارانغ في جنوب السودان
تماماً مثلما كان حليف السوفيات
السابق الكولونيل منغستو هيلا
ميريام. انضاف للإثيوبيين، في
هذا الصدد، كل من كينيا وأوغندا
ليشكل هذا الثلاثي، المعتمد من
واشنطن تحت مظلة (دول الإيغاد)،
المطبخ الأساس الذي تمَ من
خلاله رسم ملامح "السودان
الجديد" الذي أراد العقيد
غارانغ بناءه "كبلد افريقي
بعد نزع حكم الأقلية العربية
الحاكمة منذ استقلال 1956". عبر
ذلك، وبواسطة (الإيغاد) وبتشجيع
ورعاية أميركيتين وفي الأراضي
الكينية، تمَ الوصول إلى (اتفاقية
مشاكوس) عام 2002، ثم بعد ثلاث
سنوات إلى (اتفاقية نيفاشا)،
التي تحت مفاعيلها الآن يُرسم
"السودان الجديد"، الذي
يبدو أنه، وبفعل (اتفاقية
نيفاشا)، سائر نحو التقسيم برضا
أميركي افريقي مشترك إذا لم
تُنزع العروبة عنه. في المقلب الآخر، انفجرت أزمة اقليم
دارفور في شهر شباط 2003، أي بعد
سبعة أشهر من وضع جنوب السودان
"على السكة" بواسطة (مشاكوس).
من خلال (دارفور)، وُضِع العرب
في مواجهة الأفارقة، عبر تصوير
الصراع هناك بأنه بين "رعاة
عرب" مدعومون من الخرطوم وبين
"مزارعين أفارقة" ليصبح
"الغربي الطيب" في وضع
الحامي للأخيرين أمام أعين
العالم وأولاً أمام أعين
الأفارقة، حيث تحولت دارفور إلى
مسرح يصفق له الغربان الأميركي
والأوروبي لإظهار تكسر
الرابطة، ليس فقط السودانية،
وإنما أيضاً وأساساً الإسلامية
بين عرب وأفارقة اقليم دارفور،
ليستخدم هذا الاقليم كصندوق
بريد لايصال رسالة ليس فقط
بإنكسار الجسر الذي يمثله
السودان بين العرب والأفارقة
وإنما أيضاً بإيجاد شرخ عرقي
بينهما يمنع فعالية اللاصق
الإسلامي. في هذا الإطار لعبت
تشاد ورئيسها ادريس ديبي، الذي
ينتمي إلى قبيلة الزغاوة ذات
الامتداد الكبير بين أفارقة
دارفور، دور (هانوي) مع (الفيتكونغ)،
وبالذات مع الدكتور خليل
ابراهيم زعيم (حركة العدل
والمساواة) كبرى الحركات
الدارفورية المسلحة، ولكن
لصالح واشنطن مثلما فعلت دول (الإيغاد)
في أزمة جنوب السودان. إذا ابتعدنا عن السودان، فهناك مشاكل
عربية يتولى أفارقة ملفاتها
لصالح واشنطن، مثلما تفعل
إثيوبية منذ عام 2006 في النزاع
الداخلي الصومالي. أيضاً، هناك
مشاكل مُبرَدة في أكثر من بلد
عربي أخذت عند انفجارها طابع
مجابهة افريقية- عربية، مثل
تمرد قبيلة (العفر) ذات الإمتداد
الإثني الإثيوبي في جيبوتي ضد
الأكثرية الصومالية العربية
المنتمية لقبيلة (عيسى) بين عامي1991
و1994حتى الوصول لاتفاقية سلام،
أو مشكلة زنوج موريتانيا
المدعومين من السنغال مع
الأكثرية العربية والتي وصلت
لحدود محاولة الانقلاب يوم 22
تشرين أول 1987 التي قادها وزير
الداخلية الموريتانية السابق (أمادو
بابلي) بدعم من تنظيم (جبهة
تحرير الأفارقة الموريتانيين)،
أو تمرد قبائل الطوارق (ذات
الخليط العربي البربري) في مالي
المُسكنة نيرانه عبر اتفاقية
حزيران 1994، وإن كانت تندلع
نيرانه بين الحين والآخر،
وبخاصة بعد اندلاع تمرد طوارق
النيجر منذ حزيران 2007، حيث يأخذ
النزاع في البلدين شكل النزاع
العربي الافريقي، ليميل الغرب
الأميركي- الأوروبي إلى جانب
الأفارقة بحكم المصالح وثانياً
نتيجة تعاون متمردي الطوارق مع
"تنظيم القاعدة في بلاد
المغرب الإسلامي". في كتاب"فلسفة الثورة"، المكتوب في
عام 1953، تحدث جمال عبدالناصر عن
الدوائر الثلاث: العربية،
والإسلامية، والافريقية. هناك سؤال يطرح نفسه الآن: هل نشهد، على
مسار العقود الأربعة الماضية،
تكسر هذه الدوائر الثلاث أمام
العرب ومن داخلهم وحولهم؟. ================= ليس فشل عملية السلام..
إنّها الحرب الافتتاحية الثلاثاء 13-4-2010م بقلم رئيس التحرير أسعد عبود الثورة عندما أرادت سورية أن تسمي القمة العربية
ال «22» في سرت قمة «دعم صمود
القدس» ومن ثم تقدمت بورقتها
بمشاركة مع فلسطين.. كانت و -مازالت-
تدرك خطورة ماتتعرض له القضية
الفلسطينية.. وهاهي إسرائيل ماضية في طريقها، لا تتوقف
يوماً واحداً عن تطوير سياستها
العنصرية التوسعية، الساعية
لتفتيت وتشتيت وإنهاء فلسطين
والوجود الفلسطيني بأي شكل كان.
إن مايجري اليوم هو استمرار لما جرى أمس،
ومقدمة لما سيجري غداً إن لم
يُقدم العرب على مواجهة المسألة
كحرب ساخنة وساخنة جداً.. فإن
كان لإسرائيل أن تفرّغ فلسطين
من الفلسطينيين لن تكون الكارثة
أقل من كارثة حرب حزيران 1967.. إن الوضع لايرحم.. ولايترك أي فرصة لأي
تأجيل ويقتضي «ضرورة التحرك
الفوري على المستويين العربي
والدولي لاتخاذ قرار واضح من
محاولات إسرائيل تطبيق سياسة
التطهير العرقي في الضفة» كما
قال السيد الرئيس بشار الأسد في
لقائه الامين العام لجامعة
الدول العربية السيد عمرو موسى.
كل مشاريع التوسع والاستيطان والعدوان
الإسرائيلية، بدأت هكذا.. تعلن
إسرائيل عن خطة.. مشروع.. احتمال..
رؤية لطرف إسرائيلي.. ثم تبدأ
العمل عليه تاركة لنا أحلام
السلام. هل في التاريخ من واجه الحرب باحلال
السلام غيرنا؟! حتى إن ذلك لايدعم أبداً عملية السلام..
أعني السكوت العربي الكامل أو
الجزئي على المخططات
الإسرائيلية.. هي ترفض السلام
وبالتالي مبادرتنا الجديدة
للسلام تكون بمقاومة مشاريعها
العدوانية العنصرية. لابد من المواجهة.. وبالتأكيد.. لن تنفعنا
كل محاولات القفز إلى أوضاع
دولية أو إقليمية، نشارك فيها
كضيوف شرف أو كأعضاء أصيلين.. لن
يقبل شراكتنا أحد، وهو يرانا
عاجزين عن اقامة أعمدة بيتنا
العربي.. فعلى من نطرح أنفسنا
وكيف..؟!. مازال السلام بيدنا.. كل الأسحلة بيدنا.. وبينها التضامن العربي
والقانون الدولي والسعي
الحقوقي.. لكن.. على قاعدة المقاومة والمقاطعة الكاملة
الشاملة الكلية لإسرائيل. يطردوننا من أرضنا.. هل أقل من أن نقاطعهم
ونقاوم سياستهم؟! وإلا كيف سيتعامل معنا العالم. ================= لوبي أميركي في إسرائيل
مقابل «إيباك» الثلاثاء, 13 أبريل 2010 مصطفى زين الحياة كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتانياهو متحمساً لقمة الأمن
النووي في واشنطن، إلا أنه قرر
في اللحظة الأخيرة الغياب عنها،
والحجة أن الإدارة الأميركية قد
تقف إلى جانب دول عربية
وإسلامية ستطرح الموضوع النووي
الإسرائيلي. هل هذا صحيح؟ هل وصل الخلاف بين الطرفين
إلى هذه الحدود؟ هل أصبحت
إسرائيل تتردد أو تخاف مواجهة
العرب، وفي حضور راعيها
الأميركي؟ أوساط نتانياهو تتهم واشنطن بتنظيم حملة
لإضعافه والتخلص منه. حملة، قال
مقربون منه، عدّتها سياسيون
وصحافيون ورجال أعمال هدفها
تأليب الرأي العام ضده فهو يهدد
المصالح الأميركية
والإسرائيلية معاً. فمحادثات
السلام، على ما ترى واشنطن،
وتحقيق تقدم في المفاوضات مع
الفلسطينيين، ستقنع المزيد من
الدول العربية بالانفتاح على
الدولة العبرية وتساهم في إبعاد
سورية عن إيران، وبتشكيل جبهة
من الجميع في مواجهة طموحاتها
النووية وغير النووية. ويشرح أميركيون مؤيدون للدولة العبرية
هذا التصور الأميركي الذي
يعتبره إسرائيليون ساذجاً،
فيقولون إن دولاً عربية عدة
أبدت استعدادها للسير في هذه
الخطة، دليلهم إلى ذلك صمود
الاتفاق المصري - الإسرائيلي،
والأردني - الإسرائيلي، على رغم
كل العراقيل التي وضعت أمامهما،
والحروب التي شنتها تل أبيب على
لبنان والفلسطينيين، وضغوط
الرأي العام التي تعرضت لها
الدولتان، وعلى رغم مزايدة دول
إسلامية غير عربية، مثل إيران
وتركيا، في قضيتي غزة والقدس.
ويضيف هؤلاء أن إسرائيل ترى في
الحكم الإسلامي الإيراني
تهديداً وجودياً لكنها لا تساعد
واشنطن ولا تساعد نفسها لإزالة
هذا الخطر بالطرق السياسية
والديبلوماسية، وتفضل الحلول
العسكرية التي اعتادت عليها،
فهي لم تستوعب حتى الآن أن
الحروب ليست حلاً، بل تعقد
الأمور أكثر وتتيح للأعداء
تشكيل جبهة لا يستهان بها،
أثبتت جدواها خلال حرب لبنان. في
حين أن الإدارة الأميركية
الحالية استوعبت الدروس من
الحروب التي شنتها الإدارة
السابقة منفردة أو بالتعاون مع
دول بيادق. وهي تفضل التعاون
الدولي وتسعى إليه جاهدة، وعلى
وشك إقناع روسيا والصين بتبني
عقوبات قاسية تساهم في إسقاط
النظام الإيراني. وترى أن ضرب
إيران سيعيد خلط الأوراق في
الشرق الأوسط ويعرقل سحب القوات
من العراق ويعقّد الحرب في
أفغانستان، فضلاً عن أن الدول
العربية وغير العربية في
المنطقة تنصح بعدم ضرب ايران،
ليس حباً بالنظام الإسلامي، بل
لأن هذه الدول ستكون الأكثر
تضرراً مادياً ومعنوياً، وليس
ما يضمن لها عدم اندلاع فتنة
أهلية تعمم الفوضى وعدم
الاستقرار وتصب في مصلحة
المتطرفين. في إسرائيل، تبدو رؤية نتانياهو وحكومته
مختلفة تماماً، إن لم نقل
متعارضة مع الرؤية الأميركية.
ما زال اليمين الحاكم في تل أبيب
يحلم ويخطط للحروب. بالنسبة
إليه، القوة وحدها أجبرت وتجبر
العرب على التنازل. يهودية
الدولة والمجتع تحصّن إسرائيل،
لذا لا تنازل في المستوطنات ولا
في «العاصمة الأبدية». نتانياهو يستعد للتصعيد، معتمداً على
علاقاته داخل أميركا سلاحاً في
المواجهة. ومناوئوه يخشون قطع
شريان الحياة عن دولتهم. للمرة
الأولى تستخدم الولايات
المتحدة نفوذها في إسرائيل
لمواجهة حكومتها، ومواجهة «إيباك»
في الداخل. تسيبي ليفني اعتبرت «الحكومة
كلها شر»، مؤكدة أنها لن تشارك
وحزبها فيها حتى تغير سياستها. الخلاف بين واشنطن وتل أبيب على أسلوب
حماية المصالح الإسرائيلية
والأميركية وليس على مشروعية
هذه المصالح. أما نحن فكأننا
نشاهد عرضاً مسرحياً لا يهمنا
كيف ينتهي. ================= الأمة والقمة... بداية أم
نهاية؟ الثلاثاء, 13 أبريل 2010 مصطفى الفقي * الحياة قذفت بي الأقدار لأحضر القمة العربية في
مدينة سرت الليبية في آذار (مارس)
الماضي. لذلك أسجل بداية أن
الإجراءات التنظيمية والأمنية
كانت أفضل بكثير من قمم عربية
أخرى، وحاول الليبيون توفير سبل
الراحة لكل المشاركين، بل إن
القائد الليبي كان أشد حرصاً
على أن يمر المؤتمر بسلام من دون
مفاجآت معتادة أو مواقف حادة،
وأستطيع أن أقول باطمئنان إن
تلك القمة قد عكست آلام الأمة
واتسمت بدرجة عالية من الشفافية
وتعرية الواقع من دون تزييف أو
ادعاء، فلقد بدأ أمير دولة قطر
الجلسة الافتتاحية بحديث واضح
عكس ما يشعر به من مرارة نتيجة
عدم القدرة على تحقيق المصالحة
العربية في فترة رئاسته القمة
العربية، إلى جانب دعوته الى
تشكيل لجنة تساعد رئيس القمة
مستقبلاً على أن يتولى رئاستها
أمين عام الجامعة، ثم التقط
القائد الليبي الخيط بوضوحه
المعتاد وصراحته المعهودة فعكس
الواقع العربي بعد مقدمة عن
مكانة مدينة سرت التي ينتمي
إليها وتاريخها النضالي ضد
الإيطاليين واستشهاد أحد
أجداده دفاعاً عن التراب الليبي
حينذاك. وعلى رغم وجود رئيس
وزراء ايطاليا سيلفيو
برلوسكوني إلا أن القائد الليبي
داعبه بصورة تمتص تأثير حديثه
عن تلك الحقبة التاريخية التي
اعتذرت عنها إيطاليا أخيراً في
سابقة نرجو أن تحصل دول عربية
أخرى على مثلها باعتذار فرنسي
للجزائر وبريطاني لمصر وغيرهما
من الدول العربية التي نهبها
الاستعمار وداس ترابها وحاول أن
يسحق كرامة شعوبها. وامتد حديث
القائد الليبي في مكاشفة جلية
حتى انه قال معقباً على خطاب
الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو
مازن) إن الأجيال الجديدة سوف
تتمرد على حكوماتها معلناً غضب
الشارع العربي وتوتر العلاقة مع
قياداته، ثم جاء خطاب الأمين
العام لجامعة الدول العربية
عمرو موسى قوياً وموضوعياً
وكاشفاً عرض فيه الأمين العام
الوضع العربي في مجمله وبشر
بقرب موت عملية السلام وقدم
اقتراحاً للعلاقة مع دول
الجوار، تركيا وإيران وبعض دول
شرق أفريقيا، بل ودعا إلى عضوية
دولة تشاد الأفريقية في الجامعة
العربية حيث إن دستورها ينص
صراحة على أن العربية هي لغتها
الرسمية، ولم يخفِ الأمين العام
استياءه من حالة التردي العربي
التي انعكست على الجامعة فلم
يصلها الدعم المادي والتأييد
السياسي المطلوبان، كما عبر عن
ضيقه الشخصي أيضاً عندما ألمح
إلى اكتفائه مبدئياً بالفترة
التي قضاها في موقعه. وفي ظننا
أن قمة سرت بما أحاط بها من جو
الإحباط ومظاهر الواقعية
السياسية والتشخيص الأمين
للوضع العربي الراهن كانت قمة
فارقة يمكن أن نبني عليها وأن
ننطلق منها. والآن دعونا نسجل الملاحظات الآتية: أولاً: تقدّم رئيس الجمهورية العربية
اليمنية الرئيس علي عبدالله
صالح باقتراح لإنشاء الاتحاد
العربي وبدا من عرضه لذلك
الاقتراح أنه قد توافق فيه مع
القائد الليبي من قبل، حتى أن
رئيس المؤتمر أعطى الرئيس
اليمني الكلمة بصفة استثنائية
لأن الكلمة لم تكن مدرجة في جدول
أعمال الجلسة الأولى، وقرر
الرئيس إعطاءه فرصة الحديث
نظراً لقرب مغادرة الرئيس
اليمني المؤتمر والعودة الى
بلاده بسبب الظروف الداخلية
هناك. وفي ظني أن هناك تنسيقاً
بين عدد من الدول العربية حول
الانتقال بجامعة الدول العربية
إلى اتحاد عربي على غرار ما حدث
من انتقال منظمة الوحدة
الأفريقية إلى الاتحاد
الأفريقي، ونحن نتفهم المشروع
المبدئي للرئيس اليمني في هذا
السياق. ثانياً: بدا واضحاً في أروقة المؤتمر بل
وقبل عقده أن هناك أفكاراً
جديدة حول إصلاح الجامعة يقبع
الجزء الأكبر منها في رأس
الأمين العام وتتداول الدول
أفكاراً أخرى حول الموضوع نفسه،
ولقد حظيت مسألة تدوير منصب
الأمين العام لجامعة الدول
العربية باهتمام كبير على رغم
أن العرب هم أنفسهم الذين كرسوا
قاعدة التلازم بين دولة المقر
وشخص الأمين العام حتى أن
الجامعة عندما انتقلت إلى تونس
في أعقاب سياسات كامب ديفيد
اختاروا لها أميناً عاماً
تونسياً هو الشاذلي القليبي.
وأظن أن الجزائر واليمن ومعهما
ليبيا وقطر وربما دول عربية
أخرى هي التي تتبنى اقتراح
تدوير منصب أمين عام الجامعة
العربية. ثالثاً: افتقدت جلسات المؤتمر غياب
العاهل السعودي والرئيس المصري
وملك المغرب وسلطان عمان ورئيس
دولة الإمارات العربية وملك
البحرين وغيرهم من القيادات
العربية لأسباب تتعلق بظروف كلٍ
منهم على حدة، وإن كنت أظن أن
نصاب الحضور في قمة سرت لا بأس
به في مجمله على رغم الظروف
العربية الشائكة وتأخر
المصالحة المنتظرة. رابعاً: شعر الكثيرون – وأنا منهم – أن
علاقات القاهرة ودمشق، وهي
علاقات أزلية ومهمة، مرشحة لأن
تعود إلى طبيعتها في القريب،
ولقد جمعني لقاء عابر
بالديبلوماسي المخضرم وزير
خارجية سورية وليد المعلم، وهو
زميل دراسة في كلية الاقتصاد
والعلوم السياسية في جامعة
القاهرة في أوائل ستينات القرن
الماضي، وشعرت من حديثنا بالروح
الجديدة التي تعيد إلى العلاقة
المصرية السورية وهجها وتألقها. خامساً: خامرني شعور بأن دول المغرب
العربي قد سئمت إلى حد كبير
الوضع العربي الراهن وتدهوره
المستمر وسياسات المشرق
المتراجعة، فلزم الرئيس
الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة
مثلاً الصمت في معظم جلسات
المؤتمر شعوراً بحساسية الظروف
وتعقيداتها، وأنا أحسب أن
الأشقاء في المغرب العربي بحكم
اقترابهم من أوروبا الغربية هم
أول من يلحظ تراجع الدور العربي
وانعكاس ذلك على القضية
الفلسطينية. سادساً: تمخضت قمة سرت العربية عن إعلان
قيام البرلمان العربي الذي
أتشرف بأن أكون نائباً لرئيسه
وإن أعطى مهلة عامين قادمين
لاستكمال البنى القانونية
والأشكال التنظيمية لذلك
البرلمان الوليد وهذه إيجابية
تحسب للقمة العربية في مارس 2010. سابعاً: لم يتحمس القادة العرب كثيراً
لاقتراح الدعوة إلى قمة ثقافية
عربية أسوة بالقمة العربية
الاقتصادية التي عقدت في الكويت
عام 2009، وكانت "مؤسسة الفكر
العربي" قد سبقت غيرها الى
ذلك الاقتراح الذي تقدمت به
شخصياً في مؤتمر المؤسسة بمدينة
بيروت في صيف عام 2009 ولقي قبولاً
مبدئياً من عدد كبير من
المفكرين العرب والمثقفين في
المنطقة، ولكن القمة لم تشعر أن
لهذا الأمر أولوية في ظل الظروف
الخانقة للصراع العربي
الإسرائيلي. ثامناً: استأثرت الأحداث الأخيرة في
الأراضي الفلسطينية المحتلة
بالاهتمام الرئيسي لجلسات
المؤتمر، فالعدوان الإسرائيلي
على المقدسات الإسلامية سواء
الحرم الإبراهيمي أو الأقصى
المبارك قد تزايدت حدته وبلغ
درجة لا يمكن السكوت عنها
وأصبحنا أمام تحديات غير مسبوقة
من الدولة العبرية العنصرية
العدوانية التوسعية كما أن
محاولة تهويد القدس وتقويض
أركان المسجد الأقصى هي كلها
جرائم مستمرة تدعونا إلى دعم
المقدسيين والوقوف إلى جانبهم. تاسعاً: كان خطاب رئيس الوزراء التركي رجب
طيب أردوغان بمثابة إعلان جديد
يكشف عن التحول الايجابي للموقف
التركي تجاه القضية الفلسطينية
مع إدانة صريحة لجرائم إسرائيل
على نحو غير متوقع من دولة مثل
تركيا، وهي التي احتفظت بعلاقات
استراتيجية طويلة مع إسرائيل. عاشراً: يبدو أن القضية الفلسطينية مرشحة
للعودة إلى المربع الأول بحيث
تأخذ طريقها نحو مجلس الأمن بعد
أن فشلت عملية السلام تقريباً
وأصبح الاحتكام إلى الأمم
المتحدة، باعتبارها ضمير
العصر، أمراً طبيعياً لا بديل
أو مناص منه. لقد عكست الملاحظات العشر التي أوردناها
طبيعة الروح التي سادت قمة سرت
وما تمخضت عنه من أفكار وآراء
ومواقف، وإذ أسميها "قمة
الشفافية" فإن ذلك يرجع إلى
حجم نقد الذات الذي وجهه
المؤتمرون إلى أنفسهم في شجاعة
ووضوح. لذلك فإنني لا أخفي ذلك
الأمل الدفين الذي تولد لدي بعد
قمة سرت لعلنا نبدأ طريقاً
جديداً يعلي من قيمة المقاومة
ويقدر مشاعر الأمة ويحفظ لها
أرضها ومقدساتها ويقف في عناد
أمام مخططات إسرائيل التي لا
تتوقف، وجرائمها التي لا تنتهي. * كاتب مصري ================= آخر تحديث:الثلاثاء ,13/04/2010 فهمي هويدي الخليج تركيا تتوقع صيفاً ملتهباً هذا العام،
تحسم فيه قضية الصراع حول
المستقبل الذي تخوض بسببه
الأصولية العلمانية معركتها
الأخيرة. (1) يوم وصولي إلى اسطنبول في الثالث من شهر
ابريل/ نيسان الحالي، كانت
عناوين الصحف تتحدث عن قرار
أصدرته إحدى المحاكم بإطلاق
صراح 19 من العسكريين المعتقلين
على ذمة قضية محاولة انقلاب
عسكري انكشف أمره . وفي مقدمة
الذين أطلق صراحهم المتهم الأول
في القضية، القائد السابق للجيش
الأول، الجنرال متقاعد شتين
دوغان والقائد السابق للقوات
الخاصة الجنرال انجين آلان . في
اليوم التالي مباشرة أبرزت
عناوين الصحف قراراً أصدرته
محكمة اسطنبول أمر بإعادة
اعتقال العسكريين الذين أفرج
عنهم . في اليوم الثالث كانت صور
العسكريين وهم يسلمون أنفسهم
تتصدر الصفحات الأولى للصحف . في
اليوم الرابع تحدثت عناوين
الصحف عن تطور آخر مثير في
القضية، خلاصته أن الشرطة نفذت
عملية كبيرة للقبض على نحو 90
ضابطاً في الجيش على صلة
بمحاولة الانقلاب، إلا أن كبير
ممثلي الادعاء في اسطنبول أوقف
العملية . كما أنه أقال اثنين من
المحققين كانا قد أمرا بشن حملة
الاعتقالات التي شملت 14 إقليماً
تركياً . لم يكن ذلك التتابع استثناء، وإنما اعتاد
عليه الأتراك، الذين أصبحت مثل
تلك الأخبار التي تعكس الصراع
الحاصل تطل عليهم كل صباح بين
الأطراف الثلاثة: حكومة حزب
العدالة والتنمية التي انتخبت
ممثلة للسلطة التنفيذية،
والجيش الذي نصب نفسه حارساً
للعلمانية الكمالية واعتاد أن
يمارس سلطة فاقت سلطة الحكومة .
والقضاء الذي منح سلطات
استثنائية منذ انقلاب عام 1980
بعدما سلمت مقاليده للأصولية
العلمانية، لكي يصبح رقيباً
ثانياً على أي حكومة منتخبة، إن
شئت فقل إن الجيش مثّل طول الوقت
عضلات تلك الأصولية في حين أن
القضاء كان بمثابة محامي
المشروع وعقله القانوني . أما الحكومة فقد ظلت تقليدياً أداة بيد
الاثنين . وطوال السنوات التي
خلت كانت مهمة الجيش والقضاء
سهلة بصورة نسبية . أولاً لأن
الطبقة السياسية التقليدية
كانت جزءاً من المشروع العلماني
الأصولي، وثانياً لأن الأحزاب
التي تعاقبت على السلطة كانت
تشكل حكومات ائتلافية بسبب
الشيخوخة التي اصابتها، الأمر
الذي لم يمكنها من الحصول على
أغلبية مقاعد البرلمان، وهو ما
كان يضعف من موقفها، ويعرّضها
للسقوط بعد سنتين أو ثلاث من
تشكيل ائتلاف الحكم . لكن هذا
الموقف اختلف بصورة جذرية حين
تسلم حزب العدالة والتنمية
السلطة في عام ،2002 إثر فوزه
بأغلبية كبيرة في البرلمان (له
330 مقعداً من 550) . وهذه الأغلبية
مكنت الحزب من تشكيل حكومة
قوية، مازالت ثابتة القدم في
السلطة منذ أكثر من سبع سنوات . (2) لأن الجيش كان صاحب اليد العليا في تركيا
منذ أسس كمال أتاتورك الجمهورية
في عشرينات القرن الماضي، فإن
قادته اعتبروا صعود حزب العدالة
وبلوغه سدة الحكم بتأييد
الأغلبية الشعبية تحدياً
كبيراً لهم . وجاء ذلك التحدي
على مستويين، أحدهما تعلق
بالسلطان والنفوذ والثاني تمثل
في التعامل مع العلمانية التي
ارادها العسكر مخاصمة للدين كما
في فرنسا، وأرادها حزب العدالة
متصالحة معه كما في إنجلترا .
ولاشك في أن رغبة تركيا في
الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي
ساعدت حكومة الحزب الصاعد على
الثبات في مواجهة ضغوط العسكر،
من خلال تقليص الدور الذي
يقومون به في الحياة السياسية .
وكان ذلك التقليص أحد بنود حزمة
الإصلاحات التي دعا إليها
الاتحاد لتذليل العقبات التي
تحول دون انضمام تركيا إليه .
وقد ترتب على ذلك مثلاً أن فقد
العسكر أغلبيتهم في عضوية مجلس
الأمن القومي، وتساووا مع
المدنيين في العدد . أهم من ذلك
أن الطريق لم يعد مفتوحاً
أمامهم لتغيير الحكومة بانقلاب
عسكري، وهي اللعبة التي
استساغها قادة الجيش ومارسوها
أربع مرات منذ ستينات القرن
الماضي . حيث كانوا يطيحون
بالنظام باسم درء الخطر الذي
يهدد العلمانية ويعينهم القضاء
على ذلك بحظر الأحزاب المناوئة
وغير المرضي عنها، وربما سجن
قادتها . مع مطلع القرن الجديد، وبعد فوز حزب
العدالة بأغلبية مقاعد
البرلمان أدرك قادة الجيش أن
الظروف الداخلية والخارجية
تغيرت في غير صالحهم، ما دعا
رئيس الأركان الجنرال
الكرباشبوغ إلى التصريح بأن عهد
الانقلابات العسكرية انتهى،
وأن الجيش ملتزم بقواعد
الممارسة الديمقراطية وخيار
الشعب . (3) هذا الإعلان كان اعترافاً بأن قيادة
الجيش تراجعت خطوة إلى الوراء
عن دورها التقليدي، وهو ما خيب
آمال أركان الأصولية العلمانية
من العسكريين والمدنيين (حزب
الشعب الجمهوري بوجه أخص) . هنا
برز دور الأصوليين في المحكمة
الدستورية والادعاء العام،
الذين أصبحوا في صدارة المواجهة
مع الحكومة . فتم استنفار رجاله
الذين حكموا بسجن رئيس الوزراء
الحالي طيب أردوغان في الماضي،
وسعوا إلى حل حزب العدالة
والحيلولة دون ترشح عبدالله جول
لرئاسة الجمهورية قبل سنتين .
والوقائع التي اشرت إليها في
مستهل النص من نماذج ذلك
الاستنفار الذي كشف عن التجاذب
داخل معسكر القضاة والمدعين،
الذين أمر بعضهم بإطلاق سراح
ضباط الجيش المتهمين وأمر آخرون
بإلقاء القبض عليهم . المواجهة برزت إلى السطح قبل سنتين، حين
فتحت الحكومة ملف منظمة “ارجنكون”
السرية، التي ظلت توصف خلال
العقود الأربعة الماضية بأنها
الحكومة الخفية في تركيا . وكنت
أحد الذين سمعوا بها قبل ربع
قرن، حينما حدثني أحد الخبراء
عن أنها تضم خليطاً من غلاة
العسكريين والسياسيين ورجال
الأعمال والقضاة والمدعين
والإعلاميين، وان هؤلاء كانوا
نافذين في أجهزة الدولة . ولأن
تنظيمهم انطلق من الدفاع عن
المشروع العلماني كما بدأه
أتاتورك، فإن مختلف القرائن دلت
على أنهم كانوا على صلة
بالانقلابات التي تمت في
السابق، وببعض الاغتيالات التي
تمت سواء لإثارة الرأي العام أو
لتصفية الحسابات السياسية أو
القومية (ضد الإسلاميين
والأكراد والعلويين مثلاً)، بل
كان لبعض عناصره صلاتهم بتهريب
المخدرات والجريمة المنظمة،
كما بينت التحقيقات . وقد تصدت
الحكومة لذلك الملف الشائك،
بعدما تم ضبط مخازن أسلحة في
بيوت بعض الضباط المتقاعدين .
وتبين أن الذخيرة التي ضبطت مع
تلك الأسلحة استخدمت في عمليات
اغتيال عدد من النشطاء
والشخصيات العامة . والتحقيق الكبير مستمر في ملف “ارجنكون”،
إذ حدثت مفاجأة لم تكن في
الحسبان . ففي العشرين من شهر
يناير/ كانون الثاني الماضي
استيقظت تركيا على وقع قنبلة
صحافية وسياسية أحدثت دوياً
لايزال يتردد صداه إلى الآن، إذ
نشرت صحيفة “طرف” التي يقال
إنها قريبة من رئيس الحكومة
تقريراً مدعوماً بالوثائق تحدث
عن مخطط انقلاب عسكري كان
سيقوده القائد السابق للجيش
الأول (مقره اسطنبول ) الجنرال
شتين دوغان . وذكر التقرير أنه
بعد وصول حزب العدالة إلى
السلطة (عام 2002) تم اعداد ذلك
المخطط الذي حمل اسم “المطرقة”
. ولتهيئة الأجواء لتدخل القوات
المسلحة فإن المخطط تحدث عن
خطوات لتأزيم الأوضاع في البلاد
بما يوحي بأنها مهددة بالفوضى
والخطر، في تلك الخطوات تم
استهداف اثنين من أهم مساجد
تركيا، هما جامع بايزيد وجامع
السلطان أحمد بالقنابل أثناء
صلاة الجمعة . ثم افتعال أزمة مع
اليونان عبر التحرش بها حتى إذا
اقتضى ذلك اسقاط طائرة حربية
تركية في بحر إيجة، واتهام
اليونان بذلك، وهو ما يفترض أن
يحرج الحكومة ويرفع من وتيرة
الشعور بالخطر، الأمر الذي يسوغ
القيام بانقلاب عسكري . ذكرت صحيفة “طرف” أن لديها ما يثبت ويؤيد
تقريرها متمثلا في 5 آلاف صفحة
من الأوراق، وأصوات مسجلة
وأفلام فيديو على أقراص مدمجة (سي
. دي) وصور ومخططات وخرائط
أولية، كما ان لديها قائمة
بأسماء 137 كاتباً وصحافياً
سيكونون على علاقة وطيدة
بالانقلاب، وأسماء 36 كاتباً
وصحافياً سيعتقلهم
الانقلابيون، أغلبهم محسوبون
على التيار الليبرالي اليساري
الديمقراطي ومنهم إسلاميون
مقربون من أردوغان وحزبه، وقد
نشرت الصحيفة تلك الأسماء . وفي
اليوم التالي نشرت أسماء أعضاء
الحكومة التي كان سيشكلها
الانقلابيون والحقائب المسندة
إليهم . (4) المجموعة التي ألقي القبض عليها في عملية
المطرقة ضمت بعض المدنيين إلى
جوار العسكر، وجميعهم لم يكونوا
بعيدين عن منظمة “ارجنكون”
التي اخترقت خلايا مراكز القوة
في المجتمع التركي منذ أربعين
عاماً . ولذلك فإن معركة الحكومة
الحالية معها ليست هينة . ونتائج
تلك المعركة هي التي ستحدد مصير
جمهورية العسكر الأصولية
العلمانية، وكسب المعركة وحده
الذي سيفتح الباب لتأسيس
الجمهورية الثانية،
الديمقراطية التي تكون السيادة
فيها للشعب وليس للعسكر . بعد سبع سنوات من المناورات السياسية
والتجاذب على مختلف المستويات،
أدركت حكومة حزب العدالة
والتنمية أنه لا مفر من تعديل
الدستور الذي “فصّله” العسكر
بعد انقلاب عام 1980 (صدر في عام
1982) لمعاندة التاريخ من خلال بسط
هيمنتهم وإدامة التمكين
للأصولية العلمانية . فقد وجدت
الحكومة انها ليست قادرة على
تنفيذ بعض الإصلاحات التي وعدت
بها بسبب القيود التي فرضها ذلك
الدستور . فثمة مقاومة لمحاكمة
العسكريين أمام المحاكم
العادية وإنهاء تدخلهم في
الشؤون السياسية، وثمة رفض
لإعادة هيكلة القضاء والحد من
تسييسه بحيث لا تطلق يده في
تعيين المدعين أو حل الأحزاب .
وكانت الهيئة العليا للقضاة قد
حاولت تنحية القضاة والمدعين
العامين المسؤولين عن التحقيق
في قضية “ارجنكون”، لتمكين بعض
المتهمين من الإفلات من العقاب .
كما ان المحاكم الإدارية رفضت
قرارات مجلس التعليم العالي
الخاصة بالسماح للمحجبات
بالالتحاق بالجامعات، وتمكين
خريجي المعاهد الدينية من دخول
الكليات العلمية والفنية .
ولهذه النقطة الأخيرة قصة تستحق
أن تروى . ذلك أن جميع الراغبين
في دخول الجامعات يمتحنون قبل
توجيههم إلى الكليات المختلفة .
ولكن خريجي المعاهد الدينية
وحدهم يخضعون لنظام خاص في
احتساب الدرجات، فرضه مجلس
التعليم العالي حين كان تحت
السيطرة العلمانية، بمقتضاه
يخصم 15% من مجموع درجات الناجحين
منهم، الأمر الذي يغلق الأبواب
في وجوههم للالتحاق بكليات
القمة . وذلك ظلم بيّن اشتكى منه
الطلاب قبل وصول حزب العدالة
للحكم، ولكن المحكمة الإدارية
المختصة رفضت آنذاك مساواتهم
بزملائهم، وقالت إنها غير مختصة
بالموضوع . وحين تغيرت الحكومة،
وعين رئيس جديد لمجلس التعليم،
صدر قرار بإلغاء ذلك التمييز
ومساواة خريجي المدارس الدينية
بزملائهم، وعندئذ تحركت الآلة
الأصولية وطعنت في القرار أمام
المحكمة الإدارية، فقضت
بإبطاله وعودة التمييز إلى سابق
عهده . وهي ذاتها التي اعتبرت
الأمر خارجاً عن اختصاصها في
السابق . (5) قدمت حكومة أردوغان 26 تعديلاً على
الدستور إلى البرلمان تجري
مناقشة حامية حولها الآن . وليست
هناك ثقة بتمرير التعديل، لأنه
يحتاج إلى تصويت ثلثي الأعضاء،
أي 367 صوتا من أصل ،550 في حين أن
لحزب العدالة والتنمية لديه 330
صوتاً فقط . وإذا لم يمر
التصويت، وحسب القانون، فإن
التعديل سيعرض على الاستفتاء
العام خلال 60 يوماً، في شهر
يوليو/ تموز المقبل، ويتوقع
المراقبون أن تلجأ المحكمة
الدستورية التي يهيمن عليها
غلاة العلمانية إلى إصدار حكم
بإبطال الاستفتاء . وحينئذ لن
يكون أمام الحكومة سوى المطالبة
بإجراء انتخابات جديدة يحتكم
فيها إلى الشعب في تشكيل برلمان
جديد، يطمح الحزب إلى أن يمثل
مقعد الثلثين فيه، من خلال
أعضائه أو تحالفاته، لكي يمرر
التعديلات التي يريدها، وذلك
كله يفترض أن يتم خلال أشهر
الصيف المقبل، التي يتوقع
الجميع أن ترتفع الحرارة فيه
إلى درجة الغليان قبل أن تسفر
المواجهة الشرسة إما إلى ميلاد
الجمهورية التركية الثانية أو
إلى اجهاض هذا الأمل . ================= إلى أين تسير المحكمة
الخاصة بلبنان؟ آخر تحديث:الثلاثاء ,13/04/2010 خليل حسين الخليج عادت المحكمة الخاصة بلبنان الى الواجهة
السياسية لبنانياً ودولياً
مجدداً، بعدما غابت عن الأضواء
منذ إطلاق الضباط الأربعة، لكن
الإطلالة الجديدة كانت بعناوين
مختلفة، وبمسار يبدو متجانساً
مع البيئة التي طبعت أعمالها في
الفترة السابقة . والجديد
القديم ، جاء هذه المرة من باب
الاستماع الى أعضاء في حزب الله
ومقربين منه، ما دعا أمينه
العام إلى رسم صورة توضيحية
لمواقف الحزب من مجمل عمل
المحكمة أولاً، ووضع خريطة طريق
لترميم الثقة بها، تأسيساً على
التعاون المطلوب بين الجانبين
في المرحلة القادمة . فما هي
عناصر بناء الثقة وخريطة
طريقها؟ وهل المحكمة قادرة على
إنجازها وبالتالي هل يمكن
استشراف مستقبل أعمالها في
المرحلة القادمة؟ . إن التدقيق في القضايا التي أضاء عليها
الأمين العام لحزب الله، تظهر
العديد من الملاحظات التي ينبغي
التوقّف عندها وتحليل عناصرها
وأبعادها، باعتبارها تأتي في
ظروف لبنانية خاصة يمكن أن تشكل
منعطفاً دقيقاً في الواقع
السياسي وما يندرج تحته من
عناوين أمنية داخلية وخارجية .
فقد وُجِّهت المواقف المطلقة
الى البيئة الدولية المتعلقة
بالمحكمة ومن يحيط بها، علاوة
على الإشارات الداخلية
المتعددة . وعلى الرغم من الهدوء
التام الذي ظهر في سياق التحليل
المُقدم، إلا أنه حمل إشارات
دقيقة تحدِّد قوة المستند
القانوني الذي ينطلق منه أولاً،
وبالتالي قوة الحجة والإقناع
ثانياً، كما سهولة البناء عليها
ثالثاً . في بناء الثقة وبهدف التعاون مستقبلاً،
الطلب من المحكمة أولاً محاكمة
شهود الزور الذين على أساسهم
تمَّ توجيه الاتهام الى سوريا
وتمَّ زجُ قادة الأجهزة الامنية
اللبنانية في السجن لمدة أربع
سنوات ونيف، فمن المعروف أن
مجمل الاتهامات التي قُدمت لما
سميَّ بالجهاز الأمني اللبناني
- السوري استندت في وقائعها إلى
شهادات زهير الصديق وغيره،
وكُشف لاحقاً عدم صحة ادعاءاته،
وبالتالي بطلان النظرية التي
قامت على أساسها كل تلك الحقبة
من مرحلة التحقيق التي قادها
ديتلف ميلس . . ثانياً، محاكمة من
يقف وراء شهود الزور على قاعدة
أن من ضلَّل التحقيق في هذه
الشهادات من مصلحته إخفاء
معلومات من الممكن أن تؤدّي إلى
كشف القتلة الحقيقيين .
فالقاعدة القانونية في
التحقيقات تولي الأولوية لمن
ينشئ البيئة لشهادة الزور بعين
الاعتبار أكثر من الشاهد نفسه،
باعتبار أن شاهد الزور لا يعدو
كونه منفذاً لأهداف ربما لا
تتعلق مباشرة بموضوع الجريمة أو
بأهدافها . وبالتالي إن مدبِّر
بيئة الشهادات هم من يفترض
توجيه الاتهامات لهم ومساءلتهم
عن الدوافع الحقيقية لتضليل
التحقيق . وثالثاً، إعادة تركيب الفرضيات الممكنة
لعملية الاغتيال وعدم توجيهها
إلى طرف بعينه، ولو من باب
الاستماع الى شهادات معينة،
بمعنى آخر، لقد طالب حزب الله
بعدم استبعاد فرضية ضلوع “إسرائيل”
في الجريمة والتعامل مع هذه
الفرضية بنفس المستوى الذي يتم
التعامل به مع الفرضيات الأخرى
السابقة واللاحقة . ورابعاً، مساءلة المحكمة ومكتب المدعي
العام، حول قضية تسريب
المعلومات المتعلقة بالاستماع
إلى أعضاء في حزب الله، على
قاعدة أن تسريب المعلومات بهذه
الطريقة يمكن استثمارها في
الواقع السياسي اللبناني
بسرعة، ما يشيع طابع الاتهام
للحزب، بدل أن يكون الأمر مجرد
استماع لشهود، وفي هذا الجانب
أيضاً ثمة تغطية قانونية وشرعية
لهذه القضية، لجهة وجوب سريّة
الاستماع والتحقيق قبل إطلاق أي
ادعاء محتمل، وهنا الأمر متعلق
بالأشخاص إن كانوا تابعين
للمحكمة أو سياسيين لبنانيين أو
غيرهم، كما الأمر متعلق بالفترة
الزمنية الحالية واللاحقة . في المبدأ، ومن وجهة نظر قانونية بحتة،
تبدو هذه المطالب محقة، بل من
الأسس القانونية لأي تحقيق أو
أي اتهام يمكن أن يصدر لاحقاً
لأي كان، وبالتالي إن التقيّد
بهذه المبادئ يوصل حتماً إلى
الحقيقة . فبالاستناد إلى
التجارب السابقة لعمليات
التحقيق التي جرت وما تمَّ
البناء عليها، وما بيَّنت
لاحقاً هشاشة المنهج والفرضيات
التي انطلقت منها، تستدعي
المطالبة بمناهج وأسلوب عمل
مختلفين، بهدف الاستفادة من
عِبر ماضي التحقيق . إن ترميم الثقة بآليات عمل التحقيق، تؤدي
إلى تعاون الحزب من خلال آلية
معينة قد تبدو مشروطة في بعض
أجزائها، وهي بطبيعة الحال كما
وردت مرهونة أولاً وأخيراً
بتحقيق المطالب الأربعة السالف
ذكرها، فهل يمكن تحقيقها؟
وبالتالي إمكان التعاون
مستقبلاً . في قسم منها، ثمة صعوبة لبعض أطراف شهود
الزور، لبنانيين وغير
لبنانيين، إذ يمكن أن تصل
القضية الى مسؤولين كبار في بعض
الدول الكبرى، كما يمكن أن تصل
الأمور الى سياسيين لبنانيين
لهم حصاناتهم ومواقعهم المؤثرة
في الحياة السياسية اللبنانية .
علاوة على أن المضي في هذا
الاتجاه سينسف ما تبقى للتحقيق
والمحكمة من ثقة لبنانياً
وإقليمياً ودولياً . ربما تمر المحكمة بكافة مفاصلها، بمرحلة
حرجة جداً، سوف تؤثر في آليات
عملها، كما على البيئة التي
تعمل بها وبالتالي الوضع
اللبناني برمته، في وقت يمضي
لبنان في محاولة ترميم ما أصابه
خلال السنوات الخمس الماضية على
خلفية البحث عن حقيقة جريمة
اغتيال الرئيس رفيق الحريري .
وبصرف النظر عما ستؤول إليه
الأمور لاحقاً، ثمة أمر شائع في
أوساط المختصين والمتابعين
للمحاكم الدولية، مفادها عدم
قدرتها على المتابعة إلى
النهاية بأي قضية دخلت بها إلا
في ظروف استثنائية جداً بصرف
النظر عن صوابية أحكامها أم لا . ثمة إجماع لبناني واضح لا لبس فيه، حول
وجوب معرفة حقيقة الاغتيال
مُخططاً ومنفذاً، لإدراك
اللبنانيين جميعاً ارتباط هذه
القضية بواقع لبنان السياسي
والأمني أولاً، وبالتالي
مستقبله ثانياً . ما يستدعي
التعامل مع هذه المطالب بجدية
وموضوعية، لما سيترتب عليها
لاحقاً، أن لجهة التعاون
المطلوب، أو لمصداقية التحقيق
والمحكمة لاحقاً . فهل ستوضع
مطالب الحزب في اعتبارات عمل
المحكمة أم سيتم تجاهلها؟ وهل
سيستجيب الحزب إلى التعاون مع
التحقيق في المرحلة القادمة؟
أمران لا يمكن فصلهما، التعاون
مرهون بتحقيق مطالب تبدو محقة،
وتحقيق المطالب أمر دونه مصاعب
رغم ضرورته ووجوبه قانوناً . وفي
كلتا الحالتين ينتظر
اللبنانيون كعادتهم المفاجآت
التي غالباً ما تكون غير سارة . * أستاذ القانون الدولي في
الجامعة اللبنانية ================= إذا كان أمن كل منهما
مرتبطاً بالآخر فعلاً لا قولاً
.. لماذا لم تساعد سوريا لبنان
على قيام الدولة القوية ؟ اميل خوري النهار 13-4-2010 يتساءل مرجع ديني هل أمن لبنان هو فعلا لا
قولا من أمن سوريا وامن سوريا من
أمن لبنان كما نص على ذلك اتفاق
الطائف ومعاهدة "الاخوة
والتعاون والتنسيق" بين
البلدين؟ فاذا كان الامر كذلك،
فما الذي حال حتى الآن دون تطبيق
هذه المعادلة؟ واذا كان قيام
دولة قوية في لبنان قادرة على
بسط سلطتها وسيادتها على كل
اراضيها هو في مصلحة البلدين،
فلماذا لا تساعد سوريا لبنان
على قيام هذه الدولة؟ وهذه
المساعدة تبدأ بمنع وجود سلاح
خارج السلطة وخارج كنفها عندما
تعجز الدولة اللبنانية عن ذلك
واسوة بما تفعله سوريا داخل
اراضيها، وهو ما لم تفعله
بالنسبة الى لبنان لا عندما كان
تحت وصايتها ولا بعدما اصبح
خارج هذه الوصاية. وذكّر المرجع بما نص عليه اتفاق الطائف
الذي بوشر تطبيقه في ظل الوصاية
السورية: "تقوم حكومة الوفاق الوطني بوضع خطة
امنية مفصلة مدتها سنة هدفها
بسط سلطة الدولة اللبنانية
تدريجا على كامل الاراضي
اللبنانية بواسطة قواتها
الذاتية، وتتسم خطوطها العريضة
بالاعلان عن حل جميع الميليشيات
اللبنانية وغير اللبنانية
وتسليم اسلحتها الى الدولة
اللبنانية خلال ستة اشهر تبدأ
بعد المصادقة على وثيقة الوفاق
الوطني وانتخاب رئيس الجمهورية
وتشكيل حكومة الوفاق الوطني". ونص الاتفاق ايضا: "تقوم بين لبنان
وسوريا علاقات مميزة تستمد
قوتها من جذور القربى والتاريخ
والمصالح الاخوية المشتركة،
وهو مفهوم يرتكز عليه التنسيق
والتعاون بين البلدين وسوف
تجسده اتفاقات بينهما في شتى
المجالات بما يحقق مصلحة
البلدين الشقيقين في اطار سيادة
واستقلال كل منهما، ولان تثبيت
قواعد الامن يوفر المناخ
المطلوب لتنمية هذه الروابط
المتميزة، فانه يقتضي عدم جعل
لبنان مصدر تهديد لامن سوريا
وسوريا لامن لبنان في اي حال من
الاحوال، وعليه فان لبنان لا
يسمح بان يكون ممرا او مستقرا
لاي قوة او دولة او تنظيم يستهدف
المساس بأمنه أو أمن سوريا، وأن
سوريا الحريصة على امن لبنان
واستقلاله ووحدته ووفاق
ابنائه، لا تسمح باي عمل يهدد
امنه واستقلاله وسيادته". وفي خطاب القسم للرئيس الراحل الياس
الهراوي اكد "ان خيار
اللبنانيين بين دولة تقوم على
الاخلاق والكفاءة وبين دولة
تقوم على المحسوبية وانعدام
الاخلاق، اخترنا دولة الاخلاق.
وبين دولة تحقق العدالة
الاجتماعية الشاملة على اساس
الانماء المتوازن للمناطق وبين
دولة الحرمان والاجحاف
والتمييز بين المواطنين،
اخترنا دولة العدالة. وبين
دويلات الطوائف المتنافرة
والضعيفة وبين الدولة الواحدة
القوية الجامعة التي تعزز
الانتماء الوطني المحض على حساب
الانتماء الطائفي من دون ان تمس
حقوق اية طائفة او وجودها او
حريتها، اخترنا الدولة الواحدة
التي تضم العائلات الروحية
المتنوعة في اطار الوحدة
الوطنية الشاملة والصحيحة. وبين
ان تبسط الدولة سلطتها تدريجا
على كامل اراضيها وبواسطة
قواتها الذاتية فتحل جميع
الميليشيات وتجمع السلاح وتعزز
قواها الامنية والعسكرية لتعود
السلطة الضامنة الوحيدة لحقوق
المواطنين، اخترنا دوام سيادة
القانون. وبين ان نبقى دولة
عاجزة عن بسط سلطتها على كامل
اراضيها وبين ان نسرع ببناء
قواتنا الذاتية لنستعيد
قدراتنا على بسط سلطة القانون
ونستغني عن اي وجود عسكري في
لبنان، اخترنا بناء الدولة
القادرة على بسط سلطتها على
كامل اراضيها، والا تبقى مرتفعة
في لبنان سوى البندقية الشرعية
اللبنانية. وبين ان نبقي صفحة
سوء التفاهم بين لبنان والشقيقة
سوريا مفتوحة مع ما ينجم عنها من
اضرار للبلدين عرضت شعبنا
للكثير من المآسي، وبين ان نطوي
هذه الصفحة نهائيا ونفتح صفحة
جديدة مشبعة بروح التعاون
الصادق الكفيل بخلق اجواء الثقة
المتبادلة وبناء علاقات اخوية
تحقق مصلحة البلدين والشعبين في
اطار سيادة واستقلال كل منهما،
اخترنا التوجه الاخير خصوصا وقد
أُعلنت الشقيقة سوريا موافقتها
على وثيقة الوفاق الوطني مع ما
حوته من تأكيد لسيادة واستقلال
لبنان ولكونه وطنا نهائيا لجميع
ابنائه اسقط مخاوف البعض
وهواجسه". ان شيئا مهما من كل هذا لم يتحقق حتى في ظل
الوصاية السورية على لبنان مدة
30 عاما، فهل يمكن ان يتحقق الآن
وبعد خروج سوريا من لبنان ما نص
عليه اتفاق الطائف، واكدته
قرارات هيئة الحوار الوطني عام
2006 ومعاهدة "الاخوة والتعاون
والتنسيق" واتفاق "الامن
والدفاع"؟ إن ما تحقق كان خلاف ذلك، فلم تخرج سوريا
من لبنان الا بعد اغتيال الرئيس
الشهيد رفيق الحريري ورفاقه
وقيام "ثورة الارز" وصدور
قرار مجلس الامن رقم 1559، الامر
الذي ادى الى مزيد من التوتر في
العلاقات بين البلدين، والى
انتشار مزيد من السلاح خارج
الدولة وفي ايدي لبنانيين وغير
لبنانيين، والى عدم تطبيق ما
نصت عليه الاتفاقات المعقودة
بين لبنان وسوريا، فكان العدوان
الاسرائيلي على لبنان عام 2006
وواجه لبنان وحده هذا العدوان
خلافا لما نصت عليه هذه
الاتفاقات، وتعرض البلد لاحداث
امنية داخلية خطيرة في 7 ايار
فاستغلها البعض سياسيا ليحول
دون تمكين الاكثرية النيابية
التي انبثقت من انتخابات
ديموقراطية حرة من الحكم. وصدرت
قرارات بالاجماع عن هيئة الحوار
الوطني، فلم تساعد سوريا لبنان
على تنفيذها ومنها على الاخص
ازالة الاسلحة الفلسطينية خارج
المخيمات، وها ان استمرار
بقائها اخذ يهز الامن في مناطق
وجودها وينعكس قلقا وخوفا على
اللبنانيين المقيمين فيها،
وكأن سوريا تنتظر ان يطلب لبنان
منها رسميا مساعدته على ضبط
الوضع او على ازالة هذه الاسلحة
لتظهر للداخل والخارج ان لبنان
عاجز وحده عن حفظ الامن ولا بد
من مساعدة سوريا له، ولم تساعد
سوريا لبنان على وضع مزارع شبعا
في عهدة الامم المتحدة تمهيدا
لاستعادة سيادته عليها بحجة ان
ملكية هذه المزارع لا تزال
موضوع نزاع... وهو نزاع لا يمكن
حسمه مع استمرار الاحتلال
الاسرائيلي لهذه المزارع، وهي
في الواقع تريد ان يظل حل هذا
الموضوع مرتبطا بحل موضوع
الجولان، كما انها لم تساعد على
اقفال ملف المفقودين
والمعتقلين في السجون السورية
لمعرفة من لا يزال منهم حيا، ولم
تسلم مطلوبين من لبنان لجأوا
اليها، ولم تساعد على تنفيذ
القرار 1701 بصرف النظر عن موقف
اسرائيل منه التي قد لا يكون لها
مصلحة في تنفيذه، ومن الطبيعي
ان لا تعامل الدولة العدوة
لبنان كما تعامله الدولة
الصديقة والشقيقة، حتى اذا ما
صار تنفيذ هذا القرار ولو من طرف
واحد، تجد اسرائيل نفسها في وضع
حرج امام المجتمع الدولي. ويختم المرجع الديني بالقول، اذا كان
لاسرائيل مصلحة في الا تقوم في
لبنان دولة قوية تبسط سلطتها
وسيادتها على كل اراضيها وتسقط
الذرائع التي تبرر استمرار خرق
القرار 1701، وتهديد امن لبنان من
حين الى آخر ليبقى هذا القرار
غير قابل للتنفيذ ويبقى
اللبنانيون على خلافاتهم
وانقساماتهم ولا وحدة وطنية
تجمعهم للتصدي لها، فهل لسوريا
مصلحة ايضا في ان يبقى لبنان من
دون دولة قوية قادرة على حكم
نفسها بنفسها واتخاذ القرارات
الوطنية المستقلة، بل ان تبقى
هذه الدولة ضعيفة وعاجزة لتظل
في حاجة اليها، اي الى سوريا؟! ================= جهاد المومني الرأي الاردنية 13-4-2010 من الواضح ان الرئيس الأميركي باراك
اوباما لا يعرف او انه لا يريد
ان يعرف مصدر الخطر النووي
الحقيقي من اين يأتي، من كوريا
الشمالية ام من ايران ام من
التنظيمات الارهابية اذا ما
تمكنت من الحصول على السلاح
النووي بطريقة او بأخرى, فمنذ
توليه شؤون البيت الابيض تغيرت
مصادر الخطر بالنسبة للولايات
المتحدة او انها انحصرت ما بين
ايران والتظيمات الارهابية
وتحديدا القاعدة ,فقد تراجع خطر
كوريا الشمالية عندما احتلت
الجمهورية الاسلامية الايرانية
المرتبة الاولى لتأخذ مكانها,وكانت
كوريا قد تحصلت على مكانة
الدولة المارقة والخطيرة بعد
تفكك جمهوريات الاتحاد
السوفيتي وانتهاء الحرب
الباردة, وبقيت كذلك الى حين
ظهور خطر اسلحة الدمار الشامل
في العراق الذي حافظ على
المرتبة الاولى حتى عام 2003 وبعد
ذلك تحولت الماكنة الاعلامية
الصهيواميركية الى ايران ومنذ
ذلك الحين والملف النووي
الايراني يأخذ الصدارة ويتقدم
على القضية الفلسطينية في بيوت
الحكم الغربية جميعها. ومن الطبيعي ان لا يكون هناك اي ذكر
لاسرائيل رغم انها الدولة
الوحيدة التي لا يحتاج امتلاكها
اسلحة نووية الى برهان او لجان
تفتيش وتحقيق وهذا ما لم تسمح به
اسرائيل يوما مستندة الى حماية
مطلقة من قبل الولايات المتحدة
والدول الغربية, فيما يشبه
التسليم بحقها بامتلاك اسلحة
نووية او اي شكل من اشكال التسلح
لضمان استمرار تهديدها لمنطقة
الشرق الاوسط بكاملها وحماية
مصالح الداعمين والمؤيدين. وحتى في ازمنة الحرب الباردة بين
المعسكرين الاشتراكي
والرأسمالي ظلت اسرائيل محمية
من الاتهام بالتسلح النووي
وابعد ما تكون عن الجدل بين
القطبين بهذا الخصوص ,ولذلك
تحاشتها جميع الاتفاقيات
الخاصة بالحد من التسلح النووي
بين حلفي وارسو والناتو, كما ان
الدولة المدللة اسرائيل لم تشعر
يوما انها تخضع لرقابة سياسية
لبرامجها النووية وتوضع تحت
المجهر كما هي اليوم ,وهي التي
حرصت على الابتعاد عن جميع
الاتفاقيات والمحافل الدولية
الخاصة بالتسلح النووي حتى لا
تضطر الحليف الأمين الولايات
المتحدة الى دخول معارك سياسية
للدفاع عنها بقرارات من المستوى
الأول كحق النقض الفيتو .. اليوم تتغير النظرة الى اسرائيل بالمطلق
ويشعر الاسرائيلي ان العالم
يتصيد هفواته واخطاءه بعدما لم
يعد بامكان اي دولة بما في ذلك
الولايات المتحدة ان تتجاهل
الانقلاب الكبير في الموقف
التركي تجاه اسرائيل ,هذا
الموقف الذي يستند الى مقارنة
خطيرة - بالنسبة لتل ابيب
وحلفائها – تضع الملفين
النووين الاسرائيلي والايراني
على طاولة النقاش بنفس المعايير
والشروط الأمر الذي عجزت وتعجز
عنه الدبلوماسية العربية التي
تتحدث عن منطقة خالية من
الاسلحة النووية دون اي ذكر
لاسرائيل بالاسم على عكس ما
تفعله مع ايران ,الموقف التركي
هو ما حسم موقع اسرائيل في
المجتمع الدولي فاما انها دولة
تخضع للقانون او انها كيان خارج
عليه, ويمكن لأي مراقب الجزم ان
الموقف التركي خلال العامين
الماضيين فتح عيون العالم
الغربي على اسرائيل ونهض
بالقضية الفلسطينية ليضعها في
الواجهة كلما حاولت اسرائيل
طمسها وتغيير الاولويات وجر
العالم لجعل ايران الخطر الاول
على السلام في الشرق الاوسط . ================= اوباما – نتنياهو «بين
الخلاف والاختلاف» د. صالح لافي المعايطة الرأي الاردنية 13-4-2010 تبادلت واشنطن وتل أبيب في الأسابيع
الأخيرة بعض الكلمات الناعمة
والأقوال المهدئة خصوصاً أثناء
زيارة نائب الرئيس الأمريكي
بايدن إلى إسرائيل في بداية شهر
آذار الماضي، واليوم يسعى
الخطاب الرسمي بين البلدين لان
يكون مطمئناً من هذا الطرف أو
ذاك. إذا عدنا للإدارة الأمريكية فقد نجحت في
الأشهر الأخيرة في ثلاثة
اتجاهات أولها: تمرير مشروع
الرعاية الصحية، حيث تحتل
الولايات المتحدة الموقع 37 من
بين 191 دولة في مستوى الرعاية
الصحية للمواطنين. والاتجاه
الثاني وهو نجاح الإدارة
الأمريكية في موضوع تخفيض
الصواريخ الإستراتيجية من خلال
الاتفاق مع روسيا. والاتجاه
الثالث هو نجاح الانتخابات
العراقية والموازنة مع
التوجهات الإيرانية في العراق
لما يخدم مصالح الطرفين، وهذا
ما أزعج نتنياهو الذي يريد خلط
الأوراق في إيران للتخلص من
تداعيات الملف النووي الإيراني
. ترتفع في الولايات المتحدة أصوات
القوميين الذين لا تعجبهم غطرسة
نتنياهو واستهتاره بعملية
السلام وعدم تقديره للدعم
السياسي والدبلوماسي والعسكري
والاقتصادي الذي تحصل عليه
إسرائيل من أمريكا ودافع
الضرائب فيها، حيث يدرك الشعب
الأمريكي أن نتنياهو باستخفافه
بحلفائه قبل أعدائه هو أمر خطير
وسيزيد من أعداء إسرائيل، حيت
أعلنت منظمة الايباك في أمريكا
ضجرها من ممارسات نتنياهو. وما
يقلق اوباما من سياسات وممارسات
نتنياهو انه كلما حاول اوباما
التهدئة مع العالم العربي
الإسلامي وتمر هذه التهدئة حتما
بتحقيق تطورات في الجوار
الإسرائيلي وبتجميد الاستيطان،
إلا أن رئيس الليكود اياً كانت
براغماتيته فهو يقود حكومة
يمينية تريد مواصلة بناء
المستوطنات وهذا ما يقلق
الإدارة الأمريكية. تصر إسرائيل على أن القدس الموحدة هي
عاصمة لها، فيما يطالب
الفلسطينيون بإقامة عاصمتهم في
الجزء الشرقي من هذه المدينة،
ولكن الاحتجاجات والاعتراضات
لم تكن حتى هذا اليوم شيئا آخر
غير الكلام الشفوي، والدليل على
ذلك أنه بعد مرور أكثر من 43
عاماً على حرب 1967 فان 300.000
إسرائيلي يقيمون في الضفة
الغربية ونحو 20.000 آخرين في
الجزء الشرقي من مدينة القدس،
ولم تعترض واشنطن على ذلك بل
تركت الأمور تسير حسب ما تريده
إسرائيل، ولهذا الوضع سبب واحد
أساسي ففي الشراكة المبرمة مع
إسرائيل ظل الخلاف حول الأراضي
المحتلة أمراً مهمشاً. نادرا ما يطرح على الطاولة في واشنطن خلاف
مصالح إستراتيجية مماثل بين
حليفين، ففي إسرائيل هناك من
يطمئن نفسه بذكر جانب آخر من
جوانب العلاقة الإسرائيلية
الأمريكية بالقول ان هذه
العلاقة على الإطلاق ليست علاقة
استراتيجيه فقط بل هي علاقة
وجدانية وعاطفية، فالأمريكيون
يحبون الإسرائيليين لأنهم أكثر
من الأوروبيين يشعرون بمودة
طبيعية إزاء ما تمثله إسرائيل،
لذلك ليست العلاقة بين البلدين
في حاجة إلى لوبي إسرائيلي أو
غيره، فالعلاقة أكثر عمقاً
وتعقيداً ولابد من البحث عن سر
هذه العلاقة في ثنايا روح
البلدين وما الخلاف والاختلاف
إلا بهدف إشغال واستهلاك بسطاء
الناس والشعوب التي لا حول ولا
قوة لها. ================= الرأي الاردنية 13-4-2010 منذ ما يزيد على ثلاثة عقود، قال "موشيه
دايان" إنه يفضل "شرم الشيخ
من دون السلام على السلام من دون
شرم الشيخ". ولو كانت رؤية "دايان"
تلك قد سادت، لكانت إسرائيل
ومصر لا تزالان في حالة حرب حتى
الآن. واليوم، يتحدث نتنياهو
بتصريحاته عن القدس الموحدة
كعاصمة أبدية لإسرائيل، بنقل
نسخة معاصرة من عقيدة "دايان"
تفيد أنه يفضل القدس من دون
السلام، على السلام بدون القدس. وهذا شيء يؤسف له في الحقيقة، لأن التوصل
لاتفاقية سلام يصب في مصلحة
جميع الأطراف المعنية بالصراع
من دون استثناء: فهو يصب في
المصالح القومية للولايات
المتحدة، لأن احتلال الضفة
الغربية والعزلة المفروضة على
قطاع غزة، يزيدان من حجم السخط
الذي يشعر به المسلمون تجاه
الولايات المتحدة، وهو ما يزيد
بالتالي من درجة الصعوبة التي
يواجهها أوباما في سعيه من أجل
تحقيق أهدافه الدبلوماسية
والعسكرية في المنطقة. والسلام
أيضاً يصب في مصلحة إسرائيل،
وهو ما يتبين بوضوح من تصريح
أدلى به مؤخراً وزير دفاعها
مفاده إن غياب حل الدولتين، هو
التهديد الأخطر الذي يواجه
مستقبل إسرائيل، وأنه يفوق في
درجة خطورته القنبلة النووية
الإيرانية. واتفاقية السلام في مصلحة الفلسطينيين
بالتأكيد، الذين يستحقون العيش
في سلام وكرامة في ظل دولة. لكن
يتعين القول، إن الكشف بشكل
روتيني عن مقترحات أميركية
للسلام، كما يحدث في الوقت
الراهن على سبيل المثال، حيث
تشير التقارير الخبرية إلى وجود
اقتراح تحت النظر حالياً، ليس
كافياً في حد ذاته، وأن الإقدام
على مبادرة جسورة وخلاقة، في
إطار تاريخي ذي شأن هو فقط الذي
يستطيع توليد درجة الزخم
السياسي والنفسي المطلوبة
لإحداث اختراق كبير. فلقد كانت
رحلة السادات إلى القدس التي
قام بها منذ ثلاثة عقود على وجه
التقريب، هي التي حققت هذا
الشيء تحديداً، أي تمهيد الطريق
لاتفاقيات كامب ديفيد بين
إسرائيل ومصر. على المنوال نفسه، يجب على أوباما أن يقوم
برحلة مماثلة يسافر من خلالها
لزيارة الكنيست في القدس
والمجلس التشريعي الفلسطيني في
رام الله، لدعوة الطرفين
للتفاوض على اتفاقية الوضع
النهائي القائمة على إطار محدد
للسلام. ويجب أن يقوم بهذه
الرحلة برفقة الزعماء العرب
وأعضاء "الرباعية الدولية"
المنخرطة في عملية السلام، على
أن يلي ذلك، خطاب يلقيه الرئيس
الأميركي في المدينة القديمة،
يخاطب به جميع شعوب المنطقة،
مستعيداً معهم ذكريات خطابه
الذي ألقاه في جامعة القاهرة،
وخاطب من خلاله العالم الإسلامي
في يونيو من عام 2009، ليكون ذلك
الخطاب هو مسك الختام لرحلته
هذه من أجل السلام. مثل هذا الجهد سيصب في مصلحة نقاط القوة
التي يتمتع بها أوباما: فهو رئيس
يميل لشخصنة السياسات، ويسعى
إلى استثمار القدرات الخطابية،
والأطر الدرامية، في تحطيم
الحواجز والعقبات والتعبير عن
رؤية خلاقة للمستقبل، وغرس
الثقة في نفوس مستمعيه. والخطوط الأساسية للسلام الشامل والدائم
الذي يقترحه أوباما معروفة
للجميع: أولاً، حل مشكلة اللاجئين بما في ذلك صرف
تعويضات مادية، وإعادة استقرار
في دولة فلسطينية وليس في
إسرائيل. وهذه النقطة تحديداً
تمثل حبة دواء مرة للفلسطينيين،
ولكن يجب ألا يتوقع أحد من
إسرائيل أن ترتكب انتحاراً
سياسياً في سبيل السلام. ثانيا، اقتسام حقيقي للقدس، بحيث يكون كل
قسم منها عاصمة لدولة من
الدولتين، مع إجراء بعض
الترتيبات الدولية في المدينة
القديمة. وهذه حبة دواء مرة
للإسرائيليين كونها تعني
قبولهم بأن الأحياء العربية في
القدس الشرقية ستشكل عاصمة
للدولة الفلسطينية. ثالثاً، تسوية إقليمية على أساس حدود 1967
مع إجراء تعديلات متبادلة،
ومتكافئة. رابعاً، دولة
فلسطينية منزوعة السلاح تتمركز
بها قوات أميركية، أو قوات
تابعة ل"الناتو" على
امتداد نهر الأردن، لتوفير قدر
أكبر من الأمن لإسرائيل. معظم
هذه الخطوط الأساسية ووفق عليها
بالفعل في المبادرة العربية
للسلام 2002، كما ووفق عليها
أيضاً قبل "الرباعية الدولية"،
علاوة على أن العناصر الأساسية
فيها قد تم تبنيها من قبل باراك
وأولمرت. وبالنسبة للإسرائيليين المتشككين في
رغبة الفلسطينيين والعرب في صنع
السلام مع إسرائيل، توفر هذه
المبادرة الجسورة من قبل
أوباما، بياناً دراماتيكياً
على آفاق السلام الحقيقي
المتاحة، وهو ما يمكن أن يسهل من
مهمة القادة الإسرائيليين في
تقديم التنازلات اللازمة
لإنجاز التسوية. وبالنسبة للفلسطينيين، تقدم هذه
المبادرة الجسورة غطاء سياسياً
للقبول بقرار يستبعد عودة أي
عدد ملموس من اللاجئين إلى
إسرائيل. والقادة الفلسطينيون
يعرفون بالتأكيد أنه لن يكون
ممكناً التوصل لأي اتفاقية، من
دون التخلي عن المبدأ الذي أصبح
العديد من أفراد شعبهم،
يعتبرونه حقاً مقدساً ألا وهو
حق العودة. وبالنسبة للعرب، ستؤدي تلك المبادرة إلى
إضافة الشرعية على مبادرتهم
الدبلوماسية المبلورة في خطة
السلام المقدمة من قبل الجامعة
العربية منذ ثماني سنوات. علاوة
على أن دعمهم لأوباما في هذا
الجهد الذي يقوم به سيمثل
مساهمة حيوية منهم في إيجاد حل
للصراع. وفي الأخير: بالنسبة لأوباما نفسه: ستمثل
مثل هذه الخطوة، نصراً
دبلوماسياً وسياسياً مؤكداً
بالنسبة له، فاصطحاب الزعماء
العرب وممثلي "الرباعية"
معه إلى القدس ورام الله،
للموافقة على خطته سيُنظر إليه
على أنه يمثل نموذجاً رائعاً من
نماذج القيادة الفذة على
التعامل مع هذا الصراع الممتد.
ونظراً لأنه من غير المتصور أن
ترفض إسرائيل عرض أوباما،
بإحضار الزعماء العرب و"الرباعية"
معه إلى عاصمتهم، فإن المتوقع
أن أصدقاء إسرائيل من
الأميركيين سيرحبون بهذه
الخطوة أيضاً. بالطبع، هناك احتمال لأن يتم رفض مثل هذا
الاقتراح على الفور. فإذا رفض
الإسرائيليون أو الفلسطينيون
القبول بهذه الصيغة الأساسية
كنقطة انطلاق للمفاوضات، فإن
إدارة أوباما يجب أن تكون
مستعدة لمواصلة المبادرة
باستخدام وسائل أخرى، ولا يجوز
لها بأي حال من الأحوال أن تظهر
بمظهر الدولة العاجزة عن
التحرك، كما حدث عندما رفض
نتنياهو مطالب أوباما بتجميد
الاستيطان وعندما تجاهل العرب
مقترحه الخاصة بالقيام
بمبادرات من جانبهم لبناء الثقة. بناء عليه، يجب على الإدارة أن توصل
للأطراف المعنية رسالة مؤداها
أنه إذا تم رفض هذا المقترح من
قبل الجانبين، فإن الولايات
المتحدة ستسعى للحصول على
موافقة من مجلس الأمن على إطار
للسلام وهو ما سيمكنها من توليد
قوة ضغط من مختلف أنحاء العالم
على الطرف المعاند. من حسن الحظ أن استطلاعات الرأي في
إسرائيل أظهرت إنه إذا كان معظم
الإسرائيليين يفضلون الاحتفاظ
بالقدس موحدة، فإنهم يفضلون
خيار السلام من دون القدس، على
خيار القدس من دون السلام. على
نفس المنوال، على الرغم من
حقيقة إن الفلسطينيين منقسمون
على أنفسهم، يفضل غالبية
الفلسطينيين "حل الدولتين"
كما أن قيادتهم في رام الله تؤكد
علنا على التزامها بذلك. لقد حان الوقت- وإن كان قد تأخر أكثر من
اللازم - لأن تقوم الأطراف
الرئيسية المعنية وهي
الإسرائيليون والفلسطينيون
والأميركيون باتخاذ قرار
تاريخي، بتحويل حل الدولتين من
مجرد اقتراح إلى واقع. ولكي يحدث
هذا، يجب على أوباما أن يتبع
استراتيجية بعيدة النظر تنطوي
على قدر كبير من الجسارة
التاريخية. - زبيجينيو بريجنسكي (مستشار
الأمن القومي بإدارة "كارتر")
- ستيفن سولارز (عضو كونجرس سابق
وعضو مجلس إدارة مجموعة الأزمات
الدولية) "واشنطن بوست" الاميركية ================= بقلم :علي حرب البيان 13-4-2010 فاجأتني الإعلامية التونسية، البارعة،
هاجر بن حسين، التي التقيت بها
في بيروت، في العام الفائت، إذ
اتصلت بي من اسطنبول تدعوني إلى
أن أكون ضيفها في إحدى حلقات
البرنامج الذي تقدمه من على
منصة القناة التركية الناطقة
بالعربية، والمفاجأة في غير أمر:
الأول هو إنشاء قناة تركية تبث
بالعربية، والثاني هو اسم
البرنامج: قهوة تركية. ليس هذا فحسب، بل إن حلقات البرنامج تسجل،
مع كل ضيف، في أحد الأماكن
الأثرية أو السياحية المشهورة،
قصر أو فندق أو مقهى... وقد جرى تسجيل الحلقة التي تخصني من على
شرفة قصر جميل حوّل إلى مطعم،
يقع في اسطنبول الاسيوية، في
منطقة خلاّبة وساحرة. وقد حييت
محاورتي على هذه الفكرة
الطريفة، وقلت لها: لو كنت أعلم
بأن التصوير سوف يتم في مثل هذه
الأجواء، لما كنت أتيت بلباسي
الرسمي، بل بلباس سائح. غير أن البرنامج الذي يستضيف في حواراته
أعلاماً في السياسة وفي مختلف
مجالات الثقافة، يتعدى الاسم
الذي أعطيَ له: قهوة تركية،
والذي قد يشير إلى ماركة أو يشي
بطابع ترفيهي، نحو معانٍ أوسع
وأغنى، إذ هو يجسّد «الفضاء
التركي» بكل ما للعبارة من
الدلالات الحضارية. التي تشير إلى معلم سياحي، أو طراز
معماري، أو عالم سحري، والتي
تشير بالأخص إلى مساحة ثقافية
تشكّل مكاناً للقاء والصداقة
والتبادل، بين العالمين التركي
والعربي. والقناة التركية الناطقة بالعربية،
والتي يعمل فيها، بالطبع إلى
جانب الأتراك، إعلاميون
وإعلاميات من غير بلد عربي، بدأ
الإعداد لها قبل عام، وقد
افتتحها، مؤخراً، رئيس الحكومة
التركية رجب طيّب أردوغان، الذي
ظهر بوجهه العربي، وتحدّث كمحب
للعرب، إذ ألقى كلمةً صادرة من
القلب والعقل، بدأها واختتمها
بعبارات عربية. كما أشار فيها إلى رموز عربية في الفن
والشعر، لكي يؤكد على عمق
الروابط بين الأتراك والعرب،
ويعلن أمام الملأ أن مصير
اسطنبول لن يختلف عن مصير
العواصم العربية. وهكذا، فإن القناة المذكورة تدشّن عصراً
جديداً من العلاقات بين تركيا
والعالم العربي. فمن المعلوم،
أنه بعد انفراط نظام السلطنة
العثمانية، واستقلال البلاد
العربية عنها، وانصراف كل بلد
إلى شؤونه الوطنية وقضاياه
القومية. وكما فعل الأتراك أنفسهم، مرّت العلاقات
التركية العربية، بفترات مدّ
وجزر، بل هي وصلت في بعض المراحل
إلى القطيعة أو العداء، بفعل
التناقضات والصراعات
الأيديولوجية والاستراتيجية
والسياسية. واليوم أخذت الأمور تتغيّر، لأن تركيا هي
نفسها لم تعد كما كانت عليه، إذ
هي تحاول أن تلعب دور الوسيط
الفعّال في حل النزاعات
الإقليمية، وكما تفعل بتدخلها
في قضية الصراع العربي
الإسرائيلي. وهي، من جهة ثانية، تنهج نهجاً جديداً في
علاقاتها الدولية، يقوم على
الانفتاح والحوار والتبادل،
وكما يتجسّد ذلك في الطريقة
التي يدير بها دبلوماسية بلده
وزير الخارجية التركي أحمد داود
أوغلو. هذا ما جعل تركيا تزيل
الحواجز بينها وبين عدوها
التاريخي: أرمينيا. وفي ما يخص أوروبا، لقد سجل أردوغان،
بانفتاحه، نقطة على أوروبا،
بسعيه للدخول إلى السوق
الأوروبية المشتركة، بوصفها
مدى حيوياً لتركيا، فيما هم
يرفضون ذلك. أما بالنسبة إلى العالم العربي، فمن
الطبيعي أن تسعى تركيا إلى
إعادة بناء العلاقات مع الدول
العربية على أسس وقواعد جديدة
من الشراكة والتعاون والتكامل،
وذلك بتوسيع وتطوير مجالات
التبادل بين الجانبين، سيما وأن
هناك ما يجمع بينهما من الإرث
الثقافي والعمل الحضاري
المشترك على مدى قرون طوال. هذا ما عبّر عنه أردوغان بدعوته إلى إلغاء
المسافة بين تركيا والعالم
العربي. وهذا ما تجلى في إلغاء
التأشيرات بين تركيا وبعض
البلدان العربية، ومنها لبنان. وأنا كلبناني فرحت لكوني أستطيع الدخول
إلى تركيا من غير حاجة إلى
تأشيرة؛ كما أني، في المقابل،
أشعر بالمرارة لأنني أحتاج إلى
تأشيرة للدخول إلى معظم البلدان
العربية، باستثناء سوريا ومصر
والأردن. ومن الشواهد أيضاً، على غلبة منطق
الشراكة والتعاون، أن العلاقات
بين تركيا وسوريا كانت، في ما
مضى، أسيرة مفاهيم الحرب
الباردة ومنطق التوتر والنزاع.
أما اليوم فهي تعود إلى مجاريها
الطبيعية، بل تشهد تحسناً
ونمواً في غير مجال. تجلى ذلك في عشرات الاتفاقات التي عقدت
بين الجانبين، بعد الزيارة التي
قام بها أردوغان إلى سوريا في
مطلع هذا العام. ولا عجب في ذلك، فتركيا تقدم اليوم
نموذجاً ناجحاً في مجالات
التنمية والتحديث، لكي تلحق
بركب الدول الناشئة والقوى
الصاعدة على المسرح العالمي،
كالهند والصين والبرازيل. ومن المفارقات، في هذا الخصوص، أن ما حصل
في تركيا، لم يكن هو المتوقع، بل
كان مفاجئاً للمثقفين
الحداثيين في العالم العربي. إذ
كان هؤلاء ينتظرون أن تنهض
بالمهمة القوى والكتل التي رفعت
شعارات العلمانية والتقدم. ولكن النقلة النوعية التي سجلتها تركيا،
قد تحققت على يد حزب سياسي خرج
من عباءة تيار ديني، هذا في حين
فشل منظرّو الحداثة والتنمية،
وباتوا على هامش القوى الأصولية.
ولا يعني ذلك نجاح هذه القوى في
مشاريعها. بالعكس، فقد أخفقت هي الأخرى في معظم
البلدان العربية والإسلامية،
بل زادت معها الأحوال سوءاً على
سوء. لا يجدر أن أغفل هنا، كون
حزب «العدالة والتنمية»، قد
أفاد مما تحقق في تركيا
الحديثة، التي تأسست مع أتاتورك
كدولة علمانية، مدنية،
ديمقراطية، بالرغم مما شاب هذه
التجربة من الأخطاء والإخفاق،
وأخصها التعامل مع العلمانية
بعقل مغلق أو بمنطق الإقصاء. وهكذا فإن القادة الجدد لم يعمدوا إلى
إلغاء منجزات الحداثة، لأنهم لم
يفكروا بعقل آحادي الجانب، بل
بلغة الاعتراف والتعددية،
فاحتفظوا بالمكتسبات وتجاوزوا
الأخطاء، وأعادوا تعريف
العلمانية بوصفها تعدد القوى
والأنماط والمشروعيات في
المجتمع، على ما جاء في خطاب
الرئيس التركي عبدالله غل، عند
تسلمه سدّة الرئاسة. والأهم من ذلك أن نجاح تركيا مرده،
بالدرجة الأولى، إلى أن القادة
الأتراك لم يفكروا كمنظّرين
عقائديين، بل تصرفوا كساسة
محترفين، همّهم تقدم مجتمعهم
وازدهار بلدهم، بقدر ما فكروا
بعقل منفتح على منجزات الحداثة
والعولمة، وبقدر ما أداروا
القضايا والشؤون بفكر حي
ومركّب، خلاّق وبنّاء. فهذا هو مفتاح النجاح: القدرة على
الاختراع والابتكار. بالطبع كل
واحد يدرس تجارب الآخرين ويفيد
من نجاحاتهم ومنجزاتهم. ولكن كل
بلد يخترع صيغته ويركب معادلته.
ليس على مثال سبق، بل على نحو
غير متوقع ولا منتظر، بقدر ما
يخلق وقائع جديدة، تُثمر غنى
وقوة. والمقصود بالطبع القوة الناعمة التي هي
لغة المستقبل، كما يتجلى ذلك في
الإبداعات في مجالات الأدب
والفن والعلوم والمعارف، أو في
نماذج التنمية الفعّالة
وأساليب الحياة الناجحة. كاتب ومفكر لبناني ================= بقلم :محمود حيدر الدستور 13-4-2010 من مفارقات
النقاش الذي يحتدم اليوم بين
النخب في الغرب، العودة إلى ما
يخالف المألوف الذي جاءتنا به
ثقافات ما بعد الحداثة. ففي
الوقت الذي تمضي فيه الليبرالية
المعاصرة إلى مضاعفة مساراتها،
يعود سؤال القيم ليحتل مكانة
وازنة. فما الذي حدث؟ وكيف تظهر
الصورة؟ يُصوِّر اللاهوتي الألماني ديتريش
بونهوفر توترات الحداثة
وتداعياتها الأخلاقية بقوله:
لقد صار سيد الآلة عبداً لها.
وأمست الآلة عدواً للإنسان.
وثارت الخليقة ضد بارئها. كما لو كان الحاصل في الأمر جواباً مميزاً
عن الخطيئة الآدمية. ثم يضيف:
لقد انتهى تحرر الجماهير إلى
رعب المقصلة، والقومية أدت إلى
الحرب، كما قاد مثال التحرر
المطلق الإنسان إلى الدمار
الذاتي.. وهكذا تفتحت مع الحداثة
أبواب العدمية منذ مطاف السير
الأخير للثورة الفرنسية. وقبل بضعة عقود، كان للمفكِّر المعروف
هربرت ماركوز إشراقات مُعتَبرة
حول الصورة الأخلاقية للمجتمع
الصناعي الغربي. لقد كشف عن
ظاهرة الإنسان ذي البعد الواحد.
فَوَجَدَ أن المواطن في هذا
المجتمع فَقَدَ حقّه في الحياة
بمجرد أن سلَّم للمجتمع مقاليد
أمره. فتوهَّم بأنَّه يعيش الحرية، فيما هو
يغرق في بحر سحيق من انتهاب
المعنى. رأى ماركوز يومها أنَّ «المجتمع
المستلب» يلبِّي حاجات وهمية
لإنسانه من خلال الدعاية
الكاذبة ووسائل الاتصال
الجماهيرية الخادعة. وفي اعتقاده أنه إذا كان المجتمع يحرص على
تلبية هذه الحاجات المصطنعة،
فليس ذلك لأنَّها تؤدي شرط
استمراره ونمو إنتاجيته فحسب،
بل أيضاً لأنها خير وسيلة
لإنتاج الإنسان المسلوب،
القابل بالمجتمع ذي البعد
الواحد والمتكيِّف معه. وما الإنسان ذو البعد الواحد في هذا
المعنى، إلاَّ ذاك الذي استغنى
عن الحرية بوهم الحرية. فإذا كان
(هذا الإنسان) يتوهم بأنه حر
لمجرد أنه يستطيع أن يختار بين
تشكيلة كبيرة من البضائع
والخدمات التي يكفلها له
المجتمع لتلبية «حاجاته». فما أشبهه من هذه الزاوية بالعبد الذي
يتوهم بأنه حر لمجرد أن مُنحت له
حرية اختيار أصفاده (...)، على أن
المجتمع الصناعي المتقدم -بحسب
نقَّاده- لم يزيف حاجات الإنسان
المادية فحسب، بل إنه أضفى
الزيف أيضاً على حاجاته
الفكرية، أي على نمو حركة فكره
بالذات. فها هنا بالذات يستحيل الفكر حقلاً
مفتوحاً على الاستباحة. والفكر
في توظيفاته واستخداماته
الإيديولوجية هو عدو لدود للذين
يقطنون مجتمع السيطرة، لأنَّه
يمثِّل قوة العقل النقدية،
السالبة، التي تتحرك دوماً
باتجاه ما ينبغي أن يكون، لا
باتجاه ما هو كائن. وهذه القوة
هي في خاتمة المطاف قوة
إيديولوجية. ولعل المفارقة العجيبة التي يسوقها نقاد
أخلاقيات ما بعد الحداثة قولهم:
إنَّ المجتمع ذا البعد الواحد
قد أحاط الإيديولوجيا
بالازدراء والتحقير باسم
عقلانيته التكنولوجية، بل هو
سعى إلى مصادرتها وإبطال
مفعولها. ثم ليعود وينتجها على نصاب المصالح
واستراتيجيات الهيمنة. مع أنَّ
هذا لا يعني أنه أفلح في مسعاه،
أو أنه لم تعد هناك إيديولوجيا،
فإن ما حصل بالفعل هو أنَّ
المدينة التقنية أصبحت هي نفسها
الإيديولوجيا السارية في الزمن.
من أبرز ما أسفر عنه منطق التحولات الذي
استغرقته الرحلة الطويلة
للحداثة الغربية، كان إدخال
الإنسان في لجَّة اللاَّيقين.
أما كارثة التحرر التي تحدَّث
عنها ماركوز فهي تلك التي دفعت
العالم إلى فضاء اللاّعقلانية
بوسائط عقلانية. وهنا تكمن على
نحو خاص قوة المجتمع ذي البعد
الواحد: أي إكساء الطابع
العقلاني لجموحه وجنونه. لقد ذهب صنَّاع هذا النوع من المجتمع إلى
تسويق ما عرف ب«الفكر الإيجابي».
وهو الفكر الذي يمهِّد الأرض
لسيرورة القبول والإذعان وعدم
الاحتجاج. حين أن الأشد مدعاة
للهلع في هذه السيرورة، هو أنَّ
الفكر الإيجابي غالباً ما يكون
ناتجاً من امتثالية صارخة للأمر
الواقع. كأنما القبول القسري ؟ «الفكر الإيجابي»
سيتحول شيئاً فشيئاً إلى إيمان
به، وإلى اعتقاد بفضائله. وبحسب
ماركوز فإنَّ «القبول بالفكر
الإيجابي هو قبول قسري، لا بحكم
الإرهاب المباشر، وإنما بفعل
سلطة المجتمع التكنولوجي
وفعاليته الساحقة. في حين أنَّ الفكر الإيجابي يؤثر من هذه
الزاوية المحددة في الوعي
العام، وبالتالي في الوعي
النقدي. ويظهر ذلك بسطوع في
التجربة اليومية التي ثبُتَ
عجزها عن التمييز بين الظاهر
العقلاني والواقع اللاّعقلاني. لقد ذهبت العقلانية إلى «أدلجة» نفسها
حتى الرمق الأخير. لكنها لم
تستيقظ بعد من شغف الاستحواذ
وضراوته. بل انها أدخلت نفسها
والعالم في ما يهبط بهما نحو
كونية بلا أخلاق. حتى لقد بدا
المشهد الإجمالي على صورة عالم
بلا عقل. وأن عقلانية ما بعد الحداثة، تظهر اليوم
كما لو أنها في ذروة الخروج على
العقل. ومع ذلك تعود المفارقة
لتستنتج أحوالها على نشآت شتى.
فهي لا تغادر منظومتها الصارمة،
حتى في اللحظة التي تنزاح فيها
نحو التطيُّر المطلق.. فوق ذلك، منحت العقلانية الليبرالية «فكر
ما بعد الحداثة وتنويرها
المعاصر» قابلية صريحة
للاستخدام. ولسوف تجد فيه ما
يلبي نداءها المقدس. فالعقل على
ما جاءنا من تعريف لماهيّته
يملك القابلية في أن يتخذ من
ذاته موضوعاً للجدل. مثلما يملك
القدرة على التوجُّه نحو العالم
واتخاذ معطياته موضوعاً للكلام
والفعل. ولهذا سنرى كيف أن الإشكاليات والأسئلة
على الجملة، تثار خارج العقل
وداخله، في اللحظة نفسها،
وبواسطة العقل إياه. لكن تظهير
السؤال حول مواقعية الأخلاق في
فضاء العقل، سوف ينمو ويتضاعف
في الفضاء اللاّمتناهي لعالم
الإنسان. وخصوصاً في حمأة
الارتحال المتواصل لحداثات
الغرب وأطوارها اللاحقة. بعد العولمة بقليل، سنجد كيف يعود إشكال
الحداثة وما بعدها إلى سيرته
الأولى، لتستأنف أسئلة الأخلاق
رحلتها على نصابٍ آخر... ثمة ما يدنو من الاتفاق على فراغٍ في
المنظومة القيامية للغرب. ويجري
السؤال عمن سيملأ مثل هذا
الفراغ. وعما إذا كانت المسيحية
المعاصرة بجناحيها الكاثوليكي
والبروتستانتي، قادرةً على
إنجاز هذه المهمة... باحث ورئيس تحرير «مدارات
غربية» ================= كيف سيردون على «الترانسفير»
الجديد؟! ياسر الزعاترة الدستور 13-4-2010 هو أمر عسكري صدر قبل ستة شهور ، وتعلم به
السلطة الفلسطينية ، كما تعلم
بموعد البدء بتنفيذه ، لكنها
مشغولة كما يعلم الجميع ببناء
المؤسسات وزيادة الاستثمارات ،
وليس لديها الوقت الكافي
لمتابعة مثل هذا الأمر الهامشي
ما دام بوسع الدولة التي ستقوم
صيف العام المقبل أن تستوعب
اللاجئين ، بمن فيهم المرحلون
الجدد،،. سيذهب كثيرون إلى مطالبة المستهدفين
بالقرار بضرورة التشبث بأرضهم
ورفض قرارات الترحيل ، وهم في
واقع الحال يفعلون ذلك دون
نصيحة من أحد ، وليتذكر الجميع
أن هؤلاء هم بالفعل متسللون وفق
المصطلح الإسرائيلي ، لأنهم
عادوا إلى مدنهم وقراهم عبر
تصاريح زيارة ثم ظلوا هناك ، بل
عاد بعضهم إلى غير مدينته
وقريته لأن بعضهم من لاجئي ,48 نعم ، هناك كثير منهم لا يكاد يغادر
القرية أو المدينة ، بل الجزء من
المدينة الذي سكن فيه حتى لا
تلتقطه الحواجز الإسرائيلية
وتبادر إلى اعتقاله تمهيدا
لترحيله ، وهو يفعل ذلك من أجل
البقاء في أرضه ووطنه. ولكن كيف سيواجهون الإجراء الجديد الذي
ينص على اعتقالهم لمدة تصل إلى
سبع سنوات إذا ألقي القبض عليهم
، اللهم إلا إذا كانوا من
المتسللين الجدد الذين سيصار
إلى ترحيلهم من المكان الذي
جاءوا منه ، وأكثرهم إما جاءوا
من قطاع غزة أو من الأردن؟،
ولنتذكر أن هؤلاء لن يكونوا
بمنأى عن الاعتقال ، لا سيما أن
أجهزة دايتون لا تحرك ساكنا
عندما يقرر الجيش الإسرائيلي
اجتياح هذه المنطقة أو تلك من
مناطق الضفة الغربية. يقول بعضهم إن الإجراء الجديد هو نوع من
الضغط على السلطة كي تعود إلى
طاولة المفاوضات ، فهل يعني ذلك
أن المفاوضات هي ضد المصلحة
الفلسطينية؟ وإذا قيل إن
المقصود هو العودة للمفاوضات
دون تجميد الاستيطان ، فما هو
الموقف ممن فاوضوا زمنا طويلا ،
بما في ذلك سنوات أولمرت الثلاث
دون تجميد الاستيطان؟، إنهم
يعجزون عن مواجهة الأسئلة
المنطقية التي ترد على ألسنة
الناس حيال هذه القضية ، وتراهم
يعودون إلى الحديث التقليدي عن
فشل المقاومة وعدم قدرة الشعب
على احتمالها ، مع أننا لا نتذكر
أن الجماهير قد خرجت يوما إلى
الشوارع تطالبهم بإنقاذها من
عبء المقاومة ومساعدتها على
العيش بسلام. لا يعني ذلك أن الإجراء الجديد غير قابل
للإلغاء ، أو أنه ليس نوعا من
الضغط السياسي ، لكن ذلك لا يغير
في حقيقة عدوانيته ، بل ربما
تمهيده لخطوات أسوأ ، كما أن
مواجهته بالتنازل مصيبة ، فيما
تمريره مصيبة أكبر ، فما هو
الحل؟ لنتذكر أن الإجراء الذي
يتحدثون عنه هو جزء لا يتجزأ من
مسلسل العدوان على الشعب
الفلسطيني الذي يشمل
الاجتياحات والاعتقالات
والاستيطان والتهويد ، ولا يمكن
الرد عليه وحيدا دون الإجراءات
الأخرى ، فهل يملك أصحابنا حلا
آخر غير الانتفاضة والمقاومة
المدعومة من جماهير الأمة
العربية والإسلامية ، والتي
تفرض نفسها على العالم أجمع؟،. سيعود بعضهم إلى الكلام الفارغ حول حماس
والانقسام الذي يشجع
الإسرائيليين على المزيد من
العدوان ، مع أن العدوان لم يكن
متوقفا أيام الوحدة ، فضلا عن أن
الوحدة التي يريدونها هي الوحدة
على ذات البرنامج العقيم الذي
أعلنوا عنه بعد التخلص من ياسر
عرفات. ولا تسأل عن عجزهم عن
الرد ، ولو بوقف التنسيق الأمني
مع العدو. التوحد على برنامج المقاومة هو الرد ، ليس
على مشروع "الترانسفير"
الجديد فحسب ، بل على مشروع
الاحتلال برمته ، والكيان
الصهيوني الذي خرج ذليلا من
لبنان ، ثم مني بهزيمة أمام حزب
الله ، فيما عجز عن تركيع قطاع
غزة ، ليس شيئا آخر هنا ، بل هو
قابل للهزيمة والتراجع لو توفرت
الإرادة. إن مواجهة "الترانسفير" والتوطين
والوطن البديل والاستيطان
والتهويد لا تكون إلا بدعم خيار
المقاومة ، أما تبني التسوية
فلن يكون إلا على حساب فلسطين
والأردن ، بل الأمة بأسرها. ================= القتل الأمريكي .. خطأ
بشري أم خلق أصيل؟ د. عيدة المطلق قناة الدستور 13-4-2010 الشريط الرهيب أو الفضيحة التي نشرها
موقع "ويكي ليكس"
الإلكتروني والذي يسجل وقائع
غارة شنتها القوات الأمريكية في
تموز عام 2007 والتي حصدت - بدم
بارد- اثني عشر عراقياً: لم يكن
ليختلف كثيراً عما تم كشفه من
صور وتسجيلات لفضائح أخرى.. فرغم
أن الحادثة مفزعة وبشعة بكل
المقاييس ، إلا أنها لا تعدو أن
تكون سطراً في سفر متورم بالقتل
العشوائي المجنون الذي استهدف
كل العراق جغرافيا وتاريخا..
حضارة ومستقبلاً.. كما استهدف كل
العراقيين أفراداً وتجمعات
مدنيين وعسكريين نساء ورجالاً..
أطفالاً وشباناً وشيبا.. إلا أن
هذه الحادثة تكتسب أهميتها
بمقدار ما نكأت من جراحات..
وبمقدار ما عززته من صورة
الأمريكي القبيح ، وتجليات هذه
الصورة المفزعة في العراق
الجديد..،،. منذ احتلال العراق والفظائع تترى.. يكفي
هذا العهد الأمريكي الجديد أنه
افتتح احتلاله باحتفالية رهيبة
من النهب والسلب واجتياح كافة
مؤسسات العراق الحضارية كان في
مقدمتها المتحف العراقي ونهب
مقتنياته وتحطيم مبانيه. واستتبع احتفاليته تلك بفظائع "بلاك
ووتر" وأخواتها والتي باتت
تشكل عنواناً بارزاً للاحتلال
بكل ما حمله من مفردات القبح من
قتل عمد وعشوائي.. وإفراط في
استخدام القوة المهلكة دون مبرر..
واستخدام الأسلحة
الأوتوماتيكية الفتاكة
الممنوعة.. ومن استهداف
المدنيين في الشوارع والبيوت في
الليل والنهار.. وامتناع قصدي عن
إسعاف الجرحى.. فكم من جريح
أطلقوا عليه الرصاص بعد إصابته..
وكم من جريح ترك ينزف حتى الموت..
ناهيك عن جرائم تهريب الأسلحة
والتزوير وغسل الأموال والتهرب
من الضرائب.. فهؤلاء المرتزقة
كثيراً ما يتباهون بسلوكياتهم
الانحرافية..وتبجحهم بأنهم
قتلوا عراقيين بدءاً من الأيام
الأولى لوصولهم إلى العراق. ولعل من اللافت هو صراحتهم الوقحة في
الإعلان عن أن كافة ممارساتهم
بما فيها من وحشية وشذوذ إنما
ترتكب تحت لواء "حرب صليبية
مهمتها استئصال شأفة المسلمين
واجتثاث الإسلام من العالم"..
- بحسب ما صرح به إريك برنس (صاحب
شركات برنس ورئيس شركة "بلاك
ووتر") - .. فضلاً عن الطمع
والجشع.. الذي تمثل بانتهاز أي
فرصة لإرسال رجال للعراق لجني
المال من حكومة الولايات
المتحدة،،. وأما فظائع السجون الأمريكية فقد بدأت
منذ البدايات.. إذ ما كادت تمر
أيام معدودات على (حرب تحرير
العراق ودمقرطته) حتى صدم
العالم بصور ناطقة.. وما "أبو
غريب" إلا رأس الجبل الجليدي
الديمقراطي التحرري،،،.. كشفت
جانباً منه صحيفة "الجارديان
البريطانية" من أنه "يجري
في المعتقلات الأمريكية في
العراق انتهاك كبير لحقوق
الإنسان من تعذيب بالجلد والماء
الحار والبارد والتعليق
بالمراوح السقفية وقطع الأصابع
وقلع الأظافر وكي بالسجائر
والصعقات الكهربائية واغتصاب
بالجملة.. وتشويه وتعذيب وتغييب
واختفاء.. وعمليات إعدام ليلية
ودفن ليلي للجثث".. كما نقلت
مجلة "فانيتي فير"
الأمريكية عن سجناء عراقيين
وصفهم للانتهاكات الجنسية التي
تعرضوا لها..،،. وأما ما يتعرض له المعتقلون من جرائم بشعة
في السجون السرية فقد وثقتها
جملة من التقارير الصحفية
والحقوقية.. لعل آخرها ما جاء في
القرار الصادر عن "مفوضية
حقوق الإنسان" (التابعة إلى
الأمم المتحدة) بتاريخ 18( 2 2010 )..
فقد كشف هذا القرار عن انتهاكات
جسدية فضلاً عن انتهاكات نفسية
ومعنوية رهيبة.. أقساها ما يمارس
مع علماء الدين وأئمة المساجد..
كتمزيق القرآن الكريم..
وإجبارهم على شرب الخمر.. وأكل
لحم الخنزير.. وإلى ما هنالك من
فظائع يترفع المرء حتى عن مجرد
كتابتها،،. وهذا "طارق الهاشمي" (نائب الرئيس
العراقي الحالي) يؤكد وجود عدد
من السجون السرية في العراق..
وأن هناك آلاف العراقيين ما
زالوا يُقتادون إلى أماكن غير
معروفة ، استنادا إلى الشبهات
وبغية الابتزاز من دون تهم أو
أوامر إلقاء قبض. ومن الفظائع المضافة لهذا السفر الأسود
أنه بينما تزعم القوات
الأمريكية التزامها بتطبيق
بنود معاهدة جنيف.. فانها لم
تسمح حتى للجنة الدولية للصليب
الأحمر بزيارة مراكز
الاعتقال،،. هذا غيض من فيض الانتهاكات الأمريكية
الوحشية.. وبالتالي فإن حادثة
الغارة الأمريكية التي قتلت
اثني عشر عراقياً إنما هي احدى
مفردات هذا السفر الفضائحي
الأمريكي في العراق الذي يؤكد
يوماً بعد يوم بأن هذه الأمريكا
غير معينة بالقيم والمنظومات
الأخلاقية والإنسانية
والقانونية.. حتى تلك التي نص
عليها الدستور الأمريكي ذاته
أما ما يثير الحنق فيكمن
بمسارعة بضعة من ذوي الوجوه
البلاستيكية من فاقدي الحساسية
من المتصهينين والمحافظين
الجدد - من الذين يطيب
لفضائياتنا أن تخلع عليهم صفات
المحللين والخبراء في مراكز
الأبحاث ومطابخ القرار
الأمريكي - بالتنظير والتسويغ
والتبليع لكل تلك الأفعال
الشنيعة.. مما يؤكد أنه حتى
الحساسية الإنسانية أو مجرد
الخجل تبقى خارج قاموس التداول
الأمريكي،. لقد استمع العالم للحديث الذي دار بين
قائدي الطائرة بعد إطلاق
نيرانها على اثني عشر عراقياً
مدنياً إذ قال أحدهما.. هناك "جثث
مكدسة" على الأرض... أنظر إلى
هؤلاء "الأوغاد جثثا هامدة"..
فرد الاخر "إنه أمر جميل"...
مثل هذا الحديث لم يكن ليخجل أحد
هؤلاء "المحللين" حين راح
يبرر بالقول: "يبدو أن قائدي
المروحية اعتبرا كاميرا أحد
موظفي "رويترز" قاذفة
صواريخ "ار بي جي".. فقد
رصدا "خمسة إلى ستة أشخاص مع
قاذفات إي كي - "47 وطلبا الإذن
ب "إطلاق النار" وهذا ما
حصلا عليه على الفور تقريبا...
كما لم يخجل "خبير آخر" من
هؤلاء من القول بأنها "حادثة
صغيرة ينبغي أن لا تشغل الناس عن
المنجزات الكبيرة التي تحققت في
العراق الجديد". إن قتل دزينة من البشر - جريمتهم أنهم
ينتمون لجغرافيا وإثنية معينة -
لا تستحق حتى مجرد المجاملة
بابداء التعاطف،. فهل بعد كل ما شهدناه وسمعناه نقبل بأن
الجرائم المرتكبة تحت الشمس
العراقية الحارقة هي مجرد أخطاء
بشرية؟ ألا تنم تلك السلوكيات
عن خلق أمريكي أصيل ومتجذر في
الشخصية الأمريكية.. وإلا ما هو
التفسير لهذا الكم من المجازر
المفتوحة بضحاياها المليونية؟. ================= كيف تتحول الحرية
الفردية من ضرورة الى شأن أمني؟ ميشيل كيلو 4/13/2010 القدس العربي منذ الخمسينيات، كانت الأحزاب القومية
والشيوعية تروج للتحرر
باعتباره شيئا مختلفا، وفي
أحيان كثيرة، متعارضا مع الحرية.
التحرر، في مصطلحها وفهمها، كان
له معنى وحيد أو رئيسي هو تخليص
العرب من الاستعمار الخارجي،
وحصولهم على حق تأسيس دول
مستقلة خاصة بهم، على أن تلي ذلك
مرحلة تتحقق فيها الحرية. بهذا الفهم، لم يبق من سبيل إلى التحرر
غير وحدة وطنية وشعبية داخلية
صماء، كتيمة ومطلقة، يصعب على
المستعمر النفاذ إليها لتفتيت
إرادة الشعب الموحدة، أداته
ووسيلته إلى الاستقلال. بما أن
الحرية الفردية والشخصية قد تمس
بهذه الوحدة، من حيث تمكن
المواطن الفرد من العيش وفق
قناعاته وعلى هواه، فإن أهميتها
احتلت مرتبة تالية بالمقارنة مع
أهمية التحرر، فلا بد أن تنضوي
فيه وتخدمه، ولا أهمية لغير
جوانبها التي من شأنها تأسيس
وتوطيد وحدة الشعب والوطن:
رافعة الاستقلال وأداة منع
الاستعمار من المناورة على أي
تناقض قد ينشأ بين حرية الفرد
وتحرر شعبه ووطنه. بهذا، تم التغاضي عن ضرورة الحرية
وممارستها باسم تحرر وطني لم
يعتبر في أية مرحلة من مراحله
مفهوما مركبا، إن تجانست حرية
المواطنين الأفراد وتفاعلت في
إطاره كان بلوغه أكثر سهولة
وخروج المستعمر أيسر منالا. كما
فهم التحرر بوصفه حدا جامعا
مانعا يقابل ويبطل، ولو إلى
حين، حد الحرية، الفردي
والتفريقي، الذي يمكن أن يقوض
أو يضعف، عند ممارسته، إرادة
الجماعة وتاليا فعل التحرر، وأن
يخدم المستعمر، فلا ضير في
تقييده والحيلولة بينه وبين
تهديد مصالح وأهداف النضال
العليا، لأنه عندئذ سيلعب دورا
لا يمت إلى الحرية الحقيقية
بصلة. ثمة، في خلفية هذا النمط من الفهم، قدر من
التضارب بين حرية الفرد /
المواطن وحرية الجماعة
الوطنية، يسلم بصعوبة، أو
استحالة التوفيق بين أهدافه
وأهدافها، وبحتمية إعطاء مرحلة
التحرر أولية مطلقة، وإن قيدت
الحرية كضرورة وجود وحياة
للمواطن / الفرد، وأقرت بأنها
تصبح شرعية في المرحلة الثانية،
التالية لإنجاز التحرر. ثمة هنا مسألتان تستحقان الاهتمام: - تعتقد معظم النظم العربية الراهنة أن
مرحلة التحرر لم تنته بعد، بسبب
الاحتلال الإسرائيلي للأراضي
العربية ووجود المشكلة
الفلسطينية، والصراع الدائر في
المنطقة العربية وعليها بين
العرب وقوى أجنبية متنوعة،
دولية وإقليمية. بما أن مرحلة
التحرر لم تنجز تماما بعد، فإن
أوان المرحلة الثانية، مرحلة
الحرية، لم يأت أيضا. من هنا،
تضمر المطالبة بأوليتها تهديدا
جديا للوحدة الوطنية، ينجم عن
التباين بين طبيعة التحرر
وطبيعة الحرية، وعن ارتباط
الأول بالجماعة وقيمها
ومصالحها، وبتشكل الشعب والوطن
والدولة، والثانية بالفرد
ونوازعه الشديدة التباين من شخص
لآخر، وبحقه في أن يكون ما يريد،
وأن يفعل ما يشاء. هل صحيح أن
مرحلة التحرر لم تختتم بعد؟ يكفي تذكير من يقولون هذا من أنصار النظم
الحاكمة أنهم كانوا يتباهون إلى
ما قبل سنوات قليلة بطرد
المستعمر وتحقيق الاستقلال
وبناء حياة جديدة تحميها دول
مستقلة وحديثة نجحت في اللحاق
بالعصر. غير هؤلاء رأيهم، على
الأرجح، بسبب هزيمتهم أمام
العدو الإسرائيلي في عام 1967،
التي تحدت قدراتهم، وعجزوا عن
الخروج منها، كما عجزوا عن
تحقيق ما كانوا قد وعدوا
بإنجازه من مشاريع تحديثية،
وخاصة منها مشروع بناء دولة
حديثة، عامة وشاملة ومجردة،
تكون لكل مواطنيها، يحكمها
قانون هو السيد الوحيد فيها،
وتعمل على توحيد العرب. هذا
الفشل، هل يعيدنا إلى مرحلة
التحرر الوطني؟. وهل يجوز أن
تكافأ عليه نظم قيدت وأبطلت
حرية مواطنيها، أم يجب أن نخرج
منه عبر استكمال التحرر
بالحرية، وسد الثغرات الكثيرة
والكبيرة جدا، التي أنتجتها
خيارات وممارسات النظم الفاشلة
خلال نصف القرن المنصرم؟. - لعب التناقض المصطنع بين التحرر والحرية
دورا خطيرا في إيصالنا إلى ما
نحن فيه، ليس لأن المفهومين غير
متناقضين وحسب، بل لأن أحدهما
لا ينهض دون الثاني، ما دام
التحرر هو حرية الشعب، والحرية
هي تحرر المواطن / الفرد من أية
عقبات وعوائق تقيد حقوقه
وإرادته في إطار الجماعة. إن وضع
التحرر في مواجهة الحرية أبطل
طابعه، ورؤية الحرية أو
ممارستها خارج إطار التحرر
قيدها وشوهها وحد من فاعليتها،
وينشر بدلا منها فوضى مدمرة في
كل مكان. بكلام آخر: إذا كان نجاح
مرحلة التحرر العربي يتطلب
تهميش الحرية كمفهوم وكممارسة،
فهذا يعني أننا نسير اليوم،
وسنسير في الغد أيضا، من فشل إلى
آخر، على صعيدي التحرر والحرية،
وأننا رفضنا تعلم أي شيء من
تجربة نصف القرن المنصرم، وتأمل
نواقص وثغرات فكر وسياسات
النهضة والتنوير، وفهم أن
التحرر إما أن يكون محصلة عليا،
على صعيد المجتمع والدولة،
لحريات المواطنين، أو أن لا
يكون هناك أي تحرر على الإطلاق. قد يعتقد بعض القراء أن هذه مشكلة نظرية
مجردة. أذكر في هذا السياق
بتجربة ثورية عربية قرر قادتها
الميدانيون التخلص من أي منتسب
إلى الثورة حظي ببعض التعليم،
لاعتقادهم أنه خطر يتهدد الوحدة
الوطنية الضرورية للتحرر، بما
في نفسه من نزوع نحو الحرية!. بعد الاستقلال، الذي يفترض أنه كان نتاج
التحرر، وقع انتقال خطير في
العقل السياسي العربي، الذي وصل
إلى السلطة أواخر الخمسينيات،
كشف ما في معارضة التحرر
بالحرية من شمولية كامنة، حين
جعل سلطة الدولة الجديدة ممثلا
شرعيا ووحيدا للجماعة الوطنية
في طور أول، ثم اعتبرها في طور
ثان هذه الجماعة بذاتها
ولذاتها، المهددة بالغزو
الصهيوني والمخاطر الإمبريالية
والمؤامرات الرجعية، فلا بأس
عليها إن هي اتخذت، باسم الحفاظ
على وحدة الجماعة، مواقف متشددة
أو عدائية من مبدأ الحرية، ومن
ممارساتها الملموسة، وتعاملت
مع الداعين إليها باعتبارهم
اختراقا خارجيا يمكنه تقويض
وحدة الوطن وتهديد استقلاله،
خدمة للعدو بطبيعة الحال. بهذه
النقلة، أوجدت السلطة لها عدوا
داخليا هو المواطن الحر أو
المطالب بحريته، أخذت تطارده
وتقمعه وتدفعه إلى خارج السياسة
والشأن العام. بمرور الوقت
وتكريس هذا الموقف في
أيديولوجية قامت على العداء
للحرية باعتباره إحدى ضمانات
الوحدة الوطنية والاستقرار
الداخلي، تحولت الحرية من قضية
فلسفية وضرورة سياسية إلى مسألة
أمنية، وتحول المناضلون في
سبيلها إلى جواسيس لا بد من
قمعهم، يتبنون مواقف مناهضة
لخيارات سلطة هي الجماعة
الوطنية، وبالتالي الوطن، من
واجبها الدفاع عنهما بكل ما في
أيديها من وسائل. استفحل هذا الجو وتفاقم خلال السنوات
الخمسين الماضية، وحمل طابع
سياق تاريخي وضع الجماعة فوق
الفرد وفي مواجهته، ورأى فيها
كلية شبه مقدسة لا قيمة له
بالمقارنة معها، ليس له أي حق
غير الالتزام بما تراه، مقابل
هوامش شخصية، اجتماعية
وأخلاقية، توطد وحدتها وأمنها
ولا تلحق أي ضرر بمصالحها. ثمة
هنا حرية تقتصر على تماثل الفرد
الطوعي مع الجماعة التي ينتمي
إليها، وعلى الدفاع عن قيمها
ومواقفها، وتقديم روحه، عند
الحاجة، في سبيلها. هذه حرية
الشخص في أن يلغي فرديته وتاليا
إنسانيته، وأن يعطي جماعته
أولية مطلقة على ذاته، التي لا
يحق له اعتبارها، في أي حال،
ذاتا حرة تتعرف خصوصيته كإنسان
بها. ليس الفرد شيئا من هذا كله.
إنه مجرد عضو في جماعة تتلاشى
صفته الإنسانية بقدر ما يتماثل
معها، وليس إنسانا يقوم فضاؤه
الخاص في ذاته وما يشبهها من
ذوات، وليس كذلك فضاء هيئة
مجتمعية عامة تتكون من ذوات حرة
هي مادة أي تكوين عام، لذلك لها
الأولية عليه، خاصة إن كان
وجوده ينفي وجودها، وتبلوره
ينفي كيانها الإنساني، وتاليا
المجتمعي والمدني. يعتقد معظم الساسة العرب أن المقاومة حق
مقدس للشعوب. لكن أغلبهم ينكر أن
الحرية حق مقدس للأفراد، وأن
تحرر الجماعات الوطنية محال
بدونها. من كان يظن في منتصف
القرن الماضي أن التحرر لن يحقق
الحرية، بل سيقيدها، وأن نظامه
سيضع مثل العرب العليا وأهدافهم
بعضها في مواجهة بعض، بحيث يبطل
كل واحد منها غيره، ويحقق عكس ما
يعد بتحقيقه أو يراد منه؟. ومن
كان يصدق أننا سننحدر باسم
التحرر إلى الدرك الذي نحن فيه؟..
' كاتب وسياسي من سورية ================= علاء ابو صالح 4/13/2010 القدس العربي لازالت قضية الشرق الأوسط تشغل حيزاً
كبيراً لدى الساسة والمفكرين
وراسمي السياسة الأمريكية، لما
تمثله هذه القضية من محور هام من
محاور الصراع الحضاري القائم
بين المسلمين الذين لا حول لهم
ولا قوة -في الوقت الراهن- وبين
القوى الغربية الرأسمالية
الاستعمارية. ففي مقال له نشرته صحيفة واشنطن بوست
ونشرته وكالات عدة قال زبغنيو
بريجينسكي مستشار الأمن القومي
في عهد الرئيس الأميركي الأسبق
جيمي كارتر إنه لتحقيق السلام
في الشرق الأوسط لا بد للرئيس
الأميركي باراك أوباما من
القيام بزيارة تاريخية جريئة
للمنطقة مصطحبا معه القادة
العرب إلى الكنيست في القدس
والمجلس التشريعي في رام الله. وأوضح أن استمرار احتلال "إسرائيل"
للضفة الغربية الفلسطينية
واستمرار محاصرتها وعزلها
لقطاع غزة الفلسطيني من شأنه أن
يزيد من غضب المسلمين وامتعاضهم
إزاء السياسات الخارجية
الأميركية، وبالتالي وضع
العراقيل أمام إمكانية إدارة
أوباما لتحقيق أهدافها
السياسية والعسكرية في المنطقة. واعتبر بريجنسكي "السلام" مهما "لإسرائيل"
نفسها حيث صرح وزير دفاعها
إيهود باراك قبل فترة بأن غياب
حل الدولتين من شأنه تشكيل
التهديد الأكبر لمستقبل "إسرائيل"
واعتبره أعظم من التهديد الذي
قد تشكله قنبلة نووية إيرانية. وأما بشأن المحاور الأساسية لأي مبادرة
سلام أميركية مقترحة في
المنطقة، فيرى بريجنسكي في
مقاله المشترك مع عضو الكونغرس
الأمريكي السابق عن ولاية
نيويورك ستيفن سولارز، أنها
باتت معروفة للجميع وأنها تتمثل
في إيجاد حل لقضية اللاجئين من
خلال التعويض أو إعادة التوطين
في أراضي الدولة الفلسطينية
وليس في "إسرائيل"، مضيفين
أن هذه الوصفة قد تكون مرة
بالنسبة للفلسطينيين ولكنهما
لا يتوقعان من "إسرائيل" أن
تقدم على الانتحار من أجل "السلام". وأما المحور الثاني في المبادرة بحسب
الكاتبين فيتمثل في التشارك بين
الفلسطينيين و"الإسرائيليين"
في القدس بوصفها عاصمة لكل من
الدولتين مع بعض الترتيبات
الدولية بشأن مدينة القدس
القديمة، وذلك أيضا يشكل جرعة
مرة بالنسبة "للإسرائيليين"
لأنه يعني أن تكون القدس
الشرقية عاصمة لفلسطين. كما يجري الاتفاق بشأن المستوطنات الكبرى
الواقعة في حدود 1967 بحيث يتم
دمجها ضمن الدولة "الإسرائيلية"
عبر اتفاق لتبادل الأراضي. ويتم نشر قوات أميركية أو قوات تابعة لحلف
شمال الأطلسي (ناتو) على طول نهر
الأردن في الدولة الفلسطينية من
أجل توفير الحماية الأمنية
القصوى لدولة "إسرائيل". ويمضي الكاتبان إلى القول إن أوباما إذا
قام باصطحاب القادة العرب
وأعضاء اللجنة الرباعية إلى
القدس ورام الله فإنه سيحقق
نصرا سياسيا ويضرب مثلا على حسن
وقوة القيادة التي استطاعت وضع
حد للصراع الطويل في المنطقة. وإذا ما رفض أحد الطرفين أو كليهما مبادرة
السلام الأميركية فيرى
بريجينسكي وسولارز ضرورة قيام
الولايات المتحدة باللجوء إلى
مجلس الأمن الدولي من أجل توفير
ضغط دولي أوسع لإجبار الطرفين
على قبول المبادرة وتطبيق
بنودها بكل الوسائل الممكنة. ونحن إذ نقف ملياً على مقال بريجنسكي
بوصفه أحد موجهي وراسمي السياسة
الأمريكية نتناول الموضوع من
زوايا عدة: أولاً: إن أمريكا تتعامل مع ما بات يعرف
بقضية الشرق الأوسط باعتبارها
عقدة وعقبة أمام مخططاتها
السياسية والعسكرية في
المنطقة، لا باعتبارها قضية شعب
مسكين تكالبت عليه القوى الكبرى
وسلبته أرضه وألقمتها ليهود،
كما يحاول بعض الحكام أو بعض
وسائل الإعلام من تصوير المساعي
الأمريكية الحثيثة الرامية
لإيجاد حل لهذه القضية. وقد تكرر
التعبير عن هذا التوجه للإدارات
الأمريكية المتلاحقة ولم يكن
آخرها تصريحات الجنرال ديفيد
بترايوس في شهادة له أمام مجلس
الشيوخ الأمريكي. ثانياً: إن المساعي الأمريكية تقوم على
ركيزة لم تعد سراً أو خافية على
أحد، وهي حفظ أمن كيان يهود،
وهذا ما عبر عنه بريجنسكي
بالقول إن غياب حل الدولتين
يشكل تهديداً "لإسرائيل"
أكثر من تهديد القنبلة النووية
الإيرانية، وهو ما دفع بريجنسكي
كذلك للاقتراح بأن ترابط على
حدود الدولة الفلسطينية "العتيدة"
قوات أمريكية أو من حلف الناتو
لتضمن أمن وسلامة "إسرائيل". ثالثاً: تخشى الإدارة الأمريكية من دوام
استمرار الصراع في المنطقة لما
تمثله قضية فلسطين من فتيل
مستمر لإشعال حروب في المنطقة
تخشى أمريكا أن تأخذ طابعاً
دينياً فتتحرك الأمة الإسلامية
كأمة وتقف موحدة في وجه
السياسات والمخططات الأمريكية
مما ينذر بفشل أمريكا وبداية
انحسار نفوذها لا في المنطقة
فحسب بل في العالم وبداية
تقهقرها وعودتها إلى عزلتها. رابعاً: لا يمثل الحكام العرب في نظر
راسمي السياسة الأمريكية سوى
كورس ممثلين لا يملكون من أمرهم
من قطمير، لذا يلاحظ اقتراح
بريجنسكي على أوباما أن يصطحب
الحكام العرب في زيارة له
للكنيست كما يصطحب السلطان
حاشيته، من غير أن يذكر أن هذا
الأمر يمكن أن يلاقي رفضاً من
الحكام أو اعتراضاً أو حتى مجرد
امتعاض، فهؤلاء وفق النظرة
الأمريكية لا قرار ولا شأن لهم
فهم مجرد تبع لأمريكا. خامساً: أما عن حيثيات المبادرة
الأمريكية التي يقترحها
بريجنسكي على أوباما فهي كما
يقول بريجنسكي باتت معروفة،
والتي يمثل حل قضية اللاجئين
بالتعويض أو إعادة جزء منهم إلى
داخل الدولة الفلسطينية "العتيدة"
أبرز ما فيها، وهي سياسة
أمريكية عبر عنها رئيس وزراء
السلطة سلام فياض في تصريحات
سابقة لصحيفة "إسرائيلية"،
كما يدعو بريجنسكي إلى اقتسام
القدس مع ما يرى فيه من المرارة
ليهود ولكن ذلك يمثل بلسماً
لمرض عضال، ويدعو إلى تسوية
موضوع المستوطنات الكبيرة في
الضفة الغربية عبر تبادل
الأراضي بين "إسرائيل"
والدولة الفلسطينية "العتيدة"،
وهذه المقترحات لا تخرج عما هو
متبع في السياسة الأمريكية
الراهنة والتي تصطدم بحائط مهول
يتمثل في رفض اليهود لها وفي عدم
شرعية هذه الحلول عند المسلمين،
وبالتالي عدم امتداد جذور
السلطة لتمثل المسلمين الذين
يرتبطون بفلسطين وبالقدس على
وجه الخصوص ارتباطاً عقائدياً. سادساً: في أي مبادرة أو مخطط أمريكي
للمنطقة، وعن معنى الدولة
الفلسطينية التي ينص عليها حل
الدولتين، لا ترى الإدارات
الأمريكية وراسمي سياساتها في
الدولة الفلسطينية سوى كيان
هزيل يقوم بدور وظيفي يتمثل في
حماية أمن الاحتلال، ولا يملك
ذلك الكيان سيادة حقيقية ولعل
اقتراح بريجنسكي بأن تقوم قوات
أمريكية أو من حلف الناتو
بالمرابطة على حدود الدولة
الفلسطينية "العتيدة"
لتحقيق الحماية الأمنية القصوى
"لإسرائيل" يعطي انطباعاً
واضحاً عن الدولة التي يتحدث
عنها الأمريكان. سابعاً: لا يغيب عن الساسة الأمريكان أن
"إسرائيل" بعقلية اليهود
والطبقة السياسية الحاكمة فيها
تمثل عقبة أمام المخططات
الأمريكية، لكنهم يرون فيها
كالطفل المدلل الذي لا يدرك
حقيقة مصلحته فيسير وراء رغباته
دون أن يحكم العقل والمنطق،
يقول بريجنسكي "إن المعادلة
الإسرائيلية غير عقلانية وغير
منطقية، ذلك لأن السلام الشامل
هو أمر حيوي ويعد من صالح جميع
الأطراف، الإسرائيليين
والفلسطينيين والأميركيين على
حد سواء." وهذا التفكير هو
الذي يفقد الإدارات الأمريكية
المتلاحقة أداة الضغط الحقيقية
لتنفيذ مخططاتها في المنطقة وهو
الذي دعا بريجنسكي ليقترح كحال
سابقيه أنه في حال رفض أحد
الأطراف –وهم اليهود- لهذه
المقترحات فعلى الإدارة
الأمريكية اللجوء لمجلس الأمن
لإلزامه بالأمر، أي أن هذا
الاقتراح يعيد القضية إلى حيث
بدأت ويفقد المخطط الأمريكي أية
ورقة ضغط حقيقية لتنفيذه. ثامناً: في تجريد مخل لا يذكر بريجنسكي أو
يتعمد إغفال استحالة تحقق
السلام المزعوم إذ أنه يغفل
الارتباط العقائدي الذي يربط
المسلمين جميعاً في كافة أقطار
المعمورة بأرض فلسطين بقدسها
وبحيفا ويافا وتل الربيع وكل
شبر محتل منها، وأن تحقيق
السلام ليس قضية صراع بين
بريطانيا والأرجنتين على جزر
الفوكلاند بل هي قضية صراع
مبادئ وصراع عقائدي مستحكم
ومستفحل بل قضية صراع حق وباطل
لا تلاقي أو توسط بينهما، مما
ينبأ باستحالة تحقيق "السلام!"
الذي تنشده أمريكا. إن فلسطين واحتلال بيت المقدس كانا عبر
التاريخ عاملاً محفزاً للأمة
لتلم شعثها وتوحد كلمتها وتعقد
عزيمتها فتأخذ زمام أمرها،
فتحررها وتعود إلى طليعة الأمم،
وهذا الذي يخشاه بريجنسكي
والساسة الأمريكان من دوام
اشتعال فتيل هذه القضية مما
دعاهم للتفكير ملياً لمحاولة
إطفاء هذه الجذوة بأي وسيلة
كانت. فهل أدرك أهل فلسطين ما يمثلونه في حلبة
الصراع الدائر فينفضوا عن كل
المشاريع الغربية ويرفضوا كل
المخططات الأمريكية التي ترمي
لإحكام السيطرة على الأمة
الإسلامية كاملة؟ وهل أدركت الأمة الإسلامية مدى ما تمثله
من هاجس يؤرق القوى الغربية
الاستعمارية وأدركت أنها إن
تحركت تحركاً حقيقياً جاداً
للتغيير، بمقدورها أن تقلب
موازين القوى الدولية لا أن
تستعيد حقوقها المسلوبة أو تحرر
أرضها وتستعيد كرامتها فحسب بل
وتنقذ البشرية من ضنك
الرأسمالية الذي تحياه. عضو المكتب الاعلامي لحزب
التحرير في فلسطين ================ ظاهرة الحنين إلى العمل
السياسي السلمي غسان الإمام الشرق الاوسط 13-4-2010 ما الذي يجمع بين سلام فياض. سيف الإسلام
القذافي ومحمد البرادعي؟! إذا سألت القذافي الأب لقال لك إن ما يجمع
بينهم «أبجدية اللغة». لكن
العلاقة هي أعمق من ذلك بكثير.
هم أنفسهم لا يعرفون أنهم
يمثلون الحنين إلى العودة، إلى
العمل السياسي السلمي الذي راود
جيل الاستقلال العربي في
الأربعينات. ما سبب هذا الحنين؟ السبب فشل «الجهاد»
الحربي في تحرير فلسطين. بات
هَمُّ الجهادية الإخوانية في
غزة حماية الهدنة مع إسرائيل من
الصواريخ! انتهت جهادية حزب
الله إلى جلب قوات احتلال دولية
للجنوب الشيعي، فيما انكفأ
الحزب إلى الداخل، ليفرض سلمه
المسلح على الطوائف «التائقة»
إلى العمل السياسي السلمي، بعد
حرب أهلية ضروس. السبب الآخر
والأبعد للحنين، هو إخفاق
النضال القومي في تحقيق الوحدة
القومية. ثم انتهى النضال
بالهزيمة العسكرية المُرَّة
أمام المشروع الصهيوني. غير أن الأداء السلمي للبرادعي وفياض
والقذافي الابن ما زال خجولا. لا
هم يدركون أهميته وأهميتهم. ولا
الرأي العام العربي اكتشف
الظاهرة الجديدة. فهو مُغْمَى
عليه، بعد الجرعات المشبعة
بثقافة العنف. ومشغول بفتاوى
الحلال والحرام. أيضا وأخيرا، يكتشف المجتمع المدني
العربي أن المرجعية «الجهادية»
الساكنة في المغاور، لا تكفّر
وتجاهد المجتمع العالمي فحسب،
إنما أيضا تسفك دماء العرب
والمسلمين في العراق. أفغانستان.
باكستان. الصومال. المغرب
العربي، بحجة أسلمتهم وإنقاذهم
من «الجاهلية» الحداثية. بديهي أن يكون الإصلاح السياسي، وليس
الثورة الدموية، أداة دُعاةِ
العمل السياسي. بلا تنسيق بينهم.
بلا لقاء، فالهدف الأساسي واحد:
التنمية الاقتصادية. الاستثمار
في الإنسان العربي. تحسين
مستواه المعيشي، بتوفير
الخدمات الرئيسية، من صحة.
تعليم. عمل. هذا هو السبيل عندهم
لإنضاج الوعي السياسي بالواقع
المتخلف، أو لمقاومة الواقع
الاحتلالي. المرجعية السياسية للإصلاح تقوم على
بديهيات أساسية: الفصل بين
السلطات، لا سيما ضمان استقلال
القضاء. ثم إرساء دولة القانون
والشفافية والنزاهة. على أن
تبقى هذه المرجعية في منأى عن
آيديولوجيا تحتكر العمل
السياسي. أعتقد هنا أن الفصل
الحقيقي الأكثر أهمية هو الفصل
يبن النظام السياسي والدولة.
ابتلاع النظام للدولة أصابه
بالترهل. فلم يعد قادرا على
ممارسة رياضة تداول السلطة، بين
الفرقاء المتنافسين سلما
بالسياسة. النقد الآخر الذي أستطيع أن أوجهه إلى
حركات العمل السياسي، يستند إلى
العجز المبكر عن رسم منهج عربي
مشترك للإصلاح أو التغيير.
والكف عن اعتماد الأشخاص كرموز
لهما، بدلا من المؤسسات. ولعل
تناول تجربة كل من فياض
والبرادعي والقذافي الابن،
بشيء من التفصيل، يبيِّن أوجه
النجاح والقصور. مرجعية سلام فياض تواجه امتحانا أصعب مما
يواجه البرادعي وسيف القذافي.
سلام يكلف نفسه وسلطته الرهان
السلمي لتصفية أَعْتَى أنواع
الاستعمار. الاستعمار
الاستيطاني الذي احتاجت
الجزائر البطلة إلى نضال دموي
مسلح استغرق 130 سنة ================= د. عائض القرني الشرق الأوسط 13/04/2010 قبل مدّة زرتُ دمشق فسطرتُ فيها هذه
الرسالة: * «سَلامٌ من صِبَا بَردى أرقُّ
ودَمعٌ لا يُكَفكَفُ يا
دِمِشقُ * ومعذرة اليَرَاعة والقَوافِي
جَلال الرزء عن وَصفٍ يَدقُ * دخَلتُكِ والأصِيلُ له ائتِلاقٌ
ووجهك ضاحك القسمات طلقُ».. السلامُ عليك يا أرض شيخ الإسلام، ورحمة
الملك العلام، أيها الحضور
الكرام، في دمشق الشام. يا دمشق ماذا تكتب الأقلام، وكيف يرتّب
الكلام، وماذا نقول في البداية
والختام؟ في دمشق الذكريات العلمية، والوقفات
الإسلامية، والمآثر الأموّية.
وفيها يرقد ابن تيمية، وابن قيم
الجوزية. وفي دمشق حلقات
الحنفية والمالكية والشافعية
والحنبلية. يحق لحسّان أن ينوح على تلك الأوطان،
ويسكب عليها الأشجان: * «لله در عصابة نادمتهم
يوماً يحلق في الزمان
الأولِ * أبناء جفنة حول قبر أبيهم
قبر ابن مارية الكريم
المفضلِ».. تذكّرك دمشق بمعاوية بن أبي سفيان، وعبد
الملك بن مروان، وبني غسان،
والشعر والبيان، والمجالس
الحسان. دمشق سماء زرقاء، وروضة
خضراء، وقصيدة عصماء، وظلٌّ
وماء، وعلوّ وسناء، وهمّة شمّاء.
ما أبقى لنا الشوق بقية، لما
سمعنا تلك القصيدة الشوقية، في
الروابي الدمشقية: * «قمر دمشقي يسافر في دمي
وسنابلٌ وخمائلٌ وقبابُ * الحبُّ يبدأ من دمشق فأهله
عشقوا الجمال وذوّبوه
وذابوا * والماء يبدأ من دمشق فأينما
أسْنَدتَ رأسك جدولٌ ينسابُ * ودمشق تهدي للعروبة لونها
وببابها تتشكلّ الأحزابُ».. في دمشق أكبادٌ تخفق، وأوراق تصفق، ونهرٌ
يتدفق، ودمع ٌيترقرق، وزهرٌ
يتشقق. دخلنا دمشق فاتحين، وصعدنا رباها مسبّحين.
فدمشق في ضمائرنا كل حين. وهي
غنيّة عن مدح المادحين. ولا
يضرّها قدح القادحين. آه يا دمشق كم في ثراك من عابد، كم في جوفك
من زاهد، كم في بطنك من مجاهد،
كم في حشاك من ساجد. أنت يا دمشق
سفر خلود، وبيت جود، منك تهبّ
الجنود، وتحمل البنود. يصنع على
ثراك الأحرار، ويسحق على ترابك
الاستعمار، ويحبّك يا دمشق
الأخيار. فأنت نعم الدار. تقطّع
إليك من القلوب التذاكر، من
زارك عاد وهو شاكر، ولأيّامك
ذاكر، يكفيك تاريخ ابن عساكر،
صانك الله من كل كافر.. * «ألقيت فوق ثراك الطاهر الهدبا
فيا دمشق لماذا نكثر
العتبا؟ * دمشق يا كنز أحلامي ومروحتي
أشكو العروبة أم أشكو لك
العربا؟ * أدمت سياط حزيران ظهورهم
فأدمنوها وباسوا كف من ضربا * وطالعوا كتب التاريخ واقتنعوا
متى البنادق كانت تسكن
الكتبا؟».. في دمشق روضة العلماء، وزهد الأولياء،
وسحر الشعراء، وحكمة أبي
الدرداء، وجفان الكرماء. في دمشق عمر بن عبد العزيز الخليفة
الراشد، والملك الزاهد،
والوليّ العابد، يطارد الظلم
والظالمين، ويحارب الإثم
والآثمين، فيذكّر الناس
بالخلفاء الراشدين، ويعيد
للإسلام جماله في عيون الناظرين. في دمشق براعة ابن كثير، وعبقرية ابن
الأثير، وتحقيق النووي، وفطنة
ابن عبد القوي.. * «لولا دمشق لما كانت بلنسيةُ
ولا زهت ببني العباس بغدانُ * أتى يصفق يلقانا بها بردى
كما تلقاك دون الخلد رضوانُ».. يكفيك أيها الشام السعيد، أن فيك القائد
الفريد، والبطل السديد، خالد بن
الوليد. سيف الله الهمام، كاسر
كلّ حسام، أغمد في الشام،
السلام عليك يا أبا سليمان، يا
قائد كتيبة الإيمان، ويا رمز
كتيبة الرحمن.. * «يا ابن الوليد ألا سيف تناولنا
فإن أسيافنا قد أصبحت خشبا * لا تخبروه رجاءً عن هزائمنا
فيمتلئ قبرُه من قومه غضبا».. صحّح الألباني، المحدّث الرباني، أحاديث
في فضل تلك المغاني. وأول أبيات في الأغاني، لأبي الفرج
الأصبهاني. في وصف دمشق وتلك
المباني. حيث يقول الشاعر: * «القصر والبئر والجماء بينهما
أشهى إلى النفس من أبواب
جيرونِ».. وقد نسي ابن كثير نفسه، وملأ بالمدح طرسه،
لما تحدّث عن دمشق، فقلمه
بالثناء سبق، وبالإطراء دفق،
وحار الحكماء في وصف دمشق وطيب
هوائها، وعذوبة مائها، واعتدال
أجوائها، وذكاء علمائها،
وبلاغة خطبائها، وتقدّم
شعرائها، وعدل أمرائها، وجمال
نسائها، حتى إن بعض العلماء ذكر
أن دمشق أم البلدان، وأنها في
الدنيا جنة الجنان.. * «دمشق الشام كل حديث ركبٍ
يقصّر عنك يا نون العيونِ * كأنك جنة عرضت بدنيا
أثار على هوى قلبي شجوني».. دخل دمشق الصحابة، كأنهم وبل سحابة، أو
أسد غابة. فلقيتهم بالأحضان،
وفرشت لهم الأجفان، فعاشوا على
روابيها كالتيجان. في دمشق فنون
وشجون، وعيون ومتون، وسهول
وحزون، وتين وزيتون. دمشق جديدة
كل يوم، وهي حسناء في أعين
القوم، وقد بكى من فراقها ملك
الروم. إذا دخلت دمشق تتمايل
أمامك السنابل، وتتراقص في
ناظريك الخمائل. وتصفّق لقدومك
الجداول، وترحّب بطلعتك
القبائل. دمشق أعيادها يومية،
وأعلامها أموّية، وأطيافها
سماوية، وبسيوف أهلها محمية. دمشق في الحسن مفرطة، وبجواهر الجمال
مقرطة، وفي الطقس متوسطة.. * «فارقتها وطيور القاع تتبعني
بكل لحن من الفصحى تغنيني *كأنما الطير يهوى حسن طلعته
بانت دمشق فيا أيامنا بيني».. الجمال دمشقي: لأنه لا بدّ له من روضة
فيحاء، وخميلة غنّاء، وحبة
خضراء، وظلّ وماء. والحبّ دمشقي: لأنه لا بدّ له من أشواق
مسعفة، وأحاسيس مرهفة، وألمعية
ومعرفة. كتب ابن عساكر في دمشق تاريخ الرجال، وسطر
المزي في دمشق تهذيب الكمال،
وألّف الذهبي في دمشق ميزان
الاعتدال، واحتسب ابن تيمية في
دمشق الردّ على أهل الضلال،
وأرسل لنا المتنبئ من الشام تلك
القصائد الطوال، وذاك السحر
الحلال.. * «قالوا تريد الشام قلت الشام في
قلبي بنت في داخلي أعلاما * هي جنة الدنيا فإن أحببتها
فالحسن محبوب وقلبي هاما».. في دمشق رسائل الياسمين، ودفاتر اليقطين،
ومؤلفات النسرين، للحمام بها
رنين، وللعندليب بها حنين،
كأنها تقول: «ادخلوها بسلام
آمنين». ليس لدمشق الشام، دين غير الإسلام. فُطرت
دمشق على الإيمان، ولذلك طردت
الرومان، ورحّبت بحملة القرآن.
ليس بقيصر الروم في دمشق قرار،
ولذلك ولّى الأدبار، ولاذ
بالفرار، لأنّ الدار دار
المختار، والمهاجرين والأنصار.. * «من مخبر القوم شطّت دارهم ونأت
أني رجعت إلى أهلي وأوطاني * بالشام أهلي وبغداد الهوى وأنا
بالرقمتين وبالفسطاط
جيراني».. في الشام يرقد سيف الدولة الملك الهمام،
وابن نباتة خطيب الأنام، وابن
قدامة تاج الأعلام، وأبو فراس
الحمداني الشاعر المقدام. وفي
دمشق سكن الزهري المحدّث
الشهير، والأوزاعي العالم
النحرير، والبرزالي المؤرخ
الكبير، والسبكي القاضي الخطير. أتانا من دمشق كتاب «رياض الصالحين»،
وكتاب «روضة المحبين»، و«نزهة
المشتاقين»، وكتاب «عمدة
الطالبين»، وكتاب «مدارج
السالكين»، وكتاب «أعلام
الموقعين». فسلام على دمشق في الآخرين. ========================== أوامر عسكرية صهيونية
جديدة لتكثيف والإسراع بإتمام
عملية التصفية العرقية للفلسطينيين
العرب من وطنهم يجب المواجهة بانتفاضة جديدة
فوراً أمر عسكري إسرائيلي يتجاهل
السلطة ويمهّد لاقتحام مناطقها الاحتلال ينفذ غداً خطة «ترانسفير»
في الضفة: عشرات آلاف الفلسطينيين «متسلّلون»
... في وطنهم! حلمي موسى السفير في ما يبدو أنها خطة ترانسفير إسرائيلية
مقنّعة تهدف إلى إبعاد
المواطنين الفلسطينيين من
الضفة الغربية المحتلة، أصدرت السلطات العسكرية الإسرائيلية
أمرا، سيدخل حيز التنفيذ هذا
الأسبوع، يعتبر عشرات الآلاف من
الفلسطينيين المقيمين في وطنهم
"متسللين" يستحقون الطرد
والعقاب. ورغم المأساة
الإنسانية الكامنة في إرغام
الفلسطيني وعائلته على مغادرة
مكان سكنه في فلسطين، فإن
المأساة السياسية لا تقل عن ذلك.
فالقرار الإسرائيلي يضع موضع شك
كل ما يعرف بالسلطة الفلسطينية،
كما أنه يظهر ضحالة سيادتها في
المناطق «أ» و«ب». والأهم أن مثل
هذا القرار يثير تساؤلات حول
معنى وجود وزارات السلطة وأجهزة
الأمن الفلسطينية وكل ما يعرف ب”مؤسسات
الدولة من تحت”. ولم يتضح على الفور كيف ستعمد أجهزة
الاحتلال الإسرائيلي إلى تنفيذ
الأمر العسكري، وما إذا كانت
ستشن حملة مداهمات واعتقالات في
مناطق السلطة، تمهيدا لعمليات
إبعاد المواطنين الفلسطينيين،
ولا الجهة التي سيرحّل إليها «المخالفون»،
علما بان الأمر أثار مخاوف
فلسطينية رسمية وسياسية وشعبية
واسعة النطاق. وبحسب مراسلة المناطق المحتلة في صحيفة «هآرتس»،
فإن الأمر العسكري الجديد
الصادر عن قيادة الاحتلال في
الضفة الغربية سيسري أولا على أبناء قطاع غزة المقيمين
في الضفة الغربية. وبحسب التعريف الإسرائيلي فإن أبناء غزة
هم كل من تحدد عنوانه في بطاقة
هويته على أنه من غزة، حتى ولو
ولد في الضفة الغربية، ولا يعرف
غزة أبدا. وهناك قرار داخلي
لقائد المنطقة يعتبر أن
فلسطينيي غزة ملزمون منذ العام
2007 بالحصول على تصريح إقامة في
الضفة الغربية. ومنذ العام 2000
يتم التعامل معهم كمقيمين غير
قانونيين إذا كان العنوان
المسجل هو غزة، وكأنهم مواطنو
دولة أجنبية، وكثيرون منهم
طردوا إلى القطاع، بما في ذلك
أولئك الذين ولدوا في الضفة
الغربية. وبعد هؤلاء يسري الأمر العسكري على
الأجنبيات المتزوجات من
فلسطينيين، ولم يرتب أمر
إقامتهن بموافقة إسرائيلية،
وكذلك على الفلسطينيين الذين
دخلوا الضفة الغربية بتصاريح
زيارة وبقوا فيها. وبحسب «هآرتس»، فإن الأمر الإسرائيلي
الجديد يعرّف ال «متسلل» بأنه
كل من دخل الضفة بغير وجه قانوني
أو «من يمكث في المنطقة وليس
لديه ترخيص قانوني». وأشارت
الصحيفة إلى أن هذا الأمر يوسّع
بشكل كبير التعريف الذي كان
متبعا في الأمر العسكري الأصلي
الصادر في العام 1969، والذي كان
يسري على من يعبر الحدود من دول
الطوق العربية من دون تصريح
رسمي. والجديد في الأمر أن الأمر
العسكري صيغ بلغة غامضة يفهم
منها أنه يعتبر الفلسطينيين من
سكان القدس وغزة ومواطني دول
صديقة) كالولايات المتحدة)
متسللين وجاء في الأمر العسكري: «يعتبر الإنسان
متسللا إذا ما وجد في منطقة من
دون هوية أو ترخيص يدلان على
مكوثه في المنطقة قانونيا، من
دون تبرير معقول»، موضحاً أن «الهوية
أو الترخيص القانوني (هما) هوية
أو ترخيص أصدرهما قائد قوات
الجيش الإسرائيلي في يهودا و
السامرة (الضفة الغربية) أو أي (جهة(
من قبله». ويتجاهل الأمر وجود
السلطة الفلسطينية والاتفاق
معها. وبحسب الأمر العسكري، فإنه في حال اكتشف
القائد العسكري بأن «المتسلل قد
دخل إلى المنطقة منذ وقت غير
بعيد»، فان إجراءات الطرد ستكون
سريعة للغاية (في غضون اقل من
ثلاثة أيام) شريطة أن «يطرد
المتسلل إلى الدولة أو المنطقة
التي تسلل منها». ويسمح الأمر
العسكري باتخاذ إجراءات جنائية
تحمل عقوبة بالسجن تصل حتى سبع
سنوات ضد «المتسللين». ومن ينجح
في أن يثبت انه دخل إلى الضفة
الغربية بشكل قانوني، أو يمكث
فيها بغير وجه قانوني، يقدم إلى
المحاكمة أيضا، بجريمة تحمل
عقوبة سجن حتى ثلاث سنوات،
علماً أنه في التشريع
الإسرائيلي يعاقب الماكث غير
القانوني بالسجن سنة واحدة.
ويسمح الأمر لقائد المنطقة بأن
يفرض نفقات الاعتقال والاحتجاز
والطرد بنفسه شريطة ألا تزيد عن
7500 شيكل. وأشارت «هآرتس» إلى أن الجنرال غادي
شماني، كقائد للقوات
الإسرائيلية في الضفة الغربية،
قد وقّع على الأمر رقم 1650، في 13
تشرين الأول العام 2009، على أن
يدخل حيز التنفيذ بعد ستة أشهر
من التوقيع عليه، أي يوم غد. وكانت مؤسسة «هموكيد» لحقوق الإنسان قد
تنبهت إلى هذا الأمر العسكري.
وقبل أسبوعين، وبعدما درسه
المختصون في المؤسسة، بعثت
مديرة «هموكيد» داليا كيرشتاين
إلى قائد المنطقة الوسطى آفي
مزراحي رسالة تطلب منه فيها
إرجاء تطبيق الأوامر، وذلك «بسبب
التغيير الدراماتيكي الذي
تحدثه بالنسبة لحقوق الإنسان
لعدد هائل من الناس». وأثار كشف النقاب عن القرار الإسرائيلي
انتقادات فلسطينية شديدة، إذ
اعتبرت السلطة الفلسطينية أن ما
نشرته صحيفة «هآرتس»
الإسرائيلية عن ترحيل
فلسطينيين من الضفة الغربية هو
أمر مرفوض، ويتناقض مع
الاتفاقات الموقعة. وقال
المتحدث باسم الرئاسة
الفلسطينية نبيل أبو ردينة أن
من حق الفلسطينيين الإقامة في
أي مكان من الأرض الفلسطينية. كما أن عضو اللجنة المركزية لحركة فتح
نبيل شعث أكد أن هذا الأمر
العسكري الجديد يشكل حلقة جديدة
من حلقات التطهير العنصري في ظل
نظام الفصل العنصري الذي تمارسه
إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني.
واعتبر شعث أن هذا الإجراء
مكمّل لإجراءات العدو بالإبعاد
والترحيل، ويضيق الخناق بكافة
السبل في الإقامة والتنقل
والحصار ضد الفلسطينيين. ودعا
المجتمع الدولي إلى التصدي لهذه
السياسة الإسرائيلية الجديدة
ووقفها. حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين أن هذا
القرار ينبغي أن يدفع
الفلسطينيين لتوحيد صفوفهم.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة
الجهاد الشيخ نافذ عزام إنّ «هذا
الإجراء رسالة تحذير جديدة
للفلسطينيين يجب أن تدفعهم
لترتيب أوضاعهم، وهي رسالة
للعرب لكي يتبنوا سياسات حازمة
ورادعة في مواجهة الكيان
الصهيوني ومن يدعمه». واعتبرت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
الأمر العسكري بأنه شكل جديد
للترانسفير والتهجير وتفريغ
الأرض من سكانها الأصليين.
وأشارت إلى أن القرار ليس إلا
إمعاناً في الانتهاكات
المنهجية والجسيمة لحقوق
الإنسان الفلسطيني. وطالبت
الجبهة الفلسطينيين بحشد
الجهود من أجل فرض المصالحة
الوطنية واستئناف الحوار
الوطني الشامل، واستعادة وحدة
الصف والكلمة، التي من دونها
سيمضي الاحتلال في محاولاته
لتبديد حقوق شعبنا وترسيخ
مخططاته في نهب الأراضي وطرد
السكان والعودة بالقضية لدوائر
الوصاية والتبعية والإلحاق. من جهة ثانية (أ ف ب، رويترز، يو بي أي) أكد
وزير الخارجية الإسرائيلي
أفيغدور ليبرمان أن إسرائيل
ستواصل البناء في القدس
المحتلة، داعيا الرئيس
الأميركي باراك أوباما إلى الكف
عن محاولة التدخل في هذا
الموضوع. إلى ذلك، نقلت وكالة «قدس نت» عن مصادر في
السلطة الفلسطينية إن المبعوث
الأميركي جورج ميتشل سيصل إلى
المنطقة قريبا في جولة تعتبر
مهمة وحاسمة. وقال مسئول
فلسطيني للوكالة إن «ميتشل يرعى
مباحثات سرية بين طاقمي التفاوض
الفلسطيني والإسرائيلي في
واشنطن... وقد أرجأ زيارته
للمنطقة الأسبوع الماضي بسبب
رعايته لتلك المباحثات وفضّل
عدم زيارة المنطقة قبيل استكشاف
آفاق العملية التفاوضية
المقبلة، وإجراء التحضيرات
للقاء قمة يجمع الفلسطينيين
والإسرائيليين برعاية إدارة
الرئيس الأميركي باراك أوباما
في شرم الشيخ للإعلان عن انطلاق
مفاوضات تهدف إلى تنفيذ مقترحات
أميركية تقدم بها ميتشل من
شأنها البدء الفعلي للدور
الأميركي على الأرض». وفي باريس، أعلن وزير الخارجية الاسباني
ميغيل أنخيل موراتينوس أنّ
أسبانيا وفرنسا ومصر تعد مبادرة
لإحياء عملية السلام في الشرق
الأوسط، وستعرض خلال قمة مقررة
في حزيران المقبل في برشلونة
بمشاركة أكثر من أربعين بلدا
متوسطيا. وحدد الوزير الاسباني،
الذي تتولى بلاده الرئاسة
الدورية للاتحاد الأوروبي،
هدفين هما: تسهيل استئناف
المفاوضات بين الفلسطينيين
وإسرائيل بإشراف الولايات
المتحدة وضمان حصول نجاح في
برشلونة. ======================== الأدب العبري يتعمد
ترسيخ المفاهيم الصهيونية
العنصرية تجاه العرب المصدر : ديوانكم 2010-04 وصفت باحثتان مصريتان في ندوة بالقاهرة
الأدب العبري بأنه يتعمد ترسيخ
المفاهيم الصهيونية العنصرية
تجاه الانسان العربي ويعتبر
الفلسطيني والبدوي عموما
مرادفا للهمجية والبدائية. وقالت رئيسة جميل أحمد الاستاذة بقسم
اللغة العبرية بكلية الدراسات
الانسانية بجامعة الازهر في آخر
جلسات ندوة البدو في الوطن
العربي عبر العصور يوم الخميس
إن مؤلفي قصص الأطفال العبرية
يحرصون على أن يرسخوا المفاهيم
الصهيونية العنصرية في نفوس
أطفالهم . واستشهدت في بحث عنوانه صورة البدوي في
أدب الطفل العبري بقول كاتب
اسرائيلي نحن الاسرائيليين
نعيش زمن الصراع مع العرب. نعيش
في ما يطلق عليه حقول الدم لذا
يجب أن نبتعد عن كتابة القصص
الجميلة التي تتحدث عن الفراشات
والازهار حتى لا نضلل أطفالنا. وعلقت قائلة إن أدب الطفل العبري يكتب
بناء على استراتيجية محددة وفقا
للتصور الصهيوني القائم على
فكرة الحقوق اليهودية المقدسة
في فلسطين والذي يرى أن أي وجود
انساني غير يهودي في فلسطين هو
أمر لا يتسق مع مضمون الرؤية
الصهيونية... التي تعتمد على
المقولات المطلقة مثل.. الشعب
المختار والوعد الالهي والحق
التاريخي لليهود في فلسطين
مشددة على أن هذا التناول يتعمد
تزييف صورة البدوي والعربي. وندوة البدو في الوطن العربي عبر العصور
التي اختتمت مساء يوم الخميس
شارك فيها على مدى ثلاثة أيام
أكثر من 30 مؤرخا وباحثا عربيا
ونظمها المجلس الاعلى للثقافة
بالتعاون مع الجمعية المصرية
للدراسات التاريخية. وقالت عائشة زيدان رئيسة القسم اللغة
العبرية بكلية الدراسات
الانسانية بجامعة الأزهر في بحث
عنوانه صورة البدوي في القصة
العبرية الحديثة إن الأدب
العبري يركز على تصوير العربي
في أحط صورة ممكنة كما يصور
الفلسطيني باعتباره بدائيا
وهمجيا إذ يزيف الواقع ويعتبر
العربي الذي يدافع عن أرضه
شريرا يعتدي على الآمنين. وأضافت أن اليهود منذ هجراتهم المبكرة
إلى فلسطين منذ عام 1881 أدركوا أن
العربي هو العقبة الأساسية في
طريق حلمهم المنشود في إقامة
وطن ينهي الشتات التاريخي
لليهود. وتابعت أن معظم الأدباء اليهود روّجوا
لفكرة المحافظة على الصبغة
اليهودية ل دولة اسرائيل وأخذوا
يركزون على تشويه صورة العربي
والتحقير من شأنه لتبرير الحق
الصيهوني في القضاء عليه وإن
أمكن إبادته . ودعا رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين
نتنياهو الفلسطينيين قبل أشهر
الى الاعتراف باسرائيل كدولة
الشعب اليهودي ------------------------ المقالات
المنشورة تعبر عن رأي كاتبيها
|
ـ |
ـ |
من حق الزائر الكريم أن ينقل وأن ينشر كل ما يعجبه من موقعنا . معزواً إلينا ، أو غير معزو .ـ |